شعار الموقع

شرح كتاب أصول العقائد الدينية ( 3 ) الإيمان باليوم الآخر ومفهوم الإيمان والطوائف المخالفة فيه

00:00
00:00
تحميل
189

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على نبيه وعبده وعلى آله وصحبه اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم اللهم اغفر لنا ولشيخنا أجمعين  

قال المؤلف رحمه الله تعالى  

( المتن ) 

ومن تمام الإيمان به أن يعلم أن ما جاء به حق لا يمكن أن يقوم دليل عقلي أو حسي على خلافه كما لا يقوم دليل نقلي على خلافه فالأمور العقلية أو الحسية النافعة تجد دلالة الكتاب والسنة مثبتة لها حاثة على تعلمها وعملها وغير النافع من المذكورات ليس فيها ما ينفي وجودها وإن كان الدليل الشرعي ينهى ويذم الأمور الضارة منها ويدخل في الإيمان بما جاء به الرسول ﷺ بل وسائر الرسل  

( الشرح ) 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

قال المؤلف رحمه الله تعالى ومن تمام الإيمان به يعني بالرسول  أن يعلم أن ما جاء به حق لا يمكن أن يقوم دليل عقلي أو حسي على خلافه كما لا يقوم دليل عقلي على خلافه يقول المؤلف إن تمام الإيمان بالرسول ﷺ أن يعلم والعلم هو ما يتيقنه الإنسان أن يتيقن العلم ضد الظن يعني المعرفة إما أن تكون علما وإما أن تكون ظنا وإما أن تكون شكا وإما أن تكون وهما هذه العلوم العلم ما يتيقنه الإنسان والظن ما يكون في أمران يترجح أحدهما على الآخر الراجح يسمى ظنا والمرجوح يسمى وهما وإذا كان الأمران على حد سواء يسمى شكا.

كلام المؤلف رحمه الله يقول من تمام الإيمان أن يعلم يعني يتيقن العلم هو اليقين ما يتيقنه الإنسان أن يتيقن أن ما جاء به الحق لا يشك ولا يتوهم ولا يظن ما في شك ولا وهم ولا ظن علم يقين أن تتيقن أن ما جاء به الرسول ﷺ حق لا يمكن أن يقوم دليل عقلي أو حسي على خلافه الدليل العقلي ما يعقله الإنسان والحسي ما يدرك بالحواس الخمس يعني ما يدركه بحواسه الخمس يراه ببصره أو يسمعه بأذنه أو يشمه بأنفه أو يذوقه بلسانه أو يجسه بيده هذه الأمور الخمسة هذه الحواس الخمسة.

الجهم بن صفوان هو الذي تنسب إليه الجهمية هو الذي ينكر الأسماء والصفات ينكر الأسماء والصفات ويتزعم هذا الطائفة وإن كان سبق [ 2:59 ] الجعد بن صفوان تزعم القول بعقيدة نفي الصفات اشتتهر بهذه العقائد عقيدة نفي الصفات أخذته عنه المعتزلة عقيدة الجبرية أخذته عنه الجبرية عقيدة الإرجاء أخذته عنه المرجئة عقيدة القول بفناء الجنة والنار هذه أربعة عقائد خبيثة اشتهر بها الجهم بن صفوان الجهم اتصل بجماعة من طوائف الهند تسمى السمنية لا يؤمنون إلا بالمحسوسات فقالوا له ناظروه كان بينه وبينهم مناظرة قالوا للجهم إلهك الذي تعبد هل رأيته بعينك قال لا قالوا هل سمعته بأذنك قال لا قالوا ذقته بلسانك قال لا قالوا هل شمته بأنفك قال لا قالوا هل لمسته بيدك قال لا قالوا إذاً هو غير موجود فشك في ربه وترك الصلاة أربعين يوماً والعياذ بالله ثم نقش الشيطان في ذهنه أن الله موجود وجوداً مطلقا ومعنى وجودا مطلقا يعني ليس له اسم ولا صفة تخيل في الذهن هكذا والعياذ بالله هذا معنى الأمور الحسية الأمور الحسية ما يدركه الإنسان بإحدى الحواس الخمس.

المؤلف رحمه الله يقول إن من تمام الإيمان بالرسل أن يعلم أن ما جاء به الرسول ﷺ حق وصدق لا يمكن أن يقوم دليل عقلي وما ينتج عن القياس أمور عقلية تقيس شيء على شيء يكون هناك فرع وأصل جامع بينهما هذا يسمى قياسا مثلا الرسول ﷺ نص على البر بالبر ربا لا تبيع البر بالبر الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثل بمثل، سواء بسواء، يداً بيد هذه الأمور الستة متفق عليها أنه يجري فيها الربا واختلف العلماء فيما زاد عليها قاس العلماء الأرز على البر الرسول ﷺ نص على البر لكن الأرز ما نص عليه فقال العلماء الأرز كالبر في جريان الربا في كل منهما بجامع الكيل والوزن عند الأحناف والحنابلة أو بجامع الطعم عند الشافعية أو بجامع الكيل والادخار فهذا يعلم بالعقل هذا يدرك بالعقل أما الحسي يدرك بالمحسوسات بالأمور الحسية الخمسة.

فالمؤلف يقول  لا يمكن أن يقوم دليل عقلي أو حسي على خلاف ما جاء به الرسول ﷺ مطلقا لا يمكن أن يكون تدرك شيئا بإحدى الحواس الخمس أو تدركه بعقلك شيئا يخالف ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام كما لا يقوم دليل نقلي على خلافه كما أنه لا يمكن أن يأتي دليل نقلي ما جاء في الكتاب والسنة يسمى نقليا لأنه منقول كلام الله وكلام رسوله.

فإذاً ما جاء به الرسول ﷺ حق لا يمكن أن يخالفه دليل عقلي ولا يمكن أن يخالفه دليل حسي ولا يمكن أن يخالفه دليل نقلي.

يقول المؤلف الأمور العقلية أو الحسية النافعة تجد دلالة الكتاب والسنة مثبتة لها حاثة على تعلمها وعملها يعني الأمور العقلية والأمور الحسية هذه إما أن تكون نافعة وإما أن  تكون غير نافعة فإذا كانت نافعة فلا بد أن يأتي من الكتاب والسنة ما ينص عليها ويحث على تعلمها والعمل بها وإن كانت ضارة فلا بد يأتي الدليل الشرعي ينهى عنها وإن كانت لا نافعة ولا ضارة فلا يأتي شيء ينفيها ولا يثبتها.

وبهذا تعلم أن ما جاء به الرسول ﷺ حق كل ما جاء به محمد لا يمكن أن يعارضه دليل عقلي ولا حسي ولا نقلي.

قال ويدخل في الإيمان ما جاء به الرسول ﷺ بل وسائر الرسل كأنه يقول يعني من تمام الإيمان بالله أن هذا الداخل فيه ما جاء به الرسول ﷺ بل وسائر الرسل بل بما جاء به الرسل يكون تابعا لما سبق أن من كمال الإيمان أن يعلم أن ما جاء به الرسول ﷺ حق ولا يمكن أن يخالف دليلا عقليا ولا حسيا وكذلك ما جاءت به الرسل بل وسائر الرسل كأنه يقول يدخل في الإيمان بما جاءت به الرسل يعني ما سبق بل وسائر الرسل سائر الرسل كلهم جميع الرسل متضامنون دعوتهم واحدة المتقدم بشر بالمتأخر والمتأخر صدق بالمتقدم 

أحسن الله إليكم  قال المؤلف رحمه الله  

( المتن ) 

الأصل الثالث الإيمان باليوم الآخر فكل ما جاء به الكتاب والسنة مما يكون بعد الموت فإنه من الإيمان باليوم الآخر كأحوال البرزخ وأحوال يوم القيامة وما فيها من الحساب والثواب والعقاب والشفاعة والميزان والصحف المأخوذة باليمين والشمال والصراط وأحوال الجنة والنار وأحوال أهلهما وأنواع ما أعد الله فيهما لأهلهما إجمالا وتفصيلا فكل ذلك داخل بالإيمان باليوم الآخر  

( الشرح ) 

الإيمان باليوم الآخر أصل عظيم من أصول الإيمان وركن عظيم من أركان الإيمان هو ركن الخامس من أركان الإيمان الستة التي جاءت في حديث جبريل في سؤاله للنبي ﷺ لما سأله عن الإيمان قال: الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره.

 والإيمان باليوم الآخر كثيرا ما يقرن بالإيمان بالله إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فكثيرا ما يقرن بالإيمان بالله لأن الإيمان باليوم الآخر هو يوم القيامة.

وسمي اليوم الآخر لأنه ليس بعده شيء واليوم الأول هي الدنيا اليوم الأول فهما يومان اليوم الأول هي الدنيا واليوم الآخر هي الآخرة يقال الآخر بكسر الراء إذا لم يكن بعده شيء هما يومان ما بعدهما شيء أول وآخر لكن لو كان هناك يوم ثالث كان يقال اليوم الأول واليوم الآخَر مثل أيضا من الفائدة التي ينبغي أن تقال ربيع الأول وربيع الآخِر جمادى الأولى وجمادى الآخِر بكسر الخاء أما إذا قلت ربيع الأول وربيع الآخر خطأ هذا خطأ جمادى الأولى وجمادى الآخَر خطأ لماذا لأنه ما في إلا اثنين أول وآخر لكن لو في متعدد واحد الأول والثاني الأول والآخر والآخر والآخر والآخر لا بأس لكن إذا  كان اثنين فيكون أول وآخر يشتمل الأمرين سمي اليوم الآخِر بكسر الخاء لأن ليس بعده يوم الدنيا هي اليوم الأول واليوم الآخر هي اليوم الآخر.

ومن مات قامت قيامته يبدأ اليوم الآخر بالنسبة لكل إنسان حين الوفاة فيبدأ اليوم الآخر ويبدأ اليوم الآخر بالنسبة لانتهاء الدنيا بعد أن يأمر الله إسرافيل فينفخ في الصور نفخة الصعق فيموت الناس نفخة طويلة يطولها إسرافيل فلا يزال الصوت يقوى يقوى حتى يموت الناس فيموت الناس أربعون وبعدها ينزل الله مطراً تنبت منه أجساد الناس فإذا تم خلقها أمر الله إسرافيل فنفخ في الصور النفخة الثانية وإذا نفخ في الصور النفخة الثانية تطايرت الأرواح ودخلت كل روح لجسدها فقام الناس ينفطون التراب عن رؤوسهم فالنفخة الأولى نفخة صعق وموت والنفخة الثانية نفخة بعث وحياة قال تعالى وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ نفختان هذا الصحيح جاء في حديث الصور أنها ثلاث نفخات نفخة صعق ونفخة موت ونفخة بعث لكن الحديث ضعيف في سنده إسماعيل بن رافع وهو ضعيف وما ذكر في سورة النمل وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ هذه في النفخة الأولى النفخة الأولى النفخة الأولى نفخة طويلة يطولها إسرافيل أولها فزع وآخرها صعق وموت ثم النفخة الثانية نفختان.

المؤلف يقول فكل ما جاء به الكتاب والسنة من ما يكون بعد الموت فإنه من الإيمان باليوم الآخر كأحوال البرزخ أحوال البرزخ ما يكون في القبر سمي برزخا البرزخ هو الفاصل بين الشيء سمي القبر برزخا لأنه فاصل بين الدنيا والآخرة برزخ ومنه قوله تعالى في البحرين مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ۝ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ فاصل لا يبغي أحدهما على الآخر فأحوال البرزخ يعني ما يكون بعد الموت من سؤال منكر ونكير ومن تضييق القبر وتوسيعه ومن فتح باب إلى الجنة وباب إلى النار كلها أحوال البرزخ ومن مجيء عمل الإنسان يجيء عمل الإنسان في صورة رجل حسن الوجه طيب الريح أو في صورة رجل قبيح الوجه نتن الريح على حسب عمل الإنسان هذا كله من أحوال البرزخ يجب الإيمان بها من الغيبيات والتسليم لله ولا نعلم الكيفية ،الكيفية على ما هي لا نعلمها أمور غيبية لا تدرك كيفيتها حقائق البرزخ وما يكون فيها وحقائق يوم القيامة وما يكون فيها الميت تجد الميت اثنان ميت على أحدهما بجوار الآخر وأحدهما وسع له في قبره مد البصر وهو روضة من رياض الجنة والثاني ضيق عليه حتى تطبق عليه وأنت إذا كشفت القبرين ما شفت فرق بينهم ما ترى لأنك من أهل الدنيا لكن الميت يرى هذا هذا وسع له مدى البصر وهذا أغلق عليه في قبره ولو فتحت القبرين وجدت المساحة هي هي ما تختلف لأنك من أهل الدنيا والبرزخ لا نعلمها كيفيتها لا بد من التسليم والإيمان ثبت أن في الأحاديث الصحيحة أن الميت يأتيه ملكان أزرقان أسودان يسألانه من ربك وما دينك ومن نبيك وأنه وأن الميت ينعم ويوسع قبره مد البصر وأنه وأن الميت قد يعذب وأنه يضرب بمرزبة من حديد ويصرخ صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان ولا نعلم نؤمن بذلك وكل شيء ولا أحد يسأل وهناك من تأكله السباع ومن تأكله الحيتان وهو المقبرة التي تزرع المقبرة كل هؤلاء يأتيهم ما ثبتت فيه النصوص كل واحد من هؤلاء ولو كان أكلته السباع ولو كان أكلته الحيتان يأتيه ما دلت عليه النصوص من أن يضيق عليه في قبره أو أن يوسع يفتح عليه باب الجنة أو يفتح إليه باب إلى النار كل هذا نؤمن به ولا نعلم الكيفية ،الكيفية لا يعلمها إلا الله الكيفية والحقيقة لا يعلمها إلا الله كيفية حقائق البرزخ كيفية حقائق ما يكون في الجنة والنار والصراط والميزان على ما هي عليه وكذلك حقائق أسماء الله وصفاته على ما هي عليه كل هذه أمور غيبية من القواعد عند أهل السنة أنا نعلم ما أخبرنا به من المغيبات من وجه دون وجه فنعلم المعنى ولا نعلم الكيفية والكون من القواعد التي ذكرها شيخ الإسلام في التدمرية في الرسالة التدمرية فنعلم ما أخبرنا به من المغيبات من وجه دون وجه فالوجه الذي نعلمه هو المعني الذي أريد بذلك خبره والوجه الذي لا نعلمه هو الكون والكيفية و الحقيقة هذه أمور برزخ وأمور حقائق برزخ وحقائق الآخرة وحقائق الأسماء والصفات.

قال المؤلف فكل ما جاء به الكتاب والسنة من ما يكون بعد الموت فإنه من الإيمان باليوم الآخر كأحوال البرزخ وأحوال يوم القيامة وقوف الناس بين يدي الله في القيامة وكون العرق يلجمهم والشفاعة ويموج بعضهم إلى بعض والحوض حوض النبي ﷺ والميزان ميزان فيه أفعال العباد ميزان حقيقي له كفتان الكفة أعظم من السماوات والأرض المعتزلة يعملون عقولهم أنكروا الميزان قالوا الميزان ما في الميزان الذي يحتاج إلى الميزان البقال والفوال أما الله فلا يحتاج إلى ميزان قالوا الميزان معناه العجز أنكروا يعملون عقولهم في مقابلة النصوص وهذا باطل خصوصا أنه ميزان حسي له كفتان كل كفة أعظم من أطباق السماوات والأرض وكذلك أنكروا الشفاعة الخوارج والمعتزلة مع أنها الشفاعة في العصاة المخلدون في النار مع أنها نصوص متواترة بلغت حد التواتر لأنهم أعملوا عقولهم في مقابلة النصوص وآرائهم الفاسدة.

الواجب التسليم الواجب على كل مسلم التسليم لله ولرسوله ﷺ أحوال البرزخ وأحوال يوم القيامة وما فيهما من الحساب ،الحساب إن الله تعالى يحاسب الخلائق كلهم في وقت واحد لا يلهيه شأن عن شأن ملايين البشر يحاسبهم الله في وقت واحد لأنه   لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ أما المخلوق ضعيف أنا لو أتكلم معي اثنين ثلاثة لما استطعت أقول للإنسان اسكت حتى أرد على هذا ما أستطيع أن أكلم خمسة أو ستة في وقت واحد لكن الله يحاسبهم كلهم في وقت واحد كما أنه يرزقهم ويخلقهم ويعافيهم  ويجيب دعاءهم ويسمع دعاءهم ويرزقهم ويخلقهم كذلك يحاسبهم في وقت واحد ويفرغ منهم في قدر منتصف النهار يكون الله تعالى حاسب الخلائق حتى إن أهل الجنة في وقت القيلولة يدخلون الجنة يكونون في الجنة القيلولة في الجنة قال تعالى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا نسأل الله لنا وإياكم الجنة.

يقول المؤلف فكل ما جاء به الكتاب والسنة مما يكون بعد الموت فإنه من الإيمان باليوم الآخر كأحوال البرزخ وأحوال يوم القيامة وما فيها من الحساب والثواب في الجنة والعقاب في النار والشفاعة شفاعة للعصاة الموحدين يشفع الأنبياء يشفع نبينا ﷺ أربع شفاعات كل مرة يحد الله بها حدا فيخرجهم بالعلامة ويشفع الأنبياء وتشفع الملائكة ويشفع الصالحون ويشفع الأفراد فتبقى بقية لا تنالهم الشفاعة فيخرجهم رب العالمين برحمته لا يبقى في النار إلا الكفرة عصاة لهم أمد ينتهون تنتهي مدتهم وإن كان بعضهم يطول مكثهم بسبب كثرة الجرائم والمعاصي أو غلظها وفحشها لكن لا بد لهم نهاية فالقاتل قال الله أنه مخلد والخلود خلودان خلود مؤمد له أمد ونهاية هذا خلود لبعض العصاة وخلود مؤبد لا نهاية له هذا خلود الكفرة والعرب تقول أقام فيها وأخلدها كل هذا من الإيمان باليوم الآخر الحساب والثواب والعقاب والشفاعة.

والميزان ،والميزان حسي خلافا للمعتزلة والصحف التي تتطاير والمؤمن يأخذ كتابه بيمينه والفاجر يأخذ كتابه بشماله ملوية وراء ظهره نعوذ بالله ولهذا قال تعالى وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ  يأخذها بشماله ملوية وراء ظهره نعوذ بالله.

والصراط الذي يمد على الجنة والنار الصراط حسي ليس معنويا الصراط حسي يمر الناس على قدر أعمالهم فأول طائفة تمر على الصراط كالبرق ثم كالطير الزمرة الثانية كالطير ثم كالريح ثم كأجاود الخيل ثم الرجل يعدو عدواً يركض ركضا ثم الرجل يمشي مشيا ثم الرجل يزحف زحفا وعلى الصراط كلاليب تخطف من أمرت بخطفهم وتلقيه في النار فناج مسلم ومكردس على وجهه في النار والنبي ﷺ قائم على النار يقول اللهم سلم ،سلم اللهم سلم ،سلم ومن تجاوز الصراط نجا كل أحد سيمر على الصراط أقسم الله أن كل إنسان سيمر على الصراط وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ۝ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا 

والورود اختلف العلماء في معنى الورود قيل الورود هو المرور على الصراط وقيل هو دخول النار والصواب أنه المرور على الصراط الورود المرور على الصراط ولهذا قال ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا فهذا يسمى نجاة الله تعالى قال وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ نجا صالحا من العذاب الذي أصاب ثمود وما أصابهم يقال نجا ولم يصبهم ما أصابهم فكذلك المرور على الصراط من مر على الصراط نجا.

وأحوال الجنة وأحوال النار أحوال الجنة وما فيها من النعيم وما فيها من النعيم المقيم أهل الجنة يدخلونها في غاية من الصفا بعد أن يتجاوز الصراط يوقفون على قنطرة بين الجنة والنار فيتحاسبون المظالم التي ببينهم كل واحد يؤخذ حقه من صاحبه هم من المؤمنين كل واحد يؤخذ حقه منه فلا يدخل الجنة أحد وأحد يطلبه مظلمة يقتصون كل واحد يأخذ حقه بالحسنات والسيئات ما في دراهم ما في إلا الحسنات والسيئات ثم إذا تم حسابهم نزع الله ما في صدورهم من الغل فدخلوا على غاية من الصفاء إخوانا على سرر متقابلين ثم بعد ذلك أهل الجنة في غاية من النعيم شباب كحل جرد مرد لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتمخطون ولا ينامون ولا يمرضون ولا يموتون لا يفنى شبابُهم، ولا تَبلى ثيابُهم شبابهم دائم وصحة دائمة ونعيم دائم وليس فيها حر ولا برد لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا وأعلى من ذلك من نعيم الجنة التمتع برؤية وجه الله الكريم هذا أفضل نعيم ،نعيم نهاية النعيم ويؤكلون ويشربون ثم يخرج منهم عرق ريحه ريح المسك بطونهم فيأكل [ 23:55 ] وهكذا ما في الجنة ما في حمامات ولا فيها بول ولا غائط ولا حيض ولا نفاس بالنسبة للنساء كل هذا أهل الجنة في نعيم دائم ولا في غبار ولا كذا الغبار يحتاج إلى أن ينظف شيئا من الغبار لا ما فيها غبارها مسك كلها مسك فيه ذهب وفضة نسأل الله من فضله.

 والنار نسأل الله السلامة والعافية عذاب دائم نسأل الله السلامة والعافية يتنوع عذابهم بين الزمهرير وبين النار الحامية إذا سأل أحدهم الماء أوتي بماء قد اشتد غليانه فإذا قرب من فمه سقط لحم وجهه أعوذ بالله فإذا شرب مزقت أمعائه ثم تعود كما كانت لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى حتى يبقى عذابه نسأل الله السلامة والعافية وفيها زمهرير فيها أيضاً مكان بارد شدة برد وشدة حر يتنوع عذابهم بين هذا وهذا فيها حيات وعقارب تلسعهم نسأل الله السلامة والعافية نعوذ بالله من غضبه وسخطه.

فلا بد من الإيمان بهذا الإيمان بأحوال الجنة وأحوال النار وأحوال أهلها وأحوال ما أعده الله لأهلها إجمالا وتفصيلا وكل ذلك داخل في الإيمان باليوم الآخر كله داخل في الإيمان باليوم الآخر لا بد من العلم بهذا العلم بأحوال البرزخ وأحوال يوم القيامة الإيمان بالحساب الإيمان بالثواب الإيمان بالعقاب الإيمان بالشفاعة الإيمان بالميزان الإيمان بالصحف الإيمان بالصراط الإيمان بأحوال الجنة الإيمان بأحوال النار الإيمان بأنواع النعيم الذي أعده الله لأهلها لأهل الجنة أنواع العذاب الذي أعده الله لأهل النار كل هذا داخل في الإيمان باليوم الآخر لا بد من الإيمان به والتصديق وأنه حق نسأل الله السلامة والعافية ونسأل الله أن يرزقنا وإياكم النجاة والسلامة والعافية من الشرور والفتن وأن يجعلنا من أهل دار كرامته 

أحسن الله إليكم قال رحمه الله 

( المتن ) 

الأصل الرابع مسألة الإيمان فأهل السنة يعتقدون ما جاء به الكتاب والسنة من أن الإيمان هو تصديق القلب المتضمن لأعمال الجوارح فيقولون الإيمان اعتقادات القلوب وأعمالها وأعمال الجوارح وأقوال اللسان وأنها كلها من الإيمان وأن من أكملها ظاهرا وباطنا فقد أكمل الإيمان ومن انتقص شيئا منها فقد انتقص من إيمانه وهذه الأمور بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا أله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان.

( الشرح ) 

الأصل الرابع مسألة الإيمان.

الإيمان هو التصديق قال مسألة الإيمان أهل السنة يعتقدون ما جاء به الكتاب والسنة من الإيمان هو تصديق القلب المتضمن لأعمال الجوارح فيقولون الإيمان هو اعتقادات القلوب وأعمالها وأعمال الجوارح وأقوال اللسان وأنها كلها من الإيمان هذه عقيدة أهل السنة والجماعة أن الإيمان مسمى الإيمان يشمل تصديق القلب وإقراره واعترافه ويشمل أعمال القلوب المحبة والخوف والرجاء والنية والإخلاص والصدق والمحبة ويشمل إعمال الجوارح كالصلاة والصيام ويشمل قول اللسان والنطق بالشهادتين ويشمل عمل اللسان وهو ماعدا النطق بالشهادتين كلها داخلة في مسمى الإيمان يشمل قول اللسان قول القلب واعترافه وتصديقه وقول اللسان وهو النطق بكلمة التوحيد وعمل القلب والنية والإخلاص والمحبة وعمل الجوارح وعمل اللسان.

ولهذا يقول أهل السنة الإيمان قول وعمل والقول قسمان قول القلب وقول اللسان والعمل قسمان عمل القلب وعمل الجوارح هذه من أقوال أهل السنة يقول الإيمان قول وعمل وقال معظمهم الإيمان قول وعمل ونية وقال آخرون الإيمان قول ونية وسنة وقال بعضهم الإيمان قول باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالأركان يزيد بالطاعة وتنقص بالعصيان قول باللسان وتصديق بالجنان القلب الجنان بفتح الجيم الجنة أما الجنان بالكسر جمع جنة يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية يعني إذا عمل الإنسان الطاعة زاد إيمانه وإذا عمل الإنسان المعصية نقص إيمانه.

 خلافاً للمرجئة المرجئة بجميع طوائفهم لا يدخلون الأعمال في مسمى الإيمان ،الإيمان عن المرجئة لا يكون إلا في القلب  والكفر لا يكون إلا في القلب وأهل السنة يقولون الإيمان يكون في القلب وباللسان وبالجوارح والكفر يكون بالقلب واللسان والجوارح.

والمرجئة أربعة طوائف كلهم لا يدخلون الأعمال في مسمى الإيمان:

أول الطوائف المرجئة مرجئة الجهمية يقولون الإيمان هو معرفة الرب بالقلب هذا أفسد قول على وجه الأرض أفسد تعريف على وجه الأرض هو تعريف الجهمية للإيمان وأبو الحسين الصالحي قال الإيمان معرفة الرب بالقلب هذا قول الجهمية والكفر جهل الرب بالقلب إذاً ما يوجد كافر على هذا القول ما يوجد كافر إلا يجهل ربه بقلبه وألزم العلماء الجهم بأن إبليس مؤمن  على قوله يعرف ربه قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي وفرعون مؤمن لأنه يعرف ربه قالوا وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا واليهود مؤمنون الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وأبو طالب عم الرسول ﷺ مات على الشرك مؤمن لأنه قال:

وَلَقَدْ عَلِمْتُ بِأَنَّ دِينَ مُحَمَّدٍ مِنْ خَيْرِ أَدْيَانِ البَرِيَّةِ دِينَا

وهذا أفسد الأقوال من أبطل الباطل قال هذا لا يوجد أحد كافر على مذهب الجهم إلا من جهل ربه  العلماء ألزموه كفروا الجهم بتعريفه هو  هو أجهل الناس بربه من قال هذا القول فيكون كافراً باعترافه على نفسه نسأل الله السلامة والعافية.

القول الثاني أن الإيمان هو النطق باللسان وهذا قول الكرامية الإمام محمد بن كرام إذا نطق بلسانه وقال آمنت وقال لا إله إلا الله يسمى مؤمناً كامل الإيمان وإذا كان مكذبا بقلبه فإنه يخلد في النار فجمعوا بين المتناقضين يكون مؤمنا كامل الإيمان مخلدا في النار كيف هذا تناقض مؤمن كامل الإيمان لأنه نطق بالشهادتين ومخلد في النار لأنه مكذب بقلبه فجمعوا بين أمرين متناقضين.

القول الثالث أو الطائفة الثالثة من المرجئة قول الأشاعرة والماترودية أن الإيمان هو التصديق تصديق بالقلب وهذا هو الرواية الأولى رواية عن الإمام أبي حنيفة أن الإيمان هو التصديق قول اللسان ليس من الإيمان وإن كان مطلوبا وشيخ الإسلام يقول يعصر التفريق بين التصديق وبين المعرفة إذا لم يكن هناك حركة في القلب حركة ومحبة.

الطائفة الرابعة مرجئة الفقهاء أبو حنيفة وأصحابه وطائفة من أهل السنة الإيمان شيئان النطق باللسان وتصديق القلب وأما أعمال الجوارح فليست من الإيمان قالوا مطلوبة الواجبات واجبات والمحرمات لكن ما نسميها إيمانا نسميها برا نسميها هدى نسميها تقوى لكن ما نسميها إيمانا طائفة من أهل السنة خالفوا في اللفظ وإن كان وافقهم في المعنى لكن له آثار.

وأما جماهير أهل السنة الإمام مالك والشافعي وأحمد وجميع أهل السنة يقولون كما سبق الإيمان قول باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالجوارح يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وطوائف المرجئة كلهم لا يقولون بأن الإيمان يزيد وينقص الإيمان شيء واحد لا يزيد ولا ينقص لأنه شيء واحد.

ولا يستثني في الإيمان من الفوارق بينهما لا يقولون أنا مؤمن إن شاء الله هذا ممنوع عند المرجئة تقول أنا مؤمن إن شاء الله تشك في إيمانك يسمون المستثني شاكا في إيمانه يسمونه شكاكا هذا شكاك تشك في إيمانك تعلم أنك مؤمن كما تعلم أنك تحب الرسول ﷺ وكما تعلم أنك تبغض اليهود كيف تشك؟

وأما جميع أهل السنة فيقولون المسألة فيها تفصيل إن قصد الشك في أصل إيمانه فممنوع أما إذا قصد أن إيمانه أن أمور الإيمان متعددة وأن الإنسان لا يزكي نفسه بل يجزم بنفسه ولا يجزم بأنه أدى ما عليه فيقول إن شاء الله إن شاء الله راجع إلى أمور الدين أمور الإيمان المتعددة لا يدري الإنسان هذا هل كملها أو لا وكذلك إذا قصد التبرك بذكره لله لا بأس وكذلك إذا أراد عدم علمه بالعاقبة ومنه قوله تعالى لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ هذا محقق دخولهم قال إن شاء الله للتبرك بذكر الله لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ  هذه طوائف المرجئة كلهم يقولوا الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان.

من الرد عليهم أن النبي ﷺ أخبر من الأدلة أن النبي ﷺ قال الإيمان بضع وسبعون شعبة في رواية البخاري الإيمان بضع وستون شعبة وفي رواية مسلم الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق بضع وسبعون شعبة كله داخل في مسمى الإيمان.

البيهقي رحمه الله ألف كتابا سماه شعب الإيمان تتبع شعب الإيمان من النصوص وأوصلها إلى أعلى البضع ،البضع من ثلاثة أجزاء أوصلها لتسع وسبعين شعبة كلها داخلة في مسمى الإيمان والرسول ﷺ مثل الشعبة القولية قول لا إله إلا الله هذه أعلاها وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة الحياء شعبة قلبية قول لا إله إلا الله شعبة قولية إماطة الأذى شعبة عملية وبين الأعلى والأدنى شعب يقرب من شعبة شعب الشهادة [ 35:23 ] الصلاة شعبة والزكاة شعبة والصوم شعبة والحج شعبة و[ 35:28 ] شعبة و [ 35:29 ] شعبة والجهاد في سبيل الله شعبة وصلة الأرحام شعبة وهكذا كل الشعب متعددة بضع وسبعون كل هذا رد على المرجئة الإيمان بضع وسبعون شعبة.

كذلك أيضا حديث وفد عبد القيس في الصحيحين أن النبي ﷺ قال أمركم بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيموا الصلاة، وتؤتوا الزكاة، وتؤدوا خمس ما غنمتم وتصوموا رمضان. كل هذه جعلها من الإيمان كل هذه رد على المرجئة.

المؤلف رحمه الله قال وأن من أكملها ظاهرا وباطنا فقد أكمل الإيمان من أكمل أعمال القلوب وأعمال الجوارح من أكملها ظاهراً وباطنا فقد أكمل الإيمان ومن انتقص شيئا منها فقد انتقص من إيمانه وهذه الأمور بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله هذه الكلمة شعبة الشهادة شعبة قولية وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان هذه رواية الإمام مسلم بضع وسبعون شعبة وفي رواية البخاري بضع وستون شعبة هذا فيه الرد على المرجئة الذين لا يدخلون الأعمال عن مسمى الإيمان ، الإيمان مكون من هذه الأمور.

والكفر يكون بالقلب كما إذا اعتقد أن مع الله شريكا أو إلها ويكون أيضا باللسان كما لو سب الله وسب الرسول ﷺ يكون كما إذا نطق بالشهادتين يكون إيمانا وإذا سب الله وسب الرسول ﷺ صار كفراً.

ويكون بالجوارح أيضا قال الله تعالى وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ عند صلاتكم إلى بيت المقدس الإيمان يكون بالقلب ويكون باللسان ويكون بالجوارح والكفر يكون بالقلب إذا اعتقد الكفر اتخذ لله صاحبة أو ولدا ويكون باللسان إذا نطق بكلمة الكفر قال تعالى ولقد قالوا كلمة الكفر ويكون بالجوارح كما لو سجد للصنم فالكفر يكون بالقلب ويكون باللسان ويكون بالجوارح والإيمان يكون بالقلب ويكون باللسان ويكون بالجوارح.

المرجئة يقولون لا ما يكون الإيمان إلا بالقلب ولا يكون الكفر إلا بالقلب وما جاء من النصوص مؤول يؤولونه يقول الساجد للصنم لا يكون كافا إلا لأنه يؤول إلى الكفر وليس بكفر إذا اعتقد صار كفرا وإلا فلا يكون كافرا هذا من أبطل الباطل والمرجئة قولهم باطل فاسد مخالف للنصوص.

قال المؤلف ويرتبون على هذا الأصل أن الناس في الإيمان درجات مقربون وأصحاب يمين وظالمون لأنفسهم يعني يرتبون على هذا الأصل الإيمان أن الناس في الإيمان ثلاث درجات مقربون وأصحاب يمين وظالمون لأنفسهم بحسب مقاماتهم من الدين والإيمان هذه أقسام المؤمنين ثلاث طوائف سابقون مقربون وأصحاب اليمين وظالمون لأنفسهم.

السابقون المقربون هم الذين تقربوا إلى الله بأداء الفرائض والواجبات ثم زاد نشاطهم فتقربوا إلى الله بالنوافل والمستحبات وتقربوا إلى الله بترك المحرمات والكبائر ثم تقربوا إلى الله بترك المكروهات كراهة تنزيه ثم تقربوا إلى الله بترك التوسع في المباحات هؤلاء السابقون المقربون.

وأما أصحاب اليمين فهم أدوا الواجبات فقط ووقفوا في ذلك ما عندهم نشاط في المستحبات والنوافل وتركوا المحرمات فقط ولم يتركوا المكروهات كراهة تنزيه ويتوسعوا في المباحات وكل من أصحاب اليمين والسابقين المقربين كل منهم يدخل الجنة من أول وهلة لأنه أدى ما عليه لكن درجات السابقين عالية المقربين ودرجة أصحاب اليمين أقل.

الطائفة الثالثة الظالمون لأنفسهم هؤلاء مؤمنون موحدون لم يقع في عملهم شرك لكن ظلموا أنفسهم في التقصير في بعض الواجبات أو فعل المحرمات هؤلاء سموا ظالمين لأنفسهم وهؤلاء كما سبق منهم من تاب الله عليه لكن إذا مات بغير توبة فظالمون لأنفسهم أما من تاب قبل الموت التوبة تجب ما قبلها لكن مات بغير توبة هذا يسمى ظالما لنفسه ما حاله؟ منهم من يعذب في قبره كما في قصة حديث ابن عباس في قصة الرجلين اللذين مر عليهما وقال إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة، ثم أخذ جريرة رطبة فشقها نصفين فقال لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا ومنهم من تصيبه أهوال وشدائد يوم القيامة فإذا عذب في قبره أو أصيب بالمصائب في الدنيا أو أقيم عليه الحد إذا فعل ما يوجب الحد مثل الزنا ثم أقيم على حده الجلد الرجم والخمر جلد يكون طهارة له إقامة الحد كفارة والله تعالى أكرم من أن يثني عليه العقوبة في الدنيا وفي الآخرة فإذا أقيم عليه الحد هذه كفارة له إذا تاب توبة نصوح توبة طهارة إذا لم يحصل على هذا أو هذا هو تحت مشيئة الله عفا الله عنه هذه طهارة له إذا لم يعف الله عنه وعذب في قبره هذا طهارة له وقد يصيبه من شدائد وأهوال يوم القيامة أو يستحق دخول النار فيشفع فيه ويشفعه الله فيه أو يستقبل النار ولا يشفع فيه فيدخل النار وإذا دخل النار دخلها على أنه عاصٍ يطهر بقدر ذنوبه وإجرامه ثم يخرج منها بشفاعة الشافعين أو برحمته أرحم الرحمين هذا الظالمون لأنفسهم.

وكل هؤلاء من أهل الجنة الثلاثة كلهم من أورثهم الله الكتاب وكلهم اصطفاهم الله حتى الظالم لنفسه اصطفاه الله فلم يقع في الشرك وحّد قال الله تعالى في كتابه العظيم ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ۝ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا كل الأصناف الثلاثة هذه أقسام الناس في الإيمان درجات والسابقون المقربون درجتهم عالية وبحسب ما قال مرتبون على هذا الأصل أن الناس في الإيمان درجات مقربون وأصحاب يمين وظالمون لأنفسهم بحسب مقاماتهم من الدين والإيمان.

وأنه يزيد وينقص الإيمان يزيد وينقص إذا فعل الطاعة زاد الإيمان وإذا فعل المعصية نقص إذا قرأ القرآن صلى وصام زاد إيمانه وإذا فعل المعصية نقص إيمانه وضعف الإيمان يزيد وينقص ويقوى ويضعف خلاف المرجئة يقولون الإيمان ما يزيد ولا ينقص بل هو شيء واحد إيمان أفسق الناس وأعبد الناس واحد عندهم ولهذا يعني ما يرد به على المرجئة حتى مرجئة الفقهاء يقولون إنكم فتحتم بابا للعصاة يأتي السكير العربيد فيقول أنا مؤمن كامل الإيمان إيماني كإيمان جبريل وميكائيل وكإيمان أبي بكر وعمر فإذا قيل له أبو بكر عملا إعمالا عظيمة يقول ما لها دعوة بالإيمان المهم أنا مصدق وهو مصدق سواء الإيمان سواء هذا من أبطل الباطل الإيمان يزيد وينقص ويقوى ويضعف هذا هو الصواب الذي دلت عليه النصوص قال الله تعالى وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ۝ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ قال تعالى لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وقال تعالى وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا بنص القرآن الإيمان يزيد وينقص والكفر يزيد وينقص ويقوى ويضعف.

قال المؤلف أنه يزيد وينقص فمن فعل محرما أو ترك واجبا نقص إيمانه الواجب ما لم يتب إلى الله إذا تاب تاب الله عليه ويرتبون على هذا الأصل أن الناس ثلاثة أقسام  

أحسن الله إليكم قال رحمه الله  

( المتن ) 

ويرتبون على هذا الأصل أن الناس ثلاثة أقسام منهم من قام بحقوق الإيمان كلها فهو المؤمن حقا ومنهم من تركها كلها فهذا كافر بالله تعالى ومنهم من فيه إيمان وكفر أو إيمان ونفاق أو خير وشر ففيه من ولاية الله واستحقاقه لكرامته بحسب ما معه من الإيمان  

( الشرح ) 

الأفصح من ولاية بفتح الواو الولاية بالفتح المحبة والنصرة والولاية بالكسر الإمارة والحرفة  

( المتن ) 

ففيه من ولاية الله واستحقاقه لكرامته بحسب ما معه من الإيمان وفيه من عداوة الله واستحقاقه لعقوبة الله بحسب ما ضيعه من الإيمان  

( الشرح ) 

 أهل السنة رتبوا على هذا الأصل إن الناس ثلاثة أقسام منهم من يحب من جميع الوجوه ومنهم من يبغض من جميع الوجوه ومنهم من يحب من وجه ويبغض من وجه هذا تمشى مع مذهب أهل السنة والجماعة.

أما المرجئة عندهم الناس صنفان محبوب من جميع الوجوه ومبغض من جميع الوجوه.

لكن جماهير أهل السنة يرتبون على هذا الأصل أن أقسام الناس ثلاثة منهم من قام بحقوق الإيمان كلها هذا هو المؤمن حقا من جميع الوجوه المؤمن الذي أدى الواجبات وترك لمحرمات هذا قام بحقوق الإيمان يحب من جميع الوجوه ومنهم من تركها كلها كافر يبغض من جميع الوجوه مبغض مطلقا والثالث مؤمن عاصٍ فهو يحب بقدر ما فيه من الإيمان والطاعات ويبغض بقدر ما فيه من المعاصي فيكون وليا لله من وجه وعدوا لله من وجه هكذا يواليه ويعاديه يواليه من وجه ويعاديه من وجه.

وينبغي للمؤمن أن يتسع قلبه موافقة لربه فإذا رأيت شخصا مؤمنا تجد شخصا مؤمنا يحافظ على الصلوات الخمس وعنده الغيرة على محارمه وكذلك أيضا محسن إلى جيرانه وواصل لرحمه هذا تحبه لكن من جهة تجده يتعامل بالربا أو يغش الناس ويخادعهم أو يأخذ حقوق الناس فأنت تبغضه من هذه الجهة فتحبه من جهة إذا نظرت إلى إيمانه ومحافظته على الصلاة وغيرته على محارمه وإحسانه إلى جيرانه وصلة رحمه تحبه وإذا نظرت إلى كونه يتعامل بالربا أو يأخذ حقوق الناس أو يأكل بالرشوة أو يحلق لحيته وما أشبه ذلك فإنك تبغضه ،تبغضه من جهة وتحبه من جهة تنظر بمنظارين يتسع قلبك لهذا ولهذا فهو من جهة ولي لله من جهة محافظته على الصلوات وغيرته على المحارم وإحسانه لجيرانه وصلة رحمه ولي لله ومن جهة كونه يتعامل بالربا أو يأكل الرشوة ويأخذ حقوق الناس فهو عدو لله عدو لله من جهة وولي لله من جهة تحبه من هذه الجهة وتبغضه من هذه الجهة.

أما الذي يحب من جميع الوجوه هذا المؤمن الذي أدى الواجبات وترك المحرمات والذي يبغض من جميع الوجوه هذا الكافر هذا معنى قوله يرتب المؤمنون على هذا الأصل أن الناس ثلاثة أقسام منهم من قام بحقوق الإيمان كلها فهو المؤمن حقا ومنهم من تركها كلها فهذا كافر بالله تعالى ومنهم من فيه إيمان وكفر أو إيمان ونفاق أو خير وشر وهذا فيه من ولاية الله واستحقاقه لكرامته بحسب ما معه من الإيمان فأنت تواليه وتحبه بحسب ما فيه من الإيمان وتواليه وتعاديه بحسب ما فيه من شعب الكفر أو شعب النفاق أو الشر تحبه وتواليه بحسب ما فيه من الإيمان بحسب ما فيه من الخير وتواليه وتعاديه بحسب ما فيه من شعب الإيمان أو شعب الكفر أو الشر ففيه ولاية لله من جهة والله يواليه من جهة ويعاديه من جهة وأنت يتسع صدرك بهذا فتواليه من جهة وتعاديه من جهة لهذا قال وفيه من عداوة الله واستحقاقه لعقوبة الله بحسب ما ضيعه من الإيمان  

أحسن الله إليكم قال رحمه الله 

( المتن ) 

ويرتبون على هذا الأصل العظيم أن كبائر الذنوب وصغائرها التي لا تصل لصاحبها إلى الكفر تنقص إيمان العبد من غير أن تخرجه من دائرة الإسلام ولا يخلد في نار جهنم ولا يطلقون عليه الكفر كما تقوله الخوارج أو ينفون عنه الإيمان كما تقوله المعتزلة بل يقولون هو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته فمعه مطلق الإيمان وأما الإيمان المطلق فينفى عنه وبهذه الأصول يحصل الإيمان بجميع نصوص الكتاب والسنة  

( الشرح ) 

المؤلف يقول ويرتبون على هذا الأصل العظيم أن كبائر الذنوب وصغائرها التي لا تصل لصاحبها إلى الكفر تنقص إيمان العبد من غير أن تخرجه من دائرة الإسلام ولا يخلد في نار جهنم هذه عقيدة أهل السنة هذا أصل عند أهل السنة أن الذنوب والمعاصي ولو كثرت ولو عظمت لا تصل إلى الكفر بل هي تنقص في الإيمان وتضعفه ولا تخرجه من دائرة الإسلام ولا يخلد في النار.

ولهذا فإن نبينا ﷺ يشفع في أهل الكبائر في النار ويقال له في بعض شفاعته أخرج من كان في قلبه مثقال برة من إيمان، أخرج من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، أخرج من كان في قلبه أدنى مثقال ذرة من إيمان حتى يقال في المرة الرابعة الأخيرة أخرج من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثال حبة من خردل من إيمان انظر الإيمان يضعف حتى يكون في أدنى أدنى أدنى ولا ينتهي الإيمان ما ينتهي الذنوب والمعاصي [ 50:31 ] ما تنهي الإيمان لا تقضي عليه متى ينتهي الإيمان إذا جاء الكفر الأكبر أو الشرك الأكبر أو النفاق الأكبر أما المعاصي ولو عظمت ولو كثرت لا تقضي على الإيمان بل يبقى بقية يخرج بها من النار يخرج من النار بهذا الإيمان الذي معه أصل التوحيد والإيمان هذه عقيدة أهل السنة والجماعة أن كبائر الذنوب وصغائرها التي لا تصل إلى الكفر الأكبر ولا الشرك الأكبر ولا النفاق الأكبر ولا الظلم الأكبر ولا الفسق الأكبر الذي يخرج من الملة فينقص من إيمان العبد ولا يخرج من دائرة الإسلام ولا يخلد في نار جهنم ولو كثرت المعاصي معه التوحيد والإيمان ما يخلد في النار إلا الكفرة هذا في الدنيا والآخرة.

وكذلك أيضا لا يطلقون عليه الكفر كما يطلقه الخوارج ما يقولون إن شارب الخمر كافر لا و لا يقولون هو مؤمن أيضا لا يطلقون عليه الكفر ولا ينفون عنه الإيمان كما تقول المعتزلة فالخوارج والمعتزلة يكفرون بالكبائر إذا فعل الإنسان كبيرة إذا فعل الإنسان الكبيرة وشرب الخمر أو زنى أو سرق عند الخوارج كفر خرج من الإيمان ودخل في الكفر ويستحلون دمه وماله ويخلدونه في النار وعند المعتزلة خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر فيكون فاسقا لا يسمى مؤمنا ولا كافرا يكون في منزلة بين المنزلتين في الدنيا في الآخرة يوافقون قول الخوارج على أنه مخلد في النار وأما أهل السنة فلا ينفون عنه الإيمان ولا يطلقون عليه الإيمان في إيمان مطلق ومطلق إيمان يعطونه مطلق الإيمان ولا يعطونه الإيمان المطلق فيقولون ويقيدون ما تقول مؤمن ولا تقول ليس بمؤمن لأنك إذا قلت مؤمن وافقت المرجئة والمرجئة يقولون لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع من الكفر الطاعة إذا نطق الإنسان بالشهادتين لا تضره جميع المعاصي والخوارج يقولون إذا فعل المعصية كفر وخلد في النار فأنت إذا قلت مؤمن وافقت المرجئة وإذا قلت ليس بمؤمن وافقت الخوارج إذاً لا بد تقيد فتقول العاصي في الإثبات مؤمن ضعيف الإيمان أو ناقص الإيمان مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته وفي النفي لا تقول ليس بمؤمن لأن القول ليس بمؤمن يوافق الخوارج قل ليس بمؤمن حقا ليس بصادق الإيمان فلا يقال الإيمان المطلق ولا يسلب مطلق إيمانه الإيمان المطلق هو الإيمان الكامل ما يعطي ما يعطى الإيمان المطلق إلا للمؤمن الذي أدى الواجبات وترك المحرمات وأما ناقص الإيمان يقال له يعطى أصل الإيمان يقول معه أصل الإيمان مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته مؤمن ضعيف الإيمان يعطى هذا مطلق الإيمان مطلق الإيمان ولا يعطى الإيمان المطلق مطلق الإيمان لأنه أصل الإيمان والإيمان المطلق كمال الإيمان فرق بين مطلق الإيمان والإيمان المطلق والإيمان المطلق الكامل لا يعطى للعاصي لا يعطى إلا لمن أدى الواجبات وترك المحرمات ومطلق الإيمان يعطاه العاصي أصل الإيمان.

فعند أهل السنة إذا قلت عن العاصي مؤمن وسكت تكون غلطان وإذا قلت ليس بمؤمن غلطت تقول ماذا أعمل؟؟  قيد ، قيد يا أخي حتى ما تغلط لا تقول مؤمن تسكت قل مؤمن ضعيف الإيمان مؤمن ناقص الإيمان مؤمن فاسق بكبيرته تكون على صواب ولا تقول ليس بمؤمن تسكت توافق الخوارج قل ليس بصادق الإيمان ليس بمؤمن حقا قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ

 هذا معنى قول المؤلف ولا يطلقون عليه الكفر كما تقول الخوارج أو ينفون عنه الإيمان كما تقوله المعتزلة بل يقولون هو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته فمعه مطلق الإيمان يعني أصل الإيمان وأما الإيمان المطلق فينفى عنه وبهذه الأصول يحصل الإيمان بجميع نصوص الكتاب والسنة جمعوا بينها هكذا أهل السنة يجمعوا يعملون بجميع النصوص  

أحسن الله إليكم قال رحمه الله 

( المتن ) 

ويترتب على هذا الأصل أن الإسلام يجب ما قبله وأن التوبة تجب ما قبلها وأن من ارتد ومات على ذلك فقد حبط عمله ومن تاب تاب الله عليه  

( الشرح ) 

نعم هذا ما يترتب عليه أن الإسلام يجب ما قبله إذا آمن الكافر وأسلم يجب الإسلام ما قبله لكن إذا حسن إسلامه كفر الله عنه الكفر والمعاصي وإذا أساء إسلامه يعني تاب من الكفر ولم يتب من شرب الخمر يأخذ بالأول وبالآخر من أسلم وحسن إسلامه جب الإسلام ما قبله من الذنوب والمعاصي ومن أسلم وساء إسلامه يمحى عنه الكفر ولكن تبقى المعاصي الذي يعملها في الجاهلية وفي الإسلام أن الإسلام يجب ما قبله والتوبة تجب ما قبلها من تاب تاب الله عليه إن كانت توبة نصوحا واستكملت شروطها وأن من ارتد ومات على ذلك فقد حبط عمله ومن ارتد ومات على مكفر فقد حبط عمله ومن تاب تاب الله عليه ومن تاب قبل الموت تاب الله عليه  

أحسن الله إليكم قال 

( المتن ) 

ويرتبون على هذا الأصل صحة الاستثناء في الإيمان فيصح أن يقول أنا مؤمن إن شاء الله لأنه يرجو من الله تعالى تكميل إيمانه فيستثني بذلك ويرجو الثبات على ذلك إلى الممات فيستثني من غير شك منه في حصول أصل الإيمان  

( الشرح ) 

هذا كما سبق تكلمنا عن الاستثناء في الإيمان أنا مؤمن إن شاء الله المرجئة يمنعون من الاستثناء مطلقا وأما أهل السنة يرون الاستثناء إذا كان راجعا إلى أمور الإيمان المتعددة والإنسان لا يزكي نفسه بل يجزي بنفسه ولا يجزم أنه أدى ما عليه فيقول أنا مؤمن إن شاء الله لأنه يرجو من الله تكميل إيمانه فيستثني ويرجو الثواب على ذلك فيستثني من غير شك منه بحصول الإيمان أما إذا شك في أصل الإيمان هذا باطل  

أحسن الله إليكم قال رحمه الله 

( المتن ) 

ويرتبون أيضاً على هذا الأصل أن الحب والبغض أصله ومقداره تابع للإيمان وجودا وعدما وتكميلا ونقصا ثم يتبع ذلك الولاية والعداوة ولهذا من الإيمان الحب في الله والبغض في الله والولاية لله والعداوة لله  

( الشرح ) 

نعم فعلى هذا أن الحب والبغض أصله ومقداره أنه تابع للإيمان فكل مؤمن يحب وكل كافر يبغض ثم المؤمن يحب بقدر ما فيه من الإيمان والطاعات ويبغض بقدر ما فيه من المعاصي فالحب والبغض والولاية والعداوة تابعة للإيمان الحب والبغض أصله ومقداره تابع للإيمان وجودا وعدما وتكميلا ونقصا فالمؤمن الذي أدى الواجبات وترك المحرمات يحب محبة كاملة ويوالى موالاة كاملة والكافر يبغض بغضا كاملا ويعادى معاداة كاملة والمؤمن العاصي يحب بقدر ما فيه من الإيمان والطاعات ويبغض بقدر ما فيه من المعاصي على حسب والناس يتفاوتون في هذا ،هذا معناه وجودا وعدما وتكميلا ونقصا ثم يتبع ذلك الولاية والعداوة ولهذا من الإيمان الحب في الله والبغض في الله والولاية لله والعداوة في لله من الإيمان تحب في الله المطيع لله وتبغض في الله العاصي وتوالي المؤمن وتعادي العاصي والمؤمن على حسب ما فيه من الإيمان تواليه وتعاديه حسب ما فيه من المعاصي  

أحسن الله إليكم قال 

( المتن ) 

ويترتب على الإيمان ولا يتم إلا بأن يحب لأخيه ما يحب لنفسه ويترتب على ذلك أيضا محبة اجتماع المؤمنين والحث على التآلف والتحابب وعدم التقاطع  

( الشرح ) 

نعم هذا يترتب على الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه كما جاء في الحديث قال النبي ﷺ لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ هذا حديث صحيح ثابت في الصحيح ومعناه إذا كنت تحب لنفسك الخير وأن يوفقك الله لطاعته ويرزقك الله مالا حلالا وزوجة صالحة تحب لأخيك ذلك إذا كنت تكره لنفسك المعاصي وتكره لنفسك ما يؤذيك تكرهه لأخيك فإن لم تكن كذلك فاعلم أن إيمانك ناقص وضعيف هذا معنى  لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ يعني لا يؤمن إيمانا كاملا الذي تبرأ به ذمته الإيمان الكامل واجب الإيمان الواجب هو هذا  فإذا كان لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه فإيمانه ناقص وضعيف فليفتش في نفسه هذا معنى قوله يترتب على الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه ولا يتم الإيمان إلا به ويترتب على هذا أيضا محبة اجتماع المؤمنين وأنهم يجتمعون ويتآلفون والحث على التآلف والتحابب كل هذا من الإيمان وعدم التقاطع هذه عقيدة أهل السنة والجماعة المؤمن يحب للمؤمنين أن يجتمعوا وأن يتآلفوا وأن يتحابوا ويكره التقاطع  

أحسن الله إليكم قال رحمه الله 

( المتن ) 

ويبرأ أهل السنة والجماعة من التعصبات والتفرق والتباغض ويرون هذه القاعدة من أهم قواعد الإيمان ولا يرون الاختلاف في المسائل التي تؤدي إلى كفر أو بدعة موجبة إلى تفرق  

( الشرح ) 

يبرأ أهل السنة من التعصبات والتفرق والتباغض التعصبات الحزبية يتحزبون يتفرقون شيعا وأحزابا هذا ينتسب إلى كذا وهذا ينتسب إلى كذا المؤمنون كلهم إخوة ولهذا لما حصل بين شاب من الأنصار وشاب من المهاجرين بعض الغزوات كسع المهاجري الأنصاري فقال الأنصاري يا للأنصار وقال المهاجر يا للمهاجرين قال النبي ﷺ دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ وهي أسماء دينية لكن لما صار فيها تحزب صار هذا حزب وهذا حزب سماه النبي ﷺ تعصبا قال دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ، أَبِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ يعني ينبغي ما يقول يا للأنصار يا مسلمون يا مؤمنون حتى يدخل الأنصار صار هذا الإنسان يعتلي لحزب وهذا يعتلي لحزب يقول كذا يا قبيلة يعتلي إلى قبيلة هذا تفرق تحزب المؤمنون إخوة لا ينبغي التحزب إذا كان النبي ﷺ قال للمهاجرين والأنصار وهما اسمان إسلاميان عظيمان ومع ذلك عندما صار فيه تحزب قال دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ، أَبِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ فلا ينبغي للإنسان أن يتحزب إلى قبيلة ولا يتحزب لحزب لأن المؤمنين إخوة ينهون أهل السنة والجماعة من التعصبات والتفرق والتباغض ويرون أن هذه القاعدة من أهم قواعد الإيمان تآلف المسلمين واتفاقهم واجتماع كلمتهم من أهم قواعد الإيمان ولا يرون الاختلاف في المسائل التي لا تكفر ولا يكون منها بدعة موجبة للتفرق الخلاف والنزاع هذا مثلا أرى الدم ينقض الوضوء وأنت لا ترى أنه ينقض الوضوء هذا ما يوجب التفرق هذا ينقض أو لا ينقض الوضوء هذا لا يوجب التحزب الصحابة يختلفون في المسائل ويصلي بعضهم خلف بعض ولا يتنازعون ولا يتفرقون لأن كل واحد له اجتهاد حسب ما فهم ما يوجب التفرق هذا ما دامت المسائل لا تصل إلى الكفر ولا إلى البدعة فلا توجب التفرق يجب على المسلمين أن يكونوا إخوة متحابين متآلفين ولو اختلفوا في بعض المسائل. 

وفق الله الجميع وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد