شعار الموقع

شرح منظومة سلم الوصول إلى علم الأصول 10

00:00
00:00
تحميل
156

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين, وصل الله وسلم عَلَى نبينا محمدٍ وَعَلَى آله وصحبه أجمعين, اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمًا وعملاً يا كريم, واغفر اللهم لنا ولشيخنا والحاضرين وجميع المسلمين.

(المتن)

قَالَ الشيخ حافظ بْنَ أحمد الحكمي رَحِمَهُ الله تعالى:

لا نَوْءَ لا عَدْوَى لا طَيْرَ ولا
 

 

 

عمَّا قضَى اللهُ تعالى حِوَلاَ
 

 

لا غُولَ لا هامَةَ لا ولا صَفَرْ
 

 

 

كما بذا أخبَرَ سيدُ البشَرْ
 

 

 

(الشرح)

يشير إِلَى الحديث الَّذِي رواه مسلم: «لاَّ عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا سفر», زاد مسلم: «ولا غول», فالنبي صلى الله عليه وسلم نفى هَـذَا الأشياء, قَالَ: «لاَّ عدوى», قِيلَ فِي هَـذَا الحديث أَنَّهُ نفي, وقيل: إِنَّهُ نهي, والمعنى لاَّ عدوى عَلَى الوجه الَّذِي يعتقده أهل الجاهلية, من أَن المرض ينتقل بنفسه والعدوى تنتقل بنفسها, ولا مانع من ذَلِكَ أَن يكون المرض يعدي؛ إِذَا قدر الله ذَلِكَ؛ لَـكِن أهل الجاهلية يعتقدون أَن المرض يعدي بطبعه, هَـذَا المقصود بلا عدوى.

ولا طيرة تشاؤم بالطيور وغيرها, ولا هامة الهامة قِيلَ: إِنَّ البومة (..)كانوا فِي الجاهلية يتشاءمون بها إِذَا (..) تنعى إليه نفسه أو أحدًا من أهل بيته.

ولا سفر فَإِن المراد حية فِي الباطن وهِيَ أعدى من الجرب عِنْدَ العرب, وقيل: شهر صفر كانوا يتشاءمون به, يَقُولُونَ: إِنَّهُ شهر مشئوم, فنفاه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم, زاد مسلم: «ولا نجم», الاستقاء بالنجوم والأنواء, ولا غول وهِيَ جنس من الشياطين تتلون للناس, يزعم العرب أنها تتلون للناس فِي الفلوات فتظلهم.

المقصود أَن النَّبِيّ نفى ما كان يعتقده أهل الجاهلية فِي هَـذَا الحديث, هَـذَا ما يشير إليه الناظم, لاَّ عدوى العدوى الَّتِي يعتقدها أهل الجاهلية, ولا طيرة التشاؤم, ولا هامة كما يفعل أهل الجاهلية أَن البوم إِذَا وقف عَلَى بيت أحدهم يَقُولُونَ: تنعى إليَّ نفسي أو من أهل بيتي, ولا هامة, لاَّ عدوى ولا طيرة قِيلَ: إِنَّهُمْ يزعمون أَن روح الميت تخرج وتدور عَلَيْهِ, أو أنها تكون هامة فتطير, فالنبي أبطل اعتقاد الجاهلية, ولا صفر هِيَ الحية فِي البطن أو شهر صفر, فَهَذِهِ كلها من أمور الجاهلية ولهذا نفاها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.

الطالب: ذكرتم الهامة البوم؟.

الشيخ: نعم هِيَ الطير الَّذِي يسمى البوم, يزعمون فِي الجاهلية أنها إِذَا وجدت فِي البيت أنها تنعى إليه نفسه أو إِذَا وقفت عَلَى البيت, هكذا يزعمون تنعى إليه نفسه أو أحد من أهل البيت.

(المتن)

وثالِثٌ مرتبةُ الإحسانِ
 

 

 

وتِلك أعلاها لَدَى الرحمنِ
 

 

وهْو رُسُوخُ القلبِ في العِرفانِ
 

 

 

حتى يكونَ الغيبُ كالعِيانِ
 

 

 

(الشرح)

هَذِهِ مرتبة الإحسان من مراتب الدين الثلاثة, مراتب الدين: الْإِسْلَام, ثُمَّ الإيمان, ثُمَّ الإحسان, وهِيَ رسوخ الإيمان فِي القلب حَتَّىَ يكون (..) فسرها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بقوله: «أَن تعبد الله كأنك تراه فَإِن لَمْ تكن تراه فَإِنَّهُ يراك», أَن تعبده كأنك تراه, هَذِهِ المحبة عبادة الطلب, «فَإِن لَمْ تكن تراه فَإِنَّهُ يراك», هَذِهِ عبادة الخوف.

(المتن)

 فصل في كون الإيمان يزيد بِالطَّاعَةِ، وينقص بالمعصية، وأن فاسق أهل الملة لا يكفر بذنب دون الشِّرْك إلا إِذَا استحله، وَأَنَّهُ تحت المشيئة، وأن التوبة مقبولة ما لم يغرغر:

إيمانُنا يزيدُ بالطاعاتِ
 

 

ونقصُه يكونُ بالزلاَّتِ
 

 

وأهلُه فيه على تفاضُلِ
 

 

 

هل أنتَ كالأملاكِ أو كالرُّسُلِ
 

 

 

(الشرح)

هَذَا معتقد أهل السُّنَّةِ والجماعة أَن الإيمان يزيد وينقص, هَـذَا يقرره جمهور أهل السُّنَّةِ الْأَئِمَّةِ الثلاثة مالك والشافعي وأحمد, ومذهب الصحابة والتابعين أَن الإيمان قول وعمل, والقول نوعان: قول القلب هُوَ التَّصْدِيقِ والإقرار, والقول اللِّسَانِ وَهُوَ النطق, والعمل: عمل القلب وعمل الجوارح يزيد بِالطَّاعَةِ وينقص بالمعصية, هَـذَا هُوَ الإيمان الَّذِي ثَبِّتْ فِي الأحاديث, قول وعمل يزيد وينقص, يزيد بِالطَّاعَةِ وينقص بالمعصية.

خلافًا للمرجئة الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ الإعمال غير داخلة فِي مسمى الإيمان, وَأَنَّهُ لاَّ يزيد ولا ينقص, هم يتفاوتون عِنْدَ أهل السُّنَّةِ, وعند الْمُرْجِئَة لاَّ يتفاوتون, ولذا يَقُول الطحاوي: وأهله فِي أصله سواء, والصواب أَنَّهُمْ يتفاوتون تفاوت عظيم, يزيد بالطَّاعَة وينقص بالمعصية, أَمَّا أهل البدع فإنهم يختلفون فِي تعريفه, الجهمية يَقُولُونَ: الإيمان هُوَ المعرفة فقط, والكفر هُوَ جهل الرب بالقلب, وَعَلَى ذَلِكَ عِنْدَ الجهم ما فِي أحد كافر من يعرف ربه!, يكون إبليس مؤمن عَلَى مذهب الجهمية؛ لِأَنَّهُ يعرف ربه بقلبه, ويكون فرعون مؤمن عَلَى مذهب الجهم؛ لِأَنَّهُ قَالَ الله: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭝ[النمل/14] .

ويكون اليهود مؤمنون؛ لِأَنَّهُ قَالَ الله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ[البقرة/146] .

ويكون أبو طالب مؤمن حينما قَالَ: " ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا " وهذا باطل, الإيمان قول وعمل يزيد بِالطَّاعَةِ وينقص بالمعصية.

الطالب: القول والعمل والاعتقاد إِذَا تخلف أحد الثلاثة لاَّ يكون مؤمن يكون كافر؟.

الشيخ: نعم ما يكون كافر يختلف عَلَى حسب الشيء الَّذِي تركه, إِذَا ترك شَيْء يكون كفر فيكون كافر, وإِذَا ترك شَيْء من الواجبات ما يصل إِلَى حد الكفر يكون معصية.

الطالب: عِنْدَ بعض الْمُرْجِئَة يا شيخ ترك العمل بالكلية؟.

الشيخ: أي عمل؟ عمل الجوارح أم عمل القلوب؟.

الطالب: عمل الجوارح.

الشيخ: سبق أَن الإيمان لاَّ يتحقق الإيمان فِي القلب إِلاَّ بالعمل, كما أَن العمل لَابُدَّ له من أَن يصح فِي الباطن, فكذلك العمل فِي الظاهر لَابُدَّ له من إيمان يتحقق به, وإلا صار كإيمان إبليس وفرعون, فلابد من العمل, لَابُدَّ في الإيمان من القول والعمل لَابُدَّ من أمرين, ومن لَمْ يعمل فليس بمؤمن.

 

 

 

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد