بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلى الله وسلم وبارك على عبده و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين :
اللهم اغفر لنا و لشيخنا و لوالدينا و للمسلمين أجمعين :
المتن :
قال الشيخ محمد سلطان في الفصل الرابع من كتابه مفتاح الجنة (لا إله إلا الله) .
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ : لا يُؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به رواه في شرح السنة .
الشرح :
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه أجمعين أما بعد :
هذا الفصل الرابع بيَّن فيه المؤلف رحمه الله أنَّ كلمة التوحيد ؛ كلمة شاملة جامعة مكملة لا يُزاد فيها و لا ينقص ، و أن مضمونها هو الدين كله و ما جاء به الرسول ﷺ في دين الإسلام من الشرائع أمراً و نهياً ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى بهذه الأدلة :
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ: لا يُؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به ، هذا الحديث سبق أنه حديث ضعيف لكن له شواهد تدل على معناه و أن الإنسان لا يكون مؤمناً حتى يكون متبعاً للنبي ﷺ فيما جاء به .
المتن :
وعن أبي هريرة، أن النبي ﷺ قال: ما قال عبد لا إله إلا الله قط مخلصاً قط إلا فتحت له أبواب السماء حتى يفضي إلى العرش ما اجتنبت الكبائر رواه الترمذي .
الشرح :
هذا الحديث حديث حسن و فيه أن من قال كلمة التوحيد مخلصاً فإنها تُفتح له أبواب السماء بشرط أن يجتنب الكبائر و هذا لا بد منه ، فإذا لم يجتنب الكبائر فإن هذه الكلمة تضعُف ؛ يضعفها بالكبائر و الكبائر تُضعف الإخلاص ، لكن إذا اجتنب الكبائر فإن هذه الكلمة تفتح له أبواب السماء و تكون موجبة لدخول الجنة .
المتن :
قال المعصومي : شُرِطَ لقبول هذه الكلمة و نفعها عند الله تعالى كون القائل مخلصاً و معتقداً لإلوهية ربه و أن يتجنب الكبائر كلها ، فتدبر و تذكَّر و تنبَّه ، وفقني الله تعالى و إياك لمرضاته .
الشرح :
قال المعصومي-و هو المؤلف رحمه الله تعالى - : شُرِطَ لقبول هذه الكلمة و نفعها عند الله تعالى كون القائل مخلصاً - و هذا جاءت به الأحاديث كما سبق - و معتقداً لإلوهية ربه : هذا لا بد منه ، لا بد أن يعتقد أن الله هو الإله هو المعبود بحق و أنه مستحق للعبادة و أن غيره لا يستحق شيئاً من العبادة ، و أن يتجنب الكبائر كلها أمَّا إذا لم يجتنب الكبائر فهذه الكلمة تضعف و يكون على خطر من دخول النار و عذاب القبر و الأهوال و الشدائد التي تصيبه في موقف القيامة إذا مات على توحيد خالص لكنه أضعفه بالكبائر و هذا خطر و قد لا يدخل الجنة من أول وهلة لكنه مأواه في النهاية إلى الجنة ، أمَّا إذا مات على توحيد خالص لم يلطخه بالكبائر و المعاصي أدَّى الواجبات و اجتنب المحرمات فإنه يدخل الجنة من أول وهلة -فضلاً من الله- ، فإنه إمَّا من السابقين المقرَّبين أو من المقتصدين أصحاب اليمين و كلٌّ من الطائفتين يدخلون الجنة من أول وهلة و إن كان درجات السابقين أعلى من درجات المقتصدين .
المتن :
وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لِأَبِيهِ : يَا حُصَيْنُ ، كَمْ تَعْبُدُ الْيَوْمَ إِلَهًا ؟ قَالَ: سَبْعَةً، سِتَّةً فِي الْأَرْضِ وَوَاحِدًا فِي السَّمَاءِ، قَالَ: فَأَيُّهُمْ تَعُدُّهُ لِرَغْبَتِكَ وَلِرَهْبَتِكَ ؟ قَالَ : الَّذِي فِي السَّمَاءِ ، قَالَ : يَا حُصَيْنُ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَسْلَمْتَ عَلَّمْتُكَ كَلِمَتَيْنِ تَنْفَعَانِكَ قَالَ : فَلَمَّا أَسْلَمَ حُصَيْنٌ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِيَ الْكَلِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَعَدْتَنِي، فَقَالَ : قُلِ اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي وَأَعِذْنِي مِنْ شَرِّ نَفْسِي.
الشرح :
هذا الحديث رواه الترمذي موحداً، ورواه البخاري أيضاً ، في هذا الحديث أنَّ والد عمران -حُصين- قبل أن يُسلم كان يعبد سبعة - يعبد الله ومعه ستة - ، هاتين الكلمتين اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي وَأَعِذْنِي مِنْ شَرِّ نَفْسِي هذا التجاء إلى الله و توكل عليه و براءة من الحول و القوة ، من ألهمه الله رشده و أعاذه من شر نفسه فهو من المفلحين .
و يلزم أن يكون موحداً ، فمن كان موحداً خالصاً فقد ألهمه الله رشده و أعاذه من شر نفسه .
المتن:
وذكره الخطيب في مشكاة المصابيح ، قال الطيبي : " قيل تلك الآلهة هي يغوث ويعوق ونسر واللات والعزى ومناة , و هذه الأسماء هي أسماء رجالٍ صالحين فعظمهم أتباعهم حتى جعلوهم أصنامهم و عبدوهم ، فما نفعهم إلا اعترافهم بالإله الذي في السماء ".
الشرح :
الآلهة التي يعبدها حُصين يغوث ويعوق ونسر واللات والعُزى و مناة هذه ستة و السابع هو الله ، و هذه الأسماء هي أسماء رجالٍ صالحين فعظمهم أتباعهم حتى جعلوهم أصنامهم و عبدوهم ، فما نفعهم اعترافهم بالإله الذي في السماء لما عبدوا هذه الآلهة ، و يحتمل المعنى فما منعهم إلا اعترافهم بالإله الذي في السماء لمَّا تركوا هذه الأصنام .
المتن :
الفصل الخامس :
قال المعصومي : و كذلك مَثلُهم الذين يُعظَّمون مشهد كربلاء و حسين بن علي رضي الله عنهما أو قبر عبد القادر الجيلاني أو قبر معين الدين الجشتي في أجمير الهند أو قبر علي في بلخ أو قبر بهاء الدين النقشبندي في بُخارى أو قبر قُثم بن عباس رضي الله عنهما في سمرقند أو قبر أحمد اليسوي في كردستان أو قبر مصلح الدين في خوجند أو قبر آفاق هواجة في كاشغر أو قبرد محي الدين بن عربي في دمشق أو مشهد رأس الحسين و قبر زينب في القاهرة أو قبر أحمد البدوي في طنطا أو قبر جلال الدين الرومي في قنيا أو غيرها من القبور التي يعظمونها و يعبدونها و ينذرون لها و يتوجهون إليها ، و الظن الغالب أنَّ هؤلاء رجال صالحون من هذه الأمة فغلو في محبتهم حتى عبدوهم و هم غير راضين في ذلك البتة لأنهم رجال مسلمون و صالحون رحمهم الله تعالى ، فصارت كل هذه القبور كالتي ذكرها الله تعالى في كتابه ، فلا يكون إيمان العبد صحيحاً حتى يكفر بهذه كلها و يؤمن بالله وحده و هذا هو معنى قوله تعالى : فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا ، و هذا هو معنى لا إله إلا الله فتنفي الآلهة كلها من كل الوجود و تثبت الإله الحق الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن كفواً أحد ، فهذا التوحيد الخالص إنما هو مفتاح الجنة بلا ريب و لا شُبهة فتفكَّر و تدَّبر قصة اللات و العُزى و يغوث و يعوق و غيرها و راجع التفاسير المعتبرة و كتب الأحاديث الصحاح و أعمل عقلك تظهر لك الحقيقة و ينكشف الغطاء ، فتعرف معنى لا إله إلا الله كما هو وبفضل الله تعالى و هدايته و توفيقه .
الشرح :
يبين المؤلف رحمه الله في هذا الفصل أن هذه القبور التي تُعبد في أماكن متعددة من البلدان أنهم رجال صالحون من هذه الأمة و أن الذين يعبدونهم غلو في محبتهم حتى وصل بهم الغلو إلى أن عبدوهم من دون الله ، و أمَّا هؤلاء المعبودين فهم غير راضيين -الأنبياء و الصالحون و العلماء- غير راضين بهذه العبادة لأنهم مسلمون و صالحون فصارت قبورهم تُعبد من دون الله و هم لا يرضون .
يقول المؤلف لا يكون إيمان العبد صحيحاً حتى يكفر بهذه كلها أي ينكر عبادتها و يؤمن بالله وحده و هذا هو معنى قوله تعالى : فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا ،الكفر بالطاغوت : هو البراءة من كل معبود سوى الله ، و إنكار عبادة غير الله و نفيها و تكفير أهلها و بغضهم و معاداتهم هذا هو الكفر بالطاغوت ، و الطاغوت هو كل ما يُعبد من دون الله ، لكن الأنبياء و الصالحين الذين عُبدوا و لم يرضوا ليسوا طواغيت ، أما من رضي أن يعبدهم من دون الله فهو طاغوت و كذلك الأصنام طواغيت ، لا بد للمسلم أن يكفر بعبادة ما سوى الله سواء كان الذي يُعبد - نبي أو صالح أو ولي أو شجر أو حجر - ينفي العبادة عن غير الله و يثبتها لله تعالى و بهذا تتحقق هذه الكلمة بأصلين :
الأصل الأول : إنكار عبادة ما سوى الله و نفيها و بغضها و بغض أهلها و معاداتهم و هذا هو الكفر بالطاغوت .
والأصل الثاني : الإيمان بالله وحده و إثبات العبادة و إخلاصها له .
كلمة التوحيد قائمة على هذين الأصلين .
و هذا هو معنى لا إله إلا الله فتنفي الآلهة كلها من كل الوجود و تثبت الإله الحق الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن كفواً أحد .
فهذا التوحيد الخالص إنما هو مفتاح الجنة بلا ريب و لا شُبهة .
يقول المؤلف فتفكَّر و تدَّبر قصة اللات و العُزى و يغوث و يعوق و غيرها و راجع التفاسير المعتبرة و كتب الأحاديث الصحاح و أعمل عقلك تظهر لك الحقيقة و ينكشف الغطاء ، فتعرف معنى لا إله إلا الله كما هو و بفضل الله تعالى و هدايته و توفيقه .لأن اللات و العُزى و يغوث و يعوق أسماء رجال صالحين من قوم نوح كما ثبت في صحيح البخاري ،ماتوا في زمن متقارب فحزنوا عليهم فأوحى لهم الشيطان أن صوروا صورهم حتى تتذكروا عبادتهم و تتشوقوا لذلك فصوروها و جعلوها في مجالسهم فجاء أحفادهم بعد ذلك و عبدوها و بهذا صارت أصنام في قوم نوح ، فلما جاء الطوفان و أغرق الله أهل الأرض بالطوفان كانت هذه الأصنام تحت الأرض فلما كان في الجاهلية قبل بعثة النبي ﷺ استخرجوا هذه الأصنام و أتوا بها إلى بلاد العرب ، و قيل أنها ليست هي بل سموها بأسمائها .
قال المعصومي : و كذلك مَثلُهم الذين يُعظَّمون مشهد كربلاء و حسين بن علي رضي الله عنهما أو قبر عبد القادر الجيلاني -هو رجل صالح في العراق و هو من العلماء الحنابلة مات ثم عبدوه- أو قبر معين الدين الجشتي في أجمير الهند أو قبر علي في بلخ أو قبر بهاء الدين النقش بندي في بُخارى أو قبر قُثم بن عباس رضي الله عنهما في سمرقند أو قبر أحمد اليسوي في كردستان أو قبر مصلح الدين في خوجند أو قبر آفاق هواجة في كاشغر أو قبرد محي الدين بن عربي في دمشق - كل هؤلاء في الغالب أنهم صالحون لكن عبدوهم من دون و هم لا يرضون بذلك و ليس عليهم إثم .
و كما قال الله تعالى في آخر سورة الأنبياء : إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ لَوْ كَانَ هَؤلاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا ۖ وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَٰئكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ فالذي لا يرضى ذلك من الأنبياء و الصالحين ليس عليه إثم من عبده من دون الله إنما الإثم على الذي رضي بذلك أو أمر بالعبادة .
قال المؤلف رحمه الله و القبور يعظمونها و يعبدونها و ينذرون لها و يتوجهون إليها و هذا هو الشرك بالله لأن ( النذر و العبادة و الدعاء و الطواف ) عبادة لا تكون إلا لله من صرفها شيئاً منها لغير الله فقد كفر و أشرك .
قال المؤلف الظن الغالب أنَّ هؤلاء رجال صالحون من هذه الأمة فغلو في محبتهم حتى عبدوهم و هم غير راضين لأنهم رجال مسلمون و صالحون رحمهم الله تعالى ، فصارت كل تلك القبور كالتي ذكرها الله تعالى في كتابه ، فلا يكون إيمان العبد صحيحاً حتى يكفر بهذه كلها و يؤمن بالله وحده و هذا هو معنى قوله تعالى : فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا .
المتن :
فقائل لا إله إلا الله يجب عليه أن يستمر عليه و على موجبه و ألا يبطله بما ينافيه من الشرك و اتخاذ الأنداد و اعتقاد التصرف الغيبي لغير الله و إلا بطل و لا تبقى له منفعة ، كما تبطل سائر العبادات بالرياء و نحوه .
الشرح :
يقول المؤلف فقائل لا إله إلا الله يجب عليه أن يستمر عليه - أي على توحيد الله و إخلاص الدين له و الكفر بما يعبد من دون الله - لأن هذه الكلمة توجب الكفر بالطاغوت و ألا يبطله بالشرك و اتخاذ الأنداد و اعتقاد التصرف الغيبي لغير الله .
لأن من اتخذ أنداداً من دون الله و اعتقد أن هناك تصرف لغير الله يبطل توحيده و لا يبقى له منفعة ، كما أن العبادات تبطل بالرياء و كما تبطل الصدقة بالمن و الأذى .
المتن :
كما تبطل سائر العبادات بالرياء و نحوه ، كما قال الله تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى.
الشرح :
يعني إذا أعطى الإنسان فقيرا صدقة و جعل يمُّنّ عليه و كل ما لقيه - أنا أعطيتك - و يجعل يؤذيه و هذا تبطل صدقته بذلك و حتى لو تكلم بكلام طيب أفضل من الصدقة التي يؤذيه بها قال تعالى : قوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ
المتن :
فأخبر أن صدقة المرائي و المنَّان باطلة لم يبقى فيها منفعة له و كذا قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ.
الشرح :
أي لا تبطلوا أعمالكم بالشرك .
المتن :
و قوله : وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ .
الشرح :
حبط : بطل عمله بالكفر بالإيمان .
المتن :
وقوله : وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا
الشرح :
وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا لا بد من تكملة الآية حتى يتضح المعنى .
الذين كفروا أعمالهم باطلة لا يجدون منها شيئا يوم القيامة ، مثال ذلك السراب ، أنت حين تنظر للصحراء من بعد ترى كأنه ماء فإذا وصلت لا تجد ماء وكذلك الكفار أعمالهم كأنها شيء فإذا جاء يوم القيامة لا تجدها شيئاً - نسأل الله العافية - .
المتن :
فلا بد من الاستمرار على التوحيد و كل ما يقتضيه التوحيد و لا بد من الكفر بالطواغيت و كل آلهة دون الله ، فمن يقول لا إله إلا الله ثم يقول إن الأرواح تتصرف و تمد ، أو يدعو غير الله أو ينذر لغير الله أو يخاف غير الله أو يرجو غير الله غيباً فقد أبطل قوله - لا إله إلا الله - بل أشرك بالله شركاً جلياً لا يغفره الله فتنبه ! .
الشرح :
كما قال المؤلف رحمه الله : لا بد من الاستمرار على التوحيد و يستمر على الكفر بالطاغوت و على كل ما يقتضيه التوحيد - اعتقاد بطلان عبادة ما سوى الله - كل ما يعبد من دون الله طاغوت و كل آلهة تُعبد من دون الله لا بد من اعتقاد بطلانها .
قال المؤلف : فمن يقول لا إله إلا الله ثم يقول إن الأرواح تتصرف و تمد ، أو يدعو غير الله أو ينذر لغير الله أو يخاف غير الله أو يرجو غير الله غيباً فقد أبطل قوله - لا إله إلا الله - لماذا ؟ لأنه فعل ناقض من نواقضها فعل الشرك و الشرك ينقض هذه الكلمة ، لا بد من أداء الواجبات و ترك المحرمات و لا بد من ترك ما يبطلها و هو الشرك .
المتن :
و الأنبياء عليهم الصلوات و التسليمات قد أمرونا أن نؤمن بما أتوا به و أن نقتدي بهم وبهداهم قال الله تعالى : قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ.
و قوله : أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ.
الشرح :
يقول المؤلف : الأنبياء عليهم الصلاة و السلام قد أمرونا أن نؤمن بما أتوا به و أن نقتدي بهم وبهداهم لأنهم إنما يأمروا الناس بالوحي الذي أنزله الله إليهم لهذا قال الله تعالى : قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ... الخ و قوله : أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْهذا أمرٌ للنبي ﷺ أن يقتدي بالأنبياء .
المتن :
و محمد ﷺ خاتم النبيين لا نبي بعده ، و لم يبق طريقٌ إلى الله تعالى إلا اتباع محمد ﷺ فما أمر به من العبادات أمر إيجاب أو استحباب فهو مشروع و مرغوب فيه و ما لم يؤمر به و لم يفعله فلا يُقال إنَّ هذا مستحب أو مشروع إلا بدليل شرعي و لا يجوز أن تُثبَت شريعة بحديث ضعيف فضلاً عن منكر أو موضوع أو كشف أو إلهام أو نوم أو خيال أو آراء الرجال ، لأنَّ الثواب عند الله و لا يُعلم ما عند الله و أن في الأمر الفلاني ثواباً إلا بإعلام الله و ذلك لا يكون إلا بواسطة محمد رسول الله ﷺ.
الشرح :
و محمد ﷺ خاتم النبيين لا نبي بعده ، بعد بعثته عليه الصلاة و السلام لم يبق طريق إلى الله إلا من طريق الرسول ، سُدَّت الطرق التي توصل إلى الله إلا من طريق الرسول عليه السلام ، من أراد الجنة عليه اتباع القرآن و السُّنة ، بُعٍثَ النبي ﷺ عامة لجميع الثقلين الجن و الإنس إلى يوم القيامة .
لهذا قال المؤلف : لم يبق طريقٌ إلى الله تعالى إلا اتباع محمد ﷺ فما أمر به من العبادات أمر إيجاب أو استحباب فهو مشروع و مرغوب فيه و ما لم يؤمر به و لم يفعله فلا يُقال إنَّ هذا مستحب أو مشروع إلا بدليل شرعي و لا يجوز أن تُثبَت شريعة بحديث ضعيف و من باب أولى حديث منكر أو موضوع أو كشف أو إلهام أو نوم أو خيال أو آراء الرجال كل هذه باطلة ، لا يثبت الشرع إلا عن طريق كتاب الله أو سُّنة رسوله ﷺ، لأنَّ الثواب عند الله و لا يُعلم ما عند الله و أن في الأمر الفلاني ثواباً إلا بإعلام الله وذلك لا يكون إلا بواسطة محمد ﷺ.
المتن :
الفصل السادس :
و اعلم أن كلمة لا إله إلا الله هي الكلمة الفارقة بين الكفر و الإسلام و هي كلمة التقوى التي ألزمهم " و ألزمهم كلمة التقوى " و هي العروة الوثقى ، و هي الكلمة التي جعلها إبراهيم عليه السلام كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون و ليس المراد قولها باللسان فقط مع الجهل بمعناها ، فإن المنافقين يقولونها و هم تحت الكفار في الدرك الأسفل من النار مع كونهم يصلون و يحجون و يطوفون و يقرؤون القرآن و يتصدقون و لكن المراد قولها مع معرفتها بالقلب و الإذعان بها و محبتها و محبة أهلها ، و بغض ما خالفها و معاداته كما قال النبي ﷺ : من قال لا إله إلا الله مخلصا ًمن قلبه دخل الجنة،وفي بعضها: خالصاً من قلبه، وفي بعضها : صدقاً من قلبه .
و في حديث آخر : من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله دخل الجنة .
إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على جهالة أكثر الناس بهذه الشهادة .
الشرح :
في هذا الفصل يبين المؤلف أن كلمة التوحيد هي الكلمة الفارقة بين الكفر و الإسلام .
و اعلم أن كلمة لا إله إلا الله هي الكلمة الفارقة بين الكفر و الإسلام و هي كلمة التقوى التي ألزمهم الله و ألزمهم كلمة التقوى و هي العروة الوثقى ،و هي الكلمة التي جعلها إبراهيم عليه السلام كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون في قوله تعالى : وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي
إنني براء : هذا النفي ، إلا الذي فطرني : هذا الإثبات ، البراءة من كل معبود سوى الله ، و وجوب الإيمان بالله .
قال المؤلف : و ليس المراد قولها باللسان فقط مع الجهل بمعناها ، ما معنى كلمة التوحيد ؟ كلمة التوحيد معناها لا معبود بحق إلا الله مشتملة على ركنين عجز و صدر : صدرها لا إله : و فيه النفي ، عجزها : إلا الله وفيه الإثبات ، ما هو الشيء الذي تنفيه و ما هو الشيء الذي تثبته ، تنفي جميع أنواع العبادة عن غير الله ، و تثبت جميع أنواع العبادة لله وحده و لا بد من معرفة المعنى ، ولا بد أن يقولها عن صدق و لا بد من اعتراف القلب و تصديقه ،فإن المنافقين يقولونها و هم تحت الكفار في الدرك الأسفل من النار ، المنافقين لم يجهلونها بل كفروا و لم يؤمنوا بها مع كونهم يصلون و يحجون ويطوفون و يقرؤون القرآن ويتصدقون لماذا لم تنفعهم أعمالهم ؟ لأنهم كفروا بها .
قال تعالى : وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ
و في قوله : إذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ.
و لكن المراد قولها مع معرفتها بالقلب و لا بد من الإذعان و هو : الانقياد بحقوقها ( الصلاة الصيام الحج ) ينقاد للعمل ، لا تنفع قولها مع الاستكبار لأنّ الاستكبار كفر مستقل .
الاستكبار : عدم العمل و قولها باللسان لا ينفع .
كما قال المؤلف : و لكن المراد قولها مع معرفتها بالقلب و الإذعان بها و محبتها و محبة أهلها ، و بغض ما خالفها و معاداته كما قال النبي ﷺ : من قال لا إله إلا الله مخلصا ًمن قلبه دخل الجنة،وفي بعضها: خالصاً من قلبه، وفي بعضها : صدقاً من قلبه.
و في حديث آخر : من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله دخل الجنة. لا بد من البراءة و الكفر بكل ما يُعبد من دون الله .
و لهذا اشترط بعضهم شرطاً ثامناً من شروط لا إله إلا الله و هو الكفر بما يُعبد من دون استدلالاً بهذا الحديث .
إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على جهالة أكثر الناس بهذه الشهادة .
المتن :
و هذه الكلمة نفي و إثبات ، نفي الألوهية عما سوى الله تعالى من المخلوقات حتى ( جبريل و محمد عليهما السلام ) فضلاً عن غيرهم من الأولياء و الصالحين و هذه الألوهية هي التي تُسميها العامة في زماننا السرَّ و الولاية .
الإله : الولي الذي فيه السر و هو الذي يسمونه الفقير و الشيخ و الدرويش و الولي و ذلك أنهم يظنون أن الله تعالى جعل لخواص الخلق منزلة رضي أن يلتجئ الإنسان إليهم و يرجوهم و يستغيث بهم و يجعلهم واسطة بينهم و بين الله تعالى ، فالذي يزعم أهل الشرك في زماننا أنهم وسائط هم الذين يسميهم الأولون الآلهة ، و الواسطة هي الإله ، و قول المؤمن لا إله إلا الله فيه إبطال للوسائط و غالب الذين غلو في تعظيم الأولياء و شيوخ الطرق و أئمة آل البيت من السادة قد عبدوهم بدعائهم حتى في الشدائد و الطواف بقبورهم و ذبح القرابين لهم و كانوا يجهلون أنهم بهذا قد اتخذوهم آلهة .
الشرح :
يقول المؤلف : و هذه الكلمة نفي و إثبات -كما سبق - نفي في صدرها و إثبات في عجزها ، نفي الألوهية عما سوى الله تعالى من المخلوقات حتى ( جبريل و محمد عليهما السلام ) لأن ليس لهم حق بالعبادة ، الله له حق و الرسول له حق و المؤمنون لهم حق و الوالدان لهم حق و الناس لهم حق ، لا تخلط بين الحقوق !
الله له حق العبادة لا يرضى أن يشاركه به أحد ، و الرسول له حق الطاعة و الإتباع و المحبة و المؤمنون لهم حق المحبة و التقدير و الاحترام و الاقتداء بأفعالهم الطيبة و الوالدان حقهم البر و الإحسان .
يقول المؤلف : و هذه الكلمة نفي و إثبات ، نفي الإلهية عما سوى الله تعالى من المخلوقات حتى ( جبريل و محمد عليهما السلام ) فضلاً عن غيرهم من الأولياء و الصالحين و هذه الإلهية هي التي تُسميها العامة في زماننا السرَّ و الولاية ، كانوا الناس في زمن المؤلف يسمون الآلهة ولي واسطة أو السر أو الإله ، مهما سمُّوه لا بد من بطلان العبادة لغير الله تعالى بأي اسم سُمي .
لا تهم المسميات لأن العبادة حق الله و لا تصرف لغير الله .
الواسطة : الإله .
و ذلك أنهم يظنون أن الله تعالى جعل لخواص الخلق منزلة رضي أن يلتجئ الإنسان إليهم و يرجوهم و يستغيث بهم و يجعلهم واسطة بينهم و بين الله تعالى ، فالذي يزعم أهل الشرك في زماننا أنهم وسائط هم الذين يسميهم الأولون الآلهة ، و الواسطة هي الإله ، و قول المؤمن لا إله إلا الله فيه إبطال للوسائط و غالب الذين غلو في تعظيم الأولياء و شيوخ الطرق و أئمة آل البيت من السادة قد عبدوهم بدعائهم حتى في الشدائد و الطواف بقبورهم و ذبح القرابين لهم وكانوا يجهلون أنهم بهذا قد اتخذوهم آلهة يظنون أنها محبة .
المتن :
و اعلم أن لا إله إلا الله هي الكلمة الفارقة بين الكفر و الإسلام فمن قالها عالماً بمعناها معتقداً إياها فقد دخل في الإسلام و صار من أهل دار السلام الجنة .
الشرح :
إذاَ لا إله إلا الله هي الكلمة الفارقة بين الكفر و الإسلام فمن قالها عالماً بمعناها معتقداً إياها فقد دخل في الإسلام و صار من أهل دار السلام الجنة ، بشرط ثالث أيضاً البعد عمَّا يناقضها .
يكون من أهل دار السلام :
أولاً : إذا قال لا إله إلا الله بلسانه .
ثانياً : أن يكون عارفاً بمعناها .
ثالثاً : أن يعمل بمقتضاها و هي الشروط .
رابعاً : البعد عمَّا يناقضها و هو الشرك و غيره .
نسأل الله الجنة و إياكم أن نكون منهم .
المتن :
و أمَّا من قال لا خالق إلا الله أو لا رازق إلا الله أو لا رب إلا الله أو لا موجود إلا الله أو الله موجود أو نحو ذلك فلا يكون مسلماً و لا يكون من أهل دار السلام و هذه الكلمات و إن كانت كلمات حقة و لكن يشترك في القول بها سائر الناس من المشركين و المجوس و النصارى و اليهود و غيرهم سوى الدهرية المادية كما يشهد القرآن بذلك .
الشرح :
يقول المؤلف رحمه الله تعالى : من أقر بتوحيد الربوبية لا يكفيه دخوله في الإسلام ، لا بد أن تقول لا معبود بحق إلا الله .
الفرق بين المسلم و الكافر هو التوحيد .
إن كان توحيد الربوبية مطلوب لكنه لا يكفي .
لا بد من توحيد الله بالربوبية و من توحيد الإلهية و من توحيد الأسماء و الصفات .
من اقتصر على توحيد الربوبية لا يكون مؤمن .
و إن كانت كلمات حقة و لكن يشترك في القول بها سائر الناس من المشركين و المجوس و النصارى و اليهود و غيرهم سوى الدهرية المادية - الملاحدة- الذين أنكروا وجود الله و هؤلاء معروفين ، كما يشهد القرآن بذلك .
المتن :
فقد ثبت بهذا التحقيق أن الذكر النافع المنجي من عذاب الله تعالى ، إنما هو لا إله إلا الله و لهذا قال رسول الله ﷺ : أفضل الذكر لا إله إلا الله.
الشرح :
ثبت في هذا التحقيق أن الذكر النافع المنجي من عذاب الله تعالى ، إنما هو لا إله إلا الله إذا عرف معناها و أتى بشروطها و ابتعد عمَّا يناقضها ، و لهذا قال رسول الله ﷺ : أفضل الذكر لا إله إلا الله .
و في اللفظ الآخر : أفضل ما قلت أنا و الذين من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك و له الحمد يحيي و يُميت و هو على كل شيء قدير .
المتن :
فما يتداوله العوام و من يدعي العلم و الدين من الطغام من قولهم ( الله موجود ، أو لا رب إلا الله أو لا خالق إلا الله أو نحوها ) فليس من خصائص دين الإسلام بل يشترك فيه المشركون و اليهود و النصارى و المجوس فتنبه و تدبر!! و لا تكن أعمى و أصم تقلد كل ناعق و ناهق .
الشرح :
يقول المؤلف : فما يتداول العوام و من يدعي العلم و الدين من الطغام من قولهم ( الله موجود ، أو لا رب إلا الله أو لا خالق إلا الله أو نحوها ) فليس من خصائص الإسلام بل يشترك فيه المسلم و الكافر ، من خصائص دين الإسلام قول لا إله إلا الله ،.فتنبه و تدبر!! و لا تكن أعمى و أصم تقلد كل ناعق و ناهق .
المتن :
و اعلم أن الكفار الذين دعاهم رسول الله ﷺ إلى الإيمان و التوحيد و قاتلهم و قتلهم كانوا مقرين لله سبحانه بتوحيد الربوبية و هو أنه لا يخلق و لا يرزق و لا يحيي و لا يميت و لا يُدبر الأمور إلا الله وحده ، كما قال الله تعالى في سورة يونس : قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ.
كما فصلت هذه المسألة و بينتها حق التفصيل و التبيان في كتاب أوضح البرهان في تفسير أم القرآن فتنبه !
الشرح :
يقول المؤلف رحمه الله : اعلم أن الكفار الذين دعاهم رسول الله ﷺ إلى الإيمان و التوحيد و قاتلهم و قتلهم كانوا مقرين لله سبحانه بتوحيد الربوبية و هو أنه لا يخلق و لا يرزق و لا يحيي و لا يميت و لا يُدبر الأمور إلا الله وحده ،كما قال الله تعالى : قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ.
هم مقرين بتوحيد الربوبية لكنه لا يكفي لا بد من توحيد الألوهية ،كما فصلت هذه المسألة و بينتها حق التفصيل و التبيان في كتابي أوضح البرهان في تفسير أم القرآن .
المتن :
فإن هذه المسألة عظيمة مهمة جداً و هي أن تعلم أن الكفار شاهدون بهذا كله و مقرون به و مع هذا لم يدخلهم ذلك بالإسلام و لم يحرم دمائهم و أموالهم و سببه أنه لم يشهدوا لله بتوحيد الألوهية و أنه لا يُدعى و لا يُرجى إلا الله وحده لا شريك له ، و لا يُستغاث بغيره و لا يذبح لغيره و لا يُنذر لغيره لا لملك مقرب و نبي مُرسل فمن استغاث بغيره فقد كفر و من ذبح لغيره فقد أشرك و من نذر لغيره فقد أشرك و من حلف بغيره فقد أشرك .
فالله الله يا إخواني تمسكوا بأصل دينكم و أوله و آخره و أُسه و رأسه ألا و هو شهادة أن لا إله إلا الله و اعرفوا معناها و اكفروا بالطواغيت و عادوهم و أبغضوا من أحبهم فإن الحب في الله و البغض في الله من الإيمان ، اللهم توفنا مسلمين و ألحقنا بالصالحين .
الشرح :
كما قال المؤلف هذه مسألة عظيمة و هي أن تعلم أن الكفار شاهدون بهذا كله و مقرون بتوحيد الربوبية وذلك لم يدخلهم هذا بالإسلام و لم يحرم دمائهم و أولادهم لماذا ؟ لأنهم لم يوحدوا الله في العبادة و الألوهية .
أنواع العبادة ( الذبح ، النذر ، الدعاء ، الاستغاثة ، الاستعانة الخوف الرجاء التوكل الرغبة الرهبة ) كل هذه العبادات لا بد من صرفها لله تعالى .
فمن استغاث بغير الله فقد كفر وخرج من الملة و من ذبح لغير الله فقد كفر و من نذر لغير الله فقد أشرك و من حلف بغير الله فقد أشرك شرك أصغر .
فالله الله يا إخواني تمسكوا بأصل دينكم وأوله وآخره و أُسه و رأسه ألا و هو التوحيد ، و اعرفوا معناها و هو تنفي الألوهية عمَّا غير الله و تثبتها لله وحده و اكفر بالطواغيت و كل ما سوى الله و عادوهم و أبغضوهم و أبغضوا من أحبهم فإن الحب في الله و البغض في الله من الإيمان .
اللهم توفنا مسلمين و ألحقنا بالصالحين .
المتن :
و لاشك أن أول ما فرض الله تعالى على عباده الإيمان بالله و الكفر بالطاغوت : وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ و قوله : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا.
فصفة الكفر بالطاغوت أن تعتقد بطلان عبادة غير الله و تتركها و تبغضها و تُكفِّر أهلها و تبغضهم و تُعاديهم و صفة الإيمان بالله أن تعتقد أن الله هو الإله المعبود وحده دون من سواه و تُخلص كل أنواع العبادة لله وحده و تنفيها عن كل معبود سواه .
والطاغوت عام في كل أنواع العبادة فكل ما عُبِدَ من دون الله و رضي بالعبادة من معبود أو متبوع أو مُطاع في غير طاعة الله و رسوله فهو طاغوت و العبادة : الإطاعة .
قال تعالى : أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ كما في سورة يس و كذا في سورة مريم قال إبراهيم عليه السلام لأبيه : يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً ، فالإنسان لا يكون مؤمناً بالله إلا بعد الكفر بالطاغوت لقوله تعالى : فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.
الشرح :
يقول المؤلف رحمه الله لا شك أن أول ما فرض الله على عباده الإيمان بالله و الكفر بالطاغوت و الطاغوت هو ؟
ما سوى الله ، لا بد أن تكفر به .
صفة الكفر بالطاغوت : أن تعتقد بقلبك بطلان عبادة غير الله و تتركها بنفسك و تبغضها و تُكفِّر أهلها و تعاديهم ،خمسة أمور يتحقق بها الكفر بالطاغوت :
الأول : أن تعتقد بقلبك بطلان عبادة غير الله .
ثانياً : أن تتركها .
ثالثاً : أن تبغضها .
رابعاً : أن تُكفِّر أهلها .
خامساً : أن تعاديهم .
و معنى الإيمان بالله : أن تعتقد أنَّ الله هو الإله المعبود بالحق دون من سواه و تُخلص كل أنواع العبادة لله وحده و تنفيها عن كل من سواه .
الطاغوت يقول المؤلف عامٌ في كل أنواع العبادة ، فكل ما عُبِدَ من دون الله ورضي بالعبادة من معبود أو متبوع أو مُطاع في غير طاعة الله و رسوله فهو طاغوت و العبادة : الإطاعة .
الإنسان لا يكون مؤمناً إلا بأمرين :
الكفر بالطاغوت و الإيمان بالله .
المتن :
الفصل السابع :
فالجامع لعبادة الله وحده إنما هو طاعته بامتثال أوامره و اجتناب نواهيه و أنواع العبادة التي لا تصلح إلا لله تعالى وحده ( الدعاء و الاستعانة و الاستغاثة و ذبح القُربان و النذر و الرجاء و الخوف و التوكل و الإنابة والمحبة و الخشية و الرغبة و الرهبة و التأله و الركوع و السجود و الخشوع و التذلل و التعظيم الذي هو من خصائص الألوهية ) و من صرف شيئاً من هذه الأنواع لغير الله تعالى فقد أشرك بالله غيره ، و الشرك في العبادة ينقض الإسلام لقوله تعالى : إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا و قوله : مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ .
و منه الذبح لغير الله كمن يذبح للجن أو للقبر أو جعل بينه و بين الله وسائط يدعوهم و يسألهم الشفاعة و يتوكل عليهم فهذا كفر إجماعاً .
الشرح :
ما الجامع لعبادة الله ؟ طاعة الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه .
أنواع العبادة التي لا تصح لغير الله كثيرة و منها : ( الدعاء و الاستعانة و الاستغاثة و ذبح القُربان والنذر والرجاء والخوف والتوكل والإنابة والمحبة والخشية والرغبة والرهبة والتأله والركوع والسجود والخشوع والتذلل والتعظيم الذي هو من خصائص الألوهية ) الاستعانة أو دعاء الغائبين والأموات فيما لا يقدر عليه إلا الله ، أمَّا الاستعانة بالحاضر فيما يقدر عليه فهذا مباح .
إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا و قوله : مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ.
حكم المشرك بالآخرة حرم الله عليه الجنة ، و في الدنيا أن شركه غير مغفور .
و منه الذبح لغير الله كمن يذبح للجن أو للقبر أو جعل بينه و بين الله وسائط يدعوهم و يسألهم الشفاعة و يتوكل عليهم و هذا كفر إجماعاً لأنه من نواقض الإسلام .
المتن :
و قد روى الترمذي و أبو داوود عن ثوبان رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ أنه قال : لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَلْحَقَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي بِالْمُشْرِكِينَ ، وَحَتَّى تعْبُدُ فئام من أمتي الْأَوْثَانَ.
الشرح :
هذا حديث صحيح و ساقه الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد ، و هذا فيه علم من أعلام النبوة .
هذا الرد فيه على من قال أن هذه الأمة مُطهرة لا يقع فيها الشرك .
وفق الله الجميع .