شعار الموقع

قراءة من سنن النسائي - كتاب مناسك الحج 3

00:00
00:00
تحميل
14

سم الله الرحمن الرحيم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين.

قارئ المتن: فبأسانيدكم للإمام النسائي رحمه الله يقول:

كيف يفعل من أهل بالحج والعمرة، ولم يسق الهدي

2931- أخبرنا أحمد بن الأزهر، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثنا أشعث، عن الحسن، عن أنس، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرجنا معه، فلما بلغ ذا الحليفة، صلى الظهر، ثم ركب راحلته، فلما استوت به على البيداء، أهل بالحج والعمرة جميعا، فأهللنا معه، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، وطفنا، أمر الناس أن يحلوا، فهاب القوم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن معي الهدي، لأحللت»، فحل القوم حتى حلوا إلى النساء، ولم يحل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقصر إلى يوم النحر.

شرح الشيخ: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.

 أما بعد:

 فهذه الترجمة يقول المؤلف (كيف يفعل من أهل بالحج والعمرة، ولم يسق الهدي)؛ فيه: أن الأفضل له الفسخ والتحلل بعمرة كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم به الصحابة، فمن أهل بالحج أو العمرة له حالتان:

الحالة الأولى: أن يسوق الهدي، وهذا يبقى على إحرامه حتى يذبح هديه.

والحالة الثانية: ألا يكون معه هدي، وفي هذه الحالة الأفضل له أن يفسخ إهلاله بالحج ويجعله عمرة، ويتحلل بعمرة: يطوف ويسعى ويقصر ويتحلل؛ كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة بذلك.

فحللوا كلهم إلا من ساق الهدي، أمرهم لما قربوا من مكة ثم لما طافوا وسعوا، حتَّم عليهم وألزمهم، فتحللوا كلهم؛ ولهذا ذهب ابن عباس ورواية عن الإمام أحمد إلى أن وجوب الفسخ، إلى أن فسخ الحج إلى العمرة واجب، وأنه يجب على من طاف وسعى وليس معه هدي أن يتحلل بعمرة، ابن عباس يقول: طاف وسعى فتحلل شاء أم أبى، وروى عن الإمام أحمد، وبعض العلماء اختاره من المتأخرين كالشيخ ناصر الدين الألباني.

أما جمهور العلماء فيرون أن الإنسان مخير بين النساك الثلاث؛ التمتع والإقران والإفراد، ولكن الوجوب خاصٌ بالصحابة؛ حتى يزول اعتقادهم في الجاهلية الذين يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور.

 

 

قارئ المتن: طواف القران

2932-أخبرنا محمد بن منصور، قال: حدثنا سفيان، عن أيوب بن موسى، عن نافع، عن ابن عمر قرن الحج والعمرة، فطاف طوافا واحدًا، وقال: «هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله».

2933-أخبرنا علي بن ميمون الرقي، قال: حدثنا سفيان، عن أيوب السختياني، وأيوب بن موسى، وإسماعيل بن أمية، وعبيد الله بن عمر، عن نافع، قال: خرج عبد الله بن عمر، فلما أتى ذا الحليفة، أهل بالعمرة، فسار قليلًا، فخشي أن يُصَدَّ عن البيت فقال: «إن صددت، صنعت كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم»، قال: «والله ما سبيل الحج إلا سبيل العمرة، أشهدكم أني قد أوجبت مع عمرتي حجًا» فسار حتى أتى قديدًا فاشترى منها هديًا، ثم قدم مكة، فطاف بالبيت سبعًا، وبين الصفا والمروة، وقال: «هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل».

2934- أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن مهدي، أخبرني هانئ بن أيوب، عن طاوس، عن جابر بن عبد الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم، «طاف، طوافًا واحدًا».

شرح الشيخ: أي: بين الصفا والمروة، (طاف طوافًا)؛ أي بين الصفا والمروة، ودلَّ هذا الحديث وغيره على أن القارن ليس عليه إلا سعيٌ واحد بين الصفا والمروة؛ وهذا هو الصواب الذي دلت عليه الأحاديث، وإليه ذهب جمهور العلماء خلافًا للأحناف القائلين بأن عليه سعيان، الأحناف يقولون: أن القارن عليه سعيان مثل المتمتع، لكن الأحاديث تدل أنه ليس على الإنسان إلا واحد؛ وهذا هو الذي عليه جمهور العلماء.

قارئ المتن: ذكر الحجر الأسود

2935- أخبرني إبراهيم بن يعقوب، قال: حدثنا موسى بن داود، عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الحجر الأسود من الجنة».

شرح الشيخ: هذا من رواية حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب، حماد بن سلمة ممن روى عن عطاء قبل الاختلاط وبعده كما في [التهذيب]، بخلاف حماد بن زيد وسفيان؛ فإنهما ممن رويا عنه قبل الاختلاط، وعليه فيكون هذا الحديث ضعيف، لكن ذكر الحافظ في [الفتح] في ترجمة البخاري: باب/ ما ذُكر في الحجر الأسود أن له طريقًا آخر من رواية جرير وعليه فيكون الحديث حسن لغيره، فيثبت بذلك أن الحجر الأسود من الجنة.

وجاء في أثر آخر أنه نزل من الجنة أشد بياضًا من الثلج، فسودته خطايا بني آدم، في أحد معه شرح النسائي للشيخ الأثيوبي؟

شوف [التهذيب] الآن ذكر أن حماد بن سلمة رواه قبل الاختلاط وبعده؟ في بعده أنه لا يكون ضعيفًا لكن لو كان طريق آخر يكون الحديث حسن.

الطالب: قال: اختلف في حماد بن سلمة.

الشيخ: اختلاف سفيان وحماد بن زيد رويا عنه قبل الاختلاط.

قارئ المتن: استلام الحجر الأسود

2936-أخبرنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة، أن عمر، قبَّل الحجر، والتزمه، وقال: «رأيت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم بك، حفيا».

شرح الشيخ: يعني (بك)؛ التأسي.

قارئ المتن: تقبيل الحجر

2937-أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عيسى بن يونس، وجرير، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عابس بن ربيعة، قال: رأيت عمر جاء إلى الحجر فقال: «إني لأعلم أنك حجر، ولولا أنِّي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك، ما قبلتك» ثم دنا منه، فقبله.

شرح الشيخ: يعني مقصد عمر: أنه فعل ذلك للتأسى، ليس أن الحجر يضر وينفع، ولكن لتأسي، والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، والله تعالى يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، عمر يقول: أنا أقبل الحجر تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم واقتداء به، وإلا فالأصل أنه حجر لا ينفع ولا يضر، جاء أن علي رضي الله عنه قال: (بلى أنه يضر وينفع) وأنه مما يدل على أنه يشهد لمن استلمه بحق.

المقصود: أن عمر رضي الله عنه يبين أن استلام الحجر ليس على ما كان يفعله أهل الجاهلية من استلام الأحجار والطواف بالأحجار، وإنما الإنسان يفعل ذلك للتأسي والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأعلن هذا على الناس حتى يعلموا السنة.

قارئ المتن: كيف يقبل

2938-أخبرنا عمرو بن عثمان، قال: حدثنا الوليد، عن حنظلة، قال: رأيت طاوسًا يمر بالركن، فإن وجد عليه زحاما مر، ولم يزاحم، وإن رآه خاليا، قبله ثلاثًا، ثم قال: رأيت ابن عباس، فعل مثل ذلك، وقال ابن عباس: "رأيت عمر بن الخطاب، فعل مثل ذلك، ثم قال: إنك حجر، لا تنفع ولا تضر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك، ما قبلتك"، ثم قال: عمر: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل مثل ذلك»

شرح الشيخ: والحديث في الصحيح، لكن بدون تكرار التقبيل ثلاثة قال: (وإن رآه خاليًا، قبله ثلاثًا)، هذا في الصحيح أنه ثلاثًا؛ وهذا هو السنة، ما فعله طاووس هو السنة، طاووس بن كيسان اليماني التابعي الجليل يقول إن رأى عليه زحامًا مرَّ وتركه، وإن رآه خاليًا قبله، هذا هو السنة، لكن ابن عمر رضي الله عنهما كان يقبل ويزاحم اجتهادًا منه رضي الله عنه؛ ولذلك لما قال له: أرأيت إن زُحمت، قال: اترك أرأيت في اليمن، معناه: ترك الاعتراضات، وهو مجتهد رضي الله عنه اجتهاد، ولكن هذا خلاف الصواب.

الصواب: أنه لا يزاحم؛ لأن المزاحمة فيها أذية وفيها مشقة، والاستلام سنة والأذية لا تجوز، هذا اجتهاد من ابن عمر رضي الله عنه يقول: (ما تركت الاستلام لا في شدة ولا في رخاء)؛ يعني لا في زحام ولا غيره، اجتهاد منه رضي الله عنه، له اجتهادات:

من اجتهاداته أنه يتتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم في الصحراء ويجلس فيها، وليست بمشروع أن المكان الذي ينزل فيه النبي صلى الله عليه وسلم، والمكان الذي يبول فيه النبي صلى الله عليه وسلم، يتتبع؛ هذا اجتهادٌ منه، ما فعله كبار الصحابة كأبي عمر والصديق.

قارئ المتن: كيف يطوف أول ما يقدم وعلى أي شقيه يأخذ إذا استلم الحجر

2939- أخبرنا عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى، قال: حدثنا يحيى بن آدم، عن سفيان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، قال: "لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، دخل المسجد فاستلم الحجر، ثم مضى على يمينه، فرمل ثلاثًا، ومشى أربعًا، ثم أتى المقام فقال:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}[البقرة: 125] فصلى ركعتين، والمقام بينه وبين البيت ثم أتى البيت بعد الركعتين، فاستلم الحجر، ثم خرج إلى الصفا".

شرح الشيخ: في هذا الحديث أنه يستلم الحجر، ثم يمضي على يمينه ويجعل الكعبة عن يساره ويرمل ثلاثًا؛ يعني يسرع في الأشواط الثلاثة الأولى ويمشي الأربع الباقية، وفيه مشروعية قراءة الآية: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] قبل ركعتي الطواف يقرأها، وفيه استلام الحجر بعد ركعتي الطواف وقبل خروجه إلى الصفا سنة إن تيسر.

قارئ المتن: كم يسعى

2940- أخبرنا عبيد الله بن سعيد، قال: حدثنا يحيى، عن عبيد الله، عن نافع، أن عبد الله بن عمر، «كان يرمل الثلاث، ويمشي الأربع، ويزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك».

كم يمشي

2941- أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا يعقوب، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم، فإنه يسعى ثلاثة أطواف، ويمشي أربعًا، ثم يصلي سجدتين، ثم يطوف بين الصفا والمروة».

الخبب في الثلاثة من السبع

2942- أخبرنا أحمد بن عمرو، وسليمان بن داود، عن ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يقدم مكة، يستلم الركن الأسود، أول ما يطوف يخب ثلاثة أطواف من السبع».

شرح الشيخ: هذه الترجمة الثلاثة كلها معنى واحد (كم يسعي)؛ يعني كم يرمل، السعي يعني الإسراع في المشي من الطواف، يرمل الطواف أول ما يقدم، كم يسعى؟ يسعى ثلاثًا، (كم يمشي)؟ يمشي أربعًا، (الخبب في الثلاثة من السبع)؛ يعني الإسراع في الثلاثة، المؤلف ينوِع التراجم لاستنباط الأحكام.

قارئ المتن: الرمل في الحج والعمرة

شرح الشيخ: كذلك الرمل هو الإسراع وهو الخبب وهو السعي، كله يسمى خبب وإسراع وسعي، الأشواط الثلاثة الأولى فيها رمل فيها خبب فيها سعي، والأشواط الأربعة مشي، وهذا سنة وليس بواجب في أول طواف يقيمه بمكة في حج أو عمرة يرمل، فيه سنتان:

الأولى: الرمل في الثلاثة أشواط.

والثانية: والاطباع؛ وهو كشف الكتف الأيمن في السبعة كلها.

قارئ المتن:

2943- أخبرني محمد، وعبد الرحمن، ابنا عبد الله بن عبد الحكم قالا: حدثنا شعيب بن الليث، عن أبيه، عن كثير بن فرقد، عن نافع، أن عبد الله بن عمر، كان يخب في طوافه حين يقدم في حجٍّ أو عمرة ثلاثًا، ويمشي أربعًا، قال: «وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك».

شرح الشيخ: نعم، كله من باب الإيضاح.

قارئ المتن: الرمل من الحجر إلى الحجر

2944- أخبرنا محمد بن سلمة، والحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن القاسم، قال: حدثني مالك، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر إلى الحجر حتى انتهى إليه ثلاثة أطواف».

شرح الشيخ: (من الحجر) رمل؛ يعني أسرع (من الحجر إلى الحجر)؛ وهذا في حجة الوداع، وهو الذي استقرت عليه الشريعة وكان النبي صلى الله عليه وسلم أولًا في عمرة القضاء أمرهم أن يرملوا من الحجر إلى الركن اليماني، ثم يمشون ما بينهما إبقاءً عليهم، حتى لا يشق عليهم؛ لأن المشركين لا يشاهدونهم، لأن المشركين كانوا بين الركنين، وإذا كانوا بين الركنين ما يشاهدونهم؛ لأنهم خلف الحجر، المشركون جالسون خلف الحجر، أمرهم النبي أن يظهروا قوتهم للمشركين حيث قال المشركون: (يأتيكم أصحاب محمد وهانتهم حمى يثرب)، يثرب: المدينة، يعني أضعفتهم، فأمرهم بالرمل فإذا وصلوا إلى الركن اليماني اختفوا عنهم يمشون من الركن اليماني إلى الحجر، ثم إذا وصلوا الحجر أسرعو؛، هذا في عمرة قضاء السنة السابعة.

ثم لما كان في حجة الوداع أمرهم بأن يرملوا (من الحجر إلى الحجر)، واستمرت الشرعية على هذا، ما فيه مشي من الركن إلى ...

قارئ المتن: العلة التي من أجلها سعى النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت

شرح الشيخ: العلة هو أن يُري المشركين قوتهم، هذه العلة، فلما رأوهم يمشون قال: انظروا إليهم ينقزون كالغزلان، ما بهم علة، هذا هو المراد إظهار القوة أمام المشركين.

قارئ المتن:

2945- أخبرني محمد بن سليمان، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن جبير، عن ابن عباس، قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة قال المشركون: وهنتهم حمى يثرب، ولقوا منها شرًّا.

شرح الشيخ: (وهنتهم) يعني أضعفتهم، (حمى يثرب)، يثرب: اسم المدينة سابقًا، سماها النبي صلى الله عليه وسلم (المدينة) أو (طابا) (طيبة).

قارئ المتن: قال المشركون: وهنتهم حمى يثرب، ولقوا منها شرًّا، فأطلع الله نبيه عليه الصلاة والسلام على ذلك «فأمر أصحابه أن يرملوا، وأن يمشوا ما بين الركنين» وكان المشركون من ناحية الحجر فقالوا: لهؤلاء أجلد من كذا.

شرح الشيخ: لما رأوهم يرملون، قالوا: (لهؤلاء أجلد)؛ يعني أقوى من كذا.

قارئ المتن:

2946- أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا حماد، عن الزبير بن عربي، قال: سأل رجل ابن عمر، عن استلام الحجر؟، فقال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه، ويقبله» فقال الرجل: أرأيت إن زحمت عليه أو غلبت عليه؟ فقال ابن عمر رضي الله عنهما: «اجعل أرأيت باليمن رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه، ويقبله».

شرح الشيخ: (باليمن)؛ لأن الرجل الذي سأله كان من اليمن، والمعنى يقول: اترك الاعتراضات وافعل السنة، كان السائل من أهل اليمن وكان ابن عمر يحرص على الاستلام ويزاحم عليه؛ وهذا اجتهاد منه مخالف للسنة ولم يوافق عليه كبار الصحابة، والسنة عدم المزاحمة مثل ما فعل طاووس إن رأى زحامًا تركه وإن رآه خاليًا استلمه.

ويُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر: «لا تزاحم فإنك جَلَد فتؤذي الناس»، المقصود: أن ابن عمر رضي الله عنه مجتهد، وهذه من اجتهاداته.

قارئ المتن: استلام الركنين في كل طواف

2947- أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا يحيى، عن ابن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر «أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يستلم الركن اليماني، والحجر في كل طواف».

2948- أخبرنا إسماعيل بن مسعود، ومحمد بن المثنى، قالا: حدثنا خالد، قال: حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني».

شرح الشيخ: وذلك لأنهم على قواعد إبراهيم، بخلاف الركن الشامي والعراقي؛ لأن قريشًا أخرجت جزءًا من الكعبة ستة أذرع ونصف؛ ولهذا كان لا يستلم الركن الشامي والعراقي، والشامي هو الذي يكون بعد الحجر الأسود ثم بعده الركن العراقي، ولما تولى عبد الله بن الزبير وهدم الكعبة وأدخل الحِجر في الكعبة؛ صار يستلم الأركان كلها، صارت كلها على قواعد إبراهيم.

ثبت أن معاوية رضي الله عنه لما قدم مكة طاف وجعل يمسح الأركان كلها، فقال له ابن عباس: لا يُستلم إلا الركن اليماني والحجر الأسود، فقال معاوية: (أفي البيت شيءٌ مهجور؟)، البيت ما فيه شيء يُهجر، فقال ابن عباس: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، ولم أرَ النبي صلى الله عليه وسلم يستلم إلا الركن اليماني، فقال: صدقت، ورجع إلى قوله.

قارئ المتن: مسح الركنين اليمانيين

2949- أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، قال: «لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم، يمسح من البيت، إلا الركنين اليمانيين».

ترك استلام الركنين الآخرين

2950- أخبرنا محمد بن العلاء، قال: أنبأنا ابن إدريس، عن عبيد الله، وابن جريج، ومالك، عن المقبري، عن عبيد بن جريج، قال: قلت لابن عمر رأيتك لا تستلم من الأركان إلا هذين الركنين اليمانيين، قال: «لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم إلا هذين الركنين» مختصر.

2951- أخبرنا أحمد بن عمرو، والحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، قال: «لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم من أركان البيت، إلا الركن الأسود، والذي يليه من نحو دور الجمحيين».

2952- أخبرنا عبيد الله بن سعيد، قال: حدثنا يحيى، عن عبيد الله، عن نافع، قال: قال عبد الله رضي الله عنه «ما تركت استلام هذين الركنين منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما اليماني، والحجر في شدة، ولا رخاء».

شرح الشيخ: (في شدة، ولا رخاء)؛ يعني في زحام أو غير زحام، هذا ابن عمر اجتهاده ما يتركه لا في شدة ولا في رخاء، لابد يستلم، وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه بخلاف الصواب.

قارئ المتن:

2953- أخبرنا عمران بن موسى، قال: حدثنا عبد الوارث، قال: حدثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: «ما تركت استلام الحجر في رخاء، ولا شدة، منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه».

شرح الشيخ: نعم، كان رضي الله عنه يزاحم حتى يستلم، اجتهادٌ والاجتهاد يصيب ويخطئ، الحجة في كلام الله وكلام رسول الله.

قارئ المتن: استلام الركن بالمحجن

2954- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، وسليمان بن داود، عن ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عبد الله بن عباس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، طاف في حجة الوداع، على بعير يستلم الركن بمحجن».

شرح الشيخ: معروف المِحجن هو عصا منحنية الرأس، يعني عصا معوَّج الرأس، وفعله النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كان على بعير يطوف على بعير؛ لأن الناس غشوه، ركب البعير وجعل يستلم الحجر بالمحجن العصا؛ لأن الإنسان السنة يستلم الحجر بيده ويقبله بشفتيه، فإذا ممكن استلمه بيده وقبله، إذا لم يمكن استلمه بعصا وقبله، وإذا لم يمكن أشار إليه وكبر، النبي صلى الله عليه وسلم غشيه الناس وركب البعير، وهذا يدل على جواز الطواف على البعير، في الأول ليس هناك أبواب، ما في باب للمسجد الحرام ولا جدار دخل البعير وطاف بالبعير.

وهذا يدل على أن البعير طاهر، وهذا فيه دليل على طهارة أرواث الإبل وما يؤكل لحمه، ويُرد على الشافعية الذين يقولون: إنه نجس، أن فضلاتها نجسة، الصواب أن كل ما يؤكل لحمه ففضلاته طاهرة، فلو كان نجسًا ما دخل به النبي صلى الله عليه وسلم وطاف به، يمكن يأخذ من فضلات في المسجد.

إنما محرم الأكل كالسباع والكلاب والقطط؛ هذه كلها فضلاتها نجسة، أما ما يؤكل لحمه من الإبل والبقر والغنم فضلاته طاهرة، وكذلك الآدمي طاهر عرقه لكن فضلاته معروفة.

طالب: حتى البول طاهر؟

الشيخ: نعم، حتى بوله الإبل والبقر بوله نعم، وهذه ممكن علاج، بوله وروثه كله.

 

 

قارئ المتن: الإشارة إلى الركن

2955- أخبرنا بشر بن هلال، قال: أنبأنا عبد الوارث، عن خالد، عن عكرمة، عن عبد الله بن عباس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يطوف بالبيت على راحلته، فإذا انتهى إلى الركن أشار إليه».

قوله عزَّ وجلَّ: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31]

2956- أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا شعبة، عن سلمة، قال: سمعت مسلمًا البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: " كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة تقول:

اليوم يبدو بعضه أو كله
 

 

وما بدا منه فلا أحله
 

 

قال: فنزلت {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31].

2957- أخبرنا أبو داود، قال: حدثنا يعقوب، قال: حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، أن حميد بن عبد الرحمن، أخبره، أن أبا هريرة أخبره «أن أبا بكر بعثه في الحجة التي أمَّره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل حجة الوداع في رهط يؤذن في الناس، ألَا لا يحجن بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان».

2958- أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد، وعثمان بن عمر، قالا: حدثنا شعبة، عن المغيرة، عن الشعبي، عن المحرَّر بن أبي هريرة، عن أبيه، قال: "جئت مع علي بن أبي طالب حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ببراءة، قال: ما كنتم تنادون؟ قال: «كنا ننادي إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد، فأجله أو أمده إلى أربعة أشهر، فإذا مضت الأربعة أشهر، فإن اللهَ بريء من المشركين، ورسولَه، ولا يحج بعد العام مشرك، فكنت أنادي حتى صحل صوتي».

شرح الشيخ: (فإن اللهَ بريء من المشركين، ورسولَه) الآية الكريمة {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 3]، لكن هنا لما جاءت (إن) صار المعطوف على اسم إن؛ (فإن اللهَ بريء من المشركين، ورسولَه).

إن الرسول معطوف على لفظ الجلالة، أي إن الله ورسوله بريء من المشركين.

(فكنت أنادي حتى صحل صوتي)؛ أبو هريرة حتى يصوت، النبي صلى الله عليه وسلم بعث مؤذنين يؤذنون في الحج لما أمَّر أبا بكر على الناس في الحج في السنة التاسعة وأمرهم ينادون بهذه الكلمات: (لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة)، ولا يحج البيت عريان، من كان له عهد فعهده إلى عهده، ومن لم يكن له عهد فأجله أربعة أشهر، يؤذنون في الناس، ثم جاء في السنة العاشرة عرف الناس وصار ما حج مشرك (لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يحج بعد العام مشرك)، ومن كان له عهد فهو إلى عهده، ومن لم يكن له عهد فعهده أربعة أشهر، أربع كلمات يؤذنون في الناس.

ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة، والناس تأدبوا، وكانت المرأة في الجاهلية وكذلك الرجل كان أهل مكة يسمون الحمس، والذي يأتي من الخارج ما يطوف بالبيت بثيابه، ثيابه هذه نجسة، فيستعير ثوب من أهل مكة، فإذا لم يجد شيئًا رمى ثيابه وطاف عريان، حتى المرأة والعياذ بالله، وهذا من جهلهم، إذا وجدت أحدًا يعطيها ثوبًا وإلا طافت عريانة وتضع يدها على فرجها وتقول:

اليوم يبدو بعضه أو كله
 

 

وما بدا منه فلا أحله
 

 

يعني فرجها، هكذا عقولهم، عقول إذا بعد عن نور الله هكذا، تطوف عريانة وتقول أنا لا أحله، نسأل الله السلامة والعافية.

قارئ المتن: أين يصلي ركعتي الطواف

2959- أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، عن يحيى، عن ابن جريج، عن كثير بن كثير، عن أبيه، عن المطلب بن أبي وداعة، قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، حين فرغ من سبعه، جاء حاشية المطاف، فصلى ركعتين، وليس بينه وبين الطوافين أحد».

2960- أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو، قال: يعني ابن عمر " قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطاف بالبيت سبعا، وصلى خلف المقام ركعتين، وطاف بين الصفا والمروة، وقال: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} [الأحزاب: 21] ".

شرح الشيخ: استدل بهذا الحديث على أن المسجد الحرام لا يحتاج إلى سترة للمصلي، لقوله في الحديث: «وليس بينه وبين الطوافين أحد»، ولكن هذا الحديث ضعيف، في سنده ابن جريج مدلس وقد عنعن، ماذا قال في الحديث عندك؟

طالب: قال: والحديث ضعيفٌ للانقطاع؛ حيث إن كثير بن كثير لم يسمعه من أبيه، بل إنما سمعه عن بعض أهله عن جده، كما تقدم بيانه في كتاب الصلاة، وقد سبق تمام شرحه وبيان مسائله هناك.

الشيخ: وفي هذا أن عنعنة ابن جريج مدلس، وعلى هذا فليس فيه حجة على أن المسجد الحرام يحتاج إلى سترة، المسجد الحرام كغيره، لكن إذا اشتد الزحام في مكان ولم يجد طريق إلا للمرور، هذا ضرورة في أي مكان، إذا كان يجد طريق غير المرور بين المصلي لا يجوز، وإذا كان لا يجد فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، ضرورة.

لكن هذا الحديث ضعيف، لو صح كان فيه دليل، كثير بن كثير لم يسمع عن أبيه منقطع، وفيه عنعنة ابن جبير، لكن المسجد الحرام مظِنة للزحام، وكذا كل مكان يشتد فيه الزحام يُعفى عن السترة كالمسجد النبوي وكذا غيره.

 

 

قارئ المتن: القول بعد ركعتي الطواف

2961- أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن شعيب، قال: أنبأنا الليث، عن ابن الهاد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر قال: "طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت سبعًا، رمل منها ثلاثًا، ومشى أربعا، ثم قام عند المقام فصلى ركعتين، ثم قرأ، {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] ورفع صوته يسمع الناس، ثم انصرف فاستلم، ثم ذهب فقال: نبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا، فرقي عليها، حتى بدا له البيت، فقال ثلاث مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، فكبر الله وحمده، ثم دعا بما قدر له، ثم نزل ماشيا، حتى تصوبت قدماه في بطن المسيل، فسعى حتى صعدت قدماه، ثم مشى حتى أتى المروة، فصعد فيها، ثم بدا له البيت، فقال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، قال ذلك ثلاث مرات: ثم ذكر الله، وسبحه، وحمده، ثم دعا عليها بما شاء الله فعل هذا حتى فرغ من الطواف ".

2962- أخبرنا علي بن حجر، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، طاف سبعًا رمل ثلاثًا، ومشى أربعًا، ثم قرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]، فصلى سجدتين، وجعل المقام بينه وبين الكعبة، ثم استلم الركن، ثم خرج، فقال: «إن الصفا والمروة من شعائر الله، فابدءوا بما بدأ الله به».

شرح الشيخ: نعم، هذا فيه مشروعية قراءة الآية قبل الركعتين: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]، ومشروعية أيضًا قراءة: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] قبل البدء في السعي ولا يتمها، وفيها الرمل ثلاثًا والمشي أربعًا وفيها مشروعية التهليل والتكبير والدعاء ثلاث مرات، إذا رقى على الصفا وعلى المروة يكبر ثلاثًا ويهلل: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير»، وفي مسلم يقول زيادة: «لا إله إلا الله وحده نصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده»، ثم يدعو، ثم يكرر هذا ثلاثًا، ويرفع يديه.

قارئ المتن: القراءة في ركعتي الطواف

2963- أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار، عن الوليد، عن مالك، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انتهى إلى مقام إبراهيم قرأ:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] فصلى ركعتين، فقرأ فاتحة الكتاب، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد ثم عاد إلى الركن فاستلمه، ثم خرج إلى الصفا ".

شرح الشيخ: يعني قرأ هاتين السورتين بعد الفاتحة: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] في الأولى، و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] في الثانية.

 

 

قارئ المتن: الشرب من زمزم

2964- أخبرنا زياد بن أيوب، قال: حدثنا هشيم، قال: أنبأنا عاصم، ومغيرة، ح وأنبأنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أنبأنا عاصم، عن الشعبي، عن ابن عباس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، شرب من ماء زمزم وهو قائم».

الشرب من زمزم قائمًا

2965- أخبرنا علي بن حجر، قال: أنبأنا عبد الله بن المبارك، عن عاصم، عن الشعبي، عن ابن عباس، قال: «سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم، فشربه وهو قائم».

شرح الشيخ: المؤلف ينوع التراجم لاستنباط الأحكام: (الشرب من زمزم) و(الشرب من زمزم قائمًا)، ففيه جواز الشرب قائمًا وهذا دليل على الجواز، وأما النهي عن الشرب قائمًا فهو محمول على التنزيه، والذي صرفه هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم، والقاعدة عند أهل العلم أن النبي إذا نهى عن شيء ثم فعله يكون النهي للتنزيه والفعل للجواز، وإذا أمر بشيء ثم تركه يكون الأمر للاستحباب والترك يدل على الجواز، قاعدة.

قارئ المتن: ذكر خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصفا من الباب الذي يخرج منه

2966- أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن دينار، قال: سمعت ابن عمر، يقول: «لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، طاف بالبيت سًبعا، ثم صلى خلف المقام ركعتين، ثم خرج إلى الصفا من الباب الذي يخرج منه، فطاف بالصفا والمروة» قال: شعبة، وأخبرني أيوب، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر أنه قال: سنة.

شرح الشيخ: فيه: مشروعية الدخول إلى الصفا من الباب الذي يُخرج منه، وأنه سنة.

قارئ المتن: ذكر الصفا والمروة

2967- أخبرنا محمد بن منصور، قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عروة، قال: " قرأت على عائشة {فَلا جُنَاحَ} [البقرة: 158] عليه أن يطوف بهما قلت: ما أبالي، أن لا أطوف بينهما " فقالت: بئس ما قلت: " إنما كان ناس من أهل الجاهلية لا يطوفون بينهما، فلما كان الإسلام ونزل القرآن {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] الآية فطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطفنا معه فكانت سنة".

2968- أخبرني عمرو بن عثمان، قال: حدثنا أبي، عن شعيب، عن الزهري، عن عروة، قال: سألت عائشة، عن قول الله عزَّ وجلَّ{فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] فوالله ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة، قالت عائشة: بئسما قلت يا ابن أختي،‍ إن هذه الآية لو كانت كما أولتها، كانت فلا جناح عليه أن لا يطَّوف بهما، ولكنها نزلت في الأنصار قبل أن يسلموا، كانوا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدون عند المُشلَّل، وكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة، فلما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ "أنزل الله عزَّ وجلَّ، {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158]، فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما، ثم قد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الطواف بينهما، فليس لأحد أن يترك الطواف بهما ".

2969- أخبرنا محمد بن سلمة، قال: أنبأنا عبد الرحمن بن القاسم، قال: حدثني مالك، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج من المسجد وهو يريد الصفا، وهو يقول: «نبدأ بما بدأ الله به».

2970- أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: أنبأنا يحيى بن سعيد، عن جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي قال: حدثنا جابر، قال: خرج رسول الله إلى الصفا وقال: «نبدأ بما بدأ الله به، ثم قرأ:{إن الصفا والمروة من شعائر الله} [البقرة: 158]».

شرح الشيخ: فيه مشروعية قول «أبدأ بما بدأ الله به» كما في مسلم، في النسائي: «نبدأ بما بدأ الله به»، وفيه مشروعية قراءة الآية: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158] فقط ولا يكمِّل الآية، وهذا يكون عند البدء بالشوط الأول قبل البدء دون غيره من الأشواط، وفيه دليل على أن عروة خالته عائشة أم المؤمنين، عروة بن الزبير سأل أم المؤمنين عن الآية، وفهم فهمًا خاطئًا من الآية، فهم عروة أنه ليس لأحد أن يطوف؛ لأجل، لو ترك الطواف بين الصفا والمروة لا حرج عليه، فقال لا جناح عليّ، قالت لا، هذا فهمٌ خاطئ لو كانت كما قلت لكانت (فلا جناح عليكم ألا يطوَّف بهما)، لكن الآية: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، وبينت السبب، يعني السبب أنه كان الذين يأتون من جهة المدينة يعبدون مناة يهلون لها، فتحرجوا أن يطوفوا، فلما جاء الإسلام بأن يطوفوا بين الصفا والمروة فأنزل الله {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158].

فبعض الناس يفهم فهمًا خاطئًا، عروة فهم فهمًا خاطئًا من الآية وعائشة صححت له الفهم.

قارئ المتن: موضع القيام على الصفا

2971- أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي قال: حدثنا جابر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقي على الصفا، حتى إذا نظر إلى البيت كبر».

التكبير على الصفا

2972- أخبرنا محمد بن سلمة، والحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له، عن ابن القاسم، قال: حدثني مالك، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا وقف على الصفا يكبر ثلاثًا، ويقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير» يصنع ذلك ثلاث مرات، ويدعو، ويصنع، على المروة مثل ذلك ".

شرح الشيخ: هذا هو السنة، وهو مستحب إذا رقى على الصفا يكبر: «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر» «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير» ويقول: «لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده» ثم يدعو، ثم يكرر التكبير والذكر والدعاء ثلاث مرات على الصفا وعلى المروة، سنة ولو تركها فلا حرج.

قارئ المتن: التهليل على الصفا

2973- أخبرنا عمران بن يزيد، قال: أنبأنا شعيب، قال: أخبرني ابن جريج، قال: أخبرني جعفر بن محمد، أنه سمع أباه، يحدث، أنه سمع جابرًا عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم «ثم وقف النبي صلى الله عليه وسلم، على الصفا يهلل الله عَّز وجلَّ، ويدعو بين ذلك».

شرح الشيخ: يعني بين الذكر، بين التكبير والتهليل.

قارئ المتن: الذكر والدعاء على الصفا

2974- أخبرنا محمد بن عبد الله بن الحكم.

الشيخ: عندك في النسخة عبد؟

الطالب: نعم عندي عبد الحكم.

الشيخ: في هذه النسخة الحكم، ماذا عندك في النسخة؟

الطالب: في المتن عبد بن الحكم، ولكن في الشرح عبد الحكم، نُسخة الأثيوبي.

الشيخ: نسخة الأثيوبي، لكنه في الشرح أثبت عبد الحكم، يعني ساقطة عبد.

الطالب: في الشرح كتب، قال: محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وهو المصري.

الشيخ: إذاً: عبد، النسخة التي عندي ما فيها عبد، تضاف.

 

 

قارئ المتن:

2974-أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن شعيب، قال: أنبأنا الليث، عن ابن الهاد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، قال: "طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت سبعا ورمل فيها ثلاثًا، ومشى أربعًا، ثم قام عند المقام، فصلى ركعتين، وقرأ:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125] ، ورفع صوته يسمع الناس، ثم انصرف فاستلم، ثم ذهب، فقال: " نبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا، فرقي عليها حتى بدا له البيت وقال ثلاث مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير"

الشيخ: هنا الرواية فيها يُحيي ويُميت وفي الرواية السابقة ما فيها.

قارئ المتن: "وكبر الله وحمده، ثم دعا بما قدر له، ثم نزل ماشيًا حتى تصوبت قدماه في بطن المسيل، فسعى حتى صعدت قدماه".

الشيخ: وهو المكان الذي فيه الآن العلم الأخضر، النور الأخضر هو المكان الذي تصوبت قدماه في بطن الوادي، هو بطن الوادي.

قارئ المتن: "ثم مشى حتى أتى المروة، فصعد فيها، ثم بدا له البيت، فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، قال: ذلك ثلاث مرات، ثم ذكر الله وسبحه وحمده، ثم دعا عليها بما شاء الله فعل هذا حتى فرغ من الطواف".

الطواف بين الصفا والمروة على الراحلة

2975- أخبرني عمران بن يزيد، قال: أنبأنا شعيب، قال: أنبأنا ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول: «طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبين الصفا والمروة ليراه الناس، وليشرف، وليسألوه إن الناس غشوه».

شرح الشيخ: (إن الناس غشوه) ولعل هذا في بعض طواف الإفاضة، بعض الأشوطة الأخيرة وكذا في بعض أشواط السعي لما غشيه الناس، فطاف على الراحلة ليراه الناس وليشرف؛ لأنه طاف الأشواط الأولى ماشيًا وكذا في السعي سعى ماشيًا، إذً صبت قدماه في الوادي سبق، لما صبت قدماه إذًا يمشي، كأن في الأشواط الأولى يمشي وإذا انصبت قدماه في بطن الوادي يسعى، ولما غشيه الناس وكثروا عليه ركب الراحلة وكمَّل الأشواط على الراحلة حتى يراه الناس ويشرف الناس ويقتدوا به، فإن الناس غشوه بضم الشين لأنه معتل الآخر بالياء، فإذا أُسند إلى واو الجماعة ضُم ما قبلها، (غشي- رضي) (غشوه – رضوه). أما معتل الآخر بالألف فيُفتح ما قبله مثل (غزوا، غزَوه، رموَه).

 

 

قارئ المتن: المشي بينهما

2976- أخبرنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا بشر بن السري، قال: حدثنا سفيان.

الشيخ: محمود بن غيلان لا ينصرف.

قارئ المتن:

2976- أخبرنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا بشر بن السري، قال: حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن كثير بن جُمهان، قال: رأيت ابن عمر يمشي بين الصفا والمروة فقال: «إن أمشي فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي، وإن أسعى فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى».

2977- أخبرنا محمد بن رافع قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أنبأنا الثوري، عن عبد الكريم الجزري، عن سعيد بن جبير قال: رأيت ابن عمر ذكر نحوه إلا أنه قال: وأنا شيخ كبير.

شرح الشيخ: يعني يسعى ما يستطيع أن يسرع؛ لأنه كبر سنه في آخر خلافة ابن الزبير وهو ابن أربع وثمانين سنة، فقال أنا شيخٌ كبير.

قارئ المتن: الرمل بينهما

2978- أخبرنا محمد بن منصور، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا صدقة بن يسار، عن الزهري، قال: سألوا ابن عمر هل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل بين الصفا والمروة؟ فقال: «كان في جماعة من الناس، فرملوا، فلا أراهم، رملوا إلا برمله».

السعي بين الصفا والمروة

شرح الشيخ: السعي والرمل بمعنى واحد: الإسراع في المشي.

قارئ المتن:

2979- أخبرنا أبو عمار الحسين بن حريث، قال: أنبأنا سفيان، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: «إنما سعى النبي صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة، ليُري المشركين قوته».

شرح الشيخ: (يُري المشركين قوته)؛ وهذا في عمرة القضاء في السنة السابعة من الهجرة.

قارئ المتن: السعي في بطن المسيل

2980- أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا حماد، عن بديل، عن المغيرة بن حكيم، عن صفية بنت شيبة عن امرأة قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسعى في بطن المسيل، ويقول: «لا يُقطع الوادي إلا شَدًّا».

شرح الشيخ: (لا يُقطع الوادي إلا شَدًّا)؛ إلا قوة يعني الإسراع، (بطن المسيل) هو المكان النور الآن والعلم الأخضر هو بطن المسيل والمؤلف ينوِع التراجم للفائدة: (السعي، بطن المسيل، الرمل) كلها بمعنى واحد، موضع الرمل وموضع المشي.

قارئ المتن: ويقول: «لا يُقطع الوادي إلا شَدًّا».

شرح الشيخ: لأن الوادي، الصفا والمروة وادي ما يقطعه إلا شد؛ يعني لا بد من الإسراع.

قارئ المتن: موضع المشي

2981- أخبرنا محمد بن سلمة، والحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن القاسم، قال: حدثني مالك، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا نزل من الصفا، مشى حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى يخرج منه».

شرح الشيخ: (سعى)؛ يعني أسرع في المشي، وكان يسعى حتى تدور به إزاره

قارئ المتن: موضع الرمل

2982- أخبرنا محمد بن المثنى، عن سفيان، عن جعفر، عن أبيه، عن جابر، قال: «لما تصوبت قدما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بطن الوادي، رمل حتى خرج منه».

2983- أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي قال، حدثنا جابر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نزل يعني عن الصفا حتى إذا انصبت قدماه في الوادي، رمل حتى إذا صعد مشى».

شرح الشيخ: (انصبت قدماه في الوادي) الذي هو موضع العلمين الآن.

قارئ المتن: موضع القيام على المروة

2984- أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن شعيب، قال: أنبأنا الليث، عن ابن الهاد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله "أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم المروة، فصعِد فيها، ثم بدا له البيت فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، قال: ذلك ثلاث مرات «ثم ذكر الله وسبحه، وحمده، ثم دعا بما شاء الله فعل هذا حتى فرغ من الطواف».

شرح الشيخ: (بدا له البيت)؛ يعني لما وصل للمروة شاهد الكعبة.

قارئ المتن: التكبير عليها

2985- أخبرنا علي بن حجر، قال: حدثنا إسماعيل، قال: أنبأنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى الصفا فرقي عليها حتى بدا له البيت، ثم وحد الله عز وجل، وكبر، وقال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو، على كل شيء قدير، ثم مشى حتى إذا انصبت قدماه، سعى حتى إذا صعدت قدماه مشَى حتى أتى المروة ففعل عليها كما فعل على الصفا حتى قضى طوافه ".

كم طواف القارن والمتمتع بين الصفا والمروة

2986- أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: أنبأنا ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابرًا، يقول: «لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافًا واحدًا».

شرح الشيخ: والمراد بهم: الذين ساقوا الهدي، فكانوا قارنين، أما الذين حلُّوا وهم المتمتعون فطافوا بين الصفا والمروة طوافًا آخر لحجهم كما في حديث عائشة، الذين جمعوا بين الحج والعمرة طافوا طوافًا واحدًا، وإما الذين أفردوا؛ فإنهم طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم.

قارئ المتن: أين يقصر المعتمر؟

2987- أخبرنا محمد بن المثنى، عن يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، قال: أخبرني الحسن بن مسلم، أن طاوسا، أخبره أن ابن عباس أخبره، عن معاوية، «أنه قصَّر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمشقص في عمرة على المروة».

شرح الشيخ: وهذا في عمرة القضاء، عمرة القضاء خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه اعتمر في السنة السابعة، (قصَّر) عنه؛ يعني قصَّر من شعره.

قارئ المتن:

2988- أخبرنا محمد بن يحيى بن عبد الله، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس، عن معاوية رضي الله عنه، قال: «قصرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على المروة بمشقص أعرابي».

شرح الشيخ: هذا في عمرة القضاء.

قارئ المتن: كيف يقصر؟

2989- أخبرنا محمد بن منصور، قال: حدثنا الحسن بن موسى، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن قيس بن سعد، عن عطاء، عن معاوية، قال: «أخذت من أطراف شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشقص كان معي بعد ما طاف بالبيت وبالصفا والمروة في أيام العشر» قال: قيس والناس ينكرون هذا على معاوية.

شرح الشيخ: هذا وهم على بعض الرواة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصر في الأيام العشر في ذي الحجة في حجة الوداع، العشر من ذي الحجة، في حجة الوداع قارن ما قصَّر، وإنما حلق رأسه بعد أن ذبح هديه يوم العيد، إنما التقصير هذا في عمرة القضاء، فهذا وهم من بعض الرواة فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصر في الأيام العشر؛ لأنه كان قارنًا، وقيس بن سعد ضعيف، ماذا قال عليه عندك؟

وهذا الحديث أنه قصَّر في أيام العشر صلى الله عليه وسلم، في أيام العشر ما قصَّر من شعره، إنما حلق شعره لما ذبح هديه ضحى يوم النحر، أما يوم العشر ما في تقصير، لا زال عليه الصلاة والسلام قارن.

طالب: قال: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح غير شيخه محمد بن منصور الطوسي نزيل بغداد أبي جعفر العابد الثقة من صغار العاشرة، فتفرد به هو وأبو داود، والحسن بن موسى هو الأشيب البغدادي القاضي الثقة وقيس بن سعد هو المكي الثقة، وقوله: (في أيام العشر)؛ أي عشر ذي الحجة، وهذه الزيادة منكرة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان في حجته قارنًا ولم يتحلل إلا في منى يوم النحر.

الشيخ: صح، المنكرة، فهذا وهم من بعض الرواة.

طالب: وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: الأحاديث الصحيحة المستفيضة تدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يحِّل من إحرامه إلى يوم النحر كما أخبر عن نفسه بقوله: «فلا أحل حتى أنحر» وهو خبرٌ لا يدخله الوهم بخلاف خبر غيره، ثم قال: ولعل معاوية قصَّر عنه في عمرة الجعرانة فنسي بعد ذلك وظن أنه كان في حجته، انتهى.

الشيخ: في عمرة الجعرانة في السنة الثامنة، محتمل، أو في عمرة القضاء إن كان أسلم في ذلك الوقت، إما في عمرة القضاء أو في عمرة الجعرانة.

طالب: في التعليق عنده قال إنه شاذ؟

الشيخ: من الذي قال هذا؟

طالب: هذه الطبعة الهندية أبو الأشبال أحمد شاغف وأحمد مجتبى السلفي، حكم عليه قال: (هو شاذ).

الشيخ: شاذ أو هو ضعيف فيكون وهمًا من بعض الرواة، ماذا قال الحافظ؟

طالب: وقال الحافظ رحمه الله تعالى ما خلاصته: إنها زيادة شاذة، وأظن قيسًا رواها بالمعنى، ثم حدَّث بها فوقع له ذلك ا.ه. والحديث صحيح غير قوله «في أيام العشر»؛ فإنها زيادة شاذة كما سبق آنفًا.

الشيخ: نعم، وهم من الراوي.

قارئ المتن: ما يفعل من أهل بالحج وأهدى

2990- أخبرنا محمد بن رافع، عن يحيى وهو ابن آدم عن سفيان وهو ابن عيينة قال: حدثني عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا نرى إلا الحج، قالت: فلما أن طاف بالبيت وبين الصفا والمروة قال: «من كان معه هدي فليقم على إحرامه، ومن لم يكن معه هدي، فليحلل».

شرح الشيخ: (ما يفعل من أهل بالحج وأهدى) ماذا يفعل؟ يكمل على إحرامه، يبقى على إحرامه حتى يذبح هديه.

قارئ المتن: ما يفعل من أهل بعمرة وأهدى

2991- أخبرنا محمد بن حاتم، قال: أنبأنا سويد، قال: أنبأنا عبد الله، عن يونس، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فمنا من أهل بالحج، ومنا من أهل بعمرة وأهدى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أهل بعمرة ولم يهد فليحلل، ومن أهل بعمرة فأهدى فلا يحل، ومن أهل بحجة فليتم حجه» قالت عائشة: "وكنت ممن أهل بعمرة".

2992- أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا أبو هشام، قال: حدثنا وهيب بن خالد، عن منصور بن عبد الرحمن، عن أمه، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج، فلما دنونا من مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لم يكن معه هدي فليحلل، ومن كان معه هدي فليُقم على إحرامه».

شرح الشيخ: فليُقم من أقام يقيم.

قارئ المتن: قالت: " وكان مع الزبير هدي، فأقام على إحرامه، ولم يكن معي هدي فأحللت، فلبست ثيابي وتطيبت من طيبي، ثم جلست إلى الزبير فقال: استأخري عني، فقلت: أتخشى أن أثب عليك ".

شرح الشيخ: (أتخشى أن أثب عليك)؛ لأنه محرم وهي متحللة، قال ابتعدي عني قالت: أتخشى أن أقفز عليك من باب المداعبة، يعني يقول أنت تحللتي لكن أنا محرم كوني بعيدة عني، ممنوع منها.

قارئ المتن: الخطبة قبل يوم التروية

2993- أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: قرأت على أبي قرة موسى بن طارق، عن ابن جريج، قال: حدثني عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الزبير، عن جابر " أن النبي صلى الله عليه وسلم، حين رجع من عمرة الجعرانة بعث أبا بكر على الحج فأقبلنا معه".

شرح الشيخ: (بعث أبا بكر على الحج فأقبلنا معه)؛ وهذا في السنة التاسعة بعثه للحج.

قارئ المتن: حتى إذا كان بالعرج ثوب بالصبح".

شرح الشيخ: مكان في الطريق يسمى العرج؛ موضع.

قارئ المتن: ثم استوى ليكبر فسمع الرغوة خلف ظهره، فوقف على التكبير، فقال: هذه رغوة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم الجدعاء.

شرح الشيخ: استوت الناقة، عرف صوت الناقة.

قارئ المتن: لقد بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج فلعله أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصلي معه، فإذا علي عليها.

شرح الشيخ: علي على ناقة النبي صلى الله عليه وسلم.

قارئ المتن: فقال له أبو بكر: أمير أم رسول؟

شرح الشيخ: يعني هل أرسلك الرسول أميرًا بدلي، أو أنت رسول أرسلك؟ قال لا أنا رسول أنت الأمير.

قارئ المتن: قال: لا بل رسول، أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم ببراءة أقرؤها على الناس في مواقف الحج، فقدمنا مكة فلما كان قبل التروية بيوم، قام أبو بكر رضي الله عنه فخطب الناس فحدثهم عن مناسكهم حتى إذا فرغ قام عليٌّ رضي الله عنه فقرأ على الناس براءة حتى ختمها.

شرح الشيخ: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 1]، براءة من المشركين وأنه يؤذن بأنه لا يدخل الجنة إلا نفسٌ مؤمنة، وأن من كان له عهد فهو إلى عهده ولا يطوف بالبيت عريان ولا يحج بعد العام شرك، وأرسل معهم مؤذنين بعث أبا هريرة وجماعة كلهم يؤذنون يعلمون الناس في منى حتى يتعلم الناس، فلما تعلم الناس حجَّ النبي في السنة العاشرة وقد تأدب الناس، فلم يحج بعد ذلك مشرك وعلموا أنه لا يدخل الجنة إلا نفسٌ مؤمنة ولا يطوف بالبيت عريان وعلم المشركون أنه من كان له عهد فعلى عهده ومن لم يكن له عهد فمدته أربعة أشهر.

قارئ المتن: ثم خرجنا معه حتى إذا كان يوم عرفة قام أبو بكر، فخطب الناس فحدثهم عن مناسكهم، حتى إذا فرغ قام علي فقرأ على الناس براءة حتى ختمها، ثم كان يوم النحر فأفضنا، فلما رجع أبو بكر خطب الناس فحدثهم عن إفاضتهم، وعن نحرهم، وعن مناسكهم، فلما فرغ قام علي فقرأ على الناس براءة حتى ختمها، فلما كان يوم النفر الأول، قام أبو بكر فخطب الناس فحدثهم كيف ينفرون، وكيف يرمون، فعلمهم مناسكهم، فلما فرغ، قام علي فقرأ براءة على الناس حتى ختمها " قال أبو عبد الرحمن: " ابن خثيم، ليس بالقوي في الحديث، وإنما أخرجت هذا لئلا يُجعل ابن جريج، عن أبي الزبير وما كتبناه إلا عن إسحق بن إبراهيم، ويحيى بن سعيد القطان، لم يترك حديث ابن خثيم، ولا عبد الرحمن، إلا أن علي بن المديني، قال: ابن خثيم منكر الحديث، وكأن علي بن المديني خُلق للحديث".

شرح الشيخ: (خُلق للحديث) يعني لقوته، كأنه مخلوق للحديث ينقد الأحاديث، (وكأن علي بن المديني خُلق للحديث)؛ يعني من شدة نقده، وفيه أن أبا بكر خطب الناس أربع خطب، وكلما خطب عليّ يقرأ على الناس براءة، فخطب الخطبة الأولى يوم التروية، والثانية يوم عرفة، والثالثة يوم العيد، والرابعة يوم النفر الأول، وهنا قال: (وعبد الرحمن) النسائي (ابن خثيم ليس بالقوي في الحديث)، وإنما يقول ذكر هذا (لئلا يُجعل ابن جريج عن أبي الزبير)، ماذا قال على قول النسائي: (ابن خثيم ليس بالقوي في الحديث لئلا يُجعل ابن جريج عن أبي الزبير

طالب: قال أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله تعالى: ابن خثيم هو عبد الله بن عثمان بن خثيم الرابي عن أبي الزبير ليس بالقوي في الحديث، تقدم في ترجمته أن أكثر الأئمة على توثيقه، وأن المصنف وثقه أيضًا في رواية، وإنما أخرجت هذا أي حديث أبي الزبير عن جابر لئلا يُجعل ابن جريج ببناء الفعل للمفعول عن أبي الزبير، أي لئلا يقع غلطٌ في إسناده فيُجعل مما رواه ابن جريج عن أبي الزبير مباشرة دون واسطة ابن خثيم حيث اشتهرت روايته عنه.

الشيخ: ابن جريج هذا يروي عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن أبي الزبير، يعني لا يسقط عبد الله بن خثيم، فقال: (لئلا يُجعل ابن جريج عن أبي الزبير)، فإن جعل ابن جريج عن أبي الزبير سقط عبد الله بن عثمان.

قارئ المتن: المتمتع متى يهل بالحج

2994- أخبرنا إسماعيل بن مسعود، قال: حدثنا خالد، قال: حدثنا عبد الملك، عن عطاء، عن جابر، قال: قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربع مضين من ذي الحجة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أحلوا واجعلوها عمرة» فضاقت بذلك صدورنا، وكبر علينا، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أيها الناس أحلوا، فلولا الهدي الذي معي لفعلت مثل الذي تفعلون»، فأحللنا حتى وطئنا النساء، وفعلنا ما يفعل الحلال، حتى إذا كان يوم التروية، وجعلنا مكة بظهر لبينا بالحج ".

شرح الشيخ: يعني الرسول صلى الله عليه وسلم قدم في أربعة من ذي الحجة، ومشى يوم السبت يوم الخامس والعشرين من ذي القعدة على الصحيح، هو قدم في اليوم الرابع، وكانت مدة السفر تسعة أيام على الراحلة في الطريق، فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم (أحلوا واجعلوها عمرة فضاقت بذلك صدورنا) لماذا ضاقت صدورهم؟ لأنهم يرون ما كان عليه أهل الجاهلية أنه ما في عمرة، يقولون كيف نتحلل بعمرة، وننتظر للحج، قالوا عندهم في الجاهلية العمرة في أشهر الحج تعد من أفجر الفجور، ضاقت صدورهم بذلك حتى قالوا يا رسول الله ما بيننا وبين عرفة إلا أربعة أيام ونتحلل؟ يعني اليوم الناس يحجون في يوم واحد، الناس يركبون الطائرة في يوم واحد، يقولون باقي أربعة أيام، يعني ما في وقت للتحلل ونجامع النساء، والواحد يكون حيث عهد بالمجامعة ويذهب إلى منى، وذكر الواحد منا يقطر منيًا؟ كبُر عليهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: لولا أن معي الهدي لأحللت، لكن أنا مرتبط بالهدي، وأنتم ما معكم هدي تحللوا.

 

 

قارئ المتن: ما ذكر في منى

2995- أخبرنا محمد بن سلمة، والحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن القاسم، حدثني مالك، عن محمد بن عمرو بن حلحلة الدؤلي، عن محمد بن عمران الأنصاري، عن أبيه، قال: عدل إلي عبد الله بن عمر، وأنا نازل، تحت سرحة بطريق مكة.

شرح الشيخ: (تحت سرحة بطريق مكة) يعني شجرة، محمد بن عمران الأنصاري عن أبيه، أبوه عمران الأنصاري يحدث عن عبد الله بن عمر يقول: (عدل إلي عبد الله بن عمر) وهو نازل (تحت سرحة بطريق مكة) شجرة.

قارئ المتن: فقال: ما أنزلك تحت هذه الشجرة؟ فقلت: أنزلني ظلها.

شرح الشيخ: المتحدث من هو؟ عمران الأنصاري قال: (عدل إلي عبد الله) وهو نازل، يعني عبد الله بن عمران الأنصاري نازل تحت شجرة، جاء إليه عبد الله بن عمر قال له: لماذا تنزل تحت الشجرة؟ قال: أريد الظل استظل من الشمس.

قارئ المتن: قال عبد الله: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كنت بين الأخشبين من منى، ونفخ بيده نحو المشرق، فإن هناك واديا يقال له السرَّبَة».

شرح الشيخ: عندك بالباء، ولا بالياء؟

الطالب: قال: ضبط السين وفتح الراء المشددة.

الشيخ: نعم، ضبط السين وفتح الراء المشددة (السرَّبَة) يقال قطعت سررهم يعني ولدوا تحتها.

قارئ المتن: قال: فإن هناك واديا يقال له السرَّبَة- وفي حديث الحارث، يقال له: السُّرر- به سرحة سُرَّ تحتها سبعون نبيا».

شرح الشيخ: السُّرربة، أو السرر، يعني يقال له: السربة، وفي حديث الحارث يقال له: السرر، به سرحة، به: يعني فيه عنده سرحة وشجرة.

قارئ المتن: يقال له: السُّرر- به سرحة سُرَّ.

شرح الشيخ: لا سُرَّ، (به سرحة سُرَّ تحتها سبعون نبيًّا)؛ يعني يقول ابن عمر له إذا كنت بين الاخشبين يعني الجبلين من منى، (ونفخ بيده نحو المشرق فإن هناك واديا يقال له السرَّبَة- وفي حديث الحارث، يقال له: السُّرر- به) يعني فيه (سرحة): شجرة، (سُرَّ تحتها سبعون نبيا) يعني قطعت سررهم، يعني ولدوا تحتها، سبعون نبي ولدوا تحت هذه الشجرة، ومعنى (سُرَّ)؛ يعني قطعت سررهم؛ لأن المولود إذا ولد قُطعت سره، سبعون نبي تحت هذه الشجرة.

هذا الحديث ضعيف السند ومتنه شاذ منكر، وهو من أنكر ما رواه النسائي، ويحتمل أن يكون الحديث موضوع، لأن النزول تحت شجرة لأن الأنبياء ولدوا تحتها وسيلة للتبرك بها، يقول له انزل بهذه الشجرة؛ لأن هذه الشجرة تحتها سبعون نبيًّا ولدوا تحتها، وسيلة للتبرك وهذا من وسائل الشرك من التبرك بالأشجار والأحجار وهذا شركٌ أكبر، كما في حديث أبي واقد الليثي لما كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهم حدثاء عهد بشرك، مروا بسدرة المشركين يعكفون عندها ويعلقون عليها أسلحتهم ويتبركون بها، مرَّ الصحابة بالسدرة، فقالوا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال عليه الصلاة والسلام: «الله أكبر إنها السنن، قلتم كالذي قال والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى لموسى: {اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف:138]».

والسندي ما تكلم عليه، تكلم عليه عندك؟ عجيب أن السندي... ماذا قال؟

طالب: قال: تنبيه: ضعَّف هذا الحديث الشيخ الألباني، وصحح إسناده العلامة أحمد محمد شاكر، فقال فيما كتبه على المسند: (إسناده صحيح، محمد بن عمران الأنصاري، قال في [التهذيب] ذكره ابن حبان في الثقات، ثم ذكر الحافظ أنه ذكره البخاري فلم يذكر فيه جرحًا، وهذا إشارةٌ منه إلى كفاية هذا في توثيقه، كما قلنا مرارًا، وهو في [التاريخ الكبير]: محمد بن عمران الأنصاري عن أبيه سمع ابن عمر قاله مالك عن محمد بن عمرو بن حلحلة، أبوه عمران الأنصاري قال في [التهذيب]: عن ابن عمر في فضل وادي السرر، روى عنه ابنه محمد، أخرج له النسائي هذا الحديث الواحد، وقال مسلمة بن قاسم: لا بأس له، إلى أن قال: وأقول إن مالكًا أعلم الناس بالأنصار وبرواة الحديث من أهل المدينة، فهو يتحرى الرجال والأحاديث، ثم عمران الأنصاري هذا تابعيٌ عُرف اسمه وشخصه فهو على الثقة والستر وإن جُهل نسبه واسم أبيه. انتهى ما كتبه أحمد شاكر رحمه الله تعالى.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله أحمد محمد شاكر رحمه الله تعالى هو الحق عندي؛ لأن محمد بن عمران وأباه ثقتان عند مالك رحمه الله تعالى فقد سأله بشر بن عمر الزهراني عن رجل: أثقةٌ هو؟ فقال: هل رأيته في كتبي؟ قال: لا، قال: لو كان ثقةً لرأيته في كتبي، فثبت أن ما أثبته مالكٌ في كتبه ثقةُ عنده لا سيما إذا كان مدنيًا، ولا يُعترض هذا بعبد الكريم بن أبي المخارق؛ لأنه معروفٌ بالضعف، وإنما الكلام فيمن كان مثل محمد بن عمران وأبيه ممن لم يتكلم فيه أحد.

والحاصل أن الحديث لا يقل عن درجة الحسن فتبصر بالإنصاف ولا تتحير بالاعتساف، والله تعالى أعلم.

الشيخ: هو قال أول ما قرأت يقول ضعيف؟

طالب: قال: وضعَّف هذا الحديث الشيخ الألباني.

الشيخ: وهو الصواب، ولو قُدر أنه صحيح فهو متن منكر وشاذ، فهو ضعيف على كل حال، من أنكر ما روى النسائي، ويحتمل أن يكون الحديث موضوع، يعني يقول شجرة سُرَّ تحتها سبعون نبيًا؛ يعني قطعت سررهم هنا، من يعلم هذا؟ هذا لو ثبت عن النبي نعم، لو صحَّ فلا بأس، الأنبياء ليس في مكة، الأنبياء هناك في الشام أكثرهم، الأنبياء كلهم بعثوا هناك في الشام، ما في سبعين نبي ولدوا في منى في مكة إلا محمد صلى الله عليه وسلم، الأنبياء ما ولدوا هناك، سبعون نبيًا تحت الشجرة هذه؟ وقُطعت، هذا حديث منكر، حديث ضعيف.

طالب: أحسن الله إليكم، هو نقل قبل ذلك عن [التقريب] قال: محمد بن عمران الأنصاري مجهول وأبوه عمران الأنصاري مقبول.

الشيخ: وهذا ضعف، معناه شيخ ضعيف السند منكر المتن، والعجيب أنه ما علَّق عليه النسائي والسندي في الحاشية ما علَّق عليه، هذا العجيب.

قارئ المتن:

2996- أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم، قال: أنبأنا سويد، قال: أنبأنا عبد الله، عن عبد الوارث ثقة قال: حدثنا حميد الأعرج، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن رجل منهم يقال له: عبد الرحمن بن معاذ، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى، ففتح الله أسماعنا حتى إن كنا لنسمع ما يقول ونحن في منازلنا، فطفق النبي صلى الله عليه وسلم، يعلمهم مناسكهم حتى بلغ الجمار فقال: «بحصى الخذف»، وأمر المهاجرين أن ينزلوا في مقدم المسجد، وأمر الأنصار أن ينزلوا في مؤخر المسجد.

شرح الشيخ: وهذا ثابت في الصحيحين، يقول: (بحصى الخذف)؛ هي الحصى التي يجعلها الإنسان بين أصبعيه ويقذفها، مقدار حبة الفول مثل بعرة الغنم، هذه الذي يُرمى بها الجمار.

قارئ المتن: أين يصلي الإمام الظهر يوم التروية

2997- أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، وعبد الرحمن بن محمد بن سلام، قالا: حدثنا إسحق الأزرق، عن سفيان الثوري، عن عبد العزيز بن رفيع، قال: سألت أنس بن مالك، فقلت: أخبرني بشيء عقلته، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أين صلى الظهر يوم التروية؟ قال: «بمنى» فقلت: أين صلى العصر يوم النفر؟ قال: «بالأبطح».

شرح الشيخ: وهذا في الصحيحين، صلى الظهر يوم التروية بمنى، وصلى العصر يوم النفر بالأبطح، يوم النفر الثاني؛ لأن النبي ما تعجل يوم الثالث عشر، رمى الجمرات الثلاث، ثم تقدم، يعني ما صلى في منى، ما صلى؛ لأنه يدعو، رمى الجمرة الأولى ثم يدعو بمقدار قراءة سورة البقرة، ثم رمى الجمرة الثانية ويدعو بمقدار سورة البقرة، ثم رمى الجمرة الثالثة ثم نزل، وتقدم إلى الأبطح وهو مكان العزيزية الآن فما كان فيه بنيان، وصلى فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء في ليلة الرابع عشر.

ثم لما كان آخر الليل نزل إلى مكة وطاف طواف الوداع، وأدرك صلاة الفجر وصلى بالناس وقرأ سورة الطور قبل طواف الوداع، ثم قفل رجع إلى المدينة في الرابع عشر عليه الصلاة والسلام.

قارئ المتن: الغدو من منى إلى عرفة

2998- أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي، قال: حدثنا حماد، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عبد الله بن أبي سلمة، عن ابن عمر، قال: «غدونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى إلى عرفة، فمنا الملبي، ومنا المكبر».

2999- أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، قال: حدثنا هشيم، قال: حدثنا يحيى، عن عبد الله بن أبي سلمة، عن ابن عمر، قال: «غدونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عرفات، فمنا الملبي، ومنا المكبر».

شرح الشيخ: وهذا في الصحيحين أيضًا، ولكن السنة التلبية، الإكثار من التلبية، وإذا كبر أو سبح أو هلل أو قرأ شيئًا من القرآن فلا حرج.

قارئ المتن: التكبير في المسير إلى عرفة

3000- أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا الملائي يعني أبا نعيم الفضل بن دكين، قال: حدثنا مالك، قال: حدثني محمد بن أبي بكر الثقفي، قال: قلت لأنس، ونحن غاديان من منى إلى عرفات: ما كنتم تصنعون في التلبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم؟ قال: «كان الملبي يلبي، فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر، فلا ينكر عليه».

شرح الشيخ: نعم وهذا في الصحيحين أيضًا.

قارئ المتن: التلبية فيه

3001- أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عبد الله بن رجاء، قال: حدثنا موسى بن عقبة، عن محمد بن أبي بكر وهو الثقفي، قال: قلت لأنس، غداة عرفة: ما تقول في التلبية في هذا اليوم؟ قال: «سرت هذا المسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكان منهم المهل، ومنهم المكبر، فلا ينكر أحد منهم على صاحبه».

شرح الشيخ: نعم، وهذا في الصحيحين أيضًا.

قارئ المتن: ما ذكر في يوم عرفة

3002 - أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عبد الله بن إدريس، عن أبيه، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، قال: قال يهودي لعمر: لو علينا نزلت هذه الآية لاتخذناه عيدا {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] قال عمر: "قد علمت اليوم الذي أنزلت فيه، والليلة التي أنزلت: ليلة الجمعة، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات".

شرح الشيخ: هذا اليهودي قاله في خلافة عمر، قال في لفظ آخر: (وإنها عيدٌ لنا)، كلها أيام عيد: يوم عرفة، اليوم التاسع ويوم النحر والحادي وعشر والثاني عشر، كلها أيام عيد، يقول اليهودي: (لو علينا نزلت هذه الآية لاتخذناه عيدا)، فقال عمر أنا أعلم اليوم الذي نزلت فيه وهو عيد لنا أهل الإسلام، كلها أيام عيد.

قارئ المتن:

3003- أخبرنا عيسى بن إبراهيم، عن ابن وهب، قال: أخبرني مخرمة، عن أبيه، قال: سمعت يونس، عن ابن المسيب، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله عز وجل فيه عبدا أو أمة من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة، ويقول: ما أراد هؤلاء» قال أبو عبد الرحمن: "يشبه أن يكون يونس بن يوسف الذي روى عنه مالك والله تعالى أعلم".

شرح الشيخ: يوشك؛ يعني يقرب أن يكون يونس بن يوسف، هل تكلم عليه؟

الطالب: قال أبو عبد الرحمن النسائي: (يشبه أن يكون يونس بن يوسف الذي روى عنه مالك والله تعالى أعلم)؛ يعني أن يونس الذي في السند يشبه أن يكون يوسف بن يوسف المدني الذي روى عنه مالك، وهو كما قال، فقد صرح به مسلم في صحيحه في سند هذا الحديث، والله تعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب وهو المتسعان وعليه التكلان.

قارئ المتن: النهي عن صوم يوم عرفة

3004 - أخبرني عبيد الله بن فضالة بن إبراهيم، قال: أنبأنا عبد الله وهو ابن يزيد المقرئ، قال: حدثنا موسى بن علي، قال: سمعت أبي، يحدث، عن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب».

شرح الشيخ: (بن علي) يقال له عليّ، ويقال له (ابن عُلَّي) بالتصغير والتكبير.

ويوم عرفة المعروف أنه بالنسبة للحاج لا يصوم، لكن في غير الحج يصومه، ويكون بجوار أيام الأكل، أيام العيد التي هي أيام العيد وأيام التشريق الثلاثة، هذه أيام أكل، أما عرفة فيصومه غير الحاج سنة.

قارئ المتن: الرواح يوم عرفة

3005- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرني أشهب، قال: أخبرني مالك، أن ابن شهاب، حدثه، عن سالم بن عبد الله، قال: كتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج بن يوسف يأمره أن لا يخالف ابن عمر، في أمر الحج، فلما كان يوم عرفة، جاءه ابن عمر، حين زالت الشمس وأنا معه، فصاح عند سرادقه: «أين هذا؟» فخرج إليه الحجاج وعليه ملحفة معصفرة، فقال له: ما لك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: «الرواح إن كنت تريد السنة»، فقال له: هذه الساعة فقال له: «نعم»، فقال: أفيض عليَّ ماء ثم أخرج إليك، فانتظره حتى خرج فسار بيني وبين أبي، فقلت: "إن كنت تريد أن تصيب السنة، فأقصر الخطبة، وعجل الوقوف، فجعل ينظر إلى ابن عمر كيما يسمع ذلك منه، فلما رأى ذلك ابن عمر، قال: صدق"

شرح الشيخ: (معصفرة) يعني مصبوغة بالعصفر.

 (عبد الملك بن مروان)؛ هو الخليفة، والحجاج أمَّره الخليفة على الحج، وقال له: لا تخالف ابن عمر، انظر ما يقول ابن عمر؛ يعني ابن عمر فقيه الصحابة، فلما رأوا زوال الشمس جاء عبد الله بن عمر مع ابنه سالم، وصاح عند خيمة الحجاج: أين هذا؟ كان يناديه، (وعليه ملحفة معصفرة)، فقال: (ما لك يا أبا عبد الرحمن)، قال: (الرواح إن كنت تريد السنة)، الآن زالت الشمس اخطب بالناس في عرفة، هو الأمير (إن كنت تريد السنة)، قال: (هذه الساعة) يا أبا عبد الرحمن؟ قال: (نعم)، قال: انتظرني أفيض عليّ ماءً، وقف ابن عمر حتى اغتسل وجاء، فجعل يمشي، فقال سالم: (فسار) الحجاج (بيني وبين أبي)، فقال له سالم: (إن كنت تريد أن تصيب السنة، فأقصر الخطبة، وعجل الوقوف)، جعل الحجاج ينظر إلى ابن عمر يعني كلام سالم هذا صحيح أم لا؟ فقال له ابن عمر (صدق)؛ صوبه.

فدل على أن السنة هنا ألا يطيل الخطبة، أن يقصر الخطبة ويعجل الوقوف؛ لأن الخطيب هو الذي يجمع الكلمات التي تحتها معاني غزيرة في ألفاظ قليلة، بخلاف الخطاب البليغ فإنه يكثر ترداد الكلام وتكراره فتطول الخطبة ويطول المعنى.

وهذا رواه البخاري في الصحيح، وفيه أن المفضول لا بأس أن ينبه على فائدة بين يدي الفاضل، قد يكون نسيها إذا أقرَّه الفاضل بها، فهذا سالم تلميذ نبه على هذه الفائدة بين يدي أبيه وهو الفاضل، فأقره عليها، ففيه أن الحضور لا بأس أن ينبه على فائدة بين يدي الفاضل قد يكون نسيها إذا أقرَّها الفاضل عليها.

قارئ المتن: التلبية بعرفة

3006- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي، قال: حدثنا خالد بن مخلد، قال: حدثنا علي بن صالح، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، قال: كنت مع ابن عباس، بعرفات، فقال: «ما لي لا أسمع الناس يلبون؟» قلت: يخافون من معاوية، فخرج ابن عباس، من فسطاطه، فقال: «لبيك اللهم لبيك، لبيك فإنهم قد تركوا السنة من بغض علي».

شرح الشيخ: الحديث لا بأس بسنده؛ هذا محمول على بعض أتباع معاوية، وإلا فلا يمكن أن يمنع معاوية من فعل السنة، فهذا مخاونة من معاوية، قال: (فإنهم قد تركوا السنة من بغض علي) يعني لأجل بغضه، وهو كان يتقيد بالسنن وهؤلاء تركوها بغضًا له.

طالب: قال: لطائف هذا الإسناد: منها أنه من سباعيات المصنف رحمه الله تعالى، ومنها أن رجالهم كله رجال الصحيح غير ميسرة، فقد تفرد به المصنف وأبو داود والترمذي.

الشيخ: قوله: يخافون من معاوية (فتركوا السنة من بغض علي).

طالب: فقال: (ما لي لا أسمع الناس يلبون؟ قلت يخافون من معاوية رضي الله تعالى عنه)، ولعله والله أعلم لا يرى التلبية في عرفة ويُعتذر عنه بأنه لم يعلم بالسنة، فخرج ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ...

الشيخ: وقد يكون هذا أو قال: (ولعل هذا من بعض أتباعه)، إذًا ما ترك السنة.

طالب: قال: (فخرج ابن عباس من فسطاطه) بضم الفاء.

الشيخ: خرج يظهر السنة، يخرج يلبي و(فسطاطه) الخيمة يعني.

طالب: فقال: (لبيك اللهم لبيك، لبيك فإنهم قد تركوا السنة من بغض علي) رضي الله تعالى عنه، يعني أنه كان يتقيد بالسنة، فكان يلبي يوم عرفة، وهذا الذي قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يحتمل أن يكون لما رأى معاوية رضي الله تعالى عنه ترك التلبية بعرفة، ظن أن تركه لبغض علي رضي الله تعالى عنه، والظن قد يخطئ والذي يظهر أن معاوية إنما تركه لعدم علمه لسنية التلبية فيها، والله تعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمئاب.

الشيخ: الأحسن من هذا نقول لعل هذا من بعض أتباعه، بعض أتباعه نُسب إليه؛ هذا هو الأقرب.

قارئ المتن: الخطبة بعرفة قبل الصلاة

3007- أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، عن سفيان، عن سلمة بن نبيط، عن أبيه، قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على جمل أحمر بعرفة قبل الصلاة».

الخطبة يوم عرفة على الناقة

3008- أخبرنا محمد بن آدم، عن ابن المبارك، عن سلمة بن نبيط، عن أبيه، قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يخطب يوم عرفة على جمل أحمر».

شرح الشيخ: خطب على جمله، وكان في بطن الوادي (عُرَنَة)، خطب الناس وصلى فيه، ثم انتقل إلى عرفة بعد الصلاة ونزل في الضحى نزل بنمرة، ثلاثة مواضع، ضربت خيمته بنمرة قبل الصلاة، ثم لما زالت الشمس انتقل إلى أرض الوادي، وخطب الناس على البعير على ناقته، ثم صلى بهم ثم تمت الصلاة دخل إلى عرفة ووقف بها، فالنزول بنمرة في الضحى والصلاة والخطبة في عرنة في بطن الوادي، والوقوف بعرفة.

وفيه قال الخطبة قبل الصلاة بخلاف الجمعة فإن الخطبة قبل الصلاة، وقبل الأذان حتى في منى، هي في منى في عرفة خطب ثم بعد الخطبة أذن المؤذن ثم صلى؛ فدل على أنه لم يصلِ الجمعة وكان يوم جمعة ولم يجهر بالصلاة بل أسر في القراءة.

قارئ المتن: قصر الخطبة بعرفة

3009- أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح، قال: حدثنا ابن وهب، أخبرني مالك، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر، جاء إلى الحجاج بن يوسف يوم عرفة حين زالت الشمس وأنا معه، فقال: «الرواح إن كنت تريد السنة»، فقال: هذه الساعة قال: «نعم»، قال سالم: فقلت للحجاج: "إن كنت تريد أن تصيب اليوم السنة فأقصر الخطبة، وعجل الصلاة، فقال عبد الله بن عمر: صدق".

شرح الشيخ: وهذا في الصحيح كما سبق، وأنه لا حرج للصغير في أن يتكلم في حضرة الكبير ويبدي ما عنده من العلم.

قارئ المتن: الجمع بين الظهر والعصر بعرفة

3010- أخبرنا إسماعيل بن مسعود، عن خالد، عن شعبة، عن سليمان، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصلي الصلاة لوقتها إلا بجمع وعرفات».

شرح الشيخ: (عن عبد الله) عبد الله بن مسعود، وعبد الرحمن بن يزيد من تلاميذه، وهذا محمول على صلاته في المشاعر في حجه، فكان يصلي الصلاة لوقتها، (إلا بجمع) جمع هي مزدلفة، وعرفات فإنه جمع، في عرفات جمع الظهر والعصر جمع تقديم حتى يتسع للوقوف الطويل من الظهر إلى المغرب، وفيه جمع مزدلفة جمع المغرب والعشاء جمع تأخير، وإلا فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في أسفاره في تبوك وسفره في حجه وفي سفره للحديبية والفتح وغيرها، وهذا لا يخفى على ابن مسعود، يعني يُحمل على قوله: (يصلي الصلاة لوقتها) يعني في الحج خاصة إلا (بجمع وعرفات)، لكنه جمع في سفره للحديبية وفي سفره للحج وفي سفرة تبوك.

قارئ المتن: باب رفع اليدين في الدعاء بعرفة

3011- أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، قال: حدثنا عبد الملك، عن عطاء، قال: قال أسامة بن زيد: «كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات، فرفع يديه يدعو، فمالت به ناقته، فسقط خطامها فتناول الخطام بإحدى يديه، وهو رافع يده الأخرى».

3012- أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا أبو معاوية، قال: حدثنا هشام، عن أبيه، عن عائشة، قالت: " كانت قريش تقف بالمزدلفة، ويسمون الحمس، وسائر العرب تقف بعرفة، فأمر الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقف بعرفة، ثم يدفع منها، فأنزل الله عزَّ وجلَّ: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199] ".

شرح الشيخ: كانوا يسمون الحمس؛ يعني أهل مكة لتحمسهم في دينهم وتشددهم في دينهم، وكانوا ما يقفون بعرفة، يقفون بمزدلفة، يقولون نحن أهل الحرم ما نجاوز الحرم، والحجاج يقفون بعرفة وهم يقفون بمزدلفة، فلما بعث الله نبيه أمره أن يقف بعرفة {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199].

 

 

قارئ المتن:

3013- أخبرنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: "أضللت بعيرا لي، فذهبت أطلبه بعرفة يوم عرفة، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم واقفا، فقلت: ما شأن هذا إنما هذا من الحمس".

شرح الشيخ: هذا قبل الهجرة، قبل الهجرة أضل بعيرًا وأهل مكة واقفون بالمزدلفة وذهب يبحث عن بعيره، ذهب لعرفة وجد النبي صلى الله عليه وسلم مع الناس في عرفة، قالوا (ما شأن هذا إنما هذا من الحمس)، لماذا يقف بعرفة؟ فكان النبي يقف بعرفة حتى قبل حجه، النبي قبل الهجرة يقف مع الناس وبعد البعثة.

قارئ المتن:

3014- أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن عمرو بن عبد الله بن صفوان، أن يزيد بن شيبان، قال: كنا وقوفًا بعرفة مكانا بعيدا من الموقف، فأتانا ابن مربع الأنصاري، فقال: إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم، يقول: «كونوا على مشاعركم، فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم عليه السلام».

شرح الشيخ: قد فتح الله أسماعهم لخطبة النبي صلى الله عليه وسلم على مشاعرهم.

قارئ المتن:

3015- أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، قال: حدثنا أبي، قال: أتينا جابر بن عبد الله، فسألناه عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «عرفة كلها موقف».

فرض الوقوف بعرفة

3016- أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن بكير بن عطاء، عن عبد الرحمن بن يعمر، قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه ناس، فسألوه عن الحج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحج عرفة، فمن أدرك ليلة عرفة قبل طلوع الفجر من ليلة جمع، فقد تم حجه».

3017- أخبرنا محمد بن حاتم، قال: حدثنا حبان، قال: أنبأنا عبد الله، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس، قال: «أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفات، وردفه أسامة بن زيد، فجالت به الناقة وهو رافع يديه لا تجاوزان رأسه، فما زال يسير على هينته حتى انتهى إلى جمع».

شرح الشيخ: (على هينته)؛ يعني على حاله، (ليلة جمع)؛ هي مزدلفة، من أسمائها تسمى مزدلفة وتسمى جمع، لها أسماء، (جمع) لاجتماع الناس في مزدلفة؛ لأنهم يزدلفون فيها.

قارئ المتن:

3018- أخبرنا إبراهيم بن يونس بن محمد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا حماد، عن قيس بن سعد، عن عطاء، عن ابن عباس، أن أسامة بن زيد، قال: أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة وأنا رديفه، فجعل يكبح راحلته حتى أن ذفراها ليكاد يصيب قادمة الرحل وهو يقول: «يا أيها الناس، عليكم بالسكينة والوقار، فإن البر ليس في إيضاع الإبل».

شرح الشيخ: يعني البر ليس في الإسراع، (عليك السكينة) لا تسرعوا، وكذلك الآن السيارات ينبغي أن يرفقوا بالناس، لكنه إذا وجد فجوة نص أرخى لها الزمام، وإذا وجد ازدحام شد الزمام، يقول (عليكم بالسكينة والوقار) يشير بيده (فإن البر ليس في إيضاع الإبل)؛ ما البر بالإسراع، المهم البر باتباع السنة.

قارئ المتن: الأمر بالسكينة في الإفاضة من عرفة

3019- أخبرنا محمد بن علي بن حرب، قال: حدثنا محرز بن الوضاح، عن إسماعيل يعني ابن أمية، عن أبي غطفان بن طريف، حدثه أنه سمع ابن عباس، يقول: لما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم شنق ناقته حتى أن رأسها ليمس واسطة رحله، وهو يقول للناس: «السكينة السكينة عشية عرفة».

3020- أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، عن أبي الزبير، عن أبي معبد، مولى ابن عباس، عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس، وكان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في عشية عرفة وغداة جمع للناس حين دفعوا: «عليكم السكينة» وهو كاف ناقته، حتى إذا دخل محسِّرًا، وهو من منى، قال: «عليكم بحصى الخذف الذي يرمى به»، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي، حتى رمى الجمرة.

3021- أخبرنا محمد بن منصور، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: «أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه السكينة، وأمرهم بالسكينة، وأوضع في وادي محسر، وأمرهم أن يرموا الجمرة بمثل حصى الخذف».

3022- أخبرني أبو داود، قال: حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي الزبير، عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم أفاض من عرفة، وجعل يقول: «السكينة عباد الله» يقول بيده هكذا، وأشار أيوب، بباطن كفه إلى السماء.

شرح الشيخ: حصى الخذف الذي يكون بين الأصبعين، هكذا مثل حبة الفول وبعرة الغنم.

 

 

قارئ المتن: كيف السير من عرفة

3023- أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا يحيى، عن هشام، عن أبيه، عن أسامة بن زيد، أنه سئل عن مسير النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، قال: «كان يسير العنق، فإذا وجد فجوة نص» والنص: فوق العنق.

شرح الشيخ: (والنص، والعنق) نوعان من المسير، النص أعلى؛ أي كان يسير العنق؛ يعني بهدوء، فإذا وجد فجوة نصَّ رفع السير أسرع.

قارئ المتن: النزول بعد الدفع من عرفة

3024- أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا حماد، عن إبراهيم بن عقبة، عن كريب، عن أسامة بن زيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم حيث أفاض من عرفة مال إلى الشعب، قال: فقلت له: أتصلي المغرب؟ قال: «المصلى أمامك».

3025- أخبرنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن إبراهيم بن عقبة، عن كريب، عن أسامة بن زيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل الشعب الذي ينزله الأمراء فبال، ثم توضأ وضوءًا خفيفًا، فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة؟ قال: «الصلاة أمامك» فلما أتينا المزدلفة لم يحل آخر الناس حتى صلى.

شرح الشيخ: يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى في الطريق بشاب نزل وبال وتوضأ وضوءًا خفيفًا، قال سنصلي هنا؟ قال: لا (المصلى أمامك) لأن في أمامه جمع، ثم واصل حتى وصل مزدلفة.

قارئ المتن: الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة

3026- أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي، عن حماد، عن يحيى، عن عدي بن ثابت، عن عبد الله بن يزيد، عن أبي أيوب «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء بجمع».

3027- أخبرنا القاسم بن زكريا، قال: حدثنا مصعب بن المقدام، عن داود، عن الأعمش، عن عمارة، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود «أن النبي صلى الله عليه وسلم، جمع بين المغرب والعشاء بجمع».

شرح الشيخ: (جمع) هي مزدلفة.

قارئ المتن:

3028- أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، عن ابن أبي ذئب، قال: حدثني الزهري، عن سالم، عن أبيه، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، جمع بين المغرب والعشاء بجمع بإقامة واحدة، لم يسبح بينهما، ولا على إثر كل واحدة منهما».

شرح الشيخ: إقامة واحدة، (لم يسبح بينهما)؛ يعني لم يصلِ بينهما (ولا على إثر كل واحدة)، وهذا كما سيأتي وهمًا من ابن عمر، من بعض الرواة ومن ابن عمر، والصواب: أنه جمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، أذان واحد وإقامة للمغرب وإقامة للعشاء كما سيأتي في حديث جابر.

وكما في الرواية الثانية عن ابن عمر، وفي رواية عن ابن عمر أنه إقامتين وفي حديث جابر، أما هنا فإقامة واحدة، وهذه وهم من بعض الرواة كما سيأتي.

وفيه: أن النبي ما صلى بين المغرب والعشاء ولم يصل بينهما شيئًا ولم يسبح بينهما، لكنه لما صلى المغرب أمر بأن يضع الرحل عن الإبل ثم صلى العشاء.

قارئ المتن:

3029- أخبرنا عيسى بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، أن عبيد الله بن عبد الله، أخبره أن أباه، قال: «جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء، ليس بينهما سجدة، صلى المغرب ثلاث ركعات، والعشاء ركعتين» وكان عبد الله بن عمر، يجمع كذلك حتى لحق بالله عز وجل.

شرح الشيخ: (ليس بينهما سجدة) أي ليس بينهما صلاة؛ نافلة.

قارئ المتن:

3030- أخبرنا عمرو بن منصور، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن سلمة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، قال: «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب والعشاء بجمع بإقامة واحدة».

3031- أخبرنا محمد بن حاتم، قال: أنبأنا حبان، قال: أنبأنا عبد الله، عن إبراهيم بن عقبة، أن كريبا، قال: سألت أسامة بن زيد، وكان ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة، فقلت: كيف فعلتم؟ قال: «أقبلنا نسير حتى بلغنا المزدلفة، فأناخ، فصلى المغرب، ثم بعث إلى القوم، فأناخوا في منازلهم، فلم يحلوا حتى صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة، ثم حل الناس فنزلوا، فلما أصبحنا انطلقت على رجلي في سباق قريش، وردفه الفضل».

شرح الشيخ: يعني في مسير من عرفة إلى مزدلفة أردف أسامة، ثم لما وصل إلى مزدلفة راح يمشي (في سباق قريش) يمشي على رجليه من مزدلفة إلى منى، (وردفه الفضل)؛ هو ابن العباس، ردِف فعل ماضي والهاء مفعوله، الضمير يعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه تواضع النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن البعض يأنفون أن يأكل له رديف، بعض الكبراء ما يقبلون رديف، لكن النبي صلى الله عليه وسلم متواضع عليه السلام، وهذا رديف من مزدلفة، كان معه رديف أسامة، ومن مزدلفة إلى منى رديفه الفضل بن العباس أخو عبد الله بن عباس.

 

 

قارئ المتن: تقديم النساء والصبيان إلى منازلهم بمزدلفة

3032- أخبرنا الحسين بن حريث، قال: أنبأنا سفيان، عن عبيد الله بن أبي يزيد، قال: سمعت ابن عباس، يقول: «أنا ممن قدم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة في ضعفة أهله».

3033- أخبرنا محمد بن منصور، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: «كنت فيمن قدم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة في ضعفة أهله».

3034- أخبرنا أبو داود، قال: حدثنا أبو عاصم، وعفان، وسليمان، عن شعبة، عن مشاش، عن عطاء، عن ابن عباس، عن الفضل «أن النبي صلى الله عليه وسلم، أمر ضعفة بني هاشم أن ينفروا من جمع بليل».

شرح الشيخ: جمع: هي مزدلفة، (أن ينفروا من جمع بليل) حتى يرموا قبل زحمة الناس، وفيه أنه رخص للنساء والصبيان والمرضى والعجزة أن يدفعوا من مزدلفة إلى منى بعد غيبوبة القمر، غيبة الساعة الثانية، ليلة العاشر من ذي الحجة بعد ثلثي الليل يعني إذا مضى ثلث الليل حتى يرموا قبل زحمة الناس.

وفيه دليل على قوله (رخص لهم): أن غيره لا يرخص لهم، وإلى هذا ذهب بعض العلماء إلى أنه لا يرخص إلا للنساء والأطفال وكبار السن ومن معهم يكون الحكم حكمهم لا بد يكون معهم من الأقوياء أحد.

وذهب الجمهور إلى أنه يجوز لكل أحد أن يدفع من مزدلفة إلى منى بعد نصف الليل؛ هذا قرره جمع من الفقهاء من الحنابلة والأحناف والشافعي وغيرهم، لكن ظاهر السنة إنما يُرخص للعاجز للضعفة، أما الأقوياء السنة بحقهم أن يصلوا الفجر بمزدلفة ثم يدفعوا قبل طلوع الشمس ويرموا بعد طلوع الشمس؛ هذا هو السنة.

طالب: في تنبيه على الترجمة: تقديم النساء والصبيان إلى منى من المزدلفة، قال الجامع عفا الله عنه: هكذا الترجمة في بعض نسخ المجتبى وهو الصواب وهو الذي في [الكبرى]، وأما ما وقع في معظم نسخ المجتبى تقديم النساء والصبيان إلى منازلهم بالمزدلفة فغير صحيح، فتنبه.

الشيخ: صح، من منى لمزدلفة الآن هم في المزدلفة كيف يقدمون، إلى منى من المزدلفة لمنازلهم، هم في المزدلفة يكف يقدمونهم فيها.

قارئ المتن:

3035 - أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا ابن جريج، قال: حدثنا عطاء، عن سالم بن شوال، أن أم حبيبة، أخبرته «أن النبي صلى الله عليه وسلم، أمرها أن تغلس من جمع إلى منى».

3036 - أخبرنا عبد الجبار بن العلاء، عن سفيان، عن عمرو، عن سالم بن شوال، عن أم حبيبة، قالت: «كنا نغلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من المزدلفة إلى منى».

شرح الشيخ: (نغلس): يعني نذهب بغلس، والغلس الظلمة، ظلمة الليل يعني في آخر الليل، (أمرها أن تغلس من جمع) من المزدلفة (إلى منى)، وكذلك ثبت أن سودة أيضًا كذلك، فالنبي رخص للضعفاء يغلسون، يعني يذهبون في الغلس في آخر الليل قبل حطمة الناس، الناس الأقوياء ما يأتون إلا بعد الشمس، وهم في آخر الليل يرمون قبل الزحمة.

قارئ المتن: الرخصة للنساء في الإفاضة من جمع قبل الصبح

3037 - أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أنبأنا منصور، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم، عن عائشة، قالت: «إنما أذن النبي صلى الله عليه وسلم لسودة في الإفاضة قبل الصبح من جمع؛ لأنها كانت امرأة ثبطة».

شرح الشيخ: يعني ثقيلة بطيئة، وروي (بطينة) أي لها بطن، كذلك ثبت أن سودة استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تنفر من جمع بليل فترمي العقبة الصغرى فأذن لها كما ذكر، وقوله (الرخصة لنساء في الإفاضة) دليل على أن غيرهم ما يرخص له، الرخصة إنما تكون من شيء واجب، إلا على الأقوياء لا يُرخص لهم، الرخصة للناس في الإفاضة من جمع، فالأقوياء لا يرخص لهم، وهذا الذي قرره ابن القيم رحمه الله في [زاد المعاد].

أما الفقهاء فكثير منهم يرون أنه لا بأس أن الناس كلهم لهم أن ينفروا، يقول الأفضل أن يبقى الأقوياء في مزدلفة.

الدليل على ماذا؟

الطالب: (1:57:40)

الشيخ: البيتوتة تحققت من نصف الليل خلاص، لكن السنة أحق أن تُتبع، وكونه ظاهر بعد اختيار شيخنا سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله يرى أنه لا بأس في الدفع.

الطالب: اختيار من أحسن الله إليك؟

الشيخ: سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، ولكن الأظهر والله أعلم ما أقره ابن القيم وما دل على الحديث مقدم، يعني الضعفاء ما في داعي الأقوياء أنهم يتعجلوا ما دام أعطاهم الله قوة ونشاط الحمد لله يفعل السنة: يصل الفجر في المزدلفة ويدعو الله ويذكر الله ثم يدفع.

قارئ المتن: الوقت الذي يصلي فيه الصبح بالمزدلفة

3038 - أخبرنا محمد بن العلاء، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمارة، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله، قال: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة قط إلا لميقاتها إلا صلاة المغرب والعشاء، صلاهما بجمع، وصلاة الفجر يومئذ قبل ميقاتها».

شرح الشيخ: (عبد الرحمن بن يزيد)؛ هو من أصحاب عبد الله بن مسعود، (عن عبد الله) يعني عن عبد الله بن مسعود، يعني (عبد الرحمن بن يزيد) من أصحابه، يقول: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صلى ثلاث قبل الميقات إلا في موضعين: المغرب صلاها في مزدلفة في غير وقتها جمعها مع العشاء، والفجر يعني قبل الميقات المعتاد، يعني بادر مبادرة شديدة، يعني أول ما شقَّ الفجر صلى حتى يتسع وقت الوقوف، وكان في غير هذا الموضع يتأخر بعض الشيء بعد الأذان ثم يأتيه بلال ويصلي ركعتين، ثم يأتيه ويؤذن بالصلاة.

لكن في مزدلفة بادر مبادرة شديدة من حين انشق الفجر صلى حتى يتسع وقت الوقوف بمزدلفة، ينتهي بالإسفار قبل طلوع الشمس.

وقوله: ما أريته إلا في هذا الموضع؛ لأن ابن مسعود نسي، وإلا فقد ثبت أنه كان يجمع الظهر والعصر والمغرب والعشاء في أسفاره كما في سفره في غزوة، وفي سفره في حجة الوداع وفي غزوة تبوك، وفي غيرها من الأسفار.

قارئ المتن: فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة

3039- أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن إسماعيل، وداود، وزكريا، عن الشعبي، عن عروة بن مضرس، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا بالمزدلفة، فقال: «من صلى معنا صلاتنا هذه ها هنا، ثم أقام معنا وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا، فقد تم حجه».

3040- أخبرنا محمد بن قدامة، قال: حدثني جرير، عن مطرف، عن الشعبي، عن عروة بن مضرس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك جمعا مع الإمام والناس حتى يفيض منها، فقد أدرك الحج، ومن لم يدرك مع الناس والإمام، فلم يدرك»

3041- أخبرنا علي بن الحسين، قال: حدثنا أمية، عن شعبة، عن سيار.

شرح الشيخ: سيار أم يسار؟

طالب: (عن سيار) سيار بن أبي سيار وهو ابن أبي سيار أبو الحكم العنزي.

قارئ المتن:

3041- أخبرنا علي بن الحسين، قال: حدثنا أمية، عن شعبة، عن سيار، عن الشعبي، عن عروة بن مَضَرِّس، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بجمع، فقلت: يا رسول الله، إني أقبلت من جبلي طيئ لم أدع حبلاً إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى هذه الصلاة معنا، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهارًا، فقد تم حجه، وقضى تفثه».

3042- أخبرنا إسماعيل بن مسعود، قال: حدثنا خالد، عن شعبة، عن عبد الله بن أبي السفر، قال: سمعت الشعبي، يقول: حدثني عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لأم، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بجمع، فقلت: هل لي من حج؟ فقال: «من صلى هذه الصلاة معنا، ووقف هذا الموقف حتى يفيض، وأفاض قبل ذلك من عرفات ليلًا أو نهارًا، فقد تم حجه، وقضى تفثه».

3043- أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، عن إسماعيل، قال: أخبرني عامر، قال: أخبرني عروة بن مضرس الطائي، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: أتيتك من جبلي طيء، أكللت مطيتي، وأتعبت نفسي، ما بقي من حبل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال: «من صلى صلاة الغداة ها هنا معنا، وقد أتى عرفة قبل ذلك، فقد قضى تفثه، وتم حجه».

شرح الشيخ: «من صلى صلاة الغداة» هي الفجر.

قارئ المتن:

3044- أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثني بكير بن عطاء، قال: سمعت عبد الرحمن بن يعمر الديلي، قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة وأتاه ناس من نجد، فأمروا رجلًا، فسأله عن الحج، فقال: «الحج عرفة، من جاء ليلة جمع قبل صلاة الصبح فقد أدرك حجه، أيام منى ثلاثة أيام، من تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه»، ثم أردف رجلًا فجعل ينادي بها في الناس.

3045- أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي، قال: أتينا جابر بن عبد الله، فحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المزدلفة كلها موقف».

شرح الشيخ: هكذا الحديث هنا قال الترجمة (فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة)، هل يدرك الحج أو لا يدرك الحج؟ وقف بعرفة لكن ما أدرك الفجر في مزدلفة، إذا وقف بعرفة في حديث عروة هنا أنه قال: تعبت يا رسول الله ما تركت من جبل ولا حبلاً إلا وقفت عليه، هل لي من حج؟ فقال: من شهد صلاتنا هذه هنا في المزدلفة صلاة الفجر، وكان قد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهارًا فقد تم حجه، فاستفدنا أن الحج أنه يدرك الفجر بمزدلفة ويقف بعرفة ليلًا أو نهارًا، ليلة العيد متى ينتهي الليل؟ بطلوع الفجر، أليس كذلك؟ إذا وقف بعرفة في آخر لحظة من ليلة عيد النحر، فإنه لا يدرك الفجر في مزدلفة أليس كذلك؟ أدرك عرفة، الليل ما ينتهي إلا بطلوع الفجر، أدرك عرفة آخر الليل، قبل أذان الفجر بخمس دقائق، هل يدرك مزدلفة؟ لا يمكن، وهذا الحديث يدل على أن حجه صحيح لقوله (ليلاً).

والليل يستمر إلى طلوع الفجر ويكون ترك المبيت بمزدلفة وهو واجب من واجبات الحج عند الجمهور، فيتحمل أن يكون عليه دم بترك الواجب، ويحتمل أن يقال ليس عليه شيء؛ لأنه معذور؛ يعني إذا وقف بعرفة آخر الليل ما يستطيع أن يصل إلى مزدلفة، والوقوف بمزدلفة واجب في تركه دم، عليه دم، ويحتمل أن يقال ليس عليه شيء؛ لأنه معذور.

وأما على ما ذهب عليه ابن القيم رحمه الله من أن المبيت في المزدلفة ركنٌ في الحج، قال: وهو قول اثنين من العلماء أن المبيت بمزدلفة ركن عند ابن القيم، فظاهر الحديث يشهد له لقوله: (من أدرك جمعًا مع الإمام)، وفي الحديث الآخر: (من صلى هذه الصلاة معنا)، فإنه اشترط لصحة الحج أمرين:

  1. الوقوف بعرفة
  2. وصلاة الصبح بمزدلفة.

وعليه فلا يصح حجه إذا لم يدرك الصبح بمزدلفة، والله أعلم وأعلى.

وعلى قول ابن القيم أنه يكون حجةٌ له، إذا ما أدرك الصبح فاته ركن من أركان الحج، وأما على قول الجمهور فإنه أدرك، والمبيت بمزدلفة قصده أنه واجب، فيسقط عنه؛ لأنه معذور أو يجبره بدم، الأمر في هذا سهل.

الطالب: هو يدرك الفجر دون المبيت بمزدلفة.

الشيخ: انتبه للحديث، الحديث قال: (من صلى معنا صلاتنا هذه هاهنا) أين؟ بمزدلفة أم في عرفة؟ مزدلفة.

قارئ المتن: باب التلبية بالمزدلفة

3046- أخبرنا هناد بن السري، في حديثه عن أبي الأحوص، عن حصين، عن كثير وهو ابن مدرك، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: قال ابن مسعود، ونحن بجمع: سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يقول في هذا المكان: «لبيك اللهم لبيك».

شرح الشيخ: لا زال يلبي حتى يرمي جمرة العقبة.

قارئ المتن: باب وقت الإفاضة من جمع

3047- أخبرنا إسماعيل بن مسعود، قال: حدثنا خالد، قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحق، عن عمرو بن ميمون، قال: سمعته يقول: شهدت عمر، بجمع، فقال: إن أهل الجاهلية كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس، ويقولون: أشرق ثبير «وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خالفهم، ثم أفاض قبل أن تطلع الشمس».

شرح الشيخ: وفي رواية أنه قال: "خالف هدينا هدي المشركين"، فكان المشركون لا يفيضون من مزدلفة حتى تشرق الشمس على الجبال، تشرق على جبل ثبير، ويقولون: أشرق ثبير كما نريد، فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم ودفع قبل طلوع الشمس، وفي عرفة أيضًا خالفهم، فكان أهل الجاهلية في عرفة يدفعون من عرفة قبل غروب الشمس إذا كانت الشمس على رؤوس الجبال كعمائم الرجال دفعوا، فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يدفع من عرفة حتى غربت الشمس وغاب قرص الشمس واستحكم غروبها ثم دفع، قال: خالف هدينا هدي المشركين عليه الصلاة والسلام.

قارئ المتن: باب الرخصة للضعفة أن يصلوا يوم النحر الصبح بمنى

3048- أخبرني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن أشهب، أن داود بن عبد الرحمن، حدثهم أن عمرو بن دينار، حدثه، أن عطاء بن أبي رباح حدثهم أنه سمع ابن عباس، يقول: «أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم في ضعفة أهله، فصلينا الصبح بمنى، ورمينا الجمرة».

3049- أخبرنا محمد بن آدم بن سليمان، قال: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن عبيد الله، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن أم المؤمنين عائشة، قالت: «وددت أني استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنته سودة، فصليت الفجر بمنى قبل أن يأتي الناس، وكانت سودة امرأة ثقيلة ثبطة، فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذن لها، فصلت الفجر بمنى، ورمت قبل أن يأتي الناس».

3050- أخبرنا محمد بن سلمة، قال: أنبأنا ابن القاسم، قال: حدثني مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عطاء بن أبي رباح، أن مولى لأسماء بنت أبي بكر، أخبره قال: جئت مع أسماء بنت أبي بكر، منى بغلس، فقلت لها: لقد جئنا منى بغلس، فقالت: «قد كنا نصنع هذا مع من هو خير منك».

شرح الشيخ: (بغلس): ظلمة آخر الليل، (مع من هو خير منك): يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني في آخر الليل، يدفع في آخر الليل إذا غاب القمر.

قارئ المتن:

3051- أخبرنا محمد بن سلمة، قال: حدثنا عبد الرحمن بن القاسم، قال: حدثني مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: سئل أسامة بن زيد، وأنا جالس معه، كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسَّيِّر في حجة الوداع حين دفع؟ قال: «كان يسير ناقته، فإذا وجد فجوة نص».

شرح الشيخ: (فجوة): متسع، (نص) يعني رفع السير.

قارئ المتن:

3052- أخبرنا عبيد الله بن سعيد، قال: حدثنا يحيى، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، عن أبي معبد، عن عبد الله بن عباس، عن الفضل بن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس حين دفعوا عشية عرفة وغداة جمع: «عليكم بالسكينة» وهو كاف ناقته، حتى إذا دخل منى فهبط، حين هبط محسرًا، قال: «عليكم بحصى الخذف الذي يرمى به الجمرة» وقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يشير بيده كما يخذف الإنسان.

شرح الشيخ: كما يخذف هكذا بأصبعه.

قارئ المتن: باب الإيضاع في وادي محسر

3053- أخبرنا إبراهيم بن محمد، قال: حدثنا يحيى، عن سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر «أن النبي صلى الله عليه وسلم أوضع في وادي محسر».

شرح الشيخ: (أوضع)؛ يعني أسرع ذارًا للحجر.

قارئ المتن:

3054- أخبرني إبراهيم بن هارون، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: دخلنا على جابر بن عبد الله، فقلت: أخبرني عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، دفع من المزدلفة قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن العباس حتى أتى محسرا حرك قليلًا، ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرجك على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرمى بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها - حصى الخذف - رمى من بطن الوادي».

شرح الشيخ: وهي جمرة العقبة، (حتى أتى الجمرة) هي الجمرة الكبرى.

قارئ المتن: باب التلبية في السير

3055- أخبرنا حميد بن مسعدة، عن سفيان وهو ابن حبيب، عن عبد الملك بن جريج، وعبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن ابن عباس، وعن الفضل بن عباس، أنه «كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يزل يلبي حتى رمى الجمرة».

3056- أخبرنا محمد بن بشار، عن عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لبى حتى رمى الجمرة».

شرح الشيخ: لأنه شُرع في التحلل وقطع التلبية لما رمى ...

قارئ المتن: باب التقاط الحصى

3057- أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، قال: حدثنا ابن علية، قال: حدثنا عوف، قال: حدثنا زياد بن حصين، عن أبي العالية، قال: قال ابن عباس: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو على راحلته: «هات، القط لي» فلقطت له حصيات هن حصى الخذف، فلما وضعتهن في يده، قال: «بأمثال هؤلاء، وإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين».

شرح الشيخ: (هن حصى الخذف)؛ يعني مقدار ما يخذف الإسلام، قوله: (غداة العقبة)؛ فيه: أن الإنسان أمر بالتقاط الحصى من منى، قال (غداة العقبة)؛ أي صبح، متى يكون؟ الصبح كان في منى، ففيه أن الإسلام أمر بالتقاط الحصى من العقبة.

أما التقاط الحصى من مزدلفة فهذا مروي عن ابن عمر، ولكن من أي مكان من الحرم التقط الحصى جاز، لكن الأفضل الالتقاط من منى كما ورد حديث ابن عباس بذلك، وقوله: (إياكم والغلو في الدين) في الحديث التحذير من الغلو في الدين، وسبب الحديث النهي عن الغلو في الرمي بالحجارة الكبار، فالذي يرمي الحجارة الكبار بناء على أنه أبلغ من الحجارة الصغار؛ هذا من الغلو، والحديث عام في كل غلو في الدين.

والرمي كذلك مثل الرمي بالنعال وما أشبهها، يشمل أيضًا الغلو في محبة الصالحين بعبادتهم أو التوسل بذواتهم، وما من عبادة إلا والشيطان له فيها غلو وجفاء وإفراط وتفريط وزيادة وتقصير، فالذين يرمون بالحجارة الكبار أو النعال يريدون بزعمهم قتل الشيطان، والشيطان لا يموت بذلك لأنه مُمهَل قال: {قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الأعراف: 14]، وإنما شُرع الرمل الحجارة الصغيرة لإذلال الشيطان لا لقتله.

تجد بعض الناس يأتي منفعل يشتم ويلطم ويرمي بالحجارة وبالنعال، خطأ هذا يجب أن نتأدب هذه اعتبار ومشاعر لإقامة ذكر الله، المراد إذلال الشيطان ليس قتل الشيطان.

قارئ المتن: باب من أين يلتقط الحصى

3058 - أخبرنا عبيد الله بن سعيد، قال: حدثنا يحيى، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، عن أبي معبد، عن عبد الله بن عباس، عن الفضل بن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس حين دفعوا عشية عرفة وغداة جمع: «عليكم بالسكينة» وهو كاف ناقته، حتى إذا دخل منى فهبط، حين هبط محسرًا قال: «عليكم بحصى الخذف الذي ترمى به الجمرة» قال: والنبي صلى الله عليه وسلم يشير بيده كما يخذف الإنسان.

شرح الشيخ: كما يخذف الإنسان بين أصبعه هكذا.

قارئ المتن: قدر حصى الرمي

3059- أخبرنا عبيد الله بن سعيد، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا عوف، قال: حدثنا زياد بن حصين، عن أبي العالية، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو واقف على راحلته: «هات، القط لي» فلقطت له حصيات هن حصى الخذف، فوضعتهن في يده، وجعل يقول بهن في يده ووصف يحيى تحريكهن في يده بأمثال هؤلاء.

شرح الشيخ: فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم التقط له الحصى غداة العقبة من منى.

قارئ المتن: الركوب إلى الجمار واستظلال المحرم

شرح الشيخ: النسائي أحسن في كثرة التراجم؛ لأنها كالشرح للأحاديث، فهو كالبخاري في ذلك.

 

 

قارئ المتن: الركوب إلى الجمار واستظلال المحرم

3060- أخبرني عمرو بن هشام، قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة، عن يحيى بن الحصين، عن جدته أم حصين، قالت: «حججت في حجة النبي صلى الله عليه وسلم، فرأيت بلالًا يقود بخطام راحلته، وأسامة بن زيد رافع عليه ثوبه يظله من الحر وهو محرم حتى رمى جمرة العقبة، ثم خطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر قولاً كثيرًا».

شرح الشيخ: قوله: (أسامة بن زيد رافعٌ عليه ثوبه يظله من الحر)، في الحديث جواز استظلال للمحرم بالثوب يُرفع عليه، فيه جواز استظلال المحرم بالثوب أو بالشمسية أو بالشجرة أو الخيمة أو سقف السيارة أو سقف البيت، وإنما الممنوع ستر الرأس بلاصق، فإن حمل متاعه على رأسه ولم يكن يقصد ستر الرأس فلا حرج، حتى لو حمل أي شيء لا بقصد ستر الرأس لا بأس، لكن تركه أولى؛ وهذا هو الصواب، وأما مذهب الحنابلة فلا يجوز الاستظلال بشيء يتحرك بحركة الإنسان، يقولون ما يجوز أن يستظل المحرم بالثوب؛ لأنه يتحرك معه أو بالشمسية أو بسقف السيارة يتحرك، لكن يستظل عند الحنابلة بالخيمة؛ لأنها ثابتة وبالشجرة وبسقف البيت، أما سقف السيارة لا لأنها تتحرك؛ وهو مذهب الرافضة؛ ولذلك تجد الرافضة يحجون في سيارات مكشوفة؛ لأن مذهبهم أنه ما يستظل، وهو مذهب الحنابلة، لكن الصواب خلاف هذا.

 الرواية الثانية: أنه لا بأس بالاستظلال بالخيمة، بالشمسية وبالثوب، المهم ألا يكون شيئًا ملاصقًا للرأس، أما البعيد فلا بأس، والنبي صلى الله عليه وسلم رُفع إليه ثوب يظله من الحر.

قارئ المتن:

3061- أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا وكيع، قال: حدثنا أيمن بن نابل، عن قدامة بن عبد الله، قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يرمي جمرة العقبة يوم النحر على ناقة له صهباء، لا ضرب، ولا طرد، ولا إليك إليك».

شرح الشيخ: يعني لا يُطرد عني أحد، لا يضرب أحد، ولا يطرد وقال إليك إليك؛ ابتعد عني، لا تشويش ولا ضرب ولا إبعاد أحد، هدوء، (عليكم السكينة) عليه الصلاة والسلام.

قارئ المتن:

3062- أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: أنبأنا ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يرمي الجمرة وهو على بعيره، وهو يقول: «يا أيها الناس، خذوا مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد عامي هذا»

وقت رمي جمرة العقبة يوم النحر

3063- أخبرنا محمد بن يحيى بن أيوب بن إبراهيم الثقفي المروزي، قال: أنبأنا عبد الله بن إدريس، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: «رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر، ضحى ورمى بعد يوم النحر إذا زالت الشمس».

شرح الشيخ: أيام التشريق الثلاثة، هذا هو الأفضل أنه يرميها، وإن رماها مساءً أجزأه، كما في الحديث «رميت بعدما أمسيت؟ قال: لا حرج»، وكذا لو رماها ليلاً أجزأ وتصح، وقال العلماء وهو فتوى هيئة كبار بالأغلبية أنه يجوز الرمي ليلاً، وأما مذهب الحنابلة فلا يجوز الرمي ليلاً، الرمي من زوال إلى غروب الشمس، وكذلك يوم العيد من طلوع الشمس إلى غروبها.

قارئ المتن: النهي عن رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس

3064- أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، قال: حدثنا سفيان، عن سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن الحسن العرني، عن ابن عباس، قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أغيلمة بني عبد المطلب على حمرات يلطح أفخاذنا، ويقول: «أبيني، لا ترموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس».

شرح الشيخ: (يلطحه) الضرب الخفيف، (أبيني) جمع ابن يا بني، وفي رواية: (يا بني).

قارئ المتن:

3065- أخبرنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا بشر بن السري، قال: حدثنا سفيان، عن حبيب، عن عطاء، عن ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم أهله، وأمرهم أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس».

شرح الشيخ: الحديث الأول ضعيف؛ لأنه منقطع فإن الحسن العرني لم يسمع من ابن عباس، ثم إن في متنه نكارة وهو أن الغلمان والصبيان من الضعفاء الذين رُخص لهم في الدفع لمزدلفة ليلاً والرمي قبل خطوة الناس، فإذا أخروا الرمي إلى بعد طلوع الشمس تصادموا مع الأقوياء الذين يقدمون من منى مبكرين من بعد طلوع الشمس.

والحديث الثاني حديث ابن عباس فيه حبيب بن أبي ثابت مدلس وقد عنعن، وأخرج الترمذي من حديث ابن مسعود عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أنه قدم ضعفة أهله، وقال لا ترموا حتى تطلع الشمس، وصحح هذه الطرق، يقوي بعضها بعضًا كما قال الحافظ في الفتح، فيصح الحديث، ولكن لو صح الحديث يكون محمولاً على الاستحباب، اختيار شيخنا ابن باز، نقول إن الحديث لا يصح، لكن لو صح يُحمل على الاستحباب، يعني الأفضل ألا يرمي إلا بعد طلوع الشمس لكن يجوز؛ لأن ما قُدموا إلا للرمي، لماذا قدموا وحديث سودة في الإذن لها أن ترمي قبل الفجر محمول على الجواز، وكذا أم سلمة.

أما رواية مسعود فقال بعضهم أنه إذا ورى عنه وكيع فإن روايته مقبولة، وإن كان مسعود اختلط في آخره، ماذا قال على حديث أبي هريرة والحديث الثاني حديث حبيب عن عطاء؟

طالب: الحديث الأول قال: حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما هذا صحيح.

الشيخ: الحسن العرني؟

طالب: نعم، فإن قلت قد تقدم أن الحسن العرني لم يسمع من ابن عباس رضي الله تعالى عنهما كما سبق في ترجمته، فكيف يصح مع هذا الانقطاع؟ قلت: إنما صح بمجموع طرقه المتعددة، فقد رواه البخاري في التاريخ الصغير وأحمد والترمذي والطحاوي من طريق مقسَم عن ابن عباس بمعناه، وزيادة ونقص وصححه الترمذي وغيره، وقال الحافظ في [الفتح] بعد ذكر حديث الباب: هو حديث حسن أحرجه أبو داود والنسائي والطحاوي وابن حبان من طريق الحسن العرني عن ابن عباس، وأخرجه الترمذي والطحاوي من طريق الحكم عن مقسم عنه، وأخرجه أبو داود من طريق حبيب عن عطاء.

الشيخ: حبيب أيضًا كذلك فيه كلام.

الطالب: وهذه الطرق يقوي بعضها بعضًا، ومن ثم صححه الترمذي وابن حبان. ا.ه.

الشيخ: لو قلنا: صح يحمل على الاستحباب جمعًا بينها وبينه، يُحمل على الاستحباب أنه الأفضل ألا يرمي إلا بعد الشمس، لكن يجوز، والحكمة من تقديمهم ما هو؟ واضح يرمون قبل زحمة الناس، والصحيح: أنه على الاستحباب.

والحديث ضعيف في نفسه، لكن يقول يصح بالشواهد والطرق الأخرى، لكن هو نفسه في ذاته ضعيف منقطع.

قارئ المتن: الرخصة في ذلك للنساء

3066- أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، عن عطاء بن أبي رباح، قال: حدثتني عائشة بنت طلحة، عن خالتها عائشة، أم المؤمنين «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر إحدى نسائه أن تنفر من جمع ليلة جمع، فتأتي جمرة العقبة فترميها، وتصبح في منزلها» وكان عطاء، يفعله حتى مات.

شرح الشيخ: هذه فيها الرخصة للنساء، النساء من الضعفاء، النساء والأطفال والشيوخ والكبار والمرضى كلهم يرخص لهم.

قارئ المتن: الرمي بعد المساء

3067- أخبرنا محمد بن عبد الله بن بزيع، قال: حدثنا يزيد وهو ابن زريع، قال: حدثنا خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل أيام منى، فيقول: «لا حرج» فسأله رجل، فقال: حلقت قبل أن أذبح؟ قال: «لا حرج»، فقال رجل: رميت بعد ما أمسيت؟ قال: «لا حرج».

 

 

شرح الشيخ: فيه جواز رمي جمرة العقبة يوم العيد في المساء بعد الظهر، ويجوز الرمي بالليل.

قارئ المتن: رمي الرعاة

3068- أخبرنا الحسين بن حريث، ومحمد بن المثنى، عن سفيان، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن أبي البداح بن عدي، عن أبيه، «أن النبي صلى الله عليه وسلم، رخص للرعاة أن يرموا يومًا ويدعوا يوما».

3069- أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا مالك، قال: حدثنا عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن أبي البداح بن عاصم بن عدي، عن أبيه، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رخص للرعاة في البيتوتة يرمون يوم النحر، واليومين اللذين بعده يجمعونهما في أحدهما».

شرح الشيخ: فيه الرخصة للرعاة الذين يرعون الإبل والسقاة في ترك المبيت بمنى وفي جمع، والرمي في أحد اليومين، يعني يُرخص لهم في عدم البيتوتة، ما يبيتون يعني إما يجمعوا يوم الحادي عشر والثاني عشر، إما يقدموه أو يؤخروه، يقدمون رمي الثاني عشر أو يؤخرون الرمي يوم الحادي عشر مع الثاني عشر، يعني إذا رمى جمرة العقبة يذهبون للبر يرعون، ويأتون في اليوم الثاني عشر فيرمون اليومين، أو يقدمون رمي اليوم الثاني عشر.

والبيتوتة تسقط عنهم في هذا، لماذا؟ للحاجة، لأنهم يرعون الإبل وهي المطية، وإذا كان يرخص للرعاة، فالمريض في المستشفى كذلك من باب أولى، المريض الذي يُنقل للمستشفى أولى أن يُراعى، إذا كان تُراعى الإبل فمراعاة المريض وكذا الطبيب الذي يحتاج الناس إليه وما أشبه ذلك يُرخص له في ترك البيتوتة في منى ومزدلفة عند حاجة المريض، وكذلك المريض ومرافق المريض كذلك، وكذلك يجمعون يومين في يوم واحد، يرمون الجمار في اليوم الثاني عشر.

قارئ المتن: المكان الذي ترمى منه جمرة العقبة

3070-أخبرنا هناد بن السري، عن أبي محياة، عن سلمة بن كهيل، عن عبد الرحمن؛ يعني ابن يزيد، قال: قيل لعبد الله بن مسعود.

الشيخ: عندك زيد؟

الطالب: نعم، يعني ابن زيد.

الشيخ: هل تكلم عليه؟

الطالب: عبد الرحمن بن يزيد بن قيس الثقفي.

الشيخ: ابن يزيد نعم.

قال: قيل لعبد الله بن مسعود: إن ناسا يرمون الجمرة من فوق العقبة، قال: «فرمى عبد الله من بطن الوادي» ثم قال: «من ها هنا، والذي لا إله غيره رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة».

شرح الشيخ: (بطن الوادي) رمى ناس من فوق لأنه كانت متكئًا على جبل، قبل النزول الأول، هم يرمون فوق، فإذا وقعت الحصى في المروة فلا بأس، لكن الآن أزيل الجبل، فيرمي من بطن الوادي، هنا إذا جاء مكة عن يساره ومنى عن يمينه، أما من فوق فمن فوق الجبل يرميها، بعضهم قال لا بأس، لكن هذا خلاف السنة إذا وقع الحصى عليها فمن أي جهة رماها.

قارئ المتن:

3071- أخبرنا الحسن بن محمد الزعفراني، ومالك بن الخليل، قالا: حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن الحكم، ومنصور، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: «رمى عبد الله، الجمرة بسبع حصيات، جعل البيت عن يساره، وعرفة عن يمينه» وقال: «ها هنا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة» قال أبو عبد الرحمن: «ما أعلم أحدًا قال في هذا الحديث منصور غير ابن أبي عدي، والله تعالى أعلم».

شرح الشيخ: هذا الأفضل أن ترمى من بطن الوادي كما رواه ابن مسعود، قال: النبي صلى الله عليه وسلم رمى من هنا لكن لو رماها من أي مكان، أو من أي جهة ووقعت في المرمى أجزأه.

قارئ المتن:

3072- أخبرنا مجاهد بن موسى، عن هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الرحمن بن يزيد، قال: «رأيت ابن مسعود، رمى جمرة العقبة من بطن الوادي»، ثم قال: «ها هنا، والذي لا إله غيره مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة».

3073- أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: أنبأنا ابن أبي زائدة، قال: حدثنا الأعمش - سمعت الحجاج يقول: لا تقولوا: سورة البقرة، قولوا: السورة التي يذكر فيها البقرة - فذكرت ذلك لإبراهيم، فقال: أخبرني عبد الرحمن بن يزيد، أنه " كان مع عبد الله، حين رمى جمرة العقبة، فاستبطن الوادي، واستعرضها - يعني الجمرة - فرماها بسبع حصيات، وكبر مع كل حصاة، فقلت: إن أناسا يصعدون الجبل، فقال: «ها هنا، والذي لا إله غيره رأيت الذي أنزلت عليه سورة البقرة رمى».

شرح الشيخ: هذا الحجاج يقول (لا تقولوا: سورة البقرة، قولوا: السورة التي يذكر فيها البقرة)؛ فهذا تورُّع من الحجاج عن قول سورة البقرة لا وجه له، فقد ثبت عن ابن مسعود أن النبي قال، كما ثبت عنه أنه قال: هذا (مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة)، وثبت في الحديث الآخر أن النبي قال: «يؤتى بالقرآن تقدمه سورة البقرة وآل عمران...» الحديث، والحجاج ليس أهلًا لأن يؤخذ بقوله وهو الغشوم الظلوم.

الحجاج تورع عن قول سورة البقرة، لكن ما تورع عن إراقة الدماء.

 

 

قارئ المتن:

3074- أخبرني محمد بن آدم، عن عبد الرحيم، عن عبيد الله بن عمر - وذكر آخر -، عن أبي الزبير، عن جابر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رمى الجمرة بمثل حصى الخذف»

شرح الشيخ: هذا هو السنة، في حجم الحصاة التي يُرمى بها، مثل حصى الخذف الذي يُرمى به بين أصبعين، مثل بعرة الغنم، مثل حبة الفول.

قارئ المتن:

3075- أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يرمي الجمار بمثل حصى الخذف».

عدد الحصى التي يرمي بها الجمار

3076- أخبرني إبراهيم بن هارون، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن علي بن حسين، عن أبيه، قال: دخلنا على جابر بن عبد الله، فقلت: أخبرني عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رمى الجمرة التي عند الشجرة بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة منها، حصى الخذف، رمى من بطن الوادي، ثم انصرف إلى المنحر فنحر».

شرح الشيخ: (التي عند الشجرة بسبع حصيات) وهي جمرة العقبة،

قارئ المتن:

3077- أخبرني يحيى بن موسى البلخي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، قال: قال مجاهد: قال سعد: "رجعنا في الحجة مع النبي صلى الله عليه وسلم وبعضنا يقول: رميت بسبع حصيات، وبعضنا يقول: رميت بست، فلم يعب بعضهم على بعض".

3078- أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا خالد، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، قال: سمعت أبا مجلز، يقول: سألت ابن عباس، عن شيء من أمر الجمار؟ فقال: «ما أدري رماها رسول الله صلى الله عليه وسلم بست، أو بسبع».

شرح الشيخ: فيها أن كل جمرة تُرمى بسبع حصيات، وفيه أنه إذا سقط حصاة رماها بسبت حصيات كما فعل الصحابة كما يروي بعضهم عن بعض، فلا حرج، فقد أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، يُعفى عنه.

 

 

قارئ المتن: التكبير مع كل حصاة

3079- أخبرني هارون بن إسحق الهمداني الكوفي، قال: حدثنا حفص، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن ابن عباس، عن أخيه الفضل بن عباس، قال: «كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة، فرماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة».

شرح الشيخ: فيه مشروعية قطع التلبية عند البدء برمي جمرة العقبة، وفيه مشروعية التكبير مع كل حصاة: (الله أكبر، الله أكبر).

قارئ المتن: باب قطع المحرم التلبية إذا رمى جمرة العقبة

3080- أخبرنا هناد بن السري، عن أبي الأحوص، عن خصيف، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: قال الفضل بن عباس: «كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم فما زلت أسمعه يلبي حتى رمى جمرة العقبة، فلما رمى قطع التلبية».

3081- أخبرنا هلال بن العلاء بن هلال، قال: حدثنا حسين، قال: حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا خصيف، عن مجاهد، وعامر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن الفضل، أخبره أنه «كان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة».

3082- أخبرنا أبو عاصم خشيش بن أصرم، عن علي بن معبد، قال: حدثنا موسى بن أعين، عن عبد الكريم الجزري، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن الفضل بن العباس، أنه «كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة».

الدعاء بعد رمي الجمار

3083- أخبرنا العباس بن عبد العظيم العنبري، قال: حدثنا عثمان بن عمر، قال: أنبأنا يونس، عن الزهري، قال: بلغنا «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رمى الجمرة التي تلي المنحر - منحر منى - رماها بسبع حصيات يكبر كلما رمى بحصاة، ثم تقدم أمامها، فوقف مستقبل القبلة رافعا يديه، يدعو يطيل الوقوف، ثم يأتي الجمرة الثانية فيرميها بسبع حصيات، يكبر كلما رمى بحصاة، ثم ينحدر ذات الشمال، فيقف مستقبل البيت، رافعًا يديه يدعو، ثم يأتي الجمرة التي عند العقبة، فيرميها بسبع حصيات، ولا يقف عندها» قال الزهري: سمعت سالمًا، يحدث بهذا، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، «وكان ابن عمر يفعله».

شرح الشيخ: كان إذا رمى الجمرة الأولى وهي الصغرى يرميها ثم يتقدم أمامها فيقف مستقبل القبلة ويجعل الجمرة عن شماله ويرفع يديه ويدعو دعاءً طويلاً، بمقدار سورة البقرة، ثم يأتي الجمرة الثانية ويرمي سبع حصيات، ثم ينحدر ذات الشمال، يجعل الجمرة عن اليمين.

وفيه: مشروعية الدعاء بعد رمي الجمرتين الصغرى والوسطى، وفيه مشروعية استقبال القبلة ومشروعية رفع اليدين، أما الجمرة الكبرى ما بعدها دعاء، فما الحكمة؟ ما الحكمة أنه يرمي بعد الجمرة الأولى يدعو ولا يدعو بعد الجمرة الوسطى؟

ذكر كثير من الفقهاء أنهم قالوا: لأن المكان ضيق في جمرة العقبة كان ملاصقًا للجبل، ولكن قال: الصواب خلاف هذا، الصواب: أنه لما كانت الجمرة الأولى الجمرة الصغرى فهو لا زال في العبادة كأنه في صلب الصلاة، فلما رمى جمرة العقبة انتهت العبادة سلم وصرف، كما لو سلم وصرف من الصلاة، هذا هو، وليس المراد لأن المكان ضيق.

قارئ المتن: باب ما يحل للمحرم بعد رمي الجمار

3084- أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن الحسن العرني، عن ابن عباس، قال: إذا رمى الجمرة فقد حل له كل شيء، إلا النساء، قيل: والطيب؟ قال: أما أنا، فقد «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتضمخ بالمسك، أفطيب هو».

شرح الشيخ: يسأل يقول: إن الرسول يتضمخ بطيب أم ليس بطيب؟ طيب، المسك أعلى الطيب، لما قال أنا رأيت الرسول يتضمخ؛ يعني يكثر من المسك، هذا طيب أم ليس طيب؟ أعلى الطيب.

هنا الحديث ضعيف حديث الحسن العرني عن ابن عباس كما سبق منقطع؛ لأنه من رواية الحسن العرني عن ابن عباس وهو لم يسمع من ابن عباس، ولكن الحديث له شواهد لحديث عائشة: «إذا رميتم فقد حلَّ لكم كل شيء»، وغيره من الشواهد، وهو دليل على أن التحلل الأول يحصل بالرمي وحده، وكذا الطواف وحده؛ لأنه أبلغ منه، بخلاف الحلق وحده فإنه لا يحصل به التحلل؛ لأن الحلق إطلاق من محذور، به يحصل التحلل، لكن الأحوط أن يضم إلى الرمي الحلق ثم يتحلل بعدهما خروجًا من خلاف الجمهور القائلين بأن التحلل لا يحصل إلا بثلاث: الرمي والحلق والطواف.

أما التحلل الثاني فيحصل بالثلاثة: الرمي والحلق والطواف مع السعي لمن عليه سعي وهو المتمتع القارن، والمفرد إذا لم يسعَ مع طواف القدوم، الحاصل أن الحديث فيه أنه يحصل التحلل بالرمي، ولكن الحديث ضعيف لكن له شواهد كحديث عائشة، فأخذ به بعض العلماء قالوا إذا رمى يحدث التحلل ولو ما حلق أو طاف، ولكن الجمهور ومذهب الحنابلة: أن التحلل اثنين من ثلاثة، رمي، وحلق، افعل اثنين وتتحلل، ارم واحلق، احلق وطف، طف واحلق، فإذا ضممت إلى الثلاثة السعي يكون التحلل الثاني، التحلل الأول يحصل به كل شيء: الطيب ولبس الثياب وتقليم الأظفار إلا النساء، والتحلل الثاني إذا ضم إليه حلت له زوجته، واضح هذا، ماذا قال عليه عندك؟

طالب: قال لحديث ابن عباس هذا صحيح، فإن قلت في سنده انقطاع؛ لأن الحسن العرني لم يسمع من ابن عباس رضي الله تعالى عنهما كما قاله أحمد وغيره فكيف يصح؟ قلت: إنما صح بشواهده فقد تقدم للمصنف حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: "طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحُرمه حين أحرم ولحله بعدما رمى جمرة العقبة قبل أن يطوف بالبيت" وأخرجه أحمد في مسنده بإسناد صحيح عن عائشة عنها، ولفظه قالت: "طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي بذريرةٍ لحجة الوداع للحل والإحرام، وحين رمى جمرة العقبة قبل النحر قبل أن يطوف بالبيت".

وأخرج البيهقي في سننه بإسناد صحيح عن طريق معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: "سمعت عمر رضي الله تعالى عنه يقول: إذا رميتم الجمرة بسبع حصيات وذبحتم وحلقتم؛ فقد حلَّ لكم كل شيء إلا النساء والطيب".

الشيخ: الرمي والحلق.

الطالب: قال سالم: "وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها حلَّ له كل شيءٍ إلا النساء"، قال: "وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم"؛ يعني لحله، ثم روى البيهقي من طريق عمرو بن دينار عن سالم: قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: "أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله وإحرامه"، قال سالم: وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يُتبع.

والحاصل أن حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما هذا صحيح بما ذُكر والله تعالى أعلم.

الشيخ: يعني يرى أن التحلل يكون بماذا؟ بالرمي وحده؛ وهذا قول لبعض العلماء، لكن الجمهور على أن التحلل يكون باثنين من ثلاثة وهو الأحوط أن يضم مع الرمي الحلق أو الطواف، هذا الذي عليه الجمهور ومذهب الحنابلة.

وفق الله الجميع لطاعته، ورزق الله الجميع العلم النافع والعمل الصالح، سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت.

 

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد