شرح منظومة سلم الوصول إلى علم الأصول 7

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين, وصل الله وسلم عَلَى نبينا محمدٍ وَعَلَى آله وصحبه أجمعين, اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمًا وعملاً يا كريم, واغفر اللهم لنا ولشيخنا والحاضرين وجميع المسلمين.

قال الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله تعالى في منظومة الموسومة بسلم الوصول إِلَى علم الأصول في توحيد الله واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم.

(المتن)

قَالَ رحمه الله تعالى: فصل يجمع معنى حديث جبريل المشهور في تعليمنا الدين، وأنه ينقسم إلى ثلاث مراتب: الإسلام والإيمان والإحسان، وبيان أركان كل منها:

اِعْلَمْ بأن الدينَ قولٌ وعَمَلْ

فاحفَظْه وافهَمْ ما عليه ذا اشتَمَلْ

(الشرح)

نعم الدين قول وعمل, لابد من الأمرين, الدين قول وعمل وكذلك الإيمان قولٌ وعمل, هَذِهِ هِيَ عقيدة أهل السُّنَّةِ والجماعة, ليس الإيمان هُوَ القول فقط أو الدين قول فقط كما يقوله الْمُرْجِئَة, الإيمان هُوَ تصديق القلب, هَـذَا باطل, الإيمان لَابُدَّ فيه من قول وعمل.

• والقول نوعان:

1. قول القلب وَهُوَ التصديق.
2. وقول اللِّسَانِ وَهُوَ النطق.

• العمل نوعان:

1. عمل الجوارح.
2. وعمل القلوب.

كلها داخلة فِي مسمى الإيمان.

(المتن)

كَفَاكَ ما قد قاله الرسولُ		إذْ جاءه يسألُه جبريلُ
على مراتبَ ثلاثٍ فَصَّلَهْ		جاءَتْ على جميعِهِ مُشتَمِلَةْ

(الشرح)

نعم مراتب ثلاث: الإيمان, وَالْإِسْلَام, والإحسان, وَلَمَّا سأل جبريل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عنها عَنْ الإيمان, سأله أولًا عَنْ الْإِسْلَام بين أَنَّهُ خمسة أركان, وعن الإيمان أَنَّهُ ستة, وعن الإحسان أَنَّهُ ركن, قَالَ: «هَـذَا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم».

• فجعل الدين ثلاث مراتب:

1. الْإِسْلَام.
2. ثُمَّ الإيمان.
3. ثُمَّ الإحسان.

(المتن)

الاِسلامِ والإيمانِ والإحسانِ		والكلُّ مبنيٌّ على أركانِ
فقد أتى: الإسلامُ مبنيٌّ على		خمسٍ، فحَقِّقْ وادْرِ ما قد نُقِلا
أولُها الركنُ الأساسُ الأعظمُ		وهْو الصراطُ المستقيمُ الأقْوَمُ
رُكنُ الشهادتينِ فاثبُتْ واعتَصِمْ		بالعروةِ الوثقى التي لا تنفَصِمْ

(الشرح)

نعم هَـذَا أصل الدين وأساس الْمَلَّة وهِيَ الشَّهَادَة لله تعالى بالوحدانية, وَالشَّهَادَة لِلنَّبِيِّ محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة, أشهد إِلاَّ إِلَهَ إِلاَّ الله وأشهد أَن محمد رسول الله؛ أصل الدين وأساس الْمَلَّة, هَـذَا الركن الأول, ثُمَّ الصلاة.

(المتن)

وثانيًا إقامةُ الصلاةِ		وثالثًا تأديةُ الزكاةِ
والرابعُ الصيامُ فاسمَعْ واتبِعْ		والخامسُ الحجُّ على مَن يستطِعْ

(الشرح)

نعم هَذِهِ أركان الْإِسْلَام الخمس: الثَّانِيَ: إقامة الصلاة, الثالث: إيتاء الزَّكَاة, الرابع: صوم رمضان, الخامس: حج بيت الله الحرام.

يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أيضًا حديث ابْنَ عمر فِي الصحيحين, أَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بني الْإِسْلَام عَلَى خمس شهادة ألا إِلَهَ إِلاَّ الله وأن محمد رسول الله, وإقام الصلاة وإيتاء الزَّكَاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام».

(المتن)

فتِلك خمسةٌ وللإيمانِ		ستةُ أركانٍ بلا نُكرانِ
إيمانُنا بالله ذي الجلالِ		وما له مِن صفةِ الكمالِ
وبالملائكِ الكرامِ البررَةْ		وكُتْبِهِ المُنْزَلَةِ المُطَهَّرَةْ
ورُسْلِه الهُداةِ للأنامِ		من غيرِ تفريقٍ ولا إيهامِ
أولُهم نوحٌ بلا شكٍّ كما		أن محمدًا لهم قد خَتَما
وخمسةٌ منهم أولو العزمِ الأُلَى		في سورة الأحزابِ والشورى تَلا
وبِالْمَعَادَ ايْقِنْ بِلا تَرَدُّدِ		ولا ادِّعا علمٍ بوقتِ المَوعِدِ
لكننا نؤمنُ مِن غيرِ امتِرا		بكلِّ ما قد صحَّ عَن خيرِ الوَرَى

(الشرح)

هَذِهِ أركان الإيمان الستة, الإيمان بالله, والإيمان بالملائكة والإيمان بالكتب, والإيمان بالرسل, والرسل أولهم نوح وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم, أولهم نوح لِأَنَّهُ أَوَّل رسول بعثه الله إِلَى الأرض بعد وقوع الشِّرْك, وَقَدْ سبقه أنبياء, آدم نبي مكلم وكذلك شيث كلهم سبقوه, لَـكِن ما حدث الشِّرْك إِلاَّ فِي زمن نوح, فنوح أَوَّل رسول بعثه الله إِلَى الأرض بعد وقوع الشِّرْك.

وَهُوَ من أولي العزم الخمسة, وهم: نوح, وإبراهيم, وموسى, وعيسى, ومحمد؛ كما ذكر الله فِي سورة الشورى وفي سورة الأحزاب, كما قَالَ تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭣ) [الأحزاب/7] .

وفي سورة الشورى: (ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮣ) [الشورى/13] .

السائل: أحسن الله إليك, تعلمون الخلاف في تعريف الرسول, أفضل تعريف ترونه في الفرق بين الرسول والنبي؟.

الشيخ: يَأْتِيَ في الشرح إِن شاء الله التفصيل في هَذَا, ثُمَّ بعد ذَلِكَ الميعاد الإيمان بالمعاد الإيمان بالبعث والجزاء والحساب, هَذِهِ أركان الإيمان: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر, ثُمَّ يَأْتِيَ الإيمان بالقدر.

(المتن)

وبِالْمَعَادَ ايْقِنْ بِلا تَرَدُّدِ		ولا ادِّعا علمٍ بوقتِ المَوعِدِ
لكننا نؤمنُ مِن غيرِ امتِرا		بكلِّ ما قد صحَّ عَن خيرِ الوَرَى
مِن ذكرِ آياتٍ تكونُ قبلَها		وَهْيَ علاماتٌ وأشراطٌ لها

(الشرح)

هَذِهِ أشراط الساعة, بلا افتراء يَعْنِي: بلا شك.

(المتن)

لكننا نؤمنُ مِن غيرِ امتِرا

بكلِّ ما قد صحَّ عَن خيرِ الوَرَى

(الشرح)

المؤلف شك.

(المتن)

مِن ذكرِ آياتٍ تكونُ قبلَها

وَهْيَ علاماتٌ وأشراطٌ لها

(الشرح)

يَعْنِي أشراط الساعة الَّتِي أخبر بها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم؛ ثُمَّ تكون الساعة بعدها نعم.

(المتن)

ويدخُلُ الإيمانُ بالموتِ وما		مِن بعدِه على العبادِ حُتِما
وأنَّ كلا مُقعَدٌ مسؤولُ:		ما الربُّ ما الدينُّ وما الرسولُ
وعند ذا يُثبِّتُ المُهيمِنُ		بثابتِ القولِ الذين آمنوا
ويُوقِنُ المرتابُ عند ذلِكْ		بأنَّ ما مَورِدُهُ المهالِكْ
وباللِّقا والبعثِ والنشورِ		وبقيامِنا مِن القبورِ

(الشرح)

الإيمان بالقبر هَـذَا من أحوال البرزخ تابع إِلَى الإيمان بيوم الْقِيَامَة, الإيمان بالقبر وَأَنَّهُ روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار, والإيمان بالسؤال, سؤال منكر ونكير عَنْ ربه وعن دينه, من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ والإيمان بضمة القبر, والله تعالى يثبت, (ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ) [إبراهيم/27] .

(المتن)

غُرْلا حفاةً كجَرادٍ مُنتشِرْ

يقولُ ذو الكُفرانِ: ذا يومٌ عَسِرْ

(الشرح)

حفاة غرلًا غير مختونين, هكذا(ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭻ) [الأنبياء/104] .

يحشر الناس حفاة لا نعال عليهم, عراة لا ثياب عليهم, غرلًا غير مختونين, كأنهم جراد منتشر يقول الكافرون هَذَا يوم عسر, يوم شديد.

(المتن)

ويُجمَعُ الخلقُ ليومِ الفصْلِ		جميعُهم عُلويُّهم والسُّفْلِي
في موقفٍ يَجِلُّ فيه الخَطْبُ		ويعظُمُ الهَوْلُ به والكَرْبُ
وأُحضِروا للعرضِ والحسابِ		وانقطَعَتْ علائقُ الأنسابِ
وارتَكَمتْ سحائبُ الأهوالِ		وانعجمَ البليغُ في المقالِ
وعنَتِ الوُجوهُ للقيُّومِ		واقتُصَّ مِن ذي الظلمِ للمظلومِ
وساوتِ الملوكُ للأجنادِ		وجِيءَ بالكتابِ والأشهادِ

(الشرح)

كُلّ هَذِهِ من أهوال يوم الْقِيَامَة, العرض والحساب والجزاء وعرض الكتب, يتساوى النَّاس الملوك والعبيد, تزول الفوارق ولا ينجو إِلاَّ المتقون.

(المتن)

وشهِدَتْ الاَعْضاءُ والجَوارِحُ

وبدَتِ السَّوْءاتُ والفضائحُ

(الشرح)

(ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ) [النور/24] .

(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ) [فصلت/21] .

(المتن)

وابتُلِيَتْ هنالِكَ السرائِرْ

وانكشَفَ المخفِيُّ في الضمائِرْ

(الشرح)

(ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [الطارق/9] . يظهر ما فيها مخبئة في الصدور تظهر, (ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) [الطارق/9-10] .

(المتن)

ونُشِرَتْ صحائفُ الأعمالِ

تُؤخَذُ باليمينِ والشِمالِ

(الشرح)

تطاير الصحف آخذٌ كتابه بيمينه وهو المؤمن, وآخذٌ كتابه بشماله ملوية وراء ظهره نسأل الله السلامة والعافية.

(المتن)

طُوبَى لِمَنْ يأخُذ باليمينِ		كتابَه بُشرَى بِحُورٍ عِينِ
والوَيلُ للآخِذِ بالشِّمالِ		وراءَ ظهرٍ للجحيمِ صالِي
والوزنُ بالقسطِ فلا ظُلمَ ولا		يُؤخَذُ عبدٌ بسِوَى ما عَمِلا
فبَيْنَ ناجٍ راجِحٍ مِيزانُه		ومُقْرِفٍ أوبَقَهُ عُدوانُه

(الشرح)

(ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ) [الأعراف/8-9] .

(المتن)

والوزنُ بالقسطِ فلا ظُلمَ ولا		يُؤخَذُ عبدٌ بسِوَى ما عَمِلا
فبَيْنَ ناجٍ راجِحٍ مِيزانُه		ومُقْرِفٍ أوبَقَهُ عُدوانُه

(الشرح)

بالقسط يَعْنِي بالعدل.

(المتن)

ويُنصبُ الجسرُ بلا امتراءِ		كما أتى في مُحكمِ الأنباءِ
يَجُوزُه الناسُ على أحوالِ		بقَدْر كَسْبِهم مِنَ الأعمالِ

(الشرح)

الجسر هُوَ الصراط عَلَى متن جهنم, يمر به النَّاس عَلَى قدر أعمالهم, فأول زمرة يمرون كالبرق, ثُمَّ كالريح, ثُمَّ كالطير, ثُمَّ كأجاود الخيل, ثُمَّ الرجل يعدو عدوًا, ثُمَّ الرجل يمشي مشيًا, ثُمَّ الرجل يزحف زحفًا, وَعَلَى الصراط كلاليب تخطف (..) خطفًا تلقيه فِي النار, والأنبياء عَلَى الصراط دعاؤهم اللهم سلم سلم, النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قائم عَلَى الصراط يَقُول: اللهم سلم سلم حَتَّىَ تعجز أعمال العباد, حَتَّىَ الرجل يزحف زحفًا.

(المتن)

فبينَ مُجتازٍ إلى الجنانِ		ومُسرفٍ يُكَبُّ في النيرانِ
والنارُ والجنةُ حقٌّ وهُما		موجودتانِ لا فَناءَ لَهُما

(الشرح)

قف عَلَى النار والجنة.