شعار الموقع

شرح أبواب الوتر من صحيح البخاري (14-2) من باب سَاعَاتِ الْوِتْرِ - إلى باب الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ

00:00
00:00
تحميل
166

المتن:

باب سَاعَاتِ الْوِتْرِ

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَوْصَانِي النَّبِيُّ ﷺ بِالْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ.

995 حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ: أَرَأَيْتَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْغَدَاةِ أُطِيلُ فِيهِمَا الْقِرَاءَةَ فَقَالَ: كُانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَيُوتِرُ بِرَكْعَةٍ وَيُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْغَدَاةِ وَكَأَنَّ الأَْذَانَ بِأُذُنَيْهِ. قَالَ حَمَّادٌ: أَيْ سُرْعَةً.

996 حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا الأَْعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كُلَّ اللَّيْلِ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ.

الشرح:

995 قوله: «قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ: أَرَأَيْتَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْغَدَاةِ أُطِيلُ فِيهِمَا الْقِرَاءَةَ فَقَالَ: كُانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَيُوتِرُ بِرَكْعَةٍ» فيه: بيان ساعات الوتر وأنه يوتر في الليل، وجاء في الحديث الآخر: «من كل الليل أوتر رسول الله ﷺ، من أوله ووسطه وآخره وانتهى وتره إلى السحر»[(918)].

فالأفضل في الوتر أن يكون في آخر الليل إذا كان من عادة الإنسان القيام آخر الليل، فإن لم يكن ذلك عادة له فالحزم أن يوتر أول الليل، بل أوصى النبي ﷺ أبا هريرة[(919)] وأبا الدرداء رضي الله عنهما[(920)] بالوتر في أول الليل؛ لأن أبا هريرة كان يدرس الحديث، فأوصاه بأن يوتر قبل أن ينام.

فإذا كان الإنسان صاحب أشغال ولا ينام إلا متأخرًا، فإنه يوتر قبل النوم وهذا هو الأفضل، وقد ثبت في «صحيح مسلم» [(921)] من حديث جابر أن النبي ﷺ قال: مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ، وهذا الحديث فيه البيان والتفصيل لمن خشي ألا يقوم من آخر الليل فإنه يوتر أوله، وأما الذي يطمع أن يقوم من آخر الليل فإنه يوتر آخره.

مسألة:

بعض الناس في صلاة التراويح يشفع بعد سلام الإمام من الوتر ليكون وتره آخر الليل؛ فهذا قول بعض العلماء، والأفضل له أن يكتفي بالوتر مع الإمام ويصلي آخر الليل بعدًا عن الرياء.

ويستفاد من الحديث: أن النبي ﷺ كان يخفف ركعتي الفجر؛ ولهذا قال ابن عمر رضي الله عنهما: «وَيُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْغَدَاةِ وَكَأَنَّ الأَْذَانَ بِأُذُنَيْهِ» ؛ وصلاة الغداة: هي صلاة الفجر، والأذان: يعني به الإقامة، فكأنه يسمع الإقامة، يعني: يسرع فيهما إسراع من يسمع الإقامة للصلاة؛ خشية أن تفوته، كذا كان حال النبي ﷺ مع ركعتي الفجر، وثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «إن النبي ﷺ كان يخفف الركعتين حتى إني لأقول: هل قرأ فيهما بأم القرآن؟»[(922)].

996 قولها: «وَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ» ، أي: استقر أمر وتره على أن يكون في السحر، وهذا هو الأفضل.

المتن:

باب إِيقَاظِ النَّبِيِّ ﷺ أَهْلَهُ بِالْوِتْرِ

997 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي وَأَنَا رَاقِدَةٌ مُعْتَرِضَةً عَلَى فِرَاشِهِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ أَيْقَظَنِي فَأَوْتَرْتُ.

الشرح:

997 يستفاد من الحديث: إيقاظ الأهل للوتر بالليل، وأن هذا من التعاون على البر والتقوى.

وفيه: أن النبي ﷺ كان يصلي وعائشة رضي الله عنها معترضة أمامه، فدل على أن الاعتراض لا يسمى مرورًا؛ فالمرور أن يأتي من جانب إلى جانب، أما إذا صلى وأمامه نائم سواء كان رجلاً أم امرأة فهذا لا يعتبر مرورًا؛ وفي اللفظ الآخر: «فإذا بدت لي الحاجة انسللت انسلالاً من عند رجليه» [(925)].

المتن:

باب لِيَجْعَلْ آخِرَ صَلاَتِهِ وِتْرًا

998 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا.

الشرح:

998 قوله: اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا؛ أمر من النبي ﷺ بأن تكون آخر الصلاة ليلاً هي الوتر، والأصل في الأمر الوجوب، ولكنه هنا للاستحباب لا للوجوب، والذي صرفه عن الوجوب ما ثبت عند مسلم عن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي ﷺ صلى بعد الوتر ركعتين»[(926)].

قال العلماء: والحكمة ـ والله أعلم ـ ليعلم الناس أنه يجوز الصلاة بعد الوتر، وأن الصلاة بعده ليست حرامًا، فلو أوتر أول الليل ثم يسر الله له القيام في آخر الليل فإنه يصلي ما كتب له، ويكتفي بوتره في أول الليل، وكذلك لو أوتر في أول الليل يظن أن الفجر قريب، ثم تبين له غير ذلك، وأن الوقت يتسع للصلاة، فإنه يصلي، ولا ينقض وتره.

أما قول بعض الصحابة، وبعض العلماء: إنه ينقض وتره فيصلي ركعة تشفع، ثم يوتر في آخر صلاته بركعة ـ فهذا قول ضعيف ـ، خفيت فيه السنة على قائله؛ لأنه يكون حينئذ قد أوتر أكثر من مرة.

المتن:

باب الْوِتْرِ عَلَى الدَّابَّةِ

999 حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ فَقَالَ سَعِيدٌ: فَلَمَّا خَشِيتُ الصُّبْحَ نَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ ثُمَّ لَحِقْتُهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَيْنَ كُنْتَ؟ فَقُلْتُ: خَشِيتُ الصُّبْحَ فَنَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَلَيْسَ لَكَ فِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِسْوَةٌ حَسَنَةٌ؟ فَقُلْتُ: بَلَى وَاللَّهِ قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُوتِرُ عَلَى الْبَعِيرِ.

الشرح:

999 يستفاد من هذا الحديث: جواز الوتر على البعير، واستدل به البخاري رحمه الله على أن الوتر ليس بواجب خلافًا للأحناف[(927)] الذين يرون أنه واجب، والدليل على أنه ليس بواجب أن النبي ﷺ كان يصليه على الراحلة، ولو كان واجبًا لنزل وصلى في الأرض؛ لأن النبي ﷺ كان يصلي الفرائض على الأرض وما يصليها على الدابة، وإنما يصلي على الدابة النوافل في حال السفر، ويصلي حيث كان وجهه ويغتفر في ذلك عدم استقبال القبلة فيصلي المسافر على راحلته ويتجه إلى حيث توجهت به راحلته.

لكن جاء في «سنن أبي داود» [(928)] «أنه إذا كان في سفر فأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة فكبر ثم صلى حيث وجهه ركابه». والوتر كذلك، له أن يوتر على الدابة، وهذا يدل على أنه ليس بواجب، لكنه سنة مؤكدة، ولو كان واجبًا لنزل وصلاه على الأرض كما يصلي الفرائض.

المتن:

باب الْوِتْرِ فِي السَّفَرِ

1000 حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ يُومِئُ إِيمَاءً صَلاَةَ اللَّيْلِ إِلاَّ الْفَرَائِضَ وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ

الشرح:

1000 فيه: أن النبي ﷺ كان يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به، إلى القبلة أو إلى غير القبلة؛ فهذا يغتفر، وإذا كان المسافر على راحلته لا يستطيع أن يقوم بحيث إذا قام سقط فإنه يصلي وهو جالس ويومئ بالركوع والسجود وذلك في النفل كصلاة الليل أو صلاة الضحى، وكذلك الحال في الوتر.

أما الفرائض فإنه ينزل ويصليها على الأرض؛ فالفرائض واجبة؛ ولهذا قال: «يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به يومئ إيماء صلاة الليل إلا الفرائض، ويوتر على راحلته» . وهذا هو الشاهد، يعني: أنه يصلي النافلة ولو إلى غير القبلة، بخلاف الفريضة فإنه ينزل ويصليها على الأرض.

أما السيارة فإنه يصلي فيها الفرائض ـ إذا لم يتمكن من الصلاة على الأرض ـ والأفضل صلاتها على الأرض، ويجوز له الصلاة بالقطار والطائرة ونحوهما؛ لتمكنه فيها من الركوع والسجود والقيام، لكن يجب عليه أن يدور مع القبلة حيث دارت، فإذا دارت الطائرة أو القطار عن القبلة يدور حيث دارت، وذلك في الفرض وفي النفل؛ لأنه يستطيع ذلك، بخلاف الدابة فإنه لا يستطيع، وإن عجز عن القيام صلى قاعدًا، ويدور مع القبلة إن استطاع، فإن عجز صلى على حسب حاله؛ لقول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التّغَابُن: 16].

وما جاء عند أبي داود أنه كان يكبر إلى القبلة[(929)]، فيحتمل كونه على الاستحباب؛ لخلو الأحاديث الأخرى عما في رواية أبي داود، ولأن النافلة يغتفر فيها ما لا يغتفر في الفريضة. ويحتمل أنه على الوجوب، والأولى أن تكون تكبيرة الإحرام وهو متجه إلى القبلة، ثم بعد ذلك ينصرف إلى جهة سيره.

ولا يجوز للمسلم أن يصلي الوتر على الدابة في الحضر؛ إنما هذا خاص بالسفر، وما كان النبي ﷺ يصلي النافلة على الدابة في الحضر؛ لأن الإنسان في الحضر يوقف دابته ويصلي في المسجد، فليس هناك داع للصلاة على الراحلة.

المتن:

باب الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ

1001 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ أَقَنَتَ النَّبِيُّ ﷺ فِي الصُّبْحِ؟ قَالَ: نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ: أَوَقَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ؟ قَالَ: بَعْدَ الرُّكُوعِ يَسِيرًا.

1002 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ الْقُنُوتِ فَقَالَ: قَدْ كَانَ الْقُنُوتُ قُلْتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ؟ قَالَ: قَبْلَهُ قَالَ: فَإِنَّ فُلاَنًا أَخْبَرَنِي عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَقَالَ: كُذَبَ إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا أُرَاهُ كَانَ بَعَثَ قَوْمًا يُقَالُ لَهُمْ الْقُرَّاءُ زُهَاءَ سَبْعِينَ رَجُلاً إِلَى قَوْمٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ دُونَ أُولَئِكَ وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَهْدٌ فَقَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ.

الشرح:

1001 يستفاد من حديث أنس الأول: مشروعية القنوت في النوازل، ويكون بعد الرفع من الركوع؛ ويأتي أيضًا من حديث أنس أنه يكون قبل الركوع، وأكثر الأحاديث من فعله ﷺ تجعله بعد الركوع.

1002 يستفاد من حديث أنس الثاني: مشروعية القنوت في النوازل، ويكون قبل الركوع، ويكون أيضًا بعد الركوع كما في حديث أنس السابق، وأكثر الأحاديث من فعله ﷺ تجعله بعد الركوع.

فالقنوت في الوتر يكون بعد الركوع، لكن في الفرائض إذا نزلت بالمسلمين نازلة قنت الإمام، وله أن يقنت قبل الركوع أو بعده، لكن الأحاديث أكثرها على أنه بعد الركوع.

والدليل على القنوت في النوازل حديث أنس قال: «قَنَتَ النَّبِيُّ ﷺ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ» ، وهذا ما يكون إلا عند النوازل، فما كان النبي ﷺ يقنت في جميع الأيام.

وقوله: «فَإِنَّ فُلاَنًا أَخْبَرَنِي عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَقَالَ: كُذَبَ» ، يعني: أخطأ، وهذا محمول على أن أنسًا قد نسي، وإلا فالقنوت ثابت قبل الركوع وبعده.

قوله: «إنما قنت رسول الله ﷺ بعد الركوع شهرًا» ، يعني: متواليًا، ثم تركه ولم يستمر، فقنوت النوازل لا يستمر.

وأما حديث: «ما زال النبي ﷺ يقنت حتى فارق الدنيا» [(931)]، فالمراد بالقنوت طول القيام، والشافعية[(932)] يرون أنه يشرع للإنسان أن يقنت في صلاة الفجر دائمًا، والصواب: أنه لا يقنت إلا عند النوازل فإذا استمرت النازلة قنت الإمام شهرًا، وإذا صلى الإنسان مع الشافعية يؤمن معهم ولا يخالف؛ لأن الخلاف شر.

المتن:

1003 أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَنَتَ النَّبِيُّ ﷺ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ.

الشرح:

1003 يستفاد من حديث أنس الثالث: أن النبي ﷺ قنت شهرًا كاملاً يدعو على رعل وذكوان؛ لأنهم قتلوا القراء الذين أرسلهم النبي ﷺ إليهم يعلمونهم، فغدروا بهم، وقتلوهم، فشق ذلك على النبي ﷺ، وقنت شهرًا يدعو عليهم، ثم تركه ﷺ، فدل ذلك على أن القنوت في النوازل غير مستمر، وإنما يكون عند النوازل فقط.

ويرى الشافعية[(933)] أنه مستمر، واستدلوا بحديث أنس : «ما زال النبي ﷺ يقنت حتى فارق الدنيا» [(934)]، لكن المراد بالقنوت هنا طول القيام.

المتن:

1004 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُانَ الْقُنُوتُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ.

الشرح:

1004 قول أنس : «كُانَ الْقُنُوتُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ» ليس خاصًّا بهما، بل يقنت في جميع الصلوات جاهرًا بالدعاء، لكن المغرب والفجر لهما مزية لكونهما في أول الليل وأول النهار، ولكون المغرب وتر النهار، فللإمام أن يقنت في الفجر، وإذا احتاج قنت في المغرب معها، وإذا اشتد الأمر قنت في جميع الصلوات، وأما في الجمعة فيدعو لهم في خطبة الجمعة.

وما ذهب إليه البعض من أن القنوت غير مشروع، وأنه منسوخ بفعل الرسول ﷺ، هذا ليس بصحيح؛ لأن النسخ يحتاج إلى دليل، والنبي ﷺ عَلَّم الحسن دعاء القنوت، وقنت ﷺ في الوتر، وقنت في الفرائض عند النوازل.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد