بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين، وبأسانيدكم إلى الإمام النسائي رحمه الله تعالى.
قارئ المتن: القراءة في المغرب ب المص:
أخبرنا محمد بن مسلمة قال: حدثنا ابن وهبٍ، عن عمرو بن الحارث، عن أبي الأسود، أنه سمع عروة بن الزبير يحدث، عن زيد بن ثابتٍ أنه قال لمروان: يا أبا عبد الملك أتقرأ في المغرب بقل هو الله أحد، وإنا أعطيناك الكوثر؟ قال: نعم، قال: فمحلوفةٌ «لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها بأطول الطوليين المص».
شرح الشيخ: محلوفة، المحلوفة أراد المحلوف الله الذي لا يستحق الحلف إلا به، والخبر محلوف أي الله قسم.
قارئ المتن: أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا خالدٌ قال: حدثنا ابن جريجٍ، عن ابن أبي مليكة، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أنّ مروان بن الحكم أخبره، أنّ زيد بن ثابتٍ قال: ما لي أراك تقرأ في المغرب بقصار السور؟ «وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها بأطول الطوليين»، قلت: يا أبا عبد الله ما أطول الطوليين؟ قال: «الأعراف».
شرح الشيخ: فمحلوفه، فمحلوفه يعني فالمحلوف قسم أي الله قسمي.
قارئ المتن: أخبرنا عمرو بن عثمان، قال: حدثنا بقية وأبو حيوة، عن ابن أبي حمزة فقال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في صلاة المغرب بسورة الأعراف فَرَقها في ركعتين».
شرح الشيخ: بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن والاه.
هذه الأحاديث فيها دليل على أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في المغرب أحيانًا بقصار السور وأحيانًا بالطوال ولا يلازم القصار، فملازمة القصار في المغرب دائمًا خلاف السُنَّة، بل السُنَّة أن يكون أحيانًا وأحيانًا، حتى قال العلماء إن ملازمة قصار السور من سُنَّة مروان الحمار، مروان بن الحكم هو الذي يلازم ذلك وإلا لكان أنكر على زيد بن ثابت رضي الله عنه.
النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بالأعراف، وقرأ بالنجم، وقرأ باقتربت، قرأ بالمرسلات، وقرأ بالقصار بهذا وبهذا.
قارئ المتن: القراءة في الركعتين بعد المغرب:
أخبرنا الفضل بن سهل قال: حدثني أبو الجواب قال: حدثنا عمار بن رزيقٍ، عن أبي إسحاق، عن إبراهيم بن مهاجرٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عمر قال: «رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين مرةً، يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل الفجر قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد».
الفضل في قراءة قل هو الله أحد:
أخبرنا سليمان بن داود، عن ابن وهبٍ قال: حدثنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلالٍ، أن أبا الرجال محمد بن عبد الرحمن حدثه، عن أمه عمرة، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلًا على سريةٍ، فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بقل هو الله أحد، فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «سلوه، لأي شيءٍ فعل ذلك؟» فسألوه؛ فقال: لأنها صفة الرحمن عز وجل، فأنا أحب أن أقرأ بها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أخبروه أن الله عز وجل يحبه».
أخبرنا قتيبة، عن مالكٍ، عن عبيد الله بن عبد الرحمن، عن عبيد بن حنين، مولى آل زيد بن الخطاب قال: سمعت أبا هريرة يقول: أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع رجلًا يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 1-4]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وجبت»، فسألته ماذا يا رسول الله؟ قال: «الجنة».
أخبرنا قتيبة، عن مالكٍ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، عن أبيه، عن أبي سعيدٍ الخدري، أن رجلًا سمع رجلًا يقرأ قل هو الله أحد يرددها، فلما أصبح جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن».
أخبرنا محمد بن بشارٍ قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا زائدة، عن منصورٍ، عن هلال بن يسافٍ، عن ربيع بن خثيمٍ، عن عمرو بن ميمونٍ، عن ابن أبي ليلى، عن امرأةٍ، عن أبي أيوب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قل هو الله أحد ثلث القرآن»، قال أبو عبد الرحمن: ما أعرف إسنادًا أطول من هذا.
شرح الشيخ: يقول قال: أبو عبد الرحمن النسائي: (ما أعرف إسنادًا أطول من هذا)، عشرة رجال، عشرة: محمد بن بشار، عبد الرحمن، زائدة، منصور، ربيع، عمرو بن ميمون، ابن أبي ليلى، امرأة عن أبي أيوب.
فيهذه الأحاديث فيها دليل على فضل هذه السورة قل هو الله أحد؛ لأنها صفة الرحمن، وتُسمى سورة الإخلاص وهي تعدل ثلث القرآن في الأجر والفضيلة.
قارئ المتن: القراءة في العشاء الآخرة بسبح اسم ربك الأعلى.
أخبرنا محمد بن قدامة قال: حدثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن محارب بن دثارٍ، عن جابرٍ قال: قام معاذٌ فصلى العشاء الآخرة فطوَّل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أفتان يا معاذ؟ أفتان يا معاذ؟ أين كنت عن سبح اسم ربك الأعلى، والضحى، وإذا السماء انفطرت؟».
القراءة في العشاء الآخرة بالشمس وضحاها.
أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن أبي الزبير، عن جابرٍ قال: صلى معاذ بن جبلٍ لأصحابه العشاء، فطوَّل عليهم فانصرف رجلٌ منا فأخبر معاذٌ عنه، فقال: إنه منافقٌ، فلما بلغ ذلك الرجل دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما قال معاذٌ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أتريد أن تكون فتانًا يا معاذ؟ إذا أممت الناس فاقرأ بالشمس وضحاها وسبح اسم ربك الأعلى والليل إذا يغشى واقرأ باسم ربك».
أخبرنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيقٍ قال: حدثنا أبي قال: أنبأنا الحسين بن واقدٍ، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة العشاء الآخرة بالشمس وضحاها، وأشباهها من السور».
شرح الشيخ: يعني أوساط المفصل في الغالب العشاء بأوساط المفصل، وفي المغرب من القصار أحيانًا، وفي الفجر من الطوال المفصل وكذلك الظهر.
قارئ المتن: القراءة فيها بالتين والزيتون:
أخبرنا قتيبة، عن مالكٍ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن عدي بن ثابتٍ، عن البراء بن عازب قال: «صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العتمة، وقرأ فيها بالتين والزيتون».
شرح الشيخ: في تسمية العشاء بالعتمة وهذا أحيانًا، وما جاء من النهي محمول على الإكثار من ذلك، ولهذا جاء الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا وبهذا والنهي محمول على الإكثار، «لا سبب أنكم الأعراب على اسم صلاتكم العتمة؛ فإنّ اسمها العشاء لأنهم يعتمون بالإبل»، يعني لا ينبغي أن يكون الغالب تسميتها بالعتمة.
قارئ المتن: القراءة في الركعة الأولى من صلاة العشاء الآخرة.
أخبرنا إسماعيل بن مسعودٍ قال: حدثنا يزيد بن زريعٍ قال: حدثنا شعبة، عن عدي بن ثابتٍ، عن البراء بن عازب قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ فقرأ في العشاء في الركعة الأولى بالتين والزيتون».
الركود في الركعتين الأوليين.
أخبرنا عمرو بن عليٍ قال: حدثنا يحيى بن سعيدٍ قال: حدثنا شعبة قال: حدثني أبو عونٍ قال: سمعت جابر بن سمرة يقول: قال عمر لسعدٍ: قد شكاك الناس في كل شيءٍ حتى في الصلاة، فقال سعدٌ: «أتئد في الأوليين، وأحذف في الأخريين، وما آلو ما اقتديت به من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم»، قال: ذاك الظن بك.
أخبرنا حماد بن إسماعيل بن إبراهيم ابن علية أبو الحسن قال: حدثنا أبي، عن داود الطائي، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن جابر بن سمرة قال: وقع ناسٌ من أهل الكوفة في سعدٍ عند عمرٍ فقالوا: والله ما يحسن الصلاة، فقال: «أما أنا فأصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا أخرم عنها أركد في الأوليين، وأحذف في الأخريين»، قال: ذاك الظن بك.
شرح الشيخ: وفي البخاري أنه قال: «ذاك الظن بك يا أبا إسحاق» كنيته، وفيه مشروعية الركود في الأخريين، والاختصار في الركعتين الأخيرتين، وأنّ الركعتين الأوليين أطول في القراءة وفي الركود وفي الركوع والسجود والأخريين يكونون أخف.
قارئ المتن: قراءة سورتين في ركعةٍ:
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن شقيقٍ، عن عبد الله قال: «إني لأعرف النظائر التي كان يقرأ بهنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: عشرين سورةً في عشر ركعاتٍ»، ثم أخذ بيد علقمة فدخل، ثم خرج إلينا علقمة فسألناه فأخبرنا بهنَّ.
أخبرنا إسماعيل بن مسعودٍ قال: حدثنا خالدٌ قال: حدثنا شعبةٌ، عن عمرو بن مرة قال: سمعت أبا وائلٍ يقول: قال رجلٌ عند عبد الله: قرأت المفصل في ركعةٍ، قال: «هذًا كهذ الشعر، لقد عرفت النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن، فذكر عشرين سورةً من المفصل سورتين سورتين في ركعة».
أخبرنا عمرو بن منصورٍ قال: حدثنا عبد الله بن رجاءٍ قال: أنبأنا إسرائيل، عن أبي حصينٍ، عن يحيى بن وثابٍ، عن مسروق، عن عبد الله وأتاه رجلٌ فقال: إني قرأت الليلة المفصل في ركعةٍ، فقال: «هذًا كهذ الشعر، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ النظائر عشرين سورةً من المفصل من آل حم».
شرح الشيخ: زادت في رواية أبي داود وهذا تأليف ابن مسعود الرحمن، والنجم في ركعة، واقتربت والحاقة في ركعة، والذاريات والطور في ركعة، والواقعة والنون في ركعة، وسأل والنازعات في ركعة، وعبس وويل للمطففين في ركعة، والمدثر والمزمل في ركعة، وهل أتى ولا أقسم في ركعة، وعم يتساءلون والمرسلات في ركعة.
قارئ المتن: قراءة بعض السورة:
أخبرنا محمد بن عليٍ قال: حدثنا خالدٌ قال: حدثنا ابن جريجٍ قال: أخبرني محمد بن عبادٍ حديثًا رفعه إلى ابن سفيان، عن عبد الله بن السائب، قال: «حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فصلى في قبل الكعبة، فخلع نعليه فوضعهما عن يساره، فافتتح بسورة المؤمنين، فلما جاء ذكر موسى أو عيسى -عليهما السلام- أخذته سعلةٌ فركع».
شرح الشيخ: يعني قرأ بعض السورة بعض سورة المؤمنون، ركع أخذته السعلة، وفيه وضع نعليه على اليسار، إذا كان في غير المسجد في الصحراء ولا في أي مكان.
قارئ المتن: تعوذ قارئ المتن إذا مر بآية عذاب:
أخبرنا محمد بن بشارٍ قال: حدثنا يحيى، وعبد الرحمن، وابن أبي عديٍ، عن شعبة، عن سليمان، عن سعد بن عبيدة، عن المستورد بن الأحنف، عن صلة بن زفر، عن حذيفة، أنه صلى إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فقرأ، فكان إذا مر بآية عذابٍ وقف وتعوذ، وإذا مر بآية رحمةٍ وقف فدعا، وكان يقول في ركوعه: «سبحان ربي العظيم» وفي سجوده: «سبحان ربي الأعلى».
شرح الشيخ: وهذا كان في صلاة الليل كان يستعيذ بآية العذاب، ويسأل عند آية الرحمة، لكن ما حُفظ عنه في الفرائض أنه يقف؛ لأنها مبنية على التخفيف، فالفرائض والسنن الرواتب مبنية على التخفيف، إنما هذا في صلاة الليل وفيه مشروعية قول: «سبحان ربي العظيم» في الركوع و«سبحان ربي الأعلى» في السجود.
قارئ المتن: مسألة قارئ المتن إذا مر بآية رحمةٍ:
أخبرنا محمد بن آدم، عن حفص بن غياثٍ، عن العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة، عن طلحة بن يزيد، عن حذيفة، والأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن المستورد بن الأحنف، عن صلة بن زفر، عن حذيفة، «أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ البقرة، وآل عمران، والنساء في ركعةٍ لا يمر بآية رحمةٍ إلا سأل، ولا بآية عذابٍ إلا استجار».
شرح الشيخ: وهذا الحديث يدل على إطالة الصلاة قرأ في ركعة واحدة البقرة وآل عمران والنساء قراءة في ركعة واحدة، يعني خمسة أجزاء وربع في ركعة واحدة عليه الصلاة والسلام، الخلاف أيضًا في الحديث الآخر أنه ركع ركوعًا طويلًا وهو دون القيام، ثم رفع ثم سجد سجودًا طويلًا بدون قيام.
في قصة ابن مسعود أنه قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فأطال صلاة في الليل، حتى هممت بأمر سوءٍ، قالَ: قيلَ: وَما هَمَمْتَ بهِ؟ قالَ: هَمَمْتُ أَنْ أَجْلِسَ وَأَدَعَهُ»، من الطول يقول ما استطعت أنْ أصلي معه، في حديث عائشة قالت: «أنّ النبي كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه» تتشقق، فتقول له عائشة: «لِمَ تَصنعُ هذا يا رسولَ اللهِ، وقد غفر اللهُ لك ما تقدَّمَ مِن ذنبِك؟! قال: أفلا أحب أنْ أكون عبدًا شكورًا».
يفعل هذا عليه الصلاة والسلام شكرًا لله عز وجل وتعبدًا لله، وتتأسى به أمته عليه الصلاة والسلام؛ لأنه أعرف الناس بالله عليه الصلاة والسلام ومَن كان بالله أعرف كان منه أخوف، وكان يُسمَع لصوته عليه الصلاة والسلام لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء وهو في الصلاة عليه الصلاة والسلام.
قارئ المتن: ترديد الآية:
أخبرنا نوح بن حبيبٍ قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان قال: حدثنا قدامة بن عبد الله قال: حدثتني جسرة بنت دجاجة قالت: سمعت أبا ذرٍ يقول: قام النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا أصبح بآية، والآية {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118].
شرح الشيخ: هذا استدل به المؤلف رحمه الله على ترديد الآية يعني تكرار الآية، وفي هذا الحديث أنه كرر هذه الآية حتى الصباح يعني من أول الليل إلى آخره، لكن الحديث في سنده قدامة بن عبد الله وهو فُليت العامري وهو مقبول كما في التقريب، وكذلك جسرة بنت دجاجة، يُقال والدجاجة في الطائر والأفصح دِجاجة بالنسبة لما نراه بالنسبة جسرة بنت دِجاجة وكلٌ منهما مقبول، أيضًا كذا قال، قال عنها إنها مقبولة، تبعيةٌ مقبولة، وقيل إنّ لها رؤية للنبي صلى الله عليه وسلم.
وقال البخاري عندها عجائب، فالحديث بهذا ضعيف إنْ لم يوجد له متابعة أو شاهد، وهو الشاهد مخالف للأحاديث الصحيحة ليس فيها أنه يردد الآية؛ لأنّ فيه اثنان كلٌ منهما مقبول، فلو وجد لهم متابع صح الحديث، الشيخ الأثيوبي رحمه الله حسَّن الحديث هنا قال: إنّ الحديث حسن، قال: إنّ جسرة لا لها صحبة لكن حافظة، وغيره ذكروا أنها تابعية، وصفوها أنها تابعيةٌ مقبولة والبخاري قال لها عجائب، عندها عجائب، وإنْ كان لم يبين شيئًا.
والراوي عنها غير مقبول فالحديث لا يزال ضعيفًا، الصواب ليس هناك شيئًا يرفعه إلى درجة الحسن، فيبقى حديث ضعيف حتى يوجد له متابع، هذا هو الصواب الذي، وهي وإنْ قيل إنّ لها رؤية جسرة، لكنها وجهًا أنها تابعية وأنها تابعية.
قارئ المتن: قوله عز وجل: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110].
أخبرنا أحمد بن منيعٍ، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي قالا: حدثنا هشيمٌ قال: حدثنا أبو بشرٍ جعفر بن أبي وحشية وهو ابن إياس، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ في قوله عز وجل: "{وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]، قال: «نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مختفٍ بمكة، فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته».
وقال ابن منيعٍ: يجهر بالقرآن، وكان المشركون إذا سمعوا صوته سبوا القرآن ومَن أنزله ومَن جاء به، فقال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ} أي: بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن، {وَلا تُخَافِتْ بِهَا}: عن أصحابك فلا يسمعوا {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110].
أخبرنا محمد بن قدامة قال: حدثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن جعفر بن إياسٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباس قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع صوته بالقرآن، وكان المشركون إذا سمعوا صوته سبوا القرآن ومَن جاء به، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يخفض صوته بالقرآن ما كان يسمعه أصحابه، فأنزل الله عز وجل: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110]».
شرح الشيخ: ومعنى {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ} يعني: بقراءتك؛ سميت الصلاة قراءة لأنّ القراءة جزءٌ من الصلاة، مثل ما جاء في الحديث في الفاتحة «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين»، الفاتحة، الصلاة الفاتحة اسم من أسمائها؛ من أسمائها الصلاة لأنها جزءٌ من الصلاة، وهذا فيه الله تعالى أرشدنا به إلى أنْ تكون قراءته بين المخافتة وبين الرفع؛ لأنه إذا رفع صوته سمعه المشركون وسبوا القرآن ومَن أنزله، وإذا خفض صوته لم يسمعه أصحابه، فأمر الله أنْ تكون قراءةً بين الرفع وبين المخافتة.
ورفع الصوت بالقراءة إذا لم يكن عنده أحد فلا بأس، إذا كان عنده أحد أو كان يصلي في الليل وهو أنشط له فلا بأس أنْ يرفع صوته، أما إذا كان بين الناس أو في المسجد فلا يرفع صوته؛ لأنه يشوش على مَن بجواره مَن يصلي ومَن يقرأ كما في الحديث الآخر «كلكم مناجِ ربه».
مداخلة: يا شيخ، بالنسبة للحديث الذي قبله (21:38).
الشيخ: لا، لا، في الليل ردد هذه الآية في الليل حتى الصباح، حتى إذا أصبح بآية في صلاة الليل، لكن الحديث ضعيف فلا يزال حديث، وإنْ كان المؤلف في النسائي ما جزم قال: «ترديد الآية» يعني هذا مشروع، إذا راجعت إلى كلام الشيخ الأثيوبي حسَّنه قال إنّ جسرة هذه لها رؤية وفُليت.. لكن ليس يُرى حتى تحسينه؛ لأنه هو فيه اثنان مقبولان.
قارئ المتن: باب رفع الصوت بالقرآن:
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، عن وكيعٍ قال: حدثنا مسعرٌ، عن أبي العلاء، عن يحيى بن جعدة، عن أم هانئ قالت: «كنت أسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وأنا على عريشي».
شرح الشيخ: يعني في مكة وأنا في بيتي، هذا أحوط والبيوت متقاربة، يعني بيوت مكة متقاربة ليس مثل بيوتنا مسافات وفلل وعمائر لا، كانت البيوت صغيرة بيوت قصيرة كلٌ من بجوار الآخر الكل يسمع.
قارئ المتن: باب مد الصوت بالقراءة:
أخبرنا عمرو بن عليٍ، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا جرير بن حازمٍ، عن قتادة، قال: سألت أنسًا: كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: «كان يمد صوته مدًا».
تزيين القرآن بالصوت.
أخبرنا علي بن حجرٍ، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن طلحة بن مصرفٍ، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «زينوا القرآن بأصواتكم».
أخبرنا عمرو بن عليٍ، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا شعبةٌ، قال: حدثني طلحةٌ، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازبٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «زينوا القرآن بأصواتكم»، قال ابن عوسجة: كنت نسيت هذه: «زينوا القرآن» حتى ذكرنيه الضحاك بن مزاحم.
شرح الشيخ: هذا الحديث فيه دليل على أنّ القرآن كلام الله وأنّ الصوت صوت قارئ المتن و«زينوا القرآن بأصواتكم»، والصوت صوت قارئ المتن والقرآن كلام الله فيه الرد على مَن قال إنّ القرآن مخلوق، البخاري رحمه الله في صحيحه وفي تجويد القراءة بيَّن أنّ القرآن كلام الله، وأنّ قراءة قارئ المتن وصوته قراءته وحروفه وألفاظه للقارئ تُنسب إلى قارئ المتن، والمقروء هو كلام الله عزَّ وجلَّ.
بوب في صحيحه باب قراءة الفاجر والمنافق وقراءتهم وأصواتهم لا تجوِّز حناجرهم، فعرف القراءة إليهم والأصوات إليهم.
قارئ المتن: أخبرنا محمد بن زنبورٍ المكي، قال: حدثنا ابن أبي حازمٍ، عن يزيد بن عبد الله، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما أذن الله لشيءٍ ما أذن لنبيٍ حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به».
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أذن الله عز وجل لشيءٍ يعني أذنه لنبيٍ يتغنى بالقرآن».
شرح الشيخ: معنى أذن يعني استمع، «ما أذن الله لشيءٍ» ما استمع فيه إثبات صفة الاستماع لله عز وجل على ما يليق بجلاله مثل ما استمع لشيءٍ مسموعه كاستماعه لنبي، والمراد جنس النبي، النبي، أي: نبي، والمراد بالقرآن القراءة أو كلام الله مطلقًا، ومنه أنّ نبي الله داود كان يقرأ القرآن يعني المقروء وهو الزبور، القرآن المقروء جنس المراد جنس القراءة وجنس النبي.
يعني ما استمع الله لشيءٍ كاستماعه لنبيٍ يقرأ القرآن، يعني يقرأ ويحسن صوته، «حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به»، معنى هذا أنه استمع، والمراد بالنبي جنس النبي، النبي: أي نبي، والقرآن المقروء كلام الله، وذكر الشراح بعضهم أول هذا التفسير قالوا: هذا كناية عن تقريب قارئ المتن وإجزال ثوابه، وهذا تأويل الاستماع قالوا: هذا كناية عن تقريب.
والصواب: أنه على حقيقته، إثبات الاستماع لله عز وجل كما يليق بجلاله وعظمته، وليس كناية عن تقريب قارئ المتن وإجزال ثوابه، ومعنى قوله: «يتغنى بالقرآن» يعني: يحسن صوته يحسن في القراءة، وتحسين الصوت يُسمى تغني.
قارئ المتن: أخبرنا سليمان بن داود، عن ابن وهبٍ، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن ابن شهابٍ أخبره، أن أبا سلمة أخبره، أن أبا هريرة حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع قراءة أبي موسى، فقال: «لقد أوتي مزمارًا من مزامير آل داود عليه السلام».
أخبرنا عبد الجبار بن العلاء بن عبد الجبار، عن سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: سمع النبي صلى الله عليه وسلم قراءة أبي موسى، فقال: «لقد أوتي هذا من مزامير آل داود عليه السلام».
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة أبي موسى فقال: «لقد أوتي هذا مزمارًا من مزامير آل داود عليه السلام».
شرح الشيخ: ومعنى «أوتي مزمارًا» أي: صوتًا حسنًا، والمزمار يُطلق على الصوت الحسن ويُطلق على الغنى من الأضداد، يُطلق على هذا وعلى هذا، يُطلق على الغنى المحرم ويُطلق على الصوت الحسن من الأضداد، ومعنى «أوتي مزمارًا» يعني: صوتًا حسنًا؛ لأنّ داود عليه السلام كان آتاه الله صوتًا حسنًا، فكان إذا قرأ الزبور اجتمعت الطيور، وتجاوبه الجبال: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} [سبأ: 10].
وأبو موسى رضي الله عنه أوتي بصوتٍ حسن كما أوتي داود صوتٍ حسن، فالمزمار يطلق على الصوت الحسن ويطلق على الصوت السيء أيضًا، يطلق على هذا وعلى هذا من الأضداد.
قارئ المتن: أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث بن سعدٍ، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، عن يعلى بن مملكٍ، أنه سأل أم سلمة عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلاته، قالت: «ما لكم وصلاته، ثم نعتت قراءته فإذا هي تنعت قراءةً مفسرةً حرفًا حرفًا».
شرح الشيخ: يعلى بن مملك مقبول كما في التقريب، والمقبول هو الذي بالشواهد والمتابعات يكون حديثٌ من باب الحسن لا غيره، والحديث هذا له شواهد فلا شك أنّ النبيّ هكذا قراءته كان يقرأ مفسرة حرفًا حرفًا.
قارئ المتن: باب التكبير للركوع.
أخبرنا سويد بن نصرٍ، قال: أنبأنا عبد الله بن المبارك، عن يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة حين استخلفه مروان على المدينة «كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كَبَر، ثم يكبر حين يركع، فإذا رفع رأسه من الركعة قال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، ثم يكبر حين يهوي ساجدًا، ثم يكبر حين يقوم من الثنتين، بعد التشهد يفعل مثل ذلك حتى يقضي صلاته، فإذا قضى صلاته وسلم أقبل على أهل المسجد فقال: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم.
شرح الشيخ: في مشروعية التكبير عند الانتقالات عند الركوع، وعند الرفع، وعند السجود وعند الرفع، وعند القيام من التشهد وكان بعض خلفاء بني أمية لا يكبرون في الانتقالات.
ولهذا يقول العلماء: هذا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فيها التكبير في الانتقالات خلافًا لما يفعله بعض خلفاء بني أمية من عدم التكبير في الانتقالات.
قارئ المتن: رفع اليدين للركوع حذاء فروع الأذنين:
أخبرنا علي بن حجرٍ، قال: أنبأنا إسمعيل، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن نصر بن عاصمٍ الليثي، عن مالك بن الحويرث قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع حتى بلغتا فروع أذنيه».
باب رفع اليدين للركوع حذاء المنكبين.
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن سالمٍ، عن أبيه قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي منكبيه، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع».
شرح الشيخ: في مشروعية رفع اليدين في هذه المواطن الثلاثة:
- عند تكبيرة الإحرام.
- وعند الركوع.
- وعند الرفع منه.
وهذا ثابت في الصحيحين وفي موضعٍ رابع جاء في البخاري وهو القيام من التشهد الأول، أربعة مواضع، وفيه أنه في الحديث الأول «حتى بلغتا فروع أذنيه»، وفي الحديث الثاني «حتى تبلغ أحد منكبيه»، فجمع بينهما بأحد جمعين:
الجمع الأول: أنْ يُقال يفعل هذا تارة وهذا تارة، تارةً يرفعهما حتى يحاذي فروع أذنيه، وتارةً حتى يحاذي أحد منكبيه.
والجمع الثاني: أنّ أطراف الأصابع تحاذي فروع الأذنين والكف يحاذي المنكبين.
قارئ المتن: ترك ذلك:
أخبرنا سويد بن نصرٍ، قال: أنبأنا عبد الله بن المبارك، عن سفيان، عن عاصم بن كليبٍ، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمة، عن عبد الله قال: ألا أخبركم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فقام فرفع يديه أول مرةٍ ثم لم يعد».
شرح الشيخ: ثم لم يعد الرفع، يعني الرفع وهذا محمول علنًا كما ذكر المحشي أنه محمول علنًا وترك الرفع لبيان الجواز.
قارئ المتن: إقامة الصلب في الركوع:
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الفضيل، عن الأعمش، عن عمارة بن عميرٍ، عن أبي معمرٍ، عن أبي مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تجزئ صلاةٌ لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود».
الاعتدال في الركوع
أخبرنا سويد بن نصرٍ، قال: أنبأنا عبد الله بن المبارك، عن سعيد بن أبي عروبة، وحماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اعتدلوا في الركوع والسجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه كالكلب».
شرح الشيخ: فيه مشروعية إقامة الصلب في الركوع والاعتدال لا بد منه، إقامة الصلب حتى يعود كل مفصل إلى موضعه الطمأنينة توجد، وكذلك الاعتدال في الركوع، وفيه النهي عن بسط الذراعين.
قارئ المتن: باب التطبيق:
أخبرنا إسمعيل بن مسعودٍ، قال: حدثنا خالد بن الحارث، عن شعبة، عن سليمان، قال: سمعت إبراهيم يحدث عن علقمة والأسود أنهما كانا مع عبد الله في بيته فقال: أصلى هؤلاء؟ قلنا: نعم، فأمهما وقام بينهما بغير أذانٍ ولا إقامة، قال: «إذا كنتم ثلاثةً فاصنعوا هكذا، وإذا كنتم أكثر من ذلك فليؤمكم أحدكم وليفرش كفيه على فخذيه، فكأنما أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-».
أخبرني أحمد بن سعيدٍ الرِباطي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله، قال: أنبأنا عمروٌ وهو ابن أبي قيسٍ، عن الزبير بن عديٍ، عن إبراهيم، عن الأسود وعلقمة قالا: صلينا مع عبد الله بن مسعودٍ في بيته فقام بيننا، فوضعنا أيدينا على ركبنا فنزعها فخالف بين أصابعنا، وقال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله».
أخبرنا نوح بن حبيبٍ، قال: أنبأنا ابن إدريس، عن عاصم بن كليبٍ، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمة، عن عبد الله قال: «عَلمَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة فقام فكبر، فلما أراد أن يركع طبق يديه بين ركبتيه وركع»، فبلغ ذلك سعدًا، فقال: صدق أخي قد كنا نفعل هذا ثم أُمرنا بهذا يعني: الإمساك بالركب.
نسخ ذلك.
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا أبو عوانة، عن أبي يعفورٍ، عن مصعب بن سعدٍ، قال: صليت إلى جنب أبي وجعلت يدي بين ركبتي، فقال لي: اضرب بكفيك على ركبتيك، قال: ثم فعلت ذلك مرةً أخرى، فضرب يدي، وقال: «إنَّا قد نهينا عن هذا وأُمرنا أن نضرب بالأكف على الركب».
أخبرنا عمرو بن عليٍ، قال: حدثنا يحيى بن سعيدٍ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن الزبير بن عديٍ، عن مصعب بن سعد، قال: ركعت فطبقت، فقال أبي: «إنَّ هذا شيءٌ كنا نفعله ثم ارتفعنا إلى الركب».
شرح الشيخ: التطبيق هو أنْ يضع يديه بين ركبتيه ويشبك بين أصابعه إذا ركع، وهذا كان يفعله عبد الله بن مسعود، وقد خفيت السُنَّة عليه رضي الله عنه فإنّ السُنَّة فيها مواضع:
الموضع الأول: أنه صلى بين الاثنين، اثنين وصلى بينهما ولم يجعلهما خلفه، والسُنَّة أنْ يتقدم إذا كانوا ثلاثة؛ لأنه قال: (قام بينهما بغير أذانٍ ولا إقامة)، السُنَّة أنْ يتقدم إذا كانوا ثلاثة إلا لحاجة؛ كأنْ يكون المكان ضيقًا كما خفيت عليه السُنَّة في التطبيق وهو وضع كفيه بين ركبتيه والتشبيك بين الأصابع في الركوع، فأنّ التطبيق كان أولًا ثم نُسخ كما بيَّن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: «قد كنا نفعل هذا ثم أمرنا بهذا»، هذا الناسخ.
بيَّن سعد بن أبي وقاص لابنه مصعب لما طبق في الركوع، قال: «اضرب بكفيك على ركبتيك»، ففيه نسخ التطبيق وهو جعل الكفين بين الركبتين في الركوع مع التشبيك بين الأصابع، هذا كان أولًا ثم نُسخ؛ بقي عليه عبد الله بن مسعود لأنه خفي عليه الناسخ، كما أنه خفي عليه أيضًا أنْ يكون إذا كان اثنان أنْ يكونا خلفه، جعلهما بينه بينهما.
وكذلك أيضًا قال: «بغير أذانٍ ولا إقامة»، كل هذا خفيت عليه السُنَّة في هذا، وهذا محمول على أنّ عبد الله بن مسعود ما بلغه الناسخ، لم يبلغه الناسخ وبيَّن سعد بن وقاص أنّ هذا منسوخ.
قارئ المتن: الإمساك بالركب في الركوع:
أخبرنا محمد بن بشارٍ، قال: حدثني أبو داود، قال: حدثنا شعبة، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي عبد الرحمن، عن عمر قال: «سُنت لكم الركب، فأمسكوا بالركب».
أخبرنا سويد بن نصرٍ، قال: أنبأنا عبد الله، عن سفيان، عن أبي حصينٍ، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قال عمر: «إنما السُنَّة الأخذ بالركب».
باب مواضع الراحتين في الركوع
أخبرنا هناد بن السري في حديثه، عن أبي الأحوص، عن عطاء بن السائب، عن سالم، قال: أتينا أبا مسعودٍ فقلنا له: حدثنا عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام بين أيدينا وكَبَر، فلما ركع وضع راحتيه على ركبتيه، وجعل أصابعه أسفل من ذلك، وجافى بمرفقيه حتى استوى كل شيءٍ منه، ثم قال: «سمع الله لمن حمده»، فقام حتى استوى كل شيءٍ منه.
شرح الشيخ: هذا في موضع الراحتين وأنه يكون أسفل الركبة.
قارئ المتن: باب مواضع أصابع اليدين في الركوع:
أخبرنا أحمد بن سليمان الرهاوي، قال: حدثنا حسينٌ، عن زائدة، عن عطاءٍ، عن سالمٍ أبي عبد الله، عن عقبة بن عمروٍ قال: ألا أصلي لكم كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي؟ فقلنا: بلى، فقام فلما ركع وضع راحتيه على ركبتيه، وجعل أصابعه من وراء ركبتيه، وجافى إبطيه حتى استقر كل شيءٍ منه، ثم رفع رأسه فقام حتى استوى كل شيءٍ منه، ثم سجد فجافى إبطيه حتى استقر كل شيءٍ منه، ثم قعد حتى استقر كل شيءٍ منه، ثم سجد حتى استقر كل شيءٍ منه، ثم صنع كذلك أربع ركعات، ثم قال: «هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهكذا كان يصلي بنا».
شرح الشيخ: فيه موضع الأصابع أنها من وراء ركبتيه وأنّ الراحتين تكون على الركبتين، وفيه وجوب الطمأنينة، ولهذا قال: «رفع رأسه فقام حتى استوى كل شيءٍ منه، ثم سجد فجافى إبطيه حتى استقر كل شيءٍ منه، ثم قعد حتى استقر كل شيءٍ منه»، في كل ركنٍ لا بد من الطمأنينة والاستقرار.
قارئ المتن: باب التجافي في الركوع:
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، عن ابن علية، عن عطاء بن السائب، عن سالمٍ البراد، قال: قال أبو مسعودٍ: ألا أريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي؟ قلنا: بلى، فقام فكبر، فلما ركع جافى بين إبطيه، حتى لما استقر كل شيءٍ منه رفع رأسه فصلى أربع ركعاتٍ هكذا، وقال: «هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي».
باب الاعتدال في الركوع:
أخبرنا محمد بن بشارٍ، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفرٍ، قال: حدثني محمد بن عمرو بن عطاءٍ، عن أبي حميدٍ الساعدي قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع اعتدل، فلم ينصب رأسه، ولم يقنعه، ووضع يديه على ركبتيه».
شرح الشيخ: يعني لم يرفعها ولم يخفضها.
مداخلة: شيخ، أحسن الله إليك، أصابع اليدين (42:46).
الشيخ: أصابع اليدين مبسوطة ممدودة.
قارئ المتن: النهي عن القراءة في الركوع:
أخبرنا عبيد الله بن سعيدٍ، قال: حدثنا حماد بن مسعدة، عن أشعث، عن محمدٍ، عن عبيدة، عن عليٍ قال: «نهاني النبي صلى الله عليه وسلم عن القسي والحرير، وخاتم الذهب، وأن أقرأ وأنا راكع»، وقال مرةً أخرى: «وأن أقرأ راكعًا».
أخبرنا عبيد الله بن سعيدٍ، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن عجلان، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنينٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ، عن علي رضي الله عنهم قال: «نهاني النبي صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب، وعن القراءة راكعًا، وعن القسي والمعصفر».
أخبرنا الحسن بن داود المكندري، قال: حدثنا ابن أبي فديكٍ، عن الضحاك بن عثمان، عن إبراهيم بن حنينٍ، عن أبيه، عن عبد الله بن عباسٍ، عن عليٍ رضي الله عنهم قال: «نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أقول نهاكم عن تختم الذهب، وعن لبس القسي، وعن لبس المفدم، والمعصفر وعن القراءة في الركوع».
شرح الشيخ: «المفدم»: الثوب المشبع بالحمرة، «والمعصفر»: المصبوغ بالعصفر، و«القسي»: نوعٌ من الحرير، وقوله: «نهاني ولا أقول نهاكم»، من المعلوم أنْ نهي النبي للواحد نهيٌ للجميع هي شريعة عامة، وإنما قصده إنما أخبر بكيفية ترجمة صيغة النهي الذي سمعه، هذا هو الذي يقول: «نهاني ولا أقول نهاكم»، يعني يريد أنْ يخبر عن كيفية صيغة النهي الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم.
قارئ المتن: أخبرنا عيسى بن حمادٍ زغبة، عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيبٍ، أن إبراهيم بن عبد الله بن حنينٍ حدثه أن أباه حدثه أنه سمع عليًا رضي الله عنه يقول: «نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب، وعن لبوس القسي، والمعصفر، وقراءة القرآن وأنا راكع».
أخبرنا قتيبة، عن مالكٍ، عن نافعٍ، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنينٍ، عن أبيه، عن عليٍ رضي الله عنه قال: «نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس القسي والمعصفر، وعن تختم الذهب، وعن القراءة في الركوع».
شرح الشيخ: هذه الأحاديث كلها فيها النهي عن القراءة في الركوع دون السجود، ولكن ثبت في صحيح مسلم عن عدي من أربع طرق النهي عن القراءة في الركوع وفي السجود أيضًا، في الحديث الآخر «نهيت أنْ أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا»، فالركوع محل فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا من الدعاء.
الركوع محل تعظيم وليس محل دعاء إلا الدعوة القليلة التابعة للتعظيم التي هي سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، وأما السجود فمحل دعاء وليس محل للقراءة لا الركوع ولا السجود.
قارئ المتن: تعظيم الرب في الركوع:
أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا سفيان، عن سليمان بن سحيم، عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباسٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: كشف النبي صلى الله عليه وسلم الستارة والناس صفوفٌ خلف أبي بكرٍ رضي الله عنه، فقال: «أيها الناس، إنه لم يبقَ من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرى له».
ثم قال: «ألا إني نهيت أن أقرأ راكعًا أو ساجدًا، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء قمنٌ أنْ يُستجاب لكم».
شرح الشيخ: يعني حريٌ، وهذا في مرض موته عليه الصلاة والسلام كشف أنّ الصفوف خلف أبي بكر فقال: (كشف).
قارئ المتن: باب الذكر في الركوع:
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن المستورد بن الأحنف، عن صلة بن زفر، عن حذيفة رضي الله عنه قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فركع فقال في ركوعه: «سبحان ربي العظيم»، وفي سجوده: «سبحان ربي الأعلى».
نوعٌ آخر من الذكر في الركوع.
أخبرنا إسماعيل بن مسعودٍ، قال: حدثنا خالدٌ ويزيد قالا: حدثنا شعبة، عن منصورٍ، عن أبي الضحى، عن مسروقٍ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي».
شرح الشيخ: وعند الشيخين بزيادة «اللهم» بعد «سبحانك»، «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي».
قارئ المتن: نوعٌ آخر منه:
أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا خالدٌ، قال: حدثنا شعبة، قال: أنبأني قتادة، عن مطرفٍ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه: «سبوحٌ قدوسٌ رب الملائكة والروح».
نوعٌ آخر من الذكر في الركوع.
أخبرنا عمرو بن منصورٍ يعني النسائي، قال: حدثنا آدم بن أبي إياسٍ، قال: حدثنا الليث، عن معاوية يعني ابن صالحٍ، عن ابن قيسٍ الكندي وهو عمرو بن قيسٍ، قال: سمعت عاصم بن حميد، قال: سمعت عوف بن مالكٍ رضي الله عنه يقول: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً، فلما ركع مكث قدر سورة البقرة يقول في ركوعه: «سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة».
شرح الشيخ: هذه صلاةً طويلة مكث في ركوعه قدر قراءة سورة البقرة، في الركوع إطالة مَن يستطيع هذا؟ لكنه عليه الصلاة والسلام طوق هذا، مكث راكعًا قدر قراءة سورة البقرة عليه الصلاة والسلام، وفيه أنواع من الذكر «سبحان ربي العظيم» هذا ذكر، «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي»، «سبوحٌ قدوسٌ رب الملائكة والروح» مبالغة في التسبيح «سبوحٌ قدوسٌ»، «سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة».
وسيأتي أيضًا كذلك «اللهم لك ركعت، ولك أسلمت، وبك آمنت»، وكذلك أيضًا «خشع لك سمعي وبصري ودمي ولحمي وعظمي»، كل هذه أنواع من الذكر، الذكر كثير في الركوع، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يطيل الركوع والسجود.
قارئ المتن: نوعٌ آخر منه:
أخبرنا عمرو بن عليٍ، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهديٍ، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، قال: حدثنا عمي الماجشون بن أبي سلمة، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافعٍ، عن عليٍ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه، أن رسول صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع قال: «اللهم لك ركعت، ولك أسلمت، وبك آمنت، خشع لك سمعي وبصري وعظامي ومخي وعصبي».
نوعٌ آخر.
أخبرنا يحيى بن عثمان الحمصي، قال: حدثنا أبو حيوة، قال: حدثنا شعيبٌ، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع قال: «اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكلت، أنت ربي، خشع سمعي وبصري، ودمي ولحمي، وعظمي وعصبي لله رب العالمين».
أخبرنا يحيى بن عثمان، قال: حدثنا ابن حمير، قال: حدثنا شعيبٌ، عن محمد بن المنكدر، وذكر آخر قبله، عن عبد الرحمن بن الأعرج، عن محمد بن مسلمة، أن رسول صلى الله عليه وسلم كان إذا قام يصلي تطوعًا يقول إذا ركع: «اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكلت أنت ربي، خشع سمعي وبصري، ولحمي ودمي، ومخي وعصبي لله رب العالمين».
شرح الشيخ: عن محمد بن المنكدر وذكر آخرًا معه يعني مع محمد بن المنكدر، لكن لما كان معه محمد بن المنكدر لا يضر عدم تسمية الآخر، وهذا يدل على أنّ النبيّ كان يطيل الصلاة وهو مغفورٌ له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ومع ذلك يصلي هذه الصلاة الطويلة، ركوعه قدر قراءة سورة البقرة وكذلك السجود مثل القيام عليه الصلاة والسلام.
وهذا فيه بيان شكره لله عز وجل وبيان معرفته لله تعالى وشدة خوفه، وهذا قوله: «ومَن كان بالله أعرف كان منه أخوف»، ولما قالت عائشة: «كيف تفعل هذا يا رسول الله، وقد غفر لك ما تقدَّمَ مِن ذنبِك؟! قال: أفلا أحب أنْ أكون عبدًا شكورًا»، يقوم حتى تتفطر تتشقق قدماه من طول القيام عليه الصلاة والسلام.
قارئ المتن: باب الرخصة في ترك الذكر في الركوع:
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا بكر بن مضر، عن ابن عجلان، عن علي بن يحيى الزرقي، عن أبيه، عن عمه رفاعة بن رافع رضي الله عنه، وكان بدريًا، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخل رجلٌ المسجد فصلى ورسول الله صلى الله عليه وسلم يرمقه ولا يشعر، ثم انصرف، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم عليه، فرد عليه السلام، ثم قال: «ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ»، قال: لا أدري في الثانية أو في الثالثة قال: والذي أنزل عليك الكتاب لقد جهدت فعلمني وأرني، قال: «إذا أردت الصلاة فتوضأ فأحسن الوضوء، ثم قم فاستقبل القبلة، ثم كبر، ثم اقرأ، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع رأسك حتى تطمئن قاعدًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، فإذا صنعت ذلك فقد قضيت صلاتك وما انتقصت من ذلك فإنما تنقصه من صلاتك».
شرح الشيخ: فهذا حديث المسيء استدل به المؤلف على ترك الذكر في الركوع؛ لأنه قال: «ثم اركع حتى تطمئن راكعًا»، ولم يقل قل: سبحان ربي العظيم، لكن ليس صريحًا في عدم الذكر في الركوع؛ لأنّ النصوص الأخرى دلت على ذلك.
وعلى كل حال الذكر في الركوع عند الجمهور مستحب ليس بواجب التسبيح، هو واجب عند الحنابلة والجماعة التسبيح في الركوع والسجود.
قارئ المتن: باب الأمر بإتمام الركوع:
أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا خالدٌ، قال: حدثنا شعبةٌ، عن قتادة، قال: سمعت أنسًا رضي الله عنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أتموا الركوع والسجود إذا ركعتم وسجدتم».
شرح الشيخ: بعض الناس لا يتموا الركوع والسجود من السرعة من العجلة والسرعة، لا بد من الإتمام والطمأنينة.
قارئ المتن: باب رفع اليدين عند الرفع من الركوع:
أخبرنا سويد بن نصرٍ، قال: أنبأنا عبد الله بن المبارك، عن قيس بن سليمٍ العنبري، قال: حدثني علقمة بن وائلٍ، قال: حدثني أبي رضي الله عنه قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وإذا ركع، وإذا قال: «سمع الله لمن حمده» هكذا، وأشار قيسٌ إلى نحو الأذنين.
باب رفع اليدين حذو فروع الأذنين عند الرفع من الركوع:
أخبرنا إسماعيل بن مسعودٍ، قال: حدثنا يزيد وهو ابن زريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن نصر بن عاصمٍ أنه حدثهم عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه أنه «رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع حتى يحاذي بهما فروع أذنيه».
باب رفع اليدين حذو المنكبين عند الرفع من الركوع:
أخبرنا عمرو بن عليٍ، قال: حدثنا يحيى بن سعيدٍ، قال: حدثنا مالك بن أنس، عن الزهري، عن سالمٍ، عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا دخل في الصلاة حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع فعل مثل ذلك، وإذا قال: «سمع الله لمن حمده»، قال: «ربنا لك الحمد»، وكان لا يرفع يديه بين السجدتين.
شرح الشيخ: (وكان يرفع يديه بين السجدتين)، يرفع فيها للمواضع الثلاثة.
قارئ المتن: الرخصة في ترك ذلك:
أخبرنا محمود بن غيلان المروزي، قال: حدثنا وكيعٌ، قال: حدثنا سفيان، عن عاصم بن كليب، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمة، عن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: «ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فصلى فلم يرفع يديه إلا مرة ًواحدة».
شرح الشيخ: كأنه بعد تكبيرة الإحرام فعل هذا محمول على أنه فعله دلالة على أنّ ترك الرفع ليس بواجب.
قارئ المتن: باب ما يقول الإمام إذا رفع رأسه من الركوع:
أخبرنا سويد بن نصرٍ، قال: أنبأنا عبد الله، عن مالكٍ، عن ابن شهاب، عن سالمٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضًا، وقال: «سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد»، وكان لا يفعل ذلك في السجود.
شرح الشيخ: يعني: لا يرفع يده عند السجود.
قارئ المتن: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمرٌ، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع، قال: «اللهم ربنا ولك الحمد».
باب ما يقول المأموم.
أخبرنا هناد بن السري، عن ابن عيينة، عن الزهري، عن أنسٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سقط من فرسٍ على شقه الأيمن، فدخلوا عليه يعودونه، فحضرت الصلاة، فلما قضى الصلاة قال: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد».
أخبرنا محمد بن سلمة، قال: أنبأنا ابن القاسم، عن مالكٍ، قال: حدثني نعيم بن عبد الله، عن علي بن يحيى الزرقي، عن أبيه، عن رفاعة بن رافعٍ رضي الله عنه قال: كنا يومًا نصلي وراء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما رفع رأسه من الركعة قال: «سمع الله لمن حمده»، قال رجلٌ وراءه: ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَن المتكلم آنفًا؟» فقال الرجل: أنا يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد رأيت بضعةً وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيهم يكتبها أولًا».
شرح الشيخ: هذا في مشروعية قول هذا الذكر؛ لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم أقره عليه ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، جاء في لفظ آخر: "كما يجب ربنا ويرضى"، فاللفظ الآخر «أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد»، والواجب ربنا ولك الحمد هذا هو الواجب عند جمع من أهل العلم وعند الجمهور مستحب أيضًا قول: «سبحان رب العالمين، ربنا ولك الحمد» مستحب عند الجمهور وواجب عند أحمد والجماعة؛ قالوا: لأنّ النبيّ حافظ عليه وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي».
قارئ المتن: باب قوله ربنا ولك الحمد:
أخبرنا قتيبة، عن مالكٍ، عن سميٍ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد فإن مَن وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه».
أخبرنا إسماعيل بن مسعودٍ، قال: حدثنا خالدٌ، قال: حدثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن حطان بن عبد الله أنه حدثه، أنه سمع أبا موسى رضي الله عنه قال: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم خطبنا وبيَّن لنا سُنَّتنا وعلمنا صلاتنا، فقال: «إذا صليتم فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبر الإمام فكبروا، وإذا قرأ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، فقولوا: آمين، يجبكم الله، وإذا كبر وركع، فكبروا واركعوا، فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم».
قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «فتلك بتلك».
شرح الشيخ: يعني تأخركم خلف الإمام مقابل تقدمه عليكم، هو يتقدم ثم تتأخرون ثم يتقدم وتتأخرون «تلك بتلك».
قارئ المتن: «وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد يسمع الله لكم، فإن الله قال على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم».
شرح الشيخ: النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يسمع الله لكم» التقاء الساكنين (01:01:17) «يسمع الله لكم»، ومن المعروف أنها مرفوعة لكن الكسر للالتقاء الساكنين.
قارئ المتن: «وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد يسمع الله لكم، فإن الله قال على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: سمع الله لمن حمده، فإذا كبر وسجد، فكبروا واسجدوا، فإن الإمام يسجد قبلكم ويرفع قبلكم».
قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «فتلك بتلك، فإذا كان عند القعدة فليكن من أول قول أحدكم التحيات الطيبات الصلوات لله، سلامٌ عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، سلامٌ علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، سبع كلماتٍ وهي تحية الصلاة».
شرح الشيخ: هي «القعدَة» بفتح الدال يعني المراد المرة كالضربة، وليس المراد الهيئة، لأنه لو يُراد الهيئة قال: «القعدِة» المراد المرة، وهذه سبع كلمات التحيات، الطيبات، الصلوات، سلامٌ عليك أيها النبي ورحمة الله، سلامٌ على عباد الله الصالحين، أشهد أنّ لا إله إلا الله، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، سبع سبع جمل، هذا التشهد الأول، وهذا التشهد، التشهد أنواع كما سيأتي.
لكن صح تشهد ابن مسعود "التحيات لله والصلوات والطيبات"، هنا «التحيات والطيبات والصلوات لله»، هذا نوع من أنواع التشهد، سيأتي أنواع سيذكر المؤلف أنواع للتشهد، تشهد ابن عباس، تشهد جابر، تشهد ابن مسعود، لكن أصحها تشهد ابن مسعود رواه الشيخان؛ لأنّ ابن مسعود قال: «علمني النبيّ صلى الله عليه وسلم التشهد كفي بين كفيه التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أنّ لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله»، هذا تشهد ابن مسعود هذا أصح أنواع التشهدات، والتشهدات الأخرى كلها ثابتة.
قارئ المتن: قدر القيام بين الرفع من الركوع والسجود:
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، قال: أنبأنا شعبة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ركوعه وإذا رفع رأسه من الركوع وسجوده وما بين السجدتين قريبًا من السواء».
شرح الشيخ: هذا السُنَّة يعني أنْ تكون الصلاة متقاربة، الركوع مثل السجود مثل الرفع بعد الركوع مثل الجلسة بين السجدتين، وبعض الإخوان الآن تجده الذي يحب الخير يصلي فتكون القيام ليس بالطويل والركوع، فيأتي عند السجود جلس طوَّل، ثم بين السجدتين ما يطول يرجع إلى السجدة الثانية، هذا خلاف السُنَّة، السُنَّة أنْ تكون متناسبة، السجود مثل الركوع مثل الرفع بعد الركوع مثل الجلسة بين السجدتين كلها متناسبة، سجودك مثل بين السجدتين مثل الركوع، مثل القيام بعد أن تقول: سمع الله لمن حمده هذا هو الأفضل وهو السُنَّة.
ولكن سيأتي أنّ النبي أطال بعض السجدات لعارض لما ركبه الحسن والحسين، قال: النبي يرتحل، كما سيأتي أطال السجدة.
الطالب: (01:04:49).
الشيخ: نعم، السجود كذلك السجود كله في الحديث السجود كذلك، والرفع أيضًا من الركوع، كلها جاء في الحديث أنها كذلك.
قارئ المتن: قدر القيام بين الرفع من الركوع والسجود:
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، قال: أنبأنا شعبة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ركوعه وإذا رفع رأسه من الركوع وسجوده وما بين السجدتين قريبًا من السواء».
باب ما يقول في قيامه ذلك.
أخبرنا أبو داود سليمان بن سيفٍ الحراني، قال: حدثنا سعيد بن عامرٍ، قال: حدثنا هشام بن حسان عن قيس بن سعدٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قال: «سمع الله لمن حمده»، قال: «اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيءٍ بعد».
أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير، قال: حدثنا إبراهيم بن نافعٍ، عن وهب بن ميناسٍ العدني، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد السجود بعد الركعة يقول: «اللهم ربنا ولك الحمد ملء السموات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيءٍ بعد».
شرح الشيخ: وهب بن ميناس في [التقريب] مأنوس، ماذا عندك؟
مداخلة: قال الأثيوبي: هو بكسر الميم.
الشيخ: قال وهب بن ميناس قال بكسر الميم.
مداخلة: قال بكسر الميم ويُقال مأنوس.
الشيخ: يعني الصواب يُقال مأنوس وميناس، ميناس ومأنوس، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الذي اسمه البخاري هو ابن علية وهو في سند البخاري، وقال: «ملء السموات» وردت زيادة «وملء ما بينهما».
إذًا في [التقريب] قال: مأنوس؛ لأنه يُقال ميناس ومأنوس، في التقريب ذكر باسم مأنوس.
مداخلة: ذكر أحسن الله إليك العدني.
الشيخ: العدني والعدني من عدن.
قارئ المتن: أخبرني عمرو بن هشامٍ أبو أمية الحراني، قال: حدثنا مخلدٌ، عن سعيد بن عبد العزيز، عن عطية بن قيسٍ، عن قزعة بن يحيى، عن أبي سعيدٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول حين يقول: «سمع الله لمن حمده»: «ربنا لك الحمد ملء السموات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيءٍ بعد أهل الثناء والمجد خير ما قال العبد وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت ولا ينفع ذا الجد منك الجد».
شرح الشيخ: يجوز رفع أهل على خبر المبتدأ، يعني: أنت أهل الثناء والمجد، ويجوز نصب أهل الثناء والمجد يعني يأخذ سؤال الثناء أو يا أهل الثناء والمجد.
قارئ المتن: أخبرنا حميد بن مسعدة، قال: حدثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي حمزة، عن رجلٍ من بني عبسٍ، عن حذيفة رضي الله عنه أنه صلى مع رسول صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فسمعه حين كبر قال: «الله أكبر ذا الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة»، وكان يقول في ركوعه: «سبحان ربي العظيم»، وإذا رفع رأسه من الركوع قال: «لربي الحمد، لربي الحمد»، وفي سجوده: «سبحان ربي الأعلى»، وبين السجدتين: «ربي اغفر لي، ربي اغفر لي»، وكان قيامه وركوعه وإذا رفع رأسه من الركوع وسجوده وما بين السجدتين قريبًا من السواء.
شرح الشيخ: قوله: (حين كبر قال: «الله أكبر ذا الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة»)، يعني قال هذا بعد التكبير، لكن الحديث ضعيف فيه مجهول رجلٌ من بني عبس.
مداخلة: ذكره هنا يا شيخ.
الشيخ: تكلم عن الذكر.
مداخلة: قال: عدنان قال: (ورجلٌ من بني عبس هو صلة بن زفر).
الشيخ: صلة بن ظفر.
مداخلة: أي، كما جاء مصرحًا في رواية أخرى.
الشيخ: يبقى قول: «ذا الجبروت والملكوت» يتكلم على الشيخ الأثيوبي قول: «ذا الجبروت والملكوت» عن هذا، هذا قوله: «الله أكبر ذا الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة»، يعني الظاهر أنه قالها بعد تكبيرة الإحرام.
قارئ المتن: قال: فسمعه أي سمع حذيفة النبيّ صلى الله عليه وسلم حين كبر أي أراد أنْ يكبر الظرف متعلق بسمع قال: «الله أكبر» فيه أن الدخول في الصلاة يكون بهذا اللفظ «ذا الجبروت» منصوبٌ على الحالية وهو مبالغةٌ في الجبر وهو القهر، أي حال كونه صاحب القهر التام والملكوت مبالغةٌ في الملك وهو التصرف، والكبرياء قيل هي العظمة، وقيل عبارةٌ عن كمال الذات وكمال الوجود، والعظمة عطف تفصيلٍ على الأول، وعطفٌ مغايرٌ على الثاني.
وكان صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه: «سبحان ربي العظيم».
شرح الشيخ: المقصود بقوله: «ذا الجبروت والملكوت»، هذا في زيادة في هذا الحديث أنه يكون بعد تكبيرة الإحرام، قال: (رجلٌ من بني عبس) من قال سمي ماذا؟
قارئ المتن: قال: المسألة الأولى في درجة حديث حذيفة رضي الله عنه هذا صحيح، قال الجامع عفا الله عنه كيف يصح فيه الرجل المبهم أجيب بأنه يشهد له رواية صلة بن زفر عن حذيفة رضي الله عنه كما تقدَّم بيانه، على أنّ المصنِّف رحمه الله قال: إنه يشبه على أنْ يكون صلة.
فعلى هذا لا إشكال والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم.
شرح الشيخ: مَن الذي قال هذا؟
مداخلة: المصنِّف يقول لعله في [الكبرى].
الشيخ: نفسه.
مداخلة: تختلف النسخ عندي الحافظ أبو طاهر زبير علي زئي قال: (ورجلٌ من بني عبس هو صلة بن زفر كما جاء مصرحًا في رواية أخرى).
الشيخ: هذا غير نسخة الشرح.
مداخلة: ليس كلام النسائي يا شيخ، هذا كلام المحقق.
الشيخ: المحقق غير نسخة الأثيوبي، على كل حال ثابت، والزيادة فيه أنّ بعد تكبيرة الإحرام «الله أكبر ذا الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة»، هذه الزيادة، هذا فيه زيادة.
مداخلة: تكون من نوع الاستفتاح أحسن الله عملك.
الشيخ: والله، محل نظر هذا متا جاء في هذا الحديث يحتاج إلى نظر هذا الحديث، هل ورد في حديثٍ آخر هذا النوع من أنواع الاستفتاحات، هو قال عندك تكلم عن الشيخ الأثيوبي «ذا الجبروت الله أكبر».
مداخلة: نعم، أحسن الله عملك، الله أكبر فيه أنّ الدخول في الصلاة يكون بهذا اللفظ، ذا الجبروت منصوبًا على الحالية.
الشيخ: هذه.
مداخلة: لم يتكلم عنها أحسن الله إليك الشارح.
الشيخ: كأنّ وصف ذا الجبروت جاء وصف لله ولا ما يكون استفتاح، لأنه قصير وصف ذا الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، محل هذا النظر هل جاء في حديثٍ آخر هذه الزيادة هذه؟ مثل هذه الزيادة ليست موجودة في الأحاديث الأخرى يُنظر هل وردت، فإذا وردت تكون ما في إشكال.
قارئ المتن: باب القنوت بعد الركوع:
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا جريرٌ، عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: «قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا بعد الركوع يدعو على رعلٍ وذكوان وعصية عصت الله ورسوله».
شرح الشيخ: وهذا في النوازل، في مشروعية القنوت في النوازل في جميع الصلوات.
قارئ المتن: باب القنوت في صلاة الصبح:
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا حمادٌ، عن أيوب، عن ابن سيرين، أن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه سُئل: «هل قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح؟» قال: نعم، فقيل له: قبل الركوع أو بعده؟ قال: بعد الركوع.
شرح الشيخ: في مشروعية القنوت إنما يكون بعد الركوع.
قارئ المتن: أخبرنا إسماعيل بن مسعودٍ، قال: حدثنا بشر بن المفضل، عن يونس، عن ابن سيرين، قال: حدثني بعض مَن صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، فلما قال: «سمع الله لمن حمده في الركعة الثانية قام هنيهة».
أخبرنا محمد بن منصورٍ، قال: حدثنا سفيان، قال: حفظناه من الزهري، عن سعيدٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الركعة الثانية من صلاة الصبح، قال: «اللهم أنجِ الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين بمكة، اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف».
أخبرنا عمرو بن عثمان، قال: حدثنا بقية، عن ابن أبي حمزة، قال: حدثني محمدٌ، قال: حدثني سعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة حين يقول: «سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد»، ثم يقول وهو قائمٌ قبل أن يسجد: «اللهم أنجِ الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم كسني يوسف»، ثم يقول: «الله أكبر»، فيسجد، وضاحية مضر يومئذٍ مخالفون لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
شرح الشيخ: ولذلك دعا عليهم هذا في مشروعية القنوت في النوازل الدعاء للمؤمنين والدعاء على الكافرين.
مداخلة: (01:16:10).
الشيخ: نعم، مؤقتاً، ليس مستمرًا عند النوازل.
قارئ المتن: باب القنوت في صلاة الظهر:
أخبرنا سليمان بن سلم البلخي، قال: حدثنا النضر، قال: أنبأنا هشام، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لأقربن لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الآخرة من صلاة الظهر، وصلاة العشاء الآخرة، وصلاة الصبح، بعد ما يقول: سمع الله لمن حمده فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفرة».
شرح الشيخ: فيها أنّ القنوت لا يختص بصلاة الفجر، بل يكون في جميع الصلوات، هو يقول: في صلاة الظهر، وصلاة العشاء، وصلاة الصبح إذا دعت الحاجة، لكن يكون في صلاة الصبح أحيانًا وفي صلاة العشاء وإذا دعت الحاجة في جميع الصلوات، كان أبو هريرة يدعو للمؤمنين ويلعن الكفرة.
قارئ المتن: باب القنوت في صلاة المغرب:
أخبرنا عبيد الله بن سعيدٍ، عن عبد الرحمن، عن سفيان، وشعبة، عن عمرو بن مرة، ح وأخبرنا عمرو بن عليٍ، قال: حدثنا يحيى، عن شعبة وسفيان، قالا: حدثنا عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في الصبح والمغرب»، وقال عبيد الله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
باب اللعن في القنوت:
أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنسٍ، وهشامٌ، عن قتادة، عن أنسٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهرًا، قال شعبة: لعن رجالًا، وقال هشامٌ: يدعو على أحياءٍ من أحياء العرب، ثم تركه بعد الركوع، هذا قول هشامٍ، وقال شعبة: عن قتادة عن أنس رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهرًا يلعن رعلًا، وذكوان، ولحيان».
باب لعن المنافقين في القنوت:
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمرٌ، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم حين رفع رأسه من صلاة الصبح من الركعة الآخرة قال: «اللهم العن فلانًا وفلانًا» يدعو على أناسٍ من المنافقين، فأنزل الله عز وجل: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128].
شرح الشيخ: يعني الظاهر هنا لعن المنافقين في القنوت، احتمال يكون هناك منافقون يعني في غير المدينة، قال: (يدعو على أناسٍ من المنافقين)، ودعاء القنوت أبو هريرة ودعاه للمؤمنين ودعا على الكفرة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، يدل على أنّ أبا هريرة كان يحمل النسخ على الكافر المعين، يعني الكافر المعين هذا منسوخ.
قارئ المتن: ترك القنوت:
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا معاذ بن هشامٍ، قال: حدثني أبي عن قتادة عن أنس رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهرًا يدعو على حيٍ من أحياء العرب ثم تركه».
أخبرنا قتيبة، عن خلفٍ وهو ابن خليفة، عن أبي مالكٍ الأشجعي، عن أبيه رضي الله عنه قال: «صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقنت، وصليت خلف أبي بكرٍ رضي الله عنه فلم يقنت، وصليت خلف عمر رضي الله عنه فلم يقنت، وصليت خلف عثمان رضي الله عنه فلم يقنت، وصليت خلف عليًا رضي الله عنه فلم يقنت»، ثم قال: يا بني إنها بدعة.
شرح الشيخ: وهذا الحديث رواه مسلم في صحيحه فيه أنّ أبو مالك وهو سعد بن الخلف الأشجعي وأبوه طارق أخبر أنّ القنوت في الصلاة باستمرار مُحدث والمشروع هو القنوت في النوازل، ولهذا قال لابنه: ("صليت خلف رسول الله فلم يقنت، وصليت خلف أبي بكرٍ فلم يقنت، وصليت خلف عمر فلم يقنت، وصليت خلف عثمان فلم يقنت، وصليت خلف عليًا فلم يقنت" ثم قال: يا بني إنها بدعة).
وفي لفظ أن (أي بني) أنه محدث يعني القنوت باستمرار، الشافعية يروا أنّ القنوت باستمرار في صلاة الفجر، ولكن هكذا الشافعية والمالك كذلك.
مداخلة: يسرون.
الشيخ: المالكية يسرون والشافعية يرفعون، ولكن ما ينبغي التشديد في هذا من أجل ذلك، كان الإمام أحمد رحمه الله لا يرى القنوت في صلاة الفجر، وإذا صلى خلف إمام يقنت أَمَن على دعائه، ويقول: «الخلاف شر» من خالف الإمام، قالوا عن اجتهاد يستدلون بحديث أنس «ما زال النبي يقنت حتى فارق الدنيا»، قالوا هذا دليل، ولكن فُسر القنوت بأنه طول القيام.
السُنَّة القنوت أحيانًا، ولهذا قال أبي مالك الأشجعي لابنه أنه صلى خلف النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ثم قال لابنه: يا بني محدث، وقال: إنها بدعة.
قارئ المتن: باب تبريد الحصى للسجود عليه:
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا عبادٌ، عن محمد بن عمرو، عن سعيد بن الحارث، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: «كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر فآخذ قبضةً من حصًى في كفي أبرده، ثم أحوله في كفي الآخر، فإذا سجدت وضعته لجبهتي».
شرح الشيخ: وهذا يدل على ما أصاب الصحابة رضوان الله عليهم، هذا يدل نحن الآن في وسائل مكيفات مفروشة وهم هكذا يبرد الحصى حتى يسجد عليه من شدة الحر، ولعل هذا في بعض الأحيان، فلعله لم يكن عنده رداء يبسطه، ما عنده رداء يبسطه، إذا كان يلبس إزار والرداء يبسط الرداء أو الغترة أو الثوب حتى يسجد عليه إذا دعت الحاجة إليه، إذا كان الحصى حار، لكن ما عنده شيء، ما عليه إلا إزار فيأخذ الحصى يبرده من يد إلى يد حتى يسجد عليه إذا برد، كان هذا في بعض الأحيان.
قارئ المتن: باب التكبير للسجود:
أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي، قال: حدثنا حمادٌ، عن غيلان بن جريرٍ، عن مطرف، قال: صليت أنا وعمران بن حصينٍ خلف علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه «فكان إذا سجد كبر، وإذا رفع رأسه من السجود كبر، وإذا نهض من الركعتين كبر»، فلما قضى صلاته أخذ عمران بيدي، فقال: لقد ذكرني هذا -قال كلمةً يعني- صلاة محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا عمرو بن عليٍ، قال: حدثنا معاذ ويحيى، قالا: حدثنا زهيرٌ، قال: حدثني أبو إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمة والأسود، عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في كل خفضٍ ورفع، ويسلم عن يمينه وعن يساره»، وكان أبو بكرٍ وعمر -رضي الله عنهما- يفعلانه.
شرح الشيخ: فيه مشروعية التكبير للسجود وفي كل خفض ورفع، وأنّ ذلك لم يُنسخ؛ لأنه قال: (كان أبو بكرٍ وعمر يفعلانه)، الدليل على أنه ما نُسخ مُستمر، كان بعض خلفاء بني أمية لا يكبرون في الركوع وفي الخفض وفي الرفع، وهذا خلاف السُنَّة فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم يكبر في كل رفع وكذلك أبو بكر وعمر، يعني هذا ما نُسخ.
قارئ المتن: بابٌ كيف يخر للسجود.
أخبرنا إسمعيل بن مسعود، قال: حدثنا خالد، عن شعبة، عن أبي بشر، قال: سمعت يوسف وهو ابن ماهك يحدث، عن حكيم قال: «بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أخر إلا قائمًا».
شرح الشيخ: في بعض النسخ يحني، الحديث يدل على هذا قال: (أن لا أخر إلا قائمًا)، أخر يؤيد، الحديث يؤيد أنّ الترجمة هي خر.
قارئ المتن: بابٌ كيف يخر للسجود:
أخبرنا إسماعيل بن مسعود، قال: حدثنا خالدٌ، عن شعبة، عن أبي بشرٍ، قال: سمعت يوسف وهو ابن ماهك يحدث عن حكيم قال: «بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أخر إلا قائمًا».
شرح الشيخ: ماهَك فتح الهاء يكون ممنوع من الصرف، ومن كسر ماهِك صرفه إذا قلت: ماهَكَ تمنعه من الصرف، وإذا قلت: ماهكِ صرفته، قوله: «بايعت رسول الله أن لا أخر إلا قائمًا»، من الخرور وهو السقوط يعني ألا أسقط إلى السجود إلا قائمًا، أي أرجع من الركوع إلى القيام، ثم أخر منه للسجود ولا أخر من الركوع إليه، يعني أرفع رأسي من الركوع ثم أخر ساجدًا من القيام، ولا أخر إلى السجود وأنا راكع، هذا المعنى الذي فهمه المصنِّف.
قال بعض العلماء معناه كما ذكر ابن هاشم معناه «أن لا أخر إلا راكعًا» أي: لا أموت إلا ثابتًا على الإسلام، وهو مثل قوله تعالى: {وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]، وقال بعضهم: معناه لا يقع في شيءٍ من تجارته وأموره إلا قمت به منتصبًا له، وقيل: معناه ألا أَغبَن ولا أُغبَن، هكذا فسره بعض العلماء.
لكن الصواب الذي فهمه المؤلف أنّ المعنى أنّ لا أخر إلى السجود إلا من قيام، هذا هو الذي فهمه المصنِّف.
قارئ المتن: باب رفع اليدين للسجود:
أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا ابن أبي عديٍ، عن شعبة، عن قتادة، عن نصر بن عاصمٍ، عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه أنه «رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه في صلاته، إذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، وإذا سجد، وإذا رفع رأسه من السجود حتى يحاذي بهما فروع أذنيه».
شرح الشيخ: في هذه المواضع الثلاثة:
- عند تكبيرة الإحرام.
- وعند الركوع.
- وعند الرفع منه.
مداخلة: أحسن الله إليك، قوله هنا عن شعبة (01:27:19) والصواب سعيد ويدل عليه الرواية الآتية ويؤيده أن الحافظ في الفتح أورد هذا الحديث عن النسائي.
الشيخ: من هذا؟
مداخلة: هذا المُحشي أحسن الله إليك.
الشيخ: طيب.
مداخلة: ذكر يا شيخ هنا قال: سعيد هو ابن أبي عروبة وهو مدلس كما قال النسائي.
الشيخ: سعيد بن أبي عروبة، ماذا قال عليه عندك؟
قارئ المتن: قال تنبيه: وقع في الكبرى: هنا سعيد بدل شعبة وهو سعيد بن أبي عروبة وهكذا أخرج الحديث ابن حزم في [المحلى] من طريق المصنِّف ورجَّح المحقق أحمد محمد شاكر فيما كتبه على المحلى كونه سعيدًا بدل شعبة، وادَّعى أنّ ما في [المجتبى] تصحيف، ولكنه لم يقم على دعواه ولم يقم على دعواه حُجَّة مقبولة.
قلت: الذي في [المجتبى] هو الذي ذكره الحافظ أبو الحجاج المزَي في [تحفة الأشراف]، والذي يترجح عندي أنه لا تصحيف بل الروايتان صحيحتان، إذ يمكن أنْ يُحمل على أنّ ابن أبي عدي رواه عن شعبة وسعيد كليهما، والله تعالى أعلم بالصواب.
شرح الشيخ: هنا الحاشية لمن هذه؟
مداخلة: للأثيوبي أحسن الله عملك.
الشيخ: لا، الثانية، هذه الثانية؟
مداخلة: للأستاذ أحمد شاكر أحسن الله إليك
الشيخ: وماذا يقول؟
مداخلة: قوله: (شعبة) نبه الأستاذ أحمد محمد شاكر على أن هذا تصحيف والصواب سعيد، ويدل عليه الرواية الآتية ويؤيدها أن الحافظ في [الفتح].
قارئ المتن: قوله: (شعبة) نبه الأستاذ أحمد محمد شاكر على أن هذا تصحيف والصواب سعيد، ويدل عليه الرواية الآتية ويؤيدها أنّ الحافظ في [الفتح] أورد هذا الحديث عن النسائي فذكر سعيد بن أبي عروبة عن قتادة إلى آخره، وابن حزم في المحلى رواه من طريق المصنف فقال فيه سعيد عن قتادة الحديث.
الشيخ: هذا عنهما، جاء عن سعيد وعن قتادة.
مداخلة: يعني نثبت يا شيخ في الحديث الأول شعبة؟
الشيخ: نعم؟
مداخلة: الحديث الأول نثبت شعبة يعني؟
الشيخ: هذا وهذا، جاء هذا وهذا الأمر واسع؛ لأنه روى عنهما جميعًا.
قارئ المتن: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن نصر بن عاصمٍ، عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه، فذكر مثله.
أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن نصر بن عاصم، عن مالك بن الحويرث، أنه رأى نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل في الصلاة، فذكر نحوه وزاد فيه: «وإذا ركع فعل مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من الركوع فعل مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من السجود فعل مثل ذلك».
شرح الشيخ: هذا فيه رفع اليدين عند السجود يعني الرفع من السجود.
قارئ المتن: ترك رفع اليدين عند السجود.
شرح الشيخ: ذكر وإذا رفع رأسه من الركوع حديث ابن عمر في الصحيحين ليس فيه رفعٌ وما إلا عند الإحرام وعند الركوع وعند الرفع من الركوع، ولو صحَّ هذا الحديث فقيل إنه يرفع أحيانًا في السجود وعند الرفع أحيانًا لا يرفع جاء بهذا الحديث، ولكن الحديث ساقه المؤلف من ثلاثة طرق كلها مدارها عن قتادة عن نصر بن عاصم، وقتادة مدلس، وقد عنعن وهو مدلس لا تُقبل روايته ما لم يُصرح بالسماع ويكون الحديث ضعيف.
وقيل إن رواية شعبة عن قتادة تدل على أنه لم يدلس؛ لأنّ شعبة جبل الحق فهو لا يروي إلا عن ثقة، لكن هذا يحتاج إلى مراجعة، المعروف في الأحاديث الصحيحة أنه لا يرفع في السجود وكان لا يرفع مر بنا وكان لا يرفع ذلك في السجود، وسيأتي في الحديث الذي بعده الذي أخرجه الشيخ.
قارئ المتن: ترك رفع اليدين عند السجود:
أخبرنا محمد بن عبيد الكوفي المحاربي، قال: حدثنا ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري، عن سالمٍ، عن ابن عمرٍ رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وإذا ركع، وإذا رفع، وكان لا يفعل ذلك في السجود».
شرح الشيخ: وهذا أخرجه الشيخان «لا يفعل ذلك في السجود» هذا هو الأصل المقدم، عندك سوف يتكلم عليها؟ أطال في هذا؟
مداخلة: (01:33:22).
الشيخ: يقول سبق وقلنا إنه لو صح يُجمع بينهما وبين أنه يفعل هذا أحيانًا، لكن الحدي فيث الصحيحين مُقدم فيه كما سبق فيه تدليس ماذا قال عليه؟
مداخلة: قال: وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة، فذهب الجمهور إلى عدم مشروعية الرفع في السجود ولا في الرفع منه، وذهبت طائفة إلى مشروعيته، وقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن وكيع عن حماد بن سلمة عن يحيى بن أبي إسحاق عن أنس رضي الله عنه أنه كان يرفع يديه بين السجدتين.
وعن أبي أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهم- أنه كان يرفع يديه إذا رفع رأسه من السجدة الأولى، وعن ابن علية عن أيوب قال: رأيت نافعًا وطاووسًا يرفعان أيديهما بين السجدتين، وعن يزيد بن هارون عن أشعث عن الحسن بن سيرين أنهما كانا يرفعان.
الشيخ: ماذا بعده؟ المهم الحديث كلامه عن الحديث الآن، الحديث ما تكلم على الحديث؟ الحديث الذي قبل هذا: «وإذا رفع رأسه من السجود»، تكلم على درجة الحديث؟ لا، على درجة الحديث حديث مالك بن الحويرث: «وإذا رفع رأسه من الركوع فعل مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من السجود»، فيه عن قتادة.
مداخلة: قال: والحاصل أنّ قول مَن قال باستحباب رفع اليدين في السجود هو الراجح لصحة دليله، ولكن مثل هذه السُنَّة يُعمل بها أحيانًا؛ لأنّ أحاديث النفي صحيحة أيضًا، فيُجمع بينها وبين أحاديث الإثبات بحمل أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك أحيانًا، فبهذا تجتمع أحاديث الباب ويمكن العمل.
الشيخ: هذا الكلام قلناه، قلنا لو صح لقيل يُفعل هذا أحيانًا، لكن في سند قتادة عن نصر بن عاصم، والحديث في الصحيحين عن ابن عمر في الصحيح: «وكان لا يفعل ذلك في السجود»، الأصل هذا، الأصل أنه لا يفعل هذا في السجود.
مداخلة: ذكر كلام الشيخ أحمد شاكر.
الشيخ: أنه ماذا؟
مداخلة: قال: وأما قول ابن حزم فقال العلامة أحمد محمد شاكر رفع الله قدره بأنها زيادة على ما رووه في الرفع في المواطن الأربع والكل ثقة فيما روى وشاهد، وأخذ الزيادات فرض، ففيه أنّ الزيادات تُقبل إذا لم تكن منافية، وهذه الزيادة معارضة لنفي ابن عمر رضي الله عنه، والإثبات يُقدم على النفي.
الشيخ: لا، هذه طريقة الفقهاء والأصوليين أنّ الزيادة مقبولة، لكن المحدثون يحكمون على كل زيادة على حدا، الصواب مثلما قال: «وكان لا يفعل ذلك في السجود»، مقررة البخاري مُقدمة، فالأصل هو هذا حتى يصح الحديث، الحديث الآن فيه مقال.
مداخلة: قال قوله: (01:36:49).
الشيخ: البعض يقول أنّ الظاهر أنه كان يفعل ذلك أحيانًا ويترك أحيانًا، لكن غالب العلماء على ترك الرفع وقت السجود، وكأنهم أخذوا بذلك بناءً على أنه الأصل، والأقرب والله أعلم أنه لا يرفع في السجود، وهذا على رواية البخاري هي الصحيحة وما عارضها يكون لا يصح، ما صح ولو صح ممكن الجمع بينهما بين أن يفعل هذا أو هذا.
مداخلة: (01:37:23).
الشيخ: نعم، ما يرفع وكذلك إذا رفع من السجود.
مداخلة: (01:37:29).
الشيخ: كذلك لا يرفع، لا يرفع إلا في المواضع الأربعة.
قارئ المتن: باب أول ما يصل إلى الأرض من الإنسان في سجوده:
أخبرنا الحسين بن عيسى القومسي البسطامي، قال: حدثنا يزيد وهو ابن هارون، قال: أنبأنا شريكٌ، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه».
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا عبد الله بن نافعٍ، عن محمد بن عبد الله بن حسن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يعمد أحدكم في صلاته فيبرك كما يبرك الجمل».
أخبرنا هارون بن محمد بن بكار بن بلالٍ من كتابه، قال: حدثنا مروان بن محمدٍ، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن الحسن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سجد أحدكم فليضع يديه قبل ركبتيه ولا يبرك بروك البعير».
شرح الشيخ: في حديث وائل بن حجر: (وليضع ركبتيه قبل يديه)، وفي النهوض بالعكس يعني: إذا سجد يبدأ بالأقرب والأقرب، الأقرب الركبتين يضعهما ثم اليدين، وعند القيام بالعكس ينهض اليدين ثم الركبتين، هذا هو حديث وائل بن حجر ورجحه جمعٌ من المحققين اختاره العلامة ابن القيم واختاره سماحة الشيخ ابن باز، وجمع من المحققين على حديث وائل بن حجر، وهذا هو قال: «ولا يبرك بروك البعير» البعير يداه في ركبتيه، فإذا قدم يديه فقد وقف البعير هذا هو الذي ذهب إليه جمع من المحققين.
وأما الحديث الثاني فقال: «إذا سجد أحدكم فليضع يديه قبل ركبتيه ولا يبرك بروك البعير»، هذا قال ابن القيم رحمه الله إنه حصل انقلاب على الراوي، الأصل يريد أنْ يقول: فليضع ركبتيه قبل يديه فقال: «فليضع يديه قبل ركبتيه»، وقال جمعٌ آخرٌ من أهل العلم إنه ليس فيه انقلاب وإنه المراد أنه يضع يديه قبل ركبتيه، وهذا الذي رجحه الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله رجح حديث أبي هريرة.
والأول حديث وائل بن حجر والذي رجحه ابن القيم وجماعة من المحققين على حديث وائل بن حجر، وهذا إذا كان ليس عليه مشقة، أما إذا كان كبير السن أو كان مريض فيضع يديه قبل، لكن إذا كان ما عليه مشقة، والمسألة فيها سنية فقط لا ينبغي التشديد في مثل هذا الأمر واسع.
مداخلة: الحسين بن عيسى بن حمران الطائي أَبُو عَلِيّ البسطامي القومسي نزيل نيسابور صدوقٌ صاحب حديث.
الشيخ: ما ضبطه؟
مداخلة: ضبطه بالشكل.
الشيخ: بالشكل، يقول الشيخ أنت قرأتها قوامسي، لا يوجد ألف بعدها: القومسي.
القومسي الحاشية وماذا ذكر؟
مداخلة: قال القومسي بضم القاف وسكون الواو وفتح الميم.
الشيخ: القومسي.
قارئ المتن: باب وضع اليدين مع الوجه في السجود.
أخبرنا زياد بن أيوب دلويه.
شرح الشيخ: (دلويه): لقب لزياد لقبه دلويه، بفتح الدال وضم اللام كما في [التقريب] دال دلويه بفتح الدال وضم اللام.
قارئ المتن: أخبرنا زياد بن أيوب دلويه، قال: حدثنا ابن علية، قال: حدثنا أيوب، عن نافعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما رفعه، قال: «إن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه، فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه، وإذا رفعه فليرفعهما».
بابٌ على كم السجود.
أخبرنا قتيبةٌ، قال: حدثنا حماد، عن عمرو، عن طاووسٍ، عن ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- قال: «أُمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعضاء، ولا يكف شعره ولا ثيابه».
شرح الشيخ: يعني يترك شعره يسجد مع ثيابه لا يرفع شعره أو يرفع ثيابه، يسجد بثيابه وشعره.
قارئ المتن: تفسير ذلك.
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا بكرٌ، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن عامر بن سعد، عن العباس بن عبد المطلب، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سجد العبد سجد منه سبعة آراب: وجهه، وكفاه، وركبتاه، وقدماه».
شرح الشيخ: (آراب) يعني: أعضاء، «وجهه، وكفاه، وركبتاه» خمس، «وقدماه» سبعة.
قارئ المتن: السجود على الجبين:
أخبرنا محمد بن سلمة، والحارث بن مسكينٍ، قراءةً عليه وأنا أسمع واللفظ له، عن ابن القاسم، قال: حدثني مالك، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن أبي سلمة، عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: «بصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبينه وأنفه أثر الماء والطين من صبح ليلة إحدى وعشرين».
شرح الشيخ: كانت ليلة القدر في تلك السنة.
قارئ المتن: السجود على الأنف.
أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح، ويونس بن عبد الأعلى، والحارث بن مسكين، قراءةً عليه وأنا أسمع واللفظ له، عن ابن وهبٍ، عن ابن جريجٍ، عن عبد الله بن طاوسٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ رض الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أُمرت أن أسجد على سبعةٍ لا أكف الشعر ولا الثياب: الجبهة، والأنف، واليدين، والركبتين، والقدمين».
السجود على اليدين.
أخبرنا عمرو بن منصور النسائي، قال: حدثنا المعلى بن أسد، قال: حدثنا وهيب، عن عبد الله بن طاووسٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة، وأشار بيده على الأنف، واليدين والركبتين، وأطراف القدمين».
السجود على الركبتين.
أخبرنا محمد بن منصور المكي، وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الزهري، قالا: حدثنا سفيان، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، «أُمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعٍ، ونهي أن يكفت الشعر والثياب على يديه وركبتيه وأطراف أصابعه»، قال سفيان: قال لنا ابن طاووسٍ: «ووضع يديه على جبهته وأمرها على أنفه»، قال: هذا واحدٌ واللفظ لمحمد.
شرح الشيخ: يعني يعد السبعة؛ هذا واحد، الجبهة والأنف واحد، واليدين اثنين، والركبتين اثنين، وأطراف القدمين اثنين، سبعة.
قارئ المتن: باب السجود على القدمين.
أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن شعيب، عن الليث، قال: أخبرنا ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن عباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب: وجهه، وكفاه، وركبتاه، وقدماه».
باب نصب القدمين في السجود.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عبدة، قال: حدثنا عبيد الله بن عمر، عن محمد بن يحيى بن حبان.
شرح الشيخ: هل تكلم عليه عندك؟
مداخلة: قال: تنبيه: وقع في النسخة المطبوعة عبيدة مُصغرًا وهو تصحيفٌ فاحش، والصواب عبدة مُكبرًا كما في النسخة الهندية، فتنبه والله تعالى أعلم.
الشيخ (قال: أنبأنا عبدة).
قارئ المتن: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبدة، قال: حدثنا عبيد الله بن عمر، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: فقدت رسول صلى الله عليه وسلم ذات ليلةٍ فانتهيت إليه وهو ساجد وقدماه منصوبتان وهو يقول: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك».
شرح الشيخ: والشاهد نصب القدمين في السجود.
قارئ المتن: باب فتخ أصابع الرجلين في السجود.
أخبرنا محمد بن بشارٍ، قال: حدثنا يحيى بن سعيدٍ، قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفرٍ، قال: حدثني محمد بن عطاءٍ، عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أهوى إلى الأرض ساجدًا جافى عضديه عن إبطيه، وفتخ أصابع رجليه». مُختصر.
شرح الشيخ: (فتخ) يعني لينها حتى تنثني ويوجهها إلى القبلة.
قارئ المتن: باب مكان اليدين من السجود.
أخبرني أحمد بن ناصحٍ، قال: حدثنا ابن إدريس، قال: سمعت عاصم بن كليبٍ يذكر، عن أبيه، عن وائل بن حجر قال: قدمت المدينة فقلت: لأنظرنَّ إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكبَّر ورفع يديه حتى رأيت إبهاميه قريبا من أذنيه، فلما أراد أن يركع كبر ورفع يديه، ثم رفع رأسه فقال: «سمع الله لمن حمده»، ثم كبر وسجد، فكانت يداه من أذنيه على الموضع الذي استقبل بهما الصلاة.
شرح الشيخ: كونها تحاذي أذنيه يديه في السجود كما يكون في التكبير.
قارئ المتن: باب النهي عن بسط الذراعين في السجود:
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا يزيد وهو ابن هارون، قال: حدثنا أبو العلاء واسمه أيوب بن أبي مسكين، عن قتادة، عن أنسٍ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يفترش أحدكم ذراعيه في السجود افتراش الكلب».
باب صفة السجود.
أخبرنا علي بن حجر المروزي، قال: أنبأنا شريك، عن أبي إسحاق، قال: وصف لنا البراء رضي الله عنه السجود فوضع يديه بالأرض، ورفع عجيزته، وقال: «هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل».
شرح الشيخ: (عجيزته) العجيز مؤخر الشيء، والعجيزة خاصة بالمرأة.
قارئ المتن: أخبرنا عبدة بن عبد الرحيم المروزي، قال: حدثنا ابن شميل هو النضر، قال: أنبأنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن البراء رضي الله عنه، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى جخّى».
شرح الشيخ: «جخّى» يعني فتح عضديه وجافهما عن جنبيه.
قارئ المتن: أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا بكرٌ، عن جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، عن عبد الله بن مالك ابن بحينة رضي الله عنه، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى فرّج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه».
أخبرنا محمد بن عبد الله بن بزيعٍ، قال: حدثنا معتمر بن سليمان، عن عمران، عن أبي مجلز، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «لو كنت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبصرت إبطيه»، قال أبو مجلز: كأنه قال ذلك لأنه في صلاة.
شرح الشيخ: يعني: لأنه جاء في عضديه حتى يُرى بياض إبطيه، يقول لو كنت في غير الصلاة لرأيت البياض لكن أنا مشغول في الصلاة.
قارئ المتن: أخبرنا علي بن حجرٍ، قال: أخبرنا إسماعيل، قال: حدثنا داود بن قيسٍ، عن عبيد الله بن عبد الله بن أقرم، عن أبيه قال: «صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت أرى عفرة إبطيه إذا سجد».
شرح الشيخ: والعفرة هي البياض الذي فيه كترة، قيل إنما يرى بياض إبطيه كان يصلي؛ لأنه النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعهد شعر إبطيه، وقيل إنه ليس في إبطيه شعر لم ينبت فيه شعر.
قارئ المتن: باب التجافي في السجود.
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا سفيان، عن عبيد الله وهو ابن عبد الله بن الأصم، عن عمه يزيد وهو ابن الأصم، عن ميمونة رضي الله عنها، «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد جافى يديه، حتى لو أن بهمةً أرادت أن تمر تحت يديه مرت».
باب الاعتدال في السجود.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبدة، قال: حدثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن أنس، ح وأخبرنا إسماعيل بن مسعودٍ، عن خالد، عن شعبة، عن قتادة، قال: سمعت أنسًا رضي الله عنه يقول، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب»، اللفظ لإسحاق.
باب إقامة الصلب في السجود.
أخبرنا علي بن خشرمٍ المروزي، قال: أنبأنا عيسى وهو ابن يونس، عن الأعمش، عن عمارة، عن أبي معمرٍ، عن أبي مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تجزئ صلاةٌ لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود».
شرح الشيخ: لا بد من إقامة الصلب والطمأنينة.
قارئ المتن: باب النهي عن نقرة الغراب.
أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن شعيب، عن الليث، قال: حدثنا خالدٌ، عن ابن أبي هلال، عن جعفر بن عبد الله، أن تميم بن محمودٍ أخبره، أن عبد الرحمن بن شبلٍ أخبره، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثلاثٍ: عن نقرة الغراب، وافتراش السبع، وأن يوِّطن الرجل المقام للصلاة كما يوِّطن البعير».
شرح الشيخ: المقام بضم الميم من الرباعي أقام وهو المراد هنا، أما المقام هو من الثلاثي، قال (01:54:58) معناها أن يألف الرجل مكانًا معلومًا من المسجد مخصوصًا به يصلي فيه ما يتعداه كالبعير لا يأوي من عطنٍ إلا إذا ما برك، دمس خذه وطنه واتخذه مناخًا.
وقيل معناها أنْ يبرك على ركبتيه، يعني بعض الناس تجده إذا جاء ما يتعدى المكان الواحد ما يغير هذا المكان، هذا منهي عنه، يكون عن يمين الإمام وعن يسار الإمام، يكون مرة هنا ويكون مرة هنا، ما يتخذ مكان لا يتعداه، لكن الحديث فيه كلام تكلم عن الحديث بسنده تميم بن محمود، غيره تكلم عن درجة الحديث.
مداخلة: قال: حديث عبد الرحمن بن شبر رضي الله تعالى عنه: هذا صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وفي سنده تميم بن محمود وهو ضعيف كما تقدم في ترجمته، وقد تفرد به عن عبد الرحمن ففي تصحيحه نظر، قال: وحسَّنه الشيخ الألباني.
قارئ المتن: باب النهي عن كف الشعر في السجود.
أخبرنا حميد بن مسعدة قال، عن يزيد وهو ابن زُريعٍ، قال: حدثنا شعبة، وروحٌ يعني ابن القاسم، عن عمرو بن دينارٍ، عن طاووسٍ، عن ابن عباسٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أُمرت أن أسجد على سبعةٍ، ولا أكف شعرًا، ولا ثوبًا».
شرح الشيخ: يعني ثيابه كذا، بعض الناس كذا غترته هكذا أو هكذا يسجد على ثيابه وغترته ما يكف شيئًا أو يفسر ذراعيه، لا، يسجد بثيابه لا يكف الشعر ولا الثوب، لا يكف الذراعين ولا يكف الغترة، يسجد لا يكف الشعر ولا يكف الثوب، كذلك الشعر يسجد بشعره وبثيابه إذا كان له شعر في رأسه، لا يكفه ولا يجعله فوق رأسه ولا على كتفيه.
قارئ المتن: باب مثل الذي يصلي ورأسه معقوصٌ.
أخبرنا عمرو بن سواد بن الأسود بن عمروٍ السرحي، من ولد عبد الله بن سعد بن أبي سرحٍ قال: أنبأنا ابن وهبٍ، قال: أنبأنا عمرو بن الحارث، أن بكيرًا حدثه، أن كريبًا مولى ابن عباس حدثه، عن عبد الله بن عباس، أنه رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسه معقوصٌ من ورائه، فقام فجعل يحله، فلما انصرف أقبل إلى ابن عباس فقال: ما لك ورأسي؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف».
شرح الشيخ: (رأسه معقوص) هو جمع الشعر، يجمع شعره وسط رأسه ويؤلف ذوائب حول رأسه كما تفعل النساء هكذا في الوسط، هذا المعقوص.
قارئ المتن: النهي عن كف الثياب في السجود:
أخبرنا محمد بن منصور المكي، عن سفيانٍ، عن عمرو، عن طاووسٍ، عن ابن عباسٍ، قال: «أُمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعظمٍ، ونُهي أن يكف الشعر والثياب».
باب السجود على الثياب.
أخبرنا سويد بن نصرٍ، قال: أنبأنا عبد الله بن المبارك، عن خالد بن عبد الرحمن هو السلمي، قال: حدثني غالبٌ القطان، عن بكر بن عبد الله المزني، عن أنسٍ قال: «كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظهائر سجدنا على ثيابنا اتقاء الحر».
شرح الشيخ: ظهائر جمع ظهيرة وهي شدة الحر، يتكلم عن السلمي بالضم يقول: (هو السُلمي)، الشكل ما ضبطها الأثيوبي؟ يحتمل أنه السُلَمي ما ضبطها حتى في التقريب ما ضبطها، لكن بالضم وبالفتح؛ والأصل الضم السُلمي من بني سُليم لأنهم قبيلة كبيرة، ولو كان السَلَمي بالفتح لكان من بني سَلَمة من الأنصار ولا ضبطها؛ لأنهم أقل، إن لم يضبطها فالأصل السُلَمي، الأصل السُلمي هم القبيلة المعروفة.
قارئ المتن: باب الأمر بإتمام السجود.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عبدة، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن أنسٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتموا الركوع والسجود، فوالله إني لأراكم من خلف ظهري في ركوعكم وسجودكم».
شرح الشيخ: وهذه خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم أعطاه الله قوة يرى المؤمنين من وراء ظهره، وهذا فيه حثٌ لهم على إتمام الركوع والسجود: «إني لأراكم من وراء ظهري» هذه خصوصية له.
قارئ المتن: باب النهي عن القراءة في السجود.
أخبرنا أبو داود سليمان بن سيفٍ، قال: حدثنا أبو علي الحنفي، وعثمان بن عمر، قال أبو عليٍ: حدثنا، وقال عثمان: أنبأنا داود بن قيس، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه، عن ابن عباس، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «نهاني حبي صلى الله عليه وسلم عن ثلاثٍ: لا أقول نهى الناس نهاني عن تختم الذهب، وعن لبس القسي، وعن المعصفر المفدمة، ولا أقرأ ساجدًا ولا راكعًا».
أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح، قال: أنبأنا ابن وهب، عن يونس، ح والحارث بن مسكين، قراءًة عليه وأنا أسمع، عن ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني إبراهيم بن عبد الله، أن أباه حدثه، أنه سمع عليا قال: «نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ راكعًا أو ساجدًا».
شرح الشيخ: هذا فيه النهي عن القراءة ساجدًا، مر بنا في الترجمة السابقة في الركوع، هنا في السجود، وهذا ليس خاصًا بعلي لما عُرف بالأصول من النبي صلى الله عليه وسلم إذا أمر واحدًا فهو أمر للأمة كله، وإذا أنهى أحدًا فهو نهيٌ للأمة كلها، إلا ما دل الدليل على الخصوصية كقوله لصاحب الجدع: «تجزئك ولا تجزئ عن أحدٍ بعدك»، وإنما المراد أنه أخبر بكيفية صيغة النهي كما سبق، والقسي: نوعٌ من الحرير، والمعصفر: مصبوغ بالعصفر، والمفدم يعني: المشبع بالحمرة.
قارئ المتن: باب الأمر بالاجتهاد في الدعاء في السجود.
أخبرنا علي بن حجر المروزي، قال: أنبأنا إسماعيل هو ابن جعفر، قال: حدثنا سليمان بن سحيم، عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس، عن أبيه، عن عبد الله بن عباس قال: كشف رسول صلى الله عليه وسلم الستر ورأسه معصوب في مرضه الذي مات فيه فقال: «اللهم قد بلغت -ثلاث مرات- إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها العبد أو تُرى له، ألا وإني قد نهيت عن القراءة في الركوع والسجود، فإذا ركعتم فعظموا ربكم، وإذا سجدتم فاجتهدوا في الدعاء فإنه قمنٌ أن يُستجاب لكم».
شرح الشيخ: هذا الحديث في مسلم ما عدا قوله: «اللهم قد بلغت»، قوله: «إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة»، جاء في عدة أحاديث، وهو توكيد لختم النبوة بمحمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
قارئ المتن: باب الدعاء في السجود.
أخبرنا هناد بن السري، عن أبي الأحوص، عن سعيد بن مسروق، عن سلمة بن كهيل، عن أبي رشدين وهو كريبٌ، عن ابن عباس قال: بت عند خالتي ميمونة بنت الحارث وبات رسول صلى الله عليه وسلم عندها، فرأيته قام لحاجته فأتى القربة فحل شناقها، ثم توضأ وضوءًا بين الوضوءين، ثم أتى فراشه فنام، ثم قام قومةً أخرى فأتى القربة فحل شناقها، ثم توضأ وضوءًا هو الوضوء، ثم قام يصلي وكان يقول في سجوده: «اللهم اجعل في قلبي نورًا، واجعل في سمعي نورًا، واجعل في بصري نورًا، واجعل من تحتي نورا، واجعل من فوقي نورًا، وعن يميني نورًا، وعن يساري نورًا، واجعل أمامي نورًا، واجعل خلفي نورًا، وأعظم لي نورًا»، ثم نام حتى نفخ، فأتاه بلالٌ فأيقظه للصلاة.
شرح الشيخ: وهذا خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم أنّ نومه لا ينقض الوضوء، وفيه ابن عباس وهو صغير انظر عنايته جالس ما نام وهو صغير، صبي بات عند خالته ميمونة ويرقب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: قام النبي لحاجته فأتى القربة فحل شناقها، يعني الحبل الذي يُربط به فم القربة، (ثم توضأ وضوءًا ثم قام يصلي وكان يقول في سجوده)، هذا الصبي الصغير يرقب عليه وحفظ هذا الدعاء، قال: ثم نام ثم قام مرةً أخرى وهكذا، أين الصبيان الآن من هذا؟ أين الكبار عن هذا؟
قارئ المتن: أخبرنا سويد بن نصر، قال: أنبأنا عبد الله، عن سفيان، عن منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة قالت: كان رسول صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي» يتأول القرآن.
شرح الشيخ: («سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي» يتأول القرآن) هذا في الصحيحين رواه البخاري في الصحيحين، ومعنى (يتأول القرآن) يعني: يفعل ما أُمر به في القرآن؛ لأنه الله أمر قال: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 1-3]، فهو يتأول القرآن كان يقول بعد نزول هذه السورة يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك»، يعني يفعل ما أُمر به في القرآن.
قارئ المتن: نوعٌ آخر.
أخبرنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة، قالت: كان رسول صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي» يتأول القرآن.
نوعٌ آخر.
أخبرنا محمد بن قدامة، قال: حدثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن هلال بن يسافٍ، قال: قالت عائشة رضي عنها: «فقدت رسول صلى الله عليه وسلم من مضجعه فجعلت ألتمسه، وظننت أنه أتى بعض جواريه، فوقعت يدي عليه وهو ساجد وهو يقول: «اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت»».
أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا شعبة، عن منصورٍ، عن هلال بن يسافٍ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فظننت أنه أتى بعض جواريه، فطلبته فإذا هو ساجد يقول: «رب اغفر لي ما أسررت وما أعلنت»».
شرح الشيخ: وهذا من الغيرة التي أصابته، فقدت ظنت أنه راحل لبعض مع نسائه الأخرى؛ فإذا هو ساجد لأنها ما ترى ما في نور، كما قالت: وكانت البيوت ليس فيها مصابيح، فوجدته قائمٌ يصلي ويدعو بهذا الدعاء.
قارئ المتن: نوعٌ آخر.
أخبرنا عمرو بن عليٍ، قال: حدثنا عبد الرحمن هو ابن مهديٍ، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، قال: حدثني عمي الماجشون بن أبي سلمة، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي، أن رسول صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد يقول: «اللهم لك سجدت، ولك أسلمت، وبك آمنت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره فأحسن صورته وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين».
نوعٌ آخر.
أخبرنا يحيى بن عثمان، قال: أنبأنا أبو حيوة، قال: حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: «اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وأنت ربي، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين».
نوعٌ آخر.
أخبرنا يحيى بن عثمان، قال: أنبأنا ابن حمير، قال: حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر ـ وذكر آخر قبله ـ عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن محمد بن مسلمة، أن رسول صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يصلي تطوعًا قال إذا سجد: «اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، اللهم أنت ربي، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين».
نوعٌ آخر.
أخبرنا سوار بن عبد الله بن سوار القاضي، ومحمد بن بشار، عن عبد الوهاب، قال: حدثنا خالد، عن أبي العالية، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجود القرآن في سجود القرآن بالليل: «سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته».
شرح الشيخ: وهذا الذكر يُقال أيضًا في سجدة التلاوة: «سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره، فتبارك الله أحسن الخالقين».
قارئ المتن: نوعٌ آخر.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا جرير، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن عائشة قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فوجدته وهو ساجدٌ وصدور قدميه نحو القبلة، فسمعته يقول: «أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءُ عليك أنت كما أثنيت على نفسك».
نوعٌ آخر.
أخبرنا إبراهيم بن الحسن المصيصي المقسمي، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: أخبرني ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه، فتحسسته فإذا هو راكع أو ساجد، يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت»، فقالت: بأبي أنت وأمي إني لفي شأنٍ، وإنك لفي آخر.
شرح الشيخ: يعني أفديك بأبي وأمي، أنا في شأن أني ظننت أنه راحل لبعض نسائه وهو يصلي، أنا في شأن وأنت في شأن، أصابتها الغيرة.
قارئ المتن: نوعٌ آخر.
أخبرني هارون بن عبد الله، قال: حدثنا الحسن بن سوار، قال: حدثنا ليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن عمرو بن قيس الكندي، أنه سمع عاصم بن حميد يقول: سمعت عوف بن مالك يقول: قمت مع النبي صلى الله عليه وسلم فبدأ فاستاك وتوضأ، ثم قام فصلى فبدأ فاستفتح من البقرة، لا يمر بآية رحمة إلا وقف وسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف يتعوذ، ثم ركع فمكث راكعًا بقدر قيامه، يقول في ركوعه: «سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة»، ثم سجد بقدر ركوعه يقول في سجوده: «سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة»، ثم قرأ آل عمران، ثم سورةً، ثم سورةً، فعل مثل ذلك.
شرح الشيخ: وهذا الحديث رواه مسلم في صحيحه فيه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم يصلي صلاةً طويلة قرأ سورة البقرة، (ثم ركع فمكث راكعًا بقدر قيامه) الركوع طول القيام، ثم سجد وكانت بقدر ركوعه أيضًا، ركوعه بقدر القيام وسجوده بقدر القيام مَن يستطيع هذا؟ قدر قراءة سورة البقرة، أعطاه الله من القوة عليه الصلاة والسلام والتحمل.
قارئ المتن: نوعٌ آخر.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا جرير، عن الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن المستورد بن الأحنف، عن صلة بن زفر، عن حذيفة قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلةٍ فاستفتح بسورة البقرة، فقرأ بمائة آيةٍ لم يركع، فمضى قلت: يختمها في الركعتين، فمضى قلت: يختمها ثم يركع، فمضى حتى قرأ سورة النساء، ثم قرأ سورة آل عمران، ثم ركع نحوًا من قيامه يقول في ركوعه: «سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم»، ثم رفع رأسه فقال: «سمع الله لمن حمده وربنا لك الحمد» وأطال القيام، ثم سجد فأطال السجود يقول في سجوده: «سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى» لا يمر بآية تخويفٍ أو تعظيمٍ لله عز وجل إلا ذكره.
شرح الشيخ: وهذا رواه مسلم في صحيحه، حذيفة صلى مع النبي قال: استفتح بالبقرة، يقول: فإذا قرأ من الآية التالية ركع مضى، قلت لعله يقسمها بين الركعتين البقرة فمضى حتى أكمل البقرة، فمضى حتى قرأ سورة النساء، ثم قرأ سورة آل عمران، «ثم ركع نوحًا من قيامه» يعني: قريب من قيامه، (ثم رفع رأسه فقال: «سمع الله لمن حمده» وأطال القيام، ثم سجد فأطال السجود) نحوًا من ركوعه، صلاته طويلة عليه الصلاة والسلام يعني تستغرق ساعات، يعني ما يقرب من أربع ساعات.
قارئ المتن: نوعٌ آخر.
أخبرنا بندار محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان، وابن أبي عدي، عن شعبة، قالا: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن مطرف، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: «سبّوحٌ قدّوسٌ رب الملائكة والروح».
عدد التسبيح في السجود.
أخبرنا محمد بن رافع، قال: حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن عمر بن كيسان، قال: حدثني أبي، عن وهب بن مانوس، قال: سمعت سعيد بن جبير، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: ما رأيت أحدًا أشبه صلاةً بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى يعني عمر بن عبد العزيز فحزرنا «في ركوعه عشر تسبيحات، وفي سجوده عشر تسبيحات».
شرح الشيخ: هذا صحابي وصلى خلف عمر بن عبد العزيز لما كان أمير المدينة للوليد، فكان يحزر في ركوعه عشر تسبيحات، وفي الركوع والسجود قال أنس: «هذا أشبه صلاةً بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم»، هذا دليل على أنّ النبي صلى الله عليه وسلم يطيل في الركوع والسجود عشر تسبيحات، والآن أكثر الأئمة يسرع في الركوع والسجود تسبيحتان ثلاثة وإنْ كان الفقهاء يقولون الواجب مرة وأدنى الكمال ثلاث، لكن ينبغي الطمأنينة والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
قارئ المتن: باب الرخصة في ترك الذكر في السجود.
أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ أبو يحيى بمكة وهو بصري، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا همام، قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أن علي بن يحيى بن خلاد بن مالك بن رافع بن مالك حدثه، عن أبيه، عن عمه رفاعة بن رافع قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ونحن حوله إذ دخل رجل فأتى القبلة فصلى، فلما قضى صلاته جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى القوم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وعليك، اذهب فصل فإنك لم تصلِّ»، فذهب فصلى فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمق صلاته، ولا يدري ما يعيب منها، فلما قضى صلاته جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى القوم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وعليك، اذهب فصل فإنك لم تصل»، فأعادها مرتين أو ثلاثًا، فقال الرجل: يا رسول الله، ما عبت من صلاتي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها لم تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عز وجل، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين، ثم يكبر الله عز وجل ويحمده ويمجده».
قال همام: وسمعته يقول: «ويحمد الله، ويمجده، ويكبره» قال: فكلاهما قد سمعته يقول، قال: «ويقرأ ما تيسر من القرآن مما علمه الله وأذن له فيه، ثم يكبر ويركع حتى تطمئن مفاصله وتسترخي، ثم يقول: سمع الله لمن حمده، ثم يستوي قائما حتى يقيم صلبه، ثم يكبر ويسجد حتى يمكن وجهه»، وقد سمعته يقول: «جبهته حتى تطمئن مفاصله، وتسترخي، ويكبر فيرفع حتى يستوي قاعدًا على مقعدته ويقيم صلبه، ثم يكبر فيسجد حتى يمكن وجهه ويسترخي، فإذا لم يفعل هكذا لم تتم صلاته».
شرح الشيخ: استدل به المؤلف رحمه الله على ترك الذكر في السجود ليس بظاهر، قال: (ويسجد حتى يمكن وجهه) يعني ما ذكر هنا، ليس بظاهر إنما مذكور في الأحاديث الأخرى.
قارئ المتن: أقرب ما يكون العبد من الله عز وجل.
أخبرنا محمد بن سلمة، قال: حدثنا ابن وهب، عن عمرو يعني ابن الحارث، عن عمارة بن غزية، عن سمي، أنه سمع أبا صالح، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أقرب ما يكون العبد من ربه عز وجل وهو ساجد فأكثروا الدعاء».
فضل السجود.
أخبرنا هشام بن عمار، عن هِقْلٍ بن زياد الدمشقي، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: حدثني ربيعة بن كعب الأسلمي قال: كنت آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوئه وبحاجته، فقال: «سلني»، قلت: مرافقتك في الجنة، قال: «أو غير ذلك»، قلت: هو ذاك، قال: «فأعني على نفسك بكثرة السجود».
شرح الشيخ: هذا رواه مسلم في صحيحه والمراد «بكثرة السجود» كثرة الصلاة، وفي رواية أنه قال: أسألك أنْ تشفع لي يوم القيامة، قال: فأعني على نفسك كثرة السجود، دل على أن كثرة الصلاة والسجود من أسباب الشفاعة، وهذا فيه الهمة العالية لربيعة، قال: «سلني» قال: أسألك، قال: تسأل غير هذا؟ قال: لا، ما عندي غير هذا، همة عالية.
قارئ المتن: باب ثواب مَن سجد لله عز وجل سجدة.
أخبرنا أبو عمار الحسين بن حريث، قال: أنبأنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثني الوليد بن هشام المعيطي، قال: حدثني معدان بن طلحة اليعمري، قال: لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: دلني على عملٍ ينفعني، أو يدخلني الجنة، فسكت عني مليًا، ثم التفت إلي فقال: عليك بالسجود، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من عبد يسجد لله سجدةً إلا رفعه الله عز وجل بها درجة، وحط عنه بها خطيئة» قال معدان: ثم لقيت أبا الدرداء رضي الله عنه، فسألته عما سألت عنه ثوبان رضي الله عنه، فقال لي: عليك بالسجود، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من عبدٍ يسجد لله سجدةً إلا رفعه الله بها درجةً، وحط عنه بها خطيئة».
شرح الشيخ: وهذا أخرجه مسلم في صحيحه.
قارئ المتن: باب موضع السجود.
أخبرنا محمد بن سليمان لوين بالمصيصة، عن حماد بن زيد، عن معمر، والنعمان بن راشد، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، قال: كنت جالسا إلى أبي هريرة، وأبي سعيد رضي الله عنهما فحدث أحدهما حديث الشفاعة والآخر منصت، قال: فتأتي الملائكة فتشفع وتشفع الرسل وذكر الصراط، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فأكون أول مَن يجيز، فإذا فرغ الله عز وجل من القضاء بين خلقه وأخرج من النار من يريد أن يخرج أمر الله الملائكة والرسل أن تشفع، فيعرفون بعلاماتهم إن النار تأكل كل شيء من ابن آدم إلا موضع السجود، فيصب عليهم من ماء الجنة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل».
شرح الشيخ: مواضع السجود: جبهته، وأنفه، ويديه، وركبتيه، وأطراف قدميه.
قارئ المتن: بابٌ هل يجوز أن تكون سجدةٌ أطول من سجدة.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أنبأنا جرير بن حازم، قال: حدثنا محمد بن أبي يعقوب البصري، عن عبد الله بن شداد، عن أبيه رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشاء وهو حاملٌ حسنًا أو حسينًا، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه، ثم كبر للصلاة فصلى فسجد بين ظهراني صلاته سجدةً أطالها، قال أبي: فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ساجد فرجعت إلى سجودي، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال الناس: يا رسول الله، إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمرٌ أو أنه يُوحى إليك، قال: «كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته».
شرح الشيخ: (ارتحلني) يعني: جعلني راحلة له، الراحلة الإبل يعني يحمل، ابني: ابن ابنته، ابن الابنة يُسمى ابنًا وفيه تواضع النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه أنّ الأصل التناسب بين السجدتين وتطويل إحداهما لعارض، ولذلك استنكر النبي صلى الله عليه وسلم أطال (02:24:12)، قال الأصل أنهما سواء إلا لعارض: إما لخشوع أو مرض أو ارتحال صبيٍ كما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم، (ارتحلني) يعني جعلني راحلة، يعني كأنه راحلة يحمله عليه.
وبعد ذلك قال إنه رفع رأسه ورأى أنّ الصبي على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يريد أنْ يقوم حتى لا يتأثر الصبي.
قارئ المتن: باب التكبير عند الرفع من السجود.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا الفضل بن دكين، ويحيى بن آدم، قالا: حدثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، وعلقمة، عن عبد الله قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في كل خفض ورفع وقيام وقعود، ويسلم عن يمينه وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله حتى يُرى بياض خده»، قال: ورأيت أبا بكرٍ وعمر -رضي الله عنهما- يفعلان ذلك.
شرح الشيخ: يعني أنه لم ينسخ التكبير في كل خفضٍ ورفع خلافًا لبعض أمراء بني أمية.
قارئ المتن: باب رفع اليدين عند الرفع من السجدة الأولى.
أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن نصر بن عاصم، عن مالك بن الحويرث، «أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل في الصلاة رفع يديه، وإذا ركع فعل مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من الركوع فعل مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من السجود فعل مثل ذلك كله» يعني: رفع يديه.
شرح الشيخ: هذا فيه أنه رفع رأسه في السجود وهذا كما سبق، حديث ابن عمر في الصحيحين ما فيه أنه رفع رأسه وجاء في سند قتادة والأقرب أن يُقال هذه الرواية شاذة مخالفة للأحاديث الصحيحة.
قارئ المتن: ترك ذلك بين السجدتين.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، عن سفيان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة كبر ورفع يديه، وإذا ركع، وبعد الركوع، ولا يرفع بين السجدتين».
شرح الشيخ: وهذا الحديث مخالف لما في الصحيحين: «ولا يرفع السجدتين»، فدل على أن الرواية الثانية شاذة.
قارئ المتن: باب الدعاء بين السجدتين.
أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا خالد، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي حمزة سمعه يحدث، عن رجلٌ من عبس، عن حذيفة، أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقام إلى جنبه، فقال: «الله أكبر ذو الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة»، ثم قرأ بالبقرة، ثم ركع فكان ركوعه نحوا من قيامه، فقال في ركوعه: «سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم»، وقال حين رفع رأسه: «لربي الحمد، لربي الحمد»، وكان يقول في سجوده: «سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى»، وكان يقول بين السجدتين: «رب اغفر لي، رب اغفر لي».
شرح الشيخ: هنا فيه رجلٌ من عبس سبق أنه سمي.
قارئ المتن: باب رفع اليدين بين السجدتين تلقاء الوجه.
أخبرنا موسى بن عبد الله بن موسى البصري، قال: حدثنا النضر بن كثير أبو سهل الأزدي، قال: صلى إلى جنبي عبد الله بن طاووسٍ بمنى في مسجد الخيف، فكان «إذا سجد السجدة الأولى فرفع رأسه منها، رفع يديه تلقاء وجهه» فأنكرت أنا ذلك، فقلت لوهيب بن خالد: إن هذا يصنع شيئا لم أر أحدًا يصنعه، فقال له وهيب: تصنع شيئا لم نر أحدًا يصنعه، فقال عبد الله بن طاوس: رأيت أبي يصنعه، وقال أبي: رأيت ابن عباسٍ رضي الله عنهما يصنعه، وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه.
شرح الشيخ: هذا فيه رفع اليدين تلقاء الوجه والحديث ضعيف؛ لأن فيه النظر بابن كثير ضعيف، وموسى بن عبد الله الشيخ المؤلف مقبول، والمقبول جعله طائفة أخرى وإلا صار حديثه حسن صار الحديث إلى غيره وإلا فهو ضعيف.
ولو صح الحديث لكان المعنى أنّ رفع اليدين كرفعهما عند الركوع لا أنه رفعه للدعاء وحينئذٍ يُحمل على أنه رفع في بعض الأحيان تكلم عليه الشيخ الأثيوبي.
مداخلة: قال: في درجة الصحيح فيقول فكيف يصح.
مداخلة: قال: المسألة الأولى في درجته حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- هذا صحيح، فيقول: فكيف يصح في سنده النضر بن كثيرٍ وهو ضعيف، قلت: يصح بشواهده، فقد تقدم في الباب أحاديث صحيحة في استحباب الرفع في السجود تكون شواهد لحديثه فيصح بها والله تعالى أعلم.
الشيخ: هذا سبق، الصواب أنه شاذ الرفع في السجود وأيضًا ضعيف.
قارئ المتن: بابٌ كيف الجلوس بين السجدتين.
أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، قال: حدثنا مروان بن معاوية، قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الله بن الأصم، قال: حدثني يزيد بن الأصم، عن ميمونة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد خوّى بيديه حتى يُرى وضح إبطيه من ورائه، وإذا قعد اطمأن على فخذه اليسرى».
شرح الشيخ: «خوّى» يعني يجافي بطنه عن الأرض، والحديث في سنده عبد الله بن الأصم وهو مقبول والحديث بهذا الطريق ضعيف.
قارئ المتن: قدر الجلوس بين السجدتين.
أخبرنا عبيد الله بن سعيد أبو قدامة، قال: حدثنا يحيى، عن شعبة، قال: حدثني الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن البراء قال: «كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ركوعه وسجوده وقيامه بعدما يرفع رأسه من الركوع وبين السجدتين قريبًا من السواء».
شرح الشيخ: وهذا في الصحيحين يعني: صلاته متناسبة.
قارئ المتن: باب التكبير للسجود.
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن الأسود، وعلقمة، عن عبد الله رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في كل رفعٍ، ووضعٍ وقيامٍ وقعود»، وأبو بكرٍ، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم.
شرح الشيخ: يعني هذا لم يُنسخ.
قارئ المتن: أخبرنا محمد بن رافعٍ، قال: حدثنا حجينٌ وهو ابن المثنى، قال: حدثنا ليثٌ، عن عقيلٍ، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: «سمع الله لمن حمده» حين يرفع صلبه من الركعة، ثم يقول وهو قائم: «ربنا لك الحمد»، ثم يكبر حين يهوي ساجدًا، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها، ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس.
شرح الشيخ: هذا في التكبير في الانتقالات هذا ثابت في الأحاديث الصحيحة، ومع ذلك بعض خلفاء بني أمية لا يكبرون في الانتقالات.
قارئ المتن: باب الاستواء للجلوس عند الرفع من السجدتين.
أخبرنا زياد بن أيوب، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، قال: جاءنا أبو سليمان مالك بن الحويرث رضي الله عنه إلى مسجدنا فقال: أريد أن أريكم كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قال: «فقعد في الركعة الأولى حين رفع رأسه من السجدة الآخرة».
أخبرنا علي بن حجر، قال: أنبأنا هشيم، عن خالد، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فإذا كان في وترٍ من صلاته لم ينهض حتى يستوي جالسًا».
شرح الشيخ: هذا الحديث للبخاري وهذه الجلسة تُسمى جلسة الاستراحة وهي تكون بعد الركعة الأولى وبعد الركعة الثالثة وقد اختلف العلماء فيها، فقال بعضهم هي سُنَّة مُطلقة كما هو مذهب بعض الشافعية وطائفة من أهل الحديث وقال بعضهم أنها سُنَّة في حق المريض وكبير السن؛ لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم فعلها عند كبر سنه.
مذهب الشافعي والجماعة أنها سُنَّة مطلقة واختاره شيخنا، وأما الجمهور فيرون أنها ليست سُنَّة إنما تُفعل عند الحاجة الجمهور.
قارئ المتن: باب الاعتماد على الأرض عند النهوض.
أخبرنا محمد بن بشارٍ، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: حدثنا خالدٌ عن أبي قلابة، قال: كان مالك بن الحويرث رضي الله عنه يأتينا فيقول: ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيصلي في غير وقت الصلاة «فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية في أول الركعة استوى قاعدًا، ثم قام فاعتمد على الأرض».
شرح الشيخ: هذه جلسة الاستراحة، ولولا أنْ يعتمد على فخذيه عند النهوض كما دل عليه حديث وائل بن حجر الحديث الذي بعده، إلا إذا كان لكبرٍ أو مرض فلا بأس، الأمر واسع في هذا.
قارئ المتن: باب رفع اليدين عن الأرض قبل الركبتين.
أخبرنا إسحاق بن منصورٍ، قال: أنبأنا يزيد بن هارون، قال: أنبأنا شريكٌ، عن عاصم بن كليبٍ، عن أبيه، عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه»، قال أبو عبد الرحمن: لم يقل هذا عن شريكٍ غير يزيد بن هارون والله تعالى أعلم.
شرح الشيخ: أشكل عليه أن تكلم يعني يزيد بن هارون إمام ثقة، والمتأخرون الفقهاء يقولون لا يضر انفراده؛ لأنّ الزيادة من الثقة مقبولة كما يذهب الفقهاء والأصوليين، لكن المحدثون يروا أنه شاذ إذا انفرد به، ولذلك يقول: (قال أبو عبد الرحمن: لم يقل هذا عن شريكٍ غير يزيد بن هارون)؛ لأنه سيكون شاذ أشكل عليه.
مداخلة: قال الجامع عفا الله عنك: حديث وائل رضي الله عنه هذا ضعيف تقدَّم الكلام عليه مستوفى.
الشيخ: ضعيف؟
مداخلة: نعم، فإنْ أردت التحقيق فراجعه.
الشيخ: مر بنا هناك ما قرأنا الكلام فيه، يعني كان لم يقل هذا له شريك يعني يكون شاذ.
مداخلة: لكن أحسن الله إليك هنا تكلم قال: في درجة حديث وائل بن حجر رضي الله عنه هذا ضعيف لتفرد شريكٍ به، وقال الدار قطني رحمه الله تعالى عقب هذا الحديث ما نصه تفرد به يزيد.
الشيخ: هذا من كلام من؟
مداخلة: الأثيوبي عفا الله عنك.
الشيخ: الأثيوبي ماذا يقول؟ هذا الحديث ماذا؟
مداخلة: هذا حديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه هذا ضعيف لتفرد شريكٍ به، وقال الدار قطني رحمه الله تعالى عقب هذا الحديث ما نصه تفرد به يزيد عن شريك، ولم يحدث به عن عاصم بن كليب غير شريك، وشريكٌ ليس بالقوي فيما تفرد به انتهى.
وقال الحافظ رحمه الله في [التلخيص الحبير] قال: البخاري والترمذي وابن أبي داود والدار قطني والبيهقي تفرد به شريك، قال البيهقي: وإنما تابعه همام عن عاصم عن أبيه مرسلًا، وقال الترمذي: رواه همام عن عاصم مرسلًا، وقال الحازمي: رواية مَن أرسل أصح، وقد تُعقب قول الترمذي رحمه الله تعالى بأنّ همام إنما رواه عن شقيق، يعني أبا ليث عن عاصمٍ عن أبيه مرسلًا، وروى همام أيضًا عن محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه موصولًا وهذا الطريق في سنن أبي داود، إلا أنّ عبد الجبار لم يسمع من أبيه وله شاهدٌ من وجهٍ آخر، ورواه الدار قطني والحاكم والبيهقي من طريق حفص بن غياثٍ عن عاصم الأحول.
عن أنسٍ رضي الله عنه في حديثٍ فيه، ثم انحط بالتكبير، فسبقت ركبتاه يديه، قال البيهقي: تفرد به العلاء بن إسماعيل العطار وهو مجهول انتهى.
والحاصل أن حديث وائل هذا ضعيف لما ذكر، ولمعارضته للأحاديث الصحيحة كحديث أبي هريرة رضي الله عنه الآتي بعد هذا، وحديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، أخرجه الطحاوي في شرح [معاني الآثار] والدار قطني والحاكم وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي وصححه ابن خزيمة والحاكم، وقال الحاكم: والقلب إليه أميل لرواياتٍ كثيرة في ذلك عن الصحابة والتابعين.
وعلله البيهقي فقال: كذا قال عبد العزيز ولا أراه إلا وهمًا، يعني رفعه، قال: والمحبوب ما اخترناه، ثم أخرج من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: «إذا سجد أحدكم فليضع يديه وإذا رفع فليرفعهما».
قال الحافظ رحمه الله: ولقاءٍ يقول هذا موقوفٌ غير مرفوع، هذا الموقوف غير المرفوع فإنّ الأول في تقديم وضع اليدين على الركبتين، والثاني في إثبات وضع اليدين في الجملة، انتهى.
وقال الجامع عفا الله عنه تعالى: دعوى وهم عبد العزيز عندي غير صحيحة، فإنه ثقة فقد زاد الرفع وهي زيادةٌ مقبولة، فالصواب ما قاله الحافظ رحمه الله فالمرفوع غير موقوف فلا وجه للتعليل والله تعالى أعلم.
الشيخ: في تضعيفه نظر، هذا ابن القيم رحمه الله تكلم عليه وأطال في هذا جمع المحققين كان يعتمد على حديث وائل، يحتاج إلى مزيد بحث.
قارئ المتن: باب التكبير للنهوض:
أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، عن مالكٍ، عن ابن شهابٍ، عن أبي سلمة، أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يصلي بهم فيكبر كلما خفض ورفع، فإذا انصرف قال: «والله إني لأشبهكم صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم».
أخبرنا نصر بن عليٍ، وسوار بن عبد الله بن سوارٍ، قالا: حدثنا عبد الأعلى، عن معمرٍ، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أنهما صليا خلف أبي هريرة رضي الله عنه، فلما ركع كبر، فلما رفع رأسه قال: «سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد»، ثم سجد وكبر ورفع رأسه وكبر، ثم كبر حين قام من الركعة، ثم قال: «والذي نفسي بيده إني لأقربكم شبهًا برسول الله صلى الله عليه وسلم ما زالت هذه صلاته حتى فارق الدنيا» واللفظ لسوار.
بابٌ كيف الجلوس للتشهد الأول.
أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا الليث، عن يحيى، عن القاسم بن محمد، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه رضي الله عنهما أنه قال: «إن من سُنَّة الصلاة أن تضجع رجلك اليسرى وتنصب اليمنى».
شرح الشيخ: من الاضجاع وهو تفرش، أي تفرش.
قارئ المتن: باب الاستقبال بأطراف أصابع القدم القبلة عند القعود للتشهد.
أخبرنا الربيع بن سليمان بن داود، قال: حدثنا إسحاق بن بكر بن مضر، قال: حدثني أبي عن عمرو بن الحارث عن يحيى أن القاسم حدثه، عن عبد الله وهو ابن عبد الله بن عمر، عن أبيه رضي الله عنهما قال: «من سُنَّة الصلاة أن تنصب القدم اليمنى، واستقباله بأصابعها القبلة والجلوس على اليسرى».
شرح الشيخ: وهذه من السُنَّن تُفعل مع الاستطاعة وعدم المشقة، فإنْ تركها فلا حرج.
قارئ المتن: باب موضع اليدين عند الجلوس للتشهد الأول.
أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجرٍ رضي الله عنه قال: «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته يرفع يديه إذا افتتح الصلاة حتى يحاذي منكبيه، وإذا أراد أن يركع، وإذا جلس في الركعتين أضجع اليسرى ونصب اليمنى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ونصب أصبعه للدعاء، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى»، قال: ثم أتيتهم من قابلٍ فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس.
شرح الشيخ: من أجل البرد البرانس يرفعون أيديهم، (يرفعون أيديهم في البرانس) يعني: من أجل البرد، وفيه أنّ الأصبع في التشهد منصوب قال: «ونصب أصبعه للدعاء»، التشهد الأصبع منصوبة في التشهد كله، قد ورد في حديث تحريك الأصبع عند ذكر الله.
قارئ المتن: باب موضع البصر في التشهد.
أخبرنا علي بن حجرٍ، قال: حدثنا إسماعيل وهو ابن جعفرٍ، عن مسلم بن أبي مريم، عن علي بن عبد الرحمن المعاوي، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه رأى رجلًا يحرك الحصى بيده وهو في الصلاة.
شرح الشيخ: المعاوي كما ذكر في الحاشية المعاوي، المعاوي صححها في الحاشية قال: تحريف المعاوي هكذا في أصول قيل هو، هو تحريفٌ من النساخ والصواب المعاوي كما في مسلم المعاوي بضم الميم وكسر الواو نسبة إلى بني معاوية من الأنصار ذكره في المشارق المعاوي.
قارئ المتن: عن علي بن عبد الرحمن المعاوي، عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه رأى رجلًا يحرك الحصى بيده وهو في الصلاة، فلما انصرف قال له عبد الله: لا تحرك الحصى وأنت في الصلاة فإن ذلك من الشيطان، ولكن اصنع كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع، قال: وكيف كان يصنع؟ قال: فوضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام في القبلة، ورمى ببصره إليها أو نحوها، ثم قال: «هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع».
باب الإشارة بالأصبع في التشهد الأول.
أخبرنا زكريا بن يحيى السجزي، يعرف بخياط السُنَّة نزل بدمشق أحد الثقات، قال: حدثنا الحسن بن عيسى، قال: أنبأنا ابن المبارك، قال: حدثنا مخرمة بن بكير، قال: أنبأنا عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الثنتين أو في الأربع يضع يديه على ركبتيه، ثم أشار بأصبعه».
كيف التشهد الأول.
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، عن الأشجعي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله رضي الله عنه قال: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقول إذا جلسنا في الركعتين: «التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله».
أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا شعبة، قال: سمعت أبا إسحاق يحدث عن أبي الأحوص عن عبد الله رضي الله عنه قال: كنا لا ندري ما نقول في كل ركعتين غير أن نسبح ونكبر ونحمد ربنا، وإن محمدًا صلى الله عليه وسلم عَلَم فواتح الخير وخواتمه، فقال: «إذا قعدتم في كل ركعتين، فقولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه فليدعُ الله عز وجل».
شرح الشيخ: تشهد ابن مسعود أصح التشهد، أصح ما ثبت أصح التشهدات ثبوتًا وهو مُخرج في الصحيحين، وفيه تصريح أبي إسحاق بالسماع، قال: ثم تابع أبى إسحاق، أما رواية شعبة عن قتادة وأنه لا يروي إلا فيما ثبت سماعه فيحتاج إلى مراجعة.
قارئ المتن: أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا عبثرٌ، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله رضي الله عنه قال: «علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في الصلاة والتشهد في الحاجة، فأما التشهد في الصلاة: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله» إلى آخر التشهد.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا يحيى وهو ابن آدم، قال: سمعت سفيان يتشهد بهذا في المكتوبة والتطوع، ويقول: حدثنا أبو إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح الشيخ: رواه عبد الله بن مسعود وهذا أصح التشهد.
قارئ المتن: ح وحدثنا منصورٌ وحمادٌ، عن أبي وائلٍ، عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح، قال: حدثنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن زيد بن أبي أنيسة الجزري حدثه أن أبا إسحاق حدثه عن الأسود وعلقمة، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نعلم شيئًا، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قولوا في كل جلسةٍ التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله».
أخبرني محمد بن جبلة الرافقي، قال: حدثنا العلاء بن هلال قال: حدثنا عبيد الله وهو ابن عمروٍ، وعن زيد بن أبي أنيسة، عن حمادٍ، عن إبراهيم، عن علقمة بن قيسٍ، عن عبد الله رضي الله عنه قال: كنا لا ندري ما نقول إذا صلينا فعَلَمنا نبي الله صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم فقال لنا: «قولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله»، قال عبيد الله: قال زيدٌ: عن حمادٍ، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: لقد رأيت ابن مسعود رضي الله عنه يعلمنا هؤلاء الكلمات كما يعلمنا القرآن.
شرح الشيخ: هذا أصح التشهد المؤلف ساقه من طرق.
قارئ المتن: أخبرني عبد الرحمن بن خالد القطان، قال: حدثنا حارث بن عطية، وكان من زُهاد الناس، عن هشام، عن حمادٍ، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا إذا صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نقول: السلام على الله، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا: السلام على الله فإن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله».
أخبرنا إسماعيل بن مسعودٍ، قال: حدثنا خالدٌ، قال: حدثنا هشام هو الدستوائي، عن حمادٍ، عن أبي وائل، عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقول: السلام على الله، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا: السلام على الله، فإن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله».
أخبرنا بشر بن خالد العسكري، قال: حدثنا غندر، قال: حدثنا شعبة، عن سليمان، ومنصور، وحماد، ومغيرة، وأبي هاشم، عن أبي وائل، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في التشهد: «التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله»، قال أبو عبد الرحمن: أبو هاشمٍ غريب.
شرح الشيخ: يعني أنه لم يعرفه، (غريب) يعني: لم يعرفه.
قارئ المتن: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا الفضل بن دكين، قال: حدثنا سيف المكي، قال: سمعت مجاهدا، يقول: حدثني أبو معمر، قال: سمعت عبد الله يقول: «علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن وكفه بين يديه التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله».
شرح الشيخ: كل هذا تشهد ابن مسعود وهذا أصح التشهد وسيأتي تشهدات أخرى.
قارئ المتن: نوعٌ آخر من التشهد.
أخبرنا عبيد الله بن سعيد أبو قدامة السرخسي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا هشام، قال: حدثني قتادة، عن يونس بن جبير، عن حطان بن عبد الله أن الأشعري قال رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فعلمنا سنتنا وبيَّن لنا صلاتنا فقال: «أقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبر فكبروا، وإذا قال: {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، فقولوا: آمين، يجبكم الله، وإذا كبر الإمام وركع فكبروا واركعوا فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم».
شرح الشيخ: (عن حطان بن عبد الله) هذا فيه عن قتادة، الحديث فيه عن قتادة لكن الحديث أخرجه مسلم عن قتادة قليلة لا تؤثر إذا في مُخالفة، والحديث أخرجه مسلم هذا تشهد ابن أبو موسى هذا النوع الثاني، الأول تشهد ابن مسعود وهذا تشهد أبو موسى الأشعري.
قارئ المتن: عن حطان بن عبد الله أن الأشعري قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فعلمنا سُنَّتنا وبيَّن لنا صلاتنا فقال: «أقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبر فكبروا، وإذا قال: {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، فقولوا: آمين، يجبكم الله، وإذا كبر الإمام وركع فكبروا واركعوا فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم».
قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «فتلك بتلك، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، يسمع الله لكم فإن الله عز وجل قال على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: سمع الله لمن حمده، ثم إذا كبر الإمام وسجد، فكبروا واسجدوا، فإن الإمام يسجد قبلكم ويرفع قبلكم».
قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «فتلك بتلك، فإذا كان عند القعدة فليكن من أول قول أحدكم أن يقول: التحيات الطيبات الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله».
شرح الشيخ: وهذا أخرجه مسلم في صحيحه في التشهد هنا تشهد أبي موسى «التحيات الطيبات الصلوات لله»، تشهد ابن مسعود «التحيات لله والصلوات والطيبات»، «تلك بتلك» يعني الإمام يتقدم وأنتم تتأخرون، ثم يتأخر وأنتم تأتون به بعده «تلك بتلك».
قارئ المتن: نوعٌ آخرٌ من التشهد.
أخبرنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلي البصري، قال: حدثنا المعتمر، قال: حدثنا أبي يحدث، عن قتادة، عن أبي غلاب وهو يونس بن جبير، عن حطان بن عبد الله، أنهم صلوا مع أبي موسى رضي الله عنه فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.
شرح الشيخ: (أنهم صلوا) إذا كان كذلك واوي واو الجماعة يُفتح صَلوا، غَزوا، غزا غزوا، صلى صلوا، دعا دعوا بخلاف إذا كان يائي أو كذا فأنه يُضم ما قبله.
قارئ المتن: عن حطان بن عبد الله، أنهم صَلوا مع أبي موسى رضي الله عنه فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان عند القعدة فليكن من أول قول أحدكم التحيات لله الطيبات الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله».
شرح الشيخ: هنا في «التحيات لله الطيبات» وفي الذي قبله «التحيات والطيبات»، وفي زيادة «وحده لا شريك له».
قارئ المتن: نوعٌ آخر من التشهد.
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث بن سعدٍ، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير وطاووس، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا القرآن وكان يقول: «التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، سلامٌ عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، سلامٌ علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله».
شرح الشيخ: هذا تشهد ابن عباس فيه «التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، سلامٌ عليك»، بدون أل، «السلام» «سلامٌ عليك أيها النبي».
قارئ المتن: نوعٌ آخر من التشهد.
أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا المعتمر، قال: سمعت أيمن وهو ابن نابلٍ يقول: حدثني أبو الزبير عن جابرٍ رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن بسم الله وبالله، التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أسأل الله الجنة وأعوذ بالله من النار».
شرح الشيخ: هذا تشهد جابر لكن في سنده أبو الزبير والوليد بن مسلم وهو مدلس قد عمل، وفي متنه نكارة بقوله: «بسم الله» في أول التشهد، وقد خالف فيه الثقة وهو أيمن بن نابل مَن هو أوثق منه وهو الليث يقول الحديث شاذ، والحديث شاذ ضعيف ولهذا قال النسائي: الحديث خطأ يعني قوله في أول التشهد: «بسم الله وبالله».
مداخلة: في الحاشية قال: أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت أيمن يقول: حدثني أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد» الحديث.
قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي قال ابن عساكر في تاريخه في ترجمة أيمن: قرأت بخط أبي عبد الرحمن النسائي لا نعلم أحدًا تابع أيمن على هذا الحديث وخالفه الليث في إسناده، وأيمن لا بأس به، والحديث خطأ وقال الحاكم: أيمن بن نابلٍ ثقة تُخرج حديثه في صحيح البخاري ولم يخِّرج هذا الحديث، إذا ليس له متابع عن أبي الزبير من وجه يصح.
وقال الدار قطني في علله: قد تابع أيمن الثوري، وابن جريج.
شرح الشيخ: والحديث ضعيف، الحديث ضعيف شاذ وفي متنه نكارة قوله في أوله: «بسم الله وبالله»، وهكذا قوله بعد رسوله «أسأل الله الجنة وأعوذ بالله من النار»، وهذا يكون في التشهد الأخير، المفروض أن هذا ضعيف والزيادة قوله: «بسم الله وبالله»، ما تثبت هذه، وكذلك قوله: «أسأل الله الجنة وأعوذ بالله من النار»، وهذه تكون في التشهد الأخير.
قارئ المتن: باب التخفيف في التشهد الأول.
أخبرنا الهيثم بن أيوب الطالقاني، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، قال: حدثنا أبي، عن أبي عبيدة بن عبد الله عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: «كان النبيّ صلى الله عليه وسلم في الركعتين كأنه على الرضف»، قلت: حتى يقوم؟ قال: ذلك يريد.
شرح الشيخ: والرضف هي الحجارة المحماة، والحديث هذا منقطع لأنّ أبي عبيدة لم يسمعه من أبيه عبد الله بن مسعود، وفي متنه نكارة، فإنّ مَن على الرضف الحجارة المحماة، وهي الحجارة المحماة على النار لا يستقر ولا يجلس الذي على الحجارة المحماة ولو زمنًا قصيرًا، فهذا الحديث ضعيف فيه ضعف هنا.
الأثيوبي قال الحديث الأول والحديث الذي قبله حديث جابر والحديث هذا أبي عبيدة.
مداخلة: قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث جابر رضي الله عنه هذا ضعيف كما دل عليه كلام المصنِّف رحمه الله تعالى.
الشيخ: والذي بعده حديث الرضف «كأنه على الرضف».
مداخلة: في درجته، حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه هذا صحيح، فإنْ قيل: كيف يصح وفي سنده انقطاع بين أبي عبيدة وبين أبيه، أجيب بأنه إنما صح بغيره، فقد أخرج أحمد رحمه الله ما يشهد له، فقال في مسنده: حدثنا يعقوب قال: حدثنا أبي عن ابن إسحاق، قال: حدثني عن تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في وسط الصلاة وفي آخرها، عبد الرحمن بن الأسود.
الشيخ: هذا فيه نظر لكن المتن فيه نكارة.
قارئ المتن: باب ترك التشهد الأول.
أخبرني يحيى بن حبيب بن عربي البصري، قال: حدثنا حماد بن زيدٍ، عن يحيى، عن عبد الرحمن الأعرج، عن ابن بحينة رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فقام في الشفع الذي كان يريد أن يجلس فيه، فمضى في صلاته حتى إذا كان في آخر صلاته سجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم».
أخبرنا أبو داود سليمان بن سيفٍ، قال: حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا شعبة، عن يحيى بن سعيدٍ، عن عبد الرحمن الأعرج، عن ابن بحينة رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فقام في الركعتين فسبحوا فمضى، فلما فرغ من صلاته سجد سجدتين ثم سلم».
شرح الشيخ: هذا الحديث أخرجه السبعة وفيه دليل على أن مَن ترك التشهد الأول فأنه يسجد سجدتين قبل أنْ يسلم.
- وإذا قام من التشهد الأول له أحوال:
- إنْ تذكر قبل أنْ يستتم قائمًا وجب عليه الرجوع.
- فإنْ استتم قائمًا ولم يشرع في القراءة كُره له الرجوع.
- فإنْ شَرع في القراءة حرم عليه الرجوع.
إذا شرع في القراءة يحرم عليه الرجوع، وإذا قام واستتم قائمًا ولم يشرع في القراءة يُكره الرجوع، وإذا لم يستتم قائمًا وتذكر يجب عليه الرجوع، وفي كل الأحوال يسجد سجدتين قبل أنْ يسلم، فيه دليل على أنّ التشهد الأول واجب وليس ركن؛ لأنه لو كان ركن لما جُبر بالسجدتين، عندك تم الجزء الثاني.
مداخلة: كتاب السهو.
الشيخ: تم الجزء الثاني غير الجزء الأول هذا الثالث وأوله كتاب السهو، نقف على هذا الجزء.
مداخلة: كتاب السهو.
الشيخ: نقف على الجزء الثالث، بارك الله في الجميع.