شعار الموقع

شرح كتاب الفتوى الحموية الكبرى ( 5 ) تابع النقل عن الحارث المحاسبي والنقل عن ابن خفيف

00:00
00:00
تحميل
180

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على نبينا الكريم و على آله و صحبه و أتباعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد : 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : 

قال أبو عبد الله الحارث المحاسبي : 

( متن ) 

قال أبو عبد الله: وأما الآية التي يزعمون أنها قد وصلها ولم يقطعها كما قطع الكلام الذي أراد به أنه على عرشه فقال: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ فأخبر بالعلم، ثم أخبر أنه مع كل مناج ثم ختم الآية بالعلم بقوله: إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فبدأ بالعلم، وختم بالعلم، فبين أنه أراد أنه يعلمهم حيث كانوا لا يخفون عليه، ولا يخفى عليه مناجاتهم ولو اجتمع القوم في أسفل وناظر إليهم في العلو، فقال: إني لم أزل أراكم، وأعلم مناجاتكم لكان صادقاً . 

حوار بين الشيخ والطالب عن قوله (قد وصلها ولم يقطعها) 

الطالب: يقرأ في الحاشية ) 

قال العبارة كما في فهم القرآن المحشي و أما الآيات الأخر التي نزعوا بها فقد أبان الله في تلاوتها أنه لا يريد أنه كائن في الأشياء بنفسه إذا وصلها و لم يقطعها . 

( شرح ) 

لعلها  إذا وصلها و لم يقطعها . 

( متن ) 

قال أبو عبد الله: وأما الآية التي يزعمون أنها قد وصلها ـ ولم يقطعها كما قطع الكلام الذي أراد به أنه على عرشه فقال: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ فأخبر بالعلم، ثم أخبر أنه مع كل مناج ثم ختم الآية بالعلم بقوله: إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فبدأ بالعلم، وختم بالعلم، فبين أنه أراد أنه يعلمهم حيث كانوا لا يخفون عليه، ولا يخفى عليه مناجاتهم ولو اجتمع القوم في أسفل وناظر إليهم في العلو، فقال: إني لم أزل أراكم، وأعلم مناجاتكم لكان صادقاً . ولله المثل الأعلى أن يشبه الخلق ـ فإن أبَوْا إلا ظاهر التلاوة، وقالوا: هذا منكم دعوى، خرجوا عن قولهم في ظاهر التلاوة لأن من هو مع الاثنين أو أكثر هو معهم لا فيهم، ومن كان مع الشيء فقد خلا منه جسمه وهذا خروج من قولهم . 

( شرح ) 

يعني: وَهُوَ مَعَكُمْ يفهمون منها الاختلاط و هي لا تفيد الاختلاط لأنه لو مع الاثنين خارج عنهم , و في هذا الرد على الجهمية الذين أبطلوا نصوص الفوقية و العلو بنصوص المعية و قالوا إن الله مختلط بمخلوقاته و هذا من أبطل الباطل لأن المعية في لغة العرب تفيد المصاحبة مطلق المصاحبة و لا تفيد الاختلاط و لا الإمتزاج و لا المحاذاة عن اليمين و الشمال , ما زالت تقول العرب ما زلنا نسير و النجم معنا و القمر معنا و هو فوقهم و يقولون المتاع معنا و إن كان فوق رأسهم هذه لغة العرب و القرآن نزل بلغة العرب، وَهُوَ مَعَكُمْ  يعني معهم بعلمه و إطلاعه و إحاطته و سماع كلامهم و رؤيتهم و هو فوق العرش

( متن ) 

وكذلك قوله تعالى: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ لأن ما قرب من الشيء ليس هو في الشيء، ففي ظاهر التلاوة على دعواهم أنه ليس في حبل الوريد . 

 ( شرح ) 

وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ  و هم يقولون أنه  في حبل الوريد مختلط و هذا من أبطل الباطل من كان قريباً من الشيء لا يكون داخلاً في الشيء، و هذا على أحد القولين في الآية و أن الضمير يعود إلى الله وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ  يعني بالعلم و الإحاطة و القدرة.

 و القول الثاني: أن المراد الملائكة  وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ بملائكتنا مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ  بدليل أنه قيد لك بوقت تلقي المتلقيين , قال إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ و لو كان المراد قرب الرب لم يقيده بوقت تلقي المتلقيان، أشار إلى هذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ بملائكتنا مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ حين يتلقى المتلقيان، و القول الثاني بالعلم و الإطلاع و الرؤية . 

( متن ) 

وكذلك قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ لم يقل في السماء ثم قطع كما قال: أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء ثم قطع فقال: أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ، فقال وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ إله أهل السماء وإله أهل الأرض . 

( شرح ) 

يعني معبود في الأرض و معبود في السماء و هو في السماء معبود و في الأرض معبود معبود في السماء و معبود في الأرض . 

( متن ) 

إله أهل السماء وإله أهل الأرض، وذلك موجود في اللغة؛ تقول فلان أمير في خراسان وأمير في بلخ، وأمير في سمرقند وإنما هو موضع واحد، ويخفي عليه ما وراءه، فكيف العالي فوق الأشياء لا يخفي عليه شيء من الأشياء يدبره، فهو إله فيهما إذا كان مدبرًا لهما، وهو على عرشه فوق كل شيء تعالى عن الأمثال . 

( شرح ) 

الآن أمير المنطقة الآن تكون عدة بلدان في منطقة واحدة و يقال هذه أميرها فلان , فلان في المنطقة و هو في مكان واحد و بقية الأمكنة خلت منه و هو أمير فيها . 

( متن ) 

فكيف العالي فوق الأشياء لا يخفي عليه شيء من الأشياء يدبره، فهو إله فيهما إذا كان مدبرًا لهما . 

الشيخ: 

 يصلح إذا كان مدبرا لهما. 

وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن خفيف في كتابه الذي سماه: «اعتقاد التوحيد بإثبات الأسماء والصفات» ، قال في آخر خطبته: «فاتفقت أقوال المهاجرين والأنصار في توحيد الله ، ومعرفة أسمائه وصفاته وقضائه، قولاً واحدًا، وشرعًا ظاهرًا، وهم الذين نقلوا عن رسول الله ﷺ ذلك حتى قال: عليكم بسنتي وذكر الحديث وحديث لعن الله من أحدث حدثًا، أو آوى محدثًا وقال: فكانت كلمة الصحابة على اتفاق من غير اختلاف، وهم الذين أُمرنا بالأخذ عنهم؛ إذ لم يختلفوا بحمد الله تعالى في أحكام التوحيد وأصول الدين من الأسماء والصفات كما اختلفوا في الفروع . 

( شرح ) 

الحمد لله , اتفقوا على هذا إثبات الأسماء و الصفات لله و أن الله في العلو أجمع عليه الصحابة و التابعون و الأئمة و العلماء حتى جاء الجهمية و المبتدعة و ابتدعوا هذه الأقوال الفاسدة و الباطلة . 

( متن ) 

ولو كان منهم في ذلك اختلاف لنُقل إلينا كما نُقل سائر الاختلاف، فاستقر صحة ذلك عن خاصتهم وعامتهم حتى أدوا إلى التابعين لهم بإحسان،  فاستقر صحة ذلك عند العلماء المعروفين حتى نقلوا ذلك قرنًا بعد قرن، لأن الاختلاف كان في الأصل عندهم كفر، ولله المنة . 

( شرح ) 

أجمع عليه الصحابة و التابعون.  

( متن ) 

لأن الاختلاف كان في الأصل عندهم كفر، ولله المنة . 

( شرح ) 

لأن من خالف في هذا في أن الله في العلو و أنكر العلو كفر، و لهذا كفر السلف من أنكر أن الله في العلو كما قال الإمام أبو حنيفة أنه سبق و سئل الإمام أبو حنيفة عمن قال: لا أدري الله في السماء أم في الأرض قال :كفر فمن قال إن الله في السماء لكن لا أدري السماء في الأرض أو في العلو فقد كفر لأن السماء في العلو . 

( متن ) 

ثم إني قائل  وبالله أقول ، إنه لما أحدثوا في أحكام التوحيد وذكر الأسماء والصفات على خلاف منهج المتقدمين من الصحابة والتابعين، فخاض في ذلك من لم يعرفوا بعلم الآثار، ولم يعقلوا قولهم بذكر الأخبار، وصار معولهم على أحكام هواجس النفس المستخرجة من سوء الطوية وما وافق على مخالفة السنة . 

( الطالب : الحاشية ) 

ذكر عفا الله عنك قال نسخة المجموع هوى و هنا هواجس النفوس المستخرجة من سوء الطوية . 

( شرح ) 

لعلها الهواجس نعم , سوء الطوية يعني النية السيئة يعني القصد السيء الطوية القصد السيء . 

( متن ) 

وصار معولهم على أحكام هواجس النفوس المستخرجة من سوء الطوية 

الشرح : 

سوء الطوية النية السيئة ، بسبب القصد السيء، الطوية القصد السيء 

المتن: 

وصار معولهم على أحكام هواجس النفوس المستخرجة من سوء الطوية ، وما وافق على مخالفة السنة، والتعلق منهم بآيات لم يسعدهم فيها، فتأولوا على أهوائهم، وصححوا بذلك مذاهبهم: احتجت إلى الكشف عن صفة المتقدمين، ومأخذ المؤمنين ومنهاج الأولين، خوفًا من الوقوع في جملة أقاويلهم التي حذر رسول الله ﷺ أمته ومنع المستجيبين له حتى حذرهم . 
ثم ذكر أبو عبد الله خروج النبي ﷺ وهم يتنازعون في القدر وغضبه وحديث: لا أُلْفَيَنَّ أحَدَكم متكئًا على أريكته

( شرح ) 

و هذا الحديث أنه لما خرج يوم و هم يتنازعون في القدر كأنما تفقأ في وجوهه حب الرمان،  قال أبهذا أمرتم؟ أم بهذا وكلتم؟ أن تضربوا كتاب الله بعضه ببعض؟! ما علمتم منه فاعملوا به، وما لم تعلموا فأوكلوه إلى عالمه. هذا لا بأس بسنده، و حديث لا ألفين أحدكم جالس على أريكته، يأتيه الحديث عني فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، ما وجدنا في كتاب الله عملنا به، وما لم نجد في كتاب الله فلا نعمل به، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه عليه الصلاة و السلام . 

( متن ) 

وحديث: ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة وأن الناجية ما كان عليه هو وأصحابه 
ثم قال: فلزم الأمة قاطبة معرفة ما كان عليه الصحابة، ولم يكن الوصول إليه إلا من جهة التابعين لهم بإحسان المعروفين بنقل الأخبار ممن لا يقبل المذاهب المحدثة، فيتصل ذلك قرنًا بعد قرن ممن عُرفوا بالعدالة والأمانة، الحافظين على الأمة ما لهم وما عليهم من إثبات السنة . 
إلى أن قال: فأول ما نبتدئ به ما أوردنا هذه المسألة من أجلها، ذكر أسماء الله وصفاته مما ذكر الله في كتابه، وما بيَّن ﷺ من صفاته في سنته، وما وصف به نفسه مما سنذكر قول القائلين بذلك مما لا يجوز لنا في ذلك أن نرده إلى أحكام عقولنا بطلب الكيفية بذلك، وإما قد أمرنا بالاستسلام له . 
إلى أن قال: ثم إن الله تعالى تعرف إلينا بعد إثبات الوحدانية وإقرار الألوهية: أن ذكر تعالى في كتابه بعد التحقيق، بما بدأ به من أسمائه وصفاته، وأكده ﷺ بقوله، فقبلوا منه كقبولهم، لأوائل التوحيد من ظاهر قوله لا إله إلا الله . 
إلى أن قال بإثبات نفسه بالتفصيل من المجمل، فقال لموسى ﷺ: وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي، وقال: وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ

( شرح ) 

فيه إثبات النفس لله و أن لله نفس . 

( متن ) 

ولصحة ذلك، واستقراره ناجاه المسيح فقال: تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ, وأكد صحة إثبات ذلك في سنته فقال: يقول الله : من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي
وقال ﷺ: كتب كتابًا بيده على نفسه: إن رحمتي سبقت غضبي.
وقال: سبحان الله رضى نفسه، وقال في محاجة آدم لموسى: أنت الذي اصطفاك الله، واصطنعك لنفسه

( شرح ) 

كل هذه النصوص تثبت النفس لله و أن لله نفساً كريمة موصوفة بالصفات العظيمة التي وصف بها نفسه و سما نفسه بأسماء . 

( متن ) 

فقد صح بظاهر قوله أنه أثبت لنفسه نفسًا، وأثبت له الرسول ﷺ ذلك، فعلى من صدق الله ورسوله اعتقاد ما أخبر الله به عن نفسه ويكون ذلك مبنيًا على ظاهر قوله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ, ثم قال: فعلى المؤمنين خاصتهم وعامتهم قبول كل ما ورد عنه  بنقل العدل عن العدل حتى يتصل به ، وأن مما قص الله علينا في كتابه، ووصف به نفسه، ووردت السنة بصحة ذلك أن قال: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثم قال عقيب ذلك: نُّورٌ عَلَى نُورٍ  وبذلك دعاه ﷺ: أنت نور السموات والأرض ثم ذكر حديث 

( شرح ) 

هذا حديث الإستفتاح حديث ابن عباس اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض، اللهم لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض... حديث الاستفتاح الطويل في قيام الليل ثابت في البخاري . 

( الطالب ) 

قال رواه البخاري و مسلم . 

( متن ) 

وبذلك دعاه ﷺ: أنت نور السماوات والأرض ثم ذكر حديث أبي موسى: حجابه النور أو النار؛ لو كشفه لأحرقت سُبُحَاتُ وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه وقال: سبحات وجهه جلاله ونوره، نقله عن الخليل وأبي عبيد، وقال: قال عبد الله بن مسعود: نور السماوات من نور وجهه . 
ذكر المصنف رحمه الله ثم قال: ومما ورد به النص أنه حي، وذكر قوله تعالى: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، والحديث برحمتك استغيث.

( شرح ) 

و هذا فيه إثبات اسمين من أسمائه و هو الحي القيوم، هذا نقله المؤلف -رحمه الله- من ابن خفيف و في الآية و الحديث إثبات الحي القيوم و هما اسمان من أسمائه  حتى قيل إنه اسم الله الأعظم، فقد ذكر الله تعالى الحي القيوم جمع بينهما في ثلاث مواضع من كتابه، فقال سبحانه اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ في آية الكرسي و آية البقرة و في آل عمران أول آية الم ۝ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ و في سورة طه يقول الله  وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا فجمع الله بين هذين الاسمين في ثلاث مواضع من كتابه حتى قيل إنهما اسم الله الأعظم الذي إذا سئل به أعطى و إذا دعي به أجاب.

 و كذلك جاء في الحديث يا حي، ياقيوم، برحمتك أستغيث و فيه الاستغاثة بصفة من صفاته الاستغاثة و الاستعاذة بصفة من صفاته ورد كما في قوله ﷺ اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك و في هذا الحديث برحمتك استغيث.

 أما سؤال الصفة هذا لا يجوز أن يقول يا رحمة الله أغيثيني يا قدرة الله انقذيني حتى قال شيخ الإسلام إن هذا كفر لا يجوز السؤال بالصفة  . 

( متن ) 

قال: ومما تعرف الله إلى عباده أن وصف نفسه أن له وجهًا موصوفًا بالجلال والإكرام، فأثبت لنفسه وجهًا، وذكر الآيات . 

( شرح ) 

و هذا في إثبات الوجه لله  وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ فيه إثبات الوجه لله

( متن ) 

ثم ذكر حديث أبي موسى المتقدم، فقال: في هذا الحديث من أوصاف الله لا ينام موافق لظاهر الكتاب لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ

( شرح ) 

و هذا نفي النوم مستلزم كمال الحياة و القيومية لأن صفات الله نوعان صفات نفي و صفات إثبات، و صفات إثبات مستلزمة للكمال لإثبات ضده من الكمال فنفي السنة و النوم لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ  لكمال حياته و قيوميته وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا لكمال قوته و اقتداره لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ لكمال علمه وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا لكمال عدله لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ لكمال عظمته و أنه أكبر من كل شيء فالنفي يستلزم إثبات ضده من الكمال ليس نفياً محضاً لأن النفي المحض الصِرف لا يفيد مدحاً ليس فيه مدح و لهذا يوصف به الجماد بالنفي الصِرف، أما النفي الوارد في باب الأسماء و الصفات يستلزم إثبات ضده من الكمال . 

( متن ) 

وأن له وجهًا موصوفًا بالأنوار وأن له بصرًا كما علمنا في كتابه أنه سميع بصير . 

( شرح ) 

نعم , قال تعالى وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ فيه إثبات اسمين من أسماء الله وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، و أسماء الله مشتقة كل اسم مشتمل على صفة فالسميع مشتمل على صفة السمع و البصير مشتمل على صفة البصر . 

( متن ) 

ثم ذكر الأحاديث في إثبات الوجه، وفي إثبات السمع والبصر، والآيات الدالة على ذلك . 

ثم قال: ثم إن الله تعرف إلى عباده المؤمنين، وأنه قال: له يدان قد بسطهما بالرحمة، وذكر الأحاديث في ذلك، ثم ذكر شعر أمية بن أبي الصلت . 

( شرح ) 

فيه إثبات اليدين لله كما أثبتهما لنفسه في كتابه بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ

( متن ) 

ثم ذكر حديث: يلقى في النار وتقول هل من مزيد؟ حتى يضع فيها رجله

( شرح ) 

في هذا الحديث إثبات الرجل لله و الله تعالى لا يضره أحد من خلقه . 

( متن ) 

وهي رواية البخاري، وفي رواية أخرى: يضع عليها قدمه

الشرح: 

إثبات القدم واثبات الرجل لله كل هذا ثابت من صفاته   

ثم ما رواه مسلم البطين عن ابن عباس: «أن الكرسي موضع القدمين، وأن العرش لا يقدر قدره إلا الله» . 

( شرح ) 

هذا ثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما كما قال هذا الذي رويناه عن ابن عباس ثابت مشهور أن الكرسي موضع القدمين و العرش لا يقدر قدره إلا الله . 

( متن ) 

وذكر قول مسلم البطين نفسه، وقول السدي، وقول وهب بن منبه وأبي مالك، وبعضهم يقول: «موضع قدميه» وبعضهم يقول واضع رجليه عليه . 

ثم قال: فهذه الروايات قد رويت عن هؤلاء من صدر هذه الأمة موافقًا لقول النبي ﷺ متداولة في الأقوال، ومحفوظًة في الصدور، لا ينكر خلف عن سلف ولا ينكر عليهم أحد من نظرائهم، نقلتها الخاصة والعامة مدونة في كتبهم إلى أن حدث في آخر الأمة من قلل الله عددهم ممن حذرنا رسول الله ﷺ عن مجالستهم ومكالمتهم، وأمرنا ألا نعود مرضاهم، ولا نشيع جنائزهم، فقصد هؤلاء إلى هذه الروايات فضربوها بالتشبيه وعمدوا إلى الأخبار، فعملوا في دفعها على أحكام المقاييس، وكفَّر المتقدمين . 

( شرح ) 

يعني أن هذه النصوص التي جاءت في إثبات الصفات ثابتة عن النبي ﷺ متداولة معلومة عند السلف و عند الأئمة و عند العلماء و عند أهل الصدر الأول، حتى جاء أهل البدع فضربوها بالتأويل و ضربوا لها المقاييس، و قالوا: إن فيها تشبيها و أبطلوها و قالوا إنه ترهات لا يحتج بها و أولوها و أهل البدع هم الذين نهانا رسول الله ﷺ أن نعود مرضاهم و أن نتبع جنائزهم، و قد سبقهم أهل العلم و أهل البصيرة إلى إثباتها و قبولها و العمل بها فلا يلتفت إلى هؤلاء أهل البدع الذين حدثوا بعد السلف و بعد الصحابة و التابعين . 

( متن ) 

وأنكروا على الصحابة، وردوا على الأئمة الراشدين، فضلوا وأضلوا عن سواء السبيل . 

( شرح ) 

و هم أهل البدع قلل الله عددهم يعني لا كثرهم الله . 

( متن ) 

ثم ذكر المأثور عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وجوابه لنجدة الحروري ثم ذكر حديث الصورة وذكر أنه صنف فيه كتابًا مفردًا واختلاف الناس في تأويله . 

( شرح ) 

حديث الصورة أن الله خلق آدم على صورته , ألف فيه ابن خفيف كتابا مستقلا، و شيخ الإسلام -رحمه الله- تكلم على حديث الصورة في بيان تلبيس الجهمية و قال فيه و حقق الكتاب برسالة و بين المؤلف -رحمه الله- أن القول الحق الذي عليه الأئمة و أهل العلم أن الضمير في قوله خلق الله آدم على صورته يعود إلى الله كما تدل عليه الرواية الأخرى خلق الله آدم على صورة الرحمن قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- أن الرواية ثابتة في سنده و لا بأس بها، و قال بعضهم أن الضمير يعود إلى آدم خلق الله آدم على صورة آدم و هذا نفاه الإمام أحمد و أبطله، لما سأله ابنه قال خلق الله آدم على صورته , على صورة آدم ؟ قال هذا قول الجهمية أي صورة لآدم قبل أن يخلقه الله، و كذلك أيضاً القول بأن الضمير يعود إلى المضروب، بأن الحديث له سبب قال لا تضرب بوجه؛ فإن الله خلق آدم على صورته، قالوا هذا من باب تشبيه المقلوب فالضمير يعود إلى المضروب، و الصواب من هذه الأقوال أنه يعود إلى الله، و فيه إثبات الصورة لله بل كل موجود له صورة ،كل موجود له صورة، خلق الله آدم على صورته و هو يقتضي نوعاً من المشابهة، وهي المشابهة في مطلق الصورة لكنها لا تقتضي مشابهة في الجنس و لا في العام . 

( متن ) 

ثم قال: وسنذكر أصول السنة وما ورد من الاختلاف فيما نعتقده فيما خالفنا فيه أهل الزيغ، وما وافقنا فيه أصحاب الحديث من المثبتة إن شاء الله . 
ثم ذكر الخلاف في الإمامة واحتج عليها: وذكر اتفاق المهاجرين والأنصار على تقديم الصديق وأنه أفضل الأمة .  

( شرح ) 

نعم , هذا هو عقيدة أهل السنة و الجماعة خلافاً للرافضة الذين يرون أن خلافة الصديق و خلافة عمر و عثمان باطلة . 

( متن ) 

ثم قال: وكان الاختلاف في خلق الأفعال، هل هي مقدرة أم لا؟ قال: وقولنا فيها أن أفعال العباد مقدرة معلومة وذكر إثبات القدر . 

( شرح ) 

 فالله تعالى قدر الأشياء الذوات و الصفات و الأفعال كلها مقدرة وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ مقدرة مخلوقة لله

( متن ) 

ثم ذكر الخلاف في أهل الكبائر ومسألة الأسماء و الأحكام وقال: قولنا فيها: إنهم مؤمنون على الإطلاق، وأمرهم إلى الله تعالى، إن شاء عذبهم، وإن شاء عفا عنهم . 

( شرح ) 

نعم أهل الكبائر إذا كات الكبيرة لا تخرجه عن دائرة الإيمان فإنه لا تخرجه عن الإسلام، فإنه يكون ضعيف الإيمان كالزاني و السارق و شارب الخمر و العاق لوالديه و قاطع الرحم إذا لم يستحلها يكون عاصيا مؤمنا ضعيف الإيمان تحت مشيئة الله إن شاء الله عذبه و إن شاء غفر له , و كذلك أيضاً البدع التي لا توصل إلى الكفر كلها تضعف الإيمان و لا تخرج من الإيمان . 

( متن ) 

وقال: أصل الإيمان موهبة يتولد منها أفعال العباد، فيكون أصله التصديق والإقرار والأعمال، وذكر الخلاف في زيادة الإيمان ونقصانه وقال: قولنا: إنه يزيد وينقص .  

( شرح ) 

و هذا قول أهل السنة جماهير أهل السنة أن الإيمان يزيد و ينقص و أنه تصديق بالقلب و إقرار باللسان و عمل بالقلب و عمل بالجوارح خلافاً لمرجئة الفقهاء أهل الكوفة أبو حنيفة و أصحابه فإنهم قالوا: إن الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان و هذا قول مرجوح و الصواب أنها داخلة في مسمى الإيمان . 

( متن ) 

قال: ثم كان الاختلاف في القرآن: مخلوقًا أو غير مخلوق، فقولنا وقول أئمتنا: إن القرآن كلام الله غير مخلوق . 

( شرح ) 

نعم , هذا هو الصواب: أن القرآن كلام الله غير مخلوق و قد كفر الأئمة من قال أنه مخلوق من قال أن القرآن مخلوق فهو كافر كفره الإمام أحمد و جماعة، و هذا على العموم أما المعين فلا بد أن تقوم عليه الحجة . 

( متن ) 

وأنه صفة الله منه بدأ قولًا، وإليه يعود حكمًا , ثم ذكر الخلاف في الرؤية. 

( شرح ) 

منه بدأ يعني تكلم به و إليه يعود يعني في آخر الزمان حينما يترك الناس العمل به فينزع من الصدور صدور الرجال و من المصاحف نسأل الله السلامة و العافية . 

( متن ) 

وقال: قولنا قول أئمتنا فيما نعتقد أن الله يُرى في يوم القيامة، وذكر الحجة 

( شرح ) 

و نصوص الرؤية في القرآن واضحة و في السنة متواترة، و ولهذا قال الأئمة: من أنكر رؤية الله كفر، من أنكر رؤية الله في الآخرة رؤية المؤمنين لربهم . 

( متن ) 

ثم قال: واعلم -رحمك الله- أني ذكرت أحكام الاختلاف على ما ورد من ترتيب المحدِّثين في كل الأزمنة. وقد بدأت أن أذكر أحكام الجمل من العقود، فنقول ونعتقد أن الله له عرش، وهو على عرشه فوق سبع سماواته بكمال أسمائه وصفاته، كما قال تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى وقال تعالى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ ولا نقول: إنه في الأرض كما هو في السماء على عرشه؛ لأنه عالم بما يجري على عباده ثم يعرج إليه . 
إلى أن قال: ونعتقد أن الله خلق الجنة والنار 

( شرح ) 

و هذا إثبات العرش و أن الله فوق العرش ثابت بالنصوص، و كذلك العلو إثبات العلو لله و أن الله فوق السماوات و فرق العرش مستو على عرشه هذا ثابت بالأدلة، حتى إن العلماء بينوا أن نصوص العلو و الفوقية تزيد أفرادها على ثلاثة آلاف دليل، منها أن الله قال ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ في سبعة مواضع أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ، سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ  إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ، بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ إلى غير ذلك من أنواع الأدلة . 

( متن ) 

إلى أن قال: ونعتقد أن الله تعالى خلق الجنة والنار، وأنهما مخلوقتان للبقاء لا للفناء 

( شرح ) 

و هذه عقيدة أهل السنة و الجماعة، بخلاف المعتزلة الذين قالوا أنهما معدومتان الآن و إنما تخلقان يوم القيامة، لأن وجودهما الآن و لا جزاء عبث و العبث محال على الله هكذا يزعمون، و هذا من أبطل الباطل النصوص دلت على أنهما موجودتان، قال عن الجنة أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ و قال عن النار أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ و المؤمن يفتح له باب إلى الجنة إذا مات في قبره يأتيه من روحها و طيبها و الكافر يفتح له باب من النار يأتيه من حرها و سمومها و الجنة فيها الحور و هما موجودتان الآن دائمتان لا تفنيان . 

( متن ) 

إلى أن قال: ونعتقد أن الله خلق الجنة والنار، وأنهما مخلوقتان للبقاء لا للفناء , إلى أن قال: ونعتقد أن النبي ﷺ عرج بنفسه إلى سدرة المنتهى , إلى أن قال: ونعتقد أن الله قبض قبضتين فقال: هؤلاء للجنة، وهؤلاء للنار 

( شرح ) 

عرج النبي ﷺ حتى تجاوز السبع الطباق، و وصل إلى مكان يسمع فيه صرير الأقلام و فيه الإيمان بالقدر و أن الله قال هؤلاء للجنة ولا أبالي، وهؤلاء للنار ولا أبالي و كل صائر إلى ما قدر له أهل السعادة ييسرون لعمل أهل السعادة، و أهل الشقاء ييسرون لعمل أهل الشقاء

( متن ) 

ونعتقد أن للرسول ﷺ حوضًا , ونعتقد أنه أول شافع وأول مشفع . 

( شرح ) 

إثبات الحوض هذا ثابت في النصوص المتواترة و أنه له ﷺ حوضا في يوم القيامة يصب مرزبا من نهر الكوثر طوله مسافة شهر و عرضه مسافة شهر أكوابه بعدد نجوم السماء أشد بياضاً من اللبن و أحلى من العسل و أبرد من الثلج من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً حتى يدخل الجنة نسأل الله أن يجعلنا و إياكم منها.

 و هو عليه الصلاة و السلام شافع مشفع في المحشر، له الشفاعة العظمى يوم القيامة عامة يشفع بين الخلائق مؤمنهم و كافرهم، عامة للمؤمنين و الكفار، لإراحة النفس في موقف الحساب، ثم الشفاعة لأهل الجنة لدخولها ثم الشفاعة لقوم استحقوا دخول الجنة و ثم الشفاعة لقوم استحقوا دخول النار أن لا يدخلوها، و فيمن دخلها حتى يخرج منها من العصاة هذه تواترت بها النصوص و تواترت بها الأحاديث و مع ذلك أنكرها الخوارج و المعتزلة لجهلهم و ضلالهم  . 

( متن ) 

وذكر الصراط، والميزان، والموت، وأن المقتول قتل بأجله واستوفى رزقه . 

( شرح ) 

هذا الصراط و الميزان أثبتهما الله في كتابه و أن الصراط صراط حسي و الميزان ميزان حسي توزن فيه الأعمال و الأشخاص و الصراط يمر الناس عليه على متن جهنم و المقصود مات لأجله هذا هو الصوب أن الله تعالى قدر الآجال، بخلاف المعتزلة القائلين أن المقتول قتل لغير أجله و أنه لو لم يقتل لعاش هذا باطل . 

( متن ) 

ومما نعتقد أن الله ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الآخر، فيبسط يده فيقول: ألا هل من سائل؟ الحديث وليلة النصف وعشية عرفة . 

الشيخ: 

 يسأل  عن التعريف بابن خفيف 

( الطالب/   

في التعريف بابن خفيف ) 

محمد ابن خفيف الضبي الفارسي الشيرازي أبو عبد الله، من مشايخ الصوفية و قد رحل و حج مراراً درس على الأشعري و له مؤلفات كثير، قال أبو العباس صنف شيخنا ابن خفيف من الكتب ما لم يصنفه أحد و انتفع به جماعة صاروا أئمة يقتدى بهم، و عمِّر حتى عم نفعه البلدان، و قال الذهبي عنه: قد كان هذا الشيخ قد جمع بين العلم و العمل و علو السند و التمسك بالسنن و متع بطول العمر في الطاعة، ولد حوالي سنة ثمان و خمسين و مئتين و توفي سنة إحدى و خمسين و ثلاثمائة من مؤلفاته الوصية , العَقِدة أو المعتقد , كتاب الاقتصاد . 

( متن ) 

ومما نعتقد أن الله ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الآخر، فيبسط يده فيقول: ألا هل من سائل؟ الحديث . 

( شرح ) 

و هذا رواه الشيخان و أصحاب السنن وفيه الأحاديث متواترة، في نزول الرب و هو من صفاته التي تليق بجلاله و عظمته كسائر الصفات . 

( متن ) 

و ليلة النصف . 

( شرح ) 

و هذا ليس بصحيح ليلة النصف من شعبان هذا قول ضعيف، الأحاديث التي بها باطلة أو ضعيفة جداً، ليلة النصف من شعبان كونه ينزل ليلة النصف، ليلة النصف كأي ليلة ، ينزل ليلة النصف وغيرها ينزل كل ليلة ، أما تخصيص ليلة النصف لا ،، ليس له أصل بعضهم قال إنها ليلة القدر، و أنه متخصص بقيام خاصة أو بأذكار خاصة، يصلي فيها اثنا عشر ركعة في الركعة الأولى يقرأ فيها قل هو الله أحد ثلاثين مرة و الفاتحة عشر مرات كل هذا من البدع ليس له أصل، الصواب أنه ليس له أصل، و شيخ الإسلام ينقل عن غيره و قصده من ذلك يبين معتقد أهل السنة و الجماعة، و قد  يكون في بعض ما ينقل بعض الملحوظات و يبين هذا -رحمه الله- فهو ما أراد أن يتتبع بعض الأقوال الضعيفة و إنما قصده من ذلك أن ينقل النقول التي تؤيد معتقد أهل السنة و الجماعة في الصفات و النزول، أما في مسألة فرعية كنزول النصف هذا قول ضعيف لا تخص ليلة النصف بشيء و لا يخص يومها بصيام من بين الأيام . 

( متن ) 

و عشية عرفة . 

( شرح ) 

هذه ثابتة أنه ينزل عشية عرفة يباهي بأهل الموقف الملائكة . 

( متن ) 

وذكر الحديث في ذلك قال: ونعتقد أن الله كلم موسى تكليمًا . 

( شرح ) 

و هذا فيه إثبات الكلام لله بنص في القرآن الكريم . 

( متن ) 

و نعتقد أن الله قد كلم موسى تكليماً واتخذ إبراهيم خليلاً . 

( شرح ) 

و قد أنكر الجعد بن درهم هاتين الصفتين و هو أول من حفظ عنه في الإسلام، نفي الصفات الجعد بن درهم أنكر صفة الخلة و الكلام، زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً و لم يكلم موسى تكليما،ً فضحى به خالد بن عبد الله القسري أمير العراق والمشرق الواسع،  قتله و كان هذا من فتوى علماء زمانه، كان أكثرهم من التابعين ، شكره العلماء على قتله يوم العيد يوم عيد الأضحى و هو يخطب بالناس صلى بالناس ثم خطب و قد أتى بالجعد مقيداً، في أصل المنبر ثم نزل في آخر الخطبة خطبة العيد، قال ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضحٍ بالجعد بن درهم، فإنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا و لم يكلم موسى تكليما، ثم نزل و أخذ السكين و ذبحه ذبح الشاة في أصل المنبر أمام الناس رحمه الله و شكره العلماء و أثنوا عليه و منهم ابن القيم قال: 

ولِأَجلِ ذا ضَحَّى بِجَعدٍ خالِدُ القَسرِيُّ يَومَ ذَبائِح القُربانِ
إذ قالَ إبراهيمُ ليس خَليلَهُ كلا وَلا مُوسى الكليمُ الدَّاني
شَكَرَ الضَّحِيَّةَ كُلُّ صاحِبِ سُنَّةٍ لله درُّكَ من أخي قُربانِ

( متن ) 

قال: ونعتقد أن الله كلم موسى تكليمًا، واتخذ إبراهيم خليلاً وأن الخُلَّة غير الفقر، لا كما قال أهل البدع . 

( شرح ) 

الجهمية فسروا الخلة بالفقر قالوا خليلاً يعني فقير و هذا من أبطل الباطل، لأن هذا وصف عام حتى الأصنام فقيرة  كل شيء، ما يكون هناك مزية للخليلين تفسير الخلة بالفقر هذا وصف عام لجميع المخلوقات كلها فقيرة إلى الله، المؤمنون و الكفار كلهم فقراء إلى الله فتفسير الخلة بالفقر تفسير الجهمة هذا من أبطل الباطل، الخلة وصف معناه غاية المحبة غير الفقر، من زعمهم  من شبهات الجهمية أنهم يقولون أن الخلة و المحبة تحتاج إلى مناسبة بين المحب و المحبوب و ليس هناك مناسبة بين الرب و هو قديم و المخلوق و هو حال توجب المحبة، و هذا من أبطل الباطل أعظم مناسبة المناسبة بين العبد و ربه , الله تعالى يربي عباده خالقهم يربيهم و هم عبيده يعبدونه و يتضرعون إليه هذه أعظم مناسبة كيف يقال ما في مناسبة ؟ فالجهمية من أجهل الناس  . 

( متن ) 

ونعتقد أن الله تعالى خص محمدًا ﷺ بالرؤية 

( شرح ) 

هذا قول لبعض العلماء أن محمد ﷺ خصه الله بالرؤية، بمعنى أنه رأى ربه بعين رأسه في السماء ليلة المعراج، و الصواب أنه لم ير ربه بعين رأسه و إنما رآه بعين قلبه، لقول النبي ﷺ في حديث أبي ذر هل رأيت ربك ؟ لما سأله قال نور أنى أراه و في رواية حديث أبي موسى حجابه النور؛ لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه من خلقه و محمد ﷺ من خلقه و كما قال تعالى وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ فالله تعالى كلمه من وراء حجاب هذا هو الصواب الذي عليه المحققون.

 و ما ورد في هذا من الآثار عن الصحابة و غيرهم، كما فيه إثبات الرؤية فهو محمول على رؤية القلب، و ما ورد من الآثار محمول على الرؤية مراجعة على رؤية البصر، و هذا الصواب و بهذا تجتمع الأدلة، كما خط هذا أبو العباس ابن تيمية و غيرهم، فالقول بأن النبي ﷺ رأى ربه هذا قول ضعيف وهو قول لبعض العلماء، اختاره ابن خفيف أن النبي ﷺ له الرؤية و قال بعضهم الرؤية لمحمد ﷺ و الخلة لإبراهيم و التكليم لموسى كل واحد له خصوصية و الصواب أن نبينا ﷺ شارك إبراهيم في الخلة فهو خليله و شارك موسى في التكليم فكلمه الله من وراء حجاب ليلية المعراج، أما الرؤية فالصواب أنه لم يره لا يستطيع أن يره في الدنيا , و لما سأل موسى ربه الرؤية قال لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ أنه لا يراك في الدنيا أحد إلا مات، ولا جبل إلا تدكدك، ما يستطيع الناس ما يستطيع أحد من البشر، من الملائكة وغيرهم من المخلوقين أن يراه في الدنيا  ، لكن في يوم القيامة في الآخرة ينشيء الله الناس تنشأة قوية و تقوى أبصارهم فيستطيعون الثبوت لرؤية الله أما في الدنيا ما يستطيعون الثبات، ولهذا الجبل ما استطاع تدكدك فهذا قول ضعيف . 

الطالب/ س:(50:45) 

الشيخ: 

في المنام غير الرؤية في المنام ثابته، قد يرون جميع الطوائف الرؤية في المنام، إلا الجهمية من شدة إنكارهم حتى أنكروا الرؤية في المنام، لكن المقصود بالخفية الرؤية هي الرؤية ليلة المعراج أنه رآه بعين رأسه فهذا ضعيف. 

الطالب/ س (51:2) 

هذا ثابت وشيخ الإسلام وجميع الطوائف يرونه إلا الجهمية، لكن يراه يقول على حسب اعتقاده وما يلزم التشبيه، إن كان اعتقاده بربه اعتقادا حسن رآه في صورة حسنة ، وإن كان اعتقاده سيئا رآه في صورة  مماثلة لاعتقاده، ولا يلزم بذلك التشبيه ، ولما كان النبي ﷺ أصح الناس اعتقادا قال: رأيت ربي في أحسن صورة.   

( متن ) 

ونعتقد أن الله تعالى خص محمدًا ﷺ بالرؤية، واتخذه خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً . 

( شرح ) 

أما اتخذه خليلا فنعم أما الرؤية فالصواب أنه لم يره بعين رأسه و إنما رآه بعين قلبه . 

( متن ) 

ونعتقد أن الله تعالى اختص بمفتاح خمس من الغيب لا يعلمها إلا الله إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ الآية . 

( شرح ) 

لاشك إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ

( متن ) 

ونعتقد المسح على الخفين. ثلاثًا للمسافر، ويومًا وليلة للمقيم 

( شرح ) 

هذا أدخله في كتب العقائد لأن الرافضة أنكروا مسح الخفين، و إلا هذه مسألة فرعية و لكن العلماء يذكرونها في باب العقائد رداً على الرافضة الذين يرون ينكرون مسح الخفين و ينكرون غسل الرجلين فيقولون الرجلان في الوضوء تمسحان الواجب مسح ظهور القدمين ، و الخفان وجب خلعهما و نزعهما و مسح ظهور القدمين، و هذا من أبطل الباطل، و لهذا ذكرها العلماء في كتب العقائد للرد على الرافضة . 

( متن ) 

ونعتقد الصبر على السلطان من قريش ما كان من جور أو عدل، ما أقام الصلاة من الجمع والأعياد . 

( شرح ) 

هذا معتقد أهل السنة و الجماعة الصبر على السلطان و جور السلطان، و عدم الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي و لو فعل المعاصي و الظلم إلا إذا وجد الكفر الصريح مع القدرة و الاستطاعة مع وجود البديل ، من كفر كفراً صريحاً واضحاً لا برهان فيه، كما في الحديث الآخر إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله فيه برهان جاز الخروج بشرطين:

 الشرط الأول: وجود البديل يزال و يؤتى بآخر، أما إذا كان يزال و لا يؤتى بآخر ما حدث المقصود.

 و الشرط الثاني: القدرة فإن عجز فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

هذا إذا كان كفرا، أما المعاصي و الظلم و الجور فلا يجوز الخروج، عقيدة أهل السنة و الجماعة أن الخروج من كبائر الذنوب لقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر؛ فإنه من خالف الجماعة شبراً فمات فميتته جاهلية الخروج على ولاة الأمور من كبائر الذنوب لا يجوز و لأن الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي يترتب عليه مفسدة أكبر، إذا كان الإنسان بعض الناس ينكر على ولاة الأمور مثلاً ظلم بعض الناس و قتل بعض الناس أو سجن بعض الناس أو عدم توزيع المال أو ما أشبه ذلك و لكن ماذا يحصل من الخروج عيله ؟ تراق الدماء و تنتهك الأعراض و تسلط الأعداء و تختل الأمن و يختل الاقتصاد و الزراعة و التجارة و الحراثة تختل أمور الناس كلها، و تأتي فتن تقضي على الأخضر و اليابس , أيهم أشد هذه الفتن أم الجور و المعاصي أيهم أعظم ؟ الجور و المعصية أسهل مفسدة صغرى و هذه مفاسد متعددة، و لهذا جاء الإسلام بالمنع و لهذا قال نعتقد نحن أهل السنة و الجماعة نعتقد الصبر على السلطان ما داموا يأدون الصلاة في الجمعة و الأعياد يعني ما داما مؤمنين موحدين.

من قريش يعني هذا إذا اختار المسلمون يختارون من قريش لقوله ﷺ الأئمة من قريش و لما ثبت أن النبي ﷺ قال في الصحيحين ما يزال هذا الأمر يعني في قريش -و في لفظ- ما بقي فيهم اثنان

ما أقاموا الدين يعني ما داموا يقيمون الدين فيكون الأمر و الولاية فيهم ما داموا يقيمون الدين أما إذا لم يقيموا الدين يختار من غيرهم، و هذا إذا كان الأمر باختيار المسلمين كما اختار الصحابة أبا بكر من قريش ثم عمر من قريش ثم عثمان من قريش ثم علي من قريش هذا إذا كان اختيار المسلمين أما إذا غلبهم بسيفه و سلطانه كانت له الولاية و لو كان عبداً حبشياً ، كما في الحديث اسمع وأطع وإن كان عبداً حبشياً مجدع الأطراف مقطع اليدين و الرجلين تثبت له الولاية بالقوة و الغلبة.

فالولاية تثبت بأحد أمرين بالاختيار و الانتخاب كما في خلافة الصديق و عثمان و الثاني بولاية العهد كما عهد الصديق لعمر و الثالث بالقوة و الغلبة و ما ثبتت الخلافة بالاختيار إلا في زمن الخلفاء الراشدين أما بعدهم كلها بالقوة و الغلبة، خلفاء بني أمية و بني العباس كلها بالقوة و الغلبة إلى الآن فهذا إذا كان اختيار المسلمين يختارون من قريش يختارون أما إذا لم يكن الاختيار لهم و غلبهم بقوته و سيفه و سلطانه ثبتت له الخلافة و وجب له السمع و الطاعة وحرم الخروج عليه إلا إذا كفر كفراً صريحاً كما في الحديث إلا أن تروا كفراً بواحاً، قال السمع و الطاعة رواه في صحيح مسلم إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان، بهذا القيد كفر موصوف بثلاثة أوصاف كفر بواح عندكم من الله برهان مع القدرة و مع وجود البديل.

و من هنا يتبين أن الخروج على ولاة الأمور هذا من المعاصي و أن هذا من طريقة أهل البدع والخوارج و المعتزلة و الرافضة هم الذين يخرجون على ولاة المسلمين، الخوارج يخرجون على ولاة الأمور بالمعاصي إذا عصى عندهم كفر و خلد في النار و وجب قتله لأنه مخلد في النار، و المعتزلة يرون الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي لأن هذا من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر النهي عن المنكر ستروا تحتها عن الخروج بالمعاصي، و الرافضة يخرجون على ولاة الأمور بالمعاصي لأنهم لا يرون إمامة إلا الإمام المعصوم ، والإمام المعصوم هم الأئمة الاثنا عشر، نص عليهم النبي ﷺ، فلا تصح الإمامة فيجب الخروج عليهم أما أهل السنة فيخالفون الخوارج و المعتزلة و الروافض، يرون الصبر على ولاة الأمور و عدم الخروج عليهم بالمعاصي . 

( متن ) 

ونعتقد الصبر على السلطان من قريش ما كان من جور أو عدل، ما أقام الصلاة من الجمع والأعياد والجهاد معهم ماض إلى يوم القيامة . 

( شرح ) 

و كذلك الجهاد مع ولاة الأمور أبرار كانوا أو فجارا إلى يوم القيامة . 

( متن ) 

والصلاة في الجماعة حيث ينادى لها واجب إذا لم يكن عذر مانع 

( شرح ) 

و كذلك الصلاة حيث ينادى لها واجب، يجب يصلي خلف ولاة الأمور الجمعة والجماعة، إذا لم يكن هناك مانع ، أما إذا كان هناك عذر من الأعذار فلا بأس . 

( متن ) 

و التراويح سنة . 

الشيخ: قف هنا 

الطالب: سؤال ( 59:6) 

( الشيخ ) 

يعني سواء كان جائراً أو عادلاً الإمام يجب السمع و الطاعة و عدم الخروج عليه هذا معناه . 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد