شعار الموقع

قراءة من سنن النسائي - كتاب الطهارة + كتاب المياه + كتاب الحيض والإستحاضة + كتاب الغسل والتيمم

00:00
00:00
تحميل
30

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وَالصَّلَاة والسلام عَلَى رسول الله اللَّهُمَّ اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قارئ المتن: يقول الإمام النسائي رحمه الله في كتابه[ السنن]:

باب التيمم في السفر

314 - أخبرني محمد بن يحيى بن عبد الله قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب قال: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن عمار قال: " عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم بأولات الجيش ومعه عائشة زوجته فانقطع عقدها من جزع ظفار، فحبس الناس ابتغاء عقدها ذلك حتى أضاء الفجر، وليس مع الناس ماء، فتغيظ عليها أبو بكر فقال: حبست الناس وليس معهم ماء، فأنزل الله عز وجل رخصة التيمم بالصعيد قال: «فقام المسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربوا بأيديهم الأرض، ثم رفعوا أيديهم ولم ينفضوا من التراب شيئًا، فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب، ومن بطون أيديهم إلى الآباط».

شرح الشيخ: بسم الله والحمد لله وَالصَّلَاة والسلام عَلَى رسول الله، وعَلَى آله وصحبه ومن والاه.

أَمَّا بعد: ...

هَذَا باب التيمم في السفر، ذكر المؤلف رحمه الله هَذَا الحديث وأصل الحديث في الصحيحين، وفيه أن الله تعالى أ نزل رخصة التيمم فكان في ذلك فضل عظيم لهذه الأمة، وتيسير وهو من خصائص هَذِهِ الأمة، خصها بها دون الأمم السابقة، فهذا فضل الله، وأَمَّا كونهم مسحوا وجوههم وأيديهم إِلَى المناكب فعلوا هَذَا بأنفسهم، أخطئوا خطئًا اجتهادًا منهم ثُمَّ علمهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ إِلَى الكفين وَلَمْ يؤمروا بالإعادة؛ لِأَنَّهُم لَمْ يتعمدوا، ولِأَنَّ الحكم لَمْ يستقر.

وهَذِهِ الترجمة في التيمم في السفر، وقبلها التيمم في الحضر، والتيمم في الحضر كررها مرتين، المرة الأولى واضحة، والمرة الثانية ذكر النسائي رحمه الله في هَذَا عَلَى أن هَذِهِ الترجمة لعل حديثها داخل في حديث الترجمة في التيمم من الجنابة فيضم بعضها إِلَى بَعْض كما أشار إِلَى هَذِهِ السندي التيمم في الحضر ذكر فيه التيمم في الجنابة، فيضم هَذَا الحديث إِلَى حديث التيمم من الجنابة الآتي ولا يكون هناك تكرار في الترجمة، يكون التيمم في الحضر، ثُمَّ التيمم للجنابة ثُمَّ التيمم للسفر، والتيمم للجنابة الآتي يضم حديثه إِلَى هذا الحديث.

 

 

قارئ المتن: باب الاختلاف في كيفية التيمم

315 - أخبرنا العباس بن عبد العظيم العنبري قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء قال: حدثنا جويرية، عن مالك، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه أخبره، عن أبيه، عن عمار بن ياسر قال: «تيممنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتراب فمسحنا بوجوهنا وأيدينا إلى المناكب».

شرح الشيخ: هَذَا فعلوه باجتهادهم وبين لهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم السنة، وثبت في الحديث الصحيح أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم علم عمار، لما أجنب هُوَ وعمر رضي الله عنه أَمَّا عمار فتمرغ كما تتمرغ الدابة، وأَمَّا عمر فلم يتيمم فعلم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال: «يكفيك أن تقول بيدك هكذا وضرب بيديه الأرض ضربةً واحدة مسح بهما وجه وكفيه» وهَذَا ثابت في الصحيح وفي غيرهما، دَلَّ عَلَى أن التيمم إِنَّمَا هُوَ مسح اليدين والكفين، أَمَّا كونهم فعلوا ذلك إِلَى المناكب هَذَا اجتهاد منهم، ثُمَّ بيّن لهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ذلك.

قارئ المتن: نوع آخر من التيمم والنفخ في اليدين

316 - أخبرنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا سفيان، عن سلمة، عن أبي مالك، وعن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى، عن عبد الرحمن بن أبزى قال: كنا عند عمر فأتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين ربما نمكث الشهر والشهرين ولا نجد الماء، فقال عمر: أما أنا فإذا لم أجد الماء لم أكن لأصلي حتى أجد الماء، فقال عمار بن ياسر: أتذكر يا أمير المؤمنين حيث كنت بمكان كذا وكذا ونحن نرعى الإبل، فتعلم أنا أجنبنا. قال: نعم. أما أنا فتمرغت في التراب، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فضحك فقال: «إن كان الصعيد لكافيك، وضرب بكفيه إلى الأرض، ثم نفخ فيهما، ثم مسح وجهه وبعض ذراعيه». فقال: اتق الله يا عمار. فقال: يا أمير المؤمنين إن شئت لم أذكره. قال: لا. ولكن نوليك من ذلك ما توليت.

شرح الشيخ: وهَذِهِ القصة ثابتة في الصحيحين، قصة عمار وعمر أصابتهم جنابة وأن عمار خلع ثوبه وتمرغ كما تتمرغ الدابة، قياس عَلَى الغسل، وعمر ما فعل، فلما وصل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال له: «يكفيك أن تقول بيدك هكذا وضرب بيديه الأرض ضربةً واحدة مسح بهما وجه وكفيه» وهَذِهِ القصة نسيها عمر مع أَنَّهَا واضحة، قال: ألا تذكر يا أمير المؤمنين.

وأَمَّا كونه نفخ فيهما، النفخ إذا كان التراب كثيرًا؛ لِأَنَّ المقصود التعبد وليس المقصود التلطخ بالتراب، وورد النفخ وورد عدم النفخ، فأحيانًا ينفخ وأحيانًا لا ينفخ، فلما ذكر عمار عمر ما تذكر لا يزال ناسيًا، فقال: إن شئت يا أمير المؤمنين ما أخبر بهذا؟ فقال: لا، نوليك ما توليت، ما دام أنت حافظ وضابط فأنت المسئول عن هَذَا.

 

 

قارئ المتن: نوع آخر من التيمم

317 - أخبرنا عمرو بن يزيد قال: حدثنا بهز، حدثنا شعبة، حدثنا الحكم، عن ذر، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، أن رجلاً سأل عمر بن الخطاب عن التيمم فلم يدر ما يقول. فقال عمار: أتذكر حيث كنا في سرية فأجنبت فتمعكت في التراب، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إنما يكفيك هكذا وضرب - شعبة - بيديه على ركبتيه، ونفخ في يديه، ومسح بهما وجهه وكفيه مرة واحدة».

شرح الشيخ: هَذَا ذر بن عبد الله المرهبي وهو ثقة عابد.

قارئ المتن: نوع آخر

319 - أخبرنا عبد الله بن محمد بن تميم قال: حدثنا حجاج قال: حدثنا شعبة، عن الحكم وسلمة، عن ذر، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، أن رجلا جاء إلى عمر رضي الله عنه فقال: إني أجنبت فلم أجد الماء، فقال عمر: لا تصل. فقال عمار: أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت في التراب، ثم صليت، فلما أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له فقال: «إِنَّمَا يكفيك وضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيديه إلى الأرض، ثم نفخ فيهما، فمسح بهما وجهه وكفيه» - شك سلمة وقال: لا أدري فيه إلى المرفقين أو إلى الكفين - قال عمر: نوليك من ذلك ما توليت. قال شعبة: كان يقول الكفين والوجه والذراعين، فقال له منصور: ما تقول فإنه لا يذكر الذراعين أحد غيرك فشك سلمة فقال: لا أدري ذكر الذراعين أم لا.

شرح الشيخ: والصواب: أَنَّهُ إِلَى الكعبين لا إِلَى الذراعين، وأَمَّا قوله: لعله الذارع، هُوَ طرف الذراع مع الكف، شيخ المؤلف عبد الله بن محمد التميمي المصيصي بالتخفيف، نسبة إِلَى بلدو مصيصة بلدة عظيمة في الشام.

قارئ المتن: باب تيمم الجنب.

شرح الشيخ: هَذِهِ الترجمة هي الَّتِي فيها الحديث الأول الَّذِي فيه التيمم في الحضر، يضم الحديث اللي هناك إِلَى الحديث اللي هنا، فتكون ترجمة واحدة، التيمم في الحضر ولا يكون هناك تكرار؛ لِأَنَّ المؤلف كرر التيمم في الحضر ترجمتين.

قارئ المتن: باب تيمم الجنب

320 - أخبرنا محمد بن العلاء قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش، عن شقيق قال: كنت جالسًا مع عبد الله وأبي موسى، فقال أبو موسى: أو لم تسمع قول عمار لعمر: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء فتمرغت بالصعيد، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: «إنما كان يكفيك أن تقول هكذا، وضرب بيديه على الأرض ضربة فمسح كفيه ثم نفضهما، ثم ضرب بشماله على يمينه وبيمينه على شماله على كفيه ووجهه» فقال عبد الله: أو لم تر عمر لم يقنع بقول عمار.

شرح الشيخ: هَذِهِ أخرجه الشيخان، وهَذِهِ القصة حصلت أَيْضًا لعبد الله بن مسعود وأبي موسى، مثل ما حصل لعمار وعمر، وأصاب عبد الله بن مسعود ما أصاب عمر من النسيان لهذا الأمر العظيم، مع وضوحه في الْقُرْآن {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43].

هَذَا دليل عَلَى أن العالم ولو كان كبير قد يخفى عليه شيء من السنة؛ لِأَنَّهُ حصل قصة لعمر وعمار، عمار تمرغ وعمر ما صلى حَتَّى يجد ماء، وحصلت القصة لعبد الله بن مسعود وأبي موسى، فذكره أبو موسى، قال: ألم تسمع قول عمار لعمر بعثني رسول الله فأجنبت فتمرغت، فقال: أولم تر عمر لَمْ يقنع بقول عمار، يعني أصابه ما أصاب عمر، عبد الله بن مسعود ما تيمم وأبي موسى تيمم.

قارئ المتن: باب التيمم بالصعيد

321 - أخبرنا سويد بن نصر قال: حدثنا عبد الله، عن عوف، عن أبي رجاء قال: سمعت عمران بن حصين، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا معتزلا لم يصل مع القوم فقال: «يا فلان ما منعك أن تصلي مع القوم؟» فقال: يا رسول الله، أصابتني جنابة ولا ماء. قال: «عليك بالصعيد؛ فإنه يكفيك».

شرح الشيخ: هَذَا رواه الشيخان عن عمران بن الحصين.

قارئ المتن: باب الصلوات بتيمم واحد

322 - أخبرنا عمرو بن هشام قال: حدثنا مخلد، عن سفيان، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عمرو بن بجدان، عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصعيد الطيب وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين».

شرح الشيخ: هَذَا في سنده عمر بن وجدان مجهول كما في التقريب، لكن له شواهد كقوله عليه الصلاة والسلام: «وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا» وهَذِهِ الترجمة (باب الصلوات بتيمم واحد) تدل عَلَى أن مذهب النسائي أن التيمم رافع للحدث كالماء، أَنَّهُ يرفع الحدث، وذهب إِلَى هَذَا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله واختاره بَعْض الأئمة، أئمة الدعوة، واختاره سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، ذهب الجمهور إِلَى أن التيمم مبيح لا رافع، وأنه يبطل بخروج الوقت.

والقول الأول ما يبطل بخروج الوقت، ما يبطل إِلَّا إذا وجد الماء أو حصل له ناقض من نواقض الوضوء.

والصواب: أن عمر بن وجدان ليس بمجهول وثقه العجلي وابن حبان، وقال الحافظ في تلخيص الحبير: هَذَا قد وثقه العجلي، وغافله ابن قطان فقال: إِنَّهُ مجهول.

وقد أصاب الحافظ في التقريب ما أصاب ابن قطان، فقال عنه: لا تعرف حاله، والكمال لله عز وجل والحديث صحيح أخرجه أبو داود وباقي الكتب الستة، يعني الحافظ نبه قال: غفل ابن قطان وأصابه ما أصابه أَيْضًا في البلوغ فقال: إِنَّهُ لا يعرف.

وفيه دليل عَلَى أن الصلوات كلها بوضوء واحد، أَنَّهُ لا بأس أن يصلي خمس صلوات بوضوء واحد؛ بَلْ جاء أن النَّبِيّ صلى ست صلوات بوضوء واحد.

 قارئ المتن: باب فيمن لم يجد الماء ولا الصعيد

323 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا أبو معاوية، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيد بن حضير وناسًا يطلبون قلادة كانت لعائشة نسيتها في منزل نزلته، فحضرت الصلاة وليسوا على وضوء، «ولم يجدوا ماء فصلوا بغير وضوء، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل آية التيمم» قال: أسيد بن حضير: جزآك الله خيرًا، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله لك وللمسلمين فيه خيرًا.

شرح الشيخ: وهَذِهِ الترجمة (باب فيمن لَمْ يجد الماء ولا الصعيد) يعني الَّذِي لا يجد الماء ولا التراب ماذا يفعل؟ فَإِنَّهُ يصلي ولا يعيد لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].

(باب فيمن لَمْ يجد الماء ولا الصعيد) يعني التراب ماذا يعمل؟ يصلي عَلَى حسب حاله، وكذلك يفعل من حبس في محل لا ماء فيه ولا تراب صلى عَلَى حسب حاله كما قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]. وكذلك من صلب عَلَى خشبة أو فقد الماء والتراب فَإِنَّهُ يصلي عَلَى حاله، قال بَعْض العلماء: يصلي ويعيد.

والصواب: أَنَّهُ لا يعيد.

ووجه الاستدلال بالحديث: تنزيل عدم مشروعية الَّتِيمم منزلة عدم التراب بعد المشروعية، إذا عدم التراب يصلي، وكذلك أَيْضًا قبل أن يشرع التيمم؛ لِأَنَّهُ مرجعهم إِلَى تعذر التيمم هَذَا هُوَ الموافق لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]. «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم».

قارئ المتن:

324 - أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا خالد قال: حدثنا شعبة، أن مخارقًا أخبرهم، عن طارق أن رجلاً أجنب فلم يصل، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال: «أصبت» فأجنب رجل آخر فتيمم وصلى، فأتاه فقال نحو ما قال للآخر يعني «أصبت».

شرح الشيخ: يعني أثبت في عدم الصَّلَاة بدون ماء ولا تيمم ثُمَّ علمه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، عَلَى أن طارق مختلف في صحبته، عَلَى كونه صحابي يكون مرسل صحابي ويكون حجة، وعَلَى عدم صحبته يكون الحديث مرسل وهو ضعيف لا يحتج به.

 

 

قارئ المتن: كتاب المياه

قال الله عز وجل: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا} [الفرقان: 48]، وقال عز وجل: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ} [الأنفال: 11]، وقال تعالى: {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43].

325 - أخبرنا سويد بن نصر قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، عن سفيان، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اغتسلت من الجنابة فتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم بفضلها فذكرت ذلك له فقال: «إن الماء لا ينجسه شيء».

شرح الشيخ: في رواية سماك عن عكرمة إذا عنعن يكون اضطراب، ولكن الحديث له شواهد ويَدُلَّ عليه الآيات الَّتِي ذكرها في أول الباب؛ فهي تدل عَلَى أن أصل الماء الطهارة، وفيه جواز توضأ الرجل بفضل وضوء المرأة، وأن ما ورد من النهي محمول عَلَى التنزيه، لا بأس أن يتوضأ الرجل بما بقي من وضوء المرأة، وأَمَّا حديث: «نهى عن الوضوء بفضل المرأة» يحمل عَلَى التنزيه.

قارئ المتن: باب ذكر بئر بضاعة

326 - أخبرنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا أبو أسامة، حدثنا الوليد بن كثير قال: حدثنا محمد بن كعب القرظي، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع، عن أبي سعيد الخدري قال: قيل يا رسول الله: أتتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يطرح فيها لحوم الكلاب والحيض والنتن؟ فقال: «الماء طهور لا ينجسه شيء».

327 - أخبرنا العباس بن عبد العظيم قال: حدثنا عبد الملك بن عمرو قال: حدثنا عبد العزيز بن مسلم - وكان من العابدين - عن مطرف بن طريف، عن خالد بن أبي نوف، عن سليط، عن ابن أبي سعيد الخدري، عن أبيه قال: مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ من بئر بضاعة فقلت: أتتوضأ منها وهي يطرح فيها ما يكره من النتن؟ فقال: «الماء لا ينجسه شيء».

شرح الشيخ: السندي نبه عَلَى أن الصَّحَابَة لا يتعمدون أن يطرحوا فيها، لكن الرياح هي الَّتِي تجلبها لها، وهي في مكان منخفض، فلا يتصور الصَّحَابَة وهم أطهر النَّاس كانوا يفعلون ذلك عمدًا مع عزة الماء فيهم، وإِنَّمَا كان ذلك من أجل أن هَذَا البئر كان في أرض منخفضة، وكانت السيول تحمل الأقذار من الطرق وتلقيها فيها، وقيل: كانت الريح تلقي ذلك، ويجوز أن يكون السيل والريح تلقيان جميعًا، وقيل: يجوز أن المنافقين كانوا يفعلون ذلك.

المقصود: أن الأصل الطهارة، ما دام لَمْ تتغير، لَمْ يتغير أحد أوصافها فالأصل الطهارة، ولهذا كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يتوضأ منه يقول: «إن الماء طهور لا ينجسه شيء» يعني إِلَّا ما غير أحد أوصافه.

 

 

قارئ المتن:

باب التوقيت في الماء

328 - أخبرنا الحسين بن حريث المروزي، حدثنا أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع؟ فقال: «إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث».

329 - أخبرنا قتيبة قال: حدثنا حماد، عن ثابت، عن أنس: أن أعرابيًا بال في المسجد فقام إليه بعض القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزرموه، فلما فرغ دعا بدلو من ماء فصبه عليه».

330 - أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم، عن عمر بن عبد الواحد، عن الأوزاعي، عن محمد بن الوليد، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي هريرة قال: قام أعرابي فبال في المسجد فتناوله الناس، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوه وأهريقوا على بوله دلوا من ماء؛ فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين».

شرح الشيخ: حديث بول الأعرابي في المسجد هَذَا في الصحيحين، وفيه أَنَّهُ لا حاجة إِلَى إخراج التراب؛ بَلْ يكتفى بصب الماء، مثل الفرش يصب عليها الماء فيكون حكمها حكم التراب، لكن الفرش تقلبها، وإذا كانت النجاسة لها عين كالعذرة وقطع الدم تنقل إِلَى مكان آخر، عين النجاسة ثُمَّ يغسل الباقي، ويصب ويكاثر الماء، وإذا كان فُرش فَإِنَّهُ تصب عليها وتقلب.

أَمَّا الحديث الأول حديث القلتين هَذَا في سنده الوليد بن كثير مقبول كما قال الحافظ في التقريب، عليه فلا يقبل الحديث إِلَّا في المتابعات فلا يقبل في الأصول، لكن الحديث له طرق، هُوَ حديث لا بأس بسنده.

قارئ المتن: النهي عن اغتسال الجنب في الماء الدائم

331 - أخبرنا الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن وهب، عن عمرو - وهو ابن الحارث، عن بكير، أن أبا السائب حدثه، أَنَّهُ سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب».

شرح الشيخ: لِأَنَّهُ قد يقذره عَلَى غيره وإِنَّمَا يغترف اغترافًا، أَمَّا إذا كان ما يجري فلا بأس فالأمر واسع.

قارئ المتن: الوضوء بماء البحر

332 - أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن صفوان بن سليم، عن سعيد بن أبي سلمة، أن المغيرة بن أبي بردة أخبره، أنه سمع أبا هريرة يقول: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته».

شرح الشيخ: ماء البحار وماء الأمطار والأنهار كلها الأصل فيها الطهارة، والنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سأل عن الماء فزاده حكم حل الميتة؛ لِأَنَّهُ قد يحتاج إِلَى هَذِهِ الحكم، فيه أن المفتي قد يزيد المستفتي ما يرى أن الحاجة داعية إليه، زيادة عَلَى سؤاله.

قارئ المتن: باب الوضوء بماء الثلج والبرد

333 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا جرير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد، ونق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس».

334 - أخبرنا علي بن حجر قال: أخبرنا جرير، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد».

شرح الشيخ: الثلج والبرد والأمطار والبحار كلها الأصل فيها الطهارة.

قارئ المتن: باب سؤر الكلب

335 - أخبرنا علي بن حجر قال: أخبرنا علي بن مسهر، عن الأعمش، عن أبي رزين وأبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه، ثم ليغسله سبع مرات».

شرح الشيخ: وهَذَا الحديث أخرجه الشيخان وأهل السنن، وهو حديث صحيح، وفيه أن طهارة ما ولغ فيه الكلب سبع مرات، إحداها بالتراب، وأَمَّا قوله: «فليرقه» هَذَا لفظ ورد في صحيح مسلم، وهو يَدُلَّ عَلَى أن الماء القليل الَّذِي في الأواني يراق إذا ولغ فيه الكلب، وكذلك يقاس عليه ما وقع فيه نجاسة كنجاسة الكلب وهو إناء صغير، فَإِنَّهُ يراق، وبَعْض العلماء قال: هَذِهِ اللفظ شاذة وإن كانت في مسلم.

قارئ المتن: باب تعفير الإناء بالتراب من ولوغ الكلب فيه

336 - أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا خالد يعني ابن الحارث، عن شعبة، عن أبي التياح قال: سمعت مطرفًا، عن عبد الله بن مغفل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب، ورخص في كلب الصيد والغنم، وقال: «إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، وعفروه الثامنة بالتراب».

شرح الشيخ: وكذلك رخص في كلب الزرع، كلب الصيد والغنم والرزع، ورد الترخيص فيه، وما ورد الترخيص فيه لا يمنع دخول الملائكة.

قارئ المتن:

337 - أخبرنا عمرو بن يزيد قال: حدثنا بهز بن أسد قال: حدثنا شعبة، عن أبي التياح يزيد بن حميد قال: سمعت مطرفًا يحدث، عن عبد الله بن مغفل قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب قال: «ما بالهم وبال الكلاب؟» قال: ورخص في كلب الصيد وكلب الغنم

وقال: «إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، وعفروا الثامنة بالتراب» خالفه أبو هريرة فقال: إحداهن بالتراب.

338 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن خلاس، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات أولاهن بالتراب».

شرح الشيخ: والأمر بقتل الكلاب كان أولًا، وورد الترخيص ثُمَّ نسخ هَذَا الأمر، النهي عن قتلها، أمر أولًا بقتل الكلاب ثُمَّ نسخ، والنهي عن قتلها، إِلَّا الأسود والعقور، الأسود لِأَنَّهُ شيطان والعقور فإنهما يقتلان.

قال: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات أولاهن بالتراب» الجمهور عَلَى أَنَّهَا سبع وأن التراب نفسه اعتبر ثمانًا، عَلَى أن الأولى لحديث أبي هريرة؛ لِأَنَّ التراب لا يحتاج إِلَى غسل، قوله: «إحداهن بالتراب» يَدُلَّ عَلَى التوسع وأن التراب في أحداهن، لكن في الأولى أحسن، يكون في الأولى حَتَّى يغسلها ما بعدها.

قارئ المتن:

339 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا عبدة بن سليمان، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات أولاهن بالتراب».

باب سؤر الهرة

340 - أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة، عن كبشة بنت كعب بن مالك: أن أبا قتادة دخل عليها - ثم ذكر كلمة معناها - فسكبت له وضوءا، فجاءت هرة فشربت منه، فأصغى لها الإناء حتى شربت. قالت كبشة: فرآني أنظر إليه فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟ قلت: نعم. قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات».

شرح الشيخ: وسؤر الهرة: بقية شربها أو أكلها يسمى سؤر، وهو طاهر، والعلة «إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات» يعني كثرة طوافها ودورانها ومشقة التحرز منها سبب في الرخصة في سؤرها، وقال العلماء: الهرة وغيرهم وكل ما دونها في الخلقة يقاس عليها كالفأرة، ما دونها في الخلقة سؤره طاهر، كالفأرة تشارك الهرة في كثرة الدوران ومشقة التحرز منها فيكون سؤرها طاهر.

واختلف العلماء في الحمار والبغل مِمَّا يشارك الهرة في عموم البلوى والطواف، وَلَاسِيَّمَا قبل مجيء السيارات، قبل مجيء السيارات كان البغال والحمر يخالطوا النَّاس، وقيل: سؤرها نجس، وقيل: ليس بنجس، وهو الراجح قياسًا عَلَى الهرة.

قارئ المتن: باب سؤر الحائض

341 - أخبرنا عمرو بن علي قال: حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كنت أتعرق العرق فيضع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاه حيث وضعته وأنا حائض، وكنت أشرب من الإناء فيضع فاه حيث وضعت وأنا حائض».

شرح الشيخ: فيه طهارة سؤر الحائض، وسؤرها يعني بقية أكلها أو شربها، وفيه حسن معاشرة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وتواضعه، ومحبته لعائشة، وتعليمه للأمة، والعرق هُوَ عرموش اللحم، العظم الَّذِي في بقية اللحم، كانت تأكل منه ثُمَّ تضعه، فيأخذه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ويضعه، وكذلك في الماء عليه الصلاة والسلام في الإناء يضع فمه في المكان الَّذِي وضعت فيه فمها، وفيه حسن معاشرة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وتواضعه ومحبته للأمور.

وفيه رد عَلَى اليهود الَّذِينَ لا يؤاكلون الحائض ولا يشاربونها، ولا يجامعونها في البيوت؛ بَلْ يجعلونها في البيت أو حجرة وحدها، يعزلونها وهَذَا من تشددهم، خالفهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقال: «اصنعوا كُلّ شيء إِلَّا النكاح» رواه مسلم في الصحيح.

قارئ المتن: باب الرخصة في فضل المرأة

342 - أخبرنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا معن قال: حدثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر قال: «كان الرجال والنساء يتوضئون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعًا».

شرح الشيخ: هَذَا الحديث في الصحيحين، وهَذَا له وجهان:

أحدهما: أن هَذَا قبل نزول الحجاب، والمراد بالوضوء غسل الأطراف اليدين والرجلين.

الثاني: أن المراد الرجال مع محارمهم من النساء، الرجال مع زوجاتهم كما كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يفعل مع عائشة.

 

 

قارئ المتن: باب النهي عن فضل وضوء المرأة

343 - أخبرنا عمرو بن علي قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا شعبة، عن عاصم الأحول قال: سمعت أبا حاجب قال: أبو عبد الرحمن واسمه سوادة بن عاصم، عن الحكم بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «نهى أن يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة».

شرح الشيخ: يعني بقيتها، وهَذَا النهي إِمَّا منسوخ وإِمَّا أَنَّهُ للتنزيه عند وجود غيره، تركه أولى، والأولى أَنَّهُ للتنزيه.

قارئ المتن: الرخصة في فضل الجنب

344 - أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة: «أنها كانت تغتسل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإناء الواحد».

شرح الشيخ: وأصرح من هَذَا الحديث اغتساله صلى الله عليه وسلم من جفنة اغتسل منها بَعْض أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، كان يغسل بفضل ميمونة، وهَذَا يَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ لا بأس ببقية فضل الجنب، إذا اغتسل الجنب من ماء يعني يغترف منه، ما اغتسل في وسطه، فلا بأس، النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يغتسل مع عائشة في إناء واحد، لكن أصرح من هَذَا أن بَعْض أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم اغتسل في جفنة يعني في إناء، فجاء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم واغتسل منها.

والحديث الآخر: «كان يغتسل بفضل ميمونة» أصرح من هَذَا الحديث.

قارئ المتن: باب القدر الذي يكتفي به الإنسان من الماء للوضوء والغسل

345 - أخبرنا عمرو بن علي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا شعبة قال: حدثني عبد الله بن عبد الله بن جبر قال: سمعت أنس بن مالك يقول: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بمكوك ويغتسل بخمسة مكافي».

شرح الشيخ: والمكوك المد، والمكافي خمسة أمداد، والمد ملء كفي الرجل المتوسط، وفيه عدم الإسراف في الماء وكثرة في الصب.

سؤال: (32:48)؟

الشيخ: الَّذِي يكتفي به الإنسان من الماء الوضوء والغسل، الوضوء مد، والغسل خمسة أمداد، وفيه النهي عن الإسراف في الماء وكثرة الصب والزيادة عَلَى الثلاث، أقل أحوالها الكراهة الشديدة، ولا يكون محرمًا الزيادة عن ثلاث.

 

 

قارئ المتن:

346 - أخبرنا هارون بن إسحاق الكوفي قال: حدثنا عبدة يعني ابن سليمان، عن سعيد، عن قتادة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كان يتوضأ بمد ويغتسل بنحو الصاع».

347 - أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال: حدثنا الحسن بن موسى، حدثنا شيبان، عن قتادة، عن الحسن، عن أمه، عن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع».

كتاب الحيض والاستحاضة

باب بدء الحيض، وهل يسمى الحيض نفاسا؟

348 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا سفيان، عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، عن أبيه، عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نرى إلا الحج، فلما كنا بسرف حضت، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال: «ما لك أنفست؟» قلت: نعم. قال: «هذا أمر كتبه الله عز وجل على بنات آدم، فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت».

شرح الشيخ: والحديث أخرجه البخاري وفيه تسمية الحيض نفاس، قال: «ما لك أنفست؟» سمي الحيض نفاسًا، وفيه أن الحائض إذا حجت وأصابها الحيض؛ فإنها تقضي المناسك كلها إِلَّا الطواف بالبيت، الطواف بالبيت لا تطوف حَتَّى تطهر، وهَذَا يعيد قول الجمهور: أن الطهارة للطواف شرط، الجمهور عَلَى أن الطهارة للطواف شرط، وذهب أبو حنيفة وشيخ الإسلام إِلَى أَنَّهُ ليس بواجب، لكن الاحتياط الوضوء، ولهذا قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لعائشة: «فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت» ولِأَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم توضأ وطاف.

أَمَّا بقية المناسك لا يشترط فيها الوضوء، كالسعي ورمي الجمار، والمبيت بمنى ومزدلفة ما يحتاج، مستحب الوضوء وليس بواجب، إِنَّمَا الخلاف في الوضوء للطواف.

قارئ المتن: ذكر الاستحاضة وإقبال الدم وإدباره

349 - أخبرنا عمران بن يزيد قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله وهو ابن سماعة قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: أخبرني هشام بن عروة، عن عروة، أن فاطمة بنت قيس من بني أسد قريش، أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت أنها تستحاض فزعمت أنه قال لها: «إنما ذلك عرق فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي واغسلي عنك الدم، ثم صلي».

350 - أخبرنا هشام بن عمار قال: حدثنا سهل بن هاشم قال: حدثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي».

351 - أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة قالت: استفتت أم حبيبة بنت جحش رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني أستحاض فقال: «إن ذلك عرق فاغتسلي، ثم صلي» فكانت تغتسل عند كل صلاة.

شرح الشيخ: قوله: «إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي» هَذَا يَدُلَّ عَلَى أَنَّهَا معتادة، وظاهر الحديث أَنَّهَا مميزة، قال: «إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي».

وأَمَّا قوله: «فذكرت أنها تستحاض فزعمت» الزعم يطلق عَلَى القول يعني أَنَّهَا قالت، يراد به القول كما هنا، كما في الحديث «زعم الرَّسُوْل كأن الله فرض علينا في اليوم والليلة خمس صلوات» يعني قال.

قوله: «هَذَا شيء كتبه الله عَلَى بنات آدم» فيه دليل عَلَى أن الحيض قديم من بنات آدم، فيه الرد عَلَى من قال: إِنَّمَا الحيض ما جاء إِلَّا من بنات بني إسرائيل، وأنه كان قبل ذلك لا يأتيهن، قال: «هَذَا أمر كتبه الله عَلَى بنات آدم».

وجاء في حديث كما ذكر الشارح السيوطي رواه ابن المنذر والحاكم بإسناد صحيح عن ابن عباس: «أن ابتداء الحيض كان عَلَى حواء بعد أن أهبطت من الْجَنَّةَ».

قارئ المتن: المرأة يكون لها أيام معلومة تحيضها كل شهر

352 - أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن جعفر بن ربيعة، عن عراك بن مالك، عن عروة، عن عائشة قالت: إن أم حبيبة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدم؟ فقالت عائشة: رأيت مركنها ملآن دمًا، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي».

شرح الشيخ: هَذِهِ معتادة «امكثي قدر ما كانت» امكثي مدة العادة ثُمَّ اغتسلي وصلي.

قارئ المتن:

353 - أخبرنا به قتيبة مرة أخرى، ولم يذكر فيه جعفر بن ربيعة

354 - أنبأنا محمد بن عبد الله بن المبارك قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا عبيد الله بن عمر: أخبرني عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة قالت: سألت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إني أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ قال: «لا. ولكن دعي قدر تلك الأيام والليالي التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسلي واستثفري وصلي».

شرح الشيخ: وهَذِهِ معتادة يعني دعي الصَّلَاة قدر العادة أربعة أيام، خمسة أيام كما كانت تأتي، ثُمَّ اغتسلي واستثفري يعني تتلجم وتتحفظ، تضع حفائظ ثُمَّ تصلي.

قارئ المتن:

355 - أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة، أن امرأة كانت تهراق الدم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم استفتت لها أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيض من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر، فإذا خلفت ذلك فلتغتسل، ثم لتستثفر بالثوب ثم لتصل».

ذكر الأقراء

356 - أخبرنا الربيع بن سليمان بن داود بن إبراهيم قال: حدثنا إسحاق وهو ابن بكر بن مضر قال: حدثني أبي، عن يزيد بن عبد الله وهو ابن أسامة بن الهاد، عن أبي بكر وهو ابن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمرة، عن عائشة قالت: إن أم حبيبة بنت جحش التي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف، وأنها استحيضت لا تطهر، فذكر شأنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليست بالحيضة ولكنها ركضة من الرحم، لتنظر قدر قرئها التي كانت تحيض لها فلتترك الصلاة، ثم تنظر ما بعد ذلك فلتغتسل عند كل صلاة».

357 - أخبرنا أبو موسى قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عمرة، عن عائشة، أن ابنة جحش كانت تستحاض سبع سنين، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ليست بالحيضة إنما هو عرق فأمرها أن تترك الصلاة قدر أقرائها وحيضتها وتغتسل وتصلي» فكانت تغتسل عند كل صلاة.

358 - أخبرنا عيسى بن حماد، أخبرنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن بكير بن عبد الله، عن المنذر بن المغيرة، عن عروة، أن فاطمة بنت أبي حبيش حدثته، أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشكت إليه الدم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما ذلك عرق، فانظري إذا أتاك قرؤك فلا تصلي، وإذا مر قرؤك فلتطهري، ثم صلي ما بين القرء إلى القرء» قال أبو عبد الرحمن: قد روى هذا الحديث هشام بن عروة، عن عروة، ولم يذكر فيه ما ذكر المنذر.

359 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا عبدة، ووكيع، وأبو معاوية قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ قال: «لا. إنما ذلك عرق وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي».

شرح الشيخ: وهَذَا فيه دليل عَلَى أن القرء هُوَ الحيض، قال: «دعي الصَّلَاة من القرء إِلَى القرء» والله تعالى يقول: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} [البقرة: 228]. اختلف العلماء ما المراد بالقروء، قيل: هي الحيض، وقيل: هي الأطهار.

والصواب: أن القرء هُوَ الحيض، ذهب الشافعية إِلَى أن القرء هُوَ الطهر، لكن هَذَا الحديث قال: «دعي الصَّلَاة أيام أقراءك، ثُمَّ صلي ما بين القرء إِلَى القرء» صلي ما بين الحيض إِلَى الحيضة.

وأَمَّا قوله: «فلتغتسل» ذكر الحافظ ضعف هَذِهِ الجملة «فلتغتسل» وأَنَّهَا ليست مرفوعة، قوله: «فلتغتسل عند كُلّ صلاة» وإِنَّمَا كان اغتسالها من باب الاجتهاد، فيه «تغتسل» وَلَمْ يأمرها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، هَذِهِ اللفظة في رفعها نظر.

قارئ المتن: جمع المستحاضة بين الصلاتين وغسلها إذا جمعت

360 - أخبرنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد قال: حدثنا شعبة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، أن امرأة مستحاضة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم قيل لها: «إنه عرق عاند، وأمرت أن تؤخر الظهر وتعجل العصر وتغتسل لهما غسلاً واحدًا، وتؤخر المغرب وتعجل العشاء وتغتسل لهما غسلاً واحدًا، وتغتسل لصلاة الصبح غسلا واحدًا».

361 - أخبرنا سويد بن نصر قال: حدثنا عبد الله، عن سفيان، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم، عن زينب بنت جحش قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم إنها مستحاضة فقال: «تجلس أيام أقرائها، ثم تغتسل وتؤخر الظهر وتعجل العصر وتغتسل وتصلي، وتؤخر المغرب وتعجل العشاء وتغتسل وتصليهما جميعًا، وتغتسل للفجر».

شرح الشيخ: سبق أن هَذَا الأمر للاستحباب، الاغتسال ليس بواجب؛ لِأَنَّ خروج الدم يضعفها والاغتسال يفيدها نشاطًا، والآمر هُوَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من باب الاستحباب، والعجب أن بنات جحش كلهن مستحاضات، زينب بنت جحش تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومستحاضة، وأم حبيبية بنت جحش تحت عبد الرحمن بن عوف مستحاضة، وحمنة بنت جحش تحت طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المبشرين بالجنة مستحاضة، كُلّ بنات جحش مشتحاضات.

قارئ المتن: باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة

362 - أخبرنا محمد بن المثنى قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن محمد بن عمرو وهو ابن علقمة بن وقاص، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف فأمسكي عن الصلاة، وإذا كان الآخر فتوضئي؛ فإنما هو عرق» قال محمد بن المثنى: حدثنا ابن أبي عدي هذا من كتابه.

شرح الشيخ: وهَذَا يؤيد أَنَّهَا مميزة، فاطمة بنت أبي حبيش هَذِهِ هي امرأة طلحة بن عبيد الله، ودم الحيض دم أسود يُعرَف، يعني تعرفه النَّاس، وروي يُعرِف يعني له عرف ورائحة، يُعرَف يعني تعرفه النساء، أو يُعرِف له عرف ورائحة.

قوله: (ابن أبي عدي هَذَا من كتابه) ابن أبي عدي هَذَا ثقة سواء حدث من حفظه أو من كتابه.

قارئ المتن:

363 - وأخبرنا محمد بن المثنى قال: حدثنا ابن أبي عدي من حفظه قال: حدثنا محمد بن عمرو، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن دم الحيض دم أسود يعرف فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي» قال أبو عبد الرحمن: قد روى هذا الحديث غير واحد، ولم يذكر أحد منهم ما ذكر ابن أبي عدي والله تعالى أعلم.

شرح الشيخ: وابن عدي هَذَا ثقة حافظ، يُعرَف تعرفه النساء، أو يُعرِف له رائحة.

قارئ المتن:

364 - أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي، عن حماد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: استحيضت فاطمة بنت أبي حبيش فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما ذلك عرق وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وتوضئي وصلي؛ فإنما ذلك عرق وليست بالحيضة». قيل له: فالغسل؟ قال: «وذلك لا يشك فيه أحد».

شرح الشيخ: لا يشك أحد في الغسل من الحيض، هَذَا لا بد منه، وحماد عن هشام يحتمل أَنَّهُ حماد بن زيد أو حماد بن سلمة وكلاهما ثقة.

قارئ المتن: قال أبو عبد الرحمن: قد روى هذا الحديث غير واحد عن هشام بن عروة، ولم يذكر فيه «وتوضئي» غير حماد والله تعالى أعلم.

شرح الشيخ: سبق معنا في الدرس الماضي أَنَّهُ لَمْ يتفرد به حماد بن زيد، وأنه رواه غيره، في صفحة كم عندكم الآن؟ في الدرس الماضي قال: «وتوضئي لكل صلاة» صفحة كم؟ المؤلف رحمه الله يكرر التراجم، النسائي رحمه الله يكرر التراجم وأحيانًا يكرر الأحاديث، يقول المؤلف أبو عبد الرحمن النسائي: لا أعلم أحدًا ذكر في هَذَا الحديث «وتوضئي» غير حماد بن زيد، هَذَا في ترجمة ( باب الفرق بين دم الحيضة والاستحاضة) وذكر عندك الشيخ الأثيوبي عند النسائي وقبله مسلم في صحيحه أن حماد بن زيد انفرد بهذه الزيادة «وتوضئي لكل صلاة» والصواب: أَنَّهُ لَمْ ينفرد بها عن هشام بن عروة؛ بَلْ له متابع، والأمر بالوضوء في حديث فاطمة من طريق هشام بن عروة ثابت عن حماد بن زيد عند المصنف وأشار إليه مسلم وأبي معاوية عند البخاري، والترمذي وحماد بن سلمة عند الدارمي، ويحيى بن سليم عند السراج، وأبي حمزة عند ابن حبان، وعَلَى هَذَا ما انفرد بها، ما انفرد بها حماد عَلَى ذلك يكون قول: «وتوضئي لكل صلاة» هَذَا لَابُدَّ منه، أن تتوضأ المستحاضة لكل صلاة؛ لِأَنَّ القول بِأَنَّهُ انفرد بها وتكون اللفظة شاذة معناه ما يجب عليها الوضوء؛ إِلَّا إذا خرج منها الحدث بول أو غائط أو ريح، أَمَّا مجرد الاستحاضة ما تتوضأ له، والصواب: أَنَّهَا تتوضأ له، ما انفرد بها، هَذَا الحديث ثابت.

البخاري رواها ومسلم أعرض عنها، قال: تركنا لفظةً، والبخاري أمتن من مسلم رحمه الله وهو شيخ مسلم، مسلم تلميذه وتخريجه «وتوضئي لكل صلاة» ثابتة وَلَمْ ينفرد بها حماد بن زيد، وعَلَى هَذَا فالمستحاضة يجب عليها أن تتوضأ لكل صلاة، تتحفظ تتلجم وتتوضأ لكل صلاة، يعتبر حدث، حدث أصغر، وليست اللفظة شاذة وَلَمْ ينفرد بها حماد بن زيد، الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله له كلام في هَذَا، في هَذِهِ الزيادة.

قارئ المتن:

365 - أخبرنا سويد بن نصر قال: حدثنا عبد الله، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أن فاطمة بنت أبي حبيش أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني أستحاض فلا أطهر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما ذلك عرق وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فأمسكي عن الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي».

366 - أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما ذلك عرق وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي».

367 - أخبرنا أبو الأشعث قال: حدثنا خالد بن الحارث قال: سمعت هشاما يحدث، عن أبيه، عن عائشة، أن بنت أبي حبيش قالت: يا رسول الله، إني لا أطهر أفأترك الصلاة؟ قال: «لا. إنما هو عرق» قال خالد: وفيما قرأت عليه «وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم، ثم صلي».

باب الصفرة والكدرة

368 - أخبرنا عمرو بن زرارة قال: أخبرنا إسماعيل، عن أيوب، عن محمد قال: قالت أم عطية: «كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئًا».

شرح الشيخ: يعني بعد الطهر، بعد الطهر إذا جاءت الصفرة والكدرة لا تعتبر؛ بَلْ تصوم وتصلي.

قارئ المتن: باب ما ينال من الحائض وتأويل قول الله عز وجل {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222]. الآية.

369 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس قال: كانت اليهود إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوهن ولا يشاربوهن ولا يجامعوهن في البيوت، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222]. الآية، «فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤاكلوهن ويشاربوهن ويجامعوهن في البيوت، وأن يصنعوا بهن كل شيء ما خلا الجماع» فقالت اليهود: ما يدع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من أمرنا إلا خالفنا فقام أسيد بن حضير وعباد بن بشر فأخبرا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالا: أنجامعهن في المحيض؟ فتمعر رسول الله صلى الله عليه وسلم تمعرًا شديدًا، حتى ظننا أنه قد غضب، فقاما، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية لبن، فبعث في آثارهما فردهما فسقاهما، فعرف أنه لم يغضب عليهما.

شرح الشيخ: وإِنَّمَا غضب من سؤالهما.

قارئ المتن: ذكر ما يجب على من أتى حليلته في حال حيضها مع علمه بنهي الله تعالى

370 - أخبرنا عمرو بن علي قال: حدثنا يحيى، عن شعبة قال: حدثني الحكم، عن عبد الحميد، عن مقسم، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «في الرجل يأتي امرأته وهي حائض يتصدق بدينار أو بنصف دينار».

شرح الشيخ: هَذِهِ الترجمة ما علمه بنهي الله، هَذَا القيد هُوَ ا لعلم بالنهي، أخذه المؤلف من نصوص العام الدالة عَلَى أن الإنسان لا يؤاخذ إِلَّا بعد العلم، تقييده في الترجمة يَدُلَّ عَلَى أن الرجل إذا أتى امرأته وهي حائض جاهلاً فلا شيء عليه، والنسائي أ خذ طريقة البخاري في التراجم وطريقة مسلم في ذكر الأسانيد وجمع الطرق، والحديث حديث ابن عباس: «في الرجل يأتي امرأته وهي حائض يتصدق بدينار أو بنصف دينار» رواه الخمسة وابن خزيمة والحاكم وهو صحيح مرفوع، وَلَمْ يصب من قال إِنَّهُ موقوف، حجتهم أن الحديث روي مرفوعًا وروي موقوفًا، ومعروف تقديم الموقوف عَلَى المرفوع، والموقوف عَلَى الموصول؛ لِأَنَّهُ أحوط أو لِأَنَّ من وقفه وقطعه أكثر أو أحفظ كما ذكر العراقي في الألفية وغيره.

ولكن الصواب: تقديم قول من رفع ووصل إذا كان ثقة، كما العراقي: (واحكم لوصل ثقة في الأظهر) وذَلِكَ أن الواصل والرافع معه زيادة علم خفيت عَلَى من قطع أو وقف، والزيادة من الثقة مقبولة، والموقوف يؤيد المرفوع، سبق الحديث ذكر المؤلف أَنَّهُ مخير بين الدينار ونصف دينار، والتخيير جاء في بَعْض الكفارات مثل كفارة اليمين.

قارئ المتن: مضاجعة الحائض في ثياب حيضتها

371 - أخبرنا عبيد الله بن سعيد قال: حدثنا معاذ بن هشام، ح وأخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي، ح وأنبأنا إسماعيل بن مسعود قال: حدثنا خالد وهو ابن الحارث قال: حدثنا هشام، عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو سلمة، أن زينب بنت أبي سلمة حدثته، أن أم سلمة حدثتها قالت: بينما أنا مضطجعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ حضت فانسللت فأخذت ثياب حيضتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنفست»؟ قلت: نعم، «فدعاني فاضطجعت معه في الخميلة» واللفظ لعبيد الله بن سعيد.

شرح الشيخ: وهَذَا فيه لا بأس بمضاجعة الحائض في ثياب حيضها، قال: «فانسللت فأخذت ثياب حَيضتي» وفي رواية «ثياب حِيضتي» لا بأس ولا يضر هَذَا، وإذا أصابه شيء من الدم غسله.

قارئ المتن: باب نوم الرجل مع حليلته في الشعار الواحد وهي حائض

372 - أخبرنا محمد بن المثنى قال: حدثنا يحيى، عن جابر بن صبح قال: سمعت خلاسًا يحدث، عن عائشة قالت: «كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نبيت في الشعار الواحد وأنا طامث حائض، فإن أصابه مني شيء غسل مكانه لم يعده، ثم صلى فيه، ثم يعود، فإن أصابه مني شيء فعل مثل ذلك غسل مكانه لم يعده وصلى فيه».

شرح الشيخ: يعني لَمْ يتجاوز مكان الدم، يغسل مكان الدم فقط، ما يغسل الثوب كامل مثل ما يفعل بَعْض المؤسسات إذا أصاب جزء منه غسل الثوب كامل.

قارئ المتن: مباشرة الحائض

373 - أخبرنا قتيبة قال: حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن شرحبيل، عن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر إحدانا إذا كانت حائضا أن تشد إزارها، ثم يباشرها».

374 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: كانت «إحدانا إذا حاضت أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتزر، ثم يباشرها».

شرح الشيخ: يباشُرها بالرفع عطفًا عَلَى يأمر، ويجوز النصب يباشِرها عطفًا عَلَى تشد، وهَذَا كونه أمرها أن تتزر بإزار أفضل؛ لِأَنَّهُ أحوط، وإن باشرها بدون إزار جاز لحديث أنس «اصنعوا كُلّ شيء إِلَّا النكاح» إِلَّا الجماع.

قارئ المتن: ذكر ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنعه إذا حاضت إحدى نسائه

375 - أخبرنا هناد بن السري، عن ابن عياش وهو أبو بكر، عن صدقة بن سعيد ثم ذكر كلمة معناها، حدثنا جميع بن عمير قال: دخلت على عائشة مع أمي وخالتي فسألتاها كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع إذا حاضت إحداكن؟ قالت: «كان يأمرنا إذا حاضت إحدانا أن تتزر بإزار واسع، ثم يلتزم صدرها وثدييها».

شرح الشيخ: جميع بن عمير هَذَا ضعيف، الحديث ضعيف لكن له شواهد.

 

 

قارئ المتن:

376 - أخبرنا الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن وهب، عن يونس والليث، عن ابن شهاب، عن حبيب مولى عروة، عن بدية - وكان الليث يقول: ندبة مولاة ميمونة -، عن ميمونة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر المرأة من نسائه وهي حائض إذا كان عليها إزار يبلغ أنصاف الفخذين والركبتين» في حديث الليث تحتجز به.

شرح الشيخ: هدية أو ندبة مقبولة كما في التقريب، لكن الحديث يشهد له الحديث السابق، مباشرة الحائض لا باس، لكن يكون من ووراء إزار أفضل وأحوط.

قارئ المتن: باب مؤاكلة الحائض والشرب من سؤرها

377 - أخبرنا قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف قال: أنبأنا يزيد بن المقدام بن شريح بن هانئ، عن أبيه عن شريح.

شرح الشيخ: المؤلف سماه: قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريق، أربعة، أنبأنا يزيد بن المقدام بن شريح بن هانئ عن أبيه.

قارئ المتن: أنه سأل عائشة هل تأكل المرأة مع زوجها وهي طامث؟ قالت: نعم. «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوني فآكل معه، وأنا عارك كان يأخذ العرق فيقسم علي فيه، فأعترق منه ثم أضعه، فيأخذه فيعترق منه، ويضع فمه حيث وضعت فمي من العرق، ويدعو بالشراب فيقسم علي فيه من قبل أن يشرب منه، فآخذه فأشرب منه، ثم أضعه، فيأخذه فيشرب منه، ويضع فمه حيث وضعت فمي من القدح».

شرح الشيخ: وهَذَا من حسن خلقه صلى الله عليه وسلم، قوله: طامث وعارك معناه حائض، كان يأخذ العرق ورموش اللحم، ويقسم، يعني: يحلف عليها أن تأخذه أولًا تكريمًا لها، ثُمَّ يأخذه بعدها، عليه الصلاة والسلام، وهَذَا من حسن خلقه ومعاشرته لأهله.

قارئ المتن:

378 - أخبرني أيوب بن محمد الوزان قال: حدثنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن الأعمش، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع فاه على الموضع الذي أشرب منه ويشرب من فضل شرابي وأنا حائض».

الانتفاع بفضل الحائض

379 - أخبرنا محمد بن منصور قال: حدثنا سفيان، عن مسعر، عن المقدام بن شريح، عن أبيه قال: سمعت عائشة تقول: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يناولني الإناء فأشرب منه وأنا حائض، ثم أعطيه فيتحرى موضع فمي فيضعه على فيه».

380 - أخبرنا محمود بن غيلان قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا مسعر وسفيان، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة قالت: «كنت أشرب من القدح وأنا حائض فأناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في فيشرب منه، وأتعرق من العرق وأنا حائض فأناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في».

باب الرجل يقرأ القرآن ورأسه في حجر امرأته وهي حائض

381 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم وعلي بن حجر واللفظ له قالا: حدثنا سفيان، عن منصور، عن أمه، عن عائشة قالت: «كان رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجر إحدانا وهي حائض وهو يقرأ القرآن».

شرح الشيخ: وهَذَا من إيناسه صلى الله عليه وسلم لأهله وحسن معاشرته، وإِلَّا فيمكن أن يضع رأسه عَلَى وسادة.

قارئ المتن: باب سقوط الصلاة عن الحائض

382 - أخبرنا عمرو بن زرارة قال: أخبرنا إسماعيل، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن معاذة العدوية قالت: سألت امرأة عائشة أتقضي الحائض الصلاة؟ فقالت: «أحرورية أنت؟ قد كنا نحيض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نقضي ولا نؤمر بقضاء».

شرح الشيخ: وَالصَّلَاة تسقط عن الحائض والنفساء فإجماع المسلمين، وَلَمْ يخالف في هَذَا إِلَّا الخوارج وهم الحرورية، يقولون: تقضي، نسبة إِلَى بلدة في العراق سكنوها تسمى حرورة فسموا الحرورية، وهَذَا من رحمة الله تعالى بالنساء؛ لِأَنَّ الحيض يتكرر في كُلّ شهر، فيشق قضاؤه، بخلاف الصوم فَإِنَّهُ في السنة مرة فلا يشق، فوجب قضاؤه لمشاركة المسلمين في الفضل والأجر، لو كانت تقضي كُلّ صلاة كُلّ شهر لشق عليها، لكن الصوم في السنة مرة.

قارئ المتن: باب استخدام الحائض

383 - أخبرنا محمد بن المثنى قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن يزيد ابن كيسان قال: حدثني أبو حازم قال: قال أبو هريرة: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ قال: «يا عائشة، ناوليني الثوب». فقالت: إني لا أصلي. فقال: «إنه ليس في يدك فناولته».

384 - أخبرنا قتيبة، عن عبيدة، عن الأعمش، ح وأخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا جرير، عن الأعمش، عن ثابت بن عبيد، عن القاسم ابن محمد قال: قالت عائشة: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ناوليني الخمرة من المسجد». فقلت: إني حائض. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليست حيضتك في يدك».

شرح الشيخ: والخمرة سجادة صغيرة من سعف النخل قدر الجبلة واليدين، فيه دليل عَلَى أَنَّهُ لا بأس بدخول الحائض أو الجنب لمناولة الشيء والمرور لا بأس به، قال تعالى: {وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43]، والممنوع المكث في المسجد، وفيه استخدام الحائض، لا بأس باستخدامها في ترجمة المؤلف.

قارئ المتن:

384 - قال إسحاق: أنبأنا أبو معاوية، عن الأعمش بهذا الإسناد مثله.

بسط الحائض الخمرة في المسجد

385 - أخبرنا محمد بن منصور، عن سفيان، عن منبوذ، عن أمه، أن ميمونة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع رأسه في حجر إحدانا فيتلو القرآن وهي حائض، وتقوم إحدانا بخمرته إلى المسجد فتبسطها وهي حائض».

شرح الشيخ: منبوذ وأمه سبق أن كلاً منهما مقبول كما في التقريب، يقبل حديثها في المتابعات لا في الأصول؛ لكن الحديث ثابت، ثابت في أحاديث كثيرة، وسبق أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ الْقُرْآن في حجر عائشة، وكذلك مناولة الخمرة وبسطها في المسجد.

قارئ المتن: باب ترجيل الحائض رأس زوجها وهو معتكف في المسجد

386 - أخبرنا نصر بن علي قال: حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أنها كانت «ترجل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حائض وهو معتكف، فيناولها رأسه وهي في حجرتها».

شرح الشيخ: الترجيل تسريح الشعر وغسله، والنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم معتكف في المسجد وبيته حجرة عائشة؛ لها باب عَلَى المسجد، فيناولها رأسه وهي في الحجرة وهو في المسجد فترجله وتغسله عليه الصلاة والسلام.

قارئ المتن: غسل الحائض رأس زوجها

387 - أخبرنا عمرو بن علي قال: حدثنا يحيى قال: حدثني سفيان قال: حدثني منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدني إلي رأسه وهو معتكف فأغسله وأنا حائض».

388 - أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الفضيل وهو ابن عياض، عن الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن عروة، عن عائشة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج رأسه من المسجد وهو معتكف فأغسله وأنا حائض».

389 - أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: «كنت أرجل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض».

باب شهود الحيض العيدين ودعوة المسلمين

390 - أخبرنا عمرو بن زرارة قال: أنبأنا إسماعيل، عن أيوب، عن حفصة قالت كانت أم عطية - لا تذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قالت: بأبا. فقلت: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا وكذا؟ قالت: نعم. بأبا - قال: «لتخرج العواتق وذوات الخدور والحيض فيشهدن الخير ودعوة المسلمين، وتعتزل الحيض المصلى».

شرح الشيخ: قوله: (بأبا) يعني أفديه بأبي، يعني تفديه رضي الله عنها، قال: «لتخرج العواتق وذوات الخدور والحيض فيشهدن الخير ودعوة المسلمين، وتعتزل الحيض المصلى» يعني مع التحجب عن الرجال، وهَذَا يَدُلَّ عَلَى أهمية صلاة العيد؛ حَتَّى قال شيخ الإسلام وجماعة: إِنَّهَا فرض السنة، ولهذا أمر بتخريج العواتق والحيض والخدور يشهدن الخير ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلى، يكون في منعزل، ما يكن مع المصليات، خلف المصليات، المصليات الطاهرات تكون خلفهن ليشهدن الخير ويسمعن الخطبة، ويشملهن الدعاء.

قارئ المتن: المرأة تحيض بعد الإفاضة

391 - أخبرنا محمد بن سلمة قال: حدثنا عبد الرحمن بن القاسم قال: أخبرني مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن عمرة، عن عائشة: أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن صفية بنت حيي قد حاضت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعلها تحبسنا ألم تكن طافت معكن بالبيت؟» قالت: بلى. قال: «فاخرجن».

شرح الشيخ: (المرأة تحيض بعد الإفاضة) والمعنى يسقط عنها طواف الوداع تسافر، أَمَّا إذا حاضت قبل الإفاضة فلا؛ لِأَنَّ طواف الإفاضة هَذَا ركن من أركان الحج تحبس وليها، قال: «أحبست هنا؟ قالوا: إِنَّهَا فاضت، قال: انفروا» دَلَّ عَلَى أَنَّهَا إذا حاضت قبل الإفاضة تحبس وليها، ينتظرها حَتَّى تطهر ثُمَّ تطوف، وإذا حاضت بعد الإفاضة سقط عنها طواف الوداع وتسافر ولا تحبس وليها.

ويَدُلَّ عليه حديث ابن عباس: «أمر النَّاس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إِلَّا أَنَّهُ خفف عن الحائض» وفي الحديث الآخر: «كان النَّاس ينفرون من كُلّ وجه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينفرن أحد حَتَّى يكون آخر عهده بالبيت إِلَّا النفساء» إِلَّا النفساء والحائض مستثناة.

 

 

قارئ المتن: ما تفعل النفساء عند الإحرام

392 - أخبرنا محمد بن قدامة قال: حدثنا جرير، عن يحيى بن سعيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله في حديث أسماء بنت عميس حين نفست بذي الحليفة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر: «مرها أن تغتسل وتهل».

شرح الشيخ: وتهل يعني تحرم، بعد الاغتسال الإحرام للنظافة كالحائض وإِلَّا فهي باقي الحدث عليها.

قارئ المتن: باب الصلاة على النفساء

393 - أخبرنا حميد بن مسعدة، عن عبد الوارث، عن حسين يعني المعلم، عن ابن بريدة، عن سمرة قال: «صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم كعب ماتت في نفاسها فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة في وسطها».

شرح الشيخ: يعني يقابل الوسط، الآن استقام عند عجزية المرأة ورأس الرجل هَذَا هُوَ السنة في الصَّلَاة عَلَى الميت يقوم الإمام عند وسط رأس الرجل ووسط المرأة، أَمَّا قول بَعْض الفقهاء يقف عند صدر الرجل فلا أصل له، الميت يوضع عَلَى جنبه الأيمن عند الصَّلَاة عليه، وفي القبر يكون رأسه شمال عندنا في نجد ويكون مستقبل القبلة، لحديث : «الكعبة قبلتكم أحياءً وأمواتًا» وهَذَا من باب السنة، وإِلَّا لو وقف في أيْ جهة صحت الصَّلَاة، لكن السنة أن يقف عند رأس الرجل لا عند صدره، وعند= وسط المرأة، قالوا: الحكمة أن يسترها.

قارئ المتن: باب دم الحيض يصيب الثوب

394 - أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي قال: حدثنا حماد، عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر وكانت تكون في حجرها، أن امرأة استفتت النبي صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يصيب الثوب؟ فقال: «حتيه واقرصيه وانضحيه وصلي فيه».

395 - أخبرنا عبيد الله بن سعيد قال: حدثنا يحيى، عن سفيان قال: حدثني أبو المقدام ثابت الحداد، عن عدي بن دينار قال: سمعت أم قيس بنت محصن أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحيضة يصيب الثوب؟ قال: «حكيه بضلع واغسليه بماء وسدر».

شرح الشيخ: يعني تغسل موضع الدم فقط ولا تغسل الثوب كله تكلفًا لا، تغسل دم الحيض، قوله: «بضلع» أصل ضلع الحيوان المراد يحك بعود، يعود تحكه حَتَّى تخفف الدم ويزول أثره ثُمَّ تغسله، العود أصل ضلع الحيوان، والمراد عود تأتي بعود تحكه حَتَّى يزول اللزوجة، وأصل الضلع ضلع الجنب، وقيل: العود الَّذِي فيه عرض واعوجاج ضلع تشبهًا به.

 

 

قارئ المتن: كتاب الغسل والتيمم

باب ذكر نهي الجنب عن الاغتسال في الماء الدائم

396 - أخبرنا سليمان بن داود والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، أن أبا السائب حدثه، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب».

397 - أخبرنا محمد بن حاتم قال: حدثنا حبان قال: حدثنا عبد الله، عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يبولن الرجل في الماء الدائم، ثم يغتسل منه أو يتوضأ».

398 - أخبرنا أحمد بن صالح البغدادي قال: حدثنا يحيى بن محمد قال: حدثني ابن عجلان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «نهى أن يبال في الماء الدائم، ثم يغتسل فيه من الجنابة».

399 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد، عن سفيان، عن أبي الزناد، عن موسى بن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى أن يبال في الماء الراكد، ثم يغتسل منه».

400 - أخبرنا قتيبة قال: حدثنا سفيان، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري، ثم يغتسل منه» قال سفيان: قالوا لهشام يعني ابن حسان: إن أيوب إنما ينتهي بهذا الحديث إلى أبي هريرة. فقال: إن أيوب لو استطاع أن لا يرفع حديثًا لم يرفعه.

شرح الشيخ: يعني من باب الورع، وفيه نهي الجنب عن الاغتسال في الماء الدائم؛ وكذلك البول فيه؛ لِأَنَّهُ يقذره عَلَى غيره، هَذَا يبول وهَذَا يبول ينجس إذا كان قليل متغير يقذره عَلَى غيره، وكذلك الاغتسال في وسط الماء، وإِنَّمَا يغترف منه اغترافًا، أَمَّا إذا كان الماء يجري فالأمر واسع، إذا بال فيه ذهب البول وإذا اغتسل فيه ذهب الاغتسال، لكن إذا كان راكد في بركة أو في خزان وما أشبه ذلك فالحديث فيه النهي، والنهي أصله التحريم، فلا يجوز أن يغتسل في وسط الماء الراكد أو يبول فيه يقذره عَلَى غيره، وإِنَّمَا يغترف منه اغترافًا، يأخذ بإناء ويغتسل.

قارئ المتن: باب الرخصة في دخول الحمام

401 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي، عن عطاء، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر».

شرح الشيخ: أبو الزبير هَذَا مدلس وقد عنعن، لكن في الصحيحين اعتنوا بالمدلسين وانتقوا من راياتهم ما ثبت سماعهم، ومن ثَم قيل: لَمْ يثبت في الحمامات حديث، وثبوت الحديث هَذَا يكون من علامات النبوة؛ لِأَنَّ الحمامات ليست موجودة عند العرب، فأخبر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا ستفتح البلاد الَّتِي فيها الحمامات، مثل حديث «ستفتحون بلادًا فيها الأردب» ومثل توقيت المواقيت لأهل الشام ومصر والعراق، كُلّ هَذَا من علامات النبوة، النَّبِيّ وقت المواقيت لأهل الشام ومصر وكانت في هَذِهِ البلاد كفار في زمنه، الشام الروم، ومصر فيها الأقباط ما أسلموا، ثُمَّ أسلموا بعد ذلك، هَذِهِ من علامات النبوة أَنَّهُمْ يسلمون ويحجون منها، هَذَا من علامة النبوة.

وكذلك الاغتسال في الحمام، كانت ليست موجودة، الحمام ليس المراد هَذَا الحمام الَّذِي نتوضأ فيه، هَذَا محل قضاء الحاجة، يعني الحمام هَذَا موجود في الشام وفي غيرها يؤجر للاغتسال، فيه ماء حار وبارد، وفيه أُناس يدلكون، ولهذا «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر» حَتَّى لا تكشف العورة، في ماء حار وبارد يعني عدة حمامات تؤجر عَلَى النَّاس للنظافة والاغتسال، فيه من ينظف ويعطيك صابون ويعطيك كذا هَذِهِ الحمامات للتأجير، ولا يجوز اختلاط الرجال والنساء «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر» لكن الحديث فيه كلام، ماذا قال عندك عَلَى الحديث؟

الطالب: قال العلامة الشوكاني رحمه الله تعالى عند شرح حديث أبي هريرة عند أحمد «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر من ذكور أمتي فلا يدخل الحمام إِلَّا بمئزر، ومن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر من إناث أمتي فلا تدخل الحمام» وفي إسناده أبو خيرة، قال الذهبي: لا يعرف، وأحاديث الحمام لَمْ يتفق عَلَى صحة شيء منها.

الشيخ: ولهذا قال: لَمْ ثبت في الحمامات حديث.

الطالب: قال الذهبي: لا يعرف أبو خيرة.

الشيخ: وهَذَا الحديث حديث الباب فيه أبو الزبير معنعن مدلس وقد عنعن.

الطالب: قال: وأحاديث الحمام لَمْ تفق عَلَى شيء منها، قال المنذري: وأحاديث الحمام كلها معلولة، وإِنَّمَا يصح منها عن الصَّحَابَة رضي الله عنهم، ويشهد لحديث الباب حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد عَلَى مائدة يدار عليها الخمر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إِلَّا بالإزار، ومن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر فلا تدخل الحمام» رواه أحمد أَيْضًا وإسناده ضعيف كما قاله الحافظ في التلخيص، لكن صححه الشيخ الألباني بشواهده.

الشيخ: الشيخ الألباني رحمه الله عَلَى جلالة قدره يتساهل في التصحيح.

الطالب: وأخرج أبو داود الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال والنساء عن دخول الحمام، ثُمَّ رخص للرجال أن يدخلوه في المآزر» وفي إسناده أبو عذرة مجهول، قال الترمذي: لا نعرفه إن من حديث حماد بن سلمة، وإسناده ليس بذلك القائم.

وأخرج أبو داود والترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها أَيْضًا أَنَّهَا قالت لنسوةٍ دخلن عليها من نساء الشام: «لعلكن من الكورة الَّتِي يدخل نساؤها الحمام».

الشيخ: الكورة يعني الحي أو الحارة.

الطالب: «قلن: نعم، قالت: أَمَّا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيت زوجها إِلَّا هتكت ما بينها وبين الله من حجاب» وهو من حديث شعبة عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن أبي المليح، وكلهم رجال الصحيح، وروي عن جرير عن سالم عنها، وكان سالم يدلس ويرسل وقال الترمذي: بعد ذكر الحديث حسن، قال الشوكاني رحمه الله: وحديث الباب يعني حديث أبي هريرة رضي الله عنه متقدم، يَدُلَّ عَلَى جواز الدخول للرجال بشرط لبس المآزر وتحريم الدخول بدون مئزر، وعَلَى تحريمه عَلَى النساء مطلقًا، واستثنى الدخول من عذر لهن أو من عُذر لهن لَمْ يثبت من طريق تصلح للاحتجاج بها.

فالظاهر: المنع مطلقًا ويؤيد ذلك ما سلف من عائشة رضي الله عنها الَّذِي روته لنساء الكورة، وهو أصحه ما في الباب إِلَّا لمريضة أو نفساء، لما رواه أبو داود وابن ماجة من حديث عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّهَا ستفتح عليكم أرض العجم وستجدون فيها بيوتًا يقال لها الحمامات، فلا يدخلنها الرجال إِلَّا بالإزار، وامنعوا النساء إِلَّا مريضة أو نفساء» لكن في إسناده عبد الرحمن بن أنعم الأفريقي وقد تكلم فيه غير واحد، وعبد الرحمن بن رافع التنوخي قاضي إفريقيا وقد غمز فيه البخاري وابن أبي حاتم، انتهى خلاصة ما قاله الشوكاني بتصرف، نيل الأوتار.

قال الجامع: هَذِهِ الأحاديث وإن كان في بعضها مقال إِلَّا أن مجموعها يصح.

الشيخ: بالنسبة للرجال فقط، الأقرب والله أعلم أَنَّهُ بالنسبة للرجال يشد بعضها بعضًا؛ أَمَّا النساء فلا، حَتَّى المريضة والنفساء، المرأة هي خطر أن تخلع ثيابها، وأَمَّا الرجال فهذه الأحاديث فيها ضعف، وهَذَا يَدُلَّ عَلَى أن المرأة ليس لها أن تخلع ثيابها في أيْ مكان، ولا في أمكنة اغتسال الاستراحات أو غيرها، ليس للمرأة أن تخلع ثيابها وتغتسل، أَمَّا الرجل فلا بأس، الرجال هَذِهِ الأحاديث كلها فيها ضعف، لكن يشد بعضها بعضًا فتصلح للاحتجاج مع الإلتزام بستر العورة بإزار.

قال الجامع: هَذِهِ الأحاديث وإن كان في بعضها مقال إِلَّا أن مجموعها يصح فتدل عَلَى جواز دخول الرجال في الحمام مستترين، وعَلَى تحريمه للنساء مطلقًا إِلَّا للضرورة كالمرض والنفاس، وحديث ابن عمر رضي الله عنهما وإن كان غير صحيح إِلَّا أن النصوص الأخرى تؤيده بقوله عز وجل: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119]، والله تعالى أعلم.

الشيخ: الأقرب أن المرأة النفساء والمريضة تغتسل في غير الحمامات في أمكنة أخرى، الاغتسال متيسر كما يغتسل غيرها، الأقرب أن النساء عَلَى عمومهم تمنع النساء، وأَمَّا الرجال فهذا الحدث وإن كان فيه مقال في إسناده؛ إِلَّا أن تعددها تعدد طرقها واختلاف مخارجها يَدُلَّ عَلَى أن للحديث أصل، أَمَّا المرأة فلا، الحديث ضعيف ما صح، وأَمَّا المريضة والنفساء مجرد الاغتسال سهل تجد ما تغسل في أي مكان غير الحمامات الَّذِي محل اجتماع الرجال والنساء محل للخطر.

قارئ المتن: باب الاغتسال بالثلج والبرد

402 - أخبرنا محمد بن إبراهيم قال: حدثنا بشر بن المفضل قال: حدثنا شعبة، عن مجزأة بن زاهر أنه سمع عبد الله بن أبي أوفى يحدث، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو: «اللهم طهرني من الذنوب والخطايا. اللهم نقني منها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس. اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد».

شرح الشيخ: قد سبق بيان أن ماء الثلج طاهر يتوضأ منه ويغتسل منه.

قارئ المتن: باب الاغتسال بالماء البارد

403 - أخبرنا محمد بن يحيى بن محمد، حدثنا محمد بن موسى قال: حدثنا إبراهيم بن يزيد، عن رقبة، عن مجزأة الأسلمي، عن ابن أبي أوفى قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد. اللهم طهرني من الذنوب كما يطهر الثوب الأبيض من الدنس».

شرح الشيخ: رقبة بفتحتين وكذلك مجزأة كلاهما ثقة، يجوز الاغتسال بالماء البارد والماء الحار، لكن ينبغي أن يخفف البرودة والحرارة حَتَّى يحصل الإسباغ والإبلاغ.

قارئ المتن: باب الاغتسال قبل النوم

404 - أخبرنا شعيب بن يوسف قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن عبد الله بن أبي قيس قال: سألت عائشة كيف كان نوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنابة؟ أيغتسل قبل أن ينام أو ينام قبل أن يغتسل؟ قالت: «كل ذلك قد كان يفعل. ربما اغتسل فنام وربما توضأ فنام».

باب الاغتسال أول الليل

405 - أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي قال: حدثنا حماد، عن برد، عن عبادة بن نسي، عن غضيف بن الحارث قال: دخلت على عائشة فسألتها فقلت: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل من أول الليل أو من آخره؟ قالت: «كل ذلك كان ربما اغتسل من أوله وربما اغتسل من آخره» قلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة.

شرح الشيخ: وعبادة بن نسي هَذَا من رجال السنن؛ بَلْ من رجال الشيخين.

 

 

قارئ المتن: باب الاستتار عند الاغتسال

406 - أخبرني إبراهيم بن يعقوب قال: حدثنا النفيلي قال: حدثنا زهير قال: حدثنا عبد الملك، عن عطاء، عن يعلى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يغتسل بالبراز، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: «إن الله عز وجل حليم حيي ستير يحب الحياء والستر فإذا اغتسل أحدكم فليستتر».

407 - أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال: حدثنا الأسود بن عامر قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن صفوان بن يعلى، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل ستير، فإذا أراد أحدكم أن يغتسل فليتوار بشيء».

شرح الشيخ: إبراهيم بن يعقوب هُوَ الجوزجاني شيخ المؤلف، شيوخ المؤلف النسائي كلهم ثقات، الغالب ما يجد شيخ للنسائي ضعيف، كلهم ثقات، والضعف يكون من فوقهم «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يغتسل بالبراز» البراز يعني في الفضاء.

«إن الله عز وجل حليم حيي ستير يحب الحياء والستر فإذا اغتسل أحدكم فليستتر» لا بأس بسند الحديث يوجب الاستتار عند الاغتسال، يجب عَلَى الإنسان يستتر وليس له أن يغتسل عريانًا، إِلَّا إذا في مكان ليس عنده أحد، وفيه إثبات اسم الستير من أسماء الله «إن الله حيي ستير» من أسماء الله، وليس ستار، بَعْض النَّاس يسمي عبد الستار لا عبد الستير، الستار ليس من أسماء الله هَذَا من باب الخبر، ولكن الستير، بعضهم يقول: يا ستار؛ بَلْ ستير، الستير من أسماء الله، والستار هَذَا من باب الخبر وليس من أسماء الله.

قارئ المتن:

408 - أخبرنا قتيبة قال: حدثنا عبيدة، عن الأعمش، عن سالم، عن كريب، عن ابن عباس، عن ميمونة قالت: " وضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ماء قالت: فسترته فذكرت الغسل قالت: ثم أتيته بخرقة فلم يردها ".

شرح الشيخ: في رواية «أتيته بمنديل» وهَذَا دليل عَلَى أَنَّهُ الأولى عدم استعمال التنشيف والاكتفاء بنفض الماء في الغسل، أم الوضوء فلا بأس، لكن في الاغتسال الأفضل نفض الماء، وإِلَّا لو لنشف فلا حرج عليه.

قارئ المتن:

409 - أخبرنا أحمد بن حفص بن عبد الله قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم، عن موسى بن عقبة، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بينما أيوب عليه السلام يغتسل عريانًا خر عليه جراد من ذهب، فجعل يحثي في ثوبه. قال: فناداه ربه عز وجل: يا أيوب ألم أكن أغنيتك؟ قال: بلى. يا رب ولكن لا غنى بي عن بركاتك ".

شرح الشيخ: والحديث أخرجه البخاري وهو صحيح، وفيه جواز الاغتسال عريانًا إذا لَمْ يكن عنده أحد لا بأس، أَمَّا قول النووي وجماعة أَنَّهُ لا يجوز حَتَّى ولو في حمام يغتسل وعليه إزار هَذَا لا وجه له، إذا كان ليس عنده أحد أو أغلق عَلَى نفسه الحمام يخلع ثوبه، ويغتسل عريان ليس عنده أحد.

«خر عليه جراد من ذهب» هَذَا من آيات الله جراد من ذهب، الجراد يكون من ذهب! «فجعل يحثي في ثوبه، قال: فناداه ربه عز وجل: يا أيوب ألم أكن أغنيتك؟ قال: بلى يا رب ولكن لا غنى بي عن بركاتك» وهَذَا من البركة، وفيه إثبات الكلام لله عز وجل والنداء وأن الله نادى أيوب من دون واسطة، الكلام والنداء والنجاء، النداء كلام من بعد بصوت، والنجاء بدون صوت، والكلام يشمل الأمرين، والنجاء بدون صوت، والكلام يشمل الأمرين.

وفيه الرد عَلَى الأشاعرة الَّذِينَ يقولون: إن كلام الله معنًى قائم بنفسه ليس بحرف ولا صوت، النداء لَابُدَّ فيه من الصوت، الأشاعرة يقولون: الكلام ما فيه نداء ما فيه صوت، وَالْمُعْتَزِلَة يقولون: الكلام فيه نداء صوت لكنه مخلوق، وهَذَا باطل، كلام الله صفة من صفاته ليس بمخلوق وبحرف وصوت.

والأشاعرة يقولون: غير مخلوق لكن الكلام معنى قائم في نفسه ما يسمع، وهَذَا باطل، قال السندي: يحتمل أن المراد ناداه الله بواسطة ملك، هَذَا احتمال باطل لا دليل عليه، الحديث صريح، قال: «فناداه ربه».

قارئ المتن: باب الدليل على أن لا توقيت في الماء الذي يغتسل فيه

410 - أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار قال: حدثني إسحاق بن منصور، عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل في الإناء - وهو الفرق - وكنت أغتسل أنا وهو من إناء واحد».

شرح الشيخ: وهَذَا الحديث أخرجه الشيخان البخاري ومسلم، وفيه أَنَّهُ لا توقيت في ماء الغسل لا بصاع ولا غيره، وجه الدلالة أن كلاً منهما يغترف من الماء، ولا يعرف مقدار ما أخذه «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل في الإناء - وهو الفرق -» والفرق إناء يسع ثلاثة آصع، وكل واحد يغترف ولا يدري ما بقي، فدل عَلَى أَنَّهُ ما في توقيت، لا توقيت لماء الغسل صاع أو غيره.

قارئ المتن: باب اغتسال الرجل والمرأة من نسائه من إناء واحد

411 - أخبرنا سويد بن نصر قال: حدثنا عبد الله، عن هشام، ح وأخبرنا قتيبة، عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل وأنا من إناء واحد نغترف منه جميعًا» وقال سويد: قالت: «كنت أنا».

412 - أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا خالد قال: حدثنا شعبة قال: أخبرني عبد الرحمن بن القاسم قال: سمعت القاسم يحدث، عن عائشة قالت: «كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد من الجنابة».

413 - أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا عبيدة بن حميد، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: «لقد رأيتني أنازع رسول الله صلى الله عليه وسلم الإناء أغتسل أنا وهو منه».

باب الرخصة في ذلك

414 - أخبرنا محمد بن بشار، عن محمد، حدثنا شعبة، عن عاصم، ح وأخبرنا سويد بن نصر قال: أخبرنا عبد الله، عن عاصم، عن معاذة، عن عائشة قالت: " كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد أبادره ويبادرني حتى يقول: دعي لي، وأقول أنا: دع لي " قال سويد: «يبادرني وأبادره، فأقول دع لي دع لي».

شرح الشيخ: وهَذَا فيه جواز اغتسال الرجل والمرأة من إناء واحد، وأنه لا بأس بذلك، ولو رأى فرجها؛ لِأَنَّهَا حلٌ له وهو حلٌ لها، وأَمَّا حديث عائشة «ما رأيت منه ولا رأى مني» يعني العورة فحديث لا يصح، حديث عائشة أَنَّهَا قالت: «ما رأيت منه ولا رأى مني» هَذَا لا يصح، هَذَا الحديث أصح منه هَذَا في الصحيحين.

قال المؤلف: (باب الرخصة في ذلك) هَذَا لبيان الحكم بالتوسع عَلَى طريقة البخاري رحمه الله يكرر التراجم والأحاديث، كررها مرات، في مكان آخر يكررها.

قارئ المتن: باب الاغتسال في قصعة فيها أثر العجين

415 - أخبرنا محمد بن يحيى بن محمد قال: حدثنا محمد بن موسى بن أعين قال: حدثنا أبي، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء قال: حدثتنى أم هانئ، «أنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وهو يغتسل قد سترته بثوب دونه في قصعة فيها أثر العجين» قالت: فصلى الضحى، فما أدري كم صلى حين قضى غسله؟.

شرح الشيخ: سترته يعني سترته فاطمة، محمد بن يحيى بن محمد هَذَا ثقة كما في التقريب، وهو أحد شيوخ النسائي وكلهم ثقات، لكن ما فوقهم من الرواة لا حيلة لهم فيهم، فالنسائي يقول: شرطه أَنَّهُ يروي عمن لا يجمعوا عَلَى تركه، من لَمْ يجمع عَلَى تركه يروي عنه، كما قال الحافظ العراقي في الألفية: (والنسائي يخرج من لَمْ يجمع عَلَى تركه مذهبٌ متسع).

وفيه أَنَّهُ لا بأس بالاغتسال في إناء فيه أثر العجين أو أثر الطين أو أثر اللبن لا يضر هَذَا.

قارئ المتن: باب ترك المرأة نقض رأسها عند الاغتسال

416 - أخبرنا سويد بن نصر قال: أنبأنا عبد الله، عن إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير، عن عبيد بن عمير، أن عائشة قالت: «لقد رأيتني أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا - فإذا تور موضوع مثل الصاع أو دونه - فنشرع فيه جميعًا، فأفيض على رأسي بيدي ثلاث مرات وما أنقض لي شعرًا».

شرح الشيخ: نقض المرأة شعرها ليس بلازم، يجوز أن تغتسل ولو لَمْ تنقض شعرها، لكن في الحيض الأفضل أن تنقضه في الحيض دون الغسل للجنابة؛ لِأَنَّ الحيض لا يكون إِلَّا في الشهر مرة، فإذا نقضته فَهُوَ أفضل، وأَمَّا الجنابة فلا.

قارئ المتن: باب إذا تطيب واغتسل وبقي أثر الطيب

417 - حدثنا هناد بن السري، عن وكيع، عن مسعر وسفيان، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه قال: سمعت ابن عمر يقول: لأن أصبح مطليًا بقطران أحب إلي من أن أصبح محرمًا أنضخ طيبًا، فدخلت على عائشة فأخبرتها بقوله فقالت: «طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف على نسائه، ثم أصبح محرمًا».

شرح الشيخ: وهَذَا مِمَّا خفي من السنة عن ابن عمر، قالت له عائشة: أن التطيب قبل الإحرام سنة، ابن عمر يقول: : لأن أصبح مطليًا بقطران أحب إلي من أن أصبح محرمًا أنضخ طيبًا، يقول: أتطيب ثُمَّ أغتسل، الأحب إليه أن يطلى بقطران، القطران معروف له رائحة ليست طيبة، وبينت له عائشة أن هَذَا خلاف السنة، وأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يطوف عَلَى نسائه ويغتسل ثُمَّ يصبح محرمًا، والطيب ظاهر عليه.

قارئ المتن: باب إزالة الجنب الأذى عنه قبل إفاضة الماء عليه

418 - أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا محمد بن يوسف قال: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن سالم، عن كريب، عن ابن عباس، عن ميمونة قالت: «توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوءه للصلاة غير رجليه، وغسل فرجه وما أصابه، ثم أفاض عليه الماء، ثم نحى رجليه فغسلهما». قالت: هذه غسله للجنابة.

شرح الشيخ: هَذِهِ كيفية الغسل وهي تأخير غسل الرجلين، وكيفية ثانية هي أن يتوضأ أولًا ثُمَّ يغسل رجليه كما في الحديث الَّذِي بعده، وكيفية ثالثة لا يمسح رأسه إذا توضأ بَلْ يفيض الماء، كما سيأتي في ثلاث تراجم، هَذِهِ الترجمة فيه أَنَّهُ نحى رجليه وغسلهما، وفي حديث عائشة كما سيأتي لَمْ يغسل رجليه، هنا قال: غير رجليه، وكذلك في حديث عائشة، والحديث الآخر أَنَّهُ ترك غسل رجليه لآخر الوضوء.

يعني في كيفية أَنَّهُ يتوضأ وضوء كامل ويغسل رجليه في الحال.

وفي الرواية الثانية: أَنَّهُ يتوضأ ويترك غسل رجليه بعد الغسل، بعد أن يغتسل كاملا ً يغسل رجليه؛ لِأَنَّ الحمام كان عندهم ليس مبلط مثل اليوم؛ حَتَّى يزول ما فيها من الطين التراب، ما في حذاء عندهم وليس في حمامات مبطلة، فيؤخر غسل الرجلين بعدما ينتهي من الغسل حَتَّى يغسلهما ويزيل ما فيهما من الطين والتراب ويخرج.

والغسلة الثالثة: أَنَّهُ يترك غسل الرجلين مع الغسل.

قارئ المتن: باب مسح اليد بالأرض بعد غسل الفرج

419 - أخبرنا محمد بن العلاء قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب، عن ابن عباس، عن ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه، ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثم يضرب بيده على الأرض ثم يمسحها ثم يغسلها، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يفرغ على رأسه وعلى سائر جسده، ثم يتنحى فيغسل رجليه».

شرح الشيخ: هَذَا فيه أَنَّهُ أخر غسل الرجلين، أخرها إِلَى بعد الغسل، والكيفية الأولى أَنَّهُ يغسلها مع الوضوء، وفيه أَنَّهُ ضرب بيده الأرض ثُمَّ مسح يزيل ما علق بها من الرائحة، و في بَعْض الروايات أَنَّهُ يضرب الحائط، الحائط من طين من تراب، والأرض، لكن الآن الحائط ما في، الحائط أملس والأرض ملساء، والصابون كافي عن التراب.

قارئ المتن: باب الابتداء بالوضوء في غسل الجنابة

420 - أخبرنا سويد بن نصر قال: حدثنا عبد الله، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه، ثم توضأ وضوءه للصلاة، ثم اغتسل، ثم يخلل بيده شعره حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات، ثم غسل سائر جسده».

شرح الشيخ: هَذَا هُوَ السنة أَنَّهُ يبدأ بالوضوء أولًا ثُمَّ يكمل الغسل، غسل رأسه ثُمَّ شقه الأيمن ثُمَّ شقه الأيسر.

قارئ المتن: باب التيمن في الطهور

421 - أخبرنا سويد بن نصر قال: أخبرنا عبد الله، عن شعبة، عن الأشعث بن أبي الشعثاء، عن أبيه، عن مسروق، عن عائشة قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب التيمن ما استطاع في طهوره وتنعله وترجله - وقال بواسط - في شأنه كله».

شرح الشيخ: وهَذَا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، فيه مشروعية التيمن في كُلّ شيء.

قارئ المتن: باب ترك مسح الرأس في الوضوء من الجنابة

422 - أخبرنا عمران بن يزيد بن خالد قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله هو ابن سماعة قال: أخبرنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة، وعن عمرو بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر، أن عمر سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغسل من الجنابة - واتسقت الأحاديث على هذا - «يبدأ فيفرغ على يده اليمنى مرتين أو ثلاثًا، ثم يدخل يده اليمنى في الإناء فيصب بها على فرجه ويده اليسرى على فرجه فيغسل ما هنالك حتى ينقيه، ثم يضع يده اليسرى على التراب إن شاء، ثم يصب على يده اليسرى حتى ينقيها، ثم يغسل يديه ثلاثًا ويستنشق ويمضمض ويغسل وجهه وذراعيه ثلاثًا ثلاثًا حتى إذا بلغ رأسه لم يمسح وأفرغ عليه الماء» فهكذا كان غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر.

شرح الشيخ: هَذَا فيه غسلة ثالثة، كيفيتها أَنَّهُ ما يغسل رأسه، يتوضأ يديه يغسل وجهه ويديه ورجليه ولا يمسح رأسه يكتفي بالغسل.

الكيفية الأولى: أَنَّهُ يتوضأ وضوءًا كاملاً.

الكيفية الثانية: أَنَّهُ يؤخر غسل الرجلين بعد الغسل.

الكيفية الثالثة: أَنَّهُ يمسح رأسه، لكن هَذَا الحديث في سنده عمرو بن سعيد، عمرو بن سعيد هُوَ من شيوخه، هَلْ تكلم عن الحديث هَذَا، عن حديث عائشة عن عمرو بن سعيد عن أبيه عن ابن عمر، إيش قال عليه؟

الطالب: الحديث متفق عليه وقد مضى مشروحًا، قال: فارجع إليه تستفيد علمًا، وقوله: بواسط.

الشيخ: عمرو بن سعيد شوف تلاميذه، عمرو بن سعيد من هُوَ هَذَا عن نافع؟ عن عمرو بن سعد؟

الطالب: قال: عمرو بن سعد الفدكي ويقال: اليمامي مولى غفار، ويقال: مولى عثمان ثقة، روى عن محمد بن كعب القرظي ورجاء بن حيوة، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن شعيب ونافع مولى ابن عمر، وزياد النميري، ويزيد الرقاشي، وعنه يحيى بن كثير وعكرمة بن عمار والأوزاعي وعمر بن راشد، وعبد الله بن غزوان، قال أبو زرعة: الرازي دمشقي ثقة يروي عن الأوزاعي ويحيى بن أبي كثير، ذكره ابن حبان في الثقات أخرج له أبو داود والمصنف وابن ماجة، وله في هَذَا الكتاب أحاديث فقط.

الشيخ: عَلَى كُلّ حال الحديث صحيح ثابت، تكون هَذِهِ كيفية ثالثة في الغسل.

الكيفية الأولى: أَنَّهُ يتوضأ وضوءًا كامل ثُمَّ يغتسل.

الكيفية الثانية: أن يتوضأ إِلَّا الرجلين يؤخرهما بعد الغسل.

الكيفية الثالثة: أَنَّهُ يتوضأ إِلَّا مسح الرأس ما يمسح يكتفي بصب الماء عليها.

الطالب: قال أحسن الله إليك هنا، قال: هَذَا الحديث من أفراد المصنف كما أشار إليه الحافظ أبو الحجاج المزي في التحفة وفي حديث صحيح الإسناد كما قال الشيخ الألباني من صحيح النسائي وبقية مباحث الحديث تقدمت.

الشيخ: يقول هَذَا الحديث من أفراد أعد؟

الطالب: قال: هَذَا الحديث من أفراد المصنف كما أشار إليه الحافظ أبو الحجاج المزي في التحفة وفي حديث صحيح الإسناد كما قال الشيخ الألباني من صحيح النسائي وبقية مباحث الحديث تقدمت.

الشيخ: طيب.

قارئ المتن: باب استبراء البشرة في الغسل من الجنابة

423 - أخبرنا علي بن حجر قال: حدثنا علي بن مسهر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه، ثم توضأ وضوءه للصلاة، ثم يخلل رأسه بأصابعه حتى إذا خيل إليه أنه قد استبرأ البشرة غرف على رأسه ثلاثًا، ثم غسل سائر جسده».

424 - أخبرنا محمد بن المثنى قال: حدثنا الضحاك بن مخلد، عن حنظلة بن أبي سفيان، عن القاسم، عن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء نحو الحلاب، فأخذ بكفه بدأ بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر، ثم أخذ بكفيه فقال بهما على رأسه».

شرح الشيخ: الحلاب هُوَ إناء يحلب فيه، أيْ أَنَّهُ وضع فيه الماء الَّذِي يغتسل منه كما قال السيوطي، وقد اشتبه ذلك عَلَى البخاري فظنه نوعًا من الطيب، حيث ترجم البخاري: باب من بدأ بالحلاب أو الطيب عند الغسل، وضبطه بعضه بالجلاب، وتأوله بعضهم بتنظيف البدن، استظهر الحافظ أن معنى قوله: بدأ بالحلاب بإناء الماء الَّذِي هُوَ للغسل، فاستدعى به من أجل الغسل، أو من بدأ بالطيب عند إرادة الغسل إشارة إِلَى حديث عائشة أَنَّهَا طيبت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عند الإحرام، حَتَّى بعضهم نسبه وقال: هَذَا وهم من البخاري قول: باب من بدأ بالحلاب، والحلاب إناء يسع يعني قدر حلب الناقة، سمي حلاب لِأَنَّهُ يسع قدر حلب الناقة، يصب فيه الماء ويغتسل منه.

قارئ المتن: باب ما يكفي الجنب من إفاضة الماء عليه

425 - أخبرنا عبيد الله بن سعيد، عن يحيى، عن شعبة قال: حدثنا أبو إسحاق، حدثنا سويد بن نصر قال: حدثنا عبد الله، عن شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت سليمان بن صرد يحدث، عن جبير بن مطعم، أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عنده الغسل فقال: «أما أنا فأفرغ على رأسي ثلاثًا» لفظ سويد.

426 - أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا خالد، عن شعبة، عن مخول، عن أبي جعفر، عن جابر قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل أفرغ على رأسه ثلاثًا».

شرح الشيخ: يقال: مُخول، ويقال: مِخول، وهو ثقة؛ لِأَنَّ شعبة لا يروي إِلَّا عن ثقة، وفيه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يفرغ عَلَى رأسه الماء ثلاثًا.

قارئ المتن: باب العمل في الغسل من الحيض

427 - أخبرنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عفان قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا منصور بن عبد الرحمن، عن أمه صفية بنت شيبة، عن عائشة، أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله كيف أغتسل عند الطهور؟ قال: «خذي فرصة ممسكة فتوضئي بها». قالت: كيف أتوضأ بها؟ قال: «توضئي بها». قالت: كيف أتوضأ بها؟ قالت: ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبح وأعرض عنها، ففطنت عائشة لما يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: فأخذتها وجبذتها إلي فأخبرتها بما يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

شرح الشيخ: في الآخر أَنَّهُ قال لها: «خذي فرصة فتتبعي أثر الدم» الفرصة قطعة من قطن أو صوف ممسكة يعني مطلية بالمسك، خذيها وتتبعي أثر الدم، قال: تطهري بها، قالت: كيف أتطهر بها، قال: تطهري بها، ما عرفت فاستحى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأعرض عنها فجذبتها عائشة وأخبرتها، قالت: خذي تتبعي بها أثر الدم.

قارئ المتن: باب الغسل مرة واحدة

428 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأنا جرير، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب، عن ابن عباس، عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «اغتسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة، فغسل فرجه ودلك يده بالأرض أو الحائط، ثم توضأ وضوءه للصلاة، ثم أفاض على رأسه وسائر جسده».

شرح الشيخ: فيه دليل عَلَى أن الغسل مرة واحدة إذا عم جسده بالغسل مرة واحدة يكفي حصل المطلوب، وسبق في الحديث السابق أَنَّهُ أفاض الماء عَلَى رأسه ثلاثًا، فإذا عم جسده بالماء كفى.

قارئ المتن: باب اغتسال النفساء عند الإحرام

429 - أخبرنا عمرو بن علي ومحمد بن المثنى ويعقوب بن إبراهيم واللفظ له قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثني أبي قال: أتينا جابر بن عبد الله فسألناه عن حجة الوداع فحدثنا، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج لخمس بقين من ذي القعدة. وخرجنا معه حتى إذا أتى ذا الحليفة ولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصنع؟ فقال: «اغتسلي ثم استثفري ثم أهلي».

شرح الشيخ: وهَذَا الاغتسال للإحرام للنظافة كما تغتسل الحائض.

قارئ المتن: باب ترك الوضوء بعد الغسل

430 - أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم قال: حدثنا أبي قال: حدثنا حسن، عن أبي إسحاق، ح وأخبرنا عمرو بن علي قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوضأ بعد الغسل».

شرح الشيخ: اكتفاءً بوضوئه قبل الغسل، لكن لو خرج منه ريح أو مس فرجه في أثناء الغسل وجب عليه الوضوء.

قارئ المتن: باب الطواف على النساء في غسل واحد

431 - أخبرنا حميد بن مسعدة، عن بشر وهو ابن المفضل قال: حدثنا شعبة، عن إبراهيم بن محمد، عن أبيه قال: قالت عائشة: «كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطوف على نسائه، ثم يصبح محرما ينضخ طيبًا».

شرح الشيخ: سبق هَذَا، الآن جعله المؤلف في التيمم كرر تراجمه من باب استنباط الأحكام.

قارئ المتن: باب التيمم بالصعيد

432 - أخبرنا الحسن بن إسماعيل بن سليمان قال: حدثنا هشيم قال: أنبأنا سيار، عن يزيد الفقير، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورا فأينما أدرك الرجل من أمتي الصلاة يصلي، وأعطيت الشفاعة ولم يعط نبي قبلي، وبعثت إلى الناس كافة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة ".

شرح الشيخ: وهَذَا الحديث في الصحيح، وفيه أن من خصائص النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن الأرض جعلت له مسجدًا وطهورًا، هَذَا التيمم خاص بهذه الأمة «وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورا فأينما أدرك الرجل من أمتي الصلاة يصلي» كذلك الأمكنة يصلي في أيْ مكان من الأرض، أَمَّا من سبق فَإِنَّهُمْ يصلون في معابدهم معابد خاصة، وكذلك أعطي الشافعي، ونصر بالرعب مسيرة شهر، وجعلت الأرض مسجدًا وطهورًا، وأعطي الشافعة وَلَمْ يعطها نبي قبله، وبعث للناس كافية وكل نبي بعث إِلَى قومه خاصة.

قارئ المتن: باب التيمم لمن يجد الماء بعد الصَّلَاة

شرح الشيخ: ويصح لمن لَمْ يجد باعتبار ما سبق يعني، التيمم لمن لَمْ يجد ثُمَّ وجد الماء.

قارئ المتن:

433 - أخبرنا مسلم بن عمرو بن مسلم قال: حدثني ابن نافع، عن الليث بن سعد، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد، أن رجلين تيمما وصليا، ثم وجدا ماء في الوقت، فتوضأ أحدهما وعاد لصلاته ما كان في الوقت ولم يعد الآخر، فسألا النبي صلى الله عليه وسلم فقال للذي لم يعد: «أصبت السنة وأجزأتك صلاتك». وقال للآخر: «أما أنت فلك مثل سهم جمع».

شرح الشيخ: يعني جمع فيه أجر الصلاتين.

قارئ المتن:

434 - أخبرنا سويد بن نصر، حدثنا عبد الله، عن ليث بن سعد قال: حدثني عميرة، وغيره، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار أن رجلين، وساق الحديث.

شرح الشيخ: يعني هَذَا فيه أن النَّبِيّ تيمما وصليا في الوقت، ثُمَّ وجدا ماء في الوقت فتوضأ أحدهما وأعاد الصَّلَاة، الآخر لَمْ يعد، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لمن لَمْ يعد: «أصبت السنة، وأجزأتك صلاتك، وقال للآخر: أَمَّا أنت فلك الأجر مرتين» لاجتهاد، تكلم عن الحديث؟

الطالب: قال أحسن الله إليك: في ذكر أقوال العلماء فيمن تيمم وصلى ثُمَّ وجد الماء.

الشيخ: لا في الحديث أول شيء الحديث تكلم عن الحديث عن درجة الحديث؟

الطالب: قال أحسن الله إليك: في درجته حديث أبي سعيد رضي الله عنه هَذَا صحيح.

الشيخ: الحديث الَّذِي بعده صحيح؟

الطالب: (01:58:36)

الشيخ: ما تكلم عن رجاله؟

الطالب: قال أحسن الله إليك: هَذَا الحديث مرسل صحيح الإسناد وقد تَقَدَّمَ سندًا ومتنًا.

الشيخ: لماذا مرسل؟

الطالب: بسبب عطاء بن يسار.

الشيخ: لا عن أبي سعيد.

الطالب: هو يقصد عن عطاء بن يسار.

الشيخ: عطاء بن يسار عن أبي سعيد، مرسل هَذَا؟

الطالب: الأول مرسل أحسن الله إليك.

الشيخ: لا الأخير، عن عطاء بن يسار هَذَا مرسل، لكن حديث أبي سعيد، العمدة عَلَى حديث أبي سعيد، حديث أبي سعيد صحيح ماذا قال؟

الطالب: ذكر أحسن الله إليك، قال: حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: هَذَا صحيح.

الشيخ: بس، تكلم عن رجال الحديث؟

الطالب: قال أحسن الله إليك: مسلم بن عمرو بن مسلم بن وهب الحذاء أبو عمرو المدني صدوق، روى عن عبد الله بن نافع الصائغ، وعنه الترمذي والنسائي وأبو بكر بن صدقة البغدادي، وعامر بن محمد القرمطي، ومحمد بن أحمد بن أنس الترمذي، ومحمد بن أحمد بن أبي خيثمة، ويحيى بن الحسن النسابة، ويحيى بن محمد بن صاعد، قال النسائي: صدوق، وكذا قال مسلمة، وأخرج ابن خزيمة عنه في صحيحه وله في هَذَا الكتاب هَذَا الحديث فقط.

الشيخ: طيب بعده نافع.

الطالب: ابن نافع هُوَ عبد الله بن نافع الصائغ المخزومي مولاهم أبو محمد المدني، ثقة صحيح الكتاب في حفظه لين. الليث؟

الشيخ: الليث إمام معروف، اللي بعده.

الطالب: بكر بن سوادة بن ثمامة الجزامي أبو ثمامة المصري ثقة فقيه تَقَدَّمَ، وعطاء بن يسار الهلال أبو محمد المدني مولى ميمونة ثقة فاضل صاحب مواعظ وعبادة من الصغار.

الشيخ: ما ثبت فيه لين، الحديث اللي بعده مرسل، وليس فيه ابن نافع الَّذِي فيه لين، ماذا أقوال العلماء في الحديث؟

الطالب: ابن نافع هو عبد الله، شيخ النسائي، قال في الترجمة هو: عبد الله بن نافع.

الشيخ: هُوَ عبد الله، ابن نافع يقول فيه لين، في حفظه لين.

الطالب: (02:02:31)

الشيخ: يعني العمدة عَلَى أَنَّهُ مرسل وعَلَى هَذَا يعني في إشكال الآن، أحدهما توضأ قال: أصبت، وقال للآخر: لك الأجر مرتين.

الطالب: بن عمرو صدوق، وسويد بن نصر ثقة.

الشيخ: الأصل أن شيوخ المؤلف كلهم ثقات، صدوق قال فيه لين طيب.

الطالب: (02:03:13)

الشيخ: نعم يقول مرسل.

الطالب: قال الجامع عفا الله عنا وعنه: ظاهر أن هَذَا الاختلاف لا يضر، الاختلاف بذكر الواسطة بين ليث وبين بكر وعدمه يحمل عَلَى أن ليثًا أخذه عن عميرة أولًا، ثُمَّ عن بكر ثانيًا؛ فإن الليث لَمْ يوصف بالتدليس، وأَمَّا الاختلاف بالوصل والإرسال فترجح رواية الوصل عَلَى الإرسال لقوتها؛ لِأَنَّ ابن السكن أخرجه في صحيحه بسنده عن أبي الوليد الطيالسي، قال: حدثنا الليث بن سعد عن عمرو بن الحارث وعميرة بن أبي ناجية عن بكر بن سوادة، عن عطاء عن أبي سعيد أن رجلين خرجا في سفر الحديث، رواية أبي الوليد تقوي رواية عبد الله بن نافع موصولة.

الشيخ: طيب أقوال العلماء في المسألة.

الطالب: قال أحسن الله إليك في الجامع: هَذَا الحديث مرسل صحيح الإسناد، وقد تَقَدَّمَ سندًا ومتنًا في باب من لَمْ يجد الماء ولا الصعيد.

الشيخ: أقوال العلماء.

الطالب: قال: وفي ذكر أقوال العلماء فيمن تيمم وصلى ثُمَّ وجد الماء قبل خروج الوقت، قال الإمام أبو بكر بن المنذر رحمه الله تعالى أَيْضًا: أجمع أهل العلم عَلَى أن من تيمم صعيدًا طيبًا كما أمر الله، وصلى ثُمَّ وجد الماء بعد خروج وقت الصَّلَاة لا إعادة عليه، واختلفوا فيمن صلى بالتيمم ثُمَّ وجد الماء قبل خروج الوقت، فقالت طائفة: يعيد الصَّلَاة، هَذَا قول عطاء وطاووس والقاسم ومكحول وابن سيرين والزهري وربيعة واستحب الأوزاعي إعادتها، وقال: ليس ذلك بواجب، واختلف فيه عن الحسن فروى يونس عنه أَنَّهُ قال: يعيد ما دام في الوقت، وروى يزيد التستري عنه أَنَّهُ قال: هُوَ بالخيار إن شاء اغتسل وأعاد، وإِلَّا فقد مضت صلاته.

وقالت طائف: لا إعادة عليه فعل ذلك ابن عمر وَلَمْ يعد، ثُمَّ أسند عن نافع عن ابن عمر قال: تيمم ابن عمر عَلَى رأس يعني ميلاً أو ميلين من المدينة فصلى العصر، فقدم والشمس مرتفعة فلم يعد الصَّلَاة، وبه قال الشعبي والنخعي وأبو سلمة بن عبد الرحمن ومالك وسفيان والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي، قال أبو بكر: وكذلك نقول: وقد أدى هَذَا فرضه كما أُمر، فمن ادعى نقض ذلك وإيجاب الإعادة عليه فليأتي بحجة، ولا حجة نعلمها مع من أوجب عليه الإعادة، ولا فرق بين من صلى جالسًا لعلة ثُمَّ أفاق وقدر عَلَى القيام ومن صلى عريانًا لا يقدر عَلَى ثوب ثُمَّ وجد الثوب في الوقت، وبين من صلى بالتيمم حيث يجوز له أن يصلي ثُمَّ وجد الماء ألا إعادة عَلَى أحدٍ منهم.

قال الجامع: هَذَا الَّذِي رجحه ابن المنذر رحمه الله تعالى هُوَ الظاهر، الحقيق بالقبول لحديث الباب، حيث قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم للذي لَمْ يعد مع وجود الماء في الوقت: «أصبت السنة وأجزأتك صلاتك» فَإِنَّهُ نص صريح قاطع للنزاع فلا رأي ولا قياس مع النص، وأن قد أجاد من قال وأحسن في المقال من الوافر:

إذا جالت خيول النص يومًا ... تجاري في ميادين الكفاح

غدت شبه القياسيين صرعى ...

الشيخ: أبيات ماذا هَذِهِ؟ شرح لماذا؟

الطالب: شرح للمقال في النص.

الشيخ: المقصود: الصواب أَنَّهُ لا يعيد، ما دام فاقد للماء ثُمَّ تيمم ثُمَّ وجد الماء فلا يعيد سواء كان في الوقت أو خرج الوقت.

 

 

قارئ المتن: باب الوضوء من المذي

435 - أخبرنا علي بن ميمون قال: حدثنا مخلد بن يزيد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: تذاكر علي والمقداد وعمار فقال: علي: إني امرؤ مذاء وإني أستحي أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني، فيسأله أحدكما - فذكر لي أن أحدهما، ونسيته، سأله - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ذاك المذي إذا وجده أحدكم فليغسل ذلك منه، وليتوضأ وضوءه للصلاة» أو «كوضوء الصلاة».

436 - أخبرنا محمد بن حاتم، حدثنا عبيدة قال: حدثنا سليمان الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلاً مذاء فأمرت رجلاً، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «فيه الوضوء».

437 - أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا خالد بن الحارث قال: حدثنا شعبة قال: أخبرني سليمان الأعمش قال: سمعت منذرا، عن محمد بن علي، عن علي رضي الله عنه قال: استحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المذي - من أجل فاطمة - فأمرت المقداد فسأله، فقال: «فيه الوضوء».

438 - أخبرنا أحمد بن عيسى، عن ابن وهب وذكر كلمة معناها: أخبرني مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس قال: قال علي رضي الله عنه: أرسلت المقداد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله عن المذي فقال: «توضأ وانضح فرجك» قال أبو عبد الرحمن: مخرمة لم يسمع من أبيه شيئًا.

439 - أخبرنا سويد بن نصر، حدثنا عبد الله، عن ليث بن سعد، عن بكير بن الأشج، عن سليمان بن يسار قال: أرسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه المقداد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله عن الرجل يجد المذي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يغسل ذكره ثم ليتوضأ».

440 - أخبرنا عتبة بن عبد الله قال: قرئ على مالك وأنا أسمع، عن أبي النضر، عن سليمان بن يسار، عن المقداد بن الأسود، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمره أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل إذا دنا من المرأة فخرج منه المذي - فإن عندي ابنته وأنا أستحيي أن أسأله - فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: «إذا وجد أحدكم ذلك فلينضح فرجه وليتوضأ وضوءه للصلاة».

شرح الشيخ: وهَذِهِ الأحاديث كلها تدل عَلَى وجوب الوضوء من المذي، والمذي: هُوَ ماء أصفر لزج يخرج من رأس الذكر من عند انتشار الشهوة والملاعبة، وهو يوجب الوضوء وغسل الذكر والأنثيين، وفي الحديث الآخر: «اغسل فرجك وأنثييك» يعني الخصيتين، ولعل الحكمة حَتَّى يتقلص الخارج، غسل الذكر والأنثيين ولا يوجب الغسل، وإِنَّمَا يجب الغسل من المني.

 

 

قارئ المتن: باب الأمر بالوضوء من النوم

441 - أخبرنا عمران بن يزيد قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثنا محمد بن مسلم الزهري قال: حدثني سعيد بن المسيب قال: حدثني أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم من الليل فلا يدخل يده في الإناء حتى يفرغ عليها مرتين أو ثلاثًا؛ فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده».

442 - أخبرنا قتيبة قال: حدثنا داود، عن عمرو، عن كريب، عن ابن عباس قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فقمت عن يساره فجعلني عن يمينه فصلى، ثم اضطجع ورقد، فجاءه المؤذن فصلى ولم يتوضأ» مختصر.

443 - أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي قال: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا نعس أحدكم في صلاته فلينصرف وليرقد».

شرح الشيخ: الطفاوي صدوق يهم، الحديث حسن وقد يكون صحيحًا؛ لِأَنَّ الوهم اليسير لا يضر، وفيه الحديث الأول أَنَّهُ عليه أن يغسل يديه ثلاثًا إذا قام من النوم قبل أن يدخلهما الإناء، قال بَعْض العلماء: للوجوب، وفي الحديث الآخر: «فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده».

والحديث الثاني فيه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صلى ثُمَّ جاء ابن عباس فقام عن يساره، فيه أن الإنسان إذا كان يصلي منفردًا جاز لمن يأتي أن يصلي معه وينوي الإمامة إذا صف معه إن كان لَمْ ينو الإمامة، كما فعل النَّبِيّ صلى بالليل وجاء ابن عباس عن يمينه، صار مأموم فأداره عن يساره، فتحصل بذلك فضيلة الجماعة، وقد خص بَعْض العلماء هَذَا في صلاة النافلة.

والصواب: أَنَّهُ يجوز في الفريضة والنافلة؛ لِأَنَّ الأصل أن الفريضة والنفل سواء، وفيه أن نوم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا ينقض الوضوء؛ لِأَنَّ عيناه تنام ولا ينام قلبه، بخلاف غيره فإن نومه ينقض الوضوء.

وفي الحديث الأخير حديث أنس: «إذا نعس أحدكم في صلاته فلينصرف» سبق هذا «وليرقد» هَذَا في صلاة التطوع، إذا نعس فلينصرف وليرقد، أَمَّا في صلاة الفريضة يجب عليه أن يعالج نفسه حَتَّى يذهب عنه النوم من غسل الوجه ومن النوم مبكرًا ولا يجوز له الانصراف عن صلاة الفريضة.

قارئ المتن: باب الوضوء من مس الذكر

444 - أخبرنا قتيبة، عن سفيان، عن عبد الله يعني ابن أبي بكر قال على أثره - قال أبو عبد الرحمن: ولم أتقنه - عن عروة، عن بسرة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مس فرجه فليتوضأ».

445 - أخبرنا عمران بن موسى قال: حدثنا محمد بن سواء، عن شعبة، عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن بسرة بنت صفوان، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه فليتوضأ».

446 - أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن مروان بن الحكم أنه قال: «الوضوء من مس الذكر». فقال مروان: أخبرتنيه بسرة بنت صفوان فأرسل عروة قالت: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يتوضأ منه؟ فقال: «من مس الذكر».

447 - أخبرنا إسحاق بن منصور قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن هشام بن عروة قال: أخبرني أبي، عن بسرة بنت صفوان، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من مس ذكره فلا يصلي حتى يتوضأ» قال أبو عبد الرحمن: هشام بن عروة لم يسمع من أبيه هذا الحديث، والله سبحانه وتعالى أعلم.

شرح الشيخ: هَذَا الحديث حديث بشرة بنت صفوان، قال البخاري: حديث بسرة أصح شيء في هَذَا الباب «من مس ذكره فليتوضأ» وفي المسألة حديث طلق بن عدي قال: «سألت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن مس الذكر قال: إِنَّمَا هُوَ بضعة منك» يعني قطعة منك، جمع العلماء بينهما بأن حديث بسرة أصح من حديث طلق، حديث طلق فيه ضعف، وحديث بسرة أصح.

ثانيًا: حديث طلق هَذَا كان قديمًا، جاءه والنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يبني مسجده، وحديث بسرة متأخر، حديث طلق بن عدي قديم، جاء والنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يبني مسجده، وهَذَا متأخر، فحديث طلق يعني إِمَّا أَنَّهُ منسوخ بحديث بسرة أو أَنَّهُ ضعيف وأصح منه حديث بسرة، ثُمَّ إن الشريعة ناقلة، فحديث طلق فيه مُبقٍ عَلَى الحكم مُبقٍ عَلَى ما كان، وحديث بسرة ناقلة، الشريعة ناقلة، وعَلَى هَذَا يقدم حديث بسرة، حديث بسرة أصح من حديث طلق ويجب الوضوء؛ لِأَنَّ حديث طلق إِمَّا منسوخ أو ضعيف.

وذهب بَعْض العلماء إِلَى أن مس الذكر يستحب، ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية، والصواب: أَنَّهُ يجب الوضوء من مس الذكر، سواء ذكره أو ذكر غيره، إذا مسه مباشرة من دون حائل، مس بظهر الكف أو بطن الكف، أَمَّا إذا مسه من وراء قفازين أو من وراء ثوب ما يضر، أو مس ذكره بذراعه أوب رجله هَذَا لا يؤثر، إِنَّمَا ظاهر الكف أو باطن الكف إِلَى الرسغ هَذَا هُوَ الَّذِي يوجب الوضوء، إذا مسه من دون حائل.

قارئ المتن: كتاب الصَّلَاة

شرح الشيخ: بركة، وفق الله الجميع لطاعته، رزق الله الجميع العلم النافع والعمل الصالح وصلى الله عَلَى محمد.

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد