شعار الموقع
شعار الموقع

شرح كتاب الفتوى الحموية الكبرى ( 2 ) من قوله واعلم أن ليس في العقل الصريح ولا في النقل الصحيح ما وجب مخالفة الطريقة السلفية أصلاً إلى وقال رسول الله ﷺ لا تمتلئ النار حتى يضع الجبار فيها قدمه...

00:00

00:00

تحميل
112

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين أما بعد : 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : 

( متن ) 

واعلم أن ليس في العقل الصريح ولا في النقل الصحيح ما وجب مخالفة الطريقة السلفية أصلاً لكن هذا الموضع لا يتسع للجواب عن الشبهات الواردة على الحق، فمن كان في قلبه شبهة وأحب حلَّها فذلك سهل يسير , ثم المخالفون للكتاب والسنة وسلف الأمة من المتأولين لهذا الباب في أمر مريج 

( شرح ) 

في أمر مختلط نسأل الله السلامة , طريقة السلف ما فيها إشكال , طريقة السلف واضحة إثبات الأسماء و الصفات لله سبحانه على ما يليق بجلاله و عظمته و أهل البدع في أمر مريج مختلط متناقضون ليسوا متفقين على شيء . 

( متن ) 

ثم المخالفون للكتاب والسنة وسلف الأمة من المتأولين لهذا الباب في أمر مريج، فإن من ينكر الرؤية، يزعم أن العقل يحيلها، وأنه مضطر فيها إلى التأويل، ومن يحيل أن لله علمًا وقدرة، وأن يكون كلامه غير مخلوق ونحو ذلك يقول: إن العقل أحال ذلك، فاضطر إلى التأويل 

( شرح ) 

كل طائفة تدعي أن عقلها اضطرها إلى التأويل فالذي ينكر رؤية الله يوم القيامة يقول لا العقل يحيل أن يرى الله يوم القيامة، لأن الرؤية لا تكن إلا لجسم متحيز و الله ليس بجسم و لا متحيزاً، فإذا كان كذلك يستحيل أن يرى بالعين و الذين ينفون لله العلم و القدرة و السمع يقولون يستحيل أن يوصف الله بهذه الصفة لأن هذا تشبيه بالمخلوقات كل طائفة تدعي أن عقلها أحال ذلك فهم في أمر مختلط ما عندهم شيء منضبط ،لأنهم رجعوا إلى العقول و العقول متباينة متضادة متضاربة , لكن الله لم يحيلهم إلى العقول و إنما نزل الكتاب و بين رسوله ﷺ و أنزل على رسوله الوحي الثاني السنة و أوحى لنبيه السنة، ليرجع الناس إلى الكتاب و السنة و ليعملوا بها لأ لا يرجعوا إلى عقولهم و زبالة أذهانهم ووحالة أفكارهم لأنها غير منضبطة الله تعالى ما أحالهم إلى أمر غير منضبط إنما أمرهم بالعمل بكتابه و سنة رسوله ﷺ أنزله للهداية . 

( متن ) 

بل من ينكر حقيقة حشر الأجساد، والأكل والشرب الحقيقي في الجنة يزعم أن العقل أحال ذلك 

( شرح ) 

و هم الكفرة , حتى الكفرة ينكرون البعث والحشر و حشر الأجساد و أنها تبعث الأجساد يقولون العقل يحيل هذا، مثل الكفرة ابن سينا و غيره، يقولون ما فيه  الأجساد ما تحال كيف تعاد الأجساد بعد أن بليت و صارت تراباً هذا مستحيل إنما الذي تعاد الروح هذا إذا فتح هذا الباب ضاع الدين، و العياذ بالله نسأل الله السلامة و العافية  . 

( متن ) 

وأنه مضطر إلى التأويل، ومن زعم أن الله ليس فوق العرش يزعم أن العقل أحال ذلك 

( شرح ) 

كذلك الذين ينفون الفوقية و العلو يقولون هذا مستحيل أن يكون الله فوق العرش، لأنه إذا صار فوق العرش صار متحيزاً و محدوداً و جسماً و هذا تنقص الله أعلى من أن يكون جسماً و أن يكون محدوداً فإذاً يستحسل أن يكون فوق العرش, فإذا أين يكون ؟ قال بعضهم يكون في كل مكان -و العياذ بالله- و قال آخرون ليس بمكان لا داخل العالم و لا خارجه و لا فوقه و لا تحته و لا مباين له و لا محايد له و لا متصل به و لا منفصل عنه ماذا يكون ؟ العدم بل الامتناع أعظم وأعظم، هكذا -و العياذ بالله- استحوذ عليهم الشيطان و أوصلهم إلى هذه الحالة . 

( متن ) 

يزعمون أن العقل أحال ذلك، وأنه مضطر إلى التأويل ويكفيك دليلاً على فساد قول هؤلاء أن ليس لواحد منهم قاعدة مستمرة فيما يحيله العقل، بل منهم من يزعم أن العقل جوّز أو أوجب ما يدّعي الآخر أن العقل أحاله 

( شرح ) 

لأن العقول متضاربة هذا يدعي أن العقل يجيز هذا و الآخر يدعي أن العقل يمنع هذا , هذا شيء واحد بعضهم يدعي أن العقل أجازه و بعضهم يدعي أن العقل منعه، الآراء متضاربة إلى أي عقل نرجع ؟ يقولون أن الله أحالنا إلى العقول أي عقل نرجع ؟ نرجع إلى عقول المشبهة قالوا أن الله له صفات كصفات المخلوقين، و إذا رجعنا إلى عقل المعطلة قالوا  أن الله ليس له صفات أي عقل نرجع إليه ؟ ما هو العقل الذي يرجع إليه ؟ فهم في أمر مريج مضطرب متضارب و متضاربون، بعضهم يزعم أن العقل يوجب إثبات الصفات مثل صفات المخلوقين و بعضهم يقول أن العقل يحيل أن تثبت صفات الله أي عقل يرجع إليه ؟ نسأل الله السلامة و العافية

( متن ) 

فيا ليت شعري بأي عقل يُوزن الكتاب والسنة، فرضي الله عن الإمام مالك بن أنس حيث قال: «أوَكلما جاءنا رجل أجدل من رجل..... 

( شرح ) 

أجدل يعني أشد جدل و أكثر جدل كل ماجاء رجل جدلي نترك الكتاب و السنة لجدله، و يأتي واحد آخر أجدل منه و أشد جدل و هكذا . 

( متن ) 

أوَكلما جاءنا رجل أجدل من رجل تركنا ما جاء به جبريل إلى محمد ﷺ لجدل هؤلاء؟ 

وكل من هؤلاء مخصوم بما خصم به الآخر، وهو من وجوه 
أحدها: بيان أن العقل لا يحيل ذلك 

( شرح ) 

دعواه أن العقل يبين أن العقل لا يحيل ذلك، أي استحالة في أن يكون الله فوق العرش ؟ العقل يوجب هذا أن الله تعالى فوق مخلوقاته و فوقهم بعد أن تنتهي المخلوقات التي سقفها عرش الرحمن فالله فوق العرش، مطلع على عباده محيط بهم تنفذ فيهم قدرته و مشيئته يعلم أحوالهم و يراهم و هو مع كل مؤمن و مع كل إنسان بعلمه و إحاطته و اطلاعه و هو معهم بنصره و تأييده و هو فوق العرش أي إحالة في هذا؟ 

( متن ) 

الثاني: أن النصوص الواردة لا تحتمل التأويل. 
الثالث: أن عامة هذه الأمور قد علم أن الرسول ﷺ جاء بها بالاضطرار، كما علم أنه جاء بالصلوات الخمس، وصوم شهر رمضان، فالتأويل الذي يحيلها عن هذا بمنزلة تأويلات القرامطة والباطنية في الحج والصوم . 

( شرح ) 

نعم لو فتح باب التأويل القرامطة و الباطنية تسلطوا على الجهمية و المعتزلة الباطنية , الجهمية و المعتزلة قالوا ننفي الصفات لله العلم و السمع و البصر نقول الله ليس مشتملا على ذلك , قلنا ليش ؟ قالوا العقل يحيل ذلك , ما المرد ؟ قالوا المراد المعاني المجازية استوى يعني استولى، تسلط عليهم القرامطة و الباطنية , القرامطة و الباطنية قالوا ما في صلاة و لا صوم و لا زكاة و لا حج و لا بعث و الحج و الصوم قالوا أن الصلاة معناها أسماء خمسة من علي و فاطمة و وحسن و الحسين و محسن هذه الصلاة و الصوم كتمان سر المشايخ مشايخهم، و الحج السفر إلى شيوخهم و البعث ما في بعث للأجساد في بعث للأرواح، قال لهم الجهمية و المعتزلة ليش تنكرون هذا ؟ حرام عليكم هذا كفر لأنكم بدلتم الدين أولتم هذه أشياء صريحة لا يمكن تأول , قالوا أنتم أولتم الاستواء ما الفرق بين هذا و هذا أولتم الإستواء و أولتم العلم و أولتم الرحمة، إذا كان إذا كان يجوز لكم هذا التأويل فما الذي يمنع هذا التأويل، نحن الآن نؤول البعث، فتسلطوا عليهم و فتحوا باب الشر لهم لأن المعتزلة و الجهمية فتحوا باب للقرامطة و الباطنية فأولوا نصوص الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و البعث و الجنة و النار كل هذه قالوا ليست على ظاهرها و الذي فتح لهم هذا الباب هم الجهمية نسأل الله العافية . 

( متن ) 

الثالث: أن عامة هذه الأمور قد علم أن الرسول ﷺ جاء بها بالاضطرار، كما علم أنه جاء بالصلوات الخمس، وصوم شهر رمضان، فالتأويل الذي يحيلها عن هذا بمنزلة تأويلات القرامطة والباطنية في الحج والصوم والصلاة وسائر ما جاءت به النبوات 

( شرح ) 

نعم لأنهم أولوا , ما في عندهم لا صلاة و لا صوم و لا زكاة كلها أولوها و لا بعث و لا جنة و لا نار كلها أولوها . 

( متن ) 

الرابع: أن يبين أن العقل الصريح يوافق ما جاءت به النصوص، وإن كان في النصوص من التفصيل ما يعجز العقل عن درك تفصيله 

(شرح ) 

نعم لأن العقل الصريح يوافق النقل الصريح و الشريعة ما جاءت بشيء ينافي العقول الصريحة لكن جاءت بما تتحير به العقول و لا تدركه على استقلاله, الشريعة لم تأت بشيء تحيله العقول و إنما جاءت بشي تتحير به العقول , و هذا هو معنى قول العلماء الشريعة جاءت بمحارات العقول لا بمحالاتها، يعني جاءت بما تتحير به العقول لا بما تحيله و تنكره، فالعقل الصريح يوافق النقل الصريح.

ولهذا ألف شيخ الإسلام -رحمه الله- كتاب سماه موافقة النقل الصريح للعقل الصحيح كتاب عظيم . 

( متن ) 

الرابع: أن يبين أن العقل الصريح يوافق ما جاءت به النصوص، وإن كان في النصوص من التفصيل ما يعجز العقل عن درك تفصيله وإنما عقله مجملاً إلى غير ذلك من الوجوه، على أن الأساطين من هؤلاء والفحول معترفون بأن العقل لا سبيل له إلى اليقين في عامة المطالب الإلهية 

( شرح ) 

نعم الأساطين و الفحول و العقلاء من الفلاسفة القدامة و غيرهم معترفون بأن العقل لا يمكن أن يدرك تفاصيل ما جاءت به الشريعة و الأساطين من الفلاسفة و القدامة كلهم يعظمون الشرائع و الإلاهيات و يقولون إن الرسل جاءت بهذا و نحن اختصاصنا بالرياضيات و الطبيعيات و لا نتدخل في هذا و هم في الجملة يسلمون للرسل في الإلاهيات حتى جاء الفلاسفة الناشئون و رئيسهم أرسطو ثم الفارابي ثم ابن سينا فجاءوا بالقول بقدم العالم و قالوا أن العالم قديم، و هذا معناه إنكار لوجود الله نعوذ بالله . 

( متن ) 

على أن الأساطين من هؤلاء والفحول معترفون بأن العقل لا سبيل له إلى اليقين في عامة المطالب الإلهية 

( شرح ) 

العقل لا سبيل له في عامة المطالب الإلهية و إنما هذا من خواص الوحي مما جاء به الوحي . 

( متن ) 

وإذا كان هكذا، فالواجب تلقّي علم ذلك من النبوات على ما هو عليه ومن المعلوم للمؤمنين أن الله تعالى بعث محمدًا ﷺ  بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، وأنه بيّن للناس ما أخبرهم به من أمور الإيمان بالله واليوم الآخر 
والإيمان بالله واليوم الآخر يتضمن الإيمان بالمبدأ والمعاد، وهو الإيمان بالخلق والبعث كما جمع بينهما في قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ

( شرح ) 

بعث رسول الله بالهدى و دين الحق، و الهدى و دين الحق هو أصله الإيمان بالمبدأ و المعاد الخالق المدبر المحيي المميت و أن الله يبعث من في القبور و يجازيهم و يحاسبهم . 

( متن ) 

وقال تعالى: مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ، وقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وقد بَيَّن الله تعالى على لسان رسوله ﷺ من أَمْرِ الإيمان بالله واليوم الآخر ما هدى الله به عباده، وكشف به مراده ومعلومٌ للمؤمنين أن رسول الله ﷺ أعلم بذلك من غيره، وأنصح للأمة من غيره، وأفصح من غيره عبارة وبيانًا، بل هو أعلم الخلق بذلك، وأنصح الخلق للأمة، وأفصحهم، وقد اجتمع في حقه ﷺ كمال العلم والقدرة والإرادة . 

( شرح ) 

كمال العلم فهو عالم ليس بجاهل عليه الصلاة و السلام، و كمال القدرة عنده القدرة على الإفصاح، و عنده إرادة أيضاً، عنده إرادة و هو يريد أن يبلغ رسالة ربه و رغبة حتى أن الله تعالى قال للنبي ﷺ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا يعني كاد يهلك نفسه في إبلاغهم و هدايتهم للحق أسفاً عليهم إذا لم يؤمنوا . 

( متن ) 

ومعلومٌ أن المتكلم والفاعل إذا كمل علمه وقدرته وإرادته كمل كلامه وفعله، وإنما يدخل النقص إما من نقص علمه، وإما من عجزه عن بيان علمه، وإما لعدم إرادته البيان . 

( شرح ) 

و الرسول ﷺ كملت في حقه الأمور أعلم الخلق و أفصح الخلق و أفصحهم عنده قدرة على البيان و الله تعالى علمه و سدده و عنده إرادة و رغبة و قوة في تبليغ رسالة ربه . 

( متن ) 

والرسول ﷺ هو الغاية في كمال العلم، والغاية في كمال إرادة البلاغ المبين، والغاية في القدرة على البلاغ المبين، ومع وجود القدرة التامة، والإرادة الجازمة يجب وجود المراد، فعلم قطعًا أن ما بينه من أمر الإيمان بالله واليوم الآخر حصل به مراده من البيان، وما أراده من البيان هو مطابق لعلمه، وعلمه بذلك هو أكمل العلوم، فكل من ظن أن غير الرسول ﷺ أعلم بهذه منه، أو أكمل بيانًا منه، أو أحرص على هدي الخلق منه، فهو من الملحدين لا من المؤمنين . 

( شرح ) 

كما قال بهذا الفلاسفة بعضهم يقول أن الرسول ﷺ ما علم بعض المجهلة يقول أن الرسول ﷺ ما علم ما يعلم معاني الصفات لكن الفلاسفة يعلمونها، و كذلك الأولياء و بعضهم يقول علمها و لكن ما بينها و إنما كتمها لأن مصلحة الناس في أن يكتمها، لأنها يخاطبهم من باب الخطاب الجمهوري ما يصلح للجمهور و إن كان كذب، بعضهم يقول كذب يعني الرسول ﷺ ما بين الحقائق هو يعلمها لكن بين نقيضها لأن مصلحة الناس في هذا و هو و إن كان كذب لكن كذب لهم و لم يكذب عليهم أو كذب لمصلحتهم هكذا يقول بعض الفلاسفة -نسأل الله العافية- و الشيخ هنا يرد عليهم , الرسول عليه الصلاة و السلام أكمل الخلق و أعلم الخلق و أنصح الخلق وأقدرهم على البيان و أتمهم إرادة عليه الصلاة و السلام . 

( متن ) 

والصحابة والتابعون لهم بإحسان ومن سلك سبيل السلف هم في هذا الباب على سبيل الاستقامة وأما المنحرفون عن طريقهم فهم ثلاث طوائف . 

 المتن:

بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على عبد الله و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين , أما بعد : 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : 

والصحابة والتابعون لهم بإحسان ومن سلك سبيل السلف هم في هذا الباب على سبيل الاستقامة 

( شرح ) 

يعني في باب الأسماء و الصفات و باب المعاني و الجزاء و الحساب على الاستقامة يعملون بالنصوص يثبتون لله ما أثبته لنفسه و أثبته له رسوله ﷺ من الأسماء و الصفات و ينفون عنه ما نفى عن نفسه، و يثبتون البعث و المعاد و الجزاء و النشور، و أما أعداؤهم أعداء الرسل فهم على طبقات ثلاث : أهل التخييل , و أهل التأويل , و أهل التجهيل ,

أهل التخييل كما سيأتي يقولون أن من ذكره الأنبياء أو الله أو اليوم الآخر وعن الجنة والنار من باب الخيال لا حقيقة له و لكن الأنبياء يخيلوها للناس من باب الخطاب الجمهوري يخاطبونهم من أجل إصلاح أحوالهم، وإلا ما في لا جنة و لا نار و لا بعث، لكن النبي رجل عبقري يسوس الناس من باب السياسة، هؤلاء كفرة.

وأهل التأويل والتحريف كالجهمية و غيرهم الذين يحرفون الصفات، و أهل التأويل.

أهل التجهيل الذين يجهلون الأنبياء يقولون أن الأنبياء جاهلون في النصوص ما يعرفون معناه و يقولون أن من الفلاسفة من يعلمها يجعلون الفلاسفة أفضل و منهم من يقول أن الرسول علمها و لكن ما بينها للناس كتمها لأن المصلحة تقتضي هذا، و مصلحة الناس في الكتمان -نسأل الله السلامة و العافية- هؤلاء هم أعداء الرسل . 

( متن ) 

وأما المنحرفون عن طريقهم فهم ثلاث طوائف: أهل التخييل، وأهل التأويل، وأهل التجهيل 

فأهل التخييل: هم المتفلسفة ومن سلك سبيلهم من متكلم ومتصوف فإنهم يقولون: إن ما ذكره الرسول ﷺ من أمر الإيمان بالله واليوم الآخر إنما هو تخييل للحقائق لينتفع به الجمهور، لا أنه بَيَّنَ به الحق، ولا هدى به الخلق، ولا أوضح الحقائق 

( شرح ) 

نسأل الله العافية , من باب التخييل يخيل لهم أنها حقائق حتى تستقيم أمورهم و تصلح أحوالهم، و لا يعتدي بعضهم على بعض إذا خافوا يخافون إذا قيل لهم أن هناك جنة و هناك نار و هناك بعث و نشور خافوا و لا يعتدي بعضهم على بعض و إلا في الحقيقة ما في لا جنة و لا نار و لا بعث -نعوذ بالله- هؤلاء هم أهل التخييل ملاحدة نعوذ بالله . 

يقولون أن النبي رجل عبقري و النبوة هبة عبقري يسوس الناس نعوذ -بالله كفرة- ملاحدة . 

( متن ) 

ثم هم على قسمين: 
منهم من يقول: إن الرسول ﷺ لم يعلم الحقائق على ما هي عليه 
ويقولون: إن من الفلاسفة الإلهية من علمها، وكذلك من الأشخاص الذين يسمونهم أولياء من علمها، ويزعمون أن من الفلاسفة أو الأولياء من هو أعلم بالله واليوم الآخر من المرسلين، وهذه مقالة غلاة الملحدين من الفلاسفة والباطنية: باطنية الشيعة وباطنية الصوفية 
ومن منهم من يقول: بل الرسول ﷺ عَلِمَها لكن لم يُبيِّنها، وإنما تكلم بما يناقضها، وأراد من الخلق فَهْمَ ما يناقضها، لأن مصلحة الخلق في هذه الاعتقادات التي لا تطابق الحق 

( شرح ) 

هكذا أهل التخييل طائفتان: طائفة تقول الرسول ﷺ ما يعلم الحقائق التي جاء بها ما يعلم جاهل، و لكن الذي يعلمها الفلاسفة الذين يسمونهم الفلاسفة و الأولياء هؤلاء يعلمون معانيها لكن الرسول جاهل أتى بشيء لا يعلمه.

و الطائفة الثانية: تقول الرسول علم معناها لكن ما بينها كتم الحق كتمها لأن مصلحة الناس في الكتمان مصلحة الناس أن يخبرهم بغير الخلائق و بغير الواقع، فهم طائفتان كلهم ملاحدة الذين يجهلون الرسول يقولون ما يعلم و الذين يقولون أنه علم و كتم نعوذ بالله . 

و الطائفة الأولى: تقول أن الرسول يقرأ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى و هو ما يعرف معناها يقرأ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ما يعرف معنى يصعد و لا معنى استوى , لكن الذي يعلم هذا الفلاسفة و الأولياء الذين يسمونهم أولياء هم الذين يعرفون المعاني و يجعلونهم أعلم بالله من الأنبياء و المرسلين . 

( سؤال ) 

الطالب: (23:11) 

( الشيخ ) 

لا هذا يذكر قصده يمدح الرسول عليه الصلاة و السلام أنه عبقري، لكن كلمة عبقري لا شك أن الرسول أكمل الناس في الصفات و الشجاعة والفهم والعلم، لكن كلمة عبقري فيها ما فيها له ملحوظات  لكن ما هو مثل هؤلاء قصده يمدح الرسول عليه الصلاة و السلام . 

( متن ) 

ويقول هؤلاء: يجب على الرسول أن يدعو الناس إلى اعتقاد التجسيم مع أنه باطل، وإلى اعتقاد معاد الأبدان مع أنه باطل، ويخبرهم بأن أهل الجنة يأكلون ويشربون، مع أن ذلك باطل؛ لأنه لا يمكن دعوة الخلق إلا بهذه الطريق التي تتضمن الكذب لمصلحة العباد 

( شرح ) 

نعم يقولون أن الرسول كذب لكن كذب لهم ما كذب عليهم و فرق بين يكذب لك و يكذب عليك يقولون هو كذب عليهم قال فيه معاد و هو كاذب لكن كذب لهم لمصلحتهم، و المصلحة تقضي ذلك يقول هناك معاد و أبدان و جنة و نار و هو ما في , و هو يقول و يثبت الصفات لله حتى يعتقد الناس أن لله صفات و ليس لله صفات حقيقة ،ولماذا يعمل هذا ؟ قالوا لأن هذا من باب السياسة هذا هو الذي يصلح الناس، فهو كذب لهم، لم يكذب عليهم لكن كذب لهم، و من كذب لمصلحتك فلا بأس هكذا يقولون و العياذ بالله هذا من أبطل الباطل و من أعظم الكفر الاعتقاد هذا من أعظم الكفر . 

( متن ) 

فهذا قول هؤلاء في نصوص الإيمان بالله واليوم الآخر 
وأما الأعمال: فمنهم من يقرها، ومنهم من يجريها هذا المجرى ويقول: إنما يؤمر بها بعض الناس دون بعض 

( شرح ) 

نعم الأعمال مثل الصلاة و الصيام و الزكاة منهم من يقول هكذا أمرهم بالصلاة و الزكاة و منهم من يقول الصلاة و الزكاة يؤمر بها العامة دون الخاصة عامة الناس يؤمرون بها أما الخواص و الأولياء لا يؤمرون بها ما عليهم صلاة و لا زكاة . 

( متن ) 

ويقول: إنما يؤمر بها بعض الناس دون بعض، ويؤمر بها العامة دون الخاصة، وهذه طريقة الباطنية الملاحدة والإسماعيلية ونحوهم . 

وأما أهل التأويل: فيقولون: إن النصوص الواردة في الصفات لم يقصد بها الرسول ﷺ أن يعتقد الناس الباطل، ولكن قصد بها معانٍ ولم يبين لهم تلك المعاني، ولا دَلَّهم عليها، ولكن أراد أن ينظروا فيعرفوا الحق بعقولهم، ثم يجتهدوا في صرف تلك النصوص عن مدلولها، ومقصوده امتحانهم وتكليفهم إتعاب أذهانهم وعقولهم في أن يصرفوا كلامه عن مدلوله ومقتضاه، ويعرفوا الحق من غير جهته، وهذا قول المتكلمة الجهمية والمعتزلة ومن دخل معهم في شيء من ذلك . 

( شرح ) 

هذا قول أهل الكلام ثم أهل التأويل وهو التحريف  الجهمية والمعتزلة، و غيرهم يقولون أن الرسول ﷺ ما بين معاني النصوص قال ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ و لم يبينها لكن وكلها إلى العقول وكلها إلى من يأتي بعده الذي يتأملون و ينظرون و يأولون الكلام حتى يأتون بمعناها بالباطل، و الرسول قال استوى لكن مقصوده الاستيلاء ، و جاء العلماء بعد ذلك و اتعبوا أذهانهم و كدوها حتى استخرجوا المعاني الباطنية و قالوا أن معنى استوى استولى و معنى اليد القدرة و هكذا، هذا قول الجهمية و المعتزلة و الأشاعرة و غيرهم ممن يحرفون النصوص و يتأولونها بتأويلات باطلة نصوص الصفات . 

( متن ) 

والذين قصدنا الرد عليهم في هذه الفتيا هم هؤلاء 

( شرح ) 

الذين قصد الرد عليهم هم الجهمية و غيرهم الذين يحرفون النصوص يحرفون نصوص الصفات و يقولون أن معنى استوى استولى هذا ما قصده أن الفتوى هذه تتعلق بالرد على المؤولين للصفات . 

( متن ) 

والذين قصدنا الرد عليهم في هذه الفتيا هم هؤلاء، إذ كان نفور الناس عن الأَوَّلين مشهورًا 

( شرح ) 

نعم أهل التخييل معروفون أنهم كفرة و ملاحدة و الناس يعرفون هذا واضح أمرهم لكن المصيبة الجهمية و المعتزلة و الأشاعرة الذين يحرفون نصوص الصفات و ينطلي تحريفهم على كثير من الناس و يظنون أنهم أهل الحق . 

( متن ) 

إذ كان نفور الناس عن الأَوَّلين مشهورًا، بخلاف هؤلاء، فإنهم تظاهروا بنصر السنة في مواضع كثيرة وهم في الحقيقة لا للإسلام نصروا، ولا للفلاسفة كسروا 

( شرح ) 

يعني هم تظاهروا بنصر السنة المعتزلة و أنهم نصروا السنة و هم يقول الشيخ رحمه الله في الحقيقة لا نصروا الإسلام و لا كسروا أهل الشرك لا للإسلام نصروا و لا للفلاسفة كسروا الفلاسفة و الملاحدة ما كسروهم ولا ناظروهم و لا أبطلوا حججهم و لا نصروا الإسلام لا هذا و لا هذا، ما نصروا الإسلام و لا يعرف عنهم العبادة يعني هؤلاء الجهميون لا يعرف أن منهم عباد و أنهم أهل خشية و أهل تقى، و لا أيضاً استفيد منهم في ردهم على الفلاسفة بل إنهم أخذوا عن الفلاسفة فلا للإسلام نصروا و لا للفلاسفة كسروا فلا فائدة منهم . 

( متن ) 

وهم في الحقيقة لا للإسلام نصروا، ولا للفلاسفة كسروا، ولكن أولئك الفلاسفة ألزموهم في نصوص المعاد نظير ما ادعوه في نصوص الصفات 

( شرح ) 

تسلطوا عليهم لما حرف الجهمية و المعتزلة قالوا استوى معناه استولى، يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ معناه النعمة و القدرة، فلما فدخل من هذا الباب الفلاسفة و قالوا إن البعث المراد به بعث الأرواح ما فيه الأبدان لا تبعث و إنما تبعث الأرواح ، و الصلاة معناها ليست الصلاة كما نعرف الصلاة معناها خمسة أسماء تقرأ خمسة أسماء علي و فاطمة و الحسن و الحسين و محسن، و الصيام كتمان سر المشايخ مشايخهم و الحج السفر إلى شيوخهم , قال لهم الجهمية و المعتزلة هذا حرام عليكم كيف تؤولون البعث تقولون ما فيه بعث و الجنة تقولون كل هذه خيال ما هو صحيح حرام عليكم هذا كفر ليش تأولون ؟ قالوا: أنتم أولتم ليش أنتم تؤولون الاستواء بمعنى استولى ؟ تؤولون اليد بمعنى القدرة كيف يجوز لكم أن تؤولوا النصوص و نحن لا يجوز لنا أن نؤول النصوص المعاد، إن كان التأويل حرام علينا فحرام عليكم، و إن كان جائز لكم فجائز لنا،  تسلطوا عليهم من الذي فتح لهم الباب باب الكفر ؟ الجهمية و المعتزلة , أنت الآن تؤولون و لا نؤول ؟ إن كان تأويلنا ممنوع فتأويلكم ممنوع و إن كان تأويلكم جائز فتأويلنا جائز مالفرق بين هذا وهذا؟، أنتم تقولون: ( استوى استولى)، و نحن نقول البعث بعث الأرواح، أنتم تقولون الصلاة عبادة خمس صلوات، نحن نقول الصلاة أسماء خمسة و الصيام كتمان سر المشايخ، قالوا: هذا التأويل حرام قالوا: لهم أنتم أولتم فما الذي يبيح لكم التأويل و يحرمه علينا ؟ فتسلطوا عليهم و فتحوا باب الشر لهم. 

( متن ) 

ولكن أولئك الفلاسفة ألزموهم في نصوص المعاد نظير ما ادعوه في نصوص الصفات، فقالوا لهم: نحن نعلم بالاضطرار أن الرسل جاءت بمعاد الأبدان . 

( شرح ) 

من الذي يقول لهم ؟ المعتزلة و الجهمية يقولون للفلاسفة نحن نعلم بالإضطرار أن الرسل جاءت بالبعث و المعاد، فتأويلكم هذا باطل لأن هذا ضرورة جاءت به الرسل . 

( متن ) 

فقالوا لهم: نحن نعلم بالاضطرار أن الرسل جاءت بمعاد الأبدان وقد علمنا الشُّبَه المانعة منه. 
وأهل السنة يقولون لهؤلاء: ونحن نعلم بالاضطرار أن الرسل جاءت بإثبات الصفات، ونصوص الصفات في الكتب الإلهية أكثر وأعظم من نصوص المعاد . 

( شرح ) 

يعني قلبوا عليهم الحجة , الحجة التي احتجوا بها على الفلاسفة الملاحدة احتج بها أهل السنة عليهم في تأويل الصفات، لما أول الفلاسفة نصوص البعث و المعاد و الجنة و النار رد عليهم الجهمية و المعتزلة قالوا نحن نعلم بالاضطرار بدون الرسول أن المعاد ثابت و أن الجنة و النار ثابتتان، أمر ضروري لا جدال فيه فقال لهم أهل السنة و نحن نعلم بالضرورة أن الرسول ﷺ جاء بإثبات الأسماء و الصفات و أن إثباتها في جميع الكتب و أن الشبهة التي تدل على تأويلها باطلة، فاحتجوا عليهم بمثل ما احتجوا هم على الفلاسفة . 

( متن ) 

وأهل السنة يقولون لهؤلاء: ونحن نعلم بالاضطرار أن الرسل جاءت بإثبات الصفات، ونصوص الصفات في الكتب الإلهية أكثر وأعظم من نصوص المعاد ويقولون لهم: معلوم أن مشركي العرب وغيرهم كانوا ينكرون المعاد، وقد أنكروه على الرسول ﷺ وناظروه عليه، بخلاف الصفات، فإنه لم ينكر شيئًا منها أحد من العرب . 

( شرح ) 

نعم نصوص الصفات أولاً لأنها أكثر من نصوص المعاد , ثانياً أن المشركين كانوا يقرون بها و إنما كانوا ينكرون المعاد و لم ينكروها، فكيف يسوغ لكم أن تأولوا الصفات و هي في الكتب أكثر من نصوص البعث و المعاد و لم ينكرها أحد حتى من المشركين . 

( متن ) 

فعلم أن إقرار العقول بالصفات أعظم من إقرارها بالمعاد، وأن إنكار المعاد أعظم من إنكار الصفات، وكيف يجوز مع هذا أن يكون ما أخبر به من الصفات ليس كما أخبر به، وما أخبر به من المعاد هو على ما أخبر به . 

( شرح ) 

هذا فيه رد على الجهمية و المعتزلة إذا كانت نصوص الصفات أكثر معناه إقرار العقول بها أكثر من إقرار بالبعث والمعاد، فكيف يسوغ لكم أن تأولوا الصفات مع إن إقرار العقول بها أكثر، و أنتم تعترفون أن نصوص البعث و المعاد لا يمكن أن تؤول، مع أن نصوص الصفات أكثر و إقرار العقول بها أكثر، فإذا كان لا يسوغ و لا يجوز تأويل نصوص المعاد فلا يجوز من باب أولى تأويل نصوص الصفات ، لأن نصوصها أكثر و إقرار العقول بها أكثر , حتى المشركين ما أنكروها، الإقرار بالصفات أعظم من الإقرار بالمعاد، و هم منعوا من الإنكار بالمعاد فإذا منعوا من تأويل المعاد مع أن إقرار العقول به أقل من إقرارها بالصفات لزمهم ألا يؤولوا الصفات . 

( متن ) 

وأيضًا: فقد عُلم أنه ﷺ قد ذمَّ أهل الكتاب على ما حرَّفوه وبدَّلوه ومعلوم أن التوراة مملوءة من ذكر الصفات، فلو كان هذا مما حرف وبدل لكان إنكار ذلك عليهم أولى . 

( شرح ) 

يعني أهل الكتاب حرفوا في التوراة و الإنجيل و أنكر الله عليهم التحريف و لم يذكر أنهم حروفوا الصفات فلو كانوا حرفوا الصفات لأنكرها الله عليهم، فإذا كان الشركون يقرون بالصفات و أهل الكتاب يقرون بالصفات فما الذي يدعوكم أيها المؤولون إلى تأويل الصفات ؟ مع أنها إقرار العقول بها أكثر و أقر بها المشركون و اليهود . 

( متن ) 

فلو كان هذا مما حرف وبدل لكان إنكار ذلك عليهم أولى فكيف وكانوا إذا ذكروا بين يديه الصفات يضحك تعجبًا منهم وتصديقًا؟ 

( شرح ) 

كما في قصة الحبر الذي جاء إلى الرسول ﷺ و قال يا محمد إنا نجد في التوراة أن الله يضع السماوات على ذه – وأشار على الإصبع- و الأراضين على ذه و الماء و الثرى على ذه  و الجبال على ذه و الشجر على ذه خمسة أصابع و ثم يهز بهن و يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض، فضحك النبي ﷺ حتى بدت نواجده، تصديقاً لقول الحبر , فهم مقرون بالصفات أهل الكتاب فيكونون أحسن حالا من الجهمية و المعتزلة من هذه الجهة في الإيمان بالصفات . 

  ( متن ) 

فكيف وكانوا إذا ذكروا بين يديه الصفات يضحك تعجبًا منهم وتصديقًا؟ ولم يَعِبْهُم قط بما تعيب النفاةُ لأهل الإثبات، مثل: لفظ التجسيم والتشبيه ونحو ذلك . 

( شرح ) 

يعني ما عاب النبي ﷺ اليهود في إثباتهم صفات الله كما تعيب نفاة الصفات أهل السنة في إثبات الصلاة . 

( متن ) 

مثل: لفظ التجسيم والتشبيه ونحو ذلك بل عابهم بقولهم: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ، وقولهم: إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ، وقولهم: استراح لما خلق السماوات والأرض ... 

الشيخ للطالب: 

أعد ..! 

المتن 

 فكيف وكانوا إذا ذكروا بين يديه الصفات يضحك تعجبًا منهم وتصديقًا؟ ولم يَعِبْهُم قط بما تعيب النفاةُ لأهل الإثبات، مثل: لفظ التجسيم والتشبيه ونحو ذلك . 

( شرح ) 

يعني ما عابهم الرسول ﷺ في إثبات الصفات، و لا سماهم مجسمة و لا مشبهة إنما عابهم بالكفريات و التنقص الذي نسبوه إلى الرب بقولهم: بـ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ نعوذ بالله . 

( متن ) 

 بل عابهم بقولهم: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ، وقولهم: إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ، وقولهم: استراح لما خلق السماوات والأرض، فقال تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ، والتوراة مملوءة من الصفات المطابقة للصفات المذكورة في القرآن والحديث، وليس فيها تصريح بالمعاد كما في القرآن، فإذا جاز أن نتأول الصفات التي اتفق عليها الكتابان . 

( شرح ) 

الكتابان التوراة و الإنجيل . 

( متن ) 

فإذا جاز أن نتأول الصفات التي اتفق عليها الكتابان فتأويل المعاد الذي انفرد به أحدهما أولى، والثاني مما يعلم بالاضطرار من دين الرسول ﷺ أنه باطل فالأول أولى بالبطلان  

( شرح ) 

إذا كانت الصفات المتفقة عليها في التوراة و الإنجيل و أما المعاد انفرد به القرآن في بيانه، لا يجوز تأويله تأويل المعاد و هو مما انفرد به القرآن فما اتفق عليه الكتابان من باب أولى أن لا يجوز تأويله من الصفات . 

( متن ) 

بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم وبارك على نبينا الكريم و صحبه و أتباعه بإحسان إلى يوم الدين , أما بعد : 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : 

وأما الصنف الثالث: وهم أهل التجهيل: فهم كثير من المنتسبين إلى السنة وأتباع السلف. يقولون: إن الرسول ﷺ لم يكن يعرف معاني ما أنزل الله عليه من آيات الصفات، ولا جبريل يعرف معاني تلك الآيات، ولا السابقون الأولون عرفوا ذلك . 

( شرح ) 

و سبق أهل التأويل و أهل التخييل الذين يقولون أن الرسول يخيل للناس و أهل التأويل الذين حروفوا و تأولوا، المعتزلة الذين تأولوا النصوص و حرفوها المعتزلة و الجهمية، و أهل التخييل الفلاسفة أن الأنبياء يخيلون على الناس، و هؤلاء أهل التجهيل.

الصنف الثالث يجهلون الرسول عليه الصلاة و السلام و يجهلون جبريل , يقولون الرسول ﷺ ما يعرف معاني الصفات و جبريل ما يعرف معاني الصفات و أن النبي ﷺ يقرأ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى و ما يدري معنى استوى ولا جبريل يعرف معنى استوى ،هؤلاء يسمون أهل التجهيل لأنهم جهلوا النبي ﷺ و جهلوا جبريل من معاني الصفات و النصوص . 

( متن ) 

كذلك قولهم في أحاديث الصفات: إن معناها لا يعلمه إلا الله، مع أن الرسول تكلم بهذا ابتداءً، فعلى قولهم تكلم بكلام لا يعرف معناه. 
وهؤلاء يظنون أنهم اتبعوا قوله تعالى: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ، فإنه وقف كثير من السلف على قوله: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ

( شرح ) 

يعني ظنوا أنهم لما فوضوا إلى الله وجهلوا النبي ﷺ أنهم عملوا بهذه الآية وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ، جهلوا الرسول و جهلوا جبريل، قالوا: الرسول ما يعرف معاني الآيات و جبريل ما يعرف معاني الآيات و لا معاني الصفات و قالوا: ما يعلمها إلا الله ظنوا أنهم يعملون بهذه الآية وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ

( متن ) 

فإنه وقف كثير من السلف على قوله: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وهو وقف صحيح لكن لم يفرقوا بين معنى الكلام وتفسيره، وبين التأويل الذي انفرد الله تعالى بعمله، وظنوا أن التأويل المذكور  في كلام الله تعالى هو التأويل المذكور في كلام المتأخرين وغلطوا في ذلك، فإن التأويل يراد به ثلاث معان : 

فالتأويل في اصطلاح كثير من المتأخرين هو: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن بذلك . 

( شرح ) 

و هذا باطل هذا حادث هذا تأويل حادث صرف اللفظ عن الإحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به، فمثلاً يقولون نصرف معنى استوى , استوى معناه استقرار نصرفه عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح و هو استولى لدليل يقترن به العقل , العقل دل على أن الإستواء لا يكون لله بزعمهم، و هذا باطل صرف اللفظ من الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به هذا سلاح حاد، و إنما التأويل له معنيان عند السلف , المعنى الأول: التفسير التأويل معناه التفسير مثل قول المفسرين القول في تأويل قول الله تعالى و الثاني الحقيقة التي يؤول إليها الكلام  يعني حقيقته التي يؤول إليها الحقائق الصفات حقائق الجنة و ما أخبر الله به في الجنة كل هذا لا يعلمه إلا الله . 

( متن ) 

فلا يكون معنى اللفظ الموافق لدلالة ظاهره تأويلًا على اصطلاح هؤلاء، وظنوا أن مراد الله بلفظ التأويل ذلك، وأن للنصوص تأويلًا مخالف لمدلولها لا يعلمه إلا الله، أو يعلمه المتأولون 
ثم كثير من هؤلاء يقولون: تجرى .. 

الشيخ هنا طلب من الطالب اعادة القراءة 

المتن: 

فالتأويل في اصطلاح كثير من المتأخرين هو: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن بذلك. 
فلا يكون معنى اللفظ الموافق لدلالة ظاهره تأويلًا على اصطلاح هؤلاء، وظنوا أن مراد الله بلفظ التأويل ذلك، وأن للنصوص تأويلًا مخالف لمدلولها لا يعلمه إلا الله، أو يعلمه المتأولون . 

( شرح ) 

حوار بين الشيخ والطلاب حول ( لا يعلمه إلا الله أو يعلمه المتأولون) 

الشيخ: عندك في التعليق.. 

الطالب القارئ: عندي ما ذكر شيء 

الطالب الآخر: عندي ولا يعلمه المتأولون 

الشيخ : وعندك انت في الرجوع  

الطالب:  عندي لا يعلمه إلا الله ولا يعلمه المتأولون 

الشيخ: هذه محققة الآن لكن فيه أخطاء مطبعية، الأقرب و لا يعلمه المتأولون لأن ظاهر الآية وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ.

( متن ) 

وظنوا أن مراد الله بلفظ التأويل ذلك، وأن للنصوص تأويلًا مخالفا لمدلولها لا يعلمه إلا الله، ولا يعلمه المتأولون , ثم كثير من هؤلاء يقولون: تجرى على ظاهرها، فظاهرها مراد. مع قولهم: إن لها تأويلاً بهذا المعنى لا يعلمه إلا الله. 

( شرح ) 

فيتناقضون . 

( متن ) 

وهذا تناقض وقع فيه كثير من هؤلاء المنتسبين إلى السنة من أصحاب الأئمة الأربعة وغيرهم . 

( شرح ) 

كيف يقولون تجرى على ظهرها ثم يقولون لها تأويل لا يعلمه إلا الله تناقضوا . 

( متن ) 

والمعنى الثاني: أن التأويل هو تفسير الكلام، سواء وافق ظاهره أو لم يوافقه، وهذا هو التأويل في اصطلاح جمهور المفسرين وغيرهم، وهذا التأويل يعلمه الراسخون في العلم . 

( شرح ) 

ما يعلم تأويله يعني تفسيره إلا الله و الراسخون في العلم التأويل على هذا المعنى يكون معناه التفسير . 

( متن ) 

وهو موافق لوقف من وقف من السلف على قوله تعالى: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ

( شرح ) 

إلا اللهُ و الراسخون في العلم الوقف على العلم على هذا . 

( متن ) 

قوله تعالى: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ كما نقل ذلك عن ابن عباس، ومجاهد، ومحمد بن جعفر بن الزبير، ومحمد بن إسحاق وابن قتيبة وغيرهم، وكلا القولين حق باعتبار، كما قد بسطناه في مواضع أُخَر، ولهذا نقل عن ابن عباس هذا وهذا وكلاهما حق. 

والمعنى الثالث: أن التأويل: هو الحقيقة التي يؤول الكلام إليها، وإن وافقت ظاهره، فتأويل ما أخبر به في الجنة من الأكل والشرب واللباس والنكاح وقيام الساعة وغير ذلك، هو الحقائق الموجودة أنفسها، لا ما يتصور من معانيها في الأذهان، ويعبر عنه باللسان . 

( شرح ) 

التأويل حقيقة ما أخبر الله به بما في الجنة من الأكل و الشرب هو نفس الأكل و الشرب، إذا دخل المؤمن الجنة وباشر الأكل و الشرب هذه هي الحقيقة , تأويل ما أخبر الله به من قيام الساعة , قيام الساعة نفسها, قول عائشة أن النبي ﷺ لما نزلت عليه آية إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ كان يقول ويكثر من قول سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن يتأول يعني يعمل به، و منه قول يوسف عليه الصلاة والسلام لما سجد له أبواه و أخوته قال: يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ تأويلها بعد مدة طويلة رأى و هو صغير، قال: يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ و هو صغير ثم حصل عليه ما حصل، ذهب به أخوته و ألقوه في الجب و باعوه و ذهب إلى امرأة العزيز و صار عندها ثم سجن ثم خرج  ثم صار على خزائن مصر، ثم جاء إليه أبواه و إخوته و سجدوا له، فحصل تأويل الرؤيا قال: يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ  يعني الحقيقة التي عليها الكلام هذا التأويل بمعنى الحقيقة التي يؤول إليها الكلام، يعني وقع تأويل الرؤيا وقوعها تأويل الرؤيا وقوعها نفسه، وقعت فسجدوا له فوقع تأويل الرؤيا . 

( متن ) 

وهذا هو التأويل في لغة القرآن كما قال تعالى عن يوسف عليه السلام أنه قال: يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا. وقال تعالى: هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ، وقال تعالى: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً 
وهذا التأويل هو الذي لا يعلمه إلا الله فتأويل الصفات هو الحقيقة التي انفرد الله بعلمها، وهو الكيف المجهول الذي قال فيه السلف كمالك وغيره: «الاستواء معلوم، والكيف مجهول» فالاستواء معلوم يعلم معناه وتفسيره ويترجم بلغة أخرى، وأما كيفية ذلك الاستواء، فهو التأويل الذي لا يعلمه إلا الله تعالى . 

( الطالب ) 

ذكر في الحاشية: قال في نسخة و هو من التأويل الذي يعلمه الراسخون في العلم و في نسخة أخرى و هذا من التأويل الذي يعلمه الراسخون في العلم . 

( شرح ) 

نعم و هو المعنى الصحيح . 

( متن ) 

وأما كيفية ذلك الاستواء، فهو التأويل الذي لا يعلمه إلا الله تعالى. 
وقد رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما ما ذكره عبد الرزاق وغيره في تفسيرهم عنه أنه قال: «تفسير القرآن على أربعة أوجه: تفسير تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله من ادعى علمه فهو كاذب. 
وهذا كما قال تعالى: فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ .. 

( شرح ) 

التفسير الذي لا يعلمه إلا الله الحقيقة التي يؤول إليها الشيء، لا يعلم الآن حقائق الصفات إلا الله و لا يعلم حقائق ما يكون في الآخرة إلا الله

( متن ) 

وهذا كما قال تعالى: فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، وقال النبي ﷺ: يقول الله: أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عَيْن رأتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَر على قَلْب بَشَر 

( شرح ) 

و هذا حديث قدسي من كلام الله لفظاً و معنى . 

( الطالب ) 

قال رواه البخاري و مسلم . 

( الشيخ ) 

رواه الشيخان , نعم . 

( متن ) 

وكذلك عِلْم الساعة ونحو ذلك، فهذا من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله، وإن كنا نفهم معاني ما خوطبنا به، ونفهم من الكلام ما قصد إفهامنا إياه، كما قال تعالى 

( شرح ) 

ما قُصد إفهامنا إياه , يعني أن الإنسان يفهم ما أريد به لكن الحقيقة والكنه هي التي لا يعلمها إلا الله , كوننا نفهم ما أخبرنا الله من الجنة ماء و لبن و خمر و عسل نفهم هذا، لا بد من قدر مشترك يفهم به الإنسان الخطاب هذا شيء لا بد منه، لكن الحقيقة كيفية هذا الماء و كيفية هذا اللبن و كيفية هذا الخمر و كيفية هذا العسل حقيقته الذي هو عليها لا يعلمها إلا الله . 

( متن ) 

ونفهم من الكلام ما قصد إفهامنا إياه، كما قال تعالى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا، وقال تعالى: أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ، فأمر بتدبر القرآن كله لا بتدبر بعضه وقال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يُقرؤوننا القرآن عثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وغيرهما: أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي ﷺ عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعًا , وقال مجاهد: «عرضتُ المصحف على ابن عباس رضي الله عنهما من فاتحته إلى خاتمته، أقف عند كل آية أسأله عنها . 
وقال الشعبي: ما ابتدع أحدٌ بدعة إلا وفي كتاب الله بيانها . 
وقال مسروق: ما قال أصحابُ محمد ﷺ عن شيء إلا وعِلْمُه في القرآن، ولكن عِلْمُنا قَصُرَ عنه . 
وهذا بابٌ واسعٌ قد بُسط في موضعه , والمقصود هنا التنبيه على أُصول المقالات الفاسدة . 

( شرح ) 

يعني المقصود أن الإنسان يفهم ما خوطب به هذا لا بد منه، أما الحقائق والكنه و ما أخبر الله به في الآخرة و الصفات هذه لا يعلمها إلا الله . 

( متن ) 

والمقصود هنا التنبيه على أُصول المقالات الفاسدة التي أوجبت الضلال في باب العلم والإيمان بما جاء به الرسول ﷺ، وأن من جعل الرسول ﷺ غير عالم بمعاني القرآن الذي أُنزل عليه، ولا جبريل جعله غير عالم بالسمعيات لم يجعل القرآن هدى ولا بيانًا للناس . 

( شرح ) 

لأن هذا فاسد , إذا قال الرسول ﷺ لا يعلم المعنى و جبريل ما يعلمها كيف يكون قدره عند الناس ؟ شيء لا يعلم حروف ينطقها الإنسان بسانه و لا يعلم معناها هذا باطل هذا من أبطل الباطل، هؤلاء الملاحدة الذين يقولون جبريل لا يعلم معاني القرآن و لا محمد ﷺ يعلمها ملاحدة هؤلاء، يريدون أن يعزلوا القرآن و يجعلونه بمعزل عن الهداية و البيان . 

( متن ) 

ثم هؤلاء ينكرون العقليات في هذا الباب بالكلية، فلا يجعلون عند الرسول ﷺ وأمته في باب معرفة الله لا علومًا عقلية ولا سمعية، وهم قد شاركوا في هذا الملاحدة من وجوه متعددة، وهم مخطئون فيما نسبوه إلى الرسول ﷺ وإلى السلف من الجهل، كما أخطأ في ذلك أهل التحريف والتأويلات الفاسدة، وسائر أصناف الملاحدة , ونحن نذكر من ألفاظ السلف بأعيانها، وألفاظ من نقل مذهبهم بحسب ما يحتمله هذا الموضع ما يعلم به مذهبهم . 

روى أبو بكر البيهقي في «الأسماء والصفات» بإسناد صحيح عن الأوزاعي قال: «كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله تعالى ذكره فوق عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته» . 
فقد حكى الأوزاعي وهو أحد الأئمة الأربعة في عصر تابعي التابعين، الذين هم مالك إمام أهل الحجاز، والأوزاعي إمام أهل الشام، والليث إمام أهل مصر، والثوري إمام أهل العراق حكى شهرة القول في زمن التابعين بالإيمان بأن الله فوق العرش، وبصفاته السمعية وروى أبو بكر الخلال في «كتاب السنة» عن الأوزاعي قال: «سُئل مكحول والزهري عن تفسير الأحاديث، فقالا 

( الطالب ) 

( 1:00:42 ) 

الشيخ: 

هذه زيادة؟ هذا ما عندك؟ وإلا في حاشية ثانية؟ 

الطالب: 

ترجع للأئمة.. 

الشيخ: لا ...  العبارة هذه ..وإنما ما قال.. 

الطالب: ( 1:01:4) 

الشيخ: 

تقديم وتأخير 

( متن ) 

وروى أبو بكر الخلال في «كتاب السنة» عن الأوزاعي قال: «سُئل مكحول والزهري عن تفسير الأحاديث، فقالا أَمِرُّوها كما جاءت , وروى أيضًا عن الوليد بن مسلم قال: «سألتُ مالكَ بن أنس، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، والأوزاعي عن الأخبار التي جاءت في الصفات؟ فقالوا: أمِرُّوها كما جاءت. وفي رواية: فقالوا: أمِرَّها كما جاءت بلا كيف ) . 

( شرح ) 

يعني تأويل للكيفية أمروها كما جاءت يعني افهموا معناها و أمروها ولا تكيفوا الصفات ,المعنى لا بد منه ، المعنى مفهوم أمروها كما جاءت إمرارها فهم لمعناها إمرار اللفظ مع فهم المعنى و تفوض الكيفية إلى الله . 

( متن ) 

فقولهم : «أمِرُّوها كما جاءت» ردٌّ على المعطلة، وقولهم: «بلا كيف» رد على الممثلة 

( شرح ) 

أمروها كما جاءت يعني لها معنى و إمرارها كما جاءت هي جاءت ليفهم الناس معناها هذا رد على المعطلة الذين يعطلون الصفات بلا كيف رد على الممثلة الذين يشبهون و يمثلون . 

( متن ) 

والزهري ومكحول هما أعلم التابعين في زمانهم ، والأربعة الباقون هم أئمة الدنيا في عصر تابعي التابعين (وإنما قال الأوزاعي هذا بعد ظهور أمر جهم المنكر لكون الله فوق عرشه، والنافي لصفاته، ليعرف الناس أن مذهب السلف كان خلاف ذلك)، ومن طبقتهم حماد بن زيد، وحماد بن سلمة وأمثالهما  
روى أبوالقاسم الأزدي بإسناده عن مطرِّف بن عبد الله، قال: سمعت مالك بن أنس إذا ذكر عنده من يدفع أحاديث الصفات يقول: قال عمر بن عبد العزيز: «سَنّ رسول الله ﷺ وولاة الأمر بعده سننًا، الأخذ بها تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوة على دين الله، ليس لأحد من خلق الله تغييرها ولا النظر في شيء خالفها، من اهتدى بها فهو مهتدٍ، ومن استنصر بها فهو منصور، ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين، ولاَّه الله ما تولَّى وأصلاه جهنم وساءت مصيرًا . 

( شرح ) 

هذا كلام عظيم , نقل عن البخاري رحمه الله عنه في صحيحه  

( الطالب ) 

روى هذا الأثر الآجري و ابن بطة و اللالكائي و الخطيب البغدادي و أبو يعلى و أبو نعيم و رواه الخلاد في السنة و كالذهبي و السيوطي و ذكره القاضي عياض في التفسير المدارك . 

( متن ) 

وروى الخلال بإسناد كلهم أئمة ثقات عن سفيان بن عيينة رحمه الله، قال: «سُئل ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن قوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ، كيف استوى؟ قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ومن الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ المبين، وعلينا التصديق . 

( شرح ) 

روي عن الإمام مالك أنه قال: الاستواء معلوم و الكيف مجهول و الإيمان به واجب و السؤال عنه بدعة، و روي أنه قال: الاستواء غير مجهول و الكيف غير معقول و الإيمان به واجب و السؤال عنه بدعة، و روي أيضاً عن أم سلمة لكنه لا يصح . 

( متن ) 

وهذا الكلام مروي عن مالك بن أنس تلميذ ربيعة من غير وجه منها: ما رواه أبو الشيخ الأصبهاني، وأبو بكر البيهقي، عن يحيى بن يحيى قال: كنا عند مالك بن أنس، فجاء رجل، فقال: يا أبا عبد الله الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى كيف استوى؟، فأطرق مالك برأسه حتى علاه الرُّحَضَاء 

( شرح ) 

العرق من شدة هذا السؤال استنكاراً لهذا السؤال . 

( متن ) 

ثم قال: «الاستواء غير مجهول، والكيف غيرمعقول 

( شرح ) 

الاستواء غير مجهول يعني معلوم , غير مجهول يعني معلوم في اللغة العربية استقر و علا و صعد، و الكيف كيفية استواء الرب غير معقول ما نعقله و لا نكيفه، و الإيمان به واجب , الإيمان بهذه الصفة واجب و السؤال عن الكيفية بدعة و هذا يقال في جميع الصفات العلم , العلم معلوم و الكيف مجهول و الإيمان به واجب و السؤال عنه بدعة و اليد يد الله يقال اليد معلوم و الكيف مجهول و الإيمان به واجب و السؤال عنه بدعة و هكذا في جميع الصفات . 

( متن ) 

ثم قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غيرمعقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعًا، ثم أمر به أن يُخرج , فقول ربيعة ومالك: «الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول» موافقٌ لقول الباقين: أمِرُّوها كما جاءت بلا كيف . 

( شرح ) 

أمروها كما جاءت يعني تمر كما جاءت و معروفة بالمعنى يعني المعنى ثابت و معروف بلا كيف و بلا تفسير للكيفية , الكيفية غير معلومة و تمر كما جاءت ثم أيضاً تمر كما جاءت يعني يمر على معناه على ما دل عليه من المعنى , الإستواء معلوم يمر الإستواء على معناه و أن الإستواء معناه الاستقرار و العلو و الصعود و الإرتفاع . 

( متن ) 

أمِرُّوها كما جاءت بلا كيف ، فإنما نفوا علم الكيفية، ولم ينفوا حقيقة الصفة 

( شرح ) 

نعم , كما يقوله المفوضة , المفوضة يفوضون معنى الصفة يقولون: الاستواء ما نعلم معنى الاستواء، ما ندري معنى الاستواء، ما نفوض إلا اللفظ فقط أما المعنى ما ندري ، كأنها كلمات أعجمية الكلمة و الأعجمية و العربية عندهم واحد ما ندري ما معناها،  هذا غلط التفويض هذا بعض العلماء قال المفوضة شر من المعطلة، التفويض شر من التعطيل، تفويض المعنى حتى قال بعضهم أن الرسول ﷺ ما يفهم معنى الاستواء و لا جبريل و لا غيره ، المجهلة . 

( متن ) 

ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله لما قالوا: «الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول» ، ولما قالوا: «أمِرُّوها كما جاءت بلا كيف» ، فإن الاستواء حينئذٍ لا يكون معلومًا، بل مجهولاً بمنزلة حروف المعجم 

( شرح ) 

هكذا يقول المفوضة كأنها كلمة لاتينية كأنها كلمة أعجمية كلمة إنجليزية  ما تعرف معناها و هذا باطل , المعنى معروف . 

( متن ) 

وأيضًا: فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية، إذا لم يفهم من اللفظ معنى، وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبتت الصفات 

( شرح ) 

صحيح , إذا أثبت المعنى نفي الكيفية، أما إذا كان المعنى غير معلوم, ما يحتاج يقال بلا كيف, الكيف غير معقول , نقول الكيف غير معقول و اللفظ أيضاً غير مفهوم المعنى , المعنى غير مفهوم إذا لو كان المعنى غير مفهوم لما احتاج إلى نفي الكيفية فلما نفى الكيفية دل على أن المعنى معلوم . 

( متن ) 

وأيضًا: فإن من ينفي الصفات الخبرية أو الصفات مطلقًا لا يحتاج أن يقول: بلا كيف 

( شرح ) 

الصفات الخبرية التي جاءت في الخبر جاءت في النصوص تسمى الصفات الخبرية و الصفات العقلية التي دل عليها العقل عندهم . 

( متن ) 

فمن قال: إن الله ليس على العرش لا يحتاج أن يقول: بلا كيف، فلو كان من مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر لما قالوا: بلا كيف وأيضًا: فقولهم: أمِرُّوها كما جاءت، يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه 

( شرح ) 

إمرارها ما دلت عليه من المعنى . 

( متن ) 

فإنها جاءت ألفاظًا دالة على معانٍ، فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال: أمِرُّوا ألفاظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد، أو أمِرُّوا ألفاظها مع اعتقاد أن الله لا يُوصف بما دلت عليه حقيقة، وحينئذ فلا تكون قد أُمِرّت كما جاءت، ولا يقال حينئذ: بلا كيف، إذ نفي الكيفية عما ليس بثابت لغوٌ من القول . 

( شرح ) 

نعم كيف ينفى الكيف و المعنى منفي ؟ مافي داعي , إذا كان المعنى غير مفهوم ما في داعي لنفي الكيفية فلما نفي الكيف دل على أن المعنى معلوم . 

( متن ) 

وروى الأثرم في السنة وأبو عبد الله ابن بطة في الإبانة، وأبو عمر الطلمنكي وغيرهم بإسناد صحيح، عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون ، وهو أحد أئمة المدينة الثلاثة الذين هم مالك بن أنس، وابن الماجشون، وابن أبي ذئب وقد سئل فيما جحدت به الجهمية 
أما بعد: فقد فهمت ما سألت عنه فيما تتايعت الجهمية ومن خالفها . 

( شرح ) 

تتايعت يعني استمرت عليه يعني تتابعت تتايعت بالياء و يقال تتابعت .

( متن ) 

فيما تتابعت الجهمية ومن خالفها في صفة الرب العظيم الذي فاقت عظمته الوصف والتقدير. 

الطالب ( 1:13:14) 

(فيما تتايعت الجهمية ومن خالفها) في نسخة خلفها، ذكرها في الحاشية قال: في نسخة جيم خلفها و ما أُثبت من الإبانة . 

( شرح ) 

المعنى كأنه أوضح ومن خلفها يعني ومن جاء بعدها و تبعها . 

( متن ) 

في صفة الرب العظيم الذي فاقت عظمته الوصف والتقدير وكَلَّت الألسن عن تفسير صفته، وانحسرت العقول دون معرفة قدره، ردت عظمته العقول فلم تجد مساغًا فرجعت خاسئة وهي حسيرة، وإنما أُمروا بالنظر والتفكر فيما خلق بالتقدير، وإنما يقال «كيف» ؟ لمن لم يكن ثم كان . 

( شرح ) 

يعني أمر بالتفكير فيها إنما هي المخلوقات التي قدرها معلوم أما الخالق فلا يحيط الخلق به و بعظمته و لا بعلمه و لا يحيطون به علماً . 

( متن ) 

و إنما يقال كيف لمن لم يكن ثم كان . 

( شرح ) 

يعني المخلوقات إنما هذا في المخلوقات هي التي كانت معدومة ثم أوجدها الله، أما الله تعالى فهو واجب الوجود بذاته

( متن ) 

وإنما يقال «كيف» ؟ لمن لم يكن ثم كان، فأما الذي لا يحول ولا يزول، ولم يَزَلْ، وليس له مثل، فإنه لا يعلم كيف هو إلا هو، وكيف يعرف قدر من لم يبدأ ومن لم يمت 

( شرح ) 

من لم يبدأ يعني ليس له بداية، و هو الأول ليس قبله شيء و لم يمت ليس له نهاية و هو الأول ليس قبله شيء و الآخر ليس بعده شيء سبحانه هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ أما المخلوق فله أول بداية و له نهاية المخلوقات لها أول و بداية . 

( متن ) 

وكيف يعرف قدر من لم يبدأ ومن لم يمت، وكيف يكون لصفة شيء منه حد أو منتهى؟ يعرفه عارف أو يحد قدره واصف على أنه الحق المبين، لا حق أحق منه، ولا شيء، أبين منه 

( شرح ) 

الرب سبحانه على أنه الحق المبين وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ. كما جاء في الآية الكريمة يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ

( متن ) 

على أنه الحق المبين، لا حق أحق منه، ولا شيء أبين منه، الدليل على عجز العقول عن تحقيق صفته، عجزها عن تحقيق صفة أصغر خلقه، لا تكاد تراه صغرًا يحول ويزول، ولا يرى له سمع ولا بصر 

( شرح ) 

مثل الذرة و البعوضة أصغر مخلوقاته ما تستطيع تصفها و أن تعرف كل صفاتها تحول و تزول و تمشي و كذا لها مخ و لها أعصاب و لها أعضاء و أمعاء

يا من يرى مد البعوض جناحها في ظلمة الليل البهيم الأليل
ويرى مناط عروقها في لحمها والمخ في تلك العظام النحل

( متن ) 

الدليل على عجز العقول في تحقيق صفته، عجزها عن تحقيق صفة أصغر خلقه، لا تكاد تراه صغرًا يحول ويزول، ولا يرى له سمع ولا بصر لما يتقلب به ويحتال من عقله، أعضل بك وأخفى عليك مما ظهر من سمعه وبصره، فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ

( شرح ) 

من عقله يعني مما أعطاه الله من عقله ما يحتال لعله من عقله. 

( متن ) 

فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، وخالقهم وسيد السادات، وربهم لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ اعرف - رحمك الله - غناك عن تَكلُّف صفة ما لم يصف الرب من نفسه بعجزك عن معرفة قدر ما وصف منها، إذا لم تعرف قدر ما وصف فما تكلفك علم ما لم يصف، هل تستدل بذلك على شيء من طاعته، أو تنزجر به عن شيء من معصيته؟ 

( شرح ) 

يعني العلم مثلاً خص بالعلم , هل تسطيع أن تحيط بعلمه؟! ما تستطيع , قدرة الله هل تستطيع أن تحيط بقدرته؟! لا تستطيع . 

( متن ) 

فأما الذي جحد ما وصف الرب من نفسه تعمقًا وتكلفًا، فقد اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ فصار يستدل بزعمه على جحد ما وصف الرب وسمى من نفسه بأن قال: لا بد إن كان له كذا من أن يكون له كذا فعمي عن البَيِّن بالخفي، وجحد ما سمى الرب من نفسه بصمت الرب عما لم يسم منها . 

( شرح ) 

عمي عن البين و الخفي يعني الله تعالى وصف نفسه بالعلم و القدرة و السمع و هو شيء واضح فكيف يعمى عن هذا الشيء الواضح بشيء يقدره بنفسه . 

( متن ) 

فعمي عن البَيِّن بالخفي، وجحد ما سمى الرب من نفسه بصمت الرب عما لم يسم منها فلم يزل يملي له الشيطان حتى جحد قول الرب  وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ۝ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ  

( شرح ) 

من الرؤية يعني جحد ما وصف الله به نفسه بشيء أخفاه عن الخلق حتى وصلت به الحال إلى أن أنكر الرؤية . 

( متن ) 

 حتى جحد قول الرب  وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ۝ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ  فقال: لا يراه أحد يوم القيامة، فجحد والله أفضل كرامة الله التي أكرم بها أولياءه يوم القيامة 

( شرح ) 

لأن أعظم نعيم يلقاه أهل الجنة رؤية الله رؤيتهم لربهم  -نسأل الله من فضله- نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم , و مع ذلك أنكر هذا النعيم، أعظم نعيم يلقاه أهل الجنة أن يكشف الحجاب عنه فيروا وجهه الكريم ، حتى أن أهل الجنة ينسوا ما فيهم من النعيم، هذه أعظم كرامة , أعظم كرامة جحدها هؤلاء و العياذ بالله . 

( متن ) 

فجحد والله أفضل كرامة الله التي أكرم بها أولياءه يوم القيامة من النظر إلى وجهه، ونضرته إياهم فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ وقد قضى أنهم لا يموتون، فهم بالنظر إليه ينظرون. 
إلى أن قال: وإنما جحد رؤية الله يوم القيامة إقامة للحجة الضالة المضلة؛ لأنه قد عرف إذا تجلى لهم يوم القيامة رأوا منه ما كانوا به قبل ذلك مؤمنين، وكان له جاحدًا 

( شرح ) 

يعني هذا السبب لأنه كان يجحد رؤية الله يوم القيامة, جحد رؤية الله يوم القيامة ، إلا تقوم عليه الحجة و إقام الحجة الضالة لإنكاره رؤية الله لما أنكرها في الدنيا أنكر رؤية الله في الآخرة أنكر ذلك في الدنيا أراد أن يقيم هذه الحجة الباطلة . 

( الطالب ) 

س/أن من أنكر صفة الوجه و صفة العين ما في هذا ؟ 

( جواب ) 

السلف كفروا من أنكر الرؤية الأئمة كفروه . 

( متن ) 

وإنما جحد رؤية الله يوم القيامة إقامة للحجة الضالة المضلة؛ لأنه قد عرف إذا تجلى لهم يوم القيامة رأوا منه ما كانوا به قبل ذلك مؤمنين، وكان له جاحدًا. 
وقال المسلمون: يارسول الله، هل نرى ربنا؟ 
فقال رسول الله ﷺ... 

( شرح ) 

يعني إذا تجلى الله رأوا ما كانوا به مؤمنون من صفاته و هو كان جاحداً فلا يريد أن تقوم عليه الحجة . 

( متن ) 

فقال رسول الله ﷺ: هل تُضَارُّون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا. قال: فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا. قال: فإنكم ترون ربكم كذلك
وقال رسول الله ﷺ: لا تمتلئ النار حتى يضع الجبار فيها قدمه...  

( شرح ) 

و هذا واضح , هذه النصوص واضحة بأن المراد الرؤية بالبصر، خلافاً للمعتزلة الذين قالوا المراد بالرؤية العلم، هذه النصوص واضحة كما ترون الشمس صحواً ليس دونها سحاب و كما ترون القمر ليلة البدر هذا كلام الماجشون نسبه عمن؟ نسبه لمن ؟ 

( الطالب: ) 

كلام الشيخ نسبه إلى الماجشون و ما ذكر الكتاب . 

( سؤال ) 

(1:27:03) 

( جواب ) 

الأسماء و الصفات توقيفية ما يجوز إلا بدليل , الأسماء و الصفات قاعدة توقيفية ما وردت بها النصوص نثبته و ما لم يرد فلا نقول هات الدليل هات نص . 

(1:27:34)   

و أما وصف الله بالسكوت فقد ورد بالنص الصريح من ذلك حديث أبي ثعلبة الخشني . 

( شرح ) 

سكت عن أشياء من باب الخبر حتى ننظر بالخبر 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد