شعار الموقع

الدرس الثالث

00:00
00:00
تحميل
10

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ

الحمد لله رب العالمين, وَالصَّلَاة والسلام عَلَى نَبِيّنَا محمد وَعَلَى آله وصحبه أجمعين.

(المتن)

قَالَ ابن حبان رحمنا الله وإياه في صحيحه:

ذكر الأمر بالوضوء من المذي وضوء الصلاة

1101 - أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان، أخبرنا أحمد بن أبي بكر، عن مالك، عن أبي النضر، مولى عمر بن عبيد الله عن سليمان بن يسار، عن المقداد بن الأسود، أن علي بن أبي طالب أمره أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل إذا دنا من أهله ماذا عليه؟ فإن عندي ابنته وأنا أستحيي أن أسأله، قال المقداد: فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «إذا وجد ذلك، فلينضح فرجه، وليتوضأ وضوءه للصلاة».

(الشرح)

هَذَا الحديث في وجوب الوضوء, والحديث في الصحيحين, الحديث رواه الشيخان وَهُوَ حديث صحيح, وَفِيهِ أن المذي ينقض الوضوء, وجاء في اللفظ الآخر أَنَّهُ يغسل أنثييه يَعْنِي خصتيه خاصة, ولعل الحكمة في ذلك أَنَّهُ يتقلص الخارج, فالمذي ناقض للوضوء وَهُوَ نجس ولكن نجاسته مخففة, ولكن فِيهِ النضح.

يَقُولُ: « فلينضح فرجه، وليتوضأ», مثل بول الغلام الَّذِي لَمْ يأكل الطعام, يكفي فِيهِ النضح, المذي يكفي فِيهِ النضح ولكن يغسل أنثييه مَعَ ذلك, بخلاف البول يغسل طرف الذكر, ما هُوَ لازم يغسل أنثييه بَلْ طرف الذكر موضع الخارج.

أَمَّا المذي فَإِنَّهُ يغسل ذكره وأنثييه, ولقوله في الحديث الآخر: «اغسل ذكر وأنثييك», يَعْنِي خصيتك, ولعل الحكمة في ذلك؛حَتَّى يتقلص الخارج, وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أن المذي ناقض للوضوء وَأَنَّهُ يوجب الوضوء وَأَنَّهُ ينبغي أَيْضًا غسل الانثيين معه.

(المتن)

قال أبو حاتم: مات المقداد بن الأسود بالجرف سنة ثلاث وثلاثين، ومات سليمان بن يسار سنة أربع وتسعين، وقد سمع سليمان بن يسار المقداد وهو ابن دون عشر سنين.

(الشرح)

(ومات سليمان بن يسار سنة أربع وتسعين), يَعْنِي أدركه وسمع منه, يَعْنِي السند متصل والحديث أصله في الصحيحين.

(المتن)

ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم: «فلينضح فرجه» أراد به: فليغسل ذكره

1102 - أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي، حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا زائدة بن قدامة، حدثني الركين بن الربيع الفزاري، عن حصين بن قبيصة*، عن علي بن أبي طالب، قال: كنت رجلا مذاء، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «إذا رأيت المذي فاغسل ذكرك، وإذا رأيت الماء فاغتسل».

(الشرح)

إِذَا رأيت المذي اغسل ذكرك يَجِبُ الغسل, وَإِذَا رأيت الماء يَعْنِي المني فاغتسل, إِذَا رأى الماء الثانية المراد بها المني, إِذَا رأى المني قَالَ: يوجب الغسل, وَأَمَّا المذي فَإِنَّهُ يوجب الوضوء.

(المتن)

قال أبو حاتم: يشبه أن يكون علي بن أبي طالب أمر المقداد أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الحكم فسأله وأخبره، ثم أخبر المقداد عليا بذلك، ثم سأل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم عما أخبره به المقداد، حتى يكونا سؤالين في موضعين مختلفين، والدليل على أنهما كانا في موضعين أن عند سؤال علي النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالاغتسال عند المني، وليس هذا في خبر المقداد، يدلك هذا على أنهما غير متضادين.

(الشرح)

لِأَنَّهُ منافاة, علي رضي الله عنه أَمْر المقداد فسأله, ثُمَّ في وقت آخر سأل علي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم, فهذا الموضع أمره أن يغتسل إِذَا رأى المذي, وفي موضع آخر أخبره المقداد قَالَ: انضح فرجك وتوضأ.

(المتن)

ذكر الخبر الدال على أن غسل الذكر للمذي لا يجزئ به صلاته دون الوضوء، وأن الوضوء يجزئ عن نضح الثوب له

1103 - أخبرنا أبو يعلى، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثني سعيد بن عبيد بن السباق، عن أبيه، عن سهل بن حنيف، قال: كنت ألقى من المذي شدة، فكنت أكثر الاغتسال منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: «إنما يجزئك منه الوضوء»، فقلت: فكيف بما يصيب ثوبي منه؟، قال: «يكفيك أن تأخذ كفا من ماء فتنضح بها من ثوبك حيث ترى أنه أصابه».

(الشرح)

وَيَدُلَّ ذلك عَلَى أن نجاسته مخففة يكفي فِيهِ النضح.

قوله: (غسل الذكر للمذي لا يجزئ به صلاته دون الوضوء), لَابُدَّ من الوضوء.

ذكر المحقق في الإحسان: وأخشى أن يكون خطأ وصوابه لا يجزئ؛ لِأَنَّ الحديث المندرج تَحْتَ هَذَا العنوان ينص عَلَى الوضوء والنضح معًا.

يَقُولُ: الأصوب أن الوضوء لا يجزئ عَنْ نضح الثوب له, يَعْنِي لَابُدَّ من غسل الثوب مَعَ الوضوء, يحتمل لِأَنَّهُ قَالَ: «توضأ وانضح فرجك».

(المتن)

ذكر إيجاب الوضوء على الممذي والاغتسال على الممني

1104 - أخبرنا عمر بن محمد الهمداني، قال: حدثنا محمد بن عثمان العجلي، قال: حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي بن أبي طالب، قال: كنت رجلا مذاء، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «إذا رأيت الماء فاغسل ذكرك وتوضأ، وإذا رأيت المني فاغتسل».

(الشرح)

إسناده صحيح عَلَى شرط البخاري هُوَ في صحيحه في باب الغسل, وأخرجه الطحاوي والإمام أحمد والنسائي, وَفِيهِ أن المذي يوجب الوضوء والمني يوجب الغسل وَهَذَا واضح.

(المتن)

ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة الحديث أنه مضاد لخبر أبي عبد الرحمن السلمي الذي ذكرنا

1105 - أخبرنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا أمية بن بسطام، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا روح بن القاسم، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن إياس بن خليفة، عن رافع بن خديج، أن عليا أمر عمارا أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المذي، فقال: «يغسل مذاكيره ويتوضأ».

ذكر خبر ثالث يوهم من لم يطلب العلم من مظانه أنه مضاد للخبرين اللذين تقدم ذكرنا لهما

1106 - أخبرنا أبو خليفة، قال: حدثنا القعنبي، عن مالك، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن سليمان بن يسار، عن المقداد بن الأسود، أن علي بن أبي طالب أمره أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل إذا دنا من أهله فخرج منه المذي ماذا عليه؟ فإن عندي ابنته وأنا أستحيي أن أسأله، قال المقداد: فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: «إذا وجد أحدكم ذلك، فلينضح فرجه، وليتوضأ وضوءه للصلاة».

(الشرح)

قوله: (من لم يطلب العلم من مظانه), مكانه المعروف لدى أَهْلِ العلم, والحديث واضح يَجِبُ عَلَيْهِ غسل الفرج والوضوء.

(المتن)

قال أبو حاتم رحمه الله: قد يتوهم بعض المستمعين لهذه الأخبار ممن لم يطلب العلم من مظانه، ولا دار في الحقيقة على أطرافه، أن بينها تضادا أو تهاترا، لأن في خبر أبي عبد الرحمن السلمي: سألت النبي صلى الله عليه وسلم، وفي خبر إياس بن خليفة، أنه أمر عمارًا أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم، وفي خبر سليمان بن يسار أنه أمر المقداد أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس بينها تهاتر، لأنه يحتمل أن يكون علي بن أبي طالب أمر عمارًا أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله، ثم أمر المقداد أن يسأله، فسأله، ثم سأل بنفسه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(الشرح)

لا منافاة أن يكون أَمْر عمار وأمر المقداد ثُمَّ سأله, هَذَا واضح ما فِيهِ إشكال.

(المتن)

والدليل على صحة ما ذكرت أن متن كل خبر يخالف متن الخبر الآخر، لأن في خبر أبي عبد الرحمن كنت رجلاً مذاء، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «إذا رأيت الماء فاغتسل» وفي خبر إياس بن خليفة: أنه أمر عمارًا أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «يغسل مذاكيره ويتوضأ»، وليس فيه ذكر المني الذي في خبر أبي عبد الرحمن، وخبر المقداد بن الأسود سؤال مستأنف، فيسأل أنه ليس بالسؤالين الأولين اللذين ذكرناهما، لأن في خبر المقداد: أن علي بن أبي طالب أمره أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل إذا دنا من أهله فخرج منه المذي ماذا عليه؟ فإن عندي ابنته، فذلك ما وصفنا، على أن هذه أسئلة متباينة، في مواضع مختلفة، لعلل موجودة، من غير أن يكون بينها تضاد أو تهاتر.

(الشرح)

يَعْنِي الجمع بينهما ممكن.

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد