بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد فقال المؤلف رحمه الله محظورات الإحرام.
الحمد لله رب العالمين وصلى اللهم وسلم وبارك على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدينا وللحاضرين والمستمعين يا رب العالمين.
قال الحجاوي في الزاد: (باب محظورات الإحرام
وهي تسعة: حلق الشعر وتقليم الأظفار فمن حلق أو قلم ثلاث شعرات فعليه دم ومن غطى رأسه بملاصق فدى، وإن لبس "ذكر" مخيطا فدى، وإن طيب بدنه أو ثوبه أو ادهن بمطيب أو شم طيبا أو تبخر بعود ونحوه فدى.
وإن قتل صيدا مأكولا بريا أصلا ولو تولد منه ومن غيره أو تلف في يده فعليه جزاؤه ولا يحرم حيوان إنسي ولا صيد البحر ولا قتل محرم الأكل ولا الصائل.
ويحرم عقد النكاح ولا يصح ولا فدية وتصح الرجعة، وإن جامع المحرم قبل التحلل الأول فسد نسكهما ويمضيان فيه ويقضيانه ثاني عام، وتحرم المباشرة فإن فعل فأنزل لم يفسد حجه وعليه بدنة "لكن يحرم من الحل لطواف الفرض".
وإحرام المرأة كالرجل إلا في اللباس وتجتنب "البرقع" والقفازين وتغطية وجهها ويباح لها التحلي).
قال الشيخ: قال المؤلف رحمه الله باب محظورات الإحرام: المحظورات يعني الممنوعات، ممنوعات الإحرام الممنوعات على المحرم والمحظور هو الممنوع قال المؤلف: وهي تسعة: هذا العدد إنما أخذ بالاستقراء والتتبع، وليس هناك دليل على أن المحظورات تسعة أو خمسة أو سبعة أو أقل أو أكثر، لكن العلماء تتبعوها استخرجوها من الأصول فوجدوها تسعة وشروط الصلاة تسعة كذلك إنما أخذ العدد بالاستقراء والتتبع استقرؤوها وتتبعوها وجد أن محظورات الإحرام تسعة التي يمنع منها المحرم إذا دخل في الحج بحج أو عمرة يجتنب تسعة أشياء للذكر وهي: حلق الشعر: ويقول تعالى: ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله، وتقليم الأظفار: لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما حلق كعب بن عجرة أمره أن يفدي، حلق الشعر وتقليم الأظفار وتغطية الرأس ولبس المخيط والطيب، هذه الأشياء الخمسة الأصل فيها أنها فدية الأذى وهي حلق الرأس وذلك أن كعب بن عجرة لما احتاج أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يحلق رأسه وأن يفدي، وقاس العلماء عليها تقليم الأظفار وتغطية الرأس والطيب ولبس المخيط، والأصل هو حلق الرأس والجامع بينه وبينها الترفه، إذا حلق رأسه من الترفه وكذلك إذا قلم ظفره ولبس المخيط يترفه ولا يكن كالذي لبس إزارا ورداء مثلا كذلك متطيب مترفه، قال المؤلف: فمن حلق أو قلم ثلاثا فعليه دم: لأن ثلاثا أقل جمع، إذا حلق ثلاث شعرات، أو قلم ثلاثة أظفار فعليه دم، ومفهومه أن أقلها ليس فيه دم، ذكر الشارح وغيره أنه إذا حلق شعرة فعليه إطعام مسكين، وكذلك إذا قلم ظفرا واحدا، وإذا حلق شعرتين فعليه إطعام مسكينين، وإذا قلم ظفرين فعليه إطعام مسكينين، وإذا قلم ثلاثة فعليه دم، لأنه أقل الجمع ثلاثة ولكن هذا فيه نظر؛ لأن النبي صلى لله عليه وسلم احتجم والحجامة تحتاج أن يزيل شعرات مكانها من الرأس ومنهم من قال إنه فدى عليه الصلاة والسلام ولهذا قال بعضهم ابن حزم وغيره من حلق شيئا كثيرا حلق ربع الرأس يفدي، ومن حلق شعرات قليلة فليس عليه شيء والمقصود أن العلماء الفقهاء ذكروا أنه إذا حلق ثلاث أو أقل من ثلاث لأن أقل الجمع ثلاثة، ومن غطى رأسه بملاصق فدى أما غير الملاصق فلا يفدي، العمامة والطاقية وأشباهها أما إذا غطى رأسه بشيء بعيد غير ملاصق كالخيمة والشجرة وسقف البيت فليس عليه شيء، جاءت النصوص بأن النبي صلى الله عليه وسلم غطى رأسه، ضربت له خيمة بنمرة جلس تحتها وظلله بلال وصاحبه يوم جمرة العقبة بثوب، قال: وإن لبس "ذكر" مخيطا فدى: أما الأنثى فلها أن تلبس المخيط، وإن طيب بدنه أو ثوبه أو ادهن بمطيب أو شم طيبا أو تبخر بعود ونحوه فدى، والمراد بالفدية فدية الأذى يعني يخير بين إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد أو الصيام ثلاثة أيام أو شاة هذه هي الفدية، في هذه الفدية فدية الأذى. التخيير بين واحد من ثلاثة الإطعام أو الصيام أو ذبح شاة، إذا طيب بدنه أو طيب ثوبه ملابس الإحرام أو ادهن بمطيب ادهن بشيء مطيب أو شم طيبا أو تبخر بعود ونحوه فكل واحد من هذه الأمور الأربعة فدية يقال فدى.
وإن قتل صيدا مأكولا بريا أصلا ولو تولد منه ومن غيره أو تلف في يده فعليه جزاؤه: إذا قتل صيدا، أما إذا قتل غير صيد، قتل سبعا فليس فيه شيء، ولابد أن يكون الصيد مأكولا، فإذا قتل صيدا غير مأكول كالأسد أو النمر فليس فيه دية، ولابد أن يكون بريا، أما إذا قتل صيدا بحريا فليس فيه شيء يقول تعالى: أحل لكم صيد البحر، بريا سواء كان بريا أصليا أو تولد منه ومن غيره، تولد منه من البري ومن غير البري، إذا كان برمائي، كالضفدع مثلا، يغلب جانب البر، وعليه جزاؤه، ما قضى به الصحابة جزاؤه، قضى الصحابة في النعامة بدنة وفي الحمامة شاة، وما لم يقض الصحابة فيه يرجع إلى قول عدلين فما حكموا به فعليه جزاؤه، قال تعالى: (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم فمن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما) عليه جزاؤه، ولا يحرم حيوان إنسي: إذا ذبح بقرة أو شاة أو عنزة، هذا حيوان إنسي، ولا صيد البحر لقوله تعالى: (أحل لكم صيد البحر)، ولا قتل محرم الأكل: قتل شيئا مؤذيا كالهرة مثلا فليس فيه جزاء، ولا الصائل: إذا صال عليه ولو كان صيدا، صال عليه ضبع صيد الضبع فيه شاة، إذا صال عليه ودفعه عن نفسه فليس فيه شيء.
ويحرم عقد النكاح وهذا من محظورات الإحرام، ولا يصح ولا فدية، عقد النكاح في الحرم لا جناح فإذا عقد لا يصح، أفسد العقد يعيده بعد التحلل، وليس فيه فدية، وتصح الرجعة يعني يصح للمحرم أن يراجع زوجته، إلا رجعة إمساك وليست نكاح، وليست ابتداء للنكاح وإنما إمساك، قال المؤلف: وإن جامع المحرم قبل التحلل الأول فسد نسكهما: جامع قبل التحلل الأول يحصل باثنين من ثلاثة رمي جمرة العقبة، وحلق الرأس أو تقصيره، وطواف الإفاضة، فإذا جامع قبل التحلل الأول قبل رمي جمرة العقبة فسد نسكهما، الرجل والمرأة، ويمضيان فيه: يكملان الأمر الأول أنه فسد النسك الحج ثانيا يمضيان فيه، يعني يكملان النسك الفاسد ويقضيانه ثاني عام، ولو كان (20: 11) والأمر الرابع عليه بدنة وإن كانت المرأة مطاوعة فعليها بدنة أيضا وعليه بدنة، قال: وتحرم المباشرة وهي ما دون الجماع فإن فعل فأنزل لم يفسد حجه؛ لأن المباشرة أقل من الجماع، وعليه بدنة مثل ما على من فسد حجه، وقيل ليس عليه بدنة وإنما عليه شاة لأن المباشرة أقل من الجماع ويحرم من الحل، يعني إذا باشر قبل التحلل الأول لا يفسد النسك لكن يفسد الإحرام فعليه أن يخرج إلى عرفة ويحرم هو وزوجته من جديد ويطوفان طواف الإفاضة بالإحرام لأنه أفسد الإحرام ولم يفسدا النسك لكن يحرم من الحل لطواف الفرض.
قال المؤلف: وإحرام المرأة كالرجل إلا في اللباس: يعني تمتنع من الطيب من قص الأظفار الشعر إلا اللباس الرجل لا يلبس المخيط والمرأة تلبس المخيط، الرجل لا يغطي رأسه والمرأة تغطي رأسها، وتجتنب "البرقع" وهو ما خيط على قدر الوجه أما الخمار الذي ليس مخيطا فلا بأس به والقفازين وهو الشراب الذي خيط على قدر اليدين، أما تغطية اليدين بغير القفازين فلا بأس وتغطية وجهها إذا لم يكن عندها رجال أجانب فلا تغطي، ويباح لها التحلي: لبس الحلي لكن تستره عن الرجال.
قال الشيخ منصور البهوتي في الروض: (بَابُ مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ) أي: المُحرَّمَاتِ بسببِه).
قال الشيخ: أي المحرمات بسبب الإحرام.
قال: (وَهِيَ)، أي: محظوراتُه (تِسْعَةٌ): أحدُها: (حَلْقُ الشَّعرِ) مِن جميعِ بدنِه بلا عذرٍ، يعني: إزالتُه بحلقٍ، أو نَتْفٍ، أو قَلْعٍ؛ لقولِه تعالى: (وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) [البقرة: 196].
(وَ) الثاني: (تَقْلِيمُ الأَظْفَارِ)، أو قَصُّه مِن يدٍ أو رجلٍ بلا عذرٍ).
قال الشيخ: وإذا كان له عذر فله ذلك ولكن يفدي. إذا كان له عذر إذا احتاج إلى تغطية الرأس أو حلق الرأس حلق الشعر أو تقليم الأظفار يزيله ويفدي كما فعل كعب بن عجرة، لما آذاه هوام رأسه قال له النبي صلى الله عليه وسلم احلق وانسك شاة أو اطعم ستة مساكين أو صم ثلاثة أيام، ولا إثم عليه أما إذا فعل محظورا بلا حاجة فتلزمه فدية وعليه إثم عليه التوبة والاستغفار.
قال: (فإن خَرَج بِعَيْنِه شعرٌ، أو كُسِرَ ظفرُه فأزالهما، أو زالَا مع غيرِهما؛ فلا فديةَ).
قال الشيخ: لأن هذا إزالة أذى أخرج من عينه الشعر فأزاله لا يفدي انكسر ظفره يقطع الكسر أو زالت مع غيرها الشعرة زالت مع غيرها مع قطعة أخرى فلا فدية.
قال: (وإنْ حصل الأذى بقرْحٍ أو قملٍ ونحوِه فأزال شعرَه لذلك؛ فدى).
قال الشيخ: كما فعل كعب بن عجرة. حصل له قرح جروح في رأسه يحتاج أن يحلق الشعر حتى يداوي الجروح أو قمل كما حصل لكعب بن عجرة أذاه شعره لذلك فلا شيء عليه ولكن عليه فدية، لا إثم عليه لكن عليه فدية.
قال: (ومَن حُلِق رأسُه بإذنِه، أو سكت ولم يَنهَه؛ فدى).
قال الشيخ: لأنه أقر له موافق لكن إذا حلق رأسه بدون اختياره ومنعه ولا استطاع جاءه اثنان أحدهما أمسك يديه والثاني أمسك رأسه وحلقوا شعره بدون اختياره وهو يصيح عليه فدية ولا ما عليه؟ ما عليه فدية لأنه مكره، والمكره لا اختيار له، لكن إذا حلق وهو ساكت مرتاح معنى هذا أنه مقر هذا عليه فدية سكت ولا نهاهم.
قال: (ويُباحُ للمُحْرِمِ غَسْلُ شعرِه بسدرٍ ونحوِه).
قال الشيخ: مثل الصابون غير الممسك إذا غسل به المحرم غسل شعره بسدر فلا شيء عليه وإذا سقط شعره الميت فلا يضره.
قال: (فَمَنْ حَلَقَ) شعرةً واحدةً أو بعضَها فعليه طعامُ مسكينٍ، وشَعرتين أو بعضَ شَعرتين فطعامَا مسكينٍ، وثلاثَ شعراتٍ فعليه دمٌ، (أَوْ قَلَّمَ) ظفراً فطعامُ مسكينٍ، وظُفْرَيْن فطعامَا مسكينٍ، و(ثَلَاثَةً فَعَلَيهِ دَمٌ)، أي: شاةٌ، أو إطعامُ ستةَ مساكين، أو صيامُ ثلاثةَ أيامٍ. وإن خلَّلَ شَعْرَه وشكَّ في سقوطِ شيءٍ به؛ استُحِبَّت).
قال الشيخ: استحبت الفدية، ولا غرو أنها تستحب لأنه مأمور بتخلية شعره والاستحباب حكم شرعي لابد له من دليل، انظر في كلام في المغني إذا حلق شعره المغني أو الحاشية. من حلق شعرة أو ظفرا فعليه إطعام مسكين. الذي يقرأ يأتي إلى هنا إلى المكبر لأن الدرس ينقل.
طالب: الشيخ فيصل المبارك المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع: قال البهوتي: (فمن حَلَق شعرةً واحدةً، أو بعضَها؛ فعليه طعام مسكين، وشعرتين أو بعضَ شعرتين؛ فطعام مسكينين، وثلاثَ شعرات؛ فعليه دَمٌ...) إلى آخره.
قال في (الإفصاح): (واختلفوا فيما إذا حَلَق ثلاثَ شعرات أو قصر).
قال الشيخ: الإفصاح للوزير ابن هبيرة.
فقال أبو حنيفة رحمه الله: إن حَلَق ربع رأسه فصاعدًا؛ فعليه دَمٌ، وإن كان أقل من ذلك؛ فعليه صدقة، إلا أن يحلق مواضع المحاجم من رقبته؛ فعليه دم.
وقال مالك رحمه الله: إن حَلَق ما يحصل بزواله إماطة الأذى؛ وجب عليه دمٌ، ولم يعتبر عددًا إلا [أنه] إن حلق موضع المحاجم من رقبته؛ فعليه دم كمذهب أبي حنيفة سواء.
وقال الشافعي رحمه الله: يجب عليه دم في حلق ثلاث شعرات فصاعدًا أو تقصيرها.
واختلف عن أحمد رحمه الله: فرُوي عنه كمذهب الشافعي هذا، وهي أظهر الروايتين. ورُوي عنه في الأخرى أن الدم إنما يجب في أربع شعرات فصاعدًا.
فإن حلق دون الثلاث:
فمذهب أبي حنيفة رحمه الله كما تقدم: من اعتبار الدم في الربع وما دونه صدقة.
وأما مالك رحمه الله: فيعتبر حصول الترفه وإزالة التفث فيوجب الدم به.
وللشافعي رحمه الله ثلاثة أقوال: أحدها: ثلث دم، والثاني: مُدٌّ، والثالث: درهم.
وقال أحمد رحمه الله: في كل شعرة مُدٌّ من طعام، وفي شعرتين مُدَّان. وروي عنه: في كل شعرة قبضة من طعام.
وقال ابن رشد رحمه الله: اتفقوا على أنها تجب الفدية على من حلق رأسه لضرورة مرضٍ أو حيوان يؤذيه في رأسه.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: المرض أن يكون برأسه قروح، والأذى القمل وغيره. وقال عطاء: المرض: الصداع، والأذى: القمل وغيره.
والجمهور على أنَّ كل ما مُنِعَهُ المحرمُ من لباس الثياب المخيطة وحَلْق الرأس وقص الأظفار أنه إذا استباحه فعليه الفِديةُ - أي: دمٌ على اختلافٍ بينهم في ذلك، أو إطعامٌ - ولم يُفرِّقوا بين الضرر وغيره في هذه الأشياء، وكذلك استعمال الطيب.
وقال قومٌ: ليس في قصِّ الأظفار شيء. وقال قومٌ: فيه دمٌ.
وحكى ابنُ المنذر أن منع المحرِم قصَّ الأظفار إجماع.
واختلفوا فيمن أخذ بعض أظفاره:
فقال الشافعي رحمه الله وأبو ثور: إن أخذ ظفرًا واحدًا أطعم مسكينًا واحدًا، وإن أخذ ظفرين أطعم مسكينين، وإن أخذ ثلاثًا فعليه دم في مقام واحد.
وقال أبو حنيفة رحمه الله في أحد أقواله: لا شيء عليه حتى يقصها كلها.
وقال أبو محمد بن حزم رحمه الله: يقص المحرِم أظفاره وشاربه وهو شذوذ، وعنده أن لا فدية إلا من حلق الرأس فقط للعذر الذي وَرَدَ فيه النص.
وأجمعوا على منع حلق شعر الرأس. واختلفوا في حلق الشعر من سائر الجسد:
فالجمهور على أن فيه الفِدية. وقال داود رحمه الله: لا فدية فيه.
واختلفوا فيمن نتف من رأسه الشعرة والشعرتين أو من لحمه:
فقال مالك رحمه الله: ليس على مَن نَتَفَ الشعرَ اليسير شيء إلا أن يكون أماط به أذىً فعليه الفدية.
وقال الحسن رحمه الله: في الشعرة مُدٌّ، وفي الشعرتين مُدَّين، وفي الثلاث دم، وبه قال الشافعي رحمه الله وأبو ثور.
وقال عبدالملك صاحب مالك رحمه الله: فيما قلَّ من الشعر إطعام، وفيما كثر فدية.
فمن فهم من منع المحرِم حَلْق الشعر أنه عبادة سوَّى بين القليل والكثير، ومن فهم من ذلك منع النظافة والزَّيْن والاستراحة التي في حلقه فرَّق بين القليل والكثير؛ لأن القليل ليس في إزالته زوال أذى).
وقال البخاري: (باب: من أهل ملبِّدًا. حدثنا أصبغ، أخبرنا ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُهِلُّ مُلبِّدًا).
قال الحافظ رحمه الله: (قوله: (باب: من أهل ملبِّدًا) أي: أحرم وقد لبَّد شعر رأسه. أي جعل فيه شيئًا نحو الصمغ ليجتمع شعره لئلا يتشعث في الإحرام أو يقع فيه القمل).
وقال البخاري أيضًا: باب: قول الله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ [البقرة: 196]) وهو مخيَّر، فأما الصوم فثلاثة أيام.
وذكر حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لَعَلَّكَ آذَاكَ هَوَامُّكَ؟) قال: نعم يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احْلِقْ رَأْسَكَ وصُمْ ثلاثةَ أيام، أو أطعِمْ ستَّةَ مساكينَ، أو انْسُكْ شَاةً).
قال الحافظ: قوله: (احلِقْ رأسَك وصُمْ) قال ابن قدامة رحمه الله: لا نعلم خلافًا في إلحاق الإزالة بالحلق، سواء كان بموسى، أو مقص، أو نورة، أو غير ذلك.
وأغرب ابن حزم رحمه الله فأخرج النتف عن ذلك، فقال: يلحق جميع الإزالات بالحلق إلا النتف.
وقال الحافظ أيضًا في (باب: النُّسُك شاة): وفي حديث كعب بن عجرة من الفوائد غير ما تقدَّم أن السُّنة مبينة لمجمل الكتاب لإطلاق الفدية في القرآن، وتقييدها بالسُّنة، وتحريم حلق الرأس على المحرِم، والرُّخصة له في حلقها إذا آذاه القمل أو غيره من الأوجاع واستنبط منه بعض المالكية إيجاب الفِدية على من تعمَّد حَلْق رأسه بغير عُذر، فإن إيجابها على المعذور من التنبيه بالأدنى على الأعلى لكن لا يلزم من ذلك التسوية بين المعذور وغيره.
ومن ثم قال الشافعي رحمه الله والجمهور: لا يتخيَّر العامد بل يلزمه الدم.
وقال البخاري أيضًا: باب: الحجامة للمحرِم. وكوى ابن عمر ابنه وهو محرِم، ويتداوى ما لم يكن فيه طيب.
وذكر حديث ابن عباس رضي الله عنهما: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرِم.
وحديث ابن بُحينة رضي الله عنه: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرِم بلَحْي جمل في وسط رأسه).
قال الحافظ: (قوله: (باب: الحجامة للمحرم) أي: هل يمنع منها أو تُباح له مطلقًا أو الضرورة، والمراد في ذلك كله المحجوم لا الحاجم...
إلى أن قال: وروى الطبراني من طريق الحسن قال: إن أصاب المحرِم شجَّة فلا بأس بأن يأخذ ما حولها من الشعر ثم يداويها بما ليس فيها طيب.
قوله: (بلَحْي جَمل) موضع بطريق مكة.
قوله: (في وسط رأسه) أي: متوسطه، وهو ما فوق اليافوخ فيما بين أعلى القرنين.
قال الليث رحمه الله: كانت هذه الحجامة في فأس الرأس، وأما التي في أعلاه فلا؛ لأنها ربما أعمت.
قال النووي رحمه الله: إذا أراد المحرِم الحجامة لغير حاجة فإن تضمَّنت قطع شعر فهي حرام؛ لقطع الشعر. وإن لم تتضمنه جازت عند الجمهور. وكرهها مالك.
وعن الحسن: فيها الفدية وإن لم يقطع شعرًا وإن كان لضرورة جاز قطع الشعر وتجب الفدية.
وخصَّ أهلُ الظاهر الفدية بشعر الرأس.
وقال الداودي: إذا أمكن مسك المحاجم بغير حلق لم يجز الحلق، واستدل بهذا الحديث على جواز الفصد، وبَطِّ الجرح والدمل، وقطع العرق، وقلع الضرس، وغير ذلك من وجوه التداوي، إذا لم يكن في ذلك ارتكاب ما نهي عنه المحرِم من تناول الطيب وقطع الشعر، ولا فدية عليه في شيء من ذلك. والله أعلم.
وقال البخاري أيضًا: باب: الاغتسال للمحرِم.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: يدخل المحرِم الحمَّام. ولم يَرَ ابنُ عمر وعائشة بالحكِّ بأسًا.
وذكر حديث عبدالله بن حنين، عن أبيه: أن عبدالله بن العباس والمِسْور بن مَخْرَمة اختلفا بالأبواء، فقال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: يغسل المحرِم رأسَه. وقال المِسْور: لا يغسل المحرم رأسَه، فأرسلني عبدالله بن العباس إلى أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، فوجدته يغتسل بين القرنين - وهو يُسْتَرُ بثوب - فسلَّمت عليه، فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبدالله بن حنين، أرسلني إليك عبدالله بن العباس أسألك: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم؟ فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه، ثم قال لإنسان يصب عليه: اصْبُبْ، فصب على رأسه ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر. وقال: هكذا رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل).
قال الحافظ رحمه الله: (قوله: (باب: الاغتسال للمحرِم) أي: ترفُّهًا وتنظُّفًا وتطهُّرًا من الجنابة. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن للمحرِم أن يغتسل من الجنابة، واختلفوا فيما عدا ذلك. وكأن المصنف أشار إلى ما روي عن مالك رحمه الله: أنه كره للمحرِم أن يغطي رأسه في الماء. وروي في (الموطأ) عن نافع: أن ابن عمر رضي الله عنهما كان لا يغسل رأسَه وهو محرِم إلا من احتلامٍ.
قال الشيخ: استوفى الآن المغني فيه زيادة على هذا، ما فيه زيادة الخلاصة في هذا أن المسألة فيها خلاف طويل عريض ولكن الخلاصة أنه من رأى أنه عبادة قال: الشعرة والشعرتين قال إنما قال تحب الفدية إذا كان فيه ترفه. والشعرة والشعرتان ما فيها ترفه والأقرب أنها للترفه المحرم شعث لأنه ملبد رأسه ينافي الترفه تلبيد الرأس وينافي أن يكون المحرم شعث أن يكون فيه الفدية والشعرة والشعرتان والثلاث ومن قال إنها تعبد الشعرة والشعرتان المقصود أن العلماء في هذا اجتهاد واحتياطا في العبادة والشعرة والشعرتان والثلاث حتى يكون لدى الإنسان شعور وإحساس بأنه محرم ولا يفعل شيئا إلا احتياطا.
طالب قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله تعالى في الشرح الممتع: وعلم من قوله: «ثلاثة فعليه دم»، أنه لو قلَّم دون ذلك أو حلق دون ذلك فليس عليه دم، لكن قالوا: يجب عليه في كل شعرة إطعام مسكين، ولكل ظفر إطعام مسكين، وهذا التفصيل يحتاج إلى دليل، فأين في السنة ما يدل على أن الشعرة الواحدة فيها إطعام مسكين، أو الظفر الواحد فيه إطعام مسكين؟!
ولهذا اختلف العلماء ـ رحمهم الله ـ في القدر الذي تجب فيه الفدية، على أقوال:
القول الأول: وهو المذهب أنه ثلاثة فأكثر.
قال الشيخ: معروف مثل ما ذكر فيصل المبارك بالتفصيل المقصود مثل ما سبق لكن والله أعلم ما ينافي الترفه وتلبيد الشعر هذا هو الذي فيه الفدية، فيصل توسع وهو المرجع في هذا رحمه الله، المقصود أن هذا من باب الاحتياط وصار المرجع في هذا إما أن يقال للتعبد أو يقال للترفه المنع للترفه أو التعبد من قال للتعبد قال الشعرة والشعرتان عليهما فدية ومن قال للترفه قال ما يحصل به الترفه والترفه لا يحصل بالشعرة والشعرتين لا أحد يدري عنه والثلاث.
طالب: الشيخ محمد العثيمين يقول: إذن حلق إذاً حلق جميع الرأس محرَّم وفيه الفدية، وحلق بعضه محرَّم، ولا فدية فيه إلا إذا حلق ما يماط به الأذى، هذا هو القول الراجح.
قال الشيخ: إذا حلق الربع أو حلق شيئا فيه ترفه صار فيه الفدية إذا حلق الجميع وحلق ما فيه الترف. وفق الله الجميع سبحانك اللهم وبحمدك.
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
بهذا يتبين أن أخذ الشعر وتقليم الأظفار ما فيه ترفه إذا كان فيه ترفه معروف شعر يحصل به الترفه وتقليم أظفاره يحصل فيه الترفه تكون فيه الفدية، هذا هو الأقرب.
قال: (الثالثُ: تغطيةُ رأسِ الذَّكَرِ، وأشار إليه بقولِه: (وَمَنْ غَطَّى رَأْسَهُ بِمُلَاصِقٍ؛ فَدَى)، سواءٌ كان معتاداً كعمامةٍ، وبُرْنُسٍ).
قال الشيخ: العمامة ملتصق بها برنس هي ثياب مغربية متصلة بها رؤوسها كقرطاس أو عصبه بسير.
قال: (أم لا كقِرْطاسٍ وطينٍ، ونُورةٍ، وحناءٍ، أو عَصَبَهُ بِسَيْرٍ، أو استظَلَّ في مَحْمَلٍ راكباً أو لا، ولو لم يلاصِقْه، ويحرُمُ ذلك بلا عذرٍ، لا إنْ حَمَلَ عليه، أو استظَلَّ بِخَيْمَةٍ، أو شجرةٍ، أو بيتٍ).
قال الشيخ: المؤلف رحمه الله قال تغطية رأس الذكر بملاصق سواء كان معتادا كالعمامة والبرنس أو غير معتاد كالقرطاس والطين وكذلك لو عصبه بسير ومثله حمل المتاع قاصدا تظليل الرأس، أما إذا حمل المتاع ولا يريد تظليل الرأس لا يستطيع حمله على كتفه فحمله على رأسه فلا بأس، إذا استظل في محمل راكبا أو لم يلاصقه ويعمل ذلك بلا عذر محمل غير ملاصق محمل فوق البعير يكون مرتفعا سواء راكبا أو غير ملاصق يفدي على المذهب، المذهب أنه إذا تحرك بحركته مثل الشمسية تتحرك بحركته والرواية الثانية عن الإمام أحمد لو استظل بمحمل فلا شيء عليه وهذا هو الصواب وكذلك بخيمة خلاف المذهب، ومن فعل ذلك بلا عذر راجع لما سبق لأن النبي ظلل عليه لما رمى جمرة العقبة بثوب يتحرك بحركة مظلليه، لا إن حمل عليه أو استظل بخيمة أو شجرة أو بيت، الخيمة والشجرة والبيت ثابتة لا تتحرك لا بأس على المذهب، لا إن حمل عليه، هل حمل على المحمل يعني؟ حمل عليه أو حمل على رأسه مثل ما سبق إذا حمل عليه متاعا هذا فيه تفصيل، إن قصد الستر ستر الرأس فدى، وإن لم يقصد فلا يفدي.
قال: (الرابعُ: لُبْسه المَخِيطَ، وإليه الإشارةُ بقولِه: (وَإِنْ لَبِسَ ذَكَرٌ مَخِيْطاً فَدَى).
قال الشيخ: فيها تفصيل في تغطية الرأس غير الملاصق في الحاشية.
طالب: قال في الروض: ولو لم يلاصقه ويحرم ذلك بلا عذر. قال المحشي: ورأى ابن عمر رجلا ظلل عليه، فقال: أيها المحرم أضح لمن أحرمت له، ولهذا كان السلف يكرهون القباب على المحامل التي لها رأس، وقال الشيخ: وأما الاستظلال بالمحمل كالمحارة التي لها رأس، في حال السير، فهذا فيه نزاع، والأفضل للمحرم أن يضحي لمن أحرم له، كما كان صلى الله عليه وسلم وأصحابه يحرمون، وذكر أثر ابن عمر لما رأى على رجل عودا يستره من الشمس، فنهاه واحتج به، وعنه: يكره الاستظلال بالمحمل، ولا يحرم، اختاره الموفق والشارح وصححه المجد، وعنه: يجوز وفاقا لأبي حنيفة والشافعي، ولأن أسامة رفع ثوبه يستر به النبي صلى الله عليه وسلم من الحر، حتى رمى جمرة العقبة رواه مسلم. انتهى.
قال الشيخ: هذا هو الصواب إذا جاء الدليل انتهى، النبي أقر أسامة على التظليل.
قال: (ولا يَعْقِدُ عليه رداءً ولا غيرَه، إلا إزارَه، ومِنْطَقَةً وهِمْيَاناً فيهما نفقةٌ مع حاجةٍ لِعَقْدٍ).
قال الشيخ: الرداء لا يحتاج أن يعقده وهو على كتفيه، إلا إن كان إزاراً في حاجة ستر العورة ومنطقة التي يشد بها النصف، تكلم عنها في الحاشية عندك، تفسير المنطقة.
طالب: قال في المصباح: المنطقة كل ما شددت به وسطك، والهميان: يشبه تكة السراويل.
قال الشيخ: الهميان فيه النفقة النقود ويسمى الكمرة الآن، والمنطقة ماهي؟
طالب: كل ما شددت به وسطك.
قال الشيخ: هذا في المصباح يشد به الوسط هذا حتى لربط الإزار ما فيه مانع، والهميان إذا كان الهميان ما فيه النفقة يربط الإزار وفيه النفقة يكفي عن المنطقة وإذا احتاج إلى عقد فلا بأس الإزار، أما الرداء فلا حاجة.
قال: (وإنْ لم يجد نَعْلَيْن لَبِسَ خُفَيِّن، أو لم يَجِد إزاراً لَبِسَ سراويلَ إلى أنْ يجِدَ، ولا فديةَ).
قال الشيخ: ولا فدية ولا يقطع الخفين ولا يفتق السراويل قال بعض العلماء يقطع الخفين أسفل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته في المدينة من لبس نعلين أو لبس خفين فليقطعهما أسفل الكعبين، ولخطبته في عرفة من لبس نعلين أو لبس خفين فليقطعهما قال البعض هذا منسوخ الأمر الأول وقيل يحمل المطلق على المقيد والأقرب أنه لا يقطعهما لأن فيه إفساد لماليتهما والقول الآخر أنه لا يقطعهما، كما أنه لا يفتق السراويل فلا يقطع الخفين.
قال: (الخامسُ: الطِّيبُ، وقد ذكره بقولِه: (وَإِنْ طَيَّبَ) مُحرِمٌ (بَدَنَه، أَوْ ثَوْبَهُ)، أو شيئاً منهما، أو استعملَه في أكلٍ أو شربٍ، (أَوْ ادَّهَنَ)، أو اكتحل، أو اسْتَعَطَ (بِمُطَيَّبٍ، أَوْ شَمَّ) قصداً (طِيباً، أَوْ تَبَخَّرَ بِعُودٍ وَنَحْوِهِ)، أو شمَّه قصداً، ولو بَخورَ الكعبةِ؛ أَثِمَ و(فَدَى).
ومِن الطِّيبِ: مِسْكٌ، وكافورٌ، وعنبرٌ، وزعفرانٌ، ووَرْسٌ، ووَرْدٌ، وبَنَفْسَجٌ، ولَيْنوفرُ، وياسمينٌ، وبانٌ، وماءُ وردٍ. وإن شمَّها بلا قصدٍ).
قال الشيخ: بلا قصد التطيب أو قصد الاستعلام مثلا يستعلم يريد أن يشتري طيبا وأراد أن يستعلم هل هو طيب جيد أو غير جيد، هذا لا بأس به أو شمه بلا قصد أو مس ما لا يعلق أو شم فواكه والفواكه ليست من الطيب، أو عودا.
قال: (أو مسَّ ما لا يَعْلَقُ؛ كقِطَعِ كافورٍ، أو شمَّ فواكهَ، أو عوداً، أو شيحاً، أو ريحاناً فارسيًّا، أو نَمَّاماً، أو ادَّهن بدهنٍ غيرِ مطيَّبٍ؛ فلا فديةَ.
السادسُ: قَتْلُ صيدِ البَرِّ واصطياده، وقد أشار إليه بقولِه: (وَإِنْ قَتَلَ صَيْداً مَأْكُولاً بَرِّيًّا أَصْلاً)؛ كحَمَامِ وبَطٍّ ولو استأنسَ).
قال الشيخ: لو استأنس الحمام والبط يعتبر لأنه صيد. ولو استأنس يعني صار في البلد ولا يطير.
قال: (بخلافِ إبلٍ وبقرٍ أهليةٍ ولو توحَّشت).
قال الشيخ: ولو توحشت لا تكون صيدا، يعني تمردت دجاجة ذهبت في البر هذه لا تكون صيدا، وكذلك لو تمرد تيس فصار مثل الغزال لا يكون حكمه حكم الصيد.
قال: (وَلَوْ تَوَلَّدَ مِنْهُ)، أي: مِن الصيدِ المذكورِ (وَمِنْ غَيْرِهِ)؛ كالمتولِّدِ بين المأكولٍ وغيرِه، أو بين الوحشي وغيرِه؛ تغليباً للحظرِ).
قال الشيخ: لو صاد صيدا تولد من المأكول وغيره أو من المتوحش وغيره يغلب جانب الحظر وكذلك لو كان يعيش في الماء وفي البر برمائي يغلب جانب البر ولا يجوز صيده.
قال: (أَوْ تَلِفَ) الصيدُ المذكورُ (فِي يَدِهِ) بمباشرةٍ أو سببٍ، كإشارةٍ، ودلالةٍ، وإعانةٍ ولو بمناولةِ آلةٍ، أو جنايةِ دابةٍ هو متصرِّفٌ فيها؛ (فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ).
قال الشيخ: إذا تلف الصيد مباشرة أو سبب قال لشخص فيه صيد أو دله أو أعانه وأعطاه السلاح أو وطئته الدابة التي يصطاده فيها ولم يصرفها عنه عليه جزاؤه قالوا يعتبر قاتلا.
قال: (وإن دلَّ ونحوَه مُحرِمٌ مُحرِماً فالجزاءُ بينهما).
قال الشيخ: لأنهما متعاونان.
قال: (ويَحْرُمُ على المُحْرِم أكلُه مما صاده، أو كان له أثرٌ في صيدِه، أو ذُبحَ أو صِيدَ لأجلِه).
قال الشيخ: نعم يحرم على المحرم أكله مما صاده هو وحكمه كالميتة لو صاد المحرم صيدا فهو كالميتة بالنسبة له لا يجوز له أكله وكذلك ما له أثر في صيده أو دلالة أو إعانة أو كذلك ما صيد أو ذبح لأجله من الصيد ممنوع منه.
قال: (وما حَرُم عليه لنحو دِلالةٍ، أو صِيدَ له؛ لا يَحرُمُ على مُحْرِمٍ غيرِه).
قال الشيخ: إنما يحرم على المحرم نفسه، محرم دل محرما على صيد فصاده يحرم على المحرم هذا ولا يحرم على محرم آخر لم يدله.
قال: (ويَضمنُ بَيْضَ صَيْدٍ، ولَبَنَه إذا حلبَه بقيمتِه).
قال الشيخ: يقوم كم يساوي بيض الصيد أو لبنه القيمة ثم تخرج القيمة يتصدق بها.
قال: (ولا يَملكُ المُحْرِم ابتداءً صيداً بغيرِ إرثٍ).
قال الشيخ: يعني المحرم لا يشتري الصيد وهو محرم ولا يملكه ولا يصح لكن دخله في ملكه بدون اختياره مثل موت مورثه وله صيد هنا هذا ملك قهري دخل ملكه بدون اختياره فليس فيه شيء.
قال: (وإن أَحْرَم وبِملكِه صيدٌ لم يَزُل، ولا يدُه الحكميةُ، بل تزالُ يدُه المشاهدةُ بإرسالِه).
قال الشيخ: إذا أحرم وبملكه صيد الملك باق، ولا يده الحكمية يعني يتصرف فيه يقول يا فلان هناك صيد في المكان الفلاني، لكن يده المشاهدة بإرساله يعني لا يمسكه بيده ما دام محرما، لكن يده الحكمية حكما يتصرف فيه، يا فلان الصيد الفلاني ترى كذا في وقت كذا تأتي كذا هذه يده الحكمية أما يده المشاهدة ما يأخذه بيده بل يرسله ما دام محرما.
قال: (وَلَا يَحْرُمُ) بإحرامٍ أو حَرَمٍ (حَيْوانٌ إِنْسِيٌّ)؛ كالدجاجِ وبهيمةِ الأنعامِ؛ لأنَّه ليس بصيدٍ).
قال الشيخ: سواء في الإحرام أو في الحرم هذا حيوان إنسي كالدجاج والإبل والبقر والغنم لأنه ليس بصيد.
قال: (وقد كان النَّبيُّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يذبحُ البُدْنَ في إحرامِه بالحرمِ).
قال الشيخ: ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر ثلاثا ستين بيده عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع وهو محرم.
قال: (وَلَا) يحرمُ (صَيْدُ البَحْرِ) إن لم يكن بالحرمِ).
قال الشيخ: الصيد إذا كان بالحرم فيمنع.
قال: (لقولِه تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ) [المائدة: 96]. وطيرُ الماءِ بريُّ).
قال الشيخ: طير الماء حكمه حكم البري.
قال: (وَلَا) يَحْرُم بِحَرَمٍ ولا إحرامٍ (قَتْلُ مُحَرَّمِ الأَكْلِ)؛ كالأسدِ، والنمرِ، والكلبِ، إلا المتولِّدَ كما تقدَّم).
قال الشيخ: المتولد منه ومن غيره، المتولد مما هو محرم أكله يمنع.
قال: (وَلَا) يَحْرُم قتلُ الصيدِ (الصَّائِلِ) دفعاً عن نفسِه أو مالِه، سواءٌ خَشِي التَّلَفَ أو الضَّرَرَ بجرحِه؛ لأنَّه التحق بالمؤذياتِ، فصار كالكلبِ العقورِ. ويُسنُّ مطلقاً قتلُ كلِّ مؤذٍ غيرِ آدمي. ويَحْرُم بإحرامٍ قتلُ قَمْلٍ وصِئْبَانِهِ ولو برميه، ولا جزاءَ فيه، لا براغيثَ وقُرادٍ ونحوِهما).
قال الشيخ: صئبان هي القمل الصغار ولو برميه يأخذه ويرميه ولو بقتله هذا لا جزاء فيه، ظاهره أن البراغيث والقراد ليس فيه شيء. قال: لا براغيث وقراد عند علق عليها.
طالب: لا براغيث وقراد قال المحشي: كبعوض ففي الفروع: قال الصحابة: ولا شيء في بعوض، وبراغيث وقراد، لأنها ليست بصيد، ولا متولدة من البدن، ومؤذية بطبعها، وقال شيخ الإسلام: وإذا قرصته البراغيث والقمل، فله إلقاؤها عنه، وله قتلها، ولا شيء عليه، وإلقاؤها أهون من قتلها، وقال أيضا: إن قرصه ذلك قتله مجانا، وإلا فلا يقتله، وقال غير واحد، لم يحرم الله قتله، وأما التفلي بدون التأذي فهو من الترفه، فلا يفعله، ولو فعله فلا شيء عليه. انتهى.
قال الشيخ: التفلي معناه هو استخراج قمل الرأس وهو غير مؤذ وإذا كان مؤذيا فيؤجله حتى يتحلل من إحرامه، وإذا كان مؤذيا هذا معناه الإزالة والبراغيث والقراد فلا شيء عليه.
قال: (وُيْضَمنُ جَرَادٌ بقيمتِه).
قال الشيخ: لأن الجراد صيد بري وليس صيدا بحريا يضمن بالقيمة يقوم، والقيمة يتصدق بها، وهذا الجراد يأتي في بعض الأحيان ويبيعونه الآن يعني يضعونها في كيس وهو قيمة كذا كذا الكيس الصغير الذي فيه جراد يعد بالأصابع خمسين ريالا كانوا يبيعونه قبل سنتين مثل الخمسين ريالا هذه المحرم يتصدق بخمسين هذا قيمتها وإن كان مقدارها مرتين مائة ريال وهكذا.
قال: (ولمُحْرِمٍ احتاج لِفِعْلِ محظورٍ فعلُه ويفدي).
قال الشيخ: لا شيء عليه ولا إثم عليه إذا احتاج وإن كان فعله وهو غير محتاج فعليه الفدية والتوبة من الإثم.
قال: (وكذا لو اضطرَّ إلى أَكْلِ صَيْدٍ فله ذَبْحُه وأكلُه؛ كمن بالحرمِ، ولا يُباحُ إلا لمن له أكلُ الميتةِ).
قال الشيخ: كما يضطر الإنسان لأكل الميتة إذا اضطر لأكل صيد فله ذبحه وأكله كمن بالحرم، كذلك من بالحرم اضطر إلى أكل صيد أكل من صيد الحرم واختلف العلماء هل الأولى أن يأكل الصيد أو يأكل الميتة؟ بعض العلماء يقولون: يأكل الميتة، قال آخرون الأقرب الصيد ولا يأكل الميتة يكون محتاجها، لكن هل يدفع قيمتها إذا أيسر أو لا؟ محل نظر تكلم عليها، وكذلك اضطر إلى أكل صيد.
طالب: قال ابن قاسم رحمه الله: ما لم يجد ميتة وتقدم، ويفدي لأنه ذبحه لمصلحته.
قال الشيخ: معناه أن الميتة مقدمة، فيه خلاف، فيصل ما تكلم عنه ظاهره فيه خلاف، يعني هل الأولى أن يأكل ميتة أو يأكل الصيد؟ يعني إذا اضطر المحرم أصابه جوع شديد ولم يجد إلا صيدا أو ميتة أيهما يقدم؟ هل يأكل الصيد بعض العلماء يقولون يأكل الميتة لأن الصيد فيه ترفه الأقرب والله أعلم أنه يقدم الصيد لأنه مضطر الآن.
طالب: قال في ((الشرح الكبير)): (مسألة: (ومن اضطر إلى أكل الصيد، أو احتاج إلى شيء من هذه المحظورات فله فِعله؛ وعليه الفِداء) إذا اضطر إلى أكل الصيد أبيح له ذلك بغير خلاف علمناه لقوله سبحانه: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195] وترك الأكل مع القدرة عند الضرورة إلقاء بيده إلى التَّهلُكة، ومتى قَتَله لزمه ضمانه، سواء وجد غيره أو لم يجد.
وقال الأوزاعي: لا يضمنه؛ لأنه مباح أشبه صيد البحر.
ولنا: عموم الآية؛ ولأنه قتله من غير معنىً حدث من الصيد يقتضي قتله فضمنه كغيره، ولأنه أتلفه لدفع الأذى عن نفسه، لا لمعنىً منه، أشبه حلق الشعر لأذىً برأسه.
قال الشيخ: ماذا يقول الشيخ عبد الله الجاسر تخصص في منسكه خاص ينبغي أن يرجع إليه في هذا في المنتصف منتصف الصفحة وإذ قرب إليه الميتة.
طالب قال الشيخ عبد الله بن جاسر رحمه الله تعالى في كتابه مفيد الأنام منير الظلام في تحرير الأحكام لحج بيت الله الحرام: وقال أيضا: وإذا اضطر المحرم فوجد صيداً وميتة أكل الميتة، وبهذا قال الحسن الثوري ومالك، وقال الشافعي وإسحاق وابن المنذر: يأكل الصيد وهذه المسألة مبنية على أنه إذا ذبح الصيد كان ميتة فيساوي الميتة في التحريم ويمتاز بإيجاب الجزاء وما يتعلق به من هتك حرمة الإحرام، ذ فلذلك كان أكل الميتة أولى إلا أن لا تطيب نفسه بأكلها فيأكل الصيد كما لم يجد غيره انتهى كلام المغني، والذي مشى عليه في المنتهى والإقناع وغيرهما أن المحرم يقدم أكل الميتة على الصيد، ورأيت حاشية هذا نصها فيه: إن الميتة محرمة لذاتها والصيد محرم لسبب عارض، وقولهم إن تذكية المحرم له تجعله ميتة ليس نصاً من الشارع وإنما هي كلمة فقيه لا تصح إلا من باب التشبيه، ثم إن أكل الميتة ضار في الغالب والتعرض للضرر حرام في نفسه. انتهى.
قلت: ويعلم الله أن لو وقعت لي هذه المسألة عياذاً بالله لقدمت أكل الصيد على الميتة وسقت الجزاء؛ لأن نفسي لا تطيب بأكلها على ما ذكره الموفق، والله غفور رحيم.
قال الشيخ: إن لم تطب نفسه قال والله أعلم أنه يقدم الصيد الحمد لله لأنه مضطر، يضمن إذا أيسر ولكن الميتة ضارة ولا تقبلها النفس، نسأل الله السلامة والعافية.
قال: (ولا يباح إلا لمن له أكل الميتة).
قال الشيخ: يعني لا يباح الصيد إلا لمن له أكل الميتة.
قال: (السابعُ: عقدُ النِّكاحِ، وقد ذكره بقولِه: (وَيَحْرُمُ عَقْدُ نِكَاحٍ)، فلو تزوَّج المُحْرِمُ، أو زوَّج مُحْرِمَةً، أو كان وليًّا أو وكيلاً في النكاحِ؛ حَرُمَ، (وَلَا يَصِحُّ)؛ لما روى مسلمٌ عن عثمانَ رضي الله عنه مرفوعاً: «لَا يَنْكِحِ المُحْرِمُ، وَلَا يُنْكِحُ»).
قال الشيخ: لا ينكح يعني لا يتزوج هو بنفسه عقد النكاح، ولا ينكح أي يزوج غيره وليته، فلا يكون وليا ولا يكون شاهدا ولا وكيلا، ولو فعل فلا يصح النكاح، ولو عقد لا يصح النكاح يعاد النكاح ويجدد عقد النكاح بعد أن يتحلل وليس فيه فدية.
قال: (وَلَا فِدْيَةَ) في عقدِ النكاحِ، كشراءِ الصيدِ).
قال الشيخ: يعني إذا شراء الصيد يحرم عليه لكن ما فيه فدية.
قال: (ولا فرق بين الإحرامِ الصحيحِ والفاسدِ. ويُكْرَه للمُحْرِم أنْ يخطِبَ امرأةً كخُطبةِ عقدِه، وحضورِه، وشهادتِه فيه).
قال الشيخ: هذا مكروه أن يخطب المرأة وهو محرم وكذلك يخطب الخطبة عند عقد النكاح وهو محرم لا يتولى الخطبة يقول: الحمد لله نحمده ونستعينه نستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ويقرأ الآيات هذه الخطبة قبل عقد النكاح لا يخطب المحرم يتولى الخطبة غيره وكذلك حضوره، كونه يحضر وشهادته كل هذا ممنوع.
قال: (وَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ)، أي: لو راجع المُحْرِمُ امرأتِه صحَّت بلا كراهةٍ؛ لأنَّه إمساكٌ، وكذا شراءُ أمةٍ للوطءِ).
قال الشيخ: يجوز كل هذا.
قال: (الثامنُ: الوَطْءُ، وإليه الإشارة بقولِه: (وَإِنْ جَامَعَ المُحْرِمُ)؛ بأن غيَّب الحشَفةَ في قُبُلٍ أو دُبُرٍ مِن آدمي أو غيرِه؛ حرم لقولِه تعالى: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ) [البقرة: 197]، قال ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: «هُوَ الجِمَاعُ».
وإن كان الوطءُ (قَبْلَ التَّحَلُّلِ الأَوَّلِ؛ فَسَدَ نُسُكُهُمَا)، ولو بعدَ الوقوفِ بعرفةَ)
قال الشيخ: هذا إشارة لقول الأحناف قالوا قبل الوقوف بعرفة يفسد وإذا كان بعد الوقوف بعرفة فلا يفسد، هنا المذهب ولو بعد الوقوف لأن التحلل إنما يحصل بالرمي والحلق، ولكنه ما رمى ولا حلق العبرة بالرمي إذا كان الجماع قبل الرمي والحلق فسد ولو بعد الوقوف، والأحناف عندهم إذا كان بعد الوقوف لا يفسد النكاح أو لم يرمي ولم يحلق.
قال: (ولا فرق بين العامدِ والساهي؛ لقضاءِ بعضِ الصحابةِ بفسادِ الحجِّ ولم يَستفصِل، (وَيَمْضِيَانِ فِيهِ)، أي: يجبُ على الواطئ والموطوءةِ المضيُّ في النسكِ الفاسدِ، ولا يَخرجان منه بالوطءِ؛ رُوي عن عمرَ، وعليٍّ، وأبي هريرةَ، وابنِ عباسٍ رضي الله عنهم، فحكمُه كالإحرامِ الصحيحِ).
قال الشيخ: يعني هذا مروي عن الصحابة أن في الوطء بدنة وروي عن الصحابة أيضا أنه لا فرق بين النسك الفاسد والصحيح، الحكم واحد لعموم قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله المروي عن عمر وعلى وأبي هريرة وجمع من الصحابة.
قال: (لقولِه تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلهِ) [البقرة: 196]، (وَيَقْضِيَانِهِ) وجوباً (ثَانِيَ عَامٍ)؛ رُوي عن ابنِ عباسٍ، وابنِ عمرَ، وابنِ عمرو رضي الله عنهم، وغيرُ المكلَّفِ يقضي بعد تكلِيفِه وحجَّةِ الإسلامِ فوراً مِن حيثُ أحرمَ أوَّلاً إن كان قبلَ ميقاتٍ، وإلا فمِنه).
قال الشيخ: يحج غير مكلف يعني الصبي يمكن، كيف يجامع الصبي وهو صبي معناه ما بلغ، من هو غير المكلف الذي يحج ويقضي؟ الصبي كيف يجامع وهو صبي ما بلغ، لا يخالف، ولكن هل أفسد حجه قبل البلوغ أم بعد البلوغ؟ كيف يفسد الحج هل له جماع؟ إذا جامع يعني صار مكلفا. انظر في قوله: ولا فرق بين العامد والساهي لقضاء بعض الصحابة، إذا جامع الآن يفسد الحج سواء كان عامدا أو ساهيا يعني لا يعلم إن كان محرما أو ناسك، والقول الثاني أن الناسي لا يفسد حجه لعموم الأدلة التي فيها أن.. غير مكلف هو الصبي أول شيء انظر الفرق بين العامد والساهي.
طالب: ولا فرق بين العامد والساهي لقضاء بعض الصحابة رضي الله عنهم بفساد الحج، ولم يستفصل قال المحشي رحمه الله: هذا المذهب المشهور، وقول جمهور العلماء.
وعند قوله ولم يستفصل قال المحشي: وهو ابن عمر رضي الله عنهما، وعليه بدنة، لقول ابن عباس: أهد ناقة وهو مذهب مالك، والشافعي، ولو كان قارنا فدم واحد، وفاقا لهما أيضا، وعنه: لا يفسد حج الناسي، والجاهل، والمكره، ونحوهم، وهو جديد قولي الشافعي، واختاره صاحب الفائق، والشيخ: وغيرهما وأنه لا شيء عليه ولما حكى الأقوال في المجامع في رمضان.
قال الشيخ: هذا القول الثاني والرواية الثانية عن الإمام أحمد أن الناسي والمكره والجاهل معفو عنهم إذا جامع ناسيا أو جاهلا أو مكرها فحجه صحيح لعموم الأدلة، وهو مذهب الشافعي واختاره شيخ الإسلام.
طالب: ولما حكى الأقوال في المجامع في رمضان ناسيًا أو جاهلا، ورجح أن لا قضاء عليه، ولا كفارة لما قد ثبت بدلالة الكتاب والسنة، قال: وطرد هذا أن الحج لا يبطل بفعل شيء من المحظورات لا ناسيًا، ولا مخطئا لا الجماع ولا غيره، وهو أظهر قولي الشافعي، قال في الفروع: وهو متجه.
قال الشيخ: صح هذا هو الذي عليه الأصول والأدلة أن المكره والجاهل والناسي معفو عنهم، (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) قال الله قد فعلت، كما ثبت في صحيح مسلم أن الله قال قد فعلت، وفي الحديث رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
يمكن أن ينظر قوله وغير مكلف يقضي بعد تكليفه حجة الإسلام فورا.
طالب: حاشية المشايخ: قال رحمه الله وغير المكلف يقضي بعد تكليفه حجة الإسلام فورا قال المحشي: وهذا قول أكثر العلماء أن الصبي يلزمه القضاء بعد بلوغه وعند الحنفية لا يلزمه القضاء واحتج الجمهور بأنه إفساد موجب للفدية فأوجب القضاء كوطء البالغ ولأنه إحرام صحيح فوجب عليه القضاء إذا أفسده كحج التطوع في حق البالغ، واحتج الحنفية بالقياس على صومه وصلاته فلا يلزمه قضاء ما أفسده منها. انتهى.
قال الشيخ: هو صبي إلى البلوغ يسمى صبيا إذا جامع وهو ما بلغ يفسد الحج بالجماع عند الجمهور يقضي وعند الحنابلة لا يقضي، وعلى هذا يقضي من حيث أحرم أولا إن كان قبل الميقات بدأ منه وإلا فمن الميقات من حيث أحرم يعني القضاء يعني الصبي إذا حج حجة الإسلام يقضي هذه الحجة من المكان الذي أحرم منه إن كان من الميقات فمن الميقات.
طالب في تعليق من الشيخ الجاسر على نفس المسألة: ولا يفسد الإحرام بشيء من المحظورات غير الجماع قبل التحلل الأول، وعلى الواطئ والموطوءة المضي في فاسده ولا يخرجان منه بالوطء، وحكم الإحرام الذي أفسده المحرم بالجماع حكم الإحرام الصحيح، فيفعل بعد الفساد كما كان يفعل قبله من الوقوف وغيره ويجتنب ما يجتنب قبل الفساد من الوطء وغيره، وعليه الفدية إذا فعل محظوراً بعد الإفساد، ويقضي من فسد نسكه بالوطء كبيراً كان أو صغيراً نصاً، واطئاً أو موطوءة، فرضاً كان الذي أفسده أو نفلا أو نذراً فوراً، قال في الغاية غاية المنتهي لابن مرعي الحنبلي: وجوباً. انتهى.
قال الشيخ: هذا يكون في الصبي المجامع، وهذا في الغالب يكون بعد العاشرة.
قال: (وغيرُ المكلَّفِ يقضي بعد تكلِيفِه وحجَّةِ الإسلامِ فوراً مِن حيثُ أحرمَ أوَّلاً إن كان قبلَ ميقاتٍ، وإلا فمِنه وسُنَّ تَفَرُّقُهُما في قضاءٍ مِن موضعِ وَطْءٍ إلى أن يحِلَّا.
والوطءُ بعد التحلُّلِ الأوَّلِ لا يُفسدُ النسكَ، وعليه شاةٌ. ولا فديةَ على مكرَهةٍ، ونفقةُ حجَّةِ قضائِها عليه؛ لأنَّه المفسدُ لِنُسكِها).
قال الشيخ: يعني المرأة المكرهة يفسد حجها ولكن ما عليها فدية ما عليها بدنة، يكون عليه بدنتان بدنة له وبدنة لها وعليه أيضا نفقة حجها في العام القادم، وليتحمل صحيح يفسد نسكها لكن حج القضاء لا تتحمل شيئا منه ولا تتحمل الفدية عليه بدنة وعليها بدنة تكون على الزوج المكره، وبعدها إذا حج حجة ثانية مع حملة وقالوا في الحملة كل واحد بعشرة آلاف يتحمل هو عشرة آلاف لأنه مفسد لنسكها.
قال: (التاسعُ: المباشرةُ دون الفرجِ، وذكرها بقولِه: (وَتَحْرُمُ المُبَاشَرَةُ)، أي: مباشرةُ الرجلِ المرأةَ، (فَإِنْ فَعَلَ)، أي: باشَرَها (فَأَنْزَلَ؛ لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ)، كما لو لم يُنْزِل، ولا يَصحُّ قياسُها على الوطءِ؛ لأنَّه يجبُ به الحدُّ دونها).
قال الشيخ: إذا أنزل لا يفسد الحج بخلاف المجامع يفسد الحج.
قال: (وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ) إنْ أنْزَل بمباشرةٍ، أو قبلةٍ، أو تكرارِ نَظَر، أو لمسٍ لشهوةٍ، أو أمنى باستمناءٍ؛ قياساً على بدنةِ الوطءِ، وإن لم ينزل فشاةٌ كفديةِ أذى).
قال الشيخ: هذا فيه نظر قياسه على الوطء ما دام ليس مثله فكيف يساويه في البدنة؟ والأقرب أن ليس عليه إلا شاة، الثاني عندك، ماذا قال؟ الأقرب أن المباشرة لا يجب فيها بدنة لأنها دون الوطء وإذا كان دون الوطء فينبغي أن تكون الفدية دونه.
طالب: قياسا على بدنة الوطء قال المحشي: أي وعليه بدنة إن أمنى باستمناء، قياسا على وجوب بدنة عليه بالوطء، وقال الوزير وغيره: إذا لم يفسد حجه، فمذهب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي: عليه شاة.
قال الشيخ: وهو الصواب عليه شاة دونه ولا يمكن قياس مع الفارق.
قال: (وخطأٌ في ذلك كعمدٍ، وامرأةٌ مع شهوةٍ كرجلٍ في ذلك. (لَكِنْ يُحْرِمُ) بعدَ أن يَخرُجَ (مِنَ الحِلِّ)؛ ليَجمعَ في إحرامِه بين الحِلِّ والحرمِ (لِطَوَافِ الفَرْضِ)، أي: ليطوفَ طوافَ الزيارةِ مُحْرِماً).
قال الشيخ: قالوا الآن فسد إحرامه، ولا يفسد نسكه لكن هل هذا في الجماع أو في المباشرة، في المباشرة، يقول إنه إذا باشر وأنزل يحرم من الحل وهذا خطأ والصواب أن هذا خاص بالوطء لا بالمباشرة، المباشرة لا تفسد الحج فكيف يخرج إلى الحل ليحرم منه.
قال: (وظاهرُ كلامِه: أنَّ هذا في المباشِرِ دونَ الفرجِ إذا أنزل، وهو غيرُ متَّجِهٍ؛ لأنَّه لم يفسد إحرامُه حتى يحتاجَ لتجديدِه، فالمباشرةُ كسائرِ المحرماتِ غيرِ الوطءِ، هذا مقتضى كلامِه في الإقناعِ، كالمنتهى، والمقنعِ، والتنقيحِ، والإنصافِ، والمبدعِ وغيرِها، وإنما ذكروا هذا الحكمَ فِيمن وطِئ بعد التحلِّلِ الأوَّلِ إلا أن يكونَ على وجهِ الاحتياطِ؛ مراعاةً للقولِ بالإفسادِ).
طالب: قال المحشي بعد هذا الكلام الطويل عقب قوله مراعاة للقول بالإفساد: هذا متجه من هذه الحيثية.
قال الشيخ: الصواب أنه لم يفسد إحرامه المباشر ما فسد إحرامه لأنه فيه الفدية.
قال: (وَإِحْرَامُ المَرْأةِ) فيما تقدَّم (كَالرَّجُلِ، إِلَّا فِي اللِّبَاسِ)، أي: لباسِ المخيطِ، فلا يَحرمُ عليها، ولا تغطيةُ الرأسِ، (وَتَجْتَنِبُ البُرْقُعَ، وَالقُفَّازَيْنِ)؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم: «لَا تَنْتَقِبُ المَرْأَةُ، وَلَا تَلْبَسُ القُفَّازَيْنِ» رواه البخاري وغيره، والقفَّازان: شيءٌ يُعملُ لليدين يَدخلان فيه يستُرُهما مِن الحرِّ كما يُعملُ للبُزاةِ. ويَفدي الرجلُ والمرأةُ بلُبسِهما).
قال الشيخ: القفازان ممنوع منهم الرجل والمرأة لليدين، أما شراب الرجلين فهذا لا بأس به للمرأة.
قال: (وَ) تجتنبُ أيضاً (تَغْطِيَةَ وَجْهِهَا)؛ لقولِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إحْرَامُ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ، وَإِحْرَامُ المَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا»).
قال الشيخ: يقول رواه الطبراني والدارقطني والبيهقي من طريق ابن عمر مرفوعا وروي موقوفا على ابن عمر، إحرام الرجل في رأسه ماذا قال التخريج عليه عندك؟
طالب: يقول أخرجه الطبراني في الأوسط.
قال الشيخ: في الحاشية يقول مروي عن بعض الفقهاء أظن فيه ثبوت عن ابن عمر؟
طالب: قال المحشي: كذا أوردوه عفا الله عنهم، وإنما رواه الدارقطني عن ابن عمر موقوفا، وقال ابن القيم: ما روي في إحرام المرأة في وجهها لا أصل له ولا تقوم به حجة، ولا يترك له الحديث الصحيح الدال على أن وجهها كبدنها، وقال شيخ الإسلام: لم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إحرام المرأة في وجهها» ، وإنما قال هذا القول بعض السلف، وقال ابن القيم: وإنما يحرم ستره بما أعد للعضو، كالنقاب ونحوه، لا مطلق الستر كاليدين، وليس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرف واحد، في وجوب كشف المرأة وجهها عند الإحرام.
قال الشيخ: هذا الكلام لمن؟
طالب: لابن القيم.
قال الشيخ: لا، الحاشية لمن؟
طالب: لابن القاسم.
قال الشيخ: هنا نسبه لابن عمر هل صح فيه تخريج؟ الشيخ جاسر، شيخ الإسلام قال ما روي عن الصحابة قول لبعض السلف ما روي عن ابن عمر. أطلق حاشية من؟
طالب: قال رواه الدراقطني في سننه مرفوعا، كتاب الحج باب ما جاء في إحرام المرأة والبيهقي في السنن كتاب الحج باب لا تنتقب المرأة لإحرامها ولا تلبس القفازين وفي معرفة السنن والآثار باب تغطية المرأة في إحرامها والطبراني في المعجم الكبير رقم، قال البيهقي هكذا رواه الداروردي وغيره موقوفا عن ابن عمر، قال ابن القيم في تهذيب سنن أبي داود هذا الحديث لا أصل له ولم يره أحد من أصحاب الكتب المعتمد عليها ولا يعرف له إسناد ولا تقوم به حجة، وينظر للاستزادة البدر المنير.
قال الشيخ: نفس الكلام ما فيه شيء جديد.
طالب: أخرجه الدارقطني والبيهقي في السنن كتاب الحج باب لا تنتقب المرأة لإحرامها من طريق هشام بن حسان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما.
قال الشيخ: يعني ثابت عن ابن عمر من طريق هشام بن حسان.
طالب: من طريق هشام بن حسان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما.
قال الشيخ: ابن القيم يقول روي عن بعض السلف وشيخ الإسلام يرى أنه ما روي عن بعض الصحابة يروى عن بعض الصحابة فيه تقوية له تحتاج إلى تخريج الحديث هشام بن حسان ومن قبل هشام بن حسان يحتاج إلى تخريج، هل هو ثابت عن ابن عمر وعنه موقوفا ما رأيه في تخريجه هنا سكت عليه.
قال: (فتضعُ الثوبَ فوقَ رأسِها وتسدِلُه على وجهِها لمرورِ الرجالِ قريباً منها. (وَيُبَاحُ لَهَا التَّحَلِّيَ) بالخَلْخَالِ، والسِّوارِ، والدُّمْلجِ ونحوِها. ويُسنُّ لها خِضابٌ عند إحرامٍ، وكُرِه بعدَه. وكُره لهما اكتحالٌ بإثمدٍ لزينةٍ. ولهما لُبْسُ مُعصفرٍ وكُحْليٍّ، وقَطْعُ رائحةٍ كريهةٍ بغيرِ طيبٍ، واتجارٌ وعملُ صَنْعَةٍ ما لم يشغلا عن واجبٍ أو مستحبٍ، وله لُبسُ خاتمٍ. ويَجتنبانِ الرفثَ والفسوقَ والجدالَ. وتُسَنُّ قِلَّةُ الكلامِ إلا فيما يَنفعُ).
طالب: تخريج الحديث: قال الحافظ ابن حجر في تلخيصه التلخيص الحبير قوله: روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: إحرام المرأة في وجهها.
الدارقطني والطبراني والعقيلي وابن عدي والبيهقي من حديث ابن عمر بلفظ: "لَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ حَرَمٌ إلَّا في وَجْهِهَا".
وفي إسناده أيوب بن محمَّد أبو الجمل وهو ضعيف، قال ابن عدي: تفرد برفعه. وقال العقيلي: لا يتابع على رفعه، إنما يروى موقوفًا.
وقال الدارقطني في "العلل": الصواب وقفه. وقال البيهقي: قد روي من وجه آخر مجهول، والصحيح وقفه.
قلت (هذا الباحث): وتابع أيوب هذا متابعة قاصرة من طريق حسان عن ابن عمر وإسناده حسن إلا أنه أيضا رواه مرة مرفوعا وأخرى موقوفا فالصواب والله أعلم الوقف كما قال الدارقطني وغيره والله أعلم.
طالب: هذا أحد الباحثين في ملتقى أهل الحديث. الصحيح وقفه.
قال الشيخ: هذا موقوف، شيخ الإسلام وابن القيم يرون أنه من كلام بعض السلف، وعلى هذا يكون له أصل عن ابن عمر يقول إن المرأة ليس لها أن تغطي وجهها إذا كانت مع النساء لا تغطي وجهها إلا عند الرجال الأجانب لحاجة للضرورة، لأن الأدلة دلت على أنها تستر وجهها.
وهل تجافي أو لا تجافي بعض العلماء قال تجافي الستر، وهذا فيه مشقة ولا تستطيع أن تجافي قال بعض الفقهاء تجعل عودا المقصود أن جاء عن ابن عمر، قوله ويباح لها التحلي المحرمة بالخلخال في رجلها والسوار في يدها والدملج أظن في أذنها ونحوها، ويسن لها خضاب عند الإحرام وكره بعده على السنية تحتاج إلى دليل، وكره لهما اكتحال بإثمد لزينة، ولهما لبس المعصفر والمعصفر المصبوغ بالعصفر وكحلي وقطع رائحة كريهة بغير طيب واتجار عمل التجارة وعمل صنعة ما لم يشغلا عن واجب أو مستحب مثل صاحب السيارة الأجرة يتردد بين المشاعر ما لم يشغل عن واجب لا بأس هذا نوع من التجارة وله لبس الخاتم عند الحاجة مثل نظارة العين وساعة اليد ويجتنبان الرفث والفسوق والجدال، ويسن قلة الكلام إلا فيما ينفع.
قوله هنا ويسن لها الخضاب عند إحرام تكلم عليها؟ سنية الخضاب يسن لها المرأة الخضاب عند الإحرام.
طالب: حاشية المشايخ: ويسن لها الخضاب قبل إحرام ويكره بعده وهذا قول الجمهور كراهية الحناء للمحرم لأنه ليس بطيب ويقصد منه لونه فقط دون رائحته، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال كان نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخضبن وهن محرمات، رواه البيهقي في المعرفة وفيه يعقوب ضعفه ابن معين وأبو زرعة والنسائي، وعند الحنفية يحرم الحناء للمحرم لحديث أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تتطيبي وأنت محرمة ولا تمسي الحناء فإنه طيب رواه البيهقي في المعرفة وفي إسناده ابن لهيعة.
قال الشيخ: لا يصح ليس بطيب، يقصد الجمهور يقول يسن وهو قال يكره. حديث ابن عمر في البيهقي من السنة أن تدلك المرأة يدها ثابت هذا عن ابن عمر؟ لابد من تخريجه، باب الفدية.
قال الحجاوي رحمه الله: (باب الفدية
يخير بفدية حلق وتقليم وتغطية رأس وطيب ولبس مخيط بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد بر أو نصف صاع تمر أو شعير أو ذبح شاة.
وبجزاء صيد بين مثل "إن كان" أو تقويمه بدراهم يشترى بها طعاما فيطعم لكل مسكين مدا أو يصوم عن كل مد يوما وبما لا مثل له بين إطعام وصيام.
وأما دم متعة وقران فيجب الهدي، فإن عدمه فصيام ثلاثة أيام، والأفضل كون آخرها يوم عرفة وسبعة إذا رجع إلى أهله، والمحصر إذا لم يجد هديا صام عشرة أيام ثم حل.
ويجب بوطء في فرج في الحج بدنة وفي العمرة شاة وإن طاوعته زوجته لزماها).
قال الشيخ: باب الفدية قال يخير بفدية حلق هذا واحد حلق شعر وتقليم الأظفار وتغطية رأس وطيب ولبس مخيط ولبس مخيط ساقطة من النسخة عندي هذه، خمسة أشياء وهذا هو الصواب حلق وتقليم وتغطية رأس وطيب ولبس مخيط إذا فعلها عالما ذاكرا مختارا هذه الشروط عليه الفدية، بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد بر، يعني ربع الصاع، أو نصف صاع التمر أو الشعير وهذا التفصيل ذهب إليه معاوية رضي الله عنه لما جاء السمرة في الشام والصواب أنه لا فرق بينها نصف ساع سواء كان برا أو غيره أو ذبح شاة، هذا إذا فعله ذاكرا عالما مختارا.
أما إذا فعله جاهلا أو ناسيا فلا شيء عليه، وإذا فعلها ذاكرا مكرها فلا شيء عليه، وإذا فعلها ذاكرا مختارا محتاجا فلا إثم عليه وعليه الفدية، وإن لم يكن محتاجا فعليه الإثم والفدية، وبجزاء صيد بين مثل "إن كان" أو تقويمه بدراهم يشترى بها طعاما فيطعم لكل مسكين مدا، والآخر كل مسكين مدان نصف صاع، أو يصوم عن كل مد يوما وبما لا مثل له بين إطعام وصيام: إذا قتل صيدا فإن الصيد نوعان نوع قضت فيه الصحابة، ونوع لم تقض فيه الصحابة ما قضت به الصحابة فإن عليه أن يقضي بما قضت به الصحابة، ومما قضت فيه الصحابة في النعامة بدنة والحمامة شاة واليربوع جفرة، وفي الأيل والتيثل وبقرة الوحش بقرة، فإذا صاد صيدا قضت فيه الصحابة فإنه يدفع الجزاء الذي قضت به الصحابة، أو يقوم ما قضت به الصحابة كم تساوي قضى الصحابة في الحمامة بشاة كم ثمنها كم تساوي الشاة قالوا تساوي خمسمائة، يشتري بخمسمائة طعاما ويطعم كل مسكين مدا كم في خمسمائة ريال من طعام؟ قد يكون أيام كثيرة قد يأتي عليه سنة كاملة وهو يصوم أو أن يطعم عن كل مسكين خمسمائة لو قدرنا خمسمائة ويشتري بها طعاما ويطعم كل مسكين نصف صاع، أو لا يشتري وإنما يصوم عن إطعام كل يوم يوما، إذا كانت خمسين مدا خمسين يوما خمسين مسكينا خمسين يوما وهكذا، هذا إذا كان له مثل، وإن لم يكن له مثل يرجع إلى قول عدلين فالعدلان يقومانه فالعدلان اللذان يقومانه قالا هذا الذي صاده يساوي كذا وكذا، يساوي خمسمائة إن شاء أخرجها وإن شاء اشترى بها طعاما فيطعم عن كل يوم مسكينا نصف صاع أو يصوم عن إطعام كل مسكين يوما.
قال: وأما دم متعة وقران فيجب الهدي، فإن عدمه صام ثلاثة أيام، والأفضل كون آخرها يوم عرفة حتى يصومها قبل يوم العيد وإن فاتت ففي أيام التشريق الثلاثة، وقوله آخرها يوم عرفة ليس بظاهر والأفضل أن يكون آخرها يوم الثامن حتى يكون يوم عرفة مفطرا يكون أقوى له على العبادة، وسبعة إذا رجع إلى أهله فإن لم يرجع إلى أهله وبقي في مكة أو قريب منها يصوم، والمحصر إذا لم يجد هديا صام عشرا، المحصر الذي منعه من الحج مانع مرض أو غيره يذبح هديا فإن لم يجد هديا صام عشرة أيام ثم حل. قال: ويجب بوطء في فرج في الحج بدنة إذا جامع المحرم في الحج عليه بدنة، وفي العمرة عليه شاة، وإن طاوعته زوجته لزماها، وإن لم تطاوعه وأكرهها يكون هو الملزم بما وجب عليها.
قال الإمام البهوتي رحمه الله تعالى في الروض: (بَابُ الفِدْيَةِ)
أي: أقسامِها، وقَدْرِ ما يجبُ، والمستحِقِّ لأَخْذِها.
(يُخَيَّرُ بِفِدْيَةٍ)، أي: في فديةِ (حَلْقٍ) فوقَ شعرتين، (وَتَقْلِيمٍ) فوقَ ظُفْرَيْن).
قال الشيخ: كما سبق على الخلاف.
قال: (وَتَغْطِيَةِ رَأْسٍ، وَطِيبٍ)، ولُبْسِ مَخِيطٍ؛ (بَيْنَ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ إِطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدُّ بُرٍّ، أَوْ نِصْفُ صَاعِ تَمْرٍ، أَوْ شَعِيرٍ، أَوْ ذَبْحِ شَاةٍ).
قال الشيخ: هذا التفصيل بين البر وغيره إنما جاء في زمن معاوية لما جاءت السمراء، والمد ربع الصاع، يعني إذا كان من البر مد، وإن كان من التمر والشعير نصف صاع.
قال: (لقولِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكعبِ بنِ عجرةَ: «لَعَلَّكَ آذَاكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟»، قال: نعم يا رسولَ اللهِ، فقال: «احْلِقْ رَأْسَكَ، وَصُمْ ثَلَاثَةً، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ انْسُكْ شَاةً» متفقٌ عليه، و «أَوْ» للتَّخييرِ، وأُلْحِقَ الباقي بالحلقِ).
قال الشيخ: الحلق هو الأصل والباقي مقيس عليه.
قال: (وَ) يُخيَّر بِـ (جَزَاءِ صَيْدٍ: بَيْنَ) ذبحِ (مِثْلٍ إِنْ كَانَ) له مِثْلٌ مِن النَّعَمِ، (أَوْ تَقْوِيمِهِ)، أي: المِثْلِ بمَحَلِّ التَّلَفِ أو قُرْبِه (بِدَرَاهِمَ يَشْتَرِي بِهَا طَعَاماً) يُجْزِئُ في فِطْرَةٍ، أو يُخْرِجُ بِعَدْلِه مِنْ طعامِه، (فَيُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِيْنٍ مُدًّا) إنْ كان الطعامُ بُرًّا، وإلَّا فَمُدَّيْن، (أَوْ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ) مِن البُرِّ (يَوْماً)؛ لقولِه تعالى: (فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) الآية [المائدة: 95]، وإنْ بَقِيَ دونَ مُدٍّ صام يوماً (وَ) يُخيَّر (بِمَا لَا مِثْلَ لَهُ) بعدَ أنْ يُقوِّمَه بدراهِمَ لتعذُّرِ المِثْلِ، ويشتري بها طعاماً كما مَرَّ؛ (بَيْنَ إِطْعَامٍ) كما مَرَّ، (وَصِيْامٍ) على ما تقدَّم).
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الشيخ منصور بن يونس البهوتي رحمه الله تعالى في شرح زاد المستقنع: (وَإِنْ طَاوَعَتْهُ زَوْجَتُهُ لَزِمَهَا)، أي: ما ذُكِرَ من الفِدْيَةِ في الحجِّ والعمرةِ، وفي نسخةٌ: (لَزِمَاهَا)، أي: البدنةُ في الحجِّ، والشاةُ في العمرةِ.
والمُكْرَهةُ لا فديةَ عليها.
وتقدَّم حُكْمُ المباشرةِ دون الفرجِ، ولا شيءَ على مَنْ فكَّر فأنزل.
والدمُ الواجبُ لفواتٍ، أو تركِ واجبٍ؛ كمتعةٍ).
قال الشيخ: المكرهة لا فدية عليها، وتقدم حكم المباشرة دون الفرج بالتفصيل عند قوله فعليه بدنة من أنزل بمباشرة أو قبلة ولا شيء على من فكر فأنزل لأنه لا اختيار له، والدم الواجب لفوات إذا فات الحج يجب عليه دم شاة إذا فات الحج، أو ترك واجبا أحرم دون الميقات أو ترك المبيت بمنى ومزدلفة كواجب متعة. وهذا الفصل تابع له.
قال الحجاوي: (فصل: ومن كرر محظورا من جنس ولم يفد فدى مرة، بخلاف صيد، ومن فعل محظورا من أجناس فدى لكل مرة رفض إحرامه أو لا. ويسقط بنسيان فدية لبس وطيب وتغطية رأس دون وطء وصيد وتقليم وحلاق.
وكل هدي أو إطعام فلمساكين الحرم، وفدية الأذى واللبس ونحوهما ودم الإحصار حيث وجد سببه، ويجزئ الصوم بكل مكان، والدم شاة أو سبع بدنة وتجزئ عنها بقرة).
قال الشيخ: ومن كرر محظورا من جنس ولم يفد فدى مرة، بخلاف صيد إذا كرر لبس المخيط أو كرر الطيب أو كرر حلق الشعر أو كرر تقليم الأظفار ولم يفد فدى واحدة، فإن كان حلق ثم فدى ثم حلق في نفس اليوم يفدي فدية ثانية، لكن إذا كررها ولم يفد فدى مرة واحدة، وإن فدى ثم عاد فدى فدية ثانية، بخلاف الصيد لكل صيد جزاء يختلف، صاد نعامة وشاة، من يقول كررها جزاء واحدة، جزاؤه جزاءين كل واحد جزاء في الصيد، ومن فعل محظورا من أجناس فدى لكل مرة، يعني إذا كرر محظورا من جنس أما إذا فدى محظورا من أجناس يعني غطى رأسه ولبس المخيط وحلق شعره وقلم ظفره وتطيب هذه خمس يفدي لكل واحد فدية؛ لأنها أجناس مختلفة بخلاف إذا كرر الطيب أو كرر واحدة منها فدى واحدة، رفض إحرامه أو لا حتى لو رفض إحرامه الإحرام لا يرفض، كل ما فعل محظورا يلزمه ولو رفض إحرامه.
قال: ويسقط بنسيان فدية لبس وطيب وتغطية رأس دون وطء وصيد وتقليم وحلاق، لماذا تسقط هذه بالنسيان؟ يسقط فدية الطيب واللبس وتغطية الرأس دون وطء وصيد وتقليم وحلاق هذه الثلاثة الأولى تسقط بالنسيان، والأربعة الثانية لا تسقط بالنسيان لماذا؟ قال لأن الأولى ليس فيها إتلاف أما الوطء والصيد والتقليم فيه إتلاف فرقوا بينها، هذا على المذهب والرواية الثانية أنه لا فرق بينها وهذا هو الصواب، كلها إذا فعلها ناسيا أو جاهلا فلا شيء عليه. والتفريق بينهما بأن هذا فيه إتلاف وهذا ليس فيه إتلاف لا وجه له ليس بظاهر، كلها إذا فعلها ناسيا أو جاهلا أو مكرها فلا شيء عليه، وإن فعلها مختارا ذاكرا عالما فعليه الفدية لكن إن كان محتاجا فلا إثم عليه إن لم يكن محتاجا فعليه الإثم مع الكفارة.
قال: وكل هدي أو إطعام فلمساكين الحرم، يلزمه هدي إطعام طعام لمساكين الحرم، وفدية الأذى واللبس ونحوهما ودم الإحصار حيث وجد سببه: إذا حلق رأسه في الطريق يفدي في الطريق، فعلها في مكة يفدي في مكة حيث وجد سببه، ولبس المخيط لبسه وهو محرم في الطريق يفدي في الطريق وإن كان في مكة يفدي في مكة، ودم الإحصار حيث وجد سببه إذا منع من دخول مكة وهو بالحديبية يذبح بالحديبية منعوه ببدر يذبح ببدر، وهكذا حيث وجد سببه، ويجزئ الصوم بكل مكان: إذا قيل عليه صوم ففي كل مكان لأنه لا يستأذن أحدا في مكة أو في بلده في أي مكان، والدم إذا كان لزمه دم شاة كاملة أو سبع بدنة أو سبع بقرة يعني واحد من سبعة من بقرة أو بدنة، وتجزئ عنها بقرة.
قال الشيخ منصور بن يونس البهوتي رحمه الله تعالى: (فَصْلٌ) (وَمَنْ كَرَّرَ مَحْظُوراً مِنْ جِنْسٍ) واحدٍ، بأنْ حَلَقَ، أو قَلَّمَ، أو لَبِسَ مَخِيطاً، أو تَطَيَّبَ، أو وَطِئَ ثم أعاده (وَلَمْ يَفْدِ) لِما سبق؛ (فَدَى مَرَّةً)، سواءٌ فعلَه متتابعاً أو متفرِّقاً؛ لأنَّ اللهَ تعالى أَوْجَب في حلقِ الرأسِ فديةً واحدةً، ولم يُفرِّق بين ما وقع في دُفْعةٍ أو دُفُعاتٍ. وإنْ كفَّر عن السابقِ ثم أعادَه؛ لزمته الفديةُ ثانياً. (بِخِلَافِ صَيْدٍ)، ففيه بعَدَدِه ولو في دفْعةٍ).
قال الشيخ: يعني لو رمى رمية واحدة صاد فيها ثلاث حمامات عليه ثلاث شياه كل واحدة عن حمامة.
قال: (لقولِه تعالى: (فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) [المائدة: 95]. (وَمَنْ فَعَلَ مَحْظُوراً مِنْ أَجْنَاسٍ)؛ بأنْ حلَقَ وقلَّم أظفارَه ولبِسَ المخيطَ؛ (فَدَى لِكُلٍّ مَرَّةً)، أي: لكلِّ جنسٍ فِدْيَتَه الواجبةَ فيه، سواءٌ (رَفَضَ إِحْرَامَهُ أَوْ لَا)، إذْ التَّحلُّلُ مِن الحجِّ لا يَحصلُ إلا بأحدِ ثلاثةِ أشياءٍ: كمالِ أفعالِه، أو التحلُّلِ عند الحصرِ، أو بالعُذْرِ إذا شَرَطه في ابتدائِه، وما عدا هذه لا يتحلَّلُ به).
قال الشيخ: واحد من الثلاثة يتحلل به.
قال: (ولو نوى التحلُّل لم يَحِلَّ).
قال الشيخ: ولو نوى التحلل وهو محرم لم يحل بالنية.
قال: (ولا يفسُدُ إحرامُه برفضِه، بل هو باقٍ يلزمُه أحكامُه).
قال الشيخ: ولو رفض إحرامه لا يرفض باق على إحرامه وإذا فعل المحظور لزمه.
قال: (وليس عليه لرفضِ الإحرامِ شيءٌ؛ لأنه مجردُ نيةٍ. (وَيَسْقُطُ بِنِسْيَانٍ)، أو جهلٍ، أو إكراهٍ؛ (فِدْيَةُ لُبْسٍ، وَطِيبٍ، وَتَغْطِيَةِ رَأْسٍ)؛ لحديثِ: «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنِ الخَطَأِ، وَالنِّسْيَانِ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ»، ومتى زال عُذْرُه أزالَه في الحالِ، (دُونَ) فديةِ (وَطْءٍ، وَصَيْدٍ، وَتَقْلِيمٍ، وَحِلَاقٍ)، فتجبُ مطلقاً؛ لأنَّ ذلك إتلافٌ، فاستوى عمدُه وسهوُه؛ كمالِ الآدميِّ).
قال الشيخ: قياسا على كمال الآدمي والصواب عدم التفريق بينهما ليست كمال الآدمي الصواب لا فرق بينهما. هل ذكر الفرق عندك في الحاشية الخلاف؟
طالب: أي كإتلاف مال آدمي، وقال ابن كثير وغيره: كالعمد في قتله والخطأ سواء عند جمهور العلماء، إلا أن المتعمد آثم، والمخطئ غير آثم، وقال غير واحد: تجب بقتل الصيد مطلقا لظاهر الخبر والأثر، في جزاء الصيد وبيضه.
قال الشيخ: الصيد هذا لا بأس لكن غير الصيد حتى الصيد قال تعالى ومن قتله منكم متعمدا قالوا المتعمد تجب عليه الفدية بالقرآن وغير المتعمد تجب الفدية بالسنة، ما ذكر خلافا آخر، هذه حاشية من؟
طالب: ابن قاسم.
قال الشيخ: النسخة الثانية ما قال شيئا، معروف الرواية الثانية عن الإمام أحمد عنه.
طالب: قال الشيخ صالح البليهي رحمه الله في السلسبيل في معرفة الدليل: قوله وصيد لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم) فمذهب أكثر العلماء خلفا وسلفا منهم الأئمة الثلاثة وجوب الجزاء ولو كان قاتل الصيد جاهلا أو ناسيا لأنه عليه السلام جعل في الضبع يصيده المحرم كبشا وكذا الوقائع التي جرت في زمن الصحابة وحكموا فيها ولم يحصل من الرسول صلى الله عليه وسلم ولا من الصحابة سؤال ولا تفريق، ولأن الأصل في المتلفات الضمان وقال الزهري على المتعمد بالكتاب وعلى المخطئ بالسنة وعند ابن عباس وابن جبير وابن حزم وداود الظاهري وهو اختيار الشيخ عبد الرحمن السعدي من قتل صيدا خطأ لا جزاء عليه.
قال الشيخ: هذا في الصيد لكن بقي غير الصيد، التقليم والحلق.
طالب: قال قوله وتقليم وحلق والصحيح عندي أنه لا إثم ولا كفارة إذا فعل المحرم ذلك ناسيا أو جاهلا لعموم ما تقدم من الأدلة قريبا.
قال الشيخ: وهو الصواب لكن قال عندي ما نقل.
طالب: قال صاحب الروض: دون فدية وطء وصيد وتقليم وحلاق فتجب مطلقا وقال المحشي: فاعل المحظور لا يخلو من أحوال ثلاثة الأول أن يفعل المحظور عالما ذاكرا مختارا بلا عذر فيأثم لمخالفته النهي وتجب عليه الفدية لقوله تعالى ففدية من صيام أو صدقة، ولحديث كعب بن عجرة وتقدم قريبا فإذا كان هذا في المعذور فغيره من باب أولى، الثاني أن يفعل المحظور عالما ذاكرا مختارا معذورا كأن يحتاج للبس قميص لبرد يخاف ضرره أو يحلق رأسه لمرض ونحو ذلك فتجب الفدية لما تقدم من الآية، الثالث أن يفعل المحظور جاهلا أو ناسيا أو مكرها فلا يأثم عليه العذر لكن اختلف العلماء في لزوم الكفارة فعند الحنابلة والشافعية أن ما كان من قبيل الإتلاف تجب فيه الفدية كالوطء والصيد والتقليم والحلق، وما ليس فيه إتلاف كاللبس والطيب والتغطية لا فدية فيه، إلا أن الشافعية استثنوا الوطء فلا فدية فيه، وعند الحنفية والمالكية أن الجاهل والمكره والناسي حكمه حكم العامد، وعند الإمام أحمد واختاره الشيخ شيخ الإسلام ابن القيم أنه لا كفارة عليه مطلقا، واستدل الشافعية والحنابلة بما أورده المؤلف وأيضا فإن الحلق والتقليم ونحوها مما فيه إتلاف فات على وجه لا يمكن تداركه بخلاف اللباس والطيب والتغطية، واستدل الحنفية والمالكية أن العذر بالجهل والنسيان والإكراه يرفع الإثم دون الكفارة لوجود الارتفاق الكامل.
قال الشيخ: السابق قول الحنفية والمالكية فيها، لكن ما ذكر رواية أخرى عن الإمام أحمد؟
طالب: قال وعند الإمام أحمد واختاره الشيخ ألا كفارة عليه مطلقا.
قال الشيخ: هذا هو الصواب، وهو قول الحنفية والمالكية فيه فرق بينها.
قال رحمه الله: (وإن استدام لُبْسَ مخيطٍ أحرم فيه ولو لحظةً فوقَ المعتادِ مِن خَلْعِه؛ فدى، ولا يشُقُّه. (وَكُلُّ هَدْيٍ، أَوْ إِطْعَامٍ) يتعلَّقُ بحرمٍ أو إحرامٍ؛ كجزاءِ صيدٍ، ودمِ متعةٍ، وقِرانٍ، ومنذورٍ، وما وجب لتركِ واجبٍ، أو فعلِ محظورٍ في الحرمِ؛ (فَـ) ـإنه يلزمُه ذبحُه في الحرمِ، قال أحمدُ رحمه الله: (مكةُ ومنى واحِدٌ).
قال الشيخ: يعني كلها حرم الإطعام وما يتعلق بحرم وإحرام؟ مثل جزاء الصيد ودم متعة وقران ومنذور وترك واجب في الحرم يكون في الحرم.
قال: (والأفضلُ نَحْرُ ما بحجٍّ بمِنَى، وما بعمرةٍ بالمروةِ).
قال الشيخ: ما وجب عليه بالحج يذبحه بمنى وما وجب بالعمرة يذبحه بالمروة، هذا أول لما كان الناس قلة وكان الناس يذبحون في أي مكان، الآن ليس فيه اختيار في هذا، ينحره في مكان النحر يعني في المسلخ؛ لأنه لا يمكنه نحره عند المروة.
قال: (ويلزمُ تَفْرِقَةُ لحمِه، أو إطلاقِه (لِمَسَاكِينِ الحَرَمِ)؛ لأنَّ القصدَ التوسعةُ عليهم، وهم المقيم به والمجتازُ مِنْ حاجٍّ وغيرِه مِمن له أخذُ زكاةٍ لحاجةٍ).
قال الشيخ: يلزمه يعني لا يذبحه يرميه لا، لازم يفرق لحمه أو يطلقه لمساكين أي جاء مساكين أطلقه في أيديهم، يعني القصد التوسعة عليهم من هم المساكين قال هم المقيم في مكة والمجتاز به من حج وغيره ممن له أخذ الزكاة لحاجة، يعني إذن المساكين من كان ساكنا في مكة أو كان حاجا وهو فقير له أخذ الزكاة يأخذ.
قال: (وإن سلَّمه لهم حيًّا فذبحوه أجزأ، وإلا ردَّه وذبحَه).
قال الشيخ: لا يسلمه للمساكين حيا إلا أن يذبحوه، وهو ينظر فإن كان يخشى ألا يذبحوه يذبح هو ويعطيهم إياها.
قال: (وَفِدْيَةُ الأَذَى)، أي: الحلقِ، (وَاللُّبْسِ، وَنَحْوِهِمَا)؛ كطيبٍ، وتغطيةِ رأسٍ، وكلِّ محظورٍ فَعَلَه خارجَ الحرمِ، (وَدَمُ الإِحْصَارِ؛ حَيْثُ وُجِدَ سَبَبُهُ).
قال الشيخ: يعني إذا فعله خارج الحرم أدى الفدية خارج الحرم، ودم الإحصار أيضا في المكان الذي أحصر فيه.
قال: (مِن حِلٍّ أو حَرَمٍ؛ لأنَّه صلى الله عليه وسلم نحر هديَه في موضعِه بالحديبية، وهي مِن الحلِّ، ويُجْزِئُ بالحرمِ أيضاً.
(وَيُجْزِئُ الصَّوْمُ) والحلقُ (بِكُلِّ مَكَانٍ)؛ لأنَّه لا يَتعدَّى نفعُه لأحدٍ، فلا فائدةَ لتخصيصِه. (وَالدَّمُ) المطلقُ كأضحيةٍ).
قال الشيخ: كالذي يجزئ في الأضحية.
قال: (شاةٌ)؛ جذعُ ضأنٍ، أو ثَنِيُّ مَعْزٍ، (أَوْ سُبُعُ بَدَنَةٍ) أو بقرةٍ، فإنْ ذبحها فأفضلُ).
قال الشيخ: يعني لو ذبحها كلها فهو أفضل، يعني لو وجب عليه سبع بدنة أو بقرة فذبحها كلها أفضل.
قال: (وتجبُ كلُّها (وتُجْزِئُ عَنْهَا)، أي: عن البدنةِ: (بَقَرةٌ)، ولو في جزاءِ صيدٍ، كعكسِه)
قال الشيخ: كالعكس تجزئ عن البقرة بدنة، وتجزئ عن البدنة بقرة.
قال: (وعن سَبْعِ شياهٍ: بدنةٌ أو بقرةٌ مطلقاً).
قال الشيخ: والله أعلم وصلى الله على محمد. فيه بعض الأسئلة سؤالان ثلاثة الأسئلة المهمة.
يقول السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، قال في الإقناع وشرحه قال القاضي وغيره لو كان المخيط غير معتاد كجورب في كف أو خف في رأس فعليه الفدية في العمومات ما رأيكم في هذا القول.
قال الشيخ: خف في رأس هذا صار ملاصقا فوق رأسه وجورب في كف معناها لبس القفازين وخف في رأس ملاصق، هذا كلام صحيح. الآن الكف له جورب الآن السابق يمكن ما كان فيه، فيه جورب للمرأة الآن فيه جورب للرجل. صحيح هذا كلام صحيح.
سؤال: يقول هل يجزئه إن سلم قيمة الدم لمساكين الحرم وأوصاهم أن يشتروا بها شاة مثلا؟
قال الشيخ: مر أنه لا يسلمه لهم حيا ليذبحوه فكيف يسلمه لهم قيمة هذا أبعد وأبعد حتى ولو كان حيا لا يسلمه إلا إذا ذبحه لأنه يخشى ألا يذبحوه.
سؤال: يقول صليت خمسة عشر يوما في رمضان العصر والمغرب والعشاء والتراويح في وضوء العصر ثم ذكرت أني آكل لحم إبل بالسمبوسة فهل يعيد المغرب والعشاء؟
قال الشيخ: نعم يعيد على الصحيح، إذا كان أكل لحم الإبل لأن لحم الإبل فيها حديث عيد المغرب والعشاء والعصر ثلاثة أوقات المغرب والعشاء في رمضان هو، العصر والمغرب والعشاء العصر ما أفطر، فقط المغرب والعشاء.
سؤال: ما الدليل على ترتب الإثم على فعل المحظورات بدون حاجة؟
قال الشيخ: لأن الله قال ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله، هذا نهي والنهي للتحريم والتحريم فيه إثم وبقية المحظورات قياس عليها.
طالب: والله أعلم.
قال الشيخ: وفق الله الجميع لطاعته، وصلى الله على محمد.