الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم قال الشيخ عبد الرحمن بن يوسف رحمه الله تعالى المتوفى سنة ستٍ وسبعين وثلاثمائةٍ وألف. قال في كتابه علم العقائد والتوحيد والأخلاق والأحكام المستنبطة من القرآن.
النوع الثالث علم الأحكام في العبادات والمعاملات والمواريث ولهذا قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق. وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين. وإن كنتم جنباً فاطهروا. وإن كنتم مرضى أو على سفرٍ أو جاء أحدٌ منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه" فهذه الآية تدل على اشتراط النية ووجوب الطهارة للصلاة. وأنه يجب فيها على المحدث حدثاً أصغر تطهير هذه الأعضاء الأربعة المذكورة. وأن الوجه واليدين والرجلين تغسل غسلا. والغسل لا بد فيه من جريان الماء. على هذه الأعضاء. وأن الرأس يمسح مسحا. وأنه يمسح كله. لأن الله عمم ذلك. وهو أنه يجب الترتيب بينها لأن الله ذكرها مرتبةً والموالاة بأن ظاهر هذا الصنيع لزوم الموالاة لكونها عبادةٌ واحدةٌ متصلاً بعضها ببعضها يا عباد الله
الشيخ عبادة كلام عظيم
دلت هذه الآية. هذه الآية تدل على اشتراط النية ووجوب الطهارة
الشيخ: النية لأن ما في صلاة إلّا بنية لو قام وأتى بحركات من دون النية ما صارت صلاة
ووجوب الطهارة للصلاة. وأنه يجب فيها على المحدث حدثاً أصغر تطهير هذه الأعضاء الأربعة المذكورة. وأن الوجه.. الشيخ: وجوهكم وأيديكم ورءوسكم وأرجلكم
وأن الوجه واليدين والرجلين تغسل غسلا والغسل لا بد فيه من جريان الماء على هذه الأعضاء.
الشيخ: ولا يشترط يعني بدون إسراف يتجمع عليها. بعض الناس يمسح مسح ويأخذ ماء ويمسح يديه ويمسح يديه. لا ما يكفي المسح للرأس والأذنين وكذلك الخفين أما اليد غسل لابد من جريان الماء. كذلك الرجل والوجه
وأن الرأس يمسح مسحاً وأنه يمسح كله لأن الله عمم ذلك. وأنه يجب الترتيب بينها لأن الله ذكرها مرتبة. والموالاة لأن ظاهر هذا الصنيع لزوم الموالاة لكونها عبادةً واحدةً متصلاً بعضها ببعض وأن المحدث حدثاً أكبر كالجنابة وهي الوطء أو الإنزال بالمني أو هما عليه تطهير جميع بدنه وأنه لا يعفى عن شيءٍ منه حتى ما تحت الشعور الكثيفة. وكذلك ذكر الله طهارة الحائض والنفساء في سورة البقرة بقوله "حتى يطهرن" أي ينقطع دمهن. "فإذا تطهرن" أي اغتسلن "فأتوهن من حيث أمركم" الله ثم ذكر طهارة التراب والتيمم وأن لها أحد سببين عدم الماء في قوله "فلم تجدوا ماءً فتيمموا" وحصول الضرر بمرضٍ ونحوه في قوله "أو كنتم مرضى" وقوله "فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه" صريحٌ أن التيمم عن الحدث الأصغر والأكبر لأنه ذكره عقب الحدثين. وأن النجاسة لا يتيمم لها. فتجب إزالتها مع القدرة. وتسقط مع العجز كسائر الواجبات. ويدل أن محل المسح للحدثين الوجه واليدان. وهما الكفان فقط. ولأنه لما أراد إيصال الطهارة إلى المرفقين في طهارة الماء قال وأيديكم إلى المرافق. واكتفى تعالى عن الحدثين بتيممٍ واحد. ونفى تعالى الحرج في الدين عموما. وفي الطهارة خصوصا فقال "ما يريد الله ليجعل عليكم في الدين من حرج " وأقام الله طهارة التيمم. مقام طهارة الماء عند وجود الشرط وهو الفقد للماء أو التضرر باستعماله. وهذا يقتضي أن حكمها حكمها من كل وجه.
الشيخ: حكمها حكم الطهارة بالتراب حكم الطهارة بالماء وهذا يقتضي أن حكمها حكمها من كل وجهٍ. فما دام متطهراً بالتيمم باستعماله
الشيخ: يعني التيمم رافع الحدث مثل الماء. أما الجمهور يقول إنه مبيح. ما يصلي إلّا الصلاة الواحدة والقول بأنه رافع يصلي به جميع الصلوات إلّا إذا انتقض وضوؤه أو وجد الماء
فما دام متطهراً بالتيمم ولم يحصل له ناقضٌ صحيحٌ فهو باقي على طهارته. لا يبطل هذه الطهارة دخول وقتٍ ولا خروجه. وإذا نوى به عبادةً استباحها أو مثلها أو دونها أو أعلى منها. وفي الآية الكريمة دليلٌ على
الشيخ: العبادة استباحها إذا مثلا نوى عبادة نوى صلاة الضحى. يصلي بها السنة الراتبة ويصلي بها ما هو أعلى منها الفريضة. وكذلك إذا نوى الفريضة يصلي بها النافلة
وفي الآية الكريمة دليلٌ على أن الأحداث المذكورة ناقضةٌ للوضوء وهي الخارج من السبيلين ولمس النساء بشهوة. لأن اللمس لأن اللمس حيث أضيف للنساء كان المراد به الذي لشهوة. كقوله "ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد" وفي قوله "فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيبا" دليل على أن الماء باقٍ على طهوريته ولو تغير بالطاهرات لأنه داخلٌ في اسم الماء. الذي لا يجوز العدول عنه إلى التيمم. فقد استدل الإمام أحمد رحمه الله وغيره بقوله تعالى "حرمت عليكم الميتة والدم" على أن الماء إذا خالطته نجاسةٌ فغيرت أحد أوصافه أنه نجسٌ لظهور أثر هذه الأشياء فيه. فيتناوله تحريم الميتة والدم إلى آخره. فيكون نجساً خبيثاً وإذا لم تغير أحد أوصافه أنه باقٍ على طهوريته. وفي عموم قوله تعالى "وأنزلنا من السماء ماءً طهورا" دليلٌ على أن الأصل في الماء الطهورية. فلا نعدل عن هذا الأصل إلّا بدليل وقال تعالى "فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم " أي جهته. فأوجب استقبال الجهة عند تعذر إصابة العين. وقال تعالى "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد" أي البسوا ثيابكم واستروا عوراتكم للصلاة فإن الزينة ما تدفع الشناعة والقبح في كشف العورة. وتمام أخذ الزينة حصول الجمال. ففيه أمرٌ بالأمرين بستر العورة وبتكميل اللباس كما هو مبينٌ مفصلٌ في السنة. وقال تعالى "وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا " وأبلغ ما يدخل في هذا إنصات المأموم لقراءة إمامه في الصلاة الجهرية. وقد أمر الله بالقيام والركوع والسجود والقنوت الذي يدخل فيه السكوت. فقال تعالى "وقوموا لله قانتين" فقال "يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا" وقال "فاقرءوا ما تيسر من القرآن. ففي هذا فضيلة هذه المذكورات وأنها أركانٌ للصلاة. وسمى الله الصلاة إيماناً في قوله. وما كان الله ليضيع إيمانكم أي صلاتكم لبيت المقدس قبل تحويل القبلة. لأن الصلاة ميزان الإيمان قد أمر الله بالمحافظة على الصلوات عموما وعلى صلاة العصر خصوصا في قوله تعالى "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى" وأثنى على المحافظين عليها وذلك يقتضي المحافظة على شروطها وأركانها وجميع ما يلزم لها وعلى مكملاتها وكذلك الأمر بإقامتها والثناء على المقيمين لها يدل على ذلك. والأمر بالمسابقة إلى الخيرات والمنافسة فيها. يدل على السعي في تكميل الصلاة وغيرها من العبادات. وقال تعالى فويلٌ للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون. ويدخل في هذا الوعيد تركها بالكلية وتفويت وقتها والإخلال بشيءٍ مما يجب فيها فأما السهو فيها فلم يذمه الله. ولهذا وقع من النبي صلى الله عليه وسلم وسجد له سجدتين في آخر الصلاة
الشيخ: السهو فيها لكن السهو عنها " فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون " السهو عنها تأخيرها عن وقتها أو الإخلال بها. أما السهو فيها ما يحصل للإنسان من الخطأ ولهذا وقع من النبي صلى الله عليه وسلم السهو فيها غير السهو عنها
ولهذا وقع من النبي صلى الله عليه وسلم وسجد له سجدتين في آخر الصلاة وأمر أمته بذلك عند وجود سببه وذم تعالي المنافقين الذين "وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلّا قليلا " ففيه وجوب الطمأنينة في الصلاة وتكميل ركوعها وسجودها وقيامها وقعودها. لأن العبد لا يسلم من هذا الذنب إلّا بهذا التكميل والإخلاص لله تعالى. وقد مدح تعالى الخشوع في جميع الأحوال. وفي الصلاة خصوصاً وذلك بحضور القلب فيها وتدبر أقوالها وأفعالها. وتمام ذلك أن يعبد الله كأنه يراه. فإن لم يكن يراه فإنه يراه. ومن لوازم ذلك ترك الحركة في الصلاة وعدم الالتفات وإلزام النظر لمحل سجوده. وقال تعالى "يا أيها المزمل قم الليل إلّا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا " وقوله "ومن الليل فتهجد به نافلةً لك" وقوله "كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون" ففي هذا الأمر بقيام الليل وفضله. وأن أهله هم خيار الخلق. وأخبر في آخر المزمل أن الرسول صلى الله عليه وسلم وطائفةً معه من المؤمنين قاموا بذلك التقدير وأن الله يسر على الناس خصوصاً أهل الأعذار من المرض والشغل فإنهم يقرءون ما تيسر منه. أي يصلون من الليل ما يهون عليهم ولا يشق واستدل بقوله "واركعوا مع الراكعين" على وجوب الجماعة وركنية الركوع وفضله وأنه تدرك به الركعة. واستدل بأمر الله بالجماعة بحال الخوف على وجوب الجماعة في حال الأمن من باب أولى