المتن:
قال الشيخ محمد سلطان رحمه الله تعالى في كتابه مفتاح الجنة لا إله إلا الله :
ثالثاً :
قال الفقير إلى رحمة ربه القدير محمد سلطان المعصومي الخودندي : " و ها أنا أذكر لك الآن ما ورد من الأحاديث و الآثار الصحاح من أن مفتاح الجنة لا إله إلا الله ".
الشرح :
بسم الله ، الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه أجمعين
هذا الفصل الثالث من فصول هذه الرسالة ضمنَّه المؤلف ، الأحاديث و الآثار الصحيحة التي تدل على أنَّ مفتاح الجنة لا إله إلا الله .
المتن :
قال إمام المحدثين محمد بن إسماعيل البخاري في كتاب الجنائز من صحيحه : قيل لوهب بن منبه رحمه الله : "أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة ؟ قال : بلا ، و لكن ليس مفتاح إلا له أسنان ، فإن جئت بمفتاح له أسنان فُتٍح لك ، و إلا لم يُفتح لك " .
و عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله ﷺ : من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة.و كذا رواه أبو داوود .
الشرح :
الأثر الأول عن وهب بن منبه قال :"أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة ؟ قال : بلا ، و لكن ليس مفتاح إلا له أسنان ، فإن جئت بمفتاح له أسنان فُتٍح لك ، و إلا لم يُفتح لك " ، وهذا ساقه الإمام البخاري، ظاهره أنه ثابت عنه ، قال :قيل له -بصيغة الجزم - .
الأسنان كما هو معلوم هي الواجبات و الشرائع التي أوجبها الله تعالى و المحرمات التي حرمها الله تعالى ، يفعل الإنسان الواجبات و يترك المحرمات و بهذا يكون قد أتى بالأسنان و هذه الأسنان هي مقتضى هذه الكلمة لا إله إلا الله مقتضاها و البعد عمَّا يناقضها فإذا أتى بهذه الكلمة و أتى بمقتضياتها و شروطها و ابتعد عن نواقضها فإنه يكون من أهل الجنة ، وعن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله ﷺ : من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة.و كذا رواه أبو داوود .
هذا الحديث دليل على أنَّ من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ، يعني إذا كان مؤدياً لشروطها و منتهياً عن موانعها ، النصوص ضُمَّ بعضها إلى بعض ، إذا قالها مؤدياً لشروطها و منتهياً عن موانعها أو قالها عند الموت تائباً من الشرك إن كان متلبساً بالشرك ، تائباً من المعاصي محققاً لشروطها تائباً من النواقض فإنه يكون من أهل الجنة .
المتن :
و ذكر أبو نُعيماً الأصفهاني في كتابه أحوال الموحدين أن أسنان هذا المفتاح هي : الطاعات الواجبة من القيام بطاعة الله تعالى و تأديتها و المفارقة لمعاصي الله و مجانبتها .
الشرح :
ما ذكره أبو نُعيماً الأصفهاني في كتابه أحوال الموحدين هو الصواب ، أن أسنان هذا المفتاح الطاعات و المعاصي ، الطاعات يفعلها المسلم و المعاصي يتركها ، إذا فعل الإنسان الطاعات و في مقدمة الطاعات و أعظمها الصلوات الخمس يؤديها جماعة في المسجد ، و من الطاعات الزكاة يؤديها ، و من الطاعات الصيام ، و من الطاعات الحج ، و من الطاعات بر الوالدين ، و من الطاعات صلة الأرحام ، و من الطاعات الأمر بالمعروف .. كل هذه من الطاعات .
و من المعاصي التي يتركها وهي من الأسنان : أعظمها ترك الشرك والابتعاد عنه ، ترك قتل النفس المعصومة بغير حق ثم عقوق الوالدين و قطيعة الرحم و أكل مال اليتيم والربا والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ، العدو على الناس في دمائهم و أموالهم و أعراضهم و الزنا والسرقة وشرب الخمر كل هذه من المعاصي التي يتركها المسلم حتى يؤدي هذه الأسنان ، الواجبات يفعلها و المعاصي يتركها .
فإذا قال لا إله إلا الله عارفاً لمعناها وأنها مشتملة على أصلين وعلى ركنين : الركن الأول العجز -لا إله- : هذا نفي الإلوهية عن غير الله وهذا هو الكفر بالطاغوت ،
والعجز الثاني - إلا الله- : هذا هو الإيمان بالله ، لا إله إلا الله مشتملة على الكفر بالطاغوت فيها كفر وإيمان : لا إله كفر بالطاغوت ، إلا الله إيمان بالله. قال تعالى : فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا .
هذه الكلمة قائمة على أصلين لا بد منهما : الأصل الأول : الكفر بالطاغوت و هو البراءة من كل معبود سوى الله أن تعتقد ببطلان عبادة غير الله و تُكَّفِّرّ أهلها و تعاديهم و تبغضهم .
الأصل الثاني : إثبات العبادة بجميع أنواعها لله .
يدخل في الكفر بالطاغوت ترك الشرك و المعاصي كلها ، و يدخل بالإيمان بالله وحده أداء الواجبات .
ذكر أبو نُعيماً الأصفهاني في كتابه أحوال الموحدين أن أسنان هذا المفتاح -مفتاح الجنة-هي : الطاعات الواجبة من القيام بطاعة الله تعالى و تأديتها و مفارقة معاصي الله و مجانبتها .
المتن :
عن أبي ذر الغفاري قال : قال رسول الله ﷺ : أتاني آت من ربي فأخبرني أو قال فبشرني أنه من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة قلت وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق .
و في رواية : ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة .
الشرح :
هذا حديث أبي ذر رواه الشيخان البخاري و مسلم هو حديث صحيح رواه البخاري و مسلم و الترمذي و أحمد ، وأبو ذر الغفاري روى عن النبي ﷺ قال : قال رسول الله ﷺ: أتاني آت من ربي فأخبرني أو قال فبشرني - هذا يحتمل أنه جبريل أو غيره من الملائكة - أنه من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة - و هذه بشارة لكل موحد و مؤمن هذه بشارة له عاجلاً أو آجلاً إن مات على توحيد خالص لم يلطخ بالمعاصي و البدع دخل الجنة من أول وهلة و إذا أتى بتوحيد خرَّقه بالمعاصي فهو يدخل الجنة في النهاية لكن قد يعذب في قبره أو يدخل الناري و يعذب فيها بقدر معصيته ثم يدخل الجنة أي مآلهُ إلى الجنة ، قد يتأخر دخوله للجنة إذا مات على توحيد ملطخ بالمعاصي - قلت: وإن زنى وإن سرق قال: وإن زنى وإن سرق ، و في رواية أخرى ذكرها ثلاثُ مرات وإن زنى وإن سرق فقال النبي في الثالثة: وإن زنى وإن سرق و إن رغب أنف أبي ذر فجعل أبو ذر يخرج و يقول و إن رغب أنف أبي ذر .
ما معنى هذا الحديث يدخل الجنة وإن زنى وإن سرق : الزنا و السرقة ليست كفراً , معاصي من الكبائر ، و الكبائر لا تخرج الإنسان من الإيمان عند أهل السنة و الجماعة بل يكون ضعيف الإيمان ناقص الإيمان فيُقال لمن ارتكب كبيرة هذا لا يطلق عليه اسم الإيمان و لا يُنفى عنه اسم الإيمان ، الزاني و السارق و شارب الخمر و المرابي تقول مؤمن تسكت هذا خطأ أو تقول ليس بمؤمن هذا خطأ ماذا تعمل ؟ قيَّد قل مؤمن ناقص الإيمان ، مؤمن ضعيف الإيمان ، مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته هذا في الإثبات .
و في النفي : لا تقول ليس بمؤمن بل تقول : ليس بصادق الإيمان ، ليس بمؤمن حق ،لأنك إذا قلت الزاني و السارق مؤمن تكون وافقت المُرجئة ، و إذا قلت السارق و الزاني ليس مؤمن وافقت الخوارج الذين يُكفرون بالمعاصي و المعتزلة وافقوهم ، أهل السنة و الجماعة وسط بينهم .
هل يدخل الزاني أو السارق الجنة ؟
إذا كان الزاني أو السارق مات على التوحيد ليس مشركاً بالله فلا بد أن يدخل الجنة في النهاية ، لكن في أول الأمر قد يدخلها أو لا يدخلها تحت مشيئة الله تعالى .
و قال تعالى : إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ قد يعفو الله عنه و يدخل الجنة من أول الأمر و قد لا يعفو عنه فيصيبه شدائد في موقف القيامة و قد يُعذَّب في قبره كما في حديث ابن عباس أن الرسول ﷺ مرَّ برجُلين إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ الآنِ ، وَيُفْتَنَانِ فِي قُبُورِهِمَا . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِيمَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لا يَتَنَزَّهُ مِنَ الْبَوْلِ ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، فَأَخَذَ جَرِيدَةً فَشَقَّهَا وَجَعَلَهَا عَلَى الْقَبْرَيْنِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلِمَ فَعَلْتَ ؟ قَالَ : عَسَى أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَاو قد لا يدخلُ النار بالشفاعة ، يستحق دخول النار لكن يُشفع فيه الأنبياء أو الصالحين أو الملائكة أو النبي ﷺ فلا يدخلها ، و قد توارت النصوص أنه يدخل النار جملة من أهل الكبائر مؤمنون مصلون صائمون يزكون و لا تأكل النار جباههم ،لا تأكل مواضع السجود دخلوها بالمعاصي هذا مات على الزنا من غير توبة و هذا مات على السرقة من غير توبة ، و هذا مات على عقوق الوالدين من غير توبة ، هذا مات على أكل الرشوة من غير توبة ، مات على الغيبة و النميمة من غير توبة يدخلون و يعذبون في النار و يطول مُكثه فيها لكثرة جرائمه و معاصيه و فحشها كالقاتل ، القاتل أخبر الله تعالى أنه يُخلَّد في النار قال تعالى : وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ، الخلود : هو المُكث الطويل ، الخلود خلودان : خلود مؤبد لا نهاية له هذا خلود الكفرة ، الثاني خلود مؤمد له أمد و نهاية و هو خلود بعض العُصاة الذين كثرت معاصيهم و فحشت و غلظت كالقاتل يمكث مدة طويلة لكن لا بد من خروجه في النهاية ، فهؤلاء العُصاة أصلهم من أهل التوحيد و لكن حصلت لهم هذه المعاصي و المعاصي لا بد أن يطهروا منها ، فإذا تاب فقد طَهُر منها و لكن إذا مات من غير توبة لا بد أن يطهر : إمَّا أن يعفو الله عنه فيطهر و إلا يطهر في الناس - إذا لم يشفع فيه الشفعاء - فإذا طهر خرج إلى الجنة ، مثل النجاسة التي تصير بالثوب تغسله حتى يطهر الثوب و كذلك العصاة عليهم خبث و الخبث لا بد أن يطهر لأن الجنة لا يدخلها إلا الطيبون الطاهرون و العاصي عليه خبث و نقص في الطيب فلا بد أن يطهر و يزول منه الخبث .
و ثبت أن النبي ﷺ يشفع أربع مرات في كل مرة يحد له حداً و يخرجه بالعلامة و يُقال للنبي ﷺ: أخرج من النار من كان في قلبه مثقال بُرَّةٍ من إيمان و في بعضها: أخرج من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان, و في أخرج من كان في قلبه أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان و في المرة الرابعة و الأخيرة يقول : أخرج من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان فيخرجون ، و فيه دليل على أن المعاصي و لو كثرت و عظمت لا تقضي على التوحيد و الإيمان لا بد أن يبقى بقية يخرج بها من النار لكن متى ينتهي الإيمان إذا جاء الكفر الأكبر أو الشرك الأكبر أو النفاق الأكبر خلاص يزول الإيمان .
المعاصي تضعف الإيمان لكنها لا تُزيله فيبقى بقية حتى يبقى أدنى أدنى أدنى من حبة خردل من إيمان فيخرج بهذه البقية من النار إلى الجنة ، ثم إذا شفع الشفعاء النبي ﷺ يشفع و الملائكة يشفعون و الأنبياء يشفعون و الصالحون يشفعون و الشهداء يشفعون و تبقى بقية لا تنالهم الشفاعة فيخرجهم رب العالمين برحمته فيقول الرب : شفعت الملائكة و شفع النبيون و لم يبقَ إلا رحمة أرحم الراحمين ، فيخرجوا قوماً من النار لم يعملوا خيراً قط ،فإذا تكامل خروج العُصاة الموحدين و لم يبق منهم أحد أُطبقت النار على الكفرة من اليهود و النصارى و الوثنيين و الملاحدة و المنافقين في الدرك الأسفل - كل دركة سفلى أشد عذاب من التي فوقها- ، النار -نعوذ بالله- دركات كل دركة سفلى أشد عذاب من الدركة التي فوقها ، و الجنة درجات كل درجة عُليا أفضل نعيم وأحسن من الدرجة التي تحتها ، و المنافقون في الدرك الأسفل من النار لأنهم وافقوا المشركين في الكفر و زادوا عليهم في النفاق و الخداع - نسأل الله السلامة و العافية - .
لا يخرج الكفار من النار إلى أبد الآباد كما قال تعالى : إنها عليهم مؤصدة - مطبقة مغلقة- في عمد ممدة.
و قال سبحانه : يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ، و قال تعالى : كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا ، و قال تعالى : لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا
و الحقب : هو المدة الطويلة و المعنى أنهم ماكثين فيها أحقاب ، كلما انتهى حقب يعقبه حقب إلى ما لا نهاية - نعوذ بالله- .
قال : كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ - نسأل الله السلامة و العافية .
المتن :
قال الإمام البخاري في كتاب الإيمان من صحيحه بسنده عن عبد الله بن عمر عنهما قال : قال رسول الله ﷺ: بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله و إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان و حج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً و كذا رواه مسلم و أصحاب السنن و المسانيد .
الشرح :
هذا الحديث رواه الشيخان و غيرهما ، رواه النسائي و الترمذي و البيهقي و هو حديث صحيح و فيه :
وفيه أن الإسلام مبني على خمس عُمد - دعائم و أركان - و هي : الشهادتان ( أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله ) و هاتان الشهادتان أصلا الدين و أساس الملة أن تشهد لله بالوحدانية و تشهد للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة و هذا الركن الأول ، الصلاة الركن الثاني و قال إقام الصلاة لم يقل فعل الصلاة إقام الصلاة أن تقيمها معطياً حقها ، الركن الثالث إيتاء الزكاة ، الركن الرابع صوم رمضان ، الركن الخامس حج بيت الله الحرام .
و الشاهد من الحديث أنه جعل الشهادتان الركن الأول من أركان الإسلام .
المتن :
و عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال : الإيمان بضع و ستون شعبة و الحياء شعبة من الإيمان ، و في رواية مسلم : بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق فمن استكملها فق استكمل الإيمان.
الشرح :
حديث أبي هريرة يقول النبي الإيمان بضع و ستون شعبة هذه رواية البخاري ، و البضع : من الثلاثة للتسعة ، و رواية مسلم : بضع و سبعون شعبة .
ثم قال النبي ﷺ : أعلاها لا إله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق و الحياء شعبة من الإيمان .
الإيمان له شُعَب كثيرة : أعلى الشُعب كلمة التوحيد لا إله إلا الله هذا هو الشاهد ، و أدنى الشُعب إماطة الأذى عن الطريق يعني تجد في الطريق عظم أو مسمار أو زجاج يؤذي المسلمين فتزيله هذا شعبة من الإيمان ، و الحياء شعبة داخلية خُلُق داخلي يبعث الإنسان على فعل المحامد و ترك المذام .
إذاً شُعب الإيمان تكون في القلب وفي اللسان وفي الجوارح :
لا إله إلا الله : في اللسان .
إماطة الأذى : في الجوارح .
الحياء : في القلب .
وبين الأعلى و الأدنى من الشُعب شُعب أخرى كثيرة ، فالصلاة شعبة و الزكاة شعبة و الصوم شعبة و الحج شعبة و الأمر بالمعروف شعبة و النهي عن المنكر شعبة و الجهاد في سبيل الله شعبة و هكذا .. و الإحسان إلى الناس شعبة ، و كف الأذى شعبة كل هذه شعب الإيمان .
حتى أنَّ البيهقي رحمه الله تتبع هذه الشعب من النصوص ( القرآن و السنة ) فأوصلها إلى أعلى البضع تسعة وسبعون شعبة و ألَّف كتاب سمَّاه شُعَب الإيمان ، و هذا الحديث من أقوى الأدلة في الرد على المرجئة ، المرجئة ماذا يقولون ما هو مذهبهم ؟
يقولون الإيمان في القلب فقط أما الجوارح و اللسان ما فيها إيمان .
الرسول قال : الإيمان بضع و سبعون شعبة و جعل في اللسان شعبة و في الجوارح شعبة و في القلب شعبة أنتم تقولون ما في إلا إيمان في القلب و هذا مذهب فاشل-مذهب المرجئة - و منتشر هذا المذهب كثير بهذا الزمن ، و الصواب أن الإيمان يكون بالقلب و اللسان و الجوارح ، و الكفر يكون بالقلب و اللسان و الجوارح .
الكفر بالقلب : إذا جحد توحيد الله ، إذا اعتقد أن لله صاحبة وولد هذا كفر بالقلب .
الكفر باللسان : إذا سبَّ الله و سبَّ الرسول أو استهزأ بالله أو بالرسول ، أو دعا غير الله .
الكفر بالجوارح : إذا سجد للصنم و شرك ، إذا أهان المصحف و لطخه بالنجاسة أو داسه بقدميه .
المتن :
و كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن عدي : إِنَّ لِلإِيمَانِ فَرَائِضَ وَشَرَائِعَ وَحُدُودًا وَسُنَنًا، فَمَنِ اسْتَكْمَلَهَا اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْهَا لَمْ يَسْتَكْمِلِ الإِيمَانَ، فَإِنْ أَعِشْ فَسَأُبَيِّنُهَا لَكُمْ حَتَّى تَعْمَلُوا بِهَا، وَإِنْ أَمُتْ فَمَا أَنَا عَلَى صُحْبَتِكُمْ بِحَرِيصٍ.
الشرح :
هذا قول عمر بن عبد العزيز رحمه الله الخليفة الراشد أمير المؤمنين هذا خليفة راشد ألحقه العلماء بالخلفاء الأربعة .
و هذا الأثر رواه البخاري مجروماً به .
كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن عدي : " إِنَّ لِلإِيمَانِ فَرَائِضَ وَشَرَائِعَ وَحُدُودًا وَسُنَنًا، فَمَنِ اسْتَكْمَلَهَا اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ - أي من استكمل الفرائض و الشرائع و الحدود و السنن استكمل الإيمان -وَمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْهَا لَمْ يَسْتَكْمِلِ الإِيمَانَ، فَإِنْ أَعِشْ فَسَأُبَيِّنُهَا لَكُمْ حَتَّى تَعْمَلُوا بِهَا، وَإِنْ أَمُتْ فَمَا أَنَا عَلَى صُحْبَتِكُمْ بِحَرِيصٍ " زاهد رضي الله عنه قال : إنَّ لي نفس تواقة فلما وصلت الخلافة تاقت إلى الجنة " .
لا يريد الدنيا و هو وصل للخلافة و الملك و مع ذلك لا يريد يقول : ما أنا على صحبتكم بحريص " .
المتن :
و قد روى البخاري عن أبي هريرة و مسلم عن عمر بن الخطاب قالا : كان النبي ﷺ بارزاً يوماً للناس فأتاه جبريل عليه السلام فقال : ما الإيمان قال : الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته و بلقائه و رسله و تؤمن بالبعث و في رواية مسلم : أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و تؤمن بالقدر خيره وشره قال : صدقت ، قال : أخبرني عن الإسلام : قال : الإسلامُ أن تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله وتقيمَ الصلاةَ وتؤدِّيَ الزكاةَ المفروضةَ وتصومَ رمضانَ و تحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً قال: أخبرني عن الإحسان قال: الإحسان أن تعبدَ الله كأنك تراهُ، فإِن لم تكن تراه فإِنه يراك الحديث صحيح معروف و مشهور .
الشرح :
الحديث الأول حديث أبو هريرة رواه الشيخان البخاري و مسلم قالا : كان النبي ﷺ بارزاً يوماً للناس فأتاه جبريل عليه السلام فقال : ما الإيمان قال : الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته و بلقائه و برسله و تؤمن بالبعث و في رواية مسلم : أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و تؤمن بالقدر خيره وشره فجعل الإيمان له ستة أركان في الباطن :
الركن الأول : الإيمان بالله ، الركن الثاني : الإيمان بالملائكة ،الركن الثالث : الإيمان بالكتب المنزلة ،الركن الرابع : الإيمان بالرسل ، الركن الخامس : الإيمان باليوم الآخر ، الركن السادس : الإيمان بالقدر ( هذه أركان الإيمان في الباطن ستة ) .
قال : أخبرني عن الإسلام : قال : الإسلامُ أن تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله وتقيمَ الصلاةَ وتؤدِّيَ الزكاةَ المفروضةَ وتصومَ رمضانَ و تحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً
هذه أركان الإسلام خمسة :
الشهادتان ، إقامة الصلاة ، إيتاء الزكاة ، صوم رمضان ، حج البيت إن استطعت إليه سبيلاً .
ما الفرق بين أركان الإيمان و أركان الإسلام ؟
أركان الإيمان في الباطن خفية ، أركان الإسلام ظاهرة كلٌ يراها ( تنطق بالشهادتين يسمعك الناس ، تصلي الناس يرونك ، تزكي الناس يرونك ، تصوم و تحج الناس يرونك ) إذاً الإسلام له أركان ظاهرة يراها الناس وهي خمسة و له أركان باطنة وهي ستة ، فمن أتى بالأركان الظاهرة و الباطنة هذا هو المسلم .
و من أتى بأركان الإسلام الخامسة لكن لم يأت بالأركان الباطنة هذا يكون منافق - في الدرك الأسفل من النار نعوذ بالله منه- .
قال: أخبرني عن الإحسان قال: الإحسان أن تعبدَ الله كأنك تراهُ، فإِن لم تكن تراه فإِنه يراك الحديث صحيح معروف و مشهور ".
الدين له ثلاث مراتب :
المرتبة الأولى : الإسلام و له خمسة أركان .
المرتبة الثانية : الإيمان و له ستة أركان .
المرتبة الثالثة : الإحسان له ركن واحد و هذا الركن له مرتبتان
(1- أن تعبد الله كأنك تراه ،2- أن تعبد الله كأنه يراك ) . الإحسان أعلى المراتب, أن تعبد الله على الإخلاص على المراقبة ( الذي يراك حين تقوم و تقلبك في الساجدين ) .
أن تعبد الله على المراقبة : 1- أن تعبد الله كأنك تُشاهد ربك 2- و هي أقل من المرتبة الأولى و هي أن تعبد الله كأن الله يراك .
مراتب الدين الإسلام والإيمان والإحسان وهو أعلاها ، أن يعبد الإنسان ربه على الإخلاص و الصدق والمحبة والانقياد وعدم الغفلة والإعراض ، لكن مرتبة الإيمان قد يغفل الإنسان أو يُعرض ، في الإحسان "تصلي كأنك ترى ربك أو ربك يراك ، تصوم كأنك ترى ربك أو ربك يراك ، تزكي كأنك ترى ربك أو ربك يراك ، تأمر بالمعروف كأنك ترى ربك أو ربك يراك ، بر الوالدين كأنك ترى ربك أو ربك يراك ، تحسن إلى الناس كأنك ترى ربك أو ربك يراك ، تترك المعصية كأنك ترى ربك أو ربك يراك ".
المتن :
و قد روى مسلم بسنده عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال :"قلت يا رسول الله قلّي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك قال : قل آمنت بالله ثم استقم.
الشرح:
سفيان بن عبد الله الثقفي قال :"قلت يا رسول الله قلّي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك " النبي ﷺ أُتي بجوامع الكلم أتى بكلمة تجمع الدين كله آمنت بالله ثم استقم آمنت بالله : لا إله إلا الله ، ثم استقم : الاستقامة تشمل الدين كله فعل الواجبات و ترك المحرمات ( أداء أركان الإسلام و أداء أركان الإيمان ) و هذا من جوامع الكلم التي أُتي بها نبينا ﷺ.
تؤمن بالله ثم تستقيم بالعمل يكون عملك يوافق الكلمة التي نطقت بها (الإيمان بالله ) .
المتن :
و روى الإمام أحمد في مسنده عن معاذ بن جبل قال : قال لي رسول الله ﷺ: مفاتيح الجنة شهادة أن لا إله إلا الله.
الشرح :
وهذا الحديث رواه الإمام أحمد ورواه البزار في زوائده و البيهقي في الشعب و الحديث له شواهد كثيرة .
سبق قولنا أن المفاتيح لا بد لها من أسنان ( أسنانها هي الواجبات و المحرمات ،يفعل المسلم الطاعات و يترك المعاصي ) .
المتن :
و قال رسول الله ﷺ: مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَادِقًا مِنْ قَلْبِهِ ، إِلا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ. متفق عليه .
الشرح :
الحديث رواه الشيخان البخاري و مسلم ، و فيه فضل الشهادتين و أن من شَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ حفظه الله من النار و لكن بهذا قيد ! و هو أن يقول صَادِقًا مِنْ قَلْبِهِ .
فيخرج المنافق لأنه يقولها لكنه ليس صادقاً .
و في رواية أخرى: من قالها خالصاً من قلبه،و في حديث آخر: من قالها مخلصاً،
و في حديث عُتبان:" إنَّ الله حرَّم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله " .
لا بد من قيود لا يكفي النطق باللسان هذه قُيدت ، و الصدق يُخرج النفاق ، المنافقون لا يقولونها عن صدق بل يقولونها و قلوبهم مكذبة ؛ اشترط الصدق ، من قالها صدقاً من قلبه حَرَّمّهُ على النار .
الصدق من شروطها و تُضم بقية الشروط الأخرى : ( المحبة ، الإخلاص ، الانقياد ، القبول ) .
المتن :
كذا في مشكاة المصابيح .
قال الشارح ملا علي القاري في ملقاة المفاتيح يعني " من قال هذه الكلمة و أدَّى حقها و فرائضها فيكون الامتثال و الانتهاء مندرجين تحت الشهادتين " و قيل : " إنَّ ذلك لمن قالها عند التوبة و مات على ذلك قبل أن يتمكن من الإتيان بفرض آخر ". و هذا اختيار الإمام محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالى .
الشرح :
يُفَسِّر الشارح معنى هذا الحديث .
العلماء لهم تفسيران : التفسير الأول : أن معنى من قال لا إله إلا الله : أدى حقها و فرائضها و انتهى عن موانعها و نواقضها .( فيكون الامتثال و الانتهاء مندرجين تحت الشهادتين ، يؤدي الواجبات و يبتعد عن المحرمات ) .
التفسير الثاني : معناها أن من قالها عند التوبة ثم مات (يعني: شخص كافر ثم أٍسلم و نطق بالشهادتين و مات في الحال ، و لم يتمكن من الصلاة و غيرها أو كان مسلماً على نفسه ثم أتى بالشهادتين تائباً ثم مات و حصل ذلك في بعض الغزوات ).
المتن :
الفصل الرابع :
قال العبد الضعيف محمد سلطان المعصومي رحمه الله تعالى : " إنَّ كلمة التوحيد لا إله إلا الله كلمةٌ جامعة كاملة مكملة لا يُزاد فيها و لا يُنقص ، و مضمونها إنما هو ما جاء به رسول الله ﷺ من دين الإسلام ، و هذا الدين كاملٌ ومكملٌ كما أخبر الله تعالى عن ذلك ، و النبي ﷺ واقفاً بعرفة في حجة الوداع يوم الجمعة وذلك بقوله تعالى : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ، فما كان ديناً في ذلك اليوم فهو الدين إلى يوم القيامة و ما ليس بدين في ذلك اليوم فليس بدين أبداً ، فلهذا أصبحت البدعة في الدين ضلالةً ومردودة ، والمبتدع مفتريٌّ على ربه و مكذباً إياه وهذا هو معنى قوله ﷺ: قل آمنت بالله ثم استقم وهذا هو معنى لا إله إلا الله خالصاً من قلبه فتنبه !
الشرح :
المؤلف رحمه الله يقول إن كلمة التوحيد (لا إله إلا الله ) جامعة لأداء الواجبات و ترك المحرمات ، لا إله : نفي و هو ترك جميع المحرمات ، إلا الله : إثبات الواجبات كلها ، فهي جامعة كاملة مكملة لا يُزاد فيها و لا يُنقص قائمة على أصلين : الأصل الأول : الكفر بالطاغوت في قولك " لا إله " و هو ترك الكفر و الشرك و المعاصي .
الأصل الثاني : " إلا الله " و هذا الإيمان بالله وحده و هو توحيد الله و أداء الواجبات فإذاً هي كاملة جامعة مكملة .
و مضمونها ما جاء به النبي ﷺ في دين الإسلام من الشرائع والفرائض و الواجبات و الأوامر و النواهي ، فالأوامر تفعلها والنواهي تتركها .
قال وهذا الدين كامل مكمل لا يحتاج إلى زيادة و ليس فيه نقصان .
كما أخبر الله تعالى ذلك و النبي ﷺ واقفاً بعرفة في حجة الوداع يوم الجمعة و ذلك بقوله تعالى : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا .
قال المؤلف فما كان ديناً في ذلك اليوم فهو الدين إلى يوم القيامة و ما ليس بدين في ذلك اليوم فليس بدين أبداً.
أصبحت البدعة في الدين ضلالةً ومردودة ، والمبتدع مفتريٌّ على ربه - يكذب على ربه لأنه زاد ، يأتي ببدعة ويقول هذه مشروعة بهذا قد افترى على ربه ، يأتي باحتفالات و يقول هذه مشروعة فقد افترى على ربه - و مكذباً إياه و هذا هو معنى قوله ﷺ: قل آمنت بالله ثم استقم و هذا هو معنى لا إله إلا الله خالصاً من قلبه .
المتن :
و قد روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قال : قال رسول الله ﷺ: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد
الشرح :
وهذا رواه الشيخان ، و معنى رد : أي مردود عليه ، أمرنا هذا : ما جاء به الرسول من الدين.
وفي رواية لمسلم من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد رد : مردود عليه لبطلانه .
المتن :
وعن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة
الشرح :
و هذا الحديث حديث صحيح قاله النبي في خطبة الجمعة على المنبر : أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة و في لفظ : و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و زاد النسائي و كل ضلالة في النار .
دلَّ هذا على أن البدع باطلة و مردودة على أصحابها .
المتن :
و حيث إنَّ المفتاح حده معلوم و قدرهُ مفهوم وأسنانه محدودة و هو كاملٌ و مكمل نهى الله جلَّ جلاله عن الغلو في الدين و أمر بالاقتصاد و الاقتفاء .
الشرح :
الرسول ﷺ يقول إنَّ المفتاح حدَّه معلوم ، و هو كلمة التوحيد لا زيادة ولا نقص فيها " لا إله إلا الله " ، و قدره مفهوم لأنها مشتملة عل النفي والإثبات -لا إله - نفي جميع أنواع العبادة لغير الله ، - إلا الله - إثبات العبادة لله وحده ، أسنانه محدودة ما هي الأسنان ؟ الواجبات و المحرمات ( منها الصلاة و الزكاة و الصيام و الحج و بر الوالدين وصلة الأرحام و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ) كذلك من الأسنان التي يجب تركها ( المعاصي ، الشرك ، العدوان على الناس في أموالهم ودمائهم والزنا والسرقة وشرب الخمر و عقوق الوالدين وقطيعة الرحم ) .
نهى الله عن الغلو في الدين في قوله : إياكم والغلو ، وأمر بالاقتصاد - وهو التوسط و عدم الغلو - والاقتفاء -اتباع هدي النبي ﷺ فيما جاء به - .
المتن :
و قد ورد عن النبي ﷺ ما يشرح و يؤيد ما قلناه و هو ما رواه الشيخان : عن أنس قال : " جاء ثلاثة رهط إلى أزواج النبي ﷺ، يسألون عن عبادة النبي ﷺ، فلما أخبروا كأنهم تقالوها وقالوا : أين نحن من النبي ﷺ قد غفر له تقدم من ذنبه وما تأخر ؟! قال أحدهم : أما أنا فاصلي الليل أبداً ، وقال الآخر : وأنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال الآخر : وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً ، فجاء رسول الله ﷺ إليهم فقال : أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟! أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني.
الشرح :
هذا فيه دليل على أنَّ الدين ليس فيه غلو ولا مشقة وإتعاب النفوس وسط اقتصاد ، الرهط : من ثلاثة إلى تسعة وهنا ثلاثة .
" جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي ، يسألون عن عبادة النبي - قالوا ما هي عبادة الرسول ، ماذا يعمل في الليل ؟ هل يصلي الليل كله ؟ هل يصوم كل الأيام ؟ فأخبرهم النبي ﷺ أنه يصوم بعض الأيام و يفطر بعض الأيام يصلي بعض الليل و ينام بعض الليل ويأكل اللحم و يأكل الحلوى و يتزوج النساء ".
هدي النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه مشقة .
المتن :
و في حديث ابن سارية أنَّ رسول الله ﷺ: من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة رواه أبو داوود و الترمذي و ابن ماجة .
الشرح :
هذا الحديث فيه تحذير من البدع ، و البدع تُنقص التوحيد و الإيمان ، وقع كما أخبر النبي ﷺ و حصل الاختلاف وهذا دليل النبوة .
أي الزموا سُّنتي و سُّنة الخلفاء الراشدين و هم ( أبو بكر ، عمر ، عثمان ، علي ).
النواجذ : الأسنان التي تلي الأضراس ، يعض عليها : يمسكها .
و إياكم و محدثات الأمور : التحذير من البدع .
المتن :
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ: لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي كمَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ، حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ , حَتَّى لَوْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَأْتِي أُمَّهُ عَلانِيَةً ، لَكَانَ فِي أُمَّتِي مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ ، وإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقُوا عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَيَزِيدُونَ عَلَيْهَا مِلَّةً ،وَأُمَّتِي عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً , كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلا وَاحِدَةً . فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هِيَ ؟ قَالَ : الَّذِي أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي .رواه الترمذي.
الشرح :
هذا الحديث له شواهد كثيرة و فيه أنَّ النبي ﷺ أخبر أنَّ هذه الأمة تتبع بني إسرائيل و تفعل مثل فعلها ، و هذا يفيد بفائدتين :
الفائدة الأولى : أنَّ هذا الأمر سيقع في الأمة لا محالة لأنَّ النبي عليه الصلاة و السلام لا ينطق عن الهوى ، و فيه دليل على أنه رسول الله حقاً .
الفائدة الثانية : تحذير المسلمين من أن يفعلوا هذا الأفعال ، و ليس معنى ذلك أنَّ الأمة كلها ستفعل ذلك لا ، المعنى أنه يوجد من يفعل ذلك .
وَأُمَّتِي عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً , كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلا وَاحِدَةً. فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هِيَ ؟ قَالَ : الَّذِي أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي ، فهذه الفرق كلها متوعدة في النار إلا أهل السُّنة و الجماعة و هم أهل الحق و الطائفة المنصورة .
المتن :
وعن الإمام مالك بن أنس مرسلاً قال : قال رسول الله ﷺ: تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله وسنة رسوله رواه في الموطأ .
الشرح :
هذا الحديث من المرسل معضل و له شواهد :
هذه الأمة لا تضل إن تمسكت بكتاب الله و سنة رسول ﷺ.
المتن :
و روى أبو داوود و الترمذي عن أبي أُمامة قال : قال رسول الله ﷺ: من أحب لله ، وأبغض لله ، ومن أعطى لله ، ومنع لله, فقد استكمل الإيمان و في رواية الترمذي : فقد استكمل إيمانه .
الشرح :
هذا الحديث لا بأس به سنده حسن .
المرء يحبه لله لا لأجل قرابة ولا لأجل المعاملة ، لا يحبه إلا لأنه مستقيم على طاعة الله .
والبغض في الله ، يبغض الشخص لأنه عاصي لا لأنه بينهم عداوة .
يعطي الصدقات للفقراء و غيرها لله ، ويمنع من يمنع لله .
عطاؤه لله ومنعه لله ومحبته في الله وبغضه في الله .
المتن :
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ: كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل ومن يأبى يا رسول الله؟! قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى
الشرح :
هذا الحديث رواه البخاري و الإمام أحمد والحاكو وهو حديث صحيح .
من أطاعني دخل الجنة و من عصاني دخل النار .
وفق الله الجميع و صلى الله على محمد و آله و صحبه و سلم .