شعار الموقع

شرح كتاب الغسل من صحيح البخاري (5-3) تابع باب الْجُنُبُ يَخْرُجُ وَيَمْشِي فِي السُّوقِ وَغَيْرِهِ - إلى أخر كتاب الغسل

00:00
00:00
تحميل
186

ولم ينكر عليه النبي ﷺ فدل على جواز مشي الجنب وخروجه إلى السوق وهو عليه جنابة قبل أن يغتسل، وأنه لا حرج في ذلك.

قوله: «فَأَخَذَ بِيَدِي، فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى قَعَدَ، فَانْسَلَلْتُ» ، وفي الرواية الأولى قال: «فانخنست» [(800)]، أو: «فانبجست» ، وهي قصة واحدة فيكون الجمع بين الروايتين أن قوله: «انخنست» في الأول مثل قوله: «فَانْسَلَلْتُ» ، يعني: اختفى وتأخر بخفية، ويكون الخناس بعدما أخذ بيده وجلس، كأن النبي  ﷺ لما جلس لم ينتبه له فانسل بخفية ثم اغتسل ورجع.

المتن:

باب كَيْنُونَةِ الْجُنُبِ فِي الْبَيْتِ إِذَا تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ

 286 حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَشَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أَكَانَ النَّبِيُّ  ﷺ يَرْقُدُ وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ وَيَتَوَضَّأُ.

الشرح:

 286، 287 قوله في الحديث الأول: «وَيَتَوَضَّأُ» ، وفي الحديث الثاني: «إِذَا تَوَضَّأَ» فيه: دليل على أنه لا بأس أن يرقد جنبًا ولكن بعد الوضوء، فإذا كان عليه جنابة فاغتسل قبل النوم فهو أفضل، وإن توضأ ثم نام وأخر الغسل لآخر الليل فلا حرج، وكان النبي  ﷺ ربما اغتسل بعد الجماع وربما أخر الغسل لآخر الليل[(801)].

والوضوء لمن أخر الغسل مستحبٌّ عند الجمهور، وأوجبه بعض العلماء كالظاهرية؛ لحديث عمر أنه قال: «يا رسول الله أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال: نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ.

وهذا فيه: دليل لما ترجم به المؤلف «كَيْنُونَةِ الْجُنُبِ فِي الْبَيْتِ» ، أي: ديمومة ـ وزنًا ومعنًى ـ يعني: استقراره في البيت؛ فكونه ينام معناه أنه مستقر في البيت، فلا بأس أن يجلس المرء في البيت وعليه جنابة إذا توضأ، قال العلماء: يستحب وضوء الجنب للنوم وللأكل وللشرب، ولا يجب عليه الغسل إلا إذا جاء وقت الصلاة فيغتسل حتى يصلي.

المتن:

باب نَوْمِ الْجُنُبِ

 287 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ  ﷺ أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْقُدْ وَهُوَ جُنُبٌ.

الشرح:

هذه الترجمة أخص من الترجمة السابقة، فالترجمة السابقة في «كينونة الجنب في البيت» ، يعني: لا بأس بوجوده في البيت وهو عليه جنابة إذا توضأ، وهي هنا في النوم خاصة.

فيجوز أن ينام جنبًا إذا توضأ وضوءه للصلاة؛ حتى يخفف الجنابة، والوضوء مستحب عند الجماهير، وأوجبه بعض العلماء كالظاهرية.

المتن:

باب الْجُنُبِ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَنَامُ

 288 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَت: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ فَرْجَهُ، وَتَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ.

 الشرح:

288 قوله: «وَتَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ» ، يعني: توضأ كوضوئه للصلاة، فمن المعروف أنه لا يصلي بهذا الوضوء.

المتن:

289 حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: اسْتَفْتَى عُمَرُ النَّبِيَّ  ﷺ أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ.

الشرح:

289 كرر المؤلف الأحاديث للإيضاح، وإلا فهذه الأحاديث الثلاثة كلها متقاربة، فكلها في بيان وضوء الجنب إذا أراد أن يبقى في البيت أو ينام.

المتن:

290 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِرَسُولِ اللَّهِ  ﷺ أَنَّهُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ مِنْ اللَّيْلِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ  ﷺ: تَوَضَّأْ، وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ نَمْ.

 الشرح:

290 قوله: تَوَضَّأْ، وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ، الواو لا تفيد الترتيب؛ لأن غسل الذكر مقدم على الوضوء، فالواو لمطلق الجمع، والمعنى اجمع بين الأمرين أي: اغسل ذكرك وتوضأ، وفي الحديث السابق وَتَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ [(802)] يعني: كوضوئه للصلاة.

المتن:

باب إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ

 291 حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ ح.

وحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ  ﷺ قَالَ: إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَْرْبَعِ، ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغَسْلُ.

تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ شُعْبَةَ مِثْلَهُ.

وَقَالَ مُوسَى: حَدَّثَنَا أَبَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ مِثْلَهُ.

الشرح:

قوله: «بَاب إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ» ؛ يعني: ختان الرجل وختان المرأة، والختان هو: الجلدة التي فوق رأس ذكر الرجل، واللحمة التي فوق فرج المرأة، والتي تقطع في الختان، وقد حذف المؤلف رحمه الله الحكم حتى يتأمل طالب العلم ويستنبط الحكم، والتقدير: باب إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل.

 291 قوله: إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَْرْبَعِ، قيل: المراد بشعبها الأربع يداها ورجلاها، وقيل: رجلاها وفخذاها، وقيل: فخذاها وساقاها، والمراد إذا جاوز ختان الرجل ختان المرأة.

قوله: ثُمَّ جَهَدَهَا، كناية عن الجماع، أي: إذا جامع وجب الغسل، وفي لفظ: وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ [(803)].

والضابط في التقاء الختانيين الذي يوجب الغسل هو تغييب الحشفة ـ وهي رأس الذكر الذي فيه الليونة ـ في فرج المرأة، أما مجرد مس الذكر الفرج فلا يوجب الغسل.

وكان في أول الإسلام إذا جامع الرجل المرأة ولم يمن فإنه يغسل ذكره وما أصابه ويتوضأ ويصلي، ثم نسخ ذلك واستقرت الشريعة بوجوب الغسل بمجرد التقاء الختانين ولو لم ينزل، وإذا أنزل منيًّا وجب الغسل حتى ولو لم يجامع، فكل من الإنزال والتقاء الختانيين يوجب الغسل باستقلاله، وتغييب رأس الذكر في فرج المرأة هو الذي يجب به الحد في الزنا، فلا يجب الحد إلا إذا غيب الحشفة في الفرج، فإذا ثبت هذا أقيم عليه الحد، بأن يجلد مائة جلدة، ويغرب عامًا إذا كان بكرًا؛ وإذا كان محصنًا يرجم بالحجارة حتى يموت، أما ما دون ذلك من المباشرة وغيرها ففيه التعزير إذا كان بالأجنبية، فما يوجب الغسل يوجب الحد، فالغسل يجب بتغييب الحشفة، وكذلك الحد.

وإذا لم يغيب الحشفة وخرج منه مذي فعليه الوضوء، فيغسل فرجه وما أصابه فقط ويتوضأ، ولا يجب عليه إلا الوضوء، ويعتبر هذا من المباشرة

وجاء في رواية: إذا ألزق الختان [(804)] وهو نفس المعنى، والروايات يفسر بعضها بعضًا، وفي لفظ: إِذَا جَاوَزَ الخِتَانُ [(805)]، وفي لفظ: إِذَا التَقَى الخِتَانَانِ [(806)]، والمعنى واحد، فكلها لابد فيها من تغييب الحشفة.

المتن:

باب غَسْلِ مَا يُصِيبُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ

 292 حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ الْحُسَيْنِ قَالَ: يَحْيَى وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَلَمْ يُمْنِ؟ قَالَ عُثْمَانُ: يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ، قَالَ عُثْمَانُ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ  ﷺ فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ وَطَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ.

قَالَ يَحْيَى: وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ  ﷺ.

الشرح:

 292 قوله: «قَالَ عُثْمَانُ: يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ» ، هذا منسوخ، فقد كان في أول الإسلام إذا جامع ولم يمن فإنه يغسل ذكره وما أصابه ويتوضأ وضوءه للصلاة، ثم نسخ ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام: إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَْرْبَعِ، ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغَسْلُ. [(807)]، وفي لفظ: وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ [(808)]، فيكون الحديث الأول ناسخًا لهذا الحديث، وقد استقرت الشريعة على وجوب الغسل بالجماع ولو لم ينزل.

المتن:

293 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أَيُّوبَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ؟ قَالَ: يَغْسِلُ مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: الْغَسْلُ أَحْوَطُ، وَذَاكَ الآْخِرُ، وَإِنَّمَا بَيَّنَّا لاِخْتِلاَفِهِمْ.

الشرح:

 293 قوله: «قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ:» يعني البخاري.

قوله: «أَحْوَطُ» أي: للدين، «وَذَاكَ الآْخِرُ» يعني: وجوب الغسل بالتقاء الختانين، ولو لم ينزل، هو الآخر الذي يعمل به؛ فالآخر يكون ناسخًا للأول.

قوله: «وَإِنَّمَا بَيَّنَّا لاِخْتِلاَفِهِمْ» : والخلاف في هذا شاذ، فالقول بأنه لا يجب الغسل إلا بالإنزال قول ضعيف، والصواب الذي عليه الجماهير واستقرت عليه الشريعة وجوب الغسل بالجماع ولو لم ينزل.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «قوله: «مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ» أي: يغسل الرجل العضو الذي مس فرج المرأة من أعضائه، وهو من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم؛ لأن المراد رطوبة فرجها.

قوله: ثُمَّ يَتَوَضَّأُ صريح في تأخير الوضوء عن غسل الذكر، زاد عبد الرزاق عن الثوري عن هشام فيه: وُضُوءهُ لِلصَّلاَةِ [(809)].

ثم قال: «الْغَسْلُ أَحْوَطُ» أي: على تقدير ألا يثبت الناسخ ولا يظهر الترجيح، فالاحتياط للدين الاغتسال».

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد