شعار الموقع

الدرس السادس

00:00
00:00
تحميل
71

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ

الحمد لله رب العالمين, وَالصَّلَاة والسلام عَلَى نَبِيّنَا محمد وَعَلَى آله وصحبه أجمعين.

(المتن)

قَالَ ابن حبان رحمنا الله وإياه في صحيحه:

في كتاب الرقائق في باب الأدعية

ذكر البيان بأن صلاة من صلى على المصطفى صلى الله عليه وسلم من أمته تعرض عليه في قبره

910 - أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا حسين بن علي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أوس بن أوس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق الله آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي»، قالوا: وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟، فقال: «إن الله جل وعلا حرم على الأرض أن تأكل أجسامنا».

(الشرح)

قَدْ أرَمت عَلَى وزن ضربت أيْ بليت, المعروف أَنَّهُ وَقَدْ أرِمت يَعْنِي بليت, قَالَ: أرمت عَلَى وزن ضربت أيْ بليت وأصله أرممت فحذفت إحدى الميمين كأحسست في أحسسته.

وَهَذَا رواه الشيخان وغيرهما وَفِيهِ فضل يَوْم الجمعة وأن يَوْم الجمعة فِيهِ خلق آدم وَفِيهِ أهبط من الْجَنَّةَ, وَفِيهِ تقوم الساعة, وَفِيهِ ساعة الاستجابة, وَفِيهِ الْأَمْرِ بالإكثار من الصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَوْم الجمعة, وَفِيهِ أن الصَّلَاة تعرض عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم, وَفِيهِ من الفوائد أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء, أجساد الأنبياء طرية, في الحديث الآخر إِن الله حرم عَلَى الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء, وَهَذَا التحريم تحريم قدري.

التحريم نوعان:

تحريم قدري مثل التحريم عَلَى بني إسرائيل دخول بيت المقدس, قَالَ: {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِين}[المائدة/26].يَعْنِي تحريم قدري.

أَمَّا التحريم الشرعي في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}[النساء/23].

{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ}[المائدة/3]. هَذَا تحريم شرعي.

وَهَذَا تحريم قدري فالله تعالى حرم عَلَى الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء, وَفِيهِ من الفوائد فضل يَوْم الجمعة وأن الجمعة هُوَ اليوم الَّذِي خلق فِيهِ آدم, هُوَ اليوم الَّذِي مات فِيهِ, وَهُوَ الَّذِي أهبط فِيهِ من الْجَنَّةَ, وَهُوَ الَّذِي فِيهِ تقوم الساعة, وَفِيهِ مشروعية الإكثار من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في يَوْم الجمعة, وَفِيهِ أن صلاتنا تعرض عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم, وَفِيهِ أن أجساد الأنبياء لا تبلى بَلْ هِيَ طريقة, وَأَمَّا غيره فإنها تبلى.

وفي الحديث الآخر حديث مسلم: «كُلّ ابن آدم يبلى إِلَّا عجب الذنب منه خلق ابن آدم ومنه يركب», عجب الذنب هُوَ العصعص العظمة الصغيرة وآخر فقرة في المعود الفقري, مثل الحبة الصغيرة, الحبة الصغيرة هَذِهِ لا تبلى مِنْهَا خلق ابن آدم وَمِنْهَا يركب, والجسد تبلى ويستحيل ترابًا ثُمَّ يعيده الله يَوْم الْقِيَامَة, يعيد الذرات الَّتِي استحالت يعيدها خلقًا جديدًا.

وَأَمَّا أجساد الأنبياء فإنها لا تبلى وَأَمَّا الشُّهَدَاءِ  فَإِنَّهُ وجد بَعْض الشُّهَدَاءِ  من يبقى جسده مدة طويلة ثُمَّ يبلى, ولعل كلما كانت الشَّهَادَةِ أقوى كلما كَانَ بقاء الجسد أطول, أَمَّا الأنبياء هم أكمل من الشُّهَدَاءِ؛ لِأَنَّ أجسادهم طريقة لا تأكلها الأرض.

إسناده صحيح عَلَى شرط مسلم رجاله ثقات ورجال الشيخين غير أبي الأشعث هُوَ شراحيل بن آده, يَعْنِي من هَذَا الطريق وَإِلَّا رواه الشيخان.

وأخرجه الإمام أحمد وابن ماجة وأبي داود والنسائي وصححه الحاكم والنووي في الأذكار, يَعْنِي من هَذَا الطريق.

(المتن)

ذكر البيان بأن أقرب الناس في القيامة يكون من النبي صلى الله عليه وسلم من كان أكثر صلاة عليه في الدنيا

911 - أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا خالد بن مخلد، قال: حدثنا موسى بن يعقوب الزمعي، قال: حدثنا عبد الله بن كيسان، قال: حدثني عبد الله بن شداد بن الهاد، عن أبيه، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة».

(الشرح)

هَذَا فِيهِ فضل الصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأَنَّهُ أولى النَّاس بالنبي صلى الله عليه وسلم, وَهَذِهِ ميزة لأهل الحديث, أهل الحديث يكثرون من الصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ ميزة لغيرهم من أهل الفقه وغيرهم وأهل اللغة وغيرهم, فأهل الحديث أكثر النَّاس صلاة عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم, وأولى النَّاس بِهِ عليه الصلاة والسلام.

(المتن)

قال أبو حاتم رضي الله عنه: في هذا الخبر دليل على أن أولى الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في القيامة يكون أصحاب الحديث، إذ ليس من هذه الأمة قوم أكثر صلاة عليه صلى الله عليه وسلم منهم.

ذكر الأخبار المفسرة لقوله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب/56].

912 - أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا وكيع، عن شعبة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: قال لي كعب بن عجرة: ألا أهدي لك هدية؟ خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: يا رسول الله، قد عرفنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟، قال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد؛ اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد».

(الشرح)

وَالصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ أنواع مِنْهَا هَذِهِ الصيغة«اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد؛ اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد».

ومن هَذِهِ الصيغ: «اللَّهُمَّ صل عَلَى محمد وَعَلَى آل محمد كما صليت عَلَى إبراهيم إنك حميد مجيد, وبارك عَلَى محمد وَعَلَى آل محمد كما باركت على إبراهيم», وَمِنْهَا «اللَّهُمَّ صل عَلَى محمد وأزواجه وذريته», وأكمل ما ورد في الصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما رواه البخاري في كتاب الأنبياء من الجمع بين محمد وآل محمد وإبراهيم وآل إبراهيم, اللَّهُمَّ صل عَلَى محمد وَعَلَى آل محمد كما صليت عَلَى إبراهيم وَعَلَى آل إبراهيم إنك حميد مجيد, وبارك عَلَى محمد  وَعَلَى آل محمد كما باركت عَلَى إبراهيم وَعَلَى آل إبراهيم إنك حميد مجيد», هَذَا أكمل ما ورد في الجمع بين محمد وآل محمد بين إبراهيم آل إبراهيم هَذَا أكمل ما ورد, وَهَذَا صيغة من صيغ كثيرة, وَإِلَّا العلامة ابن القيم رحمه الله له رسالة كتاب جمع ما ورد من الصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سماه " جلاء الأفهام فيما ورد عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من الصَّلَاة عَلَى خير الأنام ".

(المتن)

ذكر كتبة الله جل وعلا الحسنات لمن صلى على صفيه صلى الله عليه وسلم مرة واحدة

913 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا وهب بن بقية، قال: أخبرنا خالد بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «من صلى علي مرة واحدة كتب الله له بها عشر حسنات».

(الشرح)

وَهَذَا فضل عظيم, أخرجه الإمام أحمد وَقَدْ سبق وإسناده صحيح, وَهَذَا فضل عظيم, من صلى واحدة صلى الله عَلَيْهِ بها عشرًا, وصلاة الله عَلَى عبده هُوَ ثناؤه عَلَيْهِ في الملأ الأعلى, وَالصَّلَاة من الآدميين ومن الملائكة الدعاء, اللَّهُمَّ صل عَلَى محمد؛ يَعْنِي اللَّهُمَّ أثني عَلَيْهِ, تسأل الله أن يثني عَلَيْهِ في الملأ الأعلى, أصح ما قِيلَ من صلاة الله عَلَى عبده ما رواه البخاري في صحيحه عَنْ أبي العالية أَنَّهُ قَالَ: صلاة الله عَلَى عبده ثناؤه عَلَيْهِ في الملأ الأعلى, فمن صلى عَلَى النَّبِيّ واحدة صلى الله عَلَيْهِ بها عشر هَذَا فضل عظيم.

(المتن)

ذكر البيان بأن سلام المسلم على المصطفى صلى الله عليه وسلم يبلغ إياه ذلك في قبره

914 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام».

(الشرح)

أخرجه الإمام أحمد والنسائي وإسناده صحيح وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وصححه أَيْضًا ابن القيم في جلاء الأفهام, وَهَذَا فِيهِ أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يبلغ من صلى عَلَيْهِ, الله تعالى وَكُلّ ملائكة سياحين في الأرض يبلغون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صلاة من صلى عَلَيْهِمْ.

فَإِن قِيلَ: يبلغ أو يبلّغ؟ لعله يبلّغ, إِن لله ملائكة سياحين يبلغوني.

(المتن)

ذكر تفضل الله جل وعلا على المسلم على رسوله صلى الله عليه وسلم مرة واحدة بأمنه من النار عشر مرات نعوذ بالله منها

915 - أخبرنا أبو الطيب محمد بن علي الصيرفي، غلام طالوت بن عباد بالبصرة، قال: حدثنا عمر بن موسى الحادي، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن سليمان مولى الحسن بن علي، عن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبيه، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مسرور، فقال: «إن الملك جاءني، فقال: يا محمد، إن الله يقول: أما ترضى أن لا يصلي عليك عبد من عبادي صلاة إلا صليت عليه بها عشرًا، ولا يسلم عليك تسليمة إلا سلمت عليه بها عشرًا؟ قلت: بلى أي رب».

(الشرح)

إسناده ضعيف ذكره النسائي في عمل اليوم والليلة وابن المبارك والدارمي, وللحديث طريقان آخران عِنْد إسماعيل القاضي وشاهدان من حديث أنس وعمر فيصح بهما, وله شاهد من حديث عبد الرحمن بن عوف عِنْد الحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

فِيهِ أن من صلى عَلَى النَّبِيّ صلاة صلى الله عَلَيْهِ بها عشرًا, من سلم عَلَيْهِ سلم الله عَلَيْهِ عشرًا, ولَيْسَ فِيهِ أَنَّهَا تؤمنه من النَّارِ؛ لعل في حديث آخر بعده.

(المتن)

ذكر الإباحة للمرء أن يصلي على أخيه المسلم ضد قول من كره ذلك إلا على الأنبياء صلوات الله عليهم فقط

916 - أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن الأسود بن قيس، عن نبيح العنزي، عن جابر، قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنادته امرأتي فقالت: يا رسول الله، صل علي وعلى زوجي، فقال: «صلى الله عليك وعلى زوجك».

(الشرح)

إسناده صحيح أخرجه ابن أبي شيبة وأخرجه الإمام أحمد عَنْ وكيع بِهَذَا الإسناد, وأخرجه النسائي.

لكن هَذَا لا يَدُلَّ عَلَى ما ذكره المؤلف من أَنَّهُ صلى عَلَى كُلّ أحد؛ كما في الحالات الخاصة, مثل لمن جاء بصدقته, قَالَ: اللَّهُمَّ صل عَلَى آل أبي أوفى», من جاء بالزكاة يصلى عَلَيْهِ, كَذَلِكَ يصلى عَلَيْهِ في بَعْض الأحيان, لكن لا يتخذ شعار دائم, هَذَا هُوَ الَّذِي قرره أهل السُّنَّة؛ أن الصَّلَاة تكون عَلَى الأنبياء, الترضي عَلَى الصَّحَابَة, والترحم عَلَى من بدهم, لكن لو صلى عَلَى بَعْض الصَّحَابَة بَعْض الأحيان لا بأس؛ ما لَمْ يتخذ شعار, مثل ما يفعله الرافضة: اللَّهُمَّ صل عَلَى علىّ وآله, أو يخصون علي كرم الله وجه, كُلّ الصَّحَابَة كرم الله وجوههم, وكلهم يصلى عَلَيْهِمْ لا يخص أحد بشيء, أَمَّا كون هَذَا بإطلاق مثل ما ذكر المؤلف فِيهِ نظر.

(المتن)

 

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن الصلاة لا تجوز على أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم وآله

917 - أخبرنا عمر بن محمد الهمداني، قال: حدثنا بندار، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت ابن أبي أوفى، يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تصدق إليه أهل بيت بصدقة صلى عليهم، قال: فتصدق أبي إليه بصدقة، فقال: «اللهم صل على آل أبي أوفى».

(الشرح)

وَهَذَا مقيد بالصدقة, من تصدق صلى عَلَيْهِ.

(المتن)

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أنه لا يجوز لأحد أن يدعو لأحد بلفظ الصلاة إلا لآل المصطفى صلى الله عليه وسلم

918 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن عبيد بن حساب، قال: حدثنا أبو عوانة، عن الأسود بن قيس، عن نبيح العنزي، عن جابر بن عبد الله، أن امرأة قالت: يا رسول الله، صل علي وعلى زوجي، فقال صلى الله عليه وسلم: «صلى الله عليك وعلى زوجك».

(الشرح)

المؤلف كأنه يرى بإطلاقه يجوز لكل أحد وَهَذَا فِيهِ نظر.

 

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد