بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين, وصل الله وسلم عَلَى نبينا محمدٍ وَعَلَى آله وصحبه أجمعين, اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمًا وعملاً يا كريم, واغفر اللهم لنا ولشيخنا والحاضرين وجميع المسلمين.
(المتن)
قَالَ الشيخ حافظ بْنَ أحمد الحكمي رَحِمَهُ الله تعالى, فِي منظومته سلم الوصول إِلَى علم الأصول فِي توحيد الله وَاتِّبَاعِ الرسول صلى الله عليه وسلم.
قَالَ رحمه الله تعالى فِي تتمة فصله فِي فصل يجمع معنى حديث جبريل المشهور قَالَ رحمه الله:
والنارُ والجنةُ حقٌّ وهُما
|
|
موجودتانِ لا فَناءَ لَهُما
|
(الشرح)
الجنة والنار حق هَذِهِ عقيدة أهل السُّنَّةِ والجماعة أَن الجنة والنار موجودتان الآن دائمتان لاَّ تفنيان, خلافًا للمعتزلة القائلين بأنها إِنَّمَا تخلقان يوم الْقِيَامَة, يَقُولُونَ: وجودهما الآن ولا جزاء عبث, والعبث محال عَلَى الله, يَعْنِي المعتزلة إِنَّمَا يعملون بعقولهم ويتركون النصوص ورائهم ظهريًا, فَقَالُوا: الجنة والنار ما تخلقان إِلاَّ يوم الْقِيَامَة؛ لِأَنَّ وجودهم الآن ولا فِي جزاء عبث, والعبث محال عَلَى الله, والقول هَـذَا باطل, مصادم للنصوص, الله تعالى قَالَ عَنْ الجنة: أعدت للمتقين, وَقَالَ عَنْ النار: أعدت للكافرين, هُوَ أعد.
وأيضًا من قَالَ إِنَّهُ لاَّ جزاء عبث, فِي أرواح تعذب, ويفتح للكافر باب إِلَى النار, والمؤمن يفتح له باب إِلَى الجنة فِي قبره, ومن الأدلة عَلَى أَن الجنة النار موجودة الآن فِي قصة جبريل, أَن الله لَمَّا خلقها قَالَ: انظر إِلَى الجنة وإلى النار, هَـذَا صريح فِي أنها خلقت قبل ذَلِكَ, والنبي صلى الله عليه وسلم رآه وَلَمَّا أسري به رأى الجنة ورأى النار؛ كُلّ هَـذَا أدلة, أيضًا فِي الحور والولدان فِي الجنة, والأرواح تنعم, هَـذَا كُلّ يبطل قول المعتزلة أَنَّهُ عبث وجودهما الآن, النصوص كثيرة تدل عَلَى وجودهما وأنهما الآن مخلوقتان دائمتان لاَّ تفنيان.
السائل: عفا الله عنك فِي قولكم لاَّ تفنيان, سمعت يا شيخ أَن بعض السلف ذكروا فناء النار؟.
الشيخ: هَـذَا قول مرجوح, والصواب أنها لاَّ تنفيان, هَـذَا هُوَ المعتمد.
السائل: فِي توجيه لكلامهم يا شيخ؟.
الشيخ: بعضهم وجه قَالَ: من قَالَ بعض السلف تفنيان الطبقة الَّتِي فيها العصاة, إِذَا خرج العصاة فنيت أَمَّا الطبقة الَّتِي فيها النار فهي باقية.
(المتن)
وحَوضُ خيرِ الخلقِ حقٌّ وبِهِ
|
|
يَشرَبُ في الأُخرَى جميعُ حِزبِهِ
|
(الشرح)
الحوض كذلك حق, حوض النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي موقف الْقِيَامَة, «ماؤه أشد بياضًا من اللبن وأحلى من العسل وأبرد من الثلج, وطوله مسافة شهر وعرضه مسافة شهر, وأوانيه عدد نجوم السَّمَاء ويصب فيه ميزبان من نهر الكوثر», نسأل الله الكريم من فضله.
وَثَبِّتْ فِي الحديث أَنَّهُ أقوام تزدوهم الْمَلَائِكَة قَدْ غيروا وبدلوا, فيقول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «يا ربي أصحابي أصحابي», وفي رواية: «صحابي صحابي, فيقال له: إنك لاَّ تدري ما أحدثوا بعدك, إِنَّمَا لَمْ يزالوا مرتدين عَلَى أعقابهم منذ فارقتهم, قَالَ عَلَيْهِ الصلاة والسلام فأقول: سحقًا, سحقًا, لمن غير بعدي».
السائل: يحمل عَلَى المبتدعة فقط هؤلاء يا شيخ؟.
الشيخ: نعم المبتدعة.
السائل: يدخل فيهم العصاة؟.
الشيخ: المبتدعة أهل البدع, المبتدعة الَّذِينَ غيروا وبدلوا والذين ارتدوا عَلَى أعقابهم نسأل الله السلامة والعافية.
(المتن)
كذا لَهُ لِواءُ حَمْدٍ يُنْشَرُ
|
|
وتَحتَه الرُّسْلُ جَميعًا تُحْشَرُ
|
(الشرح)
نعم لواء الحمد عَلَيْهِ الصلاة والسلام, هَذِهِ من الفضائل والكرامات الَّتِي يعطيها النَّبِيّ لواء الحمد, وتحته الرسل, نوحٌ فَمَنْ بعده عَلَيْهِ الصلاة والسلام, وهذا يظهر الله فضله عَلَيْهِ الصلاة والسلام.
السائل: ما المقصود بلواء الحمد؟.
الشيخ: لواء يرفع مثل ما يرفع اللواء فِي الدنيا يرفع لواء فِي الآخرة لواء الحمد الله أعلم بكيفيته.
(المتن)
وحَوضُ خيرِ الخلقِ حقٌّ وبِهِ
|
|
يَشرَبُ في الأُخرَى جميعُ حِزبِهِ
|
|
|
|
كذا لَهُ لِواءُ حَمْدٍ يُنْشَرُ
|
|
وتَحتَه الرُّسْلُ جَميعًا تُحْشَرُ
|
|
(الشرح)
نعم فِي الأخرى فِي الدار الآخرة يَعْنِي بعد البعث.
(المتن)
كذا له الشفاعةُ العظمى كما
|
|
قد خصَّه اللهُ بها تكرُّما
|
(الشرح)
نعم هَذِهِ الشفاعة العظمة من خصائص النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهِيَ فِي موقف الْقِيَامَة يتأخر عنها أولي العزم الخمسة: نوح, وإبراهيم, وموسى, وعيسى, ثُمَّ يَقُول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «أنا لها», بعد أَن يتراجع أولي العزم فيشفعه الله بعد أَن يسجد تحت العرش ويفتح الله عَلَيْهِ من المحامد, ويأتي الإذن من الله U, يا محمد ارفع رأسك وسل تعطى واشفع تشفع, ويشفعه الله فِي الخلائق, فَهَذَا هُوَ المقام المحمود الَّذِي يغبطه به الأولون والآخرون, وهِيَ عامة للمؤمنين والكافر؛ لراحتهم من الموقف.
(المتن)
كذا له الشفاعةُ العظمى كما
|
|
قد خصَّه اللهُ بها تكرُّما
|
مِن بعدِ إذنِ الله لا كما يَرَى
|
|
كلُّ قُبورِيٍّ على الله افترَى
|
(الشرح)
يَعْنِي من بعد الإذن, ليس القبوري الَّذِي يرى أَن الشافعة تكون للمشرك هَـذَا باطل, إِنَّمَا تكون الشافعة بعد إذن الله U, والشفاعة المرادة للعصاة, هَذِهِ تكون لأهل التوحيد, والقبوريين يَقُولُونَ لأهل الشِّرْك وهذا باطل, أَمَّا الشفاعة العظمى فهي عامة للمؤمنين والكفار لإراحتهم من الموقف حَتَّىَ يحاسبهم الله.
(المتن)
كذا له الشفاعةُ العظمى كما
|
|
قد خصَّه اللهُ بها تكرُّما
|
مِن بعدِ إذنِ الله لا كما يَرَى
|
|
كلُّ قُبورِيٍّ على الله افترَى
|
يَشفَعُ أولًا إلى الرحمنِ في
|
|
فَصْلِ القضاءِ بين أهلِ الموقِفِ
|
(الشرح)
يشفع فِي أهل القضاء هَذِهِ الشفاعة العظمى, يشفع حَتَّىَ يحاسب الله الخلائق ويريحهم من الموقف.
(المتن)
يَشفَعُ أولًا إلى الرحمنِ في
|
|
فَصْلِ القضاءِ بين أهلِ الموقِفِ
|
مِن بعدِ أن يَطلُبَها الناسُ إلى
|
|
كل أولي العزمِ الهداةِ الفُضَلا
|
(الشرح)
يَعْنِي تكون بعد أَن يتراجع أولي العزم عنها, النَّاس يأتون إِلَى أدم, ثُمَّ نوح, ثُمَّ إبراهيم, ثُمَّ موسى, ثُمَّ عِيسَى, ثُمَّ إِلَى محمد, بعد تراجع أولي العزم عنها يظهر فضل نبينا صلى الله عليه وسلم فيشفعه الله, يشفع بعد الإذن فِي أهل الموقف, أهل الشفاعة العظمى وهِيَ المقام المحمود الَّذِي يغبطه فيه الأولون والآخرون.
وفق الله الجميع للصواب سبحانك اللهم وبمحمد أشهد ألا إِلَهَ إِلاَّ أنت أستغفرك وأتوب إليك.