مقدمـة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين و لا عدوان إلا على الظالمين و أشهد أن لا إله إلا الله وحده و لا شريك له إله الأولين والأخرين و أشهد أن سيدنا و نبينا محمد عبد الله و رسوله و صفيه و خليله من خلقه ، وصلى الله و بارك عليه و على آله و صحبه و التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فإني أحم] الله إليكم و أثني عليه الخير كله و أسأله المزيد من فضله و أسأله سبحانه أن يصلح قلوبنا و أعمالنا و نياتنا و ذرياتنا كما أسأله أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماع مرحوما ، و أن يجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما و أن لا يجعل فينا و لا منا شقياً و لا محروما .
كما أسأله أن يجعل جمعنا هذا جمع خير و علم و رحمه تنزل عليه السكينة و تغشاه الرحمة و تحفه الملائكة و يذكره الله فيمن عنده .
لقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ:قال : وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ.
أيها الأخوان نحن في مجلس علم فنسأل الله أن يرزقنا جميعاً الإخلاص في العمل و المتابعة لنبيه ﷺ و العلم الشرعي تعلم العلم و تعليمه قربة و طاعة و عبادة بل هو من أجل القربات و الطاعات و العبادات و هو أفضل من نوافل العبادة كما قرَر ذلك أهل العلم و إذا كان كذلك فيجب على المتعلم و المعلم أن يحقق الإخلاص في طلبه للعلم و المتابعة لنبيه ﷺ، لأن العبادة و الطاعة لا تصح و لا تكون مقبولة و لا نافعة عند الله حتى يتحقق فيها هذان الأصلان ، أصلان العبادة و هما : الإخلاص و المتابعة ، الإخلاص لله و المتابعة لنبينا محمد ﷺ، قال الله تعالى في كتابه العظيم : فمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا والعمل الصالح هو ما كان موافقاً للشرع و العمل الذي ليس فيه شرك هو الخالص لله . قال وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ. وإسلام الوجه هو إخلاص العمل لله و الإحسان هو أن يكون العمل الموافق للشرع.
فينبغي للطالب العلم أن يجاهد نفسه على الإخلاص و أن يكون و أن يتذكر دائمًا أنه في عبادة و أنه يتعلم لأجل الله يريد به وجه الله و الدار الآخرة ، يتعلم لينقذ نفسه من الجهل ثم ينقذ غيره ، يتعلم حتى يرفع الجهل عن نفسه ثم يرفع الجهل عن غيره ، لأن الأصل في الإنسان أنه لا يعلم ، قال تعالى : وَاَللَّه أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُون أُمَّهَاتكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْع وَالْأَبْصَار وَالْأَفْئِدَة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.
ثم على طالب العلم أن يحرص حضور القلب و حسن الاستماع و تقييد الفوائد و المذاكرة مع إخوانه و زملائه و قراءة الدرس العملي قبل الشرح و بعد الشرح حتى يثبت العلم لا بد من العناية و لا بد من الحرص و الاستمرار لطلب العلم ، لأن العلم لا بد أن تعطيه كلك إذا أعطيته كلك أعطاك بعضه ، أما إذا أعطيته بعضك فلا يعطيك شيئاً .
العِلمُ صَيدٌ والكِتابةُ قَيدُهُ | قَيِّدْ صيودكَ بالحِبالِ الواثِقَة |
و المسلم الذي وفقه الله للعلم التعلم و التعليم هو على خير عظيم إذا أخلص النية لله .
و الأدلة و النصوص من كتاب الله تعالى و سنة رسوله ﷺ في فضل العلم و أهل العلم كثيرة ، قال تعالى : يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ. وقال عليه الصلاة و السلام : مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ. و ثبت في الصحيحين من حديث معاوية ابن أبي سفيان أن النبي ﷺ قال : مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا، يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وقال الله لنبيه ﷺ: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا.
والعلم كما هو معلوم ثلاثة أنواع : علم بالله و أسمائه و صفاته و أفعاله ، و علم بالأوامر و النواهي و الحلال و الحرام ، و علم بالجزاء الذي يكون في الآخرة .
و من العلم بالشرع بالأوامر و النواهي ما سنتدارسه في هذه الليلة في هذا اليوم و في هذا اليوم و في هذه الليلة بمشيئة الله و هي هذه الرسالة : رسالة التحقيق و الإيضاح لكثير من مسائل الحج و العمرة على ضوء الكتاب و السنة ، تأليف سماحة الوالد العلامة شيخنا عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله.
و العلماء كتبوا في الحج و العمرة و الفقهاء في كل مذهب يكتبون و يبوبون كتاب الحج و يبحثون مسائل الحج و فصوله في كتبهم في كل مذهب الأحناف و المالكية و الشافعية و الحنابلة و كتب العلماء في الحج و رسائل خاصة متعددة و كثيرة و كتب العلماء المعاصرون في الحج والعمرة لكن هذه الرسالة التي ألفها شيخنا رحمة الله عليه من أحسن ما كتب و من أوضحها عبارة و من أجمعها و قد تحرى رحمة الله عليه أن تكون هذه المسائل على ضوء الكتاب و السنة بقدر الإمكان و حسب الطاقة فرحمة الله عليه.
فسوف نقرأ هذه الرسالة إن شاء الله و نتدارسها و نسأل الله أن يفتح علينا و أن يوفقنا جميعاً للصواب و إن يسددنا و أن يغفر لنا الخطأ و الزلل.
و قبل أن نبدأ نحب نقدم بمقدمة مختصرة و هي أن من عزم على الحج ينبغي له أن يلاحظ أمور متعددة:
من هذه الأمور الإخلاص لله بأن أقصد وجه الله و الدار الآخرة ، يجاهد نفسه على الإخلاص ، و أن يكون حجة لله لا رياء و لا سمعة و لا مفاخرة و لا غير ذلك . لأن الحج عبادة و من أعظم العبادات و من أعظم القربات و ركن من أركان الإسلام فلا بد من الإخلاص و أن يحذر الإنسان أن يقصد بحجه الدنيا أو المرآءة قصد المال أو غير ذلك من المقاصد.
ومن الآداب أن ينتخب لحجه نفقة خالصة من الحرام و الشبهة لأن الحج عبادة عظيمة فلا بد أن تكون هذه النفقة في الحج نفقة من حلال و لأن المسلم إذا كانت نفقته حلالا و مطعمه حلالا و مشربه حلالا كان مستجاب الدعوة ، كما قال النبي ﷺ لسعد ابن أبي و قاص لما قال يا رسول الله ادعو الله أن يجعلني مستجاب الدعوة فقال عليه الصلاة و السلام : يَا سَعدُ، أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُستَجابَ الدَّعوةِ لأنه من أسباب قبول الدعوة و لأن الله تعالى لا يقبل إلا الطيب و الجسد المبني على الحرام النار أولى به . إذا كان الإنسان يغذي نفسه بالحرام يحج و يغذي نفسه و يريد أن يستجاب دعائه فعليه أن يتخلص من الحرام ، والله تعالى أمر المرسلين بالأكل من الطيبات و أمر المؤمنين كذلك ، فالله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين و قال سبحانه : يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا. و قال :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ. وفي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال : إِنَّ الله طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا ، وإنَّ اللَّهَ تَعالى أَمَرَ المُؤْمِنينَ بما أَمَرَ به المُرسَلين، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ.
هذا الرجل وجدت في حقه أسباب لقبول الدعاء منها : أنه مسافر ، و المسافر مستجاب الدعوة ، و منها أنه يطيل السفر و منها أنه أشعث أغبر بعيد عن الترفه و التنعم و منها أنه يرفع يديه إلى السماء و رفع اليدين من أسباب قبول الدعاء : إِنَّ اللَّهَ لَيَسْتَحِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا، ومنها أنه يتوسل إلى الله بالربوبية يَا رَبِّ يَا رَبِّ. هذه كلها أسباب لقبول الدعاء و لكن هذا الرجل لا يستجاب له لأنه عارضها مانع قوي و هو التلبس بالحرام أكلًا و شربًا و تغذية و موافقة لهذا قال النبي ﷺ: وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ قال النبي ﷺ: فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟ كيف يستجاب من هذه حاله.
و جاء في حديث أنَّ الرَّجلَ إذا خرجَ مِن نَفقَةِ طَيبَةِ ووضَعَ رِجلَهُ فِي الغَرزِ يعني مركوبه ونادى: لَبَّيكَ اللَّهُمَّ لَبَّيكَ؛ نادَاهُ مُنادٍ مِن السَّماءِ: لَبَّيكَ وَسَعدَيكَ؛ زادُك حَلالٌ ونفقتُكَ حَلالٌ، وحجُّكَ مبرور، وإذا خرجَ الرَّجُلُ من نفقةٍ خبيثةٍ ووضعَ رِجلُهُ في الغَرزِ يعني المركوب نادى لَبَّيكَ لَبَّيكَ ، نادى منادٍ من السَّماء: لا لبَّيكَ ولا سَعدَيكَ؛ زَادُك حرامٌ، ونفقتُكَ حرامٌ، وحجُّك مَأزورٌ غير مبرورٍ. و لا حول و لا قوة إلا بالله.
و إذا خرج الإنسـان من نفقة الخبيثة من الحرام و الشبهة و هو في الحقيقة لو يحج ، و إنما حج مركوبه المركوب هو الذي حج أما هو فلم يحج ، تعب و المركوب هو الذي حج كما قيل :
إذَا حَجَجْت بِمَالٍ أَصْلُهُ سُحْتٌ | فَمَا حَجَجْت وَلَكِنْ حَجَّتْ الْعِيرُ |
لا يَقْبَلُ اللَّهُ إلا كُلَّ طَيِّبَةٍ | مَا كُلُّ مَنْ حَجَّ بَيْتَ اللَّهِ مَبْرُورُ |
و من الآداب أن يسترضي والديه أو من يوجد منهما قبل سفره.
ومن الآداب أن يؤدي الديون و الودائع التي عليه أو يستأذنه في بقائها.
و من الآداب أن يستحل من بينه معامله أو مشاحنه قبل سفره.
و من الآداب أن يختار لحجه رفقه طيبة من أهل الدين و الورع و التقوى تساعده على أداء نسكـه فإن الجليس يؤثر على جليسه و "...." هذا جليسه
عَنْ الْمَرْءِ لَا تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ | فَكُلُّ قَرِينٍ بِالْمُقَارَنِ يَقْتَدِي |
ثم إذا وصل المسلم إلى أحد المواقيت الخمسة التي وقتها رسول الله ﷺ و هي : ذو الحليفة لأهل المدينة و تسمى اليوم أبيار علي و الجحفة لأهل الشام و مصر و المغرب ، و يلملم لأهل اليمن و تسمى السعدية و قرن المنازل لأهل نجد و تسمى السيل وادي محرم ، و ذات عرق لأهـل المشرق و العراق و تسمى الضريبة . هذه المواقيت الخمسة التي حددت كل من أراد الحج أو العمرة يجب عليه أن لا يتجاوزها إلا و هو محرم إذا كان في الأرض يمشي فإنه لا بد أن يحرم من الميقات من هذا الوادي و إن كان في البحر إذا حاذها و كذلك إذا كان في الجو إذا حاذاها و هو في الطائرة يحرم قبل أن يتجاوزها .
و الإحرام ليس هو الاغتسال و لا التنظف و لا التطيب و لا صلاة ركعتين ، هذا كله تهيؤ و استعداد للإحرام . الإحرام النية في القلب نية الدخول في النسك فإذا نويت الدخول في النسك فإنك تكون محرمًا و لو لم تخلع ثيابك . العبرة في النية هذا هو الإحرام.
و المسلم إذا وصل في الأشهر الحج كهذه الأيام و هي : شوال و ذي القعدة وعشر من ذي الحجة . مخير بين واحدٌ من الأنساك الثلاثة المعروفة عند أهل العلم بالتمتع و القران و الإفراد ، و التمتع هو أن يحرم بالعمرة وحدها و التمتع عمرته منفصلة مستقلة يحرم بالعمرة و يلبي بالعمرة و ينوي بقلبه الدخول في العمرة ، فحينئذ يكون محرمًا.
ثم يلبي بتلبية رسول الله ﷺ : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ، وَالنِّعْمَةَ، لَكَ وَالْمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ.
فإذا وصل إلى مكة طاف للعمرة فرضا و سعى للعمرة فرض ركن ثم قصر من شعر رأسه أو حلق رأسه لكن ينبغي له أن يقصر إذا كان الوقت قريب حتى يدع بقية شعر يحلقه في الحج فإذا حلق أو قصر تحلل من العمرة ، انتهت العمرة فيكون حلالا حتى يأتي اليوم الثامن من ذي الحجة.
ثم يحرم بالحج من مسكنه الذي هو ساكنٌ فيه في مكة . و يحرم و يلبي بالحج قبل الإحرام الاغتسال و التنظف و التطيب هذا الاستعداد.
و اللباس يلبس رداء وإزارا و الأفضل يكون أبيضين نظيفين كل هذا استعداد و تهيؤ ثم يخرج إلى منى .
و أما القارن فإنه إذا وصل إلى الميقات يلبي بالعمرة و الحج معًا ، و يقول : لبيك عمرة و حجًا . و إذا وصل إلى مكة طاف للقدوم هذه سنة ليس طوافًا للحج و لا للعمرة هذا للقدوم مستحب ، ثم يسعى بين الصفاء و المروة سبعة أشواط سعي الحج و العمرة ثم يطوف يوم العيد طواف الإفاضة للحج و العمرة ، و إذا حب أن يؤخر السعي مع طواف الإفاضة يوم العيد فلا بأس إن حب أن يقدمها أو يؤخرها ، أن يقدمها مع طواف القدوم أو يؤخرها مع طواف الإفاضة أو حتى يؤخرها مع طواف الوداع.
و كل من المتمتع و القارن يجب عليه النحر و الهدي يوم العيد لأن كل منهما حصل على نسكين حج و عمرة في سفرة واحدة ، فوجب عليه أن يشكر الله بإراقة الدماء و هذا دم شكران ، شكر حيث حصلت على نسكين في سفرة واحدة ، لكن الفرق بين المتمتع و القارن أن المتمتع عمرته منفصلة مستقلة منفصلة عن الحج طواف و سعي للعمرة و تقصير ، و طواف و سعي للحج . أما القارن فعمرته داخله في الحج ليست منفصلة ليس عليه إلا طواف واحد للحج و العمرة و سعي واحد للحج و العمرة ، و طوافه الأول الذي يقدم مكة هذا طواف القدوم يسمى .
و أما المفرد إذا وصل إلى الميقات فإنه ينوي بقلبه الدخول بالحج ثم يلبي ، فإذا و صل إلى مكة طاف طواف القدوم سُنة ثم يسعى للحج ثم يطوف للحج يوم العيد .
وكل من القارن و المفرد لا يتحلل إلا يوم العيد ، و إذا حب أن يؤخر السعي مع طواف الإفاضة فله ذلك ، لكن المفرد لم يحصل إلا على نسك واحد و هو الحج و لهذا لا يجب عليه هدي .
وأركان الحج أربعة:
الركن الأول: الإحرام الذي هو النية هذا الركن الأول ، و هي نية الدخول في النسك فهذا الركن الأول و لا ينعقد الحج إلا بالإحرام ، و الإحرام للحج بمثابة الإحرام للصلاة تكبيرة الإحرام للصلاة ، كما أن الصلاة لا تنعقد إلا بتكبيرة الإحرام فكذلك الحج لا ينعقد إلا بالإحرام .
الركن الثاني: الوقوف بعرفة ، و هذا هو الركن الأعظم للحج .
الركن الثالث: طواف الإفاضة .
الركن الرابع: السعي بين الصفاء و المروة ، و هذا فيه خلاف لكن عند جمهور العلماء السعي ركن . و قال آخرون من أهل العلم السعي واجب يجبر بدم و هو الإمام أحمد و هو الذي اختاره الموفق ابن قدامة و أنه يجبر بدم لأنه ليس بركن و القول الثالث أن السعي سنة.
هذه الأركان الركن لا يسقط لا سهوًا و لا عمدًا و لا جهلًا و لا يجبر بدم لا بد من الإتيان به ، لو سافر الإنسان و ما طاف طواف الإفاضة يأتي بالإطافة و لو بعد 100 سنة لا بد أن يأتي بها ما صحت حتى يأتي به و الوقوف بعرفة إذا فاته ، فاته الحج هذا معلوم ، لأنه محدد إذا ما وقف بعرفة في الوقت المحدد فاته الحج و السعي كذلك لا بد أن يأتي به عند من يقول من العلماء أنه ركن لا بد أن يأتي به ، و القول بأنه واجب يجبر به بدم.
و أما الواجبات التي أخف من الأركان فهي:
أولًا: أن يكون الإحرام من الميقات . فإذا تجاوز الميقات بدون إحرام ترك واجبًا فعليه دم ، الواجبات تجبر بدم ليست كالأركان .
الثاني : أن يقف بعرفة إلى غروب الشمس يستمر الوقوف إلى غروب الشمس ، فإن خرج قبل غروب الشمس و لم يرجع أدى الركن لكن بقي عليه الواجب ، عليه دم إذا لم يرجع في الليل .
الثالث : المبيت في مزدلفة إلى آخر الليل إلى غيبوبة القمر أو إلى نصف الليل .
و الرابع : المبيت في منى ليلة الحادي عشر و الثاني عشر و الثالث عشر لمن لم يتعجل و البيتوتة هي أن توجد على أرض منى أو مزدلفة أكثر من نصف الليل.
الخامس : رمي الجمار .
السادس : الحلق أو التقصير .
السابع : طواف الوداع .
سبعة هذه هي الواجبات فإذا فات واحد منها يجبر بدم ليست كالأركان .الركن لا بد من الإتيان به لا يسقط لا سهوًا و لا عمدًا و لا جهلًا و لا يسقط بدم ، الواجب إذا تركته تجبره بدم.
ما عدا الأركان و الوجبات فهو سنة . إذا حفظت الأركان و حفظت الواجبات ، أديت الأركان و أديت الواجبات ، أديت الحج ما عدا ذلك سنة قولية أو فعلية .
الطواف سبعة أشواط لا بد منه لكن الأذكار و التكبير و الأدعية كلها سنة مستحبة كذلك أيضًا صعود الصفاء و المروة و رفع اليدين و التهليل كله سنة ، ما عدا الأركان و الوجبات فهو سنة . هذه نبذة مختصرة تعطيك تصور عن الحج فأسأل الله للجميع التوفيق و السداد . و نبدأ القراءة .
مقدمة الطالب:
بسم الله الرحمن الرحيم : الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين . اللهم اغفر لنا و لوالدينا و لشيخنا و للمسلمين و المسلمات و اغفر اللهم لمؤلف هذا الكتاب يا رب العالمين .
أما بعد : قال المؤلف رحمه الله تعالى :
المتــن :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين و العاقبة للمتقين و الصلاة و السلام على عبده و رسوله محمد و على آله و صحبة أجمعين .
أما بعد : فهذه رسالة مختصرة في الحج و بيان فضله و آدابه ، و ما ينبغي لمن أراد السفر لأدائه و بيان مسائل كثيرة مهمة من مسائل الحج و العمرة و الزيارة ، على سبيل الاختصار و الإيضاح قد تحريت فيها ما دل عليه كتاب الله و سنة رسوله ﷺ جمعتها نصيحة للمسلمين و عملًا بقول الله تعالى : وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ. و قوله تعالى : وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ. و قوله تعالى : وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى.
و كما في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال : الدِّينُ النَّصِيحَةُ ثلاثَا ، قيل لمن يا رسول الله ؟ قال لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِكِتَابِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ. وروى الطبراني عن حذيفة أن النبي ﷺ قال: مَن لَم يَهْتَمُّ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَيْسَ مِنْهُمْ، وَمَنْ لَمْ يُمْسِ وَيُصْبِحُ نَاصِحًا لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ فَلَيْسَ مِنْهُمْ.
والله المسؤول أن ينفعني بها و المسلمين و أن يجعل السعي فيها خالصا لوجه الكريم و سببًا للفوز لديه في جنات النعيم إنه سميعٌ مجيب و هو حسبنا و نعم الوكيل.
شرح الشيخ :
نعم هذه المقدمة بين فيها المؤلف رحمه الله السبب الذي بعث على كتابة هذه الرسالة و هو النصيحة ، النصيحة للمسلمين . جمع هذه الرسالة نصيحة للمسلمين و عملًا بالآيات و النصوص والتي فيها الأمر بالتذكير و التي فيها وجوب بيان العلم و أن العلماء عليهم أن يبينوا و يوضحوا ما عندهم من العلم للناس . بقوله تعالى : وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ. الدِّينُ النَّصِيحَةُ. و وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ. فكتبها رحمه الله ، كتب هذه الرسالة نصحًا للمسلمين و خروجًا من معرة كتمان العلم و اهتماما بأمر المسلمين و طلبًا للأجر و الثواب .
فنسأل الله أن يعفوا عنا و عنه و أن يرفع درجته في العليين و يجمعنا و إياكم في دار كرامته .
قراءة الطالب : قال رحمة الله تعالى :
المتن :
فصل: في أدلة وجوب الحج و العمرة
إذا عرف هذا فاعلموا وفقني الله و إياكم لمعرفة الحق و اتباعه أن الله قد أوجب على عبادة حج بيته الحرام و جعله أحد أركان الإسلام ، قال الله تعالى : وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ.
و في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال : بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ بَيتِ اللَّهِ الحَرَامِ.
وروى سعيد في سننه عن عمر بن الخطاب أنه قال: " لقد هممت أن أبعث رجالًا إلى هذه الأمصار ، فيَنظُروا كلَّ مَن كان له جِدَةٌ ولم يحجَّ ليَضرِبوا عليهم الجزية ، ما هم بمسلمين ، ما هم بمسلمين ".
وروي عن علي أنه قال : " من قدر على الحج فتركه فلا عليه أن يموت يهوديًا أو نصرانيًا ".
و يجب على من لم يحج وهو يستطيع أن يبادر إليه لما روي عن ابن عباس أن النبي ﷺ قال : تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ يعني الفريضة فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ. رواه أحمد .
و لأن أداء الحج واجب على الفورفي حق من استطاع السبيل إليه لظاهر قوله تعالى : وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِين. و قول النبي ﷺفي خطبته : أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ اللَّه قَدْ فَرضَ عَلَيْكُمُ الحَجَّ فحُجُّوا. أخرجه مسلم .
شرح الشيخ :
هذه الأدلة التي ذكرها المؤلف رحمه الله من الكتاب و السنة تدل على وجوب الحج ، و أنه فرض و أنه ركن من أركان الإسلام و هذا أمر مجمعٌ عليه و هو أمر قطعي في وجوب الحج و لا أحد يخالف في هذا ، هذا أمر مجمع و ".." بالدين بالضرورة أن الحج واجب و فريضة و ركن من أركان الإسلام.
قال وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً. و كذلك حديث ابن عمر قال بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ و ذكر الحج و جعله هو الخامس و كذلك .
الآثار التي ذكرها المؤلف ، آثار سعيد في سننه عن عمر و آثار علي
وهل يجب الحج على الفور أو على التراخي؟ المؤلف رحمه الله يرى أنه على الفور لأن الأصل في الأوامر أن تكون على الفور ، و هذه مسألة و قاعدة أصولية ، هل الأمر يقتضي الفور أو لا يقتضي الفور ، من الأصوليين من قال أنه يقتضي الفور و منهم من قال أنه لا يقتضي الفور . وهذا هو الصواب أنه يجب على الفور و هو الذي قرره المؤلف رحمه الله أن الحج يجب على الفور و أنه لا يجوز للإنسان أن يؤخر الحج بعد قدرته ، لظاهر قوله تعالى : وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً. و لقول النبي ﷺ: أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ اللَّه قَدْ فَرضَ عَلَيْكُمُ الحَجَّ فحُجُّوا. و لظاهر قوله تعالى : وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِين. و لو كان الحج واجبا على التراخي ، لكان يستطيع الإنسان أن يؤخره إلى ما لا نهاية ، و لو كان على التراخي لما قال سبحانه : وَمَنْ كَفَرَ. و من كفر بترك الحج.
وهل يكفر بترك الحج أو لا يكفر؟ إذا ترك الحج من العلماء من قال أنه يكفر و كذلك من ترك الزكاة أو الصوم أو أي ركن من أركان الإسلام.
و القول الثاني أنه لا يكفر إذا ترك الحج تركه كسلًا و تهاونًا لا جحودًا أو ترك الزكاة أو ترك الصوم يكون مرتكبا للجريمة و الكبيرة و يعزر بالضرب و السجن حتى يؤدي ما أوجب الله عليه لكن لا يكفر و إنما يكفر بترك الصلاة فقط.
و من العلماء من قال إنه يكفر إذا ترك أي ركن ترك الزكاة و لو أقر بوجوبها ، إذا ترك الصوم كفر إذا ترك الحج كفر و قالوا إن ظاهر قوله تعالى : وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِين يدل على كفر من ترك الحج.
و كما سبق الصواب أنه لا يكفر إلا إذا ترك التوحيد ، أشرك بالله أو ترك الصلاة لأن نصوص الصلاة ورد فيها ما لم يرد في غيرها حتى لو كسلًا و تهاونًا و أما إذا ترك الزكاة تهاونًا فإنها تؤخذ منه و يعزر بالضرب و السجن . وكذلك إذا ترك الصوم يلزم و يؤدب و يضرب ولكن لا يكفر . و كذلك الحج يلزم بالحج و لكنه لا يكفر إلا إذا جحد ، إذا جحد الحج وجوب الحج أو وجوب الزكاة أو الصوم هذا كافر بالإجماع .
و هذه النصوص كلها تدل على وجوب الحج و أنه فرض و لا إشكال في هذا و لم يخالف في هذا أحد لأن الحج فرض و أنه ركن من أركان الإسلام ، و إنما الخلاف في العمرة كما سيأتي الخلاف في وجوب العمرة .
قراءة الطالب : قال المؤلف رحمه الله تعالى :
المتن:
وقد وردت أحاديث تدل على وجوب العمرة منها قوله ﷺ في جوابه لجبرائيل لما سأله عن الإسلام ، قال ﷺ: الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ وَتَعْتَمِرَ، وَتَغْتَسِلَ مِنْ الْجَنَابَةِ، وَتُتِمَّ الْوُضُوءَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ. أخرجه ابن خزيمة و الدارقطني من حديث عمر بن الخطاب وقال الدارقطني هذا إسناد ثابت صحيح .
و منها حديث عائشة أنها قالت : يا رسول هل على النساء من جهاد ، قال : عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ: الحَجُّ وَالعُمْرَةُ. أخرجه أحمد و ابن ماجه بإسناد صحيح .
شرح الشيخ : نعم هذه الأدلة على وجوب العمرة و إن العمرة تجب في العمر مرة.
والمسألة فيها قولان لأهل العلم: قيل أن العمرة واجبة ، و قيل أن العمرة ليست بواجبة . فالقائل بالوجوب و هو الصواب ، استدلوا بهذه الأدلة . والذين قالوا ليست واجبة ، قالوا أن رواية الدارقطني وَتَحُجَّ وَتَعْتَمِرَ، رواية شاذة لأنها ليست في الأحاديث الصحيحة ، الصحيحين و غيرهما ما في إلا قال "و إن تحج " و ليس فيها أن تعتمر ، فقال هذا يدل على أن العمرة ليست واجبة و إنما مستحبة.
و الذين قالوا بوجوب العمرة اختلفوا بوجوب المكية لأهل مكة ، هل تجب العمرة لأهل مكة أم لا تجب ؟ ، قولان لأهل العلم :
والذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية أن أهل مكة ليس عليهم عمرة ، و إنما العمرة على ".." و من العلماء من قال تجب العمرة على أهل مكة و غيرهم .
المتن :
شرح الشيخ : نعم هذا الحديث دليل على أن الحج و العمرة لا يجب في العمر إلا مرة ، مرة واحدة ، و هذا من فضل الله و إحسانه في العمر مرة واحدة .
المتن :
شرح الشيخ : نعم هذا فيه فضل الإكثار من الحج و العمرة ، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةَ. و الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا
وفي الحديث الآخر يقول النبي ﷺ: تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ فَإِنَّهُما يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذُّنوُبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ. هذا فيه ترغيب.
و من الأدلة على أن الحج لا يجب إلا في العمر مرة واحدة ، حديث الرجل الذي سأل النبي ﷺ و قال : كل عام يا رسول الله ؟ ، قال : لَا، وَلَوْ قَلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَمَا اسْتَطَعْتُمْ في المتعة نعم .
قراءة الطالب : قال رحمه الله :
المتن :
و يسن الإكثار من الحج و العمرة تطوعًا لما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ: الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةَ.
فصل: في وجوب التوبة من المعاصي و الخروج من المظالم
إذا عزم المسلم على السفر إلى الحج أو العمرة استحب له أن يوصي أهله و أصحابه بتقوى الله و هي فعل أوامره و اجتناب نواهيه ، و ينبغي أن يكتب ما له و ما عليه من الدين و يشهد على ذلك . ويجب عليه المبادرة إلى التوبة النصوح من جميع الذنوب لقوله تعالى : وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
شرح الشيخ : كل هذه الآداب ، آدابٌ مستحبة و آداب واجبه يوصي أهله و أصحابه بتقوى الله ، هذا مستحب و أن يكتب ما له و ما عليه . يجب إذا كان له و عليه حقوق للناس ودائع يكتبها و يشهد عليها حتى لا تضيع الحقوق ، والتوبة النصوح واجبة في كل وقت .
المتن :
شرح الشيخ : هذه ثلاث شروط لها ، الشروط هذه لازمة كل ذنب الإقلاع من الذنوب و ترك الذنوب و التخلص منها ، يعني ما يتوب و هو متلبس بالذنب أولًا : اترك الذنب و ابتعد عنه حتى تتوب ، أما أن يدعي التوبة و هو متلبس بالذنب لا ، أول يتخلص من الذنب و اتركه و ابتعد عنه . ثانيًا : الندم على ما مضى من هذا الذنب تأسى و يوجد في قلبه ندم و تحسر ، أما إذا كان لا يندم فمعناه مستجري للمعصية مستمرئ لها . الثالث: العزم على عدم العودة إلى هذه المعصية مرة أخرى .
هذه أركانها الثلاثة : الإقلاع و الندم و العزيمة ، إذا كانت بينك و بين الناس فلا بد أن تؤدي الحق إليهم المظالم إليهم.
ثم هناك شرط آخر يأتي قبل الموت و قبل طلوع الشمس من مغربها في آخر الزمان و قبل نزول العذاب .
المتن :
و إن كان عنده للناس مظالم من نفس أو مال أو عرض ردها إليهم أو تحللهم منها قبل سفره لما صح عنه ﷺ أنه قال : مَنْ كَانتْ عِنْدَه مَظْلمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ فَلْيتَحَلَّلْه ِمِنْه الْيَوْمَ قَبْلَ أَلَّا يكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمتِهِ، وإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سيِّئَاتِ صاحِبِهِ، فَحُمِلَ عَلَيْهِ.
و ينبغي أن ينتخب لحجه و عمرته نفقة طيبة من مال حلال.
شرح الشيخ: نعم ، هذا واجب أيضًا أن يحج من مال حلال .
المتن :
لما صح عنه ﷺ أنه قال : إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا.
وروى الطبراني عن أبي هريرة قال :قال رسول الله ﷺ: إذا خرجَ الرَّجُلُ حاجّاً بنفقةٍ طيبةٍ ووضَعَ رِجلَهُ فِي الغَرز فنادى لَبَّيكَ اللَّهُمَّ لَبَّيكَ نادَاهُ مُنادٍ مِن السَّماءِ: لَبَّيكَ وَسَعدَيكَ؛ زادُك حَلالٌ وراحلتُكُ حلالٌ وحجك مبرورٌ غير مأزور . وإذا خرجَ الرَّجُلُ من نفقةٍ خبيثةٍ ووضعَ رِجلُهُ في الغَرزِ فنادى لَبَّيكَ اللَّهُمَّ لَبَّيكَ ناداهُ منادٍ من السَّماء: لا لبَّيكَ ولا سَعدَيكَ؛ زَادُك حرامٌ، ونفقتُكَ حرامٌ، وحجُّك غيرُ مبرورٍ.
شرح الشيخ :
و المراد بالغرز يعني مكان مركوبه كان الغرز ، كان الناس يحجون على الإبل معروف فيها الغرز ، يعني إذا وضع رجله في مركوبه و الغرز ، غرز الإبل معروف .
المتن :
و ينبغي للحجاج الاستغناء عما في أيدي الناس و التعفف عن سؤالهم ، لقوله ﷺ: وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ. و قوله ﷺ: لَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ.
و يجب على الحاج أن يقصد بحجه و عمرته وجه الله و الدار الآخرة و التقرب إلى الله بما يرضيه من الأقوال و الأعمال في تلك المواضع الشريفة و يحذر كل الحذر من أن يقصد بحجه الدنيا و حطامها أو الرياء و السمعة و المفاخرة بذلك ، فإن ذلك من أقبح المقاصد و سببًا لحبوط العمل و عدم قبوله .
شرح الشيخ :
و هذا واجب فرض ، الإخلاص بل هو أصل لا تتحقق العبادة إلا بهذا الأصل و هو الإخلاص ، الإخلاص لله بأن يقصد بعمله وجه الله في كل عمل ، صلاة صيام زكاة حج بر الوالدين صلة الأرحام ، إلى غير ذلك من العبادات . لا بد فيها من الإخلاص لله فإن قصد به غير وجه الله فلا تصح العبادة.
المتن :
شرح الشيخ :
هذا حيث قدسي و هو من كلام الله لفظًا و معنى لأن النبي ﷺ أضافه إلى الله قَالَ اللَّهُ تَعَالَى، مثل القرآن كان لفظًا و معنى ، لكن القرآن له أحكام تختلف ، يعني كلام الله يتفاوت في القرآن يتعبد بتلاوته و الحديث القدسي لا يتعبد بتلاوته ، القرآن لا يمسه إلا متوضئ و الحديث القدسي يمسه غير المتوضئ و هكذا لكن هو من كلام الله لفظًا و معنى .
المتن :
و ينبغي له أيضًا أن يصحب في سفره الأخيار من أهل الطاعة و التقوى و الفقه في الدين و يحذر من صحبه السفهاء و الفساق.
و ينبغي له أن يتعلم ما يسر له في حجه و عمرته و يتفقه في ذلك . و يسأل عما أشكل عليه ليكون على بصيرة.
فإذا ركب دابته أو سيارته أو طائرته أو غيرها من المركوبات استحب له أن يسمي الله سبحانه و يحمده ثم يكبر ثلاثًا و يقول : سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ. لصحة ذلك عن النبي ﷺ أخرجه مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
شرح الشيخ : و هذا مستحب ، هذا من الآداب المستحبة . يسمي بالله و يحمده و يكبر ثلاثًا و يدعو بهذا الدعاء و هذا مستحب .
المتن :
شرح الشيخ : و هذا من المستحبات ، الإكثار من الذكر و الاستغفار و الدعاء و التضرع أما المحافظة على الصلوات هذه واجبة فرض .
المتن :
شرح الشيخ : نعم ، و هذا واجب عليه .
المتن :
شرح الشيخ : نعم . الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر واجب ، و بذل البر للأصحاب ، هذا مستحب و كف الأذى واجب.
المتن :
فصل فيما يفعله الحاج عند وصوله إلى الميقات
فإذا وصل إلى الميقات استحب له أن يغتسل و يتطيب لما روي أن النبي ﷺ تجرد من المخيط عند الإحرام و اغتسل . و لما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها ، قالت كنت أطيب رسول الله ﷺ لإحرامه قبل أن يحرم و لحله قبل أن يطوف بالبيت . و أمر ﷺ عائشة لما حاضت و قد أحرمت بالعمرة أن تغتسل و تحرم بالحج . و أمر ﷺ أسماء بنت عميس لما ولدت بذي الحذيفة أن تغتسل وتستدفر و تحرم . فدل ذلك على أن المرأة إذا وصل إلى الميقات و هي حائض أو نفساء تغتسل و تحرم مع الناس و تفعل ما يفعله الحاج غير الطواف بالبيت ، كما أمر النبي ﷺ عائشة و أسماء بذلك.
شرح الشيخ :
و هذا الاغتسال مستحب و ليس بواجب ، لو توضأ و كذلك صلاة الركعتين ليست بواجب و الأفضل أن يكون إحرامه بعد الفريضة و ما ".." فريضة و إلا توضأ و صلاة ركعتين وأحرم للوضوء أو للضحى.
و جمهور العلماء يرون أن الإحرام له صلاة خاصة ، لقول النبي ﷺ: أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي فَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ، وَقُلْ :عُمْرَةٌ فِي حَجّة، قوله صَلِّ، هذا الوجه من هذا أن الإحرام له صلاة .
و آخر من أهل العلم "..." في الإسلام ، يرون أن ليس للإحرام صلاة و إنما النبي ﷺ أحرم بعد صلاة الظهر ، قال صَلِّ هذا احتمال أنها صلاة الظهر .
فالاغتسال مستحب و الدليل أن النبي ﷺ تجرد عند الإحرام و اغتسل و أمر عائشة و قد حاضت أن تغتسل و أمر أسماء بنت عميس و قد ولدت تغتسل ، إذا كانت الحائضة مثلًا تغتسل و تحرم فغيرهم من باب أولى .
فالاغتسال سنة مؤكدة للمحرم و إذا كان في الطائرة و اغتسل في بيته لوقت قريب كفى ، يغتسل في بيته لأن مدة ليست طويلة مدة الطيران نعم.
المتن :
ويستحب لمن أراد الإحرام أن يتعاهد شاربه و أظفاره و عانته و إبطيه . فيأخذ ما تدعوا الحاجة إلى أخذه لئلا يحتاج إلى أخذ ذلك بعد الإحرام و هو محرم عليه . و لأن النبي ﷺ شرع للمسلمين تعاهد هذه الأشياء في كل وقت ، كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ: الفِطرَةُ خَمسٌ: الْخِتَانُ، وَالاِسْتِحْدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ وَقَلمُ الأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الآبَاطِ، و في صحيح مسلم عن أنس قال : أقت لنا في قص الشارب و قلم الأظفار و نتف الإبط و حلق العانة إلا نترك ذلك أكثر من أربعين ليلة " أخرجه النسائي بلفظٍ : و قت لنا رسول الله ﷺ و أخرجه أحمد و داود و الترمذي بلفظ النسائي .
و أما الرأس فلا يشرع أخذ شيء منه عند الإحرام ، لا في حق الرجال و لا في حق النساء .
و أما اللحية فيحرم حلقها و أخذ شيء منها في جميع الأوقات بل يجب إعفاؤها و توفيرها .
شرح الشيخ :
نعم هذه ، هذه الأمور من أراد أن يحرم يتعاهد الشارب فيقصه و الأظفار يقصها و العانة يحلقها و الإبط ينتفه إذا كانت هناك حاجة . إذا كان الشارب طويلا يقصه و الأظفار طويلة يقصها و العانة كذلك أما إذا كان الشارب ليس طويلا و الأظفار قد قصها فلا حاجة .
و العلماء يذكرون هذا في المناسك أنه عند الإحرام يقص هذه الأشياء لأنهم في الأول كانت الأسفار طويلة و كان يمضي عليهم مدة كانت المسافة كان الناس يسافرون للحج على الإبل شهرا كاملا من الرياض إلى مكة شهر كامل ، و إذا جاء عند الميقات يحتاج أيام طويلة يمكن يمر عليهم أسبوع ثم يحرم فهو يحتاج يقصها حتى لا تطول . لكن الآن الحمد لله الموصلات يعني لما جاءت الموصلات السريعة صار الإنسان يستطيع أن يقص شاربه في بيته و لا يحتاج إلى أن يأخذه عند الميقات يقص الشارب و يأخذ من الأظفار إلا إذا كان ليس هناك حاجة فلا يأخذ منها ، إنما هذا إذا كانت طويلة و يخشى أن يدخل في الإحرام و يطول شاربه و تطول أظفاره و تطول عانته . أما إذا كان تعاهدها من قريب و الوقت قريب و لا يخشى فلا حاجة إلى أخذِ شيئًا من ذلك إنما هذا عند الحاجة.
و أما الرأس فلا يأخذ منه شيئًا لا حاجة.
و أما اللحية فكما ذكر الشيخ رحمه الله يحرم حلقها أو أخذ شيئًا منها في جميع الأوقات . المؤلف يقول : يحرم حلقها أو أخذ شيئًا منها في جميع الأوقات ، بل يجب إعفاؤها و توفيرها للأدلة ، و الآن صار في بعض الناس الآن يفتون بأخذِ شيئًا من اللحية كل هذا مخالف لسنة ، و الفقهاء الذين يقولون لا يكره أخذ ما زاد عن القبضة منها يستدلون بفعل ابن عمر . ابن عمر اجتهد و هو راوي الحديث هذا . فكان يجتهد فكان إذا حج أو اعتمر و أراد التحلل أخذ من رأسه و لحيته ، و يتأول قوله تعالى : ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ. قول هذا من التفث ، من التحلل يأخذ من رأسه و لحيته ما يأخذ من لحيته كل الوقت إذا تحلل. و الذين استدلوا بحديث ابن عمر يأخذون في غير وقت الحج و العمرة و هذا خطأ . الدعوة أوسع من الدليل ، الدليل خاص بأي شيء ؟ خاص بالحج إذا حج و اعتمر أخذ من رأسه و لحيته و يتأول هذا من التحلل . و هم يأخذون من لحاهم في غير وقت الحج و هذا خطأ على أن هذا اجتهاد من ابن عمر لم يوافقه عليه كبار الصحابة ، أبوه عمر أفضل منه و أبو بكر و لم يـأخذوا من لحاهم عند التحلل ، لكن هذا اجتهاد منه و في هذا الاجتهاد استدل به بعض الناس و قالوا يجوز أخذ من اللحية ، يجوز أخذ ما زاد عن القبضة كما ذكر بعض الفقهاء و الصواب كما ذكر الشيخ رحمه الله لا يجوز حلقها و لا أخذ شيئًا منها لأن النصوص صريحة في وجوب الإعفاء ، وجوب الإعفاء و الأخذ ينافي الإعفاء . نعم و أما اللحية ..
المتن :
شرح الشيخ :
و هذه أوامر ، جُزُّوا وَفِّرُوا في رواية أعْفُوا أَوفُوا ، هذه الأوامر و الأوامر تفيد الوجوب. و الأخذ من اللحية ينافي هذا الأمر جُزُّوا ، أَرخُوا أعْفُوا ينافي الإعفاء الأخذ ، نعم .
إحفاء الشارب مو بالموس بالمقص يحفي بالمقص نعم. الموس يكون حلق ما قال احلقوا الشوارب قال أَحْفُوا و الحف بالمقص لا بالموس نعم.
المتن :
و قد عظمت المصيبة في هذا العصر بمخالفة كثير من الناس هذه السنة و محاربتهم في اللحى و رضاهم بمشابهة الكفار و النساء و لاسيما من ينتسب إلى العلم و التعليم فإنا لله و إنا إليه راجعون و نسأل الله أن يهدينا و سائر المسلمين لموافقة السنة و التمسك بها و الدعوة إليها و إن رغب عنها الأكثرون و حسبنا الله و نعم الوكيل و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ثم يلبس الذكر إزارًا و رداء و يستحب أن يكونا أبيضين نظيفين و يستحب أن يحرم في نعلين لقول النبي ﷺ: وَلْيُحْرِم أَحَدُكُمْ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ. أخرجه الإمام أحمد رحمه الله تعالى .
شرح الشيخ: نعم الذكر يلبس إزارا و رداء ، إزار قطعة فوطة. يشد بها النصف الأسفل تكسو العورة ، و الرداء فوطة أخرى قطعة يضعها على كتفيه .
و يستحب أن يكونا أبيضين نظيفين جديدين أو مغسولين لأن البياض هو أفضل ، في الحديث : الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ البَيَاضَ، وَكَفِّنُوا فِيها مَوْتَاكُمْ؛ فَإِنَّهَا مِن خَيْرِ ثِيابِكُمْ. و إن لبس إزارًا و رداء أصفرين أو أخضرين أو غيرها من الألوان ، فلا بأس. النبي ﷺ دخل مكة و عليه عمامة سوداء و لبس برد أخضر لكن الأفضل البياض . فلو أحرم في فوطة ملونة لا بأس لكن الأفضل البياض نعم .
المتن :
و أما المرأة فيجوز لها أن تحرم فيما شاءت من أسود أو أخضر أو غيرهما مع الحذر من التشبه بالرجال في لباسهم لكن ليس لها أن تلبس النقاب و القفازين حال إحرامها و لكن تغطي وجهها و كفيها بغير النقاب و القفازين ، لأن النبي ﷺ نهى المرأة المحرمة عن لبس النقاب و القفازين .
أما تخصيص بعض العامة إحرام المرأة في الأخضر أو الأسود دون غيرهما فلا أصل له.
شرح الشيخ : نعم ، المرأة لها أن تلبس من الثياب ما شاءت ، إلا أنها لا تلبس ما فيه جمال يلفت أنظار الرجال ، تلبس ما شاءت من الثياب بشرط ألا يلفت أنظار الرجال و لا يكون فيه تشبه بالرجال ولا بالكافرات . لكن لا تلبس النقاب ،النقاب و البرقع ، البرقع مخيط على قدر الوجه . و النقاب يفتح فيه فتحتين للعينين لكن تغطي وجهها بالخمار هكذا تسدلها أما أن تلبس شيء مخيط على قدر الوجه ، هذا ممنوع في الإحرام . كذلك ما تلبس مخيطا للكفين كالقفازين و شراب اليدين لكن تغطي يديها بثوبها و بعباءتها و لا تغطيهما بالقفازين المخيط إذا كانت محرمة نعم لأن النبي ﷺ نهى المرأة ، قال لا تتنقب المرأة و لا تلبس قفازين .
و بعض العامة يقول المرأة المحرمة تحرم في أخضر أو أسود و هذا لا أصل له تحرم فيما شاءت بشرط ألا يكون فيه جمال يلفت أنظار الرجال أو فيه تشبه بالرجال أو بالكافرات نعم ، شراب الرجلين لا بأس به هذا بالنسبة للمرأة ، أما الرجل فلا يلبس شراب الرجلين نعم الرجل ما يلبس لا شراب الرجلين ولا اليدين .
المتن :
ثم بعد الفراغ من الغسل و التنظيف و لبس ثياب الإحرام ينوي بقلبه الدخول في النسك الذي يريده من حجٍ أو عمرةٍ لقول النبي ﷺ: إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى.
و يشرع التلفظ بما نوى فإن كانت نيته العمرة قال لبيك عمرة أو اللهم لبيك عمرة . و إن كانت نيته الحج قال لبيك حجاً أو اللهم لبيك حجا ، لأن النبي ﷺ فعل ذلك و إن نواهما جميعًا لبى بذلك فقال: لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا.
و الأفضل أن يكون التلفظ بذلك بعد استوائه على مركوبه من دآبةٍ أو سيارة أو غيرهما . لأن النبي ﷺ إنما أهل بعد ما استوى على راحلته و انبعثت به من الميقات للسير هذا هو الأصح من أقوال أهل العلم .
شرح الشيخ : يعني أنه الإحرام هو النية ، نية الدخول في النسك فإذا نوى في قلبه الدخول في العمرة فقد أحرم بعمرة ، إذا نوى بقلبه الدخول في الحج أحرم بالحج . إذا نوى بقلبه الدخول في العمرة و الحج أحرم بالحج و العمرة .
ثم يذكر نسكه في تلبيته فإذا كان معتمرًا قال لبيك عمرة أو قال اللهم لبيك عمرة أو قال أوجبت عمرة ، إذا كان حاج قال لبيك حجًا أو أوجبت حجًا و إذا كان حج و عمرة قال لبيك حجًا أو عمرة يذكر في نسكه لكن لا يتلفظ بالنية و يقول اللهم أني أريد العمرة أو اللهم أني أريد الحج . و إن كان ذكره الفقهاء المتأخرون هذا يعتبر أظهر نيته في نسكه في تلبيته يظهر النسك في التلبية إن كان معتمر قال لبيك عمرة أو أوجبت عمرة إن كان حاجا لبيك حجًا أو أوجبت حجًا ، أما ما يذكره بعض الفقهاء بأنه يتلفظ به اللهم أني أريد العمرة ، لا و إنما يذكر في تلبيته لبيك عمرة لبيك حجًا .
نعم ايش المتمتع كذلك ، المتمتع يلبي بالعمرة يقول لبيك عمرة ثم إذا لبى بالحج قال لبيك حجًا هذا متمتع.
المتن :
شرح الشيخ : يعني تلفظ بالنية في جميع العبادات غير مشروع ، بدعة ما ورد إلا في الحج و العمرة يذكره في نسكه ولا يقول اللهم أني أريد العمرة ، يقول لبيك عمرة لبيك حجًا لبيك عمرةٌ و حجًا . لكن في الصلاة ما يقول نويت أن أصلي و لا في الطواف ما يقول نويت أن أطوف ، في الصيام ما يقول نويت أن أصوم . و إن كان ذكر هذا بعض الفقهاء ، بعض الفقهاء المتأخرون قالوا يسن له أن يتلفظ بالنية حتى سرًا حتى يتواطأ القلب و اللسان ، هذا كلام من ؟ فقهاء يذكرون الآن الحنابلة و غيرهم . يقولون إذا أراد الصلاة يقول يتلفظ بالنية سرًا يقول نويت أن أصلي و لذلك تجدون بعض الناس يتلفظون بالنية إذا أراد أن يصلي قال نويت أن أصلي الظهر خلف هذا الإمام أربع ركعات ، و إذا أراد الصيام قال نويت أن أصوم هذا اليوم من رمضان من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، و إذا أراد أن يطوف نويت أن أطوف بالبيت سبعة أشواط طواف العمرة نويت أن أسعى بين الصفا و المروة سعي العمرة . هذا قاله بعض الفقهاء المتأخرين لكن لا دليل عليه . قالوه اجتهادا منهم قالوا يستحب حتى يتواطأ القلب و اللسان. لكن نقول الاستحباب ، الاستحباب حكم شرعي لا بد له من دليل و لا يوجد دليل يدل على أنه يستحب الإنسان أن يتلفظ بالنية إلا في الحج و العمرة يظهرها في تلبيته يقول لبيك عمرة لبيك حجًا و لا يقول أريد العمرة و لا أريد الحج ، و لا يقول نويت الحج نويت عمرة بينما يقول لبيك عمرة لبيك حجًا .أما الصلاة ما ورد تقول نويت أن أصلي و الطواف ما ورد و الحج ما ورد و هذا الاستحباب الذي يذكره المتأخرون عليهم الدليل و لهذا قال بعض العلماء المحققين لو عُمرت عمر نوح و كل هذه المدة تبحث في النصوص لتجد دليل على التلفظ بالنية ما وجدت ما فيه دليل ، و إذا كان ما فيه دليل فلا يجوز الإنسان أن يعمل شيئا بغير دليل . الأحكام إنما تؤخذ من الأدلة من كتاب الله و سنة رسوله ﷺ، الحجة في كلام الله و سنة رسوله ﷺ و أما يذكره فهو من الاستحباب فهذا لا دليل عليه ، نعم لا بأس لكن ما فيه حاجة يقول المتمتع بهذا الحج لأنه إذا اعتمر و حج من عامه فهو متمتع سواء قال متمتع أو عمرة . المتمتع هو الذي يعتمر في أشهر الحج ثم يحج من عامه . نعم .
المتن:
فصلٌ في المواقيت المكانية و تحديدها
المواقيت خمسة:
الأول : ذو الحليفة و هو ميقات أهل المدينة و هو المسمى عند الناس اليوم أبيار علي .
الثاني : الجحفة و هو ميقات أهل الشام وهي قرية خراب تلي رابغ والناس اليوم يحرمون من رابغ و من أحرم من رابغ فقد أحرم من الميقات لأن رابغ قبلها بيسير .
شرح الشيخ : لكن الآن أعيد ، أعيد الميقات في الجحفة عمرت و أعيد الميقات و الميقات بني في ميقات كبير الآن فيه حمامات و الناس يحرمون من الجحفة الآن ، هذا كان إلى عهد قريب و كان الناس يحرمون من رابغ من قبلها ، لأن الجحفة خربت و ليس فيها أحد . الآن عمرت الجحفة و بني فيها مسجد كبير و فيه حمامات و الناس يحرمون من الجحفة الآن من نفسها نفس الميقات . نعم .
المتن :
شرح الشيخ : و البعض يسميه وادي محرم ، وادي محرم من جاء عن طريق الهدى يسمونه وادي محرم و من جاء طريق الحوية هناك يسميها السيل و هو واحد ميقات واحد ، هو واحد ممتد الوادي فطرف من هناك يسمى وادي محرم و هنا السيل و هو وادي ، وادي واحد المهم تحرم من الوادي هذا . نعم .
المتن :
شرح الشيخ : يسمى السعدية ، يسمونه الناس السعدية ، ميقات أهل اليمن يلملم يسمونه السعدية . نعم .
المتن :
شرح الشيخ : هذا ميقات أهل العراق و أهل المشرق ، و يسمى الآن الضريبة يسمى الضريبة و الآن سوف يعاد الآن . كان قد جئنا من طريقه العام الماضي والآن سيعاد الآن و تفرق له أنت جاي من مثلًا من الرياض قبل الطائف بمسافة في مفرق له ضريبة سعدية قبل ثلاثين كيلو أو كذا على اليمين و الآن يعمل الآن الميقات الآن يعمل فيه حمامات . نعم .
المتن :
شرح الشيخ : أو من طريق البحر إذا حاذاها لكن من طريق البحر إذا حاذاها . نعم .
المتن :
شرح الشيخ : يعني أن هذه المواقيت لأهلها و لمن مر عليها من غير أهلها ، فإذا أراد من جاء من نجد أو من القصيم ميقاته السيل ، لكن ذهب إلى المدينة لزيارة المدينة ثم يريد الحج يحرم من ميقات أهل المدينة . و كذلك من جاء من أهل اليمن ميقاته السعدية و جاء عن طريق جاء إلى الرياض و أراد أن يحج يحرم من ميقات أهل الرياض و هو السيل و هكذا . فهذه المواقيت لأهلها و لمن مر عليها من غير أهلها . نعم .
المتن:
شرح الشيخ : يعيني إذا كان عن طريق الجو يتأهب في بيته أو في أي مكان ، لأن الطيران ليس.... وقته قصير فهو يتأهب بالاغتسال و التنظف و اللبس فإذا حاذى الميقات أحرم ، قال و إن كان الوقت ضيقًا لبى بالحج يعني إذا كان الوقت متسع الحج باقي عليه مدة يلبي بالعمرة و إن كان جاء متأخر جاء مثلًا يوم عرفة و إلا وصل متأخرا يخشى أن يفوته الوقوف يلبي بالحج ، أو يلبي بالحج و العمرة فيكون قارن. نعم .
المتن:
و إن لبس إزاره و رداءه قبل الركوب أو قبل الدنوِ من الميقات فلا بأس ، و لكن لا ينوي الدخول في النسك و لا يلبي بذلك إلا إذا حاذى الميقات أو دنى منه لأن النبي ﷺ لم يحرم إلا من الميقات و الواجب على الأمة التأسي به ﷺ في ذلك كغيره من شؤون الدين ، لقول الله سبحانه : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ. و لقول النبي ﷺ في حجة الوداع : خُذُوا عَنِّي مَناسِكَكُمْ.
وأما من توجه إلى مكة و لم يرد حجًا و لا عمرة كالتاجر و الحطاب و البريد و نحو ذلك فليس عليه إحرام إلا أن يرغب في ذلك لقول النبي ﷺ في الحديث المتقدم لما ذكر المواقيت : هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ. فمفهومه أن من مر على المواقيت و لم يرد حجًا و لا عمرة فلا إحرام عليه و هذا من رحمة الله بعباده و تسهيله عليهم فله الحمد و الشكر على ذلك.
و يؤيد ذلك أن النبي ﷺ لما أتى مكة عام الفتح لم يحرم بل دخلها و على رأسه المغفر ، لكونه لم يرد حين ذاك حجًا و لا عمرة و إنما أراد افتتاحها و إزالة ما فيها من الشرك .
شرح الشيخ : المعنى أن من توجه إلى مكة مريدًا النسك الحج و العمرة فيجب عليه أن يحرم بحج أو عمرة . و أما من قصد مكة لا لحج و لا لعمرة قصدها لزيارة ، لزيارة أقاربه أو جاء لطلب العلم أو جاء للتجارة أو لغيرها و لا يريد حجًا و لا عمرة فلا يجب عليه الإحرام.
و الدليل على هذا أن النبي ﷺ لما أراد فتح مكة دخلها بغير إحرام ، حينما فتح مكة فدل على أن من أراد دخول مكة و هو لا يريد الحج و لا العمرة فإنه يدخلها بدون إحرام ، هذا هو الصواب .
وذهب بعض العلماء إلى أن كل من دخل مكة يجب عليه أن يحرم بالعمرة و قالوا هذا من خصائص مكة ، لا يدخلها أحد إلا بإحرام و هذا هو مذهب الحنابلة قالوا إن كل من دخل مكة عليه أن يحرم يجب عليه أن يحرم بحج أو بعمرة .إذا في غير وقت الحج يحرم بعمرة . قالوا و يستثنى من ذلك من يتكرر دخوله قالوا كالحطاب الذي يحتطب يدخل في كل مرة أو مثل صاحب سيارة صاحب نقل يدخل و يخرج يحرم من أول مرة أو في آخر مرة و يكفيه مرة واحدة لو تكرر دخوله و أما من لم يتكرر دخوله فيجب عليه أن يحرم حتى لو جاء للزيارة نقول أحرم بالعمرة ، لو جاء لطلب العلم أحرم ، لو جاء للتجارة نقول أحرم . أدِّ العمرة و روح لعملك هذا مذهب الحنابلة و جماعة .
و القول الثاني أنه لا يجب إلا من أراد حجه و هذا هو الصواب كما أقره الشيخ رحمه الله تعالى الصواب أنه لا يجب إلا على من أراد الحج و العمرة و الدليل الحديث هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ. فمفهومة أن من لم يرد الحج و العمرة فلا يجب عليه و يدل على ذلك فعل النبي حينما دخل مكة يوم الفتح دخلها بغير إحرام . نعم .
المتن :
شرح الشيخ : من كان داخل المواقيت يحرم من مكانه من بيته من مسكنه حتى أهل مكة يحرمون من مكة للحج من مساكنهم ، أهل مكة يحرمون من مساكنهم ، أهل جدة يحرمون من مساكنهم ، أهل بدر أهل بحرة يحرمون من مساكنهم ، من كان له مسكن خارج الميقات و مسكن داخل الميقات هو بالخيار إن شاء أحرم من هذا و إن شاء أحرم من هذا . و يستثنى لأهل مكة العمرة كما سيبين الشيخ رحمه الله . نعم لكن
المتن :
لكن من أراد العمرة و هو في الحرم فعليه أن يخرج إلى الحِل و يحرم بالعمرة منه ، لأن النبي ﷺ لما طلبت منه عائشة العمرة أمر أخاها عبد الرحمن أن يخرج بها إلى الحِل فتحرم منه ، فدل ذلك على أن المعتمر لا يحرم بالعمرة من الحرم و إنما يحرم بها من الحِل .
و هذا الحديث يخصص حديث ابن عباس المتقدم و يدل على أن مراد النبي ﷺ بقوله : حَتَّى أَهلَ مَكَّةَ يُهلُّونَ مِن مَكَّةَ هو الإهلال بالحج لا العمرة ، إذ لو كان الإهلال بالعمرة جائز من الحرم لأذن لعائشة رضي الله عنها في ذلك و لم يكلفها بالخروج إلى الحِل ، و هذا أمرٌ واضحٌ و هو قول جمهور العلماء رحمة الله عليهم و هو أحوط للمؤمن لأن فيه العمل بالحديثين جميعًا . و الله الموفق.
شرح الشيخ : نعم . هذه المسألة و هو الإحرام بالعمرة ، الإحرام بالعمرة فيه قولان لأهل العلم:
القول الأول و هو قول جمهور العلماء أن بالنسبة لأهل مكة أن المكي إذا أراد العمرة يخرج إلى الحِل ، لأن النبي ﷺ أمر عائشة أن تخرج إلى التنعيم . و أما الحج فإنه يحرم من مسكنه لقول النبي ﷺ حَتَّى أَهلَ مَكَّةَ يُهلُّونَ مِن مَكَّةَ .
و ذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه يحرم بالعمرة من مكة و استدلوا بعموم الحديث الأول حَتَّى أَهلَ مَكَّةَ يُهلُّونَ مِن مَكَّةَ .، قالوا هذا عام يشمل الحج و العمرة.
و الصواب الذي عليه الجمهور أن العمرة لا بد فيها من الإحرام من الحِل بدليل قصة عائشة ، أن عائشة رضي الله عنها لما أرادت العمرة أمرها النبي ﷺ أن تخرج و لا كان جائزاً الإحرام بالعمرة من الحرم جائز لما كلفها أن تخرج ، فدل على أن العمرة مستثناة هذا هو إلذي عليه جمهور العلماء .
و آخر من أهل العلم قالوا العمرة و الحج سواء ، و استدلوا بعموم حديث الأول حَتَّى أَهلَ مَكَّةَ يُهلُّونَ مِن مَكَّةَ، قال أهل مكة يحرمون من مساكنهم للعمرة و الحج لكن الصواب الأول .
نقف على هذا عشان الوقت . وفق الله الجميع على طاعته و صلى الله على محمد .
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على عبد الله و رسولنا محمد و على آله و صحبه أجمعين ، أما بعد :
أركان العمرة ثلاثة الإحرام و الطواف والسعي ، ذكرنا أركان الحج و أركان العمرة ثلاث الإحرام و الطواف و السعي .
وواجبات العمرة اثنان الإحرام من الميقات أو من الحِل إن كان من أهل مكة ، و الثاني الحلق و التقصير.
و كما سبق الركن لا يسقط لا سهوًا و لا عمدًا و لا جهلًا و لو جامع المحرم في العمرة قبل الإتيان بالأركان تفسد العمرة و عليه قضاها ، و لو جامع بعد الإحرام و الطواف و السعي و قبل الحلق و التقصير لا تفسد العمرة لكن عليه دم .
أما محظورات الإحرام الآن نتكلم عليها بعد العشاء إن شاء الله محظورات الإحرام و كيف حصرت بهذا العدد . نعم .
قراءة الطالب : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين و صلى الله وسلم على نبينا محمد ، اللهم اغفر لنا و لوالدينا و لشيخنا و للسامعين و السامعات . أما بعد قال المؤلف رحمه الله تعالى
المتن:
شرح الشيخ : نعم . هذه المسألة و هي الإكثار من العمرة لكثيرٍ من الحجاج سواء قبل الحج أو بعد الحج ، هذه المسألة يعاني منها الدعاة نعاني منها شدة ، و ذلك أن كثير من الحجاج و خصوصًا الوافدين من خارج المملكة يكثرون الاعتمار سواء قبل الحج أو بعده . بعضهم يوالي بينهم حتى أفرط بعضهم أو كثيرٌ منهم و صار يعتمر في اليوم مرتين عمرة في الصباح و عمرة في المساء و بعضهم يعتمر كل يوم و هذا لا دليل عليه و يقول أنا اعتمر لغيري نعتمر لوالدي و هذا يقول اعتمر لجدتي هذا اعتمر لجاري ، صار كأنه صدقات يوزعونها ، كأنه صدقات عمرة في الصباح لوالده و عمرة في المساء لولده و عمرة من الغد لجده و عمرة في المساء لجدته و عمرة بعدها لجاره و عمرة لخاله و هكذا . و هذا ، هذا تلاعب في الحقيقة لهذا قال رسول ﷺ فهولاء الذين يذهبون إلى التنعيم خطوات ثم يرجعون لا أدري أيعذبون أم يثابون . و لم يفعل هذا أحد من السلف و إنما الخلاف فيما إذا كان هناك فترة بين العمرتين . يعني اعتمر ثم اعتمر بعد عشرة أيام أو سبعة أيام هذا جازها كثيرٌ من العلماء بمقدار ما بالشعر من الرأس مثلًا ستة أيام سبعة أيام و ما أشبه ذلك هذا بعض العلماء أجازه و بعض المحققين لا يجيز ، لا يجيز العمرة من مكة كشيخ الإسلام ابن تيمية و غيره و غيره ، وأن هذا بدعة يقول أن الإنسان المسلم إذا اعتمر مرة واحدة يكفيه ليس له أن يخرج إلى مكة و يعتمر لأن الأصل في العمرة أنها زيارة والذي في مكة كيف يزور فلا يعتمر إلا إذا قدم مكة و أما إذا كان في مكة فإنه يكثر من الطواف و الصلاة و القراءة ويكفيه هذا ، أما كونه يذهب و يأتي بعمرة و يأتي بعمرة فهذا لا دليل عليه . إذا كانت متوالية فهذا لا دليل عليه و إذا كانت بينه و بينها فترة فهذا فيه خلاف من العلماء من أجازه و قال لا بأس أن أتى من التنعيم و من المحققين من قال لا يعتمر و العمرة من مكة بدعة ، و أهل مكة ليس عليهم عمرة إنما العمرة للداخل و العمرة هي الزيارة و من في مكة كيف يزور ؟ هذا الإكثار يعاني منه الدعاة و تجد أسئلة الناس الحجاج هكذا يضيعون الأوقات يتعبون الدعاة أنا معتمر ، باعتمر اعتمرت ، بعضهم اعتمر يعتمر قبل أن يسأل و بعضهم يسأل بعد أنا اعتمرت لأبي و اعتمرت عمرة ثانية لجدي و اعتمرت لخالي و اعتمرت وهكذا . و تنبه و تنبه ثم إذا انتهيت يأتي واحد ثاني يسأل و إذا انتهيت ثاني يسأل وهكذا . عدد كثير حجاج هذه مشكلة الحقيقة.
فالسنة للمسلم أن يعتمر مرة واحدة و النبي ﷺ حج معه أكثر من مائة ألف و لم يعتمروا إلا عمرة واحدة قبل الحج ما فيه أحد اعتمر بعد الحج ، النبي ﷺ ما اعتمر بعد الحج و لا اعتمر أحد إلا عائشة لما تطب نفسها لأنها حاضت قبل الحج و أما النبي ﷺ ومن حج معه ما اعتمروا بعد الحج اكتفوا بعمرتهم الأولى فهذا الإكثار من العمرة من كثير من الحجاج و لا سيما إذا كان متواليا عمرة بعد عمرة هذا لا أصل له بل هو من البدع أما إذا كان بينهما فترة فهذا فيه خلاف كما سمعتم إذا كان بين العمرة و العمرة بمقدار ما ينبت شعر رأس أسبوع خمسة أيام ستة أيام لا بأس ، هذا أجازه جمع من أهل العلم و بعض المحققين منع منه قال ما فيه عمرة من مكة ، عمرة واحدة فقط العمرة للداخل فينبغي للمسلم أن ينتبه لمثل هذا و ينبه أيضًا من رآه من الإخوان الإكثار من العمرة و التوالي منها و الموالاة بينها هذا هو المنكر و هذا الذي يفعله كثيرٌ من الناس و يتعبون الناس ويتعبون أنفسهم و يشكلون زحاما في وقت الموسم يمتلئ الحرم هذا داخل و هذا طالع في الصباح عمرة و في المساء عمرة و كل واحد يأخذ في الصباح عمرة و في المساء عمرة كيف يكون الزحام ؟ ، طول ما هو موجود في مكة هذا في الصباح عمرة و في المساء عمرة ، هذا لا أصل له و لا ليس عليه دليل. هذا.
أما عن قول الشيخ و أما فبعض الناس من الإكثار من العمرة بعد الحج من التنعيم أو الجعرانة أو غيرهما و قد سبق أن اعتمر قبل الحج فلا دليل على شرعيته بل الأدلة تدل على أن الأفضل تركه ، و هذا كما سبق إن كان ليس بينهما فترة ، متواليا فهذا لا أصل له و من البدع و إن كان بينهم فترة ففيه الخلاف كما سمعتم ، و المحقق شيخ الإسلام بن تيمية يفتي بأن هذا بدعة يفتي الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله يفتي بأنه بدعة العمرة من مكة يقول ما فيه عمرة من مكة اعتمرت مرة واحدة يكفي ، ما في عمرة إلا في سفرة ثانية إذا خرجت من مكة .نعم ؟! يستحيل ولا يستحيل خلاص أديت العمرة التي عليك والحمد لله .
و بعضها تقول أنا أريد اعتمر لأخي ، طيب لأخي ولأختك تحسن إليه بالصدقة ما في صدقة ؟! صدقة تدعو له تصدق عنه ، يشتري ثيابا و تتصدق عنه ، تشتري فاكهة تتصدق عنه ، تدعو له يكفي هذا موبلازم العمرة ، يكون الإنسان يرتكب بدعة لأجل أنه يهدي العمرة لغيره . نعم ؟ كيف ؟ لم يعتمر لا يعتمر عمرة الإسلام لا بد يعتمر ، طيب يأتي بسفرة ثانية يروح المدينة لزيارة و يرجع هذا هو يرجع و يروح . نعم . نعم .
المتن :
فصل في حكم من وصل إلى الميقات في غير أشهر الحج
اعلم أن الواصل إلى الميقات له حالان : إحداهما أن يصل إليه في غير أشهر الحج كرمضان وشعبان فالسنة في حق هذا أن يحرم بالعمرة فينويها بقلبه و يتلفظ بلسانه قائلًا : لبيك عمرةٌ أو اللهم لبيك عمرة.
شرح الشيخ :
انظر يتلفظ بلسانه يعني في نسكه ما تلفظ قال اللهم أني أريد العمرة أو أني نويت العمرة ، شوف يتلفظ بلسانه فيقول لبيك عمرة إذا أظهرها في نسكه ما تلفظ بالنية المجردة بعض الفقهاء المتأخرين يقول اللهم أني نويت العمرة أو اللهم أني أريد العمرة ، هذا ما ورد لكن تذكرها في النسك لبيك عمرة لبيك حجًا لبيك عمرة أو أوجبت حجًا أوجبت عمرة ، لكن اللهم إني نويت العمرة أو اللهم إني أريد العمرة كما يقول بعض الفقهاء يقول اللهم إني أريد العمرة فيسرها لي و تقبلها مني، هذا ما عليه دليل التلفظ بالنية لكن على قاعدة الفقهاء يقولون يتلفظ بالنية سرًا استحبابًا ، فقهاء من المتأخرين من ".." يسن أن يتلفظ بالنية استحبابًا ليتواطأ القلب و اللسان فإذا أراد الصلاة اللهم إني سأصلي صلاة الظهر و إذا أراد الصوم اللهم إني سأصوم هذا اليوم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، إذا أراد اللهم إني أريد العمرة اللهم إني أريد الحج ، هذا لا أصل له التلفظ بالنية . حتى في الحج ؟ حتى في الحج ، في الحج ما تتلفظ بالنية و إنما تظهر النية في تظهر ما نويت في النسك فتقول لبيك عمرة اللهم لبيك عمرة ، أو تقول أوجبت عمرة لكن ما تقول نويت العمرة أو اللهم أني أريد العمرة ، بينما تقول لبيك عمرة لبيك عمرة وحج . واضح هذا ؟ وفي الطواف ما تتلفظ تقول نويت أن أطوف ، في السعي كذلك و أنتم تسمعون البعض اللهم إني أريد أن أطوف بالبيت سبعة أشواط طواف العمرة ، أو طواف الوداع . اللهم إني أريد السعي من الصفاء و المروة سبعة أشواط سعي العمرة أو سعي الحج . كل هذا لا أصل له . لكن عمدتهم في هذا كلام المتأخرين الذين يستحبون هذا اجتهاد ، اجتهاد ليس عليه دليل يقولون حتى يتواطأ القلب و اللسان . نعم .
المتن :
ثم يلبي بتلبية النبي ﷺ وهي : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ، وَالنِّعْمَةَ، لَكَ وَالْمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ. و يكثر من هذه التلبية و من ذكر الله سبحانه حتى يصل إلى البيت .
فإذا وصل إلى البيت قطع التلبية و طاف بالبيت سبعة أشواط و صلى خلف المقام ركعتين ثم خرج إلى الصفا و طاف بين الصفا و المروة سبعة أشواط ثم حلق شعر رأسه أو قصره ، و بذلك تمت عمرته و حل له كل شيء حُرم عليه بالإحرام .
شرح الشيخ : هذه الحالة الأولى ، الحالة الأولى أن يصل إلى الميقات في غير أشهر الحج ، أشهر الحج ما هي ؟ شوال و ذو القعدة و عشر ذي الحجة . إذا وصل بغير أشهر الحج وصل في رمضان في شعبان في رجب في جماد في محرم . ماذا يعمل يُحرم بالعمرة ، هل له يُحرم بالحج ؟ ليس له أن يُحرم بالحج ، لأنه ما دخلت أشهر الحج وهل يصح إحرامه بالحج لو أحرم في شعبان أو في رمضان ؟ من العلماء من قال ينعقد عمرة ، و من هم من قال يصلح ما عليه . و الصواب لا يشرع ، غير مشروع نحن بالعمرة ما دخلت أشهر الحج حتى تحرم بالحج فهذا يُحرم بالعمرة و يلبي بتلبية رسول الله ﷺ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، و يكثر من هذه التلبية يكثر حتى يصل على البيت قطع التلبية ، قطع التلبية إذا وصل البيت . و الحاج يقطع التلبية إذا شرع في رمي جمرة العقبة . نعم.
الحالة الثانية ، أن يصل إلى الميقات في أشهر الحج . فهذا يخير بواحد من الأنساك الثلاثة . نعم الثانية ..
المتن :
الثانية أن يصل إلى الميقات في أشهر الحج و هي شوال و ذو القعدة و العشر الأول من ذي الحجة.
مثل هذا يخير بين ثلاثة أشياء و هي الحج وحده ، و العمرة وحدها ، و الجمع بينهما لأن النبي ﷺ لما وصل إلى الميقات في ذي القعدة في حجة الوداع خير أصحابه بين هذه الأنساك الثلاثة.
لكن السنة في حق هذا أيضًا إذا لم يكن معه هَدي أن يحرم بالعمرة و يفعل ما ذكرنا في حق من وصل إلى الميقات في غير أشهر الحج لأن النبي ﷺ أمر أصحابه لما قربوا من مكة أن يجعلوا إحرامهم عمرة و أكد عليهم في ذلك بمكة فطافوا و سعوا و قصروا و حلوا امتثالا لأمره ﷺ إلا من كان معه الهَدي فإن النبي ﷺ أمره أن يبقى على إحرامه حتى يَحِل يوم النحر و السنة في حق من ساق الهَدي أن يُحرم بالحج و العمرة جميعًا ، لأن النبي ﷺ قد فعل ذلك و كان قد ساق الهَدي و أمر من ساق الهَدي من أصحابه ، و قد أَهَلَّ بعمرة أن يلبي بحج مع عمرته و ألا يحل حتى يحل منهما جميعًا يوم النحر .
شرح الشيخ : يحل ".." ساكنة لئلا يحل ، حل يحل من الثلاثي و أما يحل من أحل .يحل الأفصح حتى يحل من حل يعني .
المتن :
و أن لا يحِل حتى يحل منهما جميعًا يوم النحر . و إن كان الذي ساق الهَدي قد أحرم بالحج وحدة بقي على إحرامه أيضًا حتى يحل يوم النحر كالقارن بينهما.
و عُلم بهذا أن من أحرم بالحج وحدة أو بالحج و العمرة و ليس معه هَدي لا ينبغي له أن يبقى على إحرامه بل السنة في حقه أن يجعل إحرامه عمرة فيطوف و يسعى و يقصر و يحل كما أمر النبي ﷺ من لم يسق الهَدي إلا أن يخشى هذا فوات الحج لكونه قدِم متأخرًا فلا بأس أن يبقى على إحرامه و الله أعلم .
شرح الشيخ :
نعم ، هذه المسألة يقول من وصل إلى الميقات في أشهر الحج و هي شوال و ذو القعدة و عشر من ذي الحجة ، يخير بين الأنساك الثلاثة إن شاء أحرم بالعمرة متمتعًا بها إلى الحج و إن شاء أحرم بالعمرة و الحج معًا فيكون قارنًا و إن شاء أحرم بالحج وحدة . لأن النبي ﷺ خير الناس بين الأنساك الثلاثة الميقات فمنهم من أحرم كما ذكرت عائشة رضي الله عنهما في وجوه الإحرام ، قالت : فمنهم من أحرم بالحج وحده و منهم من أحرم بالعمرة و الحج معًا و منهم من أحرم بالعمرة و قالت عائشة و كنت ممن أحرم بالعمرة . ثم أصابها الحيض . لكن لما قرب الناس من مكة و الناس أقسام منهم من ساق الهَدي و الرسول ﷺ ساق الهَدي بعض أصحابه ساق الهَدي معه ، سوقوا الهَدي إبل أو بقرة أو غنم يسوقهما من بلده إلى مكة تذبح في مكة ، هذا يسمى ساق الهَدي فلما قرب النبي ﷺ من مكة الذي لم يسق الهَدي ما معه شيء أمره النبي ﷺ أن يفسخ نيته بالحج وحده أو بالعمرة وحدها أو بالحج و العمرة و يجعلها عمرة حتى يكون متمتعاً و الذي معه هَدي أمره أن يبقى على إحرامه لا يتحلل حتى ايش ؟! حتى ينحر هديه فلما وصلوا إلى مكة و طافوا و سعوا حتم عليهم و ألزمهم فتحللوا كلهم إلا من ساق الهَدي و هم قد نووا العمرة أو بعضهم قد نوى الحج بعضهم نوى الحج و العمرة فأمره يغير النية يفسخ النية و يجعلها عمرة فطافوا وسعوا و تحللوا عند المروة كلهم إلا من ساق الهَدي و حتم عليهم و ألزم عليهم و من هذا أخد البعض العلماء أن التخيير منسوخ .