شعار الموقع

قراءة من سنن النسائي - كتاب القبلة

00:00
00:00
تحميل
22

الرحيم

الحمد لله، وَالصَّلَاة والسلام عَلَى رسول الله، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمُستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

وبأسانيدكم إلى الإمام النسائي رحمه الله: [كتاب القبلة].

قارئ المتن: باب استقبال القبلة:

أخبرنا مُحمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق، عن زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازبٍ، قال: «قَدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرًا، ثم وُجِه إلى الكعبة، فمر رجلٌ كان قد صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم على قوم من الأنصار، فقال: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وُجِه إلى الكعبة، فانحرفوا إلى الكعبة».

شرح الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن والاه.

استقبال القبلة شرطٌ من شروط الصلاة، لا تصح الصلاة إلا بها إلا مع العجز، فإنه يُصلي على حسب استطاعته، لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، إن كان له اجتهاد يجتهد وإلا تحرى وصلى.

وهذا الحديث، حديث البراء أن النبي قَدِم المدينة، «قدم رسول الله المدينة فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرًا، ثم وُجِه إلى الكعبة، فمر رجلٌ كان قد صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم على قوم من الأنصار، فقال: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وُجِه إلى الكعبة، فانحرفوا إلى الكعبة».

(فانحرَفوا) بفتح الراء على أنه خبر، أو (فانحرِفوا) على أنه أمر، لكن الصواب أنها خبر، (فانحرَفوا إلى الكعبة)، وفيه دليل على قبول خبر الواحد، واحد شخص جاءهم، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وُجِه إلى الكعبة؛ فقبلوا قوله في الصلاة، فصار الإمام في مكان المأمومين، والمأمومين مكان الإمام، بعض الصلاة إلى بيت المقدس، وبعضها الركعة الأولى: إلى بيت المقدس، والركعة الثانية إلى الكعبة، الركعة الأول الإمام في مكان المأمومين، والمأمومين في مكان الإمام في الركعة الثانية.

(فانحرفوا) هذا الظاهر إن (انحرَفوا) على أنه الخبر، يعني (انحرَفوا) خبرًا، هو أخبرهم، عن الوجهة ولم يقل (انحرِفوا)، لكن الأرجح أنه الخبر، والمعنى (فانحرَفوا هم)، يعني فقبلوا خبره فانحرفوا.

 

مداخلة: أحسن الله إليك هنا سقط وهو ابن يونس والصحيح أنه أبو يوسف.

الشيخ: حدثنا إسحاق بن يونس، عندك تكلم عليه.

مداخلة: نعم، قال: وقع في النُسخ المطبوعة هنا ابن يونس بدل ابن يوسف وهذا تصحيف الباحث فتنبه.

الشيخ: من الذي يقول هذا؟

مداخلة: الأثيوبي أحسن الله إليك.

الشيخ: ابن يوسف، طيب تُعدل وتُصحح.

قارئ المتن: بَاب الْحَالِ الَّتِي يجوز عَلَيْهَا استقبال غير القبلة:

أخبرنا قُتيبة، عن مالك بن أنسٍ، عن عبد الله بن دينارٍ، عن ابن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يصلي على راحلته في السفر حيثما توجهت»، قال مالكٌ: قال: عبد الله بن دينار: وكان ابن عمر يفعل ذلك.

أخبرنا عيسى بن حمَّاد، قال: حدثنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهابٍ، عن سالمٍ، عن عبد الله، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الراحلة قِبَل أي وجه توجه به ويوتر عليها، غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة».

شرح الشيخ: والمراد ب(المكتوبة): الفريضة، وفي دليل على أن الفريضة يجب يُصلي إلى القبلة، وليس له رخصة، وأما النافلة فله رُخصة في السفر، يُصلي حيث توجهت به راحلته، على الراحلة، أو على الدَّابة، أو على السيارة، أو على الطائرة، أو على السفينة، أو في القِطار، إذا يُصلي نافلة إلى أي جهة، أما الفريضة فلا، لابد أن تتجه إلى القبلة.

والأولى في الفريضة أن ينتظر إذا أمكن يُصلي في الأرض سواء كان في القِطار، أو في الطائرة والسيارة، إن كان يستطيع أن يصل قبل خروج الوقت، أو تكون الصلاة تُجمَع إلى ما قبلها، فإن كان لا يستطيع فإنه يُصلي، ولكن يستدير مع القبلة حيث دارت في السفينة، في الباخرة، أو في الطائرة، أو في السيارة، يدور مع القبلة حيث دارت إذا أمكن وهذا يُمكن بالآلات يدور مع القبلة حيث دارت، أما النافلة فإنه يُصلي ويُحَل له، لكن الأفضل أن يُكبر تكبيرة الإحرام إلى القبلة ثم ينحرف إلى جهة قصده كما سيأتي.

وهذا الحديث فيه دليل على أن الوِتر ليس بواجب، لأنه كان يُوتِر على الراحلة، أما الفريضة ما يُصليها على الراحلة، في الرد على الأحناف القائلين بأن الوتر واجب، وأنه فرض، لو كان واجبًا لنزل النبي صلى الله عليه وسلم وصلى في الأرض كما يُصلي المكتوبة، فلمَّا صلى الوتر على الراحلة دلَّ على أنه ليس بواجب، وهذا هو الصواب لهذه الجماهير خِلافًا للأحناف.

الوتر ليس بواجب، ولكنه سنة مؤكدة، ما وجب الله إلا الصلوات الخمس، لكن الوتر ينبغي للإنسان أن يُحافظ عليه، وكذلك السنن الرواتب، ولهذا يُروم، عن الإمام أحمد أنه قال: إن الذي لا يُوتر باستمرار وهو لا يُصلي النوافل لا ينبغي أن تُقبل شهادته، هذا يسوء باستمرار، عنده إهمال النوافل، ما صلى الفريضة زهِد في خيرٍ كثير، فاته خيرٌ كثير، والصلاة مُعرَّضة للنقص والخطأ، وتُكمَّل الفرائض بالنوافل، وهذا ليس له نوافل، فلهذا قال: الإمام أحمد: أنه رجل سوء ينبغي ألا تُقبل شهادته، الشخص الذي يترك النوافل باستمرار، ويترك الوتر باستمرار.

قارئ المتن: بَاب استبانَة الخطأ بعدَ الِاجتِهَاد:

أخبرنا قُتيبة، عن مالك، عن عبد الله بن دينارٍ، عن ابن عمر قال: بينما الناس بقُباء في صلاة الصبح، جاءهم آت، فقال: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُنزل عليه الليلة قرآنٌ، وقد أُمر أن يستقبل القبلة فاستقبِلوها؛ فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة».

شرح الشيخ: كذلك (فاستَقبَلوها) أو (فاستقبِلوها)، فتح الباء على الخبر، وبكسرها على الأمر، والمؤلف رحمه الله يُنوع التراجم على طريقة البُخاري رحمه الله في الحديث الواحد، يُكرر التراجم حتى يستنبط الأحكام.

وفي هذا الحديث أنما صلى إلى جهة إلى غير جهة القبلة باجتهاد، ثم استبان له الخطأ في نفس الصلاة فإنه يستدير إلى الكعبة وصلاته صحيحة كما فعل أهل قُباء، مَن صلى إلى جهة إلى غير جهة القبلة ثم تبيَّن له أن الجهة غير، جاءه إنسان وقال هذه الجهة كذا، أو تبيَّن له وهو في نفس الصلاة فإنه يستدير إلى القبلة وصلاته صحيحة، ولا يُعيد ما مضى من صلاةٍ كما فعل أهل قُباء في عهد النبي صلى الله عليه وسلَّم، ولم يأمهم صلى الله عليه وسلم.

ولا يُقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بهم، بل يُقال: إن كان النبي لا يعلم فالله يعلم، وهذا في عصر النبوة، فلا يُمكن أن يُقَروا على خطأ.

قارئ المتن: بَاب سُتْرَةِ الْمُصَلِّي:

أخبرنا العباس بن مُحمَّد الدوري، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد، قال: حدثنا حيوة بن شُريحٍ، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، عن سُترة المصلي، فقال: «مثل مؤخرة الرحل».

أخبرنا عُبيد الله بن سعيدٍ، قال: حدثنا يحيى، عن عُبيد الله، قال: أنبأنا نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَركُز الحربة ثم يصلي إليها».

الْأَمْرِ بِالدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ.

أخبرنا علي بن حُجرٍ وإسحاق بن منصورٍ، قالا: حدثنا سفيان، عن صفوان بن سُليم، عن نافع بن جُبير، عن سهل بن أبي حثمة، قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى سترةٍ، فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته».

شرح الشيخ: فيه مشروعية السترة للمُصلي، وأن أقلها مثل مؤخرة الرحل، (مؤخرة الرحل) الشداد الذي يكون خلف الراكب من ظهر البعير، وهو مقدار ثُلثي ذراع، مقدار شبر يعني، هذه أقل شيء، وفيه أن السُترة شيءٌ قائم، وليس المُراد شيءٌ منبطح، لا، شيءٌ قائم، جِدار، أو دالوب، أو عامود أمامك، أو حامل أقل شيء، أو أيضًا حتى علبة المناديل تكون أمامك مقدار ثُلثي ذراع هكذا، ثُلثي ذراع مقدار شبر، شيءٌ قائم.

أما إذا لم يجد شيئًا فإنه يخُط خطًا هِلاليًا، والخط الهِلالي فيه خِلاف من العلماء، وقالوا: أنه مُضطرب الحديث، والحافظ بن حُجرٍ حسنه قال: مَن لم يصب ما قال إنه مُضطرب إذا لم يجد شيئًا، ولا يكفي مثلًا طرف السجادة، كما يظن بعض الناس طرف السجادة يجعلها تكون سترًا، لا، طرف السجادة ليست سِترًا، شيءٌ قائم، تُقيم شيء أمامك مقدار ثُلثي ذراع، أقل شيء ثُلثي ذراع، مثل مؤخرة الرحل.

وكذلك فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُحافظ على السترة، كانت تُركز له حربةٌ ويُصلي إليها، ففيه مشروعية السُترة للمُصلي، وأن أقلها مثل مؤخرة الرحل.

وفي حديث سهل بن أبي حَثمة مشروعية الدنو من السترة، قال: «إذا صلى أحدكم إلى سترةٍ، فليدن منها»، مُستدلًا بقوله على: «إذا صلى أحدكم إلى سترةٍ»، قال: إن السترة ليست بواجبة، بل هي مُستحبة، لأنه قال: «إذا صلى أحدكم»، جعل الاختيار إليه، ما قال: صلي إلى السترة، قال: «إذا صلى أحدكم إلى السُترة»، فجعل الخيار إليه، فدلَّ على أن السترة ليست واجبة، وهو مذهب الجماهير.

وذهب الظاهرية إلى أنها واجبة، والصواب أنها مُستحبة، وهذا مذهب الجماهير من العلماء خِلافًا للظاهرية القائلين بوجوبها.

وقوله: «لا يقطع الشيطان عليه صلاته»، جُملة مُستأنفة للتعليم، «لا يقطع» بالرفع للاستئناف، و«لا»، نافية، ويُحتمل أن تكون الفعل (يقطع) منصوب باللام المُضمرة المُقدَّرة مثل لام التعليل، والتقدير (لألَّا يقطع)

 

 

قارئ المتن: مِقْدَارِ ذَلِكَ.

أخبرنا مُحمَّد بن سلمة، والحارث بن مسكين قراءة، عليه وأنا أسمع، عن ابن القاسم، قال: حدثني مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد، وبلال، وعثمان بن طلحة الحجبي فأغلقها عليه، قال عبد الله بن عمر: فسألت بلالًا حين خرج: «ماذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: جعل عمودًا، عن يساره وعمودين، عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه، وكان البيت يومئذٍ على ستة أعمدة، ثم صلى وجعل بينه وبين الجدار نحوًا من ثلاثة أذرع».

شرح الشيخ: فيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وكما روى ذلك ابن عُمر لمَّا سأل بِلالًا، وقال: ابن عباس إن النبي لم يُصلي في الكعبة وإنما كبَّر في نواحيها، والمُثبت مُقدَّمٌ على النافي، ابن عباس نفى أن يكون صلَّى، وابن عُمر أثبت، والمُثبت مُقدَّم لأن عبد بن عُمر كان عند الباب، ما دخل، عند باب الكعبة.

(والنبي دخل هو وأُسامة بن زيد وبِلال وعُثمان، وطلحة الحجبي، فأغلقها عليهم صلى الله عليه وسلم، قال: عبد الله: فسألت بِلالًا حين خرج: ماذا صنع رسول الله؟ قال: جعل عمودًا بين يساره وعمودين، عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه، وكان البيت على ستة أعمدة)، الكعبة على ستة أعمدة، ثلاثة أعمدة خلفه يعني في الصف الثاني، والصف الأول عمودًا عن يساره، وعمودين عن يمينه، هذا المكان الذي صلَّى فيه.

«وجعل بينه وبين الجدار نحوًا من ثلاثة أذرع»، وأخذ العلماء من هذا أن مقدار ما يكون بين المُصلي وبين سُترته ثلاثة أذرع، وأن مَن مرَّ أمام المُصلي فوق ثلاثة أذرع لم يؤثر مروره، أو مرَّ من وراء السُترة فلا يضر، أما إذا مرَّ قريبًا منه أقل من ثلاثة أذرع وليس له سُترة، فهذا هو المنهي عنه في الأحاديث التي مرَّت بين يدي المُصلي، وهل يقطع الصلاة أم لا يقطعُها؟ خِلاف بين أهل العلم كما سيأتي.    

قارئ المتن: بَاب ذكر ما يقطع الصلاة وما لا يقطع إذا لم يكن بين يدي المُصلي سُترة.

أخبرنا عمرو بن علي، قال: أنبأنا يزيد، قال: حدثنا يونُس، عن حُميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذرٍ رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان أحدكم قائما يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإن لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته المرأة والحِمار والكلب الأسود، قلت: ما بال الأسود من الأصفر من الأحمر؟ فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني، فقال: الكلب الأسود شيطان».

أخبرنا عمرو بن عليٍ، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثني شُعبة، وهشام، عن قَتادة، قال: قلت لجابر بن زيد: ما يقطع الصلاة؟ قال: كان ابن عباسٍ يقول: المرأة الحائض والكلب، وقال يحيى: رفعه شُعبة.

أخبرنا مُحمَّد بن منصور، عن سفيان، قال: حدثنا الزُهري، قال: أخبرني عُبيد الله، عن ابن عباس قال: «جئت أنا والفضل على أتان لنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بعرفة، ثم ذكر كلمة معناها، فمررنا على بعض الصف فنزلنا وتركناها ترتع، فلم يقل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا».

شرح الشيخ: هذا ترجمة (ذكر ما يقطع الصلاة وما لا يقطع إذا لم يكن بين يدي المُصلي سُترة).

ذكر حديث أبي ذَر: «إذا كان أحدكم قائما يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل»، يعني مقدار ثُلثي ذراع، «فإن لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته المرأة والحمار والكلب الأسود»، الحديث فيه على أن مرور واحدة من هذه الثلاثة أمام المُصلي أقل من ثلاثة أذرع، وليس له سُترة يُبطِل الصلاة، وهذا قول طائفةٍ من العلماء، وهو الصواب، والحديث رواه الإمام مُسلم في صحيحه.

وذهب جمهور العُلماء إلى أن مرور واحدٍ من هذه الثلاثة لا يُبطِل الصلاة، وتأولوا الحديث بأن المُراد بالقطع هُنا نقص الصلاة، نقصها، واستدلوا بحديث: «لا يقطع الصلاة شيء وادرأوا ما استطعتم»، لكن الحديث ضعيف الذي استدل به الجمهور، والصواب أنه إذا مرَّ واحدٌ من هذه الثلاثة: المرأة البالغ، أو الحِمار، أو الكلب الأسود بين يدي المُصلي أقل من ثلاثة أذرع وليس له سُترة تَبطُل صلاته ويستأنفها من جديد، هذا هو الصواب خِلافًا للجمهور، والجمهور يقولون المُراد نقص الصلاة لشغل القلب بهذه الأشياء، وليس المراد إبطالُها.

وذهب بعض العلماء إلى أنه لا يقطع الصلاة إلا مرور الكلب فقط، وقالوا أن المرأة خرجت لحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلي إليها وهي نائمةٌ على السرير، لكن أُجيب بأنها ليس فيه مرور، قالت: «فتدع لي الحاجة فانسل من جانبي السرير»، لكن هذا ما هو بمرور، ما يُعتبر مرور.

وقالوا: خرج الحِمار بحديث مرور ابن عباس، ابن عباس راكبًا حِماره فمرَّ بين الصفوف والنبي صلى الله عليه وسلم يُصلي بالناس في مِنى، والصواب أن مرور بن عباس إنما هو بين يدي الصف، والمأموم سُترته سترة الإمام، لا يؤثر، إذا سُتِر الإمام سُتِر المأموم.

والمُراد (بالمرأة) في هذا الحديث (الحائض) وهي البالغ، وقُيِّد الكلب بالأسود أيضًا لا بد أن يكون الكلب الأسود وهو المُراد، الأسود لأن الأسود شيطان.

وأُجيب عن حديث عائشة بأن صلاة النبي إليها، وانسلالها من تحت رجل السرير ليس مرورًا، ومرور ابن عباس بالحِمار بين الصفوف لا يؤثر لأنه سُترة الإمام سُترة للمأموم فسَلِم الحديث، لكن المرأة لابد أن تُقيَّد بالحائض بِخلاف الصغيرة كما سيأتي هُنَّ أغلب، والأسود يُقيَّد بأنه شيطان، وهذا إذا مر، المرور إنما يكون بين يدي الإمام أو المُنفرد، أما المأموم فهو تابعٌ للإمام.                                        

قارئ المتن: أخبرنا عبد الرحمن بن خالد، قال: حدثنا حجاج، قال: قال ابن جُريج : أخبرني مُحمَّد بن عمر بن علي، عن عباس بن عُبيد الله بن عباس، عن الفضل بن العباس قال: «زار رسول الله صلى الله عليه وسلم عباسًا في باديةٍ لنا، ولنا كُليبة وحمارة ترعى، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم العصر وهما بين يديه فلم يُزجرا ولم يُؤخرا».

شرح الشيخ:

وهذا ليس فيه تصريح بمرورهما أمامه أو قريبًا من سترته، هذا ليس صريح، وإذا تتطرق الدليل للاحتمال سقط به الاستدلال.

قارئ المتن: أخبرنا أبو الأشعث، قال: حدثنا خالدٌ، قال: حدثنا شُعبة، أن الحكم أخبره، قال: سمعت يحيى بن الجزار يحدث، عن صهيبٍ، قال: سمعت ابن عباس، يحدث أنه «مر بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وإلام من بني هاشم على حمارٍ بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فنزلوا ودخلوا معه فصلوا ولم ينصرف، فجاءت جاريتان تسعيان من بني عبد المطلب فأخذتا بركبتيه ففرع بينهما ولم ينصرف».

شرح الشيخ: وهذا ليس بالصريح بمرورهما أمامه، بل أنهما جاءا عن يمينه أو عن شماله ففرق بينهما، فحجز بينهما، ولو سلم بمرورهما بينه وبين سترته فهما صغيرتان، والذي يقطع الصلاة مرور المرأة البالغ كما قيل في الحديث.

قارئ المتن: أخبرنا إسماعيل بن مسعود، قال: حدثنا خالد، قال: حدثنا شُعبة، عن منصورٍ، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «كنت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فإذا أردت أن أقوم كرهت أن أقوم فأمُرُّ بين يديه انسللت انسلالا».

شرح الشيخ: والانسلال ليس مرورًا، لأنها جالسة، أو نائمةٌ أمامه، فإذا أرادت القيام انسلت انسلالًا، فلا دلالة فيه على أن مرور المرأة بين المُصلي وبين سترته لا يقطع الصلاة، لأنها لم تمر.

قارئ المتن: التشديد في المرور بين يدي المُصلي وبين سترته.

أخبرنا قُتيبة، عن مالك، عن أبي النضر، عن بُسر بن سعيد، أن زيد بن خالد أرسله إلى أبي جهيم يسأله ماذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في المار بين يدي المصلي؟ فقال أبو جُهيمٍ: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه، لكان أن يقف أربعين خيرًا له من أن يمر بين يديه».

أخبرنا قُتيبة، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن أبي سعيدٍ، عن أبي سعيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان أحدكم يصلي، فلا يدع أحدًا أن يمر بين يديه، فإن أبى فليقاتله».

شرح الشيخ: من الأدلة فيما سبق في الصلاة على النافلة الترجمة التي قبل قرأناها في الصلاة على الحِمار، ذكر المؤلف حديث بن عُمر يُصلي على حماره وهو مُتجهًا إلى خيبر، وكذلك حديث أنس الذي بعده، كان يُصلي على حِماره وهو راكبٌ إلى خيبر، والقبلة خلفه، كل هذا من الأدلة على جواز صلاة النافلة في السفر إلى غير القبلة.

والمُراد هُنا ب(فليقاتله) المُراد المُدافعة، وليس المُراد القتال، بل المُدافعة يُدافعه، وليس المُراد القتال بآلة بالعصا أو بغيره، أو بالسلاح، لا، المراد المُدافعة، أن يُدافعه.

وهذا فيه دليل على التشديد في المرور بين المُصلي وبين سترته، ولهذا أُمِر بالمقاتلة، قال: «فإن أبى قليقاتله»، أي يُدافعه.

هذا يعني إذا أمكن، أما إذا كان في مكان اشتد فيه الازدحام، ولم يجد المار طريقًا إلا مروره فإنه في هذه يسقط الواجب للضرورة، يقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، في المسجد الحرام، وفي المسجد النبوي، وفي مكان يُشتد فيه الزحام إن وجد طريقًا غير المرور بين يدي المُصلي فلا يمر، وإن لم يجد فإنه في هذه الحالة فلا بأس للضرورة.

قارئ المتن: الرخصَةِ في ذلك.

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عيسى بن يونس، قال: حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز بن جُريج، عن كثير بن كثير، عن أبيه، عن جده، قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت سبعًا ثم صلى ركعتين بحذائه في حاشية المقام وليس بينه وبين الطُوَّاف أحد».

شرح الشيخ: هذا الحديث إذا صح حجة الجمهور في جواز المرور بين يدي المُصلي وبين سترته بالمسجد الحرام، لكن الحديث فيه اضطراب في بعض الروايات، عن كثير بن كثير، عن بعض أهله، وفي هذا الحديث قال عن أبيه، عن جده، ثم من جهة السند فيه عنعنة ابن جُريج، وهو مُدلِس، وفيه كثير بن كثير، قال: في التقريب مقبول، والمقبول هو الذي لم يُجرح ووثقه واحد أو اثنان ممن يتساهل في التوثيق كابن حِبَّان.

 الشيخ الأثيوبي تكلم على الحديث هذا؟

قارئ المتن: هو حديثٌ مضطرب ابن أبي وداعة رضي الله عنه: هذا ضعيف لكونه معلولًا لأن كثير بن كثير لم يسمعه من أبيه كما بيَّنه ابن عُيينة رحمة الله عليه.

قال: أبو داوُد رحمة الله عليه في سُننه: حدثنا أحمد ابن حنبل، حدثنا سُفيان بن عُيينة، حدثني كثير بن كثير بن عبد المُطلب بن أبي ودَّاعة، عن بعض أهله، عن جده أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يُصلي مما يلي باب بني سهم، والناس يمرون بين يديه، وليس بينهما سِترة، قال سُفيان: ليس بينه وبين الكعبة سُترة، قال سُفيان: كان ابن جُريج أخبرنا عنه، قال: أخبرنا كثيرٌ، عن أبيه، فسألته، فقال: ليس من أبيه سمعته، ولكن من بعض أهلي، عن جدي.

شرح الشيخ: نعم، فيه اضطراب، فيُعارَض، ولكن إذا صح كان حُجة للجمهور في جواز المرور بين يدي المُصلي وبين سترته في المسجد الحرام، قالوا: يُستثنى، ما في دليل، وهذا مُضطرب، ولكن الطُوَّاف بالخصوص، هذا لو لم يصح الحديث الطوَّاف أحق، الطائفون أحق، ولا يمتنع الطائف من كون المُصلي يُصلي خلف الطُوَّاف.

المُصلي ينبغي أن يكون بعيد عن الطُوَّاف، أو يكون له سُترة، فإذا صلى فالطائف أحق في هذه الحالة، الطائف أحق هو الذي يلي الكعبة، فيكون في هذا معذور الطُوَّاف، وليس للطُوَّاف ان يمتنعوا من الطواف من أجل الناس الذين يُصلون خلفهم.

قارئ المتن: بَاب الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ النَّائِمِ.

أخبرنا عُبيد الله بن سعيدٍ، قال: حدثنا يحيى، عن هشام، قال: حدثنا أبي، عن عائشة، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل وأنا راقدةٌ معترضةٌ بينه وبين القبلة على فِراشه، فإذا أراد أن يُوتر أيقظني فأوترت».

شرح الشيخ: فيه أنه لا حرج في الصلاة خلف النائم، وفيه إيقاظ الأهل للتعاون، وأن هذا من التعاون على البر والتقوى.

قارئ المتن: النَّهْيِ عن الصَّلَاةِ إِلَى الْقَبْرِ.

أخبرنا علي بن حُجرٍ، قال: حدثنا الوليد، عن ابن جابر، عن بسر بن عُبيد الله، عن واثلة بن الأسقع، عن أبي مرثد الغنوي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها».

شرح الشيخ: فيه أنه لا يُصلى إلى القبور، ولا تُمتهن فلا يُجلس عليها، ولا يمشي بالنعال بين القبور إلا إذا كان هُناك حاجة، ما يستطيع، شوك، أو رمضاء أو غير ذلك.

 

 

قارئ المتن: الصلاة إلى ثوبٍ فيه تصاوير.

أخبرنا مُحمَّد بن عبد الأعلى الصنعاني، قال: حدثنا خالد، قال: حدثنا شُعبة، عن عبد الرحمن بن القاسم قال: سمعت القاسم يحدث، عن عائشة، قالت: كان في بيتي ثوبٌ فيه تصاوير فجعلته إلى سهوةٍ في البيت، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إليه، ثم قال: «يا عائشة أخريه عني»، فنزعته فجعلته وسائد.

شرح الشيخ: فيه إبعاد التصاوير حتى لا تُشغل المُصلي.

قارئ المتن: المُصلي يكون بينه وبين الإمام سُترة.

أخبرنا قُتيبة قال: حدثنا الليث، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبُري، عن أبي سلمة، عن عائشة قالت: «كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصيرةٌ يبسطها بالنهار ويحتجرها بالليل فيصلي فيها، فَفَطِن له الناس فصلوا بصلاته وبينه وبينهم الحصيرة، فقال:

شرح الشيخ: (فَفَطِن) فَطِن، عن باب فَرِح.

قارئ المتن: فَفَطِن له الناس فصلوا بصلاته وبينه وبينهم الحصيرة، فقال: «اكلَفوا من العمل ما تطيقون، فإن الله عز وجل لا يمل حتى تملوا، وإن أحب الأعمال إلى الله عز وجل أدومه وإن قل»، ثم ترك مُصلَّاه ذلك فما عاد له حتى قبضه الله عز وجل وكان إذا عمل عملًا أثبته.

شرح الشيخ: نعم، فيها أنه لا بأس أن يكون بين الإمام والمُصلي سُترة، إذا كان يُشاهده من وراءه لأن الحصير كانت تُنصب، وهم يُشاهدون يعني ليس بالطويل الحصير، يرون الشخص الذي أمامهم رأسه من وراء الحصير، فلا بأس أن يكون المُصلي بينه وبين الإمام سترة إذا كان ما تحجبه حجبًا كاملًا.

وقوله: «اكلَفوا من العمل»، يعني افعلوا من الأعمال ما تُطيقون، «فإن الله لا يمل حتى تملوا».

والملل من الأوصاف التي جاءت بلفظ الفعل، فيُطلق على الله كذلك كالمكر والكيد، وهو من الصفات التي تكون جزاءً على فعل العبد، فكما يُقال: يُمكر الله بالماكرين، ويكيد الله القائدين، كذا يُقال: لا يَمَل الله حتى يمَل العبد، ويمل الله إذا ملَّ العبد، وهو وصف يليق بالله ليس فيه نقص، ولا يُشابه ملل العبد، ومن آثار هذه الصفة قطع الثواب عمن قطع العمل، من آثار الوصف أن الله تعالى لا يقطع الثواب عن العبد حتى يقطع العبد العمل.

النووي وجماعة فسروا على طريقة الأشاعرة فسروا الملل بأنه قطع الثواب، قال: «فإن الله لا يمل حتى تملوا»، قالوا والمعنى قال: الإمام النووي لا يقطع الله الثواب حتى يقطع العبد العمل، وهذا ليس هو الوصف هذا أثر الوصف، أثره، كما أن من أثر اسم الله القهَّار العقوبة، العقوبة أثر وليس هو الوصف، كذلك الملل وصف ومن أثاره أن الله لا يقطع الثواب عن العبد حتى يقطع العبد العمل.

وهو من الصفات التي يكون جزاءً على فعل العبد، من الصفات المُتقابلة، ولا يُطلق على الله ابتداءً، ما يُقال: إن من وصف الله الملل، ولا يُقال: من وصف الله المكر، ولا الكيد لأنها تكون هذه الصفات تكون ممدوحة وتكون مذمومة، فيكون المكر ممدوح إذا كان جزاءً على الماكر، ويكون مذموم إذا كان ابتداءً، فلا يُقال: إن من صفات الله الماكر، ولا الكائد، ولا المُخادع، ولا الملل، وإنما يُقال: من صفاته أن الله يمكر بالماكرين جزاءً لهم، هذا الوصف هذا المدح، يخدع المُخادعين، يستهزئ بالمُستهزئين، يستهزئون والله يستهزئ بهم، يسخر من الساخرين، يسخرون وسخر الله منهم، يمل إذا ملَّ العبد، هكذا صفاته المُتقابلة ما يُطلق على الله إطلاقًا لأنه مُحتمل للمدح وللذم، فيكون مذمومًا إذا كان ابتداءً، ويكون مدحًا إذا كان جزاءً للفاعل.

قارئ المتن: الصلاة في الثوب الواحد.

أخبرنا قُتيبة بن سعيد، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة، أن سائلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الصلاة في الثوب الواحد، فقال: «أوَلِكُلِكُم ثوبان؟».

أخبرنا قُتيبة، عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمر بن أبي سلمة أنه «رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم: يصلي في ثوبٍ واحدٍ في بيت أم سلمة واضعا طرفيه على عاتقيه».

شرح الشيخ: المُراد بالثوب الواحد يعني القطعة الواحدة غير المخيطة كالإزار أو الرداء، بلغة العرب يُسمى ثوب، يعني الغطرة هذه ثوب، والسروال ثوب، والقميص ثوب، هذا في اللغة يُسمى ثوب، والمُراد الصلاة في القطعة الواحدة.

سُئل النبي صلى الله عليه وسلم، عن الصلاة في الثوب الواحد، قطعة واحدة، يعني إنسان عنده فوطة واحدة يُصلي بها؟ يكفي؟ قال: «أوَلِكُلِكُم ثوبان؟»، كل واحد يجد ثوبين؟ ما كل واحد يجد ثوبين، وكان الناس يُصيبهم في بعض الأمكنة وفي بعض الأزمنة نقص وشدة، فلا يجدون شيئًا، وذكر العلماء صلاة العُراة، الصحابة هكذا كان بعضهم له إزار وليس له رِداء، وأهل الصُفَّة كذلك، فسُئل النبي صلى الله عليه وسلم، عن الصلاة بالقطعة الواحدة، يعني يشدُها على النصف الأسفل هل تصح الصلاة؟ «أوَلِكُلِكُم ثوبان؟»، هل كل واحد يجد ثوبين؟ ما كل واحد يجد ثوبين.

وفي الحديث الثاني أن عُمر بن أبي سلمة «رأى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوبٍ واحدٍ واضعًا طرفيه على عاتقيه»، إذا كان القطعة الواحدة طويل يضع طرفيه على عاتقيه، وإن كان قصير يأتزر به، إن كان واسعًا فإنه يأتزر به ويضع طرفيه على عاتقيه، وإن كان ضيقًا ائتزر به اكتفى بكونه يأتزر به.

والحديث الآخر «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء»، هذا إذا وجد، فإنه يستر المَنكبين، وهل يأثم أم لا يأثم؟ وهل تصِح الصلاة أو لا تصح؟

الجمهور على أنها تصح كما في حديث جابر أنه صلى وردائه على المشجب، فسأله إنسان قال: تُصلي ورداؤك على المشجب؟ قال: أردت أن يسألني أحمق مثلك يعني جاهل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « أوَلِكُلِكُم ثوبان؟»، هذا هو مذهب الجمهور.

والقول الثاني أنه إذا وجد فعليه أن يستر الكتفين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء»، فيضع على عاتقيه إذا وجد، فإن لم يستره وهو واجد فإنه يأثم عند جمعٍ من أهل العلم بخلاف الجمهور.

قارئ المتن: الصلاة في قميصٍ واحد.

أخبرنا قُتيبة، قال: حدثنا العطَّاف، عن موسى بن إبراهيم، عن سلمة بن الأكوع، قال: قلت: يا رسول الله، إني لأكون في الصيد وليس عليَّ إلا القميص، افأُصلي فيه؟ قال: «وزرَّه عليك ولو بشوكة».

شرح الشيخ: يعني إذا كان مفتوح الوسط اربط الجيب حتى لا تظهر العورة، يعني زُرَّه ولو بشوكة لأنه إن كان واسع تُرى العورة فهو يزره الجيب حتى يستر العورة، لأنه لو وقف إنسان أمامه شاهد العورة، فإذا زرَّه ستر العورة.

والحديث فيه العطَّاف، والعطَّاف قال: الحافظ في التقريب إنه صدوق، الصدوق له أوهام، أو أنه مقبول.

قارئ المتن: الصلاة في الإِزار.

أخبرنا عُبيد الله بن سعيد، قال: حدثنا يحيى، عن سفيان، قال: حدثني أبو حازم، عن سهل بن سعد، قال: «كان رجالٌ يصلون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عاقدين أُزرَهم كهيئة الصبيان، فقيل للنساء: لا ترفعن رؤوسكن حتى يستوي الرجال جلوسًا».

شرح الشيخ: نعم، وذلك خشية أن ينكشف شيئًا من العورة عند السجود لقِصر الإزار، وهذا محمول على أنهم لا يجدون أُزرًا طويلة، ما يجدون أزر، إزار قصير فإذا سجد قد يبدو شيءٌ من العورة، فقال الرجال للنساء: «لا ترفعن رؤوسكن حتى يستوي الرجال جلوسًا»، هذا يدل على أن النساء خلف الرجال وليست بينهم سُترة، ما في سُترة، فقيل للنساء: «لا ترفعن رؤوسكن حتى يستوي الرجال جلوسًا»، خشية أن ينكشف شيئًا من العورة لقصر الإزار، هذا محمول على أنهم لا يجدون أُزرًا أما إذا وجد كما قال عُمر: إذا وسَّع الله فوسعوا، فيُصلي الإنسان في إزارٍ ورداء، في قميصٍ وقِباء.

ونحن والحمد لله في هذا الزمن وسَّع الله علينا، وانفتحت الدنيا على الناس بخيراتها وشرورها، الخطر الآن من الدنيا الآن، كما قال: النبي صلى الله عليه وسلم: «والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تُفتح عليكم الدنيا وتُبسط كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم»، الآن يُخشى علينا من الهلاك والتنافس، والصحابة عندهم هكذا قلة ذات اليد، كثيرٌ منهم لا يجد رداء، ويكون الإزار قصير.

قارئ المتن: أخبرنا شُعيب بن يوسف، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أنبأنا عاصمٌ، عن عمرو بن سلمة، قال: لما رجع قومي من عند النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا إنه قال: «ليؤمكم أكثركم قراءة للقرآن»، قال: فدعوني فعلموني الركوع والسجود فكنت أصلي بهم، وكانت عليَّ بُردة مفتوقة فكانوا يقولون لأبي: ألا تغطي عنا است ابنك؟

شرح الشيخ: (مفتوقة): يعني مخروقة قد يظهر شيء من العورة عند السجود، وهو لا يجد غيرها.

فعمرو بن سلمة كان يتلقى الرُكبان وهو صغير الذين يأتون من النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: ماذا تحفظون من القرآن؟ فيُحفِظونَه، فلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة أكثرهم قراءة للقرآن، وجدوا أن أكثرهم قراءة للقرآن الصبي الصغير بن ست سنين أو سبع سنين، هذا ذكي ما هو من الصبيان المُتساهلين اللعَّابين، هذا جيد يتلقى الرُكبان، ويحفظ حتى صار أكثر أهل البلد.

فقدموه يُصلي بهم، قال: (فكنت أصلي بهم، وكانت عليَّ بُردة مفتوقة) يعني مخروقة قد يظهر شيئًا من العورة عند السجود، وهو لا يجد غيرها، (فكانوا يقولون لأبي) لوالده، (غطوا عنَّا است ابنك)، وفي لفظٍ (غطوا عنَّا است قارئكم) يعني مقعدته، (غطوا عنَّا است قارئكم) وفي هذا قال: (ألا تغطي عنا است ابنك؟) يعني مقعدته، قد يخشون من ذلك لأن البُردة قصيرة.

هذا الذي يجب {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].

قارئ المتن: صلاة الرجل في ثوبٍ بعضه على امرأته.

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا وكيع، قال: حدثنا طلحة بن يحيى، عن عُبيد الله بن عبد الله، عن عائشة، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلي بالليل وأنا إلى جنبه وأنا حائضٌ وعلي مِرطٌ بعضه على رسول الله صلى الله عليه وسلم».

شرح الشيخ: هُنا يقصد الملابس يكون الإنسان يُصلي في ثوب قماش، قطعة قماش شرشف بعضها عليه وبعضها على امرأته فلا حرج ولو كانت حائض.

قارئ المتن: صلاة الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء.

أخبرنا مُحمَّد بن منصور، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يصليَّن أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء».

 

 

شرح الشيخ: وهذا الحديث رواه الشيخان وهو في الصحيحين، استدل به الإمام مُوحد الجماعة على أنه يجب ستر أحد العاتقين مع القدرة على ذلك، وذهب الجمهور إلى أن ستر أحد العاتقين مُستحب، وليس بواجب.

وأن ترك ستر أحد العاتقين مع القدرة عليه مكروه، هذا عند الجمهور، بدليل حديث أبي هُريرة السابق: «أوَلِكُلكم ثوبان»، فالجمهور يرون أن ستر أحد العاتقين مُستحب، وتركه مكروه، لحديث «أوَلِكُلكم ثوبان».

وذهب الإمام أحمد والجماعة إلى أنه واجب، لأن النهي قال: «لا يصلين أحدكم»، هو الذي صرف النهي في حديث أبي هُريرة: «لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء»، هذا الذي صرف الجمهور عندهم «أوَلِكُلكم ثوبان».

قارئ المتن: الصلاة في الحرير:

أخبرنا قُتيبة، وعيسى بن حمَّادٍ زغبة، عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر، قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فرُّوج حرير فلبسه ثم صلى به، ثم انصرف فنزعه نزعًا شديدًا كالكاره له، ثم قال: «لا ينبغي هذا للمتقين».

شرح الشيخ: فيه تحريم الحرير على الرجال، وكان أولًا مُباحًا ثم حُرِّم، ولهذا نزعه النبي نزعًا شديدًا لما جاء التحريم، كان يُصلي في الحرير كان مُباحًا في أول الأمر، فلما جاءت التحريم فنزعه (نزعًا شديدًا كالكاره له، ثم قال: «لا ينبغي هذا للمتقين»)، والرسول صلى الله عليه وسلم هو إمام المُتقين عليه الصلاة والسلام.

قارئ المتن: الرخصة في الصلاة في خميصةٍ لها أعلام.

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، وقُتيبة بن سعيد، واللفظ له، عن سفيان، عن الزُهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى في خميصة لها أعلام، ثم قال: «شغلتني أعلام هذه، اذهبوا بها إلى أبي جهم وأتوني بأنبجانيِّهِ».

شرح الشيخ: (الخميصة) يعني كساء له أعلام، فيه دلالة على جواز الصلاة في الخميصة التي لها أعلام، إلا أن التي لا أعلام لها أولى منها، يعني نقوش، خطوط، نُقط، لأنها تُشغل المُصلي، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «شغلتني أعلام هذه، اذهبوا بها إلى أبي جهم وأتوني بأنبجانيِّهِ».

(والأنبجانيِّهِ) منسوب إلى منبج المدينة المعروفة وهي مكسورة بالباء (انبِجانيِهِ)، وتُفتح في النسب، يعني كأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: خذوا هذه الخميصة وأتوني بخميصةٍ ليس فيها نقوش، لأن أعلام هذه أشغلته، و«وأتوني بأنبجانيِّهِ»، التي ليست فيها نقوش، سادة ما فيها شيء، ما فيها نقوش، ولا خطوط، ولا أعلام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى في الخميصة التي لها أعلام، فلما انشغل بأعلامها، وخطوطها، ونقوشها قال: اذهبوا بها وأتوني بالأنبجانية التي ليس لها أعلام، لأنها سادة. 

قارئ المتن: الصلاة في الثياب الحُمر.

أخبرنا مُحمَّد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خرج في حلة حمراء فركز عنزةً فصلى إليها يمر من ورائها الكلب والمرأة والِحمار».

شرح الشيخ: فيه جواز لبس الثياب الحُمر والصلاة فيها، وجاء في الحديث الآخر النهي عن الأحمر، ولبس الأحمر، وجاء الجواز، جمع العلماء بينهم كما ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله أن النهي محمول على الأحمر الخالص، والجواز محمولٌ على أن الأحمر ليس خالصًا، وإنما فيه لونٌ آخر بياض أو نحوه مثل الشماغ الآن، ليس حُمرٌ خاص، فيكون النهي محمول على الخالص الذي ليس فيه لونٌ آخر، وحُمرةٌ شديدة، أما إذا كان فيه لونٌ آخر فلا بأس، لأنه خرج في حُلةٍ حمراء.

قارئ المتن: الصلاة في الشِعار.

أخبرنا عمرو بن منصور قال: حدثنا هشام بن عبد الملك، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا جابر بن صبح، قال: سمعت خلاس بن عمرو يقول: سمعت عائشة تقول: «كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم أبو القاسم في الشِعار الواحد وأنا حائضٌ طامث، فإن أصابه مني شيء غسل ما أصابه لم يعْدُه إلى غيره وصلى فيه، ثم يعود معي فإن أصابه مني شيء فعل مثل ذلك لم يعده إلى غيره».

شرح الشيخ: (والشِعار) هو الثوب الذي يلي الجسد، ففيه جواز النوم مع الأهل في الشِعار الواحد الذي يلي الجسد، والصلاة فيه، وأنه لا بأس ولو كانت المرأة حائضًا، إذا أصاب الثوب شيءٌ من الحيض غسله، ولا يُجاوزه، ولا يحتاج أن يغسل الثوب كله مثل ما يفعل بعض المُوسوسين إذا أصاب نقطة غسل الثوب كاملًا، لا، يُغسل مكان النجاسة فقط، المكان الذي أصابه، فكان النبي صلى الله عليه وسلم ينام مع أهله في الثوب الواحد ولو كانت حائض، فإذا أصاب الثوب شيءٌ من الحيض غسله ولا يتجاوزه إلى غيره.

قارئ المتن: الصلاة في الخُفين.

أخبرنا مُحمَّد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا خالدٌ، قال: حدثنا شُعبة، عن سُليمان، عن إبراهيم، عن همامٍ، قال: رأيت جريرًا رضي الله عنه:  «بال، ثم دعا بماء فتوضأ ومسح على خفيه، ثم قام فصلى فسُئل، عن ذلك، فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صنع مثل هذا».

شرح الشيخ: فيه أن مسح الخفين يكون من البول والغائط والريح، وكان يُعجبهم هذا الحديث، لأن إسلام جرير كان بعد المائدة، آية المائدة فيها غسل الرجلين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6]، ففيه غسل الرجلين، وهذا الحديث فيه المسح على الخُفين، فقد يُقال: أن المسح على الخُفين كان أولًا، ولكن هذا حديث جرير كان يُعجبهم لأن إسلامه بعد المائدة، قيل له آية المائدة فيها الوضوء، قال: وهل أسلمت إلا بعد المائدة.

قارئ المتن: الصلاة في النعلين.

أخبرنا عمرو بن عليٍ، عن يزيد بن زُريع، وغسان بن مُضَر، قالا: حدثنا أبو مسلمة واسمه سعيد بن يزيد بصري ثقة، قال: سألت أنس بن مالك رضي الله عنه: «أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في النعلين؟ قال: نعم».

شرح الشيخ: والحديث على شرط مُسلم.

قارئ المتن: أين يضع الإمام نعليه إذا صلى بالناس.

أخبرنا عُبيد الله بن سعيدٍ، وشُعيب بن يوسف، عن يحيى، عن ابن جُريج، قال: أخبرني مُحمَّد بن عبَّاد، عن عبد الله بن سفيان، عن عبد الله بن السائب رضي الله عنه، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح فوضع نعليه، عن يساره».

شرح الشيخ: هذا الحديث والذي قبله فيه دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أحيانًا يُصلي بنعليه، وأحيانًا يخلعهما ويجعلهما عن يساره، فالصلاة في النعلين سُنَّة، في الحديث الآخر: «إن اليهود لا يُصلوا في نعليهم فصلوا في نعالكم فإنهم لا يُصلون في نعالهم»، والحمد لله مادام النبي كان يخلعها أحيانًا ويُصلي أحيانًا، فيُصلي الإنسان في نعليه في الأمكنة التي لا تتأثر من النعلين، الأثر في فُرش المساجد مفروشة، سابقًا كانت المساجد غير مفروشة في حصا أو تُراب، ولهذا جاء في الحديث «النُخامة في المسجد خطيئة، وكفارتُها دفنُها»، دفنُها إذا كانت تتحمل مثل تراب أو حصى، لكن الفُرُش ما تتحمل، فإذا كانت المساجد مفروشة وكثيرٌ من الناس يتأثر فكما هو الحال الآن يتركون النعلين في مكان، ما يُصلي بها، ولكن يُصلي بالنعلين في الأمكنة التي ليس فيها فُرُش، في البريَّة، وفي الاستراحات، وفي المزارع، وفي السفر، وفي المساجد التي ليس فيها فُرُش فلا بأس يُصلي بنعليه.

قارئ المتن: كتاب الإمامة: ذكر الإمامة والجماعة إمامة أهل العلم والفضل.

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم وهنَّاد بن السري، عن حسين بن علي، عن زائدة، عن عاصمٍ، عن زر، عن عبد الله رضي الله عنه قال: لما قُبِض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: الأنصار منَّا أمير ومنكم أمير.‏ فأتاهم عمر رضي الله عنه فقال: ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أبا بكرٍ رضي الله عنه أن يصلي بالناس! فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر، قالوا: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر.‏ 

شرح الشيخ: في هذا تقدير الصحابة للصديق رضي الله عنه، وهو أفضل الناس بعد الأنبياء رضي الله عنه، وفيه إمامة أهل العلم والفضل، وأنهم هُم الذين يُقدمون.

قارئ المتن: باب الصلاة مع أئمة الجَوْر.

أخبرنا زياد بن أيوب قال: حدثنا إسماعيل ابن عُليَّة‏ قال: حدثنا أيوب، عن أبي العالية البرَّاء قال: أخر زيادٌ الصلاة فأتاني ابن صامت فألقيت له كرسيًا فجلس عليه فذكرت له صُنع زياد فعضَّ على شفتيه، وضرب على فخذي، وقال: إني سألت أبا ذرٍ كما سألتني، فضرب فخذي كما ضربت فخذك، وقال: إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني، فضرب فخذي كما ضربت فخذك فقال عليه الصلاة والسلام: ‏«صل الصلاة لوقتها فإن أدركت معهم فصل ولا تقل إني صليت فلا أصلي»‏.‏

أخبرنا عُبيد الله بن سعيد قال: حدثنا أبو بكر بن عيَّاشٍ، عن عاصمٍ، عن زر، عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‏«لعلكم ستدركون أقوامًا يصلون الصلاة لغير وقتها، فإن أدركتموهم فصلوا الصلاة لوقتها وصلوا معهم واجعلوها سُبحة»‏.‏ 

شرح الشيخ: وفيها زياد ابن ابيه كان أمير العراق في ذلك الوقت، وكان يؤخر الصلاة عن وقتها، قال: (أخر زيادٌ الصلاة)، الظاهر أنه يؤخرها عن وقتها، قال: (فأتاني ابن صامت فألقيت له... فعضَّ على شفتيه)، وقال النبي قال: ‏«صل الصلاة لوقتها فإن أدركت معهم فصل ولا تقل إني صليت فلا أصلي»‏، فيه أن المُسلم لا يؤخر الصلاة عن وقتها، وإذا ابتُلي بأن يؤخر الصلاة عن وقتها صلى معهم، وصلاها نافلة كما يُفيد الحديث الذي بعده، قال: «واجعلوها سُبحة»، يعني صلي الصلاة في وقتها إذا دخل وقت صلي الصلاة في وقتها في بيته أو في أي مكان، ثم إذا ذهب إلى المسجد أو المكان الذي يُصلون فيه صلي معهم، وتكون له نافلة، حتى لا يُخالف، درءًا للفتنة.

كما في الحديث الذي بعد هذا، حديث عبد الله بن مسعود، قال: ‏«لعلكم ستدركون أقوامًا يصلون الصلاة لغير وقتها، فإن أدركتموهم فصلوا الصلاة لوقتها»، في وقتها، صلها في بيتك، في أي مكان إذا دخل الوقت، ثم إذا صلاها هؤلاء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها بعد ساعتين أو ثلاث، صلِ معهم تكون لك سُبحة نافلة.

وهذا حصل في بعض ما ورد عن بني اُمية، كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها، وأنس رضي الله عنه طالت به الحياة حتى تجاوز المائة، وكان في البصرة، وفي القصة المعروفة أنه دخل عليه بعض أصحابه وقت العصر، فقال: أصليتم العصر؟ قالوا: لا، نحن صلينا الظهر جئنا مع بعض وما صلينا، قال: صلوا العصر الآن دخل وقت العصر، فدلَّ على أنه بعض بني أُمية بما ورد عنهم أنهم كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها، ومنهم عُمر بن عبد العزيز كان أميرًا على المدينة على طريقة بني أُمية، ثم بعد ذلك لما تولى الخلافة استقامت حاله، وعَمِل بالسنة -رضي الله عنه وأرضاه-.

قوله: (واجعلها سُبحة): يعني سُبحة نافلة، هي صلاة النافلة، فاجعلوها نافلة، وصلاتكم الأولى هي الفريضة في وقتها.

قارئ المتن: من أحق بالإمامة.

أخبرنا قُتيبة قال: أنبأنا فُضَيْل بن عِياضٍ، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن أوس بن ضمعجٍ، عن أبي مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‏«يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواءً فأقدمهم في الهجرة، فإن كانوا في الهجرة سواءً فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم سنًا، ولا تؤم الرجل في سلطانه ولا تقعد على تَكْرِمتِه إلا أن يأذن لك»‏.‏ 

شرح الشيخ: لعل حصل انقلاب في تقديم الهجرة على السُنَّة، قال: «فأقدمهم في الهجرة»، قدمها على السُنَّة، معروف في الأحاديث تقديم السُنَّة على الهجرة ما تكلم عليها الشيخ الاثيوبي؟

وفيه أن السلطان هو الذي يؤم، الإمام هو الذي يؤم في سُلطانه، وكذلك الأمير إلا إذا أَذِن، إذا حضر الأمير أو السلطان يكون هو الإمام إلا إذا أَذِن، وكذلك الإنسان إذا دخل بيته الضيف، إذا دخل في بيت المُضيف له لا يجلس على المكان المُخصص الذي خصصه له أو للتكرمة إلا أن يأذن له، إنما يجلس في أمكنة أُخرى، أما الأماكن الخاصة المُخصصة فلا يجلس فيها إلا بإذن.

قارئ المتن: باب تقديم ذوي السن.

أخبرنا حاجب بن سُليمان المنبجي، عن وكيع، عن سفيان، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحُويْرث رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وابن عمٍ لي - وقال: مرةً أنا وصاحب لي - فقال: ‏«إذا سافرتما فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما»‏.‏ 

شرح الشيخ: فيه مشروعية الأذان في السفر، قال: «أذِنا»، وهذا يدل على أن أصل الأمر فيه الوجوب، وفيه دلالة على أن كل جماعة لها أذان.

وفيه تقديم الأكبر هُنا في السن، لعله يستووا في القراءة وفي السُنَّة، وفي الإسلام وفي الهجرة، فيُقدَّم الأكبر سنًا.

 وفيه صلاة الجماعة في السفر، وأن الاثنان جماعة، قال: «أذِنا وأقيما»، ولا يُصلي كل واحدٍ لوحده.

 

مداخلة: قال أحسن الله عملُك، قال الجامع: فالصواب عِندي ما وقع عند هؤلاء من تقديم الأعلم بالسُنَّة على الأقدم هجرةً لاتفاق هؤلاء الحُفَّاظ عليه، ومخالفة فُضَيْلٍ لهم، والله تعالى أعلم.

 شرح الشيخ: يعني صار شاذ فُضَيْل هو الذي خالف، فصارت الرواية شاذَّة، عندك فُضَيْل في السند هُنا؟ نعم، فُضَيْل بن عِياضٍ هو الذي قدَّمه.

مداخلة: قال الجامع: فالصواب عِندي ما وقع عند هؤلاء من تقديم الأعلم بالسنة على الأقدم هجرةً لاتفاق هؤلاء الحُفَّاظ عليه، ومخالفة فُضَيْل لهم، والله تعالى أعلم.

شرح الشيخ: يعتبرون فُضَيْل شاذ هُنا.

مداخلة: قال: تنبيه، وقع عند المصنف رحمة الله تعالى عليه هُنا وفي (الكُبرى) من رواية فُضَيْل بن عياض عن الأعمش تقديم الأقدم في الهجرة على الأعلم بالسنة، وقد وقع تقديم الأعلم بالسنة على الأقدم هجرةٍ عند مُسلم بنسخة شرح النووي من رواية أبي خالدٍ الأحمر عن الأعمش بسند المصنف، ثم ساق مُسلم بإسناده بعن عن أبي مُعاوية وجرير، وابن فُضَيْل، وسفيان كلهم عن الأعمش بهذا الاسناد مثله، وعند أبي داوُد بنسخة المنهل من رواية عبد الله بن نُمير عن الأعمش، وعند الترمذي بنسخة تحفة الأحوذي من رواية أبي مُعاوية وعبد الله بن نُمير كلاهما عن الأعمش، وفي مُسند أحمد من رواية أبي مُعاوية عن الأعمش، وصحيح ابن خُزيْمة من رواية أبي مُعاوية عن الأعمش.

قال الجامع: فالصواب عِندي ما وقع عند هؤلاء من تقديم الأعلم بالسنة على الأقدم هجرةً.

الشيخ: الجماهير هكذا، الجماهير كلهم قدَّموا هذا وهو الصواب، أكمِل

قارئ المتن: اجتماع القوم في موضعٍ هم فيه سواء.

أخبرنا عُبيد الله بن سعيد، عن يحيى، عن هشام قال: حدثنا قَتادة، عن أبي نَضرة، عن أبي سعيدٍ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ‏«إذا كانوا ثلاثةً فليؤمهم أحدهم وأحقهم بالإمامة أقرؤهم»‏.‏

باب اجتماع القوم وفيهم الوالي

أخبرنا إبراهيم بن مُحمَّد التيمي قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن شُعبة، عن إسماعيل بن رجاء، عن أوس بن ضمعج، عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يُأم الرجل في سلطانه ولا يُجلس على تكرمته إلا بإذنه»‏.‏

شرح الشيخ: الوالي في الترجمة هو السلطان.

 

 

قارئ المتن: إذا تقدم الرجل من الرعية ثم جاء الوالي هل يتأخر.

أخبرنا قُتيبة قال: حدثنا يعقوب -وهو ابن عبد الرحمن-، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن بني عمرو بن عوفٍ كان بينهم شيءٌ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلح بينهم في أناس معه، فحُبِس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحانت الأولى فجاء بلالٌ إلى أبي بكر فقال: يا أبا بكرٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حُبِس وقد حانت الصلاة، فهل لك أن تؤم الناس قال: نعم إن شئت.، فأقام بلالٌ وتقدَّم أبو بكرٍ فكبَّر بالناس، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي في الصفوف حتى قام في الصف، وأخذ الناس في التصفيق، وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته، فلما أكثر الناس التفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره أن يصلي فرفع أبو بكرٍ يديه فحمد الله -عز وجل-، ورجع القهقرى وراءه حتى قام في الصف فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، فلما فرغ أقبل على الناس فقال: ‏«يا أيها الناس ما لكم حين نابكم شيءٌ في الصلاة أخذتم في التصفيق، إنما التصفيق للنساء، من نابه شيء في صلاته فليقل سبحان الله فإنه لا يسمعه أحد حين يقول سبحان الله إلا التفت إليه، يا أبا بكرٍ ما منعك أن تصلي للناس حين أشرت إليك؟»‏.‏ قال: أبو بكر ما كان ينبغي لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم.‏ 

شرح الشيخ: وهو حديث صحيح، صححه الشيخ الألباني وغيره، وفيه فضل أبي بكر رضي الله عنه، وتقدمه لعلمه بمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم لتقدمه بالناس.

فيه جواز الالتفات في الصلاة عند الحاجة بالرأس فقط بالعنق، أما الالتفات بالجسم فإنه يُبطل الصلاة لاستدباره القبلة، وأما الالتفات بغير حاجة فهو اختلاس، يختلس الشيطان من صلاة العبد.

وفيه أن رفع اليدين وحمد الله والرجوع والقهقرة لا يؤثر في الصلاة كما فعل أبو بكر، وفيه أن الإمام إذا جاء وقد أُقيمت الصلاة، فله أن يتقدَّم يُصلي بالناس، ويتأخر نائبه الذي كان إمامًا فيكون مأمومًا، وأما إذا جاء الإمام وكان النائب قد صلى بعض الصلاة فإنما ينبغي له أن يُصلي خلفه ولا يتقدَّم لئلَّا يُشوش على الناس.

 كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، لمَّا تأخر هو والمُغيرة بن شُعبة يقضي حاجته، جاء وقد قدَّم الصحابة عبد الرحمن بن عوُف صلى بهم ركعة قم سلَّم، فلما سلَّم عبد الرحمن قام النبي صلى الله عليه وسلم والمُغيرة يقضي الركعة التي عليها، ولما توشوش الناس، قال النبي صلى الله عليه وسلم أحسنتم أو أصبتم، وإن تقدَّم فلا بأس حتى ولو صلَّى ركعة ينتظرونه، لكن الأولى ألا يتقدَّم إذا كان النائب قد صلى شيء من الصلاة.

وفيه مشروعية التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء، وأنه لا ينبغي للرجال التصفيق إنما التصفيق للنساء.

وفيه إظهار فضل أبو بكر وبيان أن النبي صلى الله عليه وسلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يمضي في صلاته.

وفيه حِفاظ الصديق رضي الله عنه بتواضعه العظيم، وقوله: (ما كان ينبغي لابن أبي قُحافة أن يُصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم)

قارئ المتن: صلاة الإمام خلف رجلٍ من رعيته.

أخبرنا علي بن حُجرٍ قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثنا حُميد، عن أنس رضي الله عنه قال: آخر صلاةٍ صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القوم صلى في ثوبٍ واحدٍ مُتوشحًا خلف أبي بكر.‏

أخبرنا مُحمَّد بن المُثنَّى قال: حدثنا بكر بن عيسى -صاحب البصرى- قال: سمعت شُعبة يذكر، عن نعيم بن أبي هند، عن أبي وائل، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر صلى للناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف.‏ 

 شرح الشيخ: هذا فيه أن النبي صلى خلف أبي بكر، ولعلها في قصة أُخرى غير القصة السابقة حين ذهابه النبي صلى الله عليه وسلم لبني عمرو بن عوف، وفي مرض موته عليه الصلاة والسلام جاء النبي صلى الله عليه وسلم وجلس عن يسار أبي بكر.

المعروف أن في قصة عبد الرحمن بن عوف هو الذي صلى خلفه النبي صلى الله عليه وسلم، أما الصِدِّيق هذا يعني في هذه القصة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القوم صلى في ثوبٍ واحدٍ مُتوشحًا خلف أبي بكر.

تكلَّم عليها؟‏

مداخلة: يقول صاحب البُصرى، هُنا وقع عندنا في صاحب البَصري، تنبيه: قوله صاحب البُصرى هو صاحب البُصري هكذا وقَّع المصنف صاحب البصري بدون لفظ صاحب وهو واضح، ثم الظاهر أنه نسبةٌ إلى البصرة المعروفة بالعراق، وقد صرَّح به ابن حِبَّان رحمه الله في كتابه (الثقاة)، وقال: إنه من أهل البصرة.

الشيخ: هذا في المسألة ذكر الكلام في الصلاة خلف أبي بكر التي تكلَّم عليها الحديث هُنا، قال: صلى مُتوشحًا خلف أبي بكر، صلى بالناس ورسول الله في الصف، هذا تكلم عليه الشيخ أم لم يتكلم عليه؟

مداخلة: قال: خلف أبي بكر ظرفٌ متعلقٌ بصلَّى، وهذا صريحٌ في كون أبي بكر رضي الله عنه هو الإمام في تلك الصلاة، هو الذي ترجم عليه المُصنف رحمه الله، وقد اختلفت الروايات، هل كان النبي صلى الله عليه وسلم هو الإمام أم أبي بكرٍ رضي الله عنه هو الإمام؟ فجماعةٍ قالوا: الذي رواه البُخاري ومُسلم من حديث عائشة رضي الله عنها صريحٌ في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الإمام، إذ جلس عن يسار أبي بكرٍ رضي الله عنه.

الشيخ: هذا في الحاشية عندك؟

مداخلة: في شرح الأثيوبي.

الشيخ: ماذا يقول؟

مداخلة: قال أحسن الله إليك: الذي رواه البُخاري ومُسلم من حديث عائشة رضي الله عنها صريحٌ في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الإمام، إذ جلس عن يسار أبي بكرٍ رضي الله عنه.

الشيخ: هذا في مرض موته، أعد أول ما قرأت.

مداخلة: قوله: خلف أبي بكر ظرفٌ متعلقٌ بصلَّى، وهذا صريحٌ في كون أبي بكرٍ رضي الله عنه هو الإمام في تلك الصلاة، هو الذي ترجم عليه المُصنف رحمه الله تعالى، وقد اختلفت الروايات هل كان النبي صلى الله عليه وسلم هو الإمام أم أبو بكرٍ رضي الله عنه هو الإمام؟

فجماعةٍ قالوا: الذي رواه البُخاري ومُسلم من حديث عائشة رضي الله عنها صريحٌ في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الإمام، إذ جلس عن يسار أبي بكرٍ رضي الله عنه لقوله: «فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلي بالناس جالسًا وأبو بكرٍ قائمًا يقتدي به، فكان أبو بكرٍ مُبلغًا لأنه لا يجوز أن يكون للناس إمامان».

وجماعةٌ قالوا: كان أبو بكر رضي الله عنه هو الإمام لما رواه شُعبة عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى خلف أبي بكر»، وفي رواية مسروقٍ عنه: «أنه صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكرٍ جالسًا في مرضه الذي تُوفيَّ فيه»، ورُوي حديث عائشة رضي الله عنها بطُرُقٍ كثيرة في الصحيحين وغيرهما، وفيه اضطرابٌ غير قادح

قال البيهقي رحمه الله: لا تعارض في أحاديثها، فإن الصلاة التي كان فيها النبي صلى الله عليه وسلم إمامًا هي صلاة الظهر يوم السبت أو يوم الأحد، والتي كان فيها مأمومًا هي صلاة الصُبح من يوم الاثنين، وهي آخر صلاةٍ صلَّاها النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج من الدُنيا.

وقال نُعيم ابن أبي هند: الأخبار التي وردت في هذه القصة كلُها صحيحة، وليس فيها تعارض، فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مرضه الذي مات فيه صلاتين في المسجد، في إحداهما كان إمامًا، وفي الأخرى كان مأمومًا.

وقال الضياء المقدسي وابن ناصر صحَّ وثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى خلفه مقتديًا به في مرضه الذي تُوفيَّ فيه ثلاث مرات، ولا يُنكر ذلك إلا جاهل لا علم له بالرواية، وقيل إن ذلك كان مرتين جمعًا بين الأحاديث، وبه جزم ابن حِبَّان.

وقال ابن عبد البر: الأثار الصِحاح على أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الإمام.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حمل الاختلاف على تعدد الواقعة هو الأولى في الجمع بين أحاديث الباب، وسيأتي مزيد بسطٍ للمسألة إن شاء الله تعالى.

مداخلة: مرض النبي صلى الله عليه وسلم أيام في بعضها كان أبو بكر هو الإمام، وفي بعضها كان النبي هو الإمام، فيُحمل على هذا الجمع بين الأحاديث، لأنه مرات حصل في مرض موته أيام كثيرة فبعضُها كان هو الإمام وبعضها كان هو المأموم.

قارئ المتن: إمامة الزائر.

أخبرنا سُويد بن نصرٍ قال: أنبأنا عبد الله، عن أبَان بن يزيد قال: حدثنا بُديل بن ميسرة قال: حدثنا أبو عطية مولى لنا، عن مالك بن الحويرث قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ‏«إذا زار أحدكم قوما فلا يصلين بهم»‏.‏

شرح الشيخ: يعني بدون إذنهم، فإذا أذِنوا له فلا بأس، وكذلك لا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه، لحديث أبي سعيد البدري: «لا يُأم الرجل في سلطانه، ولا يُجلَس على تكرمته إلا بإذنه».

قوله: «إذا زار أحدكم فلا يُصلي..»، هذا الحديث ضعيف، فيه أضعفية، سُئل عنه أبو حاتم الرازي فقال: لا يُعرف، ولا يُسمى.

والحديث أخرجه الترمذي، قال: هذا حديث حسن، ولكن العمدة في صلاة الزائر على حديث ابن مسعود البدري الذي أخرجه أبو داوُد، وأخرجه المُصنف سيأتي في باب اجتماع القوم وفيهم الوالي، فيه: «لا يُأم الرجل في سلطانه، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه»، وعليه فيكون هذا الحديث شاهد لحديث أبي مسعود، ويُقيد النهي عن إمامة الزائر بدون إذنهم.

العمدة على حديث ابن مسعودٍ البدري، وهذا: «إذا زار أحدكم ..»، شاهد.

فلا يُصليَّن بهم يعني بدون إذنهم.

تكلَّم عليه الشيخ الأثيوبي أم لا؟

قارئ المتن: الحديث نفسه؟

قال: المسألة الأولى في درجته حديث مالك بن الحُويرث رضي الله عنه هذا حسن، فإن قيل في سنده أبو عطية مولى بني عقيلٍ وهو مجهولٌ كما تقدَّم عن أبي حاتمٍ وغيره، فكيف يكون حسنًا؟

أُجيب بأنه يشهد له حديث أبي مسعودٍ رضي الله عنه المُتقدم: «ولا تؤم الرجل في سُلطانه»، لأن المَزور سُلطانٌ فيما في يده.

شرح الشيخ: يعني جعل حديث ابن مسعود هو الشاهد، نقول: لا، حديث بن مسعود هو الأصل، وهذا هو الشاهد، الصحيح هو الأصل، وعكس الصحيح عن ابن مسعود هو الأصل، وهذا يكون شاهد.

قارئ المتن: فيكون داخلًا في معنى الحديث والله أعلم.

شرح الشيخ: الذي بعده

قارئ المتن: إمامة الأعمى.

أخبرنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا مَعنٌ قال: حدثنا مالك ح قال: وحدثنا الحارث بن مسكيٍن قراءة عليه وأنا أسمع -واللفظ له-، عن ابن القاسم قال: حدثني مالكٌ، عن ابن شهابٍ، عن محمود بن الربيع، أن عِتبان بن مالك رضي الله عنه كان يؤم قومه وهو أعمى، وأنه قال: لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنها تكون الظُلمة والمطر والسيل وأنا رجل ضرير البصر فصل يا رسول الله في بيتي مكانا أتخذه مصلى،‏ فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ‏«أين تحب أن أصلي لك»‏،‏ فأشار إلى مكانٍ من البيت فصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.‏ 

شرح الشيخ: الحديث فيه أن عِتبان كان يؤم قومه وهو أعمى، فدلَّ على أنه لا بأس بإمامة الأعمى.

وهذا الحديث فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رخَّص لعِتبان، ولم يُرخِص لابن أم مكتوم، ابن أم مكتوم قال: يا رسول الله إني ضرير البصر فهل تجد لي رخصة، قال: «هل تسمع النداء»، قال: نعم، قال: لا أجد لك رخصة، وهذا وجد له الرخصة، الفرق بينهما أن حديث عِتمان ذكر الظلمة والمطر والسيل فرخَّص له، وابن أم مكتوم لم يقل إلا العمى فلم يُرخِص له.

قارئ المتن: إمامة الغلام قبل أن يحتلم.

أخبرنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن سفيان، عن أيوب قال: حدثني عمرو بن سَلَمة الجِرمي قال: كان يمر علينا الركبان فنتعلم منهم القرآن فأتى أبي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ‏«ليؤمكم أكثركم قرآنا»‏.‏ فجاء أبي فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ‏«ليؤمكم أكثركم قرآنا»‏‏ فنظروا فكنت أكثرهم قرآنًا فكنت أؤمهم وأنا ابن ثمان سنين.‏ 

شرح الشيخ: وهذا كان ست سنين، وسبع سنين، كان ابن سبع سنين وكسر، جُبر الكسر، فمن قال بن سبع سنين ألغى الكسر، ومَن قال بن ثمان سنين جبر الكسر، هذا عادة العرب، فهو ابن سبع سنين وعشر، فمن قال بن ثمان جبر الكسر، ومَن قال بن سبع أَلغى الكسر.

وفيه دليل على إمامة الإمام قبل أن يحتلم، يعني قبل أن يبلغ سن الاحتلام، فيه دليل على صحة إمامة الصبي، وصحة مُصافته.

ومنع الجمهور وكثيرٌ من الفقهاء رحمهم الله قالوا: إن الصبي صلاته نافلة، ومَن خلفه من الرجال صلاته فريضة، ولا صحة إمام المُفترض بالمُتنفِل، وأجابوا عن قصة عمرو بن سلمة أنهم قدروه باجتهادهم، وهو مذهب أيضًا الحنابلة، أنه لا يصح إمامة الصبي في الفريضة.

والصواب: صحة إمامته، وصحة مصافته إذا كان ضابطًا، والصبيان يختلفون إذا كان صبي ضابط وله عناية يعتني بالوضوء والصلاة فلا بأس، وبعض الصبيان لعَّاب ما يُثق به، فيختلفون الصِبيان في هذا.

وهذا من حرصه يتلقى الرُكبان، وهو ابن ست سنين ويحفظ فصار أكثر أهل البلد حفظًا للقرآن، له عناية، صبي ليس كالصبيان اللعَّابين.

فالصواب صحة إمامة الصبي ومُصافته إذا كان ضابطًا، وما وقع في زمنه صلى الله عليه وسلم فهو حُجَّة، لأنه لا يُمكن أن يقع في زمنه صلى الله عليه وسلم ولا ينزل الوحي بالنهي عنه إلا كان تشريعًا.

كثيرٌ من الفقهاء والجمهور يقولون لا تصح مُصافة الصبي، ولا تصح إمامته وهو مذهب الحنابلة، والصواب القول الثاني.

مداخلة: ذكر هنا قال: وذُكر لأحمد حديث عمرو بن سلمة فقال دعه فليس هو بشيء.

الشيخ: يعني على أنه إحدى الروايات، هذه رواية بالمنع، الإمام أحمد له روايتان لعل هذا كان أولاً.

قارئ المتن: قيام الناس إذا رأوا الإمام.

أخبرنا علي بن حُجرٍ قال: حدثنا هُشيم، عن هشام بن أبي عبد الله وحجاج بن أبي عثمان، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قَتادة، عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:   ‏«إذا نُودي للصلاة فلا تقوموا حتى تروني»‏.‏

شرح الشيخ: يعني لكي لا يحصل عليهم مشقة.

 

 

قارئ المتن: الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة.

أخبرنا زياد بن أيوب قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثنا عبد العزيز، عن أنس رضي الله عنه قال: أقيمت الصلاة ورسول الله صلى الله عليه وسلم نجيٌّ لرجل فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم.‏

شرح الشيخ: (نجيٌّ)، يعني يُناجيه ويُسارُّه، ومعنى (نام القوم): المُراد بالنوم النُعاس، حتى نعسوا حصل لهم نُعاس.

قارئ المتن: الإمام يذكر بعد قيامه في مُصلاه أنه على غير طهارة.

أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثيرٍ قال: حدثنا مُحمَّد بن حرب، عن الزُبيدي، عن الزُهري والوليد، عن الأوزاعي، عن الزُهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أُقيمت الصلاة وصفَّ الناس صفوفهم وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا قام في مُصلاه ذكر أنه لم يغتسل فقال: للناس ‏«مكانكم»‏، ثم رجع إلى بيته فخرج علينا ينطِف رأسه فاغتسل ونحن صفوف.‏ 

شرح الشيخ: فإذا تذكر الإمام بعد قيامه في مُصلاه أنه على غير طهارة، يقول للناس: مكانكم، ثم بذهب ويتوضأ أو يغتسل ويعود، لكن إذا كان في الصلاة وهو يُصلي فإنه يستخلف على الخِلاف: هل يستخلف إذا كان صلى على غير طهارة، أو لا يستخلف، مذهب الحنابلة إنه لا يستخلف إذا كان على غير طهارة، إنما يستخلف إذا كان على طهارة ولكن لا يستطيع الاستمرار فيستخلف، أما إذا سبقه الحدث فلا يستخلف.

ومذهب الأئمة الثلاثة أنه يستخلف سواء سبقه الحدث او لم يسبقه الحدث، لعموم حديث البُخاري عن عائشة، «يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم»، رواه البُخاري في الصحيح.

المسألة في خِلاف بين الحنابلة وبين الجمهور، الحنابلة يقولون لا يستخلف إذا سبقه الحدث، إنما يستخلف إذا حس بأنه لا يستطيع الاستمرار قبل أن يُحدِث، وقال الجمهور له أن يستخلف ولو سبقه الحدث.

قارئ المتن: استخلاف الإمام إذا غاب.

أخبرنا أحمد بن عبدة، عن حمَّاد بن زيدٍ، ثم ذكر كلمةٍ معناها قال: حدثنا أبو حازم قال: سهل بن سعد رضي الله عنه  كان قتال بين بني عمرو بن عوف فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فصلى الظهر ثم أتاهم ليصلح بينهم ثم قال لبلالٍ: ‏«يا بلال إذا حضر العصر ولم آت فمُر أبا بكرٍ فليصل بالناس»‏.‏ فلما حضرت أذن بلال ثم أقام فقال: لأبي بكر -رضى الله عنه- تقدم.، فتقدم أبو بكرٍ فدخل في الصلاة ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يشق الناس حتى قام خلف أبي بكر وصفَّح القوم، وكان أبو بكرٍ إذا دخل في الصلاة لم يلتفت فلما رأى أبو بكرٍ التصفيح لا يُمسك عنه التفت، فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فحمد الله عز وجل على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم له امضه، ثم مشى أبو بكر القهقرى على عقبيه فتأخر فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم تقدَّم فصلى بالناس، فلما قضى صلاته قال: ‏«يا أبا بكر ما منعك إذ أومأت إليك أن لا تكون مضيت»‏.‏ فقال: لم يكن لابن أبي قحافة أن يؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم.‏ وقال: للناس ‏«إذا نابكم شيء فليسبح الرجال وليصفِّح النساء»‏.‏ 

شرح الشيخ: وهذا الحديث سبق، كرره المؤلف لاستنباط الأحكام، وفيه أن الإمام يستخلف مَن يُصلي عنه إذا عَلِم أو خاف ألا يحضره، فإذا ما استخلف وتأخر عن الوقت المُعتاد قدَّم المؤذن أو المأمومون واحدًا يُصلي بهم.

وفيه أنه يُشرع لولي الأمر والأعيان والوُجهاء أن يُصلحوا بين المُتنازعين والمُتخاصمين.

وفيه أن الإمام إذا جاء وشقَّ الناس وصار وراء نائبه الذي يُصلي بالناس جاز له أن يتأخر قهقر الإمام السابق ليتقدَّم الإمام، وله أن يبقى إذا أومأ إليه الإمام. 

قارئ المتن: الائتمام بالإمام.

أخبرنا هنَّاد بن السري، عن ابن عيينة، عن الزُهري، عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سقط من فرس على شقه الأيمن فدخلوا عليه يعودُونه، فحضرت الصلاة، فلما قضى الصلاة قال: ‏«إنما جُعِل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد»‏.‏ 

الائتمام بمن يأتم بالإمام.

أخبرنا سُويد بن نصرٍ قال: أخبرنا عبد الله بن المُبارك، عن جعفر بن حيَّان، عن أبي نَضرة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخرًا فقال: ‏«تقدموا فأتموا بي وليأتم بكم من بعدكم ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله -عز وجل-»‏.‏

أخبرنا محمود بن غيلان قال: حدثني أبو داوُد قال: أخبرنا شُعبة، عن موسى بن أبي عائشة قال: سمعت عُبيد الله بن عبد الله يحدَّث، عن عائشة -رضى الله عنها-: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكرٍ أن يصلي بالناس قالت وكان النبي صلى الله عليه وسلم بين يدى أبي بكر فصلى قاعدًا وأبو بكر يصلي بالناس والناس خلف أبي بكر».‏

أخبرنا عُبيد الله بن فَضالة بن إبراهيم قال: حدثنا يحيى -يعني ابن يحيى- قال: حدثنا حُميد بن عبد الرحمن بن حُميد الرُوَاسيُّ، عن أبيه، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه قال: «صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر وأبو بكرٍ خلفه، فإذا كبَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم كبَّر أبو بكرٍ يُسمعنا».‏

شرح الشيخ: فيه الائتمام بالإمام وأن المأمومين يأتمون بالإمام، «إنما جُعِل الإمام ليؤتم به»، إذا ركع فاركعوا، وفيه أنه ينبغي المُبادرة إلى الصلاة بالتقدم، وعدم التأخر، وأن المُتأخر لا يزال يتأخر حتى يؤخره الله أي في الإثم، وفي لفظٍ آخر «حتى يؤخرهم الله في النار».

وفيه أن أبا بكر كان مُبلغًا للنبي صلى الله عليه وسلم في بعض الصلوات في مرض موته، كان النبي صلى الله عليه وسلم هو الإمام يُصلي جالس، وأبو بكر قائم يُبلِغ عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأن صوت النبي قد يكون ضعيف، فإذا كبَّر النبي كبَّر أبو بكرٍ رفع صوته مُبلغًا للناس، وهذا هو الأصل في التبليغ، التبليغ كما في الحرمين الآن تبليغ المأمومين هو الأصل، فعله أبو بكر مع النبي صلى الله عليه وسلم، إن أبا بكر كان يُبلِغ، إذا كان صوت الإمام لا يُبلغ جاز للمؤذن أو الإمام أن يرفع صوته ليُبلغ المأمومين.

قارئ المتن: موقف الإمام إذا كانوا ثلاثة والاختلاف في ذلك.

أخبرنا مُحمَّد وعُبيد الكوفي عن مُحمَّد بن فُضَيْل، عن هارون بن عنترة، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن الأسود وعلقمة قالا دخلنا على عبد الله نصف النهار فقال: إنه سيكون أمراء يشتغلون، عن وقت الصلاة فصلوا لوقتها،‏ ثم قام فصلى بيني وبينه فقال: «هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل».‏

أخبرنا عَبْدةُ بن عبد الله قال: حدثنا زيد بن الحُباب قال: حدثنا أفلح بن سعيد قال: حدثنا بُريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي، عن إلامٍ لجده يقال: له مسعود فقال: مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر فقال لي أبو بكر: يا مسعود ائت أبا تميم -يعني مولاه- فقل له يحملنا على بعيرٍ، ويبعث إلينا بزاد ودليل يدلنا،‏ فجئت إلى مولاي فأخبرته فبعث معي ببعير ووطبٍ من لبن، فجعلت آخذ بهم في إخفاء الطريق، وحضرت الصلاة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وقام أبو بكر عن يمينه وقد عرفت الإسلام وأنا معهم، فجئت فقمت خلفهما فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر أبي بكر فقمنا خلفه،‏ قال: أبو عبد الرحمن بريدة هذا ليس بالقوي في الحديث.‏ 

شرح الشيخ: التقرير ليس بالقوي، هذا فيه رفض (01:26:39)، وعليه فالحديث ضعيف في دفع الإمام أبي بكر.

في الحديث الأول حديث علقمة: قال: صلَّى بيني وبينه، يحتمل أن يكون هذا كان أولًا، أو يكون الإمام يقف بينهما، بين المأمومين، ثم استقرت الشريعة بتقدم الإمام على الاثنين فصاعدًا كما دلَّ عليه حديث أنس، ويُحتمل أن ابن مسعود يرى أن الإمام يكون بين الاثنين، وخفيت عليه السُنَّة التي استقرت الشريعة عليها، وهي تقدم الإمام على المأموميْن كما في حديث أنس في الباب الذي بعده.

قارئ المتن: إذا كانوا ثلاثة وامرأة.

أخبرنا قُتيبة بن سعيد، عن مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن جدته مُليْكَة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام قد صنعته له فأكل منه ثم قال: ‏«قوموا فَلِأُصلِي لكم»‏.‏ قال: أنسٌ فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس فنضحته بماء، «فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت أنا واليتيم خلفه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا ركعتين ثم انصرف».‏ 

شرح الشيخ: هذا الحديث رواه مُسلم فيه أنه إذا كانوا ثلاثة فيكون الإمام مُتقدمًا، والرجلان خلفه، والمرأة خلفهم.

قارئ المتن: إذا كانوا رجلين وامرأتين.

أخبرنا سُويد بن نصر قال: حدثنا عبد الله بن المُبارك، عن سُليمان بن المُغيرة، عن ثابتٍ، عن أنس رضي الله عنه قال: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما هو إلا أنا، وأمي، واليتيم، وأم حرام خالتي فقال: ‏«قوموا فلأصلي بكم»‏‏ قال: في غير وقت صلاة، قال: فصلى بنا.‏

أخبرنا مُحمَّد بن بشَّار قال: حدثنا مُحمَّد قال: حدثنا شُعبة قال: سمعت عبد الله بن مختار يحدث، عن موسى بن أنس، عن أنس رضي الله عنه أنه كان هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأمه وخالته فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل أنسًا عن يمينه وأمه وخالته خلفهما.‏ 

شرح الشيخ: فإذا كانا رجلين يكون المأموم عن يمين الإمام، وتكون المرأتان خَلْف.

قارئ المتن: موقف الإمام إذا كان معه صبي وامرأة.

أخبرنا مُحمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثنا حجَّاجٌ قال: قال: ابن جُريج أخبرنا زيادٌ أن قزعة مولى لعبد قيس أخبره أنه سمع عِكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال ابن عباسٍ رضي الله عنهما: «صليت إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة خلفنا تُصلي معنا، وأنا إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم أصلي معه».‏

أخبرنا عمرو بن عليٌ قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا شُعبة، عن عبد الله بن المختار، عن موسى بن أنسٍ، عن أنسٍ رضي الله عنه قال: صلى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبامرأةٍ من أهلي فأقامني عن يمينه والمرأة خلفنا.‏ 

 

 

شرح الشيخ: هُنا الحديث الأول فيه أن ابن عباس قال: صلى إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة خلفنا، المعروف أن ابن عباس بات عند ميمونة خالته، وليس عند عائشة، الإشكال الذي يتكلم عليه الحديث هُنا أن ابن عباس صلى وعائشة خلفهم، والحديث الصحيح أنه في بيت ميمونة، فهي خالته ميمونة، إن كان قصة أُخر مُحتمل.

مداخلة: في درجته حديث ابن عباسٍ هذا صحيح.

المسألة الثانية في بيان مواضع ذكر المُصنف له، لم يتكلم.

قال: والظاهر أن هذه الواقعة غير الواقعة المتقدمة من طريق غُندَر، عن شُعبة.

شرح الشيخ: مَن الذي يقول هذا؟

مداخلة: هذا الأثيوبي عفا الله عنك.

والظاهر أن هذه الواقعة غير الواقعة المتقدمة من طريق غُندر، عن شُعبة، فإن تلك فيها امرأتان، وفي هذه امرأةٌ واحدة، لكن في رواية مسلم من طريق معاذ بن معاذ، عن شُعبة ما يدل على أن المرأة هُناك أيضاً واحدة، وعليه تكون القصة واحدة، ولفظه عن أنس بن مالك «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى به، وبأمه، أو خالته، قال: فأقامني عن يمينه، وأقام المرأة خلفنا»، ثم ساق مُسلم من طريق غُندَر، وعبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن شُعبة بهذا الإسناد، والله تعالى أعلم.

هذا الحديث الثاني، الحديث الأول ما تكلم.

في إسناده قال: قزعة مولىً لعبد قيس المَكِّي مقبول، وروى عن عِكرمة مولى ابن عباس، وروى عنه زياد بن سعدٍ، قال أبو زُرعة: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي: لا ندري من هو؟ انفرد به النسائي، له عنده حديث الباب فقط.

شرح الشيخ: لا ندري ما هو: قزعة؟

مداخلة: قزعة مولىً لعبد قيس.

شرح الشيخ: لا ندري ما هو؟

قارئ المتن: الذهبي يقول: لا ندري من هو؟ انفرد به النسائي، له عنده حديث الباب فقط.

قد يكون هذا علته.

شرح الشيخ: نقول: يحتاج إلى مُتابعة، وإلا يكون ضعيف، المعروف أن ابن عباس صلَّى في بيت ميمونة خالته، لكن الحديث ما فيه أن ميمونة صلت خلفهم، صلَّى وحد مع النبي صلى الله عليه وسلم.

 

 

قارئ المتن: موقف الإمام والمأموم صبي

أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا ابن عُليَّة‏، عن أيوب، عن عبد الله بن سعيد بن جُبير، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بت عند خالتي ميمونة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل فقمت، عن شماله فقال: بي هكذا فأخذ برأسي فأقامني، عن يمينه.‏

شرح الشيخ: هذا هو المعروف، في بيت خالته ميمونة، وفيه أن موقف الإمام، المأموم إذا كان صبي يكون عن يمين الإمام سواء صبيًا او كبيرًا.

قارئ المتن: من يلي الإمام ثم الذي يليه.

أخبرنا هنَّاد بن السري، عن أبي مُعاوية، عن الأعمش، عن عُمارة بن عُمير، عن أبي معمر، عن أبي مسعودٍ رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول:‏ لا تختلفوا فتختلف قلوبكم ليليني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم»،‏ قال أبو مسعودٍ: فأنتم اليوم أشد اختلافًا،‏ قال: أبو عبد الرحمن أبو معمرٍ اسمه عبد الله بن سَخبرة.

شرح الشيخ:‏ لا حول ولا قوة إلا بالله، قال أبو مسعود أنتم اليوم أشد اختلافًا، وفيه دليل على أن الاختلاف في الصلاة اختلاف الظاهر يؤدي إلى اختلاف الباطن، إلى اختلاف القلوب، قال: «لا تختلفوا فتختلف قلوبكم»، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

قارئ المتن: أخبرنا مُحمَّد بن عمر بن علي بن مقدَّم، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب، قال: أخبرني التَيمي، عن أبي مِجلَز،

شرح الشيخ: مِجلز على وزن مِنبر.

قارئ المتن: عن أبي مِجلَز، عن قيس بن عُبادِ قال: بينما أنا في المسجد في الصف المُقدَّم فجبذني رجلٌ من خلفي جبذةً فنحاني، وقام مقامي فوالله ما عقلت صلاتي، فلما انصرف فإذا هو أُبىّ بن كعبٍ، فقال: يا فتى لا يسؤك الله إن هذا عهد من النبي صلى الله عليه وسلم إلينا أن نليه ثم استقبل القبلة فقال: هلك أهل العقد ورب الكعبة ثلاثًا ثم قال: والله ما عليهم آسى ولكن آسى على من أضلوا، قلت يا أبا يعقوب ما يعني بأهل العقد؟ قال: الأمراء.‏

شرح الشيخ: فيه أن أُبس جبذ قيس جبذًا شديدًا، ولم يعقل صلاته بعد ذلك، وهذا اجتهاد من أبيَ، والحديث قوله: «ليلني منكم أولو الأحلام والنهى»، لا يُفيد، لا يُفيد تنحية الصِغار، بينما يُفيد أن أولو الأحلام هم الذين يتقدمون، ولو قيل أنه خاصٌ بالصحابة يلون النبي صلى الله عليه وسلم لكان هذا الحديث حُجَّة على أُبي حيث جذب قيسًا ليلي الإمام وهو غير النبي صلى الله عليه وسلم.

هذه الجذبة الشديدة التي أثرت على قيس، لعله ذهنه كان مشغول يعني بشيء حين جذبه، هدفه كله السُنَّة التقدم لأولي الأحلام، ومَن تقدَّم من غيرهم فهو أحق بالمكان، ولا يُنحَّ عنه ولو كان صبيًا.

تكلم عليه عندك؟ هذا فيه إشكال؟ يعني مُعاملة أُبي.

مداخلة: قال: حديث أُبي بن كعب رضي الله عنه هذا صحيح، وهو من أفراد المُصنف، لم يُخرجه من أصحاب الأصول غيره، أخرجه هنا، وفي الكُبرى، وأخرجه أحمد في مُسنده، وابن خُزيمة في صحيحه، والله تعالى أعلم بالصواب.

شرح الشيخ: يعني اجتهاد، اجتهاد ابن أُميَّة هذا، كونه جذبه جذبة شديدة، يقول: ما عقلت صلاتي من الجذبة بعدها، أُبيّ يُريد أن يعمل بالحديث: «ليلني منكم أولو الأحلام والنهى»، وهذا صبي فأبعده حتى يكون يلي النبي صلى الله عليه وسلم، اجتهادٌ منه، وهذا يتأثر الصبي حتى في المُستقبل، أو حتى في الكِبَر به يتأثر، وهُنا قال: ما عقلت صلاتي، جذبة شديدة.

قارئ المتن: إقامة الصفوف قبل خروج الإمام.

أخبرنا مُحمَّد بن سلمة قال: حدثنا ابن وهبٍ، عن يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: أُقيمت الصلاة فقمنا فعدِّلت الصفوف قبل أن يخرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا قام في مُصلاه قبل أن يكبر فانصرف فقال: لنا ‏«مكانكم»،‏‏ فلم نزل قيامًا ننتظره حتى خرج إلينا قد اغتسل ينطف رأسه ماء، فكبَّر وصلَّى.‏

شرح الشيخ: فيه أن الإقامة لا تُعاد وإن طال الفصل بينها وبين التكبير للصلاة، ولو تكلم بعدها.

وفيه أن الإمام له أن يعهد إلى مَن يُقيم الصفوف ويُعدِّلُها قبل خروجه، لاسيما مع كثرة الصفوف.

قارئ المتن: كيف يقوَّم الإمام الصفوف

أخبرنا قُتيبة بن سعيد قال: أخبرنا أبو الأحوَص، عن سِماك، عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوِّم الصفوف كما تقوَّم القِداح، فأبصر رجلًا خارًجا صدره من الصف، فلقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لتُقيمن صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم»‏.‏

أخبرنا قُتيبة بن سعيدٍ قال: حدثنا أبو الأحوَص، عن منصور، عن طلحة بن مصرِّف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الصفوف من ناحية إلى ناحية يمسح مناكبنا وصدورنا ويقول: «لا تختلفوا فتختلف قلوبكم»‏،‏ وكان يقول ‏«إن الله وملائكته يصلون على الصفوف المتقدمة».

 

 

شرح الشيخ: فيه أن اختلاف الظواهر يُسبب اختلاف البواطن، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

والمُراد (بإقامة) تسوية الصفوف، وإخراجها عن الاعوجاج، والحديث فيه الوعيد الشديد لمن تساهل في إقامة الصفوف، وأنه سببٌ في مخالفة الوجوه، أو مُخالفة القلوب، والمعنى أنه لا بد من أحد أمرين: إما إقامة الصفوف، أو الوعيد بإيقاع الخِلاف من الله في الوجوه أو القلوب، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

قارئ المتن: ما يقول الإمام إذا تقدم في تسوية الصفوف.

شرح الشيخ: وهذا يدل على أهمية تسوية الصفوف، وأنه ينبغي العناية من المأمومين ومن الإمام، الإمام يلتفت عن يمينه وعن شماله، ويقول: استوا، يقول: تقدَّم يا فُلان، تأخر إذا رأى تقدم أو تأخُر، والمأمومون كل واحد ينظر إلى مَن بجواره، لا بد من العناية، والتساهل حاصل من الأئمة ومن المأمومين.

قارئ المتن: ما يقول الإمام إذا تقدم في تسوية الصفوف.

أخبرنا بشر بن خالد العسكري قال: حدثنا غُندرٌ، عن شُعبة، عن سُليمان، عن عُمارة بن عمير، عن أبي معمر، عن أبي مسعود رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح عواتقنا ويقول: «استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وليليني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم».‏

كم مرةً يقول استووا.

أخبرنا أبو بكر بن نافعٍ، قال: حدثنا بهز بن أسدٍ، قال: حدثنا حمَّاد بن سلمة عن ثابت، عن أنسٍ رضي الله عنه،  أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «استووا، استووا، استووا فوالذي نفسي بيده إني لأراكم من خلفي كما أراكم من بين يدى»‏.‏

شرح الشيخ: (من بين يدي) يعني أمامي، وهذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم رؤية المُصلين وهُم خلفه.

قارئ المتن: حث الإمام على رص الصفوف والمقاربة بينها.

أخبرنا علي بن حُجرٍ، قال حدثنا إسماعيل بن حُميد، عن أنس -رضى الله عنه- قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه حين قام إلى الصلاة قبل أن يكبر فقال: ‏«أقيموا صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري».

أخبرنا مُحمَّد بن عبد الله بن المُبارك المُخرَّمِي، قال: حدثنا أبو هشام، قال: حدثنا أبان، قال: حدثنا قَتادة، قال: حدثنا أنس رضي الله عنه: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ‏«راصوا صفوفكم وقاربوا بينها وحاذوا بالأعناق، فوالذي نفس مُحمَّد بيده إني لأرى الشياطين تدخل من خلل الصف كأنها الحذف».‏

شرح الشيخ: و(الحذف): هي الغنم الصِغار الحجازية.

قارئ المتن: أخبرنا قُتيبة قال: حدثنا الفُضَيْل بن عياض، عن الأعمش، عن المُسيب بن رافع، عن تميم بن طرفة، عن جابر بن سمرة قال: خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ‏«ألا تصِفُّون كما تصف الملائكة عند ربهم»‏؟‏ قالوا وكيف تصف الملائكة عند ربهم قال: ‏«يُتمون الصف الأول ثم يتراصون في الصف»‏.‏

فضل الصف الأول على الثاني

أخبرني يحيى بن عثمان الحِمصي قال: حدثنا بقية، عن بِحير بن سعد، عن خالد بن مَعدان، عن جبير بن نُفيرٍ، عن العِربَاض بن سارية رضي الله عنه: «عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي على الصف الأول ثلاثا وعلى الثاني واحدة».‏

شرح الشيخ: ففيه فضل الصف الأول، يُصلي عليه ثلاثًا، والحديث ضعيف في سنده، بقية بن الوليد وهو مُدلِّس، أما بحير بن سعد فهو ثقة، لكن معنى الحديث صحيح إن الصف الأول أفضل كما سبق في حديث السابق "لو علم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا"، وإن المُتقدم في الصف الأول يفضُل على المُتأخر بالتسبيح والقراءة، واستقبال الملائكة له.

قارئ المتن: الصف المؤخر.

أخبرنا إسماعيل بن مسعود، عن خالد قال: حدثنا سعيد، عن قَتادة، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «‏أتموا الصف الأول، ثم الذي يليه، وإن كان نقص فليكن في الصف المؤخر».‏‏

شرح الشيخ: الحديث فيه عنعنة قَتادة، لكن تدليسه ضعيف، قليل، هو مُدلِس لكن معنى الحديث صحيح، ومُقتضاه إكمال الصف الأول، فالأول، الثابت في الأحاديث الصحيحة مُقتضاه أن يكون النقص في الصف الأخير.

قارئ المتن: من وصل صفا.

أخبرنا عيسى بن إبراهيم بن مثرود، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، عن مُعاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «‏من وصل صفا وصله الله ومن قطع صفا قطعه الله عزَّ وجل».‏‏

ذكر خير صفوف النساء وشر صفوف الرجال.

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا جرير، عن سُهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها».‏‏

شرح الشيخ: وهذا إذا كُنَّ مع الرجال، أما إذا كانت النساء يُصلين صفوفًا وحدهُنَّ فهنَّ كالرجال، خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها لزوال المحظور من كون الصفوف الأُول من الرجال.

مداخلة: قال: تنبيه.

يستحب أن يكون موقفُ الصف الناقص يمينَ الإمام، ولا يستحب توسيطه، لما أخرجه أبو داوُد، وغيره بإسنادٍ حسن، عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا: «إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف»، ولحديث البراء رضي الله عنه: «كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه».

الشيخ: ما في تقييد في الصف الثاني، تنبيه....ماذا يقول؟

مداخلة: تنبيه: يستحب أن يكون موقفُ الصف الناقص يمينَ الإمام، ولا يستحب توسيطه، لما أخرجه أبو داوُد..

الشيخ: الحديث الذي استدل به لا يدل على هذا.

مداخلة: واستدل أحسن الله إليك بحديث «إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف»، وحديث «كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه».

الشيخ: بعد ما يدل على ...، بعد باقي شيء.

مداخلة: وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وسطوا الإمام، وسدوا الخلل»، رواه أبو داوُد، ففي سنده يحيى بن بشير بن خلَّال، وهو مستور، عن أمه وهي مجهولة، فلا يصح الاستدلال به، وإن استدل به صاحب (المنهل العذب المورود) فتبصر. والله تعالى أعلم.

الشيخ: هذا على كل حال الحديث ما فيه دليل على أن الصف الثاني يكون على يمين الإمام، الصف الثاني مثل الصف الأول تتوسط كلها تكون خلف الإمام، سيأتي..

قارئ المتن: الصف بين السواري.

أخبرنا عمرو بن منصورٍ قال: حدثنا أبو نعيم، عن سفيان، عن يحيى بن هانئ، عن عبد الحُميد بن محمود قال: كنا مع أنس رضي الله عنه فصلينا مع أميرٍ من الأمراء، فدفعونا حتى قمنا وصلينا بين الساريتين، فجعل أنس يتأخر وقال: قد كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.‏

شرح الشيخ: وهذا عند عدم وجود حاجة للصف بين السواري وإلا فلا بأس كما إذا كثُر الجمع، وضاق المسجد فلا بأس، تزول الكراهة، الصلاة بين السواري مكروه؛ لأن السواري تقطع الصف، فإذا وُجدت الحاجة لكثرة المُصلين زالت الكراهة.

قارئ المتن: المكان الذي يستحب من الصف.

أخبرنا سُويد بن نصر قال: أخبرنا عبد الله، عن مِسعر، عن ثابتٍ بن عُبيد، عن ابن البراء، عن البراء رضي الله عنه قال: «كنَّا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحببت أن أكون، عن يمينه».‏

شرح الشيخ: وهذا الاستحباب فهمه من النبي صلى الله عليه وسلم.

قارئ المتن: ما على الإمام من التخفيف.

أخبرنا قُتيبة، عن مالك، عن أبي الزِناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «‏إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف فإن فيهم السقيم، والضعيف، والكبير فإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء».‏‏

شرح الشيخ: وهذا التخفيف يرجع إلى السُنَّة، ففعل النبي صلى الله عليه وسلم هو التخفيف، وكان كما ذكر أنس وغيره كان يُحزر له في التسبيح والركوع عشرة مع التدبر، وفي السجود كذلك، فهذا هو التخفيف، التخفيف هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وليس المراد بالتخفيف نقر الصلاة كنقر الغراب كما يظنه بعضهم، فتخفيف عشر تسبيحات تخفيف بالنسبة لخمسين تسبيحة، وليس المُراد أن ينقرها نقر الغراب.

قارئ المتن: أخبرنا قُتيبة قال: أخبرنا أبو عَوانة، عن قَتادة، عن أنس رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أخف الناس صلاة في تمام»

شرح الشيخ: هذا هو السُنَّة تخفيفٌ في تمام، لا يُخِل بإتمام الصلاة.

قارئ المتن: أخبرنا سُويد بن نصر قال: أخبرنا عبد الله، عن الأوزاعي قال: حدثني يحيى بن أبي كثيرٍ، عن عبد الله بن أبي قَتادة، عن أبيه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «‏إني لأقوم في الصلاة فأسمع بكاء الصبي فأوجز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه».‏‏

شرح الشيخ: عليه الصلاة والسلام هذا من رأفته بهن.

 

 

قارئ المتن: قال رحمه الله تعالى: الرخصة للإمام في التطويل.

أخبرنا إسماعيلُ بن مسعود قال: حدثنا خالد بن الحارث، عن ابن أبي ذئبٍ قال: أخبرني الحارث بن عبد الرحمن، عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالتخفيف ويؤمُنا بالصافات».‏

شرح الشيخ: يعني أغلب الصلاة يعني يقسمها بين الركعتين، وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم يُطيل أحيانًا، ففي الفجر يقرأ من الستين إلى المائة، وأحيانًا يقرأ سورة (المؤمنون)، وأحيانًا ب(ق)، و(اقتربت)، وأحيانًا ب(التكوير)، والمغرب أحيانًا ب(الطور)، وب(الأعراف) يقسمُها بين ركعتين، ب(المُرسلات) قرأها في آخر حياته، وأحيانًا بِقصار السور، والظهر أحيانًا تُقام الصلاة ويذهب الذاهب إلى أهله ويتوضأ، ويُدرك النبي صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى، وأحيانًا بأقل من ذلك.

قارئ المتن: ما يجوز للإمام من العمل في الصلاة.

أخبرنا قُتيبة قال: حدثنا سفيان، عن عثمان بن أبي سُليمان، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سُليْمٍ الزُرقي، عن أبي قَتادة رضي الله عنه قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم الناس وهو حامل أمامة بنت أبي العاص على عاتقه فإذا ركع وضعها وإذا رفع من سجوده أعادها».‏

شرح الشيخ: وكذلك صلاته صلى الله عليه وسلم على المنبر ليراه الناس، ثم إذا أراد أن يسجد رجع القهقرة سجد على الأرض، كل هذا العمل جائز في الصلاة للحاجة.

قارئ المتن: مبادرة الإمام.

أخبرنا قُتيبة قال: حدثنا حمَّاد، عن مُحمَّد بن زياد، عن أبي هريرة قال: قال مُحمَّد صلى الله عليه وسلم:‏ «ألا يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار».‏‏

شرح الشيخ: وهذا وعيدٌ شديد، وفي لفظٍ: «أن يُحول الله رأسه رأس كلب»، هذا وعيدٌ شديد في مُسابقة الإمام بدون عُذر، أما إذا كان معذور، ناعس، أو غافل فهذا يعود ويرجع ولا شيء عليه.

قارئ المتن: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا ابن عُليَّة‏ قال: أنبأنا شُعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت عبد الله بن يزيد يخطب قال: حدثنا البراء وكان غير كذوبٍ: «أنهم كانوا إذا صلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع رأسه من الركوع قاموا قيامًا حتى يروه ساجدا ثم سجدوا».‏

شرح الشيخ: فلا يُبادرونه بالسجود، إذا وقع ساجدًا سجدوا.

 

 

قارئ المتن: أخبرنا مُؤمَّل‏ بن هشام قال: حدثنا إسماعيل ابن عُليَّة‏، عن سعيد، عن قَتادة، عن يونس بن جبير، عن حِطان بن عبد الله قال: صلى بنا أبو موسى فلما كان في القعدة دخل رجل من القوم فقال: أقرت الصلاة بالبر والزكاة،‏ فلما سلم أبو موسى أقبل على القوم فقال: أيكم القائل هذه الكلمة فأرَمَّ القوم،‏ قال: يا حِطان لعلك قلتها قال: لا وقد خشيت أن تبكعني بها، فقال: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمنا صلاتنا وسنتنا فقال: «‏إنما الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا قال: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، ‏ فقولوا آمين؛ يجبكم الله وإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فقال: سمع الله لمن حمده، فقولوا ربنا لك الحمد يسمع الله لكم، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا رفع فارفعوا، فإن الإمام يسجد قبلكم ويرفع قبلكم».‏‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فتلك بتلك».‏‏

شرح الشيخ: ‏«فتلك»، يعني زيادتكم في السجود بزيادة إمامكم في السجود أولًا.

وقوله: (فلما كان في القعدة)، القعدة يعني التشهد، (فلما سلم أبو موسى أقبل على القوم فقال: أيكم القائل هذه الكلمة) ظن أبو موسى أنه تكلَّم بعدما دخل في الصلاة، والواقع أنه تكلم قبل أن يدخل في الصلاة.

(صلى بنا أبو موسى فلما كان في القعدة دخل رجل من القوم فقال: أقرت الصلاة بالبر والزكاة،‏ فلما سلم أبو موسى أقبل على القوم فقال: أيكم القائل هذه الكلمة)، ظن أبو موسى أنه تكلَّم بعدما دخل في الصلاة، والواقع أنه تكلَّم قبل أن يدخل في الصلاة.

قال: (أقرت الصلاة بالبر والزكاة)، ثم كبَّر، فظنَّ أبو موسى أنه قالها قبل الدخول في الصلاة، (فأرَمَّ القوم) يعني سكتوا.

(قال: يا حِطان لعلك قلتها قال: لا وقد خشيت أن تبكعني بها) يعني أن تستقبلني بمكروه.

(فقال: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمنا صلاتنا وسنتنا فقال: «‏إنما الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا)، الفاء للتعقيب، يعني لا يتأخر.

(وإذا قال: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، ‏فقولوا آمين؛ يجبكم الله وإذا ركع فاركعوا)، تعقيب لا يتأخر، كما أنه لا يُسبق الإمام فلا يتأخر عنه كثيرًا، وإذا تأخر عنه كثيرًا يُخِل بالصلاة كما أنه إذا سبقه يُخِل بالصلاة، والمُتابعة حينما تكون يأتي بها، فهذه الأحوال أحوال المأموم مع الإمام: إما مُسابقة، وإما مُتابعة، وإما موافقة، وإما تأخر.

أربعة أحوال، في المُسابقة إذا سبقه بركن أو رُكنين مُتعمدًا بطلت الصلاة، وإن كان ناعسًا أو غافلًا يأتي بها، ويلحق الإمام يكون بعده، هذه المُسابقة.

والمُتابعة: هي السُنَّة، يأتي بأفعاله بعد أفعالة.

والموافقة: كأن يُوافقون التكبير والركوع، مكروهة.

والتأخر كثيرًا هذا قد يُخل بالصلاة يتأخر وسبقه بركن أو ركنين هذا قد يُبطل الصلاة مثل ما يفعل بعض الناس، أو بعض الشباب في صلاة الفجر، إذا قام الإمام إلى الركعة الثانية جلس حتى يقرُب من الركوع ثم يقوم، وهو ما هو بمريض ولا تعبان، كسل، هذا يُبطِل الصلاة، لأنه جلس في محل القيام، والقيام رُكن، فالتأخر يُخِل بالصلاة بدون عُذر، كما أن مُسابقة الإمام تخل.

زيادة قوله: «فتلك بتلك»، يعني زيادتكم آخرًا في السجود بزيادة إمامكم في السجود أولًا.

قارئ المتن: خروج الرجل من صلاة الإمام وفراغه من صلاته في ناحية المسجد.

أخبرنا واصل بن عبد الأعلى قال: حدثنا ابن فُضَيْل، عن الأعمش، عن محارب بن دِثار وأبي صالحٍ، عن جابر قال: جاء رجل من الأنصار وقد أُقيمت الصلاة، فدخل المسجد فصلى خلف معاذٍ، فطوَّل بهم فانصرف الرجل فصلى في ناحية المسجد ثم انطلق، فلما قضى معاذٌ الصلاة قيل له إن فلانًا فعل كذا وكذا،‏ فقال: معاذ لئن أصبحت لأذكرن ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم،‏ فأتى معاذٌ النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه فقال: «‏ما حملك على الذي صنعت».‏‏ فقال: يا رسول الله عملت على ناضحي من النهار فجئت وقد أقيمت الصلاة فدخلت المسجد فدخلت معه في الصلاة فقرأ سورة كذا وكذا فطوَّل، فانصرفت فصليت في ناحية المسجد.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفتان يا معاذ أفتان يا معاذ أفتان يا معاذ».‏‏

شرح الشيخ: فيه أن الإمام إذا أطال في الصلاة، والمأموم لا يتحمل هذه الإطالة لكونه مُتعبًا من آثار العمل، جاز له الانفراد عن الإمام، والصلاة في ناحية المسجد، ومثله لو خشي فوات رُفقته في السفر، أو فوات الطائرة، وأطال الإمام في الصلاة، فللمأموم في هذه الحالة أن ينفرد للحاجة.

قارئ المتن: الائتمام بالإمام يصلي قاعدًا.

أخبرنا قُتيبة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك رضي الله عنه:  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب فرسا فصُرِع عنه، فجُحِش شِقَّه الأيمن، فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعدٌ، فصلينا وراءه قعودًا، فلما انصرف قال: «‏إنما جُعِل الإمام ليؤتم به، فإذا صلى قائمًا فصلوا قيامًا، وإذا ركع فاركعوا وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون».‏‏

شرح الشيخ: وهذا في مرضه الأول عليه الصلاة والسلام، لما رَكِب فرسةً فسقط (فجُحِش شِقه الأيمن) يعني جُرِح، فلم يستطع أن يُصلي قائمًا، فصلَّى قاعدًا، يعني ابتدأ الصلاة قاعدًا، فصلوا خلفه قيامًا.

(فلما انصرف قال: «‏إنما جُعِل الإمام ليؤتم به)، وفي اللفظ الآخر قال: (فعلتم كما تفعل الأعاجم، يقفون على رؤوس ملوكهم وهم جلوس، إذا صلى الإمام قاعدًا فصلوا قعودًا أجمعون)، وهذا في مره الأول.

ثم أَذِن لهم في الصلاة خلفه قيامًا في مرضه في آخر حياته، لما كان أبو بكر يُصلي بالناس، والنبي صلى الله عليه وسلم عن يساره، يقتدي أبو بكرٍ بالنبي صلى الله عليه وسلم، والناس يقتدون بأبي بكر، فقيل هذا ناسخٌ للأول لأنه مُتأخر، وقيل يُفرَّق بين ابتداء الصلاة قيامًا، فيقومون كما في آخر حياته، وبين ابتداء الصلاة قاعدًا فيقعدون كما في هذه القصة، هذا جمع بينهما.

وقيل إن اذنه بالقيام في آخر حياته دليلٌ على الجواز، وقوله: «صلوا اجمعون» هو الأفضل، يُحمل هذا على الاستحباب، لأن فيه الأمر وهو من قوله صلى الله عليه وسلم، هي مُقدمة على تقليده بالقيام خلفه في آخر حياته.

 آخر حياته عملٌ وتقليد، وفي أولها قال: «صلوا»، والأول قول وهو أوامر فهو الأفضل، وهذا القول آخره هو الأرجح، إنه يُحمل على الاستحباب لأن النسخ لا يُصار إليه إلا بعد تعذر الجمع، وهُنا أمكن الجمع، فحصل العمل بالأدلة، إما أن يُقال: أنه إذا ابتدأ الصلاة قائمًا ثم اعتُل يُصلون قيامًا، وإذا ابتدأ الصلاة قاعدًا يُصلون قعودًا، أو يُحمل قول صلوا قعودًا على الاستحباب، وابتداء الصلاة، والقيام محمول على الجواز.

قارئ المتن: قال رحمه الله تعالى: أخبرنا مُحمَّد بن العلاء قال: حدثنا أبو مُعاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلالٌ يُؤذنه بالصلاة فقال: «‏مروا أبا بكرٍ فليصل بالناس»،‏ قالت قلت يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيفٌ، وإنه متى يقوم في مقامك لا يُسمع الناس فلو أمرت عمر،‏ فقال: «‏مروا أبا بكر فليصل بالناس»،‏‏ فقلت لحفصة قولي له فقالت له،‏ فقال: «‏إنكن لأنتن صواحبات يوسف مروا أبا بكر فليصل بالناس»،‏‏ قالت فأمروا أبا بكر فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة، قالت: فقام يُهادى بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض، فلما دخل المسجد سمع أبو بكر حِسه فذهب ليتأخر، فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قم كما أنت، قالت: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قام عن يسار أبي بكرٍ جالسًا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس جالسًا، وأبو بكرٍ قائمًا يقتدي أبو بكر برسول الله صلى الله عليه وسلم والناس يقتدون بصلاة أبي بكر رضي الله عنه.‏

شرح الشيخ: وهذا في مرضه الأخير.

وقولها: (أسيفٌ)، يعني سريع البُكاء والحُزن، رقيق، لا يملك عينيه دامعًا، لا يمك نفسه من البُكاء رضي الله عنه.

قارئ المتن: أخبرنا العباس بن عبد العظيم العنبري قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا زائدة، عن موسى بن أبي عائشة، عن عُبيد الله بن عبد الله قال: دخلت على عائشة فقلت ألا تحدثيني عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم،‏ قالت لما ثقُل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «‏أصلى الناس»،‏‏ فقلنا لا وهم ينتظرونك يا رسول الله،‏ فقال: «‏ضعوا لي ماء في المِخضب»،‏‏ ففعلنا، فاغتسل ثم ذهب لينوء فأُغمي عليه ثم أفاق فقال: «‏أصلى الناس»،‏‏ قلنا لا هم ينتظرونك يا رسول الله،‏ فقال: «‏ضعوا لي ماء في المِخضب»، ففعلنا فاغتسل ثم ذهب لينوء ثم أغمي عليه ثم قال: في الثالثة مثل قوله، قالت والناس عكوفٍ في المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر ‏«أن صل بالناس»،  فجاءه الرسول فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلي بالناس وكان أبو بكر رجلًا رقيقا فقال: يا عمر صل بالناس،‏ فقال: أنت أحق بذلك‏ فصلي بهم، فصلى بهم أبو بكرٍ تلك الأيام ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد من نفسه خِفةً، فجاء يهادى بين رجلين أحدهما العباس لصلاة الظهر، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يتأخر، وأمرهما فأجلساه إلى جنبه، فجعل أبو بكرٍ يُصلي قائمًا، والناس يصلون بصلاة أبي بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعدًا،‏ فدخلت على ابن عباس رضي الله عنهما فقلت: ألا أعرض عليك ما حدثتني عائشة عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم،‏ فحدثته فما أنكر منه شيئا غير أنه قال: أسمت لك الرجل الذي كان مع العباس؟ قلت: لا،‏ قال: هو علي كرم الله وجهه.

شرح الشيخ: كرَّم الله وجهه، وكل الصحابة كرَّم الله وجوههم، لا يُخَص عليّ بشيء، الصحابة كلهم كرَّم الله وجوههم، هذا من بعض الطُبَّاع، ويُحتمل هذا من بعض الشيعة.

هذا المرض العظيم وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم مرات يقوم ثم يسقط، يُغمى عليه، وهو رسول الله خير خلق الله، وبهذا كله يُعظِم الله له الأجر، وكما في الحديث الآخر، «أنه يُوعك كما يُوعك رجلان»، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يُوعك كما يوعك رجلان، قالوا أذلك لأن لك أجران؟ قال: «نعم»، له أجران عليه الصلاة والسلام، عظُم ثوابه، وليعلم الناس أن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس إله بل هو بشر، يُصيبه ما يُصيبه من المرض، يسقط، ويُصيبه المرض والموت، ويأكل ويشرب، فهو بحاجة إلى الأكل والشرب، فهو رسولٌ كريم، لكنه بشر، وليس إلهً يُعبد، فالله تعالى هو الكامل المُنزه لا يحتاج إلى أحد، مُنزه لا يُصيبه مرض ولا موت، ولا نقص -سبحانه وتعالى-، أما المخلوق ولو كان رسولًا فإنه يُصيبه ما يُصيب الناس عليه الصلاة والسلام.

ولا حُجة في كون هذين الرجلين لم يُصليا مع النبي صلى الله عليه وسلم العباس وعليّ، لم يُصليا مع الجماعة، قد بعضهم يقول ليس الجماعة واجبة لأن العباس وعليّ ما صلوا، نقول: إنما يحتج بهذا أهل الأهواء، لأن الأدلة بوجوب الجماعة كثيرة وواضحة وصريحة، وهذا الحديث مُحتمل أن تخلفهم مع النبي صلى الله عليه وسلم ليُمرضاه، فلا يُترك الواضح للمُحتمل.

قارئ المتن: قال رحمه الله تعالى: باب اختلاف نية الإمام والمأموم.

أخبرنا مُحمَّد بن منصور قال: حدثنا سفيان، عن عمرو قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنه يقول كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع إلى قومه يؤمهم، فأخَّر ذات ليلةٍ الصلاة، وصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى قومه يؤمهم، فقرأ سورة البقرة فلما سمع رجل من القوم تأخر فصلى ثم خرج، فقالوا: نافقت يا فلان،‏ فقال: والله ما نافقت ولآتين النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره،‏ فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن معاذًا يصلي معك ثم يأتينا فيؤمنا، وإنك أخرت الصلاة البارحة فصلى معك ثم رجع فأمَّنا فاستفتح بسورة البقرة، فلما سمعت ذلك تأخرت فصليت وإنما نحن أصحاب نواضح نعمل بأيدينا،‏ فقال: له النبي صلى الله عليه وسلم: ‏«يا معاذ أفتان أنت اقرأ بسورة كذا وسورة كذا».‏‏

أخبرنا عمرو بن عليٌ قال: حدثنا يحيى، عن أشعث، عن الحسن، عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه صلى صلاة الخوف فصلى بالذين خلفه ركعتين وبالذين جاءوا ركعتين فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم أربعًا ولهؤلاء ركعتين ركعتين».

شرح الشيخ: والحديث الأول مُحمَّد بن منصور السند برجال الشيخين، مُحمَّد بن منصور انفرد بهن وهو ثقة كما في التقريب، ويُجمع بين هذا الحديث وبين ما في الصحيحين بأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إليه، بعث إلى مُعاذ، وهُنا فيه أن النبي بعث إليه، يعني يُحمل على أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إليه، فصادف ذلك مجيئه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وفيه دليل على أنه لا بأس باختلاف نية الإمام عن المأموم، وأنه لا بأس بأن يُصلي المُفترض خلف المُتنفل، فهذا مُعاذ يُصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء له فريضة، ثم يرجع إلى قومه في ناحية المدينة، فيُصلي بهم تلك الصلاة له نافلة، ولهم فريضة، فلا بأس باختلاف المُفترض، بخلاف الحنابلة أنه لا يجوز إئتمام المُفترض بالمتنفل لاختلاف النية، والقول الثاني خِلاف المذهب أنه لا بأس وهو الصواب، هذا حديث صحيح.

وكذلك الحديث الذي بعده، «أن النبي صلى صلاة الخوف فصلى بالذين خلفه ركعتين وبالذين جاءوا ركعتين فكان للنبي صلى الله عليه وسلم أربعًا ولهؤلاء ركعتين ركعتين»، فالأوليان للنبي صلى الله عليه وسلم فريضة، والأخريان له نافلة.

ففي هذين الحديثين دليل على جواز إئتمام المُفترض بالمُتنفل، وبالعكس، ويدل على إن اختلاف نية الإمام والمأموم لا يؤثر، وأنه ليس من الاختلاف على المأموم، فلا يدخل في قوله عليه الصلاة والسلام: «إنما جُعِل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه»، اختلاف النيَّة ما يضر، إنما الاختلاف في الأفعال، حتى الاختلاف في الأفعال، يُصلي المغرب خلف مَن يُصلي العشاء والعكس، قال بعضهم اختلاف، وقال آخرون ليس هذا اختلاف، الاختلاف إنما يكون مثلًا إذا صلَّى مثلًا صلاة العيد، أو صلَّى فريضة خلف مَن يُصلي العيد، هذا الاختلاف مثلًا، أو الاستسقاء.

قارئ المتن: قال رحمه الله تعالى: فضل الجماعة.

أخبرنا قُتيبة، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «‏صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبعٍ وعشرين درجة».‏‏

أخبرنا قُتيبة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «‏صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده خمسا وعشرين جزءا».‏‏

أخبرنا عُبيد الله بن سعيد قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن بن عمار قال: حدثني القاسم بن مُحمَّد، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «‏صلاة الجماعة تزيد على صلاة الفذ خمسًا وعشرين درجة».‏‏

شرح الشيخ: والجمع بين الأحاديث إن الله أخبر نبيه أولًا بتضعيف صلاة الجماعة خمسًا وعشرين، ثم زاده الله خيرًا بتضعيفها سبعًا وعشرين.

قارئ المتن: الجماعة إذا كانوا ثلاثة.

أخبرنا قُتيبة قال: حدثنا أبو عَوانة، عن قَتادة، عن أبي نَضرة، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  «إذا كانوا ثلاثةً فليؤمهم أحدهم وأحقهم بالإمامة أقرؤهم».‏‏

الجماعة إذا كانوا ثلاثة رجلٌ وصبيٌ وامرأة

أخبرنا مُحمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثنا حجاج قال: ابن جُريج  أخبرني زياد أن قزعة مولىً لعبد القيس أخبره أنه سمع عِكرمة قال: قال ابن عباس: «صليت إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة خلفنا تصلي معنا وأنا إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم أصلي معه».

 

 

شرح الشيخ: هذا فيه أنه يكون الصبي إلى جنب الرجل، والمرأة تكون خلفهم.

كما سبق إن انفراد الفُضيل بهذا، ومُحمَّد بن إسماعيل هذا يُحتمل أن يكون البُخاري، ويُحتمل أن يكون ابن عُليَّة، كلاهما رواه النسائي كما في التقريب، كل منهم اتفق الاسم اسم الأب واسم الجد، ويُميَّز بينهم بالشيوخ الذين رووا عنهم.

مداخلة: ذكر هُنا إنه ابن عُليَّة.

قارئ المتن: الجماعة إذا كانوا اثنين.

أخبرنا سُويد بن نصرٍ قال: حدثنا عبد الله، عن عبد الملك بن أبي سُليمان، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت عن يساره فأخذني بيده اليسرى فأقامني عن يمينه».‏

أخبرنا إسماعيل بن مسعودٍ قال: حدثنا خالد بن الحارث، عن شُعبة، عن أبي إسحاق أنه أخبرهم، عن عبد الله بن أبي بصير، عن أبيه - قال: شُعبة وقال: أبو إسحاق وقد سمعته منه ومن أبيه - قال: سمعت أبى بن كعب يقول صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا صلاة الصبح فقال: «‏أَشهِد فلانٌ الصلاة»،‏‏ قالوا لا،‏ قال: «‏ففلان».‏، قالوا لا،‏ قال: «‏إن هاتين الصلاتين من أثقل الصلاة على المُنافقين ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا والصف الأول على مثل صف الملائكة، ولو تعلمون فُضَيْلته لابتدرتموه وصلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاة الرجل مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كانوا أكثر فهو أحب إلى الله عزَّ وجل».‏‏

شرح الشيخ: فيه أن الجماعة إذا كانوا اثنين يكون المأموم إلى جنب الإمام عن يمينه في الترجمة.

وقوله: «أَشَهِد فُلانٌ الصلاة»، قالوا: لا، قال: «ففُلان»، هذا فيه دليل على تفقد المأمومين والعد، كان الناس يعُدون سابقًا، العباسيين كانوا يعدون الفجر، يعد المؤذن وغيره، فُلان، فُلان، فُلان، فُلان،.... وإذا نزل بالحي نازل جديد سجلوا اسمه حتى يُعَد لصلاة الفجر، هذا هو الأصل، أفُلان، أفُلان، أشاهِدٌ فُلان، هذا هو الأصل.

وفيه أن الجماعة صلاة الرجل أزكى مع الرجل، وصلاة الرجلين أزكى، والثلاثة أزكى، وكلما كان أكثر في الجماعة فهو أفضل وأحب، ولهذا المسجد الذي فيه جماعةٌ كثيرة أفضل من المسجد الذي فيه جماعةٌ قليلة.

قارئ المتن: قال رحمه الله تعالى: الجماعة للنافلة.

أخبرنا نصر بن عليٌّ قال: أنبأنا عبد الأعلى قال: حدثنا معمر، عن الزُهري، عن محمود، عن عِتبان بن مالك أنه قال: يا رسول الله إن السيول لتحول بيني وبين مسجد قومي فأحب أن تأتيني فتصلي في مكان من بيتي أتخذه مسجدًا،‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:‏ «سنفعل»،‏‏ فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «‏أين تريد»،‏‏ فأشرت إلى ناحيةٍ من البيت، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصففنا خلفه فصلى بنا ركعتين.‏

شرح الشيخ: يعني اتخذه مسجدٍ يُصلي فيه الفريضة في الليلة المطيرة أو الباردة، لأنه عَمِي ويُريد أن يتبرَّك بهذا المكان، وهذا خاصٌ بالنبي صلى الله عليه وسلم لما جعل الله في جسده وملابسه من البركة، هذا خاصٌ به.

وفيه دليل على جواز صلاة النافلة أحيانًا إذا لم يتخذ عادة، فالنبي صلى بهم نافلة الضُحى، صلى بأنس وأُمه الضُحى، إذا زار الإنسان أحد بعض الضيوف بعد صلاة العشاء أو في الضُحى فلهم أن يُصلوا جماعة نافلة، ويُصلوا في الليل إذا لم يُتخذ عادةً مُستمرة، الشيء العارض لا بأس به.

قارئ المتن: قال رحمه الله تعالى: الجماعة للفائت من الصلاة.

أنبأنا عليُّ بن حُجرٍ قال: أنبأنا إسماعيل، عن حُميد، عن أنس رضي الله عنه قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه حين قام إلى الصلاة قبل أن يكبر فقال: «‏أقيموا صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري».‏‏

أخبرنا هنَّاد بن السري قال: حدثنا أبو زُبيد -واسمه عبثر بن القاسم -، عن حصين، عن عبد الله بن أبي قَتادة، عن أبيه قال: كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: بعض القوم لو عرَّست بنا يا رسول الله،‏ قال: «‏إني أخاف أن تناموا عن الصلاة»‏، قال: بلالٌ أنا أحفظكم،‏ فاضطجعوا فناموا، وأسند بلالٌ ظهره إلى راحلته فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد طلع حاجب الشمس فقال: «‏يا بلال أين ما قلت»،‏‏ قال: ما أُلقيت علي نومة مثلها قط،‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله -عزَّ وجل- قبض أرواحكم حين شاء فردها حين شاء، قم يا بلال فآذن الناس بالصلاة»،‏‏ فقام بلال فأذن فتوضئوا -يعني حين ارتفعت الشمس- ثم قام فصلى بهم.‏

شرح الشيخ: وقوله: «فإني أراكم من وراء ظهري»، هذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام، يرى من خلفه.

 وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم هُنا (قال: بعض القوم لو عرَّست)، التعريس هو نزول المُسافر آخر الليل للاستراحة يُسمى تعريس، وهم مُسافرون، نزول المُسافر في آخر الليل للاستراحة، قالوا: يا رسول الله لو عرَّست يعني انزل نستريح.

قال: «إني أخاف أن تناموا عن الصلاة»، فقالوا: التزم بلال، وفي لفظة: «مَن يكلأ لنا إلى الصبح»، قال بِلال أنا التزم، إذًا على الإنسان إذا نام، ولا سيما إذا كان مُتأخر فإن عليه أن يجعل أسبابًا توقظه، فمَن نام قريبًا وفيه صلاة عليه أن يتخذ الوسائل، والوسائل التي يكون بها ثقة ساعة أو جوَّال، أو بعض أصحابه يؤذنوا بالصلاة، وهذا النوم حصل للنبي مرات في تبوك، وفي غيرها، وهذا من رحمة الله تعالى لعباده، إنه قدَّر وقوع ذلك لنبيه حتى يكون تشريع.

وفيه أن الفائت من الصلاة تُصلَّى جماعة إن أمكن، هذه فائتة، صلاها جماعة، لأنه فيه أن يؤذن لها أيضًا، يؤذن ويُصلي ويتوضأ، ويُصلون جماعة.

صلى الراتبة قبلها ولو كان بعد طلوع الشمس.

قارئ المتن: قال رحمه الله تعالى: التشديد في ترك الجماعة.

أخبرنا سُويد بن نصرٍ قال: أنبأنا عبد الله بن المُبارك، عن زائدة بن قُدامة قال: حدثنا السائب بن حُبيشٍ الكلاعي، عن مَعدان بن أبي طلحة اليعمَري قال: قال لي أبو الدرداء: أين مسكنك قلت في قرية دوين حمص، فقال: أبو الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من ثلاثةٍ في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية»‏‏ قال: السائب يعني بالجماعة الجماعة في الصلاة.‏

شرح الشيخ: والحديث فيه تشديد في ترك الجماعة كما بوَّب المؤلف، وهو يشمل ترك جماعة الصلاة، فلا يُقيمُها كما قال السائب، ويشمل الخروج عن الجماعة وأهل السُنَّة في مُعتقدهم.

في الحديث دليل على أن الجُمعة تُقام بثلاثة فأكثر، تُقام بثلاثة فأكثر الجمعة.

قارئ المتن: قال رحمه الله تعالى: التشديد في التخلف عن الجماعة.

أخبرنا قُتيبة، عن مالك، عن أبي الزِناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «‏والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيُحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجالٍ فأحرِّق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عظمًا سمينًا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء».‏‏

شرح الشيخ: هذا الحديث رواه مُسلم في صحيحه، فيه الشديد في التخلف عن الجماعة، أن النبي همَّ بأن يُخالف إلى رِجال فيحرِّق عليهم بيوتهم، وفي لفظ آخر «لولا ما فيها من نساء وذريَّة لحرَّقتُها عليهم».

قارئ المتن: قال رحمه الله تعالى: المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن.

أخبرنا سُويد بن نصرٍ قال: أنبأنا عبد الله بن المُبارك، عن المسعودي، عن علي بن الأقمر، عن أبي الأحوَص، عن عبد الله أنه كان يقول من سرَّه أن يلقى الله عزَّ وجل غدًا مُسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن، فإن الله عزَّ وجل شرع لنبيه صلى الله عليه وسلم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى، وإني لا أحسب منكم أحدًا إلا له مسجدٌ يصلي فيه في بيته، فلو صليتم في بيوتكم وتركتم مساجدكم لتركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم، ولو تركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم؛ لضللتم. وما من عبد مسلم يتوضأ فيُحسن الوضوء ثم يمشي إلى صلاة إلا كتب الله عزَّ وجل له بكل خطوة يخطوها حسنة، أو يرفع له بها درجة، أو يُكفِّر عنه بها خطيئة، ولقد رأيتنا نقارب بين الخُطا، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافقٌ معلومٌ نِفاقه، ولقد رأيت الرجل يُهَادى بين الرجلين حتى يُقام في الصف.‏

شرح الشيخ: وهذا من قول من كلام ابن مسعود، وهو له حكم الرفع، قوله: (وما من عبد مسلم يتوضأ فيُحسن الوضوء ثم يمشي إلى صلاة إلا كتب الله عزَّ وجل له بكل خطوة يخطوها حسنة، أو يرفع...) هذا فهمه من الأحاديث، جاء في الأحاديث.

وفيه أن الصلاة من سُنن الهُدى.

وفيه أن من ترك الصلاة جماعة يُقال إن هذا من الضلال: «لضللتم».

وفيه حِرص الصحابة، يؤتى بالرجل يُهادى بين الرجلين حتى يُقام في الصفوف وهو مريض، رجلين واحد عن يمينه وآخر عن يساره يأخذون بيديه حتى يُقام في الصف.

كثيرٌ من الناس لا يُبالي بالجماعة الآن وهو صحيح، وهو صحيح سليم الأعضاء والحواس، ولكن الإشكال في القلب.

قارئ المتن: قال رحمه الله تعالى: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا مروان بن مُعاوية قال: حدثنا عُبيد الله بن عبد الله بن الأصم، عن عمه يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء أعمى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إنه ليس لي قائدٌ يقودني إلى الصلاة، فسأله أن يرخص له أن يصلي في بيته فأذن له، فلما وَلَّى دعاه قال له: ‏«أتسمع النداء بالصلاة»،‏‏ قال: نعم، قال: «‏فأجب».‏‏

شرح الشيخ: وهو عبد الله بن أم مكتوم، والحديث رواه مُسلم في صحيحه.

قارئ المتن: أخبرنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء قال: حدثنا أبي قال: حدثنا سفيان ح وأخبرني عبد الله بن مُحمَّد بن إسحاق قال: حدثنا قاسم بن يزيد قال: حدثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن عابس، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ابن أم مكتوم أنه قال: يا رسول الله إن المدينة كثيرة الهوام والسباع.‏ قال: «‏هل تسمع حي على الصلاة حي على الفلاح».‏‏ قال: نعم.‏ قال: «‏فحي هلًا».‏‏ ولم يرخص له.‏

شرح الشيخ: الحديث فيه أنه قال: المدينة كثيرة الهوام والسباع، الحديث في سنده مقبول، المعروف أن ابن أبي مكتوم ما ذكر إلا العمى فقط في الحديث الصحيح، والإشكال تكلم عليه عندك؟ ففي سنده مقبول، فيه القاسم بن يزيد وغيره.

مداخلة: قال أحسن الله إليك: هارون بن زيد بن أبي الزرقاء التغلُبي أبو مُحمَّد المُوصلي نزيل الرملة صدوقٌ من العاشرة، قال أبو حاتم: صدوق.

الشيخ: هارون ماذا؟

مداخلة: هارون بن زيد بن أبي الزرقاء.

الشيخ: هذا ما فيه، انظر الحديث الأخير، وأخبرني عبد الله بن مُحمَّد بن إسحاق قال: حدثنا قاسم بن يزيد، ما في هارون، السند الأول هارون بن زيد، نعم، لكن القاسم بن يزيد.

مداخلة: القاسم بن يزيد وهو الصواب، ووقع في بعض نسخ (المجتبى): (بن زيد)، بدلًا من يزيد، وهو خطأ، فتنبه.

الشيخ: القاسم بن يزيد، ما تكلم عليه القاسم بن يزيد؟

مداخلة: قاسم بن يزيد الجَرْمِي أبو يزيد الموصلي، ثقة عابد، مات سنة مائةٌ وأربع وتسعين، من التاسعة، أخرج له أبو داوُد في (مراسيله)، والمُصنف.

الشيخ: ما في أحد تكلَّم فيه؟

مداخلة: لا، أحسن الله إليك.

شرح الشيخ: الأحاديث التي (02:23:34) ما فيها أنه قال: أن في المدينة تكثر الهِمام والسِباع، ما ذكر إلا العمى، فيه إشكال، قد يكون هذا شذوذ، قد يكون القول شاذ لأن الأحاديث كل حديث منهم ما ذكر إلا العمى، خلاف عِتبان، ذكر السيول، والليلة المطيرة، وإلا قد يكون هذا عذر آخر زيادة عن العمى الهوام والسِباع، ولهذا إذا كان السند يعني ما فيه شيوخ يكون شاذ.

قارئ المتن: قال رحمه الله تعالى: العذر في ترك الجماعة.

أخبرنا قُتيبة، عن مالكٍ، عن هشام بن عروة، عن أبيه أن عبد الله بن أرقم كان يؤم أصحابه فحضرت الصلاة يومًا فذهب لحاجته ثم رجع فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا وجد أحدكم الغائط فليبدأ به قبل الصلاة».‏‏

أخبرنا مُحمَّد بن منصورٍ قال: حدثنا سُفيان، عن الزُهري، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا حضر العشاء وأُقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء».‏‏

أخبرنا مُحمَّد بن المُثنَّى  قال: حدثنا مُحمَّد بن جعفر قال: حدثنا شُعبة، عن قَتادة، عن أبي المليح، عن أبيه قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحنين فأصابنا مطر فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صلوا في رحالكم».‏

شرح الشيخ: ذكر ثلاثة أعذار لترك الجماعة:

الغائط، يعني إذا كان يُدافع الأخبثان، "لا صلاة في حضرة طعام ولا في مدافعة الأخبثان".

الثاني: الطعام، إذا حضر الطعام.

والثالث: المطر.

هذه كلها أعذار في ترك الجماعة.

قارئ المتن: حد إدراك الجماعة.

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا عبد العزيز بن مُحمَّد، عن ابن طحلاء، عن مُحصِن بن علي الفهري، عن عوف بن الحارث، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «‏من توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج عامدا إلى المسجد فوجد الناس قد صلوا كتب الله له مثل أجر من حضرها ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئا».‏‏

شرح الشيخ: هذا فيه إشكال، الحديث في سنده مستور مجهول الحال وهو ابن طحلاء، ومقبول وهو مُحصن بن على الفهري كما في التقريب، فيكون الحديث ضعيف، لكنه يعتمد بالحديث الذي بعده فيكون مُتابعًا له، يُحمل على أنه مَن تأخر عن الصلاة لا عن كسل بل لعذر مشروع حصل له الأجر والثواب، أما المُتكاسل المُتأخر بسبب قلة المُبالاة والاهتمام، فالنصوص الأخرى دلَّت على أنه لا يُدرك أجر ما صلَّاها جماعة، لحديث: «صلاة الجماعة تفضُل عن صلاة الفذ بسبعٍ وعشرين درجة»، فيكون هذا مَن توضأ في بيته وخرج عامدًا إلى المسجد يكون تأخر لعذر وشغل يُدرك الجماعة، له فضل الجماعة، أما مَن تأخر لإهمال وعدم مُبالاة فلا يُدرك الجماعة، وهذا الحديث يشهد له الحديث الذي بعده.

قارئ المتن: أخبرنا سُليمان بن داوُد، عن ابن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث أن الحُكيم بن عبد الله القرشي حدثه أن نافع بن جبير وعبد الله بن أبي سلمة حدثاه أن معاذ بن عبد الرحمن حدثهما، عن حُمران مولى عثمان بن عفان، عن عثمان بن عفان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة فصلاها مع الناس أو مع الجماعة أو في المسجد غفر الله له ذنوبه».‏

شرح الشيخ: (فصلاها مع الناس) يعني في الجماعة الأولى، أو مع الجماعة الثانية، أو في المسجد غفر الله له، أو في المسجد حتى لو فاتته، يعني لشغل أو لعذر، هذا يشهد للحديث السابق.

 

 

قارئ المتن: إعادة الصلاة مع الجماعة بعد صلاة الرجل لنفسه.

أخبرنا قُتيبة، عن مالكٍ، عن زيد بن أسلم، عن رجل من بني الديل يقال: له بُسر بن مِحجنِ، عن مِحجنٍ أنه كان في مجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلَّم -فأذن بالصلاة- فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع ومِحجنٍ في مجلسه، فقال: له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‏«ما منعك أن تصلي ألست برجل مسلم».‏‏ قال: بلى ولكني كنت قد صليت في أهلي فقال: له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‏«إذا جئت فصل مع الناس وإن كنت قد صليت».‏‏

شرح الشيخ: فيه إعادة الصلاة مع الجماعة بعد صلاة الرجل إذا صلَّى وحده، ثم وجد جماعة يُصلي معها، وهذا لا يدل على عدم وجوب الجماعة، لأن صلاته في أهله قد تكون لأسباب، وأدلة وجوب الجماعة كثيرة، مُحكمة غير مُحتملة.

قارئ المتن: إعادة الفجر مع الجماعة لمن صلى وحده.

أخبرنا زياد بن أيوب قال: حدثنا هُشيم قال: حدثنا يَعلى بن عطاء قال: حدثنا جابر بن يزيد بن الأسود العامري، عن أبيه قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر في مسجد الخيف فلما قضى صلاته إذا هو برجلين في آخر القوم لم يصليا معه قال: «‏على بهما».‏‏ فأُتيَّ بهما ترعد فرائصهما فقال: «‏ما منعكما أن تصليا معنا».‏‏ قالا يا رسول الله: إنا قد صلينا في رحالنا.‏ قال: «‏فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعةٍ فصليا معهم فإنها لكما نافلة».‏‏

شرح الشيخ: قوله: (في مسجد الخيف) يعني موضع في مِنى مُتحجَّر يُصي فيه النبي صلى الله عليه وسلم، وإلا المكان ليس فيه مسجد على عهد النبي، ولا عهد الصحابة، ما كان في مسجد، المكان مكان الخيف هذا، وقوله: (مسجد الخيف) يعني المكان كل مكان يُصلى فيه يُسمى مسجد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «جُعلت الأرض لي مسجدًا وطهورًا»، (في مسجد الخيف) يعني في المكان الذي يسجد فيه، في الخيف، وهو مكان المسجد الآن، كان يُمكن تحجَّر، جُعل احجار، ولم يُبنى المسجد إلا بعد ذلك بمدة.

مداخلة: (02:29:45).

الشيخ: على كل حال هو معناه يعني ليس فيه مسجدٍ مبني.

وقوله: (ترعَد فرائصهما) بضم العين، وإلا في الأصل (ترعُد) سماعًا، القاعدة أن الماضي إذا كان ثالثه حرف حلق يُفتح الحرف الثاني في المضارع، (ترعُد) أصلها، لكن (ترعَد) هذا سماعًا.

وهذا الحديث صريح في أن الأولى هي الفريضة التي صلاها في رحله، والثانية هي النافلة، في قوله: (فإنهما لكما نافلة)، والضمير يعود إلى أقرب مذكورة.

قول المُحشِّي الأحاديث مختلفة، قال جماعة الأمر في ذلك إلى الله لا وجه له، هذا بيان الحديث وإيضاحه.

المُحشِّي: يقول إنها مسألة مُحتملة ما يُدرى أيهما الفريضة.

التعليق لمن؟

مداخلة: المُحشِّي شارح مثل الذي عندكم يا شيخ.

الشيخ: ماذا يقول؟

مداخلة: في مسجد الخير، أي مسجد مِنًا وحجة الوداع، فلا يُمكن أن يُتوهم نسخ هذا الحكم.

الحاشية الثانية يا شيخ التي تحت.

مداخلة: ما فيه نسخ، نعم.

مداخلة: بدون بنيان يا شيخ.

الشيخ: لا يوجد بنيان أرض.

قارئ المتن: إعادة الصلاة بعد ذهاب وقتها مع الجماعة.

أخبرنا مُحمَّد بن عبد الأعلى ومُحمَّد بن إبراهيم بن صدران -واللفظ له-، عن خالد بن الحارث قال: حدثنا شُعبة، عن بديل قال: سمعت أبا العالية يحدث عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: وضرب فخذي ‏«‏ كيف أنت إذا بقيت في قوم يؤخرون الصلاة، عن وقتها».‏‏ قال: ما تأمر. قال: «‏صل الصلاة لوقتها ثم اذهب لحاجتك فإن أقيمت الصلاة وأنت في المسجد فصل».‏‏

سقوط الصلاة عمَّن صلى مع الإمام في المسجد جماعة.

أخبرنا إبراهيم بن مُحمَّد التيمي قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن حسين المعلم، عن عمرو بن شُعيب، عن سُليمان مولى ميمونة قال: رأيت ابن عمر جالسًا على البلاط والناس يصلون، قلت: يا أبا عبد الرحمن ما لك لا تصلي قال: إني قد صليت إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ‏«لا تعاد الصلاة في يومٍ مرتين».‏‏

شرح الشيخ: وهذا ابن عُمر ليس ابن عُمر هُنا في المسجد، بل هو في مكان خارج المسجد يُسمى البلاط، فلا يُشرع في حقه أن يُعيد الصلاة مرةً أُخرى وقد صلاها جماعةً مع الإمام، كما قال البيهقي وإن صح هذا الحديث يُحمل على ما إذا صلاها مع الإمام، فلا يُعيد، أما الأحاديث التي فيها الأمر بالصلاة مع الناس، فهذا إذا صلى الفرض، ثم جاء إلى مسجد جماعة فوجدهم يُصلون، أو أذَّن في مكانٍ بالصلاة وهو معهم فإنه يُصلي معهم، وتكون له نافلة.

قارئ المتن: السعي إلى الصلاة.

أخبرنا عبد الله بن مُحمَّد بن عبد الرحمن الزُهري قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا الزُهري، عن سعيد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا».‏‏

شرح الشيخ: قوله: «وأنتم تسعون»، المُراد بالسعي هُنا المنهي عنه الإسراع البليغ، وإما قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9]، فمراده معنى فامضوا، فالمُراد المِضي لا الإسراع.

«وما فاتكم فاقضوا»، أي أتموا، ويؤيد اللفظ الآخر: «وما فاتكم فأتموا»، وعليه فما يُدركه مع الإمام أول صلاته، وما يقضيه آخر صلاته.

قارئ المتن: الإسراع إلى الصلاة من غير سعيٍ.

أخبرنا عمرو بن سَوَّاد بن الأسود بن عمرو قال: أنبأنا ابن وهب قال: أنبأنا ابن جُريج، عن منبوذٍ، عن الفضل بن عُبيد الله، عن أبي رافع قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى العصر ذهب إلى بني عبد الأشهل فيتحدث عندهم حتى ينحدر للمغرب.‏ قال: أبو رافع فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يُسرع إلى المغرب مررنا بالبقيع فقال: «‏أف لك أف لك».‏‏ قال: فكبر ذلك في ذرعي فاستأخرت وظننت أنه يريدني فقال: «‏ما لك امش».‏‏ فقلت أحدثت حدثًا.‏ قال: «‏ما ذاك».‏‏ قلت أففت بي.‏ قال: «‏لا ولكن هذا فلان بعثته ساعيًا على بني فلان فغلَّ نَمِرةً فدُرِع الآن مثلها من نار».‏‏

أخبرنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا مُعاوية بن عمروٍ قال: حدثنا أبو إسحاق، عن ابن جُريج قال: أخبرني منبوذ - رجل من آل أبي رافع -، عن الفضل بن عُبيد الله بن أبي رافع، عن أبي رافع نحوه.‏

شرح الشيخ: وفي هذا إعظام شأن الغلول، وهو الأخذ خُفيةً من الصدقة، أو الغنيمة، أو بيت المال، أو مال اليتيم، أو الوديعة وغيرها، وأنه من كبائر الذنوب المُتوعد عليها بالنار، وأصله السرقة من الغنيمة قبل أن تُقسم، هذا هو الأصل، كذلك الأخذ من بيت المال أو مال اليتيم.

والحديث في سنده بن جُريج، وهو مُدلِّس، وقد عنعن، وفي سنده أيضًا منبوذ وهو مقبول، والمقبول الذي لم يُجرح ووثقه واحد أو اثنان ممن يتساهل كابن حِبَّان فإذا وُجد له طريقٌ أُخرى قوَّاه وشدَّه وصار حسنًا لغيره.

قد ذكر المؤلف بعده سندًا آخر، وطريقًا أُخرى فيها تصحيح ابن جُريج بالسماع، فزال ما يُخشى من تدليسه، وقوَّى بذلك انفراد منبوذ في الطريق الأول والسند الأول، صار الحديث حسنًا لغيره.

وعليه فيُحمل الإسراع في الحديث على ما دون السعي المنهي عنه في الحديث السابق كما فهِم ذلك المُصنف في ترجمته الإسراع من غير سعي، يُحمل السعي على الإسراع من غير سعي، من غير إسراعٍ شديد يعني.

قارئ المتن: التهجير إلى الصلاة.

أخبرنا أحمد بن مُحمَّد بن المُغيرة قال: حدثنا عثمان، عن شُعيب، عن الزُهري قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو عبد الله الأغر أن أبا هريرة حدثهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «‏إنما مثل المهجِّر إلى الصلاة كمثل الذي يُهدي البدنة، ثم الذي على إثره كالذي يهدي البقرة، ثم الذي على إثره كالذي يهدي الكبش، ثم الذي على إثره كالذي يهدي الدجاجة، ثم الذي على إثره كالذي يهدي البيضة».‏‏

شرح الشيخ: وهذا فيه فضيلة التهجير إلى الصلوات، وهو التبكير إليها، وترتيب هذا الثواب على ساعات التبكير، وأنه ليس خاصًا بالجُمعة، بل هو عام لكل الصلوات لقوله: «مثل المهجِّر إلى الصلاة»، وهذا عام إن كان الحديث ليس في سنده شيء.

تكلَّم على الحديث؟

يعني هذا جاءت، يعني مثل هذا في التبكير إلى الجمعة، وهذا عام، قوله: «مثل المهجِّر إلى الصلاة»، ولم يخصها بالجمعة.

مداخلة: قال: حديث أبو هُريرة هذا مُتفقٌ عليه، وهو طرفٌ من حديثٍ سيأتي تمامه في الجمعة.

الشيخ: يعني حمله على الجُمعة، هُنا قال: «مثل المهجِّر إلى الصلاة»، إذا قيل هذا الاطلاق يُحمل على (يُقيَّد) بالجُمعة

مداخلة: قال أحسن الله إليك هُنا: الأصح في معنى التهجير: المبادرة أولَ الوقت مطلقًا، سواءً كان وقت الهاجرة، أو غيرها، وهي المُبادرة إلى الصلاة في أول وقتها، لم يذكر جُمعة أو غيرها، في جميع الصلوات أحسن الله أعمالكم.

الشيخ: لكن رتَّب عليها البدنة، والبقرة، والكبش، والدجاجة هذا جاء في الجُمعة، وقال سيأتي كما أول ما قرأت: هذا طرف حديثٍ ....

مداخلة: قال أحسن الله إليك: قال ال الجامع -عفا الله عنه-: هذا حديث أبي هريرة متفق عليه، وهو طرف من حديثٍ سيأتي تمامه في (الجمعة)، وسيأتي الكلام على مسائله هناك إن شاء الله تعالى.

الشيخ: قوله: سيأتي تمامه في (الجمعة)، ظاهره أنه مُقيَّد بالجُمعة في مراجع هُناك، والحديث مُطلق، وهو الأقرب، ليس ببعيد أن يكون مُقيَّد بالجُمعة لأن الصلوات الأخرى هل فيها خمس ساعات؟! الظهر والعصر والمغرب، والعشاء يكون فيها بدنة، وبقرة، وكبش، ودجاجة، وبيضة؟ يُراجع الكلام هُنا.

مداخلة: لكن أحسن الله إليك لم يذكر ساعة ذكر ثم الذي يليه، يعني على إثره

الشيخ: ما يخالف، هذا جائز في الجُمعة، يُحمل المُطلق على المُقيَّد يصير حديث واحد، وإن قيل له مُستقل يكون عام، انظر كلامه هُناك في الجمعة إذا وجدت له كلام في الجمعة.

مداخلة: ذكر الشيخ الأثيوبي قال: أي هذا باب ذكر الحديث الدّالّ على الترغيب في التبكير إلى أداء الصلاة في المسجد جماعةً، والمراد من التهجير: التبكيرُ والمبادرةُ أولَ الوقت مطلقًا، سواءً كان ظهرًا أو غيره، هذا هو الأصح. وقيل: الذهاب وقت الزوال، فيخص الظهر والجمعة.

قال العلامة ابن منظور رحمه الله: والتهجير، والتَّهَجُّرُ، والإِجهَار

الشيخ: يعني قيل عام وقيل خاصٌ بالظهر؟

مداخلة: نعم، أحسن الله إليك، سواءً كان ظهرًا أو غيره، هذا هو الأصح، وقيل: الذهاب وقت الزوال، فيخص الظهر والجمعة.

وقال العلامة ابن منظور رحمه الله: والتهجير، والتَّهَجُّرُ، والإِجهَار: السير في الهاجرة. وفي الحديث: «أنه كان صلى الله عليه وسلم يصلي الهَجِير حين تدحض الشمس».

أي أردا صلاة الهجير -يعني الظهر- فحذف المضاف، وقد هَجَّرَ النَّهارُ، وهَجَّرَ الراكبُ، فهو مُهَجِّرٌ.

الشيخ: قيل أنه عام، وقيل خاصٌ بالظهر والجمعة، وظاهره العموم.

قارئ المتن: وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم الناس ما في التهجير، لاستبقوا إليه».

شرح الشيخ: وفي لفظٍ: «ما في التهجير، والصف الأول لاستبقوا إليه»، نعم.

قارئ المتن: وفي حديث مرفوع: «المهجِّر إلى الجُمعة كالمهدي بَدَنة».

شرح الشيخ: هذه الجمعة معروفة، لكن هذا من الموثق، قيل أنه عام وقيل أنه خاصٌ بالظهر بوجه عام، وظاهره العموم.

 

 

قارئ المتن: ما يكره من الصلاة عند الإقامة.

أخبرنا سُويد بن نصر قال: أنبأنا عبد الله بن المُبارك، عن زكريا قال: حدثني عمرو بن دينار قال: سمعت عطاء بن يسار يحدث، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أُقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة».‏‏

أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحَكم ومُحمَّد بن بشار قالا حدثنا مُحمَّد، عن شُعبة، عن ورقاء بن عمر، عن عمرو بن دينارٍ، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «‏إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة».‏‏

أخبرنا قُتيبة قال: حدثنا أبو عَوانة، عن سعد بن إبراهيم، عن حفص بن عاصم، عن ابن بحينة قال: أُقيمت صلاة الصبح فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يصلي والمؤذن يقيم فقال: «‏أتصلي الصبح أربعًا».‏‏

شرح الشيخ: والحديث حُجَّة لمن قال: إذا أقيمت الصلاة وهو في النافلة فإنه يقطعُها حتى يتهيأ لتكبيرة الإحرام، وهو الصواب، وهو مُقتضى النص، «‏إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة»، إلا إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الثانية فإنه حينئذٍ انتهت الصلاة، لأن الصلاة أقلُها ركعة وهو الوِتر.

وقوله: (لما رجلًا يصلي والمؤذن يقيم فقال: «‏أتصلي الصبح أربعًا»)، ظاهر الحديثين النهي متوجه إلى النافلة المشروع فيها، والمُتلَبَّس فيها المُصلي، فإنه يقطعُها، لا إلى الشروع فيها كما قال المُحشِّي، فإن الشروع في نافلة بعد الإقامة لا إشكال في معناه.

فيه الرد على الأحناف الذين يقولون: يجوز للإنسان أن يُصلي راتبة الفجر وقد قيمت الصلاة، لأن الصلاة الأولى طويلة، طويلة يُصلي ركعتين، ويدخل مع الإمام، هذا خطأ.

الحديث مُتوجه إلى النافلة المشروع فيها، أما النافلة التي يستأنفها هذه لا يجب أن يستأنف بعد أن تُقام الصلاة.

 خِلافًا للأحناف، يقولون: له أن يستأنف، يُصلي ركعتين الفجر، والإمام يُصلي لأن الصلاة طويلة، بعضهم قال: يُصلي في مكان غير المسجد ويأتي، إذا سمعه يذهب إلى بيت قريب ويُصلي ثم يرجع، كل هذا لا أصل له.

قارئ المتن: فيمن يصلي ركعتي الفجر والإمام في الصلاة

أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي قال: حدثنا حمَّاد قال: حدثنا عاصمٌ، عن عبد الله بن سرجس قال: جاء رجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح، فركع الركعتين ثم دخل، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: «‏يا فُلان أيهما صلاتك التي صليت معنا أو التي صليت لنفسك».‏‏

شرح الشيخ: ففيه الرد على الأحناف الذين يقولون يجوز له أن إذا دخل المسجد، والإمام يُصلي الفجر فإنه يركع ركعتين الفجر، لأنها صلاةٌ يُطوَّل فيها القراءة، النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على مَن ركعهما.

قارئ المتن: المنفرد خلف الصف.

أخبرنا عبد الله بن مُحمَّد بن عبد الرحمن قال: حدثنا سفيان قال: حدثني إسحاق بن عبد الله قال: سمعت أنس رضي الله عنه قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا فصليت أنا ويتيم لنا خلفه وصلت أم سليم خلفنا.‏

أخبرنا قُتيبة قال: حدثنا نوحٌ - يعني ابن قيس -، عن ابن مالك -وهو عمروٌ-....

شرح الشيخ: الحديث السابق هذا فيه أن المرأة موقفها خلف الصف ولو كانت وحدها، تُصلي خلف الصف، أما الرجل فلا يُصلي مُنفردًا.

قارئ المتن: أخبرنا قُتيبة قال: حدثنا نوحٌ -يعني ابن قيس-، عن ابن مالك -وهو عمروٌ- عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت امرأة تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم حسناء من أحسن الناس قال: فكان بعض القوم يتقدم في الصف الأول لئلَّا يراها، ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر فإذا ركع نظر من تحت إبطه فأنزل الله عزَّ وجل: {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ} [الحجر: 24].

شرح الشيخ: هذا الحديث فيه سماع أبي الجوزاء عن ابن عباس نظر، حديث ضعيف، وفي متنه نكارة في عدم إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على المرأة الحسناء، وكذلك في نزول الآية في هذه القصة نكارة، والآية في معناها وسببها سببٌ آخر ذكره المُفسرون، {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ} [الحجر: 24]، يعني: في الخلق والمُتأخرين أو في الصف، الحديث أخرجه ابن خزيمة في صحيحه مر علينا في صحيحه علقنا عليه بأن سنده ضعيف، ومتنه مُنكر.

قال الحافظ ابن كثيرٍ في تفسيره أثرٌ غريبٌ جدًا، ثم قال بعد روايته، وفيه نكارةٌ شديدة، قيل إن يحيى ابن معين ضعَّفه، قيل أنه من كلام أبي الجوزاء، وليس من كلام ابن العباس، فالحديث ساقط هذا، ولا يُمكن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يترك هذه المرأة الحسناء تفتن الناس، وما يُنكر عليها! ونزول في هذا...

 

 

 

قارئ المتن: الركوع دون الصف.

أخبرنا حُميد بن مسعدة، عن يزيد بن زُريع قال: حدثنا سعيد، عن زيادٍ الأعلم قال: حدثنا الحسن أن أبا بكرة رضي الله عنه حدثه أنه دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم راكع، فركع دون الصف، فقال: النبي صلى الله عليه وسلم ‏«زادك الله حرصا ولا تعد».‏‏

أخبرنا مُحمَّد بن عبد الله بن المُبارك قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثني الوليد بن كثير، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ثم انصرف فقال: «‏يا فلان ألا تُحِّسن صلاتك ألا ينظر المصلي كيف يصلي لنفسه إني أبصر من ورائي كما أبصر بين يدى».‏‏

شرح الشيخ: هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم يرى من خلفه كما يرى من أمامه، ودلالة الحديث على الركوع دون الصف، أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر مَن ركع دون الصف، فقال: «ألا تُحِّسن صلاتك»، فيه الإنكار على مَن أساء في صلاته علانيةً أمام الناس، لأن الاساءة علنًا فيُنكر عليها علنًا.

قارئ المتن: الصلاة بعد الظهر.

أخبرنا قُتيبة بن سعيد، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وكان يصلي بعد المغرب ركعتين في بيته وبعد العشاء ركعتين وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين».

الصلاة قبل العصر وذكر اختلاف الناقلين عن أبي إسحاق في ذلك

شرح الشيخ: وهو أبو إسحاق السبيعي.

قارئ المتن: أخبرنا إسماعيل بن مسعود قال: حدثنا يزيد بن زُريع قال: حدثنا شُعبة، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضَمرَة قال: سألنا عليًا رضي الله عنه عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أيكم يطيق ذلك. قلنا: إن لم نُطقه سمعنا،‏ قال: كان إذا كانت الشمس من هاهنا كهيئتها من هاهنا عند العصر صلى ركعتين، فإذا كانت من هاهنا كهيئتها من هاهنا عند الظهر صلى أربعًا ويصلي قبل الظهر أربعا وبعدها ثنتين ويصلي قبل العصر أربعا يفصل بين كل ركعتين بتسليم على الملائكة المقربين والنبيين ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين.‏

أخبرنا مُحمَّد بن المُثنَّى  قال: حدثنا مُحمَّد بن عبد الرحمن قال: حدثنا حُصين بن عبد الرحمن، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضَمرَة قال: سألت علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن صلاة رسول الله  صلى الله عليه وسلم  في النهار قبل المكتوبة قال: من يُطيق ذلك ثم أخبرنا قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حين تزيغ الشمس ركعتين، وقبل نصف النهار أربع ركعات يجعل التسليم في آخره.‏

شرح الشيخ: هذا فيه، يعني هذا حديث فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم يُصلي أربع ركعات بسلامٍ واحد، قال شيخُنا سماحة الشيخ: لا نعلم حديثًا فيه أن النبي صلى نافلة أربع ركعات في سلامٍ واحد غير هذا الحديث، وهو ضعيف، فيه عنعنة أبي إسحاق السبيعي إنه مُدلِّس، إلا الوِتر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم وتر بثلاث، وبخمس، وبسبع، الحديث فيه أبي أسحاق السبيعي.

وقوله هُنا: «من هاهنا عند الظُهر صلى أربعًا»، هي صلاة الضُحى، والمراد بالتسليم هُنا في تسليمه على الملائكة المُراد هُنا التشهد، وأما التسليم في آخره، هذا المُراد به السلام الذي خروجه من الصلاة، وأما بتسليمه على الملائكة المُقربين، والنبيين، هذا يُريد التشهد كما قال إسحاق ابن إبراهيم، ذكره الترمذي، وسُميَّ تسليمًا لما فيه من قول: السلام علينا وعلى عِباد الله الصالحين، وهذا هو الظاهر.

ويؤيد الرواية الثانية: «يجعل التسليم في آخرها»، هذا يُحمل على تسليم الخروج.

قارئ المتن: كتاب الافتتاح: باب العمل في افتتاح الصلاة.

أخبرنا عمرو بن منصور قال: حدثنا علي بن عيَّاشٍ قال: حدثنا شُعيب، عن الزُهري قال: حدثني سالم ح وأخبرني أحمد بن مُحمَّد بن المُغيرة قال: حدثنا عثمان -هو ابن سعيد-، عن شُعيب، عن مُحمَّد -وهو الزُهري- قال: أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح التكبير في الصلاة رفع يديه حين يكبر حتى يجعلهما حذو مَنكِبيه وإذا كبر للركوع فعل مثل ذلك ثم إذا قال: «سمع الله لمن حمده»‏ فعل مثل ذلك وقال: «ربنا ولك الحمد»‏ ولا يفعل ذلك حين يسجد ولا حين يرفع رأسه من السجود.‏ 

شرح الشيخ: فيه مشروعية رفع اليدين في هذه المواضع الثلاثة: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وهذا ثابت في الصحيحين، وهُناك أيضًا موضعٌ رابع في رفع اليدين وهو عند القيام من التشهد، وهذا ثابت عن البُخاري، وفيه انه لا يرفع اليدين عند السجود ولا عند الرفع من السجود.

قارئ المتن: باب رفع اليدين قبل التكبير.

أخبرنا سُويد بن نصر قال: أنبأنا عبد الله بن المبارك، عن يونس، عن الزُهري قال: أخبرني سالم، عن ابن عمرٍ رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى تكونا حذو مَنكِبيه ثم يكبر، قال: وكان يفعل ذلك حين يكبر للركوع ويفعل ذلك حين يرفع رأسه من الركوع ويقول: «‏سمع الله لمن حمده»‏ ولا يفعل ذلك في السجود.‏

شرح الشيخ: فيه أنه يرفع يديه قبل التكبير، يجوز أن يرفع يديه قبل التكبير، ويجوز أن يرفعهما مع التكبير.

قارئ المتن: رفع اليدين حذو المَنكبين.

أخبرنا قُتيبة، عن مالك، عن ابن شهابٍ، عن سالم، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو مَنكِبيه وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك، وقال: «سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد»‏ وكان لا يفعل ذلك في السجود.‏ 

رفع اليدين حيال الأذنين.

أخبرنا قُتيبة قال: حدثنا أبو الأحوَص، عن أبي إسحاق، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما افتتح الصلاة كبَّر ورفع يديه حتى حاذتا أذنيه ثم يقرأ بفاتحة الكتاب فلما فرغ منها قال: «آمين»‏ يرفع بها صوته.‏

أخبرنا مُحمَّد بن عبد الأعلى قال: حدثنا خالدٌ قال: حدثنا شُعبة، عن قَتادة قال: سمعت نصر بن عاصم، عن مالك بن الحُويرث رضي الله عنه وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع يديه حين يُكبر حيال أُذنيه وإذا أراد أن يركع وإذا رفع رأسه من الركوع».‏

أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا ابن عُليَّة، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن نصر بن عاصم، عن مالك بن الحُويرث قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل في الصلاة رفع يديه وحين ركع وحين رفع رأسه من الركوع حتى حاذتا فروع أذنيه».

باب موضع الإبهامين عند الرفع.

أخبرنا مُحمَّد بن رافعٍ قال: حدثنا مُحمَّد بن بشر قال: حدثنا فطر بن خليفة، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه رضي الله عنه: «أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى تكاد إبهاماه تحاذي شحمة أُذنيه». 

شرح الشيخ: في هذه الأحاديث إنه يرفع اليدين في هذه المواضع لكن في أحاديث الأبواب السابقة للباب السابق يرفعهما حذو منكبيه، وفي أحاديث هذا الباب يرفعهما حيال الأُذنين.

فقال بعض العُلماء: أنه يفعل هذا تارة، وهذا تارة، تارةً يرفع يديه حتى تُحاذي الأذنين، وتارةً يرفعها حتى تُحاذي المنكبين.

وقيل في الجمع بينهما: أن الكفين تُحاذي المنكبين، وأطراف الأصابع تُحاذي الأذنين، يقولون حالة واحدة، هكذا يرفع هكذا، الأصابع تُحاذي الأذنين والكف يُحاذي المنكبين، أو أنه يفعل هذا تارة وهذا تارة، إما هذا تارةً إلى الأذنين، وتارةً إلى المنكبين، أو أنه حالةً واحدة تكون الكفَّان تُحاذي المنكبين، والأصابع تُحاذي الأذنين، يأخذوا بالحديث الأخير: «تكاد إبهاماه تُحاذي شحمة أُذنه»، كما في حديث بن وائل.

قارئ المتن: رفع اليدين مدًا.

أخبرنا عمرو بن عليٍ قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا ابن أبي ذئبٍ قال: حدثنا سعيد بن سَمعان قال: جاء أبو هريرة إلى مسجد بني زُريق فقال: «ثلاث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل بهن تركهن الناس كان يرفع يديه في الصلاة مدا ويسكت هنيهةً ويكبر إذا سجد وإذا رفع».‏ 

شرح الشيخ: وذلك أن بعض وُلاة بني أُمية كانوا لا يُكبروا عند السجود، وعند الرفع، وهُنا: «في الصلاة مدًا»، يعني غير مضمومتين، بل مبسوطتان، ويسكت هُنيهة يقرأ فيها الاستفتاح، وهؤلاء ثلاث:

  1. يرفع يديه مدًا يعني غير مضمومتين بل مبسوطتان.
  2. ويسكت هُنيهة لقراءة الاستفتاح.
  3. ويُكبِّر إذا سجد وإذا رفع.

كان بعض وُلاة بني أُميَّة لا يُكبرون عند السجود.

قارئ المتن: فرض التكبيرة الأولى.

أخبرنا مُحمَّد بن المُثنَّى  قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا عُبيد الله بن عمر قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «ارجع فصل فإنك لم تصل»،‏ فرجع فصلى كما صلى ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‏«وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل»‏، فعل ذلك ثلاث مرات فقال الرجل: والذي بعثك بالحق ما أُحسِن غير هذا فعلمني.‏ قال: «إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها»‏.

شرح الشيخ: وهذا يُسمى حديث المُسيء إلى صلاته، وهو حديث صحيح رواه البُخاري في صحيحه، وفيه فرض التكبيرة الأولى، هذا الشاهد يقول: «فكبِّر»، وأنه لا يجوز غيرُها، قول الله أعظم، والله أجل لا تصح الصلاة.

وفيه فرض الطمأنينة، فيه فرض التكبيرة الأولى، وفيه فرض الطمأنينة، قال: «ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا»، ففيه فرض الطمأنينة وأنها واجبة في كل ركن، والطمأنينة معناها السكون والركود حتى يعود كل مِفصلٍ إلى موضعه في الركوع، وفي السجود، وفي القيام.

قارئ المتن: القول الذي يفتتح به الصلاة.

أخبرنا مُحمَّد بن وهبٍ، قال: حدثنا مُحمَّد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم قال: حدثني زيد - هو ابن أبي أنيسة -، عن عمرو بن مَرَّة، عن عون بن عبد الله، عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما قال: قام رجلٌ خلف نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرةً وأصيلا، فقال: نبي الله صلى الله عليه وسلم: «من صاحب الكلمة»، فقال: رجلٌ أنا يا نبي الله.‏ فقال: «لقد ابتدرها اثنا عشر ملكًا»‏.

أخبرنا مُحمَّد بن شجاع المَروذي قال: حدثنا إسماعيل، عن حجَّاجٍ، عن أبي الزبير، عن عون بن عبد الله، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: رجل من القوم الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‏«من القائل كلمة كذا وكذا»‏ فقال رجلٌ من القوم: أنا يا رسول الله.‏ قال: «عجِبت لها»‏ وذكر كلمة معناها ‏«فُتِّحَت لها أبواب السماء»‏ قال: ابن عمر رضي الله عنهما ما تركته منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله.‏ 

شرح الشيخ: قام رجلٌ خلف النبي، فقال: الله أكبر كبيرًا، ليس صريحًا في أنه استفتاح، إذ إنه لم يُحدد موضعه في الحديث، لكن صنيع المؤلف كان به عاقبة ترجمة يدل على أنه فهمها أنه استفتاح: الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرًا، وأظن جاء فيه في غيره من طريقٍ آخر أنه استفتاح، لكن هُنا مُطلق، الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرًا وسبحان الله بكرة وأصيلًا.

قارئ المتن: وضع اليمين على الشمال في الصلاة.

أخبرنا سُويد بن نصر قال: حدثنا عبد الله، عن موسى بن عمير العنبري، وقيس بن سليم العنبري قالا: حدثنا علقمة بن وائلٍ، عن أبيه قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان قائما في الصلاة قبض بيمينه على شماله».

شرح الشيخ: هذا هو السُنَّة قبض بيمينه على شماله.

قارئ المتن: في الإمام إذا رأى الرجل قد وضع شماله على يمينه.

أخبرنا عمرو بن عليٍ قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا هُشيمٌ، عن الحجَّاج بن أبي زينب قال: سمعت أبا عثمان يحدِّث، عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: «رآني النبي صلى الله عليه وسلم وقد وضعت شمالي على يميني في الصلاة فأخذ بيميني فوضعها على شمالي»‏

شرح الشيخ: نعم، اليمين على الشمال، سيأتي على الرسغ والساعد، كما سيأتينا.

قارئ المتن: باب موضع اليمين من الشمال في الصلاة.

أخبرنا سُويد بن نصر قال: حدثنا عبد الله بن المُبارك، عن زائدة قال: حدثنا عاصم بن كليبٍ قال: حدثني أبي أن وائل بن حُجرٍ أخبره قال: قلت لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، فنظرت إليه: «فقام فكبَّر ورفع يديه حتى حاذتا بأذنيه، ثم وضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد، فلما أراد أن يركع رفع يديه مثلها، قال: ووضع يديه على ركبتيه ثم لما رفع رأسه رفع يديه مثلها، ثم سجد فجعل كفيه بحذاء أذنيه ثم قعد، وافترش رجله اليسرى ووضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى وجعل حد مرفِقه الأيمن على فخذه اليمنى ثم قبض اثنتين من أصابعه وحلَّق حلقةً ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها».‏

شرح الشيخ: فيه أن المُصلي إذا قام للصلاة يضع اليمين على الشمال على الرسغ والساعد، الساعد طرف الذراع، والرسغ ما بين الكف والساعد، هذا يُقال له رُسغ، هكذا يكون طرف الأصابع على الساعد، والكف على الكف وعلى الرُسغ، «على الرُسغ والساعد».

وهُنا قال: «وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى»، هذا ورد أيضًا في سُنن أبي داوُد، وضع حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمن، ووضع الحد على الفخذ يجعل اليد ممدودة إلى أعلى.

وقوله: «قبض اثنتين من أصابعه وحلَّق حلقةً ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها»، هذا التحريك تحريكٌ قليل عند ذكر الله إشارة إلى الوحدانية، وإلا فإن الأصبع تبقى مضمومة، ومنصوبة إشارة إلى الوحدانية.

تكلَّم على قوله: «وجعل حد مرفقه الأيمن»، يعني إذا جعل حد المِرفق هذا على فخذه الأيمن تكون اليد مرفوعة شيئًا، تكلَّم على قوله: «وجعل حد مرفقه الأيمن»؟

مداخلة: الحديث السابق قال فيه: "قام فقال".

الشيخ: "قام فقال".

مداخلة: عندي يا شيخ هنا حد مرفقيه.

الشيخ: نعم جعله حده مرفقه الأيمن على فخذه، ماذا قال؟

مداخلة: هذا الشيخ العلَّامة الفنجابي أحد عُلماء الهند، حاشية، قال: قوله: «حدَّ مرفقه»، أي غاية المِرفق، قال في النيل: أي طرفه، والمُراد كما قال في شرح (المصابيح) أن يجعل عظم مرفقه كأنه رأس وتد.

وقد قال ابن رسلان: يرفع طرف مرفقه من جهة العضُد عن فخذه حتى يكون مُرتفعًا عنه كما يرتفع الوتد عن الأرض، ويضع طرفه الذي من جهة الكف على طرف فخذه الأيمن.

الشيخ: ما هي مُرتفع، إذا جعل الحد ارتفع، إذا جعل حد المِرفق على الفخذ ارتفع، ارتفعت اليد، فقوله ماذا؟ ويضع....

مداخلة: وقد قال بن رسلان: يرفع طرف مرفقه من جهة العضُد عن فخذه حتى يكون مُرتفعًا عنه كما يرتفع الوتد عن الأرض، ويضع طرفه الذي من جهة الكف على طرف فخذه الأيمن.

الشيخ: يعني يرفع كذا يصبح مرتفع كونه جعله حده معناه كذا يكون، وهُنا جعل طرفه على طرف فخذه، يجعل اليد هُنا مُنخفضة، وجعل حد يجعل اليد مرتفعة.

مداخلة: قال: وجعل حد مرفقه الأيمن، أي: وضع طرف مِرفقه الذي من جهة الكف، والمِرفق بكسر الميم وفتح الفاء بينهما راء ساكنة كـ (مِنبر)، أو بفتح الميم وكسر الفاء كـ (مسجد).

موضع الذراع في العضُد، قال المجد اللغوي رحمه الله: (على فخذه اليمنى) متعلق بـ(جعل)، أي جعله مستعليًا عليها مرتفعًا عنها.

(الفخذ) بكسر الخاء المعجمة، ككتف، ويجوز تسكينها للتخفيف، مع فتح الفاء وكسرها... إلى آخره.

الشيخ: لا زال الإشكال، هو المشكلة الإشكال أنها مُرتفعة، مُرتفعة عن الفخذ، لكن هُنا ذكر في الحاشية الثانية، يقول: الثانية تكون طرفها على فخذه، إذا جعله على فخذه زال الارتفاع، وإذا جعله على حد مرفقه حصل الارتفاع.

مداخلة: الحد الذي يليه وليس الحد الذي يلي الساعد.

الشيخ: لا، الذي يلي الساعد.

مداخلة: قال هنا أحسن الله إليك هما طرفا البطن الذي يلي الكف، يعني: هذا أحسن الله إليك.

الشيخ: ما هو بمرفق هذا، لا يُسمى مرفق، هذا كف، هذا هو الكف والرسغ والساعد، المرفق معروف.

مداخلة: قال: الذي من جهة الكف.

الشيخ: من جهة الكف ما يُسمى مِرفق، هذا الكف، المِرفق هُنا في الآخر، وهذا كف الرُسغ والساعد.

مداخلة: من جهته يعني، من جهة الكف، طرف المِرفق الذي من جهة الكف وضعه على فخذه اليُمنى.

الشيخ: وجعل حده، يقول كأنه وتد مُرتفع، لعلَّه يعني وضعًا ليس مُمكنًا.

قارئ المتن: قال رحمه الله تعالى: باب النهى عن التخصُّر في الصلاة.

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأنا جرير، عن هشامٍ ح وأخبرنا سُويد بن نصر قال: أنبأنا عبد الله بن المبارك - واللفظ له -، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُصلي الرجل مختصرا».‏

أخبرنا حُميد بن َمسعدة، عن سفيان بن حبيب، عن سعيد بن زياد، عن زياد بن صُبيح قال: صليت إلى جنب ابن عمر فوضعت يدي على خصري فقال: لي هكذا ضربةٌ بيده، فلما صليت قلت لرجل من هذا قال: عبد الله بن عمر،‏ قلت يا أبا عبد الرحمن ما رابك مني؟ قال: «إن هذا الصلب وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عنه».

شرح الشيخ: (خصِرًا)، يعني وضع يده على الخصر على الصحيح، وهي آخر الصُلب، وقيل غير ذلك.

قيل: أو وضع يده على خاصره كما ذكر في الحاشية، وقيل أنه أمسك بيده مِخصره أي عصا يتوكأ عليها.

وقيل: أن يختصر السورة فيقرأ من آخرها.

وقيل هو: ألا يتم قيامها وركوعها وسجودها.

الأقرب هو: وضع اليد على الخاصرة، فقال: لي هكذا ضربةٌ بيده.

قال: إن هذا الصَلب، أو الصُلب، المُراد أنه شبَّه الصُلب لأنه مصلوب، يُمَد، يمُد يده على جلده، وهيئة الصلب في الصلاة أن يضع يديه على خاصرته.

قارئ المتن: قال رحمه الله تعالى: الصف بين القدمين في الصلاة.

أخبرنا عمرو بن عليٌ، قال: حدثنا يحيى، عن سفيان بن سعيدٍ الثوري، عن ميسرة، عن المنهال بن عمرو، عن أبي عُبيدة رضي الله عنهما أن عبد الله رأى رجلًا ُيصلي قد صفَّ بين قدميه فقال: خالف السنة ولو راوح بينهما كان أفضل.‏

أخبرنا إسماعيل بن مسعودٍ قال: حدثنا خالد، عن شُعبة قال: أخبرني ميسرة بن حبيب قال: سمعت المنهال بن عمرو يحدث عن أبي عُبيدة، عن عبد الله أنه رأى رجلًا يصلي قد صفَّ بين قدميه فقال: أخطأ السنة ولو راوح بينهما كان أعجب إليَّ.‏

شرح الشيخ: الحديث ساقه من طريقين كلاهما فيه انقطاع، لأن أبا عُبيدة، وهو ابن عبد الله بن مسعود لم يسمع من ابيه، وعليه فلا يُقال إن المراوحة بين القدمين سنة، وهو الاعتماد على إحداهما مرَّة وعلى الأخرى مرَّة، ولا يُقال مَن صفَّ قدميه خالف السُنَّة، إلا لو وجد طريقٌ أو طُرق أخرى للحديث مُتصلة وصحيحة، راجع السنن أو المُسند وغيره، الحديث ضعيف، عبد الله بن مسعود يرى أن السُنَّة المُراوحة، ما تكلَّم الشيخ الأثيوبي عليه؟

مداخلة: أحسن الله إليك يقول: لدرجته هذا حديث عبد الله بن مسعود فيه انقطاع.

الشيخ: معروف هذا الانقطاع ما فيه إشكال.

مداخلة: قال الجامع عفا الله عنه: وظاهر كلامه رحمه الله تعالى أنه يرى صحة حديث أبي عُبيدة عن أبيه مع أنه مُنقطع، وقد ثبت مثله عن علي بن المدين، ويعقوب ابن أبي شيبة رحمهم الله.

كما ذكره الحافظ ابن رجب رحمه الله في شرح العِلل، ونصه فيه قال ابن المدين في حديثٍ يرويه أبو عُبيدة بن عبد الله ابن مسعود عن أبيه وهو مُنقطع، وهو حديثٌ ثبت.

قال يعقوب ابن شيبة: إنما استجاز أصحابُنا نُدخِل حديث أبي عُبيدة عن أبيه في المُسند، يعني في الحديث المُتصل لمعرفة أبي عُبيدة بأحاديث أبيه، وصحتها وأنه لم يأتي فيها بحديثٍ مُنكر.... انتهى كلام ابن رجب رحمه الله تعالى.

وكثيرًا ما يُحسِّن الترمذي في جامعه حديث أبي عُبيدة عن أبيه، والله تعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.

وهذا الحديث من أفراد المُصنف.

الشيخ: يعني الحافظ ابن رجب يرى أنه مُتصل؛ لأنه فُتشت أحاديثه فوُجِد أنها لا يروي عنه الأحاديث الثابتة، السُنَّة قال أخطأ السُنَّة «ولو راوح بينهما كان أعجب إليَّ»، يعني السُنَّة المُراوحة يعتمد على هذه مرَّة وعلى هذه مرَّة، من الأفراد هذا، يقول من أفراد المُصنف؟

قارئ المتن: قال رحمه الله تعالى: سكوت الإمام بعد افتتاحه الصلاة.

أخبرنا محمود بن غَيلان قال: حدثنا وكيعٌ قال: حدثنا سفيان، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زُرعة بن عمرو بن جريجٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له سكتة إذا افتتح الصلاة».

شرح الشيخ: وهذه سكتة مُتفق عليها، والسكتة الثانية كذلك قبل الركوع فصل القراءة، وسكتة ثالثة مُختلفٌ فيها بعد قراءة الفاتحة.

قارئ المتن: باب الدعاء بين التكبيرة والقراءة.

أخبرنا علي بن حُجرٍ قال: أنبأنا جرير، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة سكت هنيهةً فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما تقول في سكوتك بين التكبير والقراءة، قال أقول: «اللهم باعد بيني وبين خطايايَّ كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطايايَّ كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطايايَّ بالماء والثلج والبرد»‏

شرح الشيخ: عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير فهذا الحديث أخرجه الشيخان، وهو أصح حديث في الاستفتاح، أصح حديث في الاستفتاح هو هذا.

ويليه ما أخرجه البُخاري: «اللهم أرضى عنهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض، ولك الحمد أنت قيِّوم السماوات والأرض».

ويليه ما أخرجه مُسلم والنسائي مع الاختلاف في بعض ألفاظه: «وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا وما أنا من المُشركين».

ثم ما أخرجه مُسلم عن عائشة في قيام الليل: «اللهم رب جبريل وميكائيل، وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة».

ثم يليه حديث أبي سعيد: «سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك»، وهو حديثٌ حسن، وهو ثابت، وهو أخصرُها وأفضلُها في ذاته لأنه ثناء على الله.

قارئ المتن: نوعٌ آخر من الدعاء بين التكبير والقراءة.

أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيدٍ قال: حدثنا شُريح بن يزيد الحضرمي قال: أخبرني شُعيب بن أبي حمزة قال: أخبرني مُحمَّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة كبَّر ثم قال: «إن صلاتي ونسكي ومحيايَّ ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم اهدني لأحسن الأعمال وأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وقني سيئ الأعمال وسيئ الأخلاق لا يقي سيئها إلا أنت»‏

شرح الشيخ: وهذا ما اختصره من استفتاحٍ أطول منه ورد في مُسلم.

 

 

قارئ المتن: نوع آخر من الذكر والدعاء بين التكبير والقراءة.

أخبرنا عمرو بن علي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مَهدي قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة قال: حدثني عمي الماجشون بن أبي سلمة، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عُبيد الله بن أبي رافعٍ، عن عليًا -رضى الله عنه-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استفتح الصلاة كبر ثم قال: «وجَّهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحيايَّ ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت أنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك أنا بك وإليك تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك»

شرح الشيخ: هذا استفتاح طويل أخرجه الإمام مُسلم كامل.

قارئ المتن: أخبرنا يحيى بن عثمان الحِمصي قال: حدثنا ابن حِميَّر، قال: حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المُنكدر وذكر آخر قبله، عن عبد الرحمن بن هُرمزٍ الأعرج..

شرح الشيخ: (هُرمُزٍ) مصروف مثل قُنفُذ اسمٌ عربي وليس عجمي.

قارئ المتن: عن عبد الرحمن بن هُرمزٍ الأعرج عن محمد بن مسلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام يصلي تطوعا قال: «الله أكبر وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا مسلمًا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونُسكي ومحيايَّ ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك»‏ ثم يقرأ.‏

نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة.

أخبرنا عُبيد الله بن فَضالة بن إبراهيم قال: أنبأنا عبد الرزاق قال: أنبأنا جعفر بن سليمان، عن علي بن علي، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيدٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة قال: «سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك».‏

شرح الشيخ: (تبارك) بدون واو، وبعدها الحديث الذي بعده (وتبارك).

عُبيد الله بن فضالة في التقييم ثقة، وعلي بن علي كذلك لا بأس رُمي بالقدر

قارئ المتن: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا زيد بن الحُباب قال: حدثني جعفر بن سليمان، عن علي بن علي، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة قال: «سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك»‏

شرح الشيخ: وهذا الحديث استفتاح ثابت وحديثٌ حسن، فهو رابع الاستفتاحات، وهو أخصرها وأفضلها في ذاته، في البُخاري بسندٍ مُنقطع أن عُمر يُعلمه الناس، وكله ثناء ليس فيه دُعاء.

قارئ المتن: نوع آخر من الذكر بعد التكبير.

أخبرنا مُحمَّد بن المُثنَّى قال: حدثنا حجاجٌ قال: حدثنا حمادٌ، عن ثابتٍ وقَتادة وحُميد، عن أنس أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا إذ جاء رجل فدخل المسجد وقد حفزه النفس فقال: الله أكبر الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبا مباركًا فيه،‏ فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: «أيكم الذي تكلم بكلماتٍ‏ فأرم القوم»، قال: «إنه لم يقل بأسًا»‏ قال: أنا يا رسول الله جئت وقد حفزني النفس فقلتها، قال: النبي صلى الله عليه وسلم: ‏«لقد رأيت اثنيّ عشر ملكًا يبتدرونها أيهم يرفعها».

شرح الشيخ: ‏في سند أبي داوُد أن هذا ذِكر بعد الرفع من الركوع، وورد أيضًا في البُخاري هذا.

قارئ المتن: باب البداءة بفاتحة الكتاب قبل السورة.

أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا أبو عوانة، عن قَتادة...

شرح الشيخ: كفى، نقف على هذا، وفَّق الله الجميع، رزق الله الجميع العلم النافع والعمل الصالح.

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد