الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
قارئ المتن: وبأسانيدكم رحمكم الله إلى الإمام النسائي رحمه الله:
كتاب الزَّكَاة: باب وجوب الزكاة
2435-أخبرنا محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، عن المعافى، عن زكريا بن إسحق المكي، قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن صيفى، عن أبي معبد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: «إنك تأتي قومًا أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فإن هم أطاعوك بذلك، فأخبرهم أن الله عزَّ وجلَّ فرض عليهم خمس صلوات في يوم وليلة، فإن هم- يعني- أطاعوك بذلك، فأخبرهم أن الله عزَّ وجلَّ فرض عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك بذلك، فاتق دعوة المظلوم».
2436-أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا معتمر، قال: سمعت بهز بن حكيم، يحدث عن أبيه، عن جده، قال: قلت: يا نبي الله، ما أتيتك حتى حلفت أكثر من عددهن لأصابع يديه أن لا آتيك ولا آتي دينك، وإني كنت امرأ لا أعقل شيئًا إلا ما علمني الله عزَّ وجلَّ ورسوله، وإني أسألك بوحي الله، بما بعثك ربك إلينا؟ قال: «بالإسلام»، قلت: وما آيات الإسلام؟ قال: «أن تقول أسلمت وجهي إلى الله، وتخليت، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة».
2437-أخبرنا عيسى بن مساور، قال: حدثنا محمد بن شعيب بن شابور، عن معاوية بن سلام، عن أخيه زيد بن سلام، أنه أخبره عن جده أبي سلام، عن عبد الرحمن بن غنم، أن أبا مالك الأشعري، حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «إسباغ الوضوء شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، والتسبيح والتكبير يملأ السماوات والأرض، والصلاة نور، والزكاة برهان، والصبر ضياءٌ، والقرآن حجةٌ لك أو عليك».
2438-أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن شعيب، عن الليث، قال: أنبأنا خالد، عن ابن أبي هلال، عن نعيم المجمر أبي عبد الله، قال: أخبرني صهيب، أنه سمع من أبي هريرة، ومن أبي سعيد، يقولان: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا، فقال: «والذي نفسي بيده» ثلاث مرات، ثم أكب، فأكب كل رجلٍ منا يبكي لا ندري على ماذا حلف، ثم رفع رأسه في وجهه البشرى، فكانت أحب إلينا من حمر النعم، ثم قال: «ما من عبد يصلي الصلوات الخمس، ويصوم رمضان، ويخرج الزكاة، ويجتنب الكبائر السبع، إلا فتحت له أبواب الجنة، فقيل له: ادخل بسلام».
2439-أخبرني عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير، قال: حدثنا أبي، عن شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني حميد بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول «من أنفق زوجين من شيءٍ من الأشياء في سبيل الله، دعي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خيرٌ لك، وللجنة أبواب، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان»، قال أبو بكر: هل على من يدعى من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يدعى منها كلها أحدٌ يا رسول الله؟ قال: «نعم، وإني أرجوا أن تكون منهم»؛ يعني أبا بكر.
شرح الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: ...
قال المؤلف رحمه الله: (كتاب الزكاة)، هذا الكتب للإمام مسلم رحمه الله، قال: (كتاب الصلاة)، (كتاب الزكاة)، (كتاب الحج)، أما الأبواب فهي للشراح للنووي وغيره، مثل باب وجوب الزكاة، باب وجوب كذا، الأبواب، المؤلف الإمام النسائي يعني ذهبوا إليه، الإمام مسلم، النسائي نعم هو الذي ذكر الأبواب والكتب كلها للنسائي رحمه الله، والكتاب تحته أبواب، والأبواب غالبًا تكون تحتها فصول.
قال: (كتاب الزكاة باب وجوب الزكاة)، ثم ذكر الحديث، حديث ابن عباس، حديث فيه: بعث النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ، وهو حديثٌ مشهور، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى اليمن، وهم أهل الكتاب، وأنه دعاهم أولًا للتوحيد، أمرهم بالتوحيد؛ فدل على التوحيد هو الأصل الأصيل، ولا بد منه، ولا يصح العمل إلا إذا بُني على التوحيد، ثم دعاهم إلى الصلاة، ثم إلى الزكاة، وبقية شرع الإسلام كذلك، إذا استجابوا، واستقاموا على التوحيد والصلاة والزكاة، دفعهم ذلك إلى أن يأتوا ببقية شرائع الإسلام.
والحديث الثاني: حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، أنه توسل إلى الله بوحي الله، قال: (وإني أسألك بوحي الله)، يعني أتوسل إليك بوحي الله، وهو كلامه الذي أنزله، وهو صفةً من صفاته، التوسل الشرعي، التوسل إل الله بأسمائه وصفاته، قال: (بما بعثك)، ما: استفهامية، والجملة مبنية على السؤال، (بما بعثك)، ولم تُحذف الألف.
فقال: (أن تقول: أسلمت وجهي إلى الله، وتخليت)؛ يعني تخليت عن جميع ما يعبد من دون الله، ثم ذكر حديث أبا مالك الأشعري، وهو حديث أخرجه الإمام مسلم، قال: «إسباغ الوضوء شطر الإيمان»،
يقول أخرجه مسلم بلفظ: «الطَّهور شطر الإيمان»، ووجه كون الطهور شطر الإيمان: أن الإيمان شطران:
- طهارة الباطن تكون بالإيمان.
- وطهارة الظاهر بالوضوء.
وإن كان لازم تساوي الطهارتين.
وأما حديث نعيم المجمر، قال: (قال: أخبرني صهيب)، الحديث في سنده صهيب الفيتوري، تفرد نعيم بن المجمر بالرواية عنه، هو مقبول كما قال الحافظ ابن الرابعة، وفي متنه نكارة، وهو قوله: (ويجتنب الكبائر السبع)، فإن الكبائر لا تنحصر في سبع، فهي كثيرة، فيكون بهذا ضعف الحديث، انظر لكلام الشيخ الأثيوبي على الحديث.
ثم ذكر حديث أبي هريرة «من أنفق زوجين في شيء من الأشياء في سبيل الله»؛ يعني المراد زوجين: أي صنفين من ماله، مثلًا: الطعام، واللباس، وهكذا، الدراهم مثلًا، ومتاع، وهكذا، زوجين: أي صنفين.
(في سبيل الله): المعاقيد على العموم، يعني في وجوب الخير، وقيل: وخصوصًا بالجهاد، والأول أرجح، الأرجح أنه في سبيل الله؛ يعني في وجوب الخير، والحديث أخرجه الشيخان البخاري ومسلم، هل تكلم عليه؟
الطالب: قال صهيب مولى العتواريين بمهملة ومثناة ساكنة المدني مقبول.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الحديث ضعيف؛ لأن في سنده صهيبًا مولى العتواريين، وهو مجهول الحال، وهو من أفراد المصنف رحمه الله، أخرجه هنا وفي الكبرى.
الشيخ: وفي متنه نكرة أيضًا فاتت عليه، من قوله: (تجنبوا الكبائر السبع)، والكبائر أكثر من سبع، قال ابن عباس: هي إلى السبعين أقرب.
قارئ المتن: باب التغليظ في حبس الزكاة
2440-أخبرنا هناد بن السري، في حديثه عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن المعرور بن سويد، عن أبي ذر، قال: جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالسٌ في ظل الكعبة، فلما رآني مقبلًا، قال: «هم الأخسرون ورب الكعبة»، فقلت: ما لي لعلي أنزل في شيء، قلت: من هم فداك أبي وأمي، قال: "الأكثرون أموالا، إلا من قال: هكذا وهكذا وهكذا" حتى بين يديه، وعن يمينه، وعن شماله، ثم قال: «والذي نفسي بيده، لا يموت رجل فيدع إبلًا أو بقرا لم يؤد زكاتها، إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه تطؤه بأخفافها، وتنطحه بقرونها، كلما نفدت أخراها أعيدت أولاها حتى يقضى بين الناس».
2440-أخبرنا مجاهد بن موسى، قال: حدثنا ابن عيينة، عن جامع بن أبي راشد، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من رجلٍ له مالٌ لا يؤدي حق ماله إلا جُعل له طوقًا في عنقه، شجاع أقرع وهو يفر منه وهو يتبعه»، ثم قرأ مصداقه من كتاب الله عزَّ وجلَّ: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 180] الآية.
2442-أخبرنا إسماعيل بن مسعود، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، قال: حدثنا قتادة، عن أبي عمرو الغداني، أن أبا هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «أيما رجلٍ كانت له إبل لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها»، قالوا: يا رسول الله، ما نجدتها ورسلها؟ قال: «في عسرها ويسرها، فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأسمنه وآشره، يبطح لها بقاع قرقر فتطؤه بأخفافها، إذا جاءت أخراها أعيدت عليه أولاها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله، وأيما رجل كانت له بقر لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها، فإنها تأتي يوم القيامة أغذ ما كانت وأسمنه وآشره، يبطح لها بقاع قرقر، فتنطحه كل ذات قرن بقرنها، وتطؤه كل ذات ظلف بظلفها، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله، وأيما رجلٌ كانت له غنمٌ لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها، فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأكثره وأسمنه وآشره، ثم يبطح لها بقاع قرقرٍ فتطؤه كل ذاتٍ ظلف بظلفها، وتنطحه كل ذات قرنٍ بقرنها، ليس فيها عقصاء ولا عضباء، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةً، حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله».
شرح الشيخ: وهذا فيه التغليظ على حبس الزكاة، وأن عليه هذا الوعيد الشديد، وأنه يعذب في البرزخ قبل يوم القيامة.
في الحديث الأول: حديث أبي ذر، أن النبي (قال: «هم الأخسرون ورب الكعبة»، فقلت: ما لي لعلي أنزل في شيء، فقال: "الأكثرون أموالًا، إلا من قال: هكذا وهكذا وهكذا")، يعني إلا من أنفق، يتصدق من الأكثرين في الجوانب الثلاث: أمامه، وعن يمينه، وعن شماله، يعني يوزع، يوزع من هنا، ومن هنا، ومن هنا، هذا يسلم من الخسارة.
قوله: «نفدت»، بالدال المهملة، نفدت بالدال، أو نفدت بالدال مع الكسر، أو نفدت بالدال مع الفتح.
«كلما نفدِت»، أو «كلما نفدَت»، والشجاع الأقرع هو الذكر من الحيات، الأقرع هو الذي سقط شعر رأسه من كثرة السم نسأل الله السلامة والعافية، يعني صاحب المال الذي لا يؤدي زكاته، يأتي هذا الشجاع يصير طوقًا في عنقه نعوذ بالله.
وقوله في الحديث: «فيرى سبيله»، حتى يرى سبيله، زاد الإمام مسلم في الحديث: «فيرى سبيله»، إما إلى الجنة، وإما إلى النار.
- والحديث فيه فائدتان:
الأولى: التغليظ والوعيد على منع الزكاة.
والثانية: أن من بخل بالزكاة، ولم يخرجها، فليس بكافر، إذا لم يجحد وجوبها، في قوله في الحديث: «فيرى سبيله»، إما إلى الجنة، أو إلى النار، إلا إذا كان كافرًا لكان سبيله إلى النار، لا غيرها، فدل على أنه ليس بكافر إذا لم يجحد وجوبها، إما إذا جحد وجوبها، فلا شك في كفره، نسأل الله السلامة والعافية.
قارئ المتن: باب مانع الزكاة
2443-أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، عن عقيل، عن الزهري، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبي هريرة، قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب، قال عمر، لأبي بكر: كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله، عصم مني ماله ونفسه، إلا بحقه وحسابه على الله»، فقال أبو بكر رضي الله عنه: "لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالًا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه"، قال عمر، رضي الله عنه: "فوالله ما هو إلا أن رأيت الله شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق".
شرح الشيخ: وهذا فيه دليل على فقه الصديق رضي الله عنه، قال: «فمن قال: لا إله إلا الله، عصم مني ماله ونفسه»، قال أبو بكر: (لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال)، في اللفظ الآخر: «فمن قال: لا إله إلا الله»، «لأقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، ويقيموا الصلاة، ويأتوا الزكاة»، هذا ما فيه إشكال، كأن غابت عن الصديق رضي الله عنه وعن عمر هذه اللفظة، ومع ذلك الصديق رضي الله عنه قال: (لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة)؛ فدل على الفقه، (فإن الزكاة حق المال)، دل على فقه الصديق رضي الله عنه.
وفيه: أن من منع الزكاة، إذا قاتل على منعها، فإنه يُقتل، ويكون مرتدًا، أن من قاتل، أن من منع الزكاة، إن لم يقاتل على منعها، تؤخذ منه ويُعذر، ولا يكون كافرًا، وإذا قاتل على منعها دلَّ على كفره؛ لأنه ما قاتل على منعها إلا عن جحود، فإذا قاتل على منعها فإنه يُقتل ويكون مرتدًا، كما قاتل أبو بكر والصحابة مال الزكاة، لما قاتلوا على منعها؛ لأن قتالهم على منعها يدل على جحدهم لها، فهو دليل على ردتهم وكفرهم، ولهذا قاتل الصحابة جميعًا أهل الردة، ولم يفرقوا بينهم، لم يفرقوا بين من منع الزكاة، وبين من نكر النبوة، كلهم قاتلوهم.
قارئ المتن: باب عقوبة مانع الزكاة
2444-أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا بهز بن حكيم، قال: حدثني أبي، عن جدي، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «في كل إبلٍ سائمة في كل أربعين ابنة لبون، لا يفرق إبلٌ عن حسابها، من أعطاها مؤتجرا فله أجرها، ومن أبى فإنا آخذوها، وشطر إبله عزمة من عزمات ربنا، لا يحل لآل محمد صلى الله عليه وسلم منها شيء».
شرح الشيخ: هذا الحديث عن بهز بن الحكيم عن أبيه عن جده، وفيه: قوله: «ومن أبى فإنا آخذوها، وشطر إبله»، فيه دليل على عدم تارك الزكاة إذا لم يجحد وجوبها، حيث أُخذ شطر ماله، لو كان كافرًا لقُتل وأُخذ ماله كله، وفيه العقوبة بالمال، وهي مسألة خلافية.
شوف كلام المانع عن حديث بهز بن حكيم عن جده، لأن الحديث فيه الآن، فيه العقوبة بشطر المال، العقوبة بالمال، وهي مسألة خلافية مبنية على صحة الحديث، فإن صح فيه دليل على أنه ممكن يُعذر، يعاقب العقوبة بالمال، يؤخذ جزءٌ من ماله.
والشطر: يُطلق على النصف، ذكر النسائي يقول: الجمهور على أنه حين كان التعذير بالأموال جائزًا في أول الإسلام، ثم نسخ، معنى ذلك أنه منسوخ، فلا يجوز الآن أخذ الزائد على قدر الزكاة، وقيل: معناه أنه يؤخذ منه الزكاة وإن أدى ذلك إلى نصف المال، إن كان له ألف شاة، فاستهلكها بعد أن وجبت عليه فيها الزكاة إلى أن بقي له عشرون، فإنه تؤخذ منه عشر شياة لصدقة الألف.
والصحيح: أن يقال: وشطر ماله، ومن أبى فإنا آخذوها، وشطَّر ماله، وشطر إبله؛ أي يجعل المصدق ماله نصفين، فيتخير عليه، فيأخذ الصدقة من خير النصفين، وأما أخذ الزائد فلا، على كل حال كلام العشيرة على أنه منسوخ، هل تكلم عليه؟
الطالب: قال عفا الله عنك: حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده محاوي بن حيدة رضي الله عنه هذا صحيح.
تنبيه مما يتعين توضيحه هنا.
الشيخ: كذلك، صحيح أو حسن؟ الأقرب حسن.
الطالب: تكلم، ثم تكلم عن.
الشيخ: ماذا قال عليه؟
الطالب: ثم قال: مما يتعين توضيحه هنا الكلام في بهز بن حكيم حديثه، فإنه قد تكلم فيه بعض أهل العلم، أعلم أن بهز بن حكيم رحمه الله قد وثقه أكثر الأئمة: أحمد، وابن معين، وابن المديني، والنسائي، وقال ابن معين: بهز بن حكيم عن أبيه عن جده إسنادٌ صحيح، إذا كان دون بهزٍ ثقة.
وقال أبو زرعة: صالح، قال أبو داود: هو عندي حجة، وقال الترمذي: ثقة عند أهل الحديث، وكان شعبة يتكلم فيه، فلما تبين له كونه ثقة روى عنه.
وقال أبو جعفر السبتي: إسناد بهز بن حكيم عن أبيه عن جده صحيح، وقال ابن قتيبة: كان من خيار الناس، وقال ابن عدي: قد روى عنه ثقات الناس، وقد روى عن الزهري حديثين، ذكرهما، ولم أرَ أحدًا ثقات تخلف عنه في الرواية، ولم أرَ له حديثًا منكرًا، وأرجوا أنه إذا حدث عنه ثقاتٌ فلا بأس بحديثه.
وتكلم فيه بعضهم، فمنهم: الشافعي، وأبو حاتم، وابن حبان، والحاكم، وأحمد بن بشير، وابن حزم، وابن الطلاع، فأما الشافعي فقال: ليس بهزٌ بحجة، وهذا الحديث لا يثبته أهل العلم بالحديث، والظاهر أنه إنما تكلم فيه لهذا الحديث، فجوابه أنه وثقه جماهير المحدثين وصح حديثه، كما تقدم.
وأما أبو حاتم فقال: هو شيخ يُكتب حديثه ولا يحتج به، قال أيضًا عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أحب إلي، ومن المعلوم أن أبا حاتم متشدد، فجرحه مخالفًا للأئمة المتقدمين، غير مؤثرٍ في صحة حديث بهز.
الشيخ: أبو حاتم مشدد، وابن حبان متساهل، والبخاري ومسلم وأحمد متوسطون.
الطالب: قد قال الحافظ الحسن بن القطان: قو أبو حاتم لا يحتج به، لا ينبغي أن يُقبل منه إلا بحجة، وبهزٌ ثقة عند من علمه، وقد وثقه غير من ذُكر، وقد وثقة ابن معين، وابن المديني، والنسائي، وابن الجارود، وصح الترمذي روايته عن أبيه عن جده، انتهى ببعض تصرف.
وأما ابن حبان فإنه قال: كان يخطئ كثيرًا، فأما أحمد وإسحاق فهما يحتجان به، وتركه جماعةٌ من أئمتنا، ولولا حديثه: «إنا آخذوها وشطر ماله» لأدخلناه في "الثقات"، وهو ممن استخير الله فيه، انتهى.
الشيخ: من من؟
الطالب: ابن حبان، والجواب عن هذا: أن ابن حبان إنما ضعفه لأجل حديث الباب، لا لأمرٍ آخر، فقد صرح بقوله: لولا هذا الحديث لأدخله في الثقات، وهذا منه غير مقبولٍ، فإن الثقة إذا تفرد برواية حديثٍ بلا مخالفة، فكيف لا يُقبل حديثه، إن هذا لشيء عجيب.
وأما الحاكم فقال: كان من الثقات ممن يُجمع حديثه، وإنما أسقط من الصحيح روايته عن أبيه عن جده، لأنها شاذة، لا متابع له عليها، انتهى.
والجواب عنه هو الجواب عن كلام ابن حبان؛ لأن الظاهر أن كلامه نظير كلامه، فجوابهما واحد، وأما أحمد بن بشير فقال: أتيت البصرة في طلب الحديث، فأتيت بهزًا، فوجدته يلعب بالشطرنج مع قومٍ، فتركته، ولم أسمع منه، انتهى.
وقد أجاب عنه الحافظ بن القطان، فقال: ليس ذلك بضائر له، فإن استباحة الشطرنج مسألةٌ فقهيةٌ مجتهدٌ فيها.
وأما ابن حزم فقال: غير مشهور، وأما ابن الطلاع فقال: إنه مجهول، وقد تُعقِّب بأنه قد عرفه الأئمة الكبار الذي قد تقدم ذكر موثقوه، فلا يضره جهلهما به، والله تعلى أعلم.
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبين بما ذُكر أن بهز بن حكيم ثقة، وأن حديثه صحيح، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمئاب.
وقال: حسن، هذا فيه كلام كثير، لو قال: حسن، يكون أقرب، فيه كلام كثير، الكلام على (آخذ شطر ماله)؟
الطالب: قال: المسألة الرابعة في اختلاف أهل العلم في مشروعية العقوبة بأخذ المال.
ذهب الأئمة أحمد وإسحاق والشافعي في القديم عنه إلى جواز العقوبة بالمال، أخذًا بظاهر حديث الباب، وبالحديث المتفق عليه في هم النبي صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوت المتخلفين عن الجماعة، وقد تقدم ذلك في بابة.
وفي حديث عمر رضي الله عنه، مرفوعًا: «إذا وجدتم الرجل قد غل، فاحرقوا متاعه»، أخرجه أبو داود، لكن في إسناده صالح بن محمد بن زائد المدني ضعيف.
وقال البخاري: عامة أصحابنا يحتجون به، وهو باطل.
وقال الدارقطني: أنكروه على صالح، ولا أصل له.
والمحفوظ أن سالم أمر بذلك في رجلٌ غل في غزاة مع الوليد بن هشام، قال أبو داود: وهذا أصح.
وبحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر، وعمر أحرقوا متاع الغالي وضربوه، أخرجه أبو داود والحاكم، في سنده زهير بن محمد، قيل: هو الخرساني، وقيل هو غير مجهول، وبحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من وجدتموه يصيد فيه (يعني الحرم المدينة)، فخذوا سلبه»، أخرجه مسلم.
وبحديث ابن عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن الثمر المعلق.
الشيخ: سلبة؛ يعني ما يكون معه، ما يوجد معه من سلاح، وثياب يؤخذ، مثلًا وسيارة، لكن يترتب على هذا مفسدة، يقدم شكوى، يقدم ويأخذها عن طريق المحكمة.
الطالب: ومن حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن الثمر المعلق، فقال: «من أصاب بفيه من ذي حاجةٍ، غير متخذٍ خبنة فلا شيء عليه، ومن خرج بشيءٍ منه فعليه غرامة مثليه، والعقوبة، ومن سرق منه شيئًا بعد أن يؤويه الجرين، فبلغ ثمن المجن فعليه القطع»، أخرجه أبو داود، والنسائي، والحاكم وصححه.
وبقصة المددي الذي أغلظ لأجله الكلام عوف بن مالك على خالد بن الوليد، لما أخذ سلبه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ترد عليه»، أخرجه مسلم.
وبإحراق علي رضي الله عنه طعام المحتكرين، ودور قومٍ يبيعون الخمر، وهدمه دار جرير بن عبد الله، مشاطرة عمر لسعد بن أبي وقاص في ماله الذي جاء به من العمل الذي بعثه إليه، وتضمينه لحاطب ابن أبي بلتعة مثلي بقيمة الناقة التي غصبها عبيدة وانتحروها، وتغليظه هو وابن عباس الدية على من قتل في الشهر الحرام في البلد الحرام.
وذهب الجمهور إلى أن العقوبة بالمال غير مشروعة، ولا فرق في ذلك، بين مانع الزكاة، والغال في الصدقة والغنيمة وغيرهما، وأجابوا عن الأدلة المتقدمة بأجوبة، أما عن حديث بهزٍ بأنه لم يثبت، قد قال الشافعي: ليس بهزٌ حجة، وهذا الحديث لا يثبت أهل العلم بالحديث، ولو ثبت لقلنا به كان قال به في القديم، وسئل عنه أحمد فقال: لا أدري ما وجهه، سُئل عن إسناده، فقال: صالح الإسناد، تعقب بأنه حديثٌ صحيح ثابت، قد قال ابن معين: إسناده صحيح، سُئل عنه أحمد فقال: صالح الإسناد، صححه غيرهما، قد تقدم تمام الكلام عليه في المسألة الأولى.
قال البيهقي: وغير حديث بهزٍ هذا منسوخ، تعقبه النووي بأن الذي ادعوه من كون العقوبة كانت بالأموال في أول الإسلام، ليس بثابت ولا معروفة، ودعوى النسخ غير مقبولة مع الجهل بالتاريخ.
زعم الشافعي أن الناس خالفوا حديث ناقة البراء رضي الله عنه، لأنه صلى الله عليه وسلم حكم عليه بضمان ما أفسدت، ولم ينقل أن صلى الله عليه وسلم في تلك القضية أضعف الغرامة، وفيه ما تقدم من الجهل بالتاريخ، وبأنه تركه صلى الله عليه وسلم المعاقبة بأخذ المال في هذه القضية لا يستلزم الترك مطلقًا، ولا يصح للتمسك به على عدم الجواز، وجعله نسخًا البتة.
وأجابوا أيضًا بما تقدم من كلام إبراهيم الحربي بأن الراوي وهم فيه، والصواب: فإن آخذوها من شطر ماله؛ أي يجعلوا ماله شطرين، ويُتخير عليه المصدق، ويأخذ الصدقة من خير الشطرين.
الشيخ: من شطْر ماله، وأول بعضهم قالوا: (آخذوها، وشطَّر ماله)؛ يعني جعله نصفين.
الطالب: ويأخذ الصدقة من خير الشطرين عقوبةً لمنعه الزكاة، وأما ما لا يلزمه فلا.
وبما قال بعضهم: إن لفظة "وشُطِر مال"، بضم الشين المعجمة، وكسر الطاء المهملة فعلٌ مبنيٌ للمجهول.
الشيخ: (وشطَّر)، يمكن الوجه الثاني يعني النبي -صلى الله عليه وسلم شطَّر ماله.
الطالب: أي جُعل ماله شطرين، يأخذ المصدق من أي الشطرين أراد، وتُعقب بأن الأخذ من خير الشطرين يصدق عليه اسم العقوبته بالمال؛ لأنه زائدٌ عن الواجب، وبأنه يستلزم تغليظ الثقة بدون ضرورة.
وأجابوا عن حديث هم النبي صلى الله عليه وسلم بالإحراق: بأن السُنة أقوالٌ، وأفعالٌ، وتقريراتٌ، والهم ليس من الثلاثة، وتُعقب بأن الهم من النبي صلى الله عليه وسلم من السُنة عند المحققين، كما هو موضحٌ في كتب مصطلح أهل الحديث في كتب الأصول أيضًا، وبأنه صلى الله عليه وسلم لا يهم إلا بالجائز، وأما حديث عمر، وعبد الله بن عمرو فأجابوا عنهما بما تقدم من ضعف الإسناد.
وأجابوا عن حديث قصة أخذ سلب من يصيده في المدينة، بأن صلى الله عليه وسلم عين نوع الفدية هنا بأنها سلب، سلب الصائد، فيُقتصر فيه على السبب؛ لقصور العلة التي هي هتك الحرمة عن التعدية، وعن قصة لقصور العلة، التي هي هتك الحرمة عن التعدية.
الشيخ: لأنه تعدى غيره.
الطالب: وعن قصة المددي بأنها واردةٌ على سببٍ خاصٍ، فلا يجاوز بها إلى غيره؛ لأنها، وسائر أحاديث الباب مما ورد على خلاف القياس، لورود الأدلة كتابًا وسُنةً بتحريم مال الغير، قال الله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً} [النساء: 29]، الآية.
قال: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ} [البقرة: 188].
قال صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع: «إن دمائكم، وأموالكم، وأعراضكم بينكم حرامٌ»، الحديث.
وأما تحريق علي طعام المحتكرين، ودور القوم، وهدمه دار جرير، فبعد تسليم صحة الإسناد إليه، وانتشار فعله الاحتجاج به، أجابوا عنه بأن ذلك من قطع ذارعه الفساد، كهدم مسجد الدرار، وتكسير المزامير، وأما المروي عن عمر من ذلك فيجاب عنه إن ثبت بأنه أيضًا قول صحابي، لا ينتهي الاحتجاج به، ولا يقوى على تخصيص عمومات الكتاب والسنة، وكذلك المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، أفاده العلامة الشوكاني في كتابه [نيل الأوطار]، ونقلته عنه بتصرف.
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبين بما ذُكر أن الصحيح عقوبة مانع الزكاة بأخذ شطر ماله مشروعٌ لصحة حديث الباب، وأما قياس جواز العقوبة بالمال في غير موارد النص، فغير صحيح لما مر آنفة.
خلاصة المسألة: أن قول الجمهور بعدم مشروعية العقوبة بالمال مطلقًا، حتى في المواضع التي صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثل حديث الباب: المحتجين بالنصوص العامة المتقدمة ونحوها، في تحريم مال المسلم فيه نظر؛ لأن حرمة مال المسلم مشروطٌ بقوله صلى الله عليه وسلم: «إلا بحقه»، وما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في حديث الباب فإنه من حقه، فلا تتناوله نصوص التحريم، وكذلك القول بجواز العقوبة.
الشيخ: أو يكون خاص، يكون هذا الحديث، هذا عام، وهذا خاص، يُستثنى.
الطالب: وكذلك القول بجواز العقوبة به مطلقًا، كما يقوم الآخرون: في نظرًا أيضًا، لقوة نصوص منع مال المسلم إلا بحقه، فما لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم، لا يجوز استعمال القياس فيه لتلك النصوص، فالقياس مع النص باطل، وما صح عنه استثناءه، فالعمل به واجب.
والحاصل أن عقوبة مانع الزكاة بأخذ شطر ماله مشروع بالأدلة المذكورة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
الشيخ: هذا صح في الحديث، الحديث فيه كلام، برغم أن حديث بهز بن حكيم حديث حسن، مثل حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ومسألة العقوبة بالمال فيها خلاف الجمهور على المنع.
والقول الثاني: أن هذا له، وقد يقال: إنه يرجع لحكم الحاكم يرفع الخلاف، إذا حكم الحاكم بأخذ شيء من ماله رفع الخلاف، في هذه المسألة فيها خلاف قوي، وهي محل تأمل ونظر، والترجيح، الشيخ الأثيوبي يرجح القول الثاني خلافًا لقول الجمهور.
قارئ المتن: باب زكاة الإبل.
2445-أخبرنا عبيد الله بن سعيد، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثني عمرو بن يحيى، ح وأخبرنا محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، عن عبد الرحمن، عن سفيان، وشعبة، ومالك، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة، ولا فيما دون خمسٍ ذود صدقة، ولا فيما دون خمسة أواق صدقة».
2446-أخبرنا عيسى بن حماد، قال: أنبأنا الليث، عن يحيى بن سعيد، عن عمرو بن يحيى بن عمارة، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ليس فيما دون خمسة ذود صدقة، وليس فيما دون خمسة أواقٍ صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسقٍ صدقة».
شرح الشيخ: قوله: «خمسة»، يُذكر ويُأنث، وقوله: «ليس فيما دون خمسةٍ»، أو خمس، هو يُذكر بحسب اللفظ، ويؤنث بحسب المعنى، والزود هي الإبل، والأواق جمع أوقية، وهي الفضة، والوقية أربعون درهمًا، فيكون نصاب الفضة مائتي درهم، وهي بالمثاقيل مائة وأربعون مثقال، وهي تعد بالريال السعودية الفضية ستة وخمسين ريالًا.
أما الورق النقدي، فقيل: إنه إذا بلغ قيمته ستة وخمسين ريالًا، فهو نصاب، وقيل: إن الريال الورقي له حكم الريال الفضي، فكل ما سُمي ريالً، أو درهمًا فله حكم الريال الفضي، لأنه قائمٌ مقامه.
وهذا الحديث فيه أقل نصاب، أقل نصاب الحبوب والثمار خمسة أوثق، والوثق ستون صاعًا، لصاع النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون خمسة أوثق، ثلاث مائة صاع، وصاع النبي صلى الله عليه وسلم أقل من صاعنا الحاضر بيسير؛ لأن الصاع أربع حفنات باليد، كل حفنة ملء كفي الرجل المعتدل، يعني الكفان المتوسطان، لا الصغيرتين، ولا الكبيرتين، ونصاب الحبوب والثمار بالمثاقيل هو أربعة مائة وثمانون مثقالًا، فهذا الحديث فيه بيان الأنصبة، الأنصبة الحبوب والثمار، وكذلك النقود، هذا باقي.
قارئ المتن: 2447-أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا المظفر بن مدرك أبو كامل، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: أخذت هذا الكتاب من ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك، عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن أبا بكر رضي الله عنه، كتب لهم إن هذه فرائض الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين التي أمر الله عزَّ وجلَّ بها رسوله صلى الله عليه وسلم«فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعط، ومن سئل فوق ذلك فلا يعط فيما دون خمس وعشرين من الإبل في كل خمس ذود شاة، فإذا بلغت خمسًا وعشرين ففيها بنت مخاض إلى خمس وثلاثين، فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر، فإذا بلغت ستًا وثلاثين ففيها بنت لبون إلى خمس وأربعين، فإذا بلغت ستة وأربعين ففيها حقة طروقة الفحل إلى ستين، فإذا بلغت إحدى وستين ففيها جذعة إلى خمس وسبعين، فإذا بلغت ستًا وسبعين ففيها بنتا لبون إلى تسعين، فإذا بلغت إحدى وتسعين ففيها حقتان طروقتا الفحل إلى عشرين ومائة، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة، فإذا تباين أسنان الإبل في فرائض الصدقات، فمن بلغت عنده صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة، فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهما، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده حقة وعنده جذعة، فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهمًا أو شاتين إن استيسرتا له، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده».
شرح الشيخ: يعطيه المصدق بالتخفيف، بتخفيف الصاد، المصدق.
والمراد بالمصدق العامل.
قارئ المتن: «ويعطيه المصدق عشرين درهمًا أو شاتين إن استيسرتا له، ومن بلغت عنده صدقة الحقة».
شرح الشيخ: الجزعة لها أربع سنين، والحقة لها ثلاث سنين، وابن لبون له سنتان، وبنت المخاض لها سنة.
قارئ المتن: «ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده، وعنده بنت لبون، فإنها تقبل منه ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهمًا، ومن بلغت عنده صدقة ابنة لبون وليست عنده إلا حقة، فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهمًا أو شاتين، ومن بلغت عنده صدقة ابنة لبون وليست عنده بنت لبون وعنده بنت مخاض، فإنها تقبل منه ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهمًا، ومن بلغت عنده صدقة ابنة مخاضٍ وليس عنده إلا ابن لبون ذكر، فإنه يقبل منه وليس معه شيء، ومن لم يكن عنده إلا أربع من الإبل فليس فيها شيءٌ إلا أن يشاء ربها، وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة، فإذا زادت واحدةٌ ففيها شاتين إلى مائتين، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى ثلاث مائة، فإذا زادت ففي كل مائةٍ شاة، ولا يؤخذ في الصدقة هرمةٌ ولا ذات عوار ولا تيس الغنم إلا أن يشاء المصدق، ولا يجمع بين متفرقٍ، ولا يفرق بين مجتمعٍ خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية، فإذا كانت سائمة الرجل ناقصةً من أربعين شاة واحدةٌ فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها، وفي الرقة ربع العشر، فإن لم تكن إلا تسعين ومائة درهمٍ فليس فيها شيءٌ إلا أن يشاء ربها».
شرح الشيخ: والرقة الفضة، هذا الحديث رواه البخاري بطوله، هذا الحديث بطوله رواه البخاري في الصحيح، والصواب: أن تخفيف الصاد، والعامل أرجح من التشتيت.
وأما قول الشارح: أن الأكل بالتشتيت، والمراد المالك، والمراد: المالك، غير صحيح؛ لأن المالك في الغالب يغلب عليه الشح، بخلاف العامل الذي ينتدبه ولي الأمر، فإنه ينظر لمصلحة الفقراء، والتيس قد يكون ثمنه مرتفع أحيانًا لكنها لهدي مهادة العوام، لا حظ فيها للفقير.
قارئ المتن: باب مانع زكاة الإبل.
2448-أخبرنا عمران بن بكار، قال: حدثنا علي بن عياش، قال: حدثنا شعيب، قال: حدثني أبو الزناد، مما حدثه عبد الرحمن الأعرج، مما ذكر أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه، يحدث به قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تأتي الإبل على ربها على خير ما كانت إذا هي لم يعط فيها حقها تطؤه بأخفافها، وتأتي الغنم على ربها على خير ما كانت إذا لم يعط فيها حقها تطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها»، قال: "ومن حقها أن تحلب على الماء، ألا لا يأتين أحدكم يوم القيامة ببعيرٍ يحمله على رقبته له رغاء، فيقول: يا محمد، فأقول: لا أملك لك شيئًا قد بلغت، ألا لا يأتين أحدكم يوم القيامة بشاةٍ يحملها على رقبته لها يعار، فيقول: يا محمد، فأقول لا أملك لك شيئًا قد بلغت". قال: «ويكون كنز أحدهم يوم القيامة شجاعًا أقرع يفر منه صاحبه ويطلبه أنا كنزك، فلا يزال حتى يلقمه أصبعه».
شرح الشيخ: وقوله: (من حقها أن تُحلب على الماء)؛ لأن الفقراء يجتمعون عند الماء، فتحلب على الماء، ويُسقى الفقراء، هذا من حقها، فيها حقٌ غير الزكاة، هذا غير الزكاة، والشجاع هو الذكر من الحيات، والأقرع الذي سقط شعر رأسه من كثرة السم، نسأل الله العافية.
«حتى يلقمه أصبعه»، فيه أن مانع الزكاة، ماله يعذب به يوم القيامة، نسأل الله السلامة والعافية، هذا في البرزخ، قبل يوم القيامة، قبل الذهاب إلى الجنة أو النار.
قارئ المتن: باب سقوط الزكاة عن الإبل إذا كانت رسلًا لأهلها ولحمولتهم
2449-أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا معتمر، قال: سمعت بهز بن حكيم، يحدث عن أبيه، عن جده رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «في كل إبل سائمة من كل أربعين ابنة لبون، لا تفرق إبل عن حسابها، من أعطاها مؤتجرًا له أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها، وشطر إبله عزمة من عزمات ربنا، لا يحل لآل محمد صلى الله عليه وسلم منها شيء».
شرح الشيخ: نعم، هذا الباب في سقوط الزكاة إذا كانت رسلًا؛ إذا كانت رسلًا لأهلها؛ يعني إذا كانت ما عدت للتجارة، الرسل بمعنى اللبن، وكذلك ما كان من الماء، ما أعد للدر والنسل، ما أعدت للبيع والشراء والتكسب.
والشاهد من الحديث: قوله: «في كل إبل سائمة»، فالتقييد بالسائمة، إذا لم تكن سائمة، كانت رسلًا لأهلها سقطت الزكاة عنها؛ هذا هو الشاهد، والحديث لبهز بن حكيم، وتقدم الكلام عن أبيه عن جده.
والصواب: أن رواية بهز بن حكيم إنما طُعن فيها، وأن الحديث حسن، مثل حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، إذا لم يخالف فهو حسن، وإن خالف فلا، وكذلك هنا، ولكن في هنا مثل حديث (44:09)، فقال: «ومن منعها فإنا آخذوها، وشطر ماله نصفين»، الشطر النصف، وأخذ نصف الإبل من مانع الزكاة شيءٌ كثير، والكلام كما سمعتم فيه، في هذا الحديث كما ذكر الشيخ الأثيوبي.
الطالب: هنا قال: لكل أربعين بنت لبون.
الشيخ: نعم هذا فيها غرابة، لكل أربعين بنت لبون، تكلم عنه عندك؟
هنا الشارح قال: والظاهر أنه أراد به المعنى الأول؛ يعني أتخذوها بالبيت لأجل اللبن، وأخر ترجم المفهوم: «في كل إبل سائمة»، ويحتمل على بعد، أنه أراد الثاني؛ أي إذا كانت دون أربعين، فأخذ من قوله: «من كل أربعين»، أخذ أنه لا زكاة فيها فيما دون أربعين، لكن هذا مخالف لسائر الأحاديث.
تقدم وحمل الحديث (45:21)، تكلم على قول: دون الأربعين؟
الطالب: كما ذكرتم أحسن الله عملك.
قال: نقل، ثم قال الجامع عفا الله عنه: قوله يحتمل إنما أراد الثاني ...إلى آخره، هذا غلط، فإن ضبط الثاني إنما هو بفتحتين، لا بكسرٍ، فسكون.
الشيخ: نعم.
قارئ المتن: باب زكاة البقر
2450-أخبرنا محمد بن رافع، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا مفضل وهو ابن مهلهل، عن الأعمش، عن شقيق، عن مسروق، عن معاذ: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن، وأمره أن يأخذ من كل حالم دينارُا أو عدله معافر، ومن البقر من ثلاثين تبيعًا أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة».
2451-أخبرنا أحمد بن سليمان، قال: حدثنا يعلى وهو ابن عبيد، قال: حدثنا الأعمش، عن شقيق، عن مسروق، والأعمش، عن إبراهيم، قالا: قال معاذ: «بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فأمرني أن آخذ من كل أربعين بقرة ثنية، ومن كل ثلاثين تبيعًا، ومن كل حالم دينارًا أو عدله معافر».
2452-أخبرنا أحمد بن حرب، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن مسروق، عن معاذ رضي الله عنه، قال: «لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعًا أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة، ومن كل حالم دينارًا أو عدله معافر».
2453-أخبرنا محمد بن منصور الطوسي، قال: حدثنا يعقوب، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحق، قال: حدثني سليمان الأعمش، عن أبي وائل بن سلمة، عن معاذ بن جبل، قال: «أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثني إلى اليمن أن لا آخذ من البقر شيئًا حتى تبلغ ثلاثين، فإذا بلغت ثلاثين ففيها عجلٌ تابعٌ جذعٌ أو جذعة حتى تبلغ أربعين، فإذا بلغت أربعين ففيها بقرةٌ مسنة».
شرح الشيخ: هذا في زكاة البقر، وقوله: «وأمره أن يأخذ من كل حالم دينارُا أو عدله معافر»؛ يعني يأخذها من الكافر جزية، «ومن كل أربعين مسنة» يأخذها من المسلم زكاة، والمعافر: ثياب من اليمن تنسب إلى بلدة.
ابن معافر؛ برودٌ باليمن منسوبة إلى معافر، قبيلة بها، والميم زائدة، يعني أصلها منسوبة إلى قبيلة، قبيلة معافر إلى الآن تسمى.
قارئ المتن: باب مانع زكاة البقر
2454-أخبرنا واصل بن عبد الأعلى، عن ابن فضيل، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من صاحب إبلٍ ولا بقرٍ ولا غنمٍ لا يؤدي حقها، إلا وقف لها يوم القيامة بقاع قرقر تطؤه ذات الأظلاف بأظلافها، وتنطحه ذات القرون بقرونها، ليس فيها يومئذ جماء ولا مكسورة القرن».
قلنا: يا رسول الله، وماذا حقها؟ قال: «إطراق فحلها، وإعارة دلوها، وحملٌ عليها في سبيل الله، ولا صاحب مالٍ لا يؤدي حقه، إلا يخيل له يوم القيامة شجاعٌ أقرع يفر منه صاحبه وهو يتبعه يقول له: هذا كنزك الذي كنت تبخل به، فإذا رأى أنه لا بد له منه أدخل يده في فيه، فجعل يقضمها كما يقضم الفحل».
شرح الشيخ: والفحل: الجمل، دل على أن لها حق، من حقها قال: (إطراق فحلها، وإعارة دلوها، وحملٌ عليها في سبيل الله)، ومن حقها الزكاة، بل وأعظم حقها كما في الأحاديث الأخرى، فلها حقوق، الزكاة أعظمها، بإطراق فحلها؛ يعني إذا صار فحل، يعني تعيره، طلب صاحب إبل أخرى فحل، تعطيه، فيعار الدلو كذلك، طلب الدلو، يأخذ منه ماء من البئر كذلك، وحمله عليها في سبيل الله؛ كل هذا من حقوق، وفيه أن صاحب المال الذي لا يؤدي حقه يُعذب يوم القيامة على رؤوس الأشهاد، نسأل الله السلامة العافية، ويظهر خزيه، نسأل الله السلامة والعافية.
قارئ المتن: باب زكاة الغنم
2455-أخبرنا عبيد الله بن فضالة بن إبراهيم النسائي، قال: أنبأنا شريج بن النعمان.
شرح الشيخ: سريج بالسين المهملة، في تعديل محتاج، تعدل سريج بن النعمان.
قارئ المتن: قال: أنبأنا سريج بن النعمان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك، عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن أبا بكر، رضي الله عنه كتب له: «إن هذه فرائض الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين التي أمر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن سألها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سئل فوقها فلا يعطه فيما دون خمس وعشرين من الإبل في خمس ذود شاة، فإذا بلغت خمسًا وعشرين ففيها بنت مخاض إلى خمس وثلاثين، فإن لم تكن ابنة مخاضٍ فابن لبونٍ ذكر، فإذا بلغت ستة وثلاثين ففيها بنت لبونٍ إلى خمس وأربعين، فإذا بلغت ستةً وأربعين ففيها حقةً طروقة الفحل إلى ستين، فإذا بلغت إحدى وستين ففيها جذعةٌ إلى خمسة وسبعين، فإذا بلغت ستة وسبعين ففيها ابنتا لبونٍ إلى تسعين، فإذا بلغت إحدى وتسعين ففيها حقتان طروقتا الفحل إلى عشرين ومائة، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة، فإذا تباين أسنان الإبل في فرائض الصدقات فمن بلغت عنده صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقةٌ، فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهمًا، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده إلا جذعةٌ، فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهمًا أو شاتين، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده وعنده ابنة لبونٍ، فإنها تقبل منه ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهمًا، ومن بلغت عنده صدقة بنت لبونٍ وليست عنده إلا حقة، فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهمًا أو شاتين، ومن بلغت عنده صدقة بنت لبونٍ وليست عنده بنت لبون وعنده بنت مخاضٍ، فإنها تقبل منه ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهمًا، ومن بلغت عنده صدقة ابنة مخاضٍ وليست عنده إلا ابن لبونٍ ذكر فإنه يقبل منه وليس معه شيء، ومن لم يكن عنده إلا أربعةٌ من الإبل فليس فيها شيءٌ إلا أن يشاء ربها».
شرح الشيخ: ابن لبون يقبل وليس معه شيء؛ لأن الذكر أقل من الأنثى.
قارئ المتن: «وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين ففيها شاةٌ إلى عشرين ومائة، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين، فإذا زادت واحدةٌ ففيها ثلاث شياه إلى ثلاث مائة، فإذا زادت واحدةٌ ففي كل مائة شاة، ولا تؤخذ في الصدقة هرمةٌ ولا ذات عوار ولا تيس الغنم إلا أن يشاء المصدق، ولا يجمع بين متفرقٍ، ولا يفرق بين مجتمعٍ خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية، وإذا كانت سائمة الرجل ناقصةً من أربعين شاة واحدة فليس فيها شيءٌ إلا أن يشاء ربها، وفي الرقة ربع العشر، فإن لم يكن المال إلا تسعين ومائة فليس فيه شيءٌ إلا أن يشاء ربها».
شرح الشيخ: «يتراجعان بينهما بالسوية»، مثل كانت أربعين شاة، لشخصين، واحد له ثلاثين، وواحد له عشرة، يأخذ المصدق شاة، وبعد ذلك يتراجع عنه، يصير اللي له ثلاثين، عليه ثلاثة أربع الشاة، والذي له عشرة عليه الربع، هذا معنى «يتراجعان بينهما بالسوية».
قارئ المتن: باب مانع زكاة الغنم
2456-أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا الأعمش، عن المعرور بن سويد، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من صاحب إبلٍ ولا بقرٍ ولا غنمٍ لا يؤدي زكاتها، إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه، تنطحه بقرونها، وتطؤه بأخفافها، كلما نفدت أخراها أعادت عليه أولاها، حتى يقضى بين الناس».
شرح الشيخ: هذا كله في البرزخ، «حتى يقضى بين الناس»، بعد ذلك ينصرف إما إلى الجنة، وإما إلى النار.
قارئ المتن: باب الجمع بين المتفرق والتفريق بين المجتمع
2457-أخبرنا هناد بن السري، عن هشيم، عن هلال بن خباب، عن ميسرة أبي صالح، عن سويد بن غفلة، قال: أتانا مصدق النبي صلى الله عليه وسلم فأتيته فجلست إليه فسمعته يقول: «إن في عهدي أن لا نأخذ راضع لبن، ولا نجمع بين متفرقٍ، ولا نفرق بين مجتمع»، فأتاه رجل بناقة كوماء فقال: خذها، فأبى.
2458-أخبرنا هارون بن زيد بن يزيد يعني ابن أبي الزرقاء، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سفيان، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ساعيا فأتى رجلا فآتاه فصيلًا مخلولًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «بعثنا مصدق الله ورسوله، وإن فلانًا أعطاه فصيلًا مخلولًا، اللهم لا تبارك فيه ولا في إبله»، فبلغ ذلك الرجل فجاء بناقة حسناء فقال: أتوب إلى الله عزَّ وجلَّ وإلى نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم بارك فيه وفي إبله».
شرح الشيخ: الحديث الأول عن سويد بن غفلة (قال: أتانا مصدق النبي صلى الله عليه وسلم فأتيته فجلست إليه فسمعته يقول: «إن في عهدي أن لا نأخذ راضع لبنٍ، ولا نجمع بين متفرقٍ، ولا نفرق بين مجتمع»، فأتاه رجل بناقة كوماء فقال: خذها، فأبى)؛ يعني قد يقال: إن هذا وهم من بعض الرواة، أو أنه مصدق أنها لا تؤخذ مطلقًا، وإلا فقد دلت النصوص على أنه إذا سمح رب المال الكريمة جاز أخذها، لكن هنا سويد بن غفلة هنا تكلم عليه.
والحديث الثاني: بعث رجلًا، فآتاه فصيلًا محلولًا، هذا محمول على أنه أمتنع من عطاء مصدقٍ لهذا الفصيل المهزول، محلولًا: فصيل مهزول، ولهذا استحق أن يدعو عليه النبي صلى الله عليه وسلم بعدم البركة، ثم تاب، وأتى بناقة حسنة، فدعا له، ماذا قوله عن سويد بن غفلة في الحديث؟
الطالب: سويد بن غفل أبو أمية الجعفي مخضرم، ثقة من كبار التابعين.
الشيخ: طيب هنا يعني يكون مرسل، ماذا قال؟
الطالب: في ميسرة أبو صالح مولى كندا الكوفي، مقبول.
الشيخ: طيب الحديث من رواية سويد بن غفلة، وهو مخضرم، كما تكلم عليه حكم، إن حكمه حكم الصحابي.
الطالب: قال: حديث سويد بن غفلة عن مصدق النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: طيب، يبقى الإشكال في قوله: (قال: خذها، فأبى)، لماذا أبى؟ ماذا قال؟
الطالب: قال: (فقال ذلك الرجل للمصدق: خذها، فأبى)؛ أي امتنع المصدق من قبول تلك الناقة للمالك، لكونها من خيار، وقد نهاه النبي صلى الله عليه وسلم من أخذ خيار المال.
في رواية أبي داود: فأبي أن يقبلها، فقال: إني أحب أن تأخذ خير أبلي، قال: فأبى أن يقبلها، فقطم له أخرى دونها، فأبى أن يقبلها، ثم قطم له أخرى دونها فقبلها، قال: إني آخذها، وأخاف أن يجد علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «عمدت إلى جلٍ، فتخيرت عليه إبله»، انتهى.
الشيخ: هذا يحتاج إلى كلام، قد يقال: إن هذا وهم من بعض الرواة؛ لأن المصدق ظن أنها لا تؤخذ مطلقًا، وإلا دلت النصوص على أنه إذا سمح رب المال بالكريمة جاز أخذها.
قال: (إلا أن يشاء ربها)، مادام سمح، الحمد لله، فهذا فيه إشكال، قد يقال: إن مصدق ظن أنها لا تؤخذ مطلقًا، وهناك القول: أتى بناقةٍ كوماء فقال الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «خذها»، إنما الممنوع أن يأخذها بدون سماح، فإذا سمح فالحمد لله، ما تكلم عليه بعد هذا.
الطالب: لا انتهى، الكلام عليه انتهى.
الشيخ: نعم.
قارئ المتن: باب صلاة الإمام على صاحب الصدقة.
2459-أخبرنا عمرو بن يزيد، قال: حدثنا بهز بن أسدٍ، قال: حدثنا شعبة، قال عمرو بن مرة: أخبرني، قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم، قال: «اللهم صل على آل فلان»، فأتاه أبي بصدقته فقال: «اللهم صل على آل أبي أوفى».
شرح الشيخ: هذا فيه مشروعية دعاء الوالي، أو المصدق لمن دفع الصدقة، أنه يُشرع له أن يدعو له.
قارئ المتن: باب إذا جاوز في الصدقة
2460-أخبرنا محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، واللفظ له، قالا: حدثنا يحيى، عن محمد بن أبي إسماعيل، عن عبد الرحمن بن هلال، قال: قال جرير رضي الله عنه: أتى النبي صلى الله عليه وسلم ناس من الأعراب، فقالوا: يا رسول الله، يأتينا ناس من مصدقيك يظلمون، قال: «أرضوا مصدقيكم»، قالوا: وإن ظلم؟ قال: «أرضوا مصدقيكم»، ثم قالوا: وإن ظلم؟ قال: «أرضوا مصدقيكم» قال جرير: «فما صدر عني مصدق منذ سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو راض».
2461-أخبرنا زياد بن أيوب، قال: حدثنا إسماعيل هو ابن علية، قال: أنبأنا داود، عن الشعبي، قال: قال جرير رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أتاكم المصدق فليصدر وهو عنكم راض».
شرح الشيخ: المصدق هو العامل الذي يرسله ولي الأمر لجمع الزكاة، وفيه: أنه ينبغي التسامح، وعدم النزاع مع المصدق والعامل، هو ليس فيه تقرير للظلم، لا، ليس فيه تقرير للظلم، ولا على إعطاء الزيادة؛ ولهذا لم يقول النبي صلى الله عليه وسلم: أرضوهم وإن ظلموا، قال: «أرضوهم»، «أرضوهم»، يرضوهم في حدود الشرع، ومن ثبت أنه ظلم، أو أخذ زيادة؛ فإنه يمكن إبلاغ الإمام عنه، والبحث معه فيه، لكن ينبغي التسامح، وعدم النزاع مع العامل الذي يرسله ولي الأمر، ولا ينصرف إلا راضي؛ هذا هو الأصل، لكن لو ظلم، فلا يقر على الظلم.
قارئ المتن: باب إعطاء السيد المال بغير اختيار المصدق
2462-أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا زكريا بن إسحق، عن عمرو بن أبي سفيان، عن مسلم بن ثفنة.
شرح الشيخ: ثفنة بالثاء، ثفِنة به مثلثة، وفاء ونون، أو ثَفَنة، يسمى ثفنة وثاء ونون مفتوحات، وقيل: كسرها، كثِفنة، وثَفنة، بالثاء.
قارئ المتن: عن مسلم بن ثفنة، قال: استعمل ابن علقمة أبي على عرافة قومه، وأمره أن يصدقهم، فبعثني أبي إلى طائفةٍ منهم لآتيه بصدقتهم، فخرجت حتى أتيت على شيخٍ كبير يقال له سعر، فقلت: إن أبي بعثني إليك لتؤدي صدقة غنمك، قال: ابن أخي وأي نحوٍ تأخذون؟ قلت: نختار حتى إنا لنشبر ضروع الغنم، قال: ابن أخي فإني أحدثك أني كنت في شعبٍ من هذه الشعاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غنمٍ لي، فجاءني رجلان، على بعيرٍ، فقالا: إنا رسولا رسول الله صلى الله عليه وسلم إليك لتؤدي صدقة غنمك، قال: قلت: وما علي فيها؟ قالا: شاة، فأعمد إلى شاة قد عرفت مكانها ممتلئةً محضًا وشحمًا فأخرجتها إليهما، فقال: «هذه الشافع، والشافع الحائل، وقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نأخذ شافعًا»، قال: فأعمد إلى عناق معتاط، والمعتاط التي لم تلد ولدًا وقد حان ولادها، فأخرجتها إليهما فقالا: «ناولناها»، فرفعتها إليهما فجعلاها معهما على بعيرهما ثم انطلقا.
شرح الشيخ: لِأَنَّهَا وإن كانت من خيار ماله، إلا أنها دون الشافع والحابل.
قارئ المتن: 2463-أخبرنا هارون بن عبد الله، قال: حدثنا روح، قال: حدثنا زكريا بن إسحق، قال: حدثني عمرو بن أبي سفيان، قال: حدثني مسلم بن ثفنة، أن ابن علقمة استعمل أباه على صدقة قومه، وساق الحديث.
2464-أخبرني عمران بن بكار، قال: حدثنا علي بن عياش، قال: حدثنا شعيب، قال: حدثني أبو الزناد، مما حدثه عبد الرحمن الأعرج، مما ذكر أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه، يحدث، قال: وقال عمر: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقةٍ فقيل: منع ابن جميل وخالد بن الوليد وعباس بن عبد المطلب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرًا فأغناه الله، وأما خالد بن الوليد فإنكم تظلمون خالدًا قد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله».
شرح الشيخ: يعني ما يمكنه من الزكاة وهو سبل، سبل، يسبل شيء ويمنع الزكاة، هذا احتبس أدرعه وأعتده في سبيل الله، سبلها، يعني شخص سبل، ووقف، ويمنع من الزكاة الواجبة ما يمكن، ولذلك قال: «فإنكم تظلمون خالدًا»، خالد أعتده وأدراعه أوقفها في سبيل الله، فالزكاة من باب أولى دفعها.
قارئ المتن: «وأما العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي عليه صدقةٌ ومثلها معها».
2465-أخبرنا أحمد بن حفص، قال: حدثني أبي، قال: حدثني إبراهيم بن طهمان، عن موسى، قال: حدثني أبو الزناد، قال: عن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقةٍ» مثله سواء.
شرح الشيخ: هنا قال: «عليه»، وفي اللفظ الآخر: «فهي عليَّ ومثلها»؛ يعني الرسول صلى الله عليه وسلم تحملها عنه، هذا «علي ومثلها»، تكلم عن قوله: وعليَّ في الرواية الأخرى.
عليه، هنا قال: «فهي عليه»، الرسول قال: «فهي عليَّ»، الرسول يقول: «عليَّ أن أتحملها عنه»، وقال: «ما علمت أن عم الرجل صنو أبيه»؛ أي مثل أبيه.
قارئ المتن: 2466-أخبرنا عمرو بن منصور، ومحمود بن غيلان، قالا: حدثنا أبو نعيم.
شرح الشيخ: هنا، أكمل.
قارئ المتن: قال: وأما العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، «فهي عليه»، وفي نسخةٍ: «علي صدقٌ ومثلها معها».
قال في الفتح: كذا في رواية شعيب، ولم يقل ورقاء ولا موسى بن عقبة: صدقة.
فعلى الرواية الأولى يكون صلى الله عليه وسلم ألزمه بتضعيف صدقته، ليكون أرفع لقدره وأنبه لذكره، وأنفى للذم عنه.
فالمعنى: فهي صدقة ثابتة عليه سيصدق بها ويضيف إليها مثلها كرمًا، ودلت رواية مسلم على أنه صلى الله عليه وسلم التزم بإخراج ذلك عنه لقوله: «فهي علي».
وفيه تنبيهٌ على سبب ذلك، وهو قوله: «إن العم صنو الأب»، تفضيلًا له وتشريفًا، ويحتمل أن يكون تحمل عنه بها فيستفاد منه أن الزكاة تتعلق بالذمة كما هو أحد قولي الشافعي، وجمع بعضهم بين رواية: «علي»، ورواية: «عليه»، بأن الأصل رواية: «علي»، ورواية: «عليه»، مثلها إلا أن فيها زيادة هاء السكت، حكاه ابن الجوزي عن ابن ناصر، وقيل معنى قوله: «علي»؛ أي هي عندي قرضٌ، لأنني استسلفت منه صدقة عامين، وقد ورد ذلك تصريحًا فيما أخرجه الترمذي وغيره من حديث علي، وفي إسناده مقال.
وفي الدارقطني من طريق موسى بن طلحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنا كنا احتجنا فتعجلنا من العباس صدقة ماله سنتين»، وهذا مرسل.
وروى الدارقطني أيضًا موصولًا بذكر طلحة فيه، وإسناد المرسل أصح، وفي الدارقطني أيضًا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عمر ساعيًا، فأتى العباس فأغلظ له، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن العباس قد أسلفنا زكاة ماله العام، والعام المقبل»، وفي إسناده ضعيف، وأخرجه أيضًا هو والطبراني من حديث أبي رافع رضي الله عنه نحو هذا، وإسناده ضعيف أيضًا.
ومن حديث ابن مسعود: «أن النبي صلى الله عليه وسلم تعجل من العباس صدقته سنتين»، وفي إسناده محمد بن ذكوان وهو ضعيف.
ولو ثبت لكان رافعًا للإشكال ولرجح به سياق رواية مسلم على بقية الروايات، وفيه رد لقول من قال: إن قصة التعجيل إنما وردت في وقتٍ غير الوقت الذي بعث فيه عمر لأخذ الصدقة، قال الحافظ: وليس ثبوت هذه القصة في تعجيل صدقة العباس ببعيدٍ في النظر بمجموع هذه الطرق والله أعلم.
شرح الشيخ: إن كانت مراسيل يشد بعضه بعضًا، الحاصل أن كل رواية لها معنى.
قارئ المتن: أخبرنا عمرو بن منصور، ومحمود بن غيلان، قالا: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن إبراهيم بن ميسرة، عن عثمان بن عبد الله بن الأسود، عن عبد الله بن هلال الثقفي، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: كدت أقتل بعدك في عناقٍ أو شاةٍ من الصدقة، فقال: «لولا أنها تعطى فقراء المهاجرين ما أخذتها».
شرح الشيخ: «لولا أنها تعطى فقراء المهاجرين ما أخذتها»، حاصل الجواب: أن الزكاة شُرعت لتُصرف في مصارفها، ولولا ذلك لما أُخذت أصلًا، وليست مما لا فائدة في أخذها، فليس لرب المال أن يشدد في العطاء، حتى يفضي ذلك إلى تشديد العامل، ويحتمل أن هذا الشاكي هو العامل، يشكو شدة أرباب الأموال في الإعطاء حتى يخاف أن يؤدي ذلك إلى القتل.
ومعنى (بعدك)؛ أي بعد غيبته عنك، وذهابه إلى أرباب الأموال، وحصر الجواب: أنه لولا استحقاق المصارف، لما أخذ الزكاة، بل ترك الأمر إلى أصحاب الأموال، والنظر للمصارف، يدعو إلى تحمل المشاق، فلا بد من الصبر عليها، وهذا الوجه أنسب لترجمة المصنف، (باب: إعطاء السيد المال بغير اختيار المصدق).
قارئ المتن: باب زكاة الخيل
2467-أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا وكيع، عن شعبة، وسفيان، عن عبد الله بن دينار، عن سليمان بن يسار، عن عراك بن مالك، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة».
شرح الشيخ: قصده بالصدقة: الزكاة يعني.
قارئ المتن: 2468-أخبرنا محمد بن علي بن حرب المروزي، قال: حدثنا محرز بن الوضاح، عن إسماعيل وهو ابن أمية، عن مكحول، عن عراك بن مالك، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا زكاة على الرجل المسلم في عبده ولا فرسه».
2469-أخبرنا محمد بن منصور، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا أيوب بن موسى، عن مكحول، عن سليمان بن يسار، عن عراك بن مالك، عن أبي هريرة، يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة».
2470-أخبرنا عبيد الله بن سعيد، قال: حدثنا يحيى، عن خثيم، قال: حدثنا أبي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «ليس على المرء في فرسه ولا في مملوكه صدقة».
شرح الشيخ: وهذا إذا كان الفرس أو العبد للقنية، فلا زكاة فيه، ومثله السيارة، والدار التي يسكنها الإنسان، أما إذا أُعد فرس، أو العبد، أو السيارة، أو الدار للتجارة، ففيها زكاة التجارة، وكذا إذا أُعد للأجرة، البيت اللي يؤجر، أو السيارة التي تؤجر لا زكاة فيها في الرقبة، وإنما زكاة في الأجرة، ومثله الأسهم أُعدت للريع والغلة، فلا زكاة فيها بل في الغلة.
وكذا آلات ومعدات التجار، والصائغ، لا زكاة فيها، بل فيما يكسبه منها إذا حال عليه الحول، معدات التاجر، الصانع، والنجار، وغيره، معدات، ومكينات، ما فيها زكاة، وإنما الزكاة ما تحصل من الدراهم إذا حال عليها الحول.
قارئ المتن: باب زكاة الرقيق
2471-أخبرنا محمد بن سلمة، والحارث بن مسكين، قراءةً عليه وأنا أسمع، واللفظ له، عن ابن القاسم، قال: حدثني مالك، عن عبد الله بن دينار، عن سليمان بن يسار، عن عراك بن مالك، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة».
2472-أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا حماد، عن خثيم بن عراك بن مالك، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «ليس على المسلم صدقةٌ في غلامه ولا في فرسه».
شرح الشيخ: غلامه: يعني عبده.
قارئ المتن: باب زكاة الورق
2473-أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي، عن حماد.
شرح الشيخ: بكسر الراء، يعني الفضة.
الورقة النقدية قائمةٌ مقامها.
قارئ المتن:
2473-أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي، عن حماد قال: حدثنا يحيى وهو ابن سعيد، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس فيما دون خمسة أواقٍ صدقة، ولا فيما دون خمس ذودٍ صدقة، وليس فيما دون خمس أوسقٍ صدقة».
شرح الشيخ: هذا أقل نصاب الحبوب والثمار، خمسة أوثق، فلا زكاة فيما دونها، والوثق ستون صاعًا، وخمسة الأوثق، ثلاث من الصاع، الصاع كما سبق، والصاع ملئ كف الرجل المتوسط اليدين، لا الصغيرين، ولا الكبيرتين، وصاعنا الحالي يعادل صاع النبي صلى الله عليه وسلم وخمس، بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، صاع وخمس.
قارئ المتن:
2474-أخبرنا محمد بن سلمة، قال: أخبرنا ابن القاسم، عن مالك، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ليس فيما دون خمس أوسقٍ من التمر صدقة، وليس فيما دون خمس أواقٍ من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس ذودٍ من الإبل صدقة».
2475-أخبرنا هارون بن عبد الله، قال: حدثنا أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، عن يحيى بن عمارة، وعباد بن تميم، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «لا صدقة فيما دون خمس أوساقٍ من التمر، ولا فيما دون خمس أواقٍ من الورق صدقة، ولا فيما دون خمس ذودٍ من الإبل صدقة».
2476-أخبرنا محمد بن منصور الطوسي، قال: حدثنا يعقوب، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا ابن إسحق، قال: حدثني محمد بن يحيى بن حبان، ومحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، وكانا ثقة، عن يحيى بن عمارة بن أبي حسن، وعباد بن تميم، وكانا ثقة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «ليس فيما دون خمس أواقٍ من الورق صدقة، وليس فيما دون خمسٍ من الإبل صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسقٍ صدقة».
2477-أخبرنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا أبو أسامة، قال: حدثنا سفيان، عن أبي إسحق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد عفوت عن الخيل والرقيق، فأدوا زكاة أموالكم من كل مائتين خمسة».
2478-أخبرنا حسين بن منصور، قال: حدثنا ابن نمير، قال: حدثنا الأعمش، عن أبي إسحق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد عفوت عن الخيل والرقيق وليس فيما دون مائتين زكاة».
شرح الشيخ: معنى عفوت: يعني تركت لكم أخذ زكاتها، وتجاوزت عنها.
قارئ المتن: باب زكاة الحلي
2479-أخبرنا إسماعيل بن مسعود، قال: حدثنا خالد، عن حسين، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن امرأةً من أهل اليمن أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنتٌ لها، في يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهبٍ، فقال: «أتؤدين زكاة هذا؟» قالت: لا، قال: «أيسرك أن يسورك الله عزَّ وجلَّ بهما يوم القيامة سوارين من نار»، قال: فخلعتهما فألقتهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: هما لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
2480-أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت حسينًا، قال: حدثني عمرو بن شعيب، قال: جاءت امرأة ومعها بنت لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي يد ابنتها مسكتان، نحوه مرسل، قال أبو عبد الرحمن: «خالد أثبت من المعتمر».
شرح الشيخ: وعبد الرحمن هو النسائي، «خالد أثبت من المعتمر»؛ يعني: خالد في السند الأول، عمرو بن شعيب، هنا في السند الثاني، هو زكاة الحلي، قال: (باب: زكاة الحلي)، ولم يقول: وجوب، أو عدم وجوب؛ لأن الخلاف قوي، الأئمة الثلاثة: (أحمد، والشافعي، ومالك)، يرون أن الحلية لا تجب فيها الزكاة، وأبو حنيفة يرى فيها الزكاة.
كان سماحة الشيخ عبد العزيز رحمه الله، في الأول كان يفتي، وكذلك الشيخ محمد بن عثيمين بعدم وجوب الزكاة في الحلي، ثم تغيرت الفتوى، فصاروا أخيرًا يفتون بوجوب زكاة الحلي، وهذا الحديث حديث عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، استدل به على وجوب زكاة الحلي، والحديث (عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده)، وأبوه محمد، وجده عبد الله بن عمرو بن العاص، فالحديث متصل، وعمرو بن شعيب إذا لم ينفرد، فهو ثقة.
ولهذا قال الحافظ في البلوغ على هذا الحديث: رواه الثلاثة، وإسناده قوي، الحافظ في البلوغ قوى هذا الحديث، قال: رواه الثلاثة، وإسناده قوي.
والثلاثة هما: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وبماذا يدل هذا الحديث؟ الحديث يدل على وجوب الزكاة، يستدل على حديث أم سلمة، أنها كانت تلبس أوضاحًا من ذهب، فقالت: يا رسول الله: أكنزٌ هو؟ فقال: «ما أديت زكاته، فليس بكنز»، رواه أبو داود، والدارقطني، وصححه الحاكم، وهو من حديث البلوغ.
ويستدل أيضًا بحديث عائشة الذي صححه الحاكم، يقول الحافظ في البلوغ: «وهو أن عائشة دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، وفي يده فتخات من ورق فضة، فقال: ما هذا؟ قالت: صنعتهن لأتزين بهن لك يا رسول الله، فقال: لا تؤدي زكاتهن؟ قالت: لا، قال: هن حسبك من النار».
قال الحاكم: إسناده على شرط الشيخين، وهذا القول بوجوب زكاة مذهب الإمام أبي حنيفة، والجمهور يرون أن الحديث ضعيف، يضعفه من هذا الحديث حديث عمرو بن شعبة، واستدلوا بحديث: «ليس للحلي من زكاة»، وهو حديثٌ ضعيف أيضًا، لو صح الزكاة لكانت فاصل في النزاع، لو كانت صح، انتهى النزاع، لكنه لا يصح.
واستدلوا أيضًا الجمهور بالقياس على الأمتعة والثياب، قالوا: كما أن الأمتعة، والثياب، والدواليب في البيت، والفرش ما فيها زكاة، فكذلك هذا، هذا يستعمل لماذا؟ للزينة.
وأجيب الإمام ابن حسن: قيل هذا قياس في مقابلة النص، ثم هو قياسٌ مع الفارق؛ لأن الذهب إذا كان محرمًا، أو عد للنفقة؛ وجب فيه الزكاة حتى عند الجمهور، هذا الذهب إذا كان محرم، أو عِد للنفقة، فيه زكاة، حتى عند الجمهور وغيرهم، دون الثياب والأمتعة فلا زكاة فيها عند الجميع.
وقالوا: إن قال به ستةٌ من الصحابة الجمهور، ورجح جمع من المحققين أن وجوب الزكاة في الحلي هذه الأدلة الخاصة، وللأدلة العامة، الأدلة العامة قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34]، تشمل الحلي، قال: «ما من صاحب ذهبٍ ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا بطح لها بقاع قرقر»، كما سبق في الحديث.
والترمذي لما أخرج الحديث قال: لم يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، قال: لأنه أخذ الحديث من طريق ضعيف، ولكن له طريقٌ صحيح، أخرجه من طريقين ضعيفين، أحدهما من طريق المثنى بن صباح، وعمرو بن شعيب، والثاني من طريق بن لهيعة، وابن شعيب والمثنى بن الصباح وابن لهيعة ضعيفان، ولكن النسائي وأبا داود رواياه من طريق خالد بن الحارث، وهو طريقٌ صحيح.
فالقول: بوجوب الزكاة، قولٌ قوي على هذا، وهو الحافظ، وفيه احتياط، وإن كان الخيار قول الجمهور.
قارئ المتن: باب مانع زكاة ماله
2481-أخبرنا الفضل بن سهل، قال: حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الذي لا يؤدي زكاة ماله يخيل إليه ماله يوم القيامة شجاعًا أقرع له زبيبتان»، قال: «فيلتزمه أو يطوقه»، قال: «يقول: أنا كنزك، أنا كنزك».
2482-أخبرنا الفضل بن سهل، قال: حدثنا حسن بن موسى الأشيب، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار المدني، عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «من آتاه الله عزَّ وجلَّ مالا فلم يؤد زكاته مثل له ماله يوم القيامة شجاعًا أقرع له زبيبتان، يأخذ بلهزمتيه يوم القيامة، فيقول: أنا مالك، أنا كنزك»، ثم تلا هذه الآية: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [آل عمران: 180] الآية.
شرح الشيخ: وهذا عذاب معجل لمانع الزكاة في البرزخ، وفي موقف القيامة، وفضيحةٌ له قبل عذاب النار، ودل الحديث السابق على أنه قد يُعذب بالنار، وقد لا يُعذب، يقول: (فيرى سبيله إما إلى الجنة، وإما إلى النار).
قارئ المتن: زكاة التمر
2483-أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن إسماعيل بن أمية، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن يحيى بن عمارة.
شرح الشيخ: حَبان بفتح الحاء.
قارئ المتن: عن محمد بن يحيى بن حبان، عن يحيى بن عمارة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس فيما دون خمسة أوساقٍ من حبٍ أو تمرٍ صدقة».
باب زكاة الحنطة
2484-أخبرنا إسماعيل بن مسعود، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا روح بن القاسم، قال: حدثني عمرو بن يحيى بن عمارة، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يحل في البر والتمر زكاةٌ حتى تبلغ خمسة أوسقٌ، ولا يحل في الورق زكاةٌ حتى تبلغ خمسة أواقٍ، ولا يحل في إبل زكاةٌ حتى تبلغ خمس ذود».
باب زكاة الحبوب
2485-أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن إسمعيل بن أمية، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن يحيى بن عمارة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «ليس في حبٍ ولا تمرٍ صدقةٌ حتى تبلغ خمسة أوسق، ولا فيما دون خمس ذودٍ، ولا فيما دون خمس أواقٍ صدقة».
القدر الذي تجب فيه الصدقة
2486-أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا إدريس الأودي، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن أبي سعيد رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس فيما دون خمس أواقٍ صدقة».
2487-أخبرنا أحمد بن عبدة، قال: حدثنا حماد، عن يحيى بن سعيد، وعبيد الله بن عمر، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «ليس فيما دون خمس أواقٍ صدقة، ولا فيما دون خمس ذودٍ صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسقٍ صدقة».
شرح الشيخ: المؤلف رحمه الله كثر التراجم لاستنباط الأحكام، يكرر الأحاديث، كم مر الحديث من المرات لأجل استنباط الأحكام، أخذ طريقة الإمام البخاري في هذا، وأخذ طريقة الإمام مسلم في جمع الأحاديث من مكانٍ واحد أحيانًا، والروايات، واستفاد من الطريقتين: طريقة البخاري في التراجم، وطريقة مسلم في جمع الأحاديث، أو رواية الأحاديث من مكانٍ واحد، طرق الحديث من مكانٍ واحد.
قارئ المتن: باب ما يوجب العشر وما يوجب نصف العشر
2488-أخبرنا هارون بن سعيد بن الهيثم أبو جعفر الأيلي، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «فيما سقت السماء والأنهار والعيون أو كان بعلًا العشر، وما سقي بالسواني والنضح نصف العشر».
شرح الشيخ: هذا أخرجه الشيخان، وذلك أن الذي يُسقى بالسماء والأنهار والعيون والبعل ما فيه كلف، ولا تعب، بخلاف الذي بالسواري بالأبل، أو بالمكايل يستخرجها، هذا فيه إنفاق مالٌ وتعب؛ ففيه نصف العشر.
قارئ المتن:
2489-أخبرني عمرو بن سواد بن الأسود بن عمرو، وأحمد بن عمرو، والحارث بن مسكين، قراءةً عليه وأنا أسمع، عن ابن وهب، قال: حدثنا عمرو بن الحارث، أن أبا الزبير، حدثه أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «فيما سقت السماء والأنهار والعيون العشر، وفيما سقي بالسانية نصف العشر».
2490-أخبرنا هناد بن السري، عن أبي بكر وهو ابن عياش، عن عاصم، عن أبي وائل، عن معاذ، قال: «بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فأمرني أن آخذ مما سقت السماء العشر، وفيما سقي بالدوالي نصف العشر».
شرح الشيخ: الدوالي: ما يُدَل في البئر لإخراج الماء، كالدلوا ونحوه، ومكايل وما أشبه.
قارئ المتن: كم يترك الخارص
2491-أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، ومحمد بن جعفر، قالا: حدثنا شعبة، قال: سمعت خبيب بن عبد الرحمن، يحدث عن عبد الرحمن بن مسعود بن نيار، عن سهل بن أبي حثمة، قال: أتانا ونحن في السوق، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تأخذوا أو تدعوا الثلث-شك شعبة- فدعوا الربع».
شرح الشيخ: وذلك أن ولي الأمر يرسل عمال ليخرصون على أهل الثمار ثمارهم، ويتركون لهم الربع ما يخرصونه، أو الثلث، وهذا من رحمة الله بأهل الثمار، يعني يترك لهم الثلث، أو يترك لهم الربع توسعة على أرباب الثمار، في التناول منها، وأكل ما يحتاجون، وما يعتريه من الضيوف وأبناء السبيل، هم يحتاجون يأكلون، والمار يأكل، والضيف يأكل، ويترك له الثلث أو الربع.
قارئ المتن: قوله عزَّ وجلَّ: {لَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267]
2492-أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، والحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن وهب، قال: حدثني عبد الجليل بن حميد اليحصبي، أن ابن شهاب، حدثه، قال: حدثني أبو أمامة بن سهل بن حنيف، في الآية التي قال الله عزَّ وجلَّ: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267]، قال: هو الجعرور ولون حُبيقٍ«فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تؤخذ في الصدقة الرذالة».
شرح الشيخ: (الجعرور ولون حُبيق)؛ نوعٌ من التمر الرديء، نوعٌ رديء، هذا الجعرور ولون حبيق، والرذالة: الرديء.
قال الله تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}، لا يعطي الإنسان الرديء، كما أنه لا يأخذ الرديء، في الآية الأخرى: {إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} [البقرة: 267]؛ يعني: ما يقبل أحد الرديء، فإذا كنت لا تأخذ الرديء، فلا تخرج الرديء.
قارئ المتن:
2493-أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: أنبأنا يحيى، عن عبد الحميد بن جعفر، قال: حدثني صالح بن أبي عريب، عن كثير بن مرة الخضرمي، عن عوف بن مالك، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيده عصا وقد علق رجل قنو حشف، فجعل يطعن في ذلك القنو، فقال: «لو شاء رب هذه الصدقة تصدق بأطيب من هذا، إن رب هذه الصدقة يأكل حشفا يوم القيامة».
شرح الشيخ: الحديث في سنده صالح بن أبي عريب، وهو مقبول من السادسة كما قال الحافظ، وعليه فالحديث ضعيف، إلا إذا وجد له متابع أو شاهد، بل كان الصحابة يعلقون في المسجد القنو من التمر، قد يكون في بعضه حشفة، ماذا قال عليه؟
الطالب: عريب بفتح المهملة وكسر الراء آخره موحدة، اسمه قليب بالقاف الموحدة مصغرًا بن حرمل بن كليب الحضرمي، مقبول.
روى عن كثير بن مرة، وخلاد بن السائب، ومختار الحميري، وعنه الليث وحيوة ابن شريح، وابن لهيعة، وعبد الحميد بن جعفر الأنصاري، وغيرهم ذكره ابن حبان في الثقات، أخرجه له أبو داود، والمصنف بن ماجة، وله عندهم هذا الحديث، وله عند أبي داود حديثٌ آخر أيضًا: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة».
ثم قال أحسن الله عملك: حديث عوف بن مالك رضي الله عنه هذا حسن.
الشيخ: ذكر متابعه قال ماذا؟
الطالب: ما ذكر متابع ولكن لعله.
الشيخ: ماذا قال عنه، صالح بن أبي عريب ماذا؟
الطالب: صالح بن أبي عريب، بفتح المهملة، وكسر الراء، آخره موحدة، اسمه قليب، بالقاف والموحدة مصغرًا، ابن حرمل بن كليب الحضرمي، مقبول، روى عن كثير بن مرة، وخلاد بن السائب، ومختار الحميري، وعنه الليث وحيوة ابن شريح، وابن لهيعة، وعبد الحميد بن جعفر الأنصاري، وغيرهم ذكره ابن حبان في الثقات، أخرجه له أبو داود، والمصنف بن ماجة، وله عندهم هذا الحديث، وله عند أبي داود حديثٌ آخر أيضًا: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة».
في الحديث عند ابن ماجة.
الشيخ: الشاهد ماذا قال؟
الطالب: وهذا طريق يحيى أحسن الله عملك.
الشيخ: على كل حال يكون حسن، يعني بشواهده أن كان الصحابة يعلقوا في المسجد القنو من التمر، وقد يكون في بعضه حشف، لكن النبي صلى الله عليه وسلم جعل يطعن فيه، قال: «لو شاء رب هذه الصدقة، تصدق بأطيب من هذا، إن رب هذه الصدقة يأكل الحشفة».
الطالب: هلا هنا نظر إلى ذكر ابن حبان له في الثقات أحسن الله عملك.
الشيخ: نعم، قوله: «يأكل الحشفة»، هنا ذكر السندي في الحاشية، قال: جزاءه حشفة، أو يحتمل أن يكون يجعل الجزاء من جنس الأصل، ويخلق الله تعالى في هذا الرجل، ماذا يقول؟ فيأكل فلا ينافيه قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ} [فصلت: 31].
على كل حال يعني إذا قلنا: الحديث حسن، يعني يكون في هذا أنه لا ينبغي للإنسان أن يخرج الحشف، أو سبب هذا يتصدق بأطيب من هذا، «إن رب هذه الصدقة يأكل الحشفة»، لا شك أن هذا ذم، هذا ذم له.
والسندي قال: إن هذا إنه ما ينافي أن يكون هذا الرجل، يجعله الله يشتهي الحشف، قوله: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ} [فصلت: 31]، هذا ليس بظاهر.
على كل حال فيه ذم، مع الآية: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267]، يكون ذمٌ له، ويكون حديث يعني حسن، يكون فيه ذم، على هذا يكون ذم، فيه ذم، فيه ذمٌ له، ولا يقال: الحديث ضعيف.
قارئ المتن: قال رحمه الله تعالى: باب المعدن
2494-أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا أبو عوانة، عن عبيد الله بن الأخنس، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة؟ فقال: «ما كان في طريق مأتي أو في قرية عامرةٍ فعرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فلك، وما لم يكن في طريقٍ مأتي ولا في قريةٍ عامرة ففيه وفي الركاز الخمس».
شرح الشيخ: الحديث سنهد لا بأس به، وهو دليل على أن اللقطة تعرف في القرية العامرة، والطريق المأتي سنة، ثم تكون له، فإن جاء صاحبها للدار، دفعها إليه.
أما إذا كان اللقطة في طريقٍ غير مأتي، أو في قرية غير عامرة، فإنها لا تُعرف، فلا تُعرف، بل تكون له، ويكون حكمها حكم الركاز يجب فيها الخمس من بيت المال، يعني إذا كانت اللقطة في طريقٍ مأتي، طريق مسلوك يعني، أو قريةٍ عامرة، تُعرف سنة.
وإذا لم تكن في طريقٍ مأتي، ولا بعامرة؛ يكون حكمها حكم الركاز، والركاز فيه الخمس، «وفي الركاز الخمس»، يجب من بيت المال، والأربع الأخماس تكون له، تكلم عليه؟
الطالب: في درجته؟
الشيخ: في درجته وفي المتن، ماذا قال عليه؟
الطالب: عبد الله بن عمرو هذا صحيح، وقد تابع عبيد الله بن الأخنس محمد بن عجلان، والوليد بن كثير، ومحمد بن إسحاق، تكلم عن عمرو بن شعيب به.
أخرج أحاديثهم أبو داود في سننه في كتاب اللقطة والله أعلم.
الشيخ: حديث حسن، حديث عمرو بن شعيب حديثٌ حسن إذا لم يخالف، نعم والكلام عليه ماذا قال؟
الطالب: قال: المسألة الثالثة: في فوائده منها بيان حكم اللقطة، وأنه مختلف، فمنها ما يجب تعريفه، وهو ما وجد في الطريق المسلوك، والقرية الجامعة، ومنها ما لا يجب، وهو ما كان في مواتى الأرض التي لم يسكنها مسلمٌ قط، ومنها: أن تعريف اللقطة سنةً كاملةً واجب، ومنها أن الملتقط يملك التصرف باللقطة بعد التعريف المشروع، ومنها أنه يجب الخمس فيما وجد من اللقطة في الخراب العادي الذي لم يسكنه مسلمون، ومنها وجوب الخمس في الركاز، وهو دفن الجاهلية.
المسألة الرابعة: هذا الحديث يدل على أن اللقطة تعرف سنةً واحدةً فقط، لكن يعارضه ما أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يعرفها ثلاثة أعوام»، ولفظ البخاري من طريق شعبة عن سلمة بن كهيل، عن سويد بن غفلة، قال: «لقيت أبي بن كعب رضي الله عنه فقال: أخذت صرةً فيها مائة دينار، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: عرفها حولًا، فعرفتها حولًا، فلم أجد من يعرفها، ثم أتيه فقال: عرفها حولًا، فعرفتها فلم أجد، ثم أتيت ثلاثًا، قال: أحفظ وعائها وعددها ووكاءها، فإن جاء صاحبها، ولا فاستمتع بها، فاستمتعت بها فلقيت بعد بمكة، فقال: لا أدري ثلاثة أحوالٍ، أو حولًا واحدًا».
والجواب: أن التعريف سنةً واحدةً هو الأرجح؛ لأن سلمة بن كهين شك في التعريف ثلاثة أعوام، بدليل أن شعبة قال: «فلقيت بعد بمكة، قال: لا أدري ثلاثة أحوالٍ، أو حولًا واحدًا».
بخلاف رواية: «عرفها سنة»، قد صحت في حديث عبد الله بن عمرو المذكور في الباب، في حديث زيد بن خالد الجهني عند الشيخين، وغيرهما لم يختلف الرواة فيها، فوجب تقديمها.
وجزم ابن حزم وابن الجوزي بأن هذه الزيادة غلط، والذي يظهر أن سلمة أخطأ فيها، ثم تثبت واستذكر، واستمر على عامٍ واحد، ولا يؤخذ إلا بما لم يشك فيه، راويه.
ومن العلماء من حمل حديث أُبي بن كعب، على مزيد الورع على التصرف في اللقطة، والمبالغة في التعفف عنها، وحديث عبد الله، وزيد على ما لا بد منه، أو لاحتياج الأعرابي في حديث زيد، واستغناء أبي، والوجه الأول أولى.
قال المذري: لم يقل أحدٌ من أئمة الفتوى؛ أن اللقطة تُعرف ثلاثة أعوام، إلا شيءٌ جاء عن عمر، انتهى.
قد حكاه الماوردي عن شواذٍ من الفقهاء، وحكى ابن المنذر عن عمر أربعة أقوال، يعرفها ثلاثة أحوال، عامًا واحدًا، ثلاثة أشهر، ثلاثة أيام، ويُحمل ذلك على عظم اللقطة وحقارتها.
وزاد بن حزمٍ عن عمر قولًا خامسًا: وهو أربعة أشهر، والحاصل أن التعريف سنةً واحدةً هو الحق، والله تعالى أعلم بالصواب.
الشيخ: نعم، المقصود: أن الحديث السابق لا بأس به.
قارئ المتن:
2495-أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ح وأخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن الزهري، عن سعيد، وأبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «العجماء جرحها جبارٌ، والبئر جبارٌ، والمعدن جبارٌ، وفي الركاز الخمس».
2496-أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سعيد، وعبيد الله بن عبد الله، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله
2497-أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد، وأبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «جرح العجماء جبارٌ، والبئر جبارٌ، والمعدن جبارٌ، وفي الركاز الخمس».
2498-أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا هشيم، أنبأنا منصور، وهشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البئر جبارٌ، والعجماء جبارٌ، والمعدن جبارٌ، وفي الركاز الخمس».
شرح الشيخ: معنى جبار: هدر، والعجماء: هي البهيمة، سميت عجماء لأنها لا تتكلم، ومعنى جبار: معدن، جِبار يعني هدر، لا ضمان فيه، وهذا إذا كانت الدابة مرسلة في رعيها، أو منفلتة من صاحبها.
أما إذا كانت مع صاحبها يسوقها، أو يقودها؛ فإن يضمن ما أصاب بفمها وبرجلها، وكذا إذا أصابت من أصحاب الحرث، وأتلفت عليهم شيئًا من حرثهم بالنهار، فإنه يضمنه دون ما أصابت بالليل.
وقوله: «البئر جُبار»؛ يعني إذا حفر بئرًا في ملكه، أو بأرضٍ، يأتي فيها ابن السبيل، فسقط فيها إنسان، فإنها فانهارت عليه، فهدر، أما إذا حفرها في طريق الناس، فإنه يضمن، وإذا استأجر رجلًا لاستخراج معدن، أو حفر بئرًا، فانهارت عليه المعدن، أو وقع فيه إنسان، فلا يضمن هنا.
قارئ المتن: باب: زكاة النحل
2499-أخبرني المغيرة بن عبد الرحمن، قال: حدثنا أحمد بن أبي شعيب، عن موسى بن أعين، عن عمرو بن الحارث، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: «جاء هلال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشور نحل له، وسأله أن يحمي له واديًا يقال له سلبة، فحمى له رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الوادي» فلما ولي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كتب سفيان بن وهب إلى عمر بن الخطاب يسأله، فكتب عمر: "إن أدى إلي ما كان يؤدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عشر نحله فاحم له سلبة ذلك، وإلا فإنما هو ذباب غيث يأكله من شاء".
شرح الشيخ: والحديث في سنده جيد، وهو دليل على أن الزكاة في العسل غير واجبة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطلب الزكاة من هلال، وإنما جاء بعشور نحلٍ له، وهو جاء من دون سؤال، وسأله أن يحمي له الوادي الذي فيه النحل مقابل ذلك، واسم الوادي سلبة، فحمى له النبي صلى الله عليه وسلم، وهنا قال عمرو رضي الله عنه لسفيان بن وهب: إن أدى إليَّ ما كان يؤدي إلى رسول الله عشر ماله، من عشر نحله، فاحمى له سلبة ذلك، وإلا فلا يلزم عليك حفظه، لأنه مشترك يأكله من شاء.
فعُلم أن الزكاة في العسل غير واجبة على وجهٍ يجبر صاحبه على الدفع، فإذا دفعها قبلها ولي الأمر، إذا دفعها بنفسه، قبلها ولي الأمر، كما لو دفع إنسانٌ ماله لبيت مال المسلمين، فإنه يقبله، وقد اختلف العلماء في وجوب الزكاة في العسل، ذهبت المالكية والشافعية إلى الوجوب، وذهب الحنابلة والحنفية إلى عدم الوجوب، وهو الصواب كما دل عليه هذا.
قارئ المتن: باب فرض زكاة رمضان
2500-أخبرنا عمران بن موسى، عن عبد الوارث، قال: حدثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة رمضان على الحر والعبد، والذكر والأنثى، صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، فعدل الناس به نصف صاع من بر».
شرح الشيخ: اجتهد، عدله معاوية رضي الله عنه، لما جاءت الحبة السمراء، صارت الشام يخرج فيها جبوب جيدة، فاجتهد، وقال: نصف الصاع يكفي عن الصاع، أو ربع الصاع يكفي عن نصف الصاع، اجتهد فأخذ الناس به، وأما أبو سعيد فقال: أما أنا فلا أزال أخرجه صاعً، كما كنت أخرجه مع النبي صلى الله عليه وسلم، اجتهد معاوية رضي الله عنه لما جاءت الحبوب الجيدة، حبوب جيدة حمراء، قوية، دجنة في البر فقال: هذه جيدة، يكفي نصف الصاع، يكفي عن الصاع، اجتهد وأخذ به الناس بهذا.
والصواب: أنه صاع، يجب صاع سواء من الجيدة أو من غيرها.
قارئ المتن: باب فرض زكاة رمضان على المملوك
2501-أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا حماد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر على الذكر والأنثى، والحر والمملوك صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير»، قال: «فعدل الناس إلى نصف صاعٍ من بر».
شرح الشيخ: فيه: وجوب الزكاة على المملوك لقوله: «والمملوك»، المؤلف يكرر الحديث والتراجم، نفس الحديث جابه في الأول بفرض الزكاة دليل على أن زكاة الفطر فرض، وأعاده في الترجمة الثانية الدليل على الزكاة على المملوك، وسيعيده في الترجمة الثالثة دليل على الزكاة على الصغير، وهكذا، وهو سيعيد مرة رابعة دليل على أن الزكاة على المسلمين دون غيرهم، وهكذا استنباط الأحكام.
قارئ المتن: فرض زكاة رمضان على الصغير
2502-أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة رمضان على كل صغيرٍ وكبيرٍ، حرٍ وعبدٍ، ذكر وأنثى صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير».
فرض زكاة رمضان على المسلمين دون المعاهدين
2503-أخبرنا محمد بن سلمة، والحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له، عن ابن القاسم، قال: حدثني مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير على كل حرٍ أو عبدٍ، ذكر أو أنثى من المسلمين».
شرح الشيخ: ففي الحديث فرضية الزكاة على المسلمين دون على المعاهدين، لقوله: «من المسلمين».
قارئ المتن:
2504-أخبرنا يحيى بن محمد بن السكن، قال: حدثنا محمد بن جهضم، قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن عمر بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من شعير على الحر والعبد، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة».
شرح الشيخ: وهذا أفضل وقت لإخراج زكاة الفطر يوم العيد قبل الصلاة، بعد الفجر، ويجوز إخراجها قبل العيد بيومٍ أو يومين لفعل الصحابة، ويدل على هذا أبي هريرة حينما وكله النبي صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاه آتٍ فجعل يحثو الطعام ثلاث مرات في ثلاثة أيام، ثم علمه أن يقرأ آية الكرسي إذا أوى إلى فراشه.
قارئ المتن: كم فرض؟
2505-أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عيسى، قال: حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر على الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والحر والعبد صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من شعير».
شرح الشيخ: فيه أنها صاع من قوت البلد، من تمرٍ، أو شعيرٍ، أو برٍ، أو رزٍ، أو غيرها.
قارئ المتن: باب فرض صدقة الفطر قبل نزول الزكاة
2506-أخبرنا إسمعيل بن مسعود، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: أنبأنا شعبة، عن الحكم بن عتيبة، عن القاسم بن مخيمرة، عن عمرو بن شرحبيل، عن قيس بن سعد بن عبادة، قال: «كنا نصوم عاشوراء ونؤدي زكاة الفطر، فلما نزل رمضان ونزلت الزكاة، لم نؤمر به ولم ننه عنه، وكنا نفعله».
2507- أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن القاسم بن مخيمرة، عن أبي عمار الهمداني، عن قيس بن سعد، قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة، فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله» قال أبو عبد الرحمن: «أبو عمار اسمه عريب بن حميد، وعمرو بن شرحبيل يكنى أبا ميسرة، وسلمة بن كهيل خالف الحكم في إسناده، والحكم أثبت من سلمة بن كهيل».
شرح الشيخ: الحديث هنا صدقة الفطر فرضت قبل نزول الزكاة، وقبل نزول رمضان، سميت زكاة الفطر باعتبار فرض الصيام، صيام رمضان فيما بعد.
قارئ المتن: مكيلة زكاة الفطر
2508-أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا خالد وهو ابن الحارث، قال: حدثنا حميد، عن الحسن، قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما-وهو أمير البصرة- في آخر الشهر أخرجوا زكاة صومكم، فنظر الناس بعضهم إلى بعض، فقال: منْ هاهنا من أهل المدينة قوموا فعلموا إخوانكم فإنهم لا يعلمون أن «هذه الزكاة فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل ذكرٍ وأنثى».
شرح الشيخ: فإنهم لا يعلمون أن هذه الزكاة، لا يعلمون أنها فرضت.
قارئ المتن: فعلموا إخوانكم فإنهم لا يعلمون أن «هذه الزكاة فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل ذكرٍ وأنثى، حرٍ ومملوك، صاعًا من شعير أو تمر أو نصف صاع من قمح»، فقاموا "خالفه هشام، فقال: عن محمد بن سيرين".
2509-أخبرنا علي بن ميمون، عن مخلد، عن هشام، عن ابن سيرين، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ذكر في صدقة الفطر، قال: «صاعًا من بر، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من سلت».
2510-أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا حماد، عن أيوب، عن أبي رجاء، قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما، يخطب على منبركم-يعني منبر البصرة- يقول: «صدقة الفطر صاعٌ من طعام» قال أبو عبد الرحمن: «هذا أثبت الثلاثة».
شرح الشيخ: صاعٌ من الشعير، الحديث الأول فيه قال: «أو نصف صاعٍ من قمح»، وهو مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والمعروف في الأحاديث الصحيحة أن زكاة الفطر صاع من القمح، صاع من القمح، وغيره، والذي جعل نصف الصاع من البر يكفي عن الصاع من غيره هو معاوية بن أبي سفيان، في زمن خلافته، في إمامته، هذا الحديث فيه نكارة أيضًا من جهلة قوله: «علموا إخوانكم فإنهم لا يعلمون»، يبعد أن يكون أهل المدينة لا يعلمون وجوب زكاة الفطر، وهي مقر الصحابة والتابعين.
الطالب: (1:57:54).
الشيخ: نعم، قال بن عباس: (وهو أمير البصرة في أخر الشهر).
الطالب: (1:58:01).
الشيخ: نعم، قال: (أخرجوا زكاة صومكم، فنظر الناس بعضهم إلى بعض، فقال: قوموا فعلموا إخوانكم فإنهم لا يعلمون أن «هذه الزكاة فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم»).
هناك قال هذا في البصرة أم في المدينة؟
الطالب: (1:58:19).
الشيخ: قال: من هؤلاء من الصحابة؟ من ها هنا من أهل المدينة؟ ظاهر أنه في البصرة.
وفيه انقطاع الحديث إن الحسن لم يسمع من ابن عباس هنا، وكما قال النسائي: أثبتت ثلاث في رواية ابن عباس وأبو رجاء، وفيه صاع من الطعام، وكذلك ابن سيرين عن ابن عباس: صاعًا من بر.
أما رواية الحسن البصري فهي منقطعة، لأن الحسن البصري وابن عباس في الطائف ومكة والمدينة، تكون نكارة من جهة ماذا؟ من جهة، قوله النكارة، قوله: «نصف صاع»، والحديث فيه ضعف من جهة السند، ونكارة في المتن، قوله: نصف صاع القمح، الرسول ما جعل، جعل صاع، كما في الحديث: «صاعٌ من برٍ، صاع من شعيرٍ، أو صاع تمر»، يكون في نكارة هنا.
أما قوله: (علموا إخوانكم)، هذا حديث ما صح، لكن ما صح، ما صح الحديث.
تكلم الشيخ الأثيوبي عليه في هذا؟
الطالب: المسألة الأولى: في درجته حديث ابن عباس هذا ضعيف، للانقطاع بينه وبين الحسن، فإنه لم يسمع منه.
قد نقل الحافظ أبو الحجاج المزي رحمه الله قال: إيراد الحديث عن المصنف ما نصه، وقال: يعني المصنف الحسن لم يسمع من ابن عباس.
وقال في تهذيب التهذيب، في ترجمة ابن حسن، قال ابن المدني: لم يسمع من ابن عباس ما رآه قط، كان الحسن بالمدينة أيام كان ابن عباسٍ بالبصرة.
قال أبضًا في قول الحسن: خطبنا ابن عباسٌ بالبصرة، قال: إنما أراد خطب أهل البصرة.
الشيخ: ماذا؟ كان ابن عباس في المدينة.
الطالب: كان الحسن بالمدينة أيام كان ابن عباس بالبصرة.
الشيخ: هذا العكس يعني، ابن عباس راح المدينة.
الطالب: وقال أيضًا في قول الحسن: خطبنا ابن عباس بالبصرة، قال: إنما أراد خطب أهل البصرة، كقول ثابت: قدم علينا عمران بن حصين، وكذا قال أبو حاتم، وقال بهز بن.
الشيخ: لقول الحسن رحمه الله: خطبنا عند أهل البصرة.
الطالب: وقال بهز بن أسد: لم يسمع الحسن بن عباس، وقال أحمد: لم يسمع ابن عباس، إنما كان ابن عباس من بصرة واليًا عليها أيام علي، انتهى.
وقال في التنقيح: الحديث رواته مشهورون، لكن فيه إرسال، فإن الحسن لم يسمع ابن عباس على ما قيل، وقد جاء في مسند أبي يعلى في حديثٍ عن الحسن، قال: أخبرني ابن عباس، وهذا إن ثبت دل على سماعه منه.
وقال البزار في مسنده.
الشيخ: قوله: قال: نصف صاع.
الطالب: أو نصف صاع.
الشيخ: نصف صاع من قمح.
الطالب: فيه دليلٌ على أن نصف الصاع يكفي في القمح، وهذا مختلفٌ فيه.
قد تقدم أنه لن يثبت حديثٌ مرفوع في «نصف صاع»، وهذا الحديث فيه انقطاع؛ لأن الحسن لم يسمع من ابن عباس، لما قاله جمهور المحدثين: فلا يصلح للاحتجاج به.
قارئ المتن: باب التمر في زكاة الفطر
2511-أخبرني محمد بن علي بن حرب، قال: حدثنا محرز بن الوضاح، عن إسمعيل وهو ابن أمية، عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، عن عياض بن عبد الله بن أبي سرح، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعًا من شعير، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من أقط».
شرح الشيخ: «صاعًا من تمر»، كرر الترجمة لها.
قارئ المتن: الزبيب
2512-أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عياض بن عبد الله بن أبي سرح، عن أبي سعيد رضي الله عنه، قال: «كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعًا من طعامٍ، أو صاعًا من شعيرٍ، أو صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من زبيبٍ، أو صاعًا من أقط».
2513-أخبرنا هناد بن السري، عن وكيع، عن داود بن قيس، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد رضي الله عنه، قال: «كنا نخرج صدقة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعًا من طعامٍ، أو صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من شعيرٍ، أو صاعًا من أقط»، فلم نزل كذلك حتى قدم معاوية من الشام، وكان فيما علم الناس أنه قال: ما أرى مدين من سمراء الشام إلا تعدل صاعًا من هذا، قال: فأخذ الناس بذلك.
شرح الشيخ: المدين نصف صاع، هذا هو المعروف في الحديث، لأنه قال: «صاعًا من طعامٍ، أو صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من شعيرٍ»، صاع هذا الذي، والذي جعل نصف صاع هو معاوية.
قارئ المتن: الدقيق
2514-أخبرنا محمد بن منصور، قال: حدثنا سفيان، عن ابن عجلان، قال: سمعت عياض بن عبد الله، يخبر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: «لم نخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من شعيرٍ، أو صاعًا من زبيبٍ، أو صاعًا من دقيق، أو صاعًا من أقط، أو صاعًا من سلتٍ» ثم شك سفيان، فقال: دقيق أو سلت.
شرح الشيخ: السلت: نوع من الشعير يشبه البر، كان قشره رقيق.
قارئ المتن: الحنطة
2515-أخبرنا علي بن حجر، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا حميد، عن الحسن، أن ابن عباس رضي الله عنهما، خطب بالبصرة فقال: أدوا زكاة صومكم، فجعل الناس ينظر بعضهم إلى بعض، فقال: من هاهنا من أهل المدينة قوموا إلى إخوانكم فعلموهم، فإنهم لا يعلمون «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض صدقة الفطر على الصغير والكبير، والحر والعبد، والذكر والأنثى نصف صاعٍ برٍ، أو صاعًا من تمرٍ أو شعيرٍ» قال الحسن: فقال علي: «أما إذا أوسع الله فأوسعوا أعطوا صاعًا من بر أو غيره».
السلت
2516-أخبرنا موسى بن عبد الرحمن، قال: حدثنا حسين، عن زائدة، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «كان الناس يخرجون عن صدقة الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم صاعًا من شعيرٍ أو تمرٍ أو سلتٍ أو زبيب».
شرح الشيخ: سبق أن الحديث الأول منقطع، من رواية الحسن عن ابن عباس، وضعيف.
قارئ المتن: الشعير
2517-أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا داود بن قيس، قال: حدثنا عياض، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: "كنا نخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعًا من شعيرٍ أو تمرٍ أو زبيبٍ أو أقط، فلم نزل كذلك حتى كان في عهد معاوية، قال: ما أرى مدين من سمراء الشام إلا تعدل صاعًا من شعير".
الأقط
2518-أخبرنا عيسى بن حماد، قال: أنبأنا الليث، عن يزيد، عن عبد الله بن عبد الله بن عثمان، أن عياض بن عبد الله بن سعد، حدثه أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: «كنا نخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من شعيرٍ، أو صاعًا من أقط لا نخرج غيره».
كم الصاع
2519-أخبرنا عمرو بن زرارة، قال: أنبأنا القاسم وهو ابن مالك، عن الجعيد، قال: سمعت السائب بن يزيد، قال: «كان الصاع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مدًا وثلثًا بمدكم اليوم» وقد زيد فيه قال أبو عبد الرحمن: وحدثنيه زياد بن أيوب.
2520-أخبرنا أحمد بن سليمان، قال حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن حنظلة، عن طاووس، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المكيال مكيال أهل المدينة والوزن وزن أهل مكة».
شرح الشيخ: لأن مدَّهم كبير، قريب من الصاع، قال: «مدًّا وثلثًا بمدكم اليوم».
قارئ المتن: باب الوقت الذي يستحب أن تؤدى صدقة الفطر فيه
2521-أخبرنا محمد بن معدان بن عيسى، قال: حدثنا الحسن، حدثنا زهير، حدثنا موسى، ح قال: وأنبأنا محمد بن عبد الله بن بزيع، قال: حدثنا الفضيل، قال: حدثنا موسى، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أمر بصدقة الفطر، أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة» قال ابن بزيع: بزكاة الفطر.
إخراج الزكاة من بلدٍ إلى بلد
2522-أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا زكريا بن إسحق، وكان ثقة، عن يحيى بن عبد الله بن صيفي، عن أبي معبد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذ بن جبل إلى اليمن فقال: «إنك تأتي قوما أهل كتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك، فأعلمهم أن الله عزَّ وجلَّ افترض عليهم: خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك، فأعلمهم أن الله عزَّ وجلَّ قد افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم، فتوضع في فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك، فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله عزَّ وجلَّ حجاب».
شرح الشيخ: في ترجمة النسائي: (إخراج الزكاة من بلدٍ إلى بلد)، يعني هل تنقل، أو لا تنقل؟ أخذ النسائي حكم الترجمة من الإطلاق في قوله: «تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم»، تؤخذ من أغنياء المسلمين، فترد على فقراءهم، في أي بلد، وما قال، الجمهور يقول: لا تنقل الزكاة، تؤخذ من أغنيائهم من أهل البلد، وترد على فقرائهم من أهل البلد.
فقوله هنا لعموم المسلمين، ومسألة نأخذ الزكاة من بلد لبلد خلافية بين أهل العلم، والجمهور على أنها لا يجوز نقلها إلا إلى الضرورة، أو مصلحةً راجحة، كأن لا يوجد فقراء في البلد، فينقلها، أو ينقلها إلى أقارب محتاجين، أو إلى فقراء أشد حاجة.
ويقولون: لأن الزكاة مواساة، وفقراء بلد المال أولى بالمواساة، هذا ما ذهب له الجمهور؛ يعني إذا لم يوجد فيه فقراء تنقل إلى أقرب بلد، أو تُنقل لفقراء أشد حاجة، أو ينقلها إلى أقارب بلده، أقاربه، ينقلها إلى الفقراء من أقاربه، فلا بأس.
قارئ المتن: باب إذا أعطاها غنيًا وهو لا يشعر
2523-أخبرنا عمران بن بكار، قال: حدثنا علي بن عياش، قال: حدثنا شعيب، قال: حدثني أبو الزناد، مما حدثه عبد الرحمن الأعرج، مما ذكر أنه سمع أبا هريرة، يحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «قال رجلٌ: لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون تصدق على سارقٍ، فقال: اللهم لك الحمد على سارق، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد على زانية، لأتصدقن بصدقةٍ، فخرج بصدقته فوضعها في يد غنيٍ، فأصبحوا يتحدثون تصدق على غني، قال: اللهم لك الحمد على زانية، وعلى سارقٍ، وعلى غني، فأتي فقيل له: أما صدقتك فقد تقبلت، أما الزانية فلعلها أن تستعف به من زناها، ولعل السارق أن يستعف به عن سرقته، ولعل الغني أن يعتبر فينفق مما أعطاه الله عزَّ وجلَّ».
شرح الشيخ: فتكون العطية من باب إذا أعطاها غنيٌ وهو لا يشعر، فإنها تجزأه وتُقبل إذا كانت خالصة لله، فتُقبل لأنه أدى ما عليه.
قارئ المتن: باب الصدقة من غلول
2524-أخبرنا الحسين بن محمد الذارع، قال: حدثنا يزيد وهو ابن زريع، قال: حدثنا شعبة، قال: وأنبأنا إسمعيل بن مسعود، قال: حدثنا بشر وهو ابن المفضل، قال: حدثنا شعبة-واللفظ لبشر- عن قتادة، عن أبي المليح، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله عزَّ وجلَّ لا يقبل صلاةً بغير طهور، ولا صدقةً من غلول».
شرح الشيخ: نعم.
الطالب: (2:12:00).
الشيخ: الحسين بن محمد الذارع.
الطالب: الذارع بالذال.
الشيخ: في التقريب والتهذيب الذارع.
و(باب الصدقة من الغلول)، يعني أنها لا تُقبل، تقدير الترجمة: والصدقة من الغلول، وأنها لا تُقبل.
قارئ المتن:
2525-أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، عن سعيد بن أبي سعيد، عن سعيد بن يسار، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما تصدق أحد بصدقةٍ من طيبٍ، ولا يقبل الله عزَّ وجلَّ إلا الطيب، إلا أخذها الرحمن عزَّ وجلَّ بيمينه، وإن كانت تمرةً، فتربو في كف الرحمن، حتى تكون أعظم من الجبل، كما يربي أحدكم فلوه، أو فصيله».
شرح الشيخ: فيه: إثبات اليدين لله عزَّ وجلَّ، وإثبات اليمين والشمال، فيه إثبات اليمين، وقبله الشمالعند جمع من أهل العلم.
وآخرون قالوا: وكلتا هي يمين، يعني كما في الحديث الآخر، وفيه إثبات صفات الرحمن لله عزَّ وجلَّ، وفي: أن الصدقة تضاعف، تضاعف بحسب ما يقوم بقلب الإنسان من حقائق الإيمان، وبحسب نفيها.
قارئ المتن: جهد المقل
2526-أخبرنا عبد الوهاب بن عبد الحكم، عن حجاج، قال ابن جريج: أخبرني عثمان بن أبي سليمان، عن علي الأزدي، عن عبيد بن عمير، عن عبد الله بن حبشي الخثعمي، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الأعمال أفضل؟ قال: «إيمانٌ لا شك فيه، وجهادٌ لا غلول فيه، وحجةٌ مبرورة» قيل: فأي الصلاة أفضل؟ قال: «طول القنوت» قيل: فأي الصدقة أفضل؟ قال: «جهد المقل» قيل: فأي الهجرة أفضل؟ قال: «من هجر ما حرم الله عزَّ وجلَّ» قيل: فأي الجهاد أفضل؟ قال: «من جاهد المشركين بماله، ونفسه» قيل: فأي القتل أشرف؟ قال: «من أهريق دمه، وعقر جواده».
شرح الشيخ: هذا جهد المقل، هذا الحديث قال: (قيل: فأي الصدقة أفضل؟ قال: «جهد المقل»)، والحديث الآخر: «خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى»، وذلك أن جهد المقل إذا تصدق بالزائد عن حاجته فهو عن ظهر غنى، لكن ظهر الغنى يتفاوت، إن كان حديث: «خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى»، أصح؛ لأنه في الصحيحين، لكن يُجمع بينهم بأن جهد المقل إذا تصدق بالزائد عن حاجته، فهذا عن ظهر غنى.
قارئ المتن: 2527-أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، عن ابن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، والقعقاع، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سبق درهمٍ مائة ألف درهمٍ» قالوا: وكيف؟ قال: «كان لرجل درهمان تصدق بأحدهما، وانطلق رجلٌ إلى عرض ماله، فأخذ منه مائة ألف درهمٍ فتصدق بها».
2528-أخبرنا عبيد الله بن سعيد، قال: حدثنا صفوان بن عيسى، قال: حدثنا ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبق درهمٌ مائة ألف» قالوا: يا رسول الله وكيف؟ قال: «رجلٌ له درهمان فأخذ أحدهما فتصدق به، ورجلٌ له مالٌ كثير فأخذ من عرض ماله مائة ألف، فتصدق بها».
2529-أخبرنا الحسين بن حريث، قال: أنبأنا الفضل بن موسى، عن الحسين، عن منصور، عن شقيق، عن أبي مسعود، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يأمرنا بالصدقة فما يجد أحدنا شيئًا يتصدق به حتى ينطلق إلى السوق، فيحمل على ظهره، فيجيء بالمد فيعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إني لأعرف اليوم رجلًا له مائة ألف ما كان له يومئذ درهم».
شرح الشيخ: قوله هذا مما يؤيد أن جهد المقل مع حسن القصد يسبق به صدقة ما كان عن ظهر غنى، فإن من كان له درهمان، وتصدق بأحدهما، تصدق بنصف ماله، ومن تصدق بمائة ألف درهم من عرض ماله الكثير، لا يساوي عشر ماله، فصار سبق الدرهم مائة درهم.
قوله: «حتى ينطلق إلى السوق، فيحمل على ظهره»؛ يعني يتصدق على من لا يستطيع أن يحمل، كان الصحابة رضوان الله عليهم من حصرهم على الخير إذا أمرهم النبي بالصدقة يروح يشتغل حمال، يحمل على ظهره، ثم إذا حصل شيء أعطاه الشخص اللي ما يستطيع يحمل.
قارئ المتن:
2530-أخبرنا بشر بن خالد، قال: حدثنا غندر، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي وائل، عن أبي مسعود رضي الله عنه، قال: «لما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة، فتصدق أبو عقيل بنصف صاعٍ، وجاء إنسانٌ بشيءٍ أكثر منه، فقال المنافقون: إن الله عزَّ وجلَّ لغنيٌ عن صدقة هذا، وما فعل هذا الآخر، إلا رياء»، فنزلت: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} [التوبة: 79].
شرح الشيخ: هكذا المنافقون في كل زمان لا يفعلون الخير، ولا يسلم أحدٌ من شرهم، إذا تصدق أحدهم بقليل قالوا: أن هذا الله الغني لهذا، وإن تصدق بالكثير، قالوا: هذا مرائي، ما أحد يسلم منهم.
قارئ المتن: اليد العليا
2531-أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، قال: أخبرني سعيد، وعروة، أنهما سمعا حكيم بن حزام، يقول: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: «إن هذا المال خضرةٌ حلوةٌ، فمن أخذه بطيب نفس، بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس، لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا، خير من اليد السفلى».
شرح الشيخ: وهذا الحديث رواه الشيخان في الصحيحين.
قارئ المتن: باب أيتهما اليد العليا
2532-أخبرنا يوسف بن عيسى، قال: أنبأنا الفضل بن موسى، قال: حدثنا يزيد وهو ابن زياد بن أبي الجعد، عن جامع بن شداد، عن طارق المحاربي، قال: قدمنا المدينة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمٌ على المنبر يخطب الناس وهو يقول: «يد المعطي العليا، وابدأ بمن تعول: أمك، وأباك، وأختك، وأخاك، ثم أدناك، أدناك»، مختصر.
اليد السفلى
2533-أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يذكر الصدقة، والتعفف عن المسألة: «اليد العليا، خير من اليد السفلى، واليد العليا المنفقة، واليد السفلى السائلة».
شرح الشيخ: اليد العليا: المنفق، من ينفق هذا يده عليا، والسائل الذي يأخذ الصدقة يده سفلى.
قارئ المتن: الصدقة عن ظهر غنى
2534-أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا بكر، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خير الصدقة: ما كان عن ظهر غنى، واليد العليا، خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول».
تفسير ذلك
2535-أخبرنا عمرو بن علي، ومحمد بن المثنى، قال: حدثنا يحيى، عن ابن عجلان، عن سعيد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تصدقوا» فقال رجلٌ: يا رسول الله عندي دينار، قال: «تصدق به على نفسك» قال: عندي آخر، قال: «تصدق به على زوجتك» قال: عندي آخر، قال: «تصدق به على ولدك» قال: عندي آخر، قال: «تصدق به على خادمك» قال: عندي آخر، قال: «أنت أبصر».
شرح الشيخ: الحديث تفسير الصدقة عن ظهر غنى، بأنها ما وقع من غير محتاج إلى ما تصدق به لنفسه، أو ما تلزم نفقته فقط، هذه الصدقة عن ظهر، ما وقع يتصدق الإنسان بصدقةٍ، غير محتاج إلى ما تصدق به نفسه، أو ما تلزم نفقته، ما زاد عن حاجته هو، وحاجة ما تلزم نفقته، هذه الصدقة عن ظهر غنى.
أما إذا كان يتصدق وهو محتاج، أو يحتاج إلى أن ينفق على عائلته، هذا ليس عن ظهر غنى، «أبدأ بمن تعول»، لا يتصدق، يبدأ بالأقارب، ينفق على أهله وأولاده قبل الأباعد، فإذا كان استغنى بنفسه، وأنفق على عائلته، مما زاد ذلك كان صدقة عن ظهر غنى، أما إذا كان محتاج هو، فلا يتصدق على بعيد، يبدأ بنفسه، وزوجته، بأولاده، المحتاج.
قارئ المتن: باب إذا تصدق وهو محتاجٌ إليه، هل يرد عليه؟
شرح الشيخ: نقف على هذا.
وفق الله الجميع لطاعته، ورزق الله الجميع العلم النافع، والعمل الصالح، وصلى الله علي محمد وآله وصحبه أجمعين.
سبحانك الله وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت.