بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له، وأشهد أنا سيدنا ونبينا وقدوتنا وإمامنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي العربي المكي ثم المدني، أشهد أنَّهُ رسول الله إلى الثقلين الجن والإنس من العرب والعجم، وأشهد أنَّهُ خاتم النبيين وإمام المرسلين فلا نبي بعده.
أشهد أنَّهُ بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى آتاه من ربه اليقين، فصلوات من ربه وسلامه عليه؛ وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين وعلى آله وعلى أتباعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
فإن أحمِد الله إليكم وأثَنِي عليه الخير كله وأسأله المزيد من فضله، وأسأله أن يصلح قلوبنا وأعمالنا ونياتنا وذرياتنا، كما أسأله أَنَّ يجعل اجتماعنا هذا اجتماعًا مرحومَ وأن يجعل تفرقنا من بعده تفرقًا معصومَ وأن لا يجعل فينا ولا منا شقيًا ولا محروما، كما أسأله سُبْحَانَهُ أَنَّ يجعل جمعنا هذا جمع خيرٍ وعلم ورحمة تنزل عليه السكينة وتغشاه الرحمة وتحفه الملائكة ويذكره الله فيما عنده.
لقد ثبت في صحيح مسلم من حديث هريرة أن النبي ﷺ قال: مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ.
أيها الإخوان أبشركم ببشارة عظيمة وهي: بشارة من النبي ﷺ وهي أن سلوك طريق العلم سلوك إلى الجنة قال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: منْ سَلَكَ طَريقًا يَبْتَغِي فِيهِ علْمًا سهَّل اللَّه لَه طَريقًا إِلَى الجنةِ.
قال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الجَنَّةِ فَارْتَعُوا قالوا : وما رياض الجن؟ قال: حِلَقُ الذِّكْرِ.
والذكر هو كلام الله وكلام رسوله وتدارسوا كلام الله وكلام رسوله ﷺ وكلام أهل العلم الذي يفسروا به كلام الله وكلام رسوله.
العلماء هم ورثة الأنبياء: إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ.
ثبت في صحيحين من حديث معاوية بن أبي سفيان أَنَّ النبي ﷺ قال: مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وهذه علامة الخير وعلامة إرادة الله بالعبد الخير أن يوجه إلى طلب العلم وأن يسلك طريق العلم .
فعلى المسلم وعلى طالب العلم أن يرتبط بهذه النعمة وأن يصدق مع الله وأن يصلح نيته ويحسن قصده، وأن يكون قصده التعلم وتعليم وجه الله والدار الآخرة حتى يحصل على هذا الخير وهذه الإشارات العظيمة.
أيها الإخوان؛ الصيام فضله عظيم وأجره كبير وصيام رمضان أحد أركان الإسلام الخمسة التي لا يقوم الإسلام ولا يستقيم إلا بها وهو الركن الرابع من أركان الإسلام كما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النبي ﷺ قال: بنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِة الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وصوم رمضان، وَحَجُّ بِيتِ اللَّهِ الحَرَامِ.
فجعل النبي ﷺ صيام رمضان الركن الرابع من أركان الإسلام وهذه عُمد وأُسس يقوم عليها الإسلام، وفي حديث سؤلات جبرائيل عن النبي ﷺ إذا رواه الإمام مسلم مطولًا ورواه البخاري مختصرًا من حديث أبي هريرة: «أن جبرائيل سأل النبي ﷺ عن الإسلام ثم عن الإيمان ثم عن الإحسان ثم عن الساعة ثم عن أماراتها».
ولما سأله عن الإسلام قال: الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ، فجعل صيام رمضان الركن الرابع.
والصيام جنس الصيام فضله عظيم وأجره كبير وجاءت النصوص في الحث والترغيب على صيام التطوع صيام الفرد لابد منه لا يسقط عن أحد مادام العقل ثابتًا فلا بد من الصيام والعاجز يسقط عنه الصيام وله بديل الإطعام إن كان لا يستطيع أو القضاء الأيام الأُخر إِنْ استطاع.
والنصوص جاءت في فضل الصيام وفضل صيام التطوع فضل صيام الاثنين والخميس وصيام ثلاثة أيام من كل شهر وصيام ستة أيام من شوال وصيام تسع ذي الحجة وأفضل الصيام صوم يوم وفطر يوم.
قال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: مَنْ صَامَ يَوْماً فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا، وهذا في سبيل الله يعني في طاعة الله والصواب أن هذه إِنَّمَا في صيام التطوع.
والصيام: إِنَّمَا هو مجرد الإمساك، فالساكت يسُمى صائم، ومنه قول اللهِ تَعَالَى عن مريم فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا [مريم: 26] يعني سكوتًا، ويقُال: الخيل صائمة وخيل غير صائمة، فغير الصائمة التي تَعلُكُ اللُجُمَ والصائمة الساكتة.
وشرعًا: هو الإمساك بنية عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس هذا هو الصيام الشرعي.
"إمساك مخصوص من شخص مخصوص في وقت مخصوص بنية"، هذا هو الصيام، أو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى إمساك الشمس هذه هو الصيام الشرعي.
والمفطرات التي تفطر الصائم أصول المفطرات ثلاثة:
¤الأكل.
¤الشرب.
¤الجماع.
هذه أصول المفطرات، وقد بيَّن اللهِ تَعَالَى في قولُهُ تَعَالَى: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة: 187].
فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ [البقرة: 187]، يعني في الليل هذه المباشرة الجماع، وَكُلُوا وَاشْرَبُوا [البقرة: 187]، هذا الأكل والشرب، حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة: 187]، هذه أصول المفطرات.
أصول المفطرات الصوم ثلاث، الأكل، والشرب، والجماع، وهي مفطرة بالنص والإجماع مع العبد إذا كان متعمدًا.
وكذلك خروج دم الحيض والنفاس من المرأة هذه الأمور الأربعة مجُمعَ على أنها تفطر الصائم، الأكل والشرب والجماع عمدًا.
إذا أكل عمدًا، أو شرب عمدًا، أو جامع عامدًا، أو خرج دم الحيض أو دم النفاس من المرأة هذه المفطرات بالإجماع.
أما الناسي والمخطئ والجاهل ففيه خلاف.
بالنسبة للمرأة الدم والحيض ودم النفاس هذا مفطر بالاتفاق متى خرج منها الدم فإنها يفطر صومها ولو قبل الغروب بلحظة واحدة.
وأما الأكل والشرب فقد ثبت في صحيح البخاري أَنَّ النبي ﷺ قال: مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا وَهُوَ صَائِمٌ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ، وهذا هو الصواب أن الناسي إذا أكل أو شرب فإن صومه صحيح وليس عليه قضاء ولا كفارة، وخالف بعض أهل العلم ولعل هذا محمول على أنه لم يكن نص أو تأول نص.
وكذلك المخطئ فيه خلاف، يعني إذا أكل أو شرب يظن أَنَّ الشمس قد غربت ولم تغرب أو أكل أو شرب يظن أَنَّ الفجر لم يطلع ثم تبيَّن أنَّهُ طلع هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، والجمهور على أنه يقضي.
والقول الثاني: أنَّهُ لا يقضي، وشيخ الإسلام يرى أنه لا يقضي؛ لأن المخطئ معذور، ومن المفطرات عند بعض أهل العلم القيء يتقيأ متعمدًا فإنه يبطل صومه عند جميع أهل العلم.
وهذه المسألة أَيْضًا خلافية إذا بحث شَيْخُ الإِسْلَامِ في هذه الرسالة ورجح أنه إذا تقيء عمدًا يبطل صومه ولو تقيأ عمدًا؛ لأن التقيؤ حينما يتقيأ وهو محتاج يكون هذا علاج والعلاج يكون معذور ويقضي.
ويرى شَيْخُ الإِسْلَامِ أَنَّ من أفطر عامدًا فليس عليه قضاء يعني ذنبه أكبر؛ لكن المتقيأ الذي تقيء عمدًا هذه نوع علاج حتى يتقيأ هذه نوع من العلاج وفيه الحديث: مَنْ اسْتَقَاءَ فَقَاءَ فَلْيَقْضِ والحديث فيه كلام لأهل العلم ذكره شَيْخُ الإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ.
كذلك أَيْضًا من الأمور والمسائل التي تتعلق بالصيام الإبر ضرب الإبر إدخال الإبر إلى الجوف وهي أنواع الإبر المغذية لاشك أنه مفطرة لأنها تغني عن الطعام والشراب، وشيخ الإسلام أشار إلى هذا أن ما يغذي هذه يفطر الإبر المغذية ومثل حقن الدم في الصائم يعني حق الدم خلاصة الطعام والشراب إذا حُقن دم في الصائم فإنه يفطر.
ومعلوم أن ما يحتاج إلى حقن الدم مريض؛ لكن لو قدر أنه صائم وحقن في آخر النهار قبل ولو يأكل ولم يشرب يكون بطل صومه بهذه الحقن أو جُعل فيه مغذيات أو إبر مغذية هذه لاشك فيها لا شك أنه مفطرة.
أما الإبر المكافحة للمرض فهذه فيها خلاف بين أهل العلم كثير من الفقهاء أن كل ما يصل إلى الجوف فإنه يفطر، ومن العلماء المعاصرون منهم من رأى أنها لا تفطر ومنهم من فرق بين الإبرة التي كانت في العضد أو في العضل؛ قالوا: إذا كانت في العضد فإنها تفطر وإذا كانت في العضل فإنها لا تفطر، والصواب أنه لا فرق بينهما.
وشيخ الإسلام رَحِمَهُ اللهُ أن الإبر غير المغذية لا تفطر مطلقًا، وكذلك الكحل فيه خلاف بين أهل العلم للصائم أن يكتحل أو لا يكتحل، من العلماء من قالوا: أنه يفطر إذا وجد طعمه في حلقه وشيخ الإسلام رأى أن الكحل لا يفطر والحديث الذي رواه أبو داود حديث ضعيف.
يقولوا: إذا وجد طعمه في حلقه، وكذلك القطرة في العين أو القطرة في الأذن لا تفطر؛ لأنها ليست منفذًا ولا أكلًا ولا شربًا ولا فيها من الأكل والشرب عند شَيْخُ الإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ، والفقهاء يرون أنه إذا وجد طعمه في حلقه فإنه يفطر؛ وكذلك الحقنة في الشرج في الدور والتقطير في الذكر في الأذن أَيْضًا بحدث شَيْخُ الإِسْلَامِ في هذه الرسالة وذكر أن من العلماء من رأى أنها تفطر.
ورأى أنها لا تفطر ذكر الأقوال فيها بل الأقوال فيها كثيرة؛ فشيخ الإسلام رأى أنها لا تفر مطلقًا؛ لا، الإبر غير المغذية ولا الحقنة في الشرج ولا التقطير في الذكر ولا قطرة العين ولا قطرة الأذن ولا الكحل.
أما القطرة في الأنف فإنه تفطر؛ لأن الأنف منفذ ويصل إلى المعدة والدليل في هذه قول النبي ﷺ: بَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا والأنف منفذ ممكن أن يتغذى عن طريق الأنف ولهذا ترون المرضى في المستشفيات يتغذون عن طريق الأنف كالفم الأنف كالفم سواءً بسواء.
وهو عمدة الفقهاء الذين يرون أن ما يصل إلى الجوف يفطر بَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا. عمدتهم هذا الحديث.
وشيخ الإسلام رَحِمَهُ اللهُ يرى أن كل هذه الأشياء لا تفطر ويقول: أن هذه ليست أكلًا ولا شربًا ولا فيهم معنى الأكل والشرب وليس هناك دليل يدل على أن كل ما يصل إلى الجوف فإنه يكون مفطر.
كذلك مداواة المأمومة وهي الشجرة التي تصل إلى أم الدماغ، ومداواة الجائفة الشجرة التي تصل إلى الجوف كلها لا يرى أنها تفطر شَيْخُ الإِسْلَامِ.
وبعض الفقهاء يرى إنها تفطر وشيخ الإسلام رَحِمَهُ اللهُ يقول: ليس هناك دليل ما عندهم إلا الأقيسة.
يقول: إنها تفطر قياس على إدخال ما في الأنف بَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا.
ويقول: أن الأنف يصل الماء إلى الجوف ويكون مثل الشرب من جنس الفم.
ويقول: أن هؤلاء العلماء الذين يقولون: أنها تفطر مجتهدون ولهم أجر على اجتهادهم لكن الصواب أنها لا تفطر.
وكذلك أَيْضًا سحب الدم والحجامة في هذه المسألة خلاف بين الجمهور والعلماء على أنها منسوخة وأن الحجامة لا تفطر.
وشيخ الإسلام يرى أنها تفطر ويأتي بالدليل أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ، يقول: أنه هو المتأخر ويقول: إن الصيام ينبغي أن يكون فيه اعتدال، من الاعتدال ألا يخرج شيء يضره، كما أنه لا يدخل شيئًا فلا يخرج شيئًا يضره.
فسحب الدم الكثير إذا كان متعمد فيرى أنه سواء من القسط أو الشرب أو الحجامة فإنه يفطر شَيْخُ الإِسْلَامِ وجمع من أهل العلم والجمهور على أنه لا يفطر.
أما الرعاة والجراحات فهذه لا تفطر، وكذلك الاحتلام إذا احتلم ليس له اختيار في ذلك، والاستمناء إخراج المني باختياره يفطر؛ لأنه من الشهوة التي يدعها الصائم لربه الصائم يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي.
وهذه المسألة كلها بحثها شَيْخُ الإِسْلَامِ والخلاصة أن "الأكل والشرب والجماع" هذه هي أصول المفطرات وهذه المفطرات بالنص والإجماع وكذلك الدم والحيض الأربع لا إشكال فيها.
والاستمناء على الصحيح كذلك إذا استمنى فإنه يبطل صومه، ومن العلماء خالف في ذلك، والقيء إذا تقيء متعمدًا بطل صومه عند جميع من أهل العلم وهذه المسألة خلافية.
أما إذا لم يتقيأ عمدًا فلا، فالقيء والحجامة وكذلك الكحل وكذلك الإبر المكافحة للمرض والقطرة في الأنف والتي تضع في الأذن كل هذه عند الفقهاء تفطر إذا وجد طعمها في حلقه وعند شَيْخُ الإِسْلَامِ لا تفطر.
ولكن لأحوط المسلم يحتاط المسلم إذا تيسر المسلم أن يؤجلها إلا الليل فهذا أحوط وأبرأ ذمته ويخرج من الخلاف ولأن كثير من الفقهاء قالوا أنها تفطر، وإذا احتاج إلى واضطر إلى هذا وفعل وأفتاه بعد أهل العلم المعتبرين فليس عليه شيء.
الآن نقرأ هذه الرسالة وهي رسالة عظيمة للإمام للشيخ رَحِمَهُ اللهُ تدل على غزارة علمه وفهمه الذي أعطاه الله ، فإن الفهم رزق العلم رزق يرزقه الله من يشاء من عباده كما قال الإمام البخاري رَحِمَهُ اللهُ، لما خاض في مسألة الفتنة القول: بقول القرآن قال: "أن فلانا كم يعتريه الحسد والعلم رزق يرزقه الله، فكما أن الله يرزق المال يرزق العلم ويرزق التقوى"، فنسأل الله أن يرزقنا وإياكم من فضله.
والعلماء أفهمهم يختلفون، اللهِ تَعَالَى فاوت بين عباده فتجد الحدث الواحد يأتي بعض أهل العلم فيستنتجوا منه فائدة حكم وفائدة يأتي على مأخذ الفائدتين يأتي على مأخذ ثلاث يأتي على مأخذ المائة حتى السواك له أكثر من مائة فائدة، من العلماء أعطاه الله فهم كما قال علي : لما قيل هل خصكم من أهل البيت في شيء قال: هل خصصتم في شيء فقال لا إلا كتاب الله إلا ما في هذا الصحيفة وإلا فهمًا يعطيه الله فهمًا في كتابه.
والمسلم وطالب العلم عليه إصلاح النية في هذه النفس عليه أن يصلح النية وأن يخلص نيته لله؛ لأن طلب العلم من أجل القربات وأفضل الطاعات ويتأدب بآداب أهل العلم وينصت أحسن إنصات ويحسن السؤال ويؤيد الفوائد حتى لا تفوت ويذاكر مع إخوانه وزملائه ويقرأ من قُرأ ويقرأ الكتاب قبل الدرس وبعد الدرس ويسأل الله أَنَّ يرزقه العلم النافع.
نسأل الله وإياكم أَنَّ يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، نبدأ نقرأ أقسام الرسالة، هذه الرسالة رسالة عظيمة في حقيقة الصيام وهي كسبها.
(المتن)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستعين برحمتك يا أرحم الراحمين أما بعد:
قال الإمام شَيْخُ الإِسْلَامِ أحمد بن تيمية رَحِمَهُ اللهُ في رسالته (حقيقة الصيام):
(الشرح)
هذه الخطوة تسمى خطبة الحاجة تسمى عند أهل العلم خطبة الحاجة، وقد علق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رَحِمَهُ اللهُ عليها وقال: أن هذه الخطبة تعرف بخطبة الحاجة قد صح عن النبي ﷺ كان يعلمها لأصحابه ليقولوهم بَيْنَ كلامهم وخطبهم يستعين بها على قضاء حاجتهم.
وشيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَهُ اللهُ يقول: أكثر من عرفت من العلماء حرصًا على الإتيان بها بين رسائله وكتبه وذلك مما يدل على حرصه رَحِمَهُ اللهُ على إتباع السنة وإحيائها.
وقد قرأت بخطه في مسودته المحفوظة في مكتبة الظاهرية فائدة هامة فأحببت أَنَّ أعلقها هنا.
قال بعد أن ذكره هذه الخطبة هذا كلام شَيْخُ الإِسْلَامِ ولهذا استحبت وفُعلت عن هذه الخطبة ولهذا استحبت وفعلت في مخاطبة الناس في العلم عمومًا وخصوصا من تعلم الكتاب والسنة والفقه في ذلك وموعظة الناس ومجادلتهم أن تفتح بهذه الخطبة الشرعية النبوية.
وكان الذي عليه شيوخ زماننا الذين أدركناهم وأخذنا عنهم وغيرهم يفتتحون مجلس التفسير والفقه في الجوامع والمدارس وغيرها بخطبة أخرى مثل: "الحمد الله رب العالمين وصلى الله على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين ورضي الله عنا وعنكم وعن مشايخنا وعن جميع المسلمين أو على السادة الحاضرين وجميع المسلمين".
كما رأيت قومًا يخطبون للنكاح بغير الخطبة المشروعة وكل قوم لهم نوع غير نوع الآخرين، فإن حديث بن مسعود لم يخص النكاح وإنما هي خطبة لكل حاجة في مخاطبة العباد بعضهم بعضًا والنكاح من جملة ذلك، وإن مراعاة السنن الشرعية في الأقوال والأعمال في جميع العبادات والعادات هو كمال الصراط المستقيم وما سوى ذلك وإن لم يكن من هي معه فهو منقص مرجوح؛ لأن خير الهدي هدي محمد ﷺ هذا كلام شَيْخُ الإِسْلَامِ ابن تيمية.
الشيخ ناصر الألباني يقول: ولي في هذه الخطبة رسالة لطيفة جمعت فيها الأحاديث التي وردت فيها وخرجت فيها طرقها وألفاظها وما يصح منها وما لا يصح وذكرت بعد الفوائد المتعلقة بها وقد طبعة منذ بضع سنين.
وتنبيه فعل الشهادة في الشهادتين هو في جميع طرق الحديث في صيغة الإفراد أشهد أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وأشهد أن محمد رسول الله بخلاف الأفعال نحمده ونستعينه ونستغفره بالنون أما أشهد وأشهد أن لا إله الله وأشهد أن محمد رسول الله قالوا في هذا حكمة لطيفة أبداها شَيْخُ الإِسْلَامِ المؤلف رَحِمَهُ اللهُ.
يعني الشهادة كل واحد يشهد لنفسه، والحمد عام اللهِ تَعَالَى محمود على كل حالة كذلك مستعان به على كل حال، وأما الشهادة فهي عمل الإنسان هو الذي يشهد وهذه من العبادة التي يفعلها باختياره.
(المتن)
فصل فيما يفطر الصائم وما لا يفطره:
وهذا نوعان: منه ما يفطر بالنص والإجماع، وهو الأكل والشرب والجماع، قال تعالى: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة: 187] فأذن في المباشرة، فعقل من ذلك أن المراد الصيام من المباشرة، والأكل، والشرب، ولما قال أولاً: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ [البقرة: 183]، كان معقولاً عندهم أَنَّ الصيام هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع.
(الشرح)
المؤلف رَحِمَهُ اللهُ يقول: "هذان نوعان فيما يفطر الصائم وما لا يفطره".
ما يفطره نوع وما لا يفطره نوع، " منه ما يفطر بالنص والإجماع، وهو الأكل والشرب والجماع" هذه الثلاثة تفطر بالنص والإجماع، الإجماع أجمع العلماء والنص الآية فريدة اللهِ تَعَالَى قال: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ.
وجه الدلالة المؤلف " فأذن في المباشرة" قال: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ هذا دليل بالمباشرة والجماع.
"فعقل من ذلك أن المراد الصيام من المباشرة" وأذن في الأكل والشرب في قوله: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ولما قال: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كان معقولا عندهم أن الصيام هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع، الله تَعَالَى قال: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ والصيام هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع.
ولما قال: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ عرف أن الصيام: هو الصيام عن الجماع: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ، وَكُلُوا وَاشْرَبُوا، عقد أن الصيام: هو الصيام عن الجماع والصيام عن الأكل والصيام عن الشرب فهذه أصول المفطرات والحيض كما دل عليه سيأتي الكلام عنه.
(المتن)
(الشرح)
الصيام معروف قبل الإسلام معروف في الجاهلية كانت قريش تصوم يوم عاشوراء وكان النبي يصوم معهم قبل البعثة ولعلها أخذ هذا من أهل الكتاب اليهود كان أهل الكتاب وكانوا في المدينة وكانوا يصومون يوم عاشوراء وكذلك قريش أخذتهم عنهم فكانوا يصومونه.
ولهذا قبل أن يدخل الإسلام كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية وكان رسول الله ﷺ يصومه فلما هجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه فلما فُرض شهر رمضان قال: مَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ، فهذا كان في الجاهلية تصومه قريش يوم عاشوراء وكان أَيْضًا اليهود في المدينة تصومه.
ولما قدم النبي ﷺ إلى المدينة وجد اليهود تصوم يوم العاشر فقال: مَا هَذَا؟ فقالوا: هذا يوم صالح نجا الله فيه موسى وقومه وأغرق فيه فرعون وقومه فصامه موسى شكرًا لله فنحن نصومه فقال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ، فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ وقال: صُومُوا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ، خَالِفُوا الْيَهُودَ فِيهِ.
وأصح منه ما في حديث مسلم: لَئِنْ عِشتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ.
فالنبي ﷺ قدم في السنة الأولى وأمر الناس بصيام يوم عاشوراء وأمر منادي أن ينادي أن اليوم يوم عاشوراء فمنت كان صام فليتم صومه ومن لم يصم فليصم.
ثم لما فُرض رمضان في السنة الثانية من الهجرة نسخ فرضية صوم يوم عاشوراء وبقي صيامه مستحبًا وصار الصوم هذا هو صوم رمضان، فإذا مسمى الصوم كما ذكر المؤلف: معروف منذ الجاهلية يعرفون أن الصيام هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس.
(المتن)
(الشرح)
الصوم عن الأكل والشرب والجماع هذه الثلاثة تفطر بالنص والإجماع، وكذلك دم الحيض من المرأة ودم النفاس يفطر أَيْضًا في السنة باتفاق المسلمين؛ لكن الحائض تقضي الصوم والصلاة، والدليل على ذلك قول النبي ﷺ: أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ.
وقول المرأة التي جاءت إلى عائشة تسألها قالت: «مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلاَ تَقْضِي الصَّلاَةَ؟ فَقالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرْورِيَّةٍ. وَلكِنِّي أَسْأَلُ. قَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلاَ نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ».
فدم الحيض ودم النفاس أَيْضًا كذلك يفطر المرأة إذا خرج الدم يبطل صومها في السنة واتفاق المسلمين هذه الأمور الأربعة الأكل والشرب والجماع ودم الحيض والنفاس للمرأة هذه متفق عليه.
نزول الماء من الأنف، إنزال الماء من الأنف هذا يفطر عند كثير من جماهير العلماء.
والدليل حديث ابن صبرة وهو حديث لا بأس بسنده وقول النبي ﷺ وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا، جمهور العلماء على أنه يفطر وهذا هو العمدة عمدة الجمهور الذين قالوا الإبر تفطر وقطرة الأنف وقطرة العين وقطرة الأذن والحقنة وحقنة الشرج ... كل هذا عمدة أهل الحديث. وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا، قال: إنه ينعقد ينزل الماء فينعقد دمًا.
قالوا: وكذلك أَيْضًا القطرة في الأذن تسري في الحلق وينعقد دمًا وكذلك الإبرة غير المغذية.
لكن شَيْخُ الإِسْلَامِ يرى حتى لو انعقد لا تفطر ذلك إلا إذا انعقد دمًا من المعدة، انعقد دمًا وصار يوزع الدم على سائر الجسم فهذا هو المفطر، ولكن الفقهاء عمدتهم هذا الحديث. وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا.
فأخذوا من هذا أن القطرة في الأنف والقطرة في الأذن والعين، القطرة في الأذن والعين منفذه ضعيف ولكنهم يقولوا:إذا وجدوا طمعهم في الحلق أفطر، وشيخ الإسلام يقول: لا يفطر حتى لو وجد الطعم في الحلق لأنه ليس أكلا ولا شربا وليس فيه معنى الأكل والشرب ولا ينعقد دمًا يغذي البدن لهذا لا يفطر.
ومثلها مثل الإبر لكن يفوقها كثير من الفقهاء الحنابلة وغيرهم المالكية والشافعية على خلاف بينهم يرون أنها تفطر كل ما يصل إلى الجوف أو يصل إل المعدة فإنه يفطر، شَيْخُ الإِسْلَامِ يقول: هذا اجتهاد منهم يثابوا عليه ولكن لا اللهِ تَعَالَى ورسوله ما جعل هذه الأقيسة التي يقسون عليها ما جعلها هي مناط الحكم العلل التي من أجلها يفطر بها الصائم.
الآن أخذنا الأشياء المتفق عليها"الأكل والشرب والجماع والحيض والنفاس" وإنزال الماء عن طريق الأنف هذا يفطر عند جماهير العلماء وهو الصوم ولهذا نهي النبي ﷺ عن الصائم الاستنشاق فقال: وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا، خشية أن يتهرب الماء لكن لو تهرب الماء إلى الجسد بدون اختيار الإنسان فلا ضرر يعني ليس له اختيار إذا تهرب الماء عن طريق المضمضة والاستنشاق أطار إلى حلقه حشره بدون اختياره أو غبار بدون اختياره فلا يؤثر؛ لأنه ليس له اختيار في هذا.
ومثله إذا احتلم الصائم وهو نائم يغتسل ولا شيء؛ لأنه ليس له اختيار في هذا.
ومثله لو فتح فمه وصب فيه ماء وهو ليس فيه اختيار معفوُ عنه ليس له اختيار.
وكذلك الناسي الأكل والشرب، والناسي في الجماع فيه خلاف فيه أقوال سيذكر المؤلف ثلاث أقوال.
المجامع إذا جمع ناسي قيل لا عليه قضى ولا كفارة، وقيل عليه قضى دون كفارة، وقيل عليه قضى وكفارة، والأقرب أن الناسي معفوُ عنه مثل الأكل والشرب كما سيأتي.
(المتن)
وفي السنن حديثان: أحدهما: حديث هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: مَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَإِنْ استقاء فَلْيَقْضِ.
وكذلك ثبت بالسنة واتفاق المسلمين أن دم الحيض ينافي الصوم، فلا تصوم الحائض لكن تقضي الصيام.
وثبت بالسنة أيضا من حديث لقيط بن صبرة: أن النبي ﷺ قال له: وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا، فدل على أن إنزال الماء من الأنف يفطر الصائم، وهو قول جماهير العلماء.
وهذا الحديث لم يثبت عند طائفة من أهل العلم، بل قالوا: هو من قول أبي هريرة، قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل قال: ليس من ذا شيء. قال الخطابي: يريد أن الحديث غير محفوظ. وقال الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عنه، فلم يعرفه إلا عن عيسى بن يونس، قال: وما أُراه محفوظاً. قال: وروى يحيى بن أبي كثير، عن عمر بن الحكم: أن أبا هريرة كان لا يرى القيء يفطر الصائم.
قال الخطابي: وذكر أبو داود: أن حفص بن غياث رواه عن هشام، كما رواه عيسى بن يونس. قال: ولا أعلم خلافا بين أهل العلم في أن من ذرعه القيء فإنه لا قضاء عليه، ولا في أن من استقاء عامداً فعليه القضاء.
ولكن اختلفوا في الكفارة، فقال عامة أهل العلم: ليس عليه غير القضاء، وقال عطاء: عليه القضاء والكفارة، وحكي عن الأوزاعي، وهو قول أبي ثور.
قلت: وهو مقتضى إحدى الروايتين عن أحمد في إيجابه الكفارة على المحتجم، فإنه إذا أوجبها على المحتجم فعلى المستقيء أولى، لكن ظاهر مذهبه أن الكفارة لا تجب بغير الجماع، كقول الشافعي، والذين لم يثبتوا هذا الحديث لم يبلغهم من وجه يعتمدونه، وقد أشاروا إلى علته، وهو انفراد عيسى بن يونس، وقد ثبت أنه لم ينفرد به، بل وافقه عليه حفص بن غياث.
والحديث الأخير يشهد له، وهو: ما رواه أحمد، وأهل السنن كالترمذي عن أبي الدرداء: أن النبي ﷺ قاء فأفطر، فذكرت ذلك لثوبان.
فقال: صدق، أنا صببت له وضوءاً. لكن لفظ أحمد: أن رسول الله ﷺ قاء فتوضأ. رواه أحمد عن حسين المعلم، قال الأثرم: قلت لأحمد: قد اضطربوا في هذا الحديث، فقال: حسين المعلم يجوده. وقال الترمذي: حديث حسين أصح شيء في هذا الباب.
(الشرح)
هذا البحث الي في القيء والبحث في الحديث مَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَإِنْ استقاء فَلْيَقْضِ. هذا ثمة كثير من الفقهاء قالوا: إن إذا ذرع الإنسان القيء وغلبه فصومه صحيح، وأما إذا استقاء واستعدى القيء في نفسه سواء عصر بطنه أو شم شيء تقيء به أو أدخل أصابعه في حلقه فإنه يبطل صومه.
مَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَإِنْ استقاء فَلْيَقْضِ. وهذا الحديث فيه كلام لأهل العلم كما ذكر الشيخ رَحِمَهُ اللهُ، قال: الخطابي غير محفوظ وطعن في أن نتفرد ليس بيونس و قال الخطابي: لا أعلم خالفًا بين أهل العلم أن من ذرعه قيء فلا قضاء عليه، ولا في أن من استقاء كما في اللفظ فإذا اختلفوا في الكفارة ومنهم من أثبتها ومنهم من نفاها وقال هو: مقتضى الإمام أحمد في إيجاب الكفارة عن المحتجم، والصواب أَنَّ المحتجم ليس عليه كفارة وكذلك ... عليه كفارة.
هذا الحديث فيه كلام لأهل العلم منهم من أثبته ومنهم من صححه ومنه من ضعفه، وللشيخ رَحِمَهُ اللهُ يقول: الذين ثبتوه لم يكن من وجه ليعتمدونه فتعلق الشيخ الألباني على هذا القيء قال: ذكر الخلاف فيه وعلى كل حال شَيْخُ الإِسْلَامِ يعتمده ويرى أنه موافق الأصول.
يقول: من استقاء وكان متعمدًا وهو محتاج إلى ذلك هذا نوع من العلاج ويكون معذور في هذا الحالة ويقضي، أما من تعمد شَيْخُ الإِسْلَامِ يرى أن من تعمد الفطر فلا يقضي؛ لأن ذنبه أكبر لكن يقول هذا من استقاء غير متعمد هذا نوع من العلاج وعلى كل حال.
القيء الآن إذا استقاء من غير عمد هذا لحظة المسلم أن يقضي، وأما إذا زرعه القيء فهذا ليس فيه شيء والصحيح إذا زرعه القيء وغلبه فليس عليه؛ لكن إذا استقاء عمادًا فيقضي احتياطا لأن كثير من الفقهاء يرون أنه يبطل صومه، ومن العلماء من قال: أن صومه صحيح.
بعد هذا الشيخ رَحِمَهُ اللهُ استطرد بغزارة بعد هذا وجه الوجوب من القيء وهل يجب أو يستحب وكذلك أَيْضًا وجوب الوضوء من خروج الدم هذا استطرد رَحِمَهُ اللهُ ممكن تقفز من قوله وهذا على قولهم.
وأما الحديث الذي يروى ثلاث لا تفطر القيء والحياض.
(المتن)
(الشرح)
يعني الشيخ ذكر هذا الحديث القيء والحجامة والاحتلام؛ لكن الحديث ضعيف فيه رجل لا يعرف وروي أَيْضًا وروى عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء عن أبي سعيد أن عبد الرحمن ضعيف عن أهل العلم بالرجال وهو ضعيف جدًا.
(المتن)
(الشرح)
المؤلف كان يقويه لكن روايته منطلقين في من ذرعه إذا ذرعه لكن فيه إذَا ذَرَعَهُ الْقَيْءُ. ثَلَاثٌ لَا تُفْطِرُ: إذَا ذَرَعَهُ الْقَيْءُ. وإذا ذرعه يعني سبقه غلبه سبق أن الصائم لا يفطر إذَا ذَرَعَهُ الْقَيْءُ.
(المتن)
(الشرح)
المؤلف يقول: أن يحي بن معين أن حديث ابن أسلم ضعيف لو قدر صحة هذا الحديث القيء والحجامة لكان المراد من ذرعه القيء، فإنه قرنه بالاحتلام والمحتلم ليس له اختيار كالنائم المحتلم إذا احتلم وخرج منه المني فلا يفطر لأنه ليس له اختيار وكذلك من زرعه القيء ليس له اختيار.
فقيل الحجامة لا تفطر عند المؤلف على القيء إذا ذرعه وغلبه وكذلك المحتلم إذا احتلم صومه صحيح، وقيل إذا استقاء عامدًا هذا يفطر عند جمع من أهل العلم وهو اختيار شَيْخُ الإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ؛ ولأن إذا استقاء في الغالب أنه يكون محتاجا هذا نوع من العلاج، إذا أريد أن يخرج ما في بطنه حتى يسلم من الأذى.
(المتن)
(الشرح)
هذه الحجامة يقول المؤلف: فإما أن يكون منسوخا، وإما أن يكون ناسخا هذا ابن عباس احتجم وهو محرم صائم كما في الحديث لفظ هو محرم صائم، وأما بعض الرواة في الصحيح إنما هو لفظ احتجم وهو محرم احتجم وهو صائم.
المؤلف يقول: لعلى في القيء إن كان متناولا للاستقاءة أَيْضًا فهو منسوخ يعني وهذا ، وهذا يؤيد أن النهي عن الحجامة هو المتأخر لأنه إذا تعارض نصان ناقل وباق على الاستصحاب، فالناقل هو الراجح في أنه الناسخ؛ لأن الشريعة ناقلة هذا الأصل فالأصل أن الحجامة لا تقطر ثم جاء الشرع بأنها تفطر فيقدر لأن الشريعة هناك لا تنقد وليست موقع الأصل.
فمن يقول: أن الحجامة لا تفطر يبقي على الأصل، والذي يقول: لا تفطر ناقل عن الأصل فيقدم الناقل هذا اختيار شَيْخُ الإِسْلَامِ ويرى أن وهو جمع من العلم أن الحجامة تفطر من سحب الدم.
ولكن الجمهور على أن الحجامة لا تفطر فيستولون بحديث عن النبي ﷺ نهى عن الحجامة ثم لخص في الحجامة التي توجد بعدها عن أنس.
لكن الفتوى الآن على أن الحجامة تفطر لأن سحب الدم كثير، وشيخ الإسلام رجح هذا وقواه في مواضع فلأحوط للمسلم أنه إذا ويرى أن الشيخ أن سحب الدم بأي طريقة وقال: أن الحكمة من الصيام تؤيد هذا لأن الصائم كما أنه لا يدخل في جسده شيئًا لا يأكل ولا يشرب كذلك لا يخرج شيئًا يضره وهذا هو الاعتدال في الصيام.
ولهذا قول بعض الفقهاء: إن دم الحيض على غير القياس فالبعض يقول: هو القياس لأن الدم يضعفها إذا جمعنا بين الصيام ودم الحيض الاجتماع بينهما يضعفان فهذا لخص الشرع في ترك الصيام عند الحيض.
كذلك سحب الدم سواء كان عن طريق الحجامة أو الشفط وغيرها فإن هذا يضعفه فلا يجمع على الإسلام مضعفان الصوم هكذا شَيْخُ الإِسْلَامِ يرى وكثير من الفقهاء يروا أن الحجامة لا تفطر والفتوى علامة على هذا.
شَيْخُ الإِسْلَامِ يقيد رَحِمَهُ اللهُ حينما ذكر أن النبي ﷺ احتجم وهو صائم وقال: إن الذي احتجوا وقالوا: إن الحجامة لا تفطر واستدلوا بقول النبي ﷺ إن احتجم وهو صائم هذا يدل على أن الحجامة لا تفطر وإن كانت تفطر ما اتحجم وهو صائم قال: هذا عليهم أن يثبتوا أن النبي ﷺ احتجم وهو في البلد إذا احتجم وهو مسافر له رخصة في الإفطار وعليهم أن يثبتوا أنه احتجم أَيْضًا وهو صحيح.
فإن للمتجم علاج احتجم فهو مريض، وعليهم أن يثبوا أنه احتجم في صيام الفرض لا في صيام المنافل وعليهم أن يثبتوا أنه احتجم وهو صائم بعد قوله: أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ. فإذا ثبت هذا أمكن أن يقال أن لا تفطر وإذا فالحجامة تفطر وهو يعتمد على حديث أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ وسيذكره المؤلف رَحِمَهُ اللهُ.
فالفتوى الآن على هذا الفتوى على أن الحجام تفطر من سحب الدم والمسألة فيها خلاف بين أهل العلم.
(المتن)
(الشرح)
من استمنى يعني استخرج المني مثل ما يسمونها العادة السرية استمنى فإنه يفطر لأنه استدعى المني وهذا من الشهوة التي يدعها الصائم والله تعالى في الحديث القدسي يقول: في الصائم يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي، وأما الاحتلام فلا يطلق على من احتلم في نومه والمحتلم ليس عليه شيء ليس له اختيار.
(المتن)
(الشرح)
الشيخ يقول: أن قول بعض الفقهاء أن القياس ألا يفطر شيء من الخارج قال: أن القياس ألا يفطر شيء من الخارج بينما الذي يفطر داخل الجسم أما الخارج فلا يفطر، قال: هذا ليس بصحيح، وأجاب عن قول والمستقي الذي تقيء لازم أن يفطر قال: المتقيئ لأنه مظنة الشيء يرجع الطعام إلى جسده قال: هذا ليس بصحيح ومن فطر الحيض على غير القياس قال الشيخ: هو ليس بصحيح هذا، بل إنه ليس في الشريعة شرعًا على خلاف القياس الصحيح بل من الصيام أحيانًا يكون يفطر الصائم من الداخل وأحيانًا من الخارج الداخل كالأكل والشرب وأحيانًا من الخارج كدم الحيض.
وذكر رَحِمَهُ اللهُ من الخارج أنواع منه ما لا يفطر بالنص والإجماع مثل البول والغائط ولهذا يضره ولا يمكن منعه فهذا لا يفطر بالاتفاق.
وأما المني فهو خارج أَيْضًا فيطر أَيْضًا.
(المتن)
(الشرح)
المؤلف رَحِمَهُ اللهُ يقول: إن قيل فقد ذكرتم أن من أفطر عامداً بغير عذر كان تفويته لها من الكبائر وكذلك من فوت صلاة النهار إلى الليل عامداً من غير عذر كان تفويته لها من الكبائر، وأنها ما بقيت تقبل منه على أظهر قولي العلماء يقول: إن هذا من أفطر عامدًا لا شك أن هذا من الكبائر ورد في حديث وإن كان فيه اضطراب مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ من تعمد.
كذلك من فوت صلاة النهار إلى الليل عامدًا كان تفوتها من الكبائر مثل من فوت الجمعة ورمي الجمار.
(المتن)
وقد روي في حديث المجامع في رمضان أنه أمره بالقضاء؟
قيل: هذا إنما أمره بالقضاء لأن الإنسان إنما يتقيأ لعذر، كالمريض يتداوى بالقيء، أو يتقيأ لأنه أكل ما فيه شبهة، كما تقيأ أبو بكر من كسب المتكهن، وإذا كان المتقيئ معذورا كان ما فعله جائزا، وصار من جملة المرضى الذين يقضون، ولم يكن من أهل الكبائر الذين أفطروا بغير عذر.
وأما أمره للمجامع بالقضاء فضعيف، ضعفه غير واحد من الحفاظ.
وقد ثبت هذا الحديث من غير وجه في الصحيحين من حديث أبي هريرة، ومن حديث عائشة، ولم يذكر أحد أمره بالقضاء، ولو كان أمره بذلك لما أهمله هؤلاء كلهم وهو حكم شرعي يجب بيانه، ولما لم يأمره به، دل على أن القضاء لم يبق مقبولا منه، وهذا يدل على أنه كان متعمداً للفطر، لم يكن ناسيًا ولا جاهلاً.
(الشرح)
المؤلف يفرق بين قضاء المتقيئ عمدًا وقضاء المجامع، المتقيئ عمدًا يقول: هذا يأمر بالقضاء؛ لأنه حينما يتقيأ معذور يتقيأ يكون نوع من المرض حينما يتقيأ هذا تعالج حينما يلقي ما في بطنه ما يضره هذا نوع من العلاج فإذا كان مرخص له فهو من جملة المرضى فإنه يأمر بالقضاء، بخلاف المجامع فإن هذا لا يقضي.
الذي جامع متعمداً لا يأمر بالقضاء الحيز ضعيف في أمر بالقضاء، لأن الأمر بالقضاء يصوم يومًا مكانه إنما يؤمر بالكفارة أما القضاء فلا يقضي يرى الشيخ أنه لا يقضي وأن أمره بالقضاء ضعيف جاء في رواية ضعيف وبعض الفقهاء يقول: أنه يقضي وهذا فيه أَيْضًا تربية له؛ لأنه لو قيل له ليس عليك قضاء لكان فيه تخفيف عليه وينبغي أن يربى والتربية أن يؤمر بالقضاء.
وعلى كل حال الشيخ يرى أن أمره بالفضاء لم يثبت كمجامع وأما المتقيئ فإنه يأمر بالقضاء من استقاء عامدًا فليقضي لأنه معذور حينما استقاء لأنه من جملة المرضى فإنه تعالج بالتقيئ فلهذا أمر بالقضاء أما المجامع فلا يؤمر بالقضاء لأنه غير معذور وهذا يدل على أن المجامع متعمد، الرجل الذي جاء إلى الرسول ﷺ قال: هلكت وأهلكت.
في الصحيحين أن رجلًا عربيًا جاء إلى النبي ﷺ قال: هلكت وأهلكت رسول الله، قال: وَمَا أَهْلَكَكَ؟ قال: وقعت على أهلي في نهار رمضان، قال: هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُها؟ قال: لا، قال: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قال: لا، قال: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ فجلس الرجل وليس عنده شيء فجاء رجل بمكتل بجلبيب فيه تمر فيه خمسة عشر صاعًا في تمر، فقال: أَينَ السَّائِلُ؟.
وهو قر على قول: هلكت وأهلكت على أن المعاصي أهلكته وفي لفظ قال: احترقت، احترقت قال: وقعت على أهلي في نهار رمضان جاء خائف من ذنوبه.
فلما جاء هذا الرجل ومعه مكتل في خمسة عشر صاع قال: اذْهَبْ وتَصَدَّقْ بِهِ عَلَى الكَفارة التي عليك فقال: للرسول ﷺ على من أتصدق فلا بيت في المدينة أهل بيت أفقر مني ما في بيت في المدينة أفقر مني أعطيه لمن؟ فضحك النبي ﷺ حتى بانت نواجذه فقال: أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ.
فجاء خائفًا محترقًا وقال في الأخير: أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ. وهل بقيت في ذمته أو لم تبقى من العلماء قالوا: بقت في ذمته ومنهم قالوا:سقطت.
فالمؤلف الشيخ رَحِمَهُ اللهُ يقول: هذا يدل على أنه متعمد الفطر ولا يأمر بالقضاء والأمر بالقضاء ضعيف المعنى الكفارة، لا ناسيًا أو جاهلًا.
وهذا فيه إشارة إلى أن الشيخ يرى أن الناسي والجاهل معذور وكذلك المخطئ الذي لا يتعمد.
(المتن)
والمجامع الناسي فيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره، ويذكر ثلاث روايات عنه:
إحداها: لا قضاء عليه ولا كفارة، وهو قول الشافعي وأبي حنيفة، والأكثرين.
والثانية: عليه القضاء بلا كفارة، وهو قول مالك.
والثالثة: عليه الأمران، وهو المشهور عن أحمد.
والأول أظهر كما قد بسط في موضعه، فإنه قد ثبت بدلالة الكتاب والسنة أن من فعل محظوراً مخطئاً أو ناسياً لم يؤاخذه الله بذلك، وحينئذ يكون بمنزلة من لم يفعله، فلا يكون عليه إثم، ومن لا إثم عليه، لم يكن عاصيا، ولا مرتكبا لما نهي عنه، وحينئذ فيكون قد فعل ما أمر به، ولم يفعل ما نهي عنه، ومثل هذا لا يبطل عبادته، إنما يبطل العبادات إذا لم يفعل ما أمر به، أو فعل ما حظر عليه.
(الشرح)
هذا البحث في جامع الناسي في نهار رمضان هل عليه القضاء والكفارة إذا التقوى قيل لا قضاء عليه لا قضاء ولا كفارة وقيل عليه قضاء وكفارة وقيل عليه القضاء بلا كفارة، والشيخ رجح الأول لا قضاء عليه ولا كفارة لأن الناسي معذور النسيان لا حيلة فيه اللهِ تَعَالَى يقول: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة: 286]، قال الله: قَد فَعَلتُ، وقال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ.
ويقول الشيخ أَيْضًا ترجيح يقول: ثبت بدلالة الكتاب والسنة أن من فعل محظورًا مخطًئ أو ناسيًا لا يعاقبه الله، مخطئ المخطئ مثلًا من أفطر في يوم غيم يظن أن الشمس غربت ثم طلعت الشمس هذا حصل لصحابته هذا ما عنيته؛ لأنه مخطئ متعمد وهل عليه القضاء أم ليس عليه القضاء.
الشيخ يرى أنه فيه قولان: قيل: عليه القضاء إذا طلعت، طلعت الشمس ويذكر في هذا حديثًا «افطرنا على عهد رسول الله ﷺ في يوم غيم ثم طلعت الشمس، فقال لهشام: هل أمر بالقضاء؟ قال: لا بد من القضاء»
من العلماء من قال-الجمهور- عليه أن يقضي.
والقول الثاني أنه لا يقضي ويقول شَيْخُ الإِسْلَامِ : أنه مخطئ والمخطئ معذور ومثل الناسي ومثل الجاهل هؤلاء معذورون ومثل المكره كذلك، الناسي والجاهل والمكره هؤلاء معذورون.
لأنه يقول المؤلف رَحِمَهُ اللهُ: ثبت بالكتاب والسنة أن من فعل محذور أو مخطئ أو ناسيًا فإنه لا يأخذه الله.
وحينئذ يكون بمنزلة من لا يفعل ما كان فعل وحينئذ لم يكن عليه ومن ليس عليه ذنب ليس عاصيًا ولا مرتكبًا لما نهي عنه وحينئذ يكون قد فعل ما أمر به ولا لم يفعل ما نهي عنه ومثل هذا لا تبطل عبادته وإنما تبطل العبادات إذا لم يفعل ما أمر به أو فعل ما حذر عليه.
(المتن)
(الشرح)
هذا في الحج الآن استطرد المؤلف الآن في غزارة علمه سينل نهله تكلم عن الحج الآن من المحظورات انتقل من الصيام إلى الحج لِمَاذَا؟
استطراد، يقول: كما أن الصوم لا يفطر الصائم إذا كان ناسيًا إذا أكل وشرب ناسيًا وجمع ناسيًا فكذلك الحج لا يفطر إذا ليس من المحظورات إذا كان ناسيًا أو مخطًئ.
تكلم في محظورات الحج وتكلم عن الصيد والأقوال في الصيد وفرق بينهم إذا تأخذ من طرده هذا إنه الحج لا يبطل إزاء قوله بطريق أو لا وكذلك طرده إلى الصائم رجع إلى الصيام وكذلك تكلم عن الحلق والتقليم واللباس والطيب كل هذا استطرد المؤلف انتقل إلى قوله: وكذلك طرد هذا أن الصائم إذا أكل أو شرب.
(المتن)
(الشرح)
هذه الأقوال الآن في الصائم إذا أكل أو شرب أو جامع ناسينًا أو مخطئا، الصائم إذا أكل أو شرب أو جامع ناسيا.
معروف ناسي الصوم ناسي أنه صائمًا أو مخطئا كيف يكون مخطئ؟
مخطئ مثلًا أكل يظن أنه في الليل أكل أو شرب أو جامع فلما انتهى وجد الناس خرج من الصلاة هذا مخطئ هل عليه شيء؟ اللهِ تَعَالَى تعالى يقول: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة: 286] قال: قَد فَعَلتُ، الشيخ يرى أنه ليس عليه شيء معلوم وصومه صحيح.
والجمهور يرى أن عليه ليس عليه الإثم لكن عليه القضاء؛ لأنه تبين أنه أكل وشرب في النهار فعليه القضاء وهذا هو رأي الفتوى.
والشيخ قرر في هذا الرسالة وفي غيرها أنه ليس عليه شيء؛ لأنه مخطئ والمخطئ معذور لأن اللهِ تَعَالَى قال: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة: 286] قال اللهِ تَعَالَى: قَد فَعَلتُ.
وكذلك لو أكل أو شرب يظن أن الشمس قد غربت ثم طلعت الشمس هذا مخطئ الشيخ يرى أنه ليس عليه القضاء والجمهور يرى أنه عليه القضاء ولكن لا إثم عليه لا ما عليه إثم؛ لأنه مخطئ لكن لابد من القضاء وهذا هو رأي الفتوى الآن وهو الأحوط والأبرء للذمة، والشيخ يرى أنه وهو القول الثاني أنه لا قضاء عليه.
ذكر الأقوال قال: وهو قول طائفة من السلف، طائفة من السلف والخلف يرون أن الصائم إذا أكل أو شرب أو جامع ناسيًا أو مخطئا فلا قضاء عليه، طيب وهل يأتي الجاهل، الجاهل هل يأتي هنا؟ هذا لا يكن معروف المسلمون كلهم يعرفون أن الأكل والشرب والجمع يفطر اللهم إلا من دخل في الإسلام جديد أو عاش في بلاد بعيدة.
والمكره قد يكره على الأكل والشرب؟ قد يكره يأتي إنسان ويضع في فمه شيئًا ويصب الماء يفتح فمه بالقوة ويصب الماء هذا معذور لا يفطر هذا الصائم، مثل لو هدد أو أمر بالطلاق وطلق فلا ينطبق على الصوم هذا الشيخ رَحِمَهُ اللهُ قال: هذا ينطبق على الصوم.
ومن العلماء قال: يفطر الناسي والمخطئ.
وقال: مالك، كيف يفطر الناسي والنبي ﷺ يقول: إذا أكل في الحديث الصحيح للبخاري مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ، كيف يقول البعض أن الناسي يفطر؟ لعلهم تأوله ومنهم من يفطر الناسي والمخطئ.
وقال أبو حنيفة: هذا هو القياس أنه يفطر، قال ثبت في الحديث أن يتم صومه فلا يبطل صومه ولهذا قال: هذا هو القياس لكن خالف حديث أبو هريرة في الناسي.
ومن العلماء قالوا لا يفطر الناسي ويفطر المخطئ الناسي لا يفطر لكن المخطئ يفطر منه هو المخطئ؟ الذي أكل أو شرب يظن أنه في الليل ثم تبين أنه بعد الفجر أو يظن أن الشمس قد غربت وبينما لم تغرب هذا هو المخطئ.
من العلماء قالوا: هذا المخطئ لا يعذر أما النسيان لا حيلة فيه، وفيه نص ومنهم من قال: لا يفطر الناسي ويفطر المخطئ وهو قول أبو حنيفة والشافعي وأحمد.
(المتن)
(الشرح)
المؤلف رَحِمَهُ اللهُ قال أبو حنيفة جعله موضع استحسان والشافعي قال: النسيان لا يفطر نعم بالنص النص واضح من نسي وهو صائم وأكل وشرب فليتم صومه والنسيان لا حيلة فيه لا يمكن الاحتراز منه، أما الخطأ يقول: أنه لا يفطر حتى يتأكد من غروب الشمس ويسمك إذا شك من طلوع الفجر.
لكن الشيخ يقول: هذا التفريق ضعيف، والمخطئ معذور على كل حال كما أن الناسي معذور فإن المخطئ معذور.
(المتن)
(الشرح)
يعني يقول الشيخ رَحِمَهُ اللهُ: لا فرق بين المخطئ والناسي الناسي معذور والمخطئ معذور؛ لأن يقول: السنة للصائم يعجل الفطور ويؤخر السحور.
فإذا قلنا: إنه سواء عندك شك أخر هذا يؤدي إلى مع الغير المطبق لا يمكن اليقين الذي يكون الشك إلا بعد وقت طويل جدًا يفوت المغرب ويفوت تعجيل الفطور والمصلي مأمور بصلاة المغرب وتعجيلها ، فإذا غلب على ظنه غروب الشمس يفطر يكفي غلبة الظن، هذا اختيار الشيخ رَحِمَهُ اللهُ .
والقول الثاني: قول الجمهور أنه يبين أن أكله في النهار فإنه يقضيه سواء يظن طلوع الفجر يظن أن الفجر قد طلع ثم تبين أنه طلع أو أكل ويظن أن الشمس قد غربت ثم تبين أنها لم تغرب فإنه يقضي عند الجمهور، والشيخ يرى أنه لا قضاء عليه وهو معذور في الحالتين.
(المتن)
وقد جاء عن إبراهيم النخعي وغيره من السلف وهو مذهب أبي حنيفة أنهم كانوا يستحبون في الغيم تأخير المغرب وتعجيل العشاء، وتأخير الظهر وتقديم العصر، وقد نص على ذلك أحمد وغيره.
وقد علل ذلك بعض أصحابه بالاحتياط لدخول الوقت، وليس كذلك؛ فإن هذا خلاف الاحتياط في وقت العصر والعشاء، وإنما سُنَّ ذلك لأن هاتين الصلاتين يجمع بينهما للعذر، وحال الغيم حال عذر، فأخرت الأولى من صلاتي الجمع، وقدمت الثانية لمصلحتين:
إحداهما: التخفيف عن الناس حتى يصلوها مرة واحدة؛ لأجل خوف المطر، كالجمع بينهما مع المطر.
والثانية: أن يتيقن دخول وقت المغرب.
وكذلك يجمع بين الظهر والعصر على أظهر القولين، وهو إحدى الروايتين عن أحمد.
(الشرح)
كل هذا استطراد حين يقول هذا يكون هذا استطراد الآن دخل في الصلاة الآن الجمع بين الصلاتين وتقديمها هذا، وبعد هذا قال: يستحب أن يؤخر المغرب مع الغيم كل هذا استطراد يعني ممكن نقفز إلى قوله: قد جعل إبراهيم النخعي إلى قوله: و أَيْضًا قد ثم في الصحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر لأن الرسالة طويلة الآن فيها بحوث سيأتي البحوث.
بحوث في الحقنة والإبر والكحل، الشيخ رَحِمَهُ اللهُ من سعة علمه استطرد جاء بالجمع بين الصلاتين وكذا وفي السفر وأيهما أفضل، و أَيْضًا في صحيح البخاري.
(المتن)
وأيضاً فقد ثبت في صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رَضِيَ اَللَّهُ عَنْها وعن أبيها قالت: أفطرنا يوما من رمضان في غيم على عهد رسول الله ﷺ، ثم طلعت الشمس.
وهذا يدل على شيئين: على أنه لا يستحب مع الغيم التأخير إلى أن يتيقن الغروب؛ فإنهم لم يفعلوا ذلك ولم يأمرهم به النبي ﷺ، والصحابة مع نبيهم أعلم وأطوع لله ولرسوله ﷺ ممن جاء بعدهم.
والثاني: أنه لا يجب القضاء، فإن النبي ﷺ لو أمرهم بالقضاء لشاع ذلك، كما نقل فطرهم، فلما لم ينقل ذلك دل على أنه لم يأمرهم به.
(الشرح)
هذا هو عمدة الشيخ رَحِمَهُ اللهُ رأي أنه من أفطر مخطًئ لا يجب عليه القضاء من حديث أسماء بنت أبي بكر قال: قالت: أفطرنا يوما من رمضان في غيم على عهد رسول الله ﷺ، يظنون أَنَّ الشمس قد غربت ثم طلعت الشمس ما عندهم ساعات مثل الآن لا يوجد عندهم ساعات لا يعرفون يقدرون بالعمل يقدرون مثلًا بين الظهر والعصر كم يقرأ من جزء والذي يعمل في مزرعته يقدرها بالعمل وهكذا.
ما عندهم ساعات ولا عندهم أشياء الكترونيات مثل ما عندنا الآن ولها ظنوا أن الشمس قدر غربت من شدة الغيم وأفطروا فلما أفطروا طلعت الشمس.
فهذا أمروا بالقضاء فيه المسألة فيها خلاف فيها سأل أحد الرواة هشام كما قال: هل أمر بالقضاء؟ قال: بد من قضاء يعني لابد من القضاء أخذ بهذا الجمهور والشيخ يقول: لا باجتهاده هذا من كلامه ليس في دليل على أن النبي ﷺ أمرهم بالقضاء هذا محل خلاف.
الشيخ يرى أن المخطئ لا يقضي بهذا الحديث، والجمهور يرى أَيْضًا أنه يقضي بهذا الحديث محل نظر، والشيخ يقول: هذا الحديث يدل على شيئين:
الشيء الأول: أنه لا يستحب التأخير في وقت الغيم، إنما أمر بتعجيل الصلاة.
والأمر الثاني أنه يجب القضاء لمن أفطر مخطئ والجمهور يرى أنه يقضي.
وسنرى الآن في بحث الشيخ سبب وجوب القضاء وعدم وجوب القضاء.
(المتن)
فإن قيل: فقد قيل لهشام بن عروة: أمروا بالقضاء؟ قال: أو بد من القضاء؟
قيل: هشام قال ذلك برأيه، لم يرو ذلك في الحديث.
ويدل على أنه لم يكن عنده بذلك علم: أن معمرا روى عنه قال: سمعت هشاما قال: لا أدري أقضوا أم لا؟ ذكر هذا وهذا عنه البخاري، والحديث رواه عن أمه فاطمة بنت المنذر عن أسماء .
وقد نقل هشام عن أبيه عروة أنهم لم يؤمروا بالقضاء، وعروة أعلم من ابنه، وهذا قول إسحاق بن راهويه، وهو قرين أحمد بن حنبل .
(الشرح)
هذا العمدة الحديث هذا فهل أموروا بالقضاء، هشام لما سؤل قال: لا بد من القضاء الشيخ رَحِمَهُ اللهُ يقول: هشام ذلك برأيه ما عنده علم هو ليس في الحديث أمروا بالقضاء.
ويدل عليه أنه أن معمرا روى عنه قال: سمعت هشاما قال: لا أدري أقضوا أم لا؟ يدل على أنه ما قضى.
يقولون: وقد نقل هشام عن أبيه عروة أنهم لم يؤمروا بالقضاء وعروة أعلم من ابنه، وهذا قول إسحاق بن راهويه، وهو قرين أحمد بن حنبل ويوافقه في أصوله وفي فروعه.
واستطرد المؤلف رَحِمَهُ اللهُ وتكلم عن الإمام أحمد وقرنائه، والمقصود أن المخطئ فيها خلاف هل يقضي أو لا يقضي؟ الجمهور على أنه يقضي.
والرواية الثانية: عن الإمام أحمد واختاره الشيخ أنه لا يقضي وعرفتم من هو المخطئ؟ المخطئ غير الناسي والجاهل، الجاهل: الجاهل بالحكم والناسي: معروف، والعابد معروف والمخطئ هو الذي يفعل الشيء يظنه صواب ثم يتبين أنه مخطئ مثل ما يأكل يظن أنه في الليل ثم يتبين أنه بد الفجر، ومن يفطر يظن أن الشمس قد غربت ثم يتبن أنها لم تغرب هذا المخطئ.
هذا يقضي أو لا يقضي؟ الحديث محل خلاف، الجمهور قالوا: يقضي استدلوا بقول هشام لابد من القضاء والشيخ يقول: لا يقضي لأن هذا قالوا برأيه وليس في الحديث أنه يأمر بالقضاء لكن هذا قاله باجتهاده هذا محل خلاف.
(المتن)
(الشرح)
يعني فصل المؤلف رحمه الله يقول: قول أحمد وإسحاق أنهم يرون هذا يرون أنه لا يقضي، وهذا يدل على هذا القول إنه اختاره أحمد واحمد قرين لإسحاق بن راهوية قال: وهو قرين الإمام أحمد ويرون أنه لا يقضي، وإسحاق يوافق أحمد في الأصول والفروع وكثيرًا ما يجمع بينه والكوسج مسائله لأحمد وإسحاق إلى استطرد هذا.
والترمذي يجمع بين قول: أحمد وإسحاق وهم يؤيدون القول: بأنه لا يقضي هذا قول المؤلف رَحِمَهُ اللهُ كذلك أبو زرعة وأبو حاتم يقول هذا كلهم يتفقهون على مذهب أحمد وإسحاق كلهم تأيد لهذا القول، وكأن أحمد بن حنبل يسأل عن إسحاق يقول: أنا أسأل عن إسحاق وإسحاق يسأل عني، والشافعي وأحمد وأبو عبيد كلهم هؤلاء كلهم فقهاء الحديث كل هذا استطراد و أَيْضًا هذا الدليل بالأحر و أَيْضًا فإن الله قال في كتابه هذا الدليل، استدل بدليله على أن المخطئ لا يقضي بالحديث هذا.
طلعت الشمس في يوم غيم فأمروا بالقضاء.
والثاني و أَيْضًا فإن اللهِ تَعَالَى قال في كتابه وَكُلُوا وَاشْرَبُوا [البقرة: 187] يعني هذا استطراد يعني هذا أَيْضًا استطراد يقول: هذا قول إسحاق وأحمد إلى قوله و أَيْضًا فإن الله قال في كتابه.
(المتن)
(الشرح)
إذا المؤلف رَحِمَهُ اللهُ يرى أن المخطئ لا يقضي للحديث وللآية الحديث أن طلعت الشمس وأفطرنا على عهد رسول الله في يوم غيم فطلعت الشمس فهذا أمر بالقضاء فقال هشام هو بد من قضاء، فالشيخ يقول: هذا قاله برأيه وهو ليس في الحديث اجتهاد ويدل على أن هشام عروه وأبيه أفضل منه ولم يقل إنه أمروا بالقضاء شك ما أدري هل أمروا؟ أو لم يأمروا؟
و أَيْضًا الآية والدليل وهي الآية وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة: 187] يقول: هذه الآية مع الأحاديث الثابتة تبين أنه مأمور بالأكل حتى يتبني له الفجر وموضع الشك في طلوعه مأمور بالأكل ما تبين.
لكن العلماء يقولون الجمهور يقولون: من أكل شاكًا في طلوع الفجر ولم يتبين أنه طلع فصومه صحيح، فإن تبين له أنه طلع وقع عليه القضاء.
ومن أكل أو شرب شاكًا في غروب الشمس ولم يتبين له أنه غربت فإنه مأمور بالقضاء لأن الأصل بقاء النهار، من أكل أو شرب شاكًا في طلوع الفجر ولم يتبين أن طلع فصومه صحيح لأن الأصل بقاء الليل، ومن أكل أو شرب وهو شاكًا في طلوع الشمس ولم يتبين أنه غربت يأمر بالقضاء لأن الأصل بقاء النهار هذا الذي قضاه الجمهور، وما الشفاه والله يرى أنه لا يقضي فالمخطئ مادام مخطئ فإنه لا يقضي حتى لو تبين المخطئ معذور.
(المتن)
فصل في الكحل والحقنة وما يقطر في إحليله ومداواة المأمومة والجائفة
وأما الكحل، والحقنة، وما يقطر في إحليله، ومداواة المأمومة، والجائفة، فهذه مما تنازع فيه أهل العلم: فمنهم من لم يفطر بشيء من ذلك، ومنهم من فطر بالجميع لا بالكحل، ومنهم من فطر بالجميع لا بالتقطير، ومنهم من لم يفطر بالكحل، ولا بالتقطير، ويفطر بما سوى ذلك، والأظهر أنه لا يفطر بشيء من ذلك، فإن الصيام من دين الإسلام.
(الشرح)
هذا الفصل عقده المؤلف رَحِمَهُ اللهُ لبيان الأمور المختلف فيها للصائم هل تفطر الصائم ولا تفطر ذكر الكحل، الكحل لا يكتحل به الصائم في عينه وذكر في حديث أبي داود: عَلَيْكُمْ بِالْإِثْمِدِ، فَإِنَّهُ مِن خَيرِ مَا نَكتَحِلُ به وَلِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ، قال: هذا حديث ضعيف لا يصح وقوله: وَلِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ. فالكحل هذا مما تنازع فيه العلماء.
والحقنة لا تكون في الدبر وما يقطر في إحليله ما يقطر في الذكر في إحليه، الحقنة مثلها الآن الإبر الحقنة تكون في الشرج في الدبر لأنها تصل إلى المعدة تصل إلى الجوف ومثلها الإبر المكافحة للمرض، والإبر المغذية لا إشكال فيها أنها لا تغذي حتى الشيخ رَحِمَهُ اللهُ سينص على أنه ما يغذي يفطر.
ومن أَيْضًا أقره الشيخ محمد بن صالح العثيمين رَحِمَهُ اللهُ مشى مع قول شَيْخُ الإِسْلَامِ يقرر ما يقوله شَيْخُ الإِسْلَامِ في هذا الشيخ أحمد ابن تيمية ويستفاد من هذه الرسالة ومتأثر بها جدًا ويرى أن ما يرى شَيْخُ الإِسْلَامِ: "أن المخطئ والجاهل والناسي ليس عليه شيء، ومن أكل يظن أن الشمس قد غربت ثم تبينَّت ليس عليه شيء".
كما قال شَيْخُ الإِسْلَامِ، وتكلم أَيْضًا عن الإبر قال أَيْضًا الإبر المكافحة للمرض لا تفطر والإبر المغذية تفطر ثم رجع مرة أخر وقال في آخر حياته حتى الإبر المغذية عندي أنها لا تفطر؛ لأنه ليست كالأكل والشرب؛ لأن الأكل يتلذذ به الفم وهذه لا يتلذذ بها، هذا قاله رَحِمَهُ اللهُ وما أدري رجع عنه وإلا ما رجع.
لكن الصواب أن المغذي يقوم مقام الأكل والشرب التغذية ما فيها إشكال حتى شَيْخُ الإِسْلَامِ قص علينا ثم سيأتي أن ما يغذي الجسم هذا يفطر بالاتفاق، الشيخ رَحِمَهُ اللهُ الشيخ محمد العثيمين هذا لاحظ مسألة أخرى قال: صحيح أنه لا تغذي لكن عندي شك فيه إشكال عنده.
لأن الذي يأكله الإنسان في فمه الأكل والشرب يتلذذ به والإبر المغذية لا يتلذذ بها فلما فقد التلذذ صار عنده شك في هل تفطر ولا لا تفطر، والصواب أن الإبر المغذية تفطر لا إشكال فيها؛ لأنه تقوم مقام الأكل والشرب.
لأن الصائم ممنوع من الأكل والشرب، الأكل والشرب هو الأصل، الأصول تفطر الأكل والشرب وهذا يقوم مقام الأكل والشرب إذا تغذي لا يحس بالصوم إذا أعطي الإبر المغذية كأنه لم يكن صائم، يتغذى باستمرار يتغذى بالإبر المغذية حتى خالف هذا.
فالكحل هذا فيه الخلاف والشيخ رَحِمَهُ اللهُ كما ذكر في أقوال ذكر في أربع أقوال، والحقنة التي تكون في الدبر، وما يقطر أحليلة في الدبر مع الذكر يقطر يصل.
مداواة المأمومة، المأمومة الشجة التي تصل إلى أم الدماغ يعني إذا شجه في رأسه وخرمه في رأسه ووصل إلى خريطة الدماغ تسمى أم الدماغ يقول: يعالج أم الدماغ يعالج المأمومة فهذا العلاج يفطر يعالجها أو لا يفطر؟
والجائفة هذه تصل إلى الجوف، المؤلف رَحِمَهُ اللهُ ذكر أربعة أقوال:
قال: من العلماء قال: لا يفطر شيء من ذلك، لا تفطر الحقنة ومثلها الإبر، ولا يفطر في إحليلة ولا في الدبر ولا مداواة المأمومة ولا الجرح ومثلها مداواة الجائفة لا تفطر هذا القول الأول.
القول الثاني: أن كلها تفطر إلا الكحل فإنه لا يفطر.
القول الثالث: كلها تفطر إلا التقطير، التقطير في الإحليل.
القول الرابع: أنها لا يفطر الكحل ولا بالتقطير ويفطر ما سوى ذلك، لا يفطر بالكل ولا يفطر بالتقطير لكن يفطر بالحقنة والإبر وسوى ذلك هذه أربعة أقوال.
اختار الشيخ رَحِمَهُ اللهُ القول الأول قال: "والأظهر أنه لا يفطر شيء من ذلك.
ثم ذكر المرجحات"، المرجحات إلى آخر الكتاب ذكر المرجحات أن هذه الأشياء لا تفطر لِمَاذَا؟. قال: لأن هذه الأشياء يقول: الصيام من دين المسلمين الذين يحتاجوا إلى معرفة الخاص والعام والذكي المريض فلو كانت هذا الأمور تفطر لبينها الله ورسوله وبلغتها الدين محفوظ فلا يمكن أن يكون شيء من دين الإسلام ولا يعرفه الناس أو غالب الناس لا يعرف.
وهذه الأشياء ما ذكرت لا في كتاب ولا في سنة، أَنَّ الكحل وأن الحقنة وأن تفطر فأما لا تذكر والدين محفوظ دل على أنها لا تفطر هذا اختيار الشيخ الآن وسيذكر المرجحات الآن.
(المتن)
(الشرح)
هذا الآن توضيح للشيخ رَحِمَهُ اللهُ هذا القول الأول أنها لا يفطر شيء من هذا لا الكحل ولا الحقنة ولا ما يقطر في الإحليل ومداواة المأمومة ولا الجائفة، قال الصيام من دين المسلمين الذي يحتاج إلى معرفة الخاص والعام لو كانت هذه الأمور تفسد الصيام لبينها الله ورسوله ولبرأتها من طريقه الصحيح ولعلمه الصحابة والصحابة يبلغونها للأمة والشريعة محفوظة فلما لم ينقل ذلك دل على أنها لا فتفطر، لم يقل أحدٌ من أهل العلم أن الأحاديث صحيحة ولا ضعيفة ولا مسندًا ولا مرسلًا.
فعلم أنه لم يذكر شيء من ذلك فدل على أنها لا تفطر هذا هو عمدة المؤلف رَحِمَهُ اللهُ.
الخلاصة أن الصيام من دين المسلمين وأنه لا بد أن يعرفه العام والخاص والشريعة محفوظة ولم ينقل إلينا ولو كانت تفطر لنقل إلينا ونقله الصحابة والشريعة حفظها الله قال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: 9]، والسنة وحي ثاني وهي محفوظة أَيْضًا مثل القرآن فلا يمكن أن يكون شيء من دين الإسلام ومن دين المسلمين ولم ينقل أبدًا واضح.
(المتن)
(الشرح)
الحديث المروي في الكحل أنه يتقيه الصائم يقول: ضعيف رواه أبو داود في السنن ولم يروه غيره، ولا هو في مسند أحمد ولا سائر الكتب المعتمدة ثم ساق كلام العلماء عليه.
(المتن)
قال أبو داود: حدثنا النفيلي ثنا علي بن ثابت حدثني عبد الرحمن بن النعمان ثنا معبد بن هوذة عن أبيه عن جده عن النبي ﷺ أنه أمر بالإثمد المُرَوَّح عند النوم، وقال: لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ.
قال أبو داود: وقال يحيى بن معين: هذا حديث منكر. قال المنذري: وعبد الرحمن قال لي يحيى بن معين: ضعيف، وقال أبو حاتم الرازي: هو صدوق، لكن من الذي يعرف أباه وعدالته وحفظه؟! وكذلك حديث معبد قد عورض بحديث ضعيف.
(الشرح)
يعني الحديث ضعيف كما الشيخ الآن الحديث ضعيف علته النعمان بن معبد كما أشار إلى ذلك المذري وكما قال: لا يعرف وفي التقريب مجهول.
(المتن)
وكذلك حديث معبد قد عورض بحديث ضعيف، وهو ما رواه الترمذي بسنده عن أنس بن مالك قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: اشتكيت عيني، أفأكتحل وأنا صائم؟ قال: نَعَم.
قال الترمذي: ليس بالقوي، ولا يصح عن النبي ﷺ في هذا الباب شيء. وفيه أبو عاتكة. قال البخاري: منكر الحديث.
(الشرح)
إذا الحديث هذا حديث الكحل يقول المؤلف رَحِمَهُ اللهُ: إنه ضعيف، وكذلك الحديث الآخر عن أنس بن مالك قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: اشتكيت عيني، أفأكتحل وأنا صائم؟ قال: نَعَم. قال الترمذي: ليس بالقوي، ولا يصح عن النبي ﷺ في هذا الباب شيء. وفيه أبو عاتكة. قال البخاري: منكر الحديث.
قال: اسمه طارق بن سليمان أو أبو عاتكة قال الحافظ ضعيف وبالغ السليمان فيه قلت قد سبق إلى ذلك الإمام البخاري قوله بمنكر الحديث معناه عند أنه لا تحل الرواية عنه فالحديث لا يصح.
طيب المؤلف رَحِمَهُ اللهُ أنتقل إلى بيان حجة من قال: إنها تفطر هذه الأمور ما هي حجتهم؟ الذين قالوا: إن الكحل يفطر أو قال مثلًا: الحقنة تفطر أو قال: المأمومة تفطر مداواة المأمومة أو الجائف ما هو دليهم؟ ما هي حجتهم؟ ما يقطر في إحليلة ما هي حجتهم؟ يقول حجتهم القياس، القياس هذا احديث: وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا هذه حجتهم والمؤلف بين الفرق بينهم.
(المتن)
(الشرح)
هذا الذين يقالوا: تقطر يقول الشيخ ما معهم دليل ما في دليل لا في الكتاب ولا في السنة على أنها تفطر؛ لكن استدلوا بالقياس قاسوا عليه شيء على حديث النبي ﷺ عن بن صبرة: وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا، فأمره بالمبالغة في الاستنشاق في الوضوء إلا أن يكون صائمًا لِمَاذَا؟. خشية أن يتهرب الماء من الأنف إلى الحلق.
وإذا تهرب الماء من الأنف إلى الحلق معناه أنعقد به الدم هذا الماء الذي ينزل وإذا انعقد به الدم صار مغذي فقاسوا عليه قالوا: نقيس على هذا الكحل إذا وصل إلى الحلق أفطر وصل إلى الحلق تغذى انعقد دمًا يتغذى به الجسم وكذلك أَيْضًا الحقنة في الشرج تصل إلى المعدة ويتغذى بها الجسم وكذلك الإبر المكافحة للمرض المغذية لا إشكال فيها فينعقد دمًا.
الإبرة لما تصل إلى الجوف تنعقد دمًا فيتغذى به الجسد، والشيخ رَحِمَهُ اللهُ يقول: هذا أقوى عند المؤلف القياس، والقياس ليس بحجة وفيه فرق بين الحديث وبين القياس؟ هذا كلام شَيْخُ الإِسْلَامِ الحديث وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا. هذا الماء يتهرب إلى الحلق ويصير ماء مثل الأكل والشرب.
أما الكحل ليس ماءً وكذلك الإبر والحقنة ليست ماءً حتى يقول: ولو انعقد الماء به إلا إنما يفطر الذي يصل إلى المعدة وينعقد دمًا ويوزع على الجسم كما سيصر المؤلف رَحِمَهُ اللهُ.
فالمؤلف يناقش الفقهاء، والفقهاء يقولون: أن نحن نحتاط ونقيس على هذا ويقول شَيْخُ الإِسْلَامِ: هم معذورون ومؤجرون على اجتهادهم لكن الصواب أنها لا فتطر واضح الآن.
(المتن)
(الشرح)
وصل إلى الدماغ إذا استنشق وصل إلى الدماغ وصل الماء إلى الدماغ فيكون يفطر، وكذلك أَيْضًا ما وصل إلى الجوف يكون مثله إذا كان يصل إلى الدماغ يفطر كذلك أَيْضًا ما يصل إلى الدماء الشيخ يقول: لا الذي يستنشق الماء يذهب إلى المعدة، ولو وصل إلى الدماء ما يؤثر.
(المتن)
(الشرح)
واضح هذا إذا هذا حجتهم فقالوا: الحديث عندنا: وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا. قالوا: إن ما وصل إلى الدماغ يفطر الصائم إذا كان بفعله إذا استنشق وصل إلى الدماغ ويفطر ونقيس كل ما وصل إلى جوفه بفعله ما وصل إلى الجوف إبرة ضربت الإبرة تصل إلى الجوف.
حقنة في الشرج تصل إلى الجوف سواء كان من موضع الطعام أو غيره داخل الجوف كالإبر في العضل كلها من هذا الباب.
إذا الفقهاء يرون أنها تفطر الشيخ يرى أنها لا تفطر واضح هذا والآن الشيخ يناقشهم الآن يناقش الفقهاء في حجتهم، هذا الذي قالوا قطرة الأنف وقطرة العين وقطرة الأذن والكحل هذا حجتهم.
سيناقش الذين استثنوا التقطير، التقطير الذي يكون في الذكر قالوا: لا يفطر لما لا يفطر؟ قالوا لأنه يرشح رشح الداخل إلى إحليلة كالداخل إلى فمه وأنفه يرشح رشح ما يصل إلى المعدة ولهذا يقول: التقطير في القبول في الذكر ما يفطر.
(المتن)
(الشرح)
الذين يقولون: يفطر كل شيء إلا التقطير يقولون: التطير ما يروح بعد يرشح رشح ما يصل إلى المعدة مثل الماء التي تضعه في فمك لتمضمض ما يفطر ما يذهب إلى الحلق، وكذلك التقطير في القبول يرشح رشحًا ما يروح بعيدًا فلذلك ما يفطر هذه حجتهم.
(المتن)
(الشرح)
هذه حجة الذي قالوا: إن الكحل لا تفطر يقولون: ليست العين منفذ كالقبل والدبر ولكن هي تشرب الكحل كما يشرب الجسم الدهن والماء، والذين قالوا: تفطر قالوا: إذا وجد طعمه في حلقه افطر؛ لأنه تصل إلى الحلق وتقوم بمعنى الأكل والشرب.
(المتن)
(الشرح)
واضح الآن هذه حجة ما يقولون: أن الكحل يفطر يقولون: أنه ينفذ إلى داخله حتى يتنخمه الصائم وجد الكحل؛ لأن في داخل العين منفذ إلى داخل الحلق ومثل قطرة الأذن وقطرة العين إذا وجد طعمها في حلقه أفطر وهذا المؤلف يقول: ما عندهم عمدة إلا الأقيسة ذكرت الأقيسة كيف يفسد الصوم بالأقيسة؟
كيف نقول الصائم؟ الصائم في الأصل أن صومه صحيح فلا نفسد صومه إلا بشيء واضح إلا بيقين ، صاموا بيقين فلا يفسد صومه إلا بيقين هذا كلام الشيخ رَحِمَهُ اللهُ.
(المتن)
(الشرح)
هذه الوجوه الآن يذكر المؤلف عدة وجوه يبطل بها الاعتماد على هذه الأقيسة أن لا يعتمد على الأقيسة في إفساد الصوم ما عنده في الأقيسة العين كذا الكحل أو الإبر أو الحقنة كل هذا ما في الأقيسة وسيقول: باطل من وجوه الاعتماد عليه من وجوه.
(المتن)
أحدها: أن القياس وإن كان حجة إذا اعتبرت شروط صحته فقد قلنا في الأصول: إن الأحكام الشرعية كلها بينتها النصوص أيضا، وإن دل القياس الصحيح على مثل ما دل عليه النص دلالة خفية.
فإذا علمنا بأن الرسول لم يحرم الشيء ولم يوجبه علمنا أنه ليس بحرام ولا واجب، وأن القياس المثبت لوجوبه وتحريمه فاسد، ونحن نعلم أنه ليس في الكتاب والسنة ما يدل على الإفطار بهذه الأشياء التي ذكرها بعض أهل الفقه، فعلمنا أنها ليست مفطرة.
(الشرح)
هذا الوجه الأول لإبطال الاعتماد على القياس في إفساد الصوم، قال: القياس وإن كان حجة إذا اعتبرت شروط صحته يعني إذا وجد مثلًا الحق الفرع بالأصل لعلة جامعةٍ بينهما أَيْضًا نقول: الأحكام الشرعية التي بينت النصوص أَيْضًا الحكم الشرعي لابد أن يتبين النصوص وإن كان القياس يدل على ما يدل عليه النص لكن العمدة على النص والقياس دلالته خفية والنص دلالته واضحة فالعمدة على الأدلة.
قال: فإذا علمنا بأن الرسول ﷺ لم يحرم الشيء ولم يوجبه علمنا أنه ليس بحرام ولا واجب، وأن القياس المثبت لوجوبه وتحريمه فاسد، ويقول: ونحن نعلم أنه ليس في الكتاب والسنة ما يدل على الإفطار بهذه الأشياء فثبت أنها ليست مفطرة، هذا الوجه الأول لإبطال القياس.
(المتن)
الثاني: أن الأحكام التي تحتاج الأمة إلى معرفتها لا بد أن يبينها الرسول ﷺ بيانا عاما، ولا بد أن تنقلها الأمة، فإذا انتفى هذا علم أن هذا ليس من دينه، وهذا كما يعلم أنه لم يفرض صيام شهر غير رمضان، ولا حج بيت غير البيت الحرام، ولا صلاة مكتوبة في اليوم والليلة غير الخمس.
ولم يوجب الغسل في مباشرة المرأة بلا إنزال، ولا أوجب الوضوء من الفزع العظيم، وإن كان في مظنة خروج الخارج، ولا سن الركعتين بعد الطواف بين الصفا والمروة كما سن الركعتين بعد الطواف بالبيت، وبهذا يعلم أن المني ليس بنجس.
(الشرح)
المؤلف رَحِمَهُ اللهُ يقول: الأمر الثاني الوجه الثاني من الوجوه المبطلة للاعتماد على الأقيسة أن الأحكام التي تحتاج الأمة لمعرفتها لا بد أن يبنها الرسول ﷺ بينان عمًا ولابد أن تتلقاها الأمة وهذا منفي، لو كانت هذه الأمور مفطرة لبينها الرسول ﷺ قال: الكحل مفطر وقال: الحقنة مفطرة ونقلت الأئمة نقلًا الصحابة ويقولوها للأمة.
بينانًا عامًا لابد أن تتلقاها الأمة؛ لكن هذا منتقي لو علم أن هذا ليس من الدين وقل هذا له نظائر من نظائر ذلك أنه معلوم بين الأمة أنه أن الله ما فرض إلا صيام شهر واحد هذا معلوم عند الخاص والعام ما فرض صيام إلا في شهر واحد ولا فرض حج بيت الله الحرام ولا أوجب الصلاة المكتوبة إلا الصلوات الخمس ولا وجوب الغسل بمنازلة المرأة بلا إنزال ولا أوجب الوضوء من الفزع العظيم، ولا سنة الركعتين بعد.
لِمَاذَا؟. هذا معلوم وهذا لا يعلم هذا علم بين الخاص والعام إنه ما في صيام إلا في شهر رمضان، ما أحد قال إنه في صيام في شهر آخر، ومعلوم أنه بين الخاص والعام أنهم ليس هناك حج إلا حج بيت الله الحرام، ومعلوم بين الخاص والعام أنه ليس هناك صلاة سادسة تجب الصلاة خمس صلوات، ومعلوم بين الخاص والعام أنه لا يجب الوضوء بمباشرة المرأة لابد من الجماع، ومعلوم بين الخاص والعام أنه ما يجب الوضوء من الفزع، ومعلوم بين الخاص والعام أنه ما يسنا ركعتين ...
وهذا أمر لِمَاذَا؟. هذا لو كان أمر معلوم لنقل هل نقل أن إفساد الصوم بالحقنة أو إفساد الصوم بالتقطير أو إفساد الصوم بالكحل لو كان هذا من دين الرسول لنقل إلى الأمة لبينه الرسول ﷺ ونقلته الأمم واضح الآن.
بعد هذا استطرد المؤلف قال إن هذا يعلم المني ليس نجس والحديث الذي يرويه بعض الفقهاء يُغْسَلُ الثَّوْبُ مِنْ وَالْبَوْلِ الْغَائِطِ وَالْمَنِيِّ وَالْقَيْءِ وَالدَّمِ
استطرد المؤلف رَحِمَهُ اللهُ في غزارة علمه وغسل عائشة للمني من ثوبه وفركُها إياه لا يدل على وجوب ذلك، فإن الثياب تغسل من الوسخ والمخاط والبصاق.
هذا لو وجد وقت ممكن أن نرجع إلى هذا، وأما الوجوب فلابد له من دليل وبهذه الطرق يعلم أيضاً أنه لم يوجب الوضوء من لمس النساء ولا من النجاسات الخارجة، ولا مس المرأة وكذلك الناس لا يزال أحدهم يلمس امرأته بشهوة وبغير شهوة، وأمره بالوضوء من مس الذكر هل هو مستحب ولا واجب؟ رأى أنه مستحب.
كل هذا استطراد وكذلك الوضوء يستحب لما مس النساء، ويستحب لمن تفكر إلى آخره الوضوء عند تحرك الشهوة للقضاء على الشهوة الغالبة من الشيطان كل هذا استطراد هل هو منسوخ أم غير منسوخ مما مسته النار قالت الصحابة: أنه غير منسوخ.
وكذلك بول ما يؤكل لحمه وروثه هل هو نجس أو ليس بنجس؟ كل هذا استطراد، وثبت في الأحاديث أنه كانوا يسألون كانوا يصلون في مرابض الغنم، وأمر بالصلاة في مرابض الغنم، ونهى عن الصلاة في معاطن الإبل؟! وقال في الغنم: إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ والإبل قال: خلقت من جن ... إلى آخره قال: الإبل فيها شيطنة لا يحب الله ورسوله.
ونهى عن الصلاة في أعطانها، كما نهي الصلاة في الحمام، والحمام مأوى للروح الخبيثة كل هذا استطراد خرج عن الصيام ولهذا كانت الحشوش محتضرة تحضرها الشياطين ولم يوجد نص خاص، وكذلك النهي عن الصلاة في الحمام وأعطان الإبل أعلم أنها الصلاة في الحشوش أولى.
وأتى بحديث الحديث الذي فيه نهى عن الصلاة في المقبرة والجزرة والمزبلة والحشوش وقارعة الطريق، ومعاطن الإبل، وظهر بيت الله الحرام، وأصحاب الحديث متنازعون فيه، وأصحاب أحمد فيه على قولين.
ونقل كلام الإمام أحمد والصلاة في موضع العذاب.
قال: ذكر أنه ليس هناك دليل وإنما نص على الحشوش ومعطان الإبل إلى أن قال: فإذا قالت الأحكام كل هذا استطراد، فإذا كانت الأحكام التي تعم بها البلوى.
نقف هنا.