شعار الموقع

الدرس السابع

00:00
00:00
تحميل
13

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ

الحمد لله رب العالمين, وَالصَّلَاة والسلام عَلَى نَبِيّنَا محمد وَعَلَى آله وصحبه أجمعين.

(المتن)

قَالَ ابن حبان رحمنا الله وإياه في صحيحه:

ذكر الإخبار عما يستحب للمرء من الدعاء والاستغفار في ثلث الليل الآخر

919 - أخبرنا القطان بالرقة، قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا عبد الحميد بن أبي العشرين، عن الأوزاعي، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، قال: حدثني أبو هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله جل وعلا إلى سماء الدنيا فيقول: من ذا الذي يسألني فأعطيه؟ من ذا الذي يدعوني أستجيب له؟ من ذا الذي يسترزقني أرزقه؟ من ذا الذي يستغفرني أغفر له؟ حتى ينفجر الصبح».

(الشرح)

وَهَذَا الحديث متوارت بلغ حد التواتر رواه أصحاب الصحيح وأهل السنن, وله ألفاظ, من الألفاظ الَّتِي اتفق عَلَيْهِ الشيخان «ينزل ربنا كُلّ ليلة إِلَى السَّمَاءِ الدنيا؛ حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: ما يدعوني فأستجيب له, من يسألني فأعطيه, من يستغفرني فأغفر له».

فثلث الليل هُوَ وقت التنزل الإلهي, وجاء في الحديث الآخر الصحيح أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أفضل الصَّلَاة صلاة داود كَانَ ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه», فصلاة داود عليه الصلاة والسلام كَانَ ينام النصف الأول ثُمَّ يقوم السدس الرابع والسدس الخامس, وينام السدس الثالث ليتقوى عَلَى أعمال النهار؛ لِأَنَّ داود كَانَ حاكمًا يقضي بين النَّاس, فَهُوَ ينام السدس الأخير يتقوى بِهِ, والثلث الآخر هُوَ السدس الخامس والسادس, وَعَلَيْهِ فيكون النصف الأخير في أسداسه الثلاثة كله فاصل؛ لِأَنَّ السدس الرابع والخامس هُوَ صلاة داود, والسدس الخامس والسادس هُوَ ثلث الليل الآخر.

فيكون النصف الأخير, نصف الليل الثاني كله فاضل, بأسداسه الرابع والخامس والسادس, أَمَّا النصف الأول اللي فِيهِ السدس الأول والثاني والثالث هَذَا وقت النوم كَانَ ينام داود وَكَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَذَلِكَ ينام كما في حديث ابن عباس, كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ينام فَإِذَا قام نصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل قام يصلي.

وَفِيهِ فضل الداء وأَنَّهُ من أوقات الإجابة الدعاء في ثلث الليل الآخر.

(المتن)

ذكر البيان بأن رجاء المرء استحبابه الدعاء في الوقت الذي ذكرناه إنما هو في كل ليلة من سنته

920 - أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان الطائي بمنبج، قال: حدثنا أحمد بن أبي بكر، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي عبد الله الأغر، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ينزل ربنا  جل وعلا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني أغفر له؟».

قال أبو حاتم رضي الله عنه: صفات الله جل وعلا لا تكيف، ولا تقاس إلى صفات المخلوقين، فكما أن الله جل وعلا متكلم من غير آلة بأسنان ولهوات ولسان وشفة كالمخلوقين، جل ربنا وتعالى عن مثل هذا وأشباهه، ولم يجز أن يقاس كلامه إلى كلامنا، لأن كلام المخلوقين لا يوجد إلا بآلات، والله جل وعلا يتكلم كما شاء بلا آلة، كذلك ينزل بلا آلة، ولا تحرك، ولا انتقال من مكان إلى مكان، وكذلك السمع والبصر، فكما لم يجز أن يقال: الله يبصر كبصرنا بالأشفار والحدق والبياض، بل يبصر كيف يشاء بلا آلة، ويسمع من غير أذنين، وسماخين، والتواء، وغضاريف فيها، بل يسمع كيف يشاء بلا آلة، وكذلك ينزل كيف يشاء بلا آلة من غير أن يقاس نزوله إلى نزول المخلوقين، كما يكيف نزولهم، جل ربنا وتقدس من أن تشبه صفاته بشيء من صفات المخلوقين

(الشرح)

قوله: (ذكر البيان بأن رجاء المرء استحبابه الدعاء في الوقت الذي ذكرناه إنما هو في كل ليلة من سنته), نعم في جميع السنة هَذَا, ينزل ربنا كُلّ ليلة كُلّ من ألفاظ العموم, لَيْسَ خاصًا بليلة دون ليلة أو شهر دون شهر فَهُوَ عام في جميع الليالي.

وكلام أبي حاتم بعضه فِيهِ تأويل وبعضه سليم؛ لِأَنَّ أبو حاتم رحمه الله يتأول, قوله كَانَ ربنا يتكلم بلا كيفية حَقّ, أَمَّا قوله: أَنَّهُ ينزل بلا آلة, وقوله: كَذَلِكَ يسمع بلا أذن ولا غضاريف كُلّ هَذَا دخول في الكيفية, ينبغي أن نَقُوْلُ: الله يسمع لكن لَيْسَ كسمع المخلوقين ولا نعلم كيفية, وَكَذَلِكَ ينزل كُلّ ليلة إِلَى السَّمَاءِ الدنيا والله أعلم, قوله: بلا انتقال ولا حركة لا ندخل في الكيفية ما ينبغي هَذَا, ينزل سبحانه وتعالى كما يليق بجلاله وعظمته, ولا نتكلم عَنْ الانتقال والحركة, كُلّ هَذَا مسكوت عنها.

(المتن)

ذكر خبر واحد أوهم من لم يحكم صناعة الحديث أنه يضاد الخبرين الأولين اللذين ذكرناهما

921 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي إسحاق، عن الأغر، عن أبي سعيد، وعن أبي هريرة، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يمهل حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول، نزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيقول جل وعلا: هل من مستغفر؟ هل من تائب؟ هل من سائل؟ هل من داع؟ حتى ينفجر الصبح».

قال أبو حاتم رضي الله عنه: في خبر مالك، عن الزهري الذي ذكرناه، أن الله ينزل حتى يبقى ثلث الليل الآخر، وفي خبر أبي إسحاق، عن الأغر أنه ينزل حتى يذهب ثلث الليل الأول، ويحتمل أن يكون نزوله في بعض الليالي حتى يبقى ثلث الليل الآخر، وفي بعضها حتى يذهب ثلث الليل الأول، حتى لا يكون بين الخبرين تهاتر ولا تضاد.

(الشرح)

هَذَا الحديث فِيهِ أَنَّهُ ينزل ربنا حين يمضي ثلث الليل الأول, وفي الأحاديث الأخرى «حين يبقى ثلث الليل الآخر», جمع بينهما المؤلف قَالَ: إِن هَذَا يحتمل أن يكون بَعْض الليالي بَعْدَ مضي الليل الأول وبعضها بَعْدَ مضي الليل الثاني.

أخرجه مسلم في صلاة المسافرين من طرق بِهَذَا الإسناد, نعم جاء في بَعْض روايات مسلم «حين يمضي ثلث الليل الأول».

عَلَى كُلّ حال الأحاديث كثيرة فِيهَا أَنَّهُ «حين يبقى ثلث الليل الآخر», ولَيْسَ فِيهَا «حين يمضي ثلث الليل الأول», تحتمل أن هَذِهِ اللفظة من بَعْض الرواة, العمدة عَلَى الأحاديث الكثيرة الَّتِي فِيهَا أَنَّهُ حين يبقى ثلث الليل الآخر, هَذَا وقت التنزل الإلهي.

وَكَذَلِكَ في صلاة داود في نصف الليل الآخر, أَمَّا الثلث الأول هَذِهِ اللفظة فِيهَا إشكال, تكون هَذِهِ اللفظة شاذة.

 

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد