شعار الموقع

قراءة من سنن النسائي - كتاب السهو

00:00
00:00
تحميل
8

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

وبأسانيدكم إلى الإمام النَّسائي رحمه الله: بسم الله الرحمن الرحيم.

قارئ المتن: كِتاب السَّهْو: التكبير إذا قام من الركعتين:

أخبرنا قُتيبة بن سعيدٍ قال: حدَّثنا أبو عَوانة، عن عبد الرحمن بن الأصمِّ قال: سْئل أنس بن مالكٍ، عن التكبير في الصلاة فقال: يُكبر إذا ركع، وإذا سجد، وإذا رفع رأسه من السجود، وإذا قام من الركعتين، فقال: حُطيمٌ: عمَّن تحفظ هذا؟ فقال: عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ثم سكت، فقال: له حُطيم: وعثمان؟ قال: وعثمان.

أخبرنا عمرو بن عليّ قال: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ قال: حدَّثنا حمادُ بن زيدٍ قال: حدَّثنا غَيلان بن جريرٍ، عن مُطرِّف بن عبد الله قال: صلَّى عليّ بن أبي طالب فكان يُكبر في كل خفضٍ ورفع يُتم التكبير، فقال: عِمران بن حصين: لقد ذكَّرني هذا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

شرح الشيخ: بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد:

 قال: المؤلف رحمه الله: (كِتاب السَّهْو: التكبير إذا قام من الركعتين) هذا كتاب السهو كتابٌ عام، التكبير إذا قام من الركعتين، هنا ليس هناك سهوٌ هنا، ومُطرف بن عبد الله بن الشخير.

وقوله: (كان يُكبر) سأله عن التكبير، قال: (كان يُكبر إذا ركع، وإذا سجد، وإذا رفع رأسه من السجود، وإذا قام من الركعتين، فقال: حُطيم: عمَّن تحفظ هذا؟ فقال: عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ثم سكت، فقال: له حُطيم: وعثمان؟ قال: وعثمان) فيه دليلٌ على مشروعية التكبير في الانتقالات في الخفض والرفع، وأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُحافظ عليه، وأنه لم يُنسخ.

الفائدة من قوله: (وأبي بكرٍ وعُمر وعُثمان) دلَّ على أنه لم يُنسخ، وذلك أن بعض خلف بني أُمية كانوا لا يُكبرون، والتكبير في الانتقالات هذا واجبٌ عند الحنابلة وجمعٌ من أهل العلم بالمُحافظة عليه، وعند الجمهور سُنة، التكبير في الانتقالات وقول: (سمع الله لمن حمده)، وقول: (ربنا ولك الحمد)، وقول: (رب اغفر لي) بين السجدتين، هذه واجبةٌ عند جمع الحنابلة وجمع من أهل العلم، النبي صلى الله عليه وسلم حافظ عليها وقال: «صلوا كما رأيتموني أُصلي، والجمهور على أنها مُستحبة».

وفيها دليلٌ على أنه لم يُنسخ وأن هذا باقي، (قال: عمن؟ قال: عن أبي بكرٍ وعُمر وعُثمان).

قارئ المتن: باب رفع اليدين في القيام إلى الركعتين الأُخريين:

أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ومحمد بن بشارٍ واللفظ له، قالا: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ قال: حدَّثنا عبد الحميد بن جعفرٍ قال: حدَّثني محمد بن عمرو بن عطاءٍ، عن أبي حُميد الساعدي قال: سمعته يُحدث قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من السجدتين كبَّر، ورفع يديه حتى يُحاذي بهما منكبيه، كما صنع حين افتتح الصلاة.

باب: رفع اليدين للقيام إلى الركعتين الأُخريين حذو المنكبين:

أخبرنا محمد بن عبد الأعلى الصنعانيُّ قال: حدَّثنا المُعتمر قال: سمعت عُبيد الله وهو ابن عمر، عن ابن شهابٍ، عن سالمٍ، عن ابن عمرَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: كان يرفع يديه إذا دخل في الصلاة، وإذا أراد أن يركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، وإذا قام من الركعتين، يرفع يديه كذلك حذو المَنكبين.

شرح الشيخ: رفع اليدين في أربعة مواضع ثلاثة ثابتة في الصحيحين، والرابع في البخاري: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه؛ هذا ثابتٌ في الصحيحين، وعند القيام من الركعتين؛ هذه ثابتة في البخاري.

قارئ المتن: باب رفع اليدين وحمد الله والثناء عليه في الصلاة:

أخبرنا محمد بن عبد الله بن بَزيعٍ قال: حدَّثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى قال: حدَّثنا عبد الله –وهو: ابن عُمرَ-، عن أبي حازمٍ، عن سهل بن سعدٍ قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلح بين بني عمرو بن عوفٍ، فحضرت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبي بكرٍ فأمره أن يجمع الناس ويؤمهم، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فخَرق الصفوف حتى قام في الصفِّ المُقدَّم، وصفَّح الناس بأبي بكرٍ ليُؤذِنوه برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة، فلما أكثروا علِم أنه قد نابهم شيءٌ في صلاتهم، فالتفت فإذا هو برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أي كما أنت، فرفع أبو بكر يديه فحمد الله وأثنى عليه؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رجع القَهْقَرَى، وتقدَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلَّى، فلما انصرف قال لأبي بكر: ما منعك إذ أومأت إليك أن تُصلي؟ فقال: أبو بكر رضي الله عنه: ما كان ينبغي لابن أبي قحافة أن يَؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال للناس: «ما بالكم صفَّحْتُم؟ إنما التصفيح للنساء»، ثم قال: «إذا نابكم شيءٌ في صلاتكم فسبِّحوا».

شرح الشيخ: الحديث في سنده عبد الله بن عُمر الزاهد، وهو ضعيف، أما أخوه عُبيد الله بن عمر في التصحيح فهو ثقة، لكن الحديث صحيح.

والتصفيح معناه: التصفيق، والتصفيق هو: ضرب صفحة الكف على صفحة الكف الأخرى.

وفيه: أن رفع اليدين وحمد الله والثناء عليه في الصلاة عند حصول نعمةٍ أو اندفاع نقمة لا بأس به في الصلاة، كما لو بلغه خبر هزيمة العدو، أو انتصار المُسلمين، فهذا لا بأس به كما فعل الصِّديق رضي الله عنه.

هنا كما في البخاري، في البخاري أن راوي الحديث رواه البخاري، وهنا عبد الله المُكبَّر ضعيف، والزاهد إذا قال هذه فهو يُوافق رواية البخاري ويزول الإشكال، في بعض النسخ: عُبيد الله، إذًا زال الإشكال؛ لأن عُبيد الله مُصغرٌ وثقة، وأما عبد الله المُكبر ضعيف، من الأخطاء المطبعية الحاصلة.

قارئ المتن: باب السلام بالأيدي في الصلاة:

أخبرنا قُتيبة بن سعيدٍ قال: حدَّثنا عَبْثَر، عن الأعمشِ، عن المسيب بن رافعٍ، عن تميم بن طَرَفَة، عن جابر بن سَمرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن رافعو أيدينا في الصَّلاة، فقال: «ما بالهم رافعين أيديَهم في الصَّلاة كأنها أذناب الخيل الشُّمُسِ، اسْكُنُوا في الصَّلاة».

أخبرنا أحمد بن سُليمان قال: حدَّثنا يحيى بن آدم، عن مِسْعَرٍ، عن عُبيد الله ابن القبطية، عن جابر بن سَمرة قال: كنا نُصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم فنُسلم بأيدينا فقال: «ما بال هؤلاء يُسلمون بأيديهم كأنها أذناب خيل شمس، أما يكفي أحدهم أن يضع يده على فخذه ثم يقول: السلام عليكم، السلام عليكم».

شرح الشيخ: الشُّمُس بالضم: جمع شَمْسَاء، مثل: حُمْر وحَمْراء، هذا هو المعروف، فعندما يقول الشارح أنه بضمتين ليُراجع كُتب اللغة.

(والخيل الشُّمَسْ) جمع شُمُس، وهي: النُّفور من الدواب التي لا تستقر، لشغبه وحِدته.

والمقصود: النهي، عن الإشارة باليد عند السلام، كأن يُسلِّم: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، بيده، فقال النبي: «اسكنوا، ما بالكم رافعي أيديكم في الصَّلاة كأنها أذناب الخيل الشُّمُسِ!».

وفي الحديث الآخر: «أما يكفي أحدهم أن يضع يده على فخذه ثم يقول: السلام عليكم، السلام عليكم» بدون أن يُحرك يده.

ولذلك بوَّب المؤلف قال: (باب السلام بالأيدي في الصلاة)، بيده هكذا، يُشير بيده كأنه: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، شبَّهَه بأذناب الخيل الشُّمُس التي تتحرك ما تسكن، قال: «اسْكُنُوا في الصَّلاة»

مداخلة: يا شيخ في شرح الأثيوبي قال: وهي: النُّفور من الدواب الذي لا يستقر لشغبه وحِدته، وأذنابها كثيرة الاضطراب.

الشيخ: هذا كلام الحاشية.

مداخلة: وقال ابن منظور رحمه الله: والشَّمِسُ أي بكسر الميم، والشَّمُوس: من الدواب الذي إذا نُخِسَ لم يستقِر، وشَمَسَت الدابة والفرس تشْمُس شِماسًا؛ أي بالكسر، وشُمُوسًا؛ أي بضمتين وهي: شَمُوس شردت وجَمَحَت ومنعت ظهرها، انتهى.

وقال النووي رحمه الله: هو بإسكان الميم وضمها، وهي: التي لا تستقر، بل تضطرب وتتحرك بأذنابها وأرجلها.

والمراد بالرفع المنهي عنه هنا: رفعهم أيديَهم عند السلام مُشيرين إلى السلام من الجانبين كما صرَّح به في الرواية الثانية.

الشيخ: لكن الشُّمْس جمع شَمْساء، مثل: حُمر-حمراء، وقال: جعلها جمع شُمُوس، بضمتين جمع شُمُوس، بضم في سكون: شُمْس، جمع شَمْساء، مثل: حُمْر جمع حَمْراء.

أما شُمُس أشار ببيده فقال: شُمُس المقصود: الجمع، بالضمتين، هل هي تختلف عن إسكانها، بالإسكان: جمع شَمْساء مثل: حُمْر-حَمْراء، أما شُمُس...

الشَّمْس هي: التي لا تستقر، وتتحرك بأذنابها.

والمقصود من الحديث: النهي عن الإشارة باليد عند السلام، لا يُشير، بل يضع يديه على فخذيه ويلتفت، عن يمينه ويقول: السلام عليكم ورحمة الله، وعن شماله ويقول: السلام عليكم ورحمة الله، والالتفات سُنة، والتسليم رُكن.

قارئ المتن: باب رد السلام بالإشارة في الصلاة:

أخبرنا قُتيبة بن سعيدٍ قال: حدَّثنا الليث، عن بُكير، عن نَابل صاحِب العَبَاءِ، عن ابن عمر، عن صهيب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يُصلي فسلَّمت عليه، فردَّ عليّ إشارةً، ولا أعلم إلا أنه قال بإصبعه.

أخبرنا محمد بن منصورٍ المكي قال: حدَّثنا سُفيان، عن زيد بن أَسلم قال: قال ابن عمر: دخل النبي صلى الله عليه وسلم مسجد قُباءٍ ليُصلي فيه، فدخل عليه رجالٌ يُسلمون عليه، فسألت صُهيبًا وكان معه: كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع إذا سُلِّم عليه؟ قال: كان يُشير بيده.

أخبرنا محمد بن بشارٍ قال: حدَّثنا وهبٌ -يعني ابن جريرٍ- قال: حدَّثنا أبي، عن قيسِ بن سعدٍ، عن عطاءٍ، عن محمد بن عليّ، عن عمَّار بن ياسرٍ أنه سلَّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يُصلي فردَّ عليه‏.‏

أخبرنا قُتيبة قال: حدَّثنا الليث، عن أبي الزبير، عن جابرٍ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجةٍ، ثم أدركته وهو يُصلي فسلَّمت عليه، فأشار إليّ، فلما فرغ دعاني فقال: «إنك سلَّمتَ على آنفًا وأنا أُصلي‏». وإنما هو مُوجَّهٌ يومئذٍ إلى المشرق.

أخبرنا محمد بن هاشمٍ البعلبكي قال: حدَّثنا محمد بن شُعيب بن شَابُورٍ، عن عمروِ بن الحارثِ قال: أخبرني أبو الزبير، عن جابرٍ قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم فأتيته وهو يسير مُشرقًا أو مُغربًا، فسلَّمت عليه فأشار بيده، ثم سلَّمت عليه فأشار بيده، فانصرفت فناداني: «يا جابر». فناداني الناس: يا جابر، فأتيته فقلت: يا رسول الله، إني سلَّمت عليك فلم تَرد عليّ، فقال: «إني كنت أُصلي»‏.

شرح الشيخ: هذه الأحاديث فيها: ردُّ السلام بالإشارة في الصلاة باليد.

الحديث الأول فيه أنه قال: (بأصبعه)، وهو في سنده: (نابِل) وهو مقبولٌ كما في التقريب، ورواه مُسلم، حديث الإشارة باليد صحيح.

وأحاديث الإشارة باليد أصحّ، يحتمل أن يُقال: أنها تُقدم أحاديث الإشارة باليد لأنها أصح، ويحتمل أن يُقال: أنه يجوز هذا، ويجوز هذا، ويكون مُخيرًا بين أمرين.

وورد أيضًا الإشارة بالرأس، ساقها ابن القيم في زاد المعاد يُشير بالرأس، في قصة أسماء في صلاة الكسوف، لما جاءت عائشة قالت: ما بال الناس؟ فأشارت بيدها للسماء، فقال: آية؟ قالت: نعم، فأشارت برأسها، تكلم عليها الشيخ عن الإشارة بالأصبع في الحديث الأول أنه قال: (بأصبعه)، الإشارة باليد ما فيها إشكال، وكذلك الإشارة بالرأس، أما الإشارة بالأصبع فالحديث في سنده (نابل) وهو مقبولٌ.

مداخلة: وصالح بن عُبيد، قال: النسائي: ليس بالمشهور، وقال في موضعٍ آخر: ثقة.

وقال البرقاني: قلت للدارقطني: نابِل صاحب العباءة ثِقةٌ؟ فأشار بيده أن لا.

وذكره ابن حِبان في الثقات، وذكره مُسلم في الطبقة الأولى من تابعيّ أهل المدينة، وقال الذهبي: ثقة، أخرج له أبو داوود والترمذي، والمصنف، وله في هذا الكتاب هذا الحديث فقط.

الشيخ: يتكلم عن أحكام نابِل.

مداخلة: في التقريب، قال: من الثالثة.

الشيخ: من الأحكام قال: الإشارة بالأصبع.

مداخلة: صدوق، على قوله (نابِل) أول الأمر، والظاهر أنه صدوقٌ؛ لأنه روى عنه اثنان، ووثَّقه النسائي وابن حِبان والذهبي، فتأمل.

الشيخ: والأحكام ماذا قال في الإشارة بالأصبع؟

مداخلة: في الحديث الذي بعده أحسن الله عملك تكلم، عن المسألة عمومًا في شرح الحديث الذي بعده.

الشيخ: ما يخالف، قال: الإشارة بالأصبع، الإشارة باليد معروف.

مداخلة: قال: المسألة الخامسة: في اختلاف العلماء في حُكم السلام على المُصلي، وحُكم رده على من سلَّم عليه.

الشيخ: الإشارة بالأصبع، هذا الحديث فيه الرد، والإنسان مُخير إذا سلَّم عليه إنسانٌ أن يرد بالإشارة، أو بالأصبع إذا ثبت، أو يُؤجل الرد بعد السلام، بعد أن يُسلم يقول: وعليكم السلام.

والظاهر أن المؤلف يرى ويقول: (صدوق) أنه لا بأس بالإشارة بالأصبع.

سؤال: (16:40).

الشيخ: الإشارة ما في إشكال، الكلام عن الإشارة بالأصبع، الإشارة باليد ما فيها إشكال، الإشارة بالإصبع لأنه في سنده إشكال لأنه روى عنه في الأصل.

قارئ المتن: باب النهى عن مسح الحصى في الصلاة:

أخبرنا قُتيبة بن سعيدٍ والحسين بن حُريثٍ واللفظ له، عن سُفيان، عن الزُّهْري، عن أبي الأحْوَصِ، عن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يمسح الحصى؛ فإن الرحمة تُواجهه»‏.‏

باب الرخصة فيه مرة:

أخبرنا سُوَيد بن نصرٍ قال: أنبأنا عبد الله بن المبارك، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال: حدثني مُعَيْقِيبٌ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن كنت لا بد فاعلًا فمرة‏».‏

شرح الشيخ: والحديث في مُسلم.

 

 

قارئ المتن: باب النهىُ، عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة:

أخبرنا عُبيد الله بن سعيد وشُعيب بن يوسف، عن يحيى -وهو ابن سعيد القطَّان-، عن ابن أبي عَروبة، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم» فاشتد قوله في ذلك حتى قال: «لينْتَهُنَّ عن ذلك أو لتُخطفنَّ أبصارهم».‏

أخبرنا سُويد بن نصرٍ قال: أنبأنا عبد الله، عن يونس، عن ابن شهاب، عن عُبيد الله بن عبد الله: أن رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حدَّثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا كان أحدكم في الصلاة فلا يرفع بصره إلى السماء؛ أن يُلتمِع بصره».

شرح الشيخ: يعني: خشية أن يُلتمع بصره، هذا في تحريم رفع البصر إلى السماء في الصلاة.

(عُبَيد الله) تكلموا عليه، عُبيد الله بن سعيد، عندكم في بالتصغير في النسخة الثانية؟ عُبيد الله بن سعيد، الشيخ المُؤلف.

مداخلة: قُتيبة بن سعيد أحسن الله عملك.

الشيخ: الحديث الثاني: النهي رفع بصره للسماء.

مداخلة: هو تصحيف والصواب عبيد الله، كما في النُسخة الهندية.

الشيخ: يُراجع عُبيد الله بن سعيد في التقريب.

مداخلة: الصواب: عُبيد الله.

الشيخ: كما في الهندية، لكن ما صححه في كُتب الرجال، تكلم عليه في التقريب، عبد الله بن سعيد ولا عُبيد الله؟

مداخلة: عبد الله بن سعيد بن حُصين الكِندي، أبو سعيد الأشد الكوفي، ثقةٌ من صغار العاشرة.

الشيخ: فيه عُبيد الله بن سعيد؟

مداخلة: وأيضًا أحسن الله عملك هذا روى له الجماعة، وعبد الله بن سعيد.

الشيخ: عُبيد الله في التصحيح، عُبيد الله بن سعيد، هذا من التقريب؟

مداخلة: من التقريب أحسن الله عملك.

الشيخ: عُبيد الله، ماذا يقول؟

في التقريب قال: عبد الله بن سعيد، وعُبيد الله بن سعيد.

مداخلة: عُبيد الله بن سعيد كذلك.

الشيخ: قبله؟

مداخلة: لا، في موطنٍ آخر: عُبيد الله؛ لأنه بزيادة الياء، عُبيد الله بن سعيد اليشكري كما ذكر.

الشيخ: هو الراوي عن يحيى، يروي، عن يحيى هو؟

مداخلة: يقول: مات سنة إحدى وأربعين.

الشيخ: عن يحيى، انظر التهذيب يا شيخ.

مداخلة: هذا مُتقدِم في الوفاة على عبد الله بن سعيد، عبد الله بن سعيد بن حُصَين الكَندي أبو سعيد الأشد الكوفي ثقة من صغار العاشرة، مات سنة سبعٍ وخمسين.

الشيخ: شوف الشيوخ، عن يحيى، شيوخه في التهذيب، هنا: عبد الله بن سعيد، عن يحيى وهو ابن سعيد القطان، الراوي عن القطان أيهما؟ هل هو عبد الله أو عُبيد الله؟ وإن كان كلٌ منهما يروي فتحتاج إلى نظرٍ وتأمل؛ لأن الآن قال في الهندية فقط، أصحاب الهندية، ما يكفي.

مداخلة: أحسن الله إليك، قال: عبيد الله هو الراوي عن يحيى القطان.

الشيخ: كما في الخلاصة: عُبيد الله هو الراوي عن يحيى القطان، ولم يذكر عبد الله؟

مداخلة: إيه.

الشيخ: يصح عُبيد الله، يعني التقريب مُختصر، ما يذكر الشيوخ، عُبيد الله صح.

قارئ المتن: باب التشديد في الالتفات في الصلاة:

أخبرنا سُويد بن نصرٍ قال: أنبأنا عبد الله بن المبارك، عن يونس، عن الزُّهري قال: سمعت أبا الأحوَص يُحدَّثنا في مجلس سعيد بن المسيب، وابن المسيب جالسٌ، أنه سمع أبا ذرٍ يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الله عزَّ وجلَّ مُقبلًا على العبد في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرَف وجهه انصرف عنه».

أخبرنا عمرو بن عليّ قال: حدَّثنا عبد الرحمن قال: حدَّثنا زائدة، عن أشعث بن أبي الشَّعْثَاء، عن أبيه، عن مسروقٍ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الالتفات في الصلاة فقال: «اختلاسٌ يختلسه الشيطان من الصلاة‏».‏

أخبرنا عمرو بن عليّ قال: حدَّثنا عبد الرحمن قال: حدَّثنا أبو الأحوص، عن أشعث، عن أبيه، عن مسروقٍ، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.

أخبرنا عمرو بن عليّ قال: حدَّثنا عبد الرحمن قال: حدَّثنا إسرائيلُ، عن أشعث بن أبي الشَّعْثَاء، عن أبي عطيةُ، عن مسروقٍ، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.

أخبرنا هلال بن العلاءِ بن هِلالٍ قال: حدَّثنا المُعافى بن سُليمان قال: حدَّثنا القاسم -وهو ابن مَعِنْ-، عن الأعمش، عن عمارة، عن أبي عطية قال: قالت عائشة: إن الالتفات في الصلاة اختلاسٌ يختلسه الشيطان من الصلاة.

باب: الرخصة في الالتفات في الصلاة يمينًا وشمالًا:

أخبرنا قُتيبة قال: حدَّثنا الليث، عن أبي الزُّبير، عن جابرٍ أنه قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعدٌ، وأبو بكر يُكبر يسمع الناس تكبيرَهُ، فالتفت إلينا فرآنا قيامًا فأشار إلينا فقعدنا، فصلينا بصلاته قُعُودًا، فلما سلَّم قال: «إن كنتم آنِفا تفعلون فِعل فارسَ والروم، يقومون على ملوكهم وهم قُعودٌ، فلا تفعلوا، اِئتموا بأئمتكم، إن صلَّى قائمًا فصلُّوا قيامًا وإن صلَّى قاعدًا فصلُّوا قُعودًا».

أخبرنا أبو عمَّار الحُسين بن حُريث قال: حدَّثنا الفضل بن موسى، عن عبد الله بن سعيدِ بن أبي هندٍ، عن ثورِ بن زيدٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتفت في صلاته يمينًا وشمالًا ولا يلوي عُنقه خلف ظهره.

شرح الشيخ: الالتفات يكون بالقلب، ويكون بالرأس، والالتفات بالرأس دون الجسد جائزٌ عند الحاجة، كما في هذا الحديث (يلتفت في صلاته يمينًا وشمالًا)، وكما التفت الصديق رضي الله عنه لما جاء النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأكثروا من التصفيح.

أما لغير الحاجة فهو مكروهٌ، وهو: (اختلاسٌ يختلسه الشيطان من صلاة العبد) كما في حديث عائشة، وهذا علمته من النبي صلى الله عليه وسلم وليس من اجتهادها.

فالالتفات اختلاسةٌ من صلاة العبد، لكن عند الحاجة لا بأس لو التفت بالعنق دون الجسد، أما لو التفت بجسده عن القبلة بطلت صلاته مُتعمدًا.

وقوله في الحديث الأول: «لا يزال الله عزَّ وجلَّ مُقبلًا على العبد في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه انصرف عنه» هذا إقبالٌ من الله عز وجل كما جاء، لا يعلم كيفيته إلا الله، فكم من عبدٍ في السماء والأرض يُصلي لله والله مُقبلٌ عليه كما يليق بجلاله وعظمته.

 

 

قارئ المتن: باب قتل الحية والعقرب في الصلاة:

أخبرنا قُتيبة بن سعيد، عن سُفيان ويزيد -وهو ابن زُرَيع-، عن مَعْمَر، عن يحيى بن أبي كثير، عن ضَمْضَمَ بن جوس، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الأسودين في الصلاة.

أخبرنا محمد بن رافع قال: حدَّثنا سُليمان بن داود أبو داود قال: حدَّثنا هشام -وهو ابن أبي عبد الله-، عن مَعمَر، عن يحيى، عن ضَمْضَم، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الأسودين في الصلاة.

شرح الشيخ: وهما: العقرب والحية، سُميا الأسودين للتغليب، تغليب الحية على العقرب، قال المحشي: أو لأن عقرب المدينة يميل إلى السواد.

وهذا إذا كان في جهة القبلة ولم يكن عمل قليل فإذا احتاج إلى الاستدارة عن القبلة وقلتها للضرورة، قطع الصلاة للضرورة، ثم ابتداء الصلاة، لكن إذا كان في جهة القبلة ولم يستدر عن القبلة فله قلتها فإنه من العمل الذي يحتاج إليه المُصلي.

قارئ المتن: باب حمل الصبايا في الصلاة ووضعهنَّ في الصلاة:

أخبرنا قُتيبة قال: حدَّثنا مالكٌ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سُليمٍ، عن أبي قتادة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُصلي وهو حاملٌ أُمَامَةَ، فإذا سجد وضعها، وإذا قام رفعها.

أخبرنا قُتيبة قال: حدَّثنا سُفيان، عن عُثمان بن أبي سُليمان، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمروِ بن سُليمٍ، عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يؤمُّ الناس وهو حاملٌ أَمَامَةَ بنت أبي العاص على عاتقه، فإذا ركع وضعها، فإذا فرغ من سجوده أعادها.

شرح الشيخ: وهذا ثابتٌ في الصحيحين، أمامة بن ابنته زينت، بنت أبي العاص، كان يحملها وهو في الصلاة، فإذا ركع وضعها، وإذا قام حملها، إذا ركع وضعها، فإذا فرغ من سجوه أعادها، هذا من العمل الذي يعمله المسلم.

ومن ذلك: فتح النبي صلى الله عليه وسلم الباب لعائشة لما كان الباب في جهة القبلة، هذا عملٌ يسير، من العمل اليسير.

ومن ذلك كون أن النبي صلى الله عليه وسلم يُعلم الناس كيفية الصلاة وهو على المنبر، يصعد درجات، فإذا أراد أن يسجد تأخر فأخفض رأسه على الأرض، فإذا رفع رقي الدرجات يُعلم الناس، قال: «إنما فعلت ذلك لتأتموا بي ولتتعلمو صلاتي» كل هذا من العمل في الصلاة الذي لا بأس به عند الحاجة.

قارئ المتن: باب المشي أمام القبلة خُطىً يسيرةً:

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدَّثنا حاتم بن وَردان قال: حدَّثنا برد بن سِنانٍ أبو العلاء، عن الزُّهَري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: استفتحت الباب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّي تطوعًا، والباب على القبلة، فمشى عن يمينه أو عن يساره، ففتح الباب ثم رجع إلى مُصلَّاه.

شرح الشيخ: هذا من العمل اليسير، إذا كان الباب من جهة القبلة مشى خطوات يفتح ثم يتأخر خطوات، أو يتأخر إذا كان قبله.

قارئ المتن: باب التصفيق في الصلاة:

أخبرنا قُتيبة ومحمد بن المثنى -واللفظ له- قالا: حدَّثنا سُفيان، عن الزُّهْري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «التَّسبيح للرجال، والتَّصفيق للنساء». زاد ابن المثنى: «في الصلاة».‏

أخبرنا محمد بن سلمةَ قال: حدَّثنا ابن وهبٍ، عن يُونس، عن ابن شهابٍ قال: أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أنهما سَمِعا أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التَّسبيح للرجال، والتَّصفيق للنساء».

شرح الشيخ: وهذا إذا ناب الإمام شيء سبَّح الرجال يقولون: سبحان الله، سبحان الله، إذا زاد أو نقص، والمرأة تُصفق ببطن كفها على ظهر الأخرى هكذا، ببطن اليُمنى على ظهر اليُسرى، ولا تتكلم المرأة إذا كانت تُصلي مع الرجال، كانت النساء سابقًا تُصلي مع الرجال خلف الرجال مع الإمام وهُن قريبات فيسمع الإمام، لكن من بعيد مثل الآن بينهم جدار فهنا النساء ما يُسمع تصفيقهن.

قارئ المتن: باب التسبيح في الصلاة:

أخبرنا قُتيبة قال: حدَّثنا الفُضَيل بن عِياض، عن الأعمش ح، وأنبأنا سُويد بن نصرٍ قال: أنبأنا عبد الله، عن سُليمان الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التَّسبيح للرجال، والتَّصفيق للنساء».

أخبرنا عُبيد الله بن سعيد: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن عوفٍ قال: حدثني محُمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:‏ «التَّسبيح للرجال، والتَّصفيق للنساء».‏

شرح الشيخ: مُحمد هذا هو: مُحمد بن سيرين.

قارئ المتن: باب التنحنح في الصلاة:

أخبرنا محمد بن قُدامة قال: حدَّثنا جريرٌ، عن المغيرة، عن الحارث العُكْلِي، عن أبي زُرعة بن عمرو بن جرير قال: حدَّثنا عبد الله بن نُجَيّ، عن عليّ قال: كان لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعةٌ آتيه فيها، فإذا أتيته استأذنت، إن وجدته يُصلي فتنحنح دخلت، وإن وجدته فارغًا أَذِن لي.

أخبرني محمد بن عُبيدٍ قال: حدَّثنا ابن عَياشٍ، عن مُغيرة، عن الحارث العُكْلِيّ، عن ابن نُجَيّ، قال: قال عليّ: كان لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم مدخلان: مدخلٌ بالليل، ومدخلٌ بالنهار، فكنت إذا دخلت بالليل تنحنح لي.

أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار قال: حدَّثنا أبو أُسامة قال: حدثني شُرَحْبِيل -يعني ابن مُدرٍكٍ- قال: حدثني عبد الله بن نُجَىّ، عن أبيه قال: قال لي عليّ: كانت لي منزلةٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن لأحد من الخلائق، فكنت آتيه كل سَحرٍ فأقول: السلام عليك يا نبي الله، فإن تنحنح انصرفت إلى أهلي، وإلَّا دخلت عليه.

شرح الشيخ: هذا الحديث فيه: (عبد الله بن نُجَيّ)، وأبوه نُجَيّ، عبد الله أحسن حالًا من أبيه، نُجَيّ مقبولٌ كما في التقريب، نُجَيّ، فإذا كان له مُتابع فيكون فيه دليلٌ على التنحنح في الصلاة، وإلَّا يحتاج إلى مُتابعة، فتكلم عليه قال: (عبد الله بن نُجَيّ بن سلمة بن حِشْم).

مداخلة: قال أحسن الله إليك: عبد الله بن نُجَيّ، بنونٍ وجيمٍ مُصغرة، بن سلمة بن حِشْم، بكسر الحاء المهملة وسكون الشين المُعجمة، ابن أسد بن خُلَيبة، بضم الخاء المُعجمة، الحضرمي أبو لقمان الكوفي، صدوقٌ.

 قال أحسن الله إليك في المسألة في درجته، قال: حديث عليّ رضي الله عنه هذا ضعيف للانقطاع بينه وبين عبد الله بن نُجَيّ على ما قاله ابن مَعين كما تقدم، وللاضطراب في سنده ومتنه.

الشيخ: يعني ما سمع من أبيه! انقطاع.

مداخلة: من عليّ أحسن الله إليك.

الشيخ: عبد الله بن نُجَيّ، عن عليّ، الأول: عبد الله عن عليّ، والثاني: عن ابن نُجَيّ، كلها عن نُجَيّ، والثالثة: عبد الله عن أبيه.

للانقطاع، عن ماذا؟

مداخلة: قال أحسن الله إليك: للانقطاع بينه وبين عبد الله بن نُجَيّ على ما قاله ابن مَعين وغيره كما تقدم.

الشيخ: انقطاع يعني: عمرو بن جرير يعني.

مداخلة: هذا الحديث اللي قبله أحسن الله إليك.

الشيخ: ما يخالف، الأول والثاني عن عبد الله بن نُجَي، عن عليّ، الانقطاع بينه وبين ماذا؟

مداخلة: قال: الانقطاع بينه وبين عبد الله بن نُجَيّ على ما قاله ابن معين.

الشيخ: يعني ما سمع من عليّ.

مداخلة: قال أحسن الله إليك: قال البيهقي رحمه الله كما في تلخيص الحبيب: هذا مُختلفٌ في إسناده ومتنه، قِيل: سبَّح، وقِل: تنحنح، قال: ومداره على عبد الله بن نُجَيّ انتهى، وقال: الحافظ رحمه الله: قلت: واختُلف عليه فيه فقيل عنه، عن علي، وقيل: عنه، عن أبيه، عن عليّ.

وقال يحيى بن معين: لم يسمعه عبد الله من عليّ، بينه وبين عليّ أبوه، انتهى.

الشيخ: في الثالث: عن أبيه، وأبوه ضعيف أيضًا، الحديث الثالث: عن أبيه، عن عبد الله بن نُجَيّ، عن أبيه قال: قال عليّ.

قال: هذا التنحنح في الصلاة ما يثبت، التنحنح في الصلاة إنما يكون للإشارة والعمل، التنحنح فيها عبد الله بن نُجَيّ، فيه انقطاع، لو كان له مُتابع ممكن، ولذا بوَّب قال: التنحنح في الصلاة، يعني: ما حُكمه؟ ولو ثبت وصحَّ الحديث صار يُشرع التنحنح.

وما يفعله بعض الناس من التنحنح هذا خطأ هنا، ليس للإنسان يتنحنح بدون سبب يعني.

الحنابلة يقولون: إذا تنحنح أو تكلم فبان حرفان بطلت الصلاة إذا كان مُتعمدًا، إذا تكلم فبان حرفان من الكلام يُبطل الصلاة.

والتنحنح بدون سبب قد يُخرِج حرفين، ما ينبغي إلا عند الحاجة إذا أصابه شيء، أما أن يتعمد فلا ينبغي.

والحديث هنا فيه ضعف لا يصح.

مداخلة: قال أحسن الله إليك: وقال ابن خُزيمة رحمه الله تعالى في صحيحه: باب الرخصة في التنحنح في الصلاة عند الاستئذان على المُصلي: إن صحَّت هذه اللفظة فقد اختلفوا فيها، قال: ثُم أخرجه من طريق شُرحبيل.

الشيخ: مر بنا في ابن خُزيمة في الصحيح، قال ابن خُزيمة ماذا؟ قرأناها، نُعدها.

مداخلة: قال: باب الرخصة في التنحنح في الصلاة عند الاستئذان على المُصلي: إن صحَّت هذه اللفظة فقد اختلفوا فيها.

الشيخ: أي لفظة؟ لفظة (تنحنح) في الحديث الذي رواه ابن نُجَيّ، ما الذي بعده؟

مداخلة: (39:43)

الشيخ: مَن يقول هذا؟ وثقه الجمهور؟ ما أدري.

مداخلة: الأثيوبي أحسن الله إليك قال: والحاصل أن هذا الحديث مَطربٌ سندًا ومتنًا فلا يصح، وإن نُقل تصحيحه في التلخيص الحَبير عن ابن سَكَنْ، والله تعالى أعلم.

الشيخ: يعني نقل تصحيحه، وابن خُزيمة كذلك، قال ابن خزيمة ماذا؟

مداخلة: أحسن الله إليك قال: باب الرخصة في التنحنح في الصلاة عند الاستئذان على المُصلي: إن صحَّت هذه اللفظة فقد اختلفوا فيها.

الشيخ: الحاصل: في اختلاف، عبد الله بن نُجيّ أحسن حالًا من أبيه، أبوه نُجيّ مقبول، نحتاج إلى دراسة الحديث وننظر الشواهد والمُتابعات.

قارئ المتن: قال رحمه الله تعالى: باب البكاء في الصلاة:

أخبرنا سُويد بن نصرٍ قال: أنبأنا عبد الله، عن حماد بن سلمة، عن ثابت البُنَانِيّ، عن مُطرف، عن أبيه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيزٌ كأزيز المرجل، يعني: يبكي.

شرح الشيخ: والأزيز هو: صوت البُكاء، قالوا: يجيش جوفه ويغلي بالبُكاء كأزيز المِرجل، المِرجل هو: القِدْر الذي يغلي فيه الماس، سواء كان القدر من حديد أو من نُحاسٍ أو غيره، فهذا إذا غلبه البُكاء النبي صلى الله عليه وسلم كان يُسمع لصوته أزيزًا من البكاء من خشية الله عز وجل.

والصِّدِّيق كان إذا صلَّى بالناس كان لا يُسْمِع الناس من البكاء، إذا غَلبه البُكاء ليس باستطاعته فلا بأس، أما أن يتعمد فلا.

قارئ المتن: باب لعن إبليس والتعوُّذ بالله منه في الصلاة:

أخبرنا محمد بن سلمة، عن ابن وهبٍ، عن معاوية بن صالحٍ قال: حدثني ربيعة بن يزيدَ، عن أبي إدريس الخَولانيّ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلي فسمعناه يقول: «أعوذ بالله منك»،‏ ثم قال: «ألعنك بلعنة الله» ثلاثًا، وبسط يده كأنه يتناول شيئًا، فلما فرغ من الصلاة قلنا: يا رسول الله، قد سمعناك تقول في الصلاة شيئًا لم نسمعك تقوله قبل ذلك، ورأيناك بسطت يدك، قال: «‏إن عدو الله إبليس جاء بشهابٍ من نار ليجعله في وجهي، فقلت: (أعوذ بالله منك) ثلاث مراتٍ، ثم قلت: (ألعنك بلعنة الله)، فلم يستأخر، ثلاث مراتٍ، ثم أردت أن آخذه، والله لولا دعوة أخينا سُليمان لأصبح مُوثَقًا بها يلعب به ولدان أهل المدينة».

شرح الشيخ: عدو الله إبليس، إذا كان عدو الله إبليس يطمع في إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم فغيره من باب أولى، النبي صلى الله عليه وسلم أراد يأتي بشهابٍ ليجعله في وجهه، من يأمن منه! وأشرف الخلق يطمع فيه.

فيه دليلٌ على: أنه قال هذا في الصلاة، ففيه خطابٌ للشيطان، يعني استدل المُحشِّي يقول: أن خطاب الشيطان لا يبطل الصلاة، والفقهاء يُطلقون البُطلان؛ لأنهم يحملون على ما إذا كان الكلام مُباحًا.

على كُل حالٍ ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام ليس كلامًا جائزًا، قال: (أعوذ بالله منك) الاستعاذة بالله من الشيطان، يستعيذ بالله ثلاثًا، وينفث عن يساره ثلاثًا، هذا الذي ورد.

قال: (أعوذ بالله منك)، قال: (ألعنك بلعنة الله) ثلاثًا، هذا من المُخاطب؟ خطاب الآدمي هذا هو الممنوع، يُخاطب الآدمي ويتكلم مع الآدمي فممنوع، أما إذا استعاذ بالله من الشيطان ودعا على الشيطان وقال: ألعنك يعني: أسأل الله أن يطردك من رحمته، وهو مطرودٌ من رحمة الله الشيطان.

وقال: («أردت أن آخذه، والله لولا دعوة أخينا سُليمان لأصبح مُوثَقًا بها يلعب به ولدان أهل المدينة» لكن ذكرت قول أخي سُليمان) قال: {هَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35]، قال الله: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي} [ص: 36] و {وَالشَّيَاطِينَ} [ص: 37]، فتسخير الريح والشياطين خاصٌ بسُليمان.

فالنبي صلى الله عليه وسلم خشِي أن يكون أخذه الشيطان مُشاركة لسُليمان في التسخير؛ لأن سُليمان سُخِّر له، ولأن سُليمان نبيٌ وملكٌ، وكذلك دعوته، أما نبينا صلى الله عليه وسلم فهو نبيٌ وليس ملكًا، فلهذا تذكر النبي صلى الله عليه وسلم دعوة سُليمان قال: {هَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35]، قال: الله: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ} [ص: 36-37].

فخشي نبينا صلى الله عليه وسلم أن يكون إذا أخذ الشيطان وأوثقه أن هذا فيه مُشاركة لسُليمان في تسخير الشياطين، قال: («والله لولا دعوة أخينا سُليمان لأصبح مُوثَقًا بها يلعب به ولدان أهل المدينة»).

قارئ المتن: باب الكلام في الصلاة:

أخبرنا كَثير بن عُبيد قال: حدَّثنا محمد بن حربٍ، عن الزُّبيدي، عن الزُّهْري، عن أبي سلمة أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة وقُمنا معه، فقال: أعرابي وهو في الصلاة: اللهم ارحمني ومحمدًا، ولا ترحم معنا أحدًا، فلما سلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: للأعرابي: «لقد تحجرت واسعا» يُريد رحمة الله عزَّ وجلَّ.

شرح الشيخ: قالوا: إن هذا الأعرابي هو الذي بال في المسد وزجره الناس، جاء ما يدل على أنه هو، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تُزرموه»، ثم أمر بدلوٍ من الماء فصُبَّ على بوله، ثم علمه، قال: إن هذه المساجد لا تصلح لشيءٍ من البول ولا لشيءٍ من القَذَر، وإنما هي لذِكر الله، فالأعرابي لما زجره الناس والنبي صلى الله عليه وسلم رَفَق به قال: (اللهم ارحمني ومحمدًا، ولا ترحم معنا أحدًا)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لقد تحجرت واسعا».

من حُسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم احتوى هذا الأعرابي فقال هذه القولة، دعا على الناس وجعل الرحمة خاصةً به وبالنبي صلى الله عليه وسلم.

قارئ المتن: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمنِ الزُّهْري قال: حدَّثنا سُفيان قال: أحفظه من الزُّهْري قال: أخبرني سعيدٌ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيًا دخل المسجد فصلى ركعتين ثم قال: اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد تحجرت واسعًا».

أخبرنا إسحاق بن منصور قال: حدَّثنا محمد بن يوسف قال: حدَّثنا الأوزاعي قال: حدثني يحيى بن أبي كثيرٍ، عن هلالِ بن أبي ميمونة قال: حدثني عطاء بن يسارٍ، عن معاوية بن الحكم السَّلَمي.

شرح الشيخ: الأشهر: السُّلَمي، عندك ضبطها، الحديث في مُسْلم.

قارئ المتن: شكلها (السَّلْمِي).

مداخلة: قال: معاوية بن الحكم السُلمي.

الشيخ: اقرأ الضبط.

مداخلة: معاوية بن الحكم السُلمي بضم السين  وفتح اللام نسبة إلى بني سُليم.

شرح الشيخ: هذا هو المعروف (السُّلَمي)، صححوها، أما سَلَمي من الأنصار نِسبة إلى بني سَلِمة، والسُّلَمي نِسبة إلى بني سُلَيم، والشكل ما يُعتمد عليه.

قارئ المتن: عن معاوية بن الحكم السُّلَمي قال: قلت: يا رسول الله، إنا حديثُ عهدٍ بجاهليةٍ، فجاء الله بالإسلام، وإن رجالًا منا يتطيَّرون.‏ قال: «ذاك شيءٌ يجدونه في صُدورهم فلا يصُدنهم». ورجالٌ منا يأتون الكُهان. قال: «فلا تأتوهم». قال: يا رسول الله، ورجال منا يخطُّون. قال: «كان نبيٌ من الأنبياء يخطُّ، فمن وافق خَطُّه فذاك».

قال: وبينا أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة إذ عطس رجلٌ من القوم فقلت: يرحمك الله، فحدَّقَني القوم بأبصارهم فقلت: واثُكْل أميَّاه، ما لكم تنظرون إلى؟! قال: فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يُسكتوني، لكني سكت، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاني بأبي وأمي هو، ما ضربني، ولا كَهَرَني، ولا سبَّني، ما رأيتُ مُعلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، قال: «إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس، إنما هو التسبيح، والتكبير، وتلاوة القرآن»، قال: ثم اطلعت إلى غُنيمةٍ لي ترعاها جاريةٌ لي في قِبل أحد والجّوَّانية.

شرح الشيخ: الجَوَّانية: مكانٌ قريبٌ من أُحد.

قارئ المتن: والجَوَّانية، وإني اطلعت فوجدت الذئب قد ذهب منها بشاةٍ، وأنا رجلٌ من بني آدم آسَفُ كما يأسفون، فصكَكْتٌها صكَّةً، ثم انصرفتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فعظَّم ذلك عليّ، فقلت: يا رسول الله، أفلا أُعتقها؟ قال: ‏«ادْعُها» فقال: لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين الله عزَّ وجلَّ؟». قالت: في السماء. قال: «فمن أنا؟». قالت: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: «إنها مؤمنةٌ فأعتقها».

شرح الشيخ: هذا حديثٌ عظيم حديث مُعاوية بن الحكم السُّلَمي، رواه الإمام مُسلمٌ في صحيحه، قال: (إنا حديثُ عهدٍ بجاهليةٍ، فجاء الله بالإسلام)، وهذه نعمةٌ عظيمة، فالجاهلية كانوا في شركٍ، ويأكلون الميتة، ويعبدون الأصنام، فجاء الله بالإسلام.

قال: (وإن رجالًا منا يتطيرون) يعني: يتشائمون، قال: («ذاك شيءٌ يجدونه في صُدورهم فلا يصدنهم». ورجالٌ منا يأتون الكُهان. قال: «فلا تأتوهم». قال: ورجال منا يخطُّون. قال: «كان نبيٌ من الأنبياء يخطُّ، فمن وافق خَطُّه فذاك») ولا يُمكن أن يُوافق، وعلى هذا: فيكون الخطُّ ممنوعًا.

وفيها يعني قال الشُّرَحي: أن هذا يحتمل أن يكون شريعةً فيمن قبلنا، وأن هذا نُسِخ، وقال الخطابي: إنه قال: («فمن وافق خَطُّه فذاك»)، وهذا لا يُمكن، من يعلم خطَّ ذلك النبي وقد انقضى؟! قال: هذا يحتمل النهي عن ذلك الخط؛ إذ كان عِلمًا لنبوة ذاك النبي وقد انقطعت، فنُهينا عن تعاط ذلك، فلا خطَّ.

إذًا إتيان الكُهان ممنوع، والخط ممنوع، والتطير كلها من أعمال الجاهلية، والخط الضرب بالحصى والرمل كلها من أعمال الجاهلية من التشاؤم بالطيور، الخط في الرمل، والضرب بالحصى، وإتيان الكُهان، والتطير بالطيور وغيرها، كل هذا ممنوع.

(قال: وبينا أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة إذ عطس رجلٌ من القوم فقلت: يرحمك الله) كان الناس يتكلمون في أول الإسلام ولم يعلم.

قال: (فحدَّقَني القوم بأبصارهم) تكلم مرة ثانية قال: (واثُكْل أُميَّاه) ما الإشكال؟ فجعلوا يضربون أفخاذهم يُسكتوه، فسكت، فالنبي صلى الله عليه وسلم دعاه.

قال: (بأبي وأمي) يعني: أفديه بأبي وأُمي، (ما ضربني، ولا كَهَرَني، ولا سبَّني، ما رأيتُ مُعلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه) ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: «إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس، إنما هو التسبيح، والتكبير، وتلاوة القرآن» كما قال للأعرابي الذي بال، قال: «لا تُزرموه، صُبوا على بوله سطلًا من ماء»، ثُم دعاه قال له: «إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيءٌ من البول والقَذر، إنما هي لذكر الله»؛ ولهذا قال هذه الدعوة: (اللهم ارحمني ومُحمدًا، ولا ترحم معنا أحدًا).

وفيه: أن مُعاوية بن الحكم كانت له جاريةٌ ترعى الغنم، فاطلع وجاء الذئب وأخذ واحد منها، فشدَّ عليه، شقَّ عليه ذلك، فجاء فضربها، صكَّ الجارية، جاريةٌ أعجميةٌ ترعى صكَّها من شدة ما يجد في نفسه، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فالنبي عظَّم عليه، قال: كيف تصُكَّها؟ كيف تضربها؟ لا تفعل، هذه مسكينة وليس باختيارها، لا تستطيع أن تمنع الذئب، الذئب أقوى منها، يعني فشقَّ عليه ذلك، فقال: يا رسول الله، أُعتِقُها؟ قال: الرسول صلى الله عليه وسلم: «لو لم تُعتقها للفحتك النار»، صار عتقها كفارةٌ له.

قبل أن يُعتقها قال: (يا رسول الله، أفلا أُعتقها؟ قال: ‏«ادْعُها»، فقال: لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين الله عزَّ وجلَّ؟» ‏ قالت: في السماء. قال: «فمن أنا؟». قالت: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: «إنها مؤمنةٌ فأعتقها»)، وهذا من الفوائد العقدية أنه: يسأل عن الله بأين، قال: «أين الله عزَّ وجلَّ؟»، وقال: في السماء، والسماء تُطلق على العُلو، وتُطلق على الطِّباق المبنية.

{أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16] من في العلو، والله تعالى له أعلى العُلو وهو ما فوق العرش، وإذا أُريد بالسماء الطباق المبنية فتكون (في) بمعنى (على)، {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} ولكن الأصل: العلو.

وأهل الكلام من المُعتزلة وغيرهم يُنكرون العُلو، ويتهمون الرسول صلى الله عليه وسلم قالوا: هذه جاريةٌ ما تفهم، خاطبها الرسول صلى الله عليه وسلم، أعجمية ما تفهم، فخاطبها على قدر عقلها، سألها سُؤالًا فاسدًا، هكذا اتهموا الرسول، وأقرها على جوابٍ فاسد، قالوا: الرسول أراد أن يقول: من الله؟ هذا مُراده، لكن هي ما تفهم الجارية فقال لها: أين الله؟، أين: ثلاثة حروف، ومن: حرفين، والرسول أفصح الناس، ما عرف يقول: من الله!

فاتهموا الرسول عليه الصلاة والسلام سألها سؤالًا فاسدًا وأقرها على جوابٍ فاسد أعوذ بالله؛ لأنه أهل الكلام يقولون: إذا قلنا: (إن الله في السماء) فهذا فيه تنقصٌ للرب، جعلته محصورًا في ناحية وجهة، وهو في جميع الجهات، نعوذ بالله.

لكن نصوص العُلو تزيد أفرادها على ألف دليلٍ، كما ذكر المؤلف وغيره، كُلُّ نصٍ فيه أن الله في السماء، ونص فيه: أن الله في العلو: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1]، ونصٌ فيه رفع الأيدي و{وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10]، والصعود: {إَلَيهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10]، أفرادٌ كثيرةٌ كلها تدل على أن الله في العُلو.

لكن أهل البدع تأوَّلوا هذا حتى اتهموا الرسول عليه الصلاة والسلام وقالوا: إن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يسأل عن الله بعينه، ولا يُشار إليه بالأصبع، ولو أشرت إليه بالأصبع في اتجاه اليمين قطع أُصبعك، احذر من أن ترفع أُصبعك عند اتجاه ليس عندك أحد، يقطع أصبعك في الحال، ويستحل ذلك يقول: تُجسم أنت، وتُنقص في الرب، تجعله محصورًا في جهة وفي جهة لا، هكذا في جميع الجهات، وهكذا.

هذا الحديث فيه الرد على أهل البدع أنه يُسأل عن الله بأين، يُسأل، عن الله بأين؟ فيُقال: إن الله في السماء، وحكم على الجارية بأنها مؤمنة، قال: («أين الله عزَّ وجلَّ؟» ‏ قالت: في السماء. قال: «فمن أنا؟». قالت: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: «إنها مؤمنةٌ فأعتقها»).

قارئ المتن: أخبرنا إسماعيل بن مسعود قال: حدَّثنا يحيى بن سعيد قال: حدَّثنا إسماعيل بن أبي خالدٍ قال: حدثني الحارث بن شُبَيلٍ، عن أبي عمروٍ الشيباني، عن زيد بن أرقم قال: كان الرجل يُكلم صاحبه في الصلاة بالحاجة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلت هذه الآية: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] فأُمرنا بالسكوت.

شرح الشيخ: هذا في أول الإسلام ثُم نُسِخ، كان الرجل يتحدث إذا جاء قال: كم بقي على الإمام؟ قال: ركعة، يُكلمه، ثُم نُسِخ بعد ذلك.

قارئ المتن: أخبرنا محمد بن عبد الله بن عمارٍ قال: حدَّثنا ابن أبي غَنية –واسمه: يحيى بن عبد الملك- والقاسم بن يزيدَ الجَرْمي، عن سفيان، عن الزبير بن عديٍ، عن كُلثومٍ، عن عبد الله بن مسعود -وهذا حديث القاسم- قال: كنت آتي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يُصلي فأسلم عليه فيرد عليّ، فأتيته فسلمت عليه وهو يصلي فلم يرد عليّ، فلما سلَّم أشار إلى القوم فقال: «إن الله عز وجل -يعني- أحدث في الصلاة أن لا تكلَّموا إلا بذكر الله وما ينبغي لكم، وأن تقوموا لله قانتين».

أخبرنا الحسين بن حُريثٍ قال: حدَّثنا سفيان، عن عاصمٍ، عن أبي وائلٍ، عن ابن مسعودٍ قال: كنا نُسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فيرد علينا السلام، حتى قدمنا من أرض الحبشة فسلَّمت عليه فلم يرد عليّ، فأخذني ما قَرُبَ وما بَعُدَ، فجلست حتى إذا قَضى الصلاة قال: «إن الله عز وجل يُحدث من أمره ما يشاء وإنه قد أحدث من أمره ألَّا يُتكلم في الصلاة».

شرح الشيخ: هذا الناسِخ للكلام في الصلاة.

 

 

قارئ المتن: باب ما يفعل من قام من اثنتين ناسيًا ولم يتشهد:

أخبرنا قُتيبة بن سعيدٍ، عن مالكٍ، عن ابن شهابٍ، عن عبد الرحمن الأعرجِ، عن عبد الله ابن بُحينة قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم قام فلم يجلس، فقام الناس معه، فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبَّر فسجد سجدتين وهو جالسٌ قبل التسليم، ثم سلَّمَ.

أخبرنا قُتيبة قال: حدَّثنا الليث، عن يحيى بن سعيدٍ، عن عبد الرحمن بن هُرمزَ، عن عبد الله ابن بُحينةَ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قام في الصلاة وعليه جُلوسٌ، فسجد سجدتين وهو جالسٌ قبل التسليم.

شرح الشيخ: هذا إذا نسي التشهد الأول وقام فإنه لا يعود إليه، وله أحوال:

الأول: أن يذكر قبل أن يستتم قائمًا، فهذا يجب عليه أن يرجع.

الثاني: أن يذكر بعد أن يستتم قائمًا، وهذا يُكره له الرجوع.

الثالث: أن يذكر بعد شروعه في القراءة، وهذا يحرم عليه الرجوع.

وفي كل الأحوال الثلاث يسجد سجدتين عِوضًا عن التشهد.

وفيه دليلٌ على أن التشهد الأول ليس بركنٍ ولكنه واجبٌ، ولهذا يُجبر بالسجدتين، أما الأركان فلا تُجبر، إذا ترك الركوع أو السجود فهذا لا بد أن يأتي به ثم يسجد السجدتين، لكن الواجب يُجبر بالسجدتين.

ففيه دليلٌ على: أن من نسي التشهد فقام للثالثة فإنه يُكمل الصلاة ثم يسجد للسهو سجدتين قبل التسليم، ثم يُسلم.

دليلٌ على: أن التشهد الأول واجبٌ، غير مُؤكد، كالركوع والسجود فإنه رُكنٌ، ولا يُجبر الركوع ولا السجود، بل لا بد من الإتيان بالركوع، والسجود، والأركان كلها، والتشهد الأخير، لابد من الإتيان بها.

وفيه أن: السجدتين قبل التسليم، وسيأتي أيضًا أن هناك سجدتين سهو تكون بعد التسليم.

قارئ المتن: باب ما يفعل من سلَّم من ركعتين ناسيًا وتكلَّم:

أخبرنا حُميد بن مَسعدة قال: حدَّثنا يزيد –وهو: ابن زُريعٍ- قال: حدَّثنا ابن عَونٍ، عن محمد بن سيرينَ قال: قال أبو هريرة: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي. قال: قال أبو هريرة: ولكني نسيت.

شرح الشيخ: يعني: إما الظهر أو العصر، صلاة العشي إما الظهر أو العصر.

قارئ المتن: قال أبو هريرة: ولكني نسيت، قال: فصلى بنا ركعتين ثم سلَّم، فانطلق إلى خشبةٍ معروضةٍ في المسجد فقال بيده عليها كأنه غضبان، وخرجت السَّرَعان من أبواب المسجد، فقالوا: قُصِرت الصلاة، وفي القوم أبو بكرٍ وعمرَ -رضى الله عنهما- فهابا أن يُكلماهُ، وفي القوم رجلٌ في يديه طُولٌ، قال: كان يسمى ذا اليدين فقال: يا رسول الله، أنسيت أم قُصرت الصلاة؟ قال: «لم أنس ولم تقصر الصلاة»، قال: وقال: «أكما قال: ذو اليدين؟» قالوا: نعم، فجاء فصلَّى الذي كان تركه، ثم سلَّم، ثم كبَّر فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبَّر، ثم سجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه ثم كبَّر.

شرح الشيخ: هذا فيه دليلٌ على: أن من سلَّم مع النقص ركعةً أو ركعتين فإنه يُصلي الذي تركه ثُم يُسلم، ثم يسجد السجدتين، ثم يُسلم مرةً أخرى، فيكون من سلَّم عن نقصٍ ركعةً أو ركعتين يأتي بما بقي عليه من ركعة أو ركعتين ثم يُسلِّم، ثم يسجد السجدتين ثم يُسلم، فتكون السجدتان هنا بعد السلام.

وسيأتي أنه إذا بنى على غالب ظنِّه أيضًا حصله عنده غالب ظنٍ ثم يُسلم ثم يسجد السجدتين، فيكون السجود سجدتين كله قبل السلام إلا في حالتين:

  1. إذا سلَّم عن نقصٍ.
  2. أو سلَّم عن غلبة الظَّن.

وهذا أضبط ما يكون، هو أضبط مما ذكره الشيخ مُحمد بن عُثيمين -رحمه الله- أنه ذكر: أن السجود يكون قبل التسليم إذا كان عن زيادة، وجعل التسليم زيادة، هذا سلم يعتقد أنه انتهى، ولا ينضبط هذا، لكن في هذا أضبط ويجمع الأحاديث كلها: السجود سجدتين كله قبل السلام إلا في حالتين:

الحالة الأولى: إذا سلم عن نقصٍ، كما في الحديث.

والثانية: إذا سلَّم، عن غلبة ظنٍ، وسيأتي.

والباقي كله قبل السلام، إذا سلم ليس عند غلبة ظنٍّ، إذا سَلَّم عن شكٍ، إذا شك في اثنتين أو ثلاثٍ يبني على اليقين ويُسجد اثنين قبل السلام، إذا ترك التشهد الأول: قبل السلام، إذا زاد: قبل السلام، إذا كان عن نقصٍ: بعد السلام، إذا كان عن غلبة ظنٍ: فبعد السلام.

  • خمس حالاتٍ الآن:
  1. إذا سلَّم، عن زيادة، زاد ركعة أو ركعتين: قبل السلام.
  2. سلَّم، عن التشهد الأول: قبل السلام.
  3. سلَّم، عن شكٍ: قبل السلام.
  4. سلَّم، عن نقصٍ: بعد السلام.
  5. سلَّم، عن غلبة ظنٍ: بعد السلام.

خمس حالاتٍ، ثلاث حالاتٍ قبل السلام، فيكون السجود كله قبل السلام إلا في حالتين.

وهنا في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم ناسيًا، قال: ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم من ركعتين إلا ناسيًا، (وقام إلى خشبةٍ معروضةٍ واتكأ عليها) كأنه غضبان، ثم جاء ذُو اليدين فكلم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جاء من مكانه، فدليلٌ على هذه الحركة لا بأس بها، بنى على صلاته.

وسيأتي في حديثٍ أيضًا أنه دخل بيته، وبيت النبي صلى الله عليه وسلم بابه على المسجد، فإذا كان الفصل قريبًا ولم يُحدِث فيبني على صلاته، أما إذا طال الفصل أو أحدث أو تلبَّس بعبادةٍ أخرى كالنافلة فلا بد من إعادة الصلاة كلها، يُعيد الصلاة إذا طال الفصل، أو أحدث، أو تلبس بعبادةٍ أُخرى، أو فعل ما يُنافي الصلاة كالسبِّ واللعن، سلم عن نقصٍ لكن فعل ما يُنافي الصلاة كالسب واللعن والشتام، فهذا يُعيد الصلاة، وكذلك أيضًا إذا طال الفصل فيُعيد الصلاة، وكذلك إذا أحدث.

أما إذا كان الوقت قريبًا وهو في المسجد كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فهو قريبٌ منه، أو كان على باب المسجد، فهذا يعود ويُكمل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

قارئ المتن: أخبرنا محمد بن سَلمة قال: حدَّثنا ابن القاسم، عن مالكٍ قال: حدثني أيوبُ، عن محمد بن سيرينَ، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من اثنتين فقال: له ذو اليدين: أقُصِرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أصدق ذو اليدين؟» فقال: الناس: نعم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلَّى اثنتين ثم سلَّم، ثم كبَّر فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه، ثم سجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع.

شرح الشيخ: ولا يضر هذا الفصل، الفصل هنا لا يضر، لكن إذا كان الفصل طويلًا: إن خرج من المسجد وطال؛ لأنه سيأتي في بعض الروايات أنه دخل بيته، لكن إذا خرج من المسجد وطال أو تكلم بكلامٍ يُنافي الصلاة كالسِّباب والشتام، أو أحدث وانتقض وضوؤه، أو تلبس بعبادةٍ أخرى كسنة، فهنا لا بد من إعادة الصلاة.

قارئ المتن: أخبرنا قُتيبة، عن مالكٍ، عن داود بن الحصينِ، عن أبي سُفيان مولى ابن أبي أحمدَ أنه قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر فسلَّم في ركعتين، فقام ذو اليدين فقال: أقُصِرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل ذلك لم يكن»، فقال: قد كان بعض ذلك يا رسول الله. فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال: «أصدق ذو اليدين‏». فقالوا: نعم.

شرح الشيخ: الصديق وعُمر ما تكلما؛ خشيا، ما يعلمان، خشيا أنه نزل الوحي أو كذا؛ ولهذا سكتُوا ما تكلَّموا.

قارئ المتن: فأتمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي من الصلاة ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم.

أخبرنا سُليمان بن عُبيد الله قال: حدَّثنا بَهْزُ بن أسدٍ قال: حدَّثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم أنه سمع أبا سلمة يحدث عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الظهر ركعتين ثم سلم فقالوا: أقصُرَت الصلاة؟ فقام وصلى ركعتين، ثم سلَّم، ثم سجد سجدتين.

أخبرنا عيسى بن حمادٍ قال: حدَّثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيبٍ، عن عِمران بن أبي أنس، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يومًا فسلَّم في ركعتين ثم انصرف، فأدركه ذو الشِّمالين فقال: يا رسول الله، أنُقِصت الصلاة أم نسيت؟ فقال: «لم تنقص الصلاة ولم أنْسَ». قال: بلى والذي بعثك بالحق. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أصدق ذو اليدين؟» قالوا: نعم. فصلَّى بالناس ركعتين.

شرح الشيخ: (ذُو الشِّمالين) قيل: هو ذُو اليدين، وقيل: غيره، ولا يتغير الحُكم.

وهذا من رحمة الله –تعالى- بعباده أن قدر على نبيه النسيان حتى يحصل التشريع للأمة، هذا من رحمة الله بعباده، جعل نبيه ينسى هذا النسيان ويُسلِّم من ركعتين.

ويدل على: أن الأركان لا بد من الإتيان بها، الركن لا يسقطُ لا سهوًا ولا عمدًا ولا جهلًا، لا بد من الإتيان بها، ثم يسجد سجدتين بعد أن يأتي به، أما التشهد الأول سقط لأنه ليس بركن.

قارئ المتن: أخبرنا هارون بن موسى الفَرَوي قال: حدثني أبو ضَمرة، عن يونس، عن ابن شهابٍ قال: أخبرني أبو سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نسيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلَّم في سجدتين، فقال: له ذو الشِّمالين: أقُصِرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أصدق ذو اليدين؟». قالوا: نعم. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتم الصلاة.

أخبرنا محمد بن رافعٍ قال: حدَّثنا عبد الرزاق قال: أنبأنا معمرٌ، عن الزُّهْري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي بكر بن سُليمان بن أبي حَثْمَةَ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر أو العصر فسلَّم في ركعتين وانصرف، فقال له ذو الشِّمَالين بن عمروٍ: أَنُقِصَت الصلاة أم نسيت؟ فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: «ما يقول ذو اليدين؟» فقالوا: صدق يا نبي الله، فأتمَّ بهم الركعتين اللتين نَقَص.

أخبرنا أبو داود قال: حدَّثنا يعقوب قال: حدَّثنا أبي، عن صالحٍ، عن ابن شهابٍ أن أبا بكر بن سُليمان بن أبي حَثْمَة أخبره: أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين فقال: له ذو الشِّمالين نحوه، قال ابن شهابٍ: أخبرني هذا الخبر سعيدُ بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: وأخبرنيه أبو سلمة بن عبد الرحمن، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وعُبيد الله بن عبد الله.

باب ذكر الاختلاف على أبي هريرة في السجدتين:

أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكمِ قال: حدَّثنا شعيبٌ قال: أنبأنا الليث، عن عُقيلٍ قال: حدثني ابن شهابٍ، عن سعيدٍ، وأبي سلمة، وأبي بكر بن عبد الرحمن، وابن أبي حَثْمَة، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: لم يسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ قبل السلام ولا بعده.

شرح الشيخ: هذا العنوان غلط من الزُّهْري، مع كونه إمامًا عظيمًا، واضطراب من الزُّهْري في حديث ذو اليدين، اضطراب أوجب على أهل العلم تركه من روايته هذه، هذه خاصة، ولا أحد معصوم عن الغلط من البشر، الكمال لله عز وجل، كلُّ أحدٍ يُؤخد من قوله ويُرَك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن هنا الزُّهْري إمام ومع ذلك غلِط قال: (لم يسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ قبل السلام ولا بعده)، والحديث صحيحٌ كما ثبت في الصحيحين أنه أتى بالسجدتين بعد السلام، كما سبق التفصيل في السجدتان قبل السلام وبعده.

قارئ المتن: أخبرنا عمروُ بن سوَّاد بن الأسود بن عمروٍ قال: حدَّثنا عبد الله بن وهبٍ قال: أنبأنا الليث بن سعدٍ، عن يزيد بن أبي حَبيبٍ، عن جعفر بن ربيعةَ، عن عِراك بن مالكٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد يوم ذي اليدين سجدتين بعد السلام.

شرح الشيخ: هذا هو المُعتمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد سجدتين بعد السلام، هذا المُعتمد كما سبق في الأحاديث الصحيحة.

قارئ المتن: أخبرنا عمرو بن سوَّاد بن الأسود قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: أنبأنا عمرو بن الحارثِ قال: حدَّثنا قتادةُ، عن محمد بن سيرينَ، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله.

أخبرنا عمرو بن عُثمان بن سعيدِ بن كُثير بن دينار قال: حدَّثنا بَقَية قال: حدَّثنا شُعبة قال: وحدثني ابن عَونٍ وخالد الحَذَّاء، عن ابن سيرينَ، عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في وَهْمِهِ بعد التسليم.

أخبرنا محمد بن يحيى بن عبد الله النَّيْسابوري قال: حدَّثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: أخبرني أشعثُ، عن محمد بن سيرين، عن خالد الحَذَّاء، عن أبي قُلابةَ، عن أبي المُهلَّب، عن عِمران بن حُصين: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى بهم فسهَى، فسجد سجدتين ثم سلَّم.

أخبرنا أبو الأشعث، عن يزيد بن زُريعٍ قال: حدَّثنا خالدٌ الحذَّاء، عن أبي قُلابة، عن أبي المهلَّبِ، عن عِمران بن الحُصين قال: سلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث ركعاتٍ من العصر، فدخل منزله، فقام إليه رجلٌ يُقال له: الخِرْبَاق، فقال: يعني: نقصت الصلاة يا رسول الله، فخرج مُغضبًا يجر رداءه فقال: ‏«أصدق؟» قالوا: نعم. فقام فصلَّى تلك الركعة، ثم سلَّم، ثم سجَد سجدتيها ثم سلَّم.

شرح الشيخ: وهنا فيه: أنه دخل منزله، ومنزل الرسول عليه الصلاة والسلام بابه على المسجد، يعني ما طال الفصل.

والخِرباق هو: اسم ذُو اليدين.

وفيه كما سبق أنه: إذا سلَّم مع النقص، ركع ركعتين، فإنه يأتي بما بقي عليه ثُم يسجد سجدتين من السهو، ولو كان في مؤخر المسجد أو خرج قريبًا ثم رجع فإنه يبني على صلاته، إلا إذا انتقض وضوؤه أو تلبَّس بصلاةٍ أخرى، أو طال الفصل، أو فعل ما يُنافي الصلاة كالسِّباب والشتام فهنا يستأنف الصلاة من جديد.

إذا طال الفصل، أو تلبس بالصلاة، أو أحدث، أو فعل ما يُنافي الصلاة، في هذه الحلات يُعيد الصلاة كما سبق.

هنا في الحديث الأخير هنا يقول: ودخل منزله، تكلم عليه من روايته قال: أخرجه الأثيوبي، وقوله: صلَّى في ثلاث ركعاتٍ نقصٍ ثم دخل منزله.

مداخلة: يقول أحسن الله عملك: فدخل منزله. وفي لفظٍ لمسلم: فدخل الحُجرة، فقام إليه رجلٌ يُقال: له الخِرباق.

الشيخ: في مُسلم، كُله في مُسلم، المقصود: مثل ما سبق، تكلم على الاحكام قال: (فدخل منزله)، منزلُه بابه على المسجد عليه الصلاة والسلام، ليس بالبعيد، لكن من كان منزله بعيدًا مسافاتٍ فهذا يُعيد الصلاة إذا طال الفصل أو أَحدَث أو فعل ما يُنافي الصلاة.

قارئ المتن: باب إتمام المصلي على ما ذَكَرَ إذا شكَّ:

أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربيٍّ قال: حدَّثنا خالدٌ، عن ابن عجلانَ، عن زيدِ بن أسلمَ، عن عطاءِ بن يسارٍ، عن أبي سعيدٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا شكَّ أحدكم في صلاته فليُلْغِ الشكَّ، وليَبْن على اليقين، فإذا استيقن بالتَّمام فليسجد سجدتين وهو قاعدٌ، فإن كان صلَّى خمسًا شفعتا له صلاتَه، وإن صلى أربعًا كانتا ترغيمًا للشيطان».

أخبرنا محمد بن رافعٍ قال: حدَّثنا حُجَين بن المثنى قال: حدَّثنا عبد العزيز –وهو: ابن أبي سلمة-، عن زيد بن أسلمَ، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «‏إذا لم يدْر أحدكم صلَّى ثلاثًا أم أربعًا فليُصل ركعةً ثم يسجد بعد ذلك سجدتين وهو جالسٌ، فإن كان صلَّى خمسًا شفعتا له صلاتَه، وإن صلَّى أربعًا كانتا ترغيمًا للشيطان».

شرح الشيخ: وهذا حديث ابن سعيد في الشك، يسجد سجدتان قبل أن يُسلِّم.

حديث أبي هُريرة السابق: فإذا سلَّم مع النقص فبعد السلام.

وهنا حديث أبي سعيدٍ: قبل السلام.

حديث ابن بُحينة في ترك التشهد الأول: قبل السلام.

وحديث أنه زاد فصلَّى خمسًا: قبل السلام.

وهكذا.. فيصير كله قبل السلام إلا في حالتين:

  1. إذا سلَّم مع النقص ركعتين ركعتين.
  2. أو سلَّم عن غلبة الظن، كما سبق.

قارئ المتن: باب التحرِّي:

أخبرنا محمد بن رافعٍ قال: حدَّثنا يحيى بن آدم قال: حدَّثنا مُفَضَّل –وهو: ابن مُهلهل-، عن منصورٍ، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللهِ يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «‏إذا شكَّ أحدكم في صلاته فليتحرَّ الذي يرى أنه الصوابَ فيُتمُّه، ثم -يعني- يسجد سجدتين، ولم أفهم بعض حروفه كما أردت».

أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك المُخرَّمي قال: حدَّثنا وكيعٌ، عن مِسعرٍ، عن منصورٍ، عن إبراهيمَ، عن علقمةَ، عن عبد اللهِ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «‏إذا شكَّ أحدكُم في صلاته فليتحرَّ ويسجد سجدتين بعد ما يفرغُ».

شرح الشيخ: يعني بعد السلام، وهذه الحالة الثانية: إذا سلَّم، عن غلبة ظن، هذا أريح للإنسان أن يسجد سجود السهو.

سُجود السهو كُله قبل السلام إلا في هاتين الحالتين، أما التفصيلات التي ذكرها الشيخ محمد رحمه الله تعالى فإنها ما تنضبط، أنه إذا سلَّم عن زيادةٍ قال: السلام يُسمى زيادة، قال: إذا سلَّم عن زيادة فيكون بعد السلام، أين الزيادة؟ الزيادة هي: السلام عليكم ورحمة الله، هذه هي الزيادة، سلَّم يعتقد أنه أضبط للصلاة.

هذا أضبط يجمع الأحاديث كُلها، الخمس حالات:

إذا سلَّم، عن نقصٍ: يكون بعد السلام، يأتي بالنقص ركعة أو ركعتين ثم يُسلِّم، ثم يسجد السجدتين ثم يُسلِّم.

إذا سلَّم عن غلبة ظنٍ أيضًا كما في الحديث: بعد السلام.

إذا سلم عن شكٍ وليس عن غلبة ظن: قبل السلام.

إذا نسي التشهد الأول: قبل السلام.

زاد في الصلاة: قبل السلام.

خمس حالات.

قارئ المتن: أخبرنا سُويد بن نصر قال: أنبأنا عبد الله، عن مِسْعَر، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم فزادَ أو نقصَ، فلما سلَّم قلنا: يا رسول الله، هل حدث في الصلاة شيءٌ؟ قال: «‏لو حدث في الصلاة شيءٌ أّنْبأْتُكُمُوُه، ولكنِّي إنما أنا بشرٌ أنسى كما تنسون، فأيُّكم ما شكَّ في صلاته فلينظر أَحْرَى ذلك إلى الصواب فليُتمَّ عليه، ثم ليُسلِّم ولْيَسْجد سجدتين».

شرح الشيخ: عبد الله بن المُبارك، وهو شيخ سُويد بن نصر.

قارئ المتن: أخبرنا الحسن بن إسماعيل بن سُليمان المُجَالديّ قال: حدَّثنا الفُضَيل -يعني ابن عِيَاضٍ-، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاةً فزاد فيها أو نَقَص، فلما سلَّم قُلنا: يا نبي الله، هل حدث في الصلاة شيءٌ؟ قال: «وما ذاك؟» فذكرنا له الذي فعل فثنَى رجله، فاستقبل القبلة فسجد سجدتى السهو، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: «لو حدث في الصلاة شيءٌ لأنبأتكم به». ثم قال: «إنما أنا بشرٌ أنسى كما تَنسون، فأيُّكم شكَّ في صلاته شيئًا فليتحرَّ الذي يرى أنه صوابٌ، ثم يُسلِّم، ثم يسجد سجدتي السهو».

شرح الشيخ: هذا غلبة الظن، يعني بنى على غلبة الظنِّ، فليتحرَّ أنه صوابٌ، يعني: بنى على غلبة ظن.

قارئ المتن: أخبرنا إسماعيل بن مسعود قال: حدَّثنا خالد بن الحارث، عن شُعبة قال: كتب إليّ منصورٌ وقرأته عليه، وسمعته يُحدث رجلًا عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى صلاة الظهر ثم أقبل عليهم بوجهه فقالوا: أَحَدث في الصلاة حدثٌ؟ قال: «وما ذاك؟» فأخبروه بصنيعه، فثنَى رجله واستقبل القبلة، فسجد سجدتين، ثم سلَّم، ثم أقبل عليهم بوجهه فقال: «إنما أنا بشرٌ أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكِّرُوني». وقال: «لو كان حدث في الصلاة حدثٌ أنبأتكم به». وقال: «إذا أَوْهَمَ أحدكم في صلاته فليتحرَّ أقرب ذلك من الصواب ثم ليُتمَّ عليه، ثم يسجدُ سجدتين».

شرح الشيخ: قوله: «إنما أنا بشرٌ أنسى» فيه: أنه بشرٌ ينسى، ويأكل ويشر، وتُصيبه الأمراض، وليس بإلهٍ يُعبد، ولكنه نبيٌ كريمٌ تُصيبه الأمراض، ويأكل ويشرب، ويمشي في الأسواق، ولا يُخِلُّ ذلك بفضائله عليه الصلاة والسلام.

وفيه: الردُّ على من عبَدَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وتُصيبه الأمراض، ويُوعك كما يُوعك الرجلان، وهذا فيه دلالةٌ على أنه ليس بإلهٍ معبودٍ، ولكنه نبيٌ كريم، فالله تعالى هو المعبود بحقٍ ولا تُصرف العبادة إلا له، أما الأنبياء فهم بشرٌ يُحترمون ويُعظمون بما يليق بهم، وتُمتثل أوامرهم، وتُمتثل نواهيهم، لكن لا يُعبدون، يُسلم بعد السلام ثم يسجد في الحال.

مداخلة: أحسن الله إليك، عندنا في حديث سابق الحديث الثالث من الباب، حديث سُويد بن نصر، قال: أنبأنا عبد الله بن مِسْعر.

الشيخ: لا، عن مِسْعَر، عبد الله بن المُبارك، عن مِسْعر.

قارئ المتن: أخبرنا سُويد بن نصرٍ قال: أنبأنا عبد الله، عن شُعبة، عن الحكم قال: سمعت أبا وائلٍ يقول: قال: عبد الله: من أوْهَم في صلاته فليتحرَّ الصوابَ، ثم يسجد سجدتين بعد ما يفرغ وهو جالسٌ.

أخبرنا سُويد بن نصرٍ قال: أنبأنا عبد الله، عن مِسْعَرٍ، عن الحكم، عن أبي وائلٍ، عن عبد الله قال: من شكَّ أو أوْهَم فليتحرَّ الصواب، ثم ليسجد سجدتين.

أخبرنا سُويد بن نصرٍ قال: أنبأنا عبد الله، عن ابن عَونٍ، عن إبراهيم قال: كانوا يقولون: إذا أوهم يتحرَّى الصواب، ثم يسجد سجدتين.

أخبرنا سُويد بن نصرٍ قال: أنبأنا عبد الله، عن ابن جريجٍ قال: قال: عبد الله بن مُسَافِعٍ، عن عُقبة بن محمد بن الحارث، عن عبد الله بن جعفر.

شرح الشيخ: في التقريب يُقال: عُقبة، وعُتبة.

قارئ المتن: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شكَّ في صلاته فليسجد سجدتين بعد ما يُسلِّم».

أخبرنا محمد بن هاشمٍ: أنبأنا الوليد: أنبأنا ابن جُريجٍ، عن عبد الله بن مُسَافِعٍ، عن عُقبة بن محمد بن الحارث، عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من شكَّ في صلاته فليسجد سجدتين بعد التسليم».

شرح الشيخ: هذا فيه ابن جُريج المُدلس، وقد عنعن لكن صرَّح بالسماع في الحديث الذي بعده.

 

 

قارئ المتن: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم قال: حدَّثنا حجاجٌ قال: ابن جريج: أخبرني عبد الله بن مُسَافِعٍ: أن مصعب بن شيبة أخبره، عن عُقبة بن محمد بن الحارث، عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من شكَّ في صلاته فليسجد سجدتين بعد ما يُسلِّم».

أخبرنا هارونُ بن عبد الله قال: حدَّثنا حجاجٌ وَرَوْحٌ –هو: ابن عُبادة-، عن ابن جُريجٍ قال: أخبرني عبد الله بن مُسَافِعٍ: أن مصعب بن شيبة أخبره عن عتبة بن محمد بن الحارث، عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من شكَّ في صلاته فليسجُد سجدتين». قال حجاجٌ: بعد ما يُسلم. وقال: رَوْحٌ: وهو جالسٌ.

شرح الشيخ: وهذا محمولٌ على أنه شكٌ معه غلبة ظن، جمع بينه وبين حديث أي سعيد.

قارئ المتن: أخبرنا قتيبة، عن مالكٍ، عن ابن شهابٍ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أحدكم إذا قام يُصلي جاءه الشيطان فلبَسَ عليه صلاته، حتَّى لا يدري كم صلَّى، فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو جالس».

أخبرنا بِشر بن هلالٍ قال: حدَّثنا عبد الوارث، عن هشام الدَّسْتَوائي، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلمةَ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا نُودي للصلاة أدبر الشيطان له ضُراط، فإذا قضي التثويب أقبل، حتى يخطر بين المرء وقلبه، حتَّى لا يدري كم صلَّى، فإذا رأى أحدكم ذلك فليسجد سجدتين».

شرح الشيخ: نعم، وهذا أخرجه البُخاري، وهذا مُجمل هو وما قبله وتُفسره الأحاديث السابقة.

مداخلة: عُقبة وعُتبة شخص واحد؟

الشيخ: نعم، عُقبة، وعُتبة.

مداخلة: هو شخصٌ واحد يا شيخ؟

الشيخ: إيه، يُقال: عُقبة، ويُقال: عُتبة.

قارئ المتن: باب ما يفعل من صلَّى خمسًا:

أخبرنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشارٍ -واللفظ لابن المثنى- قالا: حدَّثنا يحيى، عن شُعبة، عن الحكمِ، عن إبراهيمَ، عن علقمةَ، عن عبد الله رضي الله عنه قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر خمسًا فقيل له: أزيد في الصلاة؟ قال: «وما ذاك؟» قالوا: صليت خمسًا. فثنَى رِجله وسجد سجدتين.

أخبرنا عَبدة بن عبد الرحيم قال: أنبأنا ابن شُميلٍ قال: أنبأنا شُعبة، عن الحكم ومغيرة، عن إبراهيمَ، عن علقمة، عن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه صلَّى بهم الظهر خمسًا، فقالوا: إنك صليت خمسًا. فسجد سجدتين بعد ما سلَّم وهو جالس.

شرح الشيخ: لأنه لم يعلم بالزيادة إلَّا بعدما سلَّم.

قارئ المتن: أخبرنا محمد بن رافعٍ قال: حدثني يحيى بن آدمَ قال: حدَّثنا مُفضلُ بن مُهلهلٍ، عن الحسن بن عُبيد الله، عن إبراهيم بن سُويدٍ قال: صلى علقمة خمسًا فقيل له، فقال: ما فعلت؟ قلت برأسي: بلى. قال: وأنت يا أعور؟ فقلت: نعم. فسجد سجدتين ثم حدَّثنا عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه صلَّى خمسًا، فوشوش القوم بعضهم إلى بعضٍ فقالوا: له: أّزِيد في الصلاة؟ قال: «لا»، فأخبروه، فثنَّى رجله فسجد سجدتين، ثم قال: «إنما أنا بشرٌ أنسى كما تنسون».

شرح الشيخ: وقوله: (يا أعور) هذا محمولٌ على أنه ناكر هذا اللقب، وإلا فإنه لا يجوز التنابز بالألقاب.

قارئ المتن: أخبرنا سُويدُ بن نصرٍ قال: أنبأنا عبد الله، عن مالك بن مِغْوَل قال: سمعت الشَّعبي يقول: سها علقمة بن قيسٍ في صلاته، فذكروا له بعد ما تكلم، فقال: أكذلك يا أعور؟ قال: نعم، فحلَّ حُبْوَتَهُ ثم سجد سجدتي السهو، وقال: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وسمعت الحكم يقول: كان علقمة صلَّى خمسًا.

أخبرنا سًويد بن نصرٍ قال: أنبأنا عبد الله، عن سُفيان، عن الحسن بن عُبيد الله، عن إبراهيمَ: أن علقمة صلَّى خمسًا، فلما سلَّم قال: إبراهيم بن سُويد: يا أبا شِبل، صليت خمسًا. فقال: أكذلك يا أعور؟ فسجد سجدتي السهو، ثم قال: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أخبرنا سُويد بن نصرٍ قال: أنبأنا عبد الله، عن أبي بكر النَّهشلي، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى إحدى صلاتي العَشيّ خمسًا، فقيل له: أزِيد في الصلاة؟ فقال: «وما ذاك؟» قالوا: صليت خمسًا، قال: «إنما أنا بشرٌ أنسى كما تنسون، وأذكُرُ كما تذكرون»، فسجد سجدتين ثم انفتل.

شرح الشيخ: وهذا من لُطف الله تعالى بعباده أن جعل نبيه ينسى حتى يحصل التشريع، نسيَ فسلَّم من ركعتين، ونسي فزاد خامسةً، حتى حصل التشريع للأمة، وهذا من رحمة الله تعالى بعباده.

قارئ المتن: باب ما يفعلُ من نسي شيئًا من صلاته:

أخبرنا الربيع بن سُليمان قال: حدَّثنا شُعيب بن الليث قال: حدَّثنا الليث، عن محمد بن عَجلانَ، عن محمد بن يوسف مولى عثمان، عن أبيه يوسف: أن معاوية رضي الله عنه صلَّى إمامهم، فقام في الصلاة وعليه جُلوسٌ، فسبَّح الناس، فتمَّ على قيامه، ثم سجد سجدتين وهو جالسٌ بعد أن أتم الصلاة، ثم قعد على المنبر فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من نسيَ شيئًا من صلاته فليَسجُد مثل هاتين السجدتين».

شرح الشيخ: هذا الحديث عن أبي هُريرة: «من نسيَ شيئًا من صلاته فليَسجُد مثل هاتين السجدتين» مُجملٌ تُفسره الأحاديث الأُخرى، كأن نسي جلوس التشهد الأول سجد السجدتين، وإن سلَّم عن نقصٍ يأتي بما نَقَص ثم يسجد بعد أن يُسلِّم.

قارئ المتن: باب التكبير في سجدتي السهو:

أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرحِ قال: أنبأنا ابن وهب قال: أخبرني عمروٌ ويونسٌ والليثٌ: أن ابن شهاب أخبرهم، عن عبد الرحمن الأعرج: أن عبد الله ابن بُحَينة رضي الله عنه حدَّثَه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في الثِّنتين من الظهر فلم يجلس، فلما قضى صلاته سجدَ سجدتين، كبَّر في كل سجدٍة وهو جالسٌ قبل أن يُسلِّم، وسجدهما الناس معه مكان ما نسي من الجلوس.

شرح الشيخ: يُكبر للسجود ويُكبر للرفع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُكبر في كل خفضٍ وفي كل رفعٍ، أما إذا كان في الصلاة سجود السهو ففيه خلاف، الجمهور على أنه يُسلِّم، على أن الركعتين صلاة فهذه سجدة تلاوة، سجدة التلاوة هي التي خارج الصلاة فيها كلام لأهل العلم، وكذلك سجدة التلاوة إذا كانت في الصلاة فلا بد أن يُكبر للرفع والخفض؛ لأنه النبي يُكبر في كل رفعٍ وخفض، أما إذا كان خارج الصلاة وسجد للتلاوة ففيه خلاف، فالجمهور على أنها صلاة، يُكبر ثم يُكبر ثم يُسلم تسليمتين.

والقول الثاني: أنه يُكبر عند الرفعِ، ويرفعُ بدون تكبيرٍ وبدون سلامٍ، وهذا عن ابن عُمر، ومذهب البُخاري، وهو الذي عليه العمل الآن، وهو اختيار شيخ الإسلام واختيار الشيخ ابن باز -رحمها الله تعالى- أن سجدة التلاوة ليست من الصلاة، وهو قول ابن عُمر، واختيار البُخاري وجماعة، لكن الجمهور على أنها صلاة، قالوا: يُكبر ثم يرفع مُكبرًا ثم يُسلِّم تسليمتين؛ لأنهم يعتبرونها صلاة.

قارئ المتن: باب صفة الجلوس في الركعة التي يُقضي فيها الصلاة.

أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدَّورقي ومحمد بن بَشَّارٍ بُنْدار.

شرح الشيخ: محمد بن بشَّار بُنْدَار، (بُنْدار) هذا لقب محمد بن بشَّار، وهو روى عنه الأئمة الستة كلهم.

 

 

قارئ المتن: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدَّورقي ومحمد بن بَشَّار بُنْدار -واللفظ له- قالا: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ قال: حدَّثنا عبد الحميد بن جعفرٍ قال: حدثني محمد بن عمرو بن عطاءٍ، عن أبي حُميدٍ الساعدي قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في الركعتين اللتين تنقضي فيهما الصلاة أخَّر رجله اليسرى، وقعد على شِقِّه مُتورِّكٍا، ثم سلَّم.

أخبرنا قُتيبة قال: حدَّثنا سُفيان، عن عاصم بن كُليبٍ، عن أبيه، عن وائل بن حُجْر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، وإذا جلس أَضْجَعَ اليسرى ونَصَبَ اليمنى، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، ويده اليمنى على فخذه اليمنى، وعقد ثِنتين الوسطى والإبهام وأشار.

شرح الشيخ: يعني أشار بالسبابة، هذا في صفة الجلوس في الركعة الأخيرة، يتورَّك في الصلاة التي فيها تشهدان، وهو: أن يجلس على إليتيه، ويُخرج رجليه عن يمينه.

وقال بعض العلماء: يتورَّك في التشهدين.

وقال آخرون: لا يتورك في التشهدين.

والصواب الذي عليه أهل العلم هو هكذا: أن التورُّك في الصلاة التي فيها تشهدان، التشهد الأخير، والتشهد الأول ليس فيه تورك، والتورك هو: أن يُخرج إليتيه، ويُخرج رجله اليُسرى عن يمينه.

قارئ المتن: باب موضع الذراعين:

أخبرنا محمد بن علي بن ميمونٍ الرَّقِيّ قال: حدَّثنا محمد -وهو ابن يوسف الفِريابي- قال: حدَّثنا سُفيان، عن عاصم بن كُليبٍ، عن أبيه، عن وائل بن حُجْرٍ: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم جلس في الصلاة فافترش رجله اليسرى، ووضع ذراعيه على فخذيه، وأشار بالسبابة يدعو بها.

باب موضع المرفقين:

أخبرنا إسماعيل بن مسعودٍ قال: أنبأنا بِشر بن المفضَّل قال: حدَّثنا عاصم بن كُليبٍ، عن أبيه، عن وائل بن حُجْر رضي الله عنه قال: قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يُصلي، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبل القبلة، فرفع يديه حتى حاذتا أُذنيه، ثم أخذ شِماله بيمينه، فلما أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك ووضع يديه على رُكبتيه، فلما رفع رأسه من الركوع رفعهُما مثل ذلك، فلما سجد وضع رأسه بذلك المنزل من يديه، ثم جلس فافترش رجله اليسرى ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، وحدَّ مِرفقَه الأيمن على فخذه اليمنى، وقبض ثِنتين وحلَّق، ورأيته يقول هكذا، وأشار بِشرٌ بالسبابة من اليمنى، وحلَّق الإبهام والوسطى.

شرح الشيخ: قوله: (وحدَّ مرفقَه الأيمن) يعني: هذا حصل فيه إشكال، كيف يضع حدَّ مرفقَه؟

تأول بعض الشُّراح فقال: رفعه عن فخذه، يعني يكون عطفٌ على الأفعال السابقة، يعني: وجعل حدَّ المرفق مرفوعًا عن فخذه، والحدُّ معناه: الفصل بين الشيئين، ومنعه أن يلتصق في حال استعلائه على فخذه.

تأول بعضهم أن يكون اسمًا مُضافًا إلى المرفق، والجُملة حال.

أو اسم وموصوف وعطف على مفعولين، وضع حدَّ مرفقه اليُمنى على فخذه اليُمنى؛ لأن هذا هو الموافق للروايات، وإلا لو وضعه هكذا تبقى يده، ماذا قال عليه الشيخ الأثيوبي هنا؟

وصِحَّة الحديث عن عاصم ين كُليب، يتكلم عن عاصم بن كُليب وأبوه كُليب.

مداخلة: أحسن الله إليكم قال: عاصم بن كُليب الجرمي الكُوفي صدوقٌ، رُمي بالإرجاء، وكُليب بن شهاب صدوق.

الشيخ: قوله (وحدَّ مرفقه الأيمن).

مداخلة: وقوله: (وحدَّ مرفقه الأيمن) إلى آخره بالنصب عطفًا على يده، أي: ووضع حدَّ مرفقه الأيمن على فخذه اليُمنى، وهذا الوجه من الإعراب هو الموافق لما تقدم من الرواية ولِما يأتي بعد بابين بلفظ (جعل حدَّ مرفقه الأيمن على فخذه اليُمنى)، والله تعالى أعلم.

وذكر السِّنْديُّ رحمه الله تعالى في شرحه أوجهًا من الإعراب وهاك نصه: قال: حدَّ.

الشيخ: إيه هذا الذي قرأه بعده، شوف الأحكام في الكلام.

مداخلة: قال: الجامع عفا الله عنه: بل الأوجه كلها بعيدةٌ سِوى الوجه الذي قدمته، كما اختاره هو فإنه الأولى لموافقته لما ذُكر من الروايتين؛ لأن الرواية يُفسر بعضها بعضًا، والله أعلم. انتهى.

الشيخ: يبقى الإشكال: يكون الحدّ على الفخذ، أو تكون اليد مُرتفعة؟ ولا ذكر من الأوجه أن يكون المراد بالمرفق: مفصل الكف من الساعد، وأنه سُمي مرفقًا لأنه ارتفق به.

قارئ المتن: باب موضع الكفَّين:

أخبرنا محمد بن منصورٍ قال: حدَّثنا سُفيان قال: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن مُسلم بن أبي مريم -شيخ من أهل المدينة-، ثم لقيت الشيخ فقال: سمعت عليّ بن عبد الرحمن يقول: صليت إلى جنب ابن عمر رضي الله عنهما، فقلبت الحصى فقال لي ابن عمر رضي الله عنهما: لا تُقلِّب الحصى؛ فإن تَقليب الحصى من الشيطان، وافعل كما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، قلت: وكيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل؟ قال: هكذا، ونصب اليمنى، وأضجع اليسرى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى، وأشار بالسبَّابة.

شرح الشيخ: قال: (وضع يده اليُمنى على فخذه اليُمنى)، هنا ظاهره أن هذا فعله بعض الأحايين جعل حدَّه، وإلَّا فالأحاديث كُلها (وضع يده اليُمنى على فخذه اليُمنى، ويده اليُسرى على فخذه اليُسرى)، فلعلَّ هذا فعله بعض الأحيان أن جعل حدَّ مرفقَه الأيمن على فخذه، جعل الحدَّ هكذا أو ارتفعت قليلًا.

قارئ المتن: باب قبض الأصابع من اليد اليمنى دون السبابة:

أخبرنا قُتيبة بن سعيدٍ، عن مالكٍ، عن مسلم بن أبي مريم، عن علي بن عبد الرحمن قال: رآني ابن عمر رضي الله عنهما وأنا أعبث بالحصى في الصلاة، فلما انصرف نهاني وقال: اصنع كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع، قلت: وكيف كان يصنع؟ قال: كان إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه، وقبض -يعني أصابعه كلها-، وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى.

شرح الشيخ: وهذه صفات، من الصفات أنه: يقبض الأصابع ويُشير باليُسرى، ومنها: أنه يقبض أصبعين الخنصر والبُنصر ويُحلِّق الوسطى مع الإبهام.

يعني إما كل الأصابع يقبضها أو يُحلِّق هكذا، كل هذه أنواع، له هذا وله هذا.

مداخلة: (01:42:37).

الشيخ: هذه كأنها خمسة وثلاثة.

قارئ المتن: باب قبض الثِّنْتَين من أصابع اليد اليمنى وعَقْدِ الوسطى والإبهام منها:

أخبرنا سُويد بن نصرٍ قال: أنبأنا عبد الله بن المبارك، عن زائدةَ قال: حدَّثنا عاصم بن كُلَيبٍ قال: حدثني أبي أن وائل بن حُجْ قال: قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يُصلي، فنظرت إليه، فوصفَ قال: ثم قعد وافترش رجله اليسرى، ووضع كفه اليُسرى على فخذه وركبته اليسرى، وجعل حدَّ مرفقِّه الأيمن على فخذه اليمنى، ثم قبض اثنتين من أصابعه وحلَّق حَلْقةً، ثم رفع أصبعه، فرأيته يُحركها يدعو بها. مختصر.

شرح الشيخ: وهذا نوع، قبض ثنتين الأصبع الخُنصر والبُنصر، وحلَّق حلْقة.

والذي قبله: قبض الأصابع كُلها.

هنا جعل كفه اليُسرى على فخذه وركبته اليُسرى، قال: على الفخذ والركبة، يعني إطلاق الأصابع على الركبة، واليد على الفخذ.

 

 

قارئ المتن: باب بسط اليُسرى على الركبة:

أخبرنا محمد بن رافعٍ قال: حدَّثنا عبد الرزاقِ قال: حدَّثنا مَعْمَرٌ، عن عُبيد اللهِ، عن نافعٍ، عن ابن عُمرَ –رضي الله عنهما-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس في الصلاة وضع يديَهِ على ركبتيه، ورفع أُصبعه التي تلي الإبهام فدعا بها، ويده اليسرى على ركبته باسطها عليها.

أخبرنا أيوب بن محمد الوزَّان قال: حدَّثنا حجاجٌ قال: ابن جُريج: أخبرني زيادٌ، عن محمد بن عجلانَ، عن عامر بن عبد الله بن الزبيرِ، عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُشير بأُصبعه إذا دعا ولا يُحركها. قال: ابن جُريج وزاد عمروٌ قال: أخبرني عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه رضي الله عنه: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يدعو كذلك، ويتحامل بيده اليسرى على رجله اليسرى.

شرح الشيخ: الجمع بين حديث الزبير هذا بأنه لا يُحرك أصبعه إذا دعا، وحديث وائل بن حُجر الذي قبله أنه يُحركها إذا دعا، بأحد وجهين:

إما يُقال: أنه يُحركها أحيانًا في بعض الصلوات، وأحيانًا لا يُحركها، فكلٌ نقل ما شاهد.

والثانية: أن التحريك تحريكٌ يسيرٌ، فمن نفى فإنه لم يفطن لهذا التحريك الذي هو تحريكٌ يسير، يعني: وهو يدعوا هكذا يُحرك تحريكًا يسيرًا ما يفطن له من نفاه، أما ما يفعله بعض الناس من كونهم يفعلون بأصبعهم هكذا ما أعلم له أصلًا، بعض الناس يفعل ما يشبه ذَنب الخيل، في بعض الناس هكذا، ما أدري من أين جاءهم هذا

الأصبع هكذا منصوبة، تُحركها تحريكًا هكذا، أما بعض الناس هكذا فما أدري من أين له هذا العمل!

المشروع في الحديث: أنه يخفض الأصبع ويرفعها، يخفض الأصبع ويرفعها.

سؤال: أحسن الله إليك في التشهد هل هذا من المشروع؟

الشيخ: في التشهد يُشير، ينصبها، منصوبةٌ للتشهد، لكن هو يخفض الإصبع ويرفعها، الأحاديث كلها ما مر معنا يُفعل هذا.

قارئ المتن: باب الإشارة بالأصبع في التشهد.

شرح الشيخ: إشارة، ما في خفض ورفع، الكلام في الخفض والرفع باستمرار من أول التشهد إلى آخره تجد بعض الناس يرفع الإصبع ويخفضها.

 

 

قارئ المتن: قال: أخبرني محمد بن عبد الله بن عمار الموصليُّ، عن المُعَافى، عن عصام بن قدامةٍ، عن مالكٍ -وهو ابن نُمير الخزاعي-، عن أبيه رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعًا يده اليمنى على فخذه اليمنى في الصلاة، ويشير بأصبعه.

باب النهى عن الإشارة بأصبعين، وبأي أصبع يُشير:

أخبرنا محمد بن بشارٍ قال: حدَّثنا صفوان بن عيسى قال: حدَّثنا ابن عجلان، عن القعقاعِ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلًا كان يدعو بأُصبُعَيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَحِّدْ أَحِّدْ».

أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك المُخرَّمي قال: حدَّثنا أبو معاوية قال: حدَّثنا الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن سعدٍ قال: مرَّ عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أدعو بأصابعي فقال: «أَحِّدْ أَحِّدْ» وأشار بالسبابة.

شرح الشيخ: (أَحِّدْ) يعني: وحِّد الله، تُشير بأصبعٍ واحدة، لا بأصبعين ولا بثلاثة.

قارئ المتن: باب انحناء السبابة في الإشارة:

أخبرني أحمد بن يحيى الصُّوفيُّ قال: حدَّثنا أبو نُعَيمٍ قال: حدَّثنا عصام بن قُدامة الجدَلي قال: حدثني مالك بن نُمَير الخُزاعي من أهل البصرة أن أباه حدثه رضي الله عنه: أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدًا في الصلاة، واضعًا ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى، رافعًا أُصبعه السبابة، قد أحْنَاها شيئًا وهو يدعو.

شرح الشيخ: (قد أَحْناها) ليست منصوبة هكذا إلى السماء، مُنحنية.

وقوله هنا (واضعًا ذِراعه اليُمنى على فخذه اليُمنى) معناه: الذراع على الفخذ، أما ما تقدَّم من أنه جعل حدَّ مرفقه؛ كأن هذه أحيانًا، وإلَّا في الغالب أنه يكون الذراع على الفخذ، والكفُّ مبسوطةٌ أطرافها على الرُّكبة.

قارئ المتن: باب موضع البصر عند الإشارة وتحريك السبابة:

أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدَّثنا يحيى، عن ابن عجلان، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قَعَدَ في التشُّهُد وضع كفه اليسرى على فخذه اليُسرى، وأشار بالسبابة لا يُجاوز بصرُه إشارته.

شرح الشيخ: فيه: أن البصر ينظر للسبابة.

 

 

قارئ المتن: باب النهى عن رفع البصر إلى السماء عند الدعاء في الصلاة:

أخبرنا أحمد بن عمرو بن السَّرْح، عن ابن وهبٍ قال: أخبرني الليث، عن جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَيَنْتَهِينَّ أقوامٌ عن رفْعِ أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء، أو لتُخطَفنَّ أبصارُهم».

شرح الشيخ: هذا فيه وعيدٌ شديد، وسبق الحديث، لكن هنا الترجمة عند الدعاء، وهناك في الصلاة، فليس له أن يرفع بصره إلى السماء لا عند الدعاء ولا عند الصلاة.

قوله: (وأنا أدعو بأصابعي فقال: «أَحِّدْ أَحِّدْ»): في النهاية كلام الجميع أي قال: أشِّر بأصبعٍ واحدٍ لأن الذي تدعوا إليه واحدٌ وهو الله تعالى.

وقوله: (قد أَحْناها) يعني: قد ميَّلَها.

قارئ المتن: باب إِيجاب التشهد:

أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن أبو عُبيد الله المخزومي قال: حدَّثنا سُفيان، عن الأعمش ومنصور، عن شقيق بن سلمةَ، عن ابن مسعودٍ قال: كُنا نقول في الصلاة قبل أن يُفرض التشهد: السلام على الله، السلام على جبريل وميكائيل.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا هكذا؛ فإن الله عزَّ وجلَّ هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله، والصلوات، والطيبات، السلام عليك أيها النبيَّ ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله».

شرح الشيخ: هذا سندٌ جيّد، وأصح حديث التشهُّد الحديث عن عبد الله بن مسعود، والتشهُّدات أنواع كما سيذكر المؤلف: تشهُّد جابر، تشهُّد ابن عباس، تشهُّد أبو موسى، تشهُّد ابن مسعود، وأصحُّها: تشهُّد ابن مسعود؛ لأنه ضبطها قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهُّد وكفي بي كفيه كما علمني الصلاة.

«التحيات لله، والصلوات، والطيبات»، وسيأتي: (التحيات والصلوات والطيبات لله)، ولكن هذا أصح.

والشاهد من الحديث قوله: (قبل أن يُفرض التشهد) فإنه يدل على أن التشهد فرضٌ؛ ولذلك بوَّب المؤلف قال: (باب: إيجاب التشهد)، قال: التشهد فرض.

(التحيات) قيل: المُلك، وقيل: البقرة، وقيل: العظمة، وقيل: التَّحَايا، التَّحايا كُلها لله، وجاء أن ملوك العرب يُحيِّي بعضهم بعضًا، فالتحايا كُلها لله، مُستحقةٌ لله.

(والصلوَات) قيل: الصلاة المعروفة، وقيل: الدعوات كلها.

(والطيِّبات): الكلمات الطيبات كالأذكار والدعوات كلها لله.

(السلام عليك أيها النبيّ) استنبط الإمام محمد: أن النبي صلى الله عليه وسلم يُدعَى له، ولا يُدعَى، دلَّ على أنه بشرٌ لا يُعبد، (السلام عليك أيها النبيّ) تدعوا له بالسلامة.

(السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) قال النووي: الصالح هو: القائم بحقوق الله وحُقوق العباد هو الصالح.

قال الترمذي: والحكيم من أراد أن يُحظَى بهذا السلام الذي يُسلِّمه الخلْق في صلاتهم فليكن عبدًا صالحًا وإلَّا حُرِم هذا الفضل، فإذا قُلت: (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) تشمل كل صالحٍ في السماء والأرض، تشمل الملائكة والأنبياء والصالحين، كُن صالحًا يشملك هذا الدعاء، كُن قائمًا بحقوق الله وحقوق العباد.

قارئ المتن: باب تعليم التشهد كتعليم السورة من القرآن:

أخبرنا أحمد بن سُليمان قال: حدَّثنا يحيى بن آدمَ قال: حدَّثنا عبد الرحمن بن حُميدٍ قال: حدَّثنا أبو الزبير، عن طاووسٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلمنا التشهُّد كما يُعلمنا السورة من القرآن.

باب كيف التشهُّد:

أخبرنا قُتيبة قال: حدَّثنا الفُضيل –وهو: ابن عياض-، عن الأعمشٍ، عن شقيقٍ، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عزَّ وجلَّ هو السلام، فإذا قعد أحدكم فليقل: التحيات لله، والصلوات، والطيبات، السلام عليك أيها النبيُّ ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. ثم ليتخيَّر بعد ذلك من الكلام ما شاء».

شرح الشيخ: وهذا في التشهُّد الأخير هذا الكلام.

قارئ المتن: باب نوعٌ آخر من التشهُّد:

أخبرنا محمد بن بشارٍ قال: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن هشامٍ، عن قتادة ح، وأنبأنا محمد بن المثنى قال: حدَّثنا يحيى قال: حدَّثنا هشامٌ قال: حدَّثنا قتادةُ، عن يونس بن جُبيرٍ، عن حِطَّان بن عبد الله: أن الأشعريَّ رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فعلمنا سُنتنا، وبيَّن لنا صلاتنا فقال: «إذا قُمتم إلى الصلاة فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمُّكم أحدُكم، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا قال: {وَلا الضَّالِّينَ} فقولوا: (آمين)؛ يُجبْكُمُ الله، ثم إذا كبَّر وركع فكِّبروا واركعوا؛ فإنَّ الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم». قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «فتلك بتلك. وإذا قال: سمع الله لمن حمدهُ، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد؛ فإن الله عزَّ وجلَّ قال على لسان نبيِّه صلى الله عليه وسلم: سمع الله لمن حمدهُ، ثم إذا كبَّر وسجد فكِّبروا واسجدوا؛ فإن الإمام يسجد قبلكم ويرفع قبلكم». قال: نبي الله صلى الله عليه وسلم: «فتلك بتلك. وإذا كان عند القَعْدَة فليكُن من قول أحدِكُم أن يقول: التحيَّات الطيِّبات الصلوَات لله، السلام عليك أيُّها النبيُّ ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله».

شرح الشيخ: هذا تشهد أبو مُوسى الأشعري، (التحيَّات الطيبات الصلوات لله).

تشهُّد ابن مسعود: (التحيَّات والصلوات والطيِّبات) بالواو، هنا: (التحيَّات الطيبات الصلوات لله) نوعٌ آخر من التشهد.

التشهُّد أنواع، والاستفتاحات أنواع، وهكذا، هناك أنواعًا، لكن أصحها تشهُّد ابن مسعود.

قارئ المتن: باب نوعٌ آخر من التشهد:

أخبرنا عمرو بن عليّ قال: حدَّثنا أبو عاصمٍ قال: حدَّثنا أيمن بن نابلٍ قال: حدَّثنا أبو الزبيرِ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلمنا التشهُّد كما يُعلمنا السورة من القرآن: «بسم الله وبالله، التحيات لله والصلوات والطيِّبات، السلام عليك أيها النبيُّ ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأسأل الله الجنة، وأعوذ به من النَّار». قال أبو عبد الرحمن: لا نعلم أحدًا تابع أيمن بن نابلٍ على هذه الرواية، وأيمن عندنا لا بأس به، والحديث خطأ، وبالله التوفيق.

شرح الشيخ: كما قال أبو عبد الرحمن النَّسائي: أيمن كما في التقرير: صدوقٌ له أوهام.

وقوله (الحديث خطأ) يعني: قوله في أول التشهد (بسم الله وبالله) فيحتمل أنها من زيادة أيمن، ويحتمل أنها من تدريس أبي الزبير.

وكذلك قوله (أسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار)، كل هذا شاذٌ.

هذه الرواية قوله: (بسم الله وبالله) في أول التشهُّد شاذة، وكذلك الدعاء: (أسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار) في التشهُّد شاذة؛ فلا يُتابع عليها، ولذا قال المُصنف: (الحديث خطأ. وبالله التوفيق).

وأيمن بن نابِل لا بأس به، لكنه أتى بزيادةٍ شاذة، وسبق هذا الحديث قد أعادة المؤلف رحمه الله.

قارئ المتن: قال رحمه الله تعالى: باب السلام على النبيِّ صلى الله عليه وسلم:

أخبرنا عبد الوهاب بن عبد الحكم الورَّاق قال: حدَّثنا معاذ بن مُعاذٍ، عن سُفيان بن سعيد ح، وأخبرنا محمود بن غيلانٍ قال: حدَّثنا وكيع وعبد الرزاق، عن سفيان، عن عبد الله بن السائبِ، عن زاذانٍ، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله ملائكة سيَّاحين في الأرض يُبلغُونِي من أُمتيَ السلام».

شرح الشيخ: اللهم صلِّ وسلم عليه.

قارئ المتن: باب فضل التسليم على النبي صلى الله عليه وسلم:

أخبرنا إسحاق بن منصور الكَوْسَجُ قال: أنبأنا عفَّانٌ قال: حدَّثنا حمَّاد قال: حدَّثنا ثابتٌ قال: قدِم علينا سُليمان مولى الحسن بن عليّ زمن الحجاج فحدَّثنا عن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يومٍ والبشرى في وجهه، فقلنا: إنا لنرى البشرى في وجهك. فقال: «إنه أتاني الملك فقال: يا محمدُ، إنَّ ربَّك يقول: أما يُرضيك أنه لا يُصلي عليك أحدٌ إلا صلَّيتُ عليه عشرًا، ولا يُسلم عليك أحدٌ إلا سلَّمتُ عليه عشرًا».

شرح الشيخ: في فضل التسليم على النبي صلى الله عليه وسلم.

ذاك الحديث في سنده: سُليمان مولى الحسن بن عليّ، مجهول لا بأس به، ماذا قال عن سُليمان مولى الحسن؟ تكلَّم عليه؟

روى عبد الله بن طلحة، وروى عنه.

مداخلة: وروى عنه ثابت وهو مجهول.

الشيخ: نعم هو هذا، مجهول، الحديث ضعيف، سند مجهول، لكن السند عن النبي صلى الله عليه وسلم معروف، قد يُقال له شواهد، ما ذكر له شواهد؟ سيأتي الآن «من صلَّى عليّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا».

قال: صحيح بشواهده، شواهده واحد، طُرق مُتابعته وشواهد، لكن بهذا السند ضعيفٌ لجهالة سُليمان هذا، ولكن الحديث نفسه صحيح، ومتابعتهُ بطُرق.

سؤال: يصبح حسن؟

الشيخ: بالطرق الأخرى يكون الحديث حسن، فيدل على فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأن «مَن صلى عليّ صلى الله عليه عشرًا، وإذا سلَّم سلَّم الله عليه عشرًا».

قارئ المتن: قال رحمه الله تعالى: باب التمجيد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة:

أخبرنا محمد بن سلمةَ قال: حدَّثنا ابن وهبٍ، عن أبي هانئ أن أبا عليٍّ الجَنْببِيَّ حدَّثه: أنه سمعَ فُضالة بن عُبيد يقول: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يدعو في صلاته، لم يُمجد الله، ولم يُصل على النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجِلت أيها المصلي». ثم علَّمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسمعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا ُيصلي فمجَّد الله وحمده، وصلَّى على النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اُدْع تُجَب، وسَلْ تُعط».

شرح الشيخ: هذا من أسباب قبول الدعاء: تمجيد الله عزَّ وجلَّ والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، أن يحمد الله ويُصلي على النبيّ قبل الدعاء.

قارئ المتن: باب الأمرُ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:

أخبرنا محمد بن سلمةَ والحارثُ بن مسكينٍ قراءةً عليه وأنا أسمعُ -واللفظ له-، عن ابن القاسم قال: حدَّثني مالكٌ، عن نُعيم بن عبد الله المُجَمِّر: أن محمد بن عبد الله بن زيدٍ الأنصاريّ -وعبدُ الله بن زيدٍ الذي أُرِيَ النِّداء بالصلاة- أخبره عن أبي مسعودٍ الأنصاري أنه قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلسِ سعد بن عُبادة فقال له بشير بن سعدٍ: أمرنا الله عزَّ وجلَّ أن نُصلي عليك يا رسول الله، فكيف نُصلِّي عليك؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنَّيْنَا أنه لم يسأله، ثم قال: «قولوا: اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صلَّيت على آل إبراهيم، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما باركت على آل إبراهيم، في العالمين إنك حميدٌ مجيد» والسلام كما عَلِمتم.

شرح الشيخ: والحديث رواه مُسلمٌ في صحيحه، وهذا نوع من أنواع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (صلَّيت على آل إبراهيم).

وأجمع ما رُوي في الصلاة على النبي: ما رواه البخاري في صحيحه في كتابه (الجمع بين محمدٍ وآل مُحمدٍ، وإبراهيم وآل إبراهيم، في الصلاة والتباريك)، هذا أجمع رُوي في البُخاري، حتى أنه خَفي على بعضهم قالوا: إنه ما رُوي في البخاري: (اللهم صلّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، وبارك على مُحمدٍ وعلى آل مُحمدٍ، كما بارك على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد) فجمع بين مُحمدٍ وآل مُحمدٍ في الصلاة، وإبراهيم وآل إبراهيم في الصلاة والتبريك، هذا أصحّ.

وقد جمع ابن القيم -رحمه الله تعالى- كتابًا سمَّاه: (جلاء الأفهام في الصلاة على خير الأنام)، معروف، جمع في أنواع الصلاة التي وردت، ولهذا أجمع بعضهم في حديث الأنبياء، وهذا نوعٌ الآن (كما صلَّت على آل إبراهيم) ما ذكر إبراهيم، (وبارك على محمدٍ كما باركت على آل إبراهيم) ما ذكر إبراهيم، هذا نوعٌ، وسيأتي أنواعٌ أخرى.

 

 

قارئ المتن: باب كيف الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم:

أخبرنا زياد بن يحيى قال: حدَّثنا عبد الوهاب بن عبد المجيدِ قال: حدَّثنا هشام بن حسَّان، عن محمدٍ، عن عبد الرحمن بن بِشرٍ، عن أبي مسعودٍ الأنصاريّ قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: أُمرنا أن نُصلِّي عليك ونُسلِّم، أما السلام فقد عرفناه، فكيف نُصلِّي عليك؟ قال: «قولوا: اللهم صلِّ على محمدٍ كما صلَّيت على آل إبراهيم، اللهم بارك على محمدٍ كما باركت على آل إبراهيم».

شرح الشيخ: هذا نوعٌ آخر.

قارئ المتن: باب نوعٌ آخر:

أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار من كتابه قال: حدَّثنا حُسين بن عليّ، عن زائدةَ، عن سليمانَ، عن عمرو بن مُرَّة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عُجْرَة قال: قلنا: يا رسول الله، السلام عليك قد عرفناه، فكيف الصلاة؟ قال: «قولوا: اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صلَّيت على آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ، اللهم بارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد». قال ابن أبي ليلى: ونحن نقول: وعلينا معهم. قال أبو عبد الرحمن: حدَّثنا به من كتابه، وهذا خطأ.

شرح الشيخ: وقول الشيخ: (وهذا خطأ) لأنه من كتابه في السند.

قارئ المتن: أخبرنا القاسم بن زكريا قال: حدَّثنا حٌسينُ، عن زائدةَ، عن سليمانَ، عن الحكمِ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عُجْرَة قال: قلنا: يا رسول الله، السلام عليك قد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟ قال: «قولوا: اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صلَّيت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد».

شرح الشيخ: قول المؤلف: (وهذا خطأ) ننظر الكلام.

قارئ المتن: قال عبد الرحمن: ونحن نقول: وعلينا معهم. قال أبو عبد الرحمن: وهذا أولى بالصواب من الذي قبله، ولا نعلم أحدًا قال فيه عمرو بن مُرة غير هذا، والله تعالى أعلم.

شرح الشيخ: هذا من قوله: (هذا خطأ) لأن عمرو بن مُرة في السند، هذا خطأ لأنه قال عمرو بن مُرة، هذا قول خطأ يعني: في السند عمرو بن مُرة، أما أصل الحديث في الصحيح.

 

 

قارئ المتن: أخبرنا سُويد بن نصرٍ قال: حدَّثنا عبد الله، عن شعبةَ، عن الحكمِ، عن ابن أبي ليلى قال: قال لي كعب بن عُجرة: ألا أُهدِي لك هديَّةً؟ قلنا: يا رسول الله، قد عرفنا كيف السلام عليك، فكيف نُصلِّي عليك؟ قال: «قولوا: اللهم صلِّ على محمدٍ وآل محمدٍ، كما صلَّيت على آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارك على محمدٍ وآل محمدٍ، كما باركت على آل إبراهيمَ، إنك حميدٌ مجيد».

باب نوع آخر:

أخبرنا إسحاقُ بن إبراهيمَ قال: أنبأنا محمدُ بن بشرٍ قال: حدَّثنا مُجمِّع بن يحيى، عن عُثمان بن مَوْهِبٍ، عن موسى بن طلحةَ، عن أبيهِ قال: قلنا: يا رسول الله، كيف الصلاة عليك؟ قال: «قولوا: اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صلَّيت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد».

أخبرنا عُبيد الله بن سعدِ بن إبراهيمَ بن سعدٍ قال: حدَّثنا عمِّي قال: حدَّثنا شَرِيكٌ، عن عثمان بن مَوْهِبٍ، عن موسى بن طلحة، عن أبيه: أنَّ رجلًا أتى نبَّي الله صلى الله عليه وسلم فقال: كيف نُصلي عليك يا نبيَّ الله؟ قال: «قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمدٍ، كما صلَّيت على إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما باركت على إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد».

أخبرنا سعيد بن يحيى بن سعيدٍ الأموي في حديثه عن أبيه، عن عثمان بن حكيمٍ، عن خالد بن سلمةَ، عن موسى بن طلحةَ قال: سألت زيدَ بن خارجةَ قال: أنا سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «صلُّوا عليّ واجتهدوا في الدعاء، وقولوا: اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد».

شرح الشيخ: إذًا هذا نوع، تقول: (اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد) نوعٌ مُختصر، (اللهم صلّ على مُحمدِ وعلى آل مُحمدٍ).

قارئ المتن: باب نوعٌ آخر:

أخبرنا قُتيبة قال: حدَّثنا بكر –وهو: ابن مُضَرٍ- عن ابن الهادِ، عن عبد الله بن خَبَّابٍ، عن أبي سعيدٍ الخُدري قال: قلنا: يا رسول الله، السلام عليك قد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟ قال: «قولوا: اللهم صلِّ على محمدٍ عبدِك ورسولِك، كما صلَّيت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمدٍ، كما باركت على إبراهيم».

شرح الشيخ: هذا نوعٌ: (اللهم صلِّ على محمدٍ عبدِك ورسولِك، كما صلَّيت على إبراهيم).

قارئ المتن: باب نوعٌ آخر:

أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، عن مالكٍ والحارثِ بن مسكينٍ قراءةً عليه وأنا أسمعُ عن ابن القاسم: حدَّثني مالكٌ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزمٍ، عن أبيه، عن عمرو بن سُليمٍ الزُّرَقيُّ قال: أخبرني أبو حُميدٍ السَّاعديُّ أنهم قالوا: يا رسول الله، كيف نُصلِّي عليك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قولوا: اللهم صلِّ على محمدٍ وأزواجه وذُريته». في حديث الحارث: «كما صلَّيت على آل إبراهيم، وبارك على محمدٍ وأزواجه وذُريته». قالا جميعًا: «كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد». قال أبو عبد الرحمن: أنبأنا قُتيبة بهذا الحديث مرتين، ولعلَّه أن يكون قد سَقَطَ عليه منه شطر.

شرح الشيخ: وقُتيبة هو شيخ المُؤلف، فيه هنا نوع: (اللهم صلِّ على محمدٍ وأزواجه وذُريته).

قارئ المتن: باب الفضل في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:

أخبرنا سُوَيد بن نصرٍ قال: حدَّثنا عبد الله -يعني ابن المبارك- قال: أنبأنا حمَّاد بن سلمةَ، عن ثابتٍ، عن سُليمان مولى الحسن بن عليّ، عن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبيه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يومٍ والبِشْرُ يُرَى في وجهه فقال: «إنه جاءني جبريلُ صلى الله عليه وسلم فقال: أما يُرضيك يا محمدُ أن لا يُصلِّيَ عليك أحدٌ من أُمتك إلا صلَّيتُ عليه عشرًا، ولا يُسلِّمُ عليك أحدٌ من أُمتك إلا سلَّمت عليهِ عشرًا».

شرح الشيخ: وهذا شاهدٌ للحديث السابق الذي فيه سُليمان، فالسلام له طُرقٌ وهذا أيضًا شاهد.

وفيه: أن من صلَّى على النبي صلى الله عليه وسلم صلاةً صلَّ الله عليه عشرًا، وإذا سلَّم عليه سلَّم الله عليه عشرًا.

قارئ المتن: قال رحمه الله تعالى: أخبرنا عليُّ بن حُجْرٍ قال: حدَّثنا إسماعيل بن جَعفر، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَن صلَّى عليَّ واحدةً صلَّى الله عليه عشرًا».

أخبرنا إسحاق بن منصورٍ قال: حدَّثنا محمدُ بن يوسفَ قال: حدَّثنا يونس بن أبي إسحاقٍ، عن بُرَيد بن أبي مريم قال: حدَّثنا أنسُ بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه عشر صلواتٍ، وحُطَّت عنه عشر خطيئاتٍ، ورُفعت له عشر درجات».

شرح الشيخ: هذا الحديث فيه زيادة، وفيه أنه: يُحط عنه عشر خطيئات، ويُرفع له عشر درجات، تكلم على سنده، ظاهره أنه لا بأس به، حديث إسحاق بن منصور عن بُريدة.

قارئ المتن: قال رحمه الله تعالى: باب تخيير الدعاء بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقيُّ وعمرو بن عليّ -واللفظ له- قالا: حدَّثنا يحيى قال: حدَّثنا سليمانٌ الأعمشُ قال: حدَّثني شقيقٌ، عن عبد الله قال: كُنا إذا جلسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة قلنا: السلام على الله من عباده، السلام على فُلانٍ وفُلانٍ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا: السلام على الله؛ فإنَّ الله هو السلام، ولكن إذا جلس أحدكم فليقل: التحيَّات لله والصلوات والطيِّبات، السلام عليك أيها النبيُّ ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإنَّكُم إذا قُلتم ذلك أصابت كل عبدٍ صالحٍ في السماء والأرض، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ثم ليتخيَّر من الدعاء بعدُ أَعْجَبهُ إليه يدعو به».

شرح الشيخ: وهذا ثابتٌ في الصحيحين، والشاهد قوله: («ثم ليتخيَّر من الدعاء بعدُ أَعْجَبهُ إليه يدعو به»)، بِمَ تكلم عليه؟ ماذا يقول؟ خالف ماذا؟

مداخلة: خالف مَخْلَد بن يزيد يحيى بن آدم.

الشيخ: قال ابن القيم: وهذه العِلة؛ لأنه استطالت حياته حتى جاوز المائة رضي الله عنه.

قال: هذا الحديث فيه فائدة: أن من صلَّى عليّ صلاةً واحدةً صلَّ الله عليه عشر صلَّ الله عليه عشر صلوات، وحُطَّ عنه عشر خطيئات، ورُفع له عشر درجاتٍ، هذا فضلٌ عظيم للصلاة على النبي.

نقف على الذكر بعد التشهد، ابن القيم رأى أنه أصح، الذكر بعد التشهد في أبوابٌ مُتعددةٌ كثيرة، نقف هنا.

وفق الله الجميع لمرضاته، رزق الله الجميع وتقبل منا ومنكم الصلاة، وصلَّ الله على محمدٍ وآله وصحبه وسلَّم.

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

 

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد