شعار الموقع

قراءة من سنن النسائي - كتاب مناسك الحج 1

00:00
00:00
تحميل
27

قارئ المتن:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

أمَّا بعد:

قارئ المتن: وبأسانيدكم إِلَى الإمام النسائي رحمه الله:

كتاب مناسك الحج

باب وجوب الحج

2619-أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي، قال: حدثنا أبو هشام واسمه المغيرة بن سلمة، قال: حدثنا الربيع بن مسلم، قال: حدثنا محمد بن زياد، عن أبي هريرة، قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، فقال: «إن الله عزَّ وجلَّ قد فرض عليكم الحج» فقال رجل: في كل عام؟ فسكت عنه حتى أعاده ثلاثًا، فقال: «لو قلت نعم، لوجبت، ولو وجبت، ما قمتم بها، ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بالشيء فخذوا به ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء، فاجتنبوه».

2620-أخبرنا محمد بن يحيى بن عبد الله النيسابوري، قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم، قال: أنبأنا موسى بن سلمة، قال: حدثني عبد الجليل بن حميد، عن ابن شهاب، عن أبي سنان الدؤلي، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام، فقال: «إن الله تعالى كتب عليكم الحج» فقال الأقرع بن حابس التميمي كل عام يا رسول الله؟ فسكت، فقال: «لو قلت نعم، لوجبت، ثم إذا لا تسمعون، ولا تطيعون، ولكنه حجة واحدة»

شرح الشيخ: بسم الله، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمَّا بعد:

فهذا الحديث في دليل على فرضية الحج، لقوله: «قد فرض عليكم الحج»، والحديث أخرجه مسلم في صحيحه، والحج لغة: القصد، وشرعًا: قصد مكة لأداء المناسك؛ قصد مخصوص من شخص مخصوص لعمل مخصوص، والحج أحد أركان الإسلام الخمسة؛ التي لا يقوم الإسلام ولا يستقيم إلا بها، وقد وجبه الله مرة واحدة في العمر على المسلم البالغ العاقل الحر المستطيع؛ هذه شروط الحج خمسة:

الإسلام والعقل؛ المسلم العاقل، والحرية، الإسلام والبلوغ والعقل، والحرية والاستطاعة؛ القدرة، والاستطاعة نوعان:

  1. استطاعة بالمال.
  2. واستطاعة بالبدن.

فإذا وجبت الاستطاعتان؛ بالمال وبالبدن وجب أن يحج بنفسه، وإن وجدت الاستطاعة بالبدن ولم تجد الاستطاعة بالمال؛ لم يجب عليه الحج، وإن وجدت الاستطاعة بالمال، ولم تجد الاستطاعة بالبدن؛ وجب عليه أن ينيب من يحج عنه، والحديث أخرجه مسلم في صحيحه، وهو دليل على فرضية الحج، ومن الأدلة على فرضية الحج من القرآن الكريم {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]، والأدلة على وجوب الحج كثيرة، وهي فريضة عظيمة من أركان الإسلام وركن من أركانه الخمسة؛ التي لا يقوم الإسلام ولا يستكمل إلا بها.

قارئ المتن: وجوب العمرة

2621-أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا خالد، قال: حدثنا شعبة، قال: سمعت النعمان بن سالم، قال: سمعت عمرو بن أوس، يحدث عن أبي رَزين، أنه قال: يا رسول الله إن أبي شيخ كبير، لا يستطيع الحج، ولا العمرة، ولا الظعن، قال: «فحج، عن أبيك، واعتمر»

شرح الشيخ: هذا الحديث دليل على وجوب العمرة، المؤلف صرح بالترجمة قال: (وجوب العمرة)، وفي خلاف بين العلماء في وجوب العمرة، والصواب: وجوبها كما هو عند جماهير أهل العلم، وأصلح منه وأصح: حديث الدار قطني وغيره في سؤال جبرائيل للنبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، لما سأل: ما الإسلام؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: «الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج وتعتمر، وتغتسل من الجنابة، وتتم الوضوء»، قال الإمام أحمد رحمه الله: "لا أعلم في إيجاب العمرة حديث أوجب من هذا وأصح منه"؛ يعني حديث ما الإسلام؟

قارئ المتن: فضل الحج المبرور

2622- أخبرنا عبدة بن عبد الله الصفار البصري، قال: حدثنا سويد وهو ابن عمرو الكلبي، عن زهير، قال: حدثنا سهيل، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحجة المبرورة: ليس لها جزاء إلا الجنة، والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما».

2623- أخبرنا عمرو بن منصور، قال: حدثنا حجاج، قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني سهيل، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «الحجة المبرورة: ليس لها ثواب إلا الجنة، مثله سواء»، إلا أنه قال: «تكفر ما بينهما».

شرح الشيخ: والحديث أخرجه الشيخان البخاري ومسلم بلفظ: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»، والحج المبرور من علامته أن يرجع خيرًا مما كان، ولا يعاد إلى المعاصي، وقيل: هو الذي لا رياء فيه، وقيل: هو الذي لا يتعقبه معصية.

قارئ المتن: فضل الحج

2624- أخبرنا محمد بن رافع، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة-رضي الله عنه-، قال: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله: أي الأعمال أفضل؟ قال: «الإيمان بالله» قال: ثم ماذا؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» قال: ثم ماذا؟ قال: «ثم الحج المبرور».

2625- أخبرنا عيسى بن إبراهيم بن مثرود، قال حدثنا ابن وهب، عن مخرمة، عن أبيه، قال سمعت سهيل بن أبي صالح، قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وفد الله ثلاثة: الغازي، والحاج، والمعتمر».

2626- أخبرني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن شعيب، عن الليث، قال: حدثنا خالد، عن ابن أبي هلال، عن يزيد بن عبد الله، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «جهاد الكبير، والصغير، والضعيف، والمرأة: الحج، والعمرة».

2627- أخبرنا أبو عمار الحسين بن حريث المروزي، قال: حدثنا الفضيل وهو ابن عياض، عن منصور، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حج هذا البيت فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كما ولدته أمه».

2628- أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا جرير، عن حبيب وهو ابن أبي عمرة، عن عائشة بنت طلحة، قالت: أخبرتني أم المؤمنين عائشة قالت: قلت يا رسول الله، ألا نخرج فنجاهد معك، فإني لا أرى عملًا في القرآن، أفضل من الجهاد، قال: «لا، ولكن أحسن الجهاد وأجمله، حج البيت، حج مبرور».

شرح الشيخ: وهذه الأحاديث ترجم لهافي قوله: (فضل الحج)، وترجم في الذي قبلها: (فضل الحج المبرور)؛ يعني هذه الترجمة مطلقة، والتي قبلها مقيدة بالمبرور، فيحمل المطلق على المقيد، تحمل المطلقة على المقيدة، حديث أبي هريرة: «من حج هذا البيت فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كما ولدته أمه»؛ ولذلك أن هذه الحجة تضمنت التوبة من جميع الذنوب والمعاصي، إما توبة قبل الحج، أو توبة بعد الإحرام؛ يعني إما توبة قبل الحج، أو توبة بعد الإحرام بالحج لم يفعل بعدها شيئًا من الذنوب والمعاصي؛ ولهذا كفَّر الحج ذنوبه، ورجع كيوم ولدته أمه.

قارئ المتن: فضل العمرة

2629- أخبرنا قتيبة بن سعيد، عن مالك، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور، ليس له جزاء إلا الجنة».

فضل المتابعة بين الحج والعمرة

2630- أخبرنا أبو داود، قال: حدثنا أبو عتاب، قال: حدثنا عزرة بن ثابت، عن عمرو بن دينار، قال: قال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما: ينفيان الفقر، والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد».

2631- أخبرنا محمد بن يحيى بن أيوب، قال: حدثنا سليمان بن حيان أبو خالد، عن عمرو بن قيس، عن عاصم، عن شقيق، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما: ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير: خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحج المبرور ثواب دون الجنة».

الحج عن الميت الذي نذر أن يحج

2632- أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، قال: سمعت سعيد بن جبير، يحدث عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن امرأة نذرت أن تحج، فماتت، فأتى أخوها النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله عن ذلك؟ فقال: «أرأيت لو كان على أختك دين أكنت قاضيه؟» قال: نعم، قال: «فاقضوا الله، فهو أحق بالوفاء».

شرح الشيخ: في هذا الحديث بشر قضاء الحج عن الميت الناذر.

قارئ المتن: الحج عن الميت، الذي لم يحج

2633- أخبرنا عمران بن موسى، قال: حدثنا عبد الوارث، قال: حدثنا أبو التياح، قال: حدثني موسى بن سلمة الهذلي، أن ابن عباس، قال: أمرت امرأة سنان بن سلمة الجهني أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن أمها ماتت ولم تحج، أفيجزئ عن أمها أن تحج عنها؟ قال: «نعم، لو كان على أمها دين فقضته عنها، ألم يكن يجزئ عنها فلتحج عن أمها».

2634- أخبرني عثمان بن عبد الله، قال: حدثنا علي بن حكيم الأودي، قال: حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، قال: حدثنا حماد ابن زيد، عن أيوب السِّختياني، عن الزهري، عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أبيها، مات ولم يحج؟ قال: «حجي عن أبيك».

شرح الشيخ: هذا فيه تشبيه حقِّ الله بحقِّ الآدمي؛ كما أن حقَّ الآدمي يقضى فكذلك حق ُّ الله، لمشروعية الحج عن الميت الذي لم يحج، كما أن الميت يقضى عنه الدين، فكذلك يقضى عنه الحج.

قارئ المتن: الحج عن الحي الذي لا يستمسك على الرحل

2635- أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس، أن امرأة من خثعم سألت النبي صلى الله عليه وسلم غداة جمع، فقالت: يا رسول الله فريضة الله في الحج على عباده، أدركت أبي شيخًا كبيرًا، لا يستمسك على الرحل، أفأحج عنه؟ قال: «نعم».

2636- أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن أبو عبيد الله المخزومي، قال: حدثنا سفيان، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس مثله.

شرح الشيخ: فيه الحج عن العاجز، ولو كان حيًّا يحج عنه، مفهومه: أنَّ القادر فإنه يحج بنفسه، وهذا فيه خلاف بين العلماء، لكن هذا هو الصواب الذي دلَّت عليه النصوص: أن القادر يحج بنفسه، أما العاجز فهو يحج عنه، وفيه حج المرأة عن الرجل، لا بأس تحج المرأة عن الرجل، الرجل عن المرأة.

قارئ المتن: العمرة عن الرجل الذي لا يستطيع

2637- أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا وكيع، قال: حدثنا شعبة، عن النعمان بن سالم، عن عمرو بن أوس، عن أبي رزين العقيلي، أنه قال: يا رسول الله إن أبي شيخ كبير، لا يستطيع الحجَّ، ولا العمرةَ، والظعن قال: «حج، عن أبيك، واعتمر».

تشبيه قضاء الحج بقضاء الدين

2638- أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن يوسف بن الزبير، عن عبد الله بن الزبير، قال: جاء رجل من خثعم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي شيخ كبير، لا يستطيع الركوب، وأدركته فريضة الله في الحج، فهل يجزئ أن أحج عنه؟ قال: «آنت أكبر ولده؟» قال: نعم، قال: «أرأيت لو كان عليه دين أكنت تقضيه؟» قال: نعم، قال: «فحج عنه».

2639- أخبرنا أبو عاصم خشيش بن أصرم النسائي، عن عبد الرزاق، قال: أنبأنا معمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رجل: يا رسول الله إن أبي مات، ولم يحج، أفأحج عنه؟ قال: «أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيه؟» قال: نعم، قال: «فدين الله أحق».

2640- أخبرنا مجاهد بن موسى، عن هشيم، عن يحيى بن أبي إسحق، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بن عباس، أنَّ رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم، أنَّ أبي أدركه الحج، وهو شيخ كبير، لا يثبت على راحلته، فإن شددته خشيت أن يموت، أفأحج عنه؟ قال: «أرأيت لو كان عليه دين فقضيته أكان مجزئا؟» قال: نعم، قال: «فحج عن أبيك».

شرح الشيخ: هذا فيه الحج عن العاجز، وقوله في الحديث: «آنت أكبر ولده؟»، السؤال عن أكبر الولد من باب الاستحباب، وإلا فلو حجَّ عنه أصغر ولده فلا بأس، لكن الأكبر أولى بالبر، بل لو حجَّ عنه أجنبي أجزى عنه كما سيأتي في الترجمة الآتية، يحج عنه أجنبي لا بأس، لكن يكون قريب كونه ابنه الأكبر من باب الاستحباب.

قارئ المتن: حج المرأة عن الرجل

2641- أخبرنا محمد بن سلمة، والحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن القاسم، قال: حدثني مالك، عن ابن شهاب، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه، وجعل الفضل ينظر إليها، وتنظر إليه، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، فقالت: يا رسول الله إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخًا كبيرًا، لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: «نعم»، وذلك في حجة الوداع.

2642- أخبرنا أبو داود، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا أبي، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، أن سليمان بن يسار، أخبره أن ابن عباس، أخبره أن امرأة من خثعم استفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، والفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إنَّ فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخًا كبيرًا، لا يستوي على الراحلة، فهل يقضي عنه أن أحج عنه؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم» فأخذ الفضل بن عباس يلتفت إليها، وكانت امرأة حسناء، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الفضل فحول وجهه من الشق الآخر.

شرح الشيخ: والحديث أخرجه الشيخان؛ البخاري ومسلم، وغيرهما، وهو صحيح، وفيه إنكار المنكر باليد مع القدرة عليه، فإن الفضل بن عباس كان رجلًا شابًا، كان ينظر إلى المرأة فصرف النبي وجهه إلى الشقِّ الآخر، ثم حول وجهه، فصار فيه:

  1. إنكار المنكر باليد مع القدرة عليه
  2. وفيه: تأديب الغلمان والمراهقين، ومنعهم مما يضرهم.
  3. وفيه: جواز حج المرأة عن الرجل ومشروعيته.

قوله: (وكانت امرأة حسناء)، استدل بعض العلماء بالحديث على جواز كشف المرأة وجهها، وأنَّ الوجه ليس بعورة، لقوله: (وكانت امرأة حسناء)، وقوله: (وجعل الفضل ينظر إليها)، ولم ينكر عليها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أنكر عليها كشف الوجه كما أنكر على الفضل، وهذا في حجة الوداع.

والجواب: أن الحديث ليس فيه تصريح بأنها كشفت الوجه، بل قد ينظر إلى طولها، أو إلى قدِّها، أو انكشف شيء من بدنها فنظر إليها، وثبت في سنن أبي داود، وفي حديث عائشة، قالت: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله محرمًا، فإذا حذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه"، ولو ثبت أنها كشفت وجهها من أجل الإحرام لم يكن فيه الحجة على وجوب كشف الوجه، هذا في الإحرام، وللجملة هذا من الأحاديث المشتبهة، ونصوص وجوب الحجاب وستر الوجه محكمة، قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53]، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59].

 ثبت في الصحيح أن عائشة رضي الله عنها، لما تخلفت في بعض الغزوات، قالت: "استيقظت باسترجاع صفوان، قالت: فخمرت وجهي بجلبابي، وكان يعرفني قبل الحجاب"؛ هذا صريح في الصحيحين، قالت: "فخمرت"؛ يعني غطيت، "فخمرت وجهي بجلبابي، وكان يعرفني قبل الحجاب"؛ دلَّ على أن المرأة قبل البلوغ كانت تكشف الوجه، ثم بعد الحجاب تستر الوجه، وهذا الحديث مشتبه، والقاعدة عند أهل العلم أن المتشابه يردُّ إلى المحكم، ولا يتعلق بالمشتبه ويترك المحكم إلا أهل الزيغ، قال الله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 7]، فيفسر هذا الحديث بما يوافق الأحاديث المحكمة، يفسر بأنه نظر إلى ثيابها، أو إلى قدِّها، أو إلى حسن صوتها، أو انكشف شيء من بدنها فنظر إليها، ما يلزم أن تكون كاشفة؛ لأن النصوص المحكمة دلَّت على وجوب الحجاب وستر الوجه.

قارئ المتن: حج الرجل عن المرأة

2643- أخبرنا أحمد بن سليمان، قال: حدثنا يزيد وهو ابن هارون، قال: أنبأنا هشام، عن محمد، عن يحيى بن أبي إسحق، عن سليمان بن يسار، عن الفضل بن عباس، أنه كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل فقال: يا رسول الله إن أمي عجوز كبيرة، وإن حملتها لم تستمسك، وإن ربطتها خشيت أن أقتلها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيه؟» قال: نعم، قال: «فحج عن أمك».

شرح الشيخ: فيه سليمان بن يسار رواية عن الفضل بن عباس، يخشى أن يكون سليمان لم يسمع من الفضل، ويكون منقطع؛ لأن الفضل قتل شابًّا في خلافة عمر، على كلِّ حال الأحاديث في هذا كثيرة، لكن هذا يعتبر شاهد، حج الرجل عن المرأة أدلة كثيرة.

هل تكلم عن رواية سليمان بن يسار؟

الطالب: في الحديث سابق يروي عنه بواسطة عبد الله بن عباس.

الشيخ: هنا مباشرة يخشى أن يكون منقطع.

الطالب: قال الجامع عفا الله عنه: هذا الحديث ضعيف؛ أي أن فيه انقطاعًا؛ لأن سليمان لم يسمع عن الفضل كما قال المصنف رحمه الله في كتابه [آداب القضاة] للنسائي، فقال الحافظ بن حجاج المزي في تحفة الأشراف بعد نقل كلام المصنف هذا ما نصه: "روي عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عباس عن أخيه الفضل بن عباس، ورواه علي بن عاصم عن يحيي بن أبي إسحاق عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عباس، وقال: قلنا ليحيي بن محمد؛ يعني ابن سيرين: حدَّث عنك أنك حدثت بهذا الحديث، عن سليمان بن يسار عن الفضل بن عباس قال: ما حفظته إلا عن عبيد الله بن عباس".

الشيخ: يكون منقطع، الحديث السابق كاف، الحديث السابق في روايته عن عبد الله بن عباس عن الفضل.

قارئ المتن: ما يستحب أن يحج عن الرجل أكبر ولده

2644- أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، قال: حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن يوسف، عن ابن الزبير، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: «أنت أكبر ولد أبيك، فحج عنه».

شرح الشيخ: إن صح فهو دليل على استحباب الحج لأكبر الأولاد، وأنه أولى من غيره.

قارئ المتن: الحج بالصغير

2645- أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا سفيان، عن محمد بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس، أن امرأة رفعت صبيًّا لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: «نعم، ولك أجر».

2646- أخبرنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا بشر بن السري، قال: حدثنا سفيان، عن محمد بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس، قال: رفعت امرأة صبيًّا لها من هودج، فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: «نعم، ولك أجر».

2647- أخبرنا عمرو بن منصور، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن إبراهيم بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس، قال: رفعت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبيًّا، فقالت: ألهذا حج؟ قال: «نعم، ولك أجر».

2648- أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا إبراهيم بن عقبة، ح وحدثنا الحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له، عن سفيان، عن إبراهيم بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس، قال: صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان بالروحاء لقي قوما فقال: «من أنتم؟» قالوا: المسلمون، قالوا: من أنتم؟ قالوا: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأخرجت امرأة صبيًّا من المحفة، فقالت: ألهذا حج؟ قال: «نعم، ولك أجر».

2649- أخبرنا سليمان بن داود بن حماد بن سعد ابن أخي رِشدين بن سعد أبو الربيع، والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن وهب، قال: أخبرني مالك بن أنس، عن إبراهيم بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بامرأة وهي في خدرها معها صبي، فقالت: ألهذا حج؟ قال: «نعم، ولك أجر».

شرح الشيخ: والحديث في مسلم، وهو صحيح، وهو دليل على صحة حج الصغير، وأن الحج له، يذكر بعض الناس بعض العامة يقولوا: إذا حجَّ الصغير يكون لجده، أو لجدته، أو لوالده، لا، الحج له، (فقالت: ألهذا حج؟ قال: «نعم»)؛ له، ولكن الولي له أجر آخر؛ وهو أجر الإعانة، الحج يكون للصبي، كما أن الصبي إذا عمل أعمال أخرى تكون له مثل غيره، إذا عمل أعمال خير تكون له، ولكن والده، أو الذي أعانه على الحج له أجر آخر، قال: («ولك أجر»)؛ أجر آخر غير أجر الحج، أجر الحج له، ولمن أعانه، أجر الإعانة هو السبب، ولكن هذه الحجة عن الصبي لا تجزئ عن حجة الإسلام، فإذا حج فعليه أن يحج حجة أخرى؛ كما جاء في الأحاديث الأخر: «أيما صبي حج فلم يحج، ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى، وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه أن يحج حجة أخرى».

قارئ المتن: الوقت الذي خرج فيه النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة للحج

2650- أخبرنا هناد بن السري، عن ابن أبي زائدة، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: أخبرتني عمرة، أنها سمعت عائشة، تقول: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لخمس بقين من ذي القعدة، لا نرى إلا الحج حتى إذا دنونا من مكة، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن معه هدي إذا طاف بالبيت أن يحل».

شرح الشيخ: النبي خرج من المدينة في الخامس والعشرين من ذي القعدة في يوم السبت على الصحيح؛ كما ذكر ابن القيم، وقال بعضهم: يوم الخميس، يوم السبت الخامس والعشرين من ذي القعدة خرج من المدينة ووصل إلى مكة في اليوم الرابع للحج، تسعة أيام المدة على الإبل، ثم مكث في مكة أربعة أيام؛ اليوم الرابع والخامس والسادس والسابع، ثم انتقل إلى منى في اليوم الثامن وهو باق على إحرامه عليه السلام، بقي على إحرامه؛ لأنه قارن، وأما الذين لم يسوقون الهدي أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يتحللوا فتحللوا في اليوم الرابع، ثم أحرموا في اليوم الثامن للحج، وأما هو عليه السلام ومن ساق الهدي فإنَّهم بقوا على إحرامهم.

قارئ المتن: المواقيت ميقات أهل المدينة

2651- أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن» قال عبد الله: وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ويهل أهل اليمن من يلملم».

شرح الشيخ: وهذا الذي قاله ابن عمر ثابت من حديث ابن عباس، قوله: «يهل»؛ يعني خبر بمعنى الأمر، «يهل»؛ يعني: عليهم أن يهلوا.

قارئ المتن: ميقات أهل الشام

2652- أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث بن سعد، قال: حدثنا نافع، عن عبد الله بن عمر، أن رجلا قام في المسجد فقال: يا رسول الله، من أين تأمرنا أن نهل؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، ويهل أهل الشام من الجحفة، ويهل أهل نجد من قرن» قال ابن عمر: ويزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ويهل أهل اليمن من يلملم»، وكان ابن عمر يقول: لم أفقه هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ميقات أهل مصر

2653- أخبرنا عمرو بن منصور، قال: حدثنا هشام بن بهرام، قال: حدثنا المعافى، عن أفلح بن حميد، عن القاسم، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام ومصر الجحفة، ولأهل العراق ذات عرق، ولأهل اليمن يلملم».

ميقات أهل اليمن

2654- أخبرنا الربيع بن سليمان صاحب الشافعي، قال: حدثنا يحيى بن حسان، قال: حدثنا وهيب، وحماد بن زيد، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرنا، ولأهل اليمن يلملم، وقال: هن لهن ولكل آت أتى عليهن من غيرهن فمن كان أهله دون الميقات حيث ينشئ حتى يأتي ذلك على أهل مكة».

ميقات أهل نجد

2655- أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن، وذكر لي ولم أسمع أنَّه قال: ويهل أهل اليمن من يلملم».

ميقات أهل العراق

2656- أخبرني محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، قال: حدثنا أبو هاشم محمد بن علي، عن المعافى، عن أفلح بن حميد، عن القاسم، عن عائشة، قالت: «وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام ومصر الجحفة، ولأهل العراق ذات عرق، ولأهل نجد قرنا، ولأهل اليمن يلملم».

شرح الشيخ: المؤلف رحمه الله كرر التراجم؛ لاستنباط الأحكام من حديث واحد، الحديث الذي ذكر فيه ميقات أهل المدينة وأهل نجد، وأهل اليمن، وأهل الشام، لكن كرر التراجم؛ حتى يستنبط الأحكام، فترجم لأهل الشام وأتى بنفس الحديث، وترجم لأهل مصر وأتى بنفس الحديث، ترجم لأهل الجحفة وأتى بنفس الحديث، ترجم لأهل نجد وأتى بنفس الحديث، حديث واحد؛ حتى يتأمل الطالب وينظر ويستنبط الحكم ميقات أهل الشام من هذا الحديث، ميقات أهل نجد من هذا الحديث، وهكذا.

قارئ المتن: من كان أهله دون الميقات

2657- أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، عن محمد بن جعفر، قال: حدثنا معمر، قال: أخبرني عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: "وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرنا، ولأهل اليمن يلملم، قال: هن لهم ولمن أتى عليهن ممن سواهن، لمن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك من حيث بدا حتى يبلغ ذلك أهل مكة "

2658- أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا حماد، عن عمرو، عن طاووس، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم «وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل اليمن يلملم، ولأهل نجد قرنا، فهن لهم ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمن أهله، حتى أن أهل مكة يهلون منها».

شرح الشيخ: المعنى: من كان خارج المواقيت يحرم من أحد هذه المواقيت، ومن كان داخل المواقيت يحرم من بيته، من مكانه، أهل البحرة من بحرة، أهل المستورة من مستورة داخل المواقيت، أهل جدة من جدة حتى أهل مكة يحرمون للحج من مكة من بيوتهم، أما العمرة فإن أهل مكة إذا الحج يخرجون إلى الحل؛ إلى التنعيم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة لما أرادت العمرة أن تخرج إلى التنعيم، هذا للعمرة جاء لأهل مكة يحرمون من التنعيم، أما الحج فإنَّهم يحرمون من بيوتهم، حتى أهل مكة من مكة.

قارئ المتن: التعريس بذي الحليفة

2659- أخبرنا عيسى بن إبراهيم بن مثرود، عن ابن وهب، قال: أخبرني يونس، قال: ابن شهاب، أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عمر، أن أباه، قال: «بات رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة ببيداء، وصلى في مسجدها».

2660- أخبرنا عبدة بن عبد الله، عن سويد، عن زهير، عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنه وهو في المعرس بذي الحليفة أتي فقيل له: إنك ببطحاء مباركة ».

2661- أخبرنا محمد بن سلمة، والحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن القاسم، قال: حدثني مالك، عن نافع، عن ابن عمر، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ بالبطحاء الذي بذي الحليفة وصلى بها».

 

 

شرح الشيخ: التعريس معناه: نزول المسافر آخر الليل، الاستراح يسمى تعريس، قال: (وهو في المعرس)؛ يعني في المكان الذي بات فيه آخر الليل، المسافر إذا نام في آخر الليل، يقال: هذا تعريس، وهو نزول المسافر في آخر الليل في الاستراحة؛ هو التعريس، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم من ذي الحليفة؛ وهو ميقاتها المديدة، وذو الحليفة تصغير حلفة، والحلفة شجر، يسمى حلفة، سمي الميقات باسمه لكثرة الشجر الذي يسمى الحلفة، حلفة تصغيرها حليفة، كان الشجر يكثر في هذا الوادي فالنبي أحرم منه، يسمى الآن أبيار علي، الأول كان ذي الحليفة، وهو الآن قريب من المدينة وصله البنيان، وهو أبعد المواقيت من مكة عشرة مراحل، وفي ميقات أهل نجد، وميقات أهل اليمن؛ هذه كله قريبة، والنبي أتي له وهو نزل في آخر الليل إنَّك ببطحاء مباركة، النبي صلى الله عليه وسلم خرج بعد الظهر، من يوم السبت خرج بعد الظهر إلى ذي الحليفة وبات فيها، صلى فيها العصر والمغرب والعشاء والفجر والظهر، ثم أحرم بعد الظهر يوم الأحد، وهو عرَس فيه؛ يعني بات فيه، بات فيه في الليل في ذي الحليفة، ويقول: (أناخ بالبطحاء الذي بذي الحليفة)؛ لأنه وادي يسمى بطحة، يسمى واي، يسمى ذي الحليفة.

قارئ المتن: البيداء

2662- أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: حدثنا النضر وهو ابن شميل، قال: حدثنا أشعث وهو ابن عبد الملك، عن الحسن، عن أنس ابن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «صلى الظهر بالبيداء، ثم ركب وصعد جبل البيداء فأهل بالحج والعمرة، حين صلى الظهر».

شرح الشيخ: البيداء الصحراء، لكن لا نعلم أن هناك جبل ببيداء، الشيخ تكلم عن جبل قال: (وصعد جبل البيداء)، المعروف أنه وادي ما به جبل، قال: (وصعد جبل البيداء فأهل بالحج والعمرة، حين صلى الظهر)؛ لما صلى الظهر أهل بالحج والعمرة، والبيداء هي الصحراء، أما جبل العبارة فيها تسامح، والحديث كذلك: "هلّ بالبيداء إلا من ركب ناقته"، تسمية الجبل لعله شيء مرتفع.

الطالب: لعله فيه ارتفاع بعد المسجد كذا.

الشيخ: لعله شيء مرتفع.

الطالب: ذكر قال: صعد جبل البيداء فأهل بالحج والعمرة؛ أي رفع صوته بالتلبية بهما معا.

الشيخ: ما في إشكال في ذلك، الإشكال في الجبل.

قارئ المتن: الغسل للإهلال

2663- أخبرنا محمد بن سلمة، والحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له، عن ابن القاسم، قال: حدثني مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن أسماء بنت عميس، أنها ولدت محمد بن أبي بكر الصديق بالبيداء، فذكر أبو بكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «مرها فلتغتسل، ثم لتهل»

2664- أخبرني أحمد بن فضالة بن إبراهيم النسائي، قال: حدثنا خالد بن مخلد، قال: حدثني سليمان بن بلال، قال: حدثني يحيى وهو ابن سعيد الأنصاري، قال: سمعت القاسم بن محمد، يحدث عن أبيه، عن أبي بكر، أنه خرج حاجا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، ومعه امرأته أسماء بنت عميس الخثعمية، فلما كانوا بذي الحليفة، ولدت أسماء محمد بن أبي بكر، فأتى أبو بكر النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، «فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمرها، أن تغتسل ثم تهل بالحج، وتصنع ما يصنع الناس، إلا أنها لا تطوف بالبيت».

شرح الشيخ: الإهلال معناه رفع الصوت بالتلبية، يسمى الإهلال، الغسل للإهلال؛ يعني الغسل للإحرام، فيه مشروعية الغسل للإحرام، ولو كان الحاج حائضًا، أو نفساء؛ لأن أسماء امرأة أبي بكر ولدت محمد بن أبي بكر بذي الحليفة، فذكر أبو بكر ذلك للنبي، قال له: ماذا تفعل؟ قال: تغتسل وتلجم وتحفظ، وكذلك الحائض، وغير الحائض والنفساء من باب أولى؛ يعني هي ما تصلي، لكنها تحرم وهي عليها الدم، لكن لا تدخل المسجد الحرام حتى تطهر، وهذا يدل على النشاط لله درها، يعني: ولدت وهي على الإبل وذهبت للحج أيام طويلة، أين من نساءنا الآن؛ يعني الولادة فيها صعوبة وفي مستشفى وفي مدة طويلة، بعض النساء قديمًا كانت تلد في البرية لوحدها، وتأتي بحجر وتقطع السرة وتمشي، وهذه أسماء رضي الله عنها، ولدت وركبت الإبل ومشت مع النبي صلى الله عليه وسلم عشرة أيام على الإبل، وكذلك مدة طويلة رضي الله عنها.

ففيه مشروعية الغسل للإحرام، ولو كانت حائضًا، أو نفساء تغتسل، وغيرهم من باب أولى.

قارئ المتن: غسل المحرم

2665- أخبرنا قتيبة بن سعيد، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، والمسور بن مخرمة، أنهما اختلفا بالأبواء فقال ابن عباس: يغسل المحرم رأسه، وقال المسور: لا يغسل رأسه، فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري أسأله عن ذلك فوجدته يغتسل بين قرني البئر، وهو مستتر بثوب، فسلمت عليه، وقلت: أرسلني إليك عبد الله بن عباس أسألك، كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم؟ فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا رأسه، ثم قال لإنسان: يصب على رأسه، ثم حرك رأسه بيديه، فأقبل بهما، وأدبر، وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل.

شرح الشيخ: هذا الحديث فيه مشروعية الغسل للمحرم، وفيه أنَّ ابن عباس والمسور بن مخرمة هما صحابيان صغيران اختلفا، قال ابن عباس: المحرم هل يغسل رأسه، ولا ما يغسل رأسه؟ قال: المسور: لا غسل رأسه، وابن عباس قال: يغسل رأسه، فأرسلوا إلى ابي أيوب؛ صحابي كبير، يرجع إليه، فيه الرجوع إلى أهل العلم لإزالة الاختلاف، ابن عباس صحابي صغير، والمسور صحابي صغير، الاثنان اختلفا، ابن عباس قال: يغسل رأس المحرم، والمسور قال: لا يغسل رأسه، فأرسلوا إلى أبي أيوب يسألونه: كيف كان الإنسان المسلم يغسل، وكان يغتسل، فقال: الإنسان يصب على رأسه صب، فجعل يحرك رأسه، فعرفوا أن المحرم يغسل رأسه، فصار الصواب قول ابن عباس، صار قول ابن عباس أصح من قول مسور، المسور يقول: لا يغسل رأسه، وابن عباس يقول: يغسل رأسه، فلما رجعوا إلى أهل العلم، رجعوا إلى الصحابي الكبير، بيَّن لهما أن النبي صلى الله عليه وسلم-كان يغسل رأسه؛ هكذا الرجوع إلى أهل العلم عند الاختلاف.

قارئ المتن: النهي عن الثياب المصبوغة بالورس والزعفران في الإحرام

2666- أخبرنا محمد بن سلمة، والحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن القاسم، قال: حدثني مالك، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يلبس المحرم ثوبا مصبوغا بزعفران أو بورس».

شرح الشيخ: لأنه من أنواع الطيب.

قارئ المتن:

2667- أخبرنا محمد بن منصور، عن سفيان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال: «لا يلبس القميص، ولا البرنس، ولا السراويل، ولا العمامة، ولا ثوبًا مسه ورس، ولا زعفران، ولا خُفين إلا لمن لا يجد نعلين، فإن لم يجد نعلين، فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين».

شرح الشيخ: سأل النبي عمَّا يلبس المحرم، فأجابه بما لا يلبس؛ بالعكس، لماذا؟ لأن الذي لا يلبس محدود؛ ستة أشياء ذكرها («لا يلبس القميص، ولا البرنس، ولا السراويل، ولا العمامة، ولا ثوبًا مسه ورس، ولا زعفران، ولا خُفين»)، والباقي يلبسه؛ كأن النبي يقول ما عدا هذه الأشياء الستة يلبس المحرم، فهو سأل عمَّا يلبس فأجابه عمَّا لا يلبس، لماذا؟ لأن الذي لا يلبس محصور، والذي يلبس غير محصور، وفيه: أن من لم يجد نعلين يلبس الخفين، هنا قال: أمره أن يقطعهما أسفل من الكعبين؛ حتى تكون مثل النعل.

وفي حجة وهو في خطبته في عرفة في حديث ابن عباس، قال: «من لم يجد نعلين فليلبس الخفين»، ولم يقل: وليقطعهما؛ فذهب الجمهور إلى أن القطع منسوخ، وأن أول الكلام كان في خطبته في المدينة قال: «يقطعهما»، وخطبته في عرفة قال: «وليلبس الخفين»، ولم يقل: يقطعهما؛ فدلَّ على أن القطع منسوخ؛ وهذا هو قول الجمهور، قال: يحمل المطلق على المقيد.

وذهب بعض العلماء إلى الجمع بينهما بأن القطع مستحب، وترك القطع جائز؛ ذلك لأنَّ النبيَّ خطب في المدينة، ولو كان القطع واجب، لم يسمعه لما خطب في عرفة، ولم يسمعه في خطبته في المدينة؛ فدلَّ على أن الحكم يختلف هنا، قيل: إنه منسوخ، وقيل: إنه مستحب ليس بواجب.

 

 

قارئ المتن: الجبة في الإحرام

2668- أخبرنا نوح بن حبيب القُومَسي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا ابن جريج، قال: قال حدثني عطاء، عن صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه، أنه قال: ليتني أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينزل عليه، فبينا نحن بالجعرانة، والنبي صلى الله عليه وسلم في قبة فأتاه الوحي، فأشار إلي عمر رضي الله عنه أن تعال، فأدخلت رأسي القبة فأتاه رجل قد أحرم في جبة بعمرة متضمخ بطيب فقال: يا رسول الله ما تقول في رجل قد أحرم في جبة إذ أنزل عليه الوحي فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يغط لذلك فسري عنه، فقال: «أين الرجل الذي سألني آنفا؟» فأتي بالرجل فقال: «أما الجبة فاخلعها، وأما الطيب فاغسله، ثم أحدث إحرامًا»، قال أبو عبد الرحمن: «ثم أحدث إحرامًا» ما أعلم أحدا قاله غير نوح بن حبيب، ولا أحسبه محفوظا، والله سبحانه وتعالى أعلم.

شرح الشيخ: فيه شدة الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم، يغط لما جاءه الوحي من قوته وثقله (سري عنه)؛ يعني انكشف الوحي، وفيه أن هذا الرجل سأل النبي أنه قد لبس جبة وهو محرم متضمخة بالطيب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: («أما الجبة فاخلعها، وأما الطيب فاغسله»)، قوله: («ثم أحدث إحرامًا»)؛ قال المؤلف النسائي: (ما أعلم أحدًا قاله غير نوح بن حبيب)؛ أي هذا الحديث، وهذا صحيح، هو باق على إحرامه، ما يؤتي إحرام جديد، أما قوله: ((«ثم أحدث إحرامًا»)؛ فهذا ليس بصحيح، هذا شاذ، قول نوح خالف شيخه، فلم يقول: إنه يحدث إحرامًا، هو باق عل إحرامه.

وفيه أن من لبس مخيطًا، أو تطيب جاء وهو ناسيًا؛ فإنه ينزع المخيط، ويغسل الطيب ولا شيء عليه؛ ما فعل هذا الرجل قال له النبي: («أما الجبة فاخلعها، وأما الطيب فاغسله»).

قارئ المتن:

2669- أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما يلبس المحرم من الثياب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تلبسوا القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف، إلا أحد لا يجد نعلين، فليلبس خفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا شيئًا مسه الزعفران، ولا الورس».

النهي عن لبس السراويل في الإحرام

2670- أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا عبيد الله، قال: حدثني نافع، عن ابن عمر، أن رجلا قال: يا رسول الله ما نلبس من الثياب إذا أحرمنا؟ قال: «لا تلبسوا القميص» وقال عمرو مرة أخرى: «القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا الخفين، إلا أن لا يكون لأحدكم نعلان، فليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا ثوبا مسه ورس، ولا زعفران».

الرخصة في لبس السراويل لمن لا يجد الإزار

2671- أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا حماد، عن عمرو، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يخطب وهو يقول: «السراويل لمن لا يجد الإزار، والخفين لمن لا يجد النعلين للمحرم».

2672- أخبرني أيوب بن محمد الوزان، قال: حدثنا إسماعيل، عن أيوب، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من لم يجد إزارا، فليلبس سراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين».

شرح الشيخ: فيه الرخصة في لبس السراويل لمن لا يجد إزار، وكذا الرخصة في لبس الخفين من غير قطع لمن لم يجد نعلين، لأنه ما أمر بالقطع هنا؛ هذا في خطبته في عرفة، في المدينة خطب الناس، وقال: «من لم يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما»، وفي خطبته بعد ذلك في عرفة في حديث ابن عباس ما فيه وليقطعهما؛ دلَّ على أنه منسوخ، أو أن الأمر في الأول يحمل على الاستحباب، فالرخصة للبس السراويل لمن لم يجد إزارًا، لو قال: والرخصة في لبس الخفين من غير قطع لمن لم يجد النعلين.

قارئ المتن: النهي عن أن تنتقب المرأة الحرام

شرح الشيخ: النهي عن أن تنتقب المرأة الحرام؛ يعني المحرمة.

قارئ المتن:

2673- أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قام رجل، فقال: يا رسول الله ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تلبسوا القميص، ولا السراويلات، ولا العمائم، ولا البرانس، ولا الخفاف، إلا أن يكون أحد ليست له نعلان فليلبس الخفين ما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا شيئًا من الثياب مسه الزعفران، ولا الورس، ولا تنتقب المرأة الحرام، ولا تلبس القفازين».

شرح الشيخ: والقميص مخيط على قدر الجسم، والسراويل مخيطة على قدر النصف الأسفل، والعمائم ما يضع على الرؤوس، والبرانس؛ ثياب مغربية متصلة بها رؤوسها تأتي من المغرب، والخفاف؛ الخف الذي يستر الكعبين، والورس: هو نوع من الزعفران، قوله: («ولا تنتقب المرأة»)؛ يعني لا تلبس النقاب وهو مخيط على قدر الوجه، لكن لا أن تغطي وجهها بغير المخيط على قدر الوجه، وإذا فتح له فتحتان يسمى نقاب، فلا تلبس المرأة النقاب، ما تلبس المخيط على قدر الوجه، لكن غير المخيط تستر؛ تنزل ما على رأسها على وجهها، أما إذا كان مخيط تمنع المرأة المحرم سواء كان فتح له عينان، أو لم يفتح، فتحتان للعينان.

قارئ المتن: النهي عن لبس البرانس في الإحرام

2674- أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تلبسوا القميص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف، إلا أحد لا يجد نعلين، فليلبس خفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا شيئا مسه الزعفران، ولا الورس».

2675- أخبرني محمد بن إسمعيل بن إبراهيم، وعمرو بن علي، قالا: حدثنا يزيد وهو ابن هارون، قال: حدثنا يحيى وهو ابن سعيد الأنصاري، عن عمر بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر، أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نلبس من الثياب إذا أحرمنا؟ قال: «لا تلبسوا القميص ولا السراويلات ولا العمائم، ولا البرانس، ولا الخفاف إلا أن يكون أحد ليست له نعلان، فليلبس الخفين أسفل من الكعبين ولا تلبسوا من الثياب شيئًا مسه ورس ولا زعفران».

شرح الشيخ: وهذا في حقِّ الرجل، أمَّا المرأة فلا تمنع من القمص، ولا الخفاف، ولا السراويلات، ما عدا الزعفران والورس؛ يعني المرأة تلبس من القميص ما شاءت من القمص، تلبس الخفاف، الشراب للرجلين، تلبس السراويل، لكنها لا تلبس قفازين لليدين؛ شراب لليدين ما تلبسه، تغطي يديها بثوبها، أو بعباءتها، وكذلك الرجل لا يلبس القميص، لكنه يغطي جسمه بالإزار والرداء.

النقاب والبرقع، البرقع مخيط على قدر الوجه يسمى برقع، وإذا فتح له فتحتين يسمى نقاب تمتنع منه المرأة، تمتنع من المرأة المحرمة من البرقع والنقاب، لكنها تغطي وجهها بالملاءة بالشيلة، ممنوعة أن تغطي وجهها بالمخيط على قدر الوجه، كذلك المخيط على قدر اليدين القفازين، أما الرجلان فلا بأس المرأة تلبس الخفين، وتلبس الشراب ولا بأس.

قارئ المتن: النهي عن لبس العمامة في الإحرام

2676- أخبرنا أبو الأشعث، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: نادى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: ما نلبس إذا أحرمنا؟ قال: «لا تلبس القميص ولا العمامة، ولا السراويل ولا البرنس، ولا الخفين إلا أن لا تجد نعلين فإن لم تجد النعلين فما دون الكعبين».

2677- أخبرنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر، قال: نادى النبي صلى الله عليه وسلم رجل، فقال: ما نلبس إذا أحرمنا؟ قال: «لا تلبس القميص، ولا العمائم، ولا البرانس، ولا السراويلات، ولا الخفاف، إلا أن لا يكون نعال، فإن لم يكن نعال فخفين دون الكعبين، ولا ثوبًا مصبوغًا بورس، أو زعفران، أو مسه ورس، أو زعفران».

النهي عن لبس الخفين في الإحرام

2678- أخبرنا هناد بن السري، عن ابن أبي زائدة، قال: أنبأنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تلبسوا في الإحرام القميص، ولا السراويلات، ولا العمائم، ولا البرانس، ولا الخفاف».

شرح الشيخ: المؤلف رحمه الله يكرر التراجم لاستنباط الأحكام، وهذا قاله النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع.

قارئ المتن: الرخصة في لبس الخفين في الإحرام، لمن لا يجد نعلين

2679- أخبرنا إسماعيل بن مسعود، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: أنبأنا أيوب، عن عمرو، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا لم يجد إزارا، فليلبس السراويل، وإذا لم يجد النعلين، فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين».

قطعهما أسفل من الكعبين

2680- أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أنبأنا ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا لم يجد المحرم النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين».

شرح الشيخ: وهذا قاله النبي-صلى الله عليه وسلم- في خطبته في المدينة يوم السبت، ثم خطب الناس بعد ذلك في حجة الوداع كما في حديث ابن عباس، ولم يأمر بقطع الخفين، فاختلف العلماء في الجمع بين الحديثين على ثلاثة أقوال:

الأول: المجيب للقطع؛ حمل المطلق على المقيد، حمل المطلق في حديث ابن عباس على المقيد في حديث ابن عمر؛ وهذا ذهب إليه الجمهور.

الثاني: القول بالنسخ، وأن حديث ابن عباس ناسخ لحديث ابن عمر يوجب القطع المتقدم.

الثالث: الأمر بالقطع محمول على الندب، وعدم الأمر بالقطع محمول على الجواز.

الطالب: رواية القطع في حديث ابن عباس في الباب السابق؟

الشيخ: المعروف أن حديث ابن عمر القطع، حديث ابن عمر فيه القطع، حديث ابن عباس ما فيه القطع، حديث ابن عمر في خطبة النبي في المدينة، وحديث ابن عباس في خطبة عرفة، رقم الحديث؟

الطالب: صفحة 135 الرخصة في لبس الخفين في الإحرام لمن لا يجد نعلين، الباب الذي قبل هذا، الرخصة في لبس الخفين في الإحرام لمن لم لا يجد نعلين، ذكر حديث ابن عباس وفيه القطع.

الشيخ: نعم صحيح؛ هذا فيه إشكال، المعروف: أن الأحاديث السابقة، ما في قطع في حديث ابن عباس، إنما هذا في حديث ابن عمر.

الطالب: قال: تنبيه: قوله: «وليقطعهما إلى آخر هذه الزيادة ليست في الكبرى، وإنما هي في المجتبى فقط في رواية إسماعيل عن يزيد بن زريع.

الشيخ: هذا شاذ، أما حديث ابن عباس ما فيه القطع، إنما في حديث ابن عمر، ولذلك يقول: في الكبرى ليست موجودة هذه اللفظة، في السنن الكبرى للنسائي، قال: وليست الكبرى وماذا؟

الطالب: قال: وليست في رواية حماد بن زيد عن عمر، ولا في رواية إسماعيل بن علية عن أيوب المتقدمتين، والظاهر أنها غلط من النُّساخ؛ فإنَّ سند الكبرى هو السند هنا، ويدل على ذلك صنيع المصنف رحمه الله تعالى؛ حيث أورد الحديث مستدلًا به على جواز لبس الخفين في الإحرام، لمن لا يجد النعلين، ثم ترجم بعده قطعهما.

الشيخ: وَهْمٌ من بعض الرواة.

الطالب: قالوا: على تقدير صحة النسخة، فالزيادة في حديث ابن عباس شاذة من غير شك.

الشيخ: لو صح، الأقرب: إنها غلط.

قارئ المتن: النهي عن أن تلبس المحرمة القفازين

2681- أخبرنا سويد بن نصر، قال: أنبأنا عبد الله بن المبارك، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، أن رجلًا قام فقال: يا رسول الله، ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تلبسوا القمص، ولا السراويلات، ولا الخفاف، إلا أن يكون رجل له نعلان، فليلبس الخفين أسفل من الكعبين، ولا يلبس شيئًا من الثياب مسه الزعفران، ولا الورس، ولا تنتقب المرأة الحرام، ولا تلبس القفازين».

شرح الشيخ: القفازين: شراب اليدين خاصة.

قارئ المتن: التلبيد عند الإحرام

2682- أخبرنا عبيد الله بن سعيد، قال: حدثنا يحيى، عن عبيد الله، قال: أخبرني نافع، عن عبد الله بن عمر، عن أخته حفصة قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، ما شأن الناس حَلُّوا، ولم تحل من عمرتك؟ قال: «إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي، فَلَا أُحِلُّ حَتَّى أُحِلَّ مِنَ الْحَجِّ».

2683- أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح، والحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع، واللفظ له، عن ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم «يهل ملبدًا».

شرح الشيخ: والتلبيد: المجيء في الرأس مثل الصمغ، يمسك الشعر حتى لا يتشعث، فالمحرم له شعر، يجعل على رأسه شيء مثل الصمغ يمسك الشعر حتى لا يتشعث، قوله: («فلا أحِلُّ»)، الأقرب: فلا أَحِلُّ من حَلَّ يحلُّ يتكلم عنه في الشاهد: («فَلَا أُحِلُّ حَتَّى أُحِلَّ مِنَ الْحَجِّ»)، حَلَّ يحلُّ من الثلاثي، أما أُحِل، من أَحَلَّ يُحِلُّ، تكلم عليه؟

الطالب: نعم.

الشيخ: ومن الإحلال حتى أنه قال: من الإحلال، أو الحَل.

الطالب: وضمه من الحِل أو من الإحلال.

الشيخ: فلا أُحِلُّ من الإحلال، أو فلا أُحِل من الحِل الثلاثي، حَلَّ يحلُّ؛ صار فيها الوجهان.

الطالب: قال: والفتح أوثق لقوله: حَلُّوا.

الشيخ: («فَلَا أُحِلُّ حَتَّى أُحِلَّ مِنَ الْحَجِّ»)

قارئ المتن: إباحة الطيب عند الإحرام

2684- أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا حماد، عن عمرو، عن سالم، عن عائشة، قالت: «طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند إحرامه حين أراد أن يحرم، وعند إحلاله، قبل أن يحل بيدي».

شرح الشيخ: فيه أن مباشرة المرأة لزوجها بيدها المحرم، أو بعد تحلله الأول لا حرج، قال: («بيدي») قبل أن يحل، ولا تؤثر هو محرم الآن، مباشرة المرأة لزوجها بيدها المحرم، أو بعد تحلله الأول لا حرج فيه، قال: أن الإنسان يتوهم إن المرأة إذا مسته وهو محرم إنه ممنوع من المرأة، لا يؤثر هذا.

قارئ المتن: 2685- أخبرنا قتيبة بن سعيد، عن مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: «طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه، قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت».

2686- أخبرنا حسين بن منصور بن جعفر النيسابوري، قال: أنبأنا عبد الله بن نمير، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: «طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه، قبل أن يحرم، ولحله حين أَحل».

2687- أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن أبو عبيد الله المخزومي، قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: «طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لِحُرمه، حين أحرم، ولِحِله بعد ما رمى جمرة العقبة، قبل أن يطوف بالبيت».

2688- أخبرنا عيسى بن محمد أبو عمير، عن ضمرة، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: «طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحلاله، وطيبته لإحرامه طيبًا لا يشبه طيبكم هذا»؛ تعني ليس له بقاء.

شرح الشيخ: يعني طِيبًا جيدًا أحسن من طيبكم، فسره الذي بعده بأطيب الطيب، قال: بأطيب ما يجد، وهذا فيه دليل على أن السنة للمحرم الإنسان يتطيب قبل الإحرام وبعد التحلل مرتين؛ قبل أن يحرم وبعد التحلل الأول من طواف البيت، لإحرامه قبل أن يحرم ولِحِلِّه قبل أن يطوف بالبيت؛ يعني قبل أن يطوف إذا تحلل من التحلل الأول ولو طاف بالبيت يتطيب قبل الطواف، ويتطيب قبل الإحرام.

قوله: («وطيبته لإحرامه طِيبًا لا يشبه طِيبكم هذا»؛ تعني ليس له بقاء)، الأقرب: أن قوله: (ليس له بقاء)؛ يعني طِيبًا جيدًا أحسن من طِيبكم، وقوله: (ليس له بقاء)؛ يعني ما يبقى؛ وهذا ليس بصحيح؛ لأن الحديث فيه التصريح بأن طيب النبي صلى الله عليه وسلم يبقى في مفارق رأسه، وأنه يبقى بعد ثلاث أيام، فكأن الراوي هنا قال: (ليس له بقاء)؛ يعني لا يبقى الطيب؛ وهذا ليس بصحيح؛ لأن الطيب يبقى بعد ثلاثة أيام يرى أثر المسك في مفارق النبي-صلى الله عليه وسلم، والأقرب: أن المعنى («طيبًا لا يشبه طيبكم هذا»)؛ يعني طِيبًا جيدًا أحسن من طِيبكم، يفسره الحديث الذي بعده بأطيب الطيب، والحديث الذي بعده بأطيب ما يجد، وليس المراد بأن ليس له البقاء أنه لا يبقى، بل يبقى.

قارئ المتن: 2689- أخبرنا محمد بن منصور، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا عثمان بن عروة، عن أبيه، قال: قلت لعائشة: بأي شيء طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: «بأطيب، الطيب، عند حرمه وحله».

شرح الشيخ: («بأطيب، الطيب»)؛ بأطيب ما يجد؛ يعني طيب جيد، وليس المراد بأنه لا يبقى كما فهم الراوي.

قارئ المتن: 2690- أخبرنا أحمد بن يحيى بن الوزير بن سليمان، قال: أنبأنا شعيب بن الليث، عن أبيه، عن هشام بن عروة، عن عثمان بن عروة، عن عروة، عن عائشة، قالت: «كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند إحرامه، بأطيب ما أجد».

2691- أخبرنا أحمد بن حرب، قال: حدثنا ابن إدريس، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: «كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأطيب ما أجد لحرمه، ولحله وحين يريد أن يزور البيت».

2692- أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أنبأنا منصور، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم، قال: قالت عائشة: «طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل أن يحرم، ويوم النحر، قبل أن يطوف بالبيت، بطيب فيه مسك».

شرح الشيخ: والمسك فيه طيب.

قارئ المتن: 2693- أخبرنا أحمد بن نصر، قال: أنبأنا عبد الله بن الوليد يعني العدني، عن سفيان، ح وأنبأنا محمد بن عبد الله بن المبارك، قال: أنبأنا إسحق يعني الأزرق، قال: أنبأنا سفيان، عن الحسن بن عبيد الله، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: «كأني أنظر إلى وبيص الطيب في رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو محرم»، وقال أحمد بن نصر في حديثه: وبيص طيب المسك في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

2694- أخبرنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا سفيان، عن منصور، قال: قال لي إبراهيم: حدثني الأسود، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «لقد كان يرى وبيص الطيب، في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم».

شرح الشيخ: الوبيص: اللمعان؛ وهذا دليل على أنه يبقى، وقول الراوي: (ليس له بقاء)؛ ليس بجيد، بل يبقى، جاء في بعض الروايات أنه لا يبقى بعد ثلاث، والمراد: طِيبًا جيدًا.

قارئ المتن: موضع الطيب

2695- أخبرنا محمد بن قدامة، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: «كأني أنظر إلى وبيص الطيب في رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم».

2696- أخبرنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا أبو داود، قال: أنبأنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: «كنت أنظر إلى وبيص الطيب في أصول شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم».

2697- أخبرنا حميد بن مسعدة، قال: حدثنا بشر يعني ابن المفضل، قال: حدثني شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: «كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم».

2698- أخبرنا بشر بن خالد العسكري، قال: أنبأنا محمد وهو ابن جعفر غندر، عن شعبة، عن سليمان، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: «لقد رأيت وبيص الطيب في رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم».

2699- أخبرنا هناد بن السري، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: «كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يهل».

2700- أخبرنا قتيبة، وهناد بن السري، عن أبي الأحوص، عن أبي إسحق، عن الأسود، عن عائشة، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم- وقال هناد: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا أراد أن يحرم ادهن بأطيب، ما يجده حتى أرى وبيصه في رأسه ولحيته» تابعه إسرائيل على هذا الكلام، وقال: عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها.

2701- أخبرنا عبدة بن عبد الله، قال: أنبأنا يحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن أبي إسحق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة، قالت: «كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأطيب ما كنت أجد من الطيب حتى أرى وبيص الطيب في رأسه، ولحيته قبل أن يحرم».

2702- أخبرنا عمران بن يزيد، قال: حدثنا علي بن حجر، قال: حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: «لقد رأيت وبيص الطيب، في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد ثلاث».

2703- أخبرنا علي بن حجر، قال: أنبأنا شريك، عن أبي إسحق، عن الأسود، عن عائشة، قالت: «كنت أرى وبيص الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث».

شرح الشيخ: قوله: (حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب)، سفيان هو الثوري، وهو ممن روى عن عطاء قبل الاختلاط، وعمران بن زيد شيخ المؤلف صَدُوق، والحديث الذي بعده الذي فيه أنبأنا هُشيم متابع له؛ لأن الصحابي واحد، في هذا الحديث فائدة؛ وهي: أن الطيب يبقى بعد ثلاث، والرد على من قال ليس له بقاء، وقول المؤلف: (ليس له بقاء) في الحديث السابق يردُّه هذا، قال: يبقى بعد ثلاث؛ بعد ثلاثة أيام، وأبو إسحاق السبيعي هنا وإن كان عنعن، لكن يسامح فيه، وكذا شيخه شريك القاضي فيه ضعف في حفظه تغير، وعلم من حجج شيخ المؤلف ربما روى عنه بواسطة؛ كما في الحديث الذي قبله.

قارئ المتن: 2704- أخبرنا حميد بن مسعدة، عن بشر يعني ابن المفضل، قال: حدثنا شعبة، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، قال: سألت ابن عمر عن الطيب عند الإحرام، فقال: لأن أطلي بالقطران أحب إليَّ من ذلك، فذكرت ذلك لعائشة فقالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن، لقد «كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيطوف في نسائه، ثم يصبح ينضح طيبًا».

2705- أخبرنا هناد بن السري، عن وكيع، عن مسعر، وسفيان، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، قال: سمعت ابن عمر، يقول: لأن أصبح مطليًا بقطران، أحب إليَّ من أن أصبح محرمًا أنضح طيبًا، فدخلت على عائشة فأخبرتها بقوله، فقالت: «طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطاف في نسائه، ثم أصبح محرمًا».

شرح الشيخ: خفيت السنة عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: (لأن أصبح مطليًا بقطران، أحب إليَّ من أن أصبح محرمًا أنضح طيبًا)؛ هذا اجتهاد منه، خفيت عليه السنة، والقاعدة: إن من حفظ حجة أعلم ممن يحفظ؛ لأن الصحابي في غيبة؛ لأن عائشة قالت: كنت بنفسي طيبت الرسول، وأصبح ينضح طِيبًا، ابن عمر خفيت عليه قال: لو أطلي بالقطران أحب عليَّ من الطيب؛ كأنه ظن أن المحرم يكون بعيد عن الطيب، هذا عم البعيد بعد الإحرام، لكن قبل الإحرام ما في مانع سنة، هو السنة وإن بقي بعد الإحرام، فخفيت السن عن ابن عمر رضي الله عنهما.

قارئ المتن: الزعفران للمحرم

2706- أخبرنا إسحق بن إبراهيم، عن إسماعيل، عن عبد العزيز، عن أنس، قال: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزعفر الرجل».

2707- أخبرني كثير بن عبيد، عن بقية، عن شعبة، قال: حدثني إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثني عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك، قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن التزعفر».

2708- أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا حماد، عن عبد العزيز، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «نهى عن التزعفر» قال حماد: يعني للرجال.

شرح الشيخ: يعني يستعمل الزعفران في البدن مطلقًا، والاختصاص لهذا الحديث في حالة الإحرام؛ لأنه هذا نهي عن التزعفر؛ كأن هذا نوع خاص، التزعفر: نوع خاص بالنساء، أمَّا الإحرام، معروف أنَّ المحرم يبتعد عن الزعفران، لكن هذا مطلق الحديث ليس فيه اختصاص بالإحرام بحالة الإحرام.

المؤلف رحمه الله النسائي أحسن الصنعة في جمعه لطرق الأحاديث كما فعل مسلم استفاد من جمع طرق الأحاديث في مكان واحد، واستفاد من كثرة التراجم كما فعل البخاري، فالنسائي استفاد من البخاري في التراجم التي هي استنباطات، وهي كالشرح، واستفاد من مسلم في جمع طرق الحديث في موضع واحد؛ حيث يستفيد الحديث بكثرة الطرق قوة، وأيضًا يستفاد من الطرق الزيادات، والتفصيل، والتوضيح لما أجمل في بعض ألفاظ الحديث.

قارئ المتن: في الخلوق للمحرم

2709- أخبرنا محمد بن منصور، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو، عن عطاء، عن صفوان بن يعلى، عن أبيه، أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أهل بعمرة، وعليه مقطعات وهو متضمخ بخلوق، فقال: أهللت بعمرة فما أصنع؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما كنت صانعًا في حجك» قال: كنت أتقي هذا، وأغسله، فقال: «ما كنت صانعًا في حجك، فاصنعه في عمرتك».

2710- أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا أبي قال: سمعت قيس بن سعد، يحدث عن عطاء، عن صفوان بن يعلى، عن أبيه، قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل وهو بالجعرانة، وعليه جبة وهو مصفر لحيته ورأسه، فقال: يا رسول الله، إني أحرمت بعمرة وأنا كما ترى؟ فقال: «انزع عنك الجبة، واغسل عنك الصفرة، وما كنت صانعًا في حجتك، فاصنعه في عمرتك».

شرح الشيخ: قال: («انزع عنك الجبة، واغسل عنك الصفرة»)، والثياب المقطعة؛ هي الثياب المخيطة، أو ثياب قصار، والخلوق: طيب مركب من الزعفران وغيره يسمى الخلوق.

قارئ المتن: الكحل للمحرم

2711- أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا سفيان، عن أيوب بن موسى، عن نبيه بن وهب، عن أبان بن عثمان، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «في المحرم إذا اشتكى رأسه، وعينيه أن يضمدهما بصبر».

شرح الشيخ: لأنه دوى لا تجمل فيه.

قارئ المتن: الكراهية في الثياب المصبغة للمحرم

2712- أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي قال: أتينا جابرا فسألناه عن حَجَّة النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو استقبلت من أمري، ما استدبرت لم أسق الهدي، وجعلتها عمرة، فمن لم يكن معه هدي فليحلل، وليجعلها عمرة» وقدم عليٌّ رضي الله عنه من اليمن بهدي، وساق رسول الله صلى الله عليه وسلم، من المدينة هديًا وإذا فاطمة قد لبست ثيابًا صبيغًا، واكتحلت قال: فانطلقت محرشًا أستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله إن فاطمة لبست ثيابًا صبيغًا، واكتحلت، وقالت: أمرني به أبي صلى الله عليه وسلم قال: «صدقت، صدقت، صدقت، أنا أمرتها».

شرح الشيخ: يعني علي انطلق محرش على فاطمة، يقول: (لبست ثيابًا صبيغًا، واكتحلت)؛ لأنها تحللت، خلاص ما دام تحللت انتهت، تحللت من العمرة، فتبقى حلال، فقال النبي: «صدقت» ثلاث مرات؛ تأكيد.

قارئ المتن: تخمير المحرم وجهه ورأسه

2713- أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا شعبة، قال: سمعت أبا بشر يحدث، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن رجلًا وقع عن راحلته، فأقعصته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اغسلوه بماء وسدر، ويكفن في ثوبين خارجًا رأسه ووجهه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا».

2714- أخبرنا عبدة بن عبد الله الصفار، قال: حدثنا أبو داود يعني الحفري، عن سفيان، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: مات رجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اغسلوه بماء، وسدر، وكفنوه في ثيابه، ولا تخمروا وجهه ورأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا».

شرح الشيخ: في هذا الحديث النبي نهى عن تغطية الوجه والرأس؛ هذه من الحوادث التي حصلت في زمن النبي، حوادث رواحل الإبل، واقف على بعيره سقط مات، فقال النبي-صلى الله عليه وسلم: («اغسلوه بماء، وسدر»)، السدر نوع من التنظيف قبل أن يوجد الصابون، يغسل بالسدر؛ وسيلة تنظيف مثل الصابون، («ويكفن في ثوبين خارجًا رأسه»)؛ فيه دليل على أن المحرم إذا مات يكفن في ثوبين؛ يعني في إزاره ورداءه، («خارجًا رأسه ووجهه»)؛ لا يغطى الرأس والوجه («فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا»)؛ وفيه دليل على أنه لا يقضى عنه الحج، لو كان يكمل عنه الحج لما كشف رأسه ووجه، قال: إنَّ الله يبعثه ملبيًا؛ باق على إحرامه؛ هذا دليل على أنه لا يقضى، قال بعض العلماء: يقضى عنه؛ يكمل، وفي قول: «ولا تغطوا رأسه»، وسبق: «رأسًا ولا وجهًا»، بعض العلماء قال: إنها شاذة «ولا وجهًا»، وإنما لا يغطى الرأس وإن كان في صحيح مسلم، ومن العلماء قال: إنه ليس شاذًّا؛ وهذا يؤيد الحديث، قال: («خارجًا رأسه ووجهه»)، والمحشي قال: إن قوله: («خارجًا رأسه»)، قيل: كشفه ليس لمراعاة الإحرام، وإنما هو لصيانة الرأس من التغطية؛ هذا ذكره النووي، وزعم أن هذا التأويل لازم عند الكل، وظاهر الحديث يفيد أن المحرم يجب عليه كشف وجهه أيضًا، وأن كشف الوجه لمراعاة الإحرام، النووي رحمه الله يقول: «ولا وجهًا»؛ شاذة، وقوله: «ولا وجهًا» ليس لمراعاة الإحرام؛ هذا ليس بجيد، وأنه يكشف الوجه والرأس.

قارئ المتن: إفراد الحج

2715- أخبرنا عبيد الله بن سعيد، وإسحق بن منصور، عن عبد الرحمن، عن مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أفرد الحج».

2716- أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: «أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج».

2717- أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي، عن حماد، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، موافين لهلال ذي الحجة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شاء أن يهل بحج فليهل، ومن شاء أن يهل بعمرة فليهل بعمرة».

2718- أخبرنا محمد بن إسماعيل الطبراني أبو بكر، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا شعبة، حدثني منصور، وسليمان، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نرى إلا أنه الحج».

شرح الشيخ: قوله: («أفرد الحج»)، ثبت أن النبي-صلى الله عليه وسلم- أحلَّ بالحج والعمرة عن بضع عشر صحابيًّا؛ كما قال الإمام أحمد رحمه الله، أما قوله: («أفرد الحج») إما أن يحمل على أنه عملَ عملِ المفرد؛ لأن القارن عمل واحد، أو أن يحمل على أنه عمل على أنه أفرد للحج؛ يعني أن عمله عمل المفرد؛ القارن عمله عمل المفرد.

قارئ المتن: القران

2719- أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا جرير، عن منصور، عن أبي وائل، قال: قال الصبي بن معبد: كنت أعرابيًّا نصرانيًّا فأسلمت، فكنت حريصًا على الجهاد، فوجدت الحج والعمرة مكتوبين علي، فأتيت رجلًا من عشيرتي يقال له هريم بن عبد الله فسألته فقال: «اجمعهما، ثم اذبح ما استيسر من الهدي»، فأهللت بهما، فلما أتيت العذيب لقيني سلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان، وأنا أهل بهما، فقال أحدهما للآخر: ما هذا بأفقه من بعيره، فأتيت عمر فقلت: يا أمير المؤمنين إني أسلمت، وأنا حريص على الجهاد، وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبين علي، فأتيت هريم بن عبد الله فقلت: يا هناه إني وجدت الحج والعمرة مكتوبين علي، فقال: «اجمعهما، ثم اذبح ما استيسر من الهدي»، فأهللت بهما، فلما أتينا العذيب لقيني سلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان فقال أحدهما للآخر: ما هذا بأفقه من بعيره، فقال عمر: هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم.

2720- أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا مصعب بن المقدام، عن زائدة، عن منصور، عن شقيق، قال: أنبأنا الصبي فذكر مثله، قال: فأتيت عمر فقصصت عليه القصة إلا قوله يا هناه.

2721- أخبرنا عمران بن يزيد، قال: أنبأنا شعيب يعني ابن إسحق، قال: أنبأنا ابن جريج، ح وأخبرني إبراهيم بن الحسن، قال: حدثنا حجاج، قال: قال ابن جريج، أخبرني حسن بن مسلم، عن مجاهد وغيره، عن رجل من أهل العراق، يقال له: شقيق بن سلمة أبو وائل أن رجلًا من بني تغلب يقال له: الصُّبَي بن معبد وكان نصرانيًّا فأسلم فأقبل في أول ما حج، «فلبى بحج وعمرة جميعًا»، فهو كذلك يلبي بهما جميعًا، فمر على سلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان، فقال أحدهما: لأنت أضل من جملك، هذا فقال الصبي: فلم يزل في نفسي حتى لقيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فذكرت ذلك له فقال: هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم قال شقيق: وكنت أختلف أنا ومسروق بن الأجدع إلى الصبي بن معبد، نستذكره فلقد اختلفنا إليه مرارًا، أنا ومسروق بن الأجدع.

شرح الشيخ: يعني قوله: (ما هذا بأفقه من بعيره)؛ يعني كلمة قبيحة، ما كان ينبغي أن يوجه بمثل هذا؛ ولهذا قال عمر: (هديت لسنة نبيك)، وأما قول هذا، هذا ما يفقه، ما يُدرى أيهما أفقه؟ هو، أو بعيره، ما ينبغي أن يقال مثل هذا، عمر صوبه، قال: (هديت لسنة نبيك).

قارئ المتن: 2722- أخبرني عمران بن يزيد، قال: حدثنا عيسى وهو ابن يونس، قال: حدثنا الأعمش، عن مسلم البطين، عن علي بن حسين، عن مروان بن الحكم، قال: كنت جالسًا عند عثمان فسمع عليًّا يلبي بعمرة، وحجة، فقال: ألم نكن ننهى عن هذا، قال: بلى، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يلبي بهما جميعًا»، فلم أدع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقولك.

شرح الشيخ: (ألم نكن)؛ يعني عثمان، إذًا هو الخليفة، قال: (ألم نكن ننهى عن هذا)؛ عثمان يقول لعلي لما أحرم بعمرة، قال: أنهاك، أنا نهيت تحرم بالعمرة، لماذا تحرم بالعمرة والحج معًا؟ أنا نهيت عن هذا؛ هو الخليفة عثمان؛ إذًا في خلافته، يقول على صيغة الخطاب، وننهي على بناء المفعول؛ أي إنِّي أنهى الناس جميعًا عن الجمع كما كان عمر ينهاهم، وأنت كيف لك أن تفعل وتخالف أمر الخليفة، فأشار عليٌّ قال: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"؛ قال علي: "أنا رأيت الرسول يجمعهما، فأنا أجمعهما، ولا أطيع أمرك.

الطالب: في السند ذكر الأشعث؟

الطالب: الأثيوبي صوبها هنا.

الشيخ: قال: حدثنا ماذا؟

الطالب: قال: تنبيه: حدثنا الأعمش هكذا في النُسخة الهندية، والصواب: هو ما وقع في النُسختين المطبوعتين من المُجتبى الأشعث وهو تصحيف فتنبه.

الشيخ: قال: حدثن الأعمش عن مُسلم البطين.

الطالب: عندي الأشعث نعدلها الأعمش.

الشيخ: عندنا نسخة منها عدلها.

قارئ المتن: 2722- أخبرني عمران بن يزيد، قال: حدثنا عيسى وهو ابن يونس، قال: حدثنا الأعمش، عن مسلم البطين، عن علي بن حسين، عن مروان بن الحكم، قال: كنت جالسًا عند عثمان فسمع عليًّا يلبي بعمرة، وحجة، فقال: ألم أكن أنهى عن هذا، قال: بلى، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يلبي بهما جميعًا»، فلم أدع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقولك.

شرح الشيخ: هنا هذه الرواية تبيِّن الرواية الأولى، (ألم نكن ننهى)، وهنا (ألم أكن أنهى)؛ لأن عثمان هو الخليفة كان ينهى الناس، وكذلك الصديق وعمر ينهوا الناس عن القران اجتهاد، يقولون: يحرم الآن بالحج، ويحرم بالعمرة في وقت آخر فلا يزال هذا البيت يحج ويعتمر، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الناس بالتحلل بالعمرة في الأول؛ حتى يزول اعتقاد الجاهلية، أن العمرة ممنوع منها في أشهر الحج، والآن زال، فاجتهد الخلفاء الثلاثة؛ الصديق وعمر وعثمان ينهون الناس عن القران، ويأمروهم بالإفراد، فعثمان قال لعلي: (ألم نكن ننهى)؛ ننهاك عن هذا قال علي: ما أعلمك؟! الرسول صلى الله عليه وسلم يجمع بينهما، لم أكن أدع سنة رسول الله لأحد من الناس.

قارئ المتن: 2723- أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا أبو عامر، قال: حدثنا شعبة، عن الحكم، قال: قال سمعت علي بن حسين، يحدث عن مروان، أن عثمان نهى عن المتعة، وأن يجمع الرجل بين الحج والعمرة.

شرح الشيخ: هذا اجتهاد، ليس منعًا ملزمًا، وإنما من باب الاجتهاد

قارئ المتن: فقال علي: «لبيك بحجة وعمرة معًا»، فقال عثمان: أتفعلها، وأنا أنهى عنها، فقال علي: «لم أكن لأدع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد من الناس».

2724- أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا النضر، عن شعبة بهذا الإسناد مثله.

2725- أخبرني معاوية بن صالح، قال: حدثني يحيى بن معين، قال: حدثنا حجاج، قال: حدثنا يونس، عن أبي إسحق، عن البراء، قال: كنت مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين أمَّرَه رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليمن، فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، قال علي: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف صنعت؟» قلت: أهللت بإهلالك، قال: «فإني سقت الهدي، وقرنت» قال: وقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «لو استقبلت من أمري، ما استدبرت لفعلت كما فعلتم، ولكني سقت الهدي، وقرنت».

2726- أخبرنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، قال: حدثنا خالد، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثني حميد بن هلال، قال: سمعت مطرفًا، يقول: قال لي عمران بن حصين: «جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين حج وعمرة، ثم توفي قبل أن ينهى عنها، وقبل أن ينزل القرآن بتحريمه».

2727- أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا خالد، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن مطرف، عن عمران، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «جمع بين حج وعمرة، ثم لم ينزل فيها كتاب، ولم ينه عنهما النبي صلى الله عليه وسلم» قال فيهما رجل برأيه ما شاء.

شرح الشيخ: يعني عمر اجتهد، عمران يقول: الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالحج والعمرة، قال: (قال فيهما رجل برأيه ما شاء)؛ يعني عمر لما كان ينهى الناس في خلافته فهذا عن اجتهاد؛ حتى يكثر العمَّار والزوَّار.

قارئ المتن: 2728- أخبرنا أبو داود، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا إسماعيل بن مسلم، قال: حدثنا محمد بن واسع، عن مطرف بن عبد الله، قال: قال لي عمران بن حصين: «تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم» قال أبو عبد الرحمن: "إسماعيل بن مسلم ثلاثة هذا أحدهم لا بأس به، وإسماعيل بن مسلم شيخ يروي عن أبي الطفيل لا بأس به، وإسماعيل بن مسلم يروي عن الزهري، والحسن متروك الحديث".

شرح الشيخ: هذه فائدة من المؤلف، قال أبو عبد الرحمن النسائي: إسماعيل بن موسى ثلاث أشخاص:

الأول: هذا أحدهم الذي في الحديث لا بأس به روايته.

الثاني: وإسماعيل بن مسلم شيخ يروي عن ابي الطفيل؛ هذا لا بأس به.

والثالث: إسماعيل بن مسلم يروي عن الزهري.

 والحسن هذا متروك الحديث؛ من باب الفائدة لطالب العلم.

قارئ المتن: 2729- أخبرنا مجاهد بن موسى، عن هشيم، عن يحيى، وعبد العزيز بن صهيب، وحميد الطويل، ح وأنبأنا يعقوب بن إبراهيم، قال: أنبأنا هشيم، قال: أنبأنا عبد العزيز بن صهيب، وحميد الطويل، ويحيى بن أبي إسحق، كلهم عن أنس، سمعوه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لبيك عمرة وحجًّا، لبيك عمرة وحجًّا».

2730- أخبرنا هناد بن السري، عن أبي الأحوص، عن أبي إسحق، عن أبي أسماء، عن أنس، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم «يلبي بهما».

شرح الشيخ: يعني بالحج والعمرة، قال: لبيك عمرة وحجًّا؛ لأنه قارن.

قارئ المتن: 2731- أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: حدثنا حميد الطويل، قال: أنبأنا بكر بن عبد الله المزني، قال: سمعت أنسًا، يحدث قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم «يلبي بالعمرة والحج جميعًا»، فحدثت بذلك ابن عمر فقال: «لبى بالحج وحده»، فلقيت أنسًا فحدثته، بقول ابن عمر فقال أنس: ما تعدونا إلا صبيانا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لبيك عمرة، وحجًّا معًا».

شرح الشيخ: يعني أنس يقول: ما تأخذون بقول ابن عمر ما تعدونا إلا صِبيانًا، نعم؛ نحن مع الرسول لبى بالحج والعمرة، وابن عمر يقول: إنه قال: لبى بالحج وحده؛ غلط هذا الذي بلغه، أنس يقول: أنا متأكد، ما تعدونا إلا صِبيانًا، إذا كان إنكم ما تأخذونا بقولنا لعدكم أيانا صبيانًا، لا شكَّ أن كلام أنس صحيح النبي لبى بالحجِّ والعمرة قارنًا كما ذكر الإمام أحمد وغيره، في سبعة عشر حديثًا كما قال الإمام أحمد

قارئ المتن: التمتع

2732- أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك المُخَرَّميُّ، قال: حدثنا حجين بن المثنى، قال: حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، وأهدى وساق معه الهدي بذي الحليفة، وبدا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بالعمرة، ثم أهل بالحج، وتمتع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج، فكان من الناس من أهدى فساق الهدي، ومنهم من لم يهد، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قال للناس: «من كان منكم أهدى، فإنه لا يحل من شيء حرم منه، حتى يقضي حجه، ومن لم يكن أهدى، فليطف بالبيت، وبالصفا والمروة وليقصر، وليحلل، ثم ليهل بالحج، ثم ليهد، ومن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله»، فطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة، واستلم الركن أول شيء، ثم خب ثلاثة أطواف من السبع، ومشى أربعة أطواف، ثم ركع حين قضى طوافه بالبيت، فصلى عند المقام ركعتين، ثم سلم فانصرف فأتى الصفا فطاف بالصفا والمروة سبعة أطواف، ثم لم يحل من شيء حرم منه حتى قضى حجه ونحر هديه يوم النحر، وأفاض فطاف بالبيت، ثم حلَّ من كل شيء حرم منه، وفعل مثل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أهدى وساق الهدي من الناس.

شرح الشيخ: وقوله: (تمتع رسول الله)؛ يعني سمى القران تمتع، يسمى في عرف السلف: التمتع، القران والتمتع لكلٍّ منهما يترف بسقوط إحدى السفرتين، الأصل: أن العمرة لها سَفرة، والحجر له سَفر، فالمتمتع والقارن كل منهما اختصر بدل السفرين سفر واحد، للنسكين، ويسمى متمتع، لكن اصطلح المتأخرون على المتمتع هو الذي يعتمر أولًا ثمَّ يتحلل، وهذا يسمى قارنًا، والقارن والمتمتع كلاهما يسمى متمتع في عرف السلف.

الطالب: كأن يقر ابن عمر بالتمتع في الحديث الثاني؟

الشيخ: لا، يدل على أن الترجمة على التمتع أنه يسمى تمتعًا وقرانًا.

قارئ المتن: 2733- أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن حرملة، قال: سمعت سعيد بن المسيب، يقول: "حج علي وعثمان فلما كنا ببعض الطريق نهى عثمان عن التمتع فقال علي: إذا رأيتموه قد ارتحل فارتحلوا، فلبى عليٌّ وأصحابه بالعمرة، فلم ينههم عثمان فقال عليٌّ: ألم أخبر أنك تنهى عن التمتع " قال: بلى، قال له عليٌّ: «ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، تمتع» قال: بلى.

شرح الشيخ: يعني علي وعثمان اختلفوا، فلما كانوا في بعض الطريق نهى عثمان عن التمتع، نهي من باب الاجتهاد؛ حتى يفرد بالحج الآن، ويأتي بالعمرة في وقت آخر؛ فلا يزال هذا البيت يحج ويعتمر، قال علي: (قد ارتحل فارتحلوا، فلبى عليٌّ وأصحابه بالعمرة، فلم ينههم عثمان)، ثم قال علي: ألم أخبر أنك تنهى الناس عن هذا؟ قال: بلى، قال علي: (ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، تمتع)؛ يعني أهلَّ بهما جميعًا؟ قال: بلى؛ وافقه؛ فدلَّ على أن مقصود عثمان الاجتهاد.

قارئ المتن: 2734- أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن محمد بن عبد الله ابن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، أنه حدثه أنه سمع سعد بن أبي وقاص، والضحاك بن قيس، عام حج معاوية بن أبي سفيان وهما يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج فقال الضحاك: لا يصنع ذلك، إلا من جهل أمر الله تعالى، فقال سعد: "بئسما قلت يا ابن أخي" قال الضحاك: فإن عمر بن الخطاب نهى عن ذلك، قال سعد: «قد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصنعناها معه».

شرح الشيخ: الضحاك جَهِّل سفيان، قال: (لا يصنع ذلك، إلا من جهل أمر الله تعالى)؛ يعني يبعد قوله؛ لأنه خفيت عليه السنة، فقال سعد: ("بئسما قلت يا ابن أخي" قال الضحاك: فإن عمر بن الخطاب نهى عن ذلك، قال سعد: «قد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم»)، عمر ينهى من باب الاجتهاد.

قارئ المتن: 2735- أخبرنا محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار- واللفظ له- قالا: حدثنا محمد، قال: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن عمارة بن عمير، عن إبراهيم بن أبي موسى، عن أبي موسى، أنه كان يفتي بالمتعة، فقال له رجل: رويدك ببعض فُتياك، فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعد حتى لقيته فسألته، فقال عمر: «قد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد فعله، ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك، ثم يروحوا بالحج، تقطر رءوسهم».

شرح الشيخ: كان أبو موسى الأشعري يفتي بالمتعة، يفتي الناس يقول: تمتعوا؛ فإنَّ الرسول تمتع حج وعمرة، وكان عمر في خلافته، وكذلك عثمان ينهى الناس عن المتعة، قال: لا تتمتعوا، أفردوا الحج الآن، والعمرة تكون في سفر آخر، فكان أبو موسى في خلافة عمر يأمر الناس بالمتعة والقران، جاءه رجل، وقال: يا أبا موسى أنت تأمر بالمتعة وأمير المؤمنين الخليفة ينهى الناس، فقال له: انهي الناس عمَّا تأمر به، فقال أبو موسى لما علم للناس: رويدكم، أنا أفتيتكم فانتظروا حتى يأتي أمير المؤمنين، فتأخذوا بقوله؛ يعني أبو موسى لا يريد مخالفة أمير المؤمنين، ومخالفة أمير المؤمنين ما تنبغي، لما علم أن أمير المؤمنين قالها: قال: يا أيها الناس رويدكم، وإلا جاء رجل فقال: لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك، فقال أبو موسى: رويدكم أيها الناس، انتظروا حتى يأتي عمر أمير المؤمنين، ثم لقيَّ أبو موسى الخليفة عمر، قال: يا أمير المؤمنين ما هذا الذي صنعت؟ ما هذا الذي صنعته في النسك؟ (فقال عمر: «قد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد فعله")؛ ما في إشكال؛ لأن النبي فعله، (ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك، ثم يروحوا بالحج، تقطر رءوسهم)؛ هذه الحجة التي احتجَّ بها عمر ليست سديدة، وهذه حجتهم مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية، لما أمرهم النبي بالتحلل، قال النبي-صلى الله عليه وسلم: «تحللوا»، قالوا: يا رسول الله كيف ما تبقى إلا أربع ليال على الحج، يذهب الواحد منا إلى عرفة يقطر ذكره مليًّا؛ يعني يجامع زوجته، ويأتي شهوته، ثم يحرم ويمشي، قفال النبي: «افعلوا ما أأمركم به لولا أن ما عليَّ الهدي ما أحللت» نفس الحجة التي قالوها أعادها عمر، قال: (كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك)؛ يعني يجامع زوجته في الشجر، ثم يغتسل، ثم يروحوا إلى الحج تقطر رؤوسهم، لكن عمر مجتهد، له وجه الاجتهاد وفاته أجر الصواب في هذا.

قارئ المتن: 2736- أخبرنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، قال: أنبأنا أبي، قال: أنبأنا أبو حمزة، عن مطرف، عن سلمة بن كهيل، عن طاووس، عن ابن عباس، قال: سمعت عمر، يقول: «والله إني لأنهاكم عن المتعة، وإنها لفي كتاب الله ولقد فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم»؛ يعني العمرة في الحج

شرح الشيخ: وهذا واضح أن عمر يعلم أن المتعة سنة، ولكنه اجتهد فأفتى بالإفراد ليكثر العمَّار والزوَّار، وهذا مثل قول الصُّبَي بن معبد لما أحرم بهما هُديت لسنة نبيك.

ابن عباس رضي الله عنه جادله بعض الناس لما كان ابن عباس يفتي بالتمتع، ويرى أن أمر النبي-صلى الله عليه وسلم للناس، تخيره للناس في الحجِّ والعمرة والإفراد كان منسوخ؛ لأنهما لما قربوا من مكة أمرهم جميعًا أن يتحللوا إلا من ساق الهدي، فيرى ابن عباس أن الأمر بالمتعة هنا نسخ التخيير في السابق، والجمهور على أن الوجوب هذا خاص بالصحابة، لإزالة اعتقا الجاهلية، فكان ابن عباس يرى أن كل من طاف وساع تحلل شاء أم أبَى، فجادله بعض الناس، وقال: أنت يا ابن عباس تلزم الناس بالتحلل، وأبو بكر وعمر يلزمون الناس بالإفراد، فاشتدَّ قوله عليهم، وقال: "يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله، وتقولون: قال أبو بكر وعمر"، أنتم تعارضون السنة بقول أبي بكر وعمر، فإذا كان الذي يعارض السنة بقول أبي بكر وعمر يخشى عليه أن ينزل من الحجارة، فكيف الذي يعارض بقول بعيد ليس بمثل قول أبي بكر وعمر؟! ويوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله، وتقولون: قال أبو بكر وعمر؛ أنا أأتيكم بالسنة وأنتم تعارضون السنة بقول أبي بكر وعمر، فعلى كل حال، هو اجتهاد من عمر، وهذا الاجتهاد هو يقر بأنَّ النبي أمر بذلك، قالوا: الآن زال اعتقاد الجاهلية، ونرى أنَّ الناس يفردون الحج، ويأتون بالعمرة في وقت آخر حتى لا يزال هذا البيت يحجُّ ويعتمر.

قارئ المتن: 2737- أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن هشام بن حجير، عن طاوس، قال: قال معاوية لابن عباس رضي الله عنهم: أعلمت أني قصرت من رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المروة؟ قال: لا، يقول ابن عباس: «هذا معاوية ينهى الناس عن المتعة، وقد تمتع النبي صلى الله عليه وسلم».

شرح الشيخ: هذا التقصيرأعتقد أنه في عمرة الجعرَّانة، أو القضية؛ لأن معاوية ما أسلم إلا بعد ذلك، قال: علمت أني قصرت عن رسول الله؛ يعني أنه ليس في حجة الوداع، وإنما هذا في عمرة القضية.

قارئ المتن: 2738- أخبرنا محمد بن المثنى، عن عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن قيس وهو ابن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن أبي موسى، قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالبطحاء فقال: «بما أهللت؟» قلت: أهللت بإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «هل سقت من هدي؟» قلت: لا، قال: «فطف بالبيت وبالصفا والمروة، ثم حِل».

شرح الشيخ: بكسر الحاء أمر بالإحلال.

قارئ المتن: فطفت بالبيت وبالصفا والمروة، ثم أتيت امرأة من قومي فمشطتني، وغسلت رأسي، فكنت أفتي الناس بذلك في إمارة أبي بكر، وإمارة عمر.

شرح الشيخ: وهذه المرأة من محارم أبي موسى.

قارئ المتن: وإني لقائم بالموسم إذ جاءني رجل فقال: إنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في شأن النسك، قلت: يا أيها الناس مَن كنا أفتيناه بشيء فليتئد، فإن أمير المؤمنين قادم عليكم، فأتموا به، فلما قدم قلت: يا أمير المؤمنين ما هذا الذي أحدثت في شأن النسك؟ قال: إن نأخذ بكتاب الله عزَّ وجلَّ، فإن الله عزَّ وجلَّ قال: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] وإن نأخذ بسنة نبينا صلى الله عليه وسلم؛ فإن نبيَّنا صلى الله عليه وسلم لم يحل حتى نحر الهدي.

شرح الشيخ: أبو موسى يقول: قائم بالموسم يفتي الناس بالتمتع فقال له قائل؛ جاءه رجل، قال: (إنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في شأن النسك)، انظر أبو موسى امتثال، قال: (يا أيها الناس مَن كنا أفتيناه بشيء فليتئد)؛ ينتظر، (فإن أمير المؤمنين قادم عليكم، فأتموا به)؛ يعني عدم مخالفة ولاة الأمور؛ لأن ولاة الأمور يسبب الاختلاف في الرأي، واختلاف الكلمة، فمن حرص أبو موسى على اجتماع الكلمة كان يفتي بالتمتع، وهو أمر به الرسول، فجاءه رجل قال: يا أبا موسى أنت تفتي بشيء، وأمير المؤمنين يفتي بشيء آخر، فلما سمع قال: يا أيها الناس انتظروا مَن أفتيناه بشيء لا يستعجل، ينتظر حتى يأتي أمير المؤمنين فإنه قادم عليه؛ الحرص على جمع الكلمة، وعدم الخلاف؛ لأن مخالفة ولاة الأمور،  والخروج عليهم يسبب شر، يسبب فتنة، يسبب اختلاف الناس، ويسبب المشاكل واختلاف الرأي ووقوع الخلاف، ثم بعد ذلك يؤدي إلى الخروج على ولاة الأمور، ويؤدي إلى القتال والفوضى والاضطراب، فينبغي؛ يعني أن عدم مخالفة ولاة الأمور وعدم الخروج عليهم، وعدم الكلام الذي يكون سببًا في الخلاف والشر والنزاع؛ ولهذا قال أبو موسى رضي الله عنه: (يا أيها الناس مَن كنا أفتيناه بشيء فليتئد)؛ ينتظر، لا يطبق، لا يأخذ بفتياي، (فإن أمير المؤمنين قادم عليكم، فأتموا به)؛ حرصًا على جمع الكلمة والبعد عن الاختلاف، فلما قدم، لقيه موسى، (قلت: يا أمير المؤمنين ما هذا الذي أحدثت في شأن النسك؟ قال: إن نأخذ بكتاب الله عزَّ وجلَّ، فإن الله عزَّ وجلَّ قال: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]، وإن نأخذ بسنة نبينا صلى الله عليه وسلم؛ فإن نبيَّنا صلى الله عليه وسلم لم يحل)؛ يعني ذكر أن الرسول ما أحل والكتاب يأمر بإتمام الحج؛ وهذا اجتهاد منه.

قارئ المتن: 2739- أخبرني إبراهيم بن يعقوب، قال حدثنا عثمان بن عمر، قال: حدثنا إسماعيل بن مسلم، عن محمد بن واسع، عن مطرف، قال: قال لي عمران بن حصين: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم «قد تمتع وتمتعنا معه» قال فيها قائل برأيه.

شرح الشيخ: يعني عمر يعني اجتهاد منه.

قارئ المتن: ترك التسمية عند الإهلال

2740- أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي، قال: أتينا جابر بن عبد الله فسألناه عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، «مكث بالمدينة تسع حجج، ثم أذن في الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجٌّ في هذا العام» فنزل المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويفعل ما يفعل، «فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، لخمس بقين من ذي القعدة»، وخرجنا معه، قال جابر رضي الله عنه: «ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا عليه، ينزل القرآن وهو يعرف تأويله»، وما عمل به من شيء عملنا، فخرجنا لا ننوي إلا الحج.

2741- أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد، والحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع- واللفظ لمحمد- قالا: حدثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: خرجنا لا ننوي إلا الحج فلما، كنا بسرف حضت، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أبكي فقال: «أحضت» قلت: نعم، قال: «إن هذا شيء كتبه الله عز وجل على بنات آدم، فاقضي ما يقضي المحرم، غير أن لا تطوفي بالبيت».

شرح الشيخ: وهذه الترجمة ترك التسمية عند الإهلال، الحديث فيه دليل عل أن ما في تسمية عند الإهلال، يقول: لبيك حجة، ما يقول: بسم الله لبيك حجة، ذكر حديث جابر، قال: («مكث بالمدينة تسع حجج»)؛ يعني تسع سنين النبي ما حج، ثم حج في السنة العاشرة، ثم لما أذَّن في الناس بالحج قدم بشر كثير من جميع الجهات يأتموا بالرسول عليه الصلاة والسلام، كلهم يأتموا به.

وفيه: قال: (قالت: خرجنا لا ننوي إلا الحج)، ما في أنه يسمى، ما في التسمية في الإحلال، في حديث عائشة (قالت: خرجنا لا ننوي إلا الحج)؛ ما فيه تسمية، قال: («إن هذا شيء كتبه الله عزَّ وجلَّ على بنات آدم»)؛ يعني الحيض، هذا فيه الردِّ على من قال: إن الحيض ما أتى إلا من بني إسرائيل، كانت في البادئ في الأول ما يأتي النساء، أنه ما أتى إلا من بني إسرائيل؛ هذا خطأ، فالله عزَّ وجلَّ كتبه على بنات آدم منذ آدم، والنساء يأتين الدم.

قارئ المتن: الحج بغير نية يقصده المحرم

2742- أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا خالد، قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني قيس بن مسلم، قال: سمعت طارق بن شهاب، قال: قال أبو موسى: أقبلت من اليمن والنبي صلى الله عليه وسلم منيخ بالبطحاء حيث حج، فقال: «أحججت؟» قلت: نعم، قال: «كيف قلت؟» قال: قلت لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «فطف بالبيت وبالصفا والمروة، وأحل» ففعلت ثم أتيت امرأة ففلت رأسي، فجعلت أفتي الناس بذلك، حتى كان في خلافة عمر، فقال له رجل: يا أبا موسى رويدك بعض فتياك فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعدك، قال أبو موسى: يا أيها الناس من كنا أفتيناه فليتئد، فإن أمير المؤمنين قادم عليكم، فأتموا به، وقال عمر: «إن نأخذ بكتاب الله فإنه يأمرنا بالتمام، وإن نأخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يحل حتى بلغ الهدي محله».

2743- أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن جعفر بن محمد، قال: حدثنا أبي، قال: أتينا جابر بن عبد الله فسألناه عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثنا أن عليًّا قدم من اليمن بهدي، وساق رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة هديًا، قال لعلي: «بما أهللت؟» قال: قلت اللهم إني أهل بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعي الهدي، قال: «فلا تحل».

2744- أخبرني عمران بن يزيد، قال: حدثنا شعيب، عن ابن جريج، قال: عطاء، قال جابر: قدم علي من سعايته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «بما أهللت يا علي؟» قال: بما أهل به النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «فاهد، وامكث حراما كما أنت» قال: وأهدى عليٌّ له هديًا.

2745- أخبرني أحمد بن محمد بن جعفر، قال: حدثني يحيى بن معين، قال: حدثنا حجاج، قال: حدثنا يونس بن أبي إسحق، عن أبي إسحق، عن البراء، قال: كنت مع عليٍّ حين أمره النبي صلى الله عليه وسلم على اليمن، فأصبت معه أواقي، فلما قدم علي على النبي صلى الله عليه وسلم، قال علي: وجدت فاطمة قد نضحت البيت بنضوح، قال: فتخطيته، فقالت لي: ما لك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أصحابه فأحلوا، قال: قلت إنِّي أهللت بإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي: «كيف صنعت؟» قلت: إنِّي أهللت بما أهللت، قال: «فإني قد سقت الهدي، وقرنت».

شرح الشيخ: الترجمة: (الحج بغير نية يقصده المحرم)؛ يعني علي ما قصد نية، قال: («بما أهللت؟»)، قال: أهللت بإحلال النبي صلى الله عليه وسلم ما في نية، يجوز للإنسان أن يحرم ولا يقصد نية، ثم بعد ذلك يصرفه لما شاء، إن شاء يصرفه للحجن إن شاء يصرفه لإقران، أو إفراد، وعير-رضي الله عنه ما عنده نية، قال: أحرمت فقط، قال له: بما أحرمت؟ قال: إني أهللت بإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، وله أن يحرم بما هلَّ به فلان أيضًا، إذا لقيه يخبره، ويكون إحرامه كإحرامه.

الطالب: هنا في الحديث («وقرنت»)، كان الرسول صلى الله عليه وسلم صرَّح بالقران؟

الشيخ: نعم؛ قال: («فإني قد سقت الهدي، وقرنت»)، الرسول قال ففعل مثله؛ هذا دليل على أن حديث عائشة أنه أفرد الحج هناك؛ يعني إما وهم، وإما أنها أرادت فعل فعل؛ أن القارن يفعل فعل المفرد.

قارئ المتن: إذا أهل بعمرة هل يجعل معها حجًّا

2746- أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، عن نافع، أن ابن عمر رضي الله عنهما، أراد الحج عام نزل الحجاج، بابن الزبير فقيل له: إنه كائن بينهم قتال، وأنا أخاف أن يصدوك، قال: «لقد كان لكم في رسول الله، أسوة حسنة، إذا أصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إني أشهدكم أني قد أوجبت عمرة» ثم خرج حتى إذا كان بظاهر البيداء، قال: «ما شأن الحج والعمرة إلا واحد أشهدكم أني قد أوجبت حجا مع عمرتي» وأهدى هديا اشتراه بقديد، ثم انطلق يهل بهما جميعا حتى قدم مكة فطاف بالبيت، وبالصفا والمروة، ولم يزد على ذلك، ولم ينحر، ولم يحلق، ولم يقصر، ولم يحل من شيء حرم منه حتى كان يوم النحر فنحر، وحلق فرأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول، وقال ابن عمر: «كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم».

شرح الشيخ: كان ابن عمر رضي الله عنه يكثر الحج والعمرة، فعام ثلاثة وسبعين في قتال، الحجاج بن يوسف كان أمير العرق لعبد الملك بن مروان يرسل الجيوش بأمره إلى مكة لقتال ابن الزبير عام ثلاثة وسبعين، فقال بعض أولاد ابن عمر: لا تحج هذا العام نخشى عليك من القتال، يوجد ناس يصدونك، قال: لا، ما أنا بتارك الحج والعمرة، إن صدوني فعلت مثل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أوجب؛ أي لبى بالعمرة، ثم بعد ذلك لبى بالحج، فأدخل حج وعمرة، الترجمة: (إذا أهل بعمرة هل يجعل معها حجًّا)، أهل بالعمرة أولًا، ثم أهل بالحج ثانيًا، وقال: ما شأنهما إلا واحد، فكان بذلك قارنًا، واكتفى بطوافه الأول، من طوافه الأول؛ يعني السعي بين الصفا والمروة، أما طواف الإفاضة فإنه لا يكون إلا يوم النحر، سمى السعي طوافًا؛ لأنه طواف بين الصفا والمروة؛ ولهذا قال: (ولم ينحر، ولم يحلق، ولم يقصر، ولم يحل من شيء حرم منه حتى كان يوم النحر فنحر، وحلق فرأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول)؛ الذي هو السعي بين الصفا والمروة.

قارئ المتن: كيف التلبية

2747- أخبرنا عيسى بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: إن سالما، أخبرني أن أباه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل يقول: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك» وإن عبد الله بن عمر كان يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يركع بذي الحليفة ركعتين، ثم إذا استوت به الناقة قائمة عند مسجد ذي الحليفة، أهل بهؤلاء الكلمات.

شرح الشيخ: كلمات السابقة («لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك»)، (يركع بذي الحليفة)؛ يصلي في الميقات قبل الإحرام ركعتين، والركعتين يصليهما، صلاة الفريضة بعد الظهر أحرم عليه الصلاة والسلام.

قارئ المتن: 2748- أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، قال: سمعت زيدًا، وأبا بكر ابني محمد بن زيد أنهما، سمعا نافعًا، يحدث عن عبد الله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك».

2749- أخبرنا قتيبة بن سعيد، عن مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، قال: «تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم، لبيك اللهم لبيك لبيك، لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك».

2750- أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أنبأنا أبو بشر، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: " كانت تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك " وزاد فيه ابن عمر: «لبيك لبيك وسعديك، والخير في يديك، والرغباء إليك، والعمل».

2751- أخبرنا أحمد بن عبدة، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أبان بن تغلب، عن أبي إسحق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله بن مسعود، قال: «كان من تلبية النبي صلى الله عليه وسلم، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك».

2752- أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عبد الله بن الفضل، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: «كان من تلبية النبي صلى الله عليه وسلم، لبيك إله الحق» قال أبو عبد الرحمن: لا أعلم أحدا أسند هذا، عن عبد الله بن الفضل، إلا عبد العزيز، رواه إسماعيل بن أمية عنه مرسلًا.

شرح الشيخ: هذا عبد العزيز ثقة، فتقبل روايته عند الفقهاء والأصوليين، والمرسل لا يخالف للموصول، بل يوافقه؛ هذا عند المتأخرين من أهل الحديث، أما المتقدمون منهم فكلُّ زيادة لها حكم، يقدمون رواية الأحفظ، أو الأكثر، وإذا انفرد واحد بها تكون شاذة، والأقرب: إنها شاذة، ما كانت تلبية الرسول: («لبيك إله الحق»)، إنما هذا كان من بعض الصحابة، كان ابن عمر يقول: لبيك لبيك حق تعبدًا ورقًّا، لبيك إله الحق.

ماذا قال الشيخ الأثيوبي على هذه الزيادة؟

المصنف قال: (لا أعلم أحدا أسند هذا، عن عبد الله بن الفضل، إلا عبد العزيز، رواه إسماعيل بن أمية عنه مرسلًا)، وعلى هذا فلا تصح عند المؤلف-رحمه الله، هذه زيادة «لبيك إله الحق»، (لا أعلم أحدا أسند هذا، عن عبد الله بن الفضل، إلا عبد العزيز)؛ ابن أبي سلمة يعني.

الطالب: قال الجامع عفا الله عنه: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدموا غير عبد الله بن الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي المدني ثقة.

قال حافظ عن أحمد: لا بأس به، وقال ابن معين، وأبو حاتم، والمديني والنسائي، والعجلي، وابن البرقي: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يروي عن ابن عمر وأنس إن كان سمع منهما، قال الحافظ: كذا قال، وقد صرَّح بالسماع من أنس عند البخاري في سورة المنافقين، وقال ابن عبد البر: لم يسمع من عبيد الله بن أبي رافع، روى له الجماعة، وله عند المصنف في خمسة مواضع، وحميد بن عبد الرحمن هو الرؤاسي الكوفي، وعبد العزيز بن أبي سلمة هو الماجشون.

قوله: «إله الحق» يحتمل أن يكون منادى حذف منه حرف النداء، أي: يا إله الحق، ويحتمل أن يكون منصوبًا على الاختصاص؛ أي: أخصُّ إله الحق، والحديث صحيح.

الشيخ: الحديث صحيح؟

الطالب: نعم.

الشيخ: ما تكلم على قول المؤلف:(لا أعلم أحدًا أسند هذا، عن عبد الله بن الفضل

الطالب: ما تكلم عفا الله عنك.

الشيخ: أعتقد أنه في كسور في هذا الموضع، المؤلف النسائي يقول: (لا أعلم أحدا أسند هذا، عن عبد الله بن الفضل، إلا عبد العزيز)؛ يعني تكون شاذة، أو تكون مرسلة إسماعيل بن أُمية رواه مرسلاً، لا تثبت عند المؤلف النسائي.

المعروف في التلبية: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)؛ هذه تلبية الرسول-صلى الله عليه وسلم، كان ابن عمر يزيد: لبيك لبيك حق تعبدًا ورقًّا، لبييك لبيك إله الحق؛ هذا مروي عن بعض الصحابة وكان النبي يسمعهم، يقول بعض الصحابة: وينكر عليهم، لكن هو لزم تلبيته-عليه الصلاة والسلام، (لبيك لبيك وسعديك، والخير في يديك، والرغباء إليك، والعمل)؛ هذا صدر من بعض الصحابة.

قارئ المتن: رفع الصوت بالإهلال

2753- أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا سفيان، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الملك بن أبي بكر، عن خلاد بن السائب، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «جاءني جبريل فقال لي: يا محمد مر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية».

شرح الشيخ: جاء عن بعض الصحابة أنهم كانوا يصرخون بها صراخًا؛ التلبية.

قارئ المتن: العمل في الإهلال

2754- أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا عبد السلام، عن خصيف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل في دبر الصلاة».

شرح الشيخ: (عن خصيف)؛ ضعيف، الرواية ضعيفة، قال: إنه أهلَّ في دبر الصلاة، والصواب: أنه أهل؛ النبي لما ركب ناقته، وأما رواية خصيف؛ هذه فيها ضعف.

قارئ المتن: 2755- أخبرنا إسحق بن إبراهيم، أنبأنا النضر، قال: حدثنا أشعث، عن الحسن، عن أنس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بالبيداء ثم ركب، وصعد جبل البيداء، وأهل بالحج والعمرة حين صلى الظهر».

شرح الشيخ: نعم، وهنا صعد الجبل، قوله: (دبر الصلاة)، المحشي صرف إلى ركعتي الإحرام الذين يكونون دبر الصلاة، نعم؛ يعني بعد ركعتي الإحرام النبي صلى الله عليه وسلم أهلَّ بعد صلاة الظهر، لكن أهل بعد ما ركب الناقة ما في دبر الصلاة.

قارئ المتن: 2756- أخبرني عمران بن يزيد، قال: أنبأنا شعيب، قال: أخبرني ابن جريج، قال: سمعت جعفر بن محمد يحدث، عن أبيه، عن جابر «في حجة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أتى ذا الحليفة، صلى وهو صامت حتى أتى البيداء».

شرح الشيخ: هذا على حسب علمه، والصواب: إنه أحرم بعد ما استوت به راحلته، ثمَّ لبى على البيداء ليعلم من لم يرى إحرامه.

قارئ المتن: 2757- أخبرنا قتيبة، عن حاتم بن إسماعيل، عن موسى بن عقبة، عن سالم، أنه سمع أباه، يقول: بيداؤكم هذه التي تكذبون فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، «ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا من مسجد ذي الحليفة».

شرح الشيخ: هذا يقوله ابن عمر، يقول: (بيداؤكم هذه التي تكذبون فيها)؛ الصحراء، تكذبون؛ يعني: تخبرون بغير الواقع، فتخطئون، ومن أخطأ يقال له: كذب؛ أي أخبر بغير الواقع، ولو لم يتعمد، وفي الحديث: «كذب أبو السنابل»؛ يعني أخطأ، وابن عباس يقول: "كذب عدو الله"؛ يعني أخطأ، قول النبي صلى الله عليه وسلم: «صدق الله وكذب بطن أخيك»؛ أي أخطأ، المراد الخطأ هنا، لما قال: «اسقه عسلًا».

قارئ المتن: 2758- أخبرني عيسى بن إبراهيم، عن ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أن سالم بن عبد الله أخبره، أن عبد الله بن عمر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، «يركب راحلته بذي الحليفة ثم يهل، حين تستوي به قائمة».

شرح الشيخ: يعني بعد ما ركب راحلته، يعني إذا ركب السيارة هذا الأفضل، وإلا يجوز ما في مانع، لكن الأفضل الإنسان إذا ركب السيارة أحرم؛ لأنه قد يحتاج إلى شيء من الطيب، يحتاج إلى شيء قبل ذلك فإذا ركب في الغالب يكون قد انتهت حاجته؛ هذا هو الأفضل، وإلا لو أحرم قبل، وبعد الأمر واسع.

قارئ المتن: 2759- أخبرنا عمران بن يزيد، قال: أنبأنا شعيب، قال: أنبأنا ابن جريج، قال: أخبرني صالح بن كيسان، ح وأخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا إسحق؛ يعني ابن يوسف، عن ابن جريج، عن صالح بن كيسان، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يخبر، أن النبي صلى الله عليه وسلم «أهل حين استوت به راحلته».

2760- أخبرنا محمد بن العلاء، قال: أنبأنا ابن إدريس، عن عبيد الله، وابن جريج، وابن إسحق، ومالك بن أنس، عن المقبري، عن عبيد بن جريج، قال: قلت لابن عمر: رأيتك تهل إذا استوت بك ناقتك، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كان يهل إذا استوت به ناقته وانبعثت».

شرح الشيخ: هذا هو الأفضل؛ لأنه يهل إذا ركب، وإذا أهل قبل ذلك لا حرج فالأمر واسع.

قارئ المتن: إهلال النفساء

2761- أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن شعيب، أنبأنا الليث، عن ابن الهاد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين، لم يحج، ثم أذن في الناس بالحج، فلم يبق أحد يقدر أن يأتي راكبًا، أو راجلًا إلا قدم، فتدارك الناس ليخرجوا معه حتى جاء ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر رضي الله عنه، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «اغتسلي، واستثفري بثوب، ثم أهلي» ففعلت مختصر.

2762- أخبرنا علي بن حجر، قال: أنبأنا إسماعيل وهو ابن جعفر، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر رضي الله عنه، قال: نفست أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، تسأله كيف تفعل؟ «فأمرها أن تغتسل، وتستثفر بثوبها، وتهل».

شرح الشيخ: فيه: أن النفساء إذا أرادت الإحرام، فإنها تغسل وتستثفر بثوب؛ يعني تلجم وحفض، ثم تهل، وكذلك الحائض ففيه مشروعية الغسل لمن أراد الإحرام رجل أو امرأة حتى الحائض والنفساء.

قارئ المتن: في المهلة بالعمرة تحيض وتخاف فوت الحج

2763- أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: أقبلنا مهلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحج مفرد، وأقبلت عائشة مهلة بعمرة حتى إذا كنا بسرف، عركت حتى إذا قدمنا طفنا بالكعبة، وبالصفا والمروة، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن يحل منا من لم يكن معه هدي، قال: فقلنا حل ماذا؟ قال: «الحل كله» فواقعنا النساء، وتطيبنا بالطيب، ولبسنا ثيابنا، وليس بيننا وبين عرفة إلا أربع ليال، ثم أهللنا يوم التروية، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة فوجدها تبكي، فقال: «ما شأنك؟» فقالت: شأني أني قد حضت، وقد حل الناس، ولم أحلل، ولم أطف بالبيت، والناس يذهبون إلى الحج الآن، فقال: «إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم»؛ يعني الحيض «فاغتسلي، ثم أهلي بالحج» ففعلت، ووقفت المواقف حتى إذا طهرت طافت بالكعبة، وبالصفا والمروة، ثم قال: «قد حللت من حجتك، وعمرتك جميعًا» فقالت: يا رسول الله إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت، قال: «فاذهب بها يا عبد الرحمن فأعمرها من التنعيم» وذلك ليلة الحصبة.

شرح الشيخ: يعني أهلت في الرابع عشر من ذي الحجة، وقوله: عركت؛ يعني حاضت.

فيه: أن المرأة إذا أحرمت بالعمرة، ثم حاضت وجاء الحج فإنه يشرع ها الاغتسال، والإحرام بالحج.

وفيه: أن القارن ليس عليه إلا سعي واحد في حجة وعمرته.

قارئ المتن: 2764- أخبرنا محمد بن سلمة، والحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له عن ابن القاسم، قال: حدثني مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فأهللنا بعمرة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان معه هدي، فليهلل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل، حتى يحل منهما جميعًا»، فقدمت مكة، وأنا حائض، فلم أطف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «انقضي رأسك، وامتشطي، وأهلي بالحج، ودعي العمرة» ففعلت، فلما قضيت الحج، أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم، فاعتمرت، قال: هذه مكان عمرتك، فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت، وبين الصفا والمروة، ثم حلوا، ثم طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم، وأما الذين جمعوا الحج والعمرة، فإنما طافوا طوافًا واحدًا ".

شرح الشيخ: قوله: («انقضي رأسك، وامتشطي، وأهلي بالحج»)، فيه أن المحرم والمحرمة ينبغي له أن ينقض رأسه ويمتشط، ونقض الرأس؛ يعني تسريح الشعر المفتول المظفور، والمشط: هو فتل الشعر وتظفيره، وسواء كان معه حنة، أو ورد كما فهمنا، وكذلك إذا أراد أن يضحي في العشر الأول من ذي الحجة له نقض رأسه ومشطه، أما كدُّ الشعر بالمشط، فليس له ذلك لا للمحرم ولا للمضحي؛ لأن الكد فيه تعمد قطع الشعر، أما تسريح الشعر ومشطه فيجوز، ولو سقط شعر ميت فلا حرج، لأنه ميت غير متعمد.

وقوله: (ثم طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم)، المراد بالطواف هنا: السعي؛ يطاف بين الصفا والمروة، وفيه دليل على أن المتمتع عليه سعيان، وأن القارن ليس عليه إلا سعي واحد، والسعي بين الصفا والمروة يسمى طوافًا، قال الله تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158].

قارئ المتن: الاشتراط في الحج

2765- أخبرنا هارون بن عبد الله، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا حبيب، عن عمرو بن هرم، عن سعيد بن جبير، وعكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن ضباعة رضي الله عنها أرادت الحج، «فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم، أن تشترط»، ففعلت، عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كيف يقول إذا اشترط

2766- أخبرنا إبراهيم بن يعقوب، قال: حدثنا أبو النعمان، قال: حدثنا ثابت بن يزيد الأحول، قال: حدثنا هلال بن خباب، قال: سألت سعيد بن جبير، عن الرجل يحجُّ ويشترط؟ قال: الشرط بين الناس فحدثته، حديثه يعني عكرمة فحدثني، عن ابن عباس، أن ضباعة رضي الله عنهما بنت الزبير بن عبد المطلب رضي الله عنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إني أريد الحج فكيف أقول؟ قال: «قولي، لبيك اللهم لبيك، ومحلي من الأرض حيث تحبسني، فإن لك على ربك ما استثنيت».

2767- أخبرني عمران بن يزيد، قال: أنبأنا شعيب، قال: أنبأنا ابن جريج، قال: أنبأنا أبو الزبير، أنه سمع طاووسًا، وعكرمة، يخبران، عن ابن عباس، قال: جاءت ضباعة بنت الزبير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إني امرأة ثقيلة، وإني أريد الحج فكيف تأمرني أن أهل؟ قال: «أهلي واشترطي، إن محلي حيث حبستني».

2768- أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، وعن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضباعة فقالت: يا رسول الله، إني شاكية، وإني أريد الحج، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «حجي، واشترطي إن محلي حيث تحبسني» قال إسحق: قلت لعبد الرزاق: كلاهما عن عائشة هشام والزهري؟ قال: نعم، قال أبو عبد الرحمن: "لا أعلم أحدا أسند هذا الحديث عن الزهري غير معمر والله سبحانه وتعالى أعلم".

شرح الشيخ: وهذا الحديث احتجّ به الجمهور على مشروعية الاشتراط لكلِّ أحد، قال: كلُّ حاجٍّ له أن يشترط، وإذا اشترط فإنه ينفعه الشرط، فإذا حبسه حابس من مرض، أو عدو صده عن البيت، أو امرأة حاضت وأراد رفقتها السفر فإنها تتحل ولا شيء عليها، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من المحققين أنه لا يشرع الاشتراط إلا للمريض، أو الخائف، ولا يشرع لغيرهما، ولأنها قالت: إني أريد الحج وأنا شاكية؛ يعني مريضة، قالوا: إذا اشترط غيرهما فإنه لا ينفعه الشرط، ولا يتحلل به؛ وهذا هو ظاهر السنة؛ فإنَّ النبيَ صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يشترطوا، فقد حجَّ مع مائة ألف ما اشترط.

قارئ المتن: ما يفعل من حبس عن الحج ولم يكن اشترط

2769- أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح، والحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سالم، قال: كان ابن عمر ينكر الاشتراط في الحج، ويقول: «أليس حسبكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت، وبالصفا والمروة، ثم حل من كل شيء حتى يحجَّ عامًا قابلًا، ويهدي، ويصوم، إن لم يجد هديًا».

2770- أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه أنه كان ينكر الاشتراط في الحج، ويقول: ما حسبكم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم، «إنه لم يشترط، فإن حبس أحدكم حابس، فليأت البيت فليطف به، وبين الصفا والمروة، ثم ليحلق، أو يقصر، ثم ليحلل، وعليه الحج من قابل».

شرح الشيخ: كان ابن عمر ينكر الاشتراط، إنكاره هنا للاشتراط؛ لأنه خفت عليه السنة، وأن النبي-صلى الله عليه وسلم أمر ضباعة بنت الزبير أن تشترط، لما قالت: إنها شاكية وهي تريد الحج، ولعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمنون على شروطهم»، ولو اشترط وهو غير شاكي ينفعه الشرط، أو لا ينفعه؟

الجمهور يقولون: ينفعه الشرط، ويقولون: إنَّ حوادث السيارات كثيرة؛ يعني في العصر الحاضر.

 شيخ الإسلام وجماعة يرون أنه لا ينفعه الاشتراط إلا إذا كان مريض.

قارئ المتن: إشعار الهدي

2771- أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن المسور بن مخرمة، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ح وأنبأنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه حتى إذا كانوا بذي الحليفة، قلد الهدي، وأشعر وأحرم بالعمرة» مختصر.

2772- أخبرنا عمرو بن علي، قال: أنبأنا وكيع، قال: حدثني أفلح بن حميد، عن القاسم، عن عائشة رضي الله عنها «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشعر بدنه».

أي الشقين يشعر

2773- أخبرنا مجاهد بن موسى، عن هشيم، عن شعبة، عن قتادة، عن أبي حسان الأعرج، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، «أشعر بدنه من الجانب الأيمن، وسلت الدم عنها، وأشعرها».

باب سلت الدم عن البدن

2774- أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي حسان الأعرج، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم «لما كان بذي الحليفة، أمر ببدنته فأشعر في سنامها من الشق الأيمن، ثم سلت عنها، وقلدها نعلين فلما استوت به على البيداء أهل».

شرح الشيخ: إذا ساق بالهدي، أو أرسل بالهدي إلى مكة؛ يعني من أراد أن يهدي فإنَّ فيه سنتان:

السنة الأولى: الإشعار.

والسنة الثانية: التقليد.

يعني إذا ساق معه الهدي من بلده، أو أرسلها إلى بلدها؛ هذه سنة مهجورة؛ يعني يرسل من بلده إبل وبقر وغنم تذبح هناك لله؛ هذه السنة مهجورة، أو يسوقه معه وهو حاج أو معتمر فيه سنتان:

السنة الأولى: الإشعار، والإشعار خاصٌّ بالإبل، والإشعار معناه: هو أن يأتي بالسكين ويشق صفحة سنامل الإبل حتى يخرج الدم، ثم يخرج الدم عن يمينه وعن شماله؛ ليعلم الناس أن هذه هداة البيت، فإذا تعطلت، أو خشي عليها مرض يذبحها في مكانها؛ أي: تذبح في مكانها وتكون للفقراء، ولا يأكل هو منها ولا أحد من أصحابه.

والسنة الثانية: التقليد؛ يعني جعل قلادة؛ وهذا عام في الإبل والبقر والغنم؛ يعني يأتي بحبل ويجعل فيه نعلين، ويجعلها قلادة؛ ليعرف أنها مهداة للبيت.

وهذان هما السنتان:

السنة الأولى: الإشعار؛ هذا خاص بالإبل؛ لأن ما تتحمل البقر والغنم يخرج الدم من ظهرها؛ سنام البقر والغنم ما تتحمل، فيكون فيه شيء من الأذية، وإلا هناك في الإبل شيء يسير والمصلحة أكبر، مثل مشروعية خرق أذن الصبية؛ الطفلة، يخرق أذنها حتى يجعل فيها شيء من الذهب، فيؤذيها وتصيح وتبكي، لكن هذا في مصلحة شيء يسير ويزول، هذا شيءٌ يسير والمصلحة أكبر؛ كذلك إشعار الهدي فيه كونه يجرح ظهر البعير بالسكين فيها أذية، أما في الإبل فشيء يسير والمصلحة أكبر، أما التقليد؛ هذا عام للبقر والإبل والغنم لأنها لا تتحمل الإشعار.

الطالب: على أساس أنه يُحيي هذه السُنة.

الشيخ: نعم، يحملها في السيارات ويمشي، يوجد بعض الناس يحملها في السيارات، أو يرسلها مع راع.

الطالب: إذا أوصى أن تذبح في مكة وهو لم يرسلها يعتبر منه هذا؟

الشيخ: ما يحتاج توصية، الأصح أن تذبح في مكة هذا معنى الهدي، هي تذبح في مكة.

الطالب: الجمع بين الإشعار والتقليد في الحديث؟

الشيخ: نعم الإشعار في الإبل يجمع بينها، أما البقر والغنم ما فيها إشعار، ما فيها إلا تقليد.

وفق الله الجميع لطاعته، ورزق الله الجميع العلم النافع، والعمل الصالح.

 

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد