شعار الموقع
شعار الموقع

شرح كتاب الحج من صحيح البخاري (25-5) من بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِنًا - إلى باب طَوَافِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ

00:00

00:00

تحميل
55

المتن:

بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ ۝ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ۝ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ [إبراهيم: 36] الآيَةَ

الشرح:

قوله في الترجمة: « وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ [إبراهيم: 35]» ، ثم ذكر في الآية التي بعدها: « رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ [إبراهيم: 37]» ، وهذا هو الشاهد أن الله جعل بيته محرَّمًا، فيحرم فيه الصيد وقطع الشجر الأخضر ولا يجوز فيه اللقطة إلا لمعرفها، وجعل حوله ناسًا يسكنون، وجعل مكة بلدًا آمنًا.

وهذا دعاء من إبراهيم : رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً [إبراهيم: 35]، وفي الآية الأخرى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ [العَنكبوت: 67] فقد لا يكون آمنًا في بعض الأحيان.

وفيه: أن إبراهيم دعا ربه أن يجنبه وبنيه عبادة الأصنام، وبنوه أنبياء، وهو والد الأنبياء وإمام الحنفاء ومع ذلك يسأل ربه أن يجنبه وبنيه عبادة الأصنام، قال: رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ [إبراهيم: 36]، وإذا كان إبراهيم يخاف وهو الذي كسر الأصنام بيده فكيف بغيره؟ ولهذا قال إبراهيم التيمي بعد هذه الآية: ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم ؟! وهذا يدل على شدة عناية الأنبياء بالتوحيد وحذرهم من الشرك.

المتن:

باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.

الشرح:

أراد المؤلف رحمه الله بهذه الترجمة أن الله تعالى جعل الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس يعني قوامًا، وأنها ما دامت موجودة فالدين قائم؛ لأن الله تعالى هو رب الخلائق أجمعين، وهو المعبود بحق وغيره معبود بالباطل، فالمعبود واحد، وبعد بعثة النبي ﷺ صار النبي ﷺ واحدًا والقبلة واحدة، والقبلة أسست على التوحيد وعلى ملة الإسلام.

المتن:

1591 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ.

الشرح:

1591 قوله: يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ، والسويقتين تثنية ساق، يعني أن ساقيه دقيقتان، وجاء في اللفظ الآخر: يَقْلَعُهَا حَجَرًا حَجَرًا [(93)] وهذا في آخر الزمان بعد أشراط الساعة، ولعل هذا قبيل قيام الساعة بعد يأجوج ومأجوج وبعد الدجال ونزول عيسى ؛ لأنه كما في الحديث الآتي أن البيت يحج بعد خروج يأجوج ومأجوج، ويأجوج ومأجوج ونزول عيسى من أشراط الساعة الكبار الأولى، أما الأشراط المتأخرة فطلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة وهدم الكعبة، فيهدم الكعبة ويخربها ذو السويقتين من الحبشة، يقول النبي ﷺ في الحديث الآخر: كأني به أصيلع أفيدع قائم عليها يهدمها بمسحاته [(94)].

وقد دلَّت الأحاديث على أشراط الساعة، فبعثة نبينا ﷺ من أشراط الساعة الصغار، أما أشراط الساعة الكبار ـ كما جاء في الحديث ـ فتكون في آخر الزمان، وأنها كنظام انقطع سلكه ثم تتوالى، أولها خروج المهدي، ثم خروج الدجال، ثم نزول عيسى ابن مريم، ثم خروج يأجوج ومأجوج؛ هذه أربعة متوالية، ثم تتوالى أشراط الساعة: كهدم الكعبة، ونزع القرآن من الصدور، والدخان، وطلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة؛ وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر، تبيت معهم إذا باتوا، وتقيل معهم إذا قالوا.

المتن:

1592 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ: أَخْبَرنِي عَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَت: كَانُوا يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ وَكَانَ يَوْمًا تُسْتَرُ فِيهِ الْكَعْبَةُ فَلَمَّا فَرَضَ اللَّهُ رَمَضَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ فَلْيَتْرُكْهُ.

الشرح:

1592 يحيى بن بكير الذي في الحديث هو شيخ البخاري رحمه الله، وهناك يحيى بن أبي بكير من شيوخ شيوخ البخاري رحمه الله، وهو أوثق من يحيى بن بكير.

قوله: «وَكَانَ يَوْمًا تُسْتَرُ فِيهِ الْكَعْبَةُ» ، فيه: أنهم في الجاهلية كانوا يعظمون الكعبة بالستور، وكانوا يقومون عليها.

وفيه: بيان معرفة الوقت الذي كانت الكعبة تكسى فيه، وهو يوم عاشوراء من كل سنة؛ ثم بعد ذلك صارت تكسى في يوم النحر، وتكسى من الحرير.

وفيه: أن يوم عاشوراء كان صومه واجبًا قبل فرض رمضان، ثم صار بعد ذلك سُنَّة، ولهذا قال النبي ﷺ: مَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ فَلْيَتْرُكْهُ. ويدل هذا على أنه كان واجبًا قبل رمضان، ثم نسخ الوجوب وبقيت السنية، وقيل: إنه متأكد الاستحباب.

المتن:

1593 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ حَجَّاجٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: لَيُحَجَّنَّ الْبَيْتُ وَلَيُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ.

تَابَعَهُ أَبَانُ وَعِمْرَانُ عَنْ قَتَادَةَ.

وَقَالَ عَبْدُالرَّحْمَنِ: عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لاَ يُحَجَّ الْبَيْتُ وَالأَْوَّلُ أَكْثَرُ سَمِعَ قَتَادَةُ عَبْدَ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ أَبَا سَعِيدٍ.

الشرح:

1593 قوله: «سَمِعَ قَتَادَةُ عَبْدَ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ أَبَا سَعِيدٍ» ، يعني: سمع قتادة عبدَالله بن أبي عتبة، وسمع عبدالله بن أبي عتبة أبا سعيد.

فالطريق الأولى فيها رواية الحجاج بن حجاج عن قتادة، تابع الحجاجَ أبانٌ وعمران عن قتادة وهو الحديث: لَيُحَجَّنَّ الْبَيْتُ وَلَيُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، أما الثانية فهي برواية عبدالرحمن بن مهدي عن شعبة عن قتادة قال: لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لاَ يُحَجَّ الْبَيْتُ.

قوله: «وَالأَْوَّلُ أَكْثَرُ» ، الأول هو رواية الحجاج بن حجاج عن قتادة عن عبدالله بن أبي عتبة عن أبي سعيد الخدري أن النبي ﷺ قال: لَيُحَجَّنَّ الْبَيْتُ وَلَيُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ولا منافاة بين الحديثين.

والجمع بينهما أن البيت يحج بعد أشراط الساعة، ومنها يأجوج ومأجوج، حتى بعد هدم الكعبة يحج البيت، فالمراد المكان، ولهذا يتجه إلى هواء الكعبة، فالذي فوق جبل أبي قبيس مرتفع عن الكعبة، ومع ذلك يستقبل هواء الكعبة، فالعبرة بالهواء والأرض والمكان، فلهذا إذا هدمت في آخر الزمان يصلى إلى الأرض، ثم ينسى بعد ذلك، فإذا قرب ظهور الساعة وقيامها قبضت أرواح المؤمنين والمؤمنات بالريح الطيبة فلا يبقى إلا الكفرة، وحينئذ لا يحج البيت، ثم تقوم الساعة على الكفرة.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «قول البخاري رحمه الله: والأول أكثر، أي لاتفاقهم على هذا اللفظ، وانفراد شعبة بما يخالفهم، وإنما قال ذلك لأن ظاهرهما التعارض؛ لأن المفهوم من الأول أن البيت يحج بعد أشراط الساعة، ومن الثاني أنه لا يحج بعدها، ولكن يمكن الجمع بين الحديثين، فإنه لا يلزم من حج الناس بعد خروج يأجوج ومأجوج أن يمتنع الحج في وقت ما عند قرب ظهور الساعة، ويظهر ـ والله أعلم ـ أن المراد بقوله ليحجن البيت أي مكان البيت، لما سيأتي بعد باب أن الحبشة إذا خربوه لم يعمر بعد ذلك» .

المتن:

باب كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ

1594 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الأَْحْدَبُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: جِئْتُ إِلَى شَيْبَةَ وحَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: جَلَسْتُ مَعَ شَيْبَةَ عَلَى الْكُرْسِيِّ فِي الْكَعْبَةِ فَقَالَ: لَقَدْ جَلَسَ هَذَا الْمَجْلِسَ عُمَرُ فَقَالَ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لاَ أَدَعَ فِيهَا صَفْرَاءَ وَلاَ بَيْضَاءَ إِلاَّ قَسَمْتُهُ قُلْتُ: إِنَّ صَاحِبَيْكَ لَمْ يَفْعَلاَ قَالَ: هُمَا الْمَرْءَانِ أَقْتَدِي بِهِمَا.

الشرح:

1594 قوله: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لاَ أَدَعَ فِيهَا» يعني: في الكعبة.

وقوله: «صَفْرَاءَ» أي: الذهب.

وقوله: «وَلاَ بَيْضَاءَ» أي: الفضة.

وقوله: «إِلاَّ قَسَمْتُهُ» ، يعني: الذي كان يهدى إلى الكعبة من الذهب والفضة لكسوتها أو لإنارتها أو لغير ذلك، فهَمَّ عمر ألا يدع في الكعبة صفراء ولا بيضاء إلا قسمه على المحتاجين.

قوله: «إِنَّ صَاحِبَيْكَ لَمْ يَفْعَلاَ قَالَ: هُمَا الْمَرْءَانِ أَقْتَدِي بِهِمَا» ، يعني: الرسول ﷺ وأبو بكر .

والشاهد من هذا: أن الكعبة كانت تكسى من قديم، وأنه ينفق عليها ويهدى إليها أموال، وأنه يُوقَفُ عليها أموال، وأنه لا بأس بكسوة الكعبة، فالمراد ما كان يهدى إليها ويزيد عن الحاجة، وكانوا يهدون المال إلى الكعبة تعظيمًا لها، فيجتمع عندها شيء من المال، فأراد عمر أن يقسمه، فلما رأى أن النبي ﷺ وأبا بكر لم يفعلا ذلك تركه؛ لأنه رآه بمثابة الوقف عليها.

المتن:

باب هَدْمِ الْكَعْبَةِ

قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ فَيُخْسَفُ بِهِمْ.

1595 حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الأَْخْنَسِ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: كَأَنِّي بِهِ أَسْوَدَ أَفْحَجَ يَقْلَعُهَا حَجَرًا حَجَرًا.

1596 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ.

الشرح:

قوله: «بَابُ هَدْمِ الْكَعْبَةِ» يعني: في آخر الزمان، وهو أحد أشراط الساعة الكبار.

1596 قوله في حديث عائشة رضي الله عنها: يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ فَيُخْسَفُ بِهِمْ، وفي حديث أبي هريرة : يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ، كأنه أشار إلى أن غزو الكعبة سيقع مرتين، مرة يخسف الله بهم ومرة يمكنهم فيهدمونها، كما في حديث عائشة رضي الله عنها: يَغْزُو جَيْشٌ الكَعْبَةَ، فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ، يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ، وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ [(98)].

وفي المرة الأخيرة يغزو جيش الكعبة فيمكنهم الله فيهدمها ذو السويقتين، وكأن ذلك ـ والله أعلم ـ إذا فسد الزمان وضعف الإيمان فينزع القرآن من الصدور ومن المصاحف وتهدم الكعبة.

1595 قوله: كَأَنِّي بِهِ أَسْوَدَ أَفْحَجَ يَقْلَعُهَا حَجَرًا حَجَرًا، الفحج تباعد ما بين الساقين، وفي اللفظ الآخر ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ، يعني: دقيق الساقين، وفي الحديث الآخر قول النبي ﷺ: استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل أن يحال بينكم وبينه، فكأني برجل أصلع أو قال: أصمع حمش الساقين قاعد عليها وهي تهدم [(95)]. والأصلع هو الذي ذهب مقدم رأسه، وفي رواية حديث علي قال: أصمع أصعل [(96)] فالأصلع من ذهب شعر رأسه، والأصعل صغير الرأس، والأصمع صغير الأذنين، وحمش الساقين يعني دقيق الساقين.

كأن الكعبة إنما يهدمها وحده، أما قبل ذلك فإنه يحصل للكعبة، كما جاء في الحديث: ولن يستحل هذا البيت إلا أهله، فإذا استحلوه فلا تسل عن هلكة العرب، ثم تظهر الحبشة، فيخربونه خرابًا لا يعمر بعده أبدًا، وهم الذين يستخرجون كنزه [(97)] وقد حصل للكعبة ما حصل في زمن الحجاج، ضربها بالمنجنيق وهدمها، وفي أيام القرامطة أخذوا الحجر اثنتين وعشرين سنة، ثم رُدَّ إليها، أما الذي يهدمها في آخر الزمان فليس من أهلها ولا من أهل الإسلام.

المتن:

باب مَا ذُكِرَ فِي الْحَجَرِ الأَْسْوَدِ

1597 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الأَْعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى الْحَجَرِ الأَْسْوَدِ فَقَبَّلَهُ فَقَالَ: إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ وَلَوْلاَ أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ.

الشرح:

1597 يبيِّن عمر للناس أنه إنما قَبّل الحجر لا لأنه يضر وينفع، بل تأسيًا بالنبي ﷺ، وكذلك الكعبة أحجار مخلوقة ندور عليها ونطوف بها امتثالاً لأمر الله نرجو ثوابه ونخاف عقابه، وقد أراد عمر أن يزيل ما علق بأذهان بعض الناس من الشرك.

وقد ورد أن الحجر نزل أشد بياضًا من اللبن فسودته خطايا أهل الشرك من بني آدم[(100)]، وأمر إبراهيم أن يضعه مكانه.

وقد روى الحاكم من حديث أبي سعيد أنه لما قال عمر هذا قال له علي بن أبي طالب : «يا أمير المؤمنين إنه يضر وينفع» ، وذكر أن الله لما أخذ المواثيق على ولد آدم كتب ذلك في رق وألقمه الحجر، وفيه يقول رسول الله ﷺ: يؤتى يوم القيامة بالحجر الأسود وله لسان ذلق يشهد لمن استلمه بالتوحيد [(99)], لكن هذا الحديث ضعيف، ففي إسناده أبو هارون العبدي وهو ضعيف، فالمعتمد ما ثبت في الصحيح.

والمشروع هو تقبيل الحجر واستلامه في الطواف في كل شوط من الأشواط، فيشرع استلامه باليد ومسحه وتقبيله بالفم، فإن لم يتيسر استلمه بيده وقبَّلها، فإن لم يتيسر استلمه بعصًا وقبّلها، فإن لم يتيسر أشار بيده وكَبَّر.

المتن:

باب إِغْلاَقِ الْبَيْتِ وَيُصَلِّي فِي أَيِّ نَوَاحِي الْبَيْتِ شَاءَ

1598 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْبَيْتَ هُوَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِلاَلٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ فَلَمَّا فَتَحُوا كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ وَلَجَ فَلَقِيتُ بِلاَلاً فَسَأَلْتُهُ هَلْ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ: نَعَمْ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ.

الشرح:

1598 في الحديث: مشروعية الصلاة داخل الكعبة، والتكبير في نواحيها، وأن هذا مستحب لمن تيسر له وليس بلازم، وليس هذا متعلقًا بمناسك الحج؛ فالحج صحيح ولو لم يدخل الإنسان الكعبة.

قوله: «كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ وَلَجَ فَلَقِيتُ بِلاَلاً فَسَأَلْتُهُ هَلْ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ: نَعَمْ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ» . كان ابن عمر رضي الله عنهما حريصًا على الاقتداء بالنبي ﷺ فكان واقفًا عند باب الكعبة، فلما فتحوا كان أول من دخل، فسأل فأخبر أن رسول الله ﷺ صلى بين العمودين اليمانيين، وفي اللفظ الآخر: «حتى يكون بينه وبين الجدار الذي قِبل وجهه قريبًا من ثلاثة أذرع صلى» [(101)].

وسيأتي في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه نفى أن النبي ﷺ صلَّى لكنه كبر في نواحيه[(102)]، لكن المثبت مقدَّم على النافي، والقاعدة أن من حفظ حجة على من لم يحفظ، ومن أثبت حجة على من نفى.

المتن:

باب الصَّلاَةِ فِي الْكَعْبَةِ

1599 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْكَعْبَةَ مَشَى قِبَلَ الْوَجْهِ حِينَ يَدْخُلُ وَيَجْعَلُ الْبَابَ قِبَلَ الظَّهْرِ يَمْشِي حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ الَّذِي قِبَلَ وَجْهِهِ قَرِيبًا مِنْ ثَلاَثِ أَذْرُعٍ فَيُصَلِّي يَتَوَخَّى الْمَكَانَ الَّذِي أَخْبَرَهُ بِلاَلٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى فِيهِ وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَأْسٌ أَنْ يُصَلِّيَ فِي أَيِّ نَوَاحِي الْبَيْتِ شَاءَ.

الشرح:

1599 في الحديث: مشروعية الصلاة في داخل الكعبة، وأنه سنة ومستحب، وإذا لم يتيسر صلَّى في الحِجْر؛ لأن الحِجْر جزء منها ستة أذرع ونصف من الكعبة، وهذا في صلاة النافلة، أما صلاة الفريضة فالجمهور على أنها لا تصح داخل الكعبة؛ لأنه لابد أن يستقبلها كلها ولا يترك شيئًا منها خلف ظهره، وكذلك فوق ظهر الكعبة لا تصح فيه الفريضة عند جمهور العلماء.

وفيه: فضل ابن عمر رضي الله عنهما وأنه كان يتوخى المكان الذي صلَّى فيه النبي ﷺ فيصلي فيه.

وقد أخذ أهل العلم من الحديث أن المسافة التي تكون بين الرجل وبين السترة ثلاثة أذرع، فإذا مرَّ أحدهم أمامك وبينك وبين القبلة أكثر من ثلاثة أذرع فلا حرج، وأما أقل من ثلاثة أذرع فإنك ترده؛ لأنه مار من بين يديك.

المتن:

باب مَنْ لَمْ يَدْخُلْ الْكَعْبَةَ

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَحُجُّ كَثِيرًا وَلاَ يَدْخُلُ.

1600 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَهُ مَنْ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْكَعْبَةَ؟ قَالَ: لاَ.

الشرح:

قوله: «وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَحُجُّ كَثِيرًا وَلاَ يَدْخُلُ» المراد أن دخول الكعبة لا يؤثر في الحج، وهو ليس من واجبات الحج ولا من سننه، وكذلك العمرة؛ فإذا حج الإنسان أو اعتمر ولم يدخل الكعبة فليس عليه شيء ولم يترك سنة من سنن الحج ولا من سنن العمرة، وليس في حجه أو عمرته نقص.

1600 قوله: «اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ» فيه: مشروعية صلاة ركعتين لكل طواف خلف المقام، وهذه هي السنة، وإن صلاهما في أي مكان فلا حرج، والطواف لا يكون إلا سبعة أشواط.

قوله: «وَمَعَهُ مَنْ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ» خوفًا عليه من المشركين؛ لأن هذا كان في عمرة القضاء وهي العمرة التي قاضى النبي ﷺ المشركين وصالحهم على أن يرجع في غزوة الحديبية ويعود للعمرة في العام التالي.

وفيه: جواز حراسة الملك والأمير إذا خيف عليه.

وكان المغيرة بن شعبة في صلح الحديبية واقفًا على رأس النبي ﷺ يحرسه، ولما مد عروة بن مسعود الثقفي يده إلى لحية النبي ﷺ؛ ضرب المغيرة يده بنعل السيف، وقال: أخِّر يدك عن لحية رسول الله ﷺ[(103)]؛ فدل على أنه لا حرج في الحراسة إذا دعت الحاجة.

قوله: «فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْكَعْبَةَ؟ قَالَ: لاَ» سبق في الترجمة السابقة أن بلالاً أخبر ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ دخل الكعبة، وفي هذا الحديث نفى عبدالله بن أبي أوفي دخول الكعبة، والقاعدة في هذا عند أهل العلم أن المُثْبِت مقدَّم على النافي؛ فعبدالله بن أبي أوفى ظن أن النبي ﷺ لم يدخل الكعبة، ولهذا نفى، لكن بلالاً أثبته في حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق.

والصواب: أنه ﷺ دخل الكعبة وصلَّى فيها وكبَّر في نواحيها، ولكن لم يفعل هذا ﷺ في حجة الوداع، وإنما فعل هذا في غزوة الفتح، والحكمة ـ والله أعلم ـ حتى لا يشق على الأمة؛ لأنه لو دخل في حجة الوداع للزم الناس أن يتأسوا به فيدخلوا الكعبة فتحصل لهم مشقة، ولهذا لم يدخل الكعبة ﷺ في حجة الوداع.

المتن:

باب مَنْ كَبَّرَ فِي نَوَاحِي الْكَعْبَةِ

1601 حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا قَدِمَ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ وَفِيهِ الآْلِهَةُ فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ فَأَخْرَجُوا صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ فِي أَيْدِيهِمَا الأَْزْلاَمُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَمَا وَاللَّهِ قَدْ عَلِمُوا أَنَّهُمَا لَمْ يَسْتَقْسِمَا بِهَا قَطُّ فَدَخَلَ الْبَيْتَ فَكَبَّرَ فِي نَوَاحِيهِ وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ.

الشرح:

1601 قوله: «الآلهة» يعني: الأصنام.

قوله: «الأزلام» أقداحٌ كانت معروفة في الجاهلية، وكانوا إذا أرادوا سفرًا أو زواجًا أو شيئًا يستقسمون بها، فيجعلون الأقداح ثلاثة: قدحًا مكتوبًا عليه افعل، وقدحًا مكتوبًا عليه لا تفعل، وقدحًا غُفْلاً؛ فيديرونها فإذا خرج افعل مضوا إلى سبيلهم، وإذا خرج لا تفعل أحجموا، وإذا خرج الثالث الغفل أعادوا الكرة مرة أخرى.

قوله: «فدخل البيت فكبَّر في نواحيه ولم يصلِّ فيه» هذا كلام ابن عباس رضي الله عنهما، لكن سبق في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ صلى في البيت وجعل بينه وبين الجدار الغربي ثلاثة أذرع[(104)]؛ فحديث ابن عمر رضي الله عنهما أثبت الصلاة، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما نفاها، والقاعدة أن المثبت مقدَّم على النافي، والنبي ﷺ لم يدخل البيت إلا مرة واحدة في غزوة الفتح، وهذا يدل على أن دخول البيت مستحب، ولكن ليس متأكدًا، ولما سألت عائشة رضي الله عنها النبي ﷺ عن الصلاة في البيت قال: صَلِّي فِي الحِجْرِ إِنْ أَرَدْتِ دُخُولَ البَيْتِ، فَإِنَّمَا هُوَ قِطْعَةٌ مِنَ البَيْتِ [(105)].

المتن:

باب كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الرَّمَلِ

1602 حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ وَقَدْ وَهَنَهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَرْمُلُوا الأَْشْوَاطَ الثَّلاَثَةَ وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الأَْشْوَاطَ كُلَّهَا إِلاَّ الإِْبْقَاءُ عَلَيْهِمْ.

الشرح:

قوله: «بَابُ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الرَّمَلِ» . كان بدء الرمل في عمرة القضية أو عمرة القضاء، والرَّمَل هو إسراع المشي مع مقاربة الخطى، ويقال له الخبب، وهو مشروع في الأشواط الثلاثة الأولى من أول طواف يقدمه بالبيت من حج أو عمرة، وليس سنة في طواف الوداع ولا في طواف الإفاضة؛ فالرمل مشروع في الأشواط الثلاثة فقط، أما الأشواط الأربعة فليس فيها رمل.

وهناك سنة ثانية وهي الاضطباع، والاضطباع معناه كشف الكتف الأيمن بأن يجعل وسط ردائه تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر فيكون الكتف مكشوفًا، والاضطباع مشروع.

1602 أمرهم النبي ﷺ أن يرملوا في الأشواط الثلاثة الأولى وأن يمشوا ما بين الركنين؛ يعني: يسرعوا من حين يتجاوزوا الحجر الأسود حتى ينتهوا إلى الركن اليماني ثم يمشون، والنبي ﷺ أمرهم أن يظهروا القوة والجلد بعدما قالت قريش بأنه وأصحابه قد وهنتهم حمى يثرب فلن يقدروا أن يمشوا؛ فإذا هم يرملون كالغزلان، فإذا تجاوزوهم بين الركنين صاروا يمشون، والنبي ﷺ أمرهم أن يمشوا رفقًا بهم، وهذا في عمرة القضاء، ثم في حجة الوداع أمرهم النبي ﷺ أن يرملوا الشوط كله من الركن إلى الركن، واستقرت الشريعة على هذا، وأن الرمل مشروع من أول الشوط إلى آخره في الثلاثة الأشواط الأُول.

وإذا انتهى من الطواف سوَّ الرداء على كتفيه، ثم يصلي ركعتين خلف المقام، أما من يضطبع في جميع أوقاته من حين أن يحرم حتى يحل من إحرامه، فتجده في منى مضطبعًا، وفي عرفة مضطبعًا، وفي طواف الوداع مضطبعًا، وفي طواف الإفاضة مضطبعًا؛ فهذا إضاعة للسنة، فالسنة أن الاضطباع خاص بالأشواط السبعة الأولى التي يقدم بها مكة، سواء لحج أو عمرة، أما طواف الإفاضة، وطواف الوداع، فليس فيهما اضطباع.

المتن:

باب اسْتِلاَمِ الْحَجَرِ الأَْسْوَدِ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ وَيَرْمُلُ ثَلاَثًا

1603 حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الأَْسْوَدَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ يَخُبُّ ثَلاَثَةَ أَطْوَافٍ مِنْ السَّبْعِ.

الشرح:

1603 في الحديث: مشروعية الخبب ـ وهو الرَمَل ـ وهو مشروع في الأشواط الثلاثة الأولى من الطواف الأول الذي يقدم به مكة، أما لو كان هناك زحام ولا يستطيع أن يرمل إلا إذا بعد عن الكعبة، فالمشروع طوافه مع الرمل وإن بعد من الكعبة؛ فإن القاعدة أن المحافظة على سنة تتعلق بذات العبادة أولى من المحافظة على سنة تتعلق بمكان العبادة؛ فالرمل سنة تتعلق بذات العبادة وهو الطواف، وأما القرب من الكعبة فهو سنة تتعلق بمكان العبادة.

ومن الأمثلة التي تتضح بها هذه القاعدة قول النبي ﷺ: مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ [(106)] فالصلاة في الروضة الشريفة ما بين بيته ومنبره ﷺ فيها فضل، لكن عثمان وَسّع المسجد وزاد الصفوف الأولى أمام الروضة؛ فإذا جاء إنسان يصلي وقال: أيهما أفضل أن أصلي الفريضة في الروضة أو أصليها خلف الإمام في الصف الأول؟ نقول: إذا صليت في الصف الأول خلف الإمام حافظت على سنة تتعلق بذات العبادة، وإذا صليت في الروضة حافظت على سنة تتعلق بمكان العبادة، والمحافظة على سنة تتعلق بذات العبادة مقدَّم على المحافظة على سنة تتعلق بمكان العبادة؛ ولهذا كان الصحابة يصلون خلف عثمان فيقفون في الصفوف الأول ويتركون الروضة ويرون أنهم حازوا الأجر.

فالفريضة تصليها خلف الإمام، والنافلة تصليها في الروضة.

المتن:

باب الرَّمَلِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ

1604 حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَعَى النَّبِيُّ ﷺ ثَلاَثَةَ أَشْوَاطٍ وَمَشَى أَرْبَعَةً فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.

تَابَعَهُ اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ ﷺ.

الشرح:

1604 في الحديث: مشروعية الرمل والخبب في الأشواط الثلاثة الأولى فقط في أول طواف يقدم فيه مكة من حج أو عمرة، أما طواف الإفاضة وطواف الوداع فليس فيه رمل، وكذلك لا يشرع الرمل للنساء بل هو خاص بالرجال.

المتن:

1605 حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: لِلرُّكْنِ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ وَلَوْلاَ أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ اسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ قَالَ: فَمَا لَنَا وَلِلرَّمَلِ إِنَّمَا كُنَّا رَاءَيْنَا بِهِ الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ أَهْلَكَهُمْ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ: شَيْءٌ صَنَعَهُ النَّبِيُّ ﷺ فَلاَ نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ.

الشرح:

1605 قوله: «أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ وَلَوْلاَ أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ اسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ فَاسْتَلَمَهُ» . يعني: إنما استلمه تأسيًا، لا لأنه يضر وينفع.

قوله: «فَمَا لَنَا وَلِلرَّمَلِ إِنَّمَا كُنَّا رَاءَيْنَا بِهِ الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ أَهْلَكَهُمْ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ: شَيْءٌ صَنَعَهُ النَّبِيُّ ﷺ فَلاَ نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ» . الرمل هو الخبب والإسراع في المشي؛ يعني أن النبي ﷺ أمرهم أن يُظهروا للمشركين أنهم أقوياء، فكانوا يرملون، والمشركون كانوا خلف الحِجْر يشاهدونهم، فإذا اختفوا ما بين الركنين صاروا يمشون تخفيفًا عليهم، ثم لما أهلك الله المشركين أراد عمر أن يدعه ثم استدرك فقال: «شَيْءٌ صَنَعَهُ النَّبِيُّ ﷺ فَلاَ نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ» يعني: أنه قد استقرت الشريعة على مشروعية الرمل في الطواف الأول في الحج أو العمرة إلى يوم القيامة، ولو لم يكن هناك مشركون؛ وأن أصل المشروعية أن يري المسلمون المشركين أنهم أقوياء.

المتن:

1606 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: مَا تَرَكْتُ اسْتِلاَمَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ فِي شِدَّةٍ وَلاَ رَخَاءٍ مُنْذُ رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَسْتَلِمُهُمَا قُلْتُ لِنَافِعٍ: أَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمْشِي بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ؟ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَمْشِي لِيَكُونَ أَيْسَرَ لاِسْتِلاَمِهِ.

الشرح:

1606 في الحديث: اجتهاد ابن عمر رضي الله عنهما فإنه كان يزاحم على استلام الحجر والركن اليماني ولا يتركهما في شدة ولا رخاء، حتى إنه ربما كان يدمى، والأمر فيه سعة.

والصواب: أنه إذا لم يتيسر استلامه فلا حرج، والنبي ﷺ ما كان يستلمه دائمًا فربما استلمه بالمحجن، وربما أشار إليه، أما فعل ابن عمر رضي الله عنهما فهذا اجتهاد منه، والمجتهد يخطئ ويصيب.

والصواب: أنه لا تشرع المزاحمة؛ فإن كان في سعة استلمه، وإن لم يكن في سعة أشار إليه وكبر، والحمد لله .

المتن:

باب اسْتِلاَمِ الرُّكْنِ بِالْمِحْجَنِ

1607 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالاَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: طَافَ النَّبِيُّ ﷺ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ.

تَابَعَهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ.

الشرح:

1607 في الحديث: مشروعية استلام الركن بالمحجن أو العصا.

ولاستلام الركن أحوال:

الحال الأولى: أن يستطيع استلامه بيده، والاستلام معناه مسحه؛ فيمسحه بيده اليمنى، ويقبله بشفتيه من دون صوت.

الحال الثانية: ألا يستطيع التقبيل لكنه يستطيع استلامه بيده؛ ففي هذه الحالة يستلمه بيده، ويقبل يده.

الحال الثالثة: ألا يستطيع استلامه بيده؛ فإنه يستلمه بعصًا.

الحال الرابعة: ألا يستطيع استلامه بعصًا؛ فيشير إليه وهو يمشي ويكبِّر ولا يقف.

المتن:

باب مَنْ لَمْ يَسْتَلِمْ إِلاَّ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ

1608 وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ أَنَّهُ قَالَ: وَمَنْ يَتَّقِي شَيْئًا مِنْ الْبَيْتِ.

وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَلِمُ الأَْرْكَانَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: إِنَّهُ لاَ يُسْتَلَمُ هَذَانِ الرُّكْنَانِ فَقَالَ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْبَيْتِ مَهْجُورًا.

وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما يَسْتَلِمُهُنَّ كُلَّهُنَّ.

1609 حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما قَالَ: لَمْ أَرَ النَّبِيَّ ﷺ يَسْتَلِمُ مِنْ الْبَيْتِ إِلاَّ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ.

الشرح:

1608 في الحديث: أن معاوية لما حج استلم الأركان الأربعة؛ الركن اليماني والركن الأسود والركن الشامي والركن العراقي، ولما أنكر عليه ابن عباس رضي الله عنهما استلام الركنين الشامي والعراقي اللذين يليان الحِجْر، أخبره معاوية بأنه ليس شيء من البيت مهجورًا، وفي رواية أن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزَاب: 21]، ولم أر النبي ﷺ يستلم إلا الركنين اليمانيين، قال معاوية : صدقت، ورجع إلى قوله[(107)]، وهذه منقبة لمعاوية حيث قبل الحق من ابن عباس رضي الله عنهما فصار لا يستلم إلا الركنين اليمانيين.

قوله: «وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما يَسْتَلِمُهُنَّ كُلَّهُنَّ» يعني الأركان الأربعة كلها؛ لأن ابن الزبير رضي الله عنهما لما هدم الكعبة وأدخل الحِجْر صار البيت مبنيًّا على قواعد إبراهيم ، وأما كون النبي ﷺ لم يستلم إلا الركنين اليمانيين فهذا لأن قريشًا أخرجت الحِجْر، فلم يعد البيت على قواعد إبراهيم .

1609 قوله: «لَمْ أَرَ النَّبِيَّ ﷺ يَسْتَلِمُ مِنْ الْبَيْتِ إِلاَّ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ» ، لأنهما على قواعد إبراهيم ، أما الركنان الشامي والعراقي فقد أخرجا ولم يتمما على قواعد إبراهيم، لما بنته قريش في الجاهلية لقلة النفقة، ثم بناها ابن الزبير على قواعد إبراهيم فأدخل الحجر، ثم في عهد عبدالملك بن مروان، وقد أرسل أميره الحجاج بن يوسف الثقفي الذي كان على العراق فهدم الكعبة بالمنجنيق، وقتل ابن الزبير رضي الله عنهما، ثم أعاد بناء الكعبة على ما بنيت عليه في الجاهلية.

المتن:

باب تَقْبِيلِ الْحَجَرِ

1610 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا وَرْقَاءُ أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ  قَبَّلَ الْحَجَرَ وَقَالَ: لَوْلاَ أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَبَّلَكَ مَا قَبَّلْتُكَ.

1611 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ اسْتِلاَمِ الْحَجَرِ فَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ قَالَ: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ زُحِمْتُ أَرَأَيْتَ إِنْ غُلِبْتُ قَالَ: اجْعَلْ أَرَأَيْتَ بِالْيَمَنِ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ.

الشرح:

1610 في حديث عمر بيَّن أن تقبيل الحجر كان تأسيًا بالنبي ﷺ، ولولا ذلك ما قبله.

1611 كان ابن عمر رضي الله عنهما يستلم الحجر ويقبِّله ويقول: رأيت النبي ﷺ يفعله، فاعترض عليه رجل كان يمانيًّا فقال: «أَرَأَيْتَ إِنْ زُحِمْتُ أَرَأَيْتