شعار الموقع

الدرس الثالث

00:00
00:00
تحميل
11

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام عَلَى نَبِيُّنَا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إِلَى يوم الدين؛ أما بعد:

(المتن)

قال ابن حبان رحمه الله تعالى في صحيحه:

باب أحكام الجُنب.

ذكر نفي دخول الملائكة الدار التي فيها الجُنب.

1205- أخبرنا الفضل بن الحباب، حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، عن علي بن مدرك، قال: سمعت أبا زرعة بن عمرو، يحدث عن عبد الله بن نجي، عن أبيه، قال: سمعت عليا، يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة، ولا كلب، ولا جُنب».

(الشرح)

تكلم عليه قَالَ: عبد الله بْنُ نُجي صدوق, وذكره المؤلف في كتاب الثقات ووثقه, وقال: الحديث أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة, قَالَ البغوي في شرح السنة تعليقًا عَلَى قوله: «ولا جُنب» قَالَ: فيمن يتخذ تأخير الاغتسال عادةً تهاونًا فيكون أكثر أوقاته جُنبًا, وقد صح أن النَّبِيِّ r كَانَ ينام وهو جُنب, ويطوف عَلَى نساءه بغُسل واحد, وأراد بالملائكة الذين ينزلون بالبركة والرحمة دون الملائكة الذين هم الحفظة فإنهم لا يفارقون الجُنب وغير الجُنب.

«لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة، ولا كلب» هذا في الصحيحين, لَكِنْ الزيادة: «ولا جُنب» هَذِه هي الَّتِي فيها الكلام.

قَالَ: ويشهد لقوله: «ولا جُنب» حديث اِبْن عباس عند البزار والبخاري في التاريخ ولفظه: «ثلاثة لا تقربهم الملائكة: الجُنب والسكران والمتضمخ بالمخلوق» وسنده صحيح، وقال الهيثمي في "المجمع" 5/72 بعد أن نسبه للبزار: ورجاله رجال الصحيح خلا العباس بن أبي طالب وهو ثقة.

وروى أبو داود من حديث عمار مرفوعًا: «ثلاث لا تقربهم الملائكة» وذكر منهم «الجنب إلا أن توضأ» ورجاله ثقات، إلا أن الحسن لم يسمع من عمار، وهو في "المسند" 4/320 من طريق عطاء الخراساني، عن يحيى بن يعمر، عن عمار، وفي عطاء كلام.

(المتن)

ذكر الإباحة للمرء الطواف على نسائه أو جواريه بالغُسل الواحد.

1206- أخبرنا الفضل بن الحباب، قال: حدثنا مسدد بن مسرهد، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا حميد، عن أنس بن مالك: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه في ليلة بغُسلٍ واحد».

(الشرح)

لَكِنْ الأفضل أن يتوضأ بينهما, «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه في ليلة بغُسلٍ واحد» ما يُخل مثلًا بالقسم لِأَنَّهُ في وقت واحد.

(المتن)

ذكر الخبر الدال على أن هذا الفعل لم يكن من المصطفى صلى الله عليه وسلم مرة واحدة فقط.

1207- أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد، حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا هُشيم، عن حميد، عن أنس بن مالك: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يطوف على جميع نسائه في ليلة، ثم يغتسل غُسلًا واحدًا».

(الشرح)

يَجِبُ عَلَى من له عدد من الزوجات أن يساوي بينهما في النفقة والكسوة والسكنى والقسم, أما ميل القلب وما ينشأ عن من الوطء هذا الذي لا يُلام عليه الإنسان.

(المتن)

ذكر عدد النساء اللاتي كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يطوف عليهن بغُسل واحد.

1208- أخبرنا ابن خزيمة، قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: «كان يدور على نسائه في ساعة من الليل أو النهار وهن إحدى عشرة, فقلت لأنس بن مالك: أكان يطيق ذلك؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين».

(الشرح)

(فقلت لأنس) كأن القائل هو أبو قتادة.

(المتن)

ذكر خبر قد يوهم من لم يحكم صناعة الحديث أنه مضاد لخبر هشام الدستوائي، الذي ذكرناه.

1209- أخبرنا أبو حاتم رضي الله عنه، قال: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا عباس بن الوليد النرسي، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة وله يومئذ تسع نسوة».

قال أبو حاتم رضي الله عنه: في خبر هشام الدستوائي، عن قتادة، وهن إحدى عشرة نسوة، وفي خبر سعيد، عن قتادة، وله يومئذ تسع نسوة، أما خبر هشام، فإن أنسًا حكى ذلك الفعل منه صلى الله عليه وسلم في أول قدومه المدينة حيث كانت تحته إحدى عشرة امرأة، وخبر سعيد، عن قتادة إنما حكاه أنس، في آخر قدومه المدينة صلى الله عليه وسلم، حيث كان تحته تسع نسوة، لأن هذا الفعل كان منه صلى الله عليه وسلم، مرارًا كثيرة لا مرة واحدة.

(الشرح)

يَعْنِي: هذا منافاة, في الأول إحدى عشرة ثم بعد ذلك تسع.

في تعقب لابن حجر يقول, قَالَ الحافظ في الفتح: وفي هذا الحديث من الفوائد ما أعطي النبي صلى الله عليه وسلم من القوة على الجماع، وهو دليل على كمال البنية، وصحة الذكورية, والحكمة في كثرة أزواجه أن الأحكام التي ليست ظاهرة يطلعن عليها، فينقلها، وقد جاء عن عائشة من ذلك الكثير الطيب، ومن ثم فضلها بعضهم على الباقيات.

نقل الحافظ في "الفتح" 1/ 378 كلام المؤلف هذا في الجمع بين الروايتين بأن حمل ذلك على حالتين، ثم تعقبه؛ يَعْنِي تعقب اِبْن حبان بقوله: لكنه وهم في قوله: إن الأولى كانت في أول قدومه المدينة حيث كان تحته تسع نسوة، والحالة الثانية في آخر الأمر حيث اجتمع عنده إحدى عشرة امرأة. وموضع الوهم منه أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة لم يكن تحته امرأة سوى سودة، ثم دخل على عائشة بالمدينة، ثم تزوج أم سلمة، وحفصة، وزينب بنت خزيمة في السنة الثالثة والرابعة، ثم تزوج زينب بن جحش في الخامسة، ثم جويرية في السادسة، ثم صفية، وأم حبيبة، وميمونة في السابعة، وهؤلاء جميع من دخل بهن من الزوجات بعد الهجرة على المشهور.

واُختلف في ريحانة، وكانت من سبي بني قريظة، فجزم ابن إسحاق بأنه عرض عليها أن يتزوجها، ويضرب عليها الحجاب، فاختارت البقاء في ملكه، والأكثر على أنها ماتت قبله في سنة عشر، وكذا ماتت زينب بن خزيمة بعد دخولها عليه بقليل, قال ابن عبد البر: مكثت عنده شهرين أو ثلاثة, فعلى هذا لم يجتمع عنده من الزوجات أكثر من تسع، مع أن سودة كانت وهبت يومها لعائشة كما سيأتي في مكانه، فرجحت رواية سعيد، لكن تحمل رواية هشام على أنه ضم مارية وريحانة إليهن، وأطلق عليهن لفظ "نسائه" تغليبًا.

(المتن)

ذكر الأمر بالوضوء لمن أراد معاودة أهله.

1210- أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب، قال: حدثنا منصور بن أبي مزاحم، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن عاصم بن سليمان، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مس أحدكم المرأة، فأراد أن يعود فليتوضأ».

ذكر العلة التي من أجلها أمر بهذا الْأَمْرِ.

1211- أخبرنا الحسين بن محمد السنجي، بمرو، حدثنا جعفر بن هاشم العسكري، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا شعبة، عن عاصم الأحول، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا أتى أحدكم أهله، ثم أراد أن يعود فليتوضأ، فإنه أنشط للعود».

قال أبو حاتم رضي الله عنه: تفرد بهذه اللفظة الأخيرة مسلم بن إبراهيم.

قَالَ في الحاشية: إسناده صحيح؛ وأخرجه اِبْن خزيمة والبزار.

(الشرح)

يعني: أقل أحوالها الاستحباب وقد يقال: أَنَّه للوجوب.

(المتن)

ذكر الإخبار عما يعمل الجُنب إذا أراد النوم قبل الاغتسال.

1212- أخبرنا الفضل بن الحُباب، قال: حدثنا أبو الوليد، والحوضي، قالا: حدثنا شعبة، عن عبد الله بن دينار، قال: سمعت ابن عمر، يقول: «إن عمر، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: تصيبني الجنابة من الليل، فكيف أصنع؟ قال: اغسل ذكرك، ثم توضأ، ثم ارقد».

(الشرح)

وهذا مستحب, فكونه نام من دون وضوء أو يعاود من دون وضوء أقل أحواله الكراهة الشديدة.

(المتن)

1213- أخبرنا الفضل بن الحُباب، حدثنا القعنبي، عن مالك، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، أنه قال: «ذكر عمر بن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه تصيبه الجنابة من الليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: توضأ واغسل ذكرك، ثم نم».

قال أبو حاتم: قوله صلى الله عليه وسلم: «توضأ واغسل ذكرك» أمر ندب، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ثم نم» أمر إباحة، وليس في قوله صلى الله عليه وسلم: «واغسل ذكرك» دليل على أن المني نجس، لأن الأمر بغسل الذكر إنما أُمر لأن المرء قلما يطأ إلا ويلاقي ذكره شيئا نجسًا.

(الشرح)

فإن قيل: من فرج المرأة يقصد؟.

هذا من باب الاستحباب, من باب النظافة.

هو قَالَ: لأن الأمر بغسل الذكر إنما أُمر لأن المرء قلما يطأ إلا ويلاقي ذكره شيئا نجسًا؟.

حتى هذا فيهِ إشكال.

(المتن)

فإن تعرى عن هذا، فلا يكاد يخلو من البول قبل الاغتسال، فمن أجل ملاقاة النجاسة للذكر أُمر بغسله، لا أن المني نجس، لأن عائشة كانت تفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يصلي فيه.

(الشرح)

الإشكال هنا قوله: يلاقي النجاسة, أين يلاقي النجاسة؟ في أي مكان؟.

فإن قيل: يقصد من فرج المرأة؟.

فرج المرأة ليس بنجس.

فإن قيل: نقول: أن اِبْن حبان يقصد فرج المرأة وَلَكِن في كلامه نظر, معناه هذا قصده.

طيب أين النجاسة في فرج المرأة؟!

(المتن)

ذكر الإباحة للجُنب ترك الاغتسال عند إرادة النوم بعد غسل الفرج والوضوء للصلاة.

1214- أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي، قال: حدثنا يحيى بن أيوب المقابري، قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر، قال: أخبرني عبد الله بن دينار، أنه سمع ابن عمر، يقول: «ذكر عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تصيبه الجنابة من الليل: فأمره أن يتوضأ ويغسل ذكره، ثم ينام».

ذكر الإباحة للجُنب أن ينام قبل أن يغتسل من جنابته إذا توضأ قبل النوم.

1215- أخبرنا الفضل بن الحُباب الجمحي، قال: حدثنا القعنبي، قال: حدثنا ليث بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر، «أن عمر بن الخطاب، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيرقد أحدنا وهو جُنب؟ فقال صلى الله عليه وسلم: نعم إذا توضأ».

ذكر البيان بأن الوضوء للجُنب إذا أراد النوم ليس بأمر فرض لا يجوز غيره.

(الشرح)

كل هَذِه التراجم تكرار والمعنى واضح من الأول.

(المتن)

1216- أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال: حدثنا أحمد بن عبدة، قال: حدثنا سفيان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن عمر: «أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أينام أحدنا وهو جُنب؟ فقال: نعم، ويتوضأ إن شاء».

ذكر الإباحة للمرء أن ينام وهو جُنب، بعد أن يتوضأ وضوءه للصلاة.

1217- أخبرنا ابن قتيبة، حدثنا يزيد بن موهب، حدثنا الليث، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن عائشة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا أراد أن ينام وهو جُنب، توضأ وضوءه للصلاة قبل أن ينام».

ذكر ما يستحب للمرء إذا كان جُنبًا وأراد النوم أن يتوضأ وضوءه للصلاة ثم ينام.

1218- أخبرنا أبو يعلى، قال: حدثنا محمد بن الصباح الدولابي، منذ ثمانين سنة، قال: حدثنا ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جُنب، لم ينم حتى يتوضأ، وإذا أراد أن يأكل غسل يديه وأكل».

(الشرح)

هذا فيهِ زيادة: «وإذا أراد أن يأكل».

 

 

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد