بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ:
الحمد له رب العالمين وصلى الله وسلم و بارك على عبد الله و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .
لا زال الحديث عن الأصل الرابع و مسألة الإيمان .
الطالب:
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله حق حمده و الصلاة و السلام على نبيه و عبده و على آله و صحبه ، اللهم اغفر لنا و لشيخنا أجمعين ، قال المؤلف رحمه الله تعالى :
( متن )
( شرح )
قال المؤلف رحمه الله تعالى " و يترتب على الإيمان محبة أصحاب النبي ﷺ" محبة أصحاب الرسول ﷺ دين و إيمان و قربة من الله لأن الله أثنى عليهم و عدلهم و زكاهم قال تعالى لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا ثم قال بعد ذلك وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وعدهم بالجنة و الحسنى الجنة و الله تعالى في آخر سورة الفتح قال مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا. هذه فضائل الصحابة لهم مزية الصحبة لا تلحق من بعدهم ، مزية الصحبة حتى لو كان من بعدهم مثلا في الكرم و في الجود أو في العبادة لكن مزية الصحبة خاصة للصحابة لا تحق لمن بعدهم. و لهذا من الإيمان محبة أصحاب النبي ﷺ.
و لهذا قال الطحاوي " محبتهم دين و إيمان و قربة محبتهم دين و قربة و إيمان و بغضهم بغض و كفر و طغيان " هكذا أهل السنة في عقائدهم يبينون أن محبة أصحاب النبي ﷺ من الإيمان الذي يتقرب به إلى الله .
" بحسب مراتبهم و عملهم " هم يتفاوتون فأفضلهم العشرة المبشرون بالجنة و أفضلهم الخلفاء الأربعة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي و ترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة ، إذا محبة أصحاب النبي ﷺ من الإيمان بحسب مراتبهم و عملهم.
" و أن لهم من الفضل و السوابق و المناقب ما فضلوا به سائر الأئمة " يعني هذا من الإيمان ، من الإيمان أن يعتقد المسلم أن لهم من الفضائل و السوابق و المناقب يعني الخصال الحميدة ما فضلوا به عن سائر الأئمة فهم صحبوا رسول الله ﷺ و حضروا التنزيل شهدوا التنزيل و الرسول ﷺ بين أظهرهم يفسر لهم كلام الله و نصروا رسول الله ﷺ و جاهدوا في سبيل الله و نشروا دين الله في مشارق الأرض و مغاربها فلا يحلق من بعدهم بهم لا كان مثلهم و لا يكون مثلهم لا كان و لا يكون مثلهم فهم اختارهم الله فهذا اختيار من الله و اصطفاء اختارهم الله لصحبة نبيه ﷺ فهم أفضل الناس بعد الأنبياء عليهم الصلاة و السلام و هم معصومون في الجملة أن يجتمعوا على ضلالة.
و من عقيدة أهل السنة و الجماعة أن يدينوا بمحبتهم بنشر فضائلهم هذا دين دين الله به محبة أصحابة ﷺ دين و قربة لله.
و " نشر فضائلهم " و محاسنهم " و يمسكون عما شجر بينهم " يعني عن الخلاف و النزاع الذي حصل بينهم و القتال يمسكون و ما يروى عنهم من الخلاف و النزاع كما قال شيخ الإسلام رحمه الله في العقيدة الوسطية " في الرواية التي تروى عنهم و فيما حصل بينهم و فيما شجر بينهم منها ما هو كذب لا أساس له من الصحة و منها ما له أصل و لكن زيد فيه و نقص و غير و منها ما هو صحيح و الصحيح هم ما بين مجتهد و مصيب له أجران و ما بين مجتهد مخطئ له أجر. " و قال الشيخ رحمه الله " الخطأ الحق البين الذي يحصل من الصحابة و المعصية الظاهرة أو الكبيرة التي تقع منهم فهم إما أن يوفقوا للتوبة فتجبر ما قبلها و إما أن يوفقوا لحسنة ماحية أو لمصائب تكفر بها سيئاتهم أو يشفع فيهم و هم أولى الناس بشفاعة النبي ﷺ " هذا فالشفاعة تكون لعامة المسلمين فكيف بالصحابة و بهذا يتبين أن للصحابة من المزية و الفضل ما ليس لغيرهم.
و من عقيدة أهل السنة و الجماعة نشر فضائلهم و الإمساك عما شجر بينهم أي عما حصل بينهم من الشجار و الخلاف " و أنهم أولى الأئمة بكل خصلة حميدة " كل خصلة حميدة أولى الناس و أسبقهم إليها صحابة رسول الله ﷺ " و أسبقهم إلى كل خير و أبعدهم عن كل شر " هذه عقيد أهل السنة و الجماعة و من أبغضهم أو كفرهم من كفر الصحابة فهو مكذب لله و رسوله ﷺ كفر وضلالة لأن الله زكاهم و عدلهم ووعدهم بالجنة فمن كفرهم فقد كذب الله و من كذب الله كفر و من قال إن ( 06:25 ) و من أله عليا قد كفر و من أله أهل البيت قد كفر و من قال إن القرآن غير محفوظ و أنه لم ينقل منه إلا الثلث قد كفر هذه كلها من أقوال الرافضة نسأل الله السلامة و العافية .
( متن )
( شرح )
نعم ، هذه عقيدة أهل السنة و الجماعة أنه لا بد من إقامة إمام يقيم للناس دينهم و دنياهم الإمام الذي يكون إماما للناس تتعلق به مصالح عظيمة منها إقامة الحدود و منها إنصاف المظلوم من الظالم و منها استتباب الأمن و منها إقامة الجهاد و منها إقامة الحد فتتعلق بولاة الأمور مصالح عظيمة لا بد منها و لهذا يرى أهل السنة أن إقامة الإمام واجبة لا بد على الأمة أن تقيم إماما يقيم لها دينها و دنياها و لهذا يقول الشاعر :
لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُم | وَلَا سَرَاةَ إِذَا جُهَّالُهُمْ سَادُوا |
و لهذا يقول العلماء " ستون ليلة بإمام ظالم " خير من ليلة بلا إمام ستون ليلة بإمام ظالم ظلمه على نفسه لكن يقيم الله به الدين يستتب به الأمن تقام فيه الحدود تأمن فيه السبل ترد المظالم إلى أهلها و لكن لو ليلة واحدة يفعل فيها ما يشاء ماذا يحصل في هذه الليلة من الفساد و سفك الدماء و انتهاك الحرمات و الأموال يحصل من الشرور ما الله به عليم و لو كان ظالما ظلمه على نفسه لكن لا بد من الإمام.
و لهذا الإمام العادل منزلته عالية عند الله أول السبعة الذين يضلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل هو أولهم ، الإمام العادل الذي يقيم للناس دينهم و يحكم فيهم شرع الله و يقيم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر تقام الحدود و ترد المظالم إلى أهلها و ينتصر للمظلوم من الظالم و تأمن السبل و ترد به عادية الأعداء مصالح عظيمة.
فعقيدة أهل السنة و الجماعة أن الأئمة " لا تستغني عن إمام يقيم لها دينها و دنياها و يدفع عنها عادية المعتدين " العدوان و المعتدين الظالمين كما سبق " و لا تتم إمامته إلا بطاعته في غير معصية الله " قال الله تعالى في كتابه العظيم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فولي الأمر يطاع في طاعة الله و لا يطاع في المعاصي ، المعاصي لا يطاع فيها أحد و لكن لا يخرج على الإمام بالمعاصي و لا يطاع في المعصية لكن لا يتمرد الناس على ولاة أمرهم من أجل المعاصي و المعاصي التي تحصل سواء من الإمام أو غيره أو في البلد هذه أهل العلم لهم طريقة خاصة في إنكارها و في إزالتها و مخاطبة ولاة الأمور فيما يناسب حالهم فيقبلون الحل و إن لم يقبلوا وجب على المسلمين و أدوا ما عليهم و لا يجوز لهم الخروج بالمعاصي.
و لهذا جاءت النصوص بعدم الخروج على الإمام إلَّا أنْ تَرَوْا كُفْرًا بَواحًا، عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فيه بُرْهانٌ في الحديث: من أطَاعَنِي فقَدْ أطَاعَ اللَّهَ، ومَن عَصَانِي فقَدْ عَصَى اللَّهَ، ومَن يَعْصِ الأمِيرَ فقَدْ عَصَانِي و لكن المعاصي لا يطاع فيها أحد ، الوالد إذا أمر ولده بمعصية لا يطيعه لكن لا يتمرد عليه و لا يطيعه في المعصية و يتلطف في خطابه و الزوجة إذا أمرها زوجها بمعصية لا تطيعه في المعصية لكن لا تتمرد عليه فيما عدا المعصية تطيعه فيما عداها و السيد إذا أمر عبده بمعصية لا يطيعه لكن لا يتمرد عليه و الأمير إذا أمر بمعصية لا يطاع في معصية و لكن لا يتمرد لا يخرج عليه فرق بين الطاعة في المعاصي و قد قال الرسول ﷺ لا طاعةَ لِمخلُوقٍ في معصيةِ الخالِقِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ و ثبت في صحيح البخاري أن النبي ﷺ أمَر سرية و أمّر عليهم رجلا من الأنصار فسار بهم فلما كانوا في الطريق أغضبوه قال لهم اجمعوا لي حطبا فجمعوا له حطبا فقال أوقدوا لي نارا فأوقدوا له نارا فقال ادخلوا فيها فنظر بعضهم لبعض فقالوا إنا دخلنا في الإسلام فرارا منها فكيف ندخل في النار فتركوه حتى سكن غضبه ثم لما جاؤوا قالوا للنبي ﷺ ذلك فقال لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ " الطاعة في المعروف و ليس من المعروف أن يدخلوا النار فهذه الطاعة و هو أمير لكن كونه يأمرهم بأن يدخلوا النار و يحرقوا أنفسهم بالنار هذا ليس من المعروف و لهذا توعدهم فقال لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا يعني أنه سيستمر عذابهم في الآخرة و هذا من باب الوعيد ، فلا يطاع أحد في المعاصي.
و لكن ليس معنى ذلك أنه يخرج على الولي بالمعاصي لا يخرج على ولي الأمر إلا بشروط خمسة: لا بد أن يفعل و يرى كفرا لا فسقا و لا معصية و لا بد أن يكون الكفر واضحا لا لبس فيه و لا شبهة و لا بد أن يكون دليله واضح من الكتاب أو من السنة لقول النبي ﷺ إلَّا أنْ تَرَوْا كُفْرًا بَواحًا، عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فيه بُرْهانٌ و لا بد من أمير من إمام يقوم مقامه إمام مسلم يقوم مقامه و لا بد من القدرة و الاستطاعة فإذا وجدت هذه الشروط الخمسة جاز الخروج أما إذا كان هناك شك أو لبس و ليس هناك دليل واضح أو كان هناك شبهة أو تأويل أو لم يوجد ما يقيم شرع الله خليفة بديل مسلم أو لم توجد القدرة فلا فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ.
( متن )
( شرح )
نعم يرون أنه لا يتم الإيمان إلا بالأمر عن المعروف و النهي عن المنكر .
وهو مراتب: أولا الإنكار باليد ثم الإنكار باللسان ثم إنكار بالقلب كما ثبت في الحديث الصحيح أن النبي ﷺ قال مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ.
فالإنكار باليد يكون لولي الأمر و للأمراء و للرجل في بيته مع أولاده إذا كان يستطيع و السيد إذا كان على عبده و كذلك رجال الحسبة فيما خولوا من الصلاحيات و الأمير فيما أعطي بالصلاحيات يغيروا باليد.
و اللسان يكون للعلماء و من عنده معرفة و بصيرة في الأمر و أنه منكر حتى ينكره.
أما بالقلب فهذا لا يعذر به أحد و هو أضعف الإيمان فإذا لم ينكر بالقلب صار شريكا للعاصي إذا رأى قوما يفعلون المعاصي يغتابون الناس في المجلس فإنه عليه أن ينكر عليهم باللسان فإن قبلوا الحمد الله و إن لم يقبلوا قام و تركهم فإن لم يقم صار شريكا لهم في الإثم و هكذا و إذا رأى قوما يتكلمون بالكفر بأقوال كفرية ينكر عليهم فإن قبلوا الحمد الله و إن لم يقبلوا قام فإن لم يقم كان شريكا لهم و صار كافرا مثلهم لأن من يقبل الكفر كافرا و قد قال الله تعالى في كتابه وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ فالذي لا يقوم و هو قادر يكون شريكا لهم في الإثم لا بد من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر باليد ثم باللسان ثم بالقلب و لا بد أن تظهر علامات الإنكار على القلب و لا بد أن يفارق المجلس و إلا فلا يكون صادقا في إنكاره فلا يمكن أن ينكر في القلب و هو يجلس معهم وهو قادر أين الإنكار ! لا بد من الإنكار و التغيير فإن لم يزل المنكر عليك أن تقوم إن لم تقم و أنت قادر كنت شريكا لهم في الإثم حكمك حكمهم عليك من الإثم ما عليهم .
( متن )
( شرح )
في الجملة يرون القيام بكل الأصول الشرعية أصول السنة و أصول الإيمان بالله و التوحيد و الإيمان بالملائكة و الإيمان بالقدر و الإيمان بالرسل و الإيمان بالأنبياء و الإيمان بالكتب كل هذه الأصول الشرعية على الوجه الشرعي كل هذا من تمام الإيمان و الدين .
( متن )
و من تمام هذا الأصل طريقهم في العلم و العمل .
الأصل الخامس : طريقهم في العلم و العمل :
و ذلك أن أهل السنة و الجماعة يعتقدون و يلتزمون أن لا طريق إلى الله و إلى كرامته إلا بالعلم النافع و العمل الصالح فالعلم النافع هو ما جاء به الرسول ﷺ من كلام الله و سنة رسوله ﷺ فيجتهدون في معرف معانيها و التفقه فيها أصولا و فروعا و يسلكون جميع طرق الدلالات فيها ، دلالة المطابقة و دلالة التضمن و دلالة الالتزام و يبذلون قواهم في إدراك ذلك بحسب ما أعطاهم الله .
( شرح )
الأصل الخامس : طريقهم أهل السنة في العلم و العمل و ذلك أن أهل السنة و الجماعة " يعتقدون و يلتزمون أن لا طريق إلى الله و إلى كرامته إلا بالعلم النافع و العمل الصالح " هذا أصل عظيم عند أهل السنة و الجماعة وهو أنه لا طريق إلى الله و إلى كرامته و إلى جنته إلا بالعلم النافع و العمل الصالح.
و العلم النافع مأخوذ من الكتاب و السنة ما جاء في الكتاب و السنة و العمل الصالح الموافق لكلام الله و شرع الله هذا الطريق الموصل إلى الله و إلى كرامته و جنته علم نافع مع عمل صالح ، علم نافع مأخوذ من الكتاب و السنة و ليس مأخوذا عن طريق الصابئة ولا من طريق الفلاسفة و لا من طريق الصوفية و لا من طريق المنجمين ولا من طريق المشعوذين العلم النافع هو ما جاء به الوحي عن الله و عن رسوله ﷺ هذا العلم النافع.
ثم العمل الصالح هو ما توفر فيه أصلان كما سبق:
الأصل الأول: هو أن يكون خالصا لله مرادا به وجه الله و الدار الآخرة.
و الثاني أن يكون موافقا للشريعة و ما عند رسول الله ﷺ هذا هو العمل الصالح.
فالعلم النافع و العمل الصالح هو الذي بعث الله به نبيه ﷺ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ الهدى هو العلم الصالح و هو مأخوذ من الكتاب و السنة و دين الحق العمل الصالح هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.
هذه عقيدة أهل السنة و الجماعة يلتزمون و يعتقدون أنه لا طريق إلى الله و لا إلى كرامته إلا بالعلم النافع و العمل الصالح فالعمل الصالح مأخوذ من الكتاب والسنة من الكتاب العزيز و السنة المطهرة و العمل الصالح هو العمل الخالص لله الموافق لشرع الله.
و لهذا قال المؤلف " فالعلم النافع هو ما جاء به الرسول ﷺ من كلام الله و سنة رسوله ﷺ فيجتهدون في معرفة معانيها و التفقه فيها أصولا و فروعا " يعني يجتهدون في معرفة معاني النصوص من الكتاب و السنة و كلام الله و معاني كلام رسول الله ﷺ يجتهدون في معرفة معانيها و يجتهدون في التفقه فيها و استخراج الأحكام و الدلالات التي تدل عليها أصلا و فروعا أصولا و هي قواعد تقعد أو فروعا يجتهدون و يبذلون وسعهم في معرفة معاني النصوص حتى يعملوا بها إذا عرفت المعنى عملت لا بد من معرفة المعنى و التدبر في كلام الله و كلام رسوله ﷺ و التفقه في شريعة الله أصولا و فروعا ثم " و يسلكون جميع طرق الدلالات " التي تدلهم على المعاني.
والدلالات ثلاث: دلالة المطابقة و دلالة التضمن و دلالة الالتزام " هذه الدلالات.
دلالة المطابقة دلالة الشيء على جميع معناه و على كل معناه.
ودلالة التضمن دلالة الشيء على جزء من معناه أو على بعض معناه.
ودلالة الالتزام دلالة الشيء على خارج معناه.
مثال ذلك " الرحمن " اسم الله " الرحمن " يدل على وجود الله و على إثبات الرحمة و دلالته على وجود الله و على الرحمة دلالة مطابقة دل عليها أمرين و دلالته على الرحمة و دلالته على الذات دلالة تضمن دلت على جزء من معناه و دلالة الرحمة على الصفة الأخرى على القدرة " الرحمن " لا بد أن يكون قادر دلالة التزام لأن الرحمن يدل على الرب و على الرحمة يدل على الشيئين فدلالته على أحدهما دلالة تضمن و دلالته على الاثنين جميعا دلالة مطابقة و دلالته على شيء خارج على القدرة دلالة التزام.
مثال ذلك أيضا " الكلام " الكلام يشمل اللفظ و المعنى فالدلالة الكلام على اللفظ دلالة على جزء من معناه و دلالة الكلام على المعنى دلالة على جزء من معناه و دلالة اللفظ و المعنى دلالة على جميع معناه و دلالته على المتكلم دلالة التزام.
كذلك كلمة التوحيد " لا إله إلا الله " تدل على الربوبية و على الألوهية " لا إله إلا الله " توحيد لا معبود بحق إلا الله فدلالته على توحيد الألوهية و العبادة يدل على توحيد العبودية و أيضا يدل على الربوبية لأن الذي يؤمن أن الله هو العبود الحق يؤمن بأنه الرب لولا أنه يعتقد أن الله هو الرب المستحق للعبادة لما عبده فدلالة كلمة التوحيد على الربوبية و الألوهية دلالة مطابقة على جميع المعنى و دلالة كلمة التوحيد على الربوبية أو على الألوهية دلالة تضمن مثلا أو تقول دلالة كلمة التوحيد على توحيد العبادة دلالة مطابقة و دلالته على توحيد الربوبية تقول توحيد الربوبية خارج عن توحيد الألوهية دلالة التزام فتوحيد الربوبية و توحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية و دلالة توحيد الألوهية على توحيد الربوبية دلالة تضمن و دلالة توحيد الألوهية على توحيد الربوبية دلالة إلتزام لأن كلمة التوحيد " لا إله إلا الله " حينما تعبد الله في ضمن ذلك اعتقادك بأنه هو الرب فإذاً هذا ضمني فدلالة توحيد الربوبية على توحيد الألوهية دلالة تضمن و دلالة توحيد الألوهية على توحيد الربوبية دلالة التزام لأنك حينما تعبد الله و تخلص لعبادته فمن ضمن ذلك اعتقاد حينما تؤمن بربوبية الله و أن الله الخالق الرازق المدبر هنا يلزمك أن تعبد الله لكن ليس الكل يلتزم بما لزمه.
المقصود أن القاعدة في دلالة المطابقة هي دلالة الشيء على جميع معناه و الدلالة التضمن دلالة الشيء على بعض معناه أو جزء من معناه و دلالة الالتزام دلالة الشيء على خارج معناه مثل ما قلنا في الكلام دلالة الكلام على اللفظ أو على المعنى دلالة تضمن و دلالته على التكلم دلالة التزام و دلالته على اللفظ و المعنى دلالة مطابقة أما دلالة توحيد الربوبية على توحيد الألوهية فيها تأمل إذا قال توحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية و توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية يعني إذا وحدت الله في ضمن ذلك أنك تعتقد أنه الرب و إذا اعتقدت أن الله هو الخالق الرازق المدبر يلزمك أن تعبده كيف تعتقد أنه الخالق الرازق و لا تعبده ليس كل واحد يلتزم بما لزمه فعلى هذا يكون دلالة توحيد الألوهية على توحيد الربوبية دلالة تضمن و دلالة الربوبية على توحيد الألوهية دلالة التزام يعني من أقر بأن الله هو الخالق الرازق المدبر يلزمه أن يعبد الله و لكن ليس كل واحد يلتزم بما لزمه أما دلالة توحيد الربوبية هذا دلالة تضمن بمعنى أن من وحد الله و عبد الله في ضمن ذلك اعتقاده أنه هو الرب الخالق الذي يستحق العبادة ، هذا معنى قول المؤلف " يسلكون جميع طرق الدلالات دلالة المطابقة و و دلالة التضمن و دلالة الالتزام و يبذلون قواهم في إدراك ذلك بحسب ما أعطاهم الله " يعني أهل السنة يبذلون جهدهم و يبذلون قواهم في إدراك الدلالات و ما تدل عليه من المطابقة أو التضمن أو الالتزام بحسب ما أعطاهم الله .
( متن )
( شرح )
منهجهم في العلم أنهم يسلكون جميع الطرق الموصلة إلى الدلالات المطابقة و التضمن و الالتزام و أنها هي العلوم النافعة لأنها مأخوذة من الكتاب و السنة يأتي بالنص و يستنبط منه الدلالة فيستدل بالنص هذا هو العلم النافع و كذا ما تفرع منها من أقيسة صحيحة يعني إذا كان القياس صحيحا مثل ما قلت لكم أن النبي ﷺ نص على أن الربا يجري في ستة أشياء في حديث عبادة بن الصامت قال عليه الصلاة و السلام الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ ، يَدًا بِيَدٍ هذه الستة يجري فيها الربا الذهب و الفضة و ما يقوم مقامها من الأوراق النقدية و البر و الشعير و التمر و الملح فلا تبع ذهبا بذهب إلا وزنا بوزن و يدا بيد و لا فضة بفضة إلا يدا بيد و لا برا ببر تبيع صاعا من البر بصاعين من البر هذا ربا ما يجوز أو صاعا من الملح بصاعين هذا ربا لكن إذا اختلفت هذه الأصناف بر بشعير تمر بملح ذهب بفضة قال النبي ﷺ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ما في مانع تبيع صاعين من الشعير بصاع من التمر لكن يدا بيد خذ و أعطِ ما في تأخير يعني إذا حصل التماثل برا ببر لا بد من الشرطين تماثل بالكيل أو بالوزن و الثاني القبض التقابض خذ و أعطِ و إذا اختلفت الأصناف سقط شرط و هو التماثل لا يجب ما في مانع الزيادة لكن لا بد أن يكون يدا بيد هذه الأمور الستة متفق عليه.
الظاهرية مذهب الظاهرية لا يجرون الربا في غير الستة الجمهور قالوا لا نقيس عليها فقاسوا عليها طيب ما هي العلة لنقيس عليها !
أما الذهب و الفضة الثمنية.
و أما البر و الشعير و التمر و الملح اختلف العلماء منهم من قال كل مكيل و موزون و هم الحنابلة و الحنفية و منهم من قال العلة هي الطعم و هذا مذهب الشافعية و منهم من قال الادخار و هذا مذهب المالكية فيأتي الفقيه و يقيس الأرز هل يجري فيه الربا ! قالوا نعم الأرز كالبر في جريان الربا في كل منهما جمع إن كان حنفيا و حنبليا يأخذ بجمع الكيل و الوزن و إن كان شافعيا يقول بجمع الطعم كلهم مطعوم هذا مطعوم و هذا مطعوم و إن كان مالكيا الادخار البر يدخر و الرز يدخر فقاسوا عليها هذا يسمى قياسا صحيحا.
و هذا معنى قول المؤلف " ما تفرع عليها من أقيسة صحيحة " و هو ما قيس فيه الفرع على الأصل بعلة جامعة بينهما فيكون الحكم واحد في جريان الربا.
و كذلك " المناسبات الحكيمة " الحكم المستنبطة العلل الحكيمة " و كل علم أعان على ذلك أو آزره أو ترتب عليه فإنه علم شرعي " كل ما يعين على فهم النصوص أو يقويه أو ترتب عليه فهو علم شرعي " و كل ما ضاده أو ناقضه هو علم باطل " كل علم أعان على معرفة العلوم النافعة و الأقيسة الصحيحة أو آزره أو ترتب عليه هو علم صحيح و كل ما ضاده و ناقضه فهو علم باطل " فهذا طريق أهل السنة في العلم " .
( متن )
( شرح )
نعم ، هذا عقيدة أهل السنة و الجماعة في العمل يتقربون إلى الله بالتصديق ثم العمل تصديق " بالتصديق و الاعتراف التام بعقائد الإيمان " التصديق بما أخبر الله به و ما أوجبه من الإيمان ، التصديق و الاعتراف بما أخبر الله به مما يكون من الغيبيات كقوله تعالى الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ما غاب و من ذلك الإيمان بأسماء الله و صفاته و الإيمان بحقائقها و معانيها و الاعتقاد أن الكيفية لا يمكن معرفتها و الإيمان بحقائق الآخرة و ما يكون يوم القيامة من بعث الأجساد و عودة الأرواح إليها و الوقوف بين يدي الله للحساب و محاسبة الله للخلائق و تطاير الصحف للأيمان و الشمائل و الإيمان بحوض النبي ﷺ في موقف القيامة و أنه حوض عظيم طوله مسافة شهر و عرضه مسافة شهر و أوانيه عدد نجوم السماء و أشد بياضا من اللبن و أحلى من العسل و أبرد من الثلج و أطيب ريحا من المسك و أنه يرد الناس عليه و يشربون و أنه من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة و أنه يذاد عنه قوم غيروا و بدلوا كما تذاد الإبل العطاش.
كذلك الإيمان بالميزان و أنه ميزان حقيقي له كفتان توزن فيه الأعمال و يوزن فيه الأشخاص و في الحديث يؤتى بالرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ لا يَزِنُ عِنْدَ اللهِ جَناحَ بَعُوضَةٍ لخبث عمله الميزان يوزن العمل و لما كشفت الريح عن ساقي عبد الله بن مسعود و كانت دقيقتين ضحك الصحابة من دقة ساقيه فقال الرسول ﷺ ( لم تضحكون ) قالوا من دقة ساقيه فقال عليه الصلاة و السلام وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُمَا فِي الْمِيزَانِ يَومَ القِيامَةِ أَثْقَلُ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ للعمل الصالح ، الأعمال توزن و الأشخاص يوزنون بميزان حقيقي حسي له كفتان خلافا للمعتزلة القائلين أن الميزان هو العدل لا بد من الإيمان بهذا.
و الإيمان بالصراط و أنه يمد على متن جهنم و أن الناس يمرون عليه على قدر أعمالهم و أنهم زمر زمرة تمر كالبرق ثم كالريح ثم كأجاود الخيل ثم عدوا ثم الذي يزحف زحفا و هكذا.
ثم الاستقرار في الجنة و النار الإيمان بالجنة و النار الإيمان بالجنة و ما فيها من نعيم و الإيمان بالنار و ما فيها من العذاب و أنهما داران باقيتان لا تفنيان.
و أنه يؤتى بالموت و يذبح بعد استقرار أهل الجنة في الجنة و أهل النار في النار يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ فيزداد أهل الجنة نعيما على نعيمهم و يزداد أهل النار عذابا على عذابهم لا بد من الإيمان بهذا كله لا بد من التصديق و الإقرار التام بهذا هذه من عقائد الإيمان.
والإيمان بما يكون في البرزخ من سؤال منكر و نكير وهما فتانا القبر يسألان الميت عن ربه و عن دينه و عن نبيه و الإيمان بضمة القبر و الإيمان بأن القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار و بأن القبر يضيق على صاحبه و قد يمد له مد البصر و المؤمن يفتح له مد البصر و يفتح له باب من الجنة يأتيه من روحها و من طيبها و الفاجر يضيق عليه قبره حتى تختلط أضلاعه و يفتح له باب إلى النار فيأتيه من حرها و سمومها لا بد من الإيمان بهذا كله " و المؤمن يَأْتِيهِ رجلٌ حَسَنُ الوجهِ ، حَسَنُ الثيابِ ، طَيِّبُ الرِّيحِ فيقول: مَن أنت؟ فوَجْهُكَ الوجهُ يَجِئُ بالخيرِ ، فيقولُ : أنا عَمَلُكَ الصالِحُ و الفاجر يَأْتِيهِ رجلٌ قبيحُ الوجهِ ، قبيحُ الثيابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ يقول مَن أنت ؟ فوجهُك الوجهُ يَجِيءُ بالشرِّ ! فيقولُ : أنا عملُكَ الخبيثُ و المؤمن يقول فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي، وَمَالِي و الفاجر يقول رَبِّ لا تُقِمِ السَّاعَةَ لا بد من الإيمان بهذا كله.
و التصديق أيضا بما أخبر به النبي ﷺ من أشراط الساعة و ما يكون في آخر الزمان كل هذا لا بد من التصديق و الإيمان به هذا طريقة أهل السنة و الجماعة في العمل يتقربون بالتصديق و الاعتراف التام بعقائد الإيمان الذي هو أصل العبادة و أساسها ثم التقرب إلى الله بأداء الفرائض بعد التصديق و بعد الإيمان التقرب إلى الله بأداء الفرائض " فرائض الله المتعلقة بحقه " فريضة الصلاة فريضة الزكاة فريضة الصيام فريضة الحج فريضة بر الوالدين فريضة صلة الأرحام فريضة أداء الحقوق حقوق العباد لا بد من آدائها حق الوالدين حق الجيران حق الأقارب و هكذا " مع الإكثار من النوافل " نوافل العبادات نوافل الصلاة نوافل الصيام نوافل الحج و يتقرب " و بترك المحرمات و المنهيات تعبدا لله " يترك المحرم عن عقيدة خوفا من الله و طمعا في ثوابه لا يتركه لأنه ليس له رغبة فقط لا بد أن يتركه امتثالا و تعبد لله هذه هي طريقة أهل السنة و الجماعة في العمل .
( متن )
( شرح )
" و يعلمون أن الله تعالى لا يقبل إلا كل عمل خالص لوجهه الكريم مسلوكا فيه طريق النبي الكريم "
هذا الأصلان اللذان لا يصح العمل إلا بهما:
الأصل الأول: أن يكون العمل خالصا لله يعني مرادا به وجه الله و الدار الآخرة إنا أريد به الدنيا أو أريد به غير الله كأن أريد به الدنيا أو الرياء أو السمعة أو الدنيا و حطامها أو مداراة أو مجاراة أو غير ذلك من المقاصد فإنه لا يقبل ، العبادة لا تقبل إلا تكون خالصة لله و المراد به الخلوص و النصح و كون الشيء موحدا تكون إرادتك موجهة لله ليس لغيره شريك في ذلك فإن أراد بالعمل الدنيا أو أراد المال أو الجاه أو مداراة الناس أو مجاراة السفهاء أو ليصرف وجوه الناس إليه هذا ليس لله و لهذا جاء في الحديث أن الله يقول للمرائين يوم القيامة اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاؤُونَهم فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً؟ و جاء في الحديث أن كل عمل يراد به غير وجه الله فهو للذي أخذ به و الله من بريء.
فلا بد أن يكون العمل خالصا لله و أراد به وجه الله و الدار الآخرة هذا أصل و هذا هو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله و هذا هو معنى إسلام الوجه له وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ و يخلص عمله لله.
و الأصل الثاني: أن يكون هذا العمل موافقا لشريعة الله و شرع نبيه ﷺ هذا معنى قوله " مسلوكا فيه طريق النبي ﷺ كما قال تعالى فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا و الأصل الأول فيه تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله و الأصل الثاني فيه تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله فإخلاص العمل لله هذا فيه تحقيق كلمة التوحيد لا إله إلا الله و كونه مسلوكا فيه طريق النبي ﷺ هذا فيه تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله كما أن من أخلص العمل لله حقق شهادة لا إله إلا الله و من سلك طريق النبي ﷺ فقد حقق شهادة أن محمدا رسول الله.
و تحقيق هاتين الشهادتين هو أصل الدين و أساس الملة " أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله " هما أصل الدين و أساس الملة أن تشهد لله تعالى بالوحدانية و تشهد لنبيه الكريم ﷺ بالرسالة هذه هي طريقة أهل السنة و الجماعة يعلمون أن الله لا يقبل من العمل إلا ما تحقق فيه هذا الأصلان ما كان العمل خالصا لله مرادا به وجهه مسلوكا فيه طريق النبي ﷺ.
و يقول المؤلف " و يستعينون بالله تعالى في سلوك هذه الطرق النافعة التي هي العلم النافع و العمل الصالح " يستعينون بالله تعالى يطلب العون من الله أن يعينه على الإخلاص و أن يعينه على المتابعة للرسول ﷺ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ نستعين بك يا الله و لا حول و لا قوة إل بالله ليس لك التحول من حال إلى حال و لذلك شرع أن يقول المسلم إذا قال المؤذن " حي على الصلاة " يقول لا حول و لا قوة إلا بالله يعني لا أستطيع يا ربي أن أجيب المؤذن و أتحول من حال إلا بإعانتك و قوتك إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ لا تستطيع أي شيء إلا بالإعانة بالله تستعين بالله و يسأل الله و يتضرع إليه أن يوفقه للعمل الصالح والمتابعة للنبي ﷺ لا أحد يقوم بشيء إلا بالله و إعانته و توفيقه و تسديده إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ نستعين بالله لسلوك الطرق النافعة نسأل الله أن يوفقهم و أن يسددهم.
هذه طريقة أهل السنة و الجماعة يستعينون بالله في هذه الطرق النافعة التي هي العلم النافع و العمل الصالح و هذا الطريق و هو طريق العلم النافع و العمل الصالح " الموصل إلى كل خير و فلاح و سعادة عاجلة و آجلة " كل سعادة في الدنيا أو في الآخرة و كل فلاح سواء في الآخرة هو بتحقيق هذين الأصلين العلم النافع و العمل الصالح و بالإخلاص لله و المتابعة لرسول الله ﷺ، العلم النافع هو الذي يحصل من الكتاب و السنة و العمل الصالح هو الذي يحصل بالعمل بالكتاب و السنة ، العلم تأخذه من قال الله و قال رسوله ﷺ و العمل الصالح تنفذ فيه أمر الله و أمر رسوله فالعلم النافع في تصديق الأخبار و العمل الصالح فيه تنفيذ الأوامر فتصدق و تعلم و تتعلم العلم النافع ثم تعمل العمل الصالح فالعلم النافع هو الهدى و العمل الصالح هو دين الحق و الله أتى نبيه بالهدى و دين الحق هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ.
و إذا حصل العلم النافع و العمل الصالح حصل على كل خير و حصل على الفلاح و حصل على كل سعادة عاجلة أو آجلة في الدنيا و الآخرة.
أسأل الله أن يجعلنا و إياكم منهم و أسال الله أن يثبتنا على دينه القويم و أن يرزقنا جميعا العلم النافع و العمل الصالح و أن يهدي قلوبنا و يسددنا و يوفقنا للصواب و نسأله سبحانه أن يعيننا و أن يهدينا و أن يعيننا على ذكره و شكره و حسن عبادته و أن يرزقنا اتباع نبيه ﷺ و سلوك طريقه و أن يوفقنا و ينور قلوبنا بالعلم النافع و أعمالنا بالعمل الصالح و أن يثبتنا على دينه القويم إنه ولي ذلك و القادر عليه و صلى الله و سلم على عبد الله و رسوله نبينا محمد و آله و صحبه و التابعين .
...................................................................................
هذه القصة غير ثابتة و لا تصح و لكن ذكرها الحافظ ابن حجر بطريقين مرسلين و المرسل إذا كان صحيحا مع مرسل يقوي بعضها بعضا و الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب ذكرها و استفاد منها في قطع النظر عن صحتها و هي ما ألقى الشيطان على لسان الرسول ﷺ لما قرأ أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى ألقى الشيطان على لسانه " تلك الغرانيق العلى و إن الشفاعة هنا لترجى " هذه لم تصح كل أسانيدها لم تصح إلا أنها وردت عن طريق لها سندين مرسلين .
و التنبيه الثاني : السائل الذي سأل عن الرجل الذي أكره إما على التكلم بكلمة الكفر أو قتل إنسان عنده قلنا أنه لا يقتل الإنسان سواء كان مسلما أو كافرا إن كان كافرا فهو معصوم الدم إما أن يكون معاهدا أو ذمي و مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ أما الحربي دمه حلال الذي يدخل بلد المسلمين إما مستأمن و إما ذمي و إما معاهد ، الذمي الذي يكون تحت الدولة الإسلامية و يدفع الجزية نظير إقامته للدولة الإسلامية يدفع الجزية أو مستأمن دخل بأمان قال الله تعالى وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ أو له عهد هذا لا يجوز قتله دمعه معصوم مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ فالشاهد نقول شخص أكره على الكفر أو قتل إنسان عنده ماذا يعمل !
أجبت أنا بأنه يتكلم بكلمة الكفر إذا كان قلبه مطمئن بالإيمان هذه رخصة قال الله تعالى مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ لا بد أن يكون الإكراه ملجئ بمعنى أنه يوضع السيف على رقبته فيقول إما أن تتكلم و إلا قتلناك فهذا إكراه ملجئ له أن يتكلم بكلم الكفر رخصة و لا لوم عليه بشرط أن يكون قلبه مطمئن بالإيمان و لا يقتل الإنسان ، السائل لحقني بعد ذلك و قال أن هناك من يفتي بأنه يقتل الإنسان و لا يتكلم بكلمة الكفر فقلت أن هذه الفتوى باطلة و خاطئة شخص أفتى بكذا و أنك تقتل هذا الإنسان نقول هذا خطأ لأن التكلم بكلمة الكفر للمكره هذه رخصة من الله رخص لك فكيف تقدم على قتل نفس معصومة و ترتكب هذه الجريمة و أنت عندك الرخصة تترك الرخصة التي رخصها الله لك و ترتكب الجريمة فهذه الفتوى خاطئة أحببت أن أنبهه على هذا فالذي قال لك أن تقتل هذا الإنسان و لا تتكلم بكلمة الكفر مع الاكراه الملجئ هذه فتوى خاطئة لأن هذه نفس إن كان مسلما فهو معصوم و إن كان ذميا كذلك معصوم فقتله من كبائر الذنوب كبيرة أما التكلم بكلمة الكفر فهي رخصة للمكره بشرط أن يكون قلبه مطمئن للإيمان .
و بمناسبة التكلم بكلمة الكفر له أحوال: من تكلم بكلمة الكفر مختارا قاصدا فإنه يكفر و من تكلم بكلمة الكفر مكرها فإنه يكفر إلا إذا وصل الإكراه لحد الإلجاء و من تكلم بكلمة الكفر خائفا كفر و من تكلم بكلمة الكفر عامدا كفر و من تكلم بكلمة الكفر قاصدا كفر و من تكلم بكلمة الكفر لاعبا مستهزئا كفر و من تكلم بكلمة الكفر خائفا كفر و من تكلم بكلمة الكفر مكرها و قلبه مطمئن بالكفر كفر و من تكلم بكلمة الكفر مكرها و اطمئن قلبه بالإيمان لا يكفر ، كم صارت حالات الكفر : إذا تكلم بكلمة الكفر جادا ، هازلا ، خائفا ، مكرها و اطمئن قلبه للكفر كفر ، و من تكلم بكلمة الكفر و اطمئن قلبه للإيمان لا يكفر .
" الأسئلة "
( سؤال )
ما صحة قول النبي ﷺ مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ؟
( جواب )
لا أحفظ هذا الحديث و لا أعلم لهذا الحديث أصلا و لا أظنه يثبت فلا أعلم هذا الحديث لم يبلغني .
( سؤال )
هل المرتد إذا رجع للإسلام تحبط أعماله قبل ردته !
( جواب )
هذه مسألة مهمة المرتد إذا ارتد و من الله عليه و رجع للإسلام أعماله هل تبقى أم لا ، الجواب إذا مات على الإسلام أحرزها أحرز أعماله السابقة لا تبطل إلا إذا مات على الكفر و الدليل قول الله تعالى في كتابه العظيم وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ فاشترط لحبوط العمل أن يموت و هو كافر لكن إذا عاد إلى الإسلام و مات على الإسلام أحرز أعماله السابقة فضلا من الله تعالى و إحسانا منه .
( سؤال )
في قوله ﷺ لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وهو مُؤْمِنٌ، هل هذا نفي لإيمانه عند ارتكابه الكبائر !
( جواب )
هذا نفي لكمال الإيمان الواجب و هو حديث صحيح لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وهو مُؤْمِنٌ، ولا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وهو مُؤْمِنٌ، ولا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُوهو مُؤْمِنٌ، ولا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً، يَرْفَعُ النَّاسُ إلَيْهِ فيها أبْصارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُها وهو مُؤْمِنٌ هذا من أدلة الخوارج يستدلون بها على كفر الزاني و السارق و شارب الخمر من جهلهم و ضلالهم و المنفي عن الزاني هنا كمال الإيمان الواجب لكن أصل الإيمان عنده الزاني و السارق و شارب الخمر عنده أصل الإيمان لو كان كافراً لوجب قتله يقام عليه الحاد الزاني يجلد أو يرجم و شارب الخمر يجلد لو كان كافرا لوجب قتله و أيضا كذلك العصاة يرثون من أقاربهم و لو كانوا كفارا ما ورثوا لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ فالسارق و شارب الخمر و فاعل الكبيرة يرث الميت أباه أو أخاه أو قريبه و لو كان كافرا لما ورث و يقام عليه الحد و لو كان كافرا لوجب قتله.
فالمنفي إنما هو كمال الإيمان الواجب و لكن أصل الإيمان عنده فهو مؤمن بالله و رسوله ﷺ و هو ليس بمرتد و هو مؤمن بالله و رسوله ﷺ و يصلي و يصوم و يعبد الله فليس بكافر لكن نفي عنه كمال الإيمان الواجب فهذا من أدلة الخوارج لكن كما سبق النصوص يضم بعضها إلى بعض فدلت النصوص على أن معه أصل الإيمان و الخوارج يستدلون بمثل هذا.
و قابلهم المرجئة استدلوا بقول من قال لا إلهَ إلَّا اللَّهُ دخلَ الجنَّةَ قالوا لا يضره ذنب لو فعل جميع الكبائر لا يضره يكفي أن يقول لا إله إلا الله و هذا من جهلهم و ضلالهم.
و أهل السنة أخذوا أدلة المرجئة و صفعوا بها وجوه الخوارج و أبطلوا مذهبهم و أخذوا أدلة الخوارج و صفعوا بها وجوه المرجئة و أبطلوا مذهبهم و أخذوا أدلة من هؤلاء و من هؤلاء من الجانبين فاستدلوا بأدلة المرجئة على أن الإيمان باقٍ و لكن الإيمان ينقص و يضعف بالأدلة التي استدل بها الخوارج و لا يخرج من الإيمان بالأدلة التي استدل بها المرجئة فمذهب أهل السنة بين مذهب المرجئة و مذهب الخوارج هدى بين ضلالين و حق بين باطلين يخرج مذهب أهل السنة من بين فرث و دم لبنا خالصا سائغا للشاربين .
( سؤال )
هل من يحكم بغير ما أنزل الله لطمع في الدنيا أو لهوى و يعتقد أن شريعة الله هي العليا يكفر كفرا أصغر أو أكبر !
( جواب )
نص العلماء على أن من حكم في بعض القضايا لهوى لأن ينفع المحكوم له أو ليضر المحكوم عليه و لرشوة طاعة للهوى أو للشيطان و لأجل المال فإن هذا كفر أصغر بشرط أن يعتقد أن حكم الله واجب لكن حكم بما يخالف شرع الله طاعة لهوى الشيطان و يعلم أنه عاصٍ و يعلم أنه مرتكب لكبيرة و يعلم أن هذا لا يجوز فهذا يكون حكمه كفر أصغر.
أما من حكم مستحلا يرى أنه حلال و أنه يجوز و أن الحكم بالقوانين الوضعية أحسن من الحكم بالشريعة هذا كافر.
فالذي يحكم بالقوانين:
الحالة الأولى : أن يعتقد أن أحكام القوانين أحسن من الحكم بالشريعة و أن أحكام الشريعة لا تناسب هذا العصر هذا كفر أكبر بإجماع المسلمين.
الحالة الثانية : أن يحكم بالأحكام الوضعية و يعتقد أنها مماثلة للشريعة و أنهما متماثلان و أنه يخير هذا أيضا يكفر.
الحالة الثالثة : أن يعتقد أن الشريعة أحسن من القوانين لكن ما في مانع يحكم بالقوانين هذا يكفر أيضا لأنه مثل الشخص الذي يقول يجوز الزنا و هو لا يزني يجيز الربا و هو لا يربي يقول يجوز الربا و لكن أن لا أربي و يجوز الزنا و لكن أنا لا أزني كذلك من يقول الشريعة أحسن لكن ما أحكم بالشريعة أحكم بالقوانين يكفر في هذه الحالات الثلاث يكفر.
و كذلك إذا حكم بغير ما أنزل الله في كل شؤون الدولة كما قال الحافظ ابن كثير و الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في رسالته في التحكيم بالقوانين في كل شيء في المال و في القصاص و في كل شيء بدل الدين فيكون كافرا نسأل الله السامة و العافية.
فيكون عاصيا مثل ما سبق في الدرس أنه يوالى بحسب ما فيه من الإيمان و يعادى بحسب ما فيه من البدعة و المعصية فيكون مبتدعا و يعادى بقدر ما فيه من البدع ينصح و يبين له الخطأ الذي ارتكبه و الاعتقاد الذي اعتقده و أن هذا ينقص الإيمان و يضعف الإيمان و أن هذا نقص في إيمان و أنه مخالف لما عليه أهل السنة و الجماعة فإذا امتثل الحمد لله و إلا فإنه يعادى و يهجر إذا كان الهجر يفيده .
( سؤال )
هل الخواطر السيئة التي تطرأ على الإنسان و يجاهدها هل يحاسب عليها !
( جواب )
إذا لم يتكلم بهذه الخواطر و كان هذه الخاطرة غير مستقرة و خواطر رديئة و حاربها و دافعها فإن هذا صريح الإيمان و هذا ما جاء عن الصحابة ، الصحابة رضوان الله عليهم قالوا يا رسول الله إنا أحدنا يجد في نفسه يعني من الخواطر الرديئة و السيئة ما لئن نخر من السماء خير من أن نتكلم به يعني يود أن يخر من السماء و في لفظ أن يكون فحمة خير من أن يتكلم به فقال الرسول ﷺ وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ قالوا نعم فقال ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ يعني كتم الوساوس و محاربتها و استعظام التكلم بها صريح الإيمان محاربة هذه الوساوس و دفعها و كتمها و عدم التكلم بها هو صريح الإيمان فالسلف يكتمونها و يحاربونها.
و لكن بعض المتأخرين صاروا يسودون بها الأوراق مثلا الشيطان يأتي للإنسان يقول ما في جنة ما في نار ما في حساب و هكذا مثل هذه الوساوس مثل ما جاء في حديث أبي هريرة أن الشيطان يأتي للإنسان فيقول مَن خَلَقَ كَذَا، مَن خَلَقَ كَذَا، حتَّى يَقُولَ: مَن خَلَقَ رَبَّكَ؟ فإذا وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ و ليقطع التفكير و بعضهم يقول اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ هكذا يقطع الإنسان التفكير و يقطع هذه الوساوس و يقول " آمنت بالله و رسوله " و لا يتكلم بها و لا تضره إذا حاربها و دافعها .
( سؤال )
ذكر المؤلف في قوله " و منهم من فيه إيمان و كفر " قال كيف يجتمع الإيمان و الكفر في آن واحد !
( جواب )
نعم يجتمع الكفر الأصغر و ليس الكفر الأكبر مثل قول النبي ﷺ اثنتانِ في الناسِ هما بهم كفرٌ: الطعنُ في الأنسابِ، والنِّياحةُ على الميِّتِ يطعن في النسب و يصلي ينوح على الميت و يصلي فهذا اجتمع فيه إيمان و كفر سماه الرسول ﷺ كفرا مثل مَن قَالَ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا كفر أصغر و كذلك النفاق إذا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإذا وَعَدَ أَخْلَفَ النفاق الأصغر يجتمع معه الإيمان و الشرك الأصغر إذا حلف بغير الله يجتمع معه الإيمان لكن الشرك الأكبر الذي يخرج الإنسان من الملة و النفاق الأكبر الذي يخرج من الملة و الفسق الأكبر فسق الكفر و الظلم الأكبر ظلم الكفر هذا لا يجتمع معه إيمان ، الذي يجتمع معه الإيمان الشرك الأصغر و الكفر الأصغر و النفاق الأصغر فيكون فيه شرك و توحيد نفاق و إيمان كفر و إيمان لأنه أصغر .
( سؤال )
ما الفرق بين الذل و الخضوع !
( جواب )
الذل يكون في القلب و الخضوع يكون في القلب و الجوارح فتجد الخضوع مثلا قد يكون المؤمن حينما يعبد الله يذل لله و يخضع له مع محبة يجتمعن إذا اجتمعا فهي عبادة ذل و خضوع و محبة لكن إذا انفرد أحدهما فلا يكون عبادة فقد يحب الإنسان المال و الصديق و الزوجة لكن ما في لا خضوع و لا ذل و يخضع الإنسان لسلطان ظالم لكن لا يحبه يخضع للص إذا وضع السيف على رأسه و قال لا تتحرك و إلا قتلتك يخضع و لا يتحرك لكن هل يحبه لا يبغضه لكن إذا اجتمع أمران خضوع و محبة هنا يكون عبادة هذا الخضوع يخضع لا يتحرك و الذل يكون في القلب و الخضوع يكون في الجوارح يخضع لا يتحرك خاضع لكن الخضوع لله مع المحبة هو العبادة لكن الخضوع من دون محبة أصبح هذا أمرا عاديا مثل المحبة العادية محبة المال و الصديق محبة طبيعية فيكون خضوع عادي ما معه محبة خالٍ من الإيمان .
( سؤال )
هل عباد القبور و الأضرحة معذورون في زمننا هذا !
( جواب )
هذا يختلف باختلاف الأحوال ، من كان يعيش بين المسلمين و يسمع القرآن و بلغته السنة فعليه حجة هذا لا يعذر لأنه أمر ظاهر و هو الأمر الذي بعث الله به نبيه ﷺ و من بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة قال الله تعالى وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ فمن بلغه القرآن قامت عليه الحجة وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا لكن إذا كان يعيش في مجاهيل ما سمع بالقرآن و ما سمع بالحديث هذا يكون معذورا أو يكون في مسألة دقيقة خفية و يجهلها أو يكون لبس عليه من قبل علماء السوء و علماء الشرك فالتبس عليه الأمر و صار مغلقا عليه ما يعلم القرآن و ما يعلم السنة أما شخص يعيش بين المسلمين يذبح لغير الله و ينذر لغير الله ما يعذر هذا ، هذا أمر واضح بعث الله به نبيه ﷺ و أرسل به رسله .
( سؤال )
و رد أن النبي ﷺ نهى عن التعظيم و المؤلف رحمه الله تعالى ذكر وجوب تعظيمهم أي تعظيم الأنبياء فكيف يجمع بين الأمرين !
( جواب )
التعظيم بما يناسب حالهم ، التعظيم تعظيم المخلوق بما يليق به التعظيم يعني توقير و إجلال و احترام تعظيمهم بما يناسبهم فالتعظيم نسبي تعظيمهم بما يناسبهم مع الاجلال و التوقير أما تعظيم الله تعظيمه بعبادته و محبته و صرف العبادة له قال الله تعال لرسوله لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ التعزير النصر و التوقير و الإجلال بما يناسبهم الله تعالى له التعظيم الذي يناسبه و المخلوق له ما يناسبه .
( سؤال )
ما هو الدليل على وجود أربعة من الملائكة من الأمام و الخلف و اليمين و الشمال على كل إنسان !
( جواب )
الدليل قوله تعالى وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ هذه للحفظة اثنين و قوله تعالى عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ هذه للكتبة و قول الرسول ﷺ يَتَعَاقَبُونَ فِيكم مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وملائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وقال العلماء : كل إنسان بين أربعة أملاك حافظان من الأمام و الخلف و كاتبان عن اليمين و عن الشمال يجتمعون في صلاة الصبح و صلاة و العصر لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ ، يَتَعَاقَبُونَ فِيكم مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وملائِكَةٌ بِالنَّهَارِ .
( سؤال )
هل الأنبياء أكمل من الملائكة !
( جواب )
المسألة هذه " هل الأنبياء و صالح البشر أفضل أم الملائكة أفضل " هذه مسألة فيها كلام لأهل العلم و فيها ثلاثة أقوال لأهل العلم :
القول الأول : أن الأنبياء و صالح البشر أفضل .
القول الثاني : أن الملائكة أفضل .
القول الثالث : القول بالتوقف .
نسب الأول لأهل السنة و القول الثاني للمعتزلة و أبو العز شارح الطحاوية شرح هذه المسألة و قال " هذه المسألة من فضول الكلام " يعني ما فيها فائدة و الكلام فيها شيء زائد عن الحاجة " و لولا أن بعض الناس يسيئون الأدب مع الملائكة لما حركت في ذلك قلما " هذا معنى كلامه.
و شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال في هذه المسألة " كنت أظن أن هذه المسألة من بدع الكلام فتبين لي أنها مسألة أثرية سلفية صحابية فاتجهت الهمة في تحقيق القول فيها " ثم حقق القول و رأى و اختار القول أن الأنبياء و صالح البشر أفضل في ثاني الحال عند تهذيبهم و تنقيتهم و دخولهم الجنة ، الأنبياء و صالح البشر أفضل في ثاني الحال عند كمالهم و تهذيبهم و تنقيتهم و دخولهم الجنة و من الأدلة التي استدل بها العلماء على أن الأنبياء أفضل أن الملائكة جاء في الحديث قالت: يا ربنا جعلت لآدم الدنيا فاجعل لنا الآخرة. فقال الله في الحديث القدسي : لا أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي كمن قلت له كن فكان لا أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي آدم من خلقه بيده كمن قلت له كن فكان الملائكة خلقوا بكلمة " كن " و آدم فضله الله و شرفه فخلقه بيده هذه من أقوى الأدلة و هؤلاء لهم أدلة و هؤلاء لهم أدلة .
( سؤال )
هل الأنبياء معصومون من الوقوع بالشرك قبل البعثة !
( جواب )
نعم ، الله تعالى صان الأنبياء و حفظهم حتى من المعاصي و النبي ﷺ قبل البعثة لم يعبد صنما و لم يشرب الخمر و لم يحضر عيدا و لا احتفالا فالله صان الأنبياء ، و موسى وقع في قتل القبطي وقعت منه معصية و لهذا عيره فرعون قال وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ و قال الله تعالى لموسى يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ.
( سؤال )
هل الذهاب إلى قارئ معين بغية الخشوع يزيد في الإيمان !
( جواب )
إن كان لأجل التدبر و يتدبر و يتأمل لا شك أن القراءة بالتدبر و تأمل المعاني وسيلة و طريقة إلى العمل إذا كان القارئ قراءته جيدة و مفيدة و واضحة فلا بأس أن يصلي و ليس من أجل الأصوات فقط لأن بعض الناس يتتبع الأصوات .
( سؤال )
هل هناك فرق بين خلاف الأولى و الصغائر أم أنهم شيء واحد !
( جواب )
خلاف الأولى ليس من الصغائر خلاف الأولى يعني ليس بذنب يعني إنما يختار المفضول على الفاضل و هو ليس ذنبا ، مثلا يختار إنسان أيهما أفضل أجلس وحدي أقرأ أو أحضر الدرس مثلا نقول تحضر الدرس هذا أفضل و جلوسك وحدك خلاف الأولى .
( سؤال )
هل الصحيح من قال أن أعمال الأحياء تعرض على الأموات !
( جواب )
جاء هذا في حديث ضعيف لا يصح بالنسبة ﷺ تعرض عيه أعمال أمته سيئها و حسنها فيستبشر بحسنها ويستغفر بسيئها. و هذا لا يثبت بالنسبة للنبي ﷺ و غيره من باب أولى الأصل أن الميت ينقطع عمله و لا يعلم عن أحوال الأحياء لكن ذكر ابن القيم رحمه الله في كتاب الروح و غيره أن المؤمنون يتزاورون و أنهم يستبشرون ذكر قصصا في هذا و آثارا الله أعلم بصحتها و لكن لا يثبت إلا ما دل عليه الدليل .
( سؤال )
ماذا تفعل مع الذي يقول إن الإيمان في القلب و هو يسبل الإزار و حليق و يسمع الأغاني و يستدل بحديث النبي ﷺ إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ إلى آخر الحديث وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ !
( جواب )
يريد أن يرد النصيحة بهذا و هذا خطأ منه بدل أن يقول نعم جزاك الله خيرا و أجاهد نفسي ، و ما يقال الإيمان في القلب الكفر في القلب أيضا و النفاق في القلب و إذا كان الإيمان في القلب بعثت الجوارح على الأعمال الصالحة و إذا كان الكفر في القلب بعث الجوارح على المعاصي ما يجوز للإنسان أن يرد النصيحة يجب عليه أن يقبل النصيحة و كونك الآن تعمل المعاصي هذا دليل على أن إيمانك ضعيف و ناقص كونك مسبل و حليق و غيره من الأعمال السيئة هذا يدل على ضعف الإيمان و نقص الإيمان لو كان الإيمان قويا لبعث الجوارح على الطاعة .
( سؤال )
ما حكم من كان من اليهود أو من النصارى في زمننا هذا و غيرهم من الأديان الأخرى و من عاشوا و ماتوا و لم يأتهم خبر النبي ﷺ!
( جواب )
الله تعالى يقول وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا و قال وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ فمن لم تبلغه دعوة النبي ﷺ هذا يكون من أهل الفترات.
الفترات اختلف العلماء فيهم منهم من قال أنهم يمتحنون يوم القيامة ذكر شيخ الإسلام و جمع من المحققين أنهم يمتحنون يوم القيامة وردت أحاديث في هذا بعضها صحيح و بعضها ضعيف و يشد بعضها بعضا أنهم يمتحنون يوم القيامة و الله يقول وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا لكن من بلغته الدعوة و من بلغه القرآن و قامت عليه الحجة هذا غير معذور .
( سؤال )
هل يكون مرجئا من قال أن العمل من الإيمان و لكن تاركه لا يكفر !
( جواب )
إذا قال أن العمل داخلا في مسمى الإيمان هذا قول أهل السنة و الجماعة لكن تاركه لا يكفر مطلقا هذا فيه تفصيل ، إذا كان لا يعمل كيف يكون من الإيمان و لا يعمل إذا كان من الإيمان معناه يكتفي بالتصديق في القلب و هذا لا يكفي لأن الإيمان الذي في القلب لا بد أن يتحقق بالعمل كما أن العمل بالجوارح لا بد أن يصححه التصديق الذي في القلب أمران متلازمان إيمان في القلب يتحقق بالعمل الإيمان الذي في القلب لا بد أن يتحقق بالعمل و إلا صار كإيمان إبليس و فرعون إيمان إبليس و فرعون مصدق لكن ليس هناك عمل يتحقق به و العمل مثل الصلاة و الصيام لا بد معه من إيمان يصححه و إلا صار كإسلام المنافقين ، المنافقين يعملون و يصلون و لكن ليس معهم ما يصحح هذا العمل و إبليس و فرعون مصدق لكن ليس له عمل ألحقه به لا بد من العمل فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى فَلَا صَدَّقَ هذا نفي للتصديق في القلب وَلَا صَلَّى نفي للعمل وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى فلا بد من الأمرين تصديق في القلب يتحقق بالعمل و عمل بالجوارح يصححه الذي في القلب .
( سؤال )
هل تقديم محبة النبي ﷺ على النفس و الأهل و الولد من كمال الإيمان الواجب على كل مسلم أم هو من كمال الإيمان المستحب !
( جواب )
من كمال الإيمان الواجب فإذا لم يقدم محبة الله و محبة الرسول ﷺ فهو ناقص الإيمان .
( سؤال )
كيف نجمع بين قول أهل العلم " أن العبادة قائمة على غاية المحبة و غاية الذل " و قولهم أيضا " أن العبد يسير في عبادته لله بين الخوف و الرجاء مستصحبا المحبة " !
( جواب )
قال العلماء أيضا " أن العبادة لها ثلاثة أركان: المحبة و الخوف و الرجاء " من جهة أخرى فإذا اجتمعت هذه الأمور فهو مؤمن حقا أما إذا انفردت المحبة بدون خوف و رجاء فهذه طريقة الصوفية يؤثر عن رابعة العدوية أنها قالت " ما عبدت الله خوفا من ناره و لا طمعا في جنته فأكون كأسير السوء و لكن عبدته حبا لذاته و شوقا إليه " و الله تعالى قال عن عباده وأنبيائه و رسله لما ذكر الأنبياء موسى و هارون و داود و إسحاق و يعقوب و سليمان و نوحا و لوطا و زكريا و يحيى قال إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا خوفا و طمعا يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا.
فالصوفية يقولون ما نعبد خوفا و رجاء و إنما نعبده حبا لذاته و شوقا إليه هذه عقيدة الزنادقة و من عبد الله بالخوف وحده هذه طريقة الخوارج الذين يكفرون الناس بالمعاصي و من عبد الله بالرجاء وحده هذه طريقة المرجئة الذين يرون أن المعاصي لا تؤثر في الإيمان و من عبد الله بالحب و الخوف و الرجاء فهو المؤمن ثلاثة أركان لا بد منها محبة و خوفا و رجاء و بذلك يسير المؤمن إلى الله بين الخوف و الرجاء كجناحي طائر كما أنه إذا سلمت جناحاه تم طيرانه و إذا قطع أحدهما كذلك المؤمن يسير إلى الله بين الخوف و الرجاء لأنه لولا الخوف لصار الإنسان يغلب جانب الرجاء و يستكثر من المعاصي ولا يبالي و لولا الرجاء لاستولى على الإنسان الخوف و صار مسيء الظن بالله متشائما قانطا من رحمة الله و القنوط من رحمة الله من كبائر الذنوب فإذا سار إلى الله بين الخوف و الرجاء سلم من القنوط و اليأس من رحمة الله و سلم من الأمن من مكر الله و الله تعالى يقول فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ و قال وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ هذا يصل به إلى الكفر القنوط و كذلك الاستمرار بالمعاصي قد يصل به إلى الكفر فالخوف و الرجاء لا بد منهما في سير العبد إلى الله عز و جل .
( سؤال )
ذكرتم حفظكم الله أن مسألة تكفير المعين يلزم فيه وجود شروط و انتفاء موانع فهل يدخل في هذا الشرك الظاهر مثل عبادة القبور و المعنى أنه لو وجد أحد يشرك بالله بعبادة القبور و نحوها بأنه لا يكفر حتى توجد الشروط و تنتفي الموانع !
( جواب )
الأمر الظاهر الواضح الذي لا إشكال فيه هذا لا يعذر فيه أحد كونه يعيش بين المسلمين و يعبد القبور هذا لا يعذر فيه أحد غير معذور لأن هذا الأمر الذي بعث الله به رسوله ﷺ و بعث به نبيه ﷺ و بعثت به الرسل و أنزلت به الكتب و جاء به القرآن فهذا لا يعذر فيه أحد بل يعذر بالأمور الدقيقة الخفية التي مثله يجهلها أما الذي يعيش بين المسلمين و يفعل الشرك الظاهر الواضح لا يعذر هذا أمر ظاهر و أمر واضح بيانه في القرآن و في السنة فلا يعذر أحد في الأمور الواضحة إنما يعذر الإنسان في الأمور الدقيقة الخفية التي مثله يجهلها أو يكون الشخص لا يعيش بين المسلمين عاش في بلاد بعيدة لا يعلم و مثله يجهل هذا .
( سؤال )
هل ورد دليل صريح صحيح في تحديد عدد الأنبياء و الرسل !
( جواب )
لا أعلم حديثا صحيحا ، و جاء في حديث أبي ذر أن الأنبياء مئة ألف و الرسل ثلاثمائة و ثلاثة عشر أو كما قال لكن الحديث لا يصح و لا أعلم حديثا صحيحا في تحديد عدد الأنبياء و الرسل .
( سؤال )
هل صحيح قول بعضهم أن إبراهيم خليل الله و محمد ﷺ حبيب الله !
( جواب )
هذا خطأ بل محمد ﷺ خليل الله و إبراهيم خليل الله الخليلان و درجة الخلة أكمل من المحبة الخلة كمال المحبة و نهايتها فكيف يقال محمد ﷺ حبيب الله بل محمد ﷺ خليل الله و لذلك بعض الناس كذلك يقولون محمد حبيب الله و صلوا على الحبيب و ينسون الخلة منزلة الرسول ﷺ أعلى ، المحبة ثبتت للمتقين و المؤمنين و التوابين و المتطهرين لكن الخلة ليست إلا للخليلين لإبراهيم و محمد عليهم الصلاة و السلام و هي نهاية المحبة و كمالها ، و الخليل من البشر الخلة هي التي تتخلل شغاف القلب حتى تصل إلى سويدانه و ليس في القلب متسع لأكثر من خليل واحد لكن القلب يتسع لمحبة كثير من الناس و النبي ﷺ امتلأت قلبه بخلة الله فليس فيه متسع و لو كان فيه متسع فلأبي بكر قال عليه الصلاة و السلام لو كُنْتُ متَّخِذًا خليلًا لاتَّخَذْتُ أبا بكرٍ خليلًا، وَلكِنَّ صاحِبَكُم خَلِيلُ الرَّحمَنِ. ما في القلب متسع و لو كان فيه متسع لكان لأبي بكر لكن المحبة عائشة يحبها النبي ﷺ و أسامة و زيد حب رسول الله ﷺ و أسامة ابن حب رسول الله ﷺ و أحب من الرجال أبا بكر و عائشة و يحب كثيرين لكن الخلة امتلأ قلبه بخلة الله و لو كان فيه متسع لكان لأبي بكر لو كُنْتُ متَّخِذًا خليلًا لاتَّخَذْتُ أبا بكرٍ خليلًا، وَلكِنَّ صاحِبَكُم خَلِيلُ الرَّحمَنِ. فهذا يبين لك كمال الخلة و غلط بعض الناس أن يقولوا محمد حبيب الله و حبيب الرحمن فإبراهيم خليل الله و محمد خليل الله كلاهما خليلان كلاهما خليل الله و قال عليه الصلاة و السلام إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا .
( سؤال )
المؤمن في البرزخ يقول رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي، وَمَالِي فما المراد بأهله و ماله !
( جواب )
يعني في الجنة .
( سؤال )
أرجو توضيح طرق الدلالات مرة أخرى المطابقة و التضمن و الالتزام !
( جواب )
قلنا المطابقة دلالة الشيء على جميع معناه كل معناه و دلالة التضمن دلالة الشيء على جزء معناه و دلالة الالتزام دلالة الشيء على خارج معناه .
مثل : الكلام ، الكلام مكون من اللفظ و المعنى فدلالة الكلام على اللفظ و المعنى دلالة مطابقة دلالة على أمرين و دلالة الكلام على اللفظ أو على المعنى دلالة تضمن و دلالة الكلام على المتكلم دلالة التزام دلالة على خارج معناه .
مثل : الإنسان مكون من روح و جسد دلالة الإنسان على الروح و الجسد هذه دلالة مطابقة و دلالة الإنسان على الروح أو على الجسد دلالة تضمن و دلالة الإنسان على التكلم أو الكلام دلالة التزام جاء على خارج معناه.
مثل : دلالة توحيد الألوهية على توحيد الربوبية دلالة تضمن يعني في ضمن توحيد الألوهية الاعتراف بالرب و أنه الرب ، دلالة توحيد الربوبية على توحيد الألوهية دلالة التزام يعني من أقر بربوبية الله و أنه الخالق و الرازق يلزمه أن يعبد الله ما دامك تعترف أنه الخالق و الرازق يلزمك أن تعبده لكن الكفار غير ملتزمين أما من عبد الله و وحده فمن ضمن ذلك اعترافه بأنه الرب الخالق فدلالة توحيد الألوهية على توحيد الربوبية يعني كلمة التوحيد " لا إله إلا الله " تدل على الربوبية و على الألوهية دلالتها على الربوبية دلالة تضمن و دلالة الربوبية على الألوهية دلالة التزام و دلالة الألوهية على الربوبية و الألوهية دلالة مطابقة .
( سؤال )
ما أفضل شروح المطبوعة يوصى بها لهذا المتن المبارك !
( جواب )
لم أبحث و لا أعلم أن هناك شروح و المؤلف رحمه الله وعد بأنه سيطبعها و لا أعلم هل هناك شروح مطبوعة .
وفق الله الجميع لطاعته و ثبتهم على هداه و صلى الله و سلم و بارك على عبد الله و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم .