شعار الموقع

الدرس العاشر

00:00
00:00
تحميل
7

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام عَلَى نَبِيُّنَا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إِلَى يوم الدين؛ أما بعد:

(المتن)

قال ابن حبان رحمه الله تعالى في صحيحه:

ذكر ما يدعو المرء به عند وجود الجدب بالمسلمين.

991- أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير، قال: حدثنا طاهر بن خالد بن نزار الأيلي، حدثنا أبي، حدثنا القاسم بن مبرور، عن يونس بن يزيد الأيلي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحط المطر، فأمر بالمنبر، فوضع له في المصلى، ووعد الناس يومًا يخرجون فيه، قالت عائشة: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم، قال: «إنكم شكوتم جدب جنانكم، واحتباس المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم, ثم قال: الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، لا إله إلا أنت تفعل ما تريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغا إلى حين» ثم رفع يديه صلى الله عليه وسلم حتى رأينا بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره، وقلب أو حول رداءه وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين، فأنشأ الله سحابًا، فرعدت وأبرقت وأمطرت بإذن الله، فلم يلبث في مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم لثق الثياب على الناس ضحك حتى بدت نواجذه وقال: «أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبد الله ورسوله».

(الشرح)

وهذا فيهِ: مشروعية الاستسقاء عند الجدب, وفيه: مشروعية صلاة الاستسقاء في صحراء قريبة من البلد, النَّبِيِّ r خرج إلى المصلى, والمصلى صحراء قريبة ما كَانَ يصلي العيد والاستسقاء في مسجده r وهو فاضل الصلاة فيهِ بألف صلاة, فدل عَلَى مشروعية صلاة الاستسقاء والعيد في صحراء قريبة من البلد حتى في المسجد النبوي, بَعْضُهُم استثنى المسجد الحرام.

وفيه: مشروعية رفع اليدين في الدعاء والمبالغة في رفعها؛ لان النَّبِيِّ r رفعها حتى رُأي بياض إبطيه, وفيه: مشروعية استقبال القبلة وتحويل الرداء.

وفيه: جواز خطبة الاستسقاء قبل الصلاة, ولهذا قَالَ: «ثم صلى», وجاءت النصوص بجواز الصلاة قبل الخطبة وبالخطبة قبل الصلاة جاء ما يدل عَلَى هذا وهذا, لَكِنْ العمل الآن عَلَى تقديم الصلاة كصلة العيد الآن.

قَالَ: إسناده حسن, إسناده حسن، وأخرجه أبو داود (1173)، والطحاوي في " شرح معاني الآثار " 1/325، والبيهقي في السنن 3/349, وقال أبو داود: إسناده جيد، وصححه الحاكم 1/328 ووافقه الذهبي.

وقوله: «فلما رأى لثق الثياب» اللثق بالتحريك البلل، وفي شرح معاني الآثار: «فلما رأى التواء الثياب على الناس» قَالَ: «أشهد أن لا إله إِلَّا الله واشهد أني رسول الله» شهد لنفسه بالرسالة عليه الصلاة والسلام؛ لِأَنّ الله تعالى أجاب دعائه في الحال, وهذا يدل عَلَى أن الله عَلَى كل شيء قدير, وأن الله يُجيب الدعاء, الله تعالى أجاب دعاء نبيه في الحال.

(المتن)

ذكر ما يدعو به المرء عند اشتداد الأمطار، وكثرة دوامها بالناس.

992- أخبرنا عمر بن محمد الهمداني، قال: أخبرنا محمد بن عثمان العجلي، قال: حدثنا خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، قال: سمعت أنس بن مالك، يقول: دخل رجل المسجد يوم الجمعة من باب كأن رجاءه المنبر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فاستقبله قائمًا، فقال: يا رسول الله، هلكت المواشي وانقطعت السبل، فادع الله ليغيثنا، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، يقول: «اللهم اسقنا، اللهم اسقنا»، قال أنس: والله ما نرى في السماء سحابة ولا قزعة بيننا وبين سلع من بيت ولا دار، فطلعت من ورائه سحابة مثل ترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، فوالله ما رأينا الشمس ستًا، ثم دخل رجل من الباب يوم الجمعة المقبلة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فاستقبله قائمًا ثم قال: يا رسول الله , هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله أن يكفها عنا، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، يقول: «اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب والأودية ومنابت الشجر»، قال: فأقلعت وخرج صلى الله عليه وسلم يمشي في الشمس، فسألت أنسًا أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري.

(الشرح)

يَعْنِي: يحتمل هو ويحتمل غيره, هذا أصله في الصحيحين؛ الحديث, وفيه: أَنَّ الله تعالى أجاب دعاء نبيه في الحالين, الجمعة الأولى: هذا الرجل طلب من النَّبِيِّ أن يسأل الله نزول الغيب فأجاب الله دعائه, وجاءت سحابة مثل تُرس من قِبل جبل سلع ثم أمطرت واستمر المطر أسبوع, ثم الجمعة الأخرى دخل ذلك الرجل أو غيره قَالَ: «يا رسول الله, هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله أن يكفها عنا، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، يقول: اللهم حوالينا ولا علينا» فتقطعت السحاب, وفي رواية أَنَّه صار يمطر من حوله ولا يمطر المدينة فصارت المدينة كالجوبة أو الدائرة الأمطار حولها والمدينة ما فيها شيء.

والنبي r ضحك لما رأى حاله الناس, في الجمعة الأولى يطلبون الإغاثة, والجمعة الثانية يطلبون أن يكف الله عنهم ذلك, اِبْن آدم ضعيف.

قَالَ: وأخرجه مالك في " الموطأ " 1/198 باب ما جاء في الاستسقاء، وأخرجه البخاري (1016) و (1017) و (1019) في الاستسقاء، ومسلم (897) في الاستسقاء.

(المتن)

ذكر ما يقول المرء إذا تفضل الله جل وعلا على الناس بالمطر ورآه.

993- أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكي، قال: حدثنا عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى المطر، قال: «اللهم صيبًا هنيًا».

(الشرح)

قَالَ: إسناده صحيح, وأخرجه أحمد 6/90, والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (918)، وفي لفظ البخاري: «صيبًا نافعًا» فعلى هذا كلٌ من العبارتين مشروع.

(المتن)

ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم: «هنيًا» أراد به: نافعًا.

994- أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة، قال: حدثنا محمد بن خنيس الغزي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن مسعر، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الغيث، قال: «اللهم صيبًا أو سيبًا نافعًا».

(الشرح)

يَعْنِي: المعنى واحد هنيًا أو نافعًا.

(المتن)

ذكر الإخبار عما يجب على المسلمين من سؤالهم ربهم أن يبارك لهم في ريعهم دون اتكالهم منه على الأمطار.

995- أخبرنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا وهب بن بقية، قال: أخبرنا خالد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليست السنة بأن لا تُمطروا، ولكن السنة أن تُمطروا، وأن تُمطروا، ولا تنبت الأرض شيئًا».

(الشرح)

إسناده صحيح, وأخرجه أحمد 2/342، ومسلم (2904) في الفتن.

السنة: هي الجدب, يقول: ليس الجدب بأن لا يُمطر الناس, بل الجدب أن يُمطر الناس ويُمطروا ولا تُنبت الأرض, هذا فيهِ: بيان الأشد, يَعْنِي: كون الناس لا يُمطرون هذا جدب, لَكِنْ أشد منه: «أن تُمطروا، وأن تُمطروا، ولا تنبت الأرض شيئًا».

مثل قوله r: «ليس الشديد بالصُرعة وَلَكِن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» اللي يصرع الناس هذا شديد لَكِنْ أشد منه من يملك نفسه عند الغضب.

ومثل قوله r: «ما تعدون الرقوب فيكم قال قلنا الذي لا يولد له قال ليس ذلك بالرقوب ولكنه الرجل الذي لم يقدم من ولده شَيْئًا» يَعْنِي: الذي لا يُنجب هذا عقيم, لَكِنْ اشد منه من لا يقدم.

ومثل قوله r: «ليس المسكين بالطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان, إِنَّمَا المسكين الذي لا يجد غنًا يُغنيه, ولا يُفطن له فيُتصدق عليه, ولا يقوم فسأل الناس» الذي يطوف بالناس هذا مسكين لَكِنْ أشد منه الذي لا يُعرف, المسكين يمد يده فهذا يعطيه لقمة وهذا ريال ويحصل من هذا, لَكِنْ أشد منه: الذي يستحي فلا يقوم يسأل الناس, ولا يُعرف فيُتصدق عليه, يستحي ما يقوم وليس عليه علامة الفقر, فلا يسأل الناس إلحافًا, هذا هو الذي يموت في بيته ولا يُدرى عنه, هذا الذي ينبغي البحث عنه, أما اللي يسأل الناس يقول: أعطوني كذا يُعطى هذا, هو يسأل هذا يعطيه وهذا يعطيه ويحصل, فالنبي r نفى المسكنة عن هذا لإثباتها لمن هو أشد منه.

ومثل هذا في هذا الحديث: «ليست السنة بأن لا تُمطروا، ولكن السنة أن تُمطروا، وأن تُمطروا، ولا تنبت الأرض شيئًا» يَعْنِي: كون الناس لا يُمطرون هذا جدب, لَكِنْ أشد منه جدبًا إذا أُمطروا ثم لا تُنبت الأرض.

قَالَ: إسناده صحيح على شرط مسلم، وخالد: هو ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد الطحان الواسطي, وأخرجه أحمد 2/342، ومسلم (2904) في الفتن.

 

 

 

 

 

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد