بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين وللسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين..
(المتن)
قال الإمام الصابوني رحمه الله تعالى :
ويثبت أصحاب الحديث نزول الرب كل ليلة إلى السماء الدنيا من غير تشبيه له بنزول المخلوقين، ولا تمثيل ولا تكييف، بل يثبتون ما أثبته رسول الله ﷺ وينتهون فيه إليه، ويمرون الخبر الصحيح الوارد بذكره على ظاهره، ويكلون علمه إلى الله.
وكذلك يثبتون ما أنزله الله عز اسمه في كتابه من ذكر المجيء والإتيان المذكورين في قوله : هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وقوله عز اسمه وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا.
قرأت في رسالة الشيخ أبي بكر الإسماعيلي إلى أهل جيلان أن الله سبحانه ينزل إلى السماء الدنيا على ما صح به الخبر عن الرسول ﷺ، وقد قال الله : هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وقال: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا.
ونؤمن بذلك كله على ما جاء بلا كيف، فلو شاء سبحانه أن يبين لنا كيفية ذلك فعل، فانتهينا إلى ما أحكمه، وكففنا عن الذي يتشابه إذ كنا قد أمرنا به في قوله : هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ.
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ونبيه سيدنا وإمامنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومتبعيهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد..
فإن هذا الكلام الذي سمعناه في بيان اعتقاد أهل السنة وأهل الحديث بنزول الرب ومجيئه، فأهل السنة وأهل الحديث يؤمنون بنزول الرب وأن الله ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا، قد تواترت بذلك الأحاديث.. فالأحاديث في ذلك متواترة، فحديث النزول من الأحاديث المتواترة في الصحاح والسنن والمسانيد.
قد صح عن النبي ﷺ وتواتر الخبر بأن الله يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ؟ حتى يطلع الفجر. وسيسوق المؤلف رحمه الله هذا الحديث بأسانيد متعددة.
أهل السنة والجماعة يؤمنون بأن الله تعالى ينزل بلا كيف، لا يكيفون، ينزل كما يليق بجلاله ، لا نعلم كيف ينزل، فعل يفعله وهو فوق العرش وهو سبحانه فوق العرش.
نصوص العلو محكمة، نصوص العلو والفوقية تزيد على أكثر من ثلاثة آلاف دليل، وهو أن الله فوق المخلوقات، وفوق السماوات، وفوق العرش، و يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، فعل يفعله كما يليق بجلاله وعظمته، لا ندري كيف ينزل، وإنما ينزل نزولا يليق بجلاله وعظمته. هذا هو معتقد أهل السنة والجماعة.
وهل يخلو العرش منه، أو لا يخلو؟ ذكر العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره للعلماء ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه يخلو منه العرش. والقول الثاني: أنه لا يخلو. والقول الثالث: القول بالتوقف.
فأصحها: القول بأنه لا يخلو منه العرش ، وهذا هو الذي عليه المحققون أنه سبحانه ينزل، وهو فوق العرش نزولا يليق بجلاله وعظمته لأنه لا يشبه نزول المخلوقين.
وكذلك يؤمنون بمجيئه وإتيانه كما يليق بجلاله وعظمته، كما قال سبحانه : وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا يجيء سبحانه مجيئا يليق بجلاله وعظمته: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ.
يأتي إتيانا يليق بجلاله وعظمته، لا نكيف، صفاته ليست كصفات المخلوقين يعلم لا كعلمنا، ويقدر لا كقدرتنا، ويرى لا كرؤيتنا، وينزل لا كنزولنا، ويأتي لا كإتياننا، ويجيء لا كمجيئنا. صفاته تليق بجلاله وعظمته.
الخالق له صفات تليق به، والمخلوق له صفات تليق به، هذا هو الذي عليه أهل السنة والجماعة والسلف وأهل الحديث كما بين المؤلف رحمه الله الإمام أبو عثمان اسماعيل الصابوني بيّن في هذا الكلام الذي سمعناه اعتقاد السلف وأهل الحديث في نزول الرب ومجيئه.
ولهذا قال رحمه الله : ويثبت أصحاب الحديث نزول الرب كل ليلة إلى السماء الدنيا، من غير تشبيه له بنزول المخلوقين ولا تمثيل، فلا نقول: ينزل كنزول المخلوقين ولا تمثيل، ولا نقول: مثل كذا ولا كذا، ولا تكييف، لا نقول: ينزل على كيفية كذا وكذا، بل يثبتون ما أثبته رسول الله ﷺ، وينتهون فيه إليه. يقفون عند هذا الحد، لا يكيفون، ويمرون الخبر الصحيح الوارد بذكره على ظاهره، يمرونه من غير تكييف، من غير تمثيل، ويكلون علمه إلى الله، يكلون يعني: علم الكيفية لا يعلمها إلا هو، وكذلك يثبتون ما أنزل الله عز اسمه في كتابه من ذكر المجيء والإتيان المذكورين في قوله : هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ في هذه الآية إثبات الإتيان، وأن الله يأتي يوم القيامة إتيانا يليق بجلاله وعظمته، وقوله سبحانه : وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا فيه إثبات المجيء.
وذكر المؤلف رحمه الله أنه قرأ في رسالة الشيخ أبي بكر الإسماعيلي لأهل جيلان أن الله سبحانه ينزل إلى السماء الدنيا، على ما صح به الخبر عن الرسول ﷺ، ثم ذكر الآية.
قال: ونؤمن بذلك كله على ما جاء به بلا كيف، فلو شاء سبحانه أن يبين لنا كيفية ذلك فعل، لكنه لم يبين لنا، فننتهي ونقف، ولا نتجاوز ما ورد به النص إلى البحث عن الكيفية.
ولهذا قال المؤلف: فانتهينا إلى ما أحكمه، وكففنا عن الذي يتشابه إذ كنا قد أمرنا به في قوله : هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ.
بين أنه أنزل الكتاب، وأن منه آيات محكمات، ومنه المتشابهات فالآيات المحكمات الواضحات المعنى المحكمة الواضحة المعنى، والمتشابه: الذي فيه إشكال عند بعض الناس، المتشابه يكون متشابه نسبي، متشابه عند بعض الناس، فالذين في قلوبهم زيغ وانحراف يتبعون المتشابه ويتركون المحكم هذه علامتهم.
وأما الراسخون في العلم فإنهم يعملون بالمحكم ويؤمنون بالمتشابه ويردون المتشابه إلى المحكم ويفسرون المتشابه بالمحكم، ولهذا جاء في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال: إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ يعني: سماهم في هذه الآية. فعلامة أهل الزيغ: أنهم يأخذون بالمتشابه، ويتركون المحكم هذه علامة أهل الزيغ، يأتون للنص الذي فيه اشتباه ويشبهون به على الناس ويقولون هذا، ويتركون النصوص الكثيرة المحكمة.
فمثلاً نصوص الفوقية والعلو وأن الله فوق العرش وفوق السماوات تزيد أفراده على ثلاثة آلاف دليل: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ، سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ فيه سبع آيات: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ والصعود من أسفل إلى أعلى: تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ، أَينَ اللَّه؟ قالت: في السماء إلى غير ذلك.
أهل الزيغ يتركون هذه النصوص كلها ويتعلق بالمتشابه، يأتي الجهمي فيقول: إن الله في كل مكان، ليس فوق العرش، وليس فوق السماء، الدليل: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ هذا الدليل على أنه في السماء وفي الأرض، فنقول لهم: أنتم من أهل الزيغ، تركت ثلاثة آلاف دليل واضحة صريحة، وتأتي بنص مشتبه، تعلقت بالمتشابه، هذه علامة أهل الزيغ.
لكن أهل الحق الراسخون في العلم يردون النص المتشابه، ويفسرون بالنصوص المحكمة، نقول: نعم، النصوص التي فيها أن الله فوق العرش، وفوق المخلوقات محكمة واضحة، لا لبس فيها، وأما هذا النص فإني أرده إلى النصوص الأخرى، وأفسره بما يتناسب معه: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ يعني: وهو معبود في السماء، ومعبود في الأرض، وذاته فوق العرش، إله معبود.
فهذه طريقة أهل الحق والراسخون في العلم أنهم يعملون بالمحكم ويردون المتشابه إليه ويفسرونه به. أما أهل الزيغ يترك النصوص المحكمة، يتركون النصوص المحكمة، ويأخذون بالنصوص المتشابهة.. واضح هذا؟..
فمثلا في النصوص التي فيها الحجاب وأن المرأة يجب عليها أن تتحجب عن الرجال الأجانب، نصوص محكمة كثيرة واضحة، منها قول الله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أي: حجاب ساتر للمرأة، يكون بينك وبينها، باب أو جدار أو غطاء على وجهها. لا بد من الحجاب.. واضح.. يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ.
وفي حديث عائشة كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله ﷺ محرمات فإذا حاذونا أسدلت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه، ثبت في صحيح البخاري في قصة الإفك: عن عائشة رضي الله عنها لما ذهب الجيش وتركوها وظنوا أنها في الهودج جلست في مكانها لعلهم يرجعون إليها فجاء صفوان بن معطل وكان متأخرا خلف القوم في أول النهار فرآها وعرفها قبل الحجاب فقد جعل يقول إنا لله وإنا إليه راجعون، أهل رسول الله ﷺ قالت عائشة وكانت قد نامت غلبتها عيناها قالت: فاستيقظت باسترجاع صفوان أي: استيقظت لما سمعته يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون فخمّرت وجهي بجلبابي. وكان يعرفني قبل الحجاب.
هذا في صحيح البخاري نص وهو أصح الكتب بعد كتاب الله قولها: فخمّرت وجهي بجلبابي دليل على أي شيء؟.. على وجوب الحجاب، وكان يعرفني قبل الحجاب دليل على أن المرأة قبل الحجاب كانت تكشف وجهها، هذه كلها يتركها أهل الزيغ ويقولون لا المرأة لا يجب عليها ستر وجهها، لماذا؟ يستدلون بحديث الخثعمية في حديث: جاءت إلى النبي ﷺ ومعه الفضل بن عباس فكان ينظر إليها وتنظر إليه فصرف النبي ﷺ وجه الفضل عنها وسألت النبي ﷺ قال: هذا دليل على أنها كاشفة كاشفة الوجه ينظر إليها وتنظر إليه، نقول: أنتم من أهل الزيغ تركتم النصوص المحكمة وتتعلقون بهذا النص المتشابه أنت من أهل الزيغ لأنك تركت النصوص المحكمة وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وخمرت وجهي بجلبابي وتعلقتم بهذا الحديث؟!.. هذا الحديث فيه اشتباه لكن نرده إلى النصوص المحكمة، ما يلزم أن تكون كاشفة ينظر إليها، وتنظر إليه ينظر إلى طولها، ينظر إلى قدها ينظر إلى حديثها ينظر إلى ثيابها ما يلزم أن تكون كاشفة بدليل النصوص الأخرى التي فيها صريحة بوجوب ستر الوجه وتغطية الوجه وهكذا. فهذا مثال لطريقة أهل الزيغ وطريقة أهل الحق.
نعم..
(المتن)
(الشرح)
هذا الأثر ثابت عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، وهو المعروف بـإسحاق بن راهويه ، الإمام المحدث المشهور من قرناء الإمام أحمد رحمه الله، قال له الأمير عبد الله بن طاهر في زمانه: (يا أبا يعقوب هذه كنية إسحاق بن راهويه ، هذا الحديث الذي ترويه عن رسول الله ﷺ: يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، كيف ينزل؟ فقال له إسحاق بن راهويه وهو الإمام المشهور: (أعز الله الأمير -قال هذا تأدباً مع الأمير، وفيه استحباب مخاطبة ولاة الأمور بما يليق بهم-.. أعز الله الأمير.. لا يقال لأمر الرب كيف! إنما ينزل بلا كيف). هذا هو معتقد أهل السنة والجماعة.وفي الحديث النهي أن يقال: كيف ينزل إذاً لا تكيّف صفات الله.
نعم..
(المتن)
قال له يا ضعيف.. كمل.. فقال عبد الله يا ضعيف..نعم..
في كل ليلة ينزل قال له رجل:
يعني نسخة ثانية: ياضعيف ليلة النصف، ينزل في كل ليلة ..نعم..
قال سألت عبد الله بن المبارك عن نزول ليلة النصف من شعبان، فقال عبد الله : يا ضعيف في كل ليلة ينزل قال الرجل: يا أبا عبد الرحمن كيف ينزل؟ أليس يخلو ذلك المكان منه؟ فقال عبد الله : ينزل كيف شاء.
وفي رواية أخرى هذه الحكاية: أن عبد الله بن المبارك قال للرجل: إذا جاءك الحديث عن رسول الله ﷺ فاخضع له.
(الشرح)
هذا الأثر فيه بيان أن عبد الله بن المبارك الإمام المشهور الزاهد الورع لما سأل محمد بن سلام عن النزول.. قال يا أبا عبد الله كيف ينزل أليس يخلو منه ذلك المكان، قال عبد الله ينزل كيف شاء، وهذا الذي ينبغي أن يقوله الإنسان ينزل كيف يشاء ولا يهم يخلو منه العرش أو لا يخلو منه العرش بل ينزل كيف شاء
وفي رواية أخرى: أنه عبد الله بن المبارك قال له: إذا جاءك الحديث عن رسول الله ﷺ فأصغ له. يعني: فاعمل به ولا تتجاوزه.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
نعم وهذا الخبر صحيح، المحاورة بين إسحاق بن ابراهيم الحنظلي، واسحق بن راهويه لما سئل عن حديث النزول أصحيح هو؟ قال نعم، فقال بعض القواد الأميؤ عبد الله يا أبا يعقوب.. كنيته اسحق بن راهويه: أتزعم أن الله تعالى ينزل كل ليلة؟ قال نعم، فقال له كيف ينزل؟ فقال أثبته فوق حتى أصف ، فقال الرجل أثبته فوق، فقال أسحق قال الله تعالى : وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا فقال الأمير.. الأول بعض قواده وهو عبد الله بن طاهر: يا أبا يعقوب هذا يوم القيامة : وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا فقال إسحاق : أعز الله الأمير، ومن يجيء يوم القيامة من يمنعه اليوم؟ أن الله يفعل ما يشاء،.وهذا فيه دليل على أنه يجب على المسلم أن يثبت الصفات لله وينفي الكيفية، بل نقول: ينزل كيف يشاء، ويجيء كيف يشاء، ويأتي كيف يشاء سبحانه وتعالى لايشبه أحدا من خلقه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ
(المتن)
(الشرح)
وهو من الأخبار المتواترة، خبر النزول من الاخبار المتواترة في الصحاح والسنن والأسانيد. واضح؟.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
وفي نسخة أخرى: علي بن عبيدان..نعم..من عنده نسخة مكي بن عبدان وفي نسخة علي بن عبدان
(المتن)
(الشرح)
حتى ولا حين؟ عندنا حتى.. في نسختي حين..نعم.. حين يبقى ..نعم..
(المتن)
(الشرح)
نعم.. وهذا الحديث أيضاً من حديث متواتر، وفيه نزول الرب وأنه يكون في ثلث الليل الآخر وثلث الليل الآخر هو أفضل الأوقات.
وجاء في الحديث الآخر: أن النبي ﷺ قال: أَفضَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَأَفضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ.
وكان النبي ﷺ أحياناً يفعل مثلما يفعل داود ، وأحياناً يقوم ثلث الليل.كما في حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي ﷺ كان إذا انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل قام يصلي عليه الصلاة والسلام).
وفي حديث صفة صلاة نبي الله داود المتقدم أنه كان ينام نصف الليل، نصف الليل الأول ينامه ويقوم ثلثه، وهو السدس الرابع والخامس، وينام سدسه أي السدس السادس كي يتقوى على أعمال النهار. وفي هذا الحديث: أن النبي ﷺ قال: يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ وهو السدس الخامس والسادس. وعلى هذا يكون النصف الأخير من الليل كله فاضل السدس الرابع والخامس والسادس فالسدس الرابع والخامس هذا قيام داود والسدس الخامس والسادس هذا ثلث الليل الآخر. وكان النبي ﷺ يفعل هذا وهذا، بل كان عليه الصلاة والسلام إذا انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل قام للصلاة.
وبهذا يتبين أن النصف الأخير كله فاضل من الليل السدس الرابع والخامس والسادس فكان النبي ﷺ إذا صلى العشاء أوى إلى فراشه، فإذا انتصف الليل أو قبله بقليل قام يصلي و نحن الآن فلا ننام إلا إذا جاء ثلث الليل الأخير، نحن الآن عاداتنا الآن جلسات وسهرات.. النصف الأول كله سهر بل ثلثي الليل سهرة فإذا جاء النزول الإلهي نمنا..نعم.. فنشكوا إلى الله.
(المتن)
ولهذا الحديث طرق إلى أبي هريرة : رواه الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رحمه الله، ورواه يزيد بن هارون وغيره من الأئمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة .و مالك عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة .و مالك عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة .و عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة .و عبد الأعلى بن أبي المساور وبشير بن سليمان عن أبي حازم عن أبي هريرة .
وروي هذا الخبر من غير طريق أبي هريرة ، فقد رواه نافع بن جبير بن مطعم ، عن أبيه و موسى بن عقبة عن إسحاق بن يحيى عن عبادة بن الصامت .و عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر بن عبد الله .و عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب .و شريك عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود .و محمد بن كعب عن فضالة بن عبيد عن أبي الدرداء .و أبو الزبير عن جابر ، وسعيد بن جبير عن ابن عباس .وعن أم المؤمنين عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، وهذه الطرق كلها مخرجة بأسانيدها في كتابنا الكبير المعروف بالانتصار
(الشرح)
نعم وهذا كتاب المؤلف سماه بالانتصار وهو أوسع من هذا الكتاب ساق فيه النصوص..
والحاصل: أن حديث النزول هذا له طرق متعددة رواه عدد من الصحابة ، رواه أبو هريرة. له طرق عن أبي هريرة ، وروي عن عبادة بن الصامت ، وروي عن أبي الدرداء وعن جابر وعن ابن عباس وعن عائشة وعن أم سلمة وجمع من الصحابة، وهو من الأحاديث المتواترة.وله طرق متعددة كله ثابت أن الله يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟.نعم..
(المتن)
(الشرح)
نعم هذه الرواية فيها: إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ، أَوْ ثُلُثَاهُ. وروايات كثيرة فيها: يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ . وفي هذه الرواية إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ، وفي رواية إِذَا مَضَى ثُلُثَاهُ. وجاء في رواية: إِذَا مَضَى ثُلُثَهُ.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
نعم وهذه أخرجها مسلم، كما ذكر المحقق وقد جاءت من طريقين: الأولى: ثُمَّ يَقُولُ: مَنْ يُقْرِضُ غَيْرَ عَدِيمٍ ، وَلَا ظَلُومٍ، وفي الثانية: ثُمَّ يَبْسُطُ يَدَيْهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، يَقُولُ: مَنْ يُقْرِضُ غَيْرَ عَدُومٍ ، وَلَا ظَلُومٍ.
وهذا يدل على أن هذا الوقت فاضل وعظيم، وقت تنزل الإله في آخر الليل، وأنه يبسط يده فيقول: مَنْ يُقْرِضُ غَيْرَ عَدِيمٍ ، وَلَا ظَلُومٍ، من يسألني؟ من يستغفرني؟ من يدعوني؟.. نعم.. فينبغي للإنسان أن يكون له في هذا الوقت ولو ركعات معدودة يناجي فيها ربه في آخر الليل قبيل الفجر..نعم..
(المتن)
(الشرح)
هنا تصيح الديكة، وهذه زيادة، يقول في الحاشية: نقف على هذه الزيادة، ويحتاج إلى معرفة ثبوت هذه الزيادة فلا يبقى شيءٌ فيه الرّوحُ إلا علمَ به إلّا الثّقلين الجنُّ والإنس، قال: وذلك حين تصيحُ الدّيوك، وتنهقُ الحميرُ، وتنبَحُ الكلاب وكتب في الحاشية على تخريج .. نعم..
الطالب
يقول وأول الحديث إلى قوله: فَأَغْفِرَ لَهُ؟ أخرجه الإمام أحمد في المسند، والدارمي في السنن، والآجري في الشريعة، وابن أبي عاصم في السنة، كلهم عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه بدون لفظ: فِي ثُلُثِ اللِّيلِ الأّخِيرِ
الشرح
وزيادته إلا علمَ به إلّا الثّقلين الجنُّ والإنس، قال: وذلك حين تصيحُ الدّيوك، وتنهقُ الحميرُ، وتنبَحُ الكلاب تخريجه؟ ما وجدته؟.. نعم هذه ليست معروفة في الصحاح.. نعم..الزيادة.. نعم..
(المتن)
حتى؟ في نسخة أخرى حين يبقى
(الشرح)
وهذا فيه زيادات قال عنه المحقق إسناده ضعيف يعني بهذه الزيادات، نعم حين نزول الرب التزل الإلهي قال ثابت لكن هذه الزيادات فيها ضعف.. نعم.. وهنا الزيادة قوله فيكونُ كذلك إلى أن يطلُعَ الصّبحُ ويعلو على كرسيِّه.. وهذه الزيادة (فيها نظر)
(المتن)
(الشرح)
وهذا فيه نزول الرب عشية عرفة، وإن كان قد ذكر في الحاشية أن فيه بعضه ضعف، لكن قد يتقوى بشواهده.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
وهذا نزول يليق بجلاله وعظمته .. نعم .. كما سبق .. وهذا ثابت.. حديث ثابت..
(المتن)
(المتن)
نعم وقوله: حتى تطلعَ الشمسُ هذه شاذة.. هذه اللفظة شاذة لا تصح، والصواب الثابت: حَتّى يَطلَعَ الفَجرُ، أما هذه حتى تطلعَ الشمسُ فيها شذوذ.
والمؤلف رحمه الله روى هذا الحديث وذكر له طرقاً كثيرة ليبين أن الحديث ثابت، وأنه بلغ حد التواتر، وأن النزول صفة من صفات الرب، الصفات الفعلية التي تليق بجلاله وعظمته، وأن أهل السنة والجماعة يثبتون النزول بلا تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل خلافاً لأهل البدع يقولون إن معنى ينزِلُ كلَّ ليلةٍ إلى السَّماءِ ينزل أمره، وبعضهم يقول ينزل ملك، فاستوحشوا من إثبات النزول للرب، وقالوا لا يمكن أن ينزل الرب بذاته.
وسيأتي أنه إذا قال لك الجهمي أنا أكفر برب ينزل من مكانه، فإذا قال لك الجهمي ذلك فقل أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء.فأهل البدع من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة استوحشوا من النزول فأنكروه. وقالوا معنى ينزل يعني ينزل أمره، وقال بعضهم يعني ينزل ملك، الرب قال النبي ﷺ قد أخبر عن نفسه قال يَنزِلُ رَبُّنَا يعني في كل وقت ينزل أمره يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ في كل وقت ينزل أمره، أما نزوله سبحانه في ثلث الليل الآخر، أما نزول أمره في كل وقت..
(المتن)
(الشرح)
نعم وهذا فيه إثبات النزول للرب في كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، في أي مكان من أرض الله إذا كنت في أي مكان فإذا جاء ثلث الليل الله ينزل في الشرق أو الغرب، في أمريكا أو في جزيرة العرب في الشام في مصر أو في كل مكان ، إذا جاء ثلث الليل الآخر فهذا وقت التنزل الإلهي فاعلم أن هذا الوقت وقت فاضل وقت التنزل الإلهي فانتهز هذا الوقت الفاضل واعلم أن الله تعالى ينزل في هذا الوقت نزولا يليق بجلاله وعظيمته
(المتن)
(الشرح)
نعم وهذا ثابت كذلك كما سبق، المؤلف رحمه الله كرر يريد أن يعدد الطرق والأسانيد ليبين أن هذا الحديث ثابت، وأن له طرقاً متعددة وأنه بلغ حد التواتر، وأن النزول ثابت للرب في ثلث الليل الأخير.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
وهذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، والترمذي في جامعه وابن خزيمة في صحيحه وغيرهم.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
نعم أبو حنيفة رحمه الله وهو أحد الأئمة الأربعة، وهو من أئمة أهل السنة والجماعة، سئل عن هذا الحديث، فقال: ينزل بلا كيف، وهذا قول أهل السنة قاطبة ينزل الرب بلا كيف لا يكيف النزول لا يقال كنزول المخلوق ولا يكيف على كيفية معينة، بل الله أعلم كيف ينزل، نحن نثبت النزول ولا نعلم الكيفية.لأنه -قول الإمام أبو حنيفة- لأنه منزه أن تكون صفاته مثل صفات الخلق، كما أنه منزه أن تكون ذاته مثل ذوات الخلق، فكذلك الصفات. فالله تعالى له ذات لا تشبه ذوات المخلوقين، وكذلك له صفات لا تشبه صفات المخلوقين، ولهذا قال الإمام أبو حنيفة (فمجيئه وإتيانه ونزوله على حسب ما يليق بصفاته من غير تشبيه ولا كيف) أي: من غير تشبيه بصفات المخلوقين ولا نكيف لا نقول كيفية المجيء كذا ولا كيفية النزول كذا، ولا كيفية الإتيان كذا، بل نقول: صفات الله تليق بجلاله ولا نكيف، ولا نمثل.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
نعم وهذا الكلام قاله الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة الذي يلقب بإمام الأئمة، من أئمة أهل السنة والجماعة قال هذا في كتابه الذي سماه التوحيد، كتاب سماه التوحيد للإمام ابن خزيمة.وقوله: (وسمعت من حفيده) الحفيد هو: ابن الابن.وقال الإمام ابن خزيمة في كتابه التوحيد: (باب ذكر أخبار ثابتة السند رواها علماء الحجاز والعراق في نزول الرب إلى السماء الدنيا كل ليلة من غير صفة كيفية النزول، مع إثبات النزول).هذا هو قول أهل السنة قاطبة.. نثبت النزول من غير أن نثبت الكيفية، ولهذا قال (من غير صفة كيفية النزول مع إثبات النزول).ثم قال الإمام محمد بن إسحاق بن خزيمة : (نشهد شهادة مقر بلسانه مصدق بقلبه متيقن بما فيها من الأخبار من ذكر النزول..انظر كيف يقول نشهد شهادة مقر بلسانه ومصدق بقلبه متيقن بما فيها من الأخبار من ذكر النزول) يعني نقر ونتيقن ونشهد أن الله تعالى ينزل (من غير أن نصف الكيفية) لا نقول كيفية النزول كذا ولا كذا.لأن نبينا ﷺ لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا إلى السماء الدنيا، وأعلمنا أنه ينزل، الرسول ﷺ أعلمنا أنه ينزل ولم يخبرنا الكيفية، فنحن نثبت النزول ولا نتعرض للكيفية.. والله أعز وجل ولى، (والله ولّى نبيه ﷺ بيان ما بالمسلمين إليه الحاجة من أمر دينهم)، و الله يقول: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ، فالله تعالى ولى نبيه أن يبين ما يحتاجه المسلمون إليه ولو كانت هناك حاجة لبيان كيفية النزول لأعلمنا الله بها على لسان نبيه ﷺ، لكن ليست هناك حاجة لمعرفتها.ولهذا قال الإمام (فنحن قائلون مصدقون بما في هذه الأخبار من ذلك النزول، غير متكلفين بالنزول بصفة الكيفية إذ النبي ﷺ لم يصف كيفية النزول). هذه هي طريقة أهل السنة والجماعة: يثبتون النزول وينفون الكيفية..نعم..
(المتن)
(الشرح)
وهذا الحديث يقول المحقق حديث حسن أخرجه الدارقطني في النزول بهذا اللفظ من طريقين.
وفيه إثبات نزول الرب، وأن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا يوم عرفة.. عشية عرفة، ينزل نزولاً يليق بجلاله وعظمته، ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، وينزل عشية عرفة ويباهي بأهل الموقف أهل السماء، ويقول الرب سبحانه: يَا مَلاَئِكَتِي، انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي، أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ؛ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ. هذا نزول يليق بجلاله وعظمته، ينزل إلى السماء الدنيا وهو فوق مخلوقاته.. نعم..
(المتن)
وفي اللفظ الآخر: بَعَددِ غَنَمِ بَنِي كَلبٍ
(الشرح)
الحاشي ذكر أن هذا الحديث صحيح، ومعروف عند العلماء أن الأحاديث في نزول الله تعالى في النصف من شعبان ضعيفة عند أهل العلم فالحديث فيه ضعف، لكن المؤلف رحمه الله أتى به ليبين نزول الرب، ونزول الرب ثابت في كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر وفي عشية عرفة، أما هذا الحديث أنه ينزلُ في النّصفِ مِن شعبان إلى السّماءِ الدّنيا ليلًا إلى آخرِ النّهار مِن الغد، فيُعتِقُ مِن النّارِ بعددِ شعرِ معزِ كلب، وفي لفظ: بَعَددِ غَنَمِ بَنِي كَلبٍ ويكتبُ الحاج، ويُنزِلُ أرزاقَ السّنة، ولا يتركُ أحدًا إلا غفرَ له، إلّا مُشركًا أو قاطعَ رحمٍ أو عاقَّا أو مُشاحِنًا فالمعروف عند أهل العلم أن الحديث في ليلة النصف من شعبان تخصيصها أنها أحاديث ضعيفة.
قال ليلة النصف من شعبان كغيرها لا تخصص فيها، وكونه جاء في بعض الأحاديث أنها ليلة القدر فتلك أحاديث ضعيفة لا تثبت ولا تصح، ليلة القدر إنما هي في رمضان وليست في شعبان.وليلة النصف من شعبان ليس لها خصوصية، كما أن يوم النصف من شعبان ليس له خصوصية، فليلة النصف من شعبان كسائر الليالي ويوم النصف من شعبان كسائر الأيام فلا يخص ليلة النصف من شعبان بقيام ولا يخص يومها بالصيام، بل الإنسان يفعل ما يفعله كل ليلة فإن كان يصلي في كل ليلة يصلي في ليلة النصف من شعبان، وإذا كان يصوم النصف أو.. الأيام البيض يصومها من شعبان ومن غيره، ولا يخصص يوم النصف من شعبان بصيام ولا تخص ليلة النصف من شعبان بقيام، هذا هو الصواب الذي عليه المحققون.
(المتن)
الشرح
عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار.. في نسخة.
الطالب
قال سقط من هذا الإسناد هلال بن أبي ميمونة، وسيذكره المصنف في الإسناد الآتي، وهو مثبت في كتاب التوحيد لـابن خزيمة ..نثبته أو لا..
الشرح
ما دام سقط.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
قوله: (صدّرنا مع النبي ﷺ) يعني: رجعنا، والصدر: هو رجوع المسافر من مقصده، وهو مقابل الورد. فجعلوا يستأذنونه فجعل يأذن لهم، فالنبي ﷺ قال: ما بالُ شِقِّ الشّجرةِ الذي يلي رسولَ الله ﷺ أبغضَ إليكم من الآخر! يعني فيه إنكار عليهم بالاستئذان، الشّجرةِ الذي يلي رسولَ الله ﷺ أبغضَ إليكم من الآخر! لأنهم يستأذنون من الجهاد هذه. قال أبو بكر (فلا يرى من القوم إلا باكياً) بكوا لأنهم شعروا بموعظة النبي ﷺ، فقال أبو بكر الصديق : (إن الذي يستأذنك بعد هذا لسفيه) أي بعد هذه المقالة.. نعم ..
(المتن)
(الشرح)
نعم وهذا الحديث ثابت، وفيه بشارة للمؤمن الذي سدد أنه من أهل الجنة، ولهذا قال النبي ﷺ: والذي نفسي بيده أشهدُ عندَ الله ما منكم مِن أحدٍ يؤمنُ بالله واليوم الآخر ثم يُسدِّدُ إلا سلكَ به في الجنّة يعني يسلك مسلك السداد يعني يجتهد في مقاربة السداد فعل الصواب يعني يجتهد في فعل الأوامر وترك النواهي، فمن آمن بالله واليوم الآخر ومات على الإيمان فهو من أهل الجنة والكرامة إن عاجلاً أو آجلاً، ولكن إن مات على توحيد خالص لم يصر فيه على كبيرة فإنه يدخل الجنة من أول وهلة فضلاً من الله تعالى، وإن مات على توحيد ملطخ بالمعاصي والكبائر، فهو على خطر، وهو تحت مشيئة الله، قد يعفا عنه وقد يعذب في قبره، وقد تصيبه شدائد في موقف القيامة، وقد يعذبه في النار وقد لا يعذب، وإن عذب في النار فإنه لن يخلد فيها لأنه مات على التوحيد، فمآله إلى الجنة. ويخرج منها بشفاعة الشافعين أو برحمة أرحم الراحمين.ولهذا قال النبي ﷺ: ما منكم مِن أحدٍ يؤمنُ بالله واليوم الآخر ثم يُسدِّدُ إلا سلكَ به في الجنّة، ولقد وعدَني ربّي أن يُدخل مِن أمّتي الجنّةَ سبعين ألفًا بغيرِ حسابٍ ولا عذابٍ، وهذا ثابت أنه يدخلها سبعين الفاً بغير حساب ولا عذاب.
وثبت أيضاً في حديث آخر: أن الله تعالى أعطى نبيه ﷺ مع كل ألف سبعين ألفاً. ثم قال النبي ﷺ: وإني لأرجو أن لا تدخلوها حتى تتبوَّؤوا ومَن صلحَ مِن أزواجكم وذرياتِكم مساكنكم في الجنةِ ثم قال إذا مضى شطْرُ الليلِ -أو قال: ثلثاه ينزلُ الله إلى السّماءِ الدّنيا وهذا هو الشاهد أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا إذا بقي ثلث الليل الآخر فيقول الرب سبحانه من ذا الذي يسألني؟ من ذا الذي يدعوني ؟ من ذا الذي يستغفرني؟ حتى ينفجر الصبح.. حتى يطلع الصبح، ففيه إثبات أن الله تعالى ينزل نزولاً يليق بجلاله وعظمته، فيجب على الله أن يؤمن بأن الله ينزل ولايكيف، ينزل الله ينزل كما يشاء نزولاً يليق بجلاله وعظمته
(المتن)
(الشرح)
نعم قال شيخ الإسلام هو المؤلف إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني (قلت: فلما صح خبر النزول عن رسول الله ﷺ أقر به أهل السنة وقبلوا الخبر، وأثبتوا النزول على ما قاله رسول الله ﷺ، ولم يعتقدوا تشبيهاً له بنزول خلقه) هذا هو معتقد أهل السنة والجماعة، فلما صح خبر نزول الرب ثابت بل هو متواتر أقر به أهل السنة وقبلوا الخبر وأثبتوا أن الله ينزل على ما يليق بجلاله وعظمته على ما قاله رسول الله ﷺ، ولم يعتقدوا تشبيهاً له بنزول خلقه، لا يشبهون.. أهل السنة لا يشبهون، ولا يبحثون عن كيفيته.. كيفية النزول إذ لا سبيل إليها بحال، وعلموا وتحققوا واعتقدوا أن صفات الله سبحانه لا تشبه صفات الخلق كما أن ذاته لا تشبه ذوات الخلق، هكذا يعتقد أهل السنة والجماعةيثبتون صفات الله كما يليق بجلاله وعظمته، وينفون مماثلة المخلوقين، كما أنهم يثبتون ذات الله سبحانه وينفون مماثلتها لذوات المخلوقين تعالى الله عما يقول المشبهة والمعطلة علواً كبيراً.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
نعم وهذه القصة التي ذكرها المؤلف رحمه الله عن أبي حفص وهو من كبار أصحاب محمد بن الحسن الشيباني وهو الصاحب الثاني للإمام أبي حنيفة أنه سمع محمد بن الحسن يقول قال حماد بن أبي حنيفة (قلنا لهؤلاء يعني المعطلة الذين ينفون صفات الله أرأيتم قول الله : وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا يعني هل تؤمنون بهذا، فقالوا أما الملائكة فيجيئون صفاً صفاً، وأما الرب فإنا لا ندري ما عنى بذلك، يعني المعطلة قالوا نثبت أن الملائكة يصفون صفاً ويجيئون ولا نثبت أن الله يجيء، قالوا الملائكة نثبت مجيئهم وأما الرب فلا نثبت أنه يجيء لا ندري كيف يجيء، قال قلت لهم إنا لم نكلفكم أن تعلموا كيفية جيئته، ولكنا نكلفكم أن تؤمنوا بمجيئه، أنتم لستم مكلفين بمعرفة الكيفية وإنما مكلفون بالإيمان بالصفة آمنوا بان الله لا بالكيف.ثم قال لهم من باب الإلزام: (أرأيتم من أنكر أن الملك لا يجيء صفاً صفاً، ما هو عندكم؟ لو قال لكم قائل وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا، لو إنسان أنكر قال الملائكة لا تجيء صفاً صفاً ، قالوا: كافر مكذب، قال فقلت له فكذلك من أنكر أن الله سبحانه لا يجيء فهو كافر مكذب)، الله أثبت في آية واحدة مجيئه ومجيء الملائكة فقال سبحانه: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا، فإذا كان الذي ينكر مجيء الملائكة كافر مكذب، فكذلك الذي ينكر مجيء الله كافر مكذب.
ثم ذكر أبو عبد الله بن أبي حفص أيضاً هذه القصة عن الفضيل ابن عياض أنه يقول: (إذا قال لك الجهمي: أنا لا أؤمن برب يزول عن مكانه فقل له أنت: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء) هذا من باب الإلزام.فالجهمي.. إذا قال الجهمي أنا لا أؤمن برب يزول عن مكانه، ماذا تجيبه؟ تقول أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء، هذا فيه إبطال للحجة، فالجهمي ينكر نزول الرب، فيقول: أنا لا أؤمن برب يزول عن مكانه، قل له أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء.
وفق الله الجميع لطاعته ورزق الله الجميع علماً نافعاً وصلى الله وسلم على محمد وآله.