بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي العربي المكي ثم المدني أشهد أنه رسول الله إلى الثقلين الجن والإنس العرب والعجم وأشهد أنه خاتم الأنبياء والمرسلين وإمام المتقين لا نبي بعده أشهد أنه بلغ الرسالة وأدي الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه من ربه اليقين صلاة الله وسلامه عليه وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين وعلى آله وعلى أصحابه وعلى أتباعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد فإني أحمد الله إليكم وأثني عليه الخير كله وأسأله المزيد من فضله وأسأله سبحانه أن يصلح قلوبنا وأعمالنا ونياتنا وذرياتنا كما أسأله سبحانه وتعالى أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعا مرحوما وأن يجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما وألا يجعل فينا ولا منا شقيا ولا محروما كما أسأله سبحانه أن يجعل جمعنا جمع خير وعلم ورحمة تنزل عليه السكينة وتغشاه الرحمة وتحفه الملائكة ويذكره الله فيمن عنده أيها الإخوان إن مجالس العلم هي خير المجالس وأفضل المجالس تحفها الملائكة يذكر فيها كلام الله وكلام رسوله ولهذا سماها النبي صلى الله عليه وسلم رياض الجنة قال "إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا قالوا يارسول الله وما رياض الجنة قال حلق الذكر" وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مرة يحدث أصحابه وكانوا متحلقين حوله فجاء ثلاثة نفر أما أحدهم فإنه وجد فرجة في الحلقة فدخل فيها وأما الثاني فجلس خلف الحلقة وأما الثالث فذهب موليا مدبرا فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم حديثه قال ألا أنبئكم بخبر الثلاثة قالوا بلى يا رسول الله قال "أما الأول أوى فأواه الله ,وأما الثاني فاستحيا فاستحيا الله منه وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه" انظر يعني فضل المجالس ثبت في الأحاديث الصحيحة "أن لله ملائكة سياحين يتتبعون مجالس الذكر فإذا وجدوها حفوها بأجنحتهم وقالوا هذه طلبتكم هذه طلبتكم" وثبت أيضا في الأحاديث الصحيحة "أن الرب سبحانه وتعالى يسأل ملائكته وهو أعلم سبحانه وتعالى فيقول يا ملائكتي ماذا وجدتم عبادي قالوا وجدناهم يكبرونك ويسبحونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك قال ويستعيذون بك قال ماذا يسألوني قال يسألونك الجنة قال مما يستعيذون قال يستعيذون من النار فيقول الرب سبحانه أشهدكم أنى قد غفرت لهم وأعطيتهم ما سألوا وأعذتهم مما استعاذوا فقالوا يارب إن فيهم عبدك فلان ليس منهم جاء وجلس معهم فقال الرب سبحانه هم القوم لا يشقى بهم جليسهم" أو كما جاء في الأحاديث الصحيحة هذه فضائل الذكر والعلم ومجالس العلم فضله كثير والآثار والنصوص من الكتاب والسنة كثيرة بفضل العلم وتعلم العلم وتعليمه وأن الله سبحانه وتعالى يرفع العلماء درجات قال تعالى{يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} وقال سبحانه وتعالى مبينا فضل العلماء حيث قرن شهادتهم بشهادته وشهادة ملائكته على أجل مشهود به قرن الله شهادة العلماء بشهادته وشهادة ملائكته على أجل مشهود به وهو الشهادة لله تعالى بالوحدانية أجل مشهودية الشهادة لله بالوحدانية قرن شهادة العلماء بشهادة الملائكة وبشاهدته سبحانه{شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائمًا بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم} قال سبحانه{إنما يخشى الله من عباده العلماء} قصر الخشية على العلماء والمراد هنا الخشية الكاملة الخشية التامة للعلماء لأنه من كان بالله أعرف كان منه أخوف وإلا كل مؤمن له نصيب من الخشية من لم يخش الله فليس بمؤمن أصل الخشية موجودة عند كل مؤمن حتى العاصي إذا اتقى الشرك فصار من أهل التوحيد عنده أصل الخشية من لم توجد عنده الخشية ليس بمؤمن لكن الخشية الكاملة هي التي تكون للعلماء لأنهم أعلم الناس بالله عز وجل أعرف الناس بالله هم العلماء وفي مقدمة العلماء الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وفي مقدمتهم أولو العزم الخمسة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام فهؤلاء أولو العزم الخمسة لهم من التحمل والصبر ماليس لغيرهم أمر الله نبينا عليه الصلاة والسلام أن يتأسى بهم قال سبحانه وتعالى{ فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم} ذكرهم الله في آيتين من كتابه في سورة الأحزاب قال{وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقًا غليظًا} وفي سورة الشوري قال{شرع لكم من الدين ما وصى به نوحًا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} فأخشى الناس أكثر الناس خشية هم العلماء وفي مقدمة العلماء الأنبياء والرسل وأعظمهم خشية أولو العزم الخمسة وأعظم أولي العزم خشية الخليلان إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام وأعظم الخليلين وأتقاهما وأعبدهما وأعلمهما وأزهدهما وأتقاهما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ثم يليه جده إبراهيم ثم يليه موسى الكليم ثم بقية أولي العزم الخمسة ثم بقية الرسل ثم يليهم الصديقون الصديقون هم أتقى الناس وأعلم الناس بالله وأعبد الناس جمع صديق والصديق هو الذي قوي إيمانه وتصديقه حتى يحرق الشبهات والشبهات الشبهات والشهوات فلا يصر على معصية قوة الإيمان والتصديق تحرق المعاصي والشبهات والشهوات وفي مقدمة الصديقيالصديق الأكبر أبو بكر رضي الله عنه فالصديقون هم العلماء هم العلماء العاملون بعلمهم المؤمنون الذين قوي إيمانهم وتصديقهم حتى أحرق هذا الإيمان تصديق الشبهات والشهوات فلا يصر على معصية ولهذا جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما لأصحابه "إن أهل الجنة يتراءون الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الغابر الدري الكوكب الغابر في الأفق من المشرق إلى المغرب بعيد لتفاضل ما بينهم لأن الجنة درجات كل درجة عليا يصيرون أعلى نعيم من الدرجة التي تحتها وأهل الجنة يتراءون الغرف في الدرجات الأعلى فوقهم مثل ما نتراءى نحن الآن الكوكب الغابر في السماء لتفاضل ما بينهم فقالوا يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم – هذه المنازل العالية للأنبياء – فقال صلى الله عليه وسلم بلى والذي نفسى بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين يعني يبلغها رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين وهم الصديقون والعلماء صديقون فالصديقون يلون الأنبياء في المرتبة في العلم وفي التقى والخشية في الثواب ثم يليهم الشهداء جمع شهيد وهو الذي قتل في المعركة لإعلاء كلمة الله سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة والرجل يقاتل حمية والرجل يقاتل ليرى مكانه أي ذلك في سبيل الله فالنبي صلى الله عليه وسلم أعرض عن هذه كلها قال من قاتل في سبيل الله لإعلاء كلمة الله من قاتل لإعلاء كلمة الله فهو في سبيل الله قاتل لإعلاء كلمة الله فهذا الشهيد باع نفسه لله عز وجل أغلى ما يملكه روحه التي بين جنبيه بذلها لله عز وجل قدم مرضاة الله الغيرة التي دفعته لإعلاء كلمة الله وقتل الكافر الذي كفر بالله وجحد حقه وتوحيده جعله في هذه المرتبة وصار شهيد وصار له من المزية أن الله تعالى يكفر ذنوبه ويجرى عليه رزقه بعد موته ويأمن الفتان وروحه تتنعم في البرزخ بواسطة أكمل من تنعم سائر المؤمنين بواسطة حواصل طير خضر قال عليه الصلاة والسلام "إن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في الجنة ترد أنهارها وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل معلقة في العرش" لما أتلف المجاهد جسده لله عوض الله روحه جسد آخر تتنعم بواسطته وهي حواصل طير خضر أما المؤمن غير الشهيد فإن روحه تتنعم وحدها تأخذ شكل طائر في الجنة قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح "نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة يعني يأكل يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعث الخلائق ثم يلي الشهداء الصالحون من المؤمنين والصالحون على ثلاث طبقات الطبقة الأولى السابقون المقربون الذين تقربوا إلى الله بأداء الفرائض والواجبات ثم يتقربون إلى الله بأداء النوافل والمستحبات ويتقربون إلى الله بترك المحرمات والسيئات والكبائر ثم يتقربون إلى الله بترك المكروهات كراهة تنزيه وبترك التوسع في المباحات هؤلاء السابقون المقربون ثم يليهم المقتصدون أصحاب اليمين وهم الذين أدوا الواجبات ولكن لم يكن عندهم نشاط في فعل المستحبات والنوافل اقتصروا على فعل الواجبات وتركوا المحرمات والكبائر ووقفوا عند هذا الحد لكن لم يكن لهم نشاط في ترك المكروهات كراهة تنزيه ولا في التوسع في المباحات توسعوا في المباحات ويفعلون المكروهات ولا إثم عليهم وكل من السابقين المقربين وأصحاب اليمين يدخل الجنة من أول وهلة فضلا من الله تعالى وإحسانا إلا أن مرتبة السابقين أعلى أدوا ماعليهم والطبقة الثالثة الظالمون لأنفسهم وهم المؤمنون الموحدون ماتوا علي التوحيد والإخلاص لم يقعوا في عمل فيه شرك لكن أضعفوا هذا التوحيد بكبائر ماتوا عليها من غير توبة التوحيد ضعف ونقص بفعل الكبائر فماتوا من غير توبة ظلموا أنفسهم بترك بعض الواجبات أو بفعل المحرمات وإن كانوا موحدين لم يقعوا في عمل من الشرك فهؤلاء الظالمون لأنفسهم مآلهم الجنة والشفاعة لكن قد ينالهم شدة قبل دخولهم الجنة منهم من يعذب في قبره كما في حديث ابن عباس قصة الرجلين قال إنهم يعذبان وما يعذبان في كبير مر عليهم النبي أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين وغرز في كل قبر واحدة قال لعله يخفف عنهما عذابهما ما لم ييبسا ومنهم من تصيبه الأهوال والشدائد في يوم القيامة ومنهم من يعفو الله عنه تحت مشيئة الله ومن عفا الله عنه طهر بعفو الله له ومن طهر كذلك بعذاب القبر كذلك يطهر ومن أصابته الشدائد كذلك يطهر ومنهم من يؤمر به بدخول النار ثم يشفع فيه فيشفع الله فيه فيقبل الله الشفاعة فلا يدخل النار ومنهم من يدخل النار ولا بد أن يدخل النار جملة من الكبائر والمعاصى من الموحدين مؤمنون مصدقون موحدون لكن دخلوا النار بالمعاصى كبائر ماتوا عليها من غير توبة هذا مات على الزنا من غير توبة هذا مات على الربا من غير توبة هذا مات على عقوق الوالدين هذا على أكل الرشوة هذا على العدوان على الناس في دمائهم هذا على العدوان على الناس في أموالهم هذا على العدوان على الناس في أعراضهم وهكذا كبائر ماتوا عليها من غير توبة يعذبون ولا تأكل النار مواضع السجود ما تأكل موضع السجود وليس عذاب كعذاب الكفرة الكفرة تسلخهم النار من جميع الجهات لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش أما المؤمن الموحد لا ما يصلاها ولا تأكل منه موضع السجود ومنهم من يطول مكثه بعض العصاة الموحدين منهم من يطول مكثه لكثرة معاصيه وجرائمه أو لغلظها وفحشها كالقاتل أخبر الله أنه يخلد والخلود خلودان خلود دائم لا نهاية له هذا خلود الكفرة وخلود مؤمد له له أمد ونهاية هذا خلود بعض العصاة هؤلاء يشفع فيهم الشفعاء يشفع الله فيهم الشفعاء فيشفع فيهم الأنبياء يشفع فيهم الصالحون يشفع فيهم الأفراط يشفع نبينا فيهم صلى الله عليه وسلم أربع مرات كل مرة يحد الله له حدا بالعلامة فقال المرة الأولى أخرج من النار من كان في قلبه مثقال برة أو مثقال حبة من إيمان ثم قال أخرج من كان في قلبه نصف برة أو حبة ويقال له في الثالثة أخرج من كان في قلبه أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان وفي الرابعة أخرج من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبة خردل من إيمان فيخرجهم بالعلامة وهذا فيه دليل على أن المعاصى ولو عظمت لا تقضى على الإيمان بل لابد تبقى بقية يخرج بها من النار ويدخل بها الجنة شيء من الإيمان لا بد أن يبقى المعاصي ما تنهي الإيمان متى ينتهي الإيمان إذا جاء الكفر الأكبر أو الشرك الأكبر أو النفاق الأكبر انتهى الإيمان ما في إيمان لا يجتمع الكفر الأكبر و الشرك الأكبر و النفاق الأكبر والإيمان بالله أما المعاصى ولو كثرت لا تقضى على الإيمان لكن تضعفه حتى لايبقى منه أقل مثقال حبة من خردل فيخرج بها من النار هكذا يكون المؤمن هذه أحوال الناس في الآخرة أما الكفرة نسأل الله العافية فإنهم في النار "والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها" جميع أنواع الكفرة اليهود والنصارى والوثنيين والملاحدة والزنادقة والمنافقون كلهم في النار والمنافقون في الدرك الأسفل من النار أعوذ بالله والنار نسأل الله السلامة والعافية دركات كل دركة سفلى أشد عذابا من التي فوقها عكس الجنة والجنة درجات كل درجة عليا أعلى في النعيم من الدرجة التي تحتها والمنافقون في الدرك الأسفل{ إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرًا} نسأل الله السلامة والعافية فالمؤمن الذي من الله عليه بالإيمان ثم من الله عليه بطلب العلم على خير عظيم فأنت يا أخي عليك أن تحرص على تعلم العلم حتى تتفقه وتتبصر في شريعة الله حتى تعبد الله على بصيرة وهذا توجه الإنسان إلى العلم وإلى الفقه في دين الله هذا من علامات الخير الذي أراده الله بالعبد علامة من علامات الخير يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الصحيح الذي رواه الشيخان من حديث معاوية رضي الله عنه "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" قال العلماء إن هذا الحديث له منطوق وله مفهوم منطوقه أن من فقهه الله في الدين فقد أراد به خيرا ومفهومه أن من لم يفقهه في الدين لم يرد به خيرا ولاحول ولا قوة إلا بالله فعلى المسلم وعلى الشاب وعلى أن يحرص على طلب العلم ويحرص على الإخلاص وأن يكون قصده بتعلمه وجه الله والدار الآخرة لا رياء ولا سمعة ولا لمقاصد أخرى لأن تعلم العلم من أجل القربات وأفضل الطاعات والعبادة لا تصح إلا إذا تحقق فيها أصلان أن تكون لله يراد بها وجه الله والدار الآخرة وتكون موافقة لشرع الله كل عبادة صلاة صيام زكاة حج بر الوالدين صلة الرحم الجهاد أمر بالمعروف ونهي عن المنكر لا بد توفر هذان الشرطان أن يكون لله وأن يكون مرادا وأن يكون موافقا لشرع الله كما قال الله تعالى {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} العمل الصالح الموافق للشرع والعمل الذي ليس فيه شرك هو الخالص لله قال تعالى {ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها} وقال تعالى { بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه} وثبت في الصحيحين من هدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" الأعمال بالنيات الأعمال بالنيات فإذا تخلف هذا الأصل حل محله الشرك ولا حول ولا قوة إلا بالله ودل على الأصل الثانى من السنة وهو موافقة الشرع ما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وفي لفظ مسلم "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " وإذا تخلف هذا الأصل حل محله البدع فالأصل الأول هو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله والأصل الثاني هو مقتضى شهادة أن محمد رسول الله وهاتان الشهادتان هما أصل الدين وأصل الملة أن تشهد لله بالوحدانية وأن تشهد للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله والله تعالى خلق عباده لتوحيده وطاعته ما خلقنا عبثا وما خلقنا سدى ولا هبلا {أيحسب الإنسان أن يترك سدى} {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا} {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون . ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون } والعبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة والعبادة كل ما أمر الله به أو أمر به رسوله من الأوامر تفعلها طاعة لله عز وجل تتعبد بها لله وكل مانهى الله عنه أو نهى عنه رسوله تتركها تعبدا لله عز وجل الأوامر والنواهي تفعل الأوامر قوموا إلى الصلاة هذا أعظم الثواب إذا تصلي هذه العبادة آتوا الزكاة تزكى عبادة "ولله على الناس حج البيت" يأمرهم بالحج وهكذا "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا" الإحسان للوالدين عبادة وهكذا هذه هي العبادة تفعل الأوامر تعبدا لله عز وجل وتنتهي عن النواهي تعبدا لله عز وجل وأفراد العبادة كثيرة فالصلاة عبادة والزكاة عبادة والصوم عبادة والحج عبادة وبر الوالدين عبادة وصلة الرحم عبادة والجهاد في سبيل الله عبادة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبادة والإحسان إلى الجيران عبادة والدعاء عبادة والذبح عبادة والنذر عبادةوالاستعاذة عبادة والاستغاثة عبادة والتوكل عبادة والرغبة عبادة والرهبة عبادة وهكذا وفي هاتين السورتين اللتين هما موضوع هذا اليوم العلمى (قل أعوذ برب الفلق) و(قل أعوذ برب الناس) فيهما استعاذة فيها مستعيذ ومستعاذ قل أعوذ برب الفلق قل أعوذ برب الناس أعوذ ألوذ وألتجئ وأعتصم بك ياالله ألوذ وألوذ وأتحرز وأعتصم بك يا الله فالعياذ من الاستعاذة بالله من الشر واللياذ هو طلب الخير أعوذ فالاستعاذة عبادة الصلاة عبادة من صلى لغير الله فقد أشرك الصيام عبادة فمن صام لغير الله فقد أشرك الزكاة عبادة من زكى لغير الله فقد أشرك الحج عبادة الدعاء عبادة إذا دعا غير الله فهذا فيه تفصيل إذا دعا غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله فهذا شرك كأن يدعو ميت أو غائب أو حي حاضر يدعوه أن يدخله الجنة أو ينجيه من النار هذا لا يقدر عليه إلا الله أو يدعو الميت أن يغفر ذنوبه هذا لا يقدر عليه إلا الله أو يدعوا الميت أن يفرج كربته أو يرد غائبه أو ينصره على عدوه فهذا شرك هذا لا يقدر عليه إلا الله أما إذا دعا حيا حاضرا قادرا فهذا لا بأس به يدعوه شخص معه أسباب كأن يقول يافلان لأحد أصدقائه ساعدني أقرضني مالا أقضي ديني ساعدني على إصلاح سيارتي ساعدني على إصلاح مزرعتي هذا دعاء ليس بشرك هذا لأن الداعي -لعله يقصد المدعو- حي حاضر قادر إنما الدعاء إنما الشرك إذا مادعاه في ما وراء الأسباب يدعو الميت الميت ما معه أسباب وليس حاضر يكون شرك كذلك الاستغاثة هي نوع من الدعاء لكنه دعاء المكروب خاصة الذي أصابه كرب وشدة قال تعالى{إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم فإذا استغاث بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله كان مشركا وإذا استغاث بحي حاضر قادر لايكون شرك مثل إنسان سقط في الماء غريق واستغاث بسباح قال يافلان أغثنى نزل في الماء وأخرجه هذا معه أسباب لكن يستغيث بميت ما معه أسباب بغائب أوبحي حاضر لا يقدر يستغيث به في أن يخلصه من عدوه أو ينصره على عدوه أو يستغيث به في أن يغفر ذنوبه أو ينجيه من النار هذا لا يقدر عليه إلا الله كذلك الاستعانة قال إياك نعبد وإياك نستعين الاستعانة تكون بالله لا يستعين إلا بالله فيما يقدر عليه الله لكن إذا استعان بحي حاضر قادر لا بأس هذه من الأمور العادية أعني يا فلان في إصلاح مزرعتي أعني في بناء بيتي فلا بأس وكذلك الاستعانة هو أن يستعين إذا استعان بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله هذا يكون شرك قال تعالى "وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن} يستعيذ بالجن كانوا في الجاهلية إذا نزل أحدهم مكانا استعاذ بالجن قال أعوذ بسيد هذا الوادى من شر سفهاء قومه فلما رأى الجن أن الإنس يستعيذون بهم {زادوهم رهقا} زادوهم طغيانا وشرا وإثما أو زادوهم خوفا وذعرا وقيل معناه زادوهم خوفا وذعرا فالاستعاذة عبادة ولا يقدر عليها غير الله لا تستعيذ إلا بالله قل أعوذ برب الفلق قل أعوذ برب الناس قل أعوذ بك ربي قل ربي أعوذ بك من همزات الشياطين قل أعوذ بك ربي أن يحضرون أما إذا استعاذ بحي حاضر فلا بأس يقول يا فلان أعذني من شر أولادك آذونى أعذني من شر زوجتك لسانها سليط مثلا وما أشبه ذلك في شيء يقدر عليه هذه من الأمور العادية وهاتان السورتان سورتان عظيمتان كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين من عين الجن والإنس فلما نزلت هاتان السورتان أخذ بهما وقال النبي صلى الله عليه وسلم "إن إبراهيم كان ليعوذ إسماعيل وإسحاق" قل أعوذ برب الفلق قل يا محمد أعوذ هذا فيه مستعيذ ومستعاذ ومستعاذ منه فمستعيذ هو المؤمن الرسول عليه السلام وأتباعه ومستعاذ به هو الله عز وجل والمستعاذ منه أربعة أشياء من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد وفي هذه الآيات من الفوائد إثبات ربوبية الله عزوجل إثبات ربوبية الله عز وجل قل أعوذ برب الفلق وأن الله تعالى هو الرب والمالك المتصرف وإثبات ألوهيته وهو المعبود وهو المستعاذ به وإثبات ملكه وأنه هو المالك للناس جميعا وفيه الرد على الاتحادية والملاحدة والزنادقة الذي يقول أن الوجود واحد الآية فيها مستعيذ ومستعاذ به فالاتحادية عندهم الوجود واحد ماعندهم مستعيذ ولا مستعاذ المستعيذ والمستعاذ واحد ولا في رب وعبد الرب هو العبد والعبد هو الرب أعوذ بالله وهذا هم أعظم وأغلاظ الناس كفرا الملاحدة أعوذ بالله أعوذ برب الفلق من شر ما خلق أعوذ برب الفلق هو الصبح فالق الإصباح لما فيه من بديع قدرة الله عز وجل الفلق هو الصبح إذا انتشر نوره من شر ما خلق هذا عام جميع المخلوقات جميع المخلوقات بها شر من إنس أو جن أوحيوان ومن شرور الدنيا والآخرة هذا عام ثم جاء التخصيص ومن شر غاسق إذا وقب غاسق الليل إذا دخل في الظلام القمر إذا غاب فإنه إذا جاء الظلام تنتشر الأرواح الخبيثة فكل من أراد شرا يخفيه يخفيه بالنهار ويظهر به في الليل فهذا داخل من شر ما خلق لكن خصه خص هذه الأشياء لأهميتها من شر الليل إذا دخل في الظلام فإن أهل الشر يخرجون في الليل فينشرون شرورهم ومن شر النفاثات في العقد النفاثات السواحر اللاتي تعقد العقد وتنفث فيها ما تريد ليحصل السحر والنفاثات المراد الأرواح والأنفس الخبيثة سواء ذكورا أو إناثا وفي هذا إثبات خلق الله تعالى الخير والشر وفيه إثبات الخلق لله عز وجل وأنه هو الله خالق كل شيء ومن شر ما خلق وأن هذه العوالم كلها مخلوقة لله عز وجل وفيه إثبات السحر وأن له تأثير ومن شر النفاثات في العقد وأن له تأثير بإرادة الله عز وجل قال تعالى عن السحرة {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله} {واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله} إذن له تأثير لكن بإذن الله مفيدا على أن السحر له حقيقة وله خيال منه ما هو حقيقة كما في هذه الآية ومن شر النفاثات لولا أنه حقيقة لما أمروا بالاستعاذة به ومن شر النفاثات في العقد يعني ينفثن في العقد حتى ينعقد السحر وفيه إثبات أن السحر له حقيقة ومنه ماهو خيال قال تعالى عن سحرة فرعون "يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى" قال "واسترهبوهم "يخيل إليهم من سحرهم" "واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم " فالسحر منه ما هو حقيقة ومنه ما هو خيال وذهبت المعتزلة إلى إنكار السحر هذا من جهلهم وضلالهم أنكروا السحر وقالوا لئلا وأنكروا كرامات الأولياء قالوا لئلا يلتبس بالنبي وهذا من جهلهم وقال أبو حنيفة السحر ليس له حقيقة والصواب أن منه ماهو حقيقة ومنه ماهو خيال ومن شر حاسد إذا حسد من شر حاسد والحسد نوعان محمود ومذموم فالمذموم هو أن يتمنى زوال النعمة عن صاحبها هذا هو الذي يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب يتمنى أن تزول هذه النعمة عنه وأما النوع الثاني المحمود وهو حسد الغبطة وهو أن يتمنى أن يكون له مثل ما للمحسود من غير أن يتمنى زوال النعمة عنه هذا يسمى حسد الغبطة قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح "لاحسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار" وفي لفظ آخر "رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ورجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الخير" هذه الغبطة تتمنى أن تكون مثله من غير أن تنتقل النعمة أما إذا تمنى أن تنتقل النعمة هذا هو الحسد الذي يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب قل إذا حسد أما إذا أخفى حسده فلا يضره إذا أخفى الحسد ولم يفعل شيئا لا بقول ولا بفعل للمحسود ولم يتمن زواله فلا يضره هذا حسد كامن في النفس والنبي صلى الله عليه وسلم سحر سحره اليهود سحره اليهود لبيد بن الأعصم جاء في الحديث أنه في وتر به إحدى عشرة عقدة فأنزل الله عليه سورة الفلق وسورة الناس فكان كلما قرأ آية ينحل عقدة تنحل العقدة إحدى عشر آية الفلق خمس آيات والناس ست آيات إحدى عشرة عقدة وكان النبي نائما فجاءه جبريل والملائكة وقعد أحدهم عند رأسه وعند رجليه والنبي يسمع قال ما وجع الرجل قالوا مطبوب قال ومن طبه قال لبيد بن الأعصم قال في أي مكان قال في جف طلعة ذكر في بئر أروان في راعوفة البئر فهذا الخبيث اليهودي أخذ مشط ومشاطة المشط هو الذي يمشط به الشعر والمشاطة الشعر ذكر الحافظ بن كثير أنه جاء إلى (36,22) من عائشة شيء من الشعر من شعر النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان في سنده كما ذكر الحافظ كلام فأخذ الشعر والمشط وجعله في جف طلعة ذكر يعني وعاء النخل الذي يكون فيه اللقاح أخذه وجعل فيه المشط والمشاطة ونزل في بئر وجعله تحت راعوفة تحت صخرة فجاء جبريل ومن معه وقال أحدهما ما وجع الرجل قال مطبوب ومن طبه قال لبيد بن الأعصم اليهودي قال في أي؟ قال في مشط ومشاطة في جف طلعة ذكر تحت راعوفة بئر ذي أروان فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن ذهب عدد من الصحابة واستخرجوه استخرجوا السحر من تحت الراعوفة هذه وأزيل ولم يعاقب اليهودي فقيل للنبي صلى الله اعليه وسلم ألا تعاقبه أما أنا فشفانى الله وخشيت أن أثير على المسلمين شرا لاينتقم لنفسه عليه الصلاة والسلام وكذلك لما سمته اليهودية ما انتقم لنفسه لكن لما مات الصحابي اقتص له منها وهذا السحر الذي أصاب النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو في أمور الدنيا لم يغير عقله ولم يؤثر على الوحي كان يخيل إليه النبي أن يأتي الشيء يفعل الشيء لا يفعله هذا يقال إن الكفار قالوا إن محمد مسحور إن تتبعون إلا رجلا مسحورا السحر هذا فيما يتعلق بأمور الدنيا يتعلق بجسمه وليس له تأثير على تبليغ الرسالة وليس له تأثير على قلبه ولا على دينه نقرأ الآن من كلام الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله نعم تفضل قال.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين وجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم {قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد} معنى أعوذ: أعتصم وألتجئ وأتحرز، وتضمنت هذه الكلمة مستعاذا به ومستعاذا منه ومستعيذا.
الشيخ: نعم معنى أعوذ وأعتصم وألتجئ وأتحرز هذا العياذ وأما اللياذ طلب الخير أعوذ يعني ألتجئ وأعتصم والاستعاذة عبادة تكون لله فيما لا يقدر عليه إلا الله فلا يستعاذ من شر المخلوقات إلا بالله عز وجل لأنه لا يقدر على دفع شرها إلا الله فليس لإنسان أن يستعيذ بمخلوق يقول أعوذ بفلان من شر المخلوق الفلانى ما يستطيع ما يجوز هذا خاص بالله لكن تستعيذ به من شخص مما يقدر عليه من أذية أولاده أو ما أشبه ذلك فيقدر عليه نعم.
فأما المستعاذ به فهو الله وحده رب الفلق الذي لا يستعاذ إلا به، وقد أخبر الله عمن استعاذ بخلقه أن استعاذته زادته رهقا، وهو الطغيان فقال: {وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا}.
الشيخ: نعم إذا هذا فيه مستعاذ ومستعاذ منه ومستعاذ به فيه رد على الاتحادية الذين يقولون الوجود واحد فيه مستعيذ ومستعاذ به ومستعاذ منه ثلاثة أشياء فالمستعيذ النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه المؤمنون والمستعاذ به هو الله عز وجل والمستعاذ منه هذه الأمور الأربعة من شر ماخلق ومن شر النفاثات والفلق هو بياض الصبح نعم.
والفلق هو بياض الصبح إذا انفلق من الليل، وهو من أعظم آيات الله الدالة على وحدانيته.
الشيخ: نعم هذا السبب إضافة الرب إلى الفلق أنه من أعظم آيات الله التي تدل على وحدانيته واستحقاقه للعبادة سبحانه وتعالى والآية "وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن" فسمى الإنس رجالا يسمون رجال رجال من الإنس فالإنس يسمى رجال والجن يسمى رجال رجال من الإنس ورجال من الجن وبعض الناس يسميهم رجال الغيب ويتكلم في رجال الغيب ورجال الغيب هم الجن لأنهم لا يرون مثل بعض الناس يقول رجال الغيب ورجال الغيب ويتعلق برجال الغيب هذا هم الجن لأنهم لا يرون فالجن لا يرون إنهم قال تعالى {إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم} وقد يرون أحيانا يرون في الأحياء أما الإنسي فإنه لا يختفى لا يكون مثل الجني لا يرى قد يختفي في بيته وقت لكنه يرى دائما ما يختفي الجن هم الذين يختفون والله أعطاهم القدرة على التشكل والتصور يتشكل في صورة مثل الملك كذلك لا يرى وأعطاه الله القدرة على التشكل جبريل في صورة دحية الكلبي في صورة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر ورآه النبي صلى الله عليه وسلم في صورته التي خلق عليها وله ستمائة جناح كل جناح يملأ ما بين السماء والأرض مرتين على هذه الصورة مرة في الأرض يوم بعثه الله ومرة في السماء ليلة المعراج نعم.
الشيخ: الآية {وأنه كان رجال من الإنس يعوذن برجال من الجن فزادوهم رهقا} زادوهم الواو للجن والهاء للإنس فزاد الجن الإنس باستعاذتهم رهقا طغيانا وشرا وقيل المعنى معنى آخر ذكره المؤلف فزادوهم رهقا ذعرا وخوفا فزادوهم فزاد الجن الإنس ذعرا وخوفا باستعاذتهم بهم .
وأما المستعيذ فهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل من اتبعه إلى يوم القيامة.
وأما المستعاذ منه فهو أربعة أنواع:
الأول: قوله: {من شر ما خلق} وهذا يعم شرور الأولى والآخرة، وشرور الدين والدنيا.
الشيخ: نعم من شر ماخلق عام ما من صيغ العموم يعني من شر كل مخلوق به شر هذا يعم شرور الأولى يعني الدنيا والآخرة جميع الشرور التي تكون في الدنيا الشرور والحيوانات والدواب والإنس والجن والشرور التي تكون في الآخرة عذاب القبر وعذاب النار وشرور الدين هل الدين فيه شرور الغلو الغلو في الدين شر كذلك التقصير والإهمال شر شرور الدنيا كذلك الدنيا فيها شرور من شر ماخلق يعني كل من شر ماخلق مما فيه شر بعض المخلوقات ما فيها شر الرسل والأنبياء والملائكة ليس فيهم شر خير لكن المراد من شر ما خلق يعني من شر كل مخلوق فيه شر نعم.
الثاني: قوله: {ومن شر غاسق إذا وقب} والغاسق الليل إذا وقب أي: أظلم ودخل في كل شيء، وهو محل تسلط الأرواح الخبيثة.
الشيخ: نعم من شر غاسق الليل إذا وقب دخل في الظلام وقيل القمر إذا غاب وهو متلازمان القمر يكون في الليل لماذا أستعيذ من شر الليل لأن في الليل تتسلط الأرواح الخبيثة أهل الشر يختفون في النهار ويخرجون في الليل تنتشر ينشرون شرورهم في الليل يستطيعون سلطانهم في الليل أن ينفذوا بسبب الخفاء وعدم الظهور بخلاف النهار سلطانه قوي النور قوي فلا يستطيعون أن ينتشروا إذا جاء الليل انتشروا نعم.
الثالث: {ومن شر النفاثات في العقد} وهذا من شر السحر، فإن النفاثات السواحر اللاتي يعقدن الخيوط وينفثن على كل عقدة حتى ينعقد ما يردن من السحر والنفاثات مؤنث أي: الأرواح والأنفس، لأن تأثير السحر، إنما هو من جهة الأنفس الخبيثة.
الشيخ: وعلى هذا السبب النفاثات يعني الأرواح والأنفس الخبيثة ويشمل الأرواح من الذكور ومن الإناث من الذكور ومن الإناث من شر النفاثات في العقد الأرواح والأنفس الخبيثة من الذكور والإناث من شر النفاثات في العقد وهو الخيوط التي يعقدن وينفثن على كل عقدة حتى ينعقد ما يريد من السحر نعم كما فعل لبيد بن الأعصم نعم.
الرابع: {ومن شر حاسد إذا حسد}وهذا يعم إبليس وذريته لأنهم أعظم الحساد لبني آدم أيضا.
الشيخ: نعم {من شر حاسد إذا حسد} يعم إبليس وذريته لأنهم أعظم الحساد من حسده أنه حسد أبانا آدم أخرجه من الجنة وحسد ذريته وأقسم أنه يهلكهم يهلك ذريته قال {لأحتنكن ذريته إلا قليلًا} واستثنى إلا عباد الله المخلصين هذا أعظم الحسد الإنس والشياطين أعظم الحساد لأنهم يريدون أن يضلوا الناس ويجروهم معهم في النار مما حصل مع إبليس مع أبينا آدم هذا واضح وذريته كذلك ثبت أن الشيطان يأمر جنوده فينتشرون في كل مكان ويأتون إليه في آخر النهار ويسألهم ماذا فعلت ماذا فعلت قال فعلت كذا وكذا فعلت كذا وكذا حتى حصل قال ما حصل ما عملت شيئا يمكن يصطلح حتى يأتيه من يقول إنى فرقت بين إنسان وبين زوجته فيأتيه فيلتزمه ويقول أنت أنت إفساد البيوت وإفساد الفراش هذا الذي يريده الشيطان إذا فسد البيت وخرب البيت ضاع الأولاد ضاع الدين معه ومن شر حاسد فهو أعظم الحساد وكذلك الحساد من بنى آدم ويعم إبليس وذريته ويعم أيضا الحساد من بنى آدم كلهم داخلون في قول {ومن شر حاسد إذا حسد} يعم إبليس وذريته ويعم أيضا الحساد من بنى آدم نعم.
وقوله: {إذا حسد} لأن الحاسد إذا أخفى الحسد، ولم يعامل أخاه إلا بما يحبه الله لم يضره، ولم يضر المحسود.
الشيخ: نعم كل نفس حاسدة هو كامن فيها لكن هو لا يضره إذا لم يفعل شيئا من القول أو بالفعل ما عمل شيء لاتكلم ولا فعل فلا يضره الشيء الكامن في نفسه قال لأن الحاسد إذا أخفى الحسد ولم يعامل أخاه بما لا يحبه الله لا يضره ولا يضر المحسود إذا تكلم أو عمل أو حامى الإيذاء ضره ننظر كلام الشيخ عبد الرحمن السعدي على الآية
قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم {قل أعوذ برب الفلق. من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد}. أي: { قل } متعوذًا { أَعُوذُ } أي: ألجأ وألوذ، وأعتصم { بِرَبِّ الْفَلَقِ } أي: فالق الحب والنوى، وفالق الإصباح. { مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ } وهذا يشمل جميع ما خلق الله، من إنس، وجن، وحيوانات، فيستعاذ بخالقها، من الشر الذي فيها.
الشيخ: نعم من شر ما ما من صيغ العموم يشمل جميع ما خلق الله من إنس وجن وحيوانات مما فيه شر وإلا بعض الإنس مافيه شر كالأنبياء وكالملائكة هؤلاء ما فيهم شر من شر ما خلق من إنس فيه شر أو جن فيه شر أو حيوانات أو دواب فيستعاذ بالله من الشر الذي فيها هذا عام ثم جاء التخصيص خصها لماذا خصها لأهميتها ولشدة الشر الذي فيها.
ثم خص بعد ما عم فقال: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} أي: ومن شر ما يكون في الليل، حين يغشى الناس، وتنتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة، والحيوانات المؤذية.
الشيخ: نعم لماذا لاتنتشر بالنهار ما تستطيع أن تنتشر بالنهار قد يأتي من يقتلها ويؤذيها ويعرفها الناس وهي مؤذية فهي تختفي بالنهار وتخرج بالليل من شر ما يكون في الليل حين يغشى الناس إذا انتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة والحيوانات المؤذية تخرج في الظلام نعم.
{ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ } أي: ومن شر السواحر، اللاتي يستعن على سحرهن بالنفث في العقد، التي يعقدنها على السحر {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} والحاسد، هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها بما يقدر عليه من الأسباب، فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شره، وإبطال كيده، ويدخل في الحاسد العاين، لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع، خبيث النفس.
الشيخ: الحاسد هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود هذا هو الحاسد ويسعى في زوالها بما يقدر عليه من الأسباب القولية والفعلية هذا هو الحاسد المراد في الآية وهذا الحسد هو الذي يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب الذي يحب زوال النعمة يتمنى زوال النعمة عن المحسود ثم يسعى في زوالها بما يقدر عليه من أسباب من قول وفعل أما الحاسد حسد غبطة فلا يدخل فيها الحاسد حسد غبطة يتمنى أن يكون له مثل ما للمحسود من غير أن تنتقل النعمة عنه من غير أن تزول مثلا رأيت واحد حافظ القرآن تمنيت أن يكون لك مثله هذا حسد فإن تمنيت أن تزول النعمة عنه وتنتقل لك ولغيرك هذا هو الحسد المذموم الذي يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب إذا الحسد نوعان ممدوح ومحمود لعله يقصد ممدوح ومذموم فالمذموم الذي يتمنى زوال النعمة والممدوح هو حسد الغبطة الذي يتمنى أن يكون له مثل ما للمحسود من غير أن تنتقل النعمة يحب أن يكون له من الخير مثله فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شره وإبطال كيده الحاسد ويدخل في الحاسد العائن الذي يصيب الناس بعينه الذي يصيب الناس بعينه قال لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شديد الطبع خبيث النفث هذا هو الغالب لأنه ما تصدر إلا من حاسد شديد الطبع وقد يبتلى بها بعض الناس وإلا لم يكن شريرا لكن ابتلي بها ابتلي بها بعض الناس قد يبتلى بعض الناس فكان يذكر الله فإذا ذكر الله فإنه يبرك وهذا موجود وواقع أحيانا بعض الناس من أصيب يقول لولا أني أذكر الله على ما رأيت لتلف كل ما رأيته لكنه يذكر الله يذكر الله ويدفع ما كان بسب إيمانه وتقواه لا ينظر إلى الأشياء ويبرك فيها ويدعو الله لأنه قال العلماء إن الحاسد إذا عرف أنه قتله بعينه وهو اعترف فإنه يعتبر قاتل لكن هذا متى يحصل متى يعرف إذا اعترف وأقر إذا اعترف وأقر قال العلماء أيضا الحاسد إذا كان يضر الناس العائن إذا كان يضر الناس وعرف فإنه يحبس يحبس ويطعم ولا يخرج للناس ولا حتى لصلاة الجماعة إذا ضر الناس يبقى يحبس ويقفل عليه إذا عرف وإذا أصاب بعينه واعترف فإنه يقاد منه هذا يقاد قصاصا أو يدفع الدية محل نظر المقصود أن العائن حاسد ولا تصدر كما ذكر الشيخ رحمه الله أنها لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع قد حصل هذا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا من الصحابة كان يغتسل فرآه عائن وقد خلع ثيابه فأعجبه جسده ولونه وقال ولا جلد مخبأة مخبأة يعني امرأة مخبأة فلبط الرجل وسقط فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم وقال علام يقتل أحدكم أخاه هلا بركت فقال ما شاء الله وأمره أن يستغسل له يعني يأتي بالماء ويغسل أطراف قدميه وطرفي رجليه وداخل إزاره ثم يصبها من الخلف عليه ففعل فقام الرجل فكأنما قام من عقال في الواقع نسأل الله السلامة والعافية نعم إذا عرف هذا الحساد يقر لهذا الرجل هذا الرجل الذي أصابه يقر له يستغسل له نعم فاستغتسل ويقرأ عليك الرقية في ماء والناس تجب إذا عرف العائن وأخذ منه شيء من طعام من شرابه أو من أثر الأثر الذي أو الأوانى التي يشرب بها فإنه يستفيد نعم فهذه السورة.
فهذه السورة، تضمنت الاستعاذة من جميع أنواع الشرور، عمومًا وخصوصًا ودلت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره، ويستعاذ بالله منه ومن أهله.
الشيخ: نعم الاستعاذة من جميع أنواع الشرور عموما في قول من شر ما خلق وخصوصا من قول النفاثات في العقد من شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد ودلت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره ويستعاذ بالله منه خلافا لمن قال إنه لا حقيقة له كالأحناف وخلافا لمن أنكره كالمعتزلة الذين أنكروا السحر في الرد على المعتزلة في آخر صفحة تفسير الجلالين قال السيوطي.
قال السيوطي رحمه الله: سورة الفلق
قل أعوذ برب الفلق الصبح
الشيخ: نعم هذا متفق عليه أن المراد بالفلق الصبح لماذا أضيف الرب إليه لما فيه من بديع خلقه سبحانه والدلالة على وحدانية الله واستقلاله بالعبادة.
من شر ما خلق من حيوان مكلف وغير مكلف وجماد كالسم وغير ذلك.
الشيخ: كلمة خلق تشمل الحيوان المكلف كالآدمي وغير المكلف كالحيوانات والجمادات والسموم وغيرها كلها داخلة في هذا نعم.
ومن شر غاسق إذا وقب أي الليل إذا أظلم والقمر إذا غاب.
الشيخ: لأنه تنتشر في الأشياء الشريرة التي اختفت في النهار وتخرج بالليل نعم.
ومن شر النفاثات السواحر تنفث " في العقد " التي تعقدها في الخيط تنفخ فيها بشيء تقوله من غير ريق.
الشيخ: يعني هنا قال النفث هو النفخ بشيء من غير ريق والنفث هو نفخ مع ريق والتفل هو ريق بلا نفخ عندنا نفخ ونفث وتفل ما الفروق بينها النفخ هواء بلا ريق من غير ريق والنفث نفخ مع ريق والتفل ريق بلا نفخ التفل ريق بلا والنفث نفخ مع ريق والنفخ هواء بلا ريق هنا نفث من شر النفاثات يعني هواء مع ريق نعم قد يخرج الإنسان وقد لا يخرج لأن المقصود إذا كان فيه ريق يسمى نفث نعم.
تنفخ فيها بشيء تقوله من غير ريق وقال الزمخشري معه كبنات لبيد المذكور.
الشيخ: لبيد المذكور يقول من اليهود نعم.
ومن شر حاسد إذا حسد أي أظهر حسده وعمل بمقتضاه، كلبيد المذكور من اليهود الحاسدين للنبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: نعم لأنهم أظهروا حسدهم أما إذا أخفى حسده فلم يعمل شيء فلا يضر نعم.
وذكر الثلاثة الشامل لها ما خلق بعده لشدة شرها.
الشيخ: ذكر الثلاثة الغاسق والنفاثات والحاسد من شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات ومن شر حاسد هذه ثلاثة ذكر الثلاثة الشامل لها ما خلق يعني إنه من شر ماخلق تشمل الثلاثة من شر ما خلق تشمل الغاسق وتشمل النفاثات لكن لماذا ذكرت بعدها لشدة شرها لشدة شرها خاصة وإلا فهى داخلة في قوله من شر ما خلق كما سبق من فوائد هذه الآية وجوب الاستعاذة بالله عز وجل وأن الاستعاذة بغير الله فيما لا يقدر عليه غير الله شرك وفيه إثبات ربوبية الله وإثبات ألوهيته وملكه وإثبات السحر وإثبات الخير والشر وإثبات الليل والنهار وأن الله هو الخالق وحده دون ما سواه والرد عل الاتحادية والرد على المعتزلة وغيرهم من أهل البدع وكما سيأتى بمشروعية قراءة قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الناس عند النوم وبعد كل صلاة من الأحكام في الدين السورة الثانية سورة قل أعوذ برب الناس {قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس} في هذه السورة أيضا استعاذة كالسورة الأولى استعاذة الاستعاذة لا تكون إلا بالله تضمنت مستعيذا وهو الرسول عليه الصلاة والسلام وأتباعه ومستعاذا به وهو رب الناس ومالكهم وإلههم ومستعاذ منه هو الوسواس السورة الأولى فيها الاستعاذة برب الفلق من ألابعة شرور من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد وهنا الاستعاذة بثلاث أشياء رب الناس وملك الناس وإله الناس من شر واحد وهو الوسواس يدل على عظم شأن الوسواس قل أعوذ برب الناس رب الناس هو مليكهم والمتصرف فيهم وخالقهم ملك الناس مالكهم والمتصرف فيهم إله الناس معبودهم الحق لك الربوبية والملك والألوهية في آخر سورة في القرآن كما نبه على ذلك الإمام محمد بن عبد الوهاب وذكرها في أول سورة في القرآن وهي الفاتحة الحمد لله رب العالمين لله هذه الألوهيه رب العالمين هذه الربوبية مالك يوم الدين هذا الملك فذكر الألوهية والربوبية والملك في أول سورة في القرآن أول ما يقرأ الإنسان وفي آخر سورة من القرآن هذا يدل على أمر عظيم والعناية في إثبات الربوبية وإثبات الملك وإثبات الألوهية لله عز وجل من أنكر ربوبية الله ممن شذ من المجموعة البشرية فهذا من أعظم الناس كفرا يعني الناس كلهم أقروا بربوبية الله إلا من شذ كالدهريين ومن يقول بالصدفة والطبائعيين فهؤلاء جحدوا ربوبية الله فهم أعظم الناس كفرا ملك الناس إثبات الملك لله عز وجل إثبات الربوبية إثبات الألوهية المستعاذ منه هو الوسواس هو الشيطان الموسوس والوسواس يكون من الجن ويكون من الإنس والموسوس من الجن تكون بلا صوت في الخفاء يلقي في النفس ويوسوس من الإنس بالصوت يزين لك الباطل يأتيك من بنى آدم ويتكلم معك ويحسن لك الباطل فهذا الشيطان إنسي وهل الإنس منهم شياطين شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض كل متمرد يسمى شيطان سواء من الإنس أو من الجن المتمرد من الجن يسمى شيطان ومن أسلم من الجن فلا يسمى شيطان من أسلم من الجن لا يسمى شيطان ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ما منكم من أحد إلا معه قرينه من الجن قالوا وأنت يارسول الله قال نعم ولكن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير فمن أسلم من الجن لا يسمى شيطان ومن لم يسلم يسمى شيطان وكذلك يسمى الشيطان من الإنس متمرد والمتمرد أيضا من الحيوانات يسمى شيطان قال النبي صلى الله عليه وسلم يقطع صلاة المرء المرأة والحمار والكلب الأسود قال أبو هريرة يا رسول الله ما بال الأحمر من الأسود قال الأسود الشيطان الأسود شيطان يسمى شيطان فالشيطان يطلق على المتمرد من الإنس ومن الجن ومن الحيوانات فإذا استعاذ بالله المتصف بهذه الصفات رب الناس وملك الناس وإلههم من شر شيء واحد وهو الوسواس الخناس هذا وصفه يخنس إذا ذكر الله ويختفي ويظهر إذا غفل الإنسان الذي يوسوس في صدور الناس في الصدور يلقي في النفس هذا الشيطان والشيطان الإنسي أمامك يحسن لك الباطل يتكلم معك نعم نقرأ سورة الناس .
قال الإمام المجدد رحمه الله تفسير سورة الناس:
وأما قوله قل أعوذ برب الناس فقد تضمنت أيضا ذكر ثلاثة الأول: الاستعاذة وقد تقدمت.
الشيخ: الاستعاذة هي طلب العوذ والالتجاء والاعتصام التحرز بالله أستعيذ ألوذ وألتجئ وأعتصم وأتحرز بك يا الله من شر الوسواس الثانى
الثانى: المستعاذ به.
الشيخ: وهو الله سبحانه وتعالى نعم.
الثالث: المستعاذ منه فأما المستعاذ به فهو الله وحده لا شريك له رب الناس الذي خلقهم ورزقهم ودبرهم وأوصل لهم مصالحهم ومنع عنهم مضارهم {ملك الناس} أي المتصرف فيهم وهم عبيده ومماليكه المدبر لهم كما يشاء الذي له القدرة والسلطان عليهم فليس لهم ملك يهربون إليه إذا دهمهم أمر يخفض ويرفع ويصل ويقطع ويعطي ويمنع
الشيخ: سبحانه وتعالى هذا هو الرب سبحانه وتعالى هو ملك الناس كما أنه ربهم الذي خلقهم وأوجدهم من العدم فهو ملكهم يتصرف فيهم بما يشاء تنفذ فيهم أحكامه القدرية ولا يستطيع أحد أن يمتنع قدر على الإنسان المرض لابد أن يمرض ولا يمتنع قدر عليه الموت لابد أن يموت قدر عليه المصيبة لا بد أن تحصل المصيبة ما أحد يمتنع لأن حكم الله قدري المقادير تجري على كل إنسان الله يحكم على جميع الناس المؤمنين والكفار والآدميين وغيرهم حكمه القدري مما يقدر عليهم كما أنه سبحانه له الحكم الشرعي وهو ما أنزله في كتبه وعلى ألسنة رسله الأحكام الشرعية يحكم بها الأنبياء وأتباعهم يحكمون بشرع الله هذا حكم الله شرعا قطع يد السارق جلد الجاني ورجمه هذا حكم شرعي الموت الذي أصاب فلان والمرض هذا حكم قدري لا دخل فيه بقي الحكم الجزائي يوم القيامة يحكم الله فيهم يجازيهم على أعمالهم بنفسه سبحانه وتعالى يوم القيامة لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب هذه أحكام الله في عباده أحكام قدرية تنفذ فيهم في الدنيا وأحكامه الشرعية ما شرعه من الأحكام في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وأحكامه الجزائية يوم القيامة يحكم فيهم وهو المتصرف فيهم سبحانه وتعالى وهم عبيده وهو مليكهم وهو المدبر لهم كما يشاء والذي له القدرة والسلطان عليهم ولا يستطيعون أن يهربوا {يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان} لا ملجأ من الله إلا إليه ولا يهرب من الله إلا إلى الله إليه المرجع إليه ترجعون إذا دهم أمر يهربون إلى الله يخفض ويرفع يخفض أقواما ويرفع أقواما ويصل ويقطع ويعطي ويمنع سبحانه وتعالى نعم.
{إِلَهِ النَّاسِ}أي معبودهم الذي لا معبود لهم غيره، فلا يُدْعَى ولا يُرْجَى ولا يَخْلُقُ إلا هو سبحانه، فخلقهم وصوّرهم وأنعم عليهم وحماهم مما يضرهم بربوبيته، وقهرهم وأمرهم ونهاهم، وصرفهم كما يشاء بملكه، واستعبدهم بالهيبة الجامعة لصفات الكمال كلها.
الشيخ: نعم إله الناس أي معبودهم الذي لا معبود لهم غيره فلا يدعى ولا يرجى إلا الله ولا يخلق إلا الله الله تعالى هو الذي خلقهم وصورهم وأنعم عليهم وحماهم مما يضرهم بربوبيته كلها داخلة تحت ربوبية الله وملكه وقهرهم وأمرهم قهرههم وأمرهم ونهاهم وصرفهم كما يشاء بملكه إذا خلقهم وصورهم وأنعم عليهم وحماهم بربوبيته وقهرهم وأمرهم ونهاهم وصرفهم كما يشاء بحكمته واستعبدهم بإلهيته الجامعة لصفات الكمال طلب منهم وأمرهم أن يعبدوه نعم هذا مع إله الناس نعم.
وأما المستعاذ منه فهو الوسواس وهو الخفي الإلقاء في النفس، إما بصوت خفي لا يسمعه إلا من ألقي إليه، وإما بلا بصوت كما يوسوس الشيطان إلى العبد.
الشيخ: نعم هذ المستعاذ منه الوسواس الخفي الإلقاء في النفس يلقي في النفس إما بصوت خفي لا يسمعه إلا الشخص الذي يلقي إليه وإما بلا صوت كما يوسوس الشيطان إلى العبد يلقي يعني قد يكون بصوت خفي ما يسمعه إلا الشخص يقول وكذا افعل كذا لا تفعل كذا يوسوس من شدة الوسواس قد يسمعه وقد لا يسمع يكون بلا صوت يوسوس يلقي في النفس يلقي في النفس بدون صوت يلقي في النفس كذا يزين له المعصية يزين له كذا يأمره بكذا يلقي في نفسه أن يذهب كذا أن يفعل كذا الشيء يلقي في النفس وقد يزيد الأمر فيكون بصوت لكن هذا الصوت مايسمعه إلا هو بجواره فقط أحد ما يسمعه إما بصوت وإما بدونه إما بصوت خفي لا يسمعه إلا من ألقى فيه وإما بلا صوت كما يوسوس العبد للعبد انساق به نعوذ بالله هذا يدل إذا دل على شدة الأمر الأمر شديد هذا إذا كان من الجن وإذا كان من الإنس كذلك فلهذا انظر الآن الاستعاذة بالله {قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس}من شر واحد وهو الوسواس أما السورة الأولى الاستعاذة برب الفلق من أربعة أشياء برب الفلق من شر حاسد من شر ما خلق ومن شر غاسق ومن شر النفاثات ومن شر حاسد مستعاذ به واحد وصف واحد رب الفلق أما السورة الثانية مستعاذ به متصف بثلاث صفات رب الناس وملك الناس وإله الناس من شر واحد الوسواس يدل على شدة الخطر خطر عظيم الوساوس لها آثار كما ترون لها آثار عظيمة والشيطان أقسم بأنه سيبذل جهده ووسعه في إهلاك بنى آدم إلا عباد الله المخلصين
وأما المستعاذ منه فهو الوسواس; وهو الخفي الإلقاء في النفس، إما بصوت خفي لا يسمعه إلا من ألقي إليه، وإما بلا بصوت كما يوسوس الشيطان إلى العبد.
وأما الخناس فهو الذي يخنس ويتأخر ويختفي، وأصل الخنوس الرجوع إلى وراء، وهذان وصفان لموصوف محذوف وهو الشيطان.
الشيخ :نعم من شر الوسواس من شر الشيطان الوسواس الخناس الشيطان موصوف بوصفين وسواس وخناس الوسواس الخناس هو الشيطان هو واحد قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الشيطان الوسواس هذا التقدير تقدير من شر الشيطان الوسواس الخناس الشيطان الذي وصفه الوسواس والخناس ثم الوسواس لأنه يوسوس يلقي في النفس بصوت أو بلا صوت وسمي خناس لأنه يخنس ويتأخر لأنه يتأخر ويرجع إلى الوراء إذا ذكر الله وإذا غفل جثم على قلبه وبدا له فيه الوساوس وألقى فيه فإذا غفل خرج وألقاه إذا ذكر الله خنس وتأخر وأبعد فإذا كان الإنسان دائم على الذكر صار الشيطان لا سلطان عليه وأما الخناس.
وأما الخناس فهو الذي يخنس ويتأخر ويختفي، وأصل الخنوس الرجوع إلى وراء، وهذان وصفان لموصوف محذوف وهو الشيطان.
الشيخ: هذان وصفان الوسواس والخناس يعني الوسواس وصف والخناس وصف والموصوف محذوف تقديره الشيطان نعم.
وذلك أن العبد إذا غفل جثم على قلبه وبذل فيه الوساوس التي هي أصل الشر فإذا ذكر العبد ربه واستعاذ به خنس.
قال قتادة: الخناس له خرطوم كخرطوم الكلب، فإذا ذكر العبد ربه خنس، ويقال: رأسه كرأس الحية يضعه على ثمرة القلب يمنيه ويحدثه، فإذا ذكر الله خنس وجاء بناؤه على الفعال الذي يتكرر منه، فإنه كلما ذكر الله انخنس، وإذا غفل عاد.
الشيخ: نعم نسأل الله السلامة والعافية الخناس له خرطوم كخرطوم الكلب إذا ذكر العبد ربه خنس ويقال رأسه كرأس الحية يضعه على ثمرة القلب يمنيه ويحدثه فإذا ذكر الله خنس ابتعد وأبعد فإذا غفل خرج ونفث ما فيه من الشر جاء من فعال يعني خناس فعال لأنه يتكرر منه الخنوس يتأخر ويرجع على حسب ذكره ذكر الله خنس وإذا غفل خرج وهكذا استمرار الجهاد مع النفس إذا غفلت خرج وإذا ذكر الله خنس وهكذا نسأل الله السلامة والعافيه فإنه كلما ذكر الله خنس وإذا غفل عاد ورجع نعم.
وقوله: {من الجنة والناس}يعني أن الوسواس نوعان: إنس وجن؛ فإن الوسوسة الإلقاء الخفي، لكن إلقاء الإنس بواسطة الأذن والجني لا يحتاج إليها.
الشيخ :نعم الوسواس نوعان من الإنس ومن الجن الوسوسة الإلقاء الخفي لكن إلقاء الإنس بواسطة الأذن يأتي يتكلم معك تسمعه والجني لا يحتاج إلى أذن يلقي في القلب الجني ما يحتاج يلقي في القلب والإنسي يلقي في الأذن وكل منهما وسواس كل منهما يلقي في وجه الخفاء هذا الإنسي يأتيك كأنه ناصح لك كأنه يحب لك الخير نذهب إلى كذا نعمل كذا نذهب إلى المكان الفلاني معصية نفعل كذا ويأتيك ويزين لك الباطل تسمعه بأذنك ويؤثر عليك حتى يستقر هذا الكلام في نفسك فتوافقه وأما الجني فإنه يلقي في النفس مباشرة في القلب مباشرة بدون أذن ما يحتاج إلى أذن سبق أنه قد يكون بصوت قد يكون بصوت خفي وقد يكون بلا صوت قد يكون بصوت خاص لا يسمعه إلا هو وقد يكون بلا صوت يلقي في النفس أما الإنسي فيكون بواسطة الأذن تسمعه اشتركا في أن كل منهما في الوسوسة وهو الإلقاء الخفي اشترك الجني والإنسي في الوسوسة كل منهما يسمى وسواس لأنه يلقي في الخفاء لكن هذا الخفاء يكون من الإنسي يكون بواسطة الأذن يكون من الجني بواسطة الإلقاء في القلب أو بالصوت الخفي الذي لا يسمعه إلا هو نعم.
ونظير اشتراكهما في الوسوسة اشتراكهما في الوحي الشيطاني.
في قوله {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون} والله أعلم.
الشيخ: يعني اشتركا الجني والإنسي في الوسوسة وهي الإلقاء الخفي وكذلك اشتركا في الوحي الجني والإنسي يوحي بعضهم إلى بعضهم زخرف القول غرورا شياطين الجن والإنس يوحي بعضهم إلى بعض إذا الشيطان له وحي والإنسان له وحي اشتركا في الوحي وهذا الوحي زخرف القول غرورا يغرون به فاشتركا في الوحي واشتركا في الوسوسة الشياطين تشابهت قلوبهم لأنهم كلهم هدفهم واحد وهو الشر فاشتركا في الوسوسة والإلقاء في النفس واشتركا في الوحي نعم.
والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
الشيخ: نعم سورة الناس في تفسير الشيخ عبد الرحمن السعدى .
قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تفسير سورة الناس وهي مدنية:
وهذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس ومالكهم وإلههم، من الشيطان الذي هو أصل الشرور كلها ومادتها، الذي من فتنته وشره، أنه يوسوس في صدور الناس، فيحسن لهم الشر، ويريهم إياه في صورة حسنة، وينشط إرادتهم لفعله، ويقبح لهم الخير ويثبطهم عنه، ويريهم إياه في صورة غير صورته، وهو دائمًا بهذه الحال يوسوس ويخنس أي: يتأخر إذا ذكر العبد ربه واستعان على دفعه.
الشيخ: نعم يقول المؤلف هذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس ومالكهم وإلههم مستعاذ برب الناس متصف بهذه الصفات رب الناس ومالكهم وإلههم من الشيطان الذي هو أصل الشرور كلها ومادتها الشيطان أصل كل شر ومادة كل شر الذي من فتنته وشره أنه يوسوس في صدور الناس يوسوس في صدور الناس يعني في أمر داخل النفس لا يعلم عنه أحد ولا تستطيع أن تدفعه إلا بالاستعاذة بالله لو كان تكلم وعندك أحد يمكن أن تستعين فيساعدك في دفعه وإبعاده عنك لكن ما في حيلة هذا يوسوس في صدور الناس داخل النفس لا يعلم عنه إلا أنت أنت الذي تتأثر فما بقي إلا الاستعاذة بالله من شره وهو الذي يقدر على دفعه الذي من فتنته وشره أنه يوسوس في صدور الناس فيحسن لهم الشر هذا من وسوسته ويريهم إياه في صورة حسنة يرى أن كذا فيه راحة للإنسان وفيه إزالة لهمومه يسمع الغناء يذهب يشرب الخمور فيه راحة لنفسه يمنيه ويوعده فيه راحة ترتاح من الهموم وترتاح من الغموم ترتاح من الناس ما تدري عن شيء وهكذا يحسن لهم الشرور ويريهم إياه في صورة حسنة وينشط إرادتهم لفعله أيضا يحثهم على فعله ينشطهم إلى فعله تجد العاصى عنده نشاط وعنده قوة هذا من الشيطان ينشطه حتى يفعل الباطل وينشطهم لفعله ويقبح لهم الخير ويثبطهم عنه يثبطهم عن الخير إذا جئت وأنت تقرأ القرآن خليك الآن تستفيد تريح نفسك الآن تتمشى وتذهب هكذا يثبطهم عن فعل الخير ويريهم إياه في صورة غير صورته الحسنة قال وهو دائم بهذه الحال يوسوس ويخنس يخنس يعنى يتأخر إذا ذكر العبد ربه استعان على دفعه مد وجزر إذا استعان الإنسان بربه خنس وذكر الله إذا غفل الإنسان قام ووسوس ووضع خرطومه وهكذا بين مد وجزر فهنا جهاد فلابد من الجهاد والاستمرار على ذكر الله عز وجل والاستعاذة بالله والالتجاء إلى الله والاعتصام به ولهذا قال المؤلف فينبغى له.
فينبغي له أن يستعين ويستعيذ ويعتصم بربوبية الله للناس كلهم.
الشيخ: نعم ينبغي أن يستعين ويستعيذ ويعتصم بربوبية الله فالله رب الناس يستعين ويستعيذ ويعتصم بربوبية الله ومن استعان بالله أعانه ومن استعاذ بالله أعاذه ومن اعتصم بالله عصمه نعم.
وأن الخلق كلهم، داخلون تحت الربوبية والملك، فكل دابة هو آخذ بناصيتها.
الشيخ: نعم الخلق كلهم داخل تحت ربوبية الله وملكه كل الخلق داخل تحت ربوبيته ما في أحد يخرج عن ربوبية الله لأن الربوبية يعني أن الله خلقهم في أحد ماخلقه الله ما في في أحد يخلق مع الله لا أفمن يخلق كمن لا يخلق فالله تعالى هو الخالق لهذا المخلوق وهو المالك له والمتصرف فيه في أحد يتصرف فيه غير الله إذا تتوسل إلى الله وتستعيذ بالله بربوبية الله وألوهيته وملكه فهو المالك وهو الخالق وهو المدبر وكذلك بألوهيته وبألوهية الله.
وبألوهيته التي خلقهم لأجلها، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم، الذي يريد أن يقتطعهم عنها ويحول بينهم وبينها ويريد أن يجعلهم من حزبه ليكونوا من أصحاب السعير.
الشيخ :نعم ألوهية الله التي خلقك من أجلها يعني تستعيذ بربوبية الله وملكه وألوهيته ألوهية الله التي خلقهم من أجلها خلق الله الجن والإنس لعبوديته {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} لا تتم لهم هذه العبودية إلا بدفع شر عدوهم الذي يريد أن يقتطعهم عنها ويحول بينهم وبينها ويريد أن يجعلهم حزبه يعني الله تعالى خلقنا لعبادته لنعبده ولنألهه بأسمائه وصفاته لا يتم هذا إلا بدفع شر عدونا الذي يريد أن يقتطع عنا ويحول بيننا وبينه ويريد أن يجعلنا من حزبه {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير نعم}.
والوسواس كما يكون من الجن يكون من الإنس، ولهذا قال: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}.
الشيخ: نعم الوسواس يكون من الجن ويكون من الإنس كما سبق ووسوسة الجني إما بصوت خفي لا يسمعه إلاه وإما بإلقاء في النفس وسوسة الإنسي بواسطة الأذن تحسين الباطل وتزيينه والتثبيط عن الخير وتقبيحهه نعم.
والحمد لله رب العالمين أولا وآخرا وظاهرا وباطنا ونسأله تعالى أن يتم نعمته وأن يعفو عنا ذنوبا لنا حالت بيننا وبين كثير من بركاته وخطايا وشهوات ذهبت بقلوبنا عن تدبر آياته ونرجوه ونأمل منه ألا يحرمنا خير ما عنده بشر ما عندنا فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ولا يقنط من رحمته إلا القوم الضالون وصلى الله وسلم على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين صلاة وسلاما دائمين متواصلين أبد الأوقات والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
الشيخ: نعم سورة الناس تفسير السيوطي تفسير السيوطي.
قال السيوطي رحمه الله سورة الناس:
قل أعوذ برب الناس خالقهم ومالكهم خصوا بالذكر تشريفا لهم ومناسبة للاستعاذة من شر الموسوس في صدورهم.
الشيخ: نعم قول أعوذ برب الناس فسره بخالقهم ومالكهم يعني هو المتصرف فيهم والخالق المالك المدبر المتصرف هذا الرب سبحانه وخصوا بالذكر الناس لماذا خصوا الناس قال تشريفا لهم الناس أشرف المخلوقات في البشر ومناسبة للاستعاذة من شر الموسوس في صدورهم يعني لأمرين أمر يخص بالذكر تشريفا لهم ومناسبة للاستعاذة من شر الموسوس في صدورهم نعم.
ملك الناس إله الناس بدلان أو صفتان أو عطفا بيان وأظهر المضاف إليه فيهما.
الشيخ: إله الناس بدلان أو وصفان قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس هذا بدل من رب الناس رب الناس هو ملك الناس وإله الناس أو صفتان وصفه إله الناس ملك الناس إله الناس أو عطفها عطف بيان يعني يبين قل أعوذ برب الناس يعني ملك الناس إله الناس ملك الناس إله الناس بدلان من رب الناس أو وصفان أو عطفا بيان نعم.
وأظهر المضاف إليه فيهما زيادة للبيان.
الشيخ: نعم أظهر المضاف إليهما فيهما زيادة للبيان قل أعوذ برب الناس ملك الناس أظهر المضاف رب الناس ملك الناس إلههم إنما يقول قل أعوذ برب الناس ملكهم وإلههم قال أتى رب الناس ملك الناس أظهرها جاء بالاسم المظهر بدل الضمير يقول أعوذ برب الناس ملكهم وإلههم أو بالرب رب الناس ملكهم وإلههم قال ملك الناس إله الناس أتى بالمظهر بدل المضمر هذا ما أظهر المضاف زيادة للبيان والإيضاح نعم.
من شر الوسواس الشيطان سمي بالحدث لكثرة ملابسته له.
الشيخ: الوسواس هو الشيطان لمذا سمي وسواس الوسوسة حدث أليس كذلك حدث من الأحداث عمل لماذا لم يقل من شر الشيطان قال من شر الوسواس أتى بالحدث قال لكثرة ملابسته به لكثرة الملابسة بالوسوسة سمي بالوسواس ولم يقل من شر الشيطان قال من شر الوسواس والوسواس حدث لكثرة ملابسته له وكثرة الوسوسة نعم.
" الخناس " لأنه يخنس ويتأخر عن القلب كلما ذكر الله.
الشيخ: نعم يخنس ويتأخر كلما ذكر الله وإذا غفل ظهر يختفى عند الذكر ويظهر عند الغفلة نعم .
الذي يوسوس في صدور الناس قلوبهم إذا غفلوا عن ذكر الله.
الشيخ: فسر الصدور بالقلوب قلوبهم والقلوب في الصدور نعم.
من الجنة والناس بيان للشيطان الموسوس أنه جني وإنسي كقوله تعالى: " شياطين الإنس والجن " أو من الجنة بيان له والناس عطف على الوسواس.
الشيخ: يعني يقول من الجنة والناس بيان للشيطان الموسوس أنه نوعان جني وإنسي كقوله تعالى: " شياطين الإنس والجن" أو من الجنة بيان له والناس عطف الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة هذا بيان والناس عطف على الوسواس الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس والناس يكون عطف على من شر الوسواس والناس ومن الجنة بيان له فالأول أولى الأولى أنه نعم لأن شر الموسوس يشترك فيه الجني والإنسي نعم.
وعلى كل يشتمل شر لبيد وبناته المذكورين، واعترض الأول بأن الناس لا يوسوس في صدورهم الناس إنما يوسوس في صدورهم الجن، وأجيب بأن الناس يوسوسون أيضا بمعنى يليق بهم في الظاهر حتى تصل وسوستهم إلى القلب وتثبت فيه بالطريق المؤدي إلى ذلك والله تعالى أعلم.
الشيخ: نعم الموسوسون يحسن الشر ويزينه ثم يصل إلى القلب تصل هذه الوسوسة إلى القلب إذا اقتنع تصل إلى القلب نسأل الله السلامة والعافية.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على نبينا ورسولنا محمد وعل آله وصحبه أجمعين أما بعد فالحافظ ابن كثير رحمه الله ذكر الأحاديث في الواردة في هاتين السورتين وذكر خلاف ابن مسعود رضي الله عنه لما عليه الجمهور وأن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يرى أنهما ليستا من القرآن ولا يختم بهما المصحف واعتذر عنه الحافظ قال أما أنه لم يبلغها أو أنه رجع عن قوله وأما الصحابة أصروا على أنهما سورتان من القرآن وثبتت الأحاديث في هذا كذلك ذكر الأحاديث الواردة في فضلهما هاتين السورتين ورد في الأحاديث أنهما تقرآن بعد كل صلاة وأنهما من أذكار الصباح والمساء تقرآن كل واحدة تقرأ ثلاث مرات فسورة الفلق وسورة الناس يشرع قراءتهما بعد كل صلاة ويشرع قراءتهما في أذكار الصباح وأذكار المساء يعني بعد العصر وبعد الفجر ثلاث مرات كل واحدة تقرأ ثلاث مرات نعم.
قال الحافظ أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير رحمه الله تفسير سورتي المعوذتين وهما مدنيتان:
قال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش قال: قلت لأبي بن كعب إن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه فقال أشهد أن رسول الله صلي الله عليه وسلم أخبرني أن جبريل عليه السلام قال له: قل " أعوذ برب الفلق " فقلتها قال: " قل أعوذ برب الناس " فقلتها فنحن نقول ما قال النبي صلي الله عليه وسلم.
الشيخ: نعم إذا هذا الحديث فيه أن أبي بن كعب قال أشهد بالله أو أشهد أن رسول الله أخبرنى أن جبريل قرأ بهما يدل على أن السورتين ثابتتان نعم ورواه.
ورواه أبو بكر الحميدي في مسنده عن سفيان بن عيينة قال حدثنا عبدة بن أبي لبابة وعاصم بن بهدلة أنهما سمعا زر بن حبيش قال سألت أبي بن كعب عن المعوذتين فقلت يا أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يحكهما من المصحف فقال: إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " قيل لي قل فقلت " فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: عاصم بن بهدلة فيه كلام يسير لكنه مقرون بعبدة بن أبى لبابة نعم
وقال أحمد حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن عاصم عن زر قال سألت ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن المعوذتين فقال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عنهما فقال " قيل لي فقلت لكم فقولوا " قال أبي فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم فنحن نقول وقال البخاري حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان حدثنا عبدة بن أبي لبابة عن زر بن حبيش وحدثنا عاصم عن زر قال سألت أبي بن كعب فقلت أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا فقال إني سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال " قيل لي فقلت" فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه البخاري وأيضا والنسائي عن قتيبة عن سفيان بن عيينة عن عبدة وعاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب به .
الشيخ: نعم إذا الحديث ثابت رواه البخارى ما فيه إشكال أنهما سورتان ثابتتان أما عبد الله بن مسعود لا يحمل هذا على أنه ما بلغه خفي عليه أنهما سورتان والحافظ اعتذر قال ولعله رجع عن ذلك كون ابن مسعود ما يرى أنهما سورتان لا يؤثر لما عليه جماهير الصحابة أجمع الصحابة على أنهما سورتان والنصوص واضحة الآن أنهما سورتان وكذلك أيضا أجمع التابعون ومن بعدهم من أهل العلم على أنهما سورتان وأجمع المسلمون عليهم.
وقال الحافظ أبو يعلى حدثنا الأزرق بن علي حدثنا حسان بن إبراهيم حدثنا الصلت بن بهرام عن إبراهيم عن علقمة قال كان عبد الله يحك المعوذتين من المصحف ويقول إنما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ بهما ولم يكن عبد الله يقرأ بهما ورواه عبد الله بن أحمد من حديث الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال كان عبد الله يحك المعوذتين من مصاحفه ويقول إنهما ليستا من كتاب الله قال الأعمش وحدثنا عاصم عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب قال سألنا عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قيل لي فقلت " وهذا مشهور عند كثير من القراء والفقهاء.
الشيخ يعني هذا مبلغ علمه هذا الذي بلغه اجتهاد منه هذا الذي بلغه لكن الصحابة بلغهم أنهم سورتان ومن حفظ حجة على من لم يحفظ والمثبت مقدم على النافي وهذا مثل ما النبى صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة وصلى فيها دخل الكعبة وصلى في نواحيها وكان النبي دخل هو وبلال وحاجب الكعبة وعبد الله بن عمر ما دخل فقال البعض النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلي في الكعبة وقال بلال وعبدالله بن عمر وابن عباس أحدهما قال إنه صلى والآخر قال لم يصل ومن حفظ حجة على من لم يحفظ فقال أنه صلى لأن بلال أخبر بأنه صلى في الكعبة فالقاعدة عند أهل العلم أن المثبت مقدم على النافي قاعدة ومن حفظ حجة على من لم يحفظ من الصحابه وغيرهم المثبت مقدم على النافي لأن المثبت معه زيادة علم خفيت على النافي وكذلك من حفظ حجة على من لم يحفظ عبد الله بن مسعود خفي عليه خفي عليه كما ذكر الحافظ الآن نعم.
وهذا مشهور عند كثير من القراء والفقهاء أن ابن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه فلعله لم يسمعهما من النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتواتر عنده ثم لعله قد رجع عن قوله ذلك إلى قول الجماعة فإن الصحابة رضي الله عنهم كتبوهما في المصاحف الأئمة ونفذوها إلى سائر الآفاق كذلك ولله الحمد والمنة.
الشيخ: يعني هذا مشهور عند كثير من الفقهاء والقراء أن ابن مسعود كان لا يكتب المعوذتين ولا يرى أنهما من القرآن فقال الحافظ فلعله لم يسمعهما من النبى صلى الله عليه وسلم لكن سمعهما من غيره ولم يتواتر عنده ثم لعله قد رجع عن ذلك إلى قول الصحابة لأن الصحابة أجمعوا مصاحف الأمة التي كتبها عثمان رضي الله عنه فإن عثمان رضي الله عنه جمع المصحف جمع المصحف مرتين مرة في زمن أبى بكر والمرة الثانية في زمن عثمان في زمن أبى بكر جمع المصحف وكان يشمل الحروف السبع كلها ثم صار المصحف عند عمر ثم صار عند حفصة رضي الله عنها ثم في زمان عثمان رضي الله عنه حصل خلاف بين الصحابه في بعض الغزوات فجاء حذيفة بن اليمان رضي الله عنه إلى عثمان قال يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن تختلف في ذي الكتاب كما اختلف اليهود والنصارى وكان يغازي في أرمينيا وأذربيجان وسمع بعض الصحابة يقول المصحف فيه كذا مصحفك وليس فيه كذا فأمر عثمان رضي الله عنه بجمع المصحف وجمع مرة ثانية على حرف واحد هو الحرف الذي كان في العرضة الأخيرة عرضة جبريل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو حرف قريش وأمر أن يحرق بقية المصاحف وكتبت سبعة مصاحف تسمى مصحف الإمام خاصة بالأئمة جعل في المدينة مصحف وأرسل إلى مكة مصحف وإلى البصرة مصحف وإلى مكة مصحف وإلى مصر مصحف وهكذا سبعة مصاحف تسمى الأئمة مصحف الإمام فالصحابة أجمعوا على هذا ونفذوها وكتبوا هاتين السورتين ونفذوها إلى سائر الآفاق أما عبد الله بن مسعود فخفيت عليه السنة في هذا ولا عبرة لمن خفي عليه والحافظ يقول أيضا لعله قد رجع إلى قول الصحابة نعم.
وقد روى مسلم في صحيحه حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن بيان عن قيس بن أبي حازم عن عقبة بن عامر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط " قل أعوذ برب الفلق" و " قل أعوذ برب الناس "
الشيخ: نعم وهذا في صحيح مسلم ثابت لم ير آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن إذا هي آيات من القرآن ابن مسعود يقول ليستا من القرآن يعني تقرآن كأنهما أذكار والحديث صريح في أنهما آيات أنزلت آيات هذه الليلة لم ير مثلهن.
ورواه أحمد ومسلم أيضا والترمذي والنسائي من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن عقبة به وقال الترمذي حسن صحيح : " طريق أخرى " قال الإمام أحمد حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا ابن جابر عن القاسم أبي عبد الرحمن عن عقبة بن عامر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال بينا أنا أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم في نقب من تلك النقاب إذ قال لي " يا عقبة ألا تركب" قال فأجللت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أركب مركبه فقال " يا عقيب ألا تركب" قال فأشفقت أن تكون معصية قال فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وركبت هنيهة ثم ركب ثم قال " يا عقيب ألا أعلمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس " قلت بلى يا رسول الله فأقرأني" قل أعوذ برب الفلق " و " قل أعوذ برب الناس" ثم أقيمت الصلاة فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ بهما ثم مر بي فقال " كيف رأيت يا عقيب اقرأ بهما كلما نمت وكلما قمت" ورواه النسائي من حديث الوليد بن مسلم وعبد الله بن المبارك كلاهما عن ابن جابر به ورواه أبو داود.
الشيخ: إذا ثابت الحديث ثابت في صحيح مسلم وفي مسند الترمذي وسنن النسائى نعم.
ورواه أبو داود والنسائي أيضا من حديث ابن وهب عن معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن القاسم بن عبد الرحمن عن عقبة به " طريق أخرى " قال أحمد حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا سعيد بن أبي أيوب قال حدثني يزيد بن عبد العزيز الرعيني وأبو مرحوم عن يزيد بن محمد القرشي عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات في دبر كل صلاة ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من طرق عن علي بن أبي رباح وقال الترمذي غريب. " طريق أخرى ".
الشيخ: يعني كل هذه الطرق يقوي بعضها بعضا وثابت في صحيح مسلم ولا شك في أنهما سورتين ليس هناك شك ولا ريب وكون ابن مسعود خفي عنه ليس له تأثير
" طريق أخرى " قال أحمد حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا ابن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " اقرأ بالمعوذتين فإنك لن تقرأ بمثلهما " تفرد به أحمد " طريق أخرى " قال أحمد حدثنا حيوة بن شريح حدثنا بقية حدثنا بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن عقبة بن عامر أنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهديت له بغلة شهباء فركبها فأخذ عقبة يقودها له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ " قل أعوذ برب الفلق " فأعادها له حتى قرأها فعرف أني لم أفرح بها جدا فقال لعلك تهاونت بها ؟ فما قمت تصلي بشيء مثلها " ورواه النسائي عن عمرو بن عثمان عن بقية به ورواه النسائي أيضا من حديث الثوري عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عقبة بن عامر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المعوذتين فذكر نحوه " طريق أخرى " قال النسائي أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا المعتمر سمعت النعمان عن زياد أبى الأسد عن عقبة بن عامر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الناس لم يتعوذوا بمثل هذين " قل أعوذ برب الفلق " و " قل أعوذ برب الناس " . " طريق أخرى " قال النسائي أخبرنا قتيبة قال حدثنا الليث عن أبي عجلان عن سعيد المقبري عن عقبة بن عامر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " يا عقبة قل " قلت ماذا أقول؟ فسكت عني ثم قال " قل " قلت ماذا أقول يا رسول الله؟ فسكت عني فقلت اللهم اردده علي فقال " يا عقبة قل قلت ماذا أقول يا رسول الله؟ قال " قل أعوذ برب الفلق " فقرأتها حتى أتيت على آخرها ثم قال " قل " قلت: ماذا أقول يا رسول الله قال: " قل أعوذ برب الناس " فقرأتها حتى أتيت على آخرها ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك " ما سأل سائل بمثلهما ولا استعاذ مستعيذ بمثلهما ".
السيخ: نعم كل هذه النصوص واضحة في أنهما سورتان من القرآن.
" طريق أخرى " قال النسائي أخبرنا محمد بن يسار حدثنا عبد الرحمن حدثنا معاوية عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بهما في صلاة الصبح.
الشيخ: وهذا في السفر نعم الشاهد أنه قرأ بهما في الصلاة فدل على أنهما من القرآن ولو كانتا من غير القرآن كما يظن ابن مسعود لما صح ما جاز قراءتهما في الصلاة الأذكار لا تقرأ في الصلاة نعم.
" طريق أخرى " قال النسائي أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي عمران أسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال اتبعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راكب فوضعت يدي على قدميه فقلت أقرئني سورة هود أو سورة يوسف فقال " لن تقرأ شيئا أنفع عند الله من " قل أعوذ برب الفلق " " حديث آخر " قال النسائي أخبرنا محمود بن خالد حدثنا الوليد حدثنا أبو عمرو الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أبي عبد الله عن ابن عائش الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له " يا ابن عائش ألا أدلك أو ألا أخبرك بأفضل ما يتعوذ به المتعوذون ؟ " قال بلى يا رسول الله قال " قل أعوذ برب الفلق " و " قل أعوذ برب الناس" هاتان السورتان فهذه طرق عن عقبة كالمتواترة عنه تفيد القطع عند كثير من المحققين في الحديث.
الشيخ: نعم هذا كلام الحافظ صحيح هذه الطرق عن عقبة كالمتواتر تفيد القطع عند كثير من المحققين لا شك أن كثير من المسلمين يقطعون بذلك نقطع بهذا وليس هناك شك ولا غيب ولا يعرف أن عبد الله بن مسعود خالف في هذا وإن كان له فضله ومكانته ولكن قد يخفى على الكبير شيء قد يخفى على الكبير شيء الصديق رضي الله عنه خفي عليه ميراث الجدة لما جاءت تطلب ميراثها فقال لا أعلم لك شيئا في كتاب الله ولا أملك لك شيئا في سنة رسول الله وسأسأل الناس سأل الناس فأخبروه أن النبي قضى للجدة بالسدس كذلك القرآن لما جمع جمع يزيد وغيره كانوا لا يكتبون السورة حتى يرونها مكتوبة ومحفوظة فبقيت آية عند خزيمة بن ثابت فلم يجدوها عند غيره "قد جاءكم رسول من أنفسكم" حتى وجدوها مكتوبة فكتبوها المقصود أن هذا متواتر كذلك المتواتر الصحابة كلهم متفقون على هذا كون شخص واحد يخفى عليه لا يؤثر نعم.
وقد تقدم في رواية صدي بن عجلان وفروة بن مجاهد عنه " ألا أعلمك ثلاث سور لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلهن" قل هو الله أحد - وقل أعوذ برب الفلق - وقل أعوذ برب الناس ".
الشيخ: نعم لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثله صريح في أنها منزلة أنها منزلة في القرآن نعم.
" حديث آخر " قال الإمام أحمد حدثنا إسماعيل قال حدثنا الجريري عن أبي العلاء قال قال رجل كنا مع: رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر والناس يعتقبون وفي الظهر قلة
الشيخ: في الظهر يعني مركوب وهي الإبل في الظهر قلة يعني قليلة الإبل قليلة عندهم كان الناس يعتقبون يعني الإبل قليلة ما كل أحد معه بعير يعتقبون يعني كل ثلاثة يتعاقبون واحد يركب واثنان يمشون أو اثنان يركبان وواحد يمشي ثم ينزل واحد من الراكبين ويركب الماشي وهكذا يتعاقبون اثنين ثلاثة هذا أقل مركوب المركوب الإبل لكن فيها قلة فيعتقبون في الظهر قلة يعني الظهر الإبل التي هي الوسيلة للسفر نعم.
والناس يعتقبون وفي الظهر قلة فحانت نزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلتي فلحقني فضرب من بعدي منكبي فقال " قل أعوذ برب الفلق" فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأتها معه ثم قال " قل أعوذ برب الناس " فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأتها معه ثم قال إذا صليت فاقرأ بهما" الظاهر أن هذا الرجل هو عقبة بن عامر والله أعلم.
. الشيخ: نعم كما ثبت في الأحاديث السابقة
ورواه النسائي عن يعقوب بن إبراهيم عن ابن علية به " حديث آخر " قال النسائي أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر عن عبد الله بن سعيد حدثني يزيد بن رومان عن عقبة بن عامر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن عبد الله الأسلمي هو ابن أنيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده على صدره ثم قال" قل " فلم أدر ما أقول ثم قال لي " قل " قلت " قل هو الله أحد " ثم قال لي قل قلت " أعوذ برب الفلق من شر ما خلق " حتى فرغت منها ثم قال لي قل قلت " قل أعوذ برب الناس " حتى فرغت منها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هكذا فتعوذ ما تعوذ المتعوذون بمثلهن قط " " حديث آخر " قال النسائي أخبرنا عمرو بن علي أبو حفص حدثنا بدل حدثنا شداد بن سعيد أبو طلحة عن سعيد الجريري قال حدثنا أبو نضرة عن جابر بن عبد الله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " اقرأ يا جابر " قلت وما أقرأ بأبي أنت وأمي ؟ قال اقرأ" قل أعوذ برب الفلق "و" قل أعوذ برب الناس" فقرأتهما فقال " اقرأ بهما ولن تقرأ بمثلهما" وتقدم حديث عائشة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهن وينفث في كفيه ويمسح بهما رأسه ووجهه وما أقبل من جسده.
الشيخ: وهذا في مرضه عليه الصلاة والسلام كان النبي يقرأ بهن وينفث في كفيه ويمسح بهما رأسه ووجه وما أقبل من جسده هذا في حال الصحة وفي حال مرضه كانت عائشة رضي الله عنها تقرأ في كفي النبي صلى الله عليه وسلم وتمسح جسده بيديه قالت ترجو بركتهما ذلكم بيدها كل هذا يدل على ثبوت أن هاتين السورتين من القرآن نعم.
وقال الإمام مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده عليه رجاء بركتها ورواه البخاري عن عبد الله بن يوسف، ومسلم عن يحيى بن يحيى وأبو داود عن القعنبي والنسائي عن قتيبة ومن حديث ابن القاسم وعيسى بن يونس وابن ماجة من حديث معن وبشر بن عمر ثمانيتهم عن مالك به. وتقدم في آخر سورة "ن"
الشيخ: هنا ذكر في الحاشية رواه مالك في الموطأ وصحيح البخارى وصحيح مسلم وسنن أبى داود وسنن النسائى نعم مما يدل على أن الحديث ثابت من غير إشكال.
وتقدم في آخر سورة "ن" من حديث أبي نضرة عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من أعين الجان وعين الإنسان فلما نزلت المعوذتين أخذ بهما وترك ما سواهما. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة وقال الترمذي حديث حسن.
بسم الله الرحمن الرحيم {قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد} قال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن عصام حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا حسن بن صالح عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر قال : الفلق الصبح.
الشيخ: عبد الله بن محمد بن عقيل فيه كلام من جهة حفظه ولكن الحديث له شواهد ثابت في تفسير الفلق بالصبح نعم.
وقال العوفي عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما " الفلق" الصبح وروي عن مجاهد وسعيد بن جبير وعبد الله بن محمد بن عقيل والحسن وقتادة ومحمد بن كعب القرظي وابن زيد ومالك عن زيد بن أسلم مثل هذا.
الشيخ: يعني لم يتفرد عبد الله بن محمد بن عقيل بهذا الفلق الصبح ورب الفلق هو الله وأضيف إلى الفلق لما فيه من الدلائل على قدرة الله ووحدانيته واستحقاقه للعباده نعم.
قال القرظي وابن زيد وابن جرير وهي كقوله تعالى" فالق الإصباح " وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما " الفلق الخلق" وكذا قال الضحاك أمر الله نبيه أن يتعوذ من الخلق كله.
الشيخ: هذا بعيد الأقرب الأول المراد بالفلق الصبح لكن قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق هذا هو العموم في قوله من شر ما خلق ليس في الصبح الفلق الصبح وليس المراد بالفلق جميع الخلق نعم.
وقال كعب الأحبار" الفلق " بيت في جهنم إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره ورواه ابن أبي حاتم.
الشيخ: هذا بعيد كعب الأحبار هنا القول هذا ليس بشيء ليس الفلق ببيت في جهنم هذا بعيد وإنما هو الصبح
ورواه ابن أبي حاتم ثم قال حدثنا أبي حدثنا سهيل بن عثمان عن رجل سماه عن السدي عن زيد بن علي عن آبائه أنهم قالوا " الفلق " جب في قعر جهنم عليه غطاء فإذا كشف عنه خرجت منه نار تضج منه جهنم من شدة حر ما يخرج منه.
الشيخ: هذا ليس بصحيح .
وكذا روي عن عمرو بن عنبسة والسدي وغيرهم . وقد ورد في ذلك حديث مرفوع منكر فقال ابن جرير حدثني إسحاق بن وهب الواسطي حدثنا مسعود بن موسى بن مشكان الواسطي قال حدثنا نصر بن خزيمة الخراساني عن شعيب بن صفوان عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الفلق جب في جهنم مغطى " إسناده غريب ولا يصح رفعه.
الشيخ: نعم هذا ليس بصحيح والصواب أن الفلق هو الصبح نعم.
وقال أبو عبد الرحمن الحبلي" الفلق " من أسماء جهنم .
الشيخ: هذا ضعيف.
قال ابن جرير والصواب القول الأول أنه فلق الصبح وهذا هو الصحيح وهو اختيار البخاري في صحيحه رحمه الله تعالى .
الشيخ: نعم هذا هو الصواب الصواب أن الفلق هو الصبح.
وقوله تعالى " من شر ما خلق" أي من شر جميع المخلوقات وقال ثابت البناني والحسن البصري جهنم وإبليس وذريته مما خلق.
الشيخ: نعم يعني يشمل الاستعاذة بالله من شر ما خلق يشمل من شر جهنم ومن شر إبليس وذريته ومن شر المخلوقات.
ومن شر غاسق إذا وقب قال مجاهد غاسق الليل إذا وقب غروب الشمس حكاه البخاري عنه ورواه ابن أبي نجيح عنه وكذا قال ابن عباس رضي الله عنهما ومحمد بن كعب القرظي والضحاك وخصيف والحسن وقتادة إنه الليل إذا أقبل بظلامه.
الشيخ: نعم وذلك لأنها الأرواح الخبيثة تنتشر وتخرج في الليل نعم.
وقال الزهري " ومن شر غاسق إذا وقب " الشمس إذا غربت وعن عطية وقتادة إذا وقب الليل إذا ذهب وقال أبو المهزم عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ومن شر غاسق إذا وقب " كوكب وقال أبو زيد : كانت العرب تقول الغاسق سقوط الثريا وكانت الأسقام والطواعين تكثر عند وقوعها وترتفع عند طلوعها وقال ابن جرير ولهؤلاء من الأثر ما حدثني نصر بن علي حدثني بكار عن عبد الله بن أخي همام قال حدثنا محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " ومن شر غاسق إذا وقب النجم الغاسق" " قلت " وهذا الحديث لا يصح رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
الشيخ: نعم الغاسق إذا وقب النجم الغاسق هذا لا يصح نعم.
قال ابن جرير وقال آخرون هو القمر " قلت " وعمدة أصحاب هذا القول ما رواه الإمام أحمد قال حدثنا أبو داود الحفري عن ابن أبي ذئب عن الحارث عن أبي سلمة قال قالت عائشة رضي الله عنها أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأراني القمر حين يطلع وقال " تعوذي بالله من شر هذا الغاسق إذا وقب " ورواه الترمذي والنسائي في كتابي التفسير من سننيهما من حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب عن خاله الحارث بن عبد الرحمن به وقال الترمذي حسن صحيح ولفظه" تعوذي بالله من شر هذا فإن هذا الغاسق إذا وقب " ولفظ النسائي " تعوذي بالله من شر هذا هذا الغاسق إذا وقب " قال أصحاب القول الأول وهو أنه الليل إذا ولج هذا لا ينافي قولنا لأن القمر آية الليل ولا يوجد له سلطان إلا فيه وكذلك النجوم لا تضيء إلا في الليل فهو يرجع إلى ما قلناه والله أعلم .
الشيخ: نعم يعني إلى الليل إذا ولج لا ينافي القمر لأن القمر آية الليل ولا يوجد له سلطان إلا في الليل كذلك النجوم لا تضيء إلا في الليل ويرجع إلى القول الأول وهو الغاسق الليل إذا دخل في ظلامه نعم.
وقوله تعالى " ومن شر النفاثات في العقد " قال مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك : يعني السواحر قال مجاهد إذا رقين ونفثن في العقد وقال ابن جرير حدثنا ابن عبد الأعلى قال حدثنا ابن ثور عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال ما من شيء أقرب إلى الشرك من رقية الحية والمجانين وفي الحديث الآخر أن جبريل عليه السلام جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اشتكيت يا محمد ؟ فقال " نعم " فقال بسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك ومن شر كل حاسد وعين الله يشفيك ولعل هذا كان من شكواه صلى الله عليه وسلم حين سحر ثم عافاه الله تعالى وشفاه ورد كيد السحرة الحساد من اليهود في رءوسهم.
الشيخ: هذا من حسد اليهود يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله من حسدهم ومن شرهم سحروا النبى صلى الله عليه وسلم وسموه منهم من سمه ومنهم من سحره.
ولعل هذا كان من شكواه صلى الله عليه وسلم حين سحر ثم عافاه الله تعالى وشفاه ورد كيد السحرة الحساد من اليهود في رءوسهم وجعل تدميرهم في تدبيرهم وفضحهم ولكن مع هذا لم يعاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما من الدهر بل كفى الله وشفى وعافى . وقال الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال سحر النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود فاشتكى لذلك أياما قال فجاءه جبريل فقال إن رجلا من اليهود سحرك وعقد لك عقدا في بئر كذا وكذا فأرسل إليها من يجيء بها فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه فاستخرجها فجاءه بها فحللها قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال فما ذكر ذلك لليهودي ولا رآه في وجهه قط حتى مات ورواه النسائي عن هناد عن أبي معاوية محمد بن حازم الضرير وقال البخاري في كتاب الطب من صحيحه : حدثنا عبد الله بن محمد قال سمعت سفيان بن عيينة يقول أول من حدثنا به ابن جريج يقول حدثني آل عروة عن عروة فسألت هشاما عنه فحدثنا عن أبيه عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن قال سفيان وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا فقال " يا عائشة أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه ؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال الذي عند رأسي للآخر ما بال الرجل؟ قال مطبوب قال ومن طبه؟ قال لبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليف اليهود كان منافقا وقال وفيم؟ قال في مشط ومشاطة
مشاطة الشعر الذي يكون في المشط اسمها مشاطة الخبيث أخذ المشط وأخذ الشعر فوضعه
قال وأين؟ قال في جف طلعة ذكر تحت راعوفة في بئر ذي أروان
تحت راعوفة أو راعوفة يعني أخذ المشط والمشاطة وجعلها في وعاء في الغلاف الذي يكون في وعاء اللقاح النخل وجعل فيه ونزل البئر وجعلها تحت راعوفة تحت صخرة في البئر مكان يصعب الإتيان به والنبى صلى الله عليه وسلم أمر باستخراجه هذا يدل على خبث اليهود نعم
في بئر ذي أروان " قالت فأتى البئر حتى استخرجه فقال" هذه البئر التي أريتها وكأن ماءها نقاعة الحناء وكأن نخلها رءوس الشياطين " قال فاستخرج فقلت أفلا أى تنشرت؟ فقال " أما الله فقد شفاني وأكره أن أثير على أحد من الناس شرا " وأسنده من حديث عيسى بن يونس وأبي ضمرة أنس بن عياض وأبي أسامة ويحيى القطان وفيه قالت حتى كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله وعنده
وهذا السحر في أمور الدنيا يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولا يفعله ليست في أمور الدين ولا في أمور تبليغ الرسالة وإنما شيء يتعلق في نفسه بشيء يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولا يفعله يرى أنه يفعل الشيء فاستخرج قال النبي أن البئر كأن ماءها نقعة الحناء وكأن نخلها رءوس الشياطين فاستخرج فيه دليل على أنه إذا استخرج وأزيل زال السحر نعم
فأمر بالبئر فدفنت وذكر أنه رواه عن هشام أيضا ابن أبي الزناد والليث بن سعد وقد رواه مسلم من حديث أبي أسامة حماد بن أسامة وعبد الله بن نمير ورواه أحمد عن عفان عن وهب عن هشام به ورواه الإمام أحمد أيضا عن إبراهيم بن خالد عن معمر عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنه قالت : لبث النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر يرى أنه يأتي ولا يأتي فأتاه ملكان فجلس أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه فقال أحدهما للآخر ما باله ؟ قال مطبوب قال ومن طبه ؟ قال لبيد بن الأعصم وذكر تمام الحديث وقال الأستاذ المفسر الثعلبي في تفسيره قال ابن عباس وعائشة
نعم هذه الأحاديث ثابتة في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر وكان يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولا يفعله لمدة ستة شهور ثم استخرج وزال عنه ما يجد ولم يؤثر هذا على النبى صلى الله عليه وسلم ولا عقله ولا فيما يتعلق بتبليغ الرسالة هذا شيء خاص بنفسه يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولا يفعله ثم أمر باستخراجه فأخرج وأزيل وزال ما كان يحصل به النبى صلى الله عليه وسلم
وقال الأستاذ المفسر الثعلبي في تفسيره قال ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما كان غلام من اليهود يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدبت إليه اليهود فلم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي صلى الله عليه وسلم وعدة من أسنان مشطه فأعطاها اليهود فسحروه فيها وكان الذي تولى ذلك رجل منهم يقال له لبيد ابن أعصم ثم دسها في بئر لبني زريق ويقال لها ذروان فمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتثر شعر رأسه ولبث ستة أشهر يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن وجعل يذوب ولا يدري ما عراه فبينما هو نائم إذ أتاه ملكان فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه ما بال الرجل ؟ قال طب وقال وما طب قال سحر قال ومن سحره ؟ قال لبيد بن الأعصم اليهودي قال وبم طبه ؟ قال بمشط ومشاطة قال وأين هو ؟ قال في جف طلعة ذكر تحت راعوفة في بئر ذروان والجف قشر الطلع والراعوفة حجر في أسفل البئر ناتئ يقوم عليه الماتح فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم مذعورا وقال " يا عائشة أما شعرت أن الله أخبرني بدائي "ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا والزبير وعمار بن ياسر فنزحوا ماء البئر كأنه نقاعة الحناء ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجف فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان من مشطه وإذا فيه وتر معقود فيه اثنتا عشر عقدة مغروزة بالإبر فأنزل الله تعالى السورتين فجعل
يعنى مشاطة الرأس وأسنان مشاطة الرأس أي الشعر الذي يبقى في المشط وأسنان من المشط جمعها وأتى بوتر معقود فيه اثنتا عشر عقدة مغروزة بالإبر
وإذا فيه وتر معقود فيه اثنتا عشر عقدة مغروزة بالإبر فأنزل الله تعالى السورتين فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة حين انحلت العقدة الأخيرة فقام كأنما نشط من عقال وجعل جبريل عليه السلام يقول باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من حاسد وعين الله يشفيك فقال يا رسول الله أفلا نأخذ الخبيث نقتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم" أما أنا فقد شفاني الله وأكره أن يثير على الناس شرا " هكذا أورده بلا إسناد وفيه غرابة وفي بعضه نكارة شديدة ولبعضه شواهد مما تقدم والله أعلم
الشيخ: أما السحر فثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر والنبي صلى الله عليه وسلم قام كأنه نشط من عقال هذا ثابت نعم.
قال رحمه الله سورة الناس: {قل أعوذ برب الناس. ملك الناس. إله الناس. من شر الوسواس الخناس. الذي يوسوس في صدور الناس. من الجنة والناس} هذه ثلاث صفات من صفات الرب عز وجل الربوبية والملك والإلهية فهو رب كل شيء ومليكه وإلهه فجميع الأشياء مخلوقة له مملوكة عبيد له.
الشيخ: نعم هذه الصفات صفات الربوبية والملك والألوهية ذكرها الله تعالى في أول سورة في القرآن وهي الفاتحة وفي آخر سورة في القرآن فمن آمن بربوبية الله وألوهيته وملكه وعبده حق عبادته فهو المؤمن الموحد في أول سورة وهي الفاتحة الحمد لله رب العالمين لله هذه الألوهية رب العالمين هذه الربوبية مالك يوم الدين الملك وفي سورة الناس قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس هذه الربوبية والملك والألوهية في أول سورة في القرآن وفي آخر سورة في القرآن يقول الإمام محمد بن عبدالوهاب أول ما يقرأ سمعك من القرآن هذه الصفات الثلاثة وآخر ما يقرأ سمعك هذه الصفات الثلاثة نعم.
فأمر المستعيذ أن يتعوذ بالمتصف بهذه الصفات من شر الوسواس الخناس وهو الشيطان الموكل بالإنسان فإنه ما من أحد من بني آدم إلا وله قرين يزين له الفواحش ولا يألوه جهدا في الخبال. والمعصوم من عصمه الله وقد ثبت في الصحيح.
الشيخ: نعم يقول أمر الله المستعيذ أن يتعوذ بالمتصف بهذه الصفات الله رب الناس ملك الناس إله الناس يستعيذ بهذا المتصف بهذه الصفات من أي شيء من شر الوسواس الخناس وهو الشيطان الموكل بالإنسان يعني يقول ما من أحد من بنى آدم إلا وله قرين يزين له الفواحش ولا يألوه جهدا في الخبال والمعصوم من عصمه الله.
وقد ثبت في الصحيح أنه " ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه " قالوا وأنت يا رسول الله قال " نعم إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير " وثبت في الصحيحين عن أنس في قصة زيارة صفية النبي صلى الله عليه وسلم وهو معتكف وخروجه معها ليلا وليردها إلى منزلها فلقيه رجلان من الأنصار فلما رأيا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرعا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " على رسلكما إنها صفية بنت حيي" فقالا سبحان الله يا رسول الله فقال " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا أو قال شرا" .
الشيخ: الله أكبر وهذا ثبت في الصحيح والشاهد يقذف في قلوبكم شرا أو شيئا هذا الشاهد أن الشيطان يقذف في القلب مما يوسوس ويلقى.
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي حدثنا محمد بن بحر حدثنا عدي بن أبي عمارة قال حدثنا زياد النميري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الشيطان واضع خطمه - في نسخة خرطومه - على قلب ابن آدم فإن ذكر الله خنس وإن نسي التقم قلبه فذلك الوسواس الخناس " غريب.
وقال الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عاصم سمعت أبا تميمة يحدث عن رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عثر بالنبي صلى الله عليه وسلم حماره فقلت تعس الشيطان فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا تقل تعس الشيطان فإنك إذا قلت تعس الشيطان تعاظم وقال بقوتي صرعته وإذا قلت بسم الله تصاغر حتى يصير مثل الذباب " تفرد به أحمد إسناده جيد قوي وفيه دلالة على أن القلب متى ذكر الله تصاغر الشيطان وغلب وإن لم يذكر الله تعاظم وغلب
الشيخ: نعم وهذا فيه يعني فضل البسملة وأنها تطرد الشيطان بسم الله لما قال تعس الشيطان أي تعظم فإذا قال بسم الله تصاغر حتى يصير مثل الذباب نعم.
وقال الإمام أحمد حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا الضحاك بن عثمان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن أحدكم إذا كان في المسجد جاءه الشيطان فأبس به كما يأبس الرجل بدابته فإذا سكن له زنقه أو ألجمه" قال أبو هريرة وأنتم ترون هذا أما المزنوق فتراه مائلا كذا لا يذكر الله وأما الملجم ففاتح فاه لا يذكر الله عز وجل تفرد به أحمد.
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما في قوله " الوسواس الخناس " الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإذا سها وغفل وسوس فإذا ذكر الله خنس وكذا قال مجاهد وقتادة وقال المعتمر بن سليمان عن أبيه ذكر لي أن الشيطان أو الوسواس ينفث في قلب ابن آدم عند الحزن وعند الفرح فإذا ذكر الله خنس وقال العوفي عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما في قوله" الوسواس " قال هو الشيطان يأمر فإذا أطيع خنس.
الشيخ: فإذا أطيع الله خنس نعم ما يستقيم إذا أطيع ما يخنس إذا أطاعه يظهر فإذا أطيع الله ذو الجلال هو الشيطان يأمر فإذا أطيع الله خنس أما إذا أطاعه لا نعم.
وقوله " الذي يوسوس في صدور الناس" هل يختص هذا ببني آدم كما هو الظاهر أو يعم بني آدم والجن ؟ فيه قولان ويكونون قد دخلوا في لفظ الناس تغليبا.
الشيخ: ذكر الحافظ أنه فيه قولين القول الأول أنه خاص ببنى آدم أو يعم بنى آدم والجن فالذى يوسوس في صدور الناس هل هو خاص ببنى آدم كما هو الظاهر أو يعم بنى آدم والجن ما المراد بقوله يختص ببنى آدم نعم هل يختص هذا الإشارة تعود لأى شيء هل يختص ببنى آدم صدور ماذا ؟أم صدور الإنس وصدور الجن هل وسوس خاص بالإنس أو خاص بالإنس والجن يعني الجني هل له أحد يوسوس له أو ليس له أحد يوسوس له أو يعم بنى آدم والجن قال فيه قولان ويكونون قد دخلوا في لفظ الناس عموما يعني يدخل الجن في لفظ الناس عموما قل أعوذ برب الناس عموما الإنس والجن الذي يوسوس في صدور الناس يعني في بنى آدم والجن نعم وقال ابن الجرير.
وقال ابن جرير وقد استعمل فيهم رجال من الجن فلا بدع في إطلاق الناس عليهم .
وقوله تعالى " من الجنة والناس" هل هو تفصيل لقوله " الذي يوسوس في صدور الناس" ثم بينهم فقال من الجنة والناس وهذا يقوي القول الثاني.
الشيخ: نعم ما هو القول الثاني أنه يعم بني آدم والجن وقوله لأنه ذكر هناك هل يخص بني آدم كما هو الظاهر أو يعم بني آدم والجن؟ الذي يوسوس في صدور الناس يعني بنى آدم والجن وقوله من الجنة والناس يؤيد هذا إما أن يكون تفصيل بقول الذي يوسوس في صدور الناس ثم بينه فقال من الجنة والناس وهذا يقوي القول الثاني نعم.
وقيل قوله "من الجنة والناس" تفسير للذي يوسوس في صدور الناس من شياطين الإنس والجن كما قال تعالى" وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا "
وكما قال الإمام أحمد حدثنا وكيع قال حدثنا المسعودي قال حدثنا أبو عمر الدمشقي حدثنا عبيد بن خشخاش عن أبي ذر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فجلست فقال يا أبا ذر هل صليت؟ قلت لا قال قم فصل قال فقمت فصليت ثم جلست فقال يا أبا ذر تعوذ بالله من شر شياطين الإنس والجن قال: فقلت يا رسول الله وللإنس شياطين؟ قال نعم قال قلت يا رسول الله الصلاة؟ قال خير موضوع من شاء أقل ومن شاء أكثر قلت يا رسول الله فما الصوم؟ قال فرض يجزئ وعند الله مزيد قلت يا رسول الله فالصدقة؟ قال أضعاف مضاعفة قلت يا رسول الله أيها أفضل؟ فقال جهد من مقل أو سر إلى فقير قلت يا رسول الله أي الأنبياء كان أول؟ قال آدم قلت يا رسول الله ونبي كان؟ قال نعم نبي مكلم قلت يا رسول الله كم المرسلون؟ قال ثلاثمائة وبضعة عشر جما غفيرا وقال مرة خمسة عشر قلت يا رسول الله أيما أنزل عليك أعظم قال آية الكرسي الله لا إله إلا هو الحي القيوم " ورواه النسائي من حديث أبي عمر الدمشقي به وقد أخرج هذا الحديث مطولا جدا أبو حاتم بن حبان في صحيحه بطريق آخر ولفظ آخر مطول جدا فالله اعلم.
وقال الإمام أحمد حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن ذر بن عبد الله الهمداني عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني لأحدث نفسي بالشيء لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم " الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة"
الشيخ: يعني يتكلم يحدث نفسه بشيء من الوساوس الخبيثة التي يريدها الشيطان يتمنى أنه ليسقط من السماء ولا يتكلم به يعني يوسوس إليه شيطانه يقول مثلا هل فيه رب هل هناك قيامة هل هناك بعث وما أشبه ذلك من الوساوس الخبيثة ولهذا جاء في الحديث الآخر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال قالوا يا رسول الله في الحديث الصحيح قالوا يارسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه ما أن يخر من السماء خير من أن يتكلم به قال وقد وجدتموه قالوا نعم قال ذلك صريح الإيمان يعني كتم الوسوسة وإخفاءها واستعظام التكلم بها هو صريح الإيمان ليس المراد بصريح الإيمان الوسوسة لكن كتمها وعدم التكلم بها هو صريح الإيمان قوة الإيمان هو الذي جعل الإنسان يستعظم هذه الوساوس ويخفيها ويكتمها ولا يتكلم بها فهذا ذكره الصحابة والسابقون كانوا يكتمون الوساوس أما المتأخرون فصاروا يكتبون هذه الوساوس يكتبونها في كتب وينشرونها على الناس نعم.
ورواه أبو داود والنسائي من حديث منصور زاد النسائي والأعمش كلاهما عن ذر به آخر التفسير ولله الحمد والمنة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ورضي الله عن الصحابة آجمعين حسبنا الله ونعم الوكيل.
الشيخ: نعم هاتان السورتان العظيمتان كما سمعتم تبين لنا أنهما سورتان ثابتتان وأنهما من القرآن الكريم وأنهما من أذكار الصباح والمساء وأنهما تقرآن في كل ليلة وأنه ما تعوذ متعوذ بمثلهما وأن التعوذ بهما أفضل من جميع التعوذات كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين من الجان ومن عين الإنسان فلما نزلت هاتان السورتان أخذ بهما وترك ما سواهما وأما كون عبد الله بن مسعود لم يكتبهما في مصحفه ولم ير أنهما من القرآن فهذا اجتهاد منه خفيت عليه الأحاديث في هذا وعرفها جماهير الصحابة ومن حفظ حجة على من لم يحفظ وفي هاتين السورتين إثبات ربوبية الله وإثبات ألوهيته وإثبات ملكه فالله تعالى هو الرب وغيره مربوب وهو الخالق وغيره مخلوق وهو المالك وغيره مملوك وهو المدبر وغيره المدبر وهو المعبود بحق وغيره معبود بالباطل وفيه الرد على الاتحادية والملاحدة والزنادقة فإن هذه الآيات فيها إثبات في هذه السورة فيها إثبات مستعيذ ومستعاذ به ومستعاذ منه وفيه إثبات الشرور وإثبات الخلق وأن الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء ومنها الشرور خلقها الله وأوجدها لحكم وأسرار وفيه عظم فضل الله ومنة الله على عباده حيث أنزل عليهم هاتين السورتين يتعوذون بمثلهما ويدفع الله بهما عنهم شرور الدنيا والآخرة وفيه أن الدنيا فيها شرور والآخرة فيها شرور وفيها أن الذوات فيها شرور وأن بعض الذوات ليس فيها شرور كالملائكة والأنبياء وفيه أن المسلم إذا تعوذ بهاتين السورتين كفاه الله شرور الدنيا والآخرة لعمومهما {قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق} وفيه إثبات الفلق والصبح وأنه من آيات الله الدالة على قدرته ووحدانيته واستحقاقه للعبادة وقوله من شر ما خلق تشمل جميع الشرور في المخلوقات التي فيها شر وفيه أن التوحيد واللجوء إلى الله تعالى والاعتصام به بالتعوذ من هذه الشرور من شر جميع المخلوقات ثم من شر الليل إذا دخل في الظلام وانتشر وخرج خرجت المؤذيات ونشرت شرها وكذلك فيه إثبات السحر وأن السحر له حقيقة وله خيال والرد على من أنكر كالمعتزلة وغيرهم وفيه إثبات الحسد والاستعاذة بالله من شر الحاسد وأن الحاسد يكون من الجن ويكون من الإنس وأن العائن أيضا من الحساد وفيه دليل على أن الحاسد إذا أخفى حسده ولم يظهره ولم يسع في ضرر المحسود لا بقول ولا بعمل فإنه لا يضره وقوله إذا حسد والمراد بالحسد هنا الحسد المذموم الذي يتمنى فيه صاحبه زوال النعمة عن المحسود أما حسد الغبطة فلا يدخل وهو أن يتمنى أن يكون له مثل ما للمحسود في السورة الثانية قل أعوذ برب الناس إثبات العبادة لله عز وجل وفيها التعوذ لا يكون إلا بالله عز وجل والاستعاذة لا تكون إلا بالله عزوجل فيما لا يقدر عليه إلا الله وأن الاستعاذة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله فقد أشرك وفيه إثبات ربوبية الله تعالى للناس وملكه لهم وألوهيته وعبوديته وفيه عظم شر الوسواس حيث أن الله تعالى أمر بالاستعاذة به سبحانه وتعالى واتصف بهذه الصفات رب الناس وملك الناس وإله الناس والمستعاذ منه شيء واحد وهو الوسواس ففي عظم شر الوسواس الخناس حيث أن الاستعاذة بثلاث أوصاف من شيء واحد أما سورة الفلق فالاستعاذة برب الفلق من أربعة أشياء وفيه دليل على أن ما يتعلق بالاعتقاد أعظم مما يتعلق بالشهوات الشبهات أعظم فهذه الشهوات من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد أما الاستعاذة في السورة الثانية من الشبهات فعظم شأنها فالشبهات أعظم من الشهوات الشبهات والشهوات وابتلاء الله العباد بذلك وفيه أن الله تعالى أعطاهم السلاح وأعطاهم الأدوية التي من أحسن التداوي بها فإنه لا يضره شيء وفيه عظم شر الشيطان الموسوس وعظم كيده سواء كان من الجن أو من الناس وفيه أن الشيطان الجني أعظم من الشيطان الإنسي لأن الشيطان الجني لا يقبل المصانعة بخلاف الشيطان الإنسي تصانعه وتداريه فيندفع عنك شره أما الشيطان الجني فلا حيلة لدفعه إلا بالإستعاذه بالله وفيه أن الشيطان قد يوسوس للإنسان وسوسته لها حالتان الحالة الأولى أن يوسوس بصوت يسمعه هو دون غيره والثاني أن تكون الوسوسة إلقاء في القلب من دون صوت يلقي في قلب الإنسان من دون صوت والنوع الثاني يكون بصوت لا يسمعه غيره أما الشيطان الإنسي فوسوسته عن طريق الأذن يسمعه يزين الباطل ولكن الشيطان الإنسي قد تستطيع أن تصانعه وتداريه بالمعروف فيزول عنك أما الشيطان الجني فلا حيلة فيه ما يقبل المصانعة وإنما تلجأ إلى الله وتتحرز منه وتدعو الله أن يزيله عنك وأن يكفيك شره فهاتان السورتان عظيمتان وفيه الرد على المعتزلة الذين أنكروا السحر والرد على القدرية والرد على العصاة وأهل البدع فهاتان السورتان عظيمتان من الله يهما علينا بإنزالهما في القرآن العظيم يتعبدنا بتلاوتهما وبالإستعاذة بالله من جميع الشرور شرور الدنيا والآخرة ومن شرور الشياطين شياطين الجن وشياطين الإنس فالحمد لله على هذه النعمة ونسأل الله أن يرزقنا حسن عبادته وأن يوفقنا للهج في ذكره وشكره وعبادته والتعبد لله بتلاوته وتدبر كتابه والاستعاذة به سبحانه واللجوء إليه في كل وقت وكل وحين وأن يوفقنا للثبات على دينه والاستقامة عليه إنه ولى ذلك والقادر عليه