بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين, اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمًا وعملًا يا كريم, واغفر اللهم لنا ولشيخنا والحاضرين والمسلمين.
قال الشيخ: حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله, في رسالته الموسومة "بسُلم الوصول إلى علم الأصول في توحيد الله وإتباع الرسول صلى الله عليه وسلم".
(المتن)
أَبدأُ باسمِ اللهِ مُستعينَا
|
|
راضٍ به مُدبرًا مُعِينَا
|
والحمدُ لله كما هَدانا
|
|
إلى سبيلِ الحقِّ واجتبانا
|
أحمدُه سُبحانَه وأشكُرُهْ
|
|
ومِن مَساوي عملي أستغفِرُهْ
|
وأستعينُه على نَيْلِ الرِّضَا
|
|
وأستَمِدُّ لُطفَه فيما قَضَى
|
وبعدُ إني باليقينِ أشهدُ
|
|
شهادةَ الإخلاصِ ألا يُعبَدُ
|
بالحق مألوهٌ سوى الرحمنِ
|
|
مَنْ جَلَّ عن عيبٍ وعن نُقصانِ
|
وأنَّ خيرَ خلقِه محمدَا
|
|
مَن جاءَنا بالبيناتِ والهُدى
|
رسولُه إلى جميعِ الخلقِ
|
|
بالنور والهدى ودين الحقِ
|
صلَّى عليه ربُّنا ومَجَّدَا
|
|
والآلِ والصَّحْبِ دَوامًا سَرْمدَا
|
وبعدُ هذا النظمُ في الأصولِ
|
|
لِمَن أراد منهجَ الرسولِ
|
سَأَلَنِي إياهُ مَن لا بُدَّ لي
|
|
مِنِ امتثالِ أمره المُمتثَلِ
|
فقلتُ معْ عجزي ومعْ إشفاقي
|
|
مُعتمِدًا على القديرِ الباقي
|
مقدمة تعرف العبد بما خلق له وبأول ما فرض الله تعالى عليه وبما أخذ الله عليه بالميثاق في ظهر أبيه آدم عليه السلام وبما هو صائر إليه:
قال الشيخ رحمه الله تعالى:
اعلَمْ بأنَّ اللهَ جَلَّ وعَلا
|
|
لم يَترُكِ الخلقَ سُدًى وهَمَلا
|
بلْ خَلَقَ الخلقَ ليَعبُدوه
|
|
وبالإلهيةِ يُفْرِدوه
|
أخرجَ فيما قدْ مَضَى مِنْ ظَهْرِ
|
|
آدَمَ ذريتَه كالذَّرِّ
|
وأخذَ العهدَ عليهم أنهُ
|
|
لا ربَّ معبودٌ بحق غيرَهُ
|
وبعدَ هذا رُسْلَهُ قدْ أرسلا
|
|
لَهُمْ وبالحقِّ الكتابَ أنزلاَ
|
لِكَيْ بذا العهدِ يُذكّروهُمْ
|
|
ويُنذِرُوهمْ ويُبشّروهمْ
|
كي لا يكونَ حُجةٌ للناسِ بَلْ
|
|
لله أعلى حجةٍ عزَّ وجَلْ
|
فمَن يُصدقْهم بلا شِقاقِ
|
|
فقدْ وَفَى بذلكَ المِيثاقِ
|
وذاكَ ناجٍ مِن عذابِ النار
|
|
وذلكَ الوارثُ عُقبَى الدارِ
|
ومَن بِهِمْ وبالكتابِ كَذَّبَا
|
|
ولازَمَ الإعراضَ عنه والإِبَا
|
فذاكَ ناقضٌ كِلا العَهدَينِ
|
|
مُستوجِبٌ للخِزْيِ في الدارَيْنِ
|
فصل في كون التوحيد ينقسم إلى نوعين وبيان النوع الأول وهو توحيد المعرفة والإثبات:
قال رحمه الله تعالى:
أولُ واجبٍ على العبيدِ
|
|
مَعرِفةُ الرحمنِ بالتوحيدِ
|
إذْ هُوَ مِن كلِّ الأوامرَ ٱعْظمُ
|
|
وهُو نوعانِ أَيَا مَنْ يَفْهَمُ
|
إثباتُ ذاتِ الربِّ جلَّ وعَلاَ
|
|
أسمائِهِ الحسنى صِفاتِه العُلَى
|
وأنه الربُّ الجليلُ الأكبرُ
|
|
الخالقُ البارئُ والمصوِّرُ
|
باري البرايا مُنشئ الخلائق
|
|
مُبدِعُهم بلا مثالٍ سابق
|
الأولُ المُبدِي بلا ابتداءِ
|
|
الآخِرُ الباقي بلا انتهاءِ
|
الأحَدُ الفَرْدُ القديرُ الأزلِي
|
|
الصَّمَدُ البَرُّ المُهيمِنُ العَلِي
|
علوَّ قَهْرٍ وعلوَّ الشانِ
|
|
جَلَّ عَنِ الأضدادِ والأعوانِ
|
كذا له العلوُّ والفَوْقيةْ
|
|
على عِبادِه بلا كَيْفِيةْ
|
ومعَ ذا مُطَّلِعٌ إليهمُ
|
|
بِعلمِه مُهيمنٌ عليهمُ
|
وذكرُه للقُربِ والمعيةْ
|
|
لم يَنفِ للعلوِّ والفوقيةْ
|
فإنه العليُّ في دُنُوه
|
|
وهْو القريبُ جَلَّ في عُلُوه
|
حيٌّ وقيومٌ فلا ينامُ
|
|
وجَلَّ أن يُشبِهَه الأنامُ
|
لا تبلُغُ الأوهامُ كُنْهَ ذاتِهْ
|
|
ولا يُكيِّفُ الحِجا صفاتِهْ
|
باقٍ فلا يَفنَى ولا يَبِيدُ
|
|
ولا يكونُ غيرُ ما يُريدُ
|
مُنفرِدٌ بالخلقِ والإرادةْ
|
|
وحاكمٌ جَلَّ بِما أرادَهْ
|
فمَنْ يَشَأْ وفَّقه بفَضلِهْ
|
|
ومَن يَشأْ أضلَّه بعَدْلِهْ
|
فمِنهُمُ الشقيُّ والسعيدُ
|
|
وذا مُقرَّبٌ وذا طريدُ
|
لِحكمةٍ بالغةٍ قضاها
|
|
يَستوجِبُ الحمدَ على اقتِضاها
|
وَهْوَ الذي يَرَى دَبِيبَ الذَّرِّ
|
|
في الظُّلُماتِ فَوقَ صُمِّ الصَّخْرِ
|
وسامِعٌ للجَهْرِ والإخفاتِ
|
|
بسَمعِه الواسعِ للأصواتِ
|
وعِلمُه بِما بَدا وما خَفِي
|
|
أحاط عِلمًا بالجَليِّ والخَفِي
|
وَهْو الغَنِي بذاتِه سُبحانَهُ
|
|
جَلَّ ثناؤه تعالى شانُهُ
|
وكلُّ شيءٍ رِزقُه عليهِ
|
|
وكلُّنا مُفتقِرٌ إليهِ
|
كلَّمَ موسى عبدَه تكليمَا
|
|
ولم يزَلْ بخلقِه عَلِيمَا
|
كلامُه جَلَّ عنِ الإحصاءِ
|
|
والحَصْرِ والنَّفادِ والفناءِ
|
لو صار أقلامًا جميعُ الشجَرِ
|
|
والبحرُ يُلقى فيه سبعُ أبْحُرِ
|
والخلقُ تكتُبْهُ بكل آنِ
|
|
فَنَتْ وليس القولُ منه فانِ
|
(الشرح)
يشير إلى قوله تعالى: (ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ) [لقمان/27].
هذا النظم للشيخ رحمه الله, الآن إمرار نقرأ النظم بعده يُقرأ الشرح, إمرار الآن؛ لأن التفصيلات والمعاني والتقسيمات تأخذ وقتًا طويل ولهذا شرحه في مجلدين رحمه الله, هذا إمرار الآن للنظم ثم بعد ذلك يُقرأ الشرح.
(المتن)
والقولُ في كتابِه المُفَصَّلْ
|
|
بأنه كلامُه المُنَزَّلْ
|
على الرسولِ المصطفى خيرِ الورَى
|
|
ليس بمخلوقٍ ولا بِمُفترى
|
يُحفَظُ بالقَلْبِ وباللسانِ
|
|
يُتلى كما يُسمَعُ بالآذانِ
|
كذا بالأبصارِ إليه يُنظَرُ
|
|
وبالأيادي خطُّه يُسطَّر
|
وكلُّ ذي مخلوقةٌ حَقِيقةْ
|
|
دُونَ كَلامِ بارِئِ الخليقةْ
|
جَلَّتْ صِفاتُ ربِّنا الرحمنِ
|
|
عنْ وصفِها بالخلقِ والحِدْثانِ
|
فالصَّوتُ والأَلْحَانُ صوتُ القاري
|
|
لكنَّما المتلوُّ قولُ الباري
|
(الشرح)
يعني: كلام الله هو المتلو, متلو بالألسن, مقروء بالألسن, مكتوبٌ في المصاحف, مسموعٌ بالآذان, محفوظٌ في الصدور وهو كلام الله, أينما توجه فهو كلام الله, إن قرأه قارئ فهو كلام الله, وإن سمعه السامع فإنه يسمع كلام الله, وإن حفظه الحافظ فهو يحفظ كلام الله, وإن كتبه كاتب فالمكتوب كلام الله, وأما الكتابة هذه كتابة الشخص, وكذلك سمع الإنسان وبصره كله مخلوق.
(المتن)
ما قاله لا يَقبَلُ التَّبْديلا
|
|
كلاَّ ولا أصدقُ منه قِيلاَ
|
وقَد رَوى الثقاتُ عَن خيرِ المَلا
|
|
بأنه عزَّ وجَلَّ وعَلا
|
في ثُلُثِ الليلِ الأخيرِ يَنزِلُ
|
|
يقولُ هل مِن تائبٍ فيُقبِلُ
|
هل مِن مُسيءٍ طالبٍ للمغفرةْ
|
|
يَجِدْ كريمًا قابلًا للمعذرةْ
|
(الشرح)
حديث: «ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟» وهو من الأحاديث المتواترة.
(المتن)
في ثُلُثِ الليلِ الأخيرِ يَنزِلُ
|
|
يقولُ هل مِن تائبٍ فيُقبِلُ
|
هل مِن مُسيءٍ طالبٍ للمغفرةْ
|
|
يَجِدْ كريمًا قابلًا للمعذرةْ
|
يَمُنُّ بالخيراتِ والفضائلْ
|
|
ويستُر العيبَ ويُعطي السائلْ
|
وأنه يجيءُ يومَ الفَصْلِ
|
|
كما يَشاءُ للقضاء العدلِ
|
وأنه يُرَى بلا إنكارِ
|
|
في جنةِ الفِردوسِ بالأبصارِ
|
كلٌ يَراه رؤيةَ العِيانِ
|
|
كما أتى في مُحكَم القرآنِ
|
وفي حديثِ سيدِ الأنامِ
|
|
مِن غيرِ ما شكٍ ولا إبهامِ
|
رُؤيةَ حقٍ ليس يَمْتَرُونَها
|
|
كالشمسِ صَحْوًا لا سحابَ دُونَها
|
وخُص بالرؤية أولياؤه
|
|
فضيلةً وحُجِبوا أعداؤه
|
(الشرح)
يعني: الرؤية من الأحاديث المتواترة, وهي ثابتة في القرآن والله تعالى يراه المؤمنون ويحتجب عن الكفار: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ) [المطففين/15].
(المتن)
وكلُّ ما له مِنَ الصفاتِ
|
|
أثبتَها في مُحكمِ الآياتِ
|
أو صحَّ فيما قاله الرسولُ
|
|
فحقُّه التسليمُ والقبولُ
|
نُمِرُّها صريحةً كما أتتْ
|
|
معَ اعتقادِنا لِما له اقتضَتْ
|
من غير تَحْريفٍ ولا تعطيلِ
|
|
وغيرِ تكيِيف ولا تمثيلِ
|
بل قولُنا قولُ أئمةِ الهدى
|
|
طُوبَى لِمَنْ بِهَدْيِهم قدِ اهتدى
|
وسَمِّ ذا النوعَ مِنَ التوحيد
|
|
توحيدَ إثباتٍ بلا تَرديدِ
|
قد أفصحَ الوحيُ المُبِينُ عنهُ
|
|
فالتَمِسِ الهُدَى المنيرَ منهُ
|
لا تَتّبِعْ أقوالَ كلِّ ماردِ
|
|
غاوٍ مُضلٍ مارقٍ معاندِ
|
فليسَ بَعدَ ردِّ ذا التِبيانِ
|
|
مِثقالُ ذرةٍ من الإيمانِ
|
(الشرح)
(توحيد إثبات) هذا توحيد الألوهية.
- التوحيد نوعان:
الأول: توحيد المعرفة والإثبات, اللي هو توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات.
الثاني: توحيد الألوهية, وتوحيد العبادة.
نكمل النظم إن شاء الله الدرس القادم, وفق الله الجميع لطاعته, وثبت الله الجميع على طاعته.