(المتن)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فقال الإمام شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني قدس الله روحه ونوّر ضريحه:
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
لما ذكر المؤلف رحمه الله عقيدة السلف وأصحاب الحديث في أسماء الله وصفاته وفي الأحكام وفي الجنة والنار وغير ذلك مما ذكر من المباحث وفي السحر وغيرها ذكر في آخر هذه الرسالة الآداب التي يتأدب بها أصحاب الحديث وأنهم يحلّون ما أحلّ الله ويحرّمون ما حرّم الله، ويتأدبون بالآداب الشرعية الواجبة والمستحبة.
وأصحاب الحديث هم أهل السنة والجماعة وهم أهل الحق، وهم الفرقة الناجية في مقدمتهم أهل الحديث الفرقة الناجية هم أهل السنة والجماعة وفي مقدمتهم أصحاب الحديث، أصحاب الحديث في الدرجة الأولى وتشمل هذه الفرقة كل من عمل بالسنة واجتنب البدعة وتحرى سنّة النبي ﷺ وعمل بها قد يكون من أهل السنة والجماعة قد يكون مزارعاً قد يكون تاجراً قد يكون صنّاعاً أو حدّاداً قد يكون جزّااً قد يكون خياطاً فأهل السنة والجماعة والفرقة الناجية هم الصحابة والتابعون والأئمة والعلماء وفي مقدمتهم أهل الحديث.
يقول المؤلف رحمه الله ويحرم أصحاب الحديث وهم أهل السنة والجماعة وهم الفرقة الناجية وهم أهل الحق وفي مقدمتهم الصحابة والتابعون قال ويحرم أصحاب الحديث المسكر من الأشربة المتّخذة من العنب أو الزبيب أو التمر أو العسل أو الذرة أو غير ذلك مما يسكر، يحرّمون قليله وكثيره لأن أهل الحديث وأهل السنة والجماعة يعملون بالسنة قد ثبت في الأحاديث الصحيحة: أن النبي ﷺ نهى عن كل مسكر ومفتر وقال عليه الصلاة والسلام: كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ وعلى هذا فكل مسكر حرام وهو من الخمر سواء كان مأكولاً أو مشروباً أو مشموماً، كل ما يسكر فهو محرم.
وكانت الخمر تُتخذ في الأزمنة القديمة من العنب يُعصر العنب فإذا مضى عليه ثلاثة أيام في شدة الحر قذف بالزبد وتخمر وصار خمراً.
وأحياناً يؤخذ من التمر ويسمونه المريس حتى يحلون الماء ، فإذا جلس ثلاثة أيام في الحر تخمر وأحياناً يؤخذ من العسل وأحياناً من الذرة، ولهذا كان النبي ﷺ يُعصر له العصير فيشربه اليوم ومن الغد فإذا كان في اليوم الثالث صّبه أو أراقه أو سقاه الخادم خشية أن يتخمر، ومعلوم أن الخادم يتأمل وينظر، هذا في شدة الحر، لكن الآن العصير إذا تُرك في الثلاجة لا يتخمر لكن إذا تُرك في شدة الحر يتخمر، الآن وجد خموراً، الخمر يُتخذ من العنب من الزبيب من التمر من العسل من الذرة ومن غيرها يوجد الآن أنواع جديدة ومنها مأكول ومشروب وقد تكون أقراص تُسكر قد تكون مشمومة يُشم ويُسكر فهو حرام كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ هذا من جوامع الكلم الذي أوتيه النبي ﷺ كل من صيغ العموم كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ
وجمهور العلماء على أن الخمر من كل شراب، وذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله إلى أن الخمر لا تكون إلا من عصير العنب، والصواب: أنه عام في العنب وفي غيره.
يقول المؤلف رحمه الله أن أهل الحديث يحرّمون المسكر عملاً بالأحاديث.
وللخمر أسماء كثيرة كما ذكر العلماء يسمى السَكر ويسمى البتع ويسمى الجعة والمزر والبذر والسكركة والفضيخ والطلاء والباذق.
وفي الحديث يقول النبي ﷺ: ليشرَبنَّ ناسٌ من أمَّتي الخمرَ يُسمُّونَها بغيرِ اسمِها وفي الحديث الذي رواه البخاري معلقاً: لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ (الحِرَ) أي الفرج يعني الزنا (المعازف) هي الغناء.
وفي الحديث يقول النبي ﷺ: لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا، يُعْزَفُ عَلَى رُءُوسِهِمْ بِالْمَعَازِفِ وَالْمُغَنِّيَاتِ؛ يَخْسِفُ اللَّهُ بِهِمْ الْأَرْضَ، وَيَجْعَلُ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالخَنَازِيرَ رواه ابن ماجة ولا بأس بسنده.
وقوله وينجسونه في نسخة وفي نسخة أخرى ويجتنبونه (يحرمون قليله وكثيرة ويجتنبونه) أي يبتعدون عنه، (ينجسونه) أي يرونه نجساً، وهذه مسألة خلافية بين أهل العلم هل الخمر نجس أو ليس بنجس؟ الجمهور على أنه نجس، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ. وذهب بعض العلماء إلى أنه ليس بنجس، لا يلزم من التحريم النجاسة، استدلوا بأن النبي ﷺ أمر بإراقتها لما حُرّمت أريقت فصارت تجري في سكك المدينة، والناس يمشون حافين يذهبون إلى المسجد، فيطؤونها ولم يأمرهم بغسل أرجلهم فدل على أنها ليست نجسة. وعلى كل حال هي محرمة سواء كانت نجسة أو ليست نجسة.
ويوجبون به الحد، الحد: يعني من شرب الخمر وثبت عليه الخمر فإنه يجب عليه الحد أربعين جلدة أو ثمانين جلدة، جُلد شارب الخمر على عهد النبي ﷺ أربعين وجُلد في عهد أبو بكر أربعين ثم تتابع الناس جلد عمر ثمانين.
(المتن)
(الشرح)
أهل السنة والجماعة وأهل الحديث يرون المسارعة إلى أداء الصلوات عملاً بقول الله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ وقوله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ أهل السنة وأهل الحق وأهل الحديث والفرقة الناجية يرون المسارعة إلى أداء الصلوات جماعةً في المساجد وإقامتها في أوائل الأوقات، إقامتها في أوائل الأوقات أفضل من تأخيرها إلى آخر الأوقات، لما جاء في الأحاديث الصحيحة من حث على المسارعة إلى أداء الواجب وذلك لقول الله تعالى عن موسى وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى التعجيل والمبادرة بأداء الواجب أقوى، وفي الحديث أن النبي ﷺ سُئل أي الأعمال أفضل؟ قال: الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا والصلاة في أول وقتها.
(المتن)
(الشرح)
هذه المسألة قراءة الفاتحة خلف الإمام، الفاتحة ركن في حق الإمام والمنفرد بالاتفاق، الإمام والمنفرد لا تصح صلاة أحدهما إلا بقراءة الفاتحة في كل ركعة، لو ترك الإمام الفاتحة في ركعة من الركعات ما صحت صلاته وكذلك المنفرد، أما المأموم ففيه خلاف بين أهل العلم فمن العلماء من قال بوجوبها مطلقاً في السرية والجهرية.
ومنهم من قال بأنها لا تجب لا في السرية ولا في الجهرية وهو مذهب الإمام أبي حنيفة واستدلوا بحديث: مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ لكنه حديث ضعيف عند أهل العلم.
ومن العلماء من قال أنها تجب على المأموم إلا إذا أدرك الإمام راكعاً فإنها تسقط عنه، لحديث أبي بكرة أنه جاء والنبي ﷺ راكع فركع دون الصف ثم دب دبيباً حتى وقف في الصف، فلما قضى النبي ﷺ صلاته قال: زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلاَ تَعُدْ ولم يأمره بإعادة الركعة –بقضاء الركعة- فدل على أنه يدركها.
وذهب آخرون من أهل العلم: إلى أنه إذا أدرك الإمام راكعاً فإنه تفوته الركعة؛ لأنه لم يقرأ الفاتحة، لا بد من قراءة الفاتحة وهو اختيار الإمام البخاري رحمه الله، وألف في هذا جزء القراءة.
فتكون قراءة الفاتحة في حق المأموم فيها أربعة أقوال:
القول الأول: أنها لا تجب لا في السرية ولا في الجهرية وهذا أضعفها.
القول الثاني: أنها تجب في السرية والجهرية إلا إذا أدرك الإمام راكعاً فإنها تسقط عنه.
القول الثالث: أنها تجب في السرية دون الجهرية.
القول الرابع: أنها تجب في السرية والجهرية وإذا أدرك الإمام راكعاً فإنه لا يدرك الركعة.
والأرجح أنها تجب في السرية والجهرية، إلا إذا أدرك الإمام راكعاً فإنها تسقط عنه وهي في حق المأموم واجب مخفف بحيث إذا نسيها سقطت عنه، أو إذا أدرك الإمام راكعاً، أو أدركه في آخر ركعة تسقط عنه، أو قلد من يقول أنها ليست واجبة، والدليل على هذا قول النبي ﷺ في الحديث الذي لا بأس بسنده: لَعَلَّكُمْ تَقْرَءُونَ خَلْفَ إِمَامِكُمْ؟! قالوا: نعم يا رسول الله قال: فَلَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِأُمِّ القُرآنِ؛ فَإِنَّهُ لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا. ويكون مخصصاً لعموم قول الله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا يعني إلا الفاتحة مستثناة، وحديث: وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا إِلَّا الفَاتِحَةَ هذا هو الأرجح، أنها تجب على المأموم مطلقاً في السرية والجهرية إلا إذا أدرك الإمام راكعاً فإنها تسقط عنه، والجمهور على أنها تجب في السرية والجهرية، وأنها في الجهرية تسقط عن المأموم هذا مذهب الجمهور تسقط عن المأموم.
والقول بوجوبها حتى في الجهرية قول قوي اختاره الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه وألف رسالة في هذا واختاره ابن خزيمة وجماعة من الشافعية اختاره البيهقي والنووي وابن حجر، واختاره البخاري وابن حزم والشوكاني واختيار جمعاً من أصحاب الحديث، والمؤلف رحمه الله مشى على القول بوجوبها قال ويوجبون قراءة فاتحة الكتاب خلف الإمام هذا فيه خلاف بين أهل السنة منهم من يوجبها ومنهم من لا يوجبها، منهم من يوجبها في السرية دون الجهرية.
(المتن)
(الشرح)
ويأمرون بإتمام الركوع والسجود حتماً واجباً لا بد من إتمام الركوع، من لم يتم الركوع والسجود لم يطمئن في صلاته، ومن لم يطمئن في صلاته فصلاته باطلة؛ لأن الطمأنينة ركن من أركان الصلاة، ولهذا قال المؤلف يعدون إتمام الركوع والسجود بالطمأنينة فيها، يطمئن في الركوع إذا ركع يجلس حتى يعود كل مفصل إلى موضعه، يطمئن في الركوع يطمئن في السجود، وكذلك إذا رفع رأسه من الركوع يقف ينتصب حتى يطمئن وإذا سجد كذلك، وإذا رفع رأسه من الركوع بين السجدتين كذلك يطمئن لا بد من الطمأنينة، وكان النبي ﷺ إذا رفع رأسه من الركوع وقف حتى يقول القائل: قد نسي، وإذا رفع رأسه من السجود جلس حتى يقول القائل: قد نسي يعني: يطيل هذين الركنين.
وبعض الأحناف لا يرون الطمأنينة واجبة، مجرد أن يقول: سمع الله لمن حمده يسجد، وإذا رفع رأسه من السجدة سجد، ما يطمئن فهم لا يرون الطمأنينة واجبة بعد الركوع وبين السجدتين، لذلك تجدون بعض الإخوان الباكستانيين هكذا يفعلون، وهذا غلط ومخالف لصلاة النبي ﷺ الصحيح أنه إذا رفع رأسه من الركوع وقف حتى يقول القائل: قد نسي، وإذا رفع رأسه من السجود جلس حتى يقول القائل: قد نسي لا بد من الطمأنينة، فقد جاء في حديث المسيء صلاته أنه جاء وصلى ركعتين ولم يتم الركوع ولا السجود فأمره النبي ﷺ ثلاث مرات أن يعيد صلاته قال: ارْجِعْ فَصَلِّ؛ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ حتى فعل ذلك ثلاثاً، ثم بعد ذلك أرشده إلى الطمأنينة قال: إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ معك مِنْ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعاً، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِماً، ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِساً، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا، فأرشده إلى الطمأنينة.
(المتن)
(الشرح)
كل هذه من صفات وأخلاق أهل الحق أهل الاستقامة أهل السنة والجماعة وأهل الحديث، يتواصون بقيام الليل للصلاة بعد المنام، كما قال الله تعالى عن المتقين: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ، فقيام الليل من أفضل القربات وأجل الطاعات ومن صفات المتقين، قال سبحانه في وصف المتقين: كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ، فهم يتواصون بقيام الليل بعد النوم وإن لم يكن واجبا لكنه مستحب، هذه من صفات المؤمنين.
ويتواصلون بصلة الأرحام، والأرحام: هم القرابات من جهة الأم أو من جهة الأب وأقربهم أي أقرب الأرحام الأبوان الأب والأم ثم الأقرب فالأقرب، الأبناء والبنات وأبناؤهم والأجداد والجدات، الأعمام والعمات وأبناؤهم، والأخوال والخالات وأبناؤهم الأقرب فالأقرب، على اختلاف الحالات فالصلة بحسب الحالة، فتكون الصلة بالسؤال عن حاله وإبلاغه السلام وزيارته وإجابة دعوته ومشاركته في آماله وآلامه والهدية له والنفقة عليه إن كان محتاجا، كل هذه من صلة الرحم، وأقل شيء رفع سماعة الهاتف تسأل عن حاله وتسلّم عليه بين فترة وفترة، ولا يكفي هذا لكن في بعض الأحيان أو كان بعيداً.
وفي صلة الأرحام وإفشاء السلام كذلك أيضاً يتواصون بإفشاء السلام يعني تسلم على كل من لقيت عرفته أو لم تعرفه وهو من أجَّل القربات ومن صفات المؤمنين وهو من أسباب المحبة وأسباب الألفة، والمحبة من أسباب دخول الجنة، فهو يفشي السلام ويسلم على كل من لقي، وهذا فيه إزالة للوحشة وفيه الألفة فإنك إذا لقيت شخصاً ولم تسلم عليه، دخلت جفوة صار بينك وبينه جفوة وحشة قال عليه الصلاة والسلام: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ وإطعام الطعام كذلك من أفضل القربات ومن أجَّل الطاعات، ومن أسباب دخول الجنة كما جاء في الحديث أن النبي ﷺ قال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلاَمَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ؛ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ، هذه من أسباب دخول الجنة إفشاء السلام وإطعام الطعام تطعم الفقراء والمساكين والأيتام وغيرهم، والرحمة على الفقراء رحمة الفقراء والمساكين والأيتام يرحمهم بالعطف عليهم والإحسان إليهم والنفقة عليهم والتواضع لهم وخفض الجناح لهم، الفقير والمسكين واليتيم هو من فقد أباه وهو صغير دون البلوغ.
ومن صفاتهم أيضاً صفات أهل الحديث وأهل السنة الاهتمام بأمور المسلمين تفقّد أحوالهم والاهتمام بإطعام جائعهم، ووعظ جاهلهم، تحمّل أثقالهم والسؤال عن أحوالهم والاهتمام بأمور المسلمين والضعفاء والأقليات والمجاهدين في كل مكان.
والتعفف في المأكل والمشرب والملبس بأن يتعفف عن الحرام في مأكله وفي مشربه وفي ملبسه وفي النكاح فلا يفعل الحرام سواء كان يتعلق بالأكل أو بالشرب أو باللباس أو بالنكاح
والسعي في الخيرات عموماً والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من صفات المؤمنين وأهل الحديث وأهل السنة أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر قال الله تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، وقال سبحانه: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ.
والبدار إلى فعل الخيرات أجمع يبادرون إلى فعل الخيرات كل خير سواء كان من الأقوال أو من الأفعال الذي يتعلق بالمسلمين يبادرون إلى فعله، واتقاء شر عاقبة الطمع يتّقون سوء وشر عاقبة الطمع الذي سببه كون الإنسان يقدم على الشبهات والمتشابه في المآكل أو في المشارب وفي المكاسب ويتواصون بالحق والصبر، يتواصون بالحق يعني يدعون إلى الله، ويصبرون على الأذى كل هذه من صفات المؤمنين.
(المتن)
(الشرح)
يتحابّون في الدين ويتباغضون فيه، هذا أصل من أصول الإيمان، وهو الحب في الله والبغض في الله، وهو أن تحب ما يحب الله من شخص أو فعل أو قول، تحب هذا الشخص لأنه مستقيم على طاعة الله لأنه يؤدي فرائض الله، ولو كان بعيداً ولو كان أعجمياً ولو كان في المشرق وأنت في المغرب، وتبغض من كان مستريحاً للمعاصي والكبائر والآثام والشرك، ولو كان قريباً ولو كان أخاك لأمك وأباك هذا الحب في الله والبغض في الله، هذا من الأصول العظيمة التي أُميتت في هذا الزمن عند كثير من الناس، تجد أناس لا يتحابون إلا لأجل الدنيا إذا كان بينك وبينه مصالح صار في محبة انتهت المصلحة زالت المحبة، هذا لأجل الدنيا وأعظم من ذلك وأشد أن تكون المحبة من أجل الاشتراك في المعاصي والبدع، يكون شريكه في المعصية و البدعة يحبه لأنه شريكه في البدعة أو في المعصية هذا وأعظم وأعظم أو في الشرك نعوذ بالله.
فالحب في الله والبغض في الله هذا أصل من أصول الإيمان، ولهذا جاء في الحديث: أَفْضَلُ الأَعْمَالِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ، وفي الحديث الآخر: مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ وفي الآخر: لا يَجدُ العبدُ طَرِيقَ الإيمانِ - وفي اللفظ الآخر - لا يَجدُ العبدُ صريحَ الإيمانِ حَتَّى يُحِبَّ فِي اللَّه وَيُبغِضَ فِي اللَّه - وفي اللفظ الآخر - أوثقُ عُرَى الإِيمَانِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ، وفي الحديث الآخر: مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ - وفي اللفظ الآخر – فَإِنَّمَا تُنَالُ وَلَايَةُ اللَّهِ بِذَلِكَ، وَلَنْ يَجِدَ عَبْدٌ طَعْمَ الْإِيمَانِ حَتَّى يُحِبَّ فِي اللَّه وَيُبغِضَ فِي اللَّه وَيُوَالِي فِي اللَّه وَيُعَادِي فِي اللَّه.
(المتن)
(الشرح)
كل هذه من أوصاف أهل السنة والجماعة وأهل الحديث وأهل الحق والفرقة الناجية يتّقون الجدال في الله والخصومات لأن الجدال يؤدي إلى المراء والخصومات ويؤدي إلى الشبه والشكوك، فأهل الحق يجتنبون الجدال، إلا إذا كان جدالاً بالحق لإيضاح الحق ورد الباطل بدون مفسدة، أما إذا كان جدالا عقيما لا يحق حقاً ولا يبطل باطلاً فهذا يُترك.
وكذلك الخصومات والنزاعات لأنها تؤدي إلى البغضاء والعداوة وتنافر القلوب، ويجتنبون أهل البدع والضلالات ويعرضون عنهم ويعادون أصحاب الأهواء والجهالات، هذه طريقة أهل السنة والجماعة وأهل الحق وأهل الحديث يبتعدون عن أهل البدع ويعادون أصحاب الأهواء والبدع.
(المتن)
(الشرح)
من أوصاف أهل الحديث وأهل السنة أنهم يقتدون بالنبي ﷺ وبأصحابه يقتدون بالنبي ﷺ ويعملون بسنته وبكتاب ربهم وإذا لم يكن في المسألة في السنة عملوا بسنة الخلفاء الراشدين وإذا لم يوجد سنة للخلفاء الراشدين ووجد قول صحابي وليس له معارض من صحابي آخر يقولون اعملوا به.
أما قول المؤلف رحمه الله: الذين هم كالنجوم بأيّهم اقتدوا اهتدوا كما كان رسول الله ﷺ يقول فيهم يشير إلى الحديث حديث: أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ؛ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ. هذا حديث ضعيف باطل سنداً ومتناً، المحشي يقول: إنه موضوع ليس بموضوع لكنه حديث ضعيف جداً وباطل سنداً ومتناً، وهذا يستدل به الأصوليون.
أما سنداً فإنه لا يوجد صحيحاً في شيء من دواوين السنة.
وأما متناً فإن معناه غير صحيح لأنه إذا قال الصحابي قولا، الصحابي قال هذا حلال، قال مثلاً كابن عباس يرى أن ربا الفضل حلال، ويرى زيد بن ثابت أنه حرام، فمعنى الحديث: إن اقتديت بمن يقول حلال فأنت مهتد، وإن اقتديت بمن يقول: إنه حرام فأنت مهتد هذا باطل قولان متناقضان فلا يصح -هذا الحديث باطل- لأنه إذا قال الصحابي قولاً وقال آخر قولاً يناقضه فكيف معنى هذا الحديث أن من أخذ بالقول المحرم فهو مخطئ وقول المحلل فهو مهتدِ وهذا باطل لأنهما قولان المتناقضان، والصحابي إذا قال قولاً وعارضه صحابي آخر تعارضا فتساقطا نرجع إلى الأصول نرجع إلى أصول السنة نرجع إلى قواعد الشريعة وأصولها، نطلب دليل آخر
أما إذا قال الصحابي قولاً واشتهر ولم يعارضه أحد فهو حجة، أما إذا قال قولاً وخالفه آخر لا تعارضا فتساقطا، فهذا الحديث ليس بصحيح وهو: أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ.
ويقتدون بالسلف الصالح من أئمة الدين وعلماء المسلمين، ويتمسكون بما كانوا به متمسكين من الدين المتين والحق المبين، هذا طريق أهل السنة والجماعة يقتدون بالسلف الصالح من الصحابة والتابعين والعلماء ويتمسكون بما هم عليه من الدين المتين والحق المبين.
(المتن)
ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه ولا يحبّونهم ولا يصحبونهم ولا يسمعون كلامهم ولا يجالسونهم ولا يجادلونهم في الدين ولا يناظرونهم ويرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرت بالآذان وقرّت في القلوب ضرّت، وجرّت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرّت.
وفيه أنزل الله قوله: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ.
(الشرح)
من آداب أهل الحديث وأهل السنة أنهم يبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه، البدعة هي كل ما أحدث في الدين ما ليس منه.
يبغضون أهل البدع ولا يحبونهم لمخالفتهم للسنة ولا يصحبونهم لا يتخذونهم أصحاباً ولا يسمعون كلامهم ولا يجالسونهم ولا يجادلونهم في الدين خشية الشبه، ولا يناظرونهم ويرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرت بالآذان وقرّت في القلوب ضرّت وجرّت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما الله به عليم، هكذا شأن أهل السنة يبتعدون عن أهل البدع، لا يجالسونهم ولا يسمعون كلامهم ولا يتخذونهم أصحابا ولا يعودون مريضهم، ولا يشهدون جنازتهم ويصونون آذانهم عن سماع الشبه لأنها إذا وصلت إلى الأذن وقرّت في القلب ضرّت وأحدثت الوساوس والخطرات الفاسدة، ولهذا أنزل الله يقول المؤلف وفيه أنزل الله تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ. فأهل البدع يخوضون في آيات الله بغير بصيرة فيجب الإعراض عنهم.
(المتن)
(الشرح)
هذه علامات أهل البدع يقول المؤلف رحمه الله علامات أهل البدع بادية على أهلها وظاهرة ومن أظهر آياتهم وعلاماتهم شدة معاداتهم لأهل السنة والجماعة هذه من علامات أهل البدع من أشد علاماتهم شدة معاداتهم لأهل السنة والجماعة وهم حملة أخبار النبي ﷺ واحتقارهم لهم واستخفافهم بهم ولهذا ينبزونهم بالألقاب الشنيعة فيسمّونهم حشوية وجهلة وظاهرية ومشبّهة.
فالمعطلة الجهمية والمعتزلة يسمون أهل السنة مشبهة لأنهم يثبتون الصفات، والروافض يسمونهم النواصب وقد يسمونهم حشوية، سيأتي فصل المؤلف رحمه الله أن كل طائفة تنبز أهل السنة بلقب لأنهم يعتقدون بأن أخبار الرسول لا تفيد العلم، وأن العلم هو ما يلقيه الشيطان إليهم من نتائج عقولهم الفاسدة ونحاتة أفكارهم وزبالة أذهانهم ووساوس صدورهم المظلمة، وأما الأحاديث والنصوص فإنها تُعزل لا تفيد العلم لأنها ظواهر لفظية لا تفيد اليقين، أما الذي يفيد اليقين هي الأدلة العقيلة، ويسمونها قواطع عقلية وبراهين يقينية، وأما الكتاب والسنة فظواهر لفظية لا تفيد اليقين، هكذا سول لهم الشيطان.
ولهذا يقول المؤلف رحمه الله: يرون أن العلم ما يلقيه الشيطان إليهم من نتائج عقولهم الفاسدة ووساوس صدورهم المظلمة وهواجس قلوبهم الخالية من الخير وحججهم العاطلة بل شبههم الداحضة الباطلة، ثم قال: أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ، يعني يدخلون في عموم الآية، هذه الآية للكفرة لكن يدخل فيها المبتدعة: وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ. هؤلاء تركوا السنة فأهانهم الله.
(المتن)
(الشرح)
وهذه من علامات أهل البدع، المبتدع يبغض أهل الحديث لأن أهل الحديث يعملون بالسنة، وإذا ابتدع الرجل نزعت حلاوة الحديث في قلبه، ولهذا صاروا في حيرة وفي شكوك أهل البدع حتى إنهم حاروا في آخر آمرهم، ولهذا ذكر الإمام الرازي رحمه الله أنه حار و حصل له حيرة وقال هذه الأبيات المعروفة:
نِهَـايَةُ إِقْـدَامِ العُقُـولِ عِـقَالُ | وَأَكْثَرُ سَعْيِ العَالَمِينَ ضَـلاَلُ |
وَأَرْوَاحُنَا فِي وَحْشَةٍ مِنْ جُسُومِنَا | غَايَةُ دُنْيَانَا أَذَىً وَوَبـَـالُ |
وَلَمْ نَسْتَفِدْ مِنْ بَحْثِنَا طُولَ عُمْرِنَا | سِوَى أَنْ جَمَعْنَا فِيهِ قِيلَ وَقَالُوا |
لكنه تاب في آخر حياته كما ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في بيان (35:35) وترحّم عليه.
والشيخ الثاني المعروف الشهرستاني له كتاب في الفرق في الملل والنحل يقول:
لَقَدْ طُفْت في تِلْكَ المَعاهِدِ كُلِّها | وسيَّرتُ طرفي بينَ تلكَ المعالمِ |
فَلَمْ أَرَ إلاَّ واضِعاً كَفَّ حَيْرَة | على ذَقَنٍ، أَو قارِعاً سِنَّ نادِمِ |
بسبب الحيرة هكذا حصلت لهم الحيرة عندهم شكوك وأوهم وليس عندهم يقين ولهذا تجد الواحد في حيرة والعياذ بالله.
(المتن)
(الشرح)
هذا الأثر عن الإمام أحمد رحمه الله لما قال ابن أبي قتيلة سُئل عن أصحاب الحديث فقال: أصحاب الحديث قوم سوء، فالإمام أحمد إمام أهل السنة والجماعة قام وهو ينفض ثوبه ويقول: زنديق زنديق زنديق يعني: هذا الرجل الذي تكلم في أصحاب الحديث زنديق، والزنديق هو المنافق والعياذ بالله،كانوا في الصدر الأول يسمون منافقين، ثم بعد ذلك في زمان الإمام أحمد وبعده كان يُسمى المنافق زنديقا، وهي كلمة فارسية معرّبة زنديق يعني المنافق، وصار في زمننا يسمى الآن علماني -العلماني هو المنافق- العلمانيون هم المنافقون هم الزنادقة، المنافقون في زمن النبي ﷺ كانوا يسمَّون المنافقين عبد الله بن أُبي كانوا يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، ثم بعد ذلك صاروا يسمون زنادقة، ويطلق الزنديق على الملحد، ثم صار في زماننا يسمى علماني العلماني هو المنافق والعلمانون هم المنافقون، والعلمانيون الآن منتشرون بين المسلمين ويحاولون الدس على الإسلام والمسلمين وإفساد المسلمين، يحاولون أن تكون المرأة متفسخة أن تكون المرأة عارية، يحاولون إفساد المرأة فالعلمانيون هم المنافقون لنفاقهم وخبث قلوبهم، يودون أن يفسد الإسلام والمسلمون ويريدون إفساد المرأة بخروجها عارية متبرجة بين النساء، تقود السيارة تنتشر وتختلط بالرجال حتى يفسد المجتمع إذا فسدت المرأة فسد المجتمع، لأنهم لا دين عندهم العلمانيون منافقون زنادقة، لكنهم لا يستطيعون إظهار ما هم عليه من الكفر والنفاق بسبب قوة المسلمين، فلو أظهروا كفرهم الصريح يخشون على رقابهم أن تُقطع لأن المؤمنين كثيرون وأهل الخير كثيرون ولو أظهر كفره أخذوه وأوصلوه إلى المحكمة وقُطعت رقبته، فهو لا يستطيع تجده يخفي كفره، ويحاول الإفساد وإدخال الشر على المسلمين.
(المتن)
(الشرح)
وهذا الأثر أخرجه الحاكم في مؤلفه (علوم الحديث) والخطيب البغدادي، يقول أبا نصر ليس شيء أثقل على أهل الإلحاد، ولا أبغض إليهم من سماع الحديث وروايته بإسناده؛ لأن الحديث يلزمهم بالعمل هم لا يريدون أن يتقيدوا بالشريعة، والمنافقون الزنادقة لا يعملوا بالشريعة يعملون بأهوائهم وآرائهم، والحديث يقيدهم، فأبغض شيء عليه سماع الآيات وسماع الحديث، إذا قلت له هذا دليل من القرآن والسنة هذا كان صاعقة عليه –والعياذ بالله- لخبثه بسبب النفاق -والعياذ بالله-
(المتن)
(الشرح)
وهذا الإسناد أخرجه الحاكم في (معرفة علوم الحديث) وذلك أن أبا بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه يناظر رجلاً فقال أبو بكر رحمه الله حدّثنا فلان يريد الحديث فكان عنده رجل منافق قال دعنا دعنا من حدّثنا، إلى متى حدّثنا؟ غضب الشيخ ومن شدة غضبه واندفاعه قال له قم يا كافر، تُنكر الحديث، قال دعنا من حدّثنا حدّثنا إلى متى حدّثنا، اتركنا من حدّثنا، فقال له قم يا كافر اخرج من بيتي لا يحلّ لك أن تدخل داري أبداً بعد هذا، ثم التفت الشيخ أبو بكر وقال ما قلت لأحد قم من داري إلا لهذا الرجل مع أن هذا الرجل قد لا يكون منافقاً، من شدة غضبه ومن شدة اندفاعه ، وإلا قد لا يكون منافقا هذا الرجل وقد لا يكون كافراً، لكن قد يكون عنده ضعف في الإيمان أو أنه جاهل أو غاضب، لكن من شدة إنكار أبي بكر رحمه الله وشدة غضبه عليه رماه بالكفر قال قم يا كافر، وهذا لا بأس به يعني كون الإنسان يُرمى بالكفر بسبب ما يصدر منه -لأنه قاله متأولاً-، مثل لما حصل لبعض الصحابة حاطب بن أبي بلتعة قال يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق فإنه قد خان الله ورسوله، هو ليس منافق لكن عمر تأول بسبب فعله، لكن لو قال شخص لشخص بدون سبب يا كافر هذا لا يجوز هذا من الكبائر، ولهذا قال النبي ﷺ: إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا وقال عليه الصلاة والسلام: سِبَابُ الْمُسْلِم فُسُوقٌ وَقِتالُهُ كُفْرٌ هذا بدون تأويل إذا رمى به بالكفر هذا لا يجوز هذا فسق، لكن بسبب التأويل إذا عمل عملاً ينافي السنة ويخالف السنة وقال يا كافر متأولاً، هذا لا يدخل في هذا الوعيد ، مثل ما فعل أبو بكر بن إسحاق قال دعنا من حدّثنا قال قم يا كافر قال من باب التأويل من شدة غصبه أما رجل يسب بالكفر من دون تأويل هذا لا يجوز هذا من الكبائر وهو الذي جاء في الحديث إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا .
(المتن)
(الشرح)
هذا الكلام من الإمام أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي الرازي إمام معروف رحمه الله يقول: إن أهل البدع لهم علامات الوقيعة في أهل الأثر يقعون في أهل الحديث يعني يغتابونهم ويسبّونهم ويعيبونهم ويتنقصونهم، إذا رأيت الرجل يتنقص أهل الحديث فاعلم أنه مبتدع، وعلامة الزنادقة يعني الزندقة والنفاق تسميتهم أهل الأثر حشوية، يسميه المؤلف حشوية الشيء الحشو الذي لا قيمة له، يريدون بذلك إبطال الأثر، وعلامة القدرية الذين ينكرون عموم قدر الله حتى يشمل أفعال العباد يسمون أهل الأثر مجبرة أهل الحديث يسمونهم مجبرة، وهؤلاء يقولون: إذا كان الله يخلق المعصية ويعذب عليها فالعبد يكون مجبوراً، وهم يقولون: إن العبد هو الذي يخلق فعل نفسه يسمون أهل السنة مجبرة، وعلامة الجهمية تسميتهم أهل السنة مشبهة.
الجهمية والمعتزلة وغيرهم من الذين ينكرون الأسماء والصفات، يقولون: للذي يثبت الأسماء والصفات أنت مشبه قد شبهت الله بخلقه.
وعلامة الرافضة تسميتهم أهل الأثر نابتة، الشيء النابت الذي لا قيمة له بين الزرع، ويسمونهم ناصبة يعني ينصبون العداوة لأهل البيت، هم لا ينصبون العداوة لأهل البيت أهل السنة يحبون أهل البيت ويحبون الصحابة، لكن هؤلاء الرافضة يكفّرون الصحابة ويعبدون آل البيت، ومن يتولى الصحابة يسمونه ناصباً أي ينصب العداوة لأهل البيت هم كذبة في هذا.
(المتن)
قلت: وكل ذلك عصبية ولا يلحق أهل السنة إلا اسم واحد وهو أصحاب الحديث.
قلت: أنا رأيت أهل البدع في هذه الأسماء التي لقبوا بها أهل السنة، سلكوا معهم مسلك المشركين مع رسول الله ﷺ، فإنهم اقتسموا القول فيه فسماه بعضهم ساحراً وبعضهم كاهناً وبعضهم شاعراً وبعضهم مجنوناً وبعضهم مفتوناً وبعضهم مفترياً مختلطاً كذاباً وكان النبي ﷺ من تلك المعائب بعيداً بريئاً، ولم يكن إلا رسولاً مصطفىً نبياً قال الله : انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا.
كذلك المبتدعة خذلهم الله اقتسموا القول في حملة أخباره ونقلة آثاره وراة آحاديثه المقتضين بسنته فسماهم بعضهم حشوية وبعضهم مشبّهة وبعضهم نابتة وبعضهم ناصبة وبعضهم جبرية، وأصحاب الحديث عصامة من هذه المعائب برية نقية زكية تقية وليسو إلا أهل السنة المضية والسيرة المرضية والسبل السوية والحجج البالغة القوية، قد وفّقهم الله لاتّباع كتابه ووحيه وخطابه والاقتداء برسوله ﷺ في أخباره التي أمر فيها أمته بالمعروف من القول والعمل وزجرهم فيها عن المنكر منها وأعانهم على التمسك بسيرته والاهتداء بملازمة سنته، والشرح صدورهم لمحبته ومحبة أئمة شريعته وعلماء أمته، ومن أحب قوماً فهو منهم يوم القيامة بحكم رسول الله ﷺ: المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ.
(الشرح)
يقول المؤلف رحمه الله أبو عثمان الصابوني قلت أنا وكل ذلك عصبية يعني قول أهل البدع يسمون أهل السنة مجبرة ومشبهة ونابتة وناصبة هذا عصبية منهم، ولا يلحق أهل السنة إلا اسم واحد وهو أصحاب الحديث، أهل السنة لا تلحقهم هذه الأسماء الذميمة لا يلحقهم إلا اسم واحد وهو أصحاب الحديث أهل السنة والجماعة أهل الحق أهل الاستقامة.
قال المؤلف رحمه الله قلت أنا رأيت أهل البدع بهذه الأسماء التي لقبوا بها أهل السنة ولا يلحقهم شيئا فضل من الله ومنة سلكوا معهم مسلك المشركين لعنهم الله، مع رسول الله ﷺ، يقول أن أهل البدع الآن يشبهوا بالمشركين كيف ذلك؟ المشركون لقبوا النبي ﷺ بألقاب سيئة وهو بريء منها قالوا عن الرسول ﷺ إنه ساحر وقالوا إنه مجنون وقالوا إنه شاعر ولا تلحقه هذه الصفات هو الرسول ﷺ المصطفى والنبي المجتبى، كذلك أهل السنة والجماعة قالوا عنهم نابتة حشوية ناصبة ولا يلحقهم إلا الاسم الحق وهو أهل السنة الجماعة أهل الحديث.
ولهذا قال المؤلف قال أبو عثمان قلت أنا رأيت أهل البدع في هذه الأسماء التي لقبوا بها أهل السنة لقبوهم حشوية مشبهة ولا يلحقهم شيء منها فضل من الله ومنة سلكوا معهم مسلك المشركين لعنهم الله مع رسول الله ﷺ، فإنهم اقتسموا القول فيه يعني سماهم رسول الله ﷺ المشركين فسماه بعضهم ساحراً وبعضهم كاهناً وبعضهم مجنوناً وبعضهم مفتوناً وبعضهم مفترياً مخترقاً كذاباً وكان النبي ﷺ من تلك المعائب بعيداً بريئاً ولم يكن إلا رسولاً مصطفى نبياً، قال الله : انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا.
إذاً المشركون وصفوا النبي ﷺ بأوصاف ذميمة ولا تلحقه فيقول المؤلف وكذلك المبتدعة خذلهم الله اقتسموا القول في حملة أخباره ونقلة آثاره ورواة أحاديثه حملة أخباره أخبار الرسول ﷺ ونقلة آثاره آثار الرسول ﷺ ورواة أحاديثه المقتدين به المهتدين بسنته المعروفين بأصحاب الحديث يعني هؤلاء المبتدعة وصفوا أصحاب الحديث بصفات ذميمة كما أن الكفرة وصفوا النبي ﷺ بصفات ذميمة فسماه بعضهم حشوية لا قيمة لهم وبعضهم سماهم مشبهة وبعضهم سماهم نابتة وبعضهم سماهم ناصبة وبعضهم سماهم جبرية وأصحاب الحديث بريئون من هذه الصفات الذميمة.
ولهذا قال وأصحاب الحديث عصامة من هذه المعائب معصومون من هذه المعائب هم بريئون أنقياء أتقياء وليسو إلا أهل السنة المضيّة والسيرة المرضية والسبل السويّة والحجج البالغة القوية قد وفقّهم الله جل وعلا باتباع كتابه ووحيه وخطابه والاقتداء برسوله ﷺ في أخباره التي أمر فيها أمته بالمعروف من القول والفعل وزجرهم فيها عن المنكر منها وأعانهم على التمسك بالسيرة والاهتداء بملازمة سنته وجعلهم من أتباع أقرب أوليائه وأكرمهم وأعزهم عليه وشرح صدورهم لمحبته ومحبة أئمة شريعته وعلماء أمته هكذا وصف أهل السنة، شرح الله صدورهم للعمل بالسنة ومحبة النبي ﷺ وأصحابه، ومن أحب قوماً فهو معهم يوم القيامة لقول رسول الله ﷺ المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ. وهذا الحديث رواه الشيخان البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أنس أن النبي ﷺ قال المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ. قال أنس: إنه فرح بهذا الحديث(53:25) الصحابة، فقال أنس: فأنا أحب رسول الله وأحب أبا بكر وعمر وأرجو أن أُحشر معهم، فالمرء مع من أحب والمعنى أن الإنسان إذا أحب أحداً فإنه يجاهد نفسه حتى يعمل بعمله فمن يحب رسول الله ﷺ والصحابة يجاهد نفسه في العمل بسنته وإلا يكون دعوى والإنسان الذي يعمل البدع ويقول: أنا أحب رسول الله ﷺ هذا كذاب يعمل بدع ويترك السنن ويقول أنا أحب الرسول ﷺ وأحب الصحابة؟! ليس هذا صحيح، قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ لكن الصادق هو الذي يعمل ويجاهد نفسه يعمل بالسنة ويقتدي بالرسول ﷺ والصحابة فإذا حصل نقص فإن هذه المحبة تجبر هذا النقص، أما أن يكون يعرض عن السنة ويعرض عن الكتاب ويدّعي المحبة فهذا باطل، ولمّا ادّعى قوم محبة الرسول ﷺ امتحنهم الله وأنزل هذه الآية: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ
قال العلماء هذه الآية آية امتحان واختبار هذا ميزان الذي يدّعي محبة الرسول ﷺ عندنا ميزان إن كان متّبعاً للرسول ﷺ فهو صادق في محبة الله، وإن كان لا يتّبع الرسول ﷺ فهو كاذب.
(المتن)
(الشرح)
هذه علامات أهل السنة أنهم يحبون أئمة السنة وعلماءها وأنصارها وأولياءها ويبغضون أهل البدع وإذا رأيت الرجل يحب أهل السنة ويحب الأئمة العلماء كالإمام أحمد والبخاري والشافعي ومالك وأبي حنيفة وسفيان الثوري و.. وغيرهم من أهل الحديث هذا دليل على أنه من أهل السنة، يحب أئمة السنة والعلماء وأنصار السنة والأولياء ومن علاماتهم أيضاً أنهم يبغضون أئمة البدع الذين يدعون إلى النار ويدلّون أصحابهم على دار البوار الله تعالى زين قلوب أهل السنة ونورها بحب علماء السنة، فضلاً منه وإحسانا.
(المتن)
أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ أسكنه الله وإيانا الجنة قال: حدّثنا محمد بن إبراهيم بن الفضل المزكى قال: حدّثنا أحمد بن سلمة، قرأ علينا أبو رجاء قتيبة بن سعيد كتاب الإيمان له، فكان في آخره: فإذا رأيت الرجل يحب سفيان الثوري ومالك بن أنس والأوزاعي وشعبة وابن المبارك وأبا الأحوص وشريكا ووكيعا ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي فاعلم أنه صاحب سنة.
قال أحمد بن سلمة رحمه الله فألحقت بخطي تحته ويحيى بن يحيى وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه فلما انتهى إلى هذا الموضع نظر إلينا أهل نيسابور وقال: هؤلاء القوم يتعصبون ليحيى بن يحيى فقلنا له: يا أبا رجاء ما يحيى بن يحيى؟ قال: رجل صالح إمام المسلمين وإسحاق بن إبراهيم إمام وأحمد بن حنبل أكبر ممن سميتهم كلهم.
وأنا ألحقت بهؤلاء الذين ذكرهم قتيبة رحمه الله أن من أحبهم فهو صاحب سنة من أئمة الحديث الذين بهم يقتدون وبهديهم يهتدون ومن جملتهم ومتّبعيهم وشيعتهم أنفسهم يعدّون.
(الشرح)
يقول المؤلف رحمه الله ذكر هذا الأثر رواه الحاكم رحمه الله عن أبي رجاء أنه كتب في آخره فإذا رأيت الرجل يحب هؤلاء المحدّثين وهؤلاء الأئمة فاعلم أنه من أهل السنة من صاحب سنة إذا رأيت رجل يحب سفيان الثوري المحدث المشهور واسمه سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ومالك بن أنس الإمام المشهور إمام دار الهجرة والأوزاعي وشعبة وعبد الله بن المبارك الإمام المشهور وأبو الأحوص وشريكا ووكيعا ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي فاعلم أنه صاحب سنة لأن هؤلاء أئمة الحديث وعلماء.
قال أحمد بن سلمة بخطه تحته يعني زاد أئمة آخرين قال ويحيى بن يحيى وأحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم بن راهويه فلما انتهى إلى هذا الموضع قال هؤلاء القوم يبغضون يحيى بن يحيى فقيل له يا أبا رجاء ما يحيى بن يحيى قال رجل صالح إمام المسلمين وإسحاق بن راهوية إمام وأحمد بن حنبل أكبر ممن سميتهم كلهم.
وأنا ألحقت بهؤلاء الذين ذكر قتيبة رحمه الله أن من أحبهم فهو صاحب سنة من أئمة الحديث الذين بهم يقتدون وبهديهم يهتدون ومن جملتهم وشيعتهم أنفسهم يعدّون، يعني أن من أحب أنصار السنة أهل الحديث والأئمة والعلماء هذا دليل على إيمانه وتقواه وأنه من أهل السنة وإذا كان يبغض هؤلاء ويحب أهل البدع هذا يدل على أنه من أهل البدع، ومن يحب الدعاة وأهل الخير والعلماء والمصلحين والأئمة في القديم وفي الحديث هذا دليل على أنه من أهل السنة ودليل على إيمانه وتقواه ومن أبغض أهل الحديث وأهل الخير والدعاة والمصلحين والأئمة هذا دليل على نفاقه، ولهذا جاء في الحديث: حب الأنصار إيمان، وَبُغْضُهُم كُفْرٌ ونِفَاقٌ وطُغْيَانٌ علامة الإيمان حب الأنصار وعلامة النفاق بغض الأنصار، الأنصار في زمن النبي ﷺ هم الأوس والخزرج وكذلك أنصار دين الله في كل زمان فمحبتهم دليل على الإيمان وبغضهم دليل على الكفر، فالذي يبغض الأنصار أنصار دين الله من الدعاة والمصلحين والأئمة والعلماء في كل زمان هذا دليل على النفاق والذي يحب الأنصار والدعاة إلى الله والمصلحين وأهل الحق وأهل السنة والجماعة هذا دليل على إيمانه، حب الأنصار دين وإيمان وبغضهم كفر ونفاق في كل زمان.
(المتن)
(الشرح)
المؤلف رحمه الله شافعي وإلا فإن الإمام أحمد كذلك وقف موقفاً عظيماً في مقام بمقام المعتزلة الذين قالوا في خلق القرآن ولم يفعل هذا أحد قبله ولا بعده من ميله للشافعي لأن المؤلف شافعي الصابوني رحمه الله.
(المتن)
منهم محمد بن إدريس الشافعي المطلبي المطلبي الإمام المقدم والسيد المعظم العظيم المنّة على أهل الإسلام والسنة، الموفق الملقن الملهم المسدد، الذي عمل في دين الله وسنة رسوله ﷺ من النصر لهما والذب عنهما ما لم يعمله أحد من علماء عصره ومن بعدهم.
ومنهم الذين كانوا قبل الشافعي رحمه الله كسعيد بن جبير والزهري والشعبي والتيمي ومن بعدهم كالليث بن سعد والأوزاعي والثوري وسفيان بن عيينة الهلالي وحماد بن سلمة وحماد بن زيد ويونس بن عبيد وأيوب وابن عون ونظرائهم.
ومن بعدهم مثل يزيد بن هارون وعبد الرزاق وجرير بن عبد الحميد.
ومن بعدهم مثل محمد بن يحيى الذهلي ومحمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج القشيري وأبي داوود السجستاني وأبي زرعة الرازي وأبي حاتم وابنه ومحمد بن مسلم بن وارة ومحمد بن أسلم الطوسي وعثمان بن سعيد الدارمي ومحمد بن إسحاق بن خزيمة الذي كان يدعى إمام الأئمة، ولعمري كان إمام الأئمة في عصره ووقته.
(الشرح)
ينبغي أن يقيد إمام الأئمة في عصره وإلا إمام الأئمة بالإطلاق هو الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن يقال إمام الأئمة في عصره وزمانه، يسمى محمد بن إسحاق بن خزيمة إمام الأئمة يعني في عصره.
(المتن)
(الشرح)
هؤلاء الأئمة كلهم من أئمة أهل الحديث وكلهم علماء وأجلة كلهم من أهل السنة والجماعة كلهم لهم جهود مشكورة في مناصرة السنة ونبذ البدعة فمحبتهم دليل على الإيمان وبغضهم دليل على النفاق، وعبد الرزاق هو ابن همام الصنعاني، وجرير بن عبد الحميد الضبي كل هؤلاء محبتهم دين وإيمان وبغضهم كفر ونفاق.
(المتن)
(الشرح)
يقول المؤلف رحمه الله وهذه الجمل التي أثبتها في هذا الجزء يعني في هذه الرسالة (عقيدة السلف وأصحاب الحديث) ما مضى من معتقد أصحاب الحديث يقول هؤلاء الأئمة الذين ذكرتهم كلهم يعتقدون ما في هذه الرسالة التي ذكرتها لا يخالف بعضهم فيها بل أجمعوا عليها ولم يثبت أحد منهم ما يضادها، واتفقوا مع هذا على قهر أهل البدع وإذلالهم وإخزائهم وإبعادهم والتباعد منهم ومن مصاحبتهم والتقرب إلى الله ومجانبتهم ومهاجرتهم هؤلاء الأئمة الذين ذكرهم المؤلف رحمه الله يقول هم يعتقدون ما ذكرته في هذه الرسالة من عقيدة السلف وأصحاب الحديث وهم مع ذلك يعادون أهل البدع ويجانبونهم ويتقربون إلى الله بهجرهم وإقصائهم.
(المتن)
(الشرح)
فيه سقط عندك. قال ﷺ: إِنَّ الإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى المَدِينَةِ، كَمَا تَأْرِزُ الحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا، وقال ﷺ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يَقُولَ أَحَدٌ فِي الْأَرْضِ اللَّهُ اللَّهُ.
يقول المؤلف رحمه الله قال الأستاذ الإمام هو الصابوني، والذي قال الأستاذ الراوي عنه الأستاذ الإمام المقصود بها الصابوني صاحب عقيدة السلف والذي يقول قال الإمام الراوي عنه الذي روى عنه، يقول من كلام المؤلف رحمه الله وأنا بفضل الله متّبع لآثار الأئمة الذين ذكرت مستضيء بأنوارهم، وأنصح إخواني أن يتّبعوا أهل السنة والجماعة، ولا يشتغلوا بالمحدثات من البدع التي ظهرت وانتشرت، فإن هذه البدع لو جرت وظهرت في عصر أولئك الأئمة، كعصر الإمام أحمد والشافعي لهجروا صاحبها وبدعوه وكذبوه وأصابوه بكل سوء ومكروه ولا يغرّن إخواني حفظهم الله كثرة أهل البدع ووفور عددهم فلا تغتر بكثرة أهل البدع وكثرة العصاة فإن كثرة أهل البدع وكثرة العصاة هو دليل على قرب قيام الساعة لأنه في آخر الزمان تكثر البدع وتنتشر، وقد قال الرسول ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري في صحيحه ومسلم أيضاً وغيرهما: إِنَّ مِن عَلَامَاتِ السَّاعَةِ أّن يّقِلَّ العِلْمُ، وَيَكْثُرُ الجَهْلُ، ويَقِلَّ الرِّجالُ، وتَكْثُرَ النِّساءُ؛ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً قَيِّمٌ وَاحِدٌ رواه البخاري في صحيحه يقول المؤلف والعلم هو السنة، والجهل هو البدعة، النبي ﷺ أخبر أن اقتراب الساعة قلة العلم وكثرة الجهل والعلم السنة والجهل البدعة وقال الرسول ﷺ: إِنَّ الإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى المَدِينَةِ، كَمَا تَأْرِزُ الحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا، يعني هذا في آخر الزمان هذا الحديث صحيح متفق عليه أخرجه الشيخان وغيرهما.
وفي الحديث الآخر: لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يَقُولَ أَحَدٌ فِي الْأَرْضِ اللَّهُ اللَّهُ.، وهذا الحديث رواه مسلم في صحيحه وهذا في آخر الزمان لا تقوم الساعة إلا بعد قبض أرواح المؤمنين والمؤمنات فإنه لا يبقى فيها إلا الكفرة لا يعرفون الله ولا يذكرون الله فعليهم تقوم الساعة.
(المتن)
ومن تمسك اليوم بسنة رسول الله ﷺ وعمل بها واستقام عليها ودعا بالسنة إليها كان أجره أوفر وأكثر من أجر من جرى على هذه الجملة في أوائل الإسلام والملة، إذ الرسول المصطفى ﷺ قال: لَهُ أَجرُ خَمسِينَ، فقيل: خمسين منهم؟ قال: بَل مِنكُم، وإنما قال ﷺ ذلك لمن يعمل بسنته عند فساد أمته.
وجدت في كتاب الشيخ الإمام جدي أبي عبد الله محمد بن عدي بن حمدوية الصابوني رحمه الله، قال: أخبرنا أبو العباس الحسن بن سفيان النسوي قال أخبرنا أن العباس بن صبيح حدّثهم قال: حدّثنا عبد الجبار بن مظاهر قال: حدّثني معمر بن راشد قال: سمعت ابن شهاب الزهري يقول: تعليم سنة أفضل من عبادة مائتي سنة.
(الشرح)
يقول من تمسك اليوم بسنة رسول الله ﷺ وعمل بها واستقام عليها ودعا بالسنة إليها كان أجره أوفر وأكثر من أجر من جرى على هذه الجملة في أوائل الإسلام يعني إن المتمسك بالسنة عند الفساد وعند ظهور البدع أجره مضاعف، ويدل على هذا الحديث: مَن تَمَسَكَ بِسُنَّتِي عِندَ فَسَادِ أُمَّتِي كَانَ لَهُ أُجرُ خَمسِينَ فقالوا: يا رسول الله! خمسين منا أو منهم، قال: مِنكُم، وفي اللفظ الآخر: تَجِدُونَ عَلَى الْخَيْرِ أَعْوَانًا وَلَا يَجِدُونَ عَلَى الْخَيْرِ أَعْوَانًا والحديث يقول المحشي أنه صحيح لا بأس فيه أخرجه أبو داود وابن ماجة وابن حبان وصححه الألباني، وفي لفظ الترمذي: إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ قيل: يا رسول الله! أجر خمسين منا أو منهم؟ قال: بَل أَجرُ خَمسِينَ مِنكُم والمعنى أنه يعطى أجر خمسين من الصحابة.
في هذه المسألة وهي التمسك بالسنة وليس معنى ذلك أنه أفضل من الصحابة لا، الصحابة لهم مزية الصحبة ولا يلحقهم من بعدهم فيها، مزية الصحبة والجهاد مع النبي ﷺ وتبليغ الدين وشرع الله، هذه لا يلحقهم من بعدهم إلى يوم القيامة لكن في هذه القضية مسألة التمسك بالسنة ولهذا قال النبي ﷺ: تَجِدُونَ عَلَى الْخَيْرِ أَعْوَانًا وَلَا يَجِدُونَ عَلَى الْخَيْرِ أَعْوَانًا هذه مزية خاصة.
والقاعدة عند أهل العلم تقول إن المزية الخاصة لا تقضي على الفضائل العامة وفضيلة التمسك فضيلة واحدة لكن الصحابة لهم فضائل كثيرة مثل مزية إبراهيم أول من يكسى يوم القيامة والنبي ﷺ أفضل مثل مزية موسى قال النبي ﷺ: إنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَومَ القِيامَةِ، فأكُونُ أوَّلَ مَن يُفِيقُ، فإذا أنا بمُوسَى آخِذٌ بقائِمَةٍ مِن قَوائِمِ العَرْشِ، فلا أدْرِي أفاقَ قَبْلِي أمْ جُوزِيَ بصَعْقَةِ الطُّورِ، وهذه منقبة خاصة لموسى، والمناقب الخاصة لا تقضي على المناقب العامة، فليس معنى ذلك أنه أفضل من نبينا ﷺ.
وذكر الحديث تعليم السنة أفضل من عبادة مائتي سنة، يقول المحقق: لم نقف عليه عند هذا اللفظ إن ورد في الآثار بمعنى هذا، منها: قول الزهري: ما عُبد الله بمثل الفقه، وقول الشافعي: طلب العلم أفضل من الصلاة النافلة وهذا صحيح طلب العلم أفضل من الصلاة النافلة وأفضل من قيام الليل.
(المتن)
(الشرح)
وهذه القصة فيها أن أبا معاوية يحدّث هارون الرشيد حدّثه الحديث المشهور الصحيح رواه الشيخان وغيرهما أن النبي ﷺ قال: احتج آدم وموسى، فقال موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، فلماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ فقال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه كم وجدت كتب علي وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى قبل أن أخلق بأربعين سنة؟ قال: نعم. قال: النبي ﷺ: فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى حج آدم موسى يعني غلبه بالحجة.
لما حدّث بهذا الحديث قال رجل عنده: كيف هذا وبين آدم وموسى ما بينهما من المسافة؟ فوثب عليه هارون الرشيد أمير المؤمنين أنكر عليه وقال: يحدّثك عن رسول الله ﷺ وتعارضه بكيف؟! فما زال يقول: يحدّثك عن رسول الله ﷺ وتعارضه بكيف؟! حتى سكت.
يقول المؤلف رحمه الله الصابوني: هكذا ينبغي للمرء أن يعظم أخبار الرسول ﷺ ويقابلها بالقبول والتسليم والتصديق وينكر أشد الإنكار على من يسلك فيها غير هذا الطريق الذي سلكه هارون الرشيد رحمه الله، فإنه أنكر عليه هذا، وقال: كيف تعترض على الخبر الصحيح الذي تسمعه بكيف؟! على طريق الإنكار له والابتعاد عنه، ولم يتلقه بالقبول، كما يجب أن يتلقى جميع ما يرد من الرسول ﷺ، هكذا ينبغي للمسلم أن يعظم السنة ولا يعترض عليها.
وهذه القصة تدل على أن هارون الرشيد كان من الصالحين، المحقق يقول: هذا والله مقام أميري ـ هارون الرشيد ذبّ عن سنة الرسول ﷺ وحمل على أهل البدع والأهواء ممن يشككون فيها، فهذا هو المقام الذي يليق بهارون الرشيد، لا ذلك المقام الذي وضعه فيه ذلك الشيعي الخبيث أبو الفرج الأصفهاني صاحب (كتاب الأغاني) من أنه معاقراً للخمر معاشراً للنساء غارقاً في الملذات، ومن أراد أن يعرف هارون الرشيد فليرجع إلى سيرته في كتب التاريخ الإسلامي لا في كتب الأشعار والأغاني فقد جاء في تاريخ الطبري وفي مقدمة ابن خلدون: أن هارون الرشيد كان يصلي في كل يوم مائة ركعة وكان يحج عاماً ويغزو عاماً ومن راجع سيرته عرف فضله وعلمه وزهده وعدله وخشيته لله .
(المتن)
(الشرح)
نسأل أن يتقبل دعوة المؤلف ونسأل الله أن يرزقنا التمسك بسنته ونسأل الله أن يثبتنا على دين الإسلام حتى الممات وأن يعيذنا من البدع والأهواء المضلة، وبهذا نكون انتهينا من هذه الرسالة المباركة في تسع جلسات تسعة دروس.