بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين أما بعد :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
( متن )
قال أهل السنة وأصحاب الحديث: إن الله ليس بجسم ولا يشبه الأشياء، وأنه استوى على العرش .
( شرح )
هذه الأشياء التي بقيت عن أبي الحسن الأشعري، إثبات الجسم و نفيه ليس له أصل أهل السنة و الجماعة لا يثبتون الجسم و لا ينفونه، هذه من الأشياء التي بقيت عن الأشعري , يقال حتى الأشعري رجع لأهل السنة والجماعة فبقيت عليه بعض الأشياء، فلا يقال إن الله بجسم و لا بليس جسم لأنه لم يرد في النصوص .
( متن )
( شرح )
هذا من قوله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.
( متن )
( شرح )
نعم هذا كله إثبات اليدين لله واضحة فيها لكن الدليل على العينين، حديث الدجال إن ربكم ليس بأعور، تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا: يعني: بمرأى منا لكن هكذا فهم .
( متن )
( شرح )
إثبات المجيء .
( متن )
( شرح )
نزولاً يليق بجلاله و عظمته لا يكيف ينزل و هو فوق العرش نزولاً يليق بجلاله و عظمته سبحانه .
( متن )
( شرح )
في كتابه العزيز لم يثبتون شيئاً من الصفات و الأسماء إلا ما جاء و دلت عليه النصوص من الكتاب و السنة .
( متن )
( شرح )
و هو من آخر كتبه بعدما رجع إلى معتقد أهل السنة و الجماعة .
( متن )
فصل في إبانة قول أهل الحق والسنة
( شرح )
إبانة يعني إظهار .
( متن )
( شرح )
هذا قصده الإمام أحمد إمام أهل السنة و الجماعة و قوله الرئيس الكامل فيه مبالغة الكمال إنما هذا وصف للنبي ﷺ و هو الرئيس الكامل يعني الكمال البشري , الكمال البشري و الكمال لله الكمال البشري الرسول ﷺ أكمل الناس عليه الصلاة و السلام و الإمام أحمد -رحمه الله- إمام أهل السنة و الجماعة لكن ليس بمعصوم .
( متن )
( شرح )
فهمه الله .
( متن )
( شرح )
فرد من باب الخبر من الأقوال الفرد، فرد ليس من أسماء الله و إنما من باب الخبر ظاهر إطلاقه كأنه من أسماء الله .
( متن )
( شرح )
أسماء الله منفصلة أو صفاته منفصلة، فالله تعالى بذاته و أسمائه و صفاته هو الخالق و غيره مخلوق .
( متن )
( شرح )
الإسلام أوسع من الإيمان و العاصي يقال له مسلم و لا يقال مؤمن بإطلاق مرتكب الكبيرة، لكن يقال مؤمن بالقيد، مؤمن ضعيف الإيمان مؤمن ناقص الإيمان لكن يقال له مسلم، فالإسلام أوسع العاصي يسمى مسلماً و لا يسمى مؤمنا مرتكب الكبيرة بإطلاق، لأن العاصي مرتكب الكبيرة كالزاني و السارق ما يقال مؤمن و لا يقال ليس بمؤمن، لا بد من القيد يقال: مؤمن إذا قلت مؤمن و سكتت أخطأت و إذا قلت ليس بمؤمن أخطأت لا بد من القيد تقول مؤمن ناقص الإيمان مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، و في النفي ما تقول ليس بمؤمن ، إذا قلت ليس بمؤمن وافقت الخوارج المعتزلة و إذا قلت هو مؤمن وافقت المرجئة، فبالنفي تقول ليس بصادق الإيمان ليس بمؤمن حقاً لا تقول ليس بمؤمن و تسكت و لا تقول مؤمن و تسكت لأنك وافق المرجئة، تقول مؤمن ناقص الإيمان مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، العاصي يقال له مسلم و لكن لا يقال له مؤمن إلا بالقيد بتقييد الإسلام أوسع .
( متن )
( شرح )
كل مؤمن مسلم و ليس كل مسلم مؤمناً .
( متن )
( شرح )
كما جاء في الحديث كان النبي ﷺ يكثر من أن يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، تقول له عائشة: يا رسول الله كيف تدعوا بهذا هل تخاف؟ قال: وما يؤمنني يا عائشة وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء؛ إذا أراد أن يقلب قلب عبد قلبه هذا و هو سيد الخلق عليه الصلاة و السلام معصوم عليه الصلاة و السلام .
الطالب ( 10:0)
الشيخ:
نعم إثبات الأصابع لله كما يليق بجلاله و عظمته كالصفات كسائر الصفات، جاء في الحديث أنه جَاءَ حَبْرٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِﷺ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، إِنَّ اللَّهَ يَضَعُ السَّمَاءَ عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالأَرْضَ عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالشَّجَرَ وَالأَنْهَارَ عَلَى إِصْبَعٍ ، وَسَائِرَ الخَلْقِ عَلَى إِصْبَعٍ ، ثُمَّ يَقُولُ بِيَدِهِ : أَنَا المَلِكُ ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. خمسة أصابع ثابتة لله كما يليق بجلاله و عظمته .
الطالب/ (10:27)
بين إصبعين من أصابع الرحمن ذكر إصبعين , و ولكن خمسة أصابع .
( متن )
إلى أن قال: والإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، ونسلم الروايات الصحيح
( شرح )
خلاف للمرجئة الذين يقولون أن الإيمان تصديق بالقلب فقظ قول القلب الإيمان قول و عمل و القول قول اللسان و قول القلب اللسان النطق و قول القلب الإقرار و العمل عمل القلب و عمل الجوارح، قول و عمل المرجئة يقولون لا الأعمال ليست من الإيمان , الإيمان هو تصديق القلب هذا قول المرجئة .
( متن )
( شرح )
يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية , المرجئة يقولون الإيمان لا يزيد و لا ينقص إيمان أهل السماء و أهل الأرض واحد .
( متن )
( شرح )
يعني نقبل الحديث إذا عدلت رواته و اتصل سنده نقبله ، يعني خلافاً لأهل البدع الذين يقولون أخبار الآحاد ما نقبلها في العقائد، يقولون الروايات الثابتة عن الرسول ﷺ، ولا خبر آحاد، ثبت بالسند ثبت الحديث بسند صحيح و عدلت رواته و اتصل سنده نقبله في العقائد و في الأعمال و في كل شيء و في الأخلاق، خلافاً للمعتزلة و أهل البدع القائلين بأن أخبار الآحاد ما تقبل في العقائد، هذا باطل ما تصح فيها العقائد يقولون، لأن أخبار الآحاد ظنية الدلالة هذا كله مما أحدثه أهل البدع يقولون: أخبار الآحاد ظنية الدلالة و لا نقبلها في العقائد , ظني الثبوت و ظني الدلالة يقولون خبر الآحاد ظني الثبوت يعني مشكوك في ثبوته فلا يقبلوه و إذا كان من القرآن أو كان متواتر قالوا: هذا قطعي الثبوت لكن ظني الدلالة ما نجزم على أنه ......مثل ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ هذه آية من القرآن ما ننكرها لكن ظني الدلالة ما نجزم بأنها تفيد الاستواء لجواز أن معنى (استوى: استولى) ثم استولى على العرش فعطلو صفة الاستواء إن كان خبر آحاد قالوا: هذا ظني الدلالة ظني الثبوت و ظني الدلالة لا يقبلون من جهة السند و لا من جهة المتن و إن كان ثابت في القرآن أو من المتواتر قالوا هذا صحيح ثابت قطعي الثبوت لكنه ظني الدلالة ما يجزم بأن معناه هو هذا الاستواء هو الاستيلاء، لا يجزم بأن الاستواء معناه الاستواء الحقيقي بل يجوز أن يكون معنى استوى استولى .
( متن )
وأن الله يقرب من عباده كيف شاء كما قال تعالى: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ.
( شرح )
هذا على القول بأن الضمير يعود إلى الله وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ يعني أقرب إليه بالعلم و القدرة و الإحاطة.
و القول الثاني: أن المراد قرب الملائكة و المعنى قرب الملائكة من قلب العبد أن ذوات الملائكة أقرب إلى العبد من حبل الوريد ولهذا قيده بالظرف قال: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ يعني نحن أقرب إليه من حبل الوريد وقت تلقي المتلقيان و لو كان المراد قرب الرب لكان عاما التعلق و لم يخصص و لم يقيد بوقت تلقي المتلقيان، هكذا ذهب شيخ الإسلام رحمه الله.
و آخرون من أهل العلم مثل الحسن الأشعري قالوا قرب العبد من الله المراد قرب الله القرب بالعلم بدليل وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ فهو قرب بالعلم و بعضهم قال: قرب بالعلم و القدرة و بعضهم قال: قرب بالعلم و القدرة و الرؤية و الإحاطة .
( متن )
( شرح )
هذا على القول بأن الضمير يعود إلى الله لكن في سورة النجم يعود إلى جبريل ثُمَّ دَنَا جبريل فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى.
و جاء في حديث الإسراء و لكن قال العلماء أن هذا من أوهام شريك، شريك ابن أبي نمر له أوهام و أغلاط في حديث الإسراء، و لهذا لما رواه مسلم في صحيحه لحديث شريك قال تقدم و أخر و زاد و نقص، هذا على أن القول ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى يعود إلى الله بالدنو والتدلي.
( متن )
( شرح )
هذا باطل ما يتوقف الإنسان , أهل البدع يقولون القرآن مخلوق هذا بدعة بعضهم يتوقف ما أقول مخلوق ولا غير مخلوق، و هذا بعضهم يقول الوقفة أشر من اللفظية الذي يتوقف، لا تتوقف اجزم بأن القرآن كلام الله هذا بدعة التوقف بدعة .
( متن )
فقال: إن قال قائل: ما تقولون في الاستواء؟ قيل له: إن الله مستوٍ على عرشه كما قال: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، وقد قال الله: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ، وقال: بَل رَّفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ، وقال: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ، وقال تعالى حكاية عن فرعون: يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ.
( شرح )
كل هذا في إثبات العلو يَصْعَدُ و الصعود من أسفل إلى أعلى ابْنِ لِي صَرْحًا فرعون قال لهامان لأن موسى أعلمه بأن الله في العلو ، و لهذا أمر وزيره هامان أن يبني له صرحاً ليكذب موسى فيما ادعاه بزعمه أن الله في العلو، و ليس المراد أن فرعون يثبت العلو، بعضهم يغالط بعض الجهمية يغالط يقول إن فرعون أثبت العلو و من أثبت العلو فهو على مذهب فرعون، هذا باطل فرعون منكر ما أثبت العلو منكر للرب فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى فكيف يثبت العلو .
الطالب/ س( 19:28)
القرآن كلام الله , هذا باطل , صفة العلم و صفة الكلام , الكلام غير العلم .
( متن )
ورأينا المسلمين جميعًا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء، لأن الله على العرش الذي فوق السماوات، فلولا أن الله على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش، كما لا يحطونها إذا دعوا إلى الأرض .
ثم قال فصلٌ: وقد قال قائلون من المعتزلة، والجهمية، والحرورية
( شرح )
الحروروية يعني الخوارج هم من سكنوا بلدة حرورة .
( متن )
إن معنى قوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى أنه استولى وملك وقهر، وأن الله في كل مكان، وجحدوا أن يكون الله على عرشه كما قال أهل الحق، وذهبوا في الاستواء إلى القدرة، فلو كان كما ذكروه كان لا فرق بين العرش والأرض السابعة، لأن الله قادر على كل شيء والأرض فالله قادر عليها وعلى الحشوش وعلى كل ما في العالم، فلو كان الله مستويًا على العرش بمعنى الاستيلاء وهو مستول على الأشياء كلها لكان مستويًا على العرش وعلى الأرض وعلى السماء وعلى الحشوش والأقذار، لأنه قادر على الأشياء مستول عليها، وإذا كان قادرًا على الأشياء كلها، ولم يجز عند أحد من المسلمين أن يقول: إن الله مستوٍ على الحشوش والأخلية، لم يجز أن يكون الاستواء على العرش بمعنى الاستيلاء الذي هو عام في الأشياء كلها، ووجب أن يكون معنى الاستواء يختص العرش دون الأشياء كلها وذكر دلالات من القرآن والحديث والإجماع والعقل ثم قال: باب الكلام في الوجه والعينين والبصر واليدين وذكر الآيات في ذلك، ورد على المتأولين بكلام طويل لا يتسع هذا الموضع لحكايته: مثل قوله: فإن سئلنا: أتقولون لله يدان؟
قيل: نقول ذلك، وقد دل عليه قوله تعالى: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ، وقوله تعالى: لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ وروي عن النبي ﷺ أنه قال: إن الله مسح ظهر آدم بيده، فاستخرج منه ذريته وقد جاء في الخبر المأثور عن النبي ﷺ: إن الله خلق آدم بيده، وخلق جنة عدن بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس شجرة طوبى بيده.
وليس يجوز في لسان العرب ولا في عادة أهل الخطاب أن يقول القائل: عملت كذا بيديّ، ويريد به النعمة .
( شرح )
فيه الرد على من قال بيدي يعني بنعمتي فسروا اليد بالنعمة أو بالقدرة و المؤلف رحمه الله قصده من هذا أن يبين أن أهل السنة و أن العلماء كلهم أطبقوا على إثبات الصفات لله و أن إنكار الجهمية و الأشاعرة و المعتزلة للصفات مخالف لما أجمع عليه أهل السنة و الجماعة و العلماء و الأئمة .
( متن )
وليس يجوز في لسان العرب ولا في عادة أهل الخطاب أن يقول القائل: عملت كذا بيديّ، ويريد بها النعمة، وإذا كان الله إنما خاطب العرب بلغتها، وما يجري مفهومًا من كلامها، ومعقولاً في خطابها، وكان لا يجوز في خطاب أهل اللسان أن يقول القائل: فعلت بيديّ، ويعني به النعمة، بطل أن يكون معنى قوله تعالى: بِيَدَيَّ النعمة وذكر كلامًا طويلًا في تقرير هذا ونحوه .
وقال القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني المتكلم وهو أفضل المتكلمين المنتسبين إلى الأشعري، ليس فيهم مثله لا قبله ولا بعده
( شرح )
من المعتدلين ، الباقلاني من الأشاعرة المعتدلين و لهذا أثنى عليه المؤلف رحمه الله .
( متن )
( شرح )
الأشعري له كتاب الإبانة والباقلاني له كتاب الإبانة أيضاً كل منهما له كتاب الإبانة .
( متن )
( شرح )
نعم لأن الأشاعرة لا يثبتون إلا سبع صفات و هو يثبتها الآن لأنه ليس من الأشاعرة المتأخرين من المعتدلين يثبت كثيراً من الصفات .
( متن )
فإن قال: فلم أنكرتم أن يكون وجهه ويده جارحة إذ كنتم لا تعقلون وجهًا ويدًا إلا جارحة؟
قلنا: لا يجب هذا كما لا يجب إذ لم نعقل حيًا عالمًا قادرًا إلا جسمًا أن نقضي نحن وأنتم بذلك على الله سبحانه، وكما لا يجب في كل شيء كان قائمًا بذاته أن يكون جوهرًا، لأنا وإياكم لا نجد قائمًا بنفسه في شاهدنا إلا كذلك، وكذلك الجواب لهم، إن قالوا: فيجب أن يكون علمه وحياته وكلامه وسمعه وبصره وسائر صفاته عرضًا واعتلوا بالوجود .
قال: فإن قال: تقولون: إنه في كل مكان؟
قيل له: معاذ الله؛ بل هو مستوٍ على العرش كما أخبر في كتابه فقال: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، وقال تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ، وقال: أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ قال: ولو كان في كل مكان، لكان في بطن الإنسان وفمه، والحشوش، والمواضع التي يرغب عن ذكرها، ولوجب أن يزيد بزيادة الأمكنة إذا خلق منها ما لم يكن، وينقص بنقصانها إذا بطل منها ما كان، ولصح أن يرغب إليه إلى نحو الأرض .
( شرح )
يعني يدعى من جهة الأرض و لا يدعى من جهة السماء لو كان في كل مكان نعوذ بالله .
( متن )
وقال أيضًا في هذا الكتاب:
( شرح )
كتاب الإبانة نعم .
( متن )
( شرح )
كتاب التمهيد للقاضي الباقلاني كتاب اسمه التمهيد، التمهيد لابن عبد البر، و هذا التمهيد للقاضي الباقلاني .
( متن )
( شرح )
هذا دليل على أنه ينقل حرفياً قال النسخة ليست حاضرة عندي، لأنه ينقل من كتبهم المؤلف -رحمه الله- عنده كتب كثيرة للمتقدمين و المتأخرين ينقل منها .
( متن )
( شرح )
يعني من باب الرد على الخصوم بأقوال أئمتهم و علمائهم، و إلا فالكتاب و السنة و أقوال الصحابة و العلماء كافية في هذا ، لكن ينقل عنهم عن أهل الكلام ،لو رد على الأشاعرة القاضي و الأشعري تتنتسبون إليه انظروا كلامهم كله يبطل ما تدعونه من إنكار الصفات و تأويلها .
( متن )
( شرح )
من كان كذلك تمت النعمة عليه يهب الله الإنسان عقلا و دينا صار يعقل و يدين .
( متن )
( شرح )
نعم من كلام شيوخه و أتباعه فلهذا أكثر المؤلف رحمه الله من النقول للرد على الخصوم بأقوال أئمتهم و أتباعهم .
( متن )
( شرح )
يعني مثلا الأشاعرة الآن مخالفين لأسلافهم هذا القاضي الباقلاني و الأشعري هذه أقوالهم و الأشاعرة يخالفونهم .
( متن )
فإن اليهود قالوا: لا نؤمن إلا بما أنزل الله علينا قال الله لهم: فلم قتلتم الأنبياء من قبل إن كنتم مؤمنين بما أنزل عليكم .
( شرح )
فهؤلاء يقولون ما نقبل إلا أقوال أئمتنا و مع ذلك ما يقبلون الحق الذي في أقوال أئمتهم، يقولون: ما نقبل إلا قول الأشعري و هذا الأشعري أثبت الوجه و أثبت اليدين لماذا لا تقبلونه ؟ فيكم شبه من اليهود , اليهود يقولون: ما نقبل إلا ما أنزل علينا و مع ذلك خالفوا ما أنزل عليهم أنتم تقولون: ما نقبل إلا أقوال أئمتنا و هذه أقوال القاضي و هذه أقوال الأشعري أثبت الوجه و غيرها كما أثبت الصفات فلم لا تقبلون الحق الذي مع أئمتكم ؟
( متن )
يقول سبحانه: لا ما جاءتكم به أنبياؤكم تتبعون، ولا لما جاءتكم به سائر الأنبياء تتبعون ولكن إنما تتبعون أهواءكم، فهذا حال من لم يتبع الحق، لا من طائفته ولا من غيرهم، مع كونه يتعصب لطائفته بلا برهان من الله ولا بيان .
وكذلك قال أبو المعالي الجويني في كتاب الرسالة النظامية اختلفت مسالك العلماء في هذه الظواهر، فرأى بعضهم تأويلها .
( شرح )
الظاهر يعني ظاهر النصوص آيات الصفات ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ، يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ هذه تأول أو لا تأول و أبو المعالي الجويني هذا من الأشاعرة من متأخري الأشاعرة و هو الذي تكلم في مسألة الاستواء و يقرر نفي استواء النفي على عرشه يقرر بين تلاميذه يقول: إن الرب كان قبل أن يخلق عرشه و هو الآن على ما كان قصده إنكار الإستواء و يقرر و يقيم على تلاميذه فلما أكثر من هذا قام إليه أحد التلاميذ و قال: يا أستاذ دعنا من هذا الكلام، كيف ندفع هذه الضرورة من أنفسنا ما قال: أحد قط يا الله إلا اتجه إلى العلو يعني يقرر هو نفي العلو فتحير و لطم الشيخ نفسه وجعل يلطم وجهه و قال حيرني الهمداني حيرني الهمداني و الهمداني هذا أحد تلامذته حير أبو المعالي الجويني أشعري من الأشاعرة المتأخرين .
( متن )
( شرح )
هذا هم الأشاعرة و المعتزلة و الجهمية هم من التزموا تأويلها أما أهل السنة فلا يؤلون ظاهر نصوص الصفات بل أجروها على ظاهرها أمروها على ظاهرها أمروها كما جاءت كما قال الإمام رحمه الله .
( متن )
( شرح )
و هذا غلط المعنى تفويض الكيفية لا المعاني أئمة السلف أنهم فوضوا الكيفية ما فوضوا المعنى، المعاني معروفة , المفوضة قال بعض العلماء أشر من الجهمية , المفوضة يقولون ما نعرف المعنى حروف تلوكها بلسانك ما تدري معناها، لا نعلم معناها كأنه كلام عجم هذا معنى تفويض المعنى و هذا غلط، الله تعالى أمر بتدبر القرآن أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ، وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ و لم يقل لا تدبرون الصفات فإنها غير معلومة المعنى فوضوها كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ هذا ظن منه أن السلف يفوضون المعنى مثل ما قال النووي رحمه الله في صحيح مسلم الناس لهم مذهبان: مذهب الخلف تأويله و مذهب السلف تفويض المعنى و هذا غلط، و لم يذكر مذهب أهل السنة و الجماعة لا هذا و لا هذا ليس مذهب أهل السنة تفويض المعنى، لا، تفويض الكيفية، معلوم المعنى كما قال الإمام مالك الإستواء معلوم معناه في اللغة العربية و الكيف مجهول و الإيمان به واجب و السؤال عنه بدعة .
( متن )
( شرح )
عقداً يعني اعتقاداً يعني نعتقده .
( متن )
( شرح )
شيخ الإسلام لماذا نقل هذا النص ؟ ينقل النصوص يبين أن مذهب السلف مذهب أهل السنة و الجماعة عدم تكييف عدم العمل بالكيفية إثبات الصفات و تفويض الكيفية، و نقل هذا نقل كلام أبي المعالي و في من يرد عليه، و ممكن يحمل على كونه يفوض المعنى يعني معنى الكيفية إذا حمل على هذا المعنى لكن معروف من أبي المعاني كما الأشاعرة المؤولين، و لهذا الإشكال أن الشيخ رحمه الله نقله و هو ينقل نقول من العلماء بمذهب السلف فكيف ينقل هذا النص .
( متن )
( شرح )
و درك يعني إدراك .
( متن )
( شرح )
لا يألون يعني لا يقصرون .
( متن )
وكانوا لا يألون جهدًا في ضبط قواعد الملة ، والتواصي بحفظها، وتعليم الناس ما يحتاجون إليه منها، فلو كان تأويل هذه الظواهر مسوغًا أو وكانوا لا يألون جهدًا في ضبط قواعد الملة محتومًا: لأوشَكَ أن يكون اهتمامهم بها فوق اهتمامهم بفروع الشريعة، وإذا انصرم عصرهم وعصر التابعين على الإضراب عن التأويل، كان ذلك هو الوجه المتبع، فحق على ذي الدين أن يعتقد تنزيه الله عن صفات المُحدَثين، ولا يخوض في تأويل المشكلات، ويَكِلْ معناه إلى الرب؛ فليجري آية الاستواء والمجيء وقوله: لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ. وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وقوله: تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا، وما صح من أخبار الرسول ﷺ كخبر النزول وغيره على ما ذكرنا .
قلت: وليعلم السائل أن الغرض من هذا الجواب ذكر ألفاظ بعض الأئمة الذين نقلوا مذهب السلف في هذا الباب، وليس كل من ذكرنا شيئًا من قوله من المتكلمين وغيرهم يقول بجميع ما نقوله في هذا الباب وغيره .
( شرح )
يعني هذا الكلام تعقيب المؤلف على جميع النقول و ليس خاصا بالنقل هذا يقول: ننقل عنهم نبين أن هذا مذهب السلف لكن في بعض النقول التي ينقلها عنهم أشياء لا نوافقهم عليها، لكن المهم نقل كلام العلماء على هذا، و يمكن مقصود المؤلف -رحمه الله- من نقل عن السلف و أن السلف يجرون النصوص على ظاهرها أما قوله المعنى نفوض المعنى هذا ليس بصحيح المعنى ما يفوض فهذا لا يقول به المؤلف رحمه الله لكن قصده النقل من أبي المعالي الجويني ، أن الصحابة لا يتعرضون للتأويل و لا لكذا و يجرونها على ظاهرها و لا يلزم من هذا أنهم يفوضون المعنى , لا، تفويض المعنى هذا ليس بصحيح هذا من أغلاطه، لكن مقصوده ما نقل عن السلف و الأئمة و الإجماع و من انقرض عصرهم و أنهم لا يتعرضون للتأويل هذا كلامه صحيح لكن ما يفوضون المعنى كما قال إنما يفوضون الكيفية .
( متن )
( شرح )
يعني ليس كل من نقلنا عنه نقوله في ما يقول لأن الغرض نقل كلام العلماء نستفيد من كلامه نقل كلام العلماء أما يعتقده لا نوافقه في كل ما يقول .
( متن )
( شرح )
نقول بجميع ما يقوله العكس الأولى بالنون و الثانية بالياء نقول بجميع ما يقوله .
( متن )
( شرح )
نعم , لا يستقيم إلا بهذا , من تكلم بكلام حق نقبله و لو بالباطل الذي معه لأن الحق يقبل ممن جاء به، فإن تكلم أبو المعالي الجويني بكلام حق نقبله و نرد الباطل الذي معه .
( متن )
(التعليق )
و الأثر كما في سنن أبي داود قال كتاب السنة ثم ذكر عفا الله عنك قصة المجلس قال باب لزوم السنة عن أبي شهاب أن أبا أدريس الخولاني أخبره أن يزيد ابن عميرة و كان من أصحاب معاذ بن جبل أخبره قال كان لا يجيء مجلساً للذكر حين يجلس إلا قال الله حكم قسط هلك المرتابون فقال معاذ بن جبل يوماً: إن من ورائكم فتناً يكثر فيها المال و يفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن و المنافق و الرجل و المرأة و الصغير و الكبير و العبد و الحر فيوشق قائلاً: أن يقول ما للناس لا يتبعوني و قد قرأت القرآن ما هم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره، فإياكم وما ابتدع فإن ما ابتدع ضلالة و أحذركم زيغة الحكيم فإن الشيطان قد يقوق كلمة ضلالة على لسان الحكيم و قد يقول المنافق كلمة الحق قال: قلت لمعاذ: ما يدريني -رحمك الله- إن كان الحكيم قد يقول كلمة ضلالة و أن المنافق قد يقول كلمة الحق، قال: بلى، اجتنب من كلام الحكيم المشترهات التي يقال له: ما هذه و لا يثنيك ذلك عنه فإنه لعله أن يراجع، فتلقى الحق إذا سمعته فإن على الحق نوراً , أخرجه الحاكم في مستدركه ما اختلاف يسير في الألفاظ .
( متن )
فأما تقرير ذلك بالدليل، وإماطة ما يعرض من الشبه، وتحقيق الأمر على وجه يخلص إلى القلب ما يبرد به من اليقين ويقف على مواقف آراء العباد في هذه المهامِهِ، فما تتسع له هذه الفتوى، وقد كتبت شيئًا من ذلك قبل هذا، وخاطبت ببعض ذلك بعض من يجالسنا، وربما أكتب إن شاء الله في ذلك ما يحصل المقصود به .
وجماع الأمر في ذلك: أن الكتاب والسنة يحصل منهما كمال الهدى والنور لمن تدبر كتاب الله وسنة نبيه .
( شرح )
هذا جماع الأمر أن الكتاب و السنة فيهما الهداية فيهما الهدى و النور إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ، وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ.
( متن )
وجماع الأمر في ذلك: أن الكتاب والسنة يحصل منهما كمال الهدى والنور لمن تدبر كتاب الله وسنة نبيه وقصد اتباع الحق، وأعرض عن تحريف الكلم عن مواضعه، والإلحاد في أسماء الله وآياته .
ولا يحسب الحاسب أن شيئًا من ذلك يناقض بعضه بعضًا ألبتة، مثل أن يقول القائل: ما في الكتاب والسنة من أن الله فوق العرش يخالفه في الظاهر قوله تعالى: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ، وقوله ﷺ: إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قِبَل وجهه ونحو ذلك، فإن هذا غلط .
( شرح )
نعم فإن الله قبل وجهه و هو فوق العرش و من كان فوقك فهو أمامك لا تخالف نصوص المعية نصوص العلو و الفوقية لا يتنافيان و لا يتناقضان فهو فوق العرش و هو مع عباده بعلمه و قدرته و إحاطته و مع المؤمنين بنصره و تأييده فلا منافاة لأن المعية ليس معناها الاختلاط و الإمتزاج المعية لا تقتضي المماسة و لا المحاذاة و إنما هي لمطلق المصاحبة المعية , المعية معناها المصاحبة فالله تعالى فوق العرش و هو مع عباده، مع عباده بعلمه و قدرته و إحاطته مع جميع الناس و مع المسلمين بنصره و تأييده، فلا منافاة المعية معناها المصاحبة تقول العرب ما زلنا نسير و القمر معنا و النجم معنا و هو فوقهم، ما فيه اختلاط و امتزاج و لا محاذاة و لا مماسة و تقول المتاع معي و إن كان فوق رأسك و يقال فلان زوجته معه قد تكون في المشرق و هو في المغرب، يقال فلان زوجته معه و قد تكون في المشرق و هو في المغرب يعني معها يعني في عصمته يعني المعية العصمة و لهذا يقول الأحناف إذا تزوج مشرقي مغربية و لم يلتقيا ثم أتت بولد من ستة أشهر ألحقنا الولد بأبيه حفظا للنسب في جواز أن حتى تكون له كرامة يعني كيف هو في المشرق و هي في المغرب هذا في وقتهم لكن الآن سهل المشرق و المغرب في ساعة يذهب إليها و تذهب إليه لما جاءت المواصلات الحديثة .
( متن )
( شرح )
يعني القول بأن هناك منافاة بين العلو و المعية هذا غلط كبير لا منافاة المعية معناها المصاحبة و الله تعالى فوق العرش .
( متن )
( شرح )
جمع بينهما في سورة الحديد .
( متن )
فأخبر أنه فوق العرش يعلم كل شيء وهو معنا أينما كنا، كما قال النبي ﷺ في حديث الأوعال والله فوق العرش، وهو يعلم ما أنتم عليه .
وذلك أن كلمة (مع) في اللغة إذا أطلقت، فليس في ظاهرها في اللغة إلا المقارنة المطلقة من غير وجوب مماسة أو محاذاة عن يمين وشمال، فإذا قيدت بمعنى من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى، فإنه يقال: ما زلنا نسير والقمر معنا، أو النجم معنا ويقال: هذا المتاع معي لمجامعته لك، وإن كان فوق رأسك، فالله مع خلقه حقيقة، وهو فوق عرشه حقيقة .
ثم هذه المعية تختلف أحكامها بحسب الموارد، فلما قال: يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ دل ظاهر الخطاب على أن حكم هذه المعية ومقتضاها أنه مطلع عليكم، شهيد عليكم ومهيمن عالم بكم وهذا معنى قول السلف إنه معهم بعلمه .
( شرح )
لأنه لم يعتبر هذا تأويل نص عليه. قال يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ ثم قال وَهُوَ مَعَكُمْ فدل على أن المعية معية علم و كما في سورة المجادلة: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فافتتح الآية بالعلم و اختتمها بالعلم فدل على أنها معية بالعلم ما يكون هذا تأويل كما يغالط بعض الناس .
( متن )
( شرح )
يعني ليس تأويلا هذا ظاهره , معية علم يعلم ما يلج في الأرض و هو معهم من نفس الآية أخذناه من نفس الآية .
( متن )
( شرح )
هنا المعية خاصة لًا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا معة نصر و تأييد و حفظ و كلاءة مع العلم و الإحاطة الإطلاع يجتمعان في المسلم المعية العامة و المعية الخاصة، المعية معيتان: معية عامة و هي معية الإحاطة و العلم و نفوذ القدرة و المشيئة هذه عامة للمؤمن و الكافر.
لقوله تعالى وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ، مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا هذه معية عامة يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ هذه معية عامة تأتي في سياق المحاسبة و المجازاة و التخويف إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
أما المعية الخاصة هي خاصة بالمؤمنين و المتقين و تأتي في سياق المدح و الثناء قوله لًا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ و تجتمع المعيتان في حق المؤمن الله تعالى مع المؤمنين بنصره و تأييده و هو معهم بعلمه و إحاطته وقدرته و تنفرد المعية العامة بحق للكافر .
( متن )
وكذلك قوله: إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ، وكذلك قوله لموسى وهارون: إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى هنا المعية على ظاهرها، وحكمها في هذا الموطن النصر والتأييد .
وقد يدخل على صبي من يخيفه، فيبكي، فيشرف عليه أبوه من فوق السقف ويقول: لا تخف، أنا معك، أو أنا حاضر ونحو ذلك، ينبهه على المعية الموجبة بحكم الحال دفع المكروه، ففَرْقٌ بين معنى المعية وبين مقتضاها، وربما صار مقتضاها من معناها، فتختلف باختلاف المواضع .
فلفظ المعية قد استعمل في الكتاب والسنة في مواضع يقتضي في كل موضع أمورًا لا يقتضيها في الموضع الآخر، فإما أن تختلف دلالتها بحسب المواضع، أو تدل على قدر مشترك بين جميع مواردها وإن امتاز كل موضع بخاصية فعلى التقديرين ليس مقتضاها أن تكون ذات الرب مختلطة بالخلق حتى يقال: قد صرفت عن ظاهرها .
( شرح )
يعني لا يقال هذا من الأساس لا الاختلاط و لا الامتزاج و ليس من معناها و لا من مدلولها، لكن أهل البدع فهموا فهماً معكوساً فهموم من عند أنفسهم لا دل عليه دليل لا من اللغة و لا من الكتاب و لا من السنة و لا من مدلولات المعية و مخارجها و دلالتها قالوا أن معنى وَهُوَ مَعَكُمْ أنه اختلط بمخلوقاته الجهمية و أبطلوا نصوص العلو و الفوقية التي تزيد أفرادها على ثلاثة آلاف أبطلوها بنصوص المعية و ضربوا النصوص بعضها ببعض قالوا معنى وَهُوَ مَعَكُمْ أنه مختلط بمخلوقاته و أنه في كل مكان تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً و أبطلوا نصوص الفوقية و العلو لأنهم أهل زيغ -و العياذ بالله- أهل انحراف .
كذلك القرب غير المعية القرب فيه خلاف ذهب شيخ الإسلام رحمه الله إلى أنه لا يأتي القرب إلا خاص ما يأتي عام كالمعية خاص و عام قال وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ هذا قرب الملائكة و نحن أقرب إليه بملائكتنا يعني قرب الملائكة من العبد ذوات الملائكة إلى العبد أقرب من حبل الوريد بدليل لأنه قيد بوقت تلقي المتلقيان قال وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ يعني حين وقت تلقي الملكين و لو كان المراد قرب الرب لم يقيد بوقت تلقي المتلقيان و كذلك قوله وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَٰكِن لَّا تُبْصِرُونَ
و ذهب إلى هذا شيخ الإسلام ابن تيمية قال: إن القرب لم يرد إلا خاصا و هو نوعان قرب من الداعين بالإجابة و قرب من العابدين بالإثابة، و قال آخرون: إن القرب يكون أيضاً عاما و خاصا، ذهب إلى هذا بعض العلماء و فسروا قالوا أن معنى وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ يعني أقرب إليه بالعلم و قال بعضهم: بالقدرة و قال بعضهم: بالقدرة و الرؤية .
الطالب: (1:6:29 )
نوعان: قرب من العابدين بالإجابة وقرب من العابدين بالإثابة قرب من العابدين بالإثابة قوله وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ فالساجد قريب من الله و القرب من الداعين بالإجابة.
وقوله وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ قريب لم يقل قريب من كل أحد بل قريب بإجابة الداعين و مثله حديث أبي موسى الأشعري في الصحيح قال كنا في سفر و ارتفعت أصواتنا بالتكبير فقال لهم النبي ﷺ ارفقوا على أنفسكم؛ فإنكم لا تدعون أصم و لا بعيداً، إن الذي تدعون سميع قريب أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته قال إن الذي تدعون سميع قريب فهو قريب من الداعي و منه قوله تعالى عن صالح إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ يعني قريب بإجابة الداعين .
( متن )
( شرح )
نظير المعية .
( متن )
وكذلك قوله: عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا و سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً فإن العبد تارة يعنى به المعبد فيعم الخلق كما في قوله: إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا، وتارة يعنى به العابد فيخص، ثم يختلفون .
( شرح )
لأن العبد يراد به العبودية العامة و العبودية الخاصة العبودية العامة كل ناس عبيد الله معبودون مربوبون مقهورون مذللون تحت قدرة الله مؤمنون و كافرون و العبودية الخاصة خاصة بالمؤمن الذي يعبد الله باختياره .
( متن )
فإن العبد تارة يعنى به المعبد فيعم الخلق كما في قوله: إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا، وتارة يعنى به العابد فيخص، ثم يختلفون فمن كان أعبد علمًا وحالاً، كانت عبوديته أكمل، فكانت الإضافة في حقه أكمل، مع أنها حقيقة في جميع المواضع .
ومثل هذه الألفاظ يسميها بعض الناس مشككة لتشكيك المستمع فيها .
( شرح )
تشكيك و هو الاتفاق أن تكون متفقه للمعنى لكن متفاضل يكون المعنى متفاضل، باتفاق زيد و عمرو كل منهما يتفقان بأن كل منهما إنسان، لكن زيد يزيد عن عمرو في الإنسانية و خواص الإنسانية لكن يتفقان في أصل المعنى، فإن كان المعنى متفق في الشيئين يقول متوافق و إن كان مختلف يقال مشكك فإن كان المعنى مختلف يقول مشترك المعنى مختلف و اللفظ مشترك , اللفظ المشترك و المشكك و المتوافق , المشترك هو أن يتفقا في اللفظ و يختلفا في المعنى مثل العين تطلق على العين الباصرة و تطلق على عين الذهب و تطلق على الجاسوس كلها الفظ واحد و المعنى مختلف هذا مشترك أما إذا كان المعنى مختلف فهذا يكون معنى متفق يكون مترادف مثل قام ووقف اللفظ مختلف و المعنى واحد هذان مترادفان مترادف و إن كان المعنى متفق يقال متواطئ و إن كان بين المعنيين تفاوت يقال متشكك.
( متن )
( شرح )
يشكك السامع هل هي من قبيل الألفاظ المتفقة في المعنى أومن قبيل المتفقة في اللفظ دون المعنى تصير مشككة .
( متن )
( شرح )
يعني متفقة في المعنى مثل الربوبية و عبد الله عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا فالعبودية يتفق فيها المؤمنون لكنهم متفاوتون فيها .
( متن )
والمحققون يعلمون أنها ليست خارجة عن جنس المتواطئة إذ واضع اللغة إنما وضع اللفظ بإزاء القدر المشترك، وإن كانت نوعًا مختصًا من المتواطئة، فلا بأس بتخصيصها بلفظ .
ومن علم أن المعية تضاف إلى كل نوع من أنواع المخلوقات كإضافة الربوبية مثلاً، وأن الاستواء على الشيء ليس إلا للعرش، وأن الله يوصف بالعلو والفوقية الحقيقية، ولا يوصف بالسفول ولا بالتحتية قط، لا حقيقة ولا مجازًا علم أن القرآن على ما هو عليه من غير تحريف .
ثم من توهم أن كون الله في السماء بمعنى أن السماء تحيط به وتحويه فهو كاذبٌ إن نقله عن غيره ، وضالٌّ إن اعتقده في ربه وما سمعنا أحدًا يفهمه من اللفظ، ولا رأينا أحدًا نقله عن أحد .
( شرح )
يعني قال إن الله في السماء تحويه و تظله فإنه إن نقله عن غيره فهو كاذب، و إن اعتقده في ربه فهو معتقد باطل، لأن معنى اللغة في السماء في للظرفية يعني في العلو و الله تعالى له أعلى العلو و هو ما فوق العرش، و إن أراد بالسماء الطباق المبنية تكون بمعنى على أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ إن أريد بالسماء الطباق المبنية فتكون بمعنى على و إن أريد في الظرفية فإن السماء معناها العلو و الأصل للظرفية هذا هو الأصل , الأصل أن في للظرفية أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ يعني في العلو و الله تعالى له أعلى العلو و هو ما فوق العرش .
( متن )
وإذا كان الأمر هكذا فمن التكلف أن يجعل ظاهر اللفظ شيئًا محالًا لا يفهمه الناس منه، ثم يريد أن يتأوله بل عند المسلمين أن الله في السماء وهو على العرش واحد، إذ السماء إنما يراد به العلو، فالمعنى أن الله في العلو لا في السفل، وقد علم المسلمون أن كرسيه سبحانه وسع السماوات والأرض وأن الكرسي في العرش كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وأن العرش خلق من مخلوقات الله لا نسبة له إلى قدرة الله وعظمته، فكيف يتوهم بعد هذا أن خلقًا يحصره ويحويه، وقد قال سبحانه: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ، وقال تعالى: فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ بمعنى على ونحو ذلك .
( شرح )
فِي جُذُوعِ النَّخْلِ يعني على عالي النخل و يقال فلان في السطح و إن كان على أعلى شيء .
( متن )
( شرح )
يعني متفقة في أصل المعنى و إن كان المعنى متفاوت .
( متن )
وكذلك قول النبي ﷺ: إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه، فلا يبصق قبل وجهه الحديث حق على ظاهره، وهو سبحانه فوق العرش، وهو قبل وجه المصلي، بل هذا الوصف يثبت للمخلوقات؛ فإن الإنسان لو أنه يناجي السماء ويناجي الشمس والقمر لكانت السماء والشمس والقمر فوقه وكانت أيضًا قبل وجهه .
وقد ضرب النبي ﷺ المثل بذلك ولله المثل الأعلى، ولكن المقصود بالتمثيل بيان جواز هذا وإمكانه لا تشبيه الخالق بالمخلوق فقال النبي ﷺ: ما منكم من أحد إلا سيرى ربه.