}866{ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهَا: «أَنَّ النِّسَاءَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُنَّ إِذَا سَلَّمْنَ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ قُمْنَ وَثَبَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ صَلَّى مِنْ الرِّجَالِ مَا شَاءَ اللَّهُ فَإِذَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ الرِّجَالُ».
}867{ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيُصَلِّي الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَسِ».
}868{ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنَا الأَْوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ الأَْنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لَأَقُومُ إِلَى الصَّلاَةِ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ».
}869{ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَت: «لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ».
}866{ قوله: «فَإِذَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ الرِّجَالُ» . هذا الحديث سبق فيما مضى، والمؤلف رحمه الله يكرر الأحاديث من أجل استنباط الأحكام، وفي بعض النسخ ورد هذا الحديث تحت ترجمة «باب انتظار الناس قيام الإمام العالم» ؛ وذلك لأن العالم له شأن؛ فيقتدي به الناس في أقواله وفي أفعاله، وربما تكلم بشيء أو نبه على شيء.
وهذه الترجمة مختلف فيها؛ فذكرها بعض الشراح، وبعض الشراح لم يذكرها، وهي تابعة لخروج النساء إلى المساجد.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «تنبيه: وقع في رواية كريمة عقب الحديث الثاني من هذا الباب «باب انتظار الناس قيام الإمام العالم» ، وكذا في نسخة الصغاني، وليس ذلك بمعتمد إذ لا تعلق لذلك بهذا الموضع، بل قد تقدم في موضعه من الإمامة بمعناه». فالنساخ جعلوا هذه الترجمة على رواية كريمة.
وفي الحديث: مشروعية تأخر الإمام إذا صلى معه النساء ليترك فرصة للنساء حتى ينصرفن قبل أن يدركهن الرجال؛ ولهذا قالت أم سلمة رضي الله عنها: «أن النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كن إذا سلمن من المكتوبة قمن»، يعني بادرن بالخروج «وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله» وفي اللفظ الآخر: «قالت: نرى ـ واللَّه أعلم ـ أن ذلك كان لكي ينصرِف النساء قبل أن يدركهن الرجال» [(723)].
}867{ فيه: دليل على أن النساء يجوز لهن أن يصلين مع الرجال الفرائض كلها، وكان النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم جميع الصلوات، ويكون النساء خلف الرجال، ولكن عليهن أن يحتجبن ويتسترن من الرجال.
يستدل أيضًا لخروج المرأة للمسجد بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله» [(724)] فلا تمنع المرأة إذا طلبت من زوجها أن تصلي في المسجد إلا إذا وجد ما يمنع ذلك؛ كأن تكون متبرجة أو كان يخشى عليها الفتنة أو خرجت متطيبة، أما إذا لم يكن هناك مانع فلا ينبغي للإنسان أن يمنعها لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن منعهن.
قوله: «فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَسِ» : والغلس هو اختلاط ضياء الصبح بظلام الليل، وفيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبكر بصلاة الفجر فكان لا يتأخر إلى الإسفار جدًّا كما يفعل الأحناف، حيث يتأخرون إلى قرب طلوع الشمس[(725)].
}868{ هذا الحديث فيه: شفقة النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته بأمته وبالضعفاء، وفيه أن الإمام ينبغي له أن يلاحظ جماعة المسجد ويراعي أحوالهم؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم في الصلاة يريد أن يطول فيها فيسمع بكاء الصبي فيتجوز في صلاته مخافة أن يشق على أمه، ويخفف تخفيفًا لا يخل بالطمأنينة.
وهذا فيه: دليل على أن النساء كن يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم ومعهن الصبيان.
}869{ قول عائشة رضي الله عنه: «لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ» هذا من اجتهادها، ولكن الشريعة عامة للناس إلى يوم القيامة فهي صالحة لكل زمان ومكان، والله عز وجل يعلم ما سيكون وما يحدثه النساء في آخر الزمان، وقد شرع هذا الحكم لهذه الأمة إلى يوم القيامة، فالمرأة لا تمنع من المسجد إلا إذا وجد ما يمنع من ذهابها إلى المسجد كأن تكون متطيبة أو متبرجة أو يخشى عليها الفتنة.
وإذا كانت المرأة تمنع من المسجد لمخالفة شرعية فالأسواق من باب أولى، فلا يجوز للمرأة أن تذهب للأسواق متطيبة ولا متبرجة، وإذا كان يخشى عليها الفتنة فلا تذهب، وكذلك لا يجوز لها أن تذهب مع السائق وحدها فيخلو بها، فهذا منكر وهو من أسباب الشر والفواحش، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما» [(726)].
; صَلاَةِ النِّسَاءِ خَلْفَ الرِّجَالِ
}870{ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَت: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَيَمْكُثُ هُوَ فِي مَقَامِهِ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ»، قَالَ: نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِكَيْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الرِّجَالِ.
}871{ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ فَقُمْتُ وَيَتِيمٌ خَلْفَهُ وَأُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا».
}870{ في الحديث: أن النساء يصلين خلف الرجال ولو كانت وحدها، ولا تصلي المرأة بجوار الرجل ولو كان محرمًا لها كأبيها أو ابنها أو زوجها أو أخيها أو أي من محارمها.
}871{ قوله: «صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ فَقُمْتُ وَيَتِيمٌ خَلْفَهُ وَأُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا» فيه: أن أنسًا رضي الله عنه واليتيم صليا خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأم سليم صلت خلفهم؛ فدل على أن المرأة تصف خلف الرجال.
وفيه: جواز مصافة الصبي.
; سُرْعَةِ انْصِرَافِ النِّسَاءِ مِنْ الصُّبْحِ
وَقِلَّةِ مَقَامِهِنَّ فِي الْمَسْجِدِ
}872{ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ بِغَلَسٍ فَيَنْصَرِفْنَ نِسَاءُ الْمُؤْمِنِينَ لاَ يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَسِ أَوْ لاَ يَعْرِفُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا».
هذه الترجمة فيها مشروعية مبادرة النساء بالانصراف من المسجد بعد سلام الإمام وألا يطلن المقام حتى لا يدركهن الرجال، وأن يتأخر الرجال قليلاً حتى تنصرف النساء.
}872{ قوله: «فَيَنْصَرِفْنَ نِسَاءُ الْمُؤْمِنِينَ» : هذا على اللغة القليلة لغة بني الحارث، ويسمونها: لغة أكلوني البراغيث، وهي الجمع بين الاسم الظاهر والمضمر، وفي رواية: «فينصرف» [(727)] بالإفراد على اللغة المعروفة المشهورة.
; اسْتِئْذَانِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا بِالْخُرُوجِ إِلَى الْمَسْجِدِ
}873{ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اسْتَأْذَنَتْ امْرَأَةُ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَمْنَعْهَا».
}873{ تقدم الكلام على هذا الحديث قريبًا.
لكن أورده المؤلف هنا من طريق يزيد بن زريع عن معمر وليس فيه تقييد بالمسجد.
; صَلاَةِ النِّسَاءِ خَلْفَ الرِّجَالِ
}874{ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ فَقُمْتُ وَيَتِيمٌ خَلْفَهُ وَأُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا».
}875{ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَيَمْكُثُ هُوَ فِي مَقَامِهِ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ»، قَالَ: نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِكَيْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الرِّجَالِ.
}874{، }875{ هذه الترجمة تقدمت قريبا بالحديثين تحتها، هكذا في الطبعة السلطانية، وليس كذلك في رواية أبي ذر التي عليها شرح الحافظ ابن حجر، فلم يقع عنده ولا عند ابن بطال ولا ابن الملقن ولا ابن رجب ولا العيني كلام على هذا التكرار لعدم وجوده عندهم .
ومن الفروق بين الحديثين أنه في حديث أم سلمة في الباب المتقدم قالت: «كان إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه ويمكث هو في مقامه يسيرا قبل أن يقوم» وفي الباب المتأخر: «كان إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه وهو يمكث في مقامه يسيرا قبل أن يقوم»، وكذلك أيضا قالت في الباب المتقدم: «لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن أحد من الرجال» وفي الباب المتأخر قالت: «لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال»، وكذلك ما كان من تقديم المؤلف رحمه الله لحديث أنس رضي الله عنه على حديث أم سلمة رضي الله عنها.
والمحدثون من عادتهم أن يكرروا الحديث إما من أجل اختلاف في لفظة بزيادة أو نقصان، أو تقديم أو تأخير، أو لاختلاف في السند .
ثم وقفت على كلام القسطلاني في إرشاد الساري فأشار إلى ما ذكرتُ آنفا وقال: «زاد في فرع اليونينية، كهي، هنا باب صلاة النساء خلف الرجال، وهو ثابت فيه قبل ببابين، فكرره فيه ونبّه على سقوط الأخير في الهامش بإزائه عند أبي ذر، وهو ساقط في جميع الأصول التي وقفت عليها لكونه لا فائدة في تكريره» [(728)]