بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: ..
فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله في من عنده.
أيها الإخوان لا يخفى على الجميع أن تعلم العلم وتعليمه من أفضل القربات وأجل الطاعات والله رفع شأن العلم والعلماء, وقرن شهادة العلماء بشهادته وشهادة ملائكته على أجلّ مشهودٍ به, وهو الشهادة لله تعالى بالوحدانية. فقال سبحانه: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران: 18].
والعلماء العاملون بعلمهم يرفعهم الله رفعهم الله فوق غيرهم درجات, الذين أوتوا العلم والإيمان, قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [المجادلة: 11].
قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة. هذا طريق إلى الجنة, طريق السعادة, طريق النجاة والكرامة.
ولم يأمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام أن يسأله المزيد من شيء إلا من العلم, فقال: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا [طه: 114].
ولم يأمره أن يسأله زيادة من الجاه أو من السلطان أو من المال, وإنما قال: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا [طه: 114].
والعلم الذي وردت فيه النصوص في فضله والثناء على أهله هو العلم بالله وبأسمائه وصفاته وأفعاله, والعلم بشرعه ودينه, والعلم بالجزاء الذي يكون يوم القيامة جزاء الفريقين.
فهذه أقسام العلم النافع, العلم النافع ثلاثة أقسام:
القسم الأول: العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله.
القسم الثاني: العلم بدينه وبشرعه بالأوامر والنواهي.
القسم الثالث: العلم بالجزاء للموحدين والمؤمنين, وجزاء الفريق الثاني المشركين والفاسقين والعصاة.
كما قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
وَالعِـلْـمُ أَقْسَـامٌ ثَـلاثٌ مَالَهَا | مِنْ رَابِعٍ وَالـحَـقُ ذُو تِبْيَـانِ |
عِلْمٌ بِأَوْصَـافِ الإِلَـهِ وَفِـعْـلِهِ | وكَذَلِكَ الأَسْمَـاءُ للِرَّحْـمَـنِ |
وَالأَمْرُ والنَّهْـيُ الَّـذِي هُـو دِيْنُهُ | وَجَزَاؤُهُ يَوْمَ الْمَـعَـادِ الثَّانِـي |
هذه أقسام العلم النافع, الذي من فقهه الله فيها فقد فقهه في الدين, وقد ثبت في الصحيحين من حديث معاوية بن أبي سفيان أن النبي ﷺ قال: من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين، وأنا قاسم والله معطي.
هذا الحديث قال العلماء: له منطوق وله مفهوم.
منطوقه: أن من فقهه الله في الدين فقد أراد به خيرًا.
ومفهومه: أن من لم يفقهه الله في الدين لم يرد به خير ولا حول قوة إلا بالله.
وإذا كان تعلم العلم وتعليمه طاعة وقربة فإن الطاعة والقربة لا تصح ولا تكون نافعة ولا مقبولة عند الله إلا إذا تحقق فيها أصلان:
الأصل الأول: أن تكون هذه القربة والطاعة خالصةً لله مرادًا بها وجه الله والدار الآخرة؛ فإن أراد به غير وجه الله فإن العبادة تكون شركاً.
الأصل الثاني: أن تكون هذه العبادة موافقة لشرع الله وصوابًا على هدي رسول الله ﷺ, فإن كانت العبادة غير موافقة للشريعة صارت بدعة.
قال الله تعالى في كتابه العظيم: فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف: 110].
والعمل الصالح ما كان موافقًا للشرع, والعمل الذي ليس فيه شرك هو الخالص لله, قال تعالى: وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [لقمان: 22] .
وإسلام الوجه هو إخلاص العمل لله والإحسان هو أن يكون العمل موافقًا للشرع, قد ثبت في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب أن النبي ﷺ قال: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرٍئ ما نوى هذا ميزان للأعمال الباطلة.
وثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.
وفي لفظٍ لمسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. وهذا ميزان للأعمال الظاهرة.
فلا بد لطالب العلم أن يخلص طلبه لله أن يتعلم لله, يتعلم ليتبصر في شريعة الله, ليتفقه في دين الله, لينقذ نفسه من الجهل ثم ينقذ غيره, قيل للإمام أحمد رحمه الله: كيف ينوي طالب العلم؟ قال: ينوي رفع الجهل عن نفسه ثم رفع الجهل عن غيره؛ لأن الأصل في الإنسان أنه لا يعلم.
قال الله تعالى: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [النحل: 78] .
فإن أراد الإنسان بتعلمه العلم الدنيا أو الرياء أو المباهاة أو المجارات أو الشهرة, فإن عمله حابط مردود ولا حول ولا قوة إلا بالله, بل إن الذي يتعلم العلم ويعلمه ويريد به الدنيا يعذب ولا حول ولا قوة إلا بالله, ينقلب عمله فيكون وبالًا عليه, الأعمال بالنية السيئة تنقلب الأعمال الصالحة فتكون وبالًا على صاحبها, كما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: أول خلق الله تسعر بهم النار ثلاثة: عالم, أو قارئ, ومجاهد أو مقاتل ومتصدق. أما العالم أو القارئ فيؤتى به بين يدي الله فيعرفه الله نعمه فيعرفها, فيقول الله تعالى: «ماذا عملت», فيقول: يا رب تعلمت فيك العلم وقرأت فيك القرآن, فيقول الله له: «كذبت وتقول الملائكة كذبت وإنما تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال قارئ, فقد قيل وليس لك إلا ذلك, ثم يأمر الله به فيسحب على وجهه حتى يلقى في النار». ثم يؤتى بالمقاتل الذي قتل في المعركة فيوقف بين يدي الله فيقول الله تعالى: «ماذا عملت؟», فيقول: يا رب قاتلت فيك حتى قتلت ابتغاء وجهك, فيقول الله له: «كذبت وتقول الملائكة كذبت وإنما قتلت ليقال فلانٌ شجاع ويقال جريء, وقد قيل فليس لك إلا ذلك, ثم يأمر الله به فيسحب على وجهه حتى يلقى في النار». ويؤتى بالمتصدق فيوقف بين يدي الله فيقول الله: «ماذا عملت؟», فيقول: يا ربي ما تركت من سبيل تحب أن أنفق فيها إلا أنفقت فيها لك, فيقول الله له: «كذبت وتقول الملائكة كذبت وإنما فعلت ذلك ليقال فلانٌ جواد, ليقال فلانٌ كريم فقد قيل وليس لك إلا ذلك, ثم يأمر الله به فيسحب على وجهه حتى يلقى في النار.
قال أبو هريرة: هؤلاء الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة, ما الذي جعل هذه الأعمال الصالحة تنقلب وبالًا على صاحبها؟ النية السيئة, الأول العالم لو كان عمله خالصًا لله لكان من الصديقين انتبه, فتكون تلي درجة الأنبياء, والثاني لو كان جهاده لله لكان في الدرجة الثالثة من الشهداء, والثالث لو كان عمله لله لكان من المتصدقين.
درجات يوم القيامة درجات المؤمنين أربعة:
درجة النبوة.
ثم درجة الصديقية.
ثم درجة الشهادة.
ثم درجة الصلاح.
قال الله تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [النساء: 69] .
فينبغي لطالب العلم أن يجاهد نفسه على إصلاح النية, وإصلاح النية من أصعب الأمور, لكن على الإنسان أن يجاهد والمجاهد موعود بالهداية, قال الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت: 69]. قال سبحانه: وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [العنكبوت: 6].
جاهد نفسك وعالجها حتى يكون طلبك للعلم لله لا للوظيفة ولا للشهرة, ولا للمجاراة ولا للمدارات ولا للرياء وإنما تتعلم العلم لله, ابتغاء وجه الله, حتى تبعد ربك على بصيرة, حتى تتبصر وتتفقه في دين الله, فتعبد الله على بصيرة.
والعقيدة هي الأساس أساس الدين الذي تبنى عليه الأعمال هي العقيدة, فإن صحت العقيدة صح العمل, وإذا فسدت العقيدة فسد العمل, الاعتقاد بالله وملائكته وكتبه ورسله, أصول الإيمان ستة: الإيمان بالله, الإيمان بالملائكة, ثم الإيمان بالكتب, ثم الإيمان بالرسل, ثم الإيمان باليوم الآخر, ثم الإيمان بالقدر.
قال تعالى: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ [البقرة: 177].هذه أصول الدين الخمسة.
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا [النساء: 136].فالكفر بهذه الأصول هو الكفر بالله, والإيمان بهذه الأصول هو الإيمان بالله.
والركن السادس قوله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر: 49]. وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا [الفرقان: 2] .
وفي حديث جبرائيل لما سأل النبي ﷺ عن الإيمان, قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره.
فإذا صحت عقيدة الإنسان في ربه وفي الملائكة وفي الكتب المنزلة وفي الرسل وفي اليوم الآخر وفي القدر هذا هو المؤمن, الإيمان لا بد فيه من الإيمان بالله, الإيمان بوجوده وأنه فوق العرش, مستوٍ على عرشه بائنٌ من خلقه.
والإيمان بأسمائه وصفاته وأفعاله والإيمان بألوهيته واستحقاقه للعبادة مع التزام ذلك والعمل به, والإيمان بالملائكة وأنهم أشخاص وذواتٍ محسوسة, تنزل وتصعد وتُرى وتخاطب الرسول عليه الصلاة والسلام أن كل حركة في السموات والأرض هي ناشئة عن الملائكة بإذن الله الكوني القدري, لا كما يقول أعداء الله من الفلاسفة وغيرهم أنهم أشباح وأشكال نورانية, أو أنها أمورٌ معنوية, كالإيمان بالكتب المنزلة والإيمان بالرسل والإيمان باليوم الآخر بالبعث والجزاء والحساب والجنة والنار والإيمان بالقدر بالأركان الأربعة, الإيمان بعلم الله الأزلي وأن الله علم الأشياء في الأزل قبل كونها وعلم ما كان في الماضي وما يكون في المستقبل وما لم يكن لو كان كيف يكون.
والإيمان بالمرتبة الثانية الإيمان بأن الله تعالى كتب كل شيء في اللوح المحفوظ, والإيمان بإرادة الله ومشيئته والإيمان بخلقه وإيجاده.
وهذه الرسالة التي بين أيدينا الرسالة التي ألفها العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله سماها تعليم أصول الإيمان, وبيان موانع الإيمان على طريقة السؤال والجواب بأسلوب واضح, والشيخ رحمه الله يعني لخصها من كتب أهل العلم ومما دلت عليه النصوص في أصول الإيمان, بعبارة مبسطة سهلة واضحة فله رحمه الله تبسيط وإيضاح والتعبير بالعبارات السهلة رحمه الله ورضي عنه أخذها من كلام أهل العلم ومما دلت عليه النصوص بهذا الأسلوب الواضح الذي يفهمه كل أحد ويستفيد منه كل أحد, نبدأ على بركة الله.
(المتن)
قال الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى في رسالته التي وسمها بقوله " سؤال وجواب في أهم المهمات " :
تعليم أصول الإيمان وبيان موانع الإيمان.
الحمد لله على ما له من الأسماء الحسنى والصفات الكاملة والنعم السابغة, وأصلي على محمدٍ المبعوث لصلاح الدين والدنيا والآخرة.
أما بعد: فهذه رسالة مختصرة احتوت على أهم المهمات من أمور الدين وأصول الإيمان تدعو الحاجة والضرورة إلى معرفتها جعلتها على وجه السؤال والجواب، لأنه أقرب إلى الفهم والتفهيم وأوضح في التعلم والتعليم.
(الشرح)
هذه مقدمة المؤلف رحمه الله افتتحها بالحمد, الحمد لله تأسيًا بالكتاب العزيز فإن الله افتتح كتابه بـ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, وافتتح بعض السور بالحمد لله الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا [الكهف: 1] . الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [فاطر: 1]. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ [سبأ: 1].
والحمد هو الثناء على المحمود بصفاته الجميلة الاختيارية, وأل للاستغراق, والمعنى أن جميع أنواع المحامد كلها لله ملكًا واستحقاقًا, وهو المحمود على ما له من الأسماء والصفات العظيمة, وهو المحمود على نعمه العظيمة التي أنعم بها على عباده وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ [النحل: 53] .
لله: للملك أو المالك لجميع أنواع المحامد, الله: الاسم الشريف أعظم المعارف لا يسمى به غيره, فأصل الله الإله, حذفت الهمزة فالتقت اللام باللام فشددت, الله, والإله بمعنى مألوه فعال بمعنى مفعول, والإله هو المألوه الذي تألهه القلوب محبةً وإجلالًا وتعظيمًا وخوفًا ورجاءً.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين, الحمد لله: المألوه الذي تألهه القلوب محبةً وإجلالًا, القلوب مفتقرة إليه فيها فقرٌ لله , لا حياة لها ولا بقاء لها إلا بالله , الحمد لله على ما له من الأسماء الحسنى, الأسماء الحسنى التي سمى بها نفسه, الأسماء الحسنى مأخوذة من الكتاب والسنة, والعباد لا يخترعون لله أسماء من عند أنفسهم, فلا يثبت لله اسم إلا ما سمى به نفسه أو سمى به رسوله عليه الصلاة والسلام وكذلك الصفات.
الحسنى: أي التي بلغت الكمال في الحسن.
(والصفات الكاملة والنعم السابغة), فالله يحمد على ما له من الأسماء الحسنى وعلى ما له من الصفات الكاملة وعلى ما له من النعم السابغة, أسماؤه حسنى يُحمد عليها, البالغة في الحسن, قال تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف: 180].
وصفاته كاملة يتصف بالرحمة بالعلم بالقدرة بالسمع بالبصر بالعلو بالعزة بالعظمة بالكبرياء, وكذلك النعم السابغة الله تعالى هو الذي أوجد العباد خلقهم من العدم, ثم أعطاهم العقول والأسماع والأبصار, وأدر عليهم الأرزاق, وركب فيهم الأسماع والأبصار, وأنعم عليهم بالنعم التي لا تعد ولا تحصى, فهو محمود .
قال: (وأصلي على محمدٍ المبعوث لصلاح الدين والدنيا والآخرة). أصلي يعني: أسأل الله أن يصلي على محمد ﷺ, والصلاة على النبي ﷺ من الله ثناؤه عليه في الملأ الأعلى, أصح ما قيل في صلاة الله على عبده هي ثناؤه عليه في الملأ الأعلى كما ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي العالية أنه قال: صلاة الله على عبده ثناؤه عليه في الملأ الأعلى, ومن الملائكة والآدميين الدعاء.
محمد: هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي العربي المكي, ألهم الله أهله يسموه محمداً لكثرة محامده وله أسماء كثيرة عليه الصلاة والسلام, محمد وأحمد والحاشر والمقفي.
(المبعوث لصلاح الدنيا والآخرة) بعثه الله لصلاح الدنيا والآخرة, من قبل شريعته صلحت دنياه وآخرته, ومن رد شريعته فسدت دنياه وآخره.
قال: (أما بعد) يؤتى بها للانتقال من شيء إلى شيء, ينتقل من الخطبة إلى بيان محتوياتها, أما بعد يؤتى بها في الخطب وفي الرسائل في خطبة الجمعة كان النبي ﷺ يقول: أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسول الله.
واختلف في أول من قالها, قيل أول من قالها داود عليه الصلاة والسلام وأنها هي فصل الخطاب الذي أوتيه, وقيل: أول من قالها قس بن ساعدة الإيادي وقيل غير ذلك.
لكن يُشرع للمسلم أن يأتي بها, يأتي بها المؤلف في رسالته والخطيب في خطبته فهو أولى من قول: وبعد, أما بعد أولى من قول: وبعد.
(فهذه رسالة مختصرة) يعني: ليست مطولة (احتوت على أهم المهمات من أمور الدين وأصول الإيمان تدعو الحاجة والضرورة إلى معرفتها) وكما سبقت أنها بأسلوب سهل واضح.
قال: (جعلتها على وجه السؤال والجواب) جعل سؤالاً وجواباً بيّن المؤلف رحمه الله السبب في هذا قال: (لأنه أقرب إلى الفهم والتفهيم), إذا جاء السؤال يتشوق الإنسان للجواب, ثم يأتي الجواب بعده فيكون مطابق للسؤال, فجعلها على طريقة السؤال والجواب؛ لأنه أقرب إلى الفهم والتفهيم (وأوضح في التعلم والتعليم), فلهذا اختار طريق الحوار والسؤال.
(المتن)
الباب الأول: أهم المهمات من أصول الإيمان:
السؤال الأول: ما حد التوحيد وما أقسامه؟
الجواب: حد التوحيد الجامع لكل أنواعه هو علم العبد واعتقاده واعترافه وإيمانه بتفرد الرب في كل صفة كمال وتوحده في ذلك, واعتقاد أنه لا شريك له ولا مثيل له في كماله, وأنه ذو الألوهية العبودية على خلقه أجمعين.
ثم إفراده بأنواع العبادة فدخل في هذا التعريف أقسام التوحيد الثلاثة: أحدها: توحيد الربوبية وهو الاعتراف بانفراد الرب بالخلق والرزق والتدبير والتربية.
الثاني: توحيد الأسماء والصفات وهو إثبات جميع ما أثبته الله لنفسه, أو أثبته له رسوله محمدٌ ﷺ من الأسماء الحسنى وما دلت عليه من الصفات من غير تشبيه ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل.
الثالث: توحيد العبادة وهو إفراد الله وحده بأجناس العبادات وأنواعها, وإفرادها وإخلاصها لله من غير إشراكٍ به في شيءٍ منها.
فهذه أقسام التوحيد التي لا يكون العبد موحدًا حتى يلتزم بها كلها ويقوم بها.
(الشرح)
هذا السؤال الأول وجوابه: السؤال الأول: ما حد التوحيد وما أقسامه؟
السؤال الأول مكون من فقرتين:
الفقرة الأولى: حد التوحيد يعني تعريف التوحيد ما هو تعريفه؟
فقال المؤلف رحمه الله تعريفه: (حد التوحيد الجامع لكل أنواعه) الحد هو التعريف ويشترط في التعريف أن يكون جامعاً لجميع أنواعه لا يخرج منه شيء.
فقال المؤلف رحمه الله: (حد التوحيد الجامع لكل أنواعه هو علم العبد واعتقاده واعترافه وإيمانه بتفرد الرب في كل صفة كمال وتوحده في ذلك, واعتقاد أنه لا شريك له ولا مثيل له في كماله, وأنه ذو الألوهية العبودية على خلقه أجمعين).
علم العبد يعني يعلم العبد هذا العلم يكون في القلب, والعلم هو ما يعلمه الإنسان ويعتقده ويجزم به يقال له: علم, بخلاف ما يشك فيه فلا يسمى علمًا أو يظن؛ لأن المدركات أنواع:
1. علم. 2. ظن. 3. شك. 4. وهم.
فالشيء الذي تعلمه وتعقده جازمًا لا تشك فيه يسمى علماً, وأما ما تشك فيه فإن كنت مترددًا بين أمرين أحدهما أرجح من الآخر فالراجح يسمى ظناً, والمرجوح يسمى وهماً, وإذا تساويا يسمى شكاً.
هذه أنواع المدركات:
1.إما علم. 2.وإما ظن. 3.وإما شك. 4.وإما وهم.
فإن كنت تجزم بهذا الشيء تعتقد جزمًا فهذا علم, وإن كنت مترددًا بين أمرين أحدهما أرجح من الآخر فالراجح يسمى ظناً المرجوح يسمى وهماً, وإن كنت لا ترجح أحدهما على الآخر فهذا يسمى شكاً.
إذًا علم العبد هو أن يجزم ويعتقد لا يشك ولا يتوهم ولا يظن, ما في شك ولا ظن ولا وهم علمٌ جازم يقين, علم العبد واعتقاده واعترافه, معترف ومتيقن يعلم علم اليقين ومؤمن بأن الله تعالى متفرد بكل صفة كمال ومتوحد في هذا, فإن الله له صفات الكمال وأنه توحد بها, لا يشاركه أحد, تفرد بها وتوحد بها.
انفرد بصفات الكمال لكن غيره لا ينفرد بها, له صفات النقص, غيره لا يشارك في ذلك, فأنت تجزم وتعتقد وتؤمن بأن الله تعالى له صفة الكمال وأنه تفرد بها وتوحد بها لا يشاركه أحد في ذلك.
ثانيًا: تعتقد أن الله لا شريك له ولا مثيل له في كماله, لا يشاركه أحدٌ من الخلق ولا يماثله, المخلوق ليس له إلا صفة النقص, ليس له صفة الكمال, والمخلوق يشاركه غيره من صفات النقص, والله تعالى متوحد بصفة الكمال ومتفرد بها لا يشاركه أحد ولا يماثله أحد.
ولا بد من الاعتقاد بأن الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين, أنه تعالى هو المستحق للعبادة هو المألوه هو المعبود على خلقه أجمعين, وأنه على الخلق أجمعين أن يعبدوه وأن يفردوه بالعبادة بجميع أنواعها.
قال المؤلف: (فدخل في هذا التعريف أقسام التوحيد الثلاثة).
حينما تعتقد بأن الله تعالى متفرد بالخلق والرزق والإماتة والإحياء هذا توحيد الربوبية, وحينما تعتقد بأن الله تعالى متفرد بصفات الكمال الأسماء الحسنى هذا توحيد الأسماء والصفات, وحينما تعتقد بأن الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين هذا توحيد العبادة والإلوهية.
ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (فدخل في هذا التعريف أقسام التوحيد: أحدها: توحيد الربوبية وهو الاعتراف بانفراد الرب بالخلق والرزق والتدبير والتربية).
تعتقد بأن الله منفرد بالربوبية, فهو الرب وغيره مربوب, تعتقد بأن الله منفرد بالخلق فهو الخالق وغيره مخلوق, تعتقد بأن الله منفرد بالملك فهو المالك وغيره مملوك, تعتقد أن الله منفردٌ بالتدبير فهو مدبِر وغيره مدبَر, بهذا تكون وحدت الله في ربوبيته, تعتقد بأن الله موجود, وأنه فوق العرش.
تعتقد بأن الله هو الرب وغيره مربوب, تعتقد بأن الله هو الخالق وغيره مخلوق, تعتقد بأن الله هو المالك وغيره مملوك, تعتقد بأن الله هو المدبر وغيره مدبَر, هذا توحيد الربوبية, الاعتراف فانفراد الرب بالخلق والرزق والتدبير والتربية.
انفرد الله تعالى بالربوبية لا يشاركه فيها أحد, انفرد الله بالخلق لا يشاركه فيها أحد, انفرد الله بالرزق لا يشاركه أحد في الأرزاق, انفرد الله بالتدبير لا يدبر معه أحد, انفرد الله بالتربية الذي يربي عباده.
والتربية نوعان:
تربية عامة لجميع الخلق مؤمنهم وكافرهم, ربهم أنعم عليهم ورزقهم وخلقهم.
تربية خاصة بالمؤمنين, رباهم وفقهم لعبادته وإخلاص الدين له.
(الثاني: توحيد الأسماء والصفات وهو إثبات جميع ما أثبته الله لنفسه, أو أثبته له رسوله محمدٌ ﷺ من الأسماء الحسنى وما دلت عليه من الصفات).
هذا توحيد الأسماء والصفات, تثبت لله جميع الأسماء الحسنى, من أين تثبتها؟ هل يثبتها من قول فلان وفلان؟ أو إذا استحسن الإنسان صفة قال: صفة العقل, العقل من الصفات الطيبة, فإذا قال شخص: أنا أريد أن أثبت لله صفة العقل, تقول: قف عندنا قاعدة أن الأسماء والصفات توقيفية يوقف فيها عند النصوص.
قال: طيب العقل صفة طيبة لماذا لا أثبتها لله؟ نقول: الصفات ما تثبت بالاستحسان هات من الكتاب والسنة هل ثبت لله صفة العقل؟ فتش في الكتاب والسنة ما وجد, لكن ثبت لله صف العلم.
قاعدة عند العلماء: الأسماء والصفات توقيفية, ومعنى توقيفية يعني يوقف فيها عند النصوص, العباد ما يخترعون لله أسماء ولا صفات, ما أثبته الله لنفسه في القرآن العزيز من الأسماء والصفات يثبتها لله, وكذلك ما أثبته له رسوله ﷺ, وأما ما أثبته الناس يعرض على الكتاب والسنة, مثل بعض أهل الكلام أثبتوا لله الجسم, قال: إن الله جسم.
نقول: ما مرادك بالجسم, نستفصل؟ قال: أنا مرادي بالجسم أن الله متصف بالصفات, نقول: هذا حق, لكن اللفظ هذا ما ورد, فإذا قال: أنا أريد بالجسم أن الله يماثل أجسام المخلوقين, نقول: هذا باطل, المعنى باطل واللفظ ما ورد.
إذًا الأسماء والصفات توقيفية, يوقف فيها عند النصوص, ولهذا قال المؤلف: (وهو إثبات جميع ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسول ﷺ من الأسماء الحسنى وما دلت عليه من الصفات).
الأسماء الحسنى دالة على الصفات؛ لأن أسماء الله مشتقة وليست جامدة, كل اسم مشتمل على صفة, اسم العليم مشتمل على صفة العلم, القدير مشتمل على صفة القدرة, الرحيم مشتمل على صفة الرحمة, العزيز مشتمل على صفة العزة, الحكيم مشتمل على صفة الحكمة, وهكذا.
فإذًا أسماءه الحسنى تدل على الصفات.
(من غير تشبيه ولا تمثيل) يعني: لا نشبه أسماء الله بأسماء عباده ولا نشبه صفاته بصفات المخلوقين, ولا نمثلها من غير تحريف ولا تعطيل, لا تحرف النصوص ولا تعطل الصفات, بل تبقى على ما دلت عليه ويثبت لله ما دلت عليه من الصفات العظيمة, لا نشبه ولا نمثل ولا نحرف لا في اللفظ ولا في المعنى, مثل ما حرف بعض المعطلة حرف لفظًا وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا قالوا: وكلم اللهَ موسى تكليمًا. ينكر صفة التكليم قال: وكلم اللهَ موسى تكليمًا, لماذا نصب لفظ الجلالة؟ حتى يثبت أن الله هو المكلم, قصده من هذا إنكار أن الله يكون المتكلم.
فقال له بعض أهل السنة: هب يا عدو الله أنك حرفت هذه الآية فكيف تقول في قوله: وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ [الأعراف: 143]؟.
قال: معناه جرحه بأظافر الحكمة, قال: كلمه ليس المراد الكلام وإنما المراد الجرح, يقال: فلان كلمه (...) وكذلك أهل البدع أولوا استوى فقالوا:استولى, ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ قالوا: استولى, زادوا لام, فرق بين الاستواء والاستيلاء, الاستواء معناه الاستقرار استقر وعلا وصعد وارتفع, له أربع معانٍ.
أما استولى يختلف, فزادوا اللام, الجهمية والمعتزلة وغيرهم زادوا اللام, كما أن اليهود زادوا النون كما قال ابن القيم رحمه الله قال: لام الجهمية مثل نون اليهود, اليهود قال الله لهم: وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ [البقرة: 58]. فقالوا: حنطة زادوا نوناً, والجهمية زادوا اللام ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف: 54]. قالوا: استولى.
فيقول ابن القيم في النونية: إن لام الجهمية مثل نون اليهود, اليهود زادوا نوناً, قال الله لهم: وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ [البقرة: 58]. يعني: حط عنا يا الله خطايانا, فاستهزءوا وقالوا: حنطة حب وكذلك الجهمية قال الله: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف: 54]. قالوا: استولى, فلا تحرف الصفات ولا تشبه ولا تمثل ولا تعطل.
الثالث من أنواع التوحيد: (توحيد العبادة وهو إفراد الله وحده بأجناس العبادات وأنواعها) أجناس, الجنس هو الذي تحته أنواع مثل التمر جنس تحته أنواع, كم نوع من التمر؟ في سكري وفي خلاص وفي كذا هذه أنواع, هذا جنس تحته أنواع.
والبُر كذلك تحته أنواع, بُر كذا, البُر أنواع متعددة, كله يسمى بُر لكن يختلف في الأنواع, في عندنا بُر مثلاً يأتي من القصيم وبُر يأتي من الإمارات, وبُر يأتي من أمريكا كلها أنواع أجناس.
فالله تعالى يفرد بأجناس العبادات, أجناس العبادات التي وردت مثل الدعاء عبادة والذبح عبادة والنذر عبادة والصلاة عبادة والزكاة عبادة والصوم عبادة والحج عبادة والجهاد عبادة والأمر بالمعروف عبادة والنهي عن المنكر عبادة وبر الوالدين عبادة, وصلة الأرحام عبادة, الإحسان إلى الناس عبادة, كف الأذى عبادة, هذا الأنواع كلها تخلصها لله.
تصل رحمك لله لا لشيء آخر, تكف نفسك عن المحرمات لله, تدعو الله, تذبح لله, تنذر لله, تصلي لله, تصوم وتزكي لله, هذا أجناس العبادة وأنواعها, كلها تفردها لله, هذه الأجناس وهذه الأنواع تفردها وتخلصها لله من غير إشراك به في شيء منها, لا تدعو غير الله, كمن يدعو الرسول ﷺ أو يدعو عبد القادر الجيلاني أو يدعو البدوي أو يدعو الحسين أو يدعو ابن علوان أو يدعو العيدروس, هذا أشرك بالله وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن: 18] .
أفرد الله بالدعاء, كذلك أفرد الله بالذبح لا تذبح لغير الله أفرده بالطواف بالبيت لا تطوف لغيره, لا تطوف بغير بيت الله ولا تطوف لغير الله, كذلك النذر جميع أنواع العبادة كذلك الصلاة والزكاة والصوم والحج, إفراد الله وحده بأجناس العبادات وأنواعها وإفرادها وإخلاصها لله من غير إشراك به في شيءٍ منها.
قال المؤلف: (فهذه أقسام التوحيد التي لا يكون العبد موحدًا حتى يلتزم بها كلها).
ما يكون الإنسان موحداً حتى يفرد الله في ربوبيته ويفرد الله في أسمائه وصفاته, ويفرد الله في إلوهيته وعبادته, فإذا أفرد الله في هذه الأنواع الثلاثة صار موحدًا, توحيد الربوبية ضابطه أن توحد الله بأفعاله هو, بأفعال الرب.
أفعال الله ما هي؟ الخلق,الرزق, الإماتة, الإحياء, التدبير, هذا الأفعال تفرد الله بها, تعتقد أن الله هو المدبر هو الخالق هو الرازق هو المحيي هو المميت من غير شريك, ففي هذه الحالة وحدت الله في ربوبيته.
وتوحيد العبادة هو أن توحد الله بأفعالك أنت أيها العبد, أفعالك ما هي؟ صلاة زكاة صوم حج دعاء ذبح نذر, فتبين الفرق بين النوعين, أن توحيد الربوبية أن توحد الله بأفعال الله هو , وتوحيد العبادة أن توحد الله بأفعالك أنت أيها العبد, كيف توحد الله بأفعاله؟ تعتقد بأنه لا شريك له هو الخالق هو الرازق هو المدبر من غير شريك.
كيف توحد الله بأفعالك أنت؟ تقصد بها وجه الله أفعالك, العبادة التي تعبدها لله, فلا تشرك معه غيره في صلاتك في صومك في زكاتك.
وتوحيد الأسماء والصفات داخل في توحيد الربوبية ولهذا أدخل شيخ الإسلام ابن القيم توحيد الأسماء والصفات في توحيد الربوبية.
فقال التوحيد نوعان:
النوع الأول: إثبات حقيقة ذات الرب وأسمائه وصفاته وأفعاله ويسمى التوحيد العلمي أو التوحيد القولي.
النوع الثاني: توحيد الله بأفعال العباد وهذا هو التوحيد الاعتقادي.
ولما كثر الخوض في الأسماء والصفات من أهل البدع فُصل الأسماء والصفات فأصبح نوعاً مستقلاً, تكلم العلماء عليه بنوع مستقل, قسمه الإمام محمد بن عبد الوهاب وأئمة الدعوة إلى ثلاثة أقسام:
توحيد الربوبية.
توحيد الإلوهية.
وتوحيد الأسماء والصفات.
لا يكون الإنسان مؤمنًا بالله ولا موحدًا حتى يوحد الله ويلتزم بهذه الأنواع الثلاثة كلها, لا يكون الإنسان مؤمناً لا يسمى مؤمناً ولا موحداً إلا إذا وحدت الله في ربوبيته, ووحد الله في أسمائه وصفاته, ووحد الله في إلوهيته وعبادته.
فإن لم يوحد الله في ربوبيته هذا ملحد, صار ملحداً, هذا من الملاحدة, توحيد الربوبية هذا توحيد فطري فطر الله عليه جميع الخلائق إلا من شذ, حتى الكفار يوحدون الله في ربوبيته, كفار قريش وحدوا الله في توحيد الربوبية وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ [الزخرف: 87]. وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ [العنكبوت: 61] قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ [يونس: 31]. قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [المؤمنون: 84]. قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ [المؤمنون: 88، 89].
إذًا هم معترفون بتوحيد الربوبية, لكن هل أدخلهم في الإسلام؟ ما أدخلهم في الإسلام, ما يكفي في الإسلام, توحيد الله في الربوبية ما يكفي, حتى يضم إليه توحيد الله في الإلوهية والعبادة.
إذًا كفار قريش معترفون توحيد الربوبية, بل جميع طوائف البشرية كلهم مقرون بهذا إلا من شذ, هناك من شذ مثل الدهرية الذين أنكروا الخالق والمعاد قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ [الزخرف: 24].
ليس هناك إلا بطون تدفع وأرضٌ تبلع, بطون تدفع بالولادة وأرض تبلع بالموت ولا رب ولا معاد, هؤلاء ملاحدة, وكذلك الطبائيعيون الذين يقولون بالطبيعة أنها خلقت الأشياء, وكذلك من يقول إن الكون هذا وجد صدفة, هذا شاذ.
وأشهر من عرف بتجاهله وتظاهره بإنكار الرب فرعون وقد كان معترفًا في الباطن, قال الله تعالى: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا [النمل: 14].
فهؤلاء شذوا من المجموعة البشرية, وإلا فإن المجموعة البشرية كلهم مقرون بهذه بوجود الرب, وهذه التوحيد أي: توحيد الربوبية ليس فيه نزاع ولا خصومة بين الأنبياء والرسل, قوم نوح وقوم هود وقوم صالح أو قوم شعيب أو قوم... كلهم يقرون بهذا النوع, الخصومة بين الأنبياء والرسل في أي شيء؟ في توحيد العبادة والإلوهية, معترفون بأن الله هو الخالق الرازق المدبر لكن يعبدون معه غيره يزعمون أنهم يشفعون لهم عند الله يكونوا واسطة بينهم وبين الله, كما أخبر الله عنهم قال: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر: 3]. قال سبحانه: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس: 18].
المقصود أن توحيد الربوبية هذا توحيد فطري ولكنه لا يكفي في الإيمان الإسلام حتى يضم إليه توحيد الله في عبادته وألوهيته, فإذا وحد المسلم ربه في ربوبيته ووحد ربه في أسمائه وصفاته وأفعاله, ووحد ربه في ألوهيته وعبادته فهذا هو المسلم, هذا هو المؤمن, إن لم يفعل ناقضًا من نواقض الإسلام مع اعترافه بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والبعث والقدر وإيمانه بمحمد ﷺ.
(المتن)
السؤال الثاني: ما هو الإيمان والإسلام وأصولهما الكلية؟.
الجواب: الإيمان هو التصديق الجازم بجميع ما أمر الله ورسوله بالتصديق به, المتضمن للعمل هو الإسلام وهو الاستسلام لله وحدة والانقياد لطاعته, وأما أصولهما فهي ما احتوت عليه هذه الآية الكريمة قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة/136] .
وما فسره به النبي ﷺ في حديث جبريل وغيره حيث قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره, والإسلام أن تشهد ألا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت.
ففسر الإيمان بعقائد القلوب وفسر الإسلام بالقيام بالشرائع الظاهرة.
(الشرح)
نعم هذا السؤال الثاني, السؤال عن الإيمان والإسلام وأصولهما الكلية, فقال المؤلف رحمه الله: (الإيمان هو التصديق) والإسلام هو العمل, أصل دين الإسلام الشهادة لله تعالى بالوحدانية والشهادة لنبيه ﷺ محمد بالرسالة, والإيمان إذا أطلق دخل فيه الإسلام, والإسلام إذا أطلق دخل فيه الإيمان.
وإذا اجتمعا فسر الإيمان بالعقائد عقائد القلوب, وفسر الإسلام بالقيام بالشرائع الظاهرة, كما في حديث جبريل, فإن جبريل سأل النبي ﷺ عن الإيمان ففسره بعقائد القلوب, أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر وأن تؤمن بالقدر خيره وشره.
ولما سأله عن الإسلام فسره بالشرائع, قال: الإسلام أن تشهد ألا إله إلا الله, وأن محمد رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً.
وهذا هو الصواب في الفرق بين الإيمان والإسلام أنهما إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا, إذا أطلق الإيمان وحده دخل فيه الإسلام, وإذا أطلق الإسلام وحده دخل فيه الإيمان, إذا أطلق الإيمان وحده دخل فيه عقائد القلوب وشرائع الإسلام كلها داخلة, تسمى إيماناً, كالإسلام إذا أطلق وحده دخل فيه عقائد القلوب والشرائع, وكذلك الدين إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ [آل عمران: 19] . يشمل هذا وهذا, وكذلك البر والهدى والتقى كله إذا أطلق دخل في عقائد القلوب والشرائع, أما إذا قيد بغيره صار له معنى عن الآخر, فإذا قرن الإيمان والإسلام فسر الإيمان بعقائد القلوب والإسلام بالشرائع الظاهرة كما في حديث جبريل.
وكذلك البر والتقوى إذا أطلق البر دخل فيه عقائد القلوب والشرائع وكذلك التقوى, وإذا اجتمعا فسر البر بأداء الواجبات والتقوى بترك المحرمات وهكذا.
ومثل ذلك الفقير والمسكين, إذا أطلق الفقير دخل فيه المسكين, وإذا أطلق المسكين دخل فيه الفقير وإذا اجتمعا فسر الفقير بأنه أشد حاجة؛ لأن الله بدأ به, هو الذي لا يملك شيئًا من حاجته, أو يملك أقل من النصف يسمى فقيراً, المراد بالنصف: لمدة سنة.
والمسكين هو الذي يملك نصف الكفاية فأكثر إلا أنه لا يجد الكفاية.
وكذلك الربوبية والألوهية, إذا أفرد الربوبية دخل فيه الألوهية والألوهية إذا أفردت دخلت فيها الربوبية, وإذا اجتمعا صار لكل واحد معنى, مثل: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ [الناس: 1 - 3] . هنا أفرد الرب والألوهية.
إذًا المؤلف رحمه الله يقول: ما هو الإيمان والإسلام وأصولهما الكلية؟ هذا السؤال الثاني.
الجواب: (الإيمان هو التصديق الجازم بجميع ما أمر الله ورسوله بالتصديق به, المتضمن للعمل الذي هو الإسلام, هو الاستسلام لله تعالى وحده والانقياد لطاعته).
الإيمان هو التصديق, التصديق الجازم الذي ليس فيه شك, بجميع ما أمر الله ورسوله ﷺ بالتصديق به, أمر الله تعالى بالتصديق بالملائكة التصديق بالكتب وبالرسل باليوم الآخر, التصديق بأسماء الله وصفاته, فأنت تصدق وتجزم ويكون تصديقك هذا يتضمن العمل, والعمل هو الإسلام.
فأنت تصدق بأن محمد رسول الله وهذا التصديق يتضمن العمل بأوامره عليه الصلاة والسلام وترك نواهيه وتصديق أخباره, ما يكون تصديق فقط في القلب, التصديق يتضمن العمل يستلزم العمل.
آمنت بالله وصدقت بأن الله تعالى هو الإله المعبود بالحق وأنه هو المشرع, عليك أن تمتثل أوامر الله وتنتهي عن نواهيه, تصديق يتضمن العمل يستلزم العمل والعمل هو الإسلام, وهو الاستسلام لله وحده, تستسلم وتنقاد لله تعالى بالطاعة.
سمي المسلم مسلمًا لأنه منقاد بشرع الله ودينه, فهذا هو الاستسلام الاستسلام لله وحده دون غيره, تستسلم لله ولا تستسلم لغيره, تنقاد لشرع الله تنقاد لطاعة الله وأما غيره فلا.
فهذا هو المسلم, المسلم سمي مستسلماً لأنه مستسلم منقاد خاضع لأوامر الله ونواهيه, تصديق يتضمن العمل والعمل هو الإسلام, والإسلام هو الاستسلام لله وحده والانقياد لطاعته.
قال المؤلف: (وأما أصولهما) أصول الإسلام والإيمان (فهي ما احتوت عليه هذه الآية الكريمة آية البقرة). قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة: 136]
هذه أصول الإيمان, آمَنَّا بِاللَّهِ إيمانك بالله إيمانٌ بأوامره ونواهيه والتزام بشرعه وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا الذي أنزل إلينا القرآن والسنة وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ من الشرائع وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة: 136]
إيمانك بما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إيمانٌ مجمل والإيمان بما أنزل على محمد ﷺ إيمان مفصل, يستلزمه العمل, وأما الإيمان بما أنزل على إبراهيم وإسماعيل تؤمن بأن الله أرسلهم وأنزل عليهم الكتب لكن لسنا ملزمين بالعمل بما أنزل عليهم العمل بشريعتهم, إنما أنت ملزم بالعمل بشريعة محمد ﷺ.
قال : (وما فسره به النبي ﷺ في حديث جبريل وغيره حيث قال: الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
هذه أصول الإيمان أصول مجملة, الإيمان بالله هذا الركن الأول والأصل الأول.
الثاني: الإيمان بالملائكة الأصل الثاني.
الثالث: الإيمان بالكتب المنزلة.
الرابع: الإيمان بالرسل.
الخامس: الإيمان باليوم الآخر, واليوم الآخر الإيمان بالبعث بعد الموت, البعث والجزاء والحساب والصراط والميزان والجنة والنار كله داخل في اليوم الآخر, وكذلك الإيمان بالبرزخ الإيمان بعذاب القبر ونعيمه.
السادس: الإيمان بالقدر خيره وشره.
هذه أصول الإيمان تفصيلها هو الدين كله, تفصيل هذه الأصول الستة الإيمان بالله والإيمان بالملائكة والإيمان بالكتب والإيمان بالرسل والإيمان باليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره تفصيله هو الدين كله, هذه أصول.
قال: والإسلام الإسلام: أن تشهد ألا إله إلا الله, وأن محمد رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت.
هذه أصول الإسلام والأصل الأصيل الشهادة لله تعالى بالوحدانية والشهادة لنبيه محمد ﷺ بالرسالة هذا أصل الدين وأساس الملة, أن تشهد لله تعالى بالوحدانية وتشهد لنبيه محمد ﷺ بالرسالة وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت هذه أصول الإسلام كما في حديث جبريل لما سأله عن الإيمان فسره بالأصول الستة, لما سأله عن الإسلام فسره بالأركان الخمسة.
قال المؤلف: (ففسر الإيمان بعقائد القلوب) الإيمان بالله ملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره, هذا عقائد.
(وفسر الإسلام بالقيام بالشرائع الظاهرة) الشهادة النطق بالشهادة لله تعالى بالوحدانية, أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله, صلاة, زكاة, صوم, حج, هذه كلها شرائع, فسر الإيمان بعقائد القلوب وفسر الإسلام بالقيام بالشرائع الظاهرة.
وفق الله الجميع لطاعته وثبت الجميع على الخير والهدى وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه.