شعار الموقع

شرح كتاب التعليق على لمعة الاعتقاد لابن عثيمين ( 7 ) من أزواج النبي ﷺ إلى آخر الكتاب

00:00
00:00
تحميل
156

(المتن) 

خامسًا: زينب بنت خُزيمة الهلالية أم المساكين: تزوجها بعد استشهاد زوجها عبد الله بن جحشٍ في أُحُد، وماتت سنة 4 للهجرة بعد زواجها بيسير. 

سادسًا: أم سلمة هندُ بنت أبي أُميَّة المخزومية: تزوجها بعد موت زوجها أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد من جراحةٍ أصابته في أُحُد، وماتت سنة إحدى وستين للهجرة. 

سابعًا: زينب بنت جحشٍ الأسدية: بنت عمته ﷺ: تزوجها بعد مولاه "زيد بن حارثة" سنة 5 للهجرة، وماتت سنة 20 للهجرة. 

ثامنًا: جويرية بنت الحارث الخُزاعية: تزوجها بعد زوجها مسافع بن صفوان، وقِيل: مالك بن صفوان سنة 6 للهجرة، وماتت سنة 56 للهجرة. 

تاسعًا: أم حبيبة (رملة بنت أبي سفيان): تزوجها بعد زوجٍ أسلم ثم تنصَّر هو "عبيْد الله بن جحش، وماتت في المدينة في خلافة أخيها سنة 44 للهجرة. 

عاشرًا: صفية بنت حيي بن أخطب: من بني النضير، من ذرية هارون بن عمران ﷺ، أعتقها وجعل عتقها صداقها بعد زوجين: أولهما: سلَّام بن مشكم. والثاني: كنانة بن أبي الحُقَيْق. بعد فتح خيْبر سنة 6 للهجرة، وماتت سنة 50 للهجرة. 

ثم ميمونة بنت الحارث الهلالية: تزوجها سنة 7 للهجرة في عمرة القضاء بعد زوجين: الأول: ابن عبد ياليْل. والثاني: أبو رهم بن عبد العُزَّى، بنى بها في سَرِف، وماتت سنة 51 للهجرة. 

(الشرح) 

ابن عبد ياليل وأبو رهم بنى بها في سرف؛ كلهن ثيبات إلا عائشة، ولم يتزوج بكرًا غير عائشة عليه الصلاة والسلام. 

(المتن) 

تزوجها سنة 7 للهجرة في عمرة القضاء بعد زوجين: الأول: ابن عبد ياليْل. والثاني: أبو رهم بن عبد العُزَّى، بنى بها في سَرِف، وماتت سنة 51 للهجرة، فهذه زوجات النبي ﷺ اللاتي كان فراقهن بالوفاة: 

(الشرح) 

هذه من آيات الله ميمونة تزوجها في سرف، وماتت في سرف؛ مكان قرب مكة يسمى سرف. 

(المتن) 

اثنتان توفيتا قبله: وهما خديجة وزينب بنت خُزيمة. 

وتسعٌ توفي عنهن وهن البواقي. 

وبقي اثنتان لم يدخل بهما، ولا يثبت لهما من الأحكام والفضيلة ما يثبت للسابقات وهما: 

الأولى: أسماء بنت النعمان الكندية: تزوجها النبي ﷺ ثم فارقها، واختُلف في سبب الفراق، فقال ابن إسحاق: إنه وجد في كشحها بياضًا ففارقها، فتزوجها بعده المهاجر بن أبي أُميَّة. 

الثانية: أميمة بنت النعمان بن شراحيل الجونية: وهي التي قالت: "أعوذ بالله منك" ففارقها. والله أعلم. 

وأفضل زوجات النبي ﷺ خديجة وعائشة رضي الله عنهما، ولكلٍّ منهما مزية على الأخرى: 

فلخديجة في أول الإسلام ما ليس لعائشة من السبق والمؤازرة والنُصرة. ولعائشة في آخر الأمر ما ليس لخديجة من نشر العلم ونفع الأُمَة.

وقد برَّأها الله مما رماها به أهل النفاق من الإفك في "سورة النور". 

(الشرح) 

خديجة كانت في أول صدر الإسلام، وعائشة في الآخر، خديجة حضرت البعثة، وهدأت من روع النبي ﷺ، وواسته بنفسها، ومالها، وعائشة في آخر الأمر نقلت الشريعة، وبلغت السنة. 

 (المحقق) 

الطالب: تعليق الحافظ الذهبي في أفضلة خديجة عن أم المؤمنين عائشة. 

قال رحمه الله تعالى في ترجمة أم المؤمنين عائشة: وكانت امرأةً بيضاء جميلة، ومن ثَمَّ يُقال لها: "الحُميْراء"، ولم يتزوج النبي ﷺ بِكرًا غيرها، ولا أحبَّ امرأةً حبها، ولا أعلم في أُمَّة محمد ﷺ، بل ولا في النساء مطلقًا امرأةً أعلم منها. 

(الشرح) 

هي أفقه النساء على الإطلاق، أفقه امرأة. 

(المحقق) 

وذهب بعض العلماء إلى أنها أفضل من أبيها وهذا مردود؛ فقد جعل الله لكل شيءٍ قدرًا، بل نشهد أنها زوجة نبينا ﷺ في الدنيا والآخرة؛ فهل فوق ذلك مفخَر؟! 

وإن كان للصدِّيقة خديجة شأو لا يُلحق وأنا واقفٌ في أيتهما أفضل؟ نعم جزمتُ بأفضلية خديجة عليها لأمورٍ ليس هذا موضعها. انتهى كلامه. 

(الشرح) 

خديجة في أول الإسلام أفضل، وعائشة في آخره أفضل، وخديجة جاء فيها ما لم يأتِ في غيرها، أن النَّبِيّ ﷺ جاءه جبريل وقال :أَقْرِئْهَا السَّلَامَ مِن رَبِّهَا وَمِنِّي

وعائشة قال لها النبي ﷺ: إِنَّ هّذّا جِبرِيلَ يُقرِئُكِ السَّلَامَ؛ فقالت: وعليه السلام ترى ما لا أرى. 

أمَّا خديجة جاء جبريل وقال: أَقْرِئْهَا السَّلَامَ مِن رَبِّهَا وَمِنِّي. من رب العالمين، هذا قولٌ عظيم. 

(المتن) 

فلخديجة في أول الإسلام ما ليس لعائشة من السبق والمؤازرة والنُصرة. ولعائشة في آخر الأمر ما ليس لخديجة من نشر العلم ونفْع الأُمَة.

وقد برَّأها الله مما رماها به أهل النفاق من الإفك في "سورة النور". 

قذف عائشة بما برَّأها الله منه كُفرٌ؛ لأنه تكذيبٌ للقرآن، وفي قذف غيرها من أمهات المؤمنين قولان لأهل العلم. 

 (الشرح) 

وهذا بإجماع المسلمين "أنَّ مَنْ قَذف عائشة فهو كافر بالإجماع"؛ لِأَنَّهُ مكذب لله، والله تعالى برَّأها في ثمانية عشر آية من سورة النور، فمَن قذفها فيما برَّأها الله منه فهو كافر؛ لِأَنَّهُ مكذب لله. 

(المتن) 

وفي قذف غيرها من أمهات المؤمنين قولان لأهل العلم أصحهما أنه كفرٌ؛ لأنه قدْحٌ في النبي ﷺ. 

(الشرح) 

وهذا أيضًا مما يدل على كفر الرافضة؛ لأنهم يقذفون عائشة والعياذ بالله. 

(المتن) 

فإنَّ الخبيثات للخبيثين. 

قال رحمه الله: ومعاوية خال المؤمنين، وكاتب وحي الله، أحد خلفاء المسلمين 

(الشرح) 

أول ملوك المسلمين "معاوية"، والخلافة قبلة كانت خلافة راشدة (أبي بكر وعمر وعثمان وعلي)؛ هذه خلافة راشدة، وأول ملوك المسلمين هو "معاوية بن أبي سُفيان" وتمت له البيْعة بالإجماع في عام أربعين من الهجرة، وسُمِّي ذلك العام "عام الجماعة"، واستمر في الخلافة إلى عام 60 (20 سنة). 

(المتن) 

هو أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب، وُلد قبل البعثة بخمس سنين، وأسلم عام الفتح، وقِيل: أسلم بعد الحُديبية، وكتَمَ إسلامه، ولَّاه عمر الشام واستمر عليه، وتسمى بالخلافة بعد الحكميْن عام 37 للهجرة، واجتمع الناس عليه بعد تنازل الحسن بن علي سنة 41 للهجرة، كان يكتب للنبي ﷺ. 

(الشرح) 

سُمي ذلك العام "عام الجماعة" لاجتماع المسلمين عليه. 

(المتن) 

كان يكتب للنبي ﷺ ومن جُمْلة كُتَّاب الوحي، توفي في رجب سنة 60هـ عن 78 سنة.

وإنما ذكره المؤلف وأثنى عليه للرد على الروافض الذين يسبونه، ويقدحون فيه، وسماه خال المؤمنين؛ لأنه أخو أم حبيبة إحدى أمهات المؤمنين، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة نزاعًا بين العلماء، هل يُقَال لإخوة أمهات المؤمنين أخوال المؤمنين أم لا؟ 

قال رحمه الله: من السنة: السمع والطاعة لأئمة المسلمين وأمراء المؤمنين، برهم وفاجرهم، ما لم يأمروا بمعصية الله، فإنه لا طاعة لأحدٍ في معصية الله. 

(الشرح) 

ولاة الأمور يجب السمع والطاعة لهم في أمرين: 

الأمر الأول: إذا أمروا بطاعة الله ورسوله ﷺ. 

والأمر الثاني: إذا أمروا بشيء مُباح يجب السمع والطاعة لهم. 

أمَّا إذا أمروا بمعصية؛ فلا يُطاع أحد في المعصية، يقول النبي ﷺ: لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الخَالِقِ إذا أمَرَ ولي الأمر شخص يشرب الخمر؛ فلا يُطيعه، أو يتعامل بالربا؛ لا يطيعه. كما أنَّ أباك إذا كان الإنسان له أب وأمَرَهُ أبوه قَالَ: اشتري دخاناً؛ لا يطيعه معصية هذه، أو أمَرَه بشرب الخمر أو قال له: لا تصلي مع جماعة في المسجد؛ لا يطيعه، وكذلك الزوجة إذا أمَرَها زوجها بمعصية؛ لا تطيعه. والعبد إذا أمَرَه سيده بالمعصية؛ لا يطيعه: لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الخَالِقِ  لكن ليس معنى أن تتمرد عليه، إذا أمرَك ولي الأمر بالمعصية لا تطيعه؛ لكن لا تتمرَّد عليه، لا تخرج عليه. إذا أمَرَك أبوك بالمعصية لا تطيعه في المعصية؛ لكن لا تتمرد عليه في غير هذه المعصية، تطيعه، والزوجة إذا أمرها زوجها بالمعصية لا تتمرَّد عليه، لا تطيعه بالمعصية؛ لكن تطيعه فيما سوى ذلك. وكذلك العبد ما يتمرَّد على سيده، إذا أمَرَه سيده بالمعصية لا يطيعه، وما عدا المعصية يطيعه، واضح هذا؟ ليس معنى ذلك الخروج عليه. 

الطالب: إذا أمَرَ ولي الأمر في مسائل فقهية خلافية بين العلماء؟ 

الشيخ: إذا كانت مسألة خلافية والخلاف واضح؛ معناه يطيعه في هذا؛ لأن المسألة خلافية مثل حكم الحاكم يقع الخلاف. 

(المتن) 

ومن وَلِىَ الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به، أو غلبهم بسيفه حتى صار الخليفة وَسُمَّى أمير المؤمنين، وجبت طاعته وحرمت مخالفته والخروج عليه وشق عصا المسلمين. 

(الشرح) 

تثبت له البيعة إذا غلب الناس في قوته وسيفه وسلطانه، ثبتت له البيعة، كما أنَّ تثبت البيعة في ولاية العهد عند الإمام السابق، فتثبت البيْعة رغم اختيار المسلمين وانتخابهم، ثلاث أمور؛ إذا اختاره المسلمون، اختاروه أهل الحل والعقد ثبتت له البيعة، كما في ولاية أبي بكر باختيار المسلمين، كما ثبت لعثمان، وتثبت بولاية العهد، كما ثبتت لعمر ولاية العهد من أبي بكر الصديق. 

وتثبت بالقوة والغلبة كما حصلت لجميع الخلفاء الآن، بعد الخلفاء الراشدين كله ثبتت بالقوة والغلبة (خلفاء بني أُميَّة، خلفاء بني العباس)؛ كلهم ثبتت بالقوة والغلبة، ما ثبتت الخلافة بالاختيار والانتخاب إلَّا لعثمان والصدِّيق، وكذلك علي، وكذلك عمر بعد ولاية العهد أجمعوا عَلَى الخلفاء الراشدين، بعدهم ما ثبتت لأحد بالاختيار والانتخاب، إِلَّا بالقوة والغلبة،وَمَعَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ يعتبرونهم ولاة الأمور. 

 (المتن) 

قال الشارح حفظه الله: الخلافة منصب كبير ومسئولية عظيمة وهي تَوَلّى تدبير أمور المسلمين بحيث يكون هو المسئول الأول في ذلك، وهي فرض كفاية؛ لأن أمور الناس لا تقوم إلا بها، وتحصل الخلافة بواحد من أمور ثلاثة: 

الأول: النص عليه من الخليفة السابق كما في خلافة عمر بن الخطاب  فإنها بنص من أبي بكر 

الثاني: اجتماع أهل الحل والعقد سواء كانوا معينين من الخليفة السابق كما في خلافة عثمان  فإنها باجتماع من أهل الحل والعقد المعينين من قبل عمر بن الخطاب  أم غير معينين كما في خلافة أبي بكر عنه على أحد الأقوال، وكما في خلافة علي 

الثالث: القهر والغلبة كما في خلافة عبد الملك بن مروان حين قتل ابن الزبير وتمت الخلافة له. 

(الشرح) 

كله بالقوة والغلبة، كل خلفاء بني أُميَّة وبني العباس كله بالقوة والغلبة، بعضهم بولاية العهد من الخليفة السابق. 

الطالب: ماذا يعني فرض كفاية؟ 

الشيخ: فرض كفاية يعني: لا بد منها، يعني لا بد منه، لا يصلح الناس إِلَّا بالسلطان، لا بد من المسلمين أن يقيموا إماماً، الخلاف بين هَلْ هي واجبة أو سُنَّة أو فرض؟ يجب على المسلمين فرضاً إلى أن يقيموا إماماً يكون لهم، هذا لا بد منه، فرض كفاية إذا قام به البعض سقط على الباقين. 

(المتن) 

حكم طاعة الخليفة وغيره من ولاة الأمور واجبة في غير معصية الله لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء/ 59]. ولقوله ﷺ: السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى المُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ متفق عليه. 

وسواء كان الإمام بَرًّا: وهو القائم بأمر الله فعلا وتركًا، أو فاجرًا: وهو الفاسق؛ لقوله ﷺ : أَلَا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ

(الشرح) 

أَلَا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ. في حديث عوف بن مالك الأشجعي في صحيح مسلم، أَلَا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ، فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ، فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ، وَلَا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ

وفيه الرد على الخوارج والمعتزلة والرافضة؛ لأنهم لا يجوزون إمامة الفاسق ، والخوارج يقولون: الفاسق يجب قتله؛ لأنه حلل الدم والمال كافر، فهو مخلَد في النار، والمعتزلة كذلك، والرافضة يقولون: ما في إمام إلا الإمام المعصوم، أما أهل السنة والجماعة فيرون أن الإمامة تثبت، ولو لفاسق ولو للظالم، ظلمه وفجوره على نفسه، والمسلمون لهم ولايته، يؤمن الله به السبل، تقام به الحدود، يؤمرون فيه بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويقام الجهاد الله تعالى علق بولاة الأمور مصالح عظيمة، ولو كانوا فجارًا، ولو كانوا ظالمين. 

(المتن) 

لقوله ﷺ : أَلَا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ، فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ، فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ، وَلَا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ. رواه مسلم. 

والحج والجهاد مع الأئمة ماضيان نافدان وصلاة الجمعة خلفهم جائزة سواء كانوا أبرارًا أو فجارًا؛ لأن مخالفتهم في ذلك توجب شق عصا المسلمين والتمرد عليهم. 

(الشرح) 

قد سمعتم حديث عمار: يَدْعُوهُمْ إِلَى الجَنَّةِ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ. عمار يدعوهم إلى الجنة، إلى طاعة ولاة الأمور؛ لأنه يدعو أهل الشام إلى أن يطيعوا عليًّا؛ لأنه هو الخليفة الراشد، وهم يدعونه إلى النار، يدعونه إلى أن يخرج على الخليفة، وهو علي ، وهم ما يعلمون أنهم يدعونه إلى النار، لكن بفعلهم أنهم يدعونه إلى النار وهم لا يعلمون؛ لأنهم مجتهدون، وهو يدعوهم إلى الجنة وهم يدعونه إلى النار، يدعوهم إلى طاعة ولاة الأمور؛ لأنها طاعة لله وهي السبب في دخول الجنة، وهم يدعونه إلى النار والخروج على علي  وهي الخروج على ولاة الأمور وهي السبب في دخول النار؛ لأنها معصية. 

(المتن) 

والحديث الذي ذكره المؤلف: ثَلَاثٌ مِنْ أَصْلِ الْإِيمَانِ... إلخ» ضعيف، كما رمز له السيوطي في الجامع الصغير وفيه راوٍ،قال المزي: إنه مجهول، وقال المنذري في مختصر أبي داود: شبه مجهول. 

والثلاث خصال المذكورة فيه هي: الكف عمن قال: لا إله إلا الله، والثانية: الجهاد ماضٍ ... إلخ، والثالثة: الإيمان بالأقدار. 

والخروج على الإمام محرم، لقول عبادة بن الصامت : «بايعنا رسول الله ﷺ على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وألا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان». متفقٌ عليه. 

(الشرح) 

ومنازعة الأمر أهله أي: الخروج على ولاة الأمور. 

(المتن) 

وقال ﷺ : يَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمرَاءُ تَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ بَرِئَ وَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لَا، مَا صَلَّوْا، لَا، مَا صَلَّوْا؛ أي: من كره بقلبه وأنكر بقلبه. رواه مسلم  

ومن فوائد الحديثين: أن ترك الصلاة كفر بواح؛ لأن النبي ﷺ لم يجز الخروج على الأئمة إلا بكفر بواح، وجعل المانع من قتالهم فعل الصلاة، فدل على أن تركها مبيح لقتالهم، وقتالهم لا يباح إلا بكفر بواحٍ كما في حديث عبادة. 

(الشرح) 

والكفر البواح؛ يعني الصريح، وهذا من أقوى الأدلة على كفر تارك الصلاة، النبي ﷺ أجاز الخروج على ولاة الأمور إذا فعلوا كفرًا بواحًا، ونهى عن الخروج إذا كانوا يصلون، فدل على أنهم إذا لم يصلوا فقد أتوا كفرًا بواحًا. 

(المتن) 

قال رحمه الله: ومن السُّنة: هجران أهل البدع، ومُبَاينتهم، وترك الجدال والخصومات في الدِّين، وترك النظر في كتب المبتدعة والإصغاء إلى كلامهم، وكل محدثةٍ في الدِّين بدعة. 

قال حفظه الله تعالى: الهجران مصدر هَجَرَ وهو لغة: الترك والمراد بهجران أهل البدع الابتعاد عنهم، وترك محبتهم وموالاتهم والسلام عليهم وزيارتهم وعيادتهم ونحو ذلك. 

(الشرح) 

أهل البدع؛ المعتزلة، والخوارج، والقدرية، والرافضة، وغيرهم يجب هجرهم، وعدم الجلوس معهم، وعدم الأكل معهم إلا على وجه الدعوة، إذا كان هناك دعوة إذا زارهم من أجل الدعوة، ورجى هدايتهم فلا بأس، تزور  رافضي، أو القدري، أو المعتزلي تنصحه لا بأس، أما إذا كان ما في نصيحة لا أهجره وابتعد عنه؛ لأنه يضرك. 

(المتن) 

وهجران أهل البدع واجب لقوله تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [المجادلة/ 22]  ولأن النبي ﷺ هجر كعب بن مالك وصاحبيه حين تخلَّفوا عن غزوة تبوك. لكن إن كان في مجالستهم مصلحة لتبيين الحق لهم وتحذيرهم من البدعة فلا بأس بذلك، وربما يكون ذلك مطلوبًا لقوله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ[النحل/ 125]  وهذا قد يكون بالمجالسة والمشافهة وقد يكون بالمراسلة والمكاتبة.

ومن هَجْرِ أهل البدع ترك النَّظر في كتبهم خوفًا من الفتنة بها، أو ترويجها بين الناس فالابتعاد عن مواطن الضلال واجب لقوله ﷺ في الدجال: مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ، فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ، مِمَّا يَبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ رواه أبو داود، قال الألباني: وإسناده صحيح. 

لكن إن كان الغرض من النظر في كتبهم معرفة بدعتهم للرد عليها؛ فلا بأس بذلك لمن كان عنده من العقيدة الصحيحة ما يتحصن به، وكان قادرًا على الرد عليهم بل ربما كان واجبًا؛ لأن رد البدعة واجب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. 

(الشرح) 

هذا للعلماء خاصة، أما المبتدئون لا، المبتدئ لا ينظر إلى كتب أهل البدع ليست لديه بصيرة، لكن العلماء وأهل البصيرة لا بأس. 

(المتن) 

الجدال والخصام في الدين 

الجدال: مصدر جادل، والجدل منازعة الخصم للتغلب عليه، وفي القاموس الجدل: اللدد في الخصومة، والخصام المجادلة فَهُمَا بمعنى واحد. 

وينقسم الخصام والجدال في الدين إلى قسمين: 

الأول: أن يكون الغرض من ذلك إثبات الحق وإبطال الباطل وهذا مأمور به إما وجوبًا، أو استحبابًا بحسب الحال لقوله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل/ 125]. 

الثاني: أن يكون الغرض منه التعنيت، أو الانتصار للنفس، أو للباطل فهذا قبيح مَنهيٌ عنه لقوله تعالى:  مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا [غافر/ 4]. 

(الشرح) 

يعني الإيذاء، القصد منه إيذاء الخصم، وكذا، وليس مقصوده الحق؛ أما إذا كان المقصود الحق بيان الحق هذا مطلوب، أما إذا كان قصده الخصام والجدال والإيذاء، هذا لا ينبغي. 

(المتن) 

وقوله تعالى:  وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ [غافر/ 5]. 

وقال رحمه الله تعالى: وكل مُتَّسمٍ بغير الإسلام والسُّنة مبتدع. 

(الشرح) 

إذا كان في مصلحة للإسلام لا بأس، للدعوة؛ مثل إجابة أهل الكتاب، إذا كان في ضرر لا. 

الطالب: (..)؟ 

الشيخ: ما ينبغي إلا إذا كان على وجه المصلحة للدين. 

(المتن) 

الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أمًّا بعد:

فقال المؤلف رحمه الله:

وكل مُتَّسمٍ بغير الإسلام والسُّنة مبتدع. 

(الشرح) 

متسم؛ يعني متصف، وكل متصف، كما قرأنا. 

(المتن) 

قال المؤلف رحمه الله: 

وكل مُتَّسمٍ بغير الإسلام والسُّنة مبتدع، كالرافضة، والجهمية، والخوارج، والقدرية، والمرجئة، والمعتزلة، والكرامية، والكلابية، ونظائرهم؛ فهذه فرق الضلال، وطوائف البدع، أعاذنا الله منها. 

علامة أهل البدع وذكر بعض طوائفهم: 

لأهل البدع علامات منها: 

أولًا: أنهم يتصفون بغير الإسلام والسنة بما يحدثونه من البدع القولية والفعلية والعقائدية. 

ثانيًا: أنهم يتعصبون لآرائهم فلا يرجعون إلى الحق وإن تبين لهم. 

ثالثًا: أنهم يكرهون أئمة الإسلام والدين. 

(الشرح) 

المشهور البدع العقدية، العقيدية أو العقدية تحتمل. 

(المتن) 

ومن طوائفهم: 

أولًا: الرافضة: وهم الذين يغلون في آل البيت ويُكَفَّرون من عداهم من الصحابة، أو يفسقونهم، وهم فرق شتى فمنهم الغلاة الذين ادعوا أن عليًّا إله ومنهم دون ذلك. 

وأول ما ظهرت بدعتهم في خلافة علي بن أبي طالب حين قال له عبد الله بن سبأ: أنت الإله، فأمر علي  بإحراقهم، وهرب زعيمهم عبد الله بن سبأ إلى المدائن. 

ومذهبهم في الصفات مختلف، فمنهم المشبه، ومنهم المعطل ومنهم المعتدل، وسموا رافضة؛ لأنهم رفضوا زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب  حين سألوه عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما،  فترحم عليهما فرفضوه وأبعدوا عنه. 

(الشرح) 

سُموا رافضة؛ لأنهم رفضوا زيد بن علي لما سألوا عن أبي بكر وعمر، فترحم عليهم، فقال هما وزيرا جدي رسول الله ﷺ، فرفضوه فقال: رفضتموني...رفضتموني، فسُموا الرافضة وكانوا قبل ذلك يسمون الخشبية؛ لأنهم يقاتلون بالخشب،ولا يقاتلون بالسلاح إلا إذا خرج المهدي الذي دخل السرداب.

والرافضة طبقة من الغلاة، وأشد الغلاة الذين يقولون: إن الله حلَّ في علي، وأنه هو الإله، ومنهم: السبئية الذين أحرقهم علي بالنار، أخدَّ لهم أخاديد وأحرقهم بالنار من شدة غيظه عليهم، فقالوا: هذا هو الإله؛ لأنه هو الذي يعذب بالنار، زادوا والعياذ الله، قال: 

لَمّا رَأَيتُ الأَمرَ أَمراً مُنكَراً أَجَّجتُ ناري وَدَعَوتُ قَنبَرا

خدَّ لهم أخاديد وأحرقهم بالنار.

ومنهم: المخطئة الذين يقولون: جبريل أخطأ في الرسالة، أرسله الله إلى علي فأخطأ وأرسلها إلى محمد، هؤلاء كفرة.

 ومنهم: الرافضة هؤلاء سُموا رافضة؛لأنهم رفضوا زيد بن علي، وهم يعبدون آل البيت ويتوسلون بهم، ويكفرون الصحابة ويفسقونهم وهذا تكذيبٌ لله، ويقولون: إن القرآن غير محفوظ.

ومنهم فرق أخرى: الزيدية الذين يفضلون علياً على عثمان وبعضهم يسب الواحد، أو اثنين، ويسب معاوية وغيره؛ هؤلاء لا يكفرون، هم طبقات الشيعة منهم الكافر، ومنهم المبتدع على حسب المعتقد. 

الطالب: (..)؟ 

الشيخ: هم يقاتلون بالخشب، ما يقاتلون بالسلاح حتى يخرج المهدي المنتظر. 

(المتن) 

وسموا أنفسهم شيعة؛ لأنهم يزعمون أنهم يتشيعون لآل البيت وينتصرون لهم ويطالبون بحقهم في الإمامة. 

ثانيًا: الجهمية: نسبة إلى الجهم بن صفوان الذي قتله سالم أو سلم بن أحوز سنة 121هـ. 

(الشرح) 

 المعروف اسمه: سَلْم بن أحوز 

(المتن) 

مذهبهم في الصفات التعطيل والنفي، وفي القدر القول بالجبر، وفي الإيمان القول بالإرجاء، وهو أن الإيمان: مجرد الإقرار بالقلب، وليس القول والعمل من الإيمان، ففاعل الكبيرة عندهم مؤمن كامل الإيمان، فهم معطلة جبرية مرجئة وهم فرق كثيرة. 

(الشرح) 

وزعيمهم الجهم بن صفوان، واشتهر بأربعة عقائد خبيثة: 

العقيدة الأولى: عقيدة نفي الصفات والأسماء. 

العقيدة الثانية: عقيدة الجبر؛ وهو القول: أن العبد مجبور على أفعاله. 

العقيدة الثالثة: عقيدة الإرجاء؛ وهو القول: بأن الإيمان مجرد معرفة الرب في القلب، والكفر جهل الرب في القلب، فإذا عرف ربه بقلبه فهو مؤمن ولو فعل جميع المنكرات والكبائر حتى نواقض الإسلام لا تضره والعياذ  بالله، ولا يكفر إلا إذا جهل ربه بقلبه، كما ذكر العلامة ابن القيم: حتى لو قتل الأنبياء والصالحين والعلماء وهدم المساجد ما يكفر عند الجهم إلا إذا جهل ربه بقلبه 

العقيد الرابعة: القول: بفناء الجنة والنار، نعوذ بالله. 

(المتن) 

ثالثًا: الخوارج: وهم الذين خرجوا لقتال علي بن أبي طالب بسبب التحكيم. 

مذهبهم: التبرؤ من عثمان  وعلي ، والخروج على الإمام إذا خالف السنة، وتكفير فاعل الكبيرة وتخليده في النار، وهم فرق عديدة. 

(الشرح) 

ومنهم: الإباضية، فرق متعددة،ومن اعتقاداتهم:القول: بتكفير المؤمنين بالمعاصي؛ إذا فعل المسلم الكبيرة: فعل الزنا، أو شرب الخمر، أو تعامل بالربا، أو عقَّ والديه، أو شهد الزور؛ كفر عندهم، خرج من الإيمان ودخل الكفر وفي الآخرة يخلد في النار. 

والمعتزلة مثلهم إلا أنهم في الدنيا يقولون: خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر، كان في منزلة بين المنزلتين، لكن في الآخرة يتفقون مع الخوارج بأنه مُخلدٌ في النار، لكن يختلفون في الدنيا، الخوارج لما قالوا: إنه كفر استحلوا دمه وماله، والمعتزلة قالوا خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر فلا يستحلون دمه وماله لكن يخلدون في النار. 

(المتن) 

رابعًا: القدرية: وَهُم الذين يقولون بنفي القدر عن أفعال العبد، وأن للعبد إرادة وقدرة مستقلين عن إرادة الله وقدرته، وأول من أظهر القول به معبد الجهني في أواخر عصر الصحابة، تلقاه عن رجل مجوسي في البصرة، وهما فرقتان غلاة وغير غلاة فالغلاة ينكرون علم الله وإرادته وقدرته وخلقه لأفعال العبد وهؤلاء انقرضوا، أو كادوا. 

(الشرح) 

وهم كفرة وأولاد كفرة، وهم الذين قال فيهم الإمام الشافعي رحمه الله: "ناظروا القدرية بالعلم، فإن أقروا به خصموا وإن أنكروا كفروا". ينكرون مرتبتين من مراتب القدر: ينكرون العلم؛ علم الله والكتابة؛ ومعنى ذلك أنهم ينسبون إلى الله الجهل؛ هؤلاء كفرة وهم انقرضوا. 

والفرقة الثانية: يثبتون العلم والكتابه، لكن ينفون عموم الإرادة وعموم الخلق والإيجاد فيقولون: إن الله تعالى ما أراد أفعال العباد ولا خلقها؛ وهؤلاء مبتدعة. 

(المتن) 

وغير الغلاة يؤمنون بأن الله عالم بأفعال العباد لكن ينكرون وقوعها بإرادة الله وقدرته وخلقه؛ وهو الذي استقر عليه مذهبهم. 

خامسًا: المرجئة: وهم الذين يقولون: بإرجاء العمل عن الإيمان؛ أي تأخيره عنه، فليس العمل عندهم من الإيمان، والإيمان مجرد الإقرار بالقلب، فالفاسق عندهم مؤمن كامل الإيمان وإن فعل ما فعل من المعاصي أو ترك ما ترك من الطاعات وإذا حكمنا بكفر من ترك بعض شرائع الدين؛ فذلك لعدم الإقرار بقلبه، لا لترك هذا العمل؛ وهذا مذهب الجهمية وهو مع مذهب الخوارج على طرفي نقيض. 

(الشرح) 

المرجئة طائفتان: 

الطائفة الأولى: الغلاة وزعيمهم الجهم بن صفوان، وهم الذين يقولون: إن الإيمان مجرد معرفة الرب بالقلب، والكفر جهل الرب بالقلب، وعلى ذلك لو فعل الإنسان جميع المنكرات والكبائر فهو مؤمنٌ كامل الإيمان، وهو من أهل الجنة؛ وهذا من أبطل الباطل. 

الطائفة الثانية: مرجئة الفقهاء وهم طائفة من أهل السُنة؛ أبو حنيفة وأصحابه يسمون مرجئة الفقهاء يقولون: إن الأعمال لا تدخل في مسمى الإيمان، لكن مطلوبة، يقولون: إن الصلاة والصيام والزكاة ما هي من الإيمان لكنها واجبة، واجب آخر. 

فالإنسان عليه واجبان: واجب الإيمان. وواجب العمل.  

لكن سُموا مرجئة؛ لأنهم أخروا الأعمال وأرجئوها؛ فلم يدخلوها في مسمى الإيمان، وهم طائفة من أهل السُنة، لكن خالفوا جمهور أهل السُنة، جمهور أهل السُنة وافقوا الكتاب والسُنة في اللفظ والمعنى، وهؤلاء وافقوا الكتاب والسُنة في المعنى وخالفوهما في اللفظ، ولمذهبهم أثر ترتب عليه. 

الطالب: إذاً لا يكون الخلاف لفظي بين أهل السنة ومرجئة الفقهاء؟ 

الشيخ: لا، هو الخلاف له آثار تترتب عليه في الحقيقة؛ منها: فتح باب للمرجئة المحضة، وفتح باب للفسقة، ومسألة الاستثناء في الإيمان؛ أنا مؤمن إن شاء الله؛ كل هذه من ثمرات الخلاف.  

(المتن) 

سادسًا: المعتزلة: أتباع واصل بن عطاء الذي اعتزل مجلس الحسن البصري، وقرر أن الفاسق في منزلة بين منزلتين لا مؤمن ولا كافر، وهو مخلد في النار، وتابعه في ذلك عمرو بن عبيد، ومذهبهم في الصفات التعطيل كالجهمية، وفي القدر قدرية ينكرون تعلق قضاء الله وقدره بأفعال العبد، وفي فاعل الكبيرة أنه مخلد في النار وخارج من الإيمان في منزلة بين منزلتين، الإيمان والكفر، وهم عكس الجهمية في هذين الأصلين. 

(الشرح) 

المعتزلة: أصول الدين عندهم خمسة استبدلوا بها أصول الدين، أصول الدين عند أهل السنة: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والإيمان باليوم الآخر، والقدر خيره وشره.

أما أصول المعتزلة خمسة غير الخمسة  هذه، كل أصل ستروا تحته معنى منافي: 

الأصل الأول: التوحيد، وستروا تحته نفي الصفات، والقول بخلق القرآن، وأن الله لا يُرى في الآخرة. 

الأصل الثاني: العدل، وستروا تحته التكليف بالقدر، وأن الله لا يخلق أفعال العباد. 

الأصل الثالث: المنزلة بين المنزلتين، وستروا تحته القول: بأن العاصي خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر. 

الأصل الرابع: إنفاذ الوعيد، وستروا تحته القول: بخلود العصاة في النار. 

الأصل الخامس: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وستروا تحته القول: بالخروج على ولاة الأمور بالمعاصي، وأنه يجب الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي؛ هذه أصول الدين عند المعتزلة. 

(المتن) 

سابعًا: الكرامية: أتباع محمد بن كرام المتوفى سنة 255هـ، يميلون إلى التشبيه والقول بالإرجاء وهم طوائف متعددة. 

ثامنًا: السالمية:  

(الشرح) 

السالمية، والكرامية من أقوالهم يقولون: إن الكلام كان ممتنعًا عن الله، ثم انقلب فجأة فصار ممكنًا، الكلام له أول وبداية، قالوا: لو قلنا: إن الله متكلم لزم بذلك تسلسل الحوادث، فسدَّ علينا طريق إثبات الصانع، فقالوا: هناك فترة لا يقدر فيها الرب على الكلام، ولا على الفعل، ثم انقلب فجأة فصار الكلام ممكنًا؛ وهذا من أبطل الباطل. 

(المتن) 

فالسالمية: أتباع رجل يقال له ابن سالم يقولون بالتشبيه. 

(الشرح) 

السالمية أتباع سالم الجواليقي، ومن مذهبهم: أن الرب لم يزل متكلماً، الكلام بحرف وصوت، لكن لا يتعلق بقدرته، ومشيئته، يقولون: الرب لم يزل في الأزل إلى ما لا نهاية، يقولون: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا [المجادلة/1]. وقالوا: إن الحروف؛ كلمات الله تخرج دفعة واحدة، يخرج الباء والسين والميم بسم الله دفعة واحدة، لكن بالنسبة لسمع الإنسان يسمعها، قالوا: لو قلنا: إن الحرف يأتي بعد الحرف، أو أن الكلام يتعلق بقدرة الله ومشيئته؛ للزم من ذلك حلول الحوادث في ذات الرب، والله منزه عن حدوث الحوادث؛ وهذا من جهلهم وضلالهم. 

(المتن) 

وهذه هي الطوائف التي ذكرها المؤلف ثم قال: ونظائرهم مثل الأشعرية أتباع الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، كان في أول أمره يميل إلى الاعتزال حتى بلغ الأربعين من عمره ثم أعلن توبته من ذلك وبين بطلان مذهب المعتزلة وتمسك بمذهب أهل السنة رحمه الله. 

(الشرح) 

إلا أنه بقي عليه أشياء يسيرة، بقيت عليه أشياء يسيرة وإلا في الجملة رجع، وجاء على المنبر وخطب الناس بعد أربعين سنة وهو على مذهب الاعتزال، وقال: من يعرفني، فهو يعرفني، ومن لا يعرفني، فأنا أبو الحسن، وأنا متبرئ من الاعتزال، وخلعت نفسي منه كما أخلع هذا القميص، وخلع قميصًا له، وتبرأ من مذهب المعتزلة. 

(المتن) 

أما من ينتسبون إليه فبقوا على مذهب خاص يعرف بمذهب الأشعرية، لا يثبتون من الصفات إلا سبعًا زعموا أن العقل دلَّ عليها، ويؤولون ما عداها وهي المذكورة في هذا البيت: 

حَيٌّ عَلِيمٌ قَدِيرٌ وَالكَلامُ لَهُ إِرَادَةٌ وَكَذَاكَ السَّمْعُ وَالبَصَرُ

(الشرح) 

الحياة، والكلام، والسمع، والبصر، والعلم، والإرادة، والقدرة؛ سبع صفات، يقولون: دلَّ عليها العقل، والشرع، وبقية الصفات ينفونها، يقولون: ما دلَّ عليها العقل؛ وهذا باطل، فكل الصفات دلَّ عليها العقل والشرع، ولو فرضنا أنه ما دلَّ عليها العقل يكفي دلالة الشرع عليها. 

(المتن) 

ولهم بدع أخرى في معنى الكلام والقدر وغير ذلك. 

قال رحمه الله: وأما بالنسبة إلى إمام في فروع الدين كالطَّوائف الأربع فليس بمذموم، فإن الاختلاف في الفروع رحمة، والمختلفون فيه محمودون في اختلافهم، مُثَابون في اجتهادهم، واختلافهم رحمة واسعة، واتفاقهم حجة قاطعة. 

نسأل الله أن يعصمنا من البدع والفتنة، ويحيينا على الإسلام والسُّنة، ويجعلنا ممن يتَّبع رسول الله ﷺ في الحياة، ويحشرنا في زمرته بعد الممات برحمته وفضله، آمين. 

وهذا آخر المعتقد، والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا. 

قال حفظه الله تعالى: الفروع: جمع فرع وهو لغة: ما بني على غيره، واصطلاحًا: ما لا يتعلق بالعقائد، كمسائل الطهارة والصلاة ونحوها. 

والاختلاف فيها ليس بمذموم حيث كان صادرًا عن نية خالصة واجتهاد لا عن هوى وتعصب؛ لأنه وقع في عهد النبي ﷺ ولم ينكره حيث قال في غزوة بني قريظة: لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، فحضرت الصلاة قبل وصولهم فأخر بعضهم الصلاة حتى وصلوا بني قريظة وصلى بعضهم حين خافوا خروج الوقت، ولم ينكر النبي ﷺ على واحد منهم" رواه البخاري؛ ولأن الاختلاف فيها موجود في الصحابة وهم خير القرون؛ ولأنه لا يورث عداوة ولا بغضاء ولا تفرق كلمة بخلاف الاختلاف في الأصول. 

(الشرح) 

الاختلاف في الفروع لا بأس به، الخلاف في الفروع إذا كان الإنسان من أهل النظر لا ينبغي الإنكار عليه، إذا اجتهد العالم ورأى أن لحم الإبل ينقض الوضوء، فله اجتهاده، وإذا اجتهد آخر ورأى أن لحمه لا ينقض الوضوء؛ فله اجتهاده، إذا اجتهد المجتهد ورأى أن خروج الدم ينقض الوضوء، والمجتهد الآخر يرى أنه لا ينقض، فلا بأس به، ويصلي البعض، ويتوضأ البعض. 

وثبت أن الخليفة هارون الرشيد احتجم، وأفتاه الإمام مالك رحمه الله بأن الحجامة لا تنقض الوضوء، فتقدم وصلى بالناس، فصلى خلفه أبو يوسف؛ الصاحب الأول لأبي حنيفة، وكان يرى أن الحجامة تنقض الوضوء، فقيل له: وصليت خلفه، وتعتقد أن الحجامة تنقض الوضوء، قال: أمير المؤمنين؛ يعني أترك رأيي لرأيه؛ المسألة خلافية فرعية. 

(المتن) 

ولأنه لا يورث عداوة ولا بغضاء ولا تفرق كلمة بخلاف الاختلاف في الأصول. 

وقول المؤلف رحمه الله: المختلفون فيه محمودون في اختلافهم، ليس ثناء على الاختلاف فإن الاتفاق خير منه وإنما المراد به نفي الذم عنه، وأن كل واحد محمود على ما قال؛ لأنه مجتهد فيه مريد للحق فهو محمود على اجتهاده واتباع ما ظهر له من الحق وإن كان قد لا يصيب الحق.

وقوله رحمه الله: إن الاختلاف في الفروع رحمة، وإن اختلافهم رحمة واسعة؛ أي داخل في رحمة الله وعفوه؛ حيث لم يكلفهم أكثر مما يستطيعون، ولم يلزمهم بأكثر مما ظهر لهم، فليس عليهم حرج في هذا الاختلاف، بل هم فيه داخلون تحت رحمة الله وعفوه إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطئوا فلهم أجر واحد. 

الإجماع لغة: العزم والاتفاق، واصطلاحًا: اتفاق العلماء المجتهدين من أمة محمد ﷺ على حكم شرعي بعد النبي ﷺ وهو حجة لقوله تعالى: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء/ 59]. وقول النبي ﷺ : لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ. رواه الترمذي. 

(الشرح) 

ثبت عن الإمام أحمد أنه قال: من ادعى الإجماع فهو كاذب، ومراده: أن الإجماع بعد الصحابة لا يمكن؛ لأن الصحابة العلماء انتشروا في الأمصار، والأقاليم، ولا يمكن أن يجتمعوا ويأخذ رأيهم؛ لأنه لو اجتمع، لو أجمع علماء على حكم قد يكون بعض العلماء ليس معروفًا، ولم يؤخذ رأيه؛ ولهذا قال الإمام أحمد: "من ادعى الإجماع فهو كاذب"، والإجماع الذي ينضبط هو إجماع الصحابة، وأما من بعدهم فإنه لا ينضبط؛ هكذا قرر بعض أهل العلم. 

(المتن) 

التقليد لغة: وضع القلادة في العنق. واصطلاحًا: اتباع قول الغير بلا حجة. 

وهو جائز لمن لا يصل إلى العلم بنفسه لقوله تعالى:  فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل/ 43]. 

والمذاهب المشهورة أربعة: 

المذهب الحنفي: وإمامه أبو حنيفة النعمانُ بن ثابت؛ إمام أهل العراق، ولد سنة 80هـ، وتوفي سنة 150هـ. 

المالكي: وإمامه أبو عبد الله مالك بن أنس إمام دار الهجرة، ولد سنة 93هـ وتوفي سنة 179هـ. 

الشافعي: وإمامه أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، ولد سنة 150هـ وتوفي سنة 204هـ. 

الحنبلي: وإمامه أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، ولد سنة 164هـ وتوفي سنة 241هـ. 

وهناك مذاهب أخرى كمذهب الظاهرية، والزيدية،والسفيانية، وغيرهم، وكلٌ يؤخذ من قوله ما كان صوابًا ويترك من قوله ما كان خطأ، ولا عصمة إلا في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ . 

نسأل الله أن يجعلنا من المتمسكين بكتابه وسنة رسوله ﷺ ظاهرًا وباطنًا، وأن يتوفانا على ذلك، وأن يتولانا في الدنيا والآخرة، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب. 

والحمد لله كثيرًا، كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآل وصحبه. 

(الشرح) 

الواجب على من كان عنده أهلية النظر أن ينظر في الأدلة، وليس له أن يقلد، من كان من أهل العلم، وعنده أهلية النظر ينظر، فما ظهر له عمل به، فإن كان ليس عنده أهلية النظر فإنه يقلد من يثق بدينه، وعلمه، وورعه، يجتهد فيمن يقلد، لا يقلد أي عالم، بل يقلد من يثق بعلمه ودينه وورعه، يسأل من يثق بدينه وعلمه وورعه؛ لقوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل/43]. 

وليس له أن يقلد بالتشهي؛ بعض الناس يسأل هذا العالم، ثم إذا لم يناسبه سأل الثاني، فإذا أفتاه بما يناسب هواه؛ أخذ به؛ فهذا لا يجوز، وإنما يسأل من يثق بدينه، وعلمه وورعه فإذا أفتاه أخذ به، ولا يسأل أحد بعده، أما كونه يتشهى يأخذ بالتشهي بالفتاوى التي تناسبه؛ هذا لا يجوز، وبهذا نكون انتهينا إن شاء الله. 

بعض الإخوان يشير أن نجعل كتاباً آخر، لكن أرى أن يبقى بقية الوقت للصحيح؛ صحيح البخاري؛ لأن صحيح البخاري كتاب عظيم؛ وهو أصح الكتب بعد كتاب الله ، وهذا الكتاب عظيم فيه تفسير، وفيه حديث، وفيه فقه، وفيه لغة، وتراجمه تراجم عظيمة، أعجزت العلماء، وبهرت عقولهم. فهو كتاب عظيم، وفيه تعليقات كثيرة فأرى أن بقية الوقت يبقى للكتاب، وهذا الكتاب العظيم ما يكفيه ليلة واحدة، لكن ما لا يدرك كله، لا يترك جله، يحتاج إلى ليال، كتاب لكن إذا كنا لا نستطيع أن نكمل في ليلة أخرى، فعلى الأقل يكون بقية الوقت لهذا الكتاب.  

وأنتم ترون الآن في صحيح مسلم عندنا درس بالنسبة للجماعة الذين لا يحضروا في الصباح، عندنا في الصباح يوم الاثنين درس في صحيح مسلم، وصحيح مسلم يجمع الأحكام في مكان واحد؛ الأحاديث في مكان واحد، تجدون نسرع في الكتابة ونقطع، لكن البخاري يتميز بهذه التراجم العظيمة، والاستنباطات العظيمة، ولذلك أنا آتي بالكتاب وأخشى أن يفوتنا شيء من الأحكام، والتراجم، وقد كنت في العام الماضي وقبله ما آتي بالكتاب، لكن أخشى أتأمل كثيرًا، وقد يفوتني أشياء، لكن إذا كان الكتاب أمامي لا يفوتني ما يتعلق بالتعاليق، والتراجم. 

فهو كتاب عظيم ينبغي أن يجعل له وقت طويل، وعلى هذا يكون إن شاء الله في الدروس القادمة الصحيح فقط، ويكون تبادل القراءة بين الإخوان، ونسأل الله الجميع العلم النافع والعمل الصالح. 

الطالب: ما حكم جعل مسابقات ثقافية يتخللها بعض الألعاب داخل مسجد لطلاب الحلقات؟ 

الشيخ: الألعاب ما ينبغي، ما ينبغي الألعاب في المسجد إلا إذا كان شيء خفيف، الألعاب كما سمعتم اللعب، إذا كان هناك متسع في المسجد للتدرب على الجهاد مثل ما كان الحبشة يلعبون لا بأس، أما أشياء لا تعين على الجهاد ما ينبغي، ضحك، وركل في المسجد ما ينبغي، لكن إذا كان أشياء يسيرة، أو أشياء مفيدة لا بأس. 

الطالب: ما حكم معاملة الشيعة، وهل نعاملهم معاملة الكفار؟ 

الشيخ: الشيعة كما سبق طبقات ذكر بعض العلماء منهم عشرين طبقة، منهم الكافر، ومنهم المؤمن، على حسب المعتقد، فالذي يقول: إن الله حلَّ في علي، أو يقول: إن جبريل أخطأ في الرسالة، والرافضة؛ الذي يعبدون آل البيت، ويكفرون الصحابة، ويفسقونهم، ويقول: إن القرآن غير محفوظ؛ فهؤلاء كفرة، وأما من يسب الواحد، أو الاثنين، أو يفضل علياً على عثمان؛ هؤلاء مبتدعة، على حسب المعتقد، فيهم الكافر والمبتدع. 

الطالب: (..)؟ 

الشيخ: إذا كنت لا تعرف لا تتكلم، لا تتكلم إلا بما تعرف، ما لك إلا الظاهر، يكثر فيهم النفاق والزندقة، المنافقين في عهد النبي ﷺ ويجري عليهم أحكام الإسلام، الذي ما يظهر منه الإسلام، يطبق عليه أحكام الإسلام، والذي يظهر الكفر نكفره، يستتاب فإن تاب وإلا قتل من قبل ولاة الأمور؛ محكمة. 

الطالب: تقاضي (..) هل فيه جواز مسألة ضع وتعجل؛ لإشارة النبي ﷺ بيده أن ضع الشطر أم ليس فيه ذلك؟. 

الشيخ: نعم، لا بأس إذا كان الإنسان عليه، اشترى سيارة مثلًا بمائة ألف مقسطة، كل مثلًا ستة أشهر عشرة آلاف، وبعد ذلك لما دفع خمسين ألف جاء الغريم وقال لصاحب الدين: الآن باقي خمسين ألف؛ خمس مثلًا سنوات، الآن أريد أن أدفعها، تصبها الآن تسقط عني العشرين ألف، وأعطيك ثلاثين ألف تسقط عني العشرين ألف، لا بأس، هذا ضع وتعجل، تعجل دينه، وهذا استفاد، نقص دينه، وذاك استفاد من تعجيل الدراهم. 

الطالب: نشرت إحدى الصحف دعاية لإحدى مجلات، وذكرت أن فيها لقاء مع أحد المغنيين، وقالت عنه: أن هذا المغني خلق للغناء، وليس للتمثيل، فما حكم ذلك؟ 

الشيخ: هذا كلام سيء؛ كلام سفه. 

الطالب: ما صحة حديث: أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا؟ 

الشيخ: الحديث عند أهل العلم ضعيف؛ لأنه من رواية نبهان عن أم سلمة، وهو مخالف للأحاديث الصحيحة، وذلك أن النبي ﷺ لما دخل عنده زوجتان من زوجاته؛ أم سلمة، وعائشة، دخل عليه أم سلمة، وأمرهما بالحجاب، قال يا رسول الله: إنه أعمى فلا يبصر، قال: أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا؟ أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ؟؛ هذا ضعيف، وأصح منه حديث: إِنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ البَصَرِ، وحديث فاطمة بت أبي قيس لما طلقت، قال لها النبي ﷺ : اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى، تَضَعِينَ ثِيَابَكِ ثيابك فَلَا يَرَاكِ، وقال: إِنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ البَصَرِ، هذا هو العمدة، أما حديث:  أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا؛ فهو ضعيف؛ لأن برواية نبهان عن أم سلمة، فهو ضعيف. 

الطالب: هل يجوز مد الرجلين تجاه حاملات مصاحف، وإذا كان لا يجوز ذلك نرجو تنبيه الناس إلى ذلك؟ 

الشيخ: إذا كانت قريبة لا ينبغي، قال العلماء: يكره مد الرجل إلى المصحف، وإذا كان بعيداً، فأرجو ألا يكون حرج لكن إذا كان المصحف قريباً؛ فهذا لا ينبغي للإنسان، مكروه مد الرجل إليه. 

الطالب: عائشة رضي الله عنها لما كانت تنظر الأحباش كانت صغيرة، فكيف يصح هذا دليل على نظر المرأة للرجل؟ 

الشيخ: كانت صغيرة لكن كانت صغيرة ومتزوجة، وبالغة، إذا بلغت المرأة تسع سنين فهي امرأة، وهي تنظر على العموم، ولا تنظر لشخص بعينه النظر على العموم لا بأس به. 

الطالب: إذا بنى الكافر مسجدًا، فهل يجوز للمسلمين الصلاة فيه؟ 

الشيخ: نعم، لا بأس. 

الطالب: رجل ذهب من الرياض إلى جدة في زيارة أقارب، ثم تهيئت له الفرصة لأداء العمرة، فأحرم من جدة، هل العمرة صحيحة؟ 

الشيخ: نعم، العمرة صحيحة، لكن إن كان ذهب من الرياض عنده نية العمرة فالواجب عليه أن يحرم من الميقات؛ إن كان في الطائرة في الجو وإلا من السيل، فإن تجاوز، وأحرم من جدة فعليه دم، شاة يذبحها في مكة، وعمرته صحيحة، أما إذا كان لما سافر ما عنده نية، لكن لما وصل إلى جدة أنشأ النية، فعمرته صحيحة، وليس عليه دم. 

الطالب: أحد الشعراء قال من باب النصح، لعله ذكر كلامًا كثيرًا، ثم قال: إن الشاعر قال في أحد شطري: الله ضعينا لما أضعناه، فاستنكر عليه من بعض طلبة العلم هل هذه جملة صحيحة؟ 

الشيخ: نعم، لكن هذه الكلمة تركها أولى، وإلا المعنى صحيح، قال الله تعالى: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ [الحشر/19]، لما نسوا الله؛ يعني نسوا أوامره؛ تركوها، ونسوا نواهيه فاجترحوها أنساهم؛ يعني عاملهم معاملة المنسي، فالمعنى صحيح، لكن العبارة تركها أولى. 

الطالب: ما صحة حديث: لَا يَشْرَبَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَائِمًا، فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِئْ؟ 

الشيخ: نعم، هذا حديث صحيح، لكنه منسوخ، فالحديث ذكره النووي في رياض الصالحين، مَن شَرِبَ قَائِمًا فَلْيَسْتَقِئْ؛ يعني يتقيَّأ؛ وهذا منسوخ. 

الطالب: ما حكم الصيام سواء كان نفلًا، أم فرضًا أثناء سفر السياحة، سواء كان في بلاد كافرة، أو مسلمة؟ 

الشيخ: لا بأس المسافر له أن يصوم، وله أن يفطر، كان النبي ﷺ يصوم في السفر كثيرًا، جاء في الحديث: «أن اليوم الشديد الحر الذي يضع الإنسان فيه يده على رأسه من شدة الحر، قال: ما فينا صائم إلا رسول الله ﷺ وعبد الله بن رواحة». فيجوز كان الصحابة يسافرون منهم الصائم، منهم المفطر، فلا يعيب الصائم على المفطر، ولا يعيب المفطر على الصائم، لكن إذا كان يشق عليه؛ فالصيام في حقه مكروه، ولاسيما صيام رمضان؛ فرض يعني، وإن كان لا يشق عليه فلا بأس. 

الطالب: ممكن يترخص بالأعذار، أو بالصوم حتى ولو كان في بلاد كافرة؟ 

الشيخ: نعم، بلاد كافرة أو غيرها سواء. 

الطالب: أقصد يأخذ بالرخصة في الإفطار وما شابه ذلك؟. 

الشيخ: إي نعم المسافر له الرخصة في أي مكان، لكن إذا نوى أن يقيم في المكان أكثر من أربعة أيام، جمهور العلماء على أنه في ذلك الحال تسقط أحكام السفر، ويجب عليه الصوم إذا كان في رمضان، ويتم الصلاة، أما إذا كان ما يدري متى يقيم؛ له حاجة ما يدري متى تنتهي؛ فهو مسافر، أو كان السفر يوم، أو يومين، أو ثلاثة، أو أربعة. 

الطالب: ما حكم التعاقد على ترميم المسجد في المسجد؟ 

الشيخ: لا، ما ينبغي، التعاقد يعني الاستئجار، إذا كان هذا استئجار، مثل العقود؛ يكون خارج المسجد، يتعاقد معه خارج المسجد، البيع والشراء، الاستئجار خارج المسجد. 

الطالب: يقول: ذهبنا من الرياض ننوي العمرة، فذهبنا إلى الطائف يومين، ثم وصلنا إلى مكة نريد السكن فلم نجد، فذهبنا إلى جدة فمكثنا يومين، فأحرمنا منها، وذهبنا إلى مكة؟ 

الشيخ: ما دام تريدوا العمرة وجب عليكم أن تحرموا من الميقات، فلما أحرمتم من جدة عليك دم، كل واحد عليه دم؛ شاة يذبحها ويوزعها في مكة؛ لأنه تجاوز الميقات بدون إحرام. 

الطالب: صليت فرض من الفروض وأنا منفرد، فتذكرت أن في قميصي نجاسة، فخلعت القميص، هل صلاتي صحيحة؟ 

الشيخ: نعم، صلاتك صحيحة، إذا كان الإنسان على ثوبه وجلس واستطاع أن يخلعه، يخلعه، ويستمر، أما إذا كان لا يستطيع أن يخلعه؛ فإنه يقطع صلاته، ويلبس ثوبا جديدا.

والدليل على هذا: ما ثبت عن النبي ﷺ أنه صلى بنعليه، وصلى الصحابة بنعالهم، وكان فيه أذى، فجاءه جبريل فأخبره؛ فخلع نعيه، واستمر في صلاته، وخلع الصحابة نعالهم، أما إذا كان لا يستطيع؛ فإنه يقطع الصلاة، أما إذا لم يتذكر إلا بعد الصلاة؛ فصلاته صحيحة، ولا إعادة عليه. 

الطالب: ما حكم وضع المال في البنوك الربوية من غير فائدة؟ 

الشيخ: إذا اضطر إلى ذلك لا بأس، لكن الأولى تركه؛ لأنه يشجعهم، ويساعدهم، ويعينهم، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، وإذا اضطر إلى ذلك، يحتاج للضرورة لا بأس. 

الطالب: نود التحقق من فتوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، أنه سئل: أيهما أعظم إثمًا؛ تارك الصلاة، أم الذي يصلي بغير وضوء؟ فأجاب الذي يصلي بغير وضوء أعظم إثمًا؛ لأنه جمع بين تلاعب وترك الصلاة، وهو كافر كتارك الصلاة؟ 

الشيخ: أنا ما سمعت الفتوى، لكن هذا صحيح، لأن بعض العلماء كفر من صلى بغير وضوء متعمدًا؛ لأن هذا متلاعب مستهزئ بربه، الذي يصلي بغير وضوء متعمد هذا مستهزئ بربه؛ قد يكون أشد من تارك الصلاة نسأل الله السلامة والعافية.

وفق الله الجميع لطاعته.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد