شعار الموقع

قراءة من سنن النسائي - كتاب الغسل والتيمم + كتاب الصلاة + كتاب المواقيت

00:00
00:00
تحميل
23

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وَالصَّلَاة والسلام عَلَى رسول الله، اللَّهُمَّ اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

وبأسانيدكم حفظكم الله إِلَى الإمام النسائي رحمه الله قال: كتاب الصَّلَاة.

قارئ المتن: فرض الصَّلَاة، وذكر اختلاف الناقلين في إسناد حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، واختلاف ألفاظهم فيه.

448 - أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا هشام الدستوائي، قال: حدثنا قتادة، عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان إذ أقبل أحد الثلاثة بين الرجلين، فأتيت بطست من ذهب ملآن حكمة وإيمانًا، فشق من النحر إلى مراق البطن، فغسل القلب بماء زمزم، ثُمَّ ملئ حكمة وإيمانًا، ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار، ثم انطلقت مع جبريل عليه السلام فأتينا السماء الدنيا فقيل: من هذا؟ قال: جبريل قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد أرسل إليه؟ مرحبًا به ونعم المجيء جاء، فأتيت على آدم عليه السلام فسلمت عليه قال: مرحبًا بك من ابن ونبي. ثم أتينا السماء الثانية قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد -فمثل ذلك - فأتيت على يحيى وعيسى فسلمت عليهما فقالا: مرحبًا بك من أخ ونبي. ثم أتينا السماء الثالثة، قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد فمثل ذلك، فأتيت على يوسف عليه السلام، فسلمت عليه، قال: مرحبًا بك من أخ ونبي. ثم أتينا السماء الرابعة - فمثل ذلك - فأتيت على إدريس عليه السلام، فسلمت عليه، فقال: مرحبًا بك من أخ ونبي. ثم أتينا السماء الخامسة - فمثل ذلك - فأتيت على هارون عليه السلام، فسلمت عليه قال: مرحبًا بك من أخ ونبي. ثم أتينا السماء السادسة - فمثل ذلك - ثم أتيت على موسى عليه السلام، فسلمت عليه، فقال: مرحبًا بك من أخ ونبي، فلما جاوزته بكى، قيل: ما يبكيك؟ قال: يا رب، هذا الغلام الذي بعثته بعدي، يدخل من أمته الجنة أكثر وأفضل مما يدخل من أمتي ثم أتينا السماء السابعة - فمثل ذلك - فأتيت على إبراهيم عليه السلام، فسلمت عليه، فقال: مرحبًا بك من ابن ونبي، ثم رفع لي البيت المعمور، فسألت جبريل فقال: هذا البيت المعمور، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، فإذا خرجوا منه لم يعودوا فيه آخر ما عليهم، ثم رفعت لي سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة، وإذا في أصلها أربعة أنهار: نهران باطنان، ونهران ظاهران، فسألت جبريل فقال: أما الباطنان ففي الجنة، وأما الظاهران فالفرات والنيل. ثم فرضت علي خمسون صلاة، فأتيت على موسى فقال: ما صنعت؟ قلت: فرضت علي خمسون صلاة. قال: إني أعلم بالناس منك؛ إني عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، وإن أمتك لن يطيقوا ذلك، فارجع إلى ربك، فاسأله أن يخفف عنك، فرجعت إلى ربي، فسألته أن يخفف عني، فجعلها أربعين، ثم رجعت إلى موسى عليه السلام، فقال: ما صنعت؟ قلت: جعلها أربعين، فقال لي مثل مقالته الأولى: فرجعت إلى ربي عز وجل فجعلها ثلاثين، فأتيت على موسى عليه السلام، فأخبرته، فقال لي مثل مقالته الأولى، فرجعت إلى ربي، فجعلها عشرين، ثم عشرة، ثم خمسة، فأتيت على موسى عليه السلام، فقال لي مثل مقالته الأولى، فقلت: إني أستحي من ربي عز وجل أن أرجع إليه، فنودي: أن قد أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي، وأجزي بالحسنة عشر أمثالها».

شرح الشيخ: بسم الله والحمد لله وَالصَّلَاة والسلام عَلَى رسول الله وعَلَى آله وصحبه أجمعين.

أَمَّا بعد:

هَذَا الحديث فيه إثبات الإسراء والمعراج، والإسراء ثبات في الْقُرْآن الكريم، من أنكره كفر لقول الله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} [الإسراء: 1]، وكذلك المعراج لَابُدَّ من أنكر أن يبين له؛ حَتَّى تقوم عليه الحجة، وفيه عظم شأن الصَّلَاة، وأن الصَّلَاة فرضت في المحل الأعلى، وفرضت خمسين صلاة ثُمَّ خففت خمس صلوات، هَذَا دليل عَلَى عظم شأنها، وتميزها من بين سائر أركان الإسلام، ولذلك الصحيح أن تركها كفر ولو لَمْ يجحد وجوبها، بخلاف بقية الأركان الثلاثة، وفيه إثبات السماوات وأن عليها حراس، فلابد من جاء يستأذن، جبريل يستأذن ويُسأل من معك؟

وفيه تسمية ابن أربعن غلامًا، لما قال: «هَذَا الغلام الَّذِي بعثته بعدي» تسمية ابن الأربعين غلامًا، وأَمَّا بكاء موسى ليس بكاء حسدًا؛ بَلْ تألمًا وتأسفًا عَلَى بني إسرائيل حيث تخلف كثيرٌ منهم عن الإسلام والإيمان بموسى عليه الصلاة والسلام كما بين أهل العلم.

وفيه إثبات سدرة المنتهى وفيه إثبات علو الله، وأن الله في العلو، فإن محمد صلى الله عليه وسلم وجبريل صعدا إِلَى السَّمَاءِ السابعة؛ حَتَّى تجاوزا السبع الطباق، وسمعا كلام الله U، وفيه أن الصَّلَاة فرضت عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من غير واسطة، قد كلمه الله بدون واسطة، ثُمَّ خففها إِلَى خمس، وأنه يتردد بين ربه وبين موسى، وفي كُلّ مرة يصعد به جبرائيل إِلَى الله U، ففيه إثبات العلو لله عز وجل وأن الله تعالى في العلو بعد أن تنتهي المخلوقات، وإثبات الكلام لله عز وجل والرد عَلَى من أنكره، من أنكر الكلام أو قال: إِنَّهُ مخلوق كالمعتزلة، أو قال: إن الكلام ليس بحرف وصوت كالأشاعرة.

وفيه إثبات سدرة المنتهى، وأن في أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران، وورد أن الباطنين هما سيح وجيح، واختلف في ذلك، فقيل: هَذَا اتفاق في الاسم؛ لِأَنَّ سيحون وجيحون في الأرض، وقيل: إِنَّهُ نزل بشيء من مائها في الأرض فسميت باسمها، ولا يبعد هَذَا، فإن حوض النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في الأرض يوم القيامة ويصب فيه ميزابان من نهر الكوثر.

قارئ المتن:

449 - أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال أنس بن مالك وابن حزم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فرض الله عز وجل على أمتي خمسين صلاة فرجعت بذلك حتى أمر بموسى عليه السلام فقال: ما فرض ربك على أمتك؟ قلت: فرض عليهم خمسين صلاة. قال لي موسى: فراجع ربك عز وجل؛ فإن أمتك لا تطيق ذلك، فراجعت ربي عز وجل فوضع شطرها، فرجعت إلى موسى فأخبرته فقال: راجع ربك؛ فإن أمتك لا تطيق ذلك. فراجعت ربي عز وجل فقال: هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي. فرجعت إلى موسى فقال: راجع ربك. فقلت: قد استحييت من ربي عز وجل».

شرح الشيخ: هَلْ هُوَ أبو بكر بن حزم الصحابي أو أَنَّهُ التابعي، في الحديث هَذَا قال: قال أنس بن مالك وابن حزم؟

الطالب: ابن حزم هُوَ أبو بكر محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري النجاري المدني القاضي ثقة عابد.

الشيخ: التابعي يعني ما هُوَ الصحابي، ثقةٌ.

الطالب: قال: ثقةٌ عابد أحسن الله إليك.

الشيخ: أعد.

الطالب: قال: ابن حزم هُوَ أبو بكر محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري النجاري المدني القاضي ثقة عابد.

قارئ المتن:

450 - أخبرنا عمرو بن هشام قال: حدثنا مخلد، عن سعيد بن عبد العزيز قال: حدثنا يزيد بن أبي مالك قال: حدثنا أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « أتيت بدابة فوق الحمار ودون البغل خطوها عند منتهى طرفها، فركبت ومعي جبريل عليه السلام فسرت فقال: انزل فصل ففعلت. فقال: أتدري أين صليت؟ صليت بطيبة وإليها المهاجر، ثم قال: انزل فصل فصليت، فقال: أتدري أين صليت؟ صليت بطور سيناء حيث كلم الله عز وجل موسى عليه السلام، ثم قال: انزل فصل فنزلت فصليت. فقال: أتدري أين صليت؟ صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى عليه السلام، ثم دخلت بيت المقدس فجمع لي الأنبياء عليهم السلام، فقدمني جبريل حتى أممتهم، ثم صعد بي إلى السماء الدنيا، فإذا فيها آدم عليه السلام، ثم صعد بي إلى السماء الثانية، فإذا فيها ابنا الخالة عيسى ويحيى عليهما السلام، ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فإذا فيها يوسف عليه السلام، ثم صعد بي إلى السماء الرابعة، فإذا فيها هارون عليه السلام، ثم صعد بي إلى السماء الخامسة فإذا فيها إدريس عليه السلام، ثم صعد بي إلى السماء السادسة فإذا فيها موسى عليه السلام، ثم صعد بي إلى السماء السابعة، فإذا فيها إبراهيم عليه السلام. ثم صعد بي فوق سبع سماوات فأتينا سدرة المنتهى، فغشيتني ضبابة، فخررت ساجدًا، فقيل لي: إني يوم خلقت السماوات والأرض فرضت عليك وعلى أمتك خمسين صلاة، فقم بها أنت وأمتك، فرجعت إلى إبراهيم فلم يسألني عن شيء، ثم أتيت على موسى فقال: كم فرض الله عليك وعلى أمتك؟ قلت: خمسين صلاة، قال: فإنك لا تستطيع أن تقوم بها أنت ولا أمتك، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فرجعت إلى ربي فخفف عني عشرًا، ثم أتيت موسى فأمرني بالرجوع فرجعت فخفف عني عشرًا، ثم ردت إلى خمس صلوات. قال: فارجع إلى ربك، فاسأله التخفيف؛ فإنه فرض على بني إسرائيل صلاتين، فما قاموا بهما. فرجعت إلى ربي عز وجل، فسألته التخفيف، فقال: إني يوم خلقت السماوات والأرض فرضت عليك وعلى أمتك خمسين صلاة فخمس بخمسين، فقم بها أنت وأمتك. فعرفت أنها من الله تبارك وتعالى صرى، فرجعت إلى موسى عليه السلام فقال: ارجع فعرفت أنها من الله صرى - أي: حتم - فلم أرجع».

شرح الشيخ: صرى يعني حتم فسرها بالحتم، صرى يعني حتم واجبة وعزيمة، ومشتقة من صرى إذا قطع، وقيل: هي مشتقة من صرت الشيء إذا لزمته.

فهذا الحديث فيه إثبات البراق وأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ركب عَلَى البراق في الإسراء، أسري به من مكة إِلَى بيت المقدس عَلَى البراق، والبراق دابة أكبر من الحمار وأصغر من البغل، سمي براق: لما فيه من البريق واللمعان، وخطوه مد البصر، كَأَنَّهُ والله أعلم قريب من الطائرة في قطع المسافة تقريبًا من مكة إِلَى بيت المقدس، خطوه مد البصر، ما يقارب من ساعة أو ساعة ونصف والله أعلم.

فهذا من المعجزات ومن الآيات العظيمة، هَذَا البراق يقطع هَذِهِ المسافة في وقت وجيز، وكان النَّاس في ذاك الوقت يذهبون من مكة إِلَى بيت المقدس في مدة شهر عَلَى الإبل، شهر كامل ثلاثين يومًا قطعه مثل ما تقطع الطائرة.

وهَذَا الحديث في متنه غرابة، وهو أَنَّهُ نزل وصلى بطيبة، ونزل وصلى في طور سيناء، ونزل وصلى في بيت لحم، وَلَمْ يذكر هَذَا في غير هَذَا الحديث، ولعله هَذَا من أوهام يزيد بن أبي مالك، ويَدُلَّ عَلَى ذلك أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: «أريت دار هجرتكم ذات نخل فحسبتها اليمامة أو طيبة» فلو كان في الإسراء صلى بطيبة وقيل له: إليه المهاجر، لعرفها وأنه مهاجره.

وكذلك من الأوهام أَنَّهُ ورد فيه أن إدريس كان في السَّمَاءِ الخامسة، والمعروف في الحديث الصحيح أَنَّهُ في السَّمَاءِ الرابعة، وأن هارون في الخامسة. تكلم عن الحديث هَذَا؟ حديث عمرو بن هشام، قال: حدثنا مخلد، عن سعيد بن عبد العزيز قال: حدثنا يزيد بن أبي مالك.

الطالب: قال أحسن الله إليك: حديث أنس رضي الله عنه هَذَا من رواية يزيد بن أبي مالك عنه صحيح.

الشيخ: في متنه غرابة، من شروط الصحيح أن يتصل السند، وأن يكون رواته عدول وضابطون، وألا يكون في متنه غرابة، وألا يخالف من غير شذوذ ولا علة، هَذَا فيه شذوذ خالف الأحاديث الصحيحة، ما في الأحاديث الصحيحة أَنَّهُ نزل في طيبة، ونزل في طور سيناء، ونزل في بيت لحم، وكذلك إدريس في السَّمَاءِ الخامسة، يكون اختل شرط من شروط الصحيح من جهة المتن؛ حَتَّى ولو صح السند، لو كان السند مستقيم والمتن فيه غرابة هَذَا يعتبر إخلال بشرط الصحيح، ما توفرت فيه شروط الحديث الصحيح.

الطالب: قال أحسن الله إليك: في المسألة الثانية في بيان مواضعه عند المصنف، قال: أخرجه هنا عن عمرو بن هشام الحراني، عن مخلد بن يزيد، عن سعيد بن عبد العزيز عنه به، قال الحافظ المزي رحمه الله: تابعه يعني مخلدًا، الوليد ين مسلم ويحيى بن صالح الوحاظي وعبد الله بن صالح المصري عن سعيد، وقال أبي مسهر: وعمرو بن أبي سلمة عن سعيد عن يزيد بن أبي مالك عن بَعْض أصحابه عن أنس بن مالك والله تعالى أعلم.

وقال في المسألة الثالثة: فيمن أخرجه معه من أصحاب الأصول، قال: حديث أنس من رواية يزيد بن أبي مالك انفرد به المصنف وقد أخرجه مسلم من رواية حماد بن سلمة، وسليمان بن المغيرة كلا هما عن ثبات عنه، وبقية مباحث الحديث تقدمت في حديث ملك بن صعصعة رضي الله عنه.

الشيخ: لكن في رواية مالك ما ذكر، وفي رواية مسلم ذكر أَنَّهُ نزل في طيبة ونزل في طور سيناء ونزل في كذا، ما تكلم عن غرابة المتن.

الطالب: الكلام عن يزيد، مخلد صدوق له أوهام، وكذلك يزيد له أوهام.

الشيخ: لعله من أوهام يزيد، أو من أوهام مخلد.

الطالب: وسعيد بن عبد العزيز اختلط في آخر عمره.

الشيخ: إذا كان المتن فيه غرابة لَابُدَّ أن يكون في السند شيء، ما يمكن أن يكون السند في الغالب مستقيم إذا كان المتن فيه غرابة، مخلد وسعيد ويزيد بن أبي مالك اختلط، فلعل هَذَا من أوهام يزيد أو من أوهام مخلد أو من أوهام سعيد بن عبد العزيز.

قارئ المتن:

451 - أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا مالك بن مغول، عن الزبير بن عدي، عن طلحة بن مصرف، عن مرة، عن عبد الله قال:« لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهي به إلى سدرة المنتهى وهي في السماء السادسة، وإليها ينتهي ما عرج به من تحتها وإليها ينتهي ما أهبط به من فوقها حتى يقبض منها قال: {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى}[النجم/16] قال: فراش من ذهب، فأعطي ثلاثًا: الصلوات الخمس، وخواتيم سورة البقرة، ويغفر لمن مات من أمته لا يشرك بالله شيئًا المقحمات».

شرح الشيخ: المقحمات يعني الكبائر الَّتِي تقحم صاحبها في النَّارِ، وهَذَا يَدُلَّ عَلَى أن بَعْض الكبائر قد تغفر لصاحبها بسبب توحيده وإيمانه العظيم، وحسناته الكثيرة ولو لَمْ يتب، ولهذا لَمْ يقيد بالتوبة، ولكن قد يقال: إن هَذَا مطلق يقيد بنصوص التقييد بالتوبة في مغفرة الكبائر، يكون هَذَا مطلق تقيده الأحاديث الأخرى.

وهَذَا الحديث قوله: أَنَّهَا في السَّمَاءِ السادسة إن صح فَهُوَ محمول عَلَى أن أصلها في السَّمَاءِ السادسة، أو يكون وهم بَعْض الرواة، المعروف أَنَّهَا في السَّمَاءِ السابعة، سدرة المنتهى في السَّمَاءِ السابعة هَذَا في الأحاديث الصحيحة، وهنا قال: في السَّمَاءِ السادسة ماذا قال عَلَى الحديث عندك؟ تكلم عَلَى سنده؟

الطالب: قال أحسن الله إليك: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه هَذَا أخرجه مسلم في صحيحه.

الشيخ: بهذا اللفظ؟

الطالب: نعم أ حسن الله إليك، وقال أحسن الله إليك: أخرجه رحمه الله هنا وفي الكبرى بهذا السند، ثُمَّ قال في المسألة الثانية فيمن أخرجه معه من أصحاب الأصول: أخرجه مسلم والترمذي، وأخرجه مسلم في الإيمان عن محمد بن عبد الله بن نمير، وزهير بن حرب، كلاهما عن عبد الله بن نمير، وعن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي أسامة كلاهما عن مالك بن مغول عن الزبير بن عدي، عن طلحة بن مصرف، عن مرة بن شراحيل عنه، وأخرجه الترمذي في تفسير سورة النجم عن ابن أبي عمر، عن سفيان بن عيينة عن مالك بن مغول عن طلحة نحوه.

الشيخ: نعم، يحمل كما قال، كما السندي في الحاشية: أصلها في السَّمَاءِ السادسة ورأسها في السَّمَاءِ السابعة فلا منافاة، يكون أصلها في السَّمَاءِ السادسة ورأسها في السَّمَاءِ السابعة.

قارئ المتن: باب أين فرضت الصلاة

452 - أخبرنا سليمان بن داود، عن ابن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن عبد ربه بن سعيد حدثه، أن البناني حدثه، عن أنس بن مالك، أن «الصلوات فرضت بمكة» وأن «ملكين أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهبا به إلى زمزم، فشقًا بطنه، وأخرجًا حشوه في طست من ذهب، فغسلاه بماء زمزم، ثم كبسا جوفه حكمة وعلمًا».

شرح الشيخ: فرضت الصَّلَاة في مكة لعظم شأنها، ولهذا أسرى به عليه الصلاة والسلام من مكة إِلَى بيت المقدس؛ ثُمَّ عرج به من بيت المقدس إِلَى السَّمَاءِ الدنيا، فرضت الصلوات، أَمَّا الأوقات أداء أوقاتها وكونها خمس صلوات ولها أوقات هَذَا في المدينة بعد الهجرة، بعد الهجرة فرضت الجماعة، وفرض الأذان، وقيل: كان السلمون في مكة يصلون الظهر والعصر والعشاء والفجر كُلّ منها ركعتان، والمغرب ثلاث ركعات، ثُمَّ لما هاجر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إِلَى المدينة زيد في الصَّلَاة في الحضر ركعتين وأقرت الصَّلَاة في السفر يعني تصير فرضية، وَلَمْ تفرض الجماعة إِلَّا في المدينة، فإن الصلوات لعظم شأنها فرضت في مكة، في مكة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يدعوا إِلَى التوحيد ثلاث عشر سنة؛ لِأَنَّ التوحيد هُوَ الأساس، العقيدة هي الأساس، فلا تصح الأعمال إِلَّا بالاعتقاد الصحيح، وكان النَّاس في مكة يعبدون الأصنام والأوثان، قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ } [المدثر: 1-7].

يدعوا إِلَى التوحيد وترسيخ العقيدة، ثُمَّ فرضت الصَّلَاة قبل الهجرة بسنة أو بثلاث سنوات لعظم شأنها، وَلَمْ يفرض الأذان ولا صلاة الجماعة إِلَّا في المدينة، فكانوا يصلون الظهر والعصر والعشاء والفجر كلٌ منها ركعات، ثُمَّ لما هاجر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم زيد في صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر، وفرضت الجماعة، وفرض الأذان، وفرض الجهاد، وفرض الصيام في المدينة بعد الهجرة، لكن في مكة الدعوة إِلَى التوحيد وفرضت الصَّلَاة فقط لعظم شأنها.

قارئ المتن: باب كيف فرضت الصلاة

453 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: «أول ما فرضت الصلاة ركعتين فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر».

454 - أخبرنا محمد بن هاشم البعلبكي قال: أنبأنا الوليد قال: أخبرني أبو عمرو يعني الأوزاعي، أنه سأل الزهري عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة إلى المدينة. قال: أخبرني عروة، عن عائشة قالت: «فرض الله عز وجل الصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم أول ما فرضها ركعتين ركعتين، ثم أتمت في الحضر أربعًا، وأقرت صلاة السفر على الفريضة الأولى».

455 - أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن صالح بن كيسان، عن عروة، عن عائشة قالت: «فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر».

456 - أخبرنا عمرو بن علي قال: حدثنا يحيى وعبد الرحمن قالا: حدثنا أبو عوانة، عن بكير بن الأخنس، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: «فرضت الصلاة على لسان النبي صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعًا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة».

457 - أخبرنا يوسف بن سعيد قال: حدثنا حجاج بن محمد قال: حدثنا محمد بن عبد الله الشعيثي، عن عبد الله بن أبي بكر بن الحارث بن هشام، عن أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد: أنه قال لابن عمر كيف تقصر الصلاة؟ وإنما قال الله عز وجل: { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ} [النساء: 101]. فقال ابن عمر: «يا ابن أخي، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتانا ونحن ضلال فعلمنا، فكان فيما علمنا أن الله عز وجل أمرنا أن نصلي ركعتين في السفر» قال الشعيثي: وكان الزهري يحدث بهذا الحديث، عن عبد الله بن أبي بكر».

شرح الشيخ: الواجب في الخوف ركعة واحدة، وما زاد عَلَى الركعة في أنواع صلاة الخوف فَهُوَ من باب الكمال، والواجب ركعة واحدة، وإِلَى هَذَا ذهب بَعْض العلماء، وذهب الجمهور إِلَى أن صلاة الخوف ركعتان، وقصر الصَّلَاة في السفر مستحب، ولو تمت الصَّلَاة في السفر فالصلاة صحيحة عَلَى الصحيح، كما تم عثمان رضي الله عنه في السفر، وكما تمت عائشة رضي الله عنها.

بَعْض العلماء يرى أَنَّهُ لا يجوز الإتمام، لو كان الإتمام لا يجوز لما صلى الصَّحَابَة خلف عثمان وقد أتمها، فقصر الصَّلَاة مستحب.

وفيه دليل عَلَى أن قصر الصَّلَاة يكون بدون الخوف، وأَمَّا قوله: {إِنْ خِفْتُمْ} هَذَا في الْقُرْآن، في الْقُرْآن اشترط الخوف، وفي السنة جاء عدم اشتراط هَذَا الشرط {إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ}.

قارئ المتن: باب كم فرضت في اليوم والليلة

458 - أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن أبي سهيل، عن أبيه، أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوي صوته ولا نفهم ما يقول حتى دنا، فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خمس صلوات في اليوم والليلة». قال: هل علي غيرهن؟ قال: «لا. إلا أن تطوع». قال: وصيام شهر رمضان. قال: هل علي غيره؟ قال: «لا. إلا أن تطوع». وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة. قال: هل علي غيرها؟ قال: «لا. إلا أن تطوع». فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفلح إن صدق».

459 - أخبرنا قتيبة قال: حدثنا نوح بن قيس، عن خالد بن قيس، عن قتادة، عن أنس قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، كم افترض الله عز وجل على عباده من الصلوات؟ قال: «افترض الله على عباده صلوات خمسًا». قال: يا رسول الله، هل قبلهن أو بعدهن شيئًا؟ قال: «افترض الله على عباده صلوات خمسًا». فحلف الرجل لا يزيد عليه شيئا ولا ينقص منه شيئًا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن صدق ليدخلن الجنة».

شرح الشيخ: وهَذَا الرجل من المقتصدين، المقتصدين الَّذِينَ يقتصرون عَلَى أداء الواجبات وترك المحرمات، والسابقون بالخيرات أكمل من المقتصدين، المقتصد هُوَ الَّذِي يقتصر عَلَى أداء الواجبات، السابق بالخيرات هُوَ الَّذِي عنده نشاط، يؤدي النوافل والمستحبات، ويترك المكروهات وبَعْض المباحات، وهناك أقل من المقتصد وهو الظالم لنفسه، وهو المؤمن العاصي الَّذِي يقصر في بَعْض الواجبات ويرتكب بَعْض المحرمات.

فيكون المؤمنين ثلاثة أقسام:

الظالم لنفسه: الَّذِي يقصر في بَعْض الواجبات أو يرتكب بَعْض المحرمات.

المقتصد: هُوَ الَّذِي يؤدي الواجبات دون النوافل، ويترك المحرمات دون المكروهات.

السابق بالخيرات: الَّذِي يؤدي الواجبات والمستحبات من النوافل ويترك المرحمات، والمكروهات وبَعْض المباحات، هَذَا هُوَ الأكمل، كما ذكر الله تعالى في سورة فاطر: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} [فاطر: 32-33].

قارئ المتن: باب البيعة على الصلوات الخمس

460 - أخبرنا عمرو بن منصور، حدثنا أبو مسهر قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي مسلم الخولاني قال: أخبرني الحبيب الأمين عوف بن مالك الأشجعي، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا تبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ - فرددها ثلاث مرات - فقدمنا أيدينا فبايعناه فقلنا: يا رسول الله، قد بايعناك فعلام؟ قال: «على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، والصلوات الخمس، وأسر كلمة خفية أن لا تسألوا الناس شيئًا».

شرح الشيخ: وهَذَا غير البيعة عَلَى الإسلام، فقد يكرر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم البيعة لبعض الصَّحَابَة، لمزيد التأكيد، وقد يكون له سبب كحضور العدو مثلاً كما في الحديث أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بايع النَّاس لما احتبس عثمان، لما أرسله إِلَى أهل مكة واحتبس فبايع النَّاس عَلَى قتل المشركين، ومنهم من كرر البيعة ثلاث مرات مثل سلمة بن الأكوع؛ فَإِنَّهُ بايع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، في أول النَّاس وفي وسطهم وفي آخرهم.

قارئ المتن: باب المحافظة على الصلوات الخمس

461 - أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن ابن محيريز، أن رجلاً من بني كنانة يدعى المخدجي: سمع رجلاً بالشام يكنى أبا محمد يقول الوتر واجب. قال المخدجي: فرحت إلى عبادة بن الصامت فاعترضت له وهو رائح إلى المسجد فأخبرته بالذي قال أبو محمد: فقال عبادة: كذب أبو محمد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خمس صلوات كتبهن الله على العباد من جاء بهن لم يضيع منهن شيئًا استخفافًا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة».

شرح الشيخ: قوله: (كذب أبو محمد) يعني أخطأ وغلط، كقول الراوي عنه كذب أبو السنابل، فالكذب بمثابة الخطأ، وهَذَا الحديث استدل به عَلَى أن ترك الصَّلَاة لا يخرج من الملة؛ لِأَنَّهُ جعل من لَمْ يأت بها تحت مشيئة الله، قال: «ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة» ولكن هَذَا الحديث لا يصح؛ لِأَنَّ في سنده المخدجي وهو مجهول، فيكون الحديث ضعيف، وأَمَّا ابن المحيريز فَهُوَ ثقة، وبهذا يتبين أن ترك الصَّلَاة كفر مخرج من الملة، والجمع بينه وبين نصوص التوحيد أن ترك الصَّلَاة ناقض من نواقض التوحيد، فيكون تارك الصَّلَاة غير موحد، ماذا قال عَلَى الحديث عَلَى المخدجي؟

الطالب: قال: حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه هَذَا صحيح، قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر رحمه الله تعالى: هُوَ صحيح ثابت لَمْ يختلف عن مالك فيه، ثُمَّ قال: والمخدجي مجهول لا يعرف إِلَّا بهذا الحديث.

الشيخ: إذا كان مجهول كيف يكون صحيح! عن مالك ماذا؟

الطالب: قال أحسن الله إليك: قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر رحمه الله تعالى: هُوَ صحيح ثابت لَمْ يختلف عن مالك فيه، ثُمَّ قال: والمخدجي مجهول لا يعرف إِلَّا بهذا الحديث، قال الشيخ تقي الدين القشيري رحمه الله تعالى: انظر إِلَى تصحيحه لحديث مع حكمه بِأَنَّهُ مجهول، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، ولحديثه شاهد من حديث أبي قتادة عند ابن ماجة ومن حديث كعب بن عجرة عند أحمد، ورواه أَيْضًا أبو داود عن الصنابحي.

الشيخ: ماذا قال حكمه عَلَى الحديث تكلم هُوَ؟

الطالب: قال أحسن الله إليك: قال الجامع: الظاهر أن تصحيح ابن عبد البر له بشواهده، فلا ينافي حكمه بالجهالة والله تعالى أعلم.

الشيخ: الظاهر أَنَّهُ لا يصح، ولا تنفع الشواهد في هَذَا مع مخالفته للأحاديث الأخرى الصحيحة «العهد الَّذِي بيننا وبينهم الصَّلَاة ومن تركها فقد كفر» وفي مسلم: «بين الرجل وبين الكفر ترك الصَّلَاة» البينية جعلها حدًا فاصلاً، فلا تنفع الشواهد.

والصواب: أن الحديث لا يصح، الحديث ضعيف.

قارئ المتن: فضل الصلوات الخمس

462 - أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟» قالوا: لا يبقى من درنه شيء. قال: «فكذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا».

شرح الشيخ: وهَذَا فيه أن الصلوات الخمس كفارات للخطايا، هَذَا مقيد باجتناب الكبائر كما في حديث مسلم، حديث أبي هريرة في مسلم: «الصلوات الخمس والجمعة إِلَى الجمعة ورمضان إِلَى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر» وفي لفظ: «ما لَمْ تغشى الكبائر» وفي لفظ: «ما اجتنبت الكبائر» وفي لفظ: «إذا اجتنبت الكبائر».

قارئ المتن: باب الحكم في تارك الصلاة

463 - أخبرنا الحسين بن حريث قال: أخبرنا الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر».

شرح الشيخ: والمراد بالكفر هنا الكفر المخرج من الملة عَلَى الصحيح؛ لِأَنَّ البينة حد فاصل بين الشيئين، ويؤيده حديث الأمراء وفيه: «لا ما أقاموا فيكم الصَّلَاة»، لما قالوا: هَلْ نخرج عَلَى الأمراء؟ قال: «ما أقاموا فيكم الصَّلَاة» وفي الحديث الآخر: «إِلَّا أن تروا كفرًا بواحًا» فدل عَلَى أن ترك الصَّلَاة كفر بواح، إذا جمعت النصوص البينة «بين الرجل والكفر ترك الصَّلَاة».

وفي حديث الأمراء: «أفلا ننازعهم بالسيف؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصَّلَاة» ثُمَّ قال: «إِلَّا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان» فإذا أقاموا الصَّلَاة لا يخرج عليهم، والثاني: «إِلَّا أن تروا كفرًا بواحًا» فدل عَلَى أن ترك الصَّلَاة كفرٌ بواح، وهَذَا يؤيد عدم صحة حديث عبادة السابق.

قارئ المتن: باب المحاسبة على الصلاة

465 - أخبرنا أبو داود قال: حدثنا هارون هو ابن إسماعيل الخزاز قال: حدثنا همام، عن قتادة، عن الحسن، عن حريث بن قبيصة قال: قدمت المدينة قال: قلت: اللهم يسر لي جليسًا صالحًا، فجلست إلى أبي هريرة رضي الله عنه قال: فقلت إني دعوت الله عز وجل أن ييسر لي جليسًا صالحًا، فحدثني بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعل الله أن ينفعني به قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أول ما يحاسب به العبد بصلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر» قال همام: لا أدري هذا من كلام قتادة أو من الرواية: " فإن انتقص من فريضته شيء قال: انظروا، هل لعبدي من تطوع، فيكمل به ما نقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على نحو ذلك ". خالفه أبو العوام.

466 - أخبرنا أبو داود قال: حدثنا شعيب يعني ابن بيان بن زياد بن ميمون قال: كتب علي بن المديني عنه.

466 - أخبرنا أبو العوام، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته، فإن وجدت تامة كتبت تامة، وإن كان انتقص منها شيء. قال: انظروا هل تجدون له من تطوع يكمل له ما ضيع من فريضة من تطوعه، ثم سائر الأعمال تجري على حسب ذلك».

467 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا النضر بن شميل، حدثنا حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن يحيى بن يعمر، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أول ما يحاسب به العبد صلاته، فإن كان أكملها وإلا قال الله عز وجل: انظروا لعبدي من تطوع، فإن وجد له تطوع. قال: أكملوا به الفريضة».

شرح الشيخ: وهَذَا فيه عظم شأن الصَّلَاة وأنه أول ما يحاسب الإنسان عنها، أَمَّا الحديث الأول: «العهد الَّذِي بيننا وبينهم الصَّلَاة » في مسلم بلفظ: «بين العبد وبين الكفر ترك الصَّلَاة» بين العبد وبين الكفر بأل، والكفر معرف، دَلَّ عَلَى أن المراد به الكفر الأكبر الَّذِي يخرج من الملة، الكفر المعرف يراد الكفر الأكبر، أَمَّا الكفر المنكر كفر دون كفر، مثل: «ثنتان في النَّاس هما بهم كفرٌ، الطعن في النسب، والنياحة عَلَى الميت».

قارئ المتن: باب ثواب من أقام الصلاة

468 - أخبرنا محمد بن عثمان بن أبي صفوان الثقفي، حدثنا بهز بن أسد، حدثنا شعبة، حدثنا محمد بن عثمان بن عبد الله، وأبوه عثمان بن عبد الله أنهما سمعا موسى بن طلحة يحدث، عن أبي أيوب، أن رجلاً قال: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم» ذرها كأنه كان على راحلته».

شرح الشيخ: ذرها يعني كأنها الراحة، اترك الراحة يعني.

قارئ المتن: باب عدد صلاة الظهر في الحضر

469 - أخبرنا قتيبة، حدثنا سفيان، عن ابن المنكدر، وإبراهيم بن ميسرة، سمعا أنسا قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الظهر بالمدينة أربعًا وبذي الحليفة العصر ركعتين».

شرح الشيخ: وهَذَا في حجة الوداع، صلى الظهر بالمدينة وخطب النَّاس عليه الصلاة والسلام؛ لِأَنَّهُ متأهب للسفر لكن ما قصر لِأَنَّهُ لَمْ يفارق البلد، ولما كان في ذي الحليفة وهي قريبة من المدينة، لكن فارق البنيان قصر الصَّلَاة لما سافر، فدل عَلَى أن المسافر تبدأ أحكام السفر إذا فارق البنيان، بنيان البلد، وأَمَّا ما جاء عن بَعْض الصَّحَابَة أَنَّهُ صلى وأنه أفطر وهو في المدينة فهذه أراء واجتهادات شاذة مخالفة للأحاديث الصحيحة، الأحاديث الصحيحة كلها تدل عَلَى أن أحكام السفر ما تبدأ إِلَّا بعد مفارقة البنيان، ويترخص بقصر الرباعية والفطر في رمضان، وأَمَّا ما ورد من بَعْض الصَّحَابَة أَنَّهُ قدم السفر وهو في البلد أو كذا فهذا اجتهادات؛ لكن مخالفة لما دلت عليه النصوص وما عليه الجمهور.

 

 

قارئ المتن: باب صلاة الظهر في السفر

470 - أخبرنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن الحكم بن عتيبة قال: سمعت أبا جحيفة قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة - قال ابن المثنى إلى البطحاء - فتوضأ وصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين وبين يديه عنزة».

شرح الشيخ: سعني سترة له وهي العصا الَّتِي طرفها حديدة.

قارئ المتن: باب فضل صلاة العصر

471 - أخبرنا محمود بن غيلان قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا مسعر وابن أبي خالد والبختري بن أبي البختري كلهم سمعوه من أبي بكر بن عمارة بن رويبة الثقفي، عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لن يلج النَّارِ من صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها».

شرح الشيخ: البَختري بفتح الموحدة، أَمَّا الشاعر البُختري فَهُوَ بضم الموحدة، وفيه دليل عَلَى فضل صلاة العصر «لن يلج النَّارِ من صلى قبل طلوع الشمس» وهي الفجر «وقبل غروبها» العصر، وليس المراد من الأحاديث أَنَّهُ يصلي العصر والفجر ويضيع الصلوات الثلاث؛ بَلْ المراد أن من حافظ عَلَى هاتين الصلاتين أَنَّهُ يحافظ عَلَى بقية الصلوات، لكون صلاة الفجر في وقت النوم، وصلاة العصر في وقت الراحة، فمن حافظ عليهما دَلَّ ذلك عَلَى أَنَّهُ حافظ عَلَى بقية الصلوات.

وفي الحديث الآخر أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنكم ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، فإن استطعتم ألا تغلبوا عَلَى صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا» فهذا دَلَّ عَلَى أن المحافظة عَلَى هاتين الصلاتين الفجر والعصر سر في رؤية الله يوم القيامة، دليل عَلَى المحافظة عَلَى بقية الصلوات.

قارئ المتن: باب المحافظة على صلاة العصر

472 - أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي يونس مولى عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال: أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفا فقالت: «إذا بلغت هذه الآية فآذني {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِين}[البقرة/238] فلما بلغتها آذنتها فأملت عليّ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين» ثم قالت: «سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم».

473 - أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا خالد قال: حدثنا شعبة قال: أخبرني قتادة، عن أبي حسان، عن عبيدة، عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس».

شرح الشيخ: أَمَّا قول عائشة لولاها: " فلما بلغتها آذنتها فأملت عليّ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " هَذَا محمول عَلَى أَنَّهُ تفسير من باب التفسير، وجاء أن مولى عائشة كان يؤمها من المصحف يصلي بها في رمضان، ففيه دليل عَلَى جواز قراءة القراءة من المصحف في الصَّلَاة في صلاة النافلة في صلاة الليل عند الحاجة.

قارئ المتن: باب من ترك صلاة العصر

474 - أخبرنا عبيد الله بن سعيد، حدثني يحيى، عن هشام قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة قال: حدثني أبو المليح قال: كنا مع بريدة في يوم ذي غيم فقال: بكروا بالصلاة؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله».

شرح الشيخ: الحديث أخرجه البخاري، ومعنى حبط يعني كفر؛ لِأَنَّ الَّذِي يحبط عمله هُوَ الكافر، كما قال تعالى: {وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [المائدة: 5]، أَمَّا ترك صلاة الجماعة فهي معصية، والمراد من تركها حَتَّى خرج وقتها متعمدًا، وهو من أدلة من قال بكفر من أخر الصَّلَاة عن وقتها متعمدًا، أَمَّا الناسي فَهُوَ معذور، النسيان لا يؤخذ به، وكذلك من تركها بتأويل، كالمريض في المستشفى يؤخر الصَّلَاة، يؤخرها حَتَّى يشفى، يقول: أنا ما أقدر وثيابي نجسة وكذا، هَذَا متأول كالمشغول يؤخرها بسبب الشغل، فهم متأول وإن كان مخطئًا، لكن من تركها متعمدًا من غير تأويل كفر، وهو كحديث: «العهد الَّذِي بيننا وبينهم الصَّلَاة، فمن تركها فقد كفر».

قارئ المتن: باب عدد صلاة العصر في الحضر

475 - أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا هشيم، أخبرنا منصور بن زاذان، عن الوليد بن مسلم، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: «كنا نحزر قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر، فحزرنا قيامه في الظهر قدر ثلاثين آية قدر سورة السجدة في الركعتين الأوليين، وفي الأخريين على النصف من ذلك، وحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من العصر على قدر الأخريين من الظهر، وحزرنا قيامه في الركعتين الأخريين من العصر على النصف من ذلك».

476 - أخبرنا سويد بن نصر، أخبرنا عبد الله بن المبارك، عن أبي عوانة، عن منصور بن زاذان، عن الوليد أبي بشر، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم في الظهر فيقرأ قدر ثلاثين آية في كل ركعة، ثم يقوم في العصر في الركعتين الأوليين قدر خمس عشرة آية».

شرح الشيخ: وهَذَا دليل عَلَى أَنَّهُ يقرأ في الركعتين الأخريين في الظهر بَعْض الأحيان زيادة عَلَى الفاتحة؛ لِأَنَّهُ في الأوليين قدر ثلاثين آية، وفي الأخريين عَلَى النصف خمسة عشر آية، وفي العصر في الأوليين قدر خمسة عشر آية، وفي الأخريين عَلَى النصف سبع آيات ما يزيد عَلَى الفاتحة في صلاة العصر.

 

 

قارئ المتن: باب صلاة العصر في السفر

477 - أخبرنا قتيبة قال: حدثنا حماد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك، «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بالمدينة أربعا، وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين».

شرح الشيخ: لِأَنَّهُ سافر، خرج من البلد ونزل في ذي الحليفة، وإن كان قريب، الآن ذي الحليفة في وسط البلد الآن، يعني وصلته البنيان.

قارئ المتن:

478 - أخبرنا سويد بن نصر قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، عن حيوة بن شريح قال: حدثنا جعفر بن ربيعة، أن عراك بن مالك حدثه، أن نوفل بن معاوية حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله» قال عراك: وأخبرني عبد الله بن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله». خالفه يزيد بن أبي حبيب.

479 - أخبرنا عيسى بن حماد زغبة، حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عراك بن مالك أَنَّهُ بلغه، أن نوفل بن معاوية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من الصلاة صلاة من فاتته فكأنما وتر أهله وماله». قال ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «هي صلاة العصر» خالفه محمد بن إسحاق.

480 - أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد قال حدثني عمي قال: حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن عراك بن مالك قال: سمعت نوفل بن معاوية يقول: «صلاة من فاتته فكأنما وتر أهله وماله» قال ابن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «هي صلاة العصر».

شرح الشيخ: وهَذَا فيه أهمية صلاة العصر لِأَنَّهَا تقع في آخر النهار، قوله: عن عراك بن مالك أَنَّهُ بلغه يحتمل أَنَّهُ بلغه عنه ثُمَّ سمع منه بعد ذلك، كما في الحديث الَّذِي بعده، قال: سمعه، والفوات يحتمل أن المراد فوات الوقت، ويحتمل فوات الجماعة، وتخصيص صلاة العصر يحتمل لكونها في وقت الرائحة بعد عناء النهار فشدد في ذلك لئلا يستاهل بها، ويحتمل أن ذلك لسر فيها، ولا يلزم من تعظيم شأن صلاة العصر أن يتساهل في بقية الصلوات؛ بَلْ الصلوات كلها شأنها عظيم، لا ينبغي التساهل في شيء منها، لكن صلاة العصر لها مزية.

والآن تقع في هَذَا الزمان في آخر نهاية الدوام، فيتساهل الكثير فيها، إِمَّا أن يكون قد أتى من الدوام ونام، أو أَنَّهُ يضيعها وهو في الطريق، أو غير ذلك.

 

 

قارئ المتن: باب صلاة المغرب

481 - أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا خالد قال: حدثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل قال: رأيت سعيد بن جبير «بجمع أقام فصلى المغرب ثلاث ركعات، ثم أقام فصلى يعني العشاء ركعتين، ثم ذكر أن ابن عمر صنع بهم مثل ذلك في ذلك المكان، وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع مثل ذلك في ذلك المكان».

شرح الشيخ: وهي مزدلفة، الجمع هي مزدلفة في الحج، هَذَا هُوَ السنة، في ذلك المكان تجمع المغرب مع العشاء في مزدلفة بعدما يفع الحاج من منى بعد غروب الشمس.

قارئ المتن: باب فضل صلاة العشاء

482 - أخبرنا نصر بن علي بن نصر، عن عبد الأعلى قال: حدثنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعشاء حتى ناداه عمر رضي الله عنه: نام النساء والصبيان، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إنه ليس أحد يصلي هذه الصلاة غيركم» ولم يكن يومئذ أحد يصلي غير أهل المدينة.

شرح الشيخ: وهَذَا فيه قول عائشة وَلَمْ يكن يومئذ أحد يصلي غير أهل المدينة، يحتمل أن هَذَا من اجتهاد عائشة، والأقرب أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أُخبر بالوحي أن النَّاس صلوا، وإِلَّا فإن الإسلام انتشر في المدينة وفي العرب وفي غيرها، فالأقرب أن هَذَا يكون بوحي، قال: وَلَمْ يمكن يومئذ أحد يصلي غير أهل المدينة.

وفيه أن صلاة العشاء يمتد وقتها كما في الحديث إِلَى نصف الليل.

قارئ المتن: باب صلاة العشاء في السفر

483 - أخبرنا عمرو بن يزيد قال: حدثنا بهز بن أسد قال: حدثنا شعبة قال: أخبرني الحكم قال: «صلى بنا سعيد بن جبير بجمع المغرب ثلاثا بإقامة، ثم سلم، ثم صلى العشاء ركعتين، ثم ذكر أن عبد الله بن عمر فعل ذلك، وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك».

484 - أخبرنا عمرو بن يزيد قال: حدثنا بهز بن أسد، حدثنا شعبة، حدثنا سلمة بن كهيل قال: سمعت سعيد بن جبير قال: رأيت عبد الله بن عمر «صلى بجمع فأقام فصلى المغرب ثلاثا، ثم صلى العشاء ركعتين»، ثم قال: «هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في هذا المكان».

باب فضل صلاة الجماعة

485 - أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون ".

486 - أخبرنا كثير بن عبيد، حدثنا محمد بن حرب، عن الزبيدي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تفضل صلاة الجمع على صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءًا، ويجتمع ملائكة الليل والنهار في صلاة الفجر واقرءوا إن شئتم {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78].

شرح الشيخ: قرآن الفجر يعني صلاة الفجر، سميت الصَّلَاة قرآن لِأَنَّ أطول ما فيها القراءة، وقرآن الفجر هُوَ صلاة الفجر، كان مشهودًا أيْ تشهده الملائكة.

قارئ المتن:

487 - أخبرنا عمرو بن علي ويعقوب بن إبراهيم قالا: حدثنا يحيى بن سعيد، عن إسماعيل قال: حدثني أبو بكر بن عمارة بن رويبة، عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل أن تغرب».

شرح الشيخ: وهما صلاة الفجر وصلاة العصر.

قارئ المتن: باب فرض القبلة

488 - أخبرنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا سفيان قال: حدثنا أبو إسحاق، عن البراء قال: «صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس ستة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا - شك سفيان - وصرف إلى القبلة».

489 - أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق، عن زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال: «قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرًا، ثم إنه وجه إلى الكعبة» فمر رجل قد كان صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم على قوم من الأنصار فقال: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وجه إلى الكعبة فانحرفوا إلى الكعبة.

شرح الشيخ: انحرفوا عَلَى القبلة فيه دليل عَلَى قبول خبر الواحد، جاءهم واحد، ما بلغهم إِلَّا هَذَا، فيه دليل عَلَى أن الإنسان لا يكلف إِلَّا بعد العلم، كان يصلون إِلَى بيت المقدس، فجاء رجل فقال لهم: «أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وجه إلى الكعبة فانحرفوا إلى الكعبة» فاستقبلوها فاستداروا، انحرف الإمام صار مكان المأمومين، والمأمومين مكان الإمام، دليل عَلَى قبول خبر الواحد، ما قالوا: هَذَا واحد ما نقبل خبره، فيه الرد عَلَى من قال: إن خبر الواحد لا يقبل، من العقلانيين َالْمُعْتَزِلَة يقولون: ما يقبل خبر الواحد ولا ينبني عليه عمل، وهَذَا باطل، خبر الواحد إذا صح السند وعددت رواته يقبل في العقائد وفي الأعمال وفي كُلّ شيء.

وفيه دليل عَلَى أن الإنسان لا يكلف إِلَّا بعد العلم، ما كلفوا إِلَى بعدما علموا، وفيه دليل عَلَى أن الإنسان إذا اجتهد وهو في القبلة ثُمَّ في البرية، ثُمَّ أخبره شخص أو تبين له أَنَّهُ أخطأ في الجهة، ينحرف وهو في الصَّلَاة إِلَى الجهة الَّتِي تبينت له، ولا يعيد الصَّلَاة من أولها، الصَّلَاة من أولها صحيحة، كما فعل أهل قباء.

قارئ المتن: باب الحال التي يجوز فيها استقبال غير القبلة

490 - أخبرنا عيسى بن حماد زغبة وأحمد بن عمرو بن السرح والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له، عن ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح على الراحلة قبل أي وجه تتوجه، ويوتر عليها غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة».

491 - أخبرنا عمرو بن علي ومحمد بن المثنى، عن يحيى، عن عبد الملك قال: حدثنا سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على دابته وهو مقبل من مكة إلى المدينة، وفيه أنزلت {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ} [البقرة: 115].

492 - أخبرنا قتيبة بن سعيد، عن مالك، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته في السفر حيثما توجهت به» قال مالك: قال عبد الله بن دينار: وكان ابن عمر يفعل ذلك.

شرح الشيخ: وهَذَا فيه دليل عَلَى جواز صلاة النافلة في السفر إِلَى غير القبلة، إذا كان يصلي عَلَى الدابة أو يصلي في السيارة أو في الطائرة أو في الباخرة لا مانع أن يصلي إِلَى غير القبلة، ولكن الأفضل أن تكون تكبيرة الإحرام حين يكبر في اتجاه القبلة ثُمَّ ينحرف إِلَى أيْ جهة كما جاء عند أبي داود أَنَّهُ إذا كبر للصلاة يكون وجهه جهة القبلة، وأَمَّا الفريضة فيجب أن يصلي إِلَى القبلة، ولا يصلي وهو في السيارة ولا في الدابة، إِلَّا إذا لَمْ يستطع.

في هَذَا الحديث: «كان النَّبِيّ يسبح عَلَى الراحلة» يعني يصلي صلاة السبحة «قبل أيْ وجه توجه ويوتر عليها غير أَنَّهُ لا يصلي عليها المكتوبة» أيْ الفريضة، فيه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يوتر عَلَى الراحلة، وفيه الرد عَلَى الأحناف القائلين بأن الوتر واجب؛ لِأَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يصلي الوتر عَلَى الراحلة، لو كان الوتر واجب لنزل وصلاه في الأرض كما لو صلى الفريضة، فالفريضة ينزل ويصلي في الأرض، وفي النافلة يصلي وهو عَلَى الدابة عَلَى راحلته.

والأحناف يرون أن الوتر واجب، وهَذَا من الأحاديث الَّتِي فيها الرد عليهم، لكن في الفريضة أولًا إذا كانت صلاة تجمع إِلَى صلاة أخرى ويمكن الهبوط مثلاً من الطائرة يؤخر صلاة الظهر إِلَى العصر حَتَّى ينزل، أو يقدم صلاة الظهر قبل صلاة العصر، أَمَّا إذا كانت الرحلة طويلة ولا يستطيع، أو ما ينزل إِلَّا بعد خروج الوقت، ما ينزل إِلَّا بعد العصر بعد غروب الشمس يصلي، لكن عليه أن يتوجه إِلَى القبلة إذا كان عنده بوصلة يتوجه حَتَّى توجهت، يعني يصلي إِلَى القبلة عن طريق البوصلة أو عن طريق أيْ طريق يتبين به جهة القبلة يدور مع القبلة حيث دارت، يقول العلماء: إذا كان في السفينة يدور مع القبلة حيث دارت في الفريضة، أَمَّا النافلة فأمر آخر.

لكن إذا استطاع أن يؤخر الصَّلَاة، تكاد الصَّلَاة تجمع إِلَى وقتها مثلاً في الطائرة فَإِنَّهُ ينتظر حَتَّى يهبط ويصليها في الأرض يصلي الصلاتين، وإذا كان لا يمكن بأن تخرج الصَّلَاة صلى في الطائرة ودار مع القبلة حيث دارت، وكذلك في الباخرة وفي القطار إذا لَمْ يستطع.

قارئ المتن: باب استبانة الخطأ بعد الاجتهاد

493 - أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: " بينما الناس بقباء في صلاة الصبح جاءهم آت فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة ".

شرح الشيخ: أهل قباء ما بلغهم هَذَا لِأَنَّهُم بعيدين، في ذلك الوقت ما في عندهم هواتف وما في عندهم سيارات، أتاهم آتٍ يمشي، إِمَّا عَلَى رجله أو عَلَى الدابة ، فأخبرهم فقبلوا خبره، فاستقبلوا الكعبة وكان وجههم إِلَى الشام فانحرفوا وهم في الصَّلَاة، فكان الإمام في مكان المأمومين، والمأمومين في مكان الإمام.

قارئ المتن: كتاب المواقيت

إمامة جبريل تحديد أوقات الصلوات الخمس

شرح الشيخ: الترجمة هَذِهِ ما موجودة في بَعْض النسخ، عندكم هَذِهِ الترجمة؟ ما هي موجودة نعم.

قارئ المتن:

494 - أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الليث بن سعد، عن ابن شهاب، أن عمر بن عبد العزيز أخر العصر شيئًا، فقال له عروة: أما إن جبريل عليه السلام قد نزل فصلى إمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: اعلم ما تقول يا عروة. فقال: سمعت بشير بن أبي مسعود يقول: سمعت أبا مسعود يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «نزل جبريل فأمني فصليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه» يحسب بأصابعه خمس صلوات.

شرح الشيخ: يعني خمس صلوات، أمه جبريل توقيف من الله U.

 

 

قارئ المتن: أول وقت الظهر

495 - أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا خالد، حدثنا شعبة، حدثنا سيار بن سلامة قال: سمعت أبي يسأل أبا برزة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: أنت سمعته؟ قال: كما أسمعك الساعة. فقال: أبي يسأل عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كان لا يبالي بعض تأخيرها - يعني العشاء - إلى نصف الليل، ولا يحب النوم قبلها ولا الحديث بعدها». قال شعبة: ثم لقيته بعد فسألته، قال: " كان يصلي الظهر حين تزول الشمس، والعصر يذهب الرجل إلى أقصى المدينة والشمس حية، والمغرب لا أدري أي حين ذكر. ثم لقيته بعد فسألته، فقال: وكان يصلي الصبح فينصرف الرجل فينظر إلى وجه جليسه الذي يعرفه فيعرفه. قال وكان يقرأ فيها بالستين إلى المائة ".

شرح الشيخ: يعني من ستين آية إِلَى مائة آية، يعني في الرجل وجليسه يعني من الظلمة ما عندهم كهرباء، يصلي الفجر يرى وجه جليسه، يعرف وجه جليسه من الإسفار.

قارئ المتن:

496 - أخبرنا كثير بن عبيد، حدثنا محمد بن حرب، عن الزبيدي، عن الزهري قال: أخبرني أنس، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حين زاغت الشمس فصلى بهم صلاة الظهر».

شرح الشيخ: زاغت يعني مالت إِلَى الغروب من الزوال، هَذَا وقت الظهر الزوال.

قارئ المتن:

497 - أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا حميد بن عبد الرحمن قال: حدثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن وهب، عن خباب قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء فلم يشكنا " قيل لأبي إسحاق في تعجيلها؟ قال: نعم".

شرح الشيخ: يعني لَمْ يزل الشكوى؛ لِأَنَّ الظهر لا يزال في الحر، لكن جاء في الحديث الإبراد، الإبراد تأخير بَعْض الشيء حَتَّى ترتفع حرارة الشمس.

قارئ المتن: باب تعجيل الظهر في السفر

498 - أخبرنا عبيد الله بن سعيد، حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة قال: حدثني حمزة العائذي قال: سمعت أنس بن مالك يقول: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل منزلًا لم يرتحل منه حتى يصلي الظهر» فقال رجل: وإن كانت بنصف النهار؟ قال: «وإن كانت بنصف النهار».

شرح الشيخ: لِأَنَّهُ يجمع بين الصلاتين قبل أن يرتحل إذا زالت الشمس، إذا كان جادًا في السير أخر الظهر وصلاها مع العصر، وإن كان لما جاء الظهر نازل يصلي الظهر ثُمَّ يصلي العصر، وهكذا إذا جاء الظهر وهو جاد في السير يؤخر الظهر حَتَّى يصليه مع العصر، يكون النزول مرة واحدة، وكذلك المغرب والعشاء، إذا كان جادًا في السير وقت المغرب يؤخرها مع العشاء، وإن كان نازل وقت المغرب صلى المغرب ثُمَّ صلى العشاء.

قارئ المتن: تعجيل الظهر في البرد

499 - أخبرنا عبيد الله بن سعيد قال: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم قال: حدثنا خالد بن دينار أبو خلدة قال: سمعت أنس بن مالك يقول: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان الحر أبرد بالصلاة، وإذا كان البرد عجل».

الإبراد بالظهر إذا اشتد الحر

500 - أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم».

501 - أخبرنا إبراهيم بن يعقوب قال: حدثنا عمر بن حفص قال: حدثنا أبي وأنبأنا إبراهيم بن يعقوب قال: حدثنا يحيى بن معين، قال: حدثنا حفص وأنبأنا عمرو بن منصور، قال: حدثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: حدثنا أبي، عن الحسن بن عبيد الله، عن إبراهيم، عن يزيد بن أوس، عن ثابت بن قيس، عن أبي موسى يرفعه قال: «أبردوا بالظهر، فإن الذي تجدون من الحر من فيح جهنم».

شرح الشيخ: نسأل الله العافية، فيه إثبات النَّارِ وأَنَّهَا موجودة، فيه الرد عَلَى الْمُعْتَزِلَة القائلين بأنها ما توجد إِلَّا يوم القيامة، وكذلك الْجَنَّةَ، الْمُعْتَزِلَة يقولون: الْجَنَّةَ والنَّارِ ما خلقت الآن، يخلقان يوم القيامة؛ لِأَنَّ وجودهما الآن من العبث، والعبث محال عَلَى الله، يحكمون عقولهم، من قال لكم هَذَا؟! الأحاديث صريحة والنصوص صريحة في أَنَّهَا أُعدت للمتقين الْجَنَّةَ، والنَّارِ أُعدت للكفار، ثُمَّ يأتي من فيحها ومن حرها وهي نوعان: حر وبارد، وفي الحديث الآخر: «النَّارِ اشتكت إِلَى ربها فأذن الله لها بنفسين نفس في الشتاء» وذَلِكَ أشد ما يجد النَّاس من البرد، ونفس في الصيف وذَلِكَ أشد ما يجد النَّاس من الحر، نوعان والعياذ بالله حر وبارد، زمهرير وحر شديد، وأهل الْجَنَّةَ كما الله نسأل الله من فضله لا يرون فيها شمسًا ولا زمهريرًا.

فيه أن الحر من فيح جهنم، شدة الحر من فيح جهنم، والإبراد تأخير الصَّلَاة بَعْض الشيء حَتَّى تخف الحرارة، وإِلَّا الحرارة باقية، ولذلك قال خباب: لَمْ يزل الشكوى؛ لِأَنَّ الحرارة لا تزال باقية، لكن أخرها بَعْض الشيء.

قارئ المتن: آخر وقت الظهر

502 - أخبرنا الحسين بن حريث، قال: أنبأنا الفضل بن موسى، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا جبريل عليه السلام جاءكم يعلمكم دينكم، فصلى الصبح حين طلع الفجر، وصلى الظهر حين زاغت الشمس، ثم صلى العصر حين رأى الظل مثله، ثم صلى المغرب حين غربت الشمس وحل فطر الصائم، ثم صلى العشاء حين ذهب شفق الليل، ثم جاءه الغد فصلى به الصبح حين أسفر قليلاً، ثم صلى به الظهر حين كان الظل مثله، ثم صلى العصر حين كان الظل مثليه، ثم صلى المغرب بوقت واحد حين غربت الشمس وحل فطر الصائم، ثم صلى العشاء حين ذهب ساعة من الليل»، ثم قال: «الصلاة ما بين صلاتك أمس وصلاتك اليوم».

شرح الشيخ: صلاة المغرب في وقت واحد في اليومين، هَذَا كان أولًا ثُمَّ وسع، ثُمَّ وسع الله في وقت المغرب تمتد إِلَى مغيب الشفق، هَذَا كان أول في مكة، ثُمَّ وسع في صلاة المغرب تمتد إِلَى مغيب الشفق.

قارئ المتن:

503 - أخبرنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن محمد الأذرمي قال: حدثنا عبيدة بن حميد، عن أبي مالك الأشجعي سعد بن طارق، عن كثير بن مدرك، عن الأسود بن يزيد، عن عبد الله بن مسعود قال: «كان قدر صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر في الصيف ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام، وفي الشتاء خمسة أقدام إلى سبعة أقدام».

شرح الشيخ: يعني بعد ظل الزوال.

قارئ المتن: أول وقت العصر

504 - أخبرنا عبيد الله بن سعيد قال: حدثنا عبد الله بن الحارث قال: حدثنا ثور، حدثني سليمان بن موسى، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مواقيت الصلاة؟ فقال: «صل معي» فصلى الظهر حين زاغت الشمس، والعصر حين كان فيء كل شيء مثله، والمغرب حين غابت الشمس، والعشاء حين غاب الشفق. قال: ثم صلى الظهر حين كان فيء الإنسان مثله، والعصر حين كان فيء الإنسان مثليه، والمغرب حين كان قبيل غيبوبة الشفق. - قال عبد الله بن الحارث - ثم قال: في العشاء: أرى إلى ثلث الليل ".

شرح الشيخ: وهَذَا وقت الاختيار، وجاء في الحديث الآخر: إِلَى نصف الليل العشاء، وفيء الشيء مثله يعني طول الشيء مثله بعد ظل الزوال.

قارئ المتن: تعجيل العصر

505 - أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة العصر والشمس في حجرتها لم يظهر الفيء من حجرتها».

506 - أخبرنا سويد بن نصر قال: أنبأنا عبد الله، عن مالك قال: حدثني الزهري وإسحاق بن عبد الله، عن أنس، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر، ثم يذهب الذاهب إلى قباء» فقال أحدهما: «فيأتيهم وهم يصلون». وقال الآخر: «والشمس مرتفعة».

شرح الشيخ: يعني يصل العصر في المدينة ثُمَّ يذهب إِلَى قباء وهم يصلون، وهَذِهِ عادة أهل المدن والقرى في كُلّ زمان، وفي وقتنا هَذَا يصلون قبل أهل الحرف والفلاليح، الفلاحين يؤخرون الصَّلَاة لانشغالهم، هَذَا صلى العصر ثُمَّ ذهب إِلَى أهل قباء وجدهم يصلون العصر، عَلَى عادة أهل الحرف والفلاحين يتأخرون لانشغالهم، وأَمَّا أهل المدن والقرى فَإِنَّهُمْ يبكرون.

قارئ المتن:

507 - أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك أنه أخبره، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس مرتفعة حية، ويذهب الذاهب إلى العوالي والشمس مرتفعة».

شرح الشيخ: لِأَنَّهُ يبكر بها في أول وقتها.

قارئ المتن:

508 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن أبي الأبيض، عن أنس بن مالك قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا العصر والشمس بيضاء محلقة».

509 - أخبرنا سويد بن نصر قال: أنبأنا عبد الله، عن أبي بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف قال: سمعت أبا أمامة بن سهل يقول: صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر، ثم خرجنا حتى دخلنا على أنس بن مالك فوجدناه يصلي العصر قلت: يا عم، ما هذه الصلاة التي صليت؟ قال: «العصر، وهذه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كنا نصلي».

510 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا أبو علقمة المدني قال: حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة قال: صلينا في زمان عمر بن عبد العزيز، ثم انصرفنا إلى أنس بن مالك فوجدناه يصلي، فلما انصرف قال لنا: «صليتم؟» قلنا: صلينا الظهر. قال: «إني صليت العصر». فقولوا له: عجلت. فقال: «إنما أصلي كما رأيت أصحابي يصلون».

شرح الشيخ: وهَذَا في وقت إمارة عمر بن عبد العزيز للمدينة، في زمن الوليد بن عبد الملك، وآلت عَلَى بني أمية، كانت بني أمية يؤخرون الصَّلَاة عن وقتها أولًا؛ لِأَنَّهُم كانوا مشغولين، ثُمَّ لما تولى الخلافة عمر بن عبد العزيز بادر بالصلاة، يوم حسنت حاله وصدقت حاله بادر بالصلاة في أول وقتها لما نصحه العلماء وبينوا له.

وأنس رضي الله عنه كان يصلي في بيته؛ لِأَنَّهُ كبرت سنه حَتَّى جاوز المائة وعاجز عن الخروج إِلَى المسجد، فصلوا الظهر ثُمَّ دخلوا عليه فوجدوه يصلي العصر في بيته، قالوا: ماذا صليت؟ قال: صليت الظهر، قالوا: ما هي صلاتك التي صليتها؟ قال: العصر، يعني كأنهم كانوا يؤخرون بني أمية عَلَى عادتهم يؤخرون الصَّلَاة عن وقتها، ولهذا جاء في الحديث «صل الصَّلَاة لوقتها» ثُمَّ إن أدركتها معهم فصلها معهم سبحة، قالوا: «أمراء يؤخرون الصَّلَاة عن وقتها؟ قال: صل الصَّلَاة في وقتها، ثُمَّ إذا أدركتها معهم فصلها معهم سبحة» تكون لك نافلة، صلاتك الأولى في وقتها هي الفريضة، صلي لعدم المخالفة.

 وعمر بن عبد العزيز كان أميرًا للمدينة للوليد بن عبد الملك في زمن خلافته، وكان عَلَى عادة بني أمية يؤخر الصَّلَاة، ثُمَّ لما تولى الخلافة عمر بن عبد العزيز حسنت حاله وصلحت فكان يبادر بالصلوات في وقتها.

قارئ المتن: باب التشديد في تأخير العصر

511 - أخبرنا علي بن حجر بن إياس بن مقاتل بن مشمرج بن خالد.

شرح الشيخ: المؤلف رحمه الله مد في نسبه بدون أل التعريف، عَلَى بن حجر بن إياس بن مقاتل بن مشمرج بن خالد، يعني خمسة أجدد لعلي بن حجر بن إياس بن مقاتل بن مشمرج بن خالد، مد في نسبه، والغالب أن مشايخ النسائي كلهم يعني هم ثقات، لكن الضعف يكون فيمن رووا عنه، أَمَّا مشايخه فَهُوَ يختار الشيوخ، شوف علي بن حجر بن إياس بن مقاتل بن مشمرج بن خالد.

الطالب: قال علي بن حجر بن إياس بن مقاتل بن مشمرج بن خالد، وفي تهذيب الكمال: علي بن حجر بن إياس بن مقاتل بن مخادش بن مشمرج بن خالد السعدي أبو الحسن المروزي، ولجده مشمرج صحبة، سكن بغداد قديمًا، ثُمَّ انتق لإل مرو، فنزلها ونسب إليها، وانتشر حديثه بها، وكان متيقظًا حافظًا ثقةً مأمومًا.

الشيخ: يعني أقل شيوخه يكون صدوق، النسائي يختار الشيوخ.

قارئ المتن:

511 - أخبرنا علي بن حجر بن إياس بن مقاتل بن مشمرج بن خالد قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثنا العلاء أنه دخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر وداره بجنب المسجد، فلما دخلنا عليه قال: أصليتم العصر؟ قلنا: لا إنما انصرفنا الساعة من الظهر. قال: فصلوا العصر. قال: فقمنا فصلينا، فلما انصرفنا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تلك صلاة المنافق: جلس يرقب صلاة العصر حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله عز وجل فيها إلا قليلاً».

512 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله».

512 - أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله».

آخر وقت العصر

513 - أخبرنا يوسف بن واضح قال: حدثنا قدامة يعني ابن شهاب، عن برد، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله، «أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه مواقيت الصلاة، فتقدم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى الظهر حين زالت الشمس، وأتاه حين كان الظل مثل شخصه فصنع كما صنع، فتقدم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى العصر، ثم أتاه حين وجبت الشمس فتقدم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى المغرب، ثم أتاه حين غاب الشفق فتقدم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى العشاء، ثم أتاه حين انشق الفجر فتقدم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الغداة».

شرح الشيخ: الغداة الفجر.

قارئ المتن: «ثم أتاه اليوم الثاني حين كان ظل الرجل مثل شخصيه».

شرح الشيخ: يعني مثله مرتين.

قارئ المتن: «فصنع مثل ما صنع بالأمس فصلى الظهر، ثم أتاه حين كان ظل الرجل مثل شخصيه فصنع كما صنع بالأمس فصلى العصر، ثم أتاه حين وجبت الشمس فصنع كما صنع بالأمس فصلى المغرب».

شرح الشيخ: وجبت يعني غربت.

قارئ المتن: «فنمنا ثم قمنا، ثم نمنا ثم قمنا، فأتاه فصنع كما صنع بالأمس فصلى العشاء، ثم أتاه حين امتد الفجر وأصبح والنجوم بادية مشتبكة».

 شرح الشيخ: والنجوم بادية مشتبكة يعني ظاهرة.

الطالب: باقية.

الشيخ: محتمل، باقية يعني ما غابت، أو بادية يعني ظاهرة.

قارئ المتن: «والنجوم بادية مشتبكة فصنع كما صنع بالأمس فصلى الغداة، ثم قال: ما بين هاتين الصلاتين وقت».

 

 

شرح الشيخ: نعم هَذَا الحديث فيه غرابة من مواضع، منها كون تَقَدَّمَ جبريل وَالرَّسُوْل صلى الله عليه وسلم خلفه، والنَّاس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، المعروف في الأحاديث أن الإمام هُوَ الَّذِي يتقدم ولا يتوسط بينه وبين المأمومين أحد؛ بَلْ يكون معهم، وإن كان مبلغًا كان عن يمين الإمام، كما في قصة مرض النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، حينما وقف عن يسار أبي بكر وهو يبلغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومنها أَنَّهُ صلى المغرب في اليومين في وقتٍ واحد، ولعله هَذَا أول، والمعروف في الحديث أَنَّهُ في اليوم الثاني صلها قبل مغرب الشفق، وهنا قوله: «الفجر الثاني» حين امتد الفجر وأصبح، النجوم بادية ومشتبكة، في الحديث: أَنَّهُ صلى الفجر في اليوم الثاني بعدما أسفر، ماذا قال عن الحديث عندك تكلم عليه؟

الطالب: قال أحسن الله إليك في درجته حديث جابر رضي الله عنه هَذَا صحيح، قال في المسألة الثانية في بيان مواضعه عند المصنف، قال: أخرج هنا وفي الكبرى عن يوسف بن واضح عن قدامة بن شهاب عن برد عن عطاء عنه، وفي " المجتبى " قال: والكبرى عن سويد بن نصر، عن ابن المبارك عن حسين بن علي بن الحسين عن وهب بن كيسان عنه، والله تعالى أعلم.

قال في المسألة الثالثة: فيمن أخرجه معه، أَمَّا طريق عطاء فمن أفراده، وأَمَّا طريق وهب فأخرجه الترمذي في الصَّلَاة بعد حديث ابن عباس عن أحمد بن محمد بن موسى عن ابن المبارك به، وقال: فذكر نحو حديث ابن عباس بمعناه، وَلَمْ يذكر فيه لوقت العصر بالأمس، قال أبو عيسى: حديث حسن صحيح، وقال محمد يعني البخاري: أصح شيء في المواقيت حديث جابر رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.

قال: وحديث جابر في المواقيت قد رواه عطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار وأبو الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نحو حديث وهب بن كيسان عن جابر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. كلام الترمذي.

وقد تَقَدَّمَ ذكر فوائد الحديث في شرح حديث أبي هريرة.

الشيخ: لكن ما تكلم عن الإشكال عن التوسط، عن جبريل أمامه والنَّبِيّ متوسط خلفه والنَّاس خلف النَّبِيّ، ماذا قال عليها تكلم عليها؟

الطالب: قال أحسن الله إليك في شرح الحديث: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ابن حرام الأنصاري السلمي، قال رضي الله عنهما أن جبريل تَقَدَّمَ الكلام عَلَى لغاته في شرح الحديث، أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يعلمهم مواقيت الصلاة جملةً حالية في محل نصب من فاعل أتى، فتقدم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه.

 الشيخ: التعليم ما فيه إشكال.

الطالب: قال: ظاهر الحديث يَدُلَّ عَلَى أن الصَّحَابَة رضي الله عنهم ما كانوا يرون جبريل عليه السلام في ذلك الوقت، ولذا تَقَدَّمَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إمامهم ليقتدوا به بفعله؛ حيث لا يعملون بانتقالات جبريل، وكيفية صلاته، ويحتمل أن يروه وإِنَّمَا تَقَدَّمَ صلى الله عليه وسلم لتبليغ التكبير ويحتمل أن يكون بيانًا لجواز اختلاء المصلي بمن يقتضي بغيره، كما سيأتي في محله إن شاء الله تعالى.

الشيخ: الإشكال لا يزال، يعني يحتمل أن الصَّحَابَة كانوا لا يرونه، يعلمه أبو هريرة من بعيد ويكون النَّبِيّ هُوَ الإمام، لكن في الحديث جبريل هُوَ الإمام، قال: «أمني جبريل» يمكن تعليم بدون إمامة، لكن قال: أمني.

 قارئ المتن: من أدرك ركعتين من العصر

514 - أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا معتمر قال: سمعت معمرًا، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أدرك ركعتين من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس أو ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك».

515 - أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا معتمر قال: سمعت معمرًا، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أدرك ركعة من صلاة العصر قبل أن تغيب الشمس، أو أدرك ركعة من الفجر قبل طلوع الشمس فقد أدرك».

شرح الشيخ: المعنى فقد أدرك الصَّلَاة في وقتها، وهَذَا للمعذور كالناسي والنائم فإن وقتها في حَقّ الناسي الذكر حينما يتذكر؛ لِأَنَّ النسيان ما فيه حيلة، إذا نسي الصَّلَاة فوقتها في وقت تذكره، والنائم نوم يعذر فيه جعل أسباب توقظه لكنه لَمْ ينتبه وقته في حقه حين يستيقظ، فيكون المعذور هَذَا وقتها في حقه حين يزول العذر، أَمَّا غيره إذا أدرك الصَّلَاة ركعة من الوقت فقد أدرك الصَّلَاة، فالوقت يدرك بركعة، والجماعة تدرك بركعة، والجمعة تدرك بها عَلَى الصحيح.

الوقت إذا أدرك ركعة قبل غروب الشمس كانت الصَّلَاة في حقه في وقتها، والجمعة إذا أدرك ركعة يضم إليها ركعة أخرى وتجزئ جمعة، فإن لَمْ يدرك المأموم ركعة وقد دخل الوقت يصلي ثلاث ركعات يجعلها ظهر.

وكذلك الجماعة عَلَى الصحيح، إذا أدرك ركعة فقد أدرك الجماعة، الجماعة تدرك بركعة، والوقت بركعة والجمعة بركعة.

قارئ المتن:

516 - أخبرنا عمرو بن منصور قال: حدثنا الفضل بن دكين قال: حدثنا شيبان، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أدرك أحدكم أول سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته، وإذا أدرك أول سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته».

517 - أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، وعن بسر بن سعيد، وعن الأعرج يحدثون، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر».

518 - أخبرنا أبو داود قال: حدثنا سعيد بن عامر قال: حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن نصر بن عبد الرحمن، عن جده معاذ، أنه طاف مع معاذ ابن عفراء فلم يصل. فقلت: ألا تصلي؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس، ولا بعد الصبح حتى تطلع الشمس».

شرح الشيخ: خفيت السنة عَلَى معاذ بن عفراء وإِلَّا فالسنة لمن طاف بالبيت في أيْ وقت فَإِنَّهُ يصلي ركعتي الطواف، ولو كان في وقت النهي لحديث: «يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت فصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار» إِلَّا في وقت النهي المغلظ عند غروب الشمس وعند طلوعها وعند قيامها، هَذَا هُوَ الوقت المغلط ما في صلاة ولا دفن موتى، لحديث عقبة بن عامر عند مسلم: «ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حَتَّى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حَتَّى تزول، وحين تتضيف للغروب حَتَّى تغرب» عشر دقائق تقريبًا قبل الظهر، وقبل الفجر، وقبل المغرب، وعند طلوع الشمس حَتَّى ترتفع عشرة دقائق أو ربع ساعة هَذِهِ أوقات ما فيها دفن موتى ولا صلاة، وقت النهي المغلظ يسجد لها الْكُفَّار عند طلوعها وعند غروبها، فلا يتشبه المسلم بهم، وأَمَّا ما عدا ذلك فإنها تصلى ذوات الأسباب.

وقوله: «من أدرك ركعة فليتم صلاته» لا مفهوم له؛ حَتَّى لو أدرك أقل من ركعة فَإِنَّهُ يتم صلاته.

قارئ المتن: أول وقت المغرب

519 - أخبرني عمرو بن هشام قال: حدثنا مخلد بن يزيد، عن سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن وقت الصلاة؟ فقال: «أقم معنا هذين اليومين»، فأمر بلالا فأقام عند الفجر، فصلى الفجر، ثم أمره حين زالت الشمس فصلى الظهر، ثم أمره حين رأى الشمس بيضاء فأقام العصر، ثم أمره حين وقع حاجب الشمس فأقام المغرب، ثم أمره حين غاب الشفق فأقام العشاء، ثم أمره من الغد فنور بالفجر، ثم أبرد بالظهر وأنعم أن يبرد، ثم صلى العصر والشمس بيضاء وأخر عن ذلك، ثم صلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، ثم أمره فأقام العشاء حين ذهب ثلث الليل فصلاها، ثم قال: «أين السائل عن وقت الصلاة؟ وقت صلاتكم ما بين ما رأيتم».

شرح الشيخ: يعني صلاها وقت صلاته إياها.

 

 

قارئ المتن: تعجيل المغرب

520 - أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر قال: سمعت حسان بن بلال، عن رجل من أسلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أنهم «كانوا يصلون مع نبي الله صلى الله عليه وسلم المغرب، ثم يرجعون إلى أهاليهم إلى أقصى المدينة يرمون ويبصرون مواقع سهامهم».

شرح الشيخ: في الصحيحين قال: «كنا نصلي المغرب مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وإِنَّهُ ليبصر موقع نبله» ما في أنوار، فإذا صلى المغرب معناه يعجله، يبصر موضع النبل.

قارئ المتن: تأخير المغرب

521 - أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن خير بن نعيم الحضرمي، عن ابن هبيرة، عن أبي تميم الجيشاني، عن أبي بصرة الغفاري قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بالمخمص قال: «إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم فضيعوها، ومن حافظ عليها كان له أجره مرتين، ولا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهد»، والشاهد: النجم.

شرح الشيخ: المخمص مكان.

قارئ المتن: آخر وقت المغرب

522 - أخبرنا عمرو بن علي قال: حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، عن قتادة قال: سمعت أبا أيوب الأزدي يحدث، عن عبد الله بن عمرو قال: شعبة: كان قتادة - يرفعه أحيانا، وأحيانًا لا يرفعه - قال: «وقت صلاة الظهر ما لم يحضر العصر، ووقت صلاة العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت المغرب ما لم يسقط ثور الشفق، ووقت العشاء ما لم ينتصف الليل، ووقت الصبح ما لم تطلع الشمس».

شرح الشيخ: والشاهد قوله: «حتى يطلع الشاهد» والشاهد: النجم، هَذَا كناية عن غروب الشمس؛ لِأَنَّ بغروبها يظهر الشاهد، المصنف حمله عَلَى تأخير المغرب.

قارئ المتن:

523 - أخبرنا عبدة بن عبد الله، وأحمد بن سليمان واللفظ له قالا: حدثنا أبو داود، عن بدر بن عثمان قال إملاء علي: حدثنا أبو بكر بن أبي موسى، عن أبيه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم سائل يسأله عن مواقيت الصلاة فلم يرد عليه شيئًا، فأمر بلالا فأقام بالفجر حين انشق، ثم أمره فأقام بالظهر حين زالت الشمس والقائل يقول: انتصف النهار وهو أعلم، ثم أمره فأقام بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره فأقام بالمغرب حين غربت الشمس، ثم أمره فأقام بالعشاء حين غاب الشفق، ثم أخر الفجر من الغد حين انصرف والقائل يقول: طلعت الشمس، ثم أخر الظهر إلى قريب من وقت العصر بالأمس، ثم أخر العصر حتى انصرف والقائل يقول: احمرت الشمس، ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، ثم أخر العشاء إلى ثلث الليل، ثم قال: «الوقت فيما بين هذين».

شرح الشيخ: يعني في اليوم الأول في أول الأوقات وفي اليوم الثاني في آخرها.

قارئ المتن:

524 - أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثنا خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت قال: حدثني الحسين بن بشير بن سلام، عن أبيه قال: دخلت أنا ومحمد بن علي على جابر بن عبد الله الأنصاري فقلنا له: أخبرنا عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذاك زمن الحجاج بن يوسف. قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر حين زالت الشمس وكان الفيء قدر الشراك، ثم صلى العصر حين كان الفيء قدر الشراك، وظل الرجل، ثم صلى المغرب حين غابت الشمس، ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى الفجر حين طلع الفجر، ثم صلى من الغد الظهر حين كان الظل طول الرجل، ثم صلى العصر حين كان ظل الرجل مثليه قدر ما يسير الراكب سير العنق إلى ذي الحليفة، ثم صلى المغرب حين غابت الشمس، ثم صلى العشاء إلى ثلث الليل أو نصف الليل - شك زيد - ثم صلى الفجر فأسفر».

شرح الشيخ: لَمْ يذكر حديثين وقتين للمغرب كما ذكر في الحديث السابق، لعل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يفعل هَذَا تارة ويفعل هَذَا تارة، يصليها في أول وقتها تارة، ويصليها في آخر وقتها تارة، عَلَى كُلّ حال الأحاديث السابقة فيها أن المغرب له وقتان: عند غروب الشمس وعند مغيب الشفق، ومن حفظ حجة عَلَى من لَمْ يحفظ، من أثبت وقتين للمغرب أول وآخر مقدم؛ لِأَنَّهُ من أثبت وقتًا واحدًا لَمْ يحفظه، ومن لَمْ يثبت إِلَّا وقتًا واحدًا نعم.

قارئ المتن: كراهية النوم بعد صلاة المغرب

525 - أخبرنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا عوف، قال: حدثني سيار بن سلامة قال: دخلت على أبي برزة فسأله أبي: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المكتوبة؟ قال: «كان يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس».

شرح الشيخ: وهي الظهر.

قارئ المتن: «وكان يصلي العصر حين يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية - ونسيت ما قال في المغرب - وكان يستحب أن يؤخر العشاء التي تدعونها العتمة، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها، وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه، وكان يقرأ بالستين إلى المائة».

شرح الشيخ: وهَذَا أخرجه الشيخان وفيه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبلها والحديث بعدها أيْ العشاء؛ لِأَنَّ الحديث بعدها قد يؤدي إِلَى ترك صلاة الفجر مع الجماعة، أو الوقت فيحرم؛ حَتَّى ولو كان طالب علم أو دراسة قرآن إذا كان يعلم أَنَّهُ يؤدي إِلَى ترك صلاة الفجر لا يجوز ذلك، لِأَنَّ مدارسة القرآن وطلب العلم سنة، وأداء الفروض في وقتها واجب، واجب مقدم.

أَمَّا إذا كان الحديث بعدها لطلب العلم أو المشاورة في أمور المسلمين كما كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يسمع أبي بكر وعمر في العشاء في أمور المسلمين فهذا مستثنى « وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها» هَذَا مستثنى إذا لَمْ يؤدي إِلَى ترك صلاة الفجر، والسهر يعني أقل أحواله أَنَّهُ يمنع الإنسان من الراحة، ويمنع الإنسان إذا كان يصلي أو يتهجد ما قسم الله يمنع السهر، وإِلَّا فقد يؤدي إِلَى ترك الفريضة، فالأصل: «وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها» النوم قبلها قبل صلاة العشاء؛ لِأَنَّهُ قد يستغرق في النوم فيؤخرها، والحديث بعدها قد يؤدي إِلَى ترك صلاة الفجر، والحالات الخاصة لها أمرٌ خاص.

قارئ المتن: أول وقت العشاء

526 - أخبرنا سويد بن نصر قال: أنبأنا عبد الله بن المبارك، عن حسين بن علي بن حسين قال: أخبرني وهب بن كيسان قال: حدثنا جابر بن عبد الله، قال: " جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين زالت الشمس فقال: قم يا محمد فصل الظهر حين مالت الشمس، ثم مكث حتى إذا كان فيء الرجل مثله جاءه للعصر فقال: قم يا محمد فصل العصر، ثم مكث حتى إذا غابت الشمس جاءه فقال: قم فصل المغرب، فقام فصلاها حين غابت الشمس سواء، ثم مكث حتى إذا ذهب الشفق جاءه فقال: قم فصل العشاء فقام فصلاها، ثم جاءه حين سطع الفجر في الصبح فقال: قم يا محمد فصل، فقام فصلى الصبح، ثم جاءه من الغد حين كان فيء الرجل مثله فقال: قم يا محمد فصل، فصلى الظهر، ثم جاءه جبريل عليه السلام حين كان فيء الرجل مثليه فقال: قم يا محمد فصل، فصلى العصر، ثم جاءه للمغرب حين غابت الشمس وقتًا واحدًا لم يزل عنه فقال: قم فصل فصلى المغرب، ثم جاءه للعشاء حين ذهب ثلث الليل الأول فقال: قم فصل، فصلى العشاء، ثم جاءه للصبح حين أسفر جدًا فقال: قم فصل، فصلى الصبح، فقال: ما بين هذين وقت كله ".

تعجيل العشاء

527 - أخبرنا عمرو بن علي، ومحمد بن بشار قالا: حدثنا محمد قال: حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن محمد بن عمرو بن حسن قال: قدم الحجاج فسألنا جابر بن عبد الله قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس بيضاء نقية، والمغرب إذا وجبت الشمس، والعشاء أحيانًا كان إذا رآهم قد اجتمعوا عجل، وإذا رآهم قد أبطئوا أخر».

شرح الشيخ: هَذَا الحديث في الصحيحين، وفي آخره: «كان النَّبِيّ يصليها بغلس» وكان يقرأ بالستين إِلَى المائة.

 

 

قارئ المتن: الشفق

528 - أخبرنا محمد بن قدامة قال: حدثنا جرير، عن رقبة، عن جعفر بن إياس، عن حبيب بن سالم، عن النعمان بن بشير قال: أنا أعلم الناس بميقات هذه الصلاة عشاء الآخرة «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر لثالثة».

شرح الشيخ: يعني غيبوبة القمر الليل الثالث؛ لِأَنَّهُ غاب مع أذان العشاء القمر.

قارئ المتن:

529 - أخبرنا عثمان بن عبد الله قال: حدثنا عفان قال: حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن بشير بن ثابت، عن حبيب بن سالم، عن النعمان بن بشير قال: والله إني لأعلم الناس بوقت هذه الصلاة صلاة العشاء الآخرة «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر لثالثة».

ما يستحب من تأخير العشاء

530 - أخبرنا سويد بن نصر قال: أنبأنا عبد الله، عن عوف، عن سيار بن سلامة قال: دخلت أنا وأبي على أبي برزة الأسلمي فقال له أبي: أخبرنا كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المكتوبة؟ قال: «كان يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس، وكان يصلي العصر، ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية» - قال: ونسيت ما قال في المغرب - قال: «وكان يستحب أن تؤخر صلاة العشاء التي تدعونها العتمة». قال: «وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها، وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه، وكان يقرأ بالستين إلى المائة».

شرح الشيخ: يعني في صلاة الفجر.

قارئ المتن:

531 - أخبرني إبراهيم بن الحسن، ويوسف بن سعيد، واللفظ له قالا: حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أي حين أحب إليك: أن أصلي العتمة إمامًا أو خلوا؟.

شرح الشيخ: العتمة يعني العشاء.

قارئ المتن: قال: سمعت ابن عباس يقول: أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة بالعتمة حتى رقد الناس واستيقظوا ورقدوا واستيقظوا، فقام عمر فقال: الصلاة الصلاة - قال عطاء -: قال ابن عباس: خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم كأني أنظر إليه الآن يقطر رأسه ماء، واضعا يده على شق رأسه. قال: - وأشار فاستثبت عطاء كيف وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على رأسه - فأومأ إلي كما أشار ابن عباس فبدد لي عطاء بين أصابعه بشيء من تبديد، ثم وضعها فانتهى أطراف أصابعه إلى مقدم الرأس، ثم ضمها يمر بها كذلك على الرأس حتى مست إبهاماه طرف الأذن مما يلي الوجه، ثم على الصدغ وناحية الجبين لا يقصر ولا يبطش شيئًا إلا كذلك، ثم قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن لا يصلوها إلا هكذا».

532 - أخبرنا محمد بن منصور المكي قال: حدثنا سفيان، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس، وعن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: أخر النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ذات ليلة حتى ذهب من الليل، فقام عمر رضي الله عنه فنادى: الصلاة يا رسول الله، رقد النساء والولدان، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والماء يقطر من رأسه وهو يقول: «إنه الوقت، لولا أن أشق على أمتي».

شرح الشيخ: إِنَّهُ الوقت يعني الوقت الأفضل يعني، فيه دليل عَلَى فضل تأخير العشاء.

قارئ المتن:

533 - أخبرنا قتيبة قال: حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن جابر بن سمرة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخر العشاء الآخرة».

534 - أخبرنا محمد بن منصور، قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بتأخير العشاء عند كل صلاة».

شرح الشيخ: قول عائشة: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بتأخير العشاء عند كل صلاة» يعني هَذَا فيه دليل عَلَى فضل تأخير صلاة العشاء وأن الأفضل أن تؤخر، قال العلماء: هَذَا في غير المدن والقرى، أَمَّا في المدن والقرى ما تؤخر الصَّلَاة، ولكن لو كان في السفر، أو كان في مزرعة أو استراحة واتفقوا عَلَى تأخيرها إِلَى ثلث الليل يكون هَذَا هُوَ الأفضل، أَمَّا في المدن والقرى فلا تؤخر؛ لِأَنَّ النَّاس يشق عليهم فتصلى في أول وقتها دفعًا للمشقة، ولهذا النَّبِيّ فعل هَذَا وقال: إِنَّهُ لوقتها «لولا أن أشق عَلَى أمتي» هَذَا فيه مشقة، لكن لو كان النَّاس في قرية محدودين يعدون عَلَى الأصابع وليس معهم غيرهم واتفقوا عَلَى تأخيرها وهَذَا مناسب لهم فلا بأس، أو كانوا في مزرعة أو في استراحة أو في السفر وأحبوا تأخيرها إِلَى ثلث الليل الأول هَذَا هُوَ الأفضل، أَمَّا في المدن والقرى فلا تؤخر.

قارئ المتن: آخر وقت العشاء

شرح الشيخ: بركة قف عَلَى هَذَا وفق الله الجميع لطاعته.

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد