شعار الموقع

قراءة من سنن النسائي - تكملة كتاب الجنائز + كتاب الصيام

00:00
00:00
تحميل
21

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين وبأسانيدكم إلى الإمام النسائي رحمه الله تعالى البعث.

قارئ المتن: قال الإمام النسائي رحمه الله:

وأخبرنا قتيبة، قال: حدثنا سفيان، عن عمروٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يقول: «إنكم ملاقو الله عز وجل حفاةً عراةً غرلًا».

أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا يحيى، عن سفيان، قال: حدثني المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يحشر الناس يوم القيامة عراةً غرلًا، وأول الخلائق يُكسى إبراهيم عليه السلام»، ثم قرأ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104].

أخبرني عمرو بن عثمان، قال: حدثنا بقية، قال: أخبرني الزبيدي، قال: أخبرني الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يبعث الناس يوم القيامة حفاةً عراةً غرلًا»، فقالت عائشة: فكيف بالعورات؟ قال: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: 37].

 أخبرنا عمرو بن عليٍ، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا أبو يونس القشيري، قال: حدثني ابن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنكم تحشرون حفاةً عراةً»، قلت: الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال: «إن الأمر أشد من أن يهمهم ذلك».

أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا أبو هشام، قال: حدثنا وهيب بن خالدٍ أبو بكرٍ، قال: حدثنا ابن طاووسٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق: راغبين راهبين، اثنان على بعيرٍ، وثلاثةٌ على بعيرٍ، وأربعةٌ على بعيرٍ، وعشرةٌ على بعير، وتحشر بقيتهم النار تقيل معهم حيث قالوا، وتبيت معهم حيث باتوا، وتصبح معهم حيث أصبحوا، وتمسي معهم حيث أمسوا».

 أخبرنا عمرو بن عليٍ، قال: حدثنا يحيى، عن الوليد بن جميعٍ، قال: حدثنا أبو الطفيل، عن حذيفة بن أسيدٍ، عن أبي ذر قال: إن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم حدثني: «أن الناس يحشرون ثلاثة أفواجٍ: فوج راكبين طاعمين كاسين، وفوجٌ تسحبهم الملائكة على وجوههم وتحشرهم النار، وفوجٌ يمشون ويسعون يلقي الله الآفة على الظهر فلا يبقى، حتى إن الرجل لتكون له الحديقة يعطيها بذات القتب لا يقدر عليها».

ذكر أول مَن يُكسَى.

أخبرنا محمود بن غيلان، قال: أخبرنا وكيعٌ، ووهبٍ بن جريرٍ، وأبو داود، عن شعبة، عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموعظة فقال: «يا أيها الناس، إنكم محشورون إلى الله عز وجل عراةً»، قال أبو داود: حفاةً غرلا، وقال وكيعٌ ووهبٌ: عراةً غرلًا، {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104].

قال: «أول مَن يُكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام، وإنه سيؤتى»، قال أبو داود: «يُجاء»، وقال وهبٌ ووكيعُ: «سيؤتى برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: «ربِ أصحابي»، فيُقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: {وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي} [المائدة: 117] إلى قوله: {وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ} [المائدة: 118] الآية، فيُقال: «إن هؤلاء لم يزالوا مدبرين»، قال أبو داود: «مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم».

شرح الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أمَّا بعد:

فهذه الأحاديث فيها إثبات البعث والحشر وبيان أول مَن يُكسى، وكيفية حشر الناس وأنهم يحشرون حفاةً عراةً غرلًا، «حفاةً»: لا نعال لهم، «عراةً»: لا ثياب عليهم، «غرلًا»: غير مختونين، كما خلقوا أول {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104]، وسألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم: «كيف يُحشر رجال ونساء؟ فقال النبي: الأمر» قالت: فكيف العورات؟ قال: «الأمر أشد من أنْ يهمهم ذلك لكل امرئٍ منهم يومئذٍ شأن يغنيه».

كما قال الله تعالى: {يفَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: 33-37]، كلٌ مشغولٌ بنفسه، ليس الأمر يعني الإنسان كونه ينظر إلى عن يمينه وعن شماله، شاخص على الأبصار صار شاخص على السماء {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم: 42-43].

فهذه حالهم الناس يحشرون على هذه الحال حفاة لا نعال عليهم، عراة لا ثياب لهم، غرلًا غير مختونين، الختان قطع الجلدة التي تكون في الذكر، وكذلك الأنثى تعود هذه القطعة، فيصيروا غير مختونين، وفيه دليل على أنّ فضل إبراهيم عليه السلام وأنه أول مَن يُكسى، وهذه منقذة لإبراهيم عليه السلام ومَزية خاصة به، والظاهر أنه يُكسى قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وكما سيأتي أنه يُكسى بعد ذلك نبينا صلى الله عليه وسلم، ولا يلزم من ذلك أنْ يكون أفضل من نبينا صلى الله عليه وسلم.

لأن القاعدة: أنّ الفضيلة الخاصة لا تقضي على الفضائل العامة، كما أنّ موسى خُص بتكليم الله كذلك، ونبينا صلى الله عليه وسلم شارك في التكليم حينما عُرج به إلى السماء كلمه الله من دون واسطة، كما أنه شارك إبراهيم في الخلة فإبراهيم خليل الله ومحمدٌ خليل الله، وموسى كليم الله والنبي صلى الله عليه وسلم كلمه الله أيضًا من دون واسطة، فنبينا صار له فضائل عامة والمزية الخاصة من الفضيلة لا تقضي على الفضائل الخاصة.

 وفيه حشر ذكر الحشر قال: «يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق: راغبين راهبين، اثنان على بعيرٍ، وثلاثةٌ على بعيرٍ، وأربعةٌ على بعيرٍ، وعشرةٌ على بعير، وتحشر بقيتهم النار»، هذا الحشر قوله: «يحشر الناس يوم القيامة» الصواب أنّ المراد قرب يوم القيامة؛ لأنّ يوم القيامة ليس فيه إبل، فهو حشر النار للناس إلى أرض المحشر تسوقهم إلى أرض المحشر.

قال بعضٌ من العلماء حشرٌ يوم القيامة، لكن الصواب أنّ هذا حشرٌ في آخر الدنيا، «يُحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق: راغبين راهبين، اثنان على بعيرٍ، وثلاثةٌ على بعيرٍ، وأربعةٌ على بعيرٍ، وعشرةٌ على بعير» قال: «وتحشر بقيتهم النار»، يعني تسوقهم، «تقيل معهم إذا قالوا، وتبيت معهم إذا باتوا»، هذه النار التي هي آخر أشراط الساعة تحشر الناس إذا جاء وقت القيلولة وقفت حتى يقيل الناس ثم تسوقهم، وإذا جاء وقت البيتوتة وقفت حتى يبيت الناس ثم تسوقهم، ومَن تخلف أكلته، تسوق الناس.

ولذلك الناس منهم الراكب، ومنهم الماشي، والحديث الذي بعد هذا في حديث أيضًا حديث أبي ذر «أن الناس يحشرون ثلاثة أفواجٍ: فوجٌ راكبين طاعمين كاسين، وفوجٌ تسحبهم الملائكة على وجوههم وتحشرهم النار، وفوجٌ يمشون ويسعون يلقي الله الآفة».

«الآفة»: يعني آفة الموت، «على الظهر» على الإبل، «فلا يبقى، حتى إن الرجل لتكون له الحديقة» يعني: البستان، «يعطيها بذات القتب» يعني: بالناقة يبيعها، فالموت سُلط على الإبل فصارت غالية؛ لأنّ هي الظهر التي يركبون عليه، فالظاهر أنّ هذه المخترعات الحاضرة تزول ويرجع الناس إلى الحالة الأولى.

ولهذا تحشرهم النار، ومنهم مَن يركب على الإبل، «فوجٌ راكبين طاعمين كاسين، وفوجٌ تسحبهم الملائكة على وجوههم وتحشرهم النار، وفوجٌ يمشون ويسعون يلقي الله الآفة على الظهر» الإبل «فلا يبقى، حتى إن الرجل لتكون له الحديقة» البستان، «يعطيها بذات القتب» بالناقة «لا يقدر عليها».

يبيع البستان بالناقة لحاجته إليها، الناقة ذات القتب، والقتب للجمل كالإكاف لغيره، والمعنى أنّ الإبل تقل والظهر يقل، الظهر الذي يحمل الناس حتى تُباع الحديقة بالناقة، وهذا يدل على أنّ ذلك في الدنيا، الآخرة ما فيها بيع ولا فيها شراء، وإنْ كان الحديث من الشارح يقول: إنّ هذا الحشر في الآخرة.

 وكما ذكر السيوطي قال: "يحشر الناس على ثلاث طرائق، إشارة إلى الأبرار والمخلطين والكفار، فالأبرار: الراغبون إلى الله فيما أعد لهم من ثوابه، والراهبون: هم الذين بين الخوف والرجاء، فأما الأبرار فإنهم يؤتون بالنجائب، وأما المخلَّطون فهم الذين أريدوا في هذا الحديث". 

لكن هذا ليس بظاهر؛ لأنّ هذا في بيع وفي شراء، يبيع الرجل الحديقة بالناقة لحاجته إليها، والإبل ألقى الله عليها آفة الموت، فتكون قليلة، فهذا هو الصواب أنه حشرٌ في آخر الدنيا وهي النار التي تحشر الناس من قعر عدن تسوقهم إلى المحشر كما في الحديث الأول.

ولهذا قال في الحديث الأول: «تبيت معهم إذا باتوا، وتقيل معهم إذا قالوا»، وقال: «اثنان على بعيرٍ، وثلاثةٌ على بعيرٍ، وأربعةٌ على بعيرٍ، وعشرةٌ على بعير، وتحشر بقيتهم النار تقيل معهم إذا قالوا»، يعني تقف في وقت القيلولة، «وتبيت معهم إذا باتوا وتصبح معهم حيث أصبحوا، وتمسي معهم حيث أمسوا»، وتسوقهم إلى المحشر.

فهذا هو حشرٌ في آخر الدنيا وليس هو الحشر، وإنْ كان الله تعالى قال في سورة الحشر ذكر الحشر لليهود: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} [الحشر: 1-2]، سماه حشرًا فالحشر أنواع: حشر اليهود وانتقالهم، وهذا حشر في آخر الزمان حشر النار لهم، والحشر يوم القيامة يوم يُحشر الناس يخرجون من قبورهم حفاةً عراةً غرلًا يحشرون إلى المحشر.

فذكر في هذه الأحاديث الحشر الأول حشر يوم القيامة، «يَحشر الناس يوم القيامة حفاةً عراةً غرلًا»، هذا الحشر يوم القيامة، ثم ذَكَر الحشر في آخر الدنيا على ثلاث طرائق «اثنان على بعيرٍ، وثلاثةٌ على بعيرٍ، وأربعةٌ على بعيرٍ»، والذي بعده جعلهم ثلاثة أفواج: «فوجٌ راكبين، وفوجٌ تسحبهم الملائكة على وجوههم وتحشرهم النار، وفوجٌ يمشون ويسعون» على أرجلهم، «ويلقي الله الآفة على الظهر فلا يبقى، حتى إن الرجل لتكون له الحديقة يعطيها»، يعني يبيعها «بذات القتب».

وفي قول النبيّ صلى الله عليه وسلم في الحديث «أنه يؤتى بأناس ذات الشمال»، فهذا في يوم القيامة «فأقول: «ربِ أصحابي، فيُقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك»، فيه دليل على أنّ النبيّ لا يعلم الغيب عليه الصلاة والسلام، «يُقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك».

وهذا قال العلماء في الأعراب الذين ارتدوا ولم يثبت الإيمان في قلوبهم، وأما الصحابة فإنهم ثبتهم الله، لكن الأعراب الذين ارتدوا ولم يثبت الإيمان في قلوبهم، ففيه دليل على أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، وفيه رد على ضعف الحديث الذي فيه أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم تعرض عليه أعمال أمته، فيستبشر بحسنها ويستغفر لمسيئها، هذا الحديث يدل على ضعفه؛ لأنه لا يدري متى تُعرض عليه أمته.

وهنا «يُقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك»، والحديث هنا فيه أنه تعرض عليه أعمالهم فيدري، فدل على ضعف هذا الحديث، وهذا الحديث في الصحيحين.

 قارئ المتن: في التعزية.

أخبرنا هارون بن زيد وهو ابن أبي الزرقاء، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا خالد بن ميسرة، قال: سمعت معاوية بن قرة، عن أبيه، قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس يجلس إليه نفر من أصحابه، وفيهم رجلٌ له ابنٌ صغيرٌ يأتيه من خلف ظهره، فيقعده بين يديه، فهلك فامتنع الرجل أن يحضر الحلقة لذكر ابنه، فحزن عليه، ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «مالي لا أرى فلانًا؟» قالوا: يا رسول الله، بنيه الذي رأيته هلك، فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن بنيه، فأخبره أنه هلك، فعزاه عليه، ثم قال: «يا فلان، أيما كان أحب إليك أن تمتع به عمرك، أو لا تأتي غدًا إلى بابٍ من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك إليه يفتحه لك»، قال: يا نبي الله، بل يسبقني إلى باب الجنة فيفتحها لي لهو أحب إلي، قال: «فذاك لك».

شرح الشيخ: وهذا تعزيةٌ له، تعزية لشدة محبته، فلأنه رضي النبي عزاه وقال: «أنه سيكون أمامك في الجنة».

قارئ المتن: نوعٌ آخر.

أخبرنا محمد بن رافعٍ، عن عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن ابن طاووسٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: "أرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام، فلما جاءه صكه، ففقأ عينه، فرجع إلى ربه، فقال: أرسلتني إلى عبدٍ لا يريد الموت، فرد الله عز وجل إليه عينه، وقال: ارجع إليه، فقل له يضع يده على متن ثورٍ، فله بكل ما غطت يده بكل شعرةٍ سنةٌ، قال: أي رب، ثم مه؟ قال: الموت، قال: فالآن، فسأل الله عز وجل أن يدنيه من الأرض المقدسة رميةً بحجرٍ"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فلو كنت ثمَّ، لأريتكم قبره إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر».

شرح الشيخ: ذكر المؤلف هذا نوع من التعزية كأنه والله أعلم كأنّ موسى ما عرف، ولا بد هذا أنْ يكون كما جاءت الملائكة إلى إبراهيم ولم يعرفهم، وجاءت الملائكة إلى لوط ولم يعرفهم، وهذا فيه بعد ذلك كأنه والله أعلم؛ لأنه أعلمه، ولهذا قال له: "ارجع إليه، فقل له يضع يده على متن ثورٍ، فله بكل ما غطت يده بكل شعرةٍ سنةٌ" يعيشها، قال: "يا ربِ، ثم ما يكون بعد ذلك؟ قال: الموت، قال: فقذف الله في قلبه، قال: فالآن"؛ لأنه حضر أجله، "فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رميةً بحجرٍ".

قارئ المتن: كتاب الصيام: باب وجوب الصيام.

أخبرنا علي بن حجرٍ، قال: حدثنا إسماعيل وهو ابن جعفرٍ، قال: حدثنا أبو سهيلٍ، عن أبيه، عن طلحة بن عبيد الله، أن أعرابيًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس، فقال: يا رسول الله، أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة؟ قال: «الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئًا»، قال: أخبرني بما افترض الله علي من الصيام؟ قال: «صيام شهر رمضان إلا أن تطوع شيئًا»، قال: أخبرني بما افترض الله علي من الزكاة؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرائع الإسلام، فقال: والذي أكرمك، لا أتطوع شيئًا لا أنقص مما فرض الله علي شيئًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفلح إن صدق أو دخل الجنة إن صدق».

أخبرنا محمد بن معمرٍ، قال: حدثنا أبو عامر العقدي، قال: حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابتٍ، عن أنسٍ قال: نهينا في القرآن أن نسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيءٍ، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل العاقل من أهل البادية فيسأله، فجاء رجلٌ من أهل البادية فقال: يا محمد، أتانا رسولك فأخبرنا أنك تزعم أن الله عز وجل أرسلك، قال: «صدق»، قال: فمَن خلق السماء؟ قال: «الله»، قال: فمَن خلق الأرض؟ قال: «الله»، قال: فمَن نصب فيها الجبال؟ قال: «الله»، قال: فمَن جعل فيها المنافع؟ قال: «الله»، قال: فبالذي خلق السماء والأرض، ونصب فيها الجبال، وجعل فيها المنافع آلله أرسلك؟ قال: «نعم»، قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في كل يومٍ وليلةٍ، قال: «صدق»، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: «نعم»، قال: وزعم رسولك أن علينا زكاة أموالنا، قال: «صدق»، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: «نعم»، قال: وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في كل سنةٍ، قال: «صدق»، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: «نعم»، قال: وزعم رسولك أن علينا الحج مَن استطاع إليه سبيلا؟ قال: «صدق»، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: «نعم»، قال: فوالذي بعثك بالحق لا أزيدن عليهن شيئًا ولا أنقص، فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لئن صدق ليدخلن الجنة».

أخبرنا عيسى بن حمادٌ، عن الليث، عن سعيد، عن شريك بن أبي نمر.

 

 

شرح الشيخ: هذا الكتاب كتاب الصيام ذكره المؤلف رحمه الله بعد الصلاة، وذكر الشراح أنّ المشهور تقديم الزكاة على الصوم وتكون بعدها، وذكر في الحاشية أنّ كثير من نسخ النسائي قد قُدم الصوم على الزكاة، ومَن قدم الصلاة على الزكاة بقول الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [المزمل: 20].

والصوم في اللغة: الإمساك، قال الله تعالى لمريم: {فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26]، يعني إمساك وأما شرعًا: فهو الإمساك عن المفطرات بنية من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، هو ينقسم إلى صومٍ واجب وهو صوم رمضان وصوم النذر والكفارة وصوم نفل مستحب، وما عدا ذلك.

وهذه الأحاديث التي ساقها المؤلف رحمه الله ساق قصة الأعرابي الذي جاء إلى النبي وسأله عن الصلوات الخمس، (قال: «الصلوات الخمس إلا أن تطَّوع»)، تطَّوع بتخفيف الطاء وتشديدها، تطَوع أو تطَّوع، ثم سأله عن الزكاة، ثم أخبره النبي (فقال: والذي أكرمك، لا أتطوع شيئًا ولا أنقص مما فرض الله علي، فقال النبيّ: «أفلح إن صدق أو دخل الجنة»).

هذا دليل على أنّ مَن أدى الفرائض وترك المحارم دخل الجنة وإنّ لم يتطوع بشيءٍ من النوافل، وهذا من المقتصدين الأبرار، فإنْ تطوع بعد ذلك بالنوافل فهو من السابقين المقربين.

ولهذا قال: «أفلح إن صدق» نَدَم عليه، لكن الفرائض قد يلحقها نقص تقصير فهي تُكمل من النوافل، وكان الصحابة -رضوان الله عليهم- يعظَّمون النبي صلى الله عليه وسلم  ويجلونه، حتى إنهم يهابونه ولا يسألونه، فيعجبهم الرجل العاقل الذي يأتي من البادية فيسألهم فيسألوا النبي صلى الله عليه وسلم وهم يستمعون ويستفيدون، (أنسٍ قال: نهينا في القرآن أنْ نسأل النبي عن شيءٍ) لقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101].

فيه ذكر أيضًا هذا الرجل الذي جاء وقال: (أتانا رسولك فأخبرنا أنك تزعم أن الله عز وجل أرسلك)، تزعم تأتي بمعنى قال لنا وأخبرنا، وتأتي بمعنى القول الكاذب يقول: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} [التغابن: 7]، هنا وزعم رسولك يعني أخبرنا رسولك، (أن الله قال: «صدق»، فمَن خلق الجبال؟ قال: «صدق») إلى آخره.

وقوله: (فمَن الذي خلق السماء والأرض ونصب الجبال؟)، في الحديث السؤال بالله فبالله، هو الذي خلق الجبال وخلق السماء والأرض، وكما في حديث الأبرص والأقرع والأعمى في سؤال الملك لهم قلب: «أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال أو الشعر الحسن والمال، والأعمى قال: بالذي رد عليك بصرك وأعطاك المال»، وأما حديث «ملعونٌ مَن سأل بالله» فليُنظر في سنده، هذا الحديث هذا أصح منه، هذا يدل على، وقد يُحمل على لو صح يُحمل على مَن سأل شيئًا ممنوعًا، كأنْ يسأل شيئًا لا يستحقه.

قارئ المتن: أخبرنا عيسى بن حمادٍ، عن الليث، عن سعيدٍ، عن شريك بن أبي نمرٍ، أنه سمع أنس بن مالكٍ يقول: بينا نحن جلوسٌ في المسجد جاء رجلٌ على جملٍ فأناخه في المسجد، ثم عقله، فقال لهم: أيكم محمد؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم متكئٌ بين ظهرانيهم، قلنا له: هذا الرجل الأبيض المتكئ، فقال له الرجل: يا ابن عبد المطلب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد أجبتك»، فقال الرجل: إني سائلك يا محمدٌ، فمشدد عليك في المسألة، فلا تجدن في نفسك، قال: «سل ما بدا لك»، فقال الرجل: نشدتك بربك، ورب من قبلك، آلله أرسلك إلى الناس كلهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم نعم»، قال: فأنشدك الله، آلله أمرك أن تصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم نعم»، قال: فأنشدك الله، آلله أمرك أن تصوم هذا الشهر من السنة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم نعم»، قال: فأنشدك الله، آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم نعم»، فقال الرجل: آمنت بما جئت به، وأنا رسول من ورائي من قومي، وأنا ضمام بن ثعلبة، أخو بني سعد بن بكرٍ، «خالفه يعقوب بن إبراهيم».

شرح الشيخ: يعني خالفه في الحديث الآتي في المتن وهو أنه لم يذكر الصلاة وكذا خالف في السند، روى عن الليث عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن شريك عن أنس، ويعقوب بن إبراهيم هو ابن عبد الرحمن بن عوف، عبد الله بن سعد بن إبراهيم، وهذا قوله: (إني سائلك ومشددٌ عليك)، فبالذي وبالذي يعني يقول: (آلله أمرك) مد الهمزة للاستفهام كما في قوله تعالى: {آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس: 59].

(قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟) هذا يدل على القسم.

قارئ المتن: أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، من كتابه، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا الليث، قال: حدثنا ابن عجلان، وغيره من إخواننا، عن سعيد المقبري، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمرٍ، أنه سمع أنس بن مالكٍ يقول: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوسٌ في المسجد، دخل رجلٌ على جملٍ فأناخه في المسجد، ثم عقله، ثم قال: أيكم محمدٌ؟ وهو متكئٌ بين ظهرانيهم، فقلنا له: هذا الرجل الأبيض المتكئ، فقال له الرجل: يا ابن عبد المطلب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد أجبتك»، قال الرجل: يا محمد، إني سائلك فمشددٌ عليك في المسألة، قال: «سل عما بدا لك»، قال: أنشدك بربك ورب مَن قبلك، آلله أرسلك إلى الناس كلهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم نعم»، قال: فأنشدك الله، آلله أمرك أن تصوم هذا الشهر من السنة؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم نعم»، قال: فأنشدك الله، آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم نعم»، فقال الرجل: إني آمنت بما جئت به، وأنا رسول من ورائي من قومي، وأنا ضمام بن ثعلبة، أخو بني سعد بن بكر، «خالفه عبيد الله بن عمر».

أخبرنا أبو بكر بن عليٍ، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا أبو عمارة حمزة بن الحارث بن عمير، قال: سمعت أبي يذكر عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه جاء رجلٌ من أهل البادية قال: أيكم ابن عبد المطلب؟ قالوا: هذا الأمغر المرتفق -قال حمزة-: الأمغر الأبيض مشربٌ حمرة، فقال: إني سائلك فمشتدٌ عليك في المسألة، قال: «سل عما بدا لك»، قال: أسألك بربك، ورب مَن قبلك، ورب مَن بعدك، آلله أرسلك؟ قال: «اللهم نعم»، قال: فأنشدك به آلله أمرك أن تصلي خمس صلوات في كل يومٍ وليلةٍ؟ قال: «اللهم نعم»، قال: فأنشدك به، آلله أمرك أن تأخذ من أموال أغنيائنا فترده على فقرائنا؟ قال: «اللهم نعم»، قال: فأنشدك به، آلله أمرك أن تصوم هذا الشهر من اثني عشر شهرًا؟ قال: «اللهم نعم»، قال: فأنشدك به، آلله أمرك أن يحج هذا البيت مَن استطاع إليه سبيلًا؟ قال: «اللهم نعم»، قال: فإني آمنت وصدقت وأنا ضمام بن ثعلبة.

شرح الشيخ: لله دره هذه الأسئلة، هذه أسئلة استفاد منها المسلمون الله تعالى هو الذي شرح قلبه وشرح في هذه الأسئلة، وفيه دليل على أنّ النبي صلى الله عليه وسلم ليس متميزًا عن غيره، ولهذا يقول: (أيكم ابن عبد المطلب؟ أيكم؟)، وفيه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم نسبه إلى جده؛ لأنّ أباه مات شابًا، وعبد المطلب هو المشهور وهو سيده.

قال فيه أنّ الجد أب (أيكم ابن عبد المطلب؟)، فالجد أب، فيه دليل على في مسألة الجد والإخوة على ترجيح القول مَن قال: إنّ الجد أب ويُسقط الإخوة، وهذا هو اختيار الصديق واختيار الجماعة واختيار الشيخ محمد بن عبد الوهاب، واختيار جماعة، وذهب آخرون إلى أنّ الجد أخ ويقاسم الإخوة، ولهذا جُعل في الفرائض باب الجد والإخوة.

لكن على القول بأنه جد يُلغى هذا الباب، يصير الجد يسقط الإخوة كلهم كالأب، وهذا من الأدلة أنه قال: (أيكم ابن عبد المطلب؟)، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك قول الله تعالى عن يوسف: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [يوسف: 38]، سماهم آباء هم أجداد إبراهيم، {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [يوسف: 38]، إبراهيم وإسحاق، ابنه يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.

فدل على أنّ الجد أب، فالنبي صلى الله عليه وسلم ليس متميزًا عليه الصلاة والسلام، ولهذا يسأل عنه، وأما المخالفة في المنقول: خالفه عبيد الله بن عمرو يعني خالف في المتن وزاد فيه قوله في الحديث: «ورب مَن بعدك؟»، وزاد فيه الحج وقدم الصدقة على الصوم وخالف في السند فرواه عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة، فيعقوب بن إبراهيم رواه عن سعيد بن المقبري عن شريك عن أنس.

قارئ المتن: باب الفضل والجود في شهر رمضان.

أخبرنا سليمان بن داود، عن ابن وهبٍ، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهابٍ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما كان يقول: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلةٍ من شهر رمضان فيدارسه القرآن».

قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل عليه السلام أجود بالخير من الريح المرسلة».

أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري، قال: حدثني حفص بن عمر بن الحارث، قال: حدثنا حماد، قال: حدثنا معمر، والنعمان بن راشدٍ، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من لعنةٍ تذكر، كان إذا كان قريب عهدٍ بجبريل عليه السلام يُدارسه، كان أجود بالخير من الريح المرسلة» قال أبو عبد الرحمن: «هذا خطأ والصواب حديث يونس بن يزيد، وأدخل هذا حديثًا في حديث».

شرح الشيخ: قولها: «من لعنةٍ تذكر»، يعني لقلة اللعنة لا تُذكر، والمراد أنه كان ما كان لعَّن على كثرة؛ لأنّ مَن يُكثر تُذكر لعنته ومَن يقل تُنسى لعنته، فمقصود النسائي (قال أبو عبد الرحمن: «هذا خطأ والصواب حديث يونس)، يعني أن رواية الحديث عن الزهيري عن عروة عن عائشة خطأ، وإنما الصواب رواية يونس بن يزيد عن الزهري عن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس.

هذا تخطئة في السند، قد يكون الحديث رواه الزهري بالطريقين عن ابن عباس وعن عائشة، وعن عائشة أوثق الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها حديث قولها: «كان أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان»، في هذا الحديث مشروعية الجود ومضاعفته واستحبابه وفضله في شهر رمضان، وفي مشروعية مدارسة القرآن في رمضان اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم وتأسيًا به.

«وكان النبي صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة» يعني المطلقة المخلاة على طبعها، فالريح إذا أرسلت على طبعها لكانت في غاية الهبوب، وهذا الحديث في الصحيحين حديث ابن عباس رضي الله عنه، والجود قوله: فضل الجود هو سعة العطاء وكثرته، الله تعالى يوصف بالجود في حديث «إن الله جوادٌ يحب الجود، كريمٌ يحب الكرم».

هذا رواه الترمذي من حديث سعدٍ بن أبي وقاص، وكان جود النبي صلى الله عليه وسلم يجمع أنواع الجود، الجود أنواع منها بذل العلم، وبذل المال، وبذل نفسه لله في إظهار دينه وهداية عباده وإيصال النفع إليهم بكل طريق من إطعام جائعهم ووعظ جاهلهم، وقضاء حوائجهم وتحمل أثقالهم، كل هذا من أنواع الجود.

وكان جبريل يُدارس النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت مدارسة جبريل القرآن في كل ليلة من شهر رمضان بين المغرب والعشاء، فدارسه كل ليلة وعارضه القرآن ختمه في الشهر، كل ليلة كان جزء، وفي السنة الأخيرة من عمر النبي صلى الله عليه وسلم عارضه القرآن ودارسه مرتين صدق -عليه الصلاة والسلام- أن خير عمره خير عمله، وأنه زاد عمله في آخر عمره عليه الصلاة والسلام.     

قارئ المتن: باب فضل شهر رمضان.

أخبرنا علي بن حجرٍ، قال: حدثنا إسماعيلٌ، قال: حدثنا أبو سهيلٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة، وغُلِّقت أبواب النار، وصفدت الشياطين».

أخبرني إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، قال: حدثنا ابن أبي مريم، قال: أنبأنا نافع بن يزيد، عن عقيلٍ، عن ابن شهاب.

شرح الشيخ: بضم الجيم الجُوزجاني كما في [التقريب] قولًا واحدًا الجوزجاني.

قارئ المتن: أخبرني إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، قال: حدثنا ابن أبي مريم، قال: أنبأنا نافع بن يزيد، عن عقيلٍ، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أبو سهيلٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل رمضان فُتِّحت أبواب الجنة، وغُلِّقت أبواب النار، وصُفدت الشياطين».

شرح الشيخ: هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه، فيه الإخبار بفتح أبواب الجنة وفي لفظٍ أبواب الرحمة وفي لفظٍ أبواب السماء، «وغُلِّقت أبواب النار، وصُفدت الشياطين»، تصفيد الشياطين الحث على فعل الخير والزجر على فعل الشر، وترغيب في الخير الذي فُتحت أبوابه، معنى «صُفدت وسلسلت» يعني: شُدت وأوثقت بالأغلال والسلاسل الشياطين، والشياطين وإنْ كان يصفدون إلا أنهم يقل سلطانهم على المؤمنين.

أما الكفرة وكذلك الفساق فإنهم لا زال الشياطين يتصرفون فيهم نعوذ بالله، قال الله: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} [النحل: 99-100].

قال بعض العلماء: المصفد أنهم هم الْمَرَدَةُ لا كلهم، يعني المقصود تقليل الشرور منهم، وهذا أمرٌ محسوس إنّ الشر يقل من كان في قلبه عنده إيمان وخير، ولا يلزم بتصفيد الشياطين جميعًا ألا يقع شر ولا معصية؛ لأنّ في ذلك أسباب قد يكون هناك أسباب أيضًا غير الشياطين كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة، والشياطين الإنسية، الشياطين يكونوا من الإنس ومن الجنس، {شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: 112].

قارئ المتن: باب ذكر الاختلاف على الزهري فيه.

أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا أبي، عن صالحٍ، عن ابن شهاب، قال: أخبرني نافع بن أبي أنسٍ، أن أباه حدثه أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل رمضان، فُتحت أبواب الجنة، وغُلِّقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين».

أخبرنا محمد بن خالدٍ، قال: حدثنا بشر بن شعيبٍ، عن أبيه، عن الزهري، قال: حدثني ابن أبي أنس، مولى التيميين، أن أباه حدثه أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جاء رمضان فُتحت أبواب الرحمة، وغُلِّقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين».

أخبرنا الربيع بن سليمان في حديثه، عن ابن وهبٍ، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن ابن أبي أنسٍ، أن أباه حدثه أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان رمضان فُتحت أبواب الجنة، وغُلِّقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين»، رواه ابن إسحاق عن الزهري.

أخبرنا عبيد الله بن سعدٍ، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن ابن أبي أنسٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل شهر رمضان، فُتِّحت أبواب الجنة، وغُلِّقت أبواب النار، وسلسلت الشياطين»، قال أبو عبد الرحمن: «هذا يعني حديث ابن إسحاق خطأ، ولم يسمعه ابن إسحاق من الزهري، والصواب ما تقدم ذكرنا له».

شرح الشيخ: يعني خطأ في السند.

قارئ المتن: أخبرنا عبيد الله بن سعدٍ، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا أبي عن ابن إسحاق، قال: وذكر محمد بن مسلم، عن أويس بن أبي أويسٍ، عديد بني تيم، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «هذا رمضان قد جاءكم تُفتَح فيه أبواب الجنة، وتُغلَق فيه أبواب النار، وتُسلسَل فيه الشياطين»، قال أبو عبد الرحمن: «هذا الحديث خطأ».

شرح الشيخ: يعني أنه لم يسمعه ابن إسحاق من الزهري، ولذلك هذا الباب ذكر الاختلاف على الزهري في هذا الحديث، والحديث ثابت كما هو معروف أنّ المؤلف رحمه الله له عناية بالأسانيد.

 

 

قارئ المتن: ذكر الاختلاف على معمرٍ فيه.

أخبرنا أبو بكر بن عليٍ، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الأعلى، عن معمرٍ، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرِّغب في قيام رمضان من غير عزيمة، وقال: «إذا دخل رمضان فُتِّحت أبواب الجنة، وغُلِّقت أبواب الجحيم، وسلسلت فيه الشياطين» أرسله ابن المبارك.

أخبرنا محمد بن حاتمٍ، قال: أنبأنا حبان بن موسى خراساني، قال: أنبأنا عبد الله، عن معمر، عن الزهري، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل رمضان، فتحت أبواب الرحمة، وغُلِّقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين».

شرح الشيخ: هذا الإسناد قال إنّ عبد الله هو عبد الله بن المبارك أرسله يعني أُرسل في الحديث الذي بعده، والمراد بالإرسال الانقطاع، قال: (أنبانا عبد الله بن المبارك)، أرسله عن معمر وهو لم يُسمع منه، لا يكون مرسل أي منقطعًا، ويُعبر عن الانقطاع بالإرسال عند بعض المحدثين.

قارئ المتن: أخبرنا بشر بن هلالٍ، قال: حدثنا عبد الوارث، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاكم رمضان شهرٌ مباركٌ فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، من حُرِم خيرها فقد حرم».

شرح الشيخ: قال رسول الله قال: «وتغل فيه مردة الشياطين» جاء في لفظٍ آخر «فلا يخرسون فيه إلا ما لا يخرسون في غيره»، يعني الظاهر أنهم لهم تأثير ولكن المُسلسل تضعف قوته، فلا يصل إلى ما يصل إليه في حال إطلاقه.

قارئ المتن: أخبرنا محمد بن منصورٍ، قال: حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن عرفجة، قال: عدنا عتبة بن فرقدٍ، فتذاكرنا شهر رمضان، فقال: ما تذكرون؟ قلنا: شهر رمضان، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتغل فيه الشياطين، وينادي منادٍ كل ليلةٍ: يا باغي الخير هلم، ويا باغي الشر أقصر» قال أبو عبد الرحمن: «هذا خطأ».

أخبرنا محمد بن بشارٍ، قال: حدثنا محمدٌ، قال: حدثنا شعبة، عن عطاء بن السائب، عن عرفجة، قال: كنت في بيتٍ فيه عتبة بن فرقد، فأردت أن أحدث بحديثٍ، وكان رجلٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، كأنه أوْلى بالحديث مني، فحدث الرجل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «في رمضان، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب النار، ويُصفد فيه كل شيطانٍ مريد، وينادي منادٍ كل ليلة: يا طالب الخير هلم، ويا طالب الشر أمسك».

شرح الشيخ: وهذه التخطئة في قوله: «هذا خطأ»، يعني رواية سفيان الثوري عن عطاء بن السائب وإنما هو من رواية شعبة عن عطاء بن السائب، ويجوز أنْ يكون الحديث رواه كلٌ من الثوري وشعبة عن عطاء بن السائب؛ لأنّ كلٌ منهما روى عن عطاء قبل الاختلاط.

قارئ المتن: الرخصة في أن يُقال: لشهر رمضانَ رمضان.

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا يحيى بن سعيدٍ، قال: أنبأنا المهلب بن أبي حبيبة، ح وأنبأنا عبيد الله بن سعيدٍ، قال: حدثنا يحيى، عن المهلب بن أبي حبيبة، قال: أخبرني الحسن، عن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقولن أحدكم صمت رمضان، ولا قمته كله -ولا أدري كره التزكية، أو قال-: لا بد من غفلةٍ ورقدة «اللفظ لعبيد الله».

أخبرنا عمران بن يزيد بن خالدٍ، قال: حدثنا شعيبٍ، قال: أخبرني ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنه يخبرنا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأةٍ من الأنصار: «إذا كان رمضان فاعتمري فيه، فإن عمرةً فيه تعدل حجة».

شرح الشيخ: وهذا أخرجه مسلم في صحيحه، وفي الحديث جواز قول رمضان وقول شهر رمضان، كلٌ منه جائز قول رمضان وقول شهر رمضان، لكن الحديث الأول حديث الحسن عن أبي بكرة «لا يقولن أحدكم صمت رمضان، ولا قمته» الحديث في رواية الحسن عن أبي بكرة، في سماع الحسن فيه نظر، وأصح معنى الحديث يُفهم من الحديث أنه لمن قال ذلك على وجه التزكية لا على وجه الإخبار، «لا يقولن أحدكم صمت رمضان».

ماذا قال عندك المؤلف في رواية الحسن عن أبي بكرة فيه النهي يقول: «لا يقولن أحدكم صمت رمضان، ولا قمته»، يعني لو صح يُحمل لا يقول صمت على وجه التزكية أما على وجه الإخبار فلا بأس.

قارئ المتن: قال: المسألة الأولى في درجة حديث أبي بكرة رضي الله عنه هذا صححه ابن خزيمة رحمه الله وفيه نظر؛ لأنّ فيه عنعنة الحسن فإنه مدلسٌ والله تعالى أعلم.

شرح الشيخ: الحسن مدلس معروف بالتدليس لكن لو صح يُحمل على المنع على وجه التزكية، أما على وجه الإخبار فلا بأس.

قارئ المتن: اختلاف أهل الآفاق في الرؤية.

شرح الشيخ: مقصود المؤلف من هذا الباب أنه يجوز أن يقول الإنسان رمضان وشهر رمضان، بعضهم يمنع يقول: لا تقول رمضان قل: شهر رمضان، يجوز رمضان وشهر رمضان لا بأس في هذا، فهنا قال الرخصة أنْ يُقال: شهر رمضان ورمضان.

قارئ المتن: أخبرنا علي بن حجٍر، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا محمدٌ وهو ابن أبي حرملة، قال: أخبرني كريبٌ أن أم الفضل بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام، فقضيت حاجتها واستهل علي هلال رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما، ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، قال: أنت رأيته ليلة الجمعة؟ قلت: نعم، ورآه الناس فصاموا وصام معاوية، قال: «لكن رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين يومًا أو نراه»، فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية وأصحابه؟ قال: لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

شرح الشيخ: هذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، والمؤلف قال: (اختلاف أهل الآفاق في الرؤية)، العلماء لهم في هذا الحديث قولان:

القول الأول: ما دلَّ عليه حديث ابن عباس أنّ لكل بلد أو إقليم رؤيته، وهو ظاهر كلام المصنِّف (اختلاف أهل الآفاق في الرؤية)، وهو الذي أفتى به هيئة كبار العلماء في المملكة؛ لأنّ بعض البلاد أو الدول قد لا يطمئنوا إلى رؤية غيرهم لعدم الثقة أو لكونهم يعملون بالحساب.

 وذلك أنّ كريب مولى أم الفضل أرسلته لحاجة في المدينة الشام، فقضى حاجتها فصادف هلال رمضان، فاستهل رمضان ليلة الجمعة رآه في الشام، ليلة الجمعة فصام الناس وصام معاوية رضي الله عنه، ثم رجع كريب إلى المدينة في آخر الشهر، فسأل ابن عباس قال: متى رأيتم الهلال لما كنت في الشام؟ قال: رأيناه ليلة الجمعة، فصام الناس وصام معاوية أمير المؤمنين، فقال ابن عباس: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين يومًا أو نراه، فقلت له: أو لا تكتفي برؤية معاوية وأصحابه؟ قال: لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والقول الثاني لأهل العلم: أنه إذا ثبت رؤية الهلال في بلد لزم الناس كلهم الصوم في كل البلد، حكى بعضهم أنّ هذا قول الجمهور وهو قول الأكثرين، وأجابوا عن هذا الحديث بأنّ هذا فهم ابن عباس، النووي قال: أجاب على حديث ابن عباس في هذا أنّ ابن عباس لم يأخذ بقول كُريب؛ لأنّ شهادة الواحد لا تقبل في دخول الشهر).

وعلى كل حال المسألة فيها خلاف مشهور ولو أمكن صوم الناس جميعًا، اختلاف المطالع معروف اختلاف المطالع بين الشام وبين المدينة مسافة، القول بثلاثة مطالع قولٌ له وجهه ولاسيما ما سبق من اختلاف الناس واختلاف البلدان، وعدم أخذ قولهم بقول البعض أو أنّ بعضهم يعمل بحساب، الحساب لا يُعول عليه في دخول الشهر وخروجه، يقول النبي: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته».

ولهذا القول الثاني: أنّ قوله: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» هذا عامٌ للأمة كلها.

قارئ المتن: باب قبول شهادة الرجل الواحد على هلال شهر رمضان وذكر الاختلاف فيه على سفيان في حديث سماك.

أخبرنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، قال: أنبأنا الفضل بن موسى، عن سفيان، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء أعرابيٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: رأيت الهلال، فقال: «أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله؟» قال: نعم، فنادى النبي صلى الله عليه وسلم: «أن صوموا».

أخبرنا موسى بن عبد الرحمن، قال: حدثنا حسينٌ، عن زائدة، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء أعرابيٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبصرت الهلال الليلة، قال: «أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله؟» قال: نعم، قال: «يا بلال، أذن في الناس فليصوموا غدًا».

أخبرنا أحمد بن سليمان، عن أبي داود، عن سفيان، عن سماكٍ، عن عكرمة مرسل.

أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم مصيصيٌ، قال: أنبأنا حبان بن موسى المروزي، قال: أنبأنا عبد الله، عن سفيان، عن سماكٍ، عن عكرمة مرسل.

أخبرني إبراهيم بن يعقوب، قال: حدثنا سعيد بن شبيب أبو عثمان، وكان شيخًا صالحًا بطرسوس، قال: أنبأنا ابن أبي زائدة، عن حسين بن الحارث الجدلي، عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، أنه خطب الناس في اليوم الذي يشك فيه، فقال: ألا إني جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وساءلتهم، وإنهم حدثوني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، وانسكوا لها فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين، فإن شهد شاهدان فصوموا، وأفطروا».

شرح الشيخ: في الحديث الأول حديث ابن عباس فيه أنه يُصام برؤية واحد ولو كان أعرابيًا فلا يقدح؛ لأنّ الصحابة كلهم عدول، أما الفطر ففي الحديث الثاني حديث زيد بن الخطاب قال: «فإن شهد شاهدان فصوموا»، فدلَّ حديث ابن عباس وحديث زيد بن الخطاب أنه إذا صام الناس برؤية شاهدين فإنهم يفطرون بإكمال ثلاثين يومًا إذا لم يُرَ الهلال، أما إذا صاموا برؤية شاهدٍ واحد فإنهم لا يفطرون بإكمال ثلاثين بل يصومون اليوم الحادي والثلاثين إذا لم يروا الهلال.

لابد إذا رؤي الهلال عدلان فإنهم يفطرون بإكمال ثلاثين، وإنْ رآه واحد فلا يفطرون حتى يروه، وعلى كل حال هذه المسألة فيها كلام لأهل العلم، لكن ظاهر حديث زيد بن خطاب تكلم على حديث زيد بن خطاب قوله: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، وانسكوا لها»، يعني اذبحوا لها للرؤية، والمعنى أنّ الحج والأضحية يثبت بهلال ذي الحجة أي برؤية الهلال.

القارئ: قال المسالة الأول: في درجته حديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنهم صحيح وهو من أفراد المصنِّف رحمه الله تعالى والله أعلم.

شرح الشيخ: ولهذا العلماء قرروا هذا من الحنابلة وغيرهم أنّ الفطر يعني إذا صاموا برؤية شاهدين فإنهم إذا أكملوا ثلاثين يفطرون، وإنْ صاموا برؤية واحد فلا يفطرون إلا بالرؤية ولو أكملوا ثلاثين، فلذلك قال: «فإن شهد شاهدان فصوموا، وأفطروا».

قارئ المتن: إكمال شعبان ثلاثين إذا كان غيمٌ وذكر اختلاف الناقلين عن أبي هريرة رضي الله عنه.

أخبرنا مؤمل بن هشامٍ، عن إسماعيل، عن شعبة، عن محمد بن زيادٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم الشهر فعدوا ثلاثين».

أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا ورقاء، عن شعبة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فاقدروا ثلاثين».

شرح الشيخ: وهذا فيه دليل على أنه إذا لم يُرَ الهلال ليلة الثلاثين، فإنّ الناس يكلمون الشهر السابق ثلاثين، وفي حديث آخر حديث ابن عمر «فإن غم عليكم فاقدروا له»، من العلماء مَن أخذ بقول فاقدروا له يعني ضيقوا له، فسر فضيقوا له، وأكملوا وصوموا اليوم الثلاثين، ولهذا فإن المذهب عند الحنابلة وغيرهم أنه إذا كان ليلة الثلاثين صحو فإنهم يفطرون، وإنْ كان غيب فأنهم يصومون، وهذا روي عن ابن عمر أنه كان يقول لمولاه إذا كان عليه غيم فيصبح صائمًا، وإنْ كان صحوًا يصبح مفطرًا.

والقول الثاني لأهل العلم: أنّ معنى اقدروا يعني احسبوا له، ويؤيده رواية هذه الأحاديث «فاقدروا ثلاثين»، «فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين» وفي رواية «فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يومًا»، وهذا هو الصواب وهو الذي عليه العمل أنه لا يُصام يوم الشك، سواءً كان صحوًا أو غيبًا إلا برؤية، إنْ رؤي يُصام وإنْ لم يُرَ سواءً كان صحوًا أو غيبًا فلا يُصام يُكمل الشهر ثلاثين يومًا.

أما القول الأول وهو مذهب الحنابلة وجمع من أهل العلم فهو مرجوح، هو أنه يضيق اقدروا يعني ضيقوا له، أي صوموا إذا كان هناك غيب، فإنْ كان هناك غيب يُصام على القول الأول، وإنْ كان صحو فلا يُصام.

والقول الثاني وهذا الذي دل عليه الحديث أنه لا يُصام يوم الشك، سواءً كان ليلة غيبًا أو صحوًا لهذه الأحاديث «فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين»، وهذا الأحاديث يُفسر بعضها بعضًا «فاقدروا له» يعني: فعدوا ثلاثين، إذًا فاقدروا ثلاثين يعني احسبوا ثلاثين، وفي اللفظ الآخر «فأكملوا من عدة شعبان ثلاثين يومًا»، وهذا هو الذي عليه العمل.

القارئ: ذكر الاختلاف على الزهري في هذا الحديث.

الشيخ: نعم.

القارئ: في ذكر اختلاف أهل العلم فيما يثبت به هلال رمضان.

قال النووي رَحِمَهُ الله: مذهبنا ثبوته بعدلين بلا خلاف، وفي ثبوته بعدلٍ خلافٌ الصحيح ثبوته، وسواءً أَصحت السماء أو غيمت.

وممن قال: يثبت بشاهدٍ واحدٍ عبد الله بن المبارك وأحمد بن حنبل وآخرون، ممن قال: يشترط عدلان عطاء، وعمر بن عبد العزيز ومالكٌ والأوزاعي والليث، وابن الماجشون، وإسحاق بن راهويه وداود، وقال الثوري: يشترط رجلان أو رجلٌ وامرأتان، كذا حكاه ابن المنذر، وقال أبو حنيفة: إن كانت السماء مغيمةً ثبت بشهادة واحدٍ، ولا يثبت غير رمضان إلا باثنين، قال: وإن كانت مصحيةً لم يثبت رمضان بواحدٍ ولا باثنين، ولا يثبت إلا بعدد الاستفاضة.

واُحتج لأبي حنيفة بأنه يبعد أن ينظر الجماعة الكبيرة إلى مطلع الهلال، وأبصارهم صحيحة، ولا مانع من الرؤية ويراه واحدٌ أو اثنان دونهم.

واحتج مَن شرط اثنين بحديث الحارث بن حاطبٍ وهو صحيح، واحتج أصحابنا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «تراءى الناس الهلال، فأخبرت النبيّ صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام وأمر الناس بصيامه» وهو صحيح.

قال: وأما حديث طاووسٍ، عن ابن عمر، وابن عباسٍ -رضي الله عنهم- قالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة رجلٍ واحدٍ على هلال رمضان، وكان لا يجيز على شهادة الإفطار إلا شهادة رجلين، فرواه البيهقي وضعَّفه، قال: وهذا مما لا ينبغي أن يُحتج به، قال: وفي الحديثين السابقين كفاية.

ثم روى البيهقي بإسناده ما رواه الشافي في "المسند" وغيره بإسنادٍ صحيح إلى فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «أن رجلًا شهد عند عليٍ رضي الله عنه على رؤية هلال رمضان، فصام وأحسبه»، قال: وأمر الناس بالصيام وقال: «لأن أصوم يوم من شعبان أحب إلي من أن أفطر يومٍ من رمضان.

  • والجواب: عما احتج به أبو حنيفة من وجهين:

أحدهما: أنه مخالف للأحاديث الصحيحة، فلا يعرَّج عليه.

والثاني: أنه يجوز أن يراه بعضهم دون جمهورهم لحسن نظره أو غير ذلك، وليس هذا ممتنعًا، ولهذا لو شهد برؤيته اثنان أو واحدٌ وحكم به حاكم لم يُنقَّض بالإجماع، ووجب الصوم بالإجماع ولو كان مستحيلًا لم ينفذ حكمه ووجب نقضه.

والجواب: عما احتج به الآخرون أن المراد بقوله: «ننسك»، هلال شوال.  

الشيخ: وفي آخره إشكال تكلم عنه.

القارئ: قال الجامع عفا الله عنه: الذي يترجح عندي قول مَن قال: يثبت هلال رمضان بشهادة رجلٍ واحد، لصحة حديث عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما الذي تقدم للمصنف، وحديث ابن عمر رضي الله عنهما عند أبي داود وغيره، فهذا القول فيه الجمع بين الأدلة كما تقدم، وأما الإفطار فلا بد من شاهدين لصحة حديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، وحديث أمير مكة من غير معارضٍ لهما كما تقدم، والله تعالى أعلم بالصواب.

 الشيخ: والمسألة فيها خلاف ألفت فيها مؤلفات رسائل في إذا كان ليلة الثلاثين صحو أو غيم، هي رسالة صغيرة للعلماء السابقين، المقصود أنّ المسألة فيها خلاف مشهور، والصواب هو هذا الصواب أنه يُصام برؤية واحد، لكن الإفطار لا بد أن يكونوا اثنين، فإن صيم برؤية اثنين فإنّ الإفطار يكون بإكمال الشهر برؤية الهلال أو بإكمال الشهر.

قارئ المتن: ذكر الاختلاف على الزهري في هذا الحديث.

أخبرنا محمد بن يحيى بن عبد الله النيسابوري، قال: حدثنا سليمان بن داود، قال: حدثنا إبراهيم، عن محمد بن مسلم، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يومًا».

أخبرنا الربيع بن سليمان، قال: حدثنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهابٍ، قال: حدثني سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر قال رضي الله عنهما: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُم عليكم فاقدروا له».

أخبرنا محمد بن سلمة، والحارث بن مسكين، قراءةً عليه وأنا أسمع واللفظ له، عن ابن القاسم، عن مالكٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان، فقال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غُم عليكم فاقدروا له».

شرح الشيخ: قول المؤلف الاختلاف على الزهري لا يلزم الاختلاف على أحد الرواة ضعف الحديث، فالحديث صحيح هنا في الحديث الأول قال: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يومًا»، والحديث الذي بعده حديث أبي هريرة وحديث ابن عمر «فاقدروا له»، والأحاديث يُفسر بعضها بعضًا، معنى «اقدروا له» يعني: احسبوا له ثلاثين «اقدروا له».

والقول الأول: الذي اختاروا أنه يُصام يقولون معنى «اقدروا له» ضيقوا له، ضيقوا الشهر واجعلوه تسعًا وعشرين وصوموا اليوم الثلاثين، هذا المذهب أنه يُضيق له، والصواب أنّ معنى «اقدروا له» يعني: احسبوا له، والأحاديث يفسر بعضها بعضًا «فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين»، هنا «فإن غم عليكم فاقدروا له» قيل: احسبوا، وقيل: أن اقدروا له ضيقوا على قول مَن فسر بأنه ضيقوا قال: يصام بين الضربين.

ومَن فسر اقدروا له احسبوا له، قال حديث (01:03:34) قال لا يُصام اليوم الثلاثين، سواءً كان غيبًا أو صحوًا، لا يُصام إلا برؤية أو إكمال الشهر السابق ثلاثين يومًا.

قارئ المتن: ذكر الاختلاف على عبيد الله بن عمر في هذا الحديث.

 أخبرنا عمرو بن عليٍ، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا عبيد الله، قال: حدثني نافعٌ، عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له».

أخبرنا أبو بكر بن عليٍ، صاحب حمص، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا محمد بن بشرٍ، قال: حدثنا عبيد الله، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الهلال، فقال: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين».

شرح الشيخ: «فعدوا ثلاثين» هذا يفسر معنى قول: «فاقدروا له»، فهذا هو الصواب.

قارئ المتن: ذكر الاختلاف على عمرو بن دينارٍ في حديث ابن عباسٍ فيه.

 أخبرنا أحمد بن عثمان أبو الجوزاء، وهو ثقةٌ بصريٌ، أخو أبي العالية، قال: أنبأنا حبان بن هلالٍ، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين».

أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، عن محمد بن حنين، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: عجبت ممَن يتقدم الشهر، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين».

شرح الشيخ: محمد بن حنين أم محمد بن جبير، ماذا عندك؟

مداخلة: ابن حنين.

الشيخ: وفي [تحفة الأشراف] محمد بن جبير، قال: وفي المسند وغيره محمد بن جبير، يعني ابن مطعم وهو المرجوح، ماذا قال؟

مداخلة: قال: وفي المسند وغيره محمد بن جبير.

الشيخ: مَن القائل هذا؟ من القائل؟

مداخلة: يقول: الحافظ أبو طاهر زبير.

الشيخ: تعليق؟

مداخلة: أي نعم تعليق.

الشيخ: ماذا يقول؟

مداخلة: محمد بن حنين بالحاء المهملة ونونين، مصغرًا مكيٌ مقبولٌ، وفي [تهذيب التهذيب]: محمد بن حنين عن ابن عباسٍ وعنه عمرو بن دينار كذا وقع في بعض النسخ من النسائي، وفي الأصول القديمة محمد بن جبير وهو ابن مطعم وهو الصواب.

الشيخ: في [التهذيب]؟ يقول في [التهذيب]؟

القارئ: وفي [تهذيب التهذيب]: محمد بن حنين عن ابن عباسٍ وعنه عمرو بن دينار كذا وقع في بعض النسخ من النسائي، وفي الأصول القديمة محمد بن جبير وهو ابن مطعم وهو الصواب، وكذلك هو في [المسند] وغيره.

قال الحافظ: وقد ذكر الدار قطني أن محمد بن حنينٍ أيضًا روى عن ابن عباس، قال: وهو أخو عبيد بن حنين وكذا هو مجودٌ في [السنن الكبرى]، رواية ابن الأحمر عن النسائي والله أعلم، وقال الحاكم: لا أعرف روى عنه غير عمرو بن دينار انتهى.

قال الحافظ المزي رحمه الله تعالى: وكان في كتاب أبي القاسم محمد بن حنين عن ابن عباسٍ وهو وهمٌ انتهى.

وكتب الحافظ في [النكت الظراف] ما نصه، وقال في [التهذيب]: اعتمد أبو القاسم على ما وقع في بعض النسخ المتأخرة وهو خطأ، والصواب "محمد بن جبير" وهو ابن مطعم، كذا هو في الأصول المعتمدة من النسائي، وكذا هو في مسند أحمد، واعترضه مغلطاي بأنه رآه في [مسند أحمد] محمد بن جبيرٍ غير منسوب، وفي نسخةٍ قُرئت على أبي الفرج محمد بن حنين بنونٍ مجوّدة، في بعض نسخ النسائي القديمة كذلك.

وفي نسخةٍ قُرئت على المنذري من النسائي الصغرى حنين، وكذا هو في موضعين من التمهيد في هذا الحديث، وكذا ذكره أبو العباس الطرقي، وكذا في البيهقي في النسخة التي قُرئت على ابن الصلاح، وفي أخرى قديمةٍ قيل: إنها بخط البيهقي، وكذا في [مسند البزّار] في نسخةٍ قُرئت على السلفي.

وفي [التلخيص] للخطيب: محمد بن حنين ومحمد بن جبير، أما الأول بالحاء المهملة ونونين فهو مولى العباس، سمع ابن عباس، روى عنه عمرو بن دينار، ثم ساق هذا الحديث، وقال بعده: هو أخو عبد الله وعبيد أولاد حنين، وكذا قال الدار قطني، وابن ماكولا في [الإكمال] محمد بن حنين بحاءٍ مهملةٍ ونونين، يروي عن ابن عباسٍ وعنه عمرو ابن دينار، انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الذي يظهر لي مما ذُكر أن محمد بن حنينٍ هو الصواب، لا محمد بن جبير، فلا وجه لتخطئة ما وقع في معظم نسخ [المجتبى] و[الكبرى] التي بين أيدينا من أنه ابن حنينٍ، والله تعالى أعلم. 

الشيخ: الأمر سهل يروى عن ابن عباس هذا وهذا.

القارئ: تنبيه: وقع في النسخة الهندية من [المجتبى] محمد بن حسين، بالسين المهملة بعد الحاء المهملة وهو تصحيفٌ بلا ريب.

الشيخ: هذا تصحيف ابن حنين أو (01:09:19)، كلٌ منهما يروي عن ابن عباس، هذا الأمر سهل.

قارئ المتن: ذكر الاختلاف على منصورٍ في حديث ربعيٍ فيه.

 أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا جريرٌ، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال قبله أو تكملوا العدة، ثم صوموا حتى تروا الهلال، أو تكملوا العدة قبله».

أخبرنا محمد بن بشارٍ، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن منصورٍ، عن ربعي، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقدموا الشهر حتى تكملوا العدة أو تروا الهلال، ثم صوموا ولا تفطروا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ثلاثين» أرسله الحجاج بن أرطأة.

شرح الشيخ: محمد بن بشار هذا معروف هو من الأئمة الستة لقبه بندار، لُقب ببندار لقوة حفظه، وهو يدل على ما جاء في الحديث السابق من أنه لا يُصام إلا بالرؤية أو إكمال الشهر السابق ثلاثين.

قارئ المتن: أخبرنا محمد بن حاتمٍ، قال: حدثنا حِبان، قال: حدثنا عبد الله، عن الحجاج بن أرطأة، عن منصورٍ، عن ربعيٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا».

شرح الشيخ: يتكلم على حبان هل حبان بن موسى ولا حبان بن هلال هنا؟ محتمل.

القارئ: عندي يقول: ابن موسى.

الشيخ: في النسائي: يقول ابن موسى حبان، فيحتمل أنه حِبان بن هلال بالكسر.

قارئ المتن: أخبرنا محمد بن حاتمٍ، قال: حدثنا حِبان، قال: حدثنا عبد الله، عن الحجاج بن أرطأة، عن منصورٍ، عن ربعيٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فأتموا شعبان ثلاثين، إلا أن تروا الهلال قبل ذلك، ثم صوموا رمضان ثلاثين إلا أن تروا الهلال قبل ذلك».

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا حاتم بن أبي صغيرة، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، قال: حدثنا ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن حال بينكم وبينه سحابٌ فأكملوا العدة، ولا تستقبلوا الشهر استقبالًا».

أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تصوموا قبل رمضان، صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن حالت دونه غيايةٌ فأكملوا ثلاثين».

شرح الشيخ: يعني سحابة، وهذا كله يدل على القول المختار وهو أنه لا يُصام إلا بالرؤية أو إكمال الشهر السابق ثلاثين يومًا، وأنه لا يُصام اليوم الثلاثين من شعبان، اليوم الثلاثين سواءً كانت السماء صحوًا أو غيبًا، هذا هو الصواب.

والقول الثاني: أنه إذا كانت السماء صحوًا يصبح الناس مفطرين إذا لم يُرَوه، وإنْ كانت غيبًا فإنه يُصام، عملًا بقول حديث ابن عمر «فإن غم عليكم فاقدروا له»، يعني ضيقوا الشهر السابق واجعلوه تسعًا وعشرين، وصوموا اليوم الثاني هذا هو المذهب عند الحنابلة ومرجوحٌ، وهذا ما عليه العمل.

قارئ المتن: كم الشهر وذكر الاختلاف على الزهري في الخبر عن عائشة.

 أخبرنا نصر بن علي الجهضمي، عن عبد الأعلى، قال: حدثنا معمرٌ، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: أقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يدخل على نسائه شهرًا، فلبث تسعًا وعشرين، فقلت: أليس قد كنت آليت شهرًا؟ فعددت الأيام تسعًا وعشرين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشهر تسعٌ وعشرون».

أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهابٍ، أن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثورٍ، حدثه ح وأخبرنا عمرو بن منصورٍ، قال: حدثنا الحكم بن نافعٍ، قال: أخبرنا شعيبٌ، عن الزهري، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثورٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: لم أزل حريصًا أن أسأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن المرأتين من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله لهما: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] وساق الحديث، وقال فيه: فاعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه من أجل ذلك حين أفشته حفصة إلى عائشة تسعًا وعشرين ليلةً، قالت عائشة: وكان قال: «ما أنا بداخل عليهن شهرا من شدة موجدته عليهن» حين حدثه الله عز وجل حديثهن، فلما مضت تسعٌ وعشرون ليلةً دخل على عائشة، فبدأ بها، فقالت له عائشة: إنك قد كنت آليت يا رسول الله أن لا تدخل علينا شهرًا، وإنا أصبحنا من تسعٍ وعشرين ليلة نعدها عددًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشهر تسعٌ وعشرون ليلة».

شرح الشيخ: وهذا عند العلماء محمول على أنّ ذلك الشهر كان تسعًا وعشرين، وأنه بدأ من أوله وإلا فإنّ الشهر يكون تسعٍ وعشرين ويكون ثلاثين كما سيأتي في الأحاديث، ولو عد الشهر من أثنائه لعد ثلاثين، لكن لو قال أحدًا من العلماء جوابًا عن هذا: بأنّ الشهر محقق إنما هو تسعٌ وعشرون لكان له وجه، المقصود أنّ النبي صلى الله عليه وسلم حلف ألا يدخل على نسائه شهرًا لما أفشى الحديث غضب عليهن، واعتزل في المشربة غرفة مرتفعة، فلما مضت تسعٌ وعشرون، انتهت مدة الحلف، هذا حلف، دخل على عائشة بدأها، قالت عائشة: يا رسول الله، أنت حلفت شهر، والآن مضى تسع وعشرين أعدهن عدًا، قال: «الشهر تسعٌ وعشرون».

ظاهره أن ذلك الشهر كان تسعٍ وعشرين وأنه من أوله، وإلا الشهر يكون تسعٍ وعشرين ويكون ثلاثين كما سيأتي في الأحاديث، «إنَّا نحن أمَّةٌ أمِّيَّة لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا» قال: وهكذا عشرًا، وهكذا وهكذا عشر عشرةٍ وقال ابن شعبة: هكذا وهكذا وهكذا وخنس بأصبعه تسعٍ وعشرين، لكن هذا محمول على أن ذلك الشهر كان تسعًا وعشرين، لكن لو كان من أثناء الشهر أكمل الثلاثين.

قارئ المتن: ذكر خبر ابن عباسٍ فيه.

أخبرنا عمرو بن يزيد هو أبو بريدٍ الجرمي بصري، عن بهزٍ.

شرح الشيخ: وفيه أنّ المرأتين اللتين قال الله: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]، عائشة وحفصة، ابن عباس يقول: جلس شهرًا يريد أنْ يسأل عمر ولا وجد فرصة، وقال: سنة، ثم وجده مرة جاء يصب عليه الماء فسأله، فقال: مَن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]، قال: حفصة وعائشة، يعني: ابنته حفصة وعائشة.

 

 

قارئ المتن: ذكر خبر ابن عباسٍ فيه.

أخبرنا عمرو بن يزيد هو أبو بريدٍ الجرمي بصري، عن بهزٍ قال: حدثنا شعبة، عن سلمة، عن أبي الحكم، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «أتاني جبريل عليه السلام، فقال: الشهر تسع وعشرون يومًا».

شرح الشيخ: هكذا عندكم بريد؟

مداخلة: نعم.

الشيخ: موجودة في نسخة ثانية يزيد، بريد معروف بريد الجرمي.

القارئ: قال الجامع عفا الله عنه: عمرو بن يزيد أبو بريد، بموحدةٍ وراء مصغرًا هو الجرمي بفتح الجيم وسكون الراء، بصريٌ صدوق من أفراد المصنِّف.

الشيخ: فقط؟

القارئ: فقط.

الشيخ: ما ذكر يزيد.

القارئ: ما ذكر يزيد.

الشيخ: الذي ذكر يزيد معروف أنه بريد، مَن الذي علق؟

القارئ: في [التقريب] بريد الجرمي، هو أبو يزيد.

الشيخ: هو أبو يزيد عندك؟

القارئ: عمرو بن يزيد هو أبو بريد الجرمي.

الشيخ: هذا في الشكل.

القارئ: (01:19:24).

الشيخ: نعم، كذلك أنا عندي هذا أبو يزيد، لكن المعروف مسألة [التقريب] نسخة أنه في نسخة أبو بشار يقول: أبو يزيد، هو المعروف أبو بريد، انظر التقريب، ارجع [التقريب].

قارئ المتن: ذكر خبر ابن عباسٍ فيه.

أخبرنا عمرو بن يزيد هو أبو بريدٍ الجرمي بصري، عن بهزٍ قال: حدثنا شعبة، عن سلمة، عن أبي الحكم، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «أتاني جبريل عليه السلام، فقال: الشهر تسعٌ وعشرون يومًا».

أخبرنا محمد بن بشارٍ، عن محمدٍ، ثم ذكر كلمةً معناها، حدثنا شعبة، عن سلمة، قال سلمة: سمعت أبا الحكم، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشهر تسعٌ وعشرون يومًا».

ذكر الاختلاف على إسماعيل في خبر سعد بن مالكٍ فيه.

شرح الشيخ: يعني يكون تسعٍ وعشرين ويكون ثلاثين.

قارئ المتن: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن بشرٍ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ضرب بيده على الأخرى، وقال: «الشهر هكذا وهكذا، وهكذا» ونقص في الثالثة إصبعًا.

شرح الشيخ: يعني: هكذا وهكذا عشر، وهكذا عشر، وهكذا عشر ونقص في الثالثة إصبع فتكون تسعًا، وفي الحديث الآخر أنه ذكر مرتين هكذا وهكذا وهكذا ثلاثين، ثم قال: «وهكذا وهكذا وهكذا» وخنس بإصبع.

مداخلة: عمرو بن يزيد أبو بريد، بموحدةٍ وراء مصغرًا هو الجرمي بفتح الجيم في الجزء الحادي عشر النسائي.

الشيخ: فقط أبو بريد.

مداخلة: بموحدةٍ وراء مصغرًا.

الشيخ: أي، بموحدةٍ وراء مصغرًا، هذا في هو المعروف.

مداخلة: (01:21:44).

الشيخ: والذي قبله ذكر قولين يعني؟ ماذا قال عمرو بن سلمة؟

مداخلة: عمرو بن سلمة وقيل عمرو بن يزيد البصري.

الشيخ: في [التهذيب]، لعل تكون النسخة يبقى في [التقريب] اختصر على أبو بريد.

مداخلة: غيره.

الشيخ: غيره.

مداخلة: الصحابي أحسن الله إليك هذا عمرو بن سلمة.

الشيخ: أي، عمرو بن سلمة.

مداخلة: أيضاً يُكنى أبا بُريدة.

الشيخ: لو كان هكذا ذكره في [التقريب]، التقريب ما يُغفل وهو في الغالب ذكر فيه أنه (01:22:58) كأنه انتقال نظر.  

قارئ المتن: أخبرنا سويد بن نصرٍ، قال: أنبأنا عبد الله، عن إسماعيل، عن محمد بن سعد، عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الشهر هكذا، وهكذا، وهكذا» يعني تسعةً وعشرين رواه يحيى بن سعيدٍ، وغيره عن إسماعيل، عن محمد بن سعدٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح الشيخ: يعني مرسلًا رواه عن محمد بن سعد يعني مرسل.

قارئ المتن: أخبرنا أحمد بن سليمان، قال: حدثنا محمد بن عبيدٍ، قال: حدثنا إسماعيل، عن محمد بن سعد بن أبي وقاصٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشهر هكذا، وهكذا، وهكذا» وصفق محمد بن عبيدٍ بيديه ينعتها ثلاثًا، ثم قبض في الثالثة الإبهام في اليسرى قال يحيى بن سعيدٍ: «قلت لإسماعيل عن أبيه؟ قال: لا».

شرح الشيخ: يعني أنه مرسل، هذا روي مرسل وموصولًا.

قارئ المتن: ذكر الاختلاف على يحيى بن أبي كثيرٍ في خبر أبي سلمة فيه.

أخبرنا أبو داود، قال: حدثنا هارون، قال: حدثنا عليٌ هو ابن المبارك، قال: حدثنا يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشهر يكون تسعةً وعشرين ويكون ثلاثين، فإذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فأكملوا العدة».

أخبرني عبيد الله بن فضالة بن إبراهيم، قال: أنبأنا محمدٌ، قال: حدثنا معاوية، ح وأخبرني أحمد بن محمد بن المغيرة، قال: حدثنا عثمان بن سعيدٍ، عن معاوية، واللفظ له، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، أن أبا سلمة، أخبره أنه سمع عبد الله وهو ابن عمر رضي الله عنهما يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الشهر تسعٌ وعشرون».

 أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن الأسود بن قيسٍ، عن سعيد بن عمروٍ، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّا أمةٌ أميةٌ، لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا» ثلاثًا حتى ذكر تسعًا وعشرين.

أخبرنا محمد بن المثنى، ومحمد بن بشارٍ، عن محمدٍ، عن شعبةٍ، عن الأسود بن قيسٍ، قال: سمعت سعيد بن عمرو بن سعيد بن أبي العاص، أنه سمع ابن عمر، يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال.

شرح الشيخ: ابن أبي العاص أم ابن العاص؟ ماذا عندك؟ موجودة عندك؟ راجع ترجمة سعيد بن عمرو بن سعيد.

مداخلة: قال: سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية.

الشيخ: ابن العاص ما في أبي؟

مداخلة: نعم، أبو عثمان، ويُقال: أبو عنبسة الأموي المدني، ثم الدمشقي، ثم الكوفي كان مع أبيه إذ غَلَب على دمشق، ثم سكن الكوفة، ثقة، أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم سمع عائشة وأبا هريرة، وابن عمر، وجماعة من الصحابة.

الشيخ: ماذا قال عندك؟ سعيد بن أبي كأنها زائدة. 

قارئ المتن: قال: سمعت سعيد بن عمروٍ بن سعيد بن العاصِ، أنه سمع ابن عمر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّا أمةٌ أميةٌ، لا نحسب ولا نكتب، والشهر هكذا وهكذا وهكذا -وعقد الإبهام في الثالثة-، والشهر هكذا وهكذا وهكذا وهكذا تمام الثلاثين».

أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا خالدٌ، قال: حدثنا شعبةٌ، عن جبلة بن سحيمٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «الشهر هكذا»، ووصف شعبة، عن صفة جبلة، عن صفة ابن عمر، أنه تسعٌ وعشرون، فيما حكى من صنيعه مرتين بأصابع يديه، ونقص في الثالثة إصبعًا من أصابع يديه.

أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمدٌ، قال: حدثنا شعبة، عن عقبة يعني ابن حريثٍ، قال: سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشهر تسعٌ وعشرون».

شرح الشيخ: قوله: «إنَّا أمةٌ أميةٌ» هذا وصفٌ أغلبي للأمة وليس المراد كل الناس، يعني حتى الآن يوجد كثير مَن لا يعرف الكتابة، والمراد عدم معرفة الحساب، فمعنى «إنَّا أمةٌ أميةٌ» يعني: في عدم معرفة الكتابة والحساب، ما كل الناس تعرف الحساب، فلذلك لا نكلف بحساب أهل النجوم ولا بالشهور الشمسية الخفية بل كلفنا بالشهور القمرية الجلية، فالعبرة في الأشهر وفي الصيام وفي الفطر وفي الحج وغيره برؤية الهلال لا بحساب أهل الفلك.

قارئ المتن: الحث على السحور.

 أخبرنا محمد بن بشارٍ، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصمٍ، عن زرٍ، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تسحروا فإن في السحور بركة» وقفه عبيد الله بن سعيد.

أخبرنا عبيد الله بن سعيدٍ، قال: حدثنا عبد الرحمن، عن أبي بكر بن عياشٍ، عن عاصم، عن زرٍ، عن عبد الله، قال: «تسحروا» قال عبيد الله: «لا أدري كيف لفظه».

أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، وعبد العزيز، عن أنسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تسحروا فإن في السحور بركة».

ذكر الاختلاف على عبد الملك بن أبي سليمان في هذا الحديث.

أخبرنا علي بن سعيد بن جرير نسائي، قال: حدثنا أبو الربيع، قال: حدثنا منصور بن أبي الأسود، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تسحروا فإن في السحور بركة».

أخبرنا أحمد بن سليمان، قال: حدثنا يزيد، قال: أنبأنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاءٍ، عن أبي هريرة، قال: «تسحروا فإن في السحور بركةً» رفعه ابن أبي ليلى.

أخبرنا عمرو بن عليٍ، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا ابن أبي ليلى، عن عطاءٍ، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «تسحروا فإن في السحور بركة».

أخبرنا عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى، قال: حدثنا يحيى بن آدم، عن سفيان، عن ابن أبي ليلى، عن عطاءٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تسحروا فإن في السحور بركة».

أخبرنا زكريا بن يحيى، قال: حدثنا أبو بكر بن خلادٍ، قال: حدثنا محمد بن فضيل، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تسحروا فإن في السحور بركة»، قال أبو عبد الرحمن: «حديث يحيى بن سعيدٍ هذا إسناده حسنٌ، وهو منكر وأخاف أن يكون الغلط من محمد بن فضيل».

شرح الشيخ: يعني: هذا من جهة مخالفة في الإسناد لا في المتن، متن الحديث ثابت وفيه الأمر بالسحور، والسحور: هي الأكل في آخر الليل، فالسحور مستحب هذا الأمر للاستحباب وليس للوجوب، والذي سبق عن الوجوب أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يواصل فواصل بالصحابة، واصل بهم والوصال هو أنْ يصل الليل مع النهار، ويصوم ولا يأكل.

النبي صلى الله عليه وسلم كان يواصل هذا من خصائصه، فأراد الصحابة أنْ يواصلوا معه فنهاهم، فأرادوا محبتهم للخير أنْ يوافقه عليه الصلاة والسلام، تبين لهم أنهم لا يستطيعون ولذلك واصل بهم آخر الشهر يومًا بعد يوم، اليوم الثامن والعشرين والتاسع والعشرين، قال: «لو تأخر لزدتكم»، لو صار الشهر ثلاثين لزدتكم كالمنكل لهم.

وأما هو صلى الله عليه وسلم فإنّ الله تعالى عطاه من القوة ويفتح الله عليه من موارد أنسه، ونفحات قدسه ما يغنيه عن الطعام والشراب عليه الصلاة والسلام، والصحابة لا يستطيعون هذا، فهذا هو صارف عن الأمر، هو الصارف عن الأمر عن الوجوب إلى الاستحباب.

 فالسحور فيه فوائد فيه مخالفة أهل الكتاب كما في الحديث، وفيه التقوي على الصوم، وفيه فعل السُنَّة، وفيه تحصل البركة يتقوى على صيام النهار، ويقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم يمتثل الأمر، ويخالف أهل الكتاب، وفيه أيضًا «إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين»، الفصل بين الصيام والإفطار بأكلة السحار فيه فوائد ومصالح كثيرة.  

قارئ المتن: تأخير السحور وذكر الاختلاف على زرٍ فيه.

أخبرنا محمد بن يحيى بن أيوب، قال: أنبأنا وكيعٌ، قال: حدثنا سفيان، عن عاصمٍ، عن زرٍ، قال: قلنا لحذيفة: أي ساعةٍ تسحرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: «هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع».

أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمدٌ، قال: حدثنا شعبة، عن عديٍ، قال: سمعت زر بن حبيشٍ، قال: «تسحرت مع حذيفة، ثم خرجنا إلى الصلاة، فلما أتينا المسجد صلينا ركعتين، وأقيمت الصلاة وليس بينهما إلا هنيهة».

أخبرنا عمرو بن عليٍ، قال: حدثنا محمد بن فضيلٍ، قال: حدثنا أبو يعفورٍ، قال: حدثنا إبراهيم، عن صلة بن زفر، قال: «تسحرت مع حذيفة، ثم خرجنا إلى المسجد، فصلينا ركعتي الفجر، ثم أقيمت الصلاة فصلينا».

قدر ما بين السحور وبين صلاة الصبح.

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا وكيعٌ، قال: حدثنا هشامٌ، عن قتادة، عن أنسٍ، عن زيد بن ثابت، قال: «تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قمنا إلى الصلاة»، قلت: كم كان بينهما؟ قال: قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية.

ذكر اختلاف هشامٍ وسعيدٍ على قتادة فيه.

أخبرنا إسماعيل بن مسعودٍ، قال: حدثنا خالدٌ، قال: حدثنا هشامٌ، قال: حدثنا قتادة، عن أنسٍ، عن زيد بن ثابتٍ، قال: «تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قمنا إلى الصلاة»، قلت: -زُعَم أن أنسًا القائل- ما كان بين ذلك؟ قال: قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية.

أخبرنا أبو الأشعث، قال: حدثنا خالدٌ، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنسٍ رضي الله عنه قال: «تسحر رسول الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن ثابت، ثم قاما فدخلا في صلاة الصبح»، فقلنا لأنسٍ: كم كان بين فراغهما ودخولهما في الصلاة؟ قال: قدر ما يقرأ الإنسان خمسين آية.

شرح الشيخ: فيه فائدة تأخير السحور ما لم يخشَ طلوع الفجر، كما أنه يُستحب تعجيل الفطر إذا تحقق الغروب، وأما قوله: (لحذيفة: أي ساعةٍ تسحرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: «هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع»)، ذكر السندي يقول: الظاهر أنّ المراد بالنهار هنا النهار الشرعي، والمراد بالشمس الفجر، والمراد أنه في قرب طلوع الفجر حيث يُقال إنه النهار، ما كان الفجر طالعًا.

 ولهذا الأحاديث الأخرى فيها أنهم قاموا إلى صلاة الفجر، وأنّ بينهم قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية بعد ترتيل خمسين آية تقارب ربع ساعة أو ما يزيد عليها، والمراد قَصَر الوقت وأنّ الوقت ليس بطويل، الحديث قول هو أنه حديث حذيفة: «هو النهار إلا أنّ الشمس لم تطلع».

قارئ المتن: قال: يعني أنّ الوقت هو النهار الحقيقي، غير أنّ الشمس لم تطلع وهذا غاية كون الأكل وقع في النهار الحقيقي، وهذا غاية كون الأكل وقع في النهار الحقيقي.

تنبيه: نقل الحافظ أبو الحجاج المزي رحمه الله تعالى في [تحفة الأشراف] بعد أنْ أورد الحديث ما نصه قال: يعني النسائي، لا نعلم أحدًا رفعه غير عاصم، فإنْ كان رفعه صحيحًا فمعناه أنه قرب النهار، كقوله عزَّ وجلَّ: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [الطلاق: 2]، معناه إذا قاربن البلوغ، وكقول القائل: بلغنا المنزل إذا قاربه، انتهى.

شرح الشيخ: ومثل ما مر في الحديث يوم القيامة، في حديث يوم القيامة عن قرب يوم القيامة، يطلق على فالمراد قرب يوم القيامة «يحشر الناس على (01:36:24) يوم القيامة» يعني: قرب يوم القيامة، وهو في آخر الدنيا.

قارئ المتن: قال الجامع عفا الله تعالى عنه: لم أرَ هذا الكلام للمصنف لا في [المجتبى] ولا في [الكبرى]، ولعله لاختلاف النسخ فالله تعالى أعلم، ثم إنه يبعد هذا التأويل تأكيد حذيفة رضي الله عنه بقوله: «إلا أن الشمس لم تطلع»، فإنه ظاهرٌ في كون المراد حقيقة النهار لا مجازه، فتنبه.

وقال السندي رحمه الله تعالى: الظاهر أنّ المراد هو النهار الشرعي، والمراد بالشمس الفجر، والمراد أنه في قرب طلوع الفجر حيث يُقال: إنه النهار، نعم ما كان الفجر طالعًا، انتهى.

وزاد في شرحه على ابن ماجه، وقيل الحديث منسوخٌ، وهو مشكلٌ بأنّ الصوم قد نُسخ فيه التشديد إلى التخفيف دون العكس.

قال الجامع عفا الله عنه: تأويل السندي قريبٌ من التأويل المذكور عن النسائي، وفيه ما تقدَّم فيما ذُكر عن النسائي وهو أنه غير صحيح؛ لأنّ قول حذيفة.

قال النسائي كما نقله المزي: لا نعلم أحدًا رفعه غير عاصم، فإنْ كان رفعه صحيحًا فمعناه أنه قرب النهار، كقوله عزَّ وجلَّ: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [الطلاق: 2]، معناه إذا قاربن البلوغ، وكقول القائل: بلغنا المنزل إذا قاربه، انتهى.

شرح الشيخ: هذا التأويل جيد يُعطى قرب الشيء يُعطى حكمه مثل البلوغ ما قارب البلوغ يُعطى حكم البالغ، يعني المراهق يُعطى حكم البالغ لقربه من البلوغ، هذا أيضًا إنْ صح كأنه في شك في رفعه يقول، إنْ صح رفعه فهو محمل على قرب النهار، صحيح الفجر قريب من النهار.

قارئ المتن: قال أحسن الله عملك في المسائل:

المسألة الأولى: في درجة حديث حذيفة رضي الله عنه هذا مرفوعًا ضعيف، لتفرد عاصمٍ به ومخالفته، وهو ممن لا يُحتمل مخالفته، فإنه وإن كان إمامًا في القراءة، إلا أنه سيء الحفظ، ولذلك لم يخرج له الشيخان إلا مقرونًا.

شرح الشيخ: عاصم بن أبي النجود.

قارئ المتن: فتفرده برفع هذا الحديث، ومخالفته لعدي بن ثابتٍ وهو أوثق منه يدل على وهمه، ويدل على رجحان رواية عديٍ على روايته رواية صلة بن زفر للحديث موقوفًا أيضًا.

والحاصل أنّ هذا الحديث لا يصح مرفوعًا، وإنما هو من فعل حذيفة رضي الله عنه، فلا يكون حديثه معارضًا للأدلة الصريحة الصحيحة على أنّ طلوع الفجر وتبينه يمنع من الأكل والشرب ونحوهما، وعلى تقدير صحته يُحتمل أنْ يكون قبل هذه النصوص كما تقدّم عن الطحاوي رحمه الله تعالى.

مداخلة: (يُحتمل أنْ يكون قبل هذه النصوص).

الشيخ: يعني اسم منسوخ، على كل حال يحتمل أنه المراد قرب النهار من تأويل النسائي جيد، يعني نقول الحديث تفرد به عاصم وهو ضعيف، ولو صح يحمل على أنه المراد قرب النهار، قرب الفجر، قال: هو النهار يعني قرب النهار، والفجر قريب من النهار، مثل ما في الحديث الأول يوم القيامة، يعني قرب يوم القيامة في الحشر.

مثل ما يُعطى المراهق حكم البلوغ لقربه منه، في كثير من الأحكام ما قرب الشيء يُعطى حكمه، هذا لو صح معناه، وتأويل السندي له وجه لكن تأويل المصنِّف أولى من تأويل السندي.

والحديث الذي قبله (قال أبو عبد الرحمن: «حديث يحيى بن سعيد هذا إسناده حسنٌ، وهو منكر وأخاف أن يكون الغلط من محمد بن فضيل»)، كيف يُقال سعيد بن الحسن وهو منكر.

قارئ المتن: قال أبو عبد الرحمن النسائي رَحِمَهُ الله: حديث يحيى بن سعيدٍ هذا إسناده حسن، أي لكون رجاله ثقات، وهو منكر الظاهر أن سبب النكارة كونه من رواية أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ لأن المعروف أنه من رواية عطاءٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه والله تعالى أعلم.

وأخاف أن يكون الغلط من محمد بن فضيل بن غزوان، حيث جعله عن يحيى بن سعيد، عن أبي سلمة، فخالف غيرهم من الثقات، فإن منصور بن أبي الأسود ويزيد بن هارون جعلاه عن عبد الملك، عن عطاء، عن أبي هريرة ويحيى القطان والثوري جعلاه عن ابن أبي ليلى، عن عطاء.

والحديث وإن تكلم في سنده المصنِّف، صحيحٌ بما سبق والله تعالى أعلم.

قارئ المتن: ذكر الاختلاف على سليمان بن مهران في حديث عائشة في تأخير السحور واختلاف ألفاظهم.

أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا خالدٌ، قال: حدثنا شعبة، عن سليمان، عن خيثمة، عن أبي عطية، قال: قلت لعائشة: فينا رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحدهما يعجل الإفطار ويؤخر السحور، والآخر يؤخر الإفطار ويعجل السحور، قالت: «أيهما الذي يعجل الإفطار ويؤخر السحور؟»، قلت: عبد الله بن مسعودٍ، قالت: «هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع».

أخبرنا محمد بن بشارٍ، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن خيثمة، عن أبي عطية، قال: قلت لعائشة: فينا رجلان أحدهما يعجل الإفطار ويؤخر السحور، والآخر يؤخر الفطر ويعجل السحور، قالت: «أيهما الذي يعجل الإفطار ويؤخر السحور؟» قلت: عبد الله بن مسعودٍ، قالت: «هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع».

أخبرنا أحمد بن سليمان، قال: حدثنا حسينٌ، عن زائدة، عن الأعمش، عن عمارة، عن أبي عطية، قال: دخلت أنا ومسروقٌ على عائشة، فقال لها مسروقٌ: رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاهما لا يألو عن الخير، أحدهما يؤخر الصلاة والفطر، والآخر يعجل الصلاة والفطر، قالت عائشة: «أيهما الذي يعجل الصلاة والفطر؟» قال مسروقٌ: عبد الله بن مسعود، فقالت عائشة: «هكذا كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم».

 أخبرنا هناد بن السري، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن عمارة، عن أبي عطية، قال: دخلت أنا ومسروقٌ على عائشة، فقلنا لها: يا أم المؤمنين، رجلان من أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم، أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة، والآخر يؤخر الإفطار ويؤخر الصلاة، فقالت: «أيهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة؟» قلنا: عبد الله بن مسعود، قالت: «هكذا كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم»، والآخر أبو موسى رضي الله عنهما.

شرح الشيخ: السُنَّة تعجيل الفطر وتعجيل الصلاة إذا تحقق غروب الشمس، لا بد أنْ يتحقق إذا تحقق فالسُنَّة المبادرة.

 

 

قارئ المتن: فضل السحور.

أخبرنا إسحق بن منصورٍ، قال: أنبأنا عبد الرحمن، قال: حدثنا شعبة، عن عبد الحميد، صاحب الزيادي، قال: سمعت عبد الله بن الحارث، يُحدِّث عن رجلٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتسحر، فقال: «إنها بركةٌ أعطاكم الله إياها فلا تدعوه».

دعوة السحور.

أخبرنا شعيب بن يوسف بصري، قال: حدثنا عبد الرحمن، عن معاوية بن صالحٍ، عن يونس بن سيفٍ، عن الحارث بن زياد، عن أبي رهمٍ، عن العرباض بن سارية، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يدعو إلى السحور في شهر رمضان، وقال: «هلموا إلى الغداء المبارك».

تسمية السحور غداء.

 أخبرنا سويد بن نصرٍ، قال: أنبأنا عبد الله، عن بقية بن الوليد، قال: أخبرني بحير بن سعدٍ، عن خالد بن معدان، عن المقدام بن معد يكرب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بغداء السحور فإنه هو الغداء المبارك».

أخبرنا عمرو بن عليٍ، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن ثورٍ، عن خالد بن معدان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل: «هلم إلى الغداء المبارك» يعني: السحور.

فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب.

أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، عن موسى بن عليٍ، عن أبيه، عن أبي قيسٍ، عن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور».

السحور بالسويق والتمر

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا معمرٌ، عن قتادة، عن أنسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك عند السحور: «يا أنس إني أريد الصيام، أطعمني شيئًا»، فأتيته بتمرٍ وإناءٍ فيه ماء، وذلك بعد ما أذن بلال، فقال: «يا أنس، انظر رجلًا يأكل معي»، فدعوت زيد بن ثابتٍ، فجاء، فقال: إني قد شربت شربة سويقٌ وأنا أريد الصيام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وأنا أريد الصيام»، فتسحر معه، ثم قام فصلى ركعتين، ثم خرج إلى الصلاة.

شرح الشيخ: يعني بعد طلوع الفجر وأذان ابن أم مكتوم الظاهر هنا، وفيه أنه قال: «فأتيته بتمرٍ بعد ما أذن بلال»، إذًا بلال يؤذن بالليل، فيه تأخير السحور بعد أذان بلال وهو أذن قبل الفجر بقليل، فيه استحباب دعوة الإنسان لمن يشاركه في طعامه وسحوره أو فطوره، ولهذا قال: «يا أنس، انظر رجلًا يأكل معي»، فيه استحباب للسحور؛ لأمور منها: ما فيه من البركة، ومن التقوي على الصوم، ومن مخالفة أهل الكتاب.

 حيث جعل هذا الحديث هو الفارق بين صيامنا وصيام أهل الكتاب، وقال بعضهم: أيضًا يتضمن أنّ الاستيقاظ والدعاء في السحر فيحصل بذلك اتباع السُنَّة، ومخالفة أهل الكتاب والتقوي على العبادة، والزيادة في النشاط.

قال السندي: "والتسبب بالصدقة على مَن يسأل إذ ذاك، ويجتمع معه على الأكل، والسبب والذكر والدعاء وقت مظنة الإجابة"، قال: "وتدارك نية الصوم"، هذه من الفوائد، "وتدارك نية الصوم لمن أغفلها قبل أنْ ينام". 

قارئ المتن: تأويل قول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]

أخبرني هلال بن العلاء بن هلال، قال: حدثنا حسين بن عياشٍ، قال: حدثنا زهيرٌ، قال: حدثنا أبو إسحاق، عن البراء بن عازبٍ: «أن أحدهم كان إذا نام قبل أن يتعشى لم يحل له أن يأكل شيئًا ولا يشرب ليلته ويومه، من الغد حتى تغرب الشمس، حتى نزلت هذه الآية: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} [البقرة: 187] إلى {الْخَيْطِ الأَسْوَدِ} [البقرة: 187]، قال: ونزلت في أبي قيس بن عمروٍ، أتى أهله وهو صائمٌ بعد المغرب، فقال: هل من شيءٍ؟ فقالت امرأته: ما عندنا شيءٌ ولكن أخرج ألتمس لك عشاءً، فخرجت ووضع رأسه فنام، فرجعت إليه فوجدته نائمًا وأيقظته، فلم يطعم شيئًا وبات وأصبح صائمًا حتى انتصف النهار فغشي عليه، وذلك قبل أن تنزل هذه الآية فأنزل الله فيه».

أخبرنا علي بن حجرٍ، قال: حدثنا جريرٌ، عن مطرفٍ، عن الشعبي، عن عدي بن حاتمٍ، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ} [البقرة: 187]، قال: «هو سواد الليل وبياض النهار».

كيف الفجر.

أخبرنا عمرو بن عليٍ، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا التيمي، عن أبي عثمان، عن ابن مسعودٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن بلالًا يؤذن بليلٍ لينبه نائمكم ويرجع قائمكم، وليس الفجر أن يقول: هكذا - وأشار بكفه-، ولكن الفجر أن يقول: هكذا -وأشار بالسبابتين-».

أخبرنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا شعبة، قال: أنبأنا سوادة بن حنظلة، قال: سمعت سمرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يغرنكم أذان بلالٍ، ولا هذا البياض حتى ينفجر الفجر هكذا وهكذا -يعني معترضًا-» قال أبو داود: «وبسط بيديه يمينًا وشمالًا مادًا يديه».

شرح الشيخ: يعني هذا في بيان الفجر، قوله: «أشار بكفه» يعني: خطًا واحدًا وهو الفجر الكاذب، خطًا واحدًا يكون في كبد السماء ثم يظلم، وأما الفجر فينتشر هكذا يمينًا وشمالًا في المشرق وهو الفجر الصادق، ولهذا قال: «بسط يديه يمينًا وشمالًا»، قال: «وأشار بالسبابتين» هكذا هكذا، أما هذا يكون خط واحد فجر كاذب.

وفيه بيان الفجر قوله: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]، فأشكل هذا على عدي بن حاتم وجماعة، فكانوا يضعون خيطًا أبيض وأسود، ثم نزل قوله تعالى: {مِنَ الْفَجْرِ}، فعلموا أنّ المراد بياض النهار وسواد الليل.

قارئ المتن: التقدم قبل شهر رمضان.

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا الوليد، عن الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تقدموا قبل الشهر بصيامٍ، إلا رجلٌ كان يصوم صيامًا أتى ذلك اليوم على صيامه».

شرح الشيخ: كما يصوم الاثنين والخميس ووافق ذلك آخر الشهر، أو كان يصوم يومًا ويفطر يومًا فوافق ذلك آخر الشهر، أو وافق يوم نذره فهذا لا بأس؛ لأنه ما صامه من أجل الاحتياط بينما صام من أجل عادته.

قارئ المتن: ذكر الاختلاف على يحيى بن أبي كثيرٍ ومحمد بن عمروٍ على أبي سلمة فيه.

أخبرني عمران بن يزيد بن خالدٍ، قال: حدثنا محمد بن شعيبٍ، قال: أنبأنا الأوزاعي، عن يحيى، قال: حدثني أبو سلمة، قال: أخبرني أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يتقدمن أحدٌ الشهر بيومٍ ولا يومين، إلا أحدٌ كان يصوم صيامًا قبله فليصمه».

أخبرنا محمد بن العلاء، قال: حدثنا أبو خالدٍ، عن محمد بن عمروٍ، عن أبي سلمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تتقدموا الشهر بصيام يومٍ أو يومين إلا أن يوافق ذلك صومًا كان يصومه أحدكم»، قال أبو عبد الرحمن: «هذا خطأ».

شرح الشيخ: يعني خطأ رواية الحديث عن أبي سلمة عن ابن عباس، فالصواب هذه رواية أبي سلمة عن أبي هريرة، من جهة السند والحديث ثابت.

قارئ المتن: ذكر حديث أبي سلمة في ذلك.

أخبرنا شعيب بن يوسف، ومحمد بن بشارٍ، واللفظ له، قالا: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن منصورٍ، عن سالمٍ، عن أبي سلمة، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا أنه كان يصل شعبان برمضان».

الاختلاف على محمد بن إبراهيم فيه.

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا النضر، قال: أنبأنا شعبة، عن توبة العنبري، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصل شعبان برمضان».

أخبرنا الربيع بن سليمان، قال: حدثنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني أسامة بن زيد، أن محمد بن إبراهيم، حدثه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أنه سأل عائشة رضي الله عنها عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وكان يصوم شعبان أو عامة شعبان».

 أخبرنا أحمد بن سعد بن الحكم، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا نافع بن يزيد، أن ابن الهادِ، حدثه أن محمد بن إبراهيم، حدثه عن أبي سلمة يعني ابن عبد الرحمن، عن عائشة رضي الله عنها قالت: لقد كانت إحدانا تفطر في رمضان فما تقدر على أن تقضي حتى يدخل شعبان، «وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم في شهرٍ ما يصوم في شعبان، كان يصومه كله إلا قليلًا بل كان يصومه كله».

شرح الشيخ: المؤلف رحمه الله يسوق سياق النسائي لطرق الحديث على طريقة الإمام مسلم في سياق ألفاظ الحديث وطرقه، هو على طريق البخاري في تنويع التراجم وتعدادها رحمه الله، معنى «وكان يصوم شعبان» يعني: يصوم غالبه في الغالب، كان يصل شعبان مَن صام غالب الشهر كأنما صام الشهر.

قارئ المتن: ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر عائشة رضي الله عنها فيه.

أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد، قال: حدثنا سفيان، عن عبد الله بن أبي لبيدٍ، عن أبي سلمة، قال: سألت عائشة رضي الله عنها، فقلت: أخبريني عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: «كان يصوم حتى نقول قد صام، ويفطر حتى نقول قد أفطر، ولم يكن يصوم شهرًا أكثر من شعبان كان يصوم شعبان إلا قليلًا، كان يصوم شعبان كله».

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا معاذ بن هشامٍ، قال: حدثني أبي، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهرٍ من السنة أكثر صيامًا منه في شعبان، كان يصوم شعبان كله».

أخبرنا أحمد بن سليمان، قال: حدثنا أبو داود، عن سفيان، عن منصورٍ، عن خالد بن سعدٍ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان».

 أخبرنا هارون بن إسحاق، عن عبدة، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشامٍ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «لا أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة، ولا قام ليلةً حتى الصباح، ولا صام شهرًا كاملًا قط غير رمضان».

شرح الشيخ: لعلها نسيت قولها: «كان يصوم شعبان كله»، قال هنا: قالت: «ما صام شهرًا كاملًا»، كما نسيت حين قالت: «كان لا يصلي الضحى إلا أنْ يجيء من مغيبه»، ونسيت قولها: «كان يصلي أربعًا ويزيد ما شاء الله»، واُختلف في معنى إذ كون النبي يصوم شعبان؛ لأنه جاء في حديث أنه شهرٌ يغفل الناس فيه بين رجب ورمضان؛ وقيل: لأنه كان يصوم الثلاثة أيام التي تفوت من الأشهر، وقيل غير ذلك، وقيل: إنه مقدمة يكون في رمضان.

قارئ المتن: أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي يوسف الصيدلاني حرانيٌ، قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن هشام، عن ابن سيرين، عن عبد الله بن شقيقٍ، عن عائشة رضي الله عنها قال: سألتها عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول قد صام، ويفطر حتى نقول قد أفطر، ولم يصم شهرًا تامًا منذ أتى المدينة إلا أن يكون رمضان».

 أخبرنا إسماعيل بن مسعودٍ، قال: أنبأنا خالدٌ وهو ابن الحارث، عن كهمسٍ، عن عبد الله بن شقيق، قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الضحى؟ قالت: «لا، إلا أن يجيء من مغيبه»، قلت: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرًا كله؟ قالت: «لا، ما علمت صام شهرًا كله إلا رمضان، ولا أفطر حتى يصوم منه حتى مضى لسبيله».

أخبرنا أبو الأشعث، عن يزيد وهو ابن زريعٍ، قال: حدثنا الجريري، عن عبد الله بن شقيق، قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الضحى؟ قالت: «لا، إلا أن يجيء من مغيبه»، قلت: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم له صومٌ معلوم سوى رمضان؟ قالت: «والله إن صام شهرًا معلومًا سوى رمضان حتى مضى لوجهه ولا أفطر حتى يصوم منه».

شرح الشيخ: «والله إن صام» يعني: ما النفي بمعنى ما، يعني ما صام شهرًا معلومًا نسيت قولها كما أنها أخبرت أنّ النبي يصلي الضحى أربعًا ويزيد ما شاء الله.

قارئ المتن: ذكر الاختلاف على خالد بن معدان في هذا الحديث.

أخبرني عمرو بن عثمان، عن بقية، قال: حدثنا بحيرٌ، عن خالدٍ، عن جبير بن نفيرٍ، أن رجلًا سأل عائش رضي الله عنها، عن الصيام، فقالت: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله، ويتحرى صيام الاثنين والخميس».

أخبرنا عمرو بن عليٍ، قال: حدثنا عبد الله بن داود، قال: حدثنا ثورٌ، عن خالد بن معدان، عن ربيعة الجرشي، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان ورمضان ويتحرى الاثنين والخميس».

صيام يوم الشك.

أخبرنا عبد الله بن سعيد الأشج، عن أبي خالدٍ، عن عمرو بن قيسٍ، عن أبي إسحاق، عن صلة، قال: كنا عند عمار رضي الله عنه فأتي بشاةٍ مصليةٍ، فقال: كلوا، فتنحى بعض القوم، قال: إني صائمٌ، فقال عمارٌ: «مَن صام اليوم الذي يُشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم».

أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا ابن أبي عديٍ، عن أبي يونس، عن سماكٍ، قال: دخلت على عكرمة في يومٍ قد أشكل من رمضان هو أم من شعبان، وهو يأكل خبزًا وبقلًا ولبنًا، فقال لي: هلم، فقلت: إني صائم، قال وحلف بالله: لتفطرن، قلت: سبحان الله مرتين، فلما رأيته يحلف لا يستثني تقدمت قلت: هات الآن ما عندك، قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن حال بينكم وبينه سحابةٌ أو ظلمةٌ، فأكملوا العدة عدة شعبان، ولا تستقبلوا الشهر استقبالًا، ولا تصلوا رمضان بيومٍ من شعبان».

شرح الشيخ: والظاهر أنه لا يجوز صوم يوم الشك، هذا يدل على تحريم صوم يوم الشك، وهو الذي يُشك فيه اليوم الذي يُشك فيه أهو من شعبان أو من رمضان.

قارئ المتن: التسهيل في صيام يوم الشك.

أخبرنا عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعدٍ، قال: أخبرني أبي، عن جدي، قال: أخبرني شعيب بن إسحاق، عن الأوزاعي، وابن أبي عروبة، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه كان يقول: «ألا لا تقدموا الشهر بيومٍ أو اثنين، إلا رجلٌ كان يصوم صيامًا فليصمه».

شرح الشيخ: ترجمة المؤلف التسهيل في صيام يوم الشك، هذا تسهيل فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «ألا لا تقدموا الشهر بيومٍ أو اثنين، إلا رجلٌ كان يصوم صيامًا فليصمه»، هذا صامه على أنه عادة لا أنه من رمضان، إلا أنْ يُقال التسهيل يعني التسهيل في صومه لما كان له عادة، لكن قال: التسهيل في صيام يوم الشك، الذي له عادة ما صام على أنه يوم الشك، صام من أجل عادته، فالترجمة فيها نظر، تكلم على الترجمة عن الشيخ الأثيوبي التسهيل الحديث فيه.

مداخلة: (02:00:55).

الشيخ: استثنى، لكن ما صام من يوم الشك، لكن.

مداخلة: فوافق ذلك اليوم يوم الشك.

الشيخ: هذا نص الحديث «إلا رجلٌ كان يصوم صيامًا فليصمه»، يعني وافق يوم الشك صورةً، ثمة عبر بالتسهيل يعني مسامحة من المؤلف.

قارئ المتن: ثواب مَن قام رمضان وصامه إيمانًا واحتسابًا والاختلاف على الزهري في الخبر في ذلك.

  أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن شعيبٍ، عن الليث، قال: أنبأنا خالدٌ، عن ابن أبي هلالٍ، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه».

شرح الشيخ: هذا مرسل لكنه سيأتي طبعًا الحديث مرفوع.

قارئ المتن: أخبرنا محمد بن جبلة، قال: حدثنا المعافى، قال: حدثنا موسى، عن إسحاق بن راشد، عن الزهري، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرِّغب الناس في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة أمرٍ فيه، فيقول: «مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه».

 أخبرنا زكريا بن يحيى، قال: أنبأنا إسحاق، قال: أنبأنا عبد الله بن الحارث، عن يونس الأيلي، عن الزهري، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في جوف الليل يصلي في المسجد، فصلى بالناس -وساق الحديث، وفيه قالت- فكان يرغبهم في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة، ويقول: «مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» قال: فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك.

أخبرنا الربيع بن سليمان، قال: حدثنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في رمضان: «مَن قامه إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه».

أخبرني محمد بن خالدٍ، قال: حدثنا بشر بن شعيبٍ، عن أبيه، عن الزهري، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن عائشة رضي الله عنها، أخبرته أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من جوف الليل، فصلى في المسجد -وساق الحديث، وقال فيه- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغبهم في قيام رمضان من غير أنْ يأمرهم بعزيمة أمٍر فيه، فيقول: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه».

أخبرنا محمد بن خالدٍ، قال: حدثنا بشر بن شعيبٍ، عن أبيه، عن الزهري، قال: حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن، أنّ أبا هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لرمضان من قامه إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه».

أخبرنا أبو داود، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا أبي، عن صالحٍ، عن ابن شهاب، أنّ أبا سلمة، أخبره أنّ أبا هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه»

أخبرنا نوح بن حبيبٍ، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا معمرٌ، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغّب في قيام رمضان من غير أنْ يأمرهم بعزيمة، قال: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه».

أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن ابن شهابٍ، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه سلم قال: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه».

أخبرنا محمد بن سلمة، قال: حدثنا ابن القاسم، عن مالكٍ، قال: حدثني ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه».

أخبرني محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، قال: حدثنا جويرية، عن مالكٍ، قال الزهري: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، وحميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه»

أخبرنا قتيبة، ومحمد بن عبد الله بن يزيد، قالا: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان -وفي حديث قتيبة: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قام شهر رمضان- إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه».

أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه».

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه».

أخبرنا علي بن المنذر، قال: حدثنا ابن فضيلٍ، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه».

شرح الشيخ: نعم وهو ساق هذا الحديث من طرق متعددة لبيان أنّ هذا الثواب مشروطٌ بهذا الشرط الثقيل على من لم يُوفق، وبيان أنّ هذا الثواب لا يحصل لمن صام للعادة أو للصحة أو للرياء، بل للإيمان والاحتساب لا لموافقة الناس أو غيره، يعني عن إيمانه بالله ورسوله وإيمان بفرضيته والاعتقاد لذلك واحتساب الأجر والثواب، لا عن رياء ولا عن تقليد ولا عن متابعةٍ للناس.

قارئ المتن: ذكر اختلاف يحيى بن أبي كثيرٍ والنضر بن شيبان فيه.

أخبرني محمد بن عبد الأعلى، ومحمد بن هشامٍ، وأبو الأشعث، واللفظ له، قالوا: حدثنا خالدٌ، قال: حدثنا هشام، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: حدثني أبو هريرة رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه».

أخبرني محمود بن خالدٍ، عن مروان، قال: أنبأنا معاوية بن سلام، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قام شهر رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه».

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا الفضل بن دكينٍ، قال: حدثنا نصر بن عليٍ، قال: حدثني النضر بن شيبان، -أنه لقي أبا سلمة بن عبد الرحمن، فقال له: حدثني بأفضل شيءٍ سمعته يذكر في شهر رمضان-، فقال أبو سلمة: حدثني عبد الرحمن بن عوف، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر شهر رمضان ففضله على الشهور، وقال: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه»، قال أبو عبد الرحمن: «هذا خطأ والصواب أبو سلمة، عن أبي هريرة».

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا النضر بن شميل، قال: أنبأنا القاسم بن الفضل، قال: حدثنا النضر بن شيبان، عن أبي سلمة، فذكر مثله، وقال: «من صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا».

أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا أبو هشام، قال: حدثنا القاسم بن الفضل، قال: حدثنا النضر بن شيبان، قال: -قلت لأبي سلمة بن عبد الرحمن، حدثني بشيء سمعته من أبيك، سمعه أبوك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس بين أبيك وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدٌ في شهر رمضان قال: نعم- حدثني أبي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله تبارك وتعالى فرض صيام رمضان عليكم وسننت لكم قيامه، فمن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه».

شرح الشيخ: مقبول لكن الحديث ثابت، أبو سلمة وأبو عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.

قارئ المتن: فضل الصيام والاختلاف على أبي إسحاق في حديث علي بن أبي طالبٍ في ذلك.

أخبرني هلال بن العلاء، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبيد الله، عن زيدٍ، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن الحارث، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تبارك وتعالى، يقول: الصوم لي وأنا أجزي به، وللصائم فرحتان: حين يفطر، وحين يلقى ربه، والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك».

أخبرنا محمد بن بشارٍ، قال: حدثنا محمدٌ، قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، قال: عبد الله: «قال الله عز وجل: الصوم لي وأنا أجزي به، وللصائم فرحتان: فرحةٌ حين يلقى ربه، وفرحةٌ عند إفطاره، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك».

شرح الشيخ: وهذا حديث قدسي من كلام الله عز وجل نسبه أضافه النبي إلى ربه، فإن الله تبارك وتعالى تبارك وصف الله خاصٌ به، تبارك من البركة، بركة هي فعله سبحانه وتعالى وهو الصوم، يقول: «الصوم لي وأنا أجزي به»، فأسأل تعالى من بين سائر الشهور ومن بين سائر الأعمال، والأعمال كلها لله، العبادة كلها لله، لكن لما كان الصوم عبادته السرية أضافه الله إليه.

«وأنا أجزي به» يعني: بغير حد لأنه من الصبر، {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]، «وللصائم فرحتان»: فرحةٌ حين يفطر بإكمال اليوم وأداء الواجب، وكذلك بما أباح الله له من الإفطار ولينتقل من عبادة إلى عبادة، والثاني: إذا «لقي ربه وجد» وجد شرابه مُوفرًا فرح بذلك.

وخلوف فم الصائم يعني: الرائحة التي تنبعث من المعدة هذه مستكرهة في مشام الناس في الدنيا، ولكنها عند الله أطيب من ريح المسك لأنها ناشئة عن عبادته.

قارئ المتن: ذكر الاختلاف على أبي صالحٍ في هذا الحديث.

أخبرنا علي بن حربٍ، قال: حدثنا محمد بن فضيلٍ، قال: حدثنا أبو سنانٍ ضرار بن مرة، عن أبي صالحٍ، عن أبي سعيدٍ، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله تبارك وتعالى، يقول: الصوم لي وأنا أجزي به، وللصائم فرحتان: إذا أفطر فرح، وإذا لقي الله فجزاه فرح، والذي نفس محمدٌ بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك».

أخبرنا سليمان بن داودٍ، عن ابن وهب، قال: أخبرني عمروٌ، أن المنذر بن عبيدٍ، حدثه عن أبي صالحٍ السمان، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصيام لي وأنا أجزي به، والصائم يفرح مرتين: عند فطره، ويوم يلقى الله، وخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك».

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا جريرٌ، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من حسنة عملها ابن آدم إلا كُتب له عشر حسنات إلى سبع مائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصيام فإنه لي، وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي، الصيام جُنَّة، للصائم فرحتان: فرحةٌ عند فطره، وفرحةٌ عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك».

أخبرني إبراهيم بن الحسن، عن حجاجٍ، قال: قال ابن جريجٍ: أخبرني عطاء، عن أبي صالحٍ الزيات، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل عمل ابن آدم له إلا الصيام هو لي، وأنا أجزي به، والصيام جنةٌ، إذا كان يوم صيام أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن شاتمه أحدٌ أو قاتله، فليقل: إني صائم، والذي نفس محمدٌ بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه عز وجل فرح بصومه».

أخبرنا محمد بن حاتمٍ، قال: أنبأنا سويدٌ، قال: أنبأنا عبد الله عن ابن جريجٍ قراءةً عليه، عن عطاء بن أبي رباحٍ، قال: أخبرني عطاءٌ الزيات وأنه سمع.

شرح الشيخ: عن عطاء عن أبي صالح، مثلما سبق في الإسناد عن عطاء.

مداخلة: عن عطاءٍ بن أبي رباح عن أبي صالح الزيات.

الشيخ: مثل السند السابق، السند السابق: أخبرني عطاء عن أبي صالح الزيات.

مداخلة: قوله: عن عطاءٍ الزيات هكذا في رواية ابن المبارك في المجتبى والكبرى، عطاء الزيات والصواب أبو صالح الزيات وهو المذكور في السند الماضي.

الشيخ: قال: أخبرني أبو صالح ولا عطاء عن أبي صالح؟

مداخلة: عطاء بن أبي رباح، عن عطاءٍ الزيات عن أبي صالح.

الشيخ: نعم، عن أبي صالح، عن عطاء عن أبي صالح مثل السند السابق.

قارئ المتن: عن أبي صالحٍ الزيات، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام هو لي وأنا أجزي به، الصيام جُنَّةٌ، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، فإن شاتمه أحدق أو قاتله، فليقل: إني امرؤٌ صائم، والذي نفس محمد بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك» فقد رُوي هذا الحديث عن أبي هريرة، وسعيد بن المسيب.

أخبرنا الربيع بن سليمان، قال: حدثنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: حدثني سعيد بن المسيب، أنّ أبا هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام هو لي، وأنا أجزي به، والذي نفس محمد بيده، لخلفة فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك».

أخبرنا أحمد بن عيسى، قال: حدثنا ابن وهب، عن عمروٍ، عن بكيرٍ، عن سعيدٍ بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل حسنةٍ يعملها ابن آدم فله عشر أمثالها، إلا الصيام لي وأنا أجزي به».

شرح الشيخ: قوله: «الصيام جُنَّة» يعني: وقاية وستر، وإنْ شاتمه أحد فليقل: إني صائم، يعني: قيل يقول ذلك في نفسه، وقيل يقولها أيضًا صراحةً، يعني يبين له أنه ليس عجزًا عن الرد ولكنه صائم، صومه منعه من مقابلته بالمثل، قال: بعضهم يقوله في نفسه، قال: وله أنْ يقوله أيضًا بلسانه.

قارئ المتن: ذكر الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب في حديث أبي أمامة، في فضل الصائم.

أخبرنا عمرو بن عليٍ، عن عبد الرحمن، قال: حدثنا مهدي بن ميمون، قال: أخبرني محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، قال: أخبرني رجاء بن حيوة، عن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: مرني بأمر آخذه عنك، قال: «عليك بالصوم فإنه لا مثل له».

أخبرنا الربيع بن سليمان، قال: أنبأنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني جرير بن حازمٍ، أنّ محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب الضبي، حدثه عن رجاء بن حيوة، قال: حدثنا أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله مرني بأمرٍ ينفعني الله به، قال: «عليك بالصيام فإنه لا مثل له».

أخبرني عبد الله بن محمدٍ الضعيف، شيخٌ صالح، والضعيف لقبٌ لكثرة عبادته، قال: أخبرنا يعقوب الحضرمي، قال: حدثنا شعبة، عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، عن أبي نصرٍ، عن رجاء بن حيوة، عن أبي أمامة رضي الله عنه، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: «عليك بالصوم فإنه لا عدل له».

أخبرنا يحيى بن محمد هو ابن السكن أبو عبيد الله، قال: حدثنا يحيى بن كثير، قال: حدثنا شعبة، عن محمد بن أبي يعقوب الضبي، عن أبي نصرٍ الهلالي، عن رجاء بن حيوة، عن أبي أمامة، قال: قلت: يا رسول الله، مرني بعملٍ، قال: «عليك بالصوم فإنه لا عدل له»، قلت: يا رسول الله مرني بعملٍ، قال: «عليك بالصوم فإنه لا عدل له».

أخبرنا محمد بن إسماعيل بن سمرة، قال: حدثنا المحاربي، عن فطرٍ، أخبرني حبيب بن أبي ثابت، عن الحكم بن عتيبة، عن ميمون بن أبي شبيبٍ، عن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصوم جُنَّة».

أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا يحيى بن حمادٍ، قال: حدثنا أبو عوانة، عن سليمان، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، والحكم، عن ميمون بن أبي شبيب، عن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصوم جُنَّة».

أخبرنا محمد بن المثنى، ومحمدٌ بن بشار، قالا: حدثنا محمدٌ، قال: حدثنا شعبة، عن الحكم، قال: سمعت عروة بن النزال، يحدث عن معاذٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصوم جنة».

أخبرني إبراهيم بن الحسن، عن حجاجٍ، عن شعبة قال: قال لي الحكم: سمعته منه منذ أربعين سنة، ثم قال الحكم: وحدثني به ميمون بن أبي شبيب بن معاذ بن جبل.

أخبرنا إبراهيم بن الحسن، عن حجاج، قال: ابن جريجٍ، أخبرني عطاءٌ، عن أبي صالحٍ الزيات، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصيام جُنَّة».

وأخبرنا محمد بن حاتمٍ، أنبأنا سويد، قال: أنبأنا عبد الله، عن ابن جريج، قراءةً عن عطاءٍ، قال: أنبأنا أبو صالحٍ الزيات، وأنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصيام جُنَّة».

شرح الشيخ: يعني: وقاية وستر.

قارئ المتن: أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيبٍ، عن سعيد بن أبي هندٍ، أن مطرفًا، رجلًا من بني عامرٍ بن صعصعة، حدثه أنّ عثمان بن أبي العاص، دعا له بلبنٍ ليسقيه، فقال مطرفٌ: إني صائم، فقال عثمان: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الصيام جُنَّةٌ كجُنَّة أحدكم من القتال».

شرح الشيخ: يعني كما أيضًا القتال يلبس جُبة ويضع على رأسه البيضة تقيه ضرب النبال والصيام كذلك، فالصيام جُنَّة يقي الإنسان من المعاصي.

قارئ المتن: أخبرنا علي بن الحسين، قال: حدثنا ابن أبي عديٍ، عن ابن إسحاق، عن سعيد بن أبي هندٍ، عن مطرفٍ، قال: دخلت على عثمان بن أبي العاص، فدعا بلبنٍ، فقلت: إني صائمٌ، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الصوم جُنَّةٌ من النار كجُنَّة أحدكم من القتال».

 

 

شرح الشيخ: وهذا ابن إسحاق وصاحب السيرة هو ثقة مدلس.

مداخلة: تكرر هنا ابن أبي العاص، عثمان بن أبي العاص.

قارئ المتن: أخبرني زكريا بن يحيى، قال: حدثنا أبو مصعبٍ، عن المغيرة، عن عبد الله بن سعيدٍ بن أبي هند، عن محمد بن إسحاق، عن سعيد بن أبي هندٍ، قال: دخل مطرفٌ على عثمان، نحوه مرسل.

أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربيٍ، قال: حدثنا حمادٌ، قال: حدثنا واصلٌ، عن بشار بن أبي سيف، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن عياض بن غطيف، قال أبو عبيدة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الصوم جنة ما لم يخرقها».

شرح الشيخ: يقول في مسند الدارمي بغيبة، ما لم يخرقها بالغيبة.

قارئ المتن: أخبرنا محمد بن يزيد الآدمي، قال: حدثنا معنٌ، عن خارجة بن سليمان، عن يزيد بن رومان، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الصيام جُنَّةٌ من النار، فمن أصبح صائمًا، فلا يجهل يومئذ، وإن امرؤٌ جهل عليه فلا يشتمه ولا يسبه، وليقل: إني صائم، والذي نفس محمدٍ بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك».

شرح الشيخ: وهي الرائحة المنبعثة من المعدة الخلوف من الطعام.

قارئ المتن: أخبرنا محمد بن حاتمٍ، قال: أنبأنا حبان، قال: أخبرنا عبد الله، عن مسعر، عن الوليد بن أبي مالكٍ، قال: حدثنا أصحابنا، عن أبي عبيدة، قال: «الصيام جُنَّةٌ ما لم يخرقها»

أخبرنا علي بن حجر، قال: أنبأنا سعيد بن عبد الرحمن، عن أبي حازم، عن سهل بن سعدٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «للصائمين بابٌ في الجنة يُقال له الريان، لا يدخل فيه أحدٌ غيرهم، فإذا دخل آخرهم أُغلق، من دخل فيه شرب ومن شرب لم يظمأ أبدًا».

أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا يعقوب، عن أبي حازمٍ، قال: حدثني سهل: «أن في الجنة بابًا يُقال له الريان، يقال يوم القيامة أين الصائمون؟ هل لكم إلى الريان، من دخله لم يظمأ أبدًا، فإذا دخلوا أُغلق عليهم فلم يدخل فيه أحدٌ غيرهم».

أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح، والحارث بن مسكينٍ، قراءةً عليه وأنا أسمع، عن ابن وهبٍ، قال: أخبرني مالكٌ، ويونس، عن ابن شهابٍ، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أنفق زوجين في سبيل الله عز وجل نودي في الجنة يا عبد الله هذا خيرٌ، فمن كان من أهل الصلاة يُدعى من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد يُدعى من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة يُدعى من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الريان»، قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: يا رسول الله، ما على أحدٍ يُدعى من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يُدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم، وأرجو أنْ تكون منهم».

شرح الشيخ: ولهذا كان أبو بكر سباق إلى الخير رضي الله عنه هذا من جميع الأبواب: باب الصدقة، وباب الصيام، باب الجهاد، يعني من مثلًا أسلم ثم مات قبل أنْ يأتي رمضان لا يُدعى من باب الريان يُدعى من الأبواب الأخرى: باب الصلاة، هذا خاص باب الصيام لأهل الصيام.

قوله: «من أنفق زوجين» يعني: الشيئين، مثل الدرهمين، أو درهم وطعام، أو حيوان ومتاع وما أشبه ذلك، صنفين يعني، وهذا فيه فضل عظيم مع الإخلاص.

قارئ المتن: أخبرنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله رضي الله عنه، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شباب لا نقدر على شيء، قال: «يا معشر الشباب، عليكم بالباءة، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء».

أخبرنا بشرٌ بن خالدٍ، قال: حدثنا محمد بن جعفرٍ، عن شعبة، عن سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة: أنّ ابن مسعودٍ رضي الله عنه لقي عثمان بعرفات، فخلا به فحدثه، وأنّ عثمان قال لابن مسعود رضي الله عنهما: هل لك في فتاةٍ أزوجكها؟ فدعا عبد الله علقمة، فحدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فليصم، فإن الصوم له وجاء».

شرح الشيخ: عثمان رضي الله عنه لقي عبد الله بن مسعود من باب المداعبة وهو أمير، قال: (هل لك في فتاةٍ أزوجكها؟)، فلما دعا عبد الله عرف أنه ما عنده نادى علقمة قال: تعال، فحدثه النبي قال: «من استطاع منكم الباءة فليتزوج» يعني: القدرة على الزواج فليتزوج، في حصر الشباب وكذا غير الشباب من احتاج الزواج ينبغي له أنْ يتزوج إنْ استطاع، فإنْ لم يستطع، يعني النبي قال للزواج هنا الزواج «أغض للبصر وأحصن للفرج»، وإنْ لم يستطع فإنه يصوم حتى ييسر الله له القدرة والاستطاعة.

قارئ المتن: أخبرنا هارون بن إسحاق، قال: حدثنا المحاربي، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، والأسود.

شرح الشيخ: الصوم موجع يعني: يخفض الشهوة.

قارئ المتن: عن علقمة، والأسود، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يجد فعليه بالصوم فإنه له وجاء».

أخبرني هلال بن العلاء بن هلالٍ، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن هاشمٍ، عن الأعمش، عن عمارة، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: دخلنا على عبد الله رضي الله عنه ومعنا علقمة والأسود وجماعة، فحدثنا بحديثٍ ما رأيته حدث به القوم إلا من أجلي لأني كنت أحدثهم سنًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج» قال علي: وسُئل الأعمش، عن حديث إبراهيم، فقال: عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله رضي الله عنه، مثله، قال: نعم.

أخبرنا عمرو بن زرارة، قال: أخبرنا إسماعيل، قال: حدثنا يونس، عن أبي معشرٍ، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: كنت مع ابن مسعودٍ رضي الله عنه وهو عند عثمان، فقال عثمان: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على -يعني: فتيةٍ- فقال: «من كان منكم ذا طولٍ فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لا، فالصوم له وجاء».

شرح الشيخ: «ذا طول» يعني: سعي وقدرة من هذه.

قارئ المتن: قال أبو عبد الرحمن: "أبو معشرٍ هذا اسمه زياد بن كليبٍ وهو ثقة، وهو صاحب إبراهيم، روى عنه منصورٌ، ومغيرة، وشعبة، وأبو معشرٍ المدني اسمه نجيح وهو ضعيف، ومع ضعفه أيضًا كان قد اختلط عنده أحاديث مناكير، منها محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما بين المشرق والمغرب قبلة، ومنها هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقطعوا اللحم بالسكين ولكن انهسوا نهسًا».

شرح الشيخ: ابن نجيح هذا بفتح النون، قوله: (ما بين المشرق والمغرب قبلة) يتكلم عليه هنا، (ما بين المشرق والمغرب قبلة) يعني يقول هذا من المناكير، لأن ابن نجيح عنده مناكير، وحديث: «لا تقطعوا اللحم بالسكين».

القارئ: قال: ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى من مناكير أبي معشر حديثين، أحدهما رواه عن محمد بن عمروٍ عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما بين المشرق والمغرب قبلة»، والحديث أخرجه الترمذي رحمه الله تعالى في الجامع فقال: حدثنا محمد بن أبي معشر، قال: حدثنا أبي عن محمد بن عمروٍ عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما بين المشرق والمغرب قبلة»، حدثنا يحيى بن موسى، قال: حدثنا محمدٌ بن أبي معشر مثله.

قال أبو عيسى أحاديث أبي هريرة رضي الله عنه قد رُوي عنه من غير هذا الوجه، وقد تكلم بعض أهل العلم في أبي معشر من قبل حفظه واسمه نجيح مولى بني هاشم، قال محمد: لا أروي عنه شيئًا وقد روى عنه الناس، قال محمد: وحديث عبد الله بن جعفر المخرمي عن عثمان بن محمدٍ الأخنس عن سعيدٍ المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه أقوى من حديث أبي معشرٍ وأصح، انتهى.

الشيخ: من حديثه أقوى؟

مداخلة: لم يذكر هو إسناده فقط.

الشيخ: يعني يرى أنّ الحديث ضعيف: «ما بين المشرق والمغرب قبلة»، وحديث: «لا تقطعوا اللحم بالسكين ولكن انهسوا نهسًا».

مداخلة: قال أبو داود: وليس هو بالقوي، والكلام ما أخرجه أبو داود رحمه الله تعالى في سننه فقال: حدثنا سعيد بن منصورٍ، قال: حدثنا أبو معشر عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تقطعوا اللحم بالسكين فإنه من صنيع الأعاجم، وانهسوه فإنه أهنأ وأمرأ»، قال أبو داود: وليس هو بالقوي، انتهى.

الشيخ: يعني يحتاج للمراجعة «ما بين المشرق والمغرب»، لابن نجيح حديثان يحتاج يعني، وإنْ كان هناك ابن نجيح لكن يحتاج أنْ (02:32:52) الحديثين، «ما بين المشرق والمغرب قبلة»، وحديث: (02:33:02)، وحديث: «لا تقطعوا اللحم بالسكين».

مداخلة: لعله الرواية التي أشار لها ابن محمد يعني البخاري، قال: وحديث عبد الله بن جعفر المخرمي، عثمان بن حمد الأخنسى، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، أقوى من حديث أبي معشر وأصح.

الشيخ: نعم، لكن (02:33:27) المدينة «ما بين المشرق والمغرب»؟

الطالب: قال: ويُعارضه حديث البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم (02:33:40).

الشيخ: هذا لو صح يصل النهي للتنزيل يصل على الأولى، أولى ألا يقطع، لكن قطع اللحم بالسكين للحاجة تحتاج إلى جمع تحتاج جمع للحديثين قطع اللحم بالسكين.

قارئ المتن: باب: ثواب من صام يومًا في سبيل الله.

شرح الشيخ: نقف على هذا، إنْ شاء الله في الأسبوع القادم بحول الله السبت يكون قراءة في النسائي على أساس نكمل كتاب الصيام، نقف على كتاب الزكاة إنْ شاء الله، وفق الله الجميع.

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد