شعار الموقع

عقيدة السلف وأصحاب الحديث للإمام الصابوني 4 الكلام على صفة النزول وذكر الأحاديث الواردة في ذلك

00:00
00:00
تحميل
181

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين وللسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.. 

(المتن) 

قال الإمام الصابوني رحمه الله تعالى : 

ويثبت أصحاب الحديث نزول الرب  كل ليلة إلى السماء الدنيا من غير تشبيه له بنزول المخلوقين، ولا تمثيل ولا تكييف، بل يثبتون ما أثبته رسول الله ﷺ وينتهون فيه إليه، ويمرون الخبر الصحيح  الوارد بذكره على ظاهره، ويكلون علمه إلى الله. 

وكذلك يثبتون ما أنزله الله عز اسمه في كتابه من ذكر المجيء والإتيان المذكورين في قوله هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وقوله عز اسمه وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا  صَفًّا

قرأت في رسالة الشيخ أبي بكر الإسماعيلي إلى أهل جيلان أن الله سبحانه ينزل إلى السماء الدنيا على ما صح به الخبر عن الرسول ﷺ، وقد قال الله :  هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ  الْغَمَامِ وقال: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا

ونؤمن بذلك كله على ما جاء بلا كيف، فلو شاء سبحانه أن يبين لنا كيفية ذلك فعل، فانتهينا إلى ما أحكمه، وكففنا عن الذي يتشابه إذ كنا قد أمرنا به في قوله هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ  مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ

(الشرح) 

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ونبيه سيدنا وإمامنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومتبعيهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد.. 

فإن هذا الكلام الذي سمعناه في بيان اعتقاد أهل السنة وأهل الحديث بنزول الرب  ومجيئه، فأهل السنة وأهل الحديث يؤمنون بنزول الرب وأن الله  ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا، قد تواترت بذلك الأحاديث.. فالأحاديث في ذلك متواترة، فحديث النزول من الأحاديث المتواترة في الصحاح والسنن والمسانيد. 

قد صح عن النبي ﷺ وتواتر الخبر بأن الله  يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ؟ حتى يطلع الفجر.  وسيسوق المؤلف رحمه الله هذا الحديث بأسانيد متعددة. 

أهل السنة والجماعة يؤمنون بأن الله تعالى ينزل بلا كيف، لا يكيفون، ينزل كما يليق بجلاله ، لا نعلم كيف ينزل، فعل يفعله  وهو فوق العرش  وهو سبحانه فوق العرش. 

نصوص العلو محكمة، نصوص العلو والفوقية تزيد على أكثر من ثلاثة آلاف دليل، وهو أن الله  فوق المخلوقات، وفوق السماوات، وفوق العرش، و يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ،  فعل يفعله كما يليق بجلاله وعظمته، لا ندري كيف ينزل، وإنما ينزل  نزولا يليق بجلاله وعظمته. هذا هو معتقد أهل السنة والجماعة.

 وهل يخلو العرش منه، أو لا يخلو؟ ذكر العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره للعلماء ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه يخلو منه العرش. والقول الثاني: أنه لا يخلو. والقول الثالث: القول بالتوقف. 

فأصحها: القول بأنه لا يخلو منه العرش ، وهذا هو الذي عليه المحققون أنه سبحانه ينزل، وهو فوق العرش نزولا يليق بجلاله وعظمته لأنه لا يشبه نزول المخلوقين.

 وكذلك يؤمنون بمجيئه  وإتيانه كما يليق بجلاله وعظمته، كما قال سبحانه : وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا يجيء سبحانه مجيئا يليق بجلاله وعظمته: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ

يأتي إتيانا يليق بجلاله وعظمته، لا نكيف، صفاته  ليست كصفات المخلوقين يعلم لا كعلمنا، ويقدر لا كقدرتنا، ويرى لا كرؤيتنا، وينزل لا كنزولنا، ويأتي لا كإتياننا، ويجيء لا كمجيئنا. صفاته تليق بجلاله وعظمته. 

الخالق له صفات تليق به، والمخلوق له صفات تليق به، هذا هو الذي عليه أهل السنة والجماعة والسلف وأهل الحديث كما بين المؤلف رحمه الله الإمام أبو عثمان اسماعيل الصابوني بيّن في هذا الكلام الذي سمعناه  اعتقاد السلف وأهل الحديث في نزول الرب  ومجيئه.

 ولهذا قال رحمه الله : ويثبت أصحاب الحديث نزول الرب  كل ليلة إلى السماء الدنيا، من غير تشبيه له بنزول المخلوقين ولا تمثيل، فلا نقول: ينزل كنزول المخلوقين ولا تمثيل، ولا نقول: مثل كذا ولا كذا، ولا    تكييف، لا نقول: ينزل على كيفية كذا وكذا، بل يثبتون ما أثبته رسول الله ﷺ، وينتهون فيه إليه. يقفون عند هذا الحد، لا يكيفون، ويمرون الخبر الصحيح الوارد بذكره على ظاهره، يمرونه من غير تكييف، من غير  تمثيل، ويكلون علمه إلى الله، يكلون يعني: علم الكيفية لا يعلمها إلا هو، وكذلك يثبتون ما أنزل الله عز اسمه في كتابه من ذكر المجيء والإتيان المذكورين في قوله هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ  الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ في هذه الآية إثبات الإتيان، وأن الله يأتي يوم القيامة إتيانا يليق بجلاله وعظمته، وقوله سبحانه : وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا فيه إثبات المجيء. 

وذكر المؤلف رحمه الله أنه قرأ في رسالة الشيخ أبي بكر الإسماعيلي لأهل جيلان أن الله سبحانه ينزل إلى السماء الدنيا، على ما صح به الخبر عن الرسول ﷺ، ثم ذكر الآية. 

قال: ونؤمن بذلك كله على ما جاء به بلا كيف، فلو شاء سبحانه أن يبين لنا كيفية ذلك فعل، لكنه  لم يبين لنا، فننتهي ونقف، ولا نتجاوز ما ورد به النص إلى البحث عن الكيفية.

 ولهذا قال المؤلف: فانتهينا إلى ما أحكمه، وكففنا عن الذي يتشابه إذ كنا قد أمرنا به في قوله هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ  فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ

بين  أنه أنزل الكتاب، وأن منه آيات محكمات، ومنه المتشابهات  فالآيات المحكمات الواضحات المعنى المحكمة الواضحة المعنى، والمتشابه: الذي فيه إشكال عند بعض الناس، المتشابه يكون متشابه نسبي، متشابه عند بعض الناس، فالذين في قلوبهم زيغ وانحراف يتبعون المتشابه ويتركون المحكم هذه علامتهم. 

وأما الراسخون في العلم فإنهم يعملون بالمحكم ويؤمنون بالمتشابه ويردون المتشابه إلى المحكم ويفسرون المتشابه بالمحكم، ولهذا جاء في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال: إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ يعني: سماهم في هذه الآية. فعلامة أهل الزيغ: أنهم يأخذون بالمتشابه، ويتركون المحكم هذه علامة أهل الزيغ، يأتون للنص الذي فيه اشتباه  ويشبهون به على الناس ويقولون هذا، ويتركون النصوص الكثيرة المحكمة. 

فمثلاً نصوص الفوقية والعلو وأن الله  فوق العرش وفوق السماوات تزيد أفراده على ثلاثة آلاف دليل: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ، سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ،   ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ فيه سبع آيات: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ والصعود من أسفل إلى أعلى: تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ،  أَينَ اللَّه؟ قالت: في السماء  إلى غير ذلك. 

أهل الزيغ يتركون هذه النصوص كلها ويتعلق بالمتشابه، يأتي الجهمي فيقول: إن الله في كل مكان، ليس فوق العرش، وليس فوق السماء، الدليل:  وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ هذا الدليل على أنه في السماء وفي الأرض، فنقول لهم: أنتم من أهل الزيغ، تركت ثلاثة آلاف دليل واضحة صريحة، وتأتي بنص مشتبه، تعلقت بالمتشابه، هذه علامة أهل الزيغ. 

لكن أهل الحق الراسخون في العلم يردون النص المتشابه، ويفسرون بالنصوص المحكمة، نقول: نعم، النصوص التي فيها أن الله فوق العرش، وفوق المخلوقات محكمة واضحة، لا لبس فيها، وأما هذا النص فإني أرده  إلى النصوص الأخرى، وأفسره بما يتناسب معه: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ يعني: وهو معبود في السماء، ومعبود في الأرض، وذاته فوق العرش، إله معبود. 

فهذه طريقة أهل الحق والراسخون في العلم أنهم يعملون بالمحكم ويردون المتشابه إليه ويفسرونه به. أما أهل الزيغ يترك النصوص المحكمة، يتركون النصوص المحكمة، ويأخذون بالنصوص المتشابهة.. واضح هذا؟.. 

فمثلا في النصوص التي فيها الحجاب وأن المرأة يجب عليها أن تتحجب عن الرجال الأجانب، نصوص محكمة كثيرة واضحة، منها قول الله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أي: حجاب  ساتر للمرأة، يكون بينك وبينها، باب أو جدار أو غطاء على وجهها. لا بد من الحجاب.. واضح.. يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ

وفي حديث عائشة كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله ﷺ محرمات فإذا حاذونا أسدلت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه، ثبت في صحيح البخاري في قصة الإفك:  عن عائشة رضي الله عنها لما ذهب الجيش وتركوها وظنوا أنها في الهودج جلست في مكانها لعلهم يرجعون إليها فجاء صفوان بن معطل وكان متأخرا خلف القوم في أول النهار فرآها وعرفها قبل الحجاب فقد جعل يقول إنا لله وإنا إليه  راجعون، أهل رسول الله ﷺ قالت عائشة وكانت قد نامت غلبتها عيناها قالت: فاستيقظت باسترجاع صفوان أي: استيقظت لما سمعته يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون فخمّرت وجهي بجلبابي. وكان يعرفني قبل  الحجاب. 

هذا في صحيح البخاري نص وهو أصح الكتب بعد كتاب الله قولها:  فخمّرت وجهي بجلبابي دليل على أي شيء؟.. على وجوب الحجاب،  وكان يعرفني قبل الحجاب دليل على أن المرأة قبل الحجاب كانت تكشف  وجهها، هذه كلها يتركها أهل الزيغ ويقولون لا المرأة لا يجب عليها ستر وجهها، لماذا؟ يستدلون بحديث الخثعمية في حديث:  جاءت إلى النبي ﷺ ومعه الفضل بن عباس فكان ينظر إليها وتنظر إليه فصرف النبي ﷺ وجه الفضل عنها وسألت النبي ﷺ قال: هذا دليل على أنها كاشفة كاشفة الوجه ينظر إليها وتنظر إليه، نقول: أنتم من أهل الزيغ تركتم النصوص المحكمة وتتعلقون بهذا النص المتشابه أنت من أهل الزيغ لأنك تركت  النصوص المحكمة وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ  وخمرت وجهي بجلبابي  وتعلقتم بهذا الحديث؟!.. هذا الحديث فيه اشتباه لكن نرده إلى النصوص المحكمة،  ما يلزم أن تكون كاشفة ينظر  إليها، وتنظر إليه  ينظر إلى طولها، ينظر إلى قدها ينظر إلى حديثها ينظر  إلى ثيابها ما يلزم أن تكون كاشفة بدليل النصوص الأخرى التي فيها صريحة بوجوب ستر الوجه وتغطية الوجه وهكذا. فهذا مثال لطريقة  أهل الزيغ وطريقة أهل الحق. 

نعم.. 

(المتن) 

 أخبرنا أبو بكر بن زكريا الشيباني قال: سمعت أبا حامد بن الشرقي يقول سمعت حمدان السلمي وأبا داود الخفاف يقولان: سمعنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: قال لي الأمير عبد الله بن طاهر : يا أبا يعقوب هذا الحديث الذي ترويه عن رسول الله ﷺ:  يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، كيف ينزل؟ قال: قلتُ: أعز الله الأمير، لا يقال لأمر الرب كيف؟ إنما ينزل بلا كيف.. 

(الشرح) 

هذا الأثر ثابت عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، وهو المعروف بـإسحاق بن راهويه ، الإمام المحدث المشهور من قرناء الإمام أحمد رحمه الله، قال له الأمير عبد الله بن طاهر في زمانه: (يا أبا يعقوب هذه كنية إسحاق بن راهويه ، هذا الحديث الذي ترويه عن رسول الله ﷺ: يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، كيف ينزل؟ فقال له إسحاق بن راهويه وهو الإمام المشهور: (أعز الله الأمير -قال هذا تأدباً مع الأمير، وفيه استحباب مخاطبة ولاة الأمور بما يليق بهم-.. أعز الله الأمير.. لا يقال لأمر الرب كيف! إنما ينزل بلا كيف). هذا هو معتقد أهل السنة والجماعة.وفي الحديث النهي أن يقال: كيف ينزل إذاً لا تكيّف صفات الله. 

نعم.. 

(المتن) 

حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم العدل قال حدثنا محبوب بن عبد الرحمن القاضي قال حدثني جدي أبو بكر بن أحمد بن محبوب قال حدثنا أحمد بن حمويه قال حدثنا أبو عبد الرحمن العسسي حدثنا محمد بن سلام قال سألت عبد الله بن المبارك عن نزول ليلة النصف من شعبان، فقال عبد الله : يا ضعيف في كل ليلة ينزل؟ فقال له رجل يا أبا عبد الرحمن كيف ينزل؟

 قال له يا ضعيف.. كمل.. فقال عبد الله يا ضعيف..نعم..

في كل ليلة ينزل قال له رجل:

يعني نسخة ثانية: ياضعيف ليلة النصف، ينزل في كل ليلة ..نعم.. 

قال سألت عبد الله بن المبارك عن نزول ليلة النصف من شعبان، فقال عبد الله : يا ضعيف في كل ليلة ينزل قال الرجل: يا أبا عبد الرحمن كيف ينزل؟ أليس يخلو ذلك المكان منه؟ فقال عبد الله : ينزل كيف شاء. 

وفي رواية أخرى هذه الحكاية: أن عبد الله بن المبارك قال للرجل: إذا جاءك الحديث عن رسول الله ﷺ فاخضع له. 

(الشرح) 

  هذا الأثر فيه بيان أن عبد الله بن المبارك الإمام المشهور الزاهد الورع لما سأل محمد بن سلام عن النزول.. قال يا أبا عبد الله كيف ينزل أليس يخلو منه ذلك المكان، قال عبد الله ينزل كيف شاء، وهذا الذي ينبغي أن يقوله الإنسان ينزل كيف يشاء ولا يهم يخلو منه العرش أو لا يخلو منه العرش بل ينزل كيف شاء   

وفي رواية أخرى: أنه عبد الله بن المبارك قال له: إذا جاءك الحديث عن رسول الله ﷺ فأصغ له. يعني: فاعمل به ولا تتجاوزه.. نعم.. 

(المتن) 

سمعت الحاكم أبا عبد الله الحافظ يقول: سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد العنبري يقول: سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول: سمعت أحمد بن سعيد بن إبراهيم بن عبد الله الرباطي يقول: حضرت مجلس الأمير عبد الله بن طاهر ذات يوم، وحضر إسحاق بن إبراهيم -يعني: ابن راهويه - فسئل عن حديث النزول: أصحيح هو؟ قال: نعم. فقال له بعض قواد عبد الله: يا أبا يعقوب أتزعم أن الله تعالى ينزل كل ليلة؟ قال: نعم. قال: كيف ينزل؟ فقال له إسحاق: أثبته فوق حتى أصف لك النزول، فقال الرجل: أثبَتُّه فوق، فقال إسحاق : قال الله : وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا فقال الأمير عبد الله: يا أبا يعقوب هذا يوم القيامة. فقال إسحاق : أعز الله الأمير، ومن يجيء يوم القيامة من يمنعه اليوم؟  

(الشرح) 

نعم وهذا الخبر صحيح، المحاورة بين إسحاق بن ابراهيم الحنظلي، واسحق بن راهويه لما سئل عن حديث النزول أصحيح هو؟ قال نعم، فقال بعض القواد الأميؤ عبد الله  يا أبا يعقوب.. كنيته اسحق بن راهويه: أتزعم أن الله تعالى ينزل كل ليلة؟ قال نعم، فقال له كيف ينزل؟ فقال أثبته فوق حتى أصف ، فقال الرجل أثبته فوق، فقال أسحق قال الله تعالى : وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا فقال الأمير.. الأول بعض قواده وهو عبد الله بن طاهر: يا أبا يعقوب هذا يوم القيامة : وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا فقال إسحاق : أعز الله الأمير، ومن يجيء يوم القيامة من يمنعه اليوم؟ أن الله يفعل ما يشاء،.وهذا فيه دليل على أنه يجب على المسلم أن يثبت الصفات لله وينفي الكيفية، بل نقول: ينزل كيف يشاء، ويجيء كيف يشاء، ويأتي كيف يشاء سبحانه وتعالى لايشبه أحدا من خلقه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ 

(المتن) 

وخبر نزول الرب كل ليلة إلى السماء الدنيا خبر متفق على صحته، مخرج في الصحيحين من طريق

 (الشرح) 

وهو من الأخبار المتواترة، خبر النزول من الاخبار المتواترة في الصحاح والسنن والأسانيد. واضح؟.. نعم.. 

(المتن) 

 وخبر نزول الرب كل ليلة إلى السماء الدنيا خبر متفق على صحته، مخرج في الصحيحين من طريق مالك بن أنس عن الزهري عن الأغر وأبي سلمة عن أبي هريرة.أخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد  قال حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد قال حدثنا أبو مصعب قال حدثنا مالك .قال حدثنا أبو بكر بن زكريا قال حدثنا أبو حاتم مكي بن عبدان

(الشرح) 

وفي نسخة أخرى: علي بن عبيدان..نعم..من عنده نسخة مكي بن عبدان وفي نسخة علي بن عبدان 

 (المتن) 

قال حدثنا أبو بكر بن زكريا قال حدثنا أبو حاتم مكي بن عبدان قال حدثنا محمد بن يحيى قال: وفيما قرأت على ابن نافع قال وحدثني مطرف عن مالك قال حدثنا أبو بكر بن زكريا قال أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن إبراهيم باكويه قال حدثنا يحيى بن محمد قال حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن ابن شهاب الزهري عن أبي عبد الله الأغر وأبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ.

(الشرح) 

حتى ولا حين؟ عندنا حتى.. في نسختي حين..نعم.. حين يبقى ..نعم.. 

(المتن) 

 عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟

(الشرح) 

نعم.. وهذا الحديث أيضاً من حديث متواتر، وفيه نزول الرب وأنه يكون في ثلث الليل الآخر وثلث الليل الآخر هو أفضل الأوقات.

وجاء في الحديث الآخر: أن النبي ﷺ قال: أَفضَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَأَفضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ.

وكان النبي ﷺ أحياناً يفعل مثلما يفعل داود ، وأحياناً يقوم ثلث الليل.كما في حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي ﷺ كان إذا انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل قام يصلي عليه الصلاة والسلام).

وفي حديث صفة صلاة نبي الله داود المتقدم أنه كان ينام نصف الليل، نصف الليل الأول ينامه ويقوم ثلثه، وهو السدس الرابع والخامس، وينام سدسه أي السدس السادس كي يتقوى على أعمال النهار. وفي هذا الحديث: أن النبي ﷺ قال:  يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ وهو السدس الخامس والسادس. وعلى هذا يكون النصف الأخير من الليل كله فاضل السدس الرابع والخامس والسادس  فالسدس الرابع والخامس هذا قيام داود والسدس الخامس والسادس هذا ثلث الليل الآخر. وكان النبي ﷺ يفعل هذا وهذا، بل كان عليه الصلاة والسلام إذا انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل قام للصلاة.

وبهذا يتبين أن النصف الأخير كله فاضل من الليل السدس الرابع والخامس والسادس فكان النبي ﷺ إذا صلى العشاء أوى إلى فراشه، فإذا انتصف الليل أو قبله بقليل قام يصلي و نحن الآن فلا ننام إلا إذا جاء ثلث الليل الأخير، نحن الآن عاداتنا الآن جلسات وسهرات.. النصف الأول كله سهر بل ثلثي الليل سهرة فإذا جاء النزول الإلهي نمنا..نعم.. فنشكوا إلى الله. 

(المتن) 

ولهذا الحديث طرق إلى أبي هريرة : رواه الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رحمه الله، ورواه يزيد بن هارون وغيره من الأئمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة .و مالك عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة .و مالك عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة .و عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة .و عبد الأعلى بن أبي المساور وبشير بن سليمان عن أبي حازم عن أبي هريرة .

وروي هذا الخبر من غير طريق أبي هريرة ، فقد رواه نافع بن جبير بن مطعم ، عن أبيه و موسى بن عقبة عن إسحاق بن يحيى عن عبادة بن الصامت .و عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر بن عبد الله .و عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب .و شريك عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود .و محمد بن كعب عن فضالة بن عبيد عن أبي الدرداء .و أبو الزبير عن جابر ، وسعيد بن جبير عن ابن عباس .وعن أم المؤمنين عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، وهذه الطرق كلها مخرجة بأسانيدها في كتابنا الكبير المعروف بالانتصار  

(الشرح) 

نعم وهذا كتاب المؤلف سماه بالانتصار وهو أوسع من هذا الكتاب ساق فيه النصوص.. 

والحاصل: أن حديث النزول هذا له طرق متعددة رواه عدد من الصحابة ، رواه أبو هريرة. له طرق عن أبي هريرة ، وروي عن عبادة بن الصامت ، وروي عن أبي الدرداء وعن جابر وعن ابن عباس وعن عائشة وعن أم سلمة وجمع من الصحابة، وهو من الأحاديث المتواترة.وله طرق متعددة كله ثابت أن الله يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟.نعم.. 

(المتن) 

وفي رواية الأوزاعي عن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة   عن رسول الله ﷺ: إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ، أَوْ ثُلُثَاهُ، يَنْزِلُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ  

(الشرح) 

نعم هذه الرواية فيها: إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ، أَوْ ثُلُثَاهُ. وروايات كثيرة فيها: يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ . وفي هذه الرواية إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ، وفي رواية إِذَا مَضَى ثُلُثَاهُ. وجاء في رواية: إِذَا مَضَى ثُلُثَهُ.. نعم.. 

(المتن) 

وفي رواية سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة زيادة في آخره وهي: ثُمَّ يَبْسُطُ يَدَيْهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، يَقُولُ: مَنْ يُقْرِضُ غَيْرَ عَدُومٍ ، وَلَا ظَلُومٍ  

(الشرح) 

نعم وهذه أخرجها مسلم، كما ذكر المحقق وقد جاءت من طريقين: الأولى: ثُمَّ يَقُولُ: مَنْ يُقْرِضُ غَيْرَ عَدِيمٍ ، وَلَا ظَلُومٍ، وفي الثانية: ثُمَّ يَبْسُطُ يَدَيْهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، يَقُولُ: مَنْ يُقْرِضُ غَيْرَ عَدُومٍ ، وَلَا ظَلُومٍ.

وهذا يدل على أن هذا الوقت فاضل وعظيم، وقت تنزل الإله في آخر الليل، وأنه يبسط يده فيقول: مَنْ يُقْرِضُ غَيْرَ عَدِيمٍ ، وَلَا ظَلُومٍ، من يسألني؟ من يستغفرني؟ من يدعوني؟.. نعم.. فينبغي للإنسان أن يكون له في هذا الوقت ولو ركعات معدودة يناجي فيها ربه في آخر الليل قبيل الفجر..نعم.. 

(المتن) 

وفي رواية أبي حازم عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ: إنّ اللهَ ينزلُ إلى السّماءِ الدّنيا في ثلثِ الليلِ الأخيرِ فيُنادي: هل مِن سائلٍ فأُعطيَه؟ هل مِن مُستغفرٍ فأغفرَ له؟ فلا يبقى شيءٌ فيه الرّوحُ إلا علمَ به إلّا الثّقلين الجنُّ والإنس، قال: وذلك حين تصيحُ الدّيوك، وتنهقُ الحميرُ، وتنبَحُ الكلاب

(الشرح) 

هنا تصيح الديكة، وهذه زيادة، يقول في الحاشية:  نقف على هذه الزيادة، ويحتاج إلى معرفة ثبوت هذه الزيادة فلا يبقى شيءٌ فيه الرّوحُ إلا علمَ به إلّا الثّقلين الجنُّ والإنس، قال: وذلك حين تصيحُ الدّيوك، وتنهقُ الحميرُ، وتنبَحُ الكلاب وكتب في الحاشية على تخريج  .. نعم.. 

الطالب 

يقول وأول الحديث إلى قوله: فَأَغْفِرَ لَهُ؟ أخرجه الإمام أحمد في المسند، والدارمي في السنن، والآجري في الشريعة، وابن أبي عاصم في السنة، كلهم عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه بدون لفظ: فِي ثُلُثِ اللِّيلِ الأّخِيرِ

الشرح 

 وزيادته إلا علمَ به إلّا الثّقلين الجنُّ والإنس، قال: وذلك حين تصيحُ الدّيوك، وتنهقُ الحميرُ، وتنبَحُ الكلاب  تخريجه؟ ما وجدته؟.. نعم هذه ليست معروفة في الصحاح.. نعم..الزيادة.. نعم.. 

(المتن) 

وفي رواية موسى بن عقبة عن إسحاق بن يحيى عن عبادة بن الصامت زيادات حسنة وهي التي أخبرنا بها أبو يعلى حمزة بن عبد العزيز المهلبي قال أنبأنا عبد الله بن محمد الرازي قال أنبأنا أبو عثمان محمد بن عثمان بن أبي سويد قال حدثنا عبد الرحمن يعني ابن المبارك قال حدثنا فضيل بن سليمان عن موسى بن عقبة عن إسحاق بن يحيى عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله ﷺ: ينزلُ اللهُ تبارك وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السّماءِ الدّنيا حتى يبقى ثلثُ الليلِ الأخيرِ فيقول 

حتى؟ في نسخة أخرى حين يبقى

ينزِلُ ربُّنا تبارَك وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى سَماءِ الدُّنيا حينَ يَبقى ثُلُثُ اللَّيلِ الأخيرُ فيقولُ ألَا عبدٌ مِن عبادي يدعوني فأستجِيبَ له ألَا ظالِمٌ لنَفْسِه يدعوني فأغفِرَ له ألَا مُقتَّرٌ عليه رِزقُه ألَا مظلومٌ يذكُرُني فأنصُرَه ألَا عَانٍ يدعوني فأُعِينَه قال فيكونُ كذلك إلى أن يطلُعَ الصّبحُ ويعلو على كرسيِّه

(الشرح) 

وهذا فيه زيادات قال عنه المحقق إسناده ضعيف يعني بهذه الزيادات، نعم حين نزول الرب  التزل الإلهي قال ثابت لكن هذه الزيادات فيها ضعف.. نعم.. وهنا الزيادة قوله فيكونُ كذلك إلى أن يطلُعَ الصّبحُ ويعلو على كرسيِّه.. وهذه الزيادة (فيها نظر) 

(المتن) 

وفي رواية أبي الزبير عن جابر من طريق مرزوق أبي بكر الذي خرجه محمد بن إسحاق بن خزيمة مختصراً ومن طريق أيوب عن أبي الزبير عن جابر  الذي خرجه الحسن بن سفيان في مسنده. ومن طريق هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله ﷺ قال: إنَّ عشيَّةَ عرفة ينزلُ الله فيه إلى السّماءِ الدّنيا فيُباهي بأهلِ الأرض أهلَ السّماء، ويقول: انظروا إلى عبادي شُعْثًا غبرًا ضاحين، جاءُوا مِن كلّ فجٍّ عميق، يرجونَ رحمتي ولم يروا عذابي، فلم يُرَ يومًا أكثر عتقًا مِن النّارِ مِن يومِ عرفة

(الشرح) 

وهذا فيه نزول الرب عشية عرفة، وإن كان قد ذكر في الحاشية أن فيه بعضه ضعف، لكن قد يتقوى بشواهده.. نعم.. 

