بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلى الله وسلم و بارك على عبده و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليماً كثيراً ، اللهم اغفر لنا و لشيخنا و لوالدينا و لجميع المسلمين .
المتن :
قال الشيخ محمد سلطان رحمه الله تعالى في الفصل السابع من كتابه مفتاح الجنة لا إله إلا الله .
و قد روى الترمذي و أبو داوود عن ثوبان رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ أنه قال : لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَلْحَقَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي بِالْمُشْرِكِينَ ، وَحَتَّى يَعْبُدُوا الْأَوْثَانَ.
الشرح :
الفصل السابع من فصول هذه الرسالة و هو بيان الجامع لعبادة الله وحده إنما هو طاعة الله و الامتثال لأوامره و اجتناب النواهي ، و طاعة الله تكون بالعبادة و العبادة كثيرة كما سبق : " الدعاء ، الاستعانة ، الاستغاثة ، الذبح ، النذر ، الخوف ، التوكل ، الرجاء ، الإنابة ، الرغبة ، الرهبة ، التذلل، الخشية ، التعظيم".
في الحديث دليل على أنَّ الشرك واقع في هذه الأمة و فيه الرد على من قال أن هذه الأمة مطهرة و أنها لا يقع فيها الشرك و هذا باطل لأنه وقع فيها شرك ، و في أحاديث كثيرة من هذا قول النبي ﷺ : لا تقوم الساعة حتى تُعبد اللات و العُزى .
و هذا فيه دليلين : الأول : أن هذا فيه علم من أعلام النبوة أنه وقع كما أخبر الرسول ﷺ .
الثاني : تحذير الأمة من الشرك و الوقوع فيه .
المتن :
قال ابن حجر الهيتمي في كتابه الزواجر و الفقيه الحنفي في تبيين المحارم : " إنَّ من أشرك في عبادة الله غيره أنه يكفر بالإجماع و يُقتل إن أصرَّ على ذلك ، كدعاء الأموات لجلب خير أو دفع ضر ".
و قد قال رسول الله ﷺ لابن عباس رضي الله عنهما : إذا سألت فاسأل الله و إذا استعنت فاستعن بالله.
الشرح:
أجمع أهل العلم على أن من يشرك في عبادة الله يكفر و يُقتل إن أصر على ذلك ، و لكن المراد الذي يُقيم الحدود هو من يتولى الأمر وليس كل أحد يقتله ، و إلا أصبحت المسألة فوضى كل أحد يقتل من يريد ، من وقع في الشرك يُرفع إلى ولي الأمر أو إلى الحاكم الشرعي .
دلَّ الحديث على أنَّ الدعاء و الاستعانة من عبادة الله .
المتن :
وقد روى الترمذي عن أبي واقد الليثي، قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال رسول الله ﷺ: قلتم ـ والذي نفسي بيده ـ كما قالت بنو إسرائيل لموسى : اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون ، لتركبن سنن من كان قبلكم.
الشرح :
النبي ﷺ جعل قول هؤلاء " اجعل لنا ذوات أنواط مثل قول بني إسرائيل لموسى اجعل لنا آلهة كما لهم آلهة لأن المعنى واحد ، العبرة بالمعنى و إن كان اللفظ مختلف ، و الصحابة هنا ما أشركوا لأنهم قالوا ذلك عن جهل ، فزجرهم النبي و نهاهم فانتهوا .
دليل على أن الإنسان إذا طلب أن يفعل الشرك عن جهل ثم نزع و تاب نُبِّه و تاب في الحال فإنه لا يكون مشركاً .
المتن :
قال الإمام شهاب الدين عبد الرحمن الشامي المعروف بأبي شامة في كتابه الباعث على إنكار البدع و الحوادث قال الإمام أبي بكر الطرطوشي"أينما وجدتم سدرة أو شجرة يقصدها الناس ويعظّمون من شأنها ويرجون البرء و الشفاء من قبلها وينوطون بها المسامير والخرق فهي ذات أنواط فاقطعوها ".
الشرح :
سدرة : نوع من الشجر أو شجرة يقصدها الناس و يعظمون من شأنها .
المتن :
فتأمل رحمك الله تعالى هذا الكلام بأن ما تفعله العامة في زماننا في العُمد و الشجر و الحجر و المواضع المخصوصة أنه مثل فعل المشركين بذات أنواط ، و تبين منه أنَّ الشرك قد حدث في هذه الأمة منذ أزمنة مديدة . فيجب على كل من قَدِرَ على إزالته ، إزالته ؛ فويل للعلماء و الأمراء و القضاة القادرين على إزالته على سكوتهم .
الشرح :
قال المؤلف و تبين منه أن الشرك قد حدث منذ أزمنة مديدة ، فيه الرد على من قال إنَّ هذه الأمة مطهرة و لا يقع فيها الشرك و يستدلون بأن الشيطان قد يأس أن يُعبد في أرضكم هذه ، و يجيب العلماء على هذا الحديث : بأن الشيطان لما رأى انتشار الإسلام يئس و ظن أن الشرك لا يعود و هو ليس معصوم لا في يئسه ولا في رجائه .
القول الثاني : أنّ هذا خاص بالصحابة الذين زكاهم النبي ﷺ و ثبت الإيمان في قلوبهم فيئس الشيطان أن يعبدوه و يقع الشرك في الصحابة .
القول الثالث : أن الشيطان يئس أن تُطبق الأمة على الشرك بل لا بد أن يوجد فيها طائفة على الحق ظاهرين منصورين .
المتن :
و اعلم أن الغلو في المشايخ منهي عنه ، فكل من غلا في نبي أو رجل صالح و جعل فيه نوعاً من الألوهية مثل أن يقول : "يا سيدي فلان انصرني أو أغثني أو ارزقني أو أنا في حسبك-كفايتك- أو نحوها فكل هذا شرك و ضلال يُستتاب و إلا قُتِل".
الشرح :
يقول المؤلف الغلو في المشايخ أو رؤساء القبائل أو غيرهم منهي عنه ، و كل من غلا في نبي أو رجل صالح و جعل فيه من الألوهية جعله يستحق التعظيم من دون الله ودعاه من دون الله ذبح له من دون الله مثل أن يقول : "يا سيدي فلان انصرني أو أغثني أو ارزقني أو أنا في حسبك-كفايتك و التوكل -أو نحوها فكل هذا شرك و ضلال يُستتاب و إلا قُتِل من قِبَل ولاة الأمور لأنَّ هم من يستتيبونه و يقتلونه و ليس عامة الشعب و الناس .
المتن :
فإن الله تعالى إنما أرسل الرسل و أنزل الكُتُب ليُعبد وحده و لا يُجعل معه إله آخر و الذين يدعون مع الله آلهة أخرى مثل المسيح و الملائكة و الأصنام لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق الخلائق أو تُنزل المطر أو تُنبت النبات و إنما كانوا يعبدونهم أو يعبدون قبورهم أو صورهم ويقولون: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زُلفى هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فبعث الله رُسُله تنهى أن يُدعى أحد من دونه لا دعاء عبادة و لا دعاء استغاثة و نهى عن الحلف بغير الله و قال : من حلف بغير الله فقد أشرك و نهى عن تعظيم القبور و اتخاذها مساجد ؛ لأنَّ من أكبر أسباب عبادة الأوثان تعظيم القبور ، و لهذا اتفق العلماء رحمهم الله تعالى على أنَّ من سلمَّ على النبي ﷺ حين زار قبره أنه لا يتمسح بحجرته ولا يُقبلها لأنه إنما يكون لأركان الكعبة فلا يُشبه بيت المخلوق ببيت الخالق ، كل هذا لتحقيق التوحيد الذي هو أصل الدين و رأسه الذي لا يقبل الله عملاً إلا به و هذا هو معنى لا إله إلا الله ".
الشرح :
الذين يشركون مع الله آلهة أخرى لا يعتقدون أنها تخلق و ترزق لا ؛ إنما يصفونها نوعاً من العبادة و هم يعتقدون أنَّ الذي يخلق و يرزق هو الله ، ويقولون إنما يعبدوننا ليقربونا إلى الله زُلفى .
فإن الله تعالى إنما أرسل الرسل و أنزل الكُتُب ليُعبد وحده و لا يُجعل معه إله آخر و تنهى أن يُدعى أحد مع الله لا دعاء عبادة و لا دعاء مسألة "دعاء العبادة مثل الصلاة : المصلي سائلٌ في المعنى يطلب الثواب هذا دعاء عبادة ، دعاء المسألة كأن يقول الإنسان ربِّ اغفر لي و ارحمني و اهدني و ارزقني هذا دعاء مسألة لأنه يسأل بلسانه".
و نهى عن الحلف بغير الله ، هذا شرك أصغر إلا إذا اعتقد أنَّ للمحلوف به نوعاً من الألوهية .
نهى عن تعظيم القبور و اتخاذها مساجد ، لهذا اتفق العلماء رحمهم الله تعالى على أنَّ من سلمَّ على النبي ﷺ حين زار قبره أنه لا يتمسح بحجرته ولا يُقبلها و إنما يقف مستقبلاً القبر مستدبرا القبلة و يقول : " السلام عليك يا رسول الله و رحمة الله و بركاته أشهد أنك بلغت الرسالة و أديت الأمانة و نصحت الأمة و جاهدت في الله حق جهاده ، و جزاك الله عن أمتك خير ما يجزي نبي عن أمته حسن .
التقبيل يكون لأركان الكعبة "الحجر الأسود يُمسح و يُقبل و الركن اليماني يمسح فقط ، و لا يشبه بيت المخلوق ببيت الخالق - بيت المخلوق قبر النبي ،بيت الخالق الكعبة" كل هذا لتحقيق التوحيد الذي هو أصل الدين و رأسه الذي لا يقبل الله عملاً إلا به و هذا هو معنى لا إله إلا الله "لا معبود بحق إلا الله".
المتن :
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في شرح المنازل : " و الشرك هو أن يتخذ من دون الله نداً يحبه كما يحب الله بل أكثرهم يحبون آلهتهم أعظم من محبة الله ، و يغضبون لتنقص آلهتهم و معبودهم من المشايخ أعظم مما يغضبون إذا تنَّقصَ أحدٌ رب العالمين ، و قد شاهدنا هذا نحن جهراً و ترى أحدهم قد اتخذ ذكر إلهه و معبوده على لسانه ، إن قام و إن قعد و إن عثر و إن استوحش و هو لا يُنكر ذلك و يرى أنه باب حاجته إلى الله و شفيعه عنده ، و هكذا كان عُبَّاد الأصنام سواء و هذا هو الذي أنكره الله تعالى عليهم في القرآن و أبطله و أخبر أن الشفاعة كلها له و القرآن مملوء من أمثال هذا ، و لكن أكثر الناس لا يُشعر بدخول الواقع تحته ، و يظنه في قوم قد خَلَوْا و لم يعقبُ وارث ، و هذا هو الذي يحول بين المرء و بين القرآن "
كما قال عمر بن الخطاب :" إنما تُنقَضُ عُرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية " و هذا لأنه لم يعرف الشرك و ما عابه القرآن و ذمَّه فوقع فيه و هو لا يعرف .
قيل لعمر بن الخطاب فلان لا يعرف الشر قال : " ذلك أحرى أن يقع فيه " .
و من أنواعه طلب الحوائج من الموتى و الاستغاثة بهم و التوجه إليهم و هذا أصل الشرك في العالم فزاروهم زيارة العبادة و جعلوا قبورهم أوثاناً تُعبد .
الشرح :
وهذا نقل عن ابن القيم رحمه الله تعالى فيه شرح منازل السائرين .
الشرك أن يتخذ من دون الله نداً يُحبه كما يحب الله أي يساويه في الله بالمحبة و التعظيم يحبه بأن يذل له و يخضع ، بل أكثرهم يحبون آلهتهم أعظم من محبة الله ، و يغضبون لتنقص آلهتهم و معبودهم من المشايخ أعظم مما يغضبون إذا تنقصَ أحدٌ رب العالمين و هذا مُشاهد و موجود الآن في بعض عُبَّاد القبور و بعض الصوفية إذا قيل له احلف بالله كاذباً يحلف ولا يُبالي لكن إذا قيل له احلف بشيخك كاذباً لا يحلف ؛ يعظم شيخه أكثر من تعظيم الله .
و ترى أحدهم قد اتخذ ذكر إلهه و معبوده على لسانه ، إن قام و إن قعد و إن عثر و إن استوحش و هو لا يُنكر ذلك و هو لا يُنكر ذلك و هو يرى أنه باب حاجته إلى الله و شفيعه عنده - فقد نسيوا ربهم - .
و هكذا كان عُبَّاد الأصنام سواء و هذا هو الذي أنكره الله تعالى عليهم في القرآن و أبطله و أخبر أن الشفاعة كلها له و القرآن مملوء من أمثال هذا ، و لكن أكثر الناس لا يُشعر بدخول الواقع تحته ، و يظنه في قوم قد خَلَوْ و لم يعقبُ وارث ، و هذا هو الذي يحول بين المرء و بين فهم القرآن ، لأنه يظن أن الشرك غير موجود في العصر الحاضر و هو في قوم مضوا .
كما قال عمر بن الخطاب : " إنما تُنقَضُ عُرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية " و هذا صحيح لأن الذي نشأ في الإسلام و هو لا يعرف الجاهلية و أمور الشرك و أفعال الجاهلية يقع فيها وهو لا يعلم لا يظن أنها شرك ، لكن الذي يعرف لا يقع فيها ، الصحابة الذين كانوا مشركين ثم أسلموا خبروا الشرك و ذاقوا مرارته لا يقعون فيه مرة أخرى و هم أكمل حال من أبنائهم ؛ لأن أبنائهم الذين دخلوا في الإسلام بعضهم لا يعرفون الشرك ، و الذي لا يعرف الشرك يقع فيه ولا يعلم .
و هذا لأنه لم يعرف الشرك و ما عابه القرآن و ذمَّه فوقع فيه و هو لا يعرف .
قيل لعمر بن الخطاب فلان لا يعرف الشر قال : " ذلك أحرى أن يقع فيه " .
من أنواع الشرك : طلب الحوائج من الموتى يقول يا فلان أغثني فرِّج كربتي أعطني ارزقني و التوجه إليهم .
المتن :
الفصل الثامن :
اعلم يا أخي في الله عز و جل أن معنا أصلين عظيمين أحدهما ألا نعبد إلا الله ، و الثاني : ألا نعبده إلا بما شرع و لا نعبده بعبادة مبتدعة و هذان الأصلان هما تحقيق لشهادة أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله .
و في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها عن النبي ﷺ قال : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد كما ذكرناه سابقاً .
و لهذا قال الفقهاء العبادات مبناها على الاتباع لا على الابتداع و يدل على هذا ما في الصحيحين أيضاً عن عمر ﷺ أنه قبَّل الحجر الأسود و قال :" و الله إني لأعلم إنك حجرٌ لا تضر و لا تنفع و لولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك " فتدبر و تفكر و تنَّبه و لا تكن من الغافلين .
الشرح :
والفصل الثامن فيه بيان أن التوحيد مبني على أصلين :
الأصل الأول : ألا نعبد إلا الله و هذا معنى شهادة أن لا إله إلا الله و هو يدل عليه قول النبي ﷺ في الصحيح : إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى، فإذا تخلف هذا الأصل حلَّ محله الشرك .
الأصل الثاني : ألا نعبد الله إلا بما شرع و لا نعبده بالابتداع و هذا هو معنى شهادة أن محمدا رسول الله ويدل عليها الحديث الذي ساقه المؤلف في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها عن النبي ﷺ قال : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.
و هذان الأصلان هما أصل الدين و أساس الملة أن تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله .
و يدل على ذلك أدلة :
قوله تعالى : فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا
و قوله تعالى : وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ۗ وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ إسلام الوجه : الإخلاص ، الإحسان : كون العمل موافق للشريعة .
و الأدلة في هذا كثيرة ، لهذا قال الفقهاء العبادات مبناها على الاتباع لا على الابتداع .
و يدل على هذا ما في الصحيحين أيضاً عن عمر أنه قبَّل الحجر الأسود و قال :" و الله أعلم إنك حجرٌ لا تضر و لا تنفع و لولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك " عمر في موسم الحج قبَّل الحجر و أعلن للناس ليبين أن تقبيل الحجر لا يضر و لا ينفع بل للتأسي بالنبي ﷺ.
المتن :
و من يتدبر الآيات القرآنية تبين له معنى لا إله إلا الله و تفكَّر في قوله تعالى : اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، و قد فسرها النبي ﷺ لعدي بن حاتم أنه الأخذ بقول الرجال و لهذا قال تعالى : وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ.
فصار ذلك الأخذ عبادة لهم و صاروا به أرباباً لهم من دون الله : وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ۗ أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.
الشرح :
يقول المؤلف و من يتدبر الآيات القرآنية يتبين له معنى لا إله إلا الله و أنها تنفي الألوهية عن غير الله و تثبتها لله وحده .
الأحبار : العُلماء ، الرهبان : العُبَّاد .
و معنى اتخذونهم أرباباً من دون الله أي : يشرِّعون لهم و يحلِّون لهم الحرام فيحلونه و يحرمون عليهم الحلال فيحرمونه و بهذا اتخذوهم أرباباً لأنَّ الرب هو المشَّرِّع .
ظن عدي بن حاتم عندما جاء للرسول أن العبادة هي الركوع و السجود فقال النبي أليس يحلِّون لهم الحرام فيحلونه و يحرمون عليهم الحلال فيحرمونه قال بلا قال إذاً فتلك عبادتهم ، طاعتهم في التحليل و التحريم شرك .
المتن :
فمن تدبر هذه الآيات و ما شاكلها تبين له معنى لا إله إلا الله و تبيَّن له التوحيد الذي جحده أكثر من يدعي العلم في هذه القرون ، و قد عمَّت البلوى بالجهل به بعد القرون الثلاثة ، فلما وقع الغلو في قبور أهل البيت و غيرهم و بُنيت عليها المساجد و بُنيت لهم المشاهد و القِباب فاتسع الأمر و عظُمَت الفتنة في الشرك المنافي للتوحيد لمَّا حدث الغلو في الأموات و تعظيمهم في العبادة و بهذه الأمور عاد المعروف منكراً و المنكر معروفاً و البدعة سُّنة و السُّنة بدعة ، نشأ عليها الصغير و هَرِمَ عليه الكبير فتبين سر قوله ﷺ : بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء الذي يصلحون ما أفسده الناس.
الشرح :
يقول المؤلف من تدبر الآيات تبين له معنى لا إله إلا الله و أنها تنفي الألوهية عن غير الله و تثبتها لله وحده .
جحدوا التوحيد و جحدوا أن يكون الذبح و الدعاء خاص بالله ، عندما وقع الغلو في أهل البيت "علي و فاطمة و الحسن و زوجات النبي ﷺ" اتسعت الفتنة و عظم الشرك المنافي للتوحيد بسبب الغلو في الأموات و تعظيمهم بالعبادة ، و بهذه الأمور عاد المعروف منكراً و المنكر معروفاً و البدعة سُّنة و السُّنة بدعة ، نشأ عليها الصغير و هَرِمَ عليه الكبير بسبب تطاول الأزمنة فتبين سر قوله ﷺ: بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء الذي يصلحون إذا فسد الناس بدأ غريباً بالنبي ﷺ و أصحابه و سيعود غريباً لمَا جحد كثير من الناس التوحيد الذي بعث الله به رُسُلُه فصار الإسلام غريباً !!
وفي لفظ آخر: الذين يُصلحون ما أفسد الناس من سنتي، وفي لفظ آخر: هم النزاع من القبائل، وفي لفظ آخر: هم أناس صالحون قليل في أناس سوء كثير.
المتن :
و روى الترمذي و ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ: احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ،تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة إذا سأَلت فاسأَل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أَن يضروك بشيء ، لم يكتبه الله عليك لم يضروك , ولو اجتمعوا على أن ينفعـوك بشيء ، لم ينفعوك، رفعت الأقلام وجفت الصحف و اعمل لله بالشكر لليقين.
الشرح :
هذا حديث ابن عباس معروف لكن الزيادة فيه و اعمل لله بالشكر لليقين.
حفظ الله يكون في حفظ حدوده و محارمه بأن يؤدي الأوامر و يتجنب النواهي ، يحفظك في نفسك و أهلك و مالك ، تجاهك : أمامك ، تعرَّف إلى الله في وقت الرخاء و الراحة حينما تكون صحيحاً و تعبد الله و تخلص العبادة له يعرفك في وقت المرض في وقت الشدة في وقت الحاجة في وقت الفقر في وقت تسلط الأعداء ، السؤال خاص بالله و الاستعانة أيضاً خاصة بالله ، و أن الأمة لا يضرون بشيء لم يكتبه الله لأن الضرر بيد الله ، الناس لا يملكون شيئا و إذا أصابك شيء على أيدي بعض الناس سواء نفع أو ضرر فالله تعالى قدَّره لك و كتبه في اللوح المحفوظ ، فهذا كلُّه راجع لله عز و جل فعليك أن ترجع لله لأنه بيده الضر و النفع .
المتن :
وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى رَجُلاً فِي يَدِهِ حَلْقَةٌ مِنْ صُفْرٍ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟. قَالَ: مِنَ الْوَاهِنَةِ.فَقَالَ: انْزِعْهَا فَإِنَّهَا لاَ تَزِيدُكَ إِلاَّ وَهْنًا، فَإِنَّكَ لَوْ مُتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا رَوَاهُ أَحْمَدُ
الشرح :
حلقة من الصفر : أي وضعها الرجل سبب للشفاء و قيل أنه هو عمران نفسه .
الواهنة : مرض في عضد الرجال ووضع هذه الخلقة حتى تكون سبب في شفائه من الواهنة .
.فَقَالَ: انْزِعْهَا فَإِنَّهَا لاَ تَزِيدُكَ إِلاَّ وَهْنًا، فَإِنَّكَ لَوْ مُتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا و يجب أن تتعلق القلوب بالله ، و هذا من المعصية و الشرك الأصغر .
المتن :
و من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره :
والاستغاثة : طلب الغوث و هو إزالة الشدة كالاستنصار : طلب النُصرة ، الاستعانة : طلب العون ، فكل ما قُصِدَ به غير الله مما لا يقدر عليه إلا الله كدعوات الأموات و الغائبين و هو من الشرك الذي لا يغفره الله تعالى قال الله تعالى : وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ.
الشرح :
هنا من الشرك الاستغاثة بغير الله و دعاء غير الله .
الاستغاثة : طلب الغوث و هو إزالة الشدة كالاستنصار : طلب النُصرة ، الاستعانة : طلب العون .
الاستغاثة : خاصة بالكرب كالغريق يستغيث بأحد ، والإعانة والدعاء عام في الرخاء و الشدة.
قال المؤلف : فكل ما قُصِدَ به غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله كدعوات الأموات و الغائبين و هو من الشرك الذي لا يغفره الله تعالى قال الله تعالى : وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ".
المتن :
قال تعالى : وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُون وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ.
فأخبر الله تعالى أنه لا أضل ممن يدعو أحدا دونه كائنا من كان فليس لمن دعا غير الله إلا الخيبة و الخسران فلا يحصل للمشرك يوم القيامة إلا نقيض قصده وصار المدعو للداعي عدوَّا ، فالداعي لغير الله في غاية الضلال .
قال الله تعالى : أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ .
الشرح :
هذه الآية وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُون وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ، في هذه الآية أخبر الله تعالى أنَّ لا أحد أضل ممن يدعو من دون الله كائنا من كان لأنه ليس له إلا الخيبة و الخسران ، يدعو غير الله يدعو ميت يدعو غائبا يدعو ملكا يدعو جنا هذا خائب لأنه لا يستجيب له و لا يقضي حاجته فلا يحصل للمشرك يوم القيامة إلا نقيض قصده ، و يوم القيامة هؤلاء المدعوون يعادون الذين دعوا يقولون " ما أمرناكم لماذا تدعوننا ، الدعاء حق الله فيكونوا أعداء لهم .
المتن :
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادِهِ: أَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ مُنَافِقٌ يُؤْذِي الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قُومُوا بِنَا نَسْتَغِيثُ بِرَسُولِ اللهِ ﷺ مِنْ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِنَّهُ لاَ يُسْتَغَاثُ بِي، وَإِنَّمَا يُسْتَغَاثُ بِاللهِ إنما نهى النبي ﷺ عن الاستغاثة به حماية لجناب التوحيد و سداً لذرائع الشرك ، و مخافة أن يقع من أمته الاستغاثة بمن لا يضر و لا ينفع و لا يسمع و لا يستجيب من الأموات و الغائبين و الطواغيت و الشياطين و الأصنام و غير ذلك .
و قد وقع من هذا الشرك العظيم ما عمَّت به البلوى حتى ظنوا أنَّ الميت يسمع و ينفع فتركوا الإسلام و الإيمان رأساً كما ترى عليه الأكثرين من جهلة هذه الأمة .
الشرح :
المنافق : هو عبد الله بن أُبي .هذا الحديث فيه ضعف لأنه في سند اختلط لكن له شواهد .
يقول المؤلف: نهى النبي ﷺ أن يُستغاث به حماية لجناب التوحيد و سداً لذرائع الشرك إلا أن النبي ﷺ يقدر أن يُعاقب عبد الله بن أبي ، و مخافة أن يقع من أمته الاستغاثة بمن لا يضر و لا ينفع و لا يسمع و لا يستجيب من الأموات و الغائبين و الطواغيت و الشياطين و الأصنام و غير ذلك .
وقد وقع من هذا الشرك العظيم ما عمَّت به البلوى حتى ظنوا أنَّ الميت يسمع و ينفع فتركوا الإسلام و الإيمان رأساً كما ترى عليه الأكثرين من جهلة هذه الأمة .
المتن :
الفصل التاسع : فصل مهم و تنبيه مفيد :
" اعلم يا أخي في الله كما أنَّ الأقفال أشكال و أصناف منها ما له سنٌ واحد و منها ما له سنَّان و منها ما له أسنان و لا ينفتح كل واحد منها إلا بمفتاحها الخاص له ، فلا ينفتح أبداً ما له سنٌّ واحد بمفتاح له أسنان متعددة و كذا العكس " و كذا العبادات و الطاعات لكلٍّ أشكالٌ و هيئات بيَّنها النبي ﷺ أحسن بيان سواء كانت فعلية أو قولية كهيئة الصلاة و أن مفتاحها التكبير و ختامها التسليم و أن القراءة موضعها القيام و التسبيح محله الركوع و السجود و هكذا ..
فمن أتى كما بيَّن و فعل فقد سَعُدَ و صار من المقبولين و من عكس أو زاد أو نقص فقد تعدَّى و ظلم و صار من المردودين و هكذا لها أمثلة تظهر لمن تدبر و تفكَّر من أولي الألباب ، فالله نسألك أن تجعلنا منهم .
الشرح :
هذا الفصل يبين فيه النبي ﷺ أن الأقفال و المفاتيح متعددة مختلفة ، الأقفال أنواع و أشكال و المفاتيح أيضاً .
كل قفل لا ينفتح إلا بمفتاحه الخاص .
و كذلك العبادات و الطاعات أشكال و هيئات بينها الرسول ﷺ بعضها فعلية و قولية (الصلاة و الصيام و الحج ) كهيئة الصلاة و أن مفتاحها التكبير و ختامها التسليم و أن القراءة موضعها القيام و التسبيح محله الركوع و السجود و هكذا ..
فمن أتى كما بيَّن و فعل فقد سَعُدَ و صار من المقبولين و من عكس أو زاد أو نقص فقد تعدَّى و ظلم و صار من المردودين و هكذا لها أمثلة تظهر لمن تدبر و تفكَّر من أولي الألباب ، فالله نسألك أن تجعلنا منهم .
المتن :
ولماذا ذلك كذلك لأن الدين و العبادات دواء من تركيب الحكيم العليم الخبير ،الله رب السموات و الأرض العزيز الحكيم فيجب أن يؤتى به كما أمر وبيَّن بواسطة رسوله محمد ﷺ كما أن الطبيب الحاذق من البشر بعدما يعرف الداء يُركب له دواء مركب من أشياء على كميات خاصة فيركبون الأدوية على حسب الأمراض بعد معرفتها فيعالجونها بها ، فمن صادف ذلك ربما نفعه ، فصار سبباً للعافية والسلامة ، و أمَّا من خالف ذلك الطبيب أو ركَّب هو بنفس أدوية بلا معرفة حقيقة خواصها و كمياتها ربما صار سبباً لهلاك نفسه و إهلاك غيره ، فإن كان الأمر هكذا فليُعلم أن الدين و العبادات طُرقٌ و أسباب لإصلاح النفس الإنسانية و تزكيتها من الأمراض و الأدناس و الأهوية الفاسدة حتى يكون صاحبها لائقاً لقرب الله تعالى الخالق الحكيم و رضوانه .
الشرح :
المؤلف رحمه الله تعالى يضرب الأمثلة الحسية حتى ينتقل منها الإنسان إلى الأمثلة المعنوية .
يقول المؤلف الدين و العبادات دواء ركَّبَّها العليم الحكيم و هو رب السموات و الأرض ، فيجب أن يؤتى بالأوامر كما أمر الله ونبيه .
كما أن الطبيب الحاذق من البشر بعدما يعرف الداء يُركب له دواء مركب من أشياء على كميات خاصة فيركبون الأدوية على حسب الأمراض بعد معرفتها فيعالجونها بها ، فمن صادف ذلك ربما نفعه ، فصار سبباً للعافية و السلامة ، و أمَّا من خالف ذلك الطبيب أو ركَّب هو بنفس أدوية بلا معرفة حقيقة خواصها و كمياتها ربما صار سبباً لهلاك نفسه و إهلاك غيره ، فإن كان الأمر هكذا في الدواء الحسي فكذلك الدواء المعنوي فليُعلم أن الدين و العبادات طُرقٌ و أسباب لإصلاح النفس الإنسانية و تزكيتها من الأمراض و الأدناس وأهواء النفوس الفاسدة حتى يكون صاحبها لائقاً لقرب الله تعالى الخالق الحكيم و رضوانه .
الإنسان عليه أن يعلم أن هذه العبادات طرق و أسباب لإصلاح نفسه .
المتن :
فطرق الدين و العبادات الصحيحة إنما هي ما بينه الذي خلق الخلق على لسان الرسول محمد ﷺ فمن زاد على هذا أو نقص فقد خالف الحكيم الخلاق العليم بتركيبه الأدوية من عند نفسه ، ربما صار دواؤه داءً و عبادته معصية و هو لا يشعر لأن الدين قد كَمُل تمام الكمال ، فمن زاد شيئاً فيه فقد ظنَّ الدين ناقصاً و هو يكمله باستحسان عقله الفاسد و خياله الكاسد ، يا خسارة من كان هذا شأنه و نعوذ بالله من الكفر بعد الإيمان و الضلال بعد العرفان ، فإذا عرفت هذا حق المعرفة و علمت الذين اخترعوا الأوراد و الأحزاب كدلائل الخيرات و قصيدة البردة و الهمزية و الأوراد الفتحية و غيرها من ورد فلان و حزب فلان قد زادوا في الدين أشياءً من عند أنفسهم ، افتراءً على الله و على رسوله ﷺ، ويقولون كذا.. كذا مرة من أين لهم هذا العدد ؟ و يقولون لهم حزب يوم كذا و يوم كذا من أين لهم تعيين هذا الشيء في هذا اليوم ؟ فضلاً عمَّا في كلماتهم من الشركيات و الكفريات و تنزيل المخلوق منزلة الخالق و دعاء الأموات و طلب الحاجات من المخلوقات كما لا يخفى على من اطلع عليها من أولي الألباب ، أما يكفيك ما ورد في القرآن من الدعوات و ما ثبت عن الأنبياء عليهم السلام من الأوراد و ما صح في الأسانيد الصحيحة عن سيد الكائنات سيدنا محمد رسول الله ﷺ من الأوراد المؤقتة و المطلقة و الليلية و النهارية فإذا لم يكفك ما كفا رسول الله و أصحابه و تابعيهم بإحسان عليهم الصلاة و التسليم فلا كفاك الله أبداً فتنَّبَّه و تدبر و لا تكن من الغافلين الغاوين .
الشرح :
المؤلف رحمه الله يبين أن العبادة توقيفية ، يقول طرق الدين و العبادات الصحيحة إنما بيَّنها من خلق الخلق على لسان رسول الله ﷺ فمن زاد أو نقص فقد خالف الحكيم الخالق لأنه ركَّب أدوية من عند نفسه ، و ربما صار هلاكه في هذا الدواء الذي ركَّبه من نفسه كذلك البدع و الشرك تهلك الإنسان و تكون عبادته معصية و هو لا يشعر إذا عبد على معصية لأن الدين كّمُلْ ؛ فمن زاد على الدين شيئا ظن أن الدين ناقص ، إذا عرفت هذا حق المعرفة علمت أن الذين اخترعوا الأوراد و الأحزاب هم مبتدعة - الصوفية- .
و هناك ما صح عن رسول الله ﷺ عن الأوراد المسائية و الصباحية و بعد الصلوات و هي ثابتة تكفي المؤمن ، قال و إذا لم يكفك ما كفى رسول الله و أصحابه لا كفاك الله أبداً .
المتن :
فالحاصل : أنَّ معنى لا إله إلا الله : لا معبود بحق إلا الله كقوله تعالى : أمر ألا تعبدوا إلا إياه ، و قوله : إياك نعبد و إياك نستعين.
فلا بد من معرفة معنى الإله و معنى العبادة .
الشرح :
فالحاصل : أنَّ معنى لا إله إلا الله : لا معبود بحق إلا الله و فيه الرد على من يقول أن معناها لا خالق إلا الله ، كقوله تعالى : أمر ألا تعبدوا إلا إياه، و قوله : إياك نعبد و إياك نستعين هذه الآيات تدل على أن معنى الإله هو المعبود .
المتن :
فاعلم أن الإله من ألِهّ أي سكن و يقال ألهت إلى فلان أي سكنت إليه ، فالعقول السليمة لا تسكن إلا إلى ذكره ، و الأرواح السعيدة لا تفرح إلا بمعرفته لأنه الكامل على الإطلاق دون غيره ، قال الله جلَّ ذكره ألا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ.
وقيل: أله الفصيل إذا ولع بأمه, والمعنى أن العباد مألوهون ومولعون بالتضرع إليه في كل الأحوال, وقيل من أله الرجل يأله إذا فزع من أمر نزل به فألهه أي أجاره,
فالمُجير من كل المضار هو الله و الدليل : وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ.
وقيل من أله الرجل إذا تعبد وتأله إذا تنسك, وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما ويذرك وآلهتك
والإله هو الذي تؤلهه القلوب محبة و إجلالاً وإنابة وإكراماً وتعظيماً وذلاً وخضوعاً وخوفاً و رجاءً وتوكلاً عليه و سؤالاً منه و دعاءً له و لا يصلح ذلك كله إلا لله وحده ، فمن أشرك مخلوقاً بشيء من هذه الأمور التي هي من خصائص الألوهية كان ذلك قدحاً في إخلاصه في قول لا إله إلا الله كما حققه العلامة ابن القيم في كتابه البدائع و ابن تيمية في كثير من كتبه .
الشرح :
أن الإله من أله أي سكن و يقال ألهت إلى فلان أي سكنت إليه .
و أله إذا ولع لأن الناس مولعون بالتضرع إلى الله ، و قيل أله إذا فزع من أمر نزل به و الناس يفزعون إلى الله ، و أله يعني أجاره و المجير هو الله من جميع المضار .
قال ابن عباس : و يذرك و آلهتك أي عبادتك و هذا يدل على أنَّ فرعون له صنم يعبده .
الإله هو الذي تؤلهه القلوب محبة وإجلالاً وإنابة وإكراماً وتعظيماً وذلاً وخضوعاً وخوفاً و رجاءً وتوكلاً عليه وسؤالاً منه ودعاءً له ولا يصلح ذلك كله إلا لله وحده .
المتن :
فمعنى لا إله إلا الله : لا معبود بحق إلا الله لأن الإله هو المعبود المُطاع فإن الإله هو المألوه الذي يستحق أن يُعبد ، و كونه يستحقه بما اتصف من الصفات التي تستلزم أن يكون هو المحبوب غاية الحب و المخضوع له غاية الخضوع و الإله هو المحبوب المعبود الذي تؤلهه القلوب بحبها و تخضع له و تذل له و تخافه و ترجوه و تُنيب إليه في شدائدها ، و تدعوه في مهماتها و تتوكل عليه في مصالحها و تلجأ إليه و تطمئن بذكره و تسكن إلى حبه و ليس ذلك إلا لله وحده و لهذا كانت كلمة لا إله إلا الله أصدق الكلام و كان أهلها أهل الله و حزبه و المنكرون لها أعداؤه و أهل غضبه و نقمته ، فإذا صُححت صحت بها كل مسألة و حال و إذا لم يُصححها العبد فالفساد ملازم له في علومه و أعماله ، و هذا هو الكلام عند أهل السنة جميعهم .
فيا سعادة من هدي إلى معرفة حقيقة دين الإسلام و اتبعه .
الشرح :
معنى لا إله إلا الله : لا معبود بحق إلا الله .