(المتن) 

وروى هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن رفاعة الجهني حدثه أن رسول الله ﷺ قال: إذا مضى ثلثُ الليلِ، أو شطرُ الليل، أو ثلثَاه ينزلُ الله إلى السّماءِ الدّنيا فيقول: لا أسألُ عن عبادي غيري، من يستغفرُني فأغفرَ له؟ من يدعوني فأستجيبَ له؟ من يسألُني أعطيه؟ حتى ينفجرَ الصبحُ

(الشرح) 

وهذا نزول يليق بجلاله وعظمته .. نعم .. كما سبق .. وهذا ثابت.. حديث ثابت.. 

(المتن) 

أخبرنا أبو محمد المخلدي قال أخبرنا أبو العباس السراج قال حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي مسلم الأغر قال: أشهد على أبي سعيد وأبي هريرة أنهما شهدا على رسول الله ﷺ، وأنا أشهد عليهما أنهما سمعا النبي ﷺ يقول: إنَّ الله يُمهلُ حتى إذا ذهبَ ثلثُ الليل الأول هبطَ إلى السماءِ الدنيا فيقولُ: هل من مُذنبٍ؟ هل من مُستغفرٍ؟ هل من سائلٍ؟ هل من داعٍ؟ حتى تطلعَ الشمسُ

(المتن) 

نعم وقوله: حتى تطلعَ الشمسُ هذه شاذة.. هذه اللفظة شاذة لا تصح، والصواب الثابت: حَتّى يَطلَعَ الفَجرُ، أما هذه حتى تطلعَ الشمسُ فيها شذوذ.

 والمؤلف رحمه الله روى هذا الحديث وذكر له طرقاً كثيرة ليبين أن الحديث ثابت، وأنه بلغ حد التواتر، وأن النزول صفة من صفات الرب، الصفات الفعلية التي تليق بجلاله وعظمته، وأن أهل السنة والجماعة يثبتون النزول بلا تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل خلافاً لأهل البدع يقولون إن معنى ينزِلُ كلَّ ليلةٍ إلى السَّماءِ ينزل أمره، وبعضهم يقول ينزل ملك، فاستوحشوا من إثبات النزول للرب، وقالوا لا يمكن أن ينزل الرب بذاته.

وسيأتي أنه إذا قال لك الجهمي أنا أكفر برب ينزل من مكانه، فإذا قال لك الجهمي ذلك فقل أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء.فأهل البدع من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة استوحشوا من النزول فأنكروه. وقالوا معنى ينزل يعني ينزل أمره، وقال بعضهم يعني ينزل ملك، الرب  قال النبي ﷺ قد أخبر عن نفسه قال يَنزِلُ رَبُّنَا يعني في كل وقت ينزل أمره يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ في كل وقت ينزل أمره، أما نزوله سبحانه في ثلث الليل الآخر، أما نزول أمره في كل وقت.. 

(المتن) 

أخبرنا أبو محمد المخلبي قال حدثنا أبو العباس الثقفي قال حدثنا الحسن بن الصباح قال حدثنا شبابة بن سوار عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي مسلم الأغر قال: أشهد على أبي سعيد وأبي هريرة أنهما قالا قال رسول الله ﷺ: إنَّ الله يُمهلُ حتى إذا كان ثلثُ الليل الأول هبطَ إلى هذه السماءِ، ثم أمرَ بأبواب السماءِ ففُتحت، فقال: هل من سائلٍ فأُعطيه؟ هل من داعٍ فأُجيبه؟ هل من مستغفرٍ فأغفرَ له؟ هل من مُضطرٍّ أكشفُ عنه ضرَّه؟ هل من مُستغِيثٍ أغيثُه؟ فلا يزالُ ذلك مكانه حتى يطلعَ الفجرُ في كل ليلةٍ من الدنيا

(الشرح) 

نعم وهذا فيه إثبات النزول للرب في كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، في أي مكان من أرض الله إذا كنت في أي مكان فإذا جاء ثلث الليل الله  ينزل في الشرق أو الغرب، في أمريكا أو في جزيرة العرب في الشام في مصر أو في كل مكان ، إذا جاء ثلث الليل الآخر فهذا وقت التنزل الإلهي فاعلم أن هذا الوقت وقت فاضل وقت التنزل الإلهي فانتهز هذا الوقت الفاضل واعلم أن الله تعالى ينزل في هذا الوقت نزولا يليق بجلاله وعظيمته  

(المتن) 

أخبرنا أبو محمد المخلدي قال أخبرنا أبو العباس -يعني الثقفي - قال حدثنا مجاهد بن موسى والفضل بن سهل قالا: حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا سهيل عن أبي إسحاق عن الأغر أنه شهد على أبي هريرة وأبي سعيد أنهما شهدا على رسول الله ﷺ أنه قال: إذا كان ثلثُ الليل نزلَ تباركَ وتعالى إلى السّماءِ الدّنيا فقال: ألا هل مِن مستغفرٍ يُغفر له؟ هل من سائلٍ يُعطى سؤلَه؟ ألا هل من تائبٍ يُتاب عليه

(الشرح) 

نعم وهذا ثابت كذلك كما سبق، المؤلف رحمه الله كرر يريد أن يعدد الطرق والأسانيد ليبين أن هذا الحديث ثابت، وأن له طرقاً متعددة وأنه بلغ حد التواتر، وأن النزول ثابت للرب في ثلث الليل الأخير.. نعم.. 

(المتن) 

حدثنا الأستاذ أبو منصور بن حمشاد قال حدثنا أبو علي إسماعيل بن أبي الظمأ ببغداد حدثنا أبو منصور الرمادي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: ينزلُ الله تعالى في كلِّ ليلةٍ إلى السماءِ الدنيا فيقول: أنا الملكُ أنا الملكُ ثلاثًا من يسألُني فأُعطيه؟ من يدعوني فأستجيب له؟ من يستغفرُني فأغفر له؟ فلا يزالُ كذلك حتى يطلعَ الفجرُ

(الشرح) 

وهذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، والترمذي في جامعه وابن خزيمة في صحيحه وغيرهم.. نعم.. 

(المتن) 

سمعت الأستاذ أبا منصور على إثر هذا الحديث الذي أملاه علينا يقول: سئل أبو حنيفة عنه فقال: ينزل بلا كيف. وقال بعضهم: ينزل نزولاً يليق بالربوبية بلا كيف من غير أن يكون نزوله مثل نزول الخلق بل بالتجلي والتملي لأنه منزه أن تكون صفاته مثل صفات الخلق كما كان منزهاً أن تكون ذاته مثل ذوات المخلوقين، فمجيئه وإتيانه ونزوله على حسب ما يليق بصفاته من غير تشبيه وكيف.. 

(الشرح) 

نعم أبو حنيفة رحمه الله وهو أحد الأئمة الأربعة، وهو من أئمة أهل السنة والجماعة، سئل عن هذا الحديث، فقال: ينزل بلا كيف، وهذا قول أهل السنة قاطبة ينزل الرب بلا كيف لا يكيف النزول لا يقال كنزول المخلوق ولا يكيف على كيفية معينة، بل الله أعلم كيف ينزل، نحن نثبت النزول ولا نعلم الكيفية.لأنه -قول الإمام أبو حنيفة- لأنه منزه أن تكون صفاته مثل صفات الخلق، كما أنه منزه أن تكون ذاته مثل ذوات الخلق، فكذلك الصفات. فالله تعالى له ذات لا تشبه ذوات المخلوقين، وكذلك له صفات لا تشبه صفات المخلوقين، ولهذا قال الإمام أبو حنيفة  (فمجيئه وإتيانه ونزوله على حسب ما يليق بصفاته من غير تشبيه ولا كيف) أي: من غير تشبيه بصفات المخلوقين  ولا نكيف لا نقول كيفية المجيء كذا ولا كيفية النزول كذا، ولا كيفية الإتيان كذا، بل نقول: صفات الله تليق بجلاله ولا نكيف، ولا نمثل.. نعم.. 

(المتن) 

وقال الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة في كتاب التوحيد الذي صنفه، وسمعت من حفيده أبي طاهر رحمه الله: باب ذكر أخبار ثابتة السند رواها علماء الحجاز والعراق في نزول الرب إلى السماء الدنيا كل ليلة، من غير صفة كيفية النزول مع إثبات النزول: فنشهد شهادة مقر بلسانه مصدق بقلبه، مستيقن بما فيها من الأخبار من ذكر النزول من غير أن نصف الكيفية  لأن نبينا محمداً ﷺ لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا إلى السماء الدنيا، وأعلمنا أنه ينزل، والله ولّى نبيه ﷺ بيان ما بالمسلمين إليه الحاجة من أمر دينهم، فنحن قائلون مصدقون بما في هذه الأخبار من ذكر النزول غير متكلفين بالنزول بصفة الكيفية، إذ النبي ﷺ لم يصف لنا كيفية النزول.. 

(الشرح) 

نعم وهذا الكلام قاله الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة الذي يلقب بإمام الأئمة، من أئمة أهل السنة والجماعة قال هذا في كتابه الذي سماه التوحيد، كتاب سماه التوحيد للإمام ابن خزيمة.وقوله: (وسمعت من حفيده) الحفيد هو: ابن الابن.وقال الإمام ابن خزيمة في كتابه التوحيد: (باب ذكر أخبار ثابتة السند رواها علماء الحجاز والعراق في نزول الرب إلى السماء الدنيا كل ليلة من غير صفة كيفية النزول، مع إثبات النزول).هذا هو قول أهل السنة قاطبة.. نثبت النزول من غير أن نثبت الكيفية، ولهذا قال (من غير صفة كيفية النزول مع إثبات النزول).ثم قال الإمام محمد بن إسحاق بن خزيمة : (نشهد شهادة مقر بلسانه مصدق بقلبه متيقن بما فيها من الأخبار من ذكر النزول..انظر كيف يقول نشهد شهادة مقر بلسانه ومصدق بقلبه متيقن بما فيها من الأخبار من ذكر النزول) يعني نقر ونتيقن ونشهد أن الله تعالى ينزل (من غير أن نصف الكيفية) لا نقول كيفية النزول كذا ولا كذا.لأن نبينا ﷺ لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا إلى السماء الدنيا، وأعلمنا أنه ينزل، الرسول ﷺ أعلمنا أنه ينزل ولم يخبرنا الكيفية، فنحن نثبت النزول ولا نتعرض للكيفية.. والله أعز وجل ولى، (والله ولّى نبيه ﷺ بيان ما بالمسلمين إليه الحاجة من أمر دينهم)، و الله  يقول: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ، فالله تعالى ولى نبيه أن يبين ما يحتاجه المسلمون إليه ولو كانت هناك حاجة لبيان كيفية النزول لأعلمنا الله بها على لسان نبيه ﷺ، لكن ليست هناك حاجة لمعرفتها.ولهذا قال الإمام (فنحن قائلون مصدقون بما في هذه الأخبار من ذلك النزول، غير متكلفين بالنزول بصفة الكيفية إذ النبي ﷺ لم يصف كيفية النزول). هذه هي طريقة أهل السنة والجماعة: يثبتون النزول وينفون الكيفية..نعم.. 

(المتن) 

أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ رحمه الله قال حدثنا أبو محمد الصيدلاني قال حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد قال حدثنا أحمد بن صالح المصري قال حدثنا ابن وهب قال أخبرنا مخرمة بن بكير عن أبيه رحمه الله قال أخبرنا الحاكم رحمه الله قال حدثنا محمد بن يعقوب الأصم واللفظ له قال حدثنا إبراهيم بن حنيفة قال حدثنا ابن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه قال سمعت محمد بن المنكدر يزعم أنه سمع أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي ﷺ تقول: نعم اليوم يوم ينزل الله تعالى فيه إلى السماء الدنيا، قالوا: وأي يوم ذلك؟ قالت: يوم عرفة.. 

(الشرح) 

وهذا الحديث يقول المحقق حديث حسن أخرجه الدارقطني في النزول بهذا اللفظ من طريقين.

وفيه إثبات نزول الرب، وأن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا يوم عرفة.. عشية عرفة، ينزل نزولاً يليق بجلاله وعظمته، ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، وينزل  عشية عرفة ويباهي بأهل الموقف أهل السماء، ويقول الرب سبحانه: يَا مَلاَئِكَتِي، انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي، أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ؛ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ. هذا نزول يليق بجلاله وعظمته، ينزل إلى السماء الدنيا وهو فوق مخلوقاته.. نعم.. 

(المتن) 

وروت عائشة رضي الله عنها عن النبي ﷺ قال: ينزلُ اللهُ تعالى في النّصفِ مِن شعبان إلى السّماءِ الدّنيا ليلًا إلى آخرِ النّهار مِن الغد، فيُعتِقُ مِن النّارِ بعددِ شعرِ معزِ كلب

وفي اللفظ الآخر: بَعَددِ غَنَمِ بَنِي كَلبٍ

فيُعتِقُ مِن النّارِ بعددِ شعرِ معزِ كلب ويكتبُ الحاج، ويُنزِلُ أرزاقَ السّنة، ولا يتركُ أحدًا إلا غفرَ له، إلّا مُشركًا أو قاطعَ رحمٍ أو عاقَّا أو مُشاحِنًا.

(الشرح) 

الحاشي ذكر أن هذا الحديث صحيح، ومعروف عند العلماء أن الأحاديث في نزول الله تعالى في النصف من شعبان ضعيفة عند أهل العلم فالحديث فيه ضعف، لكن المؤلف رحمه الله أتى به ليبين نزول الرب، ونزول الرب ثابت في كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر وفي عشية عرفة، أما هذا الحديث أنه ينزلُ في النّصفِ مِن شعبان إلى السّماءِ الدّنيا ليلًا إلى آخرِ النّهار مِن الغد، فيُعتِقُ مِن النّارِ بعددِ شعرِ معزِ كلب، وفي لفظ: بَعَددِ غَنَمِ بَنِي كَلبٍ ويكتبُ الحاج، ويُنزِلُ أرزاقَ السّنة، ولا يتركُ أحدًا إلا غفرَ له، إلّا مُشركًا أو قاطعَ رحمٍ أو عاقَّا أو مُشاحِنًا فالمعروف عند أهل العلم أن الحديث  في ليلة النصف من شعبان  تخصيصها أنها أحاديث ضعيفة.

قال ليلة النصف من شعبان كغيرها لا تخصص فيها، وكونه جاء في بعض الأحاديث أنها ليلة القدر فتلك أحاديث ضعيفة لا تثبت ولا تصح، ليلة القدر إنما هي في رمضان وليست في شعبان.وليلة النصف من شعبان ليس لها خصوصية، كما أن يوم النصف من شعبان ليس له خصوصية، فليلة النصف من شعبان كسائر الليالي ويوم النصف من شعبان كسائر الأيام فلا يخص ليلة النصف من شعبان بقيام ولا يخص يومها بالصيام، بل الإنسان يفعل ما يفعله كل ليلة فإن كان يصلي في كل ليلة يصلي في ليلة النصف من شعبان، وإذا كان يصوم النصف أو.. الأيام البيض يصومها من شعبان ومن غيره، ولا يخصص يوم النصف من شعبان بصيام ولا تخص ليلة النصف من شعبان بقيام، هذا هو الصواب الذي عليه المحققون. 

(المتن) 

أخبرنا أبو طاهر بن خزيمة قال أنبأنا جدي الإمام قال حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال حدثنا إسماعيل بن علية عن هشام الدستوائي (ح) قال الإمام وحدثنا الزعفراني قال حدثنا عبد الله بن بكر السهمي قال حدثنا هشام الدستوائي (ح) وحدثنا الزعفراني قال حدثنا يزيد يعني: ابن هارون قال أخبرنا الدستوائي (ح) قال حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون بالإسكندرية قال حدثنا الوليد عن الأوزاعي جميعها عن يحيى بن أبي كثير عن عطاء بن يسار قال حدثني رفاعة بن عرابة الجهني.

الشرح 

عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار.. في نسخة. 

الطالب 

قال سقط من هذا الإسناد هلال بن أبي ميمونة، وسيذكره المصنف في الإسناد الآتي، وهو مثبت في كتاب التوحيد لـابن خزيمة ..نثبته أو لا.. 

الشرح 

 ما دام سقط.. نعم..  

(المتن) 

عن يحيى بن أبي كثيرعن عطاءبن يسار قال.. (ح) قال الإمام: وحدثنا أبو هاشم زياد بن أيوب قال حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي عن الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبي كثير قال حدثني هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار قال حدثني رفاعة بن عرابة الجهني قال: صدرنا مع رسول الله ﷺ من مكة، فجعلوا يستأذنون النبي ﷺ فجعل يأذن لهم، فقال النبي ﷺ: ما بالُ شِقِّ الشّجرةِ الذي يلي رسولَ الله ﷺ أبغضَ إليكم من الآخر! فلا ترى من القوم إلا باكياً، قال: يقول أبو بكر الصديق : إن الذي يستأذنك بعدها لسفيه، فقام النبي ﷺ فحمد الله وأثنى عليه. 

(الشرح) 

قوله: (صدّرنا مع النبي ﷺ) يعني: رجعنا، والصدر: هو رجوع المسافر من مقصده، وهو مقابل الورد. فجعلوا يستأذنونه فجعل يأذن لهم، فالنبي ﷺ قال: ما بالُ شِقِّ الشّجرةِ الذي يلي رسولَ الله ﷺ أبغضَ إليكم من الآخر! يعني فيه إنكار عليهم بالاستئذان، الشّجرةِ الذي يلي رسولَ الله ﷺ أبغضَ إليكم من الآخر! لأنهم يستأذنون من الجهاد هذه. قال أبو بكر (فلا يرى من القوم إلا باكياً) بكوا لأنهم شعروا بموعظة النبي ﷺ، فقال أبو بكر الصديق : (إن الذي يستأذنك بعد هذا لسفيه) أي بعد هذه المقالة.. نعم .. 

(المتن) 

فقام النبي ﷺ فحمد الله وأثنى عليه، وكان إذا حلف قال: والذي نفسي بيده أشهدُ عندَ الله ما منكم مِن أحدٍ يؤمنُ بالله واليوم الآخر ثم يُسدِّدُ إلا سلكَ به في الجنّة، ولقد وعدَني ربّي أن يُدخل مِن أمّتي الجنّةَ سبعين ألفًا بغيرِ حسابٍ ولا عذابٍ، وإني لأرجو أن لا تدخلوها حتى تتبوَّؤوا ومَن صلحَ مِن أزواجكم وذرياتِكم مساكنكم في الجنةِ، ثم قال ﷺ: إذا مضى شطْرُ الليلِ أو قال: ثلثاه ينزلُ الله إلى السّماءِ الدّنيا، ثم يقول: لا أسألُ عن عبادي غيري مَن ذا الذي يسألُني فأعطيَهُ؟ مَن ذا الذي يدعوني فأُجيبَه؟ مَن ذا الذي يستغفرني فأغفرَ له؟ حتى ينفجرَ الصبحُ هذا لفظ حديث الوليد  

(الشرح) 

نعم وهذا الحديث ثابت، وفيه بشارة للمؤمن الذي سدد أنه من أهل الجنة، ولهذا قال النبي ﷺ: والذي نفسي بيده أشهدُ عندَ الله ما منكم مِن أحدٍ يؤمنُ بالله واليوم الآخر ثم يُسدِّدُ إلا سلكَ به في الجنّة يعني يسلك مسلك السداد يعني يجتهد في مقاربة السداد فعل الصواب يعني يجتهد في فعل الأوامر وترك النواهي، فمن آمن بالله واليوم الآخر ومات على الإيمان فهو من أهل الجنة والكرامة إن عاجلاً أو آجلاً، ولكن إن مات على توحيد خالص لم يصر فيه على كبيرة فإنه يدخل الجنة من أول وهلة فضلاً من الله تعالى، وإن مات على توحيد ملطخ بالمعاصي والكبائر، فهو على خطر، وهو تحت مشيئة الله، قد يعفا عنه وقد يعذب في قبره، وقد تصيبه شدائد في موقف القيامة، وقد يعذبه في النار وقد لا يعذب، وإن عذب في النار فإنه لن يخلد فيها لأنه مات على التوحيد، فمآله إلى الجنة. ويخرج منها بشفاعة الشافعين أو برحمة أرحم الراحمين.ولهذا قال النبي ﷺ: ما منكم مِن أحدٍ يؤمنُ بالله واليوم الآخر ثم يُسدِّدُ إلا سلكَ به في الجنّة، ولقد وعدَني ربّي أن يُدخل مِن أمّتي الجنّةَ سبعين ألفًا بغيرِ حسابٍ ولا عذابٍ، وهذا ثابت أنه يدخلها سبعين الفاً بغير حساب ولا عذاب.

 وثبت أيضاً في حديث آخر: أن الله تعالى أعطى نبيه ﷺ مع كل ألف سبعين ألفاً. ثم قال النبي ﷺ: وإني لأرجو أن لا تدخلوها حتى تتبوَّؤوا ومَن صلحَ مِن أزواجكم وذرياتِكم مساكنكم في الجنةِ ثم قال إذا مضى شطْرُ الليلِ  -أو قال: ثلثاه ينزلُ الله إلى السّماءِ الدّنيا وهذا هو الشاهد أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا إذا بقي ثلث الليل الآخر فيقول الرب سبحانه من ذا الذي يسألني؟ من ذا الذي يدعوني ؟ من ذا الذي يستغفرني؟ حتى ينفجر الصبح.. حتى يطلع الصبح، ففيه إثبات أن الله تعالى ينزل نزولاً يليق بجلاله وعظمته، فيجب على الله أن يؤمن بأن الله ينزل ولايكيف، ينزل الله  ينزل كما يشاء نزولاً يليق بجلاله وعظمته 

(المتن) 

قال شيخ الإسلام: قلت: فلما صح خبر النزول عن الرسول ﷺ أقر به أهل السنة، وقبلوا الخبر، وأثبتوا النزول على ما قاله رسول الله ﷺ، ولم يعتقدوا تشبيهاً له بنزول خلقه، ولم يبحثوا عن كيفيته إذ لا سبيل إليها بحال، وعلموا وتحققوا واعتقدوا أن صفات الله سبحانه لا تشبه صفات الخلق كما أن ذاته لا تشبه ذوات الخلق، تعالى الله عما يقول المشبهة والمعطلة علواً كبيراً، ولعنهم لعناً كبيراً  

(الشرح) 

نعم قال شيخ الإسلام هو المؤلف إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني (قلت: فلما صح خبر النزول عن رسول الله ﷺ أقر به أهل السنة وقبلوا الخبر، وأثبتوا النزول على ما قاله رسول الله ﷺ، ولم يعتقدوا تشبيهاً له بنزول خلقه) هذا هو معتقد أهل السنة والجماعة، فلما صح خبر نزول الرب ثابت بل هو متواتر أقر به أهل السنة وقبلوا الخبر وأثبتوا أن الله ينزل على ما يليق بجلاله وعظمته على ما قاله رسول الله ﷺ، ولم يعتقدوا تشبيهاً له بنزول خلقه، لا يشبهون.. أهل السنة لا يشبهون، ولا يبحثون عن كيفيته.. كيفية النزول إذ لا سبيل إليها بحال، وعلموا وتحققوا واعتقدوا أن صفات الله سبحانه لا تشبه صفات الخلق كما أن ذاته لا تشبه ذوات الخلق، هكذا يعتقد أهل السنة والجماعةيثبتون صفات الله كما يليق بجلاله وعظمته، وينفون مماثلة المخلوقين، كما أنهم يثبتون ذات الله سبحانه وينفون مماثلتها لذوات المخلوقين تعالى الله عما يقول المشبهة والمعطلة علواً كبيراً.. نعم.. 

(المتن) 

وقرأت لـأبي عبد الله بن أبي حفص البخاري ، وكان شيخ بخارى في عصره بلا مدافع، وأبو حفص كان من كبار أصحاب محمد بن الحسن الشيباني، قال أبو عبد الله أعني ابن أبي حفص هذا عبد الله بن عثمان ، وهو عبدان شيخ مرو، يقول: سمعت محمد بن الحسن الشيباني يقول: قال حماد بن أبي حنيفة: قلنا لهؤلاء: أرأيتم قول الله وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا وقوله هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ فهل يجيء ربنا كما قال، وهل يجيء الملك صفاً صفاً، قالوا: أما الملائكة فيجيئون صفاً صفاً، وأما الرب تعالى فإنا لا ندري ما عنى بذلك، ولا ندري كيف جيئته وقلنا لهم: إنا لم نكلفكم أن تعلموا كيف جيئته ولكن نكلفكم أن تؤمنوا بمجيئه، أرأيتم من أنكر أن الملك لا يجيء صفاً صفاً، ما هو عندكم؟ قالوا: كافر مكذب، قلنا: فكذلك من أنكر أن الله سبحانه لا يجيء فهو كافر مكذب.قال أبو عبد الله بن أبي حفص البخاري أيضاً في كتابه: ذكر إبراهيم بن الأشعث قال: سمعت الفضيل ابن عياض يقول: إذا قال لك الجهمي : أنا لا أؤمن برب يزول عن مكانه فقل أنت: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء. 

(الشرح) 

نعم وهذه القصة التي ذكرها المؤلف رحمه الله عن أبي حفص وهو من كبار أصحاب محمد بن الحسن الشيباني وهو الصاحب  الثاني للإمام أبي حنيفة  أنه سمع محمد بن الحسن يقول قال حماد بن أبي حنيفة  (قلنا لهؤلاء يعني المعطلة الذين ينفون صفات الله أرأيتم قول الله وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا يعني هل تؤمنون بهذا، فقالوا أما الملائكة فيجيئون صفاً صفاً، وأما الرب فإنا لا ندري ما عنى بذلك، يعني المعطلة قالوا نثبت أن الملائكة يصفون صفاً ويجيئون ولا نثبت أن الله يجيء، قالوا الملائكة نثبت مجيئهم وأما الرب فلا نثبت أنه يجيء لا ندري كيف يجيء، قال قلت لهم إنا لم نكلفكم أن تعلموا كيفية جيئته، ولكنا نكلفكم أن تؤمنوا بمجيئه، أنتم لستم مكلفين بمعرفة الكيفية وإنما مكلفون بالإيمان بالصفة آمنوا بان الله لا بالكيف.ثم قال لهم من باب الإلزام: (أرأيتم من أنكر أن الملك لا يجيء صفاً صفاً، ما هو عندكم؟ لو قال لكم قائل وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا، لو إنسان أنكر قال الملائكة لا تجيء صفاً صفاً ، قالوا: كافر مكذب، قال فقلت له فكذلك من أنكر أن الله سبحانه لا يجيء فهو كافر مكذب)، الله أثبت في آية واحدة مجيئه ومجيء الملائكة فقال سبحانه: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا، فإذا كان الذي ينكر مجيء الملائكة كافر مكذب، فكذلك الذي ينكر مجيء الله كافر مكذب.

ثم ذكر أبو عبد الله بن أبي حفص أيضاً هذه القصة عن الفضيل ابن عياض أنه يقول: (إذا قال لك الجهمي: أنا لا أؤمن برب يزول عن مكانه فقل له أنت: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء) هذا من باب الإلزام.فالجهمي.. إذا قال الجهمي أنا لا أؤمن برب يزول عن مكانه، ماذا تجيبه؟ تقول أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء، هذا فيه إبطال للحجة، فالجهمي ينكر نزول الرب، فيقول: أنا لا أؤمن برب يزول عن مكانه، قل له أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء. 

وفق الله الجميع لطاعته ورزق الله الجميع علماً نافعاً وصلى الله وسلم على محمد وآله.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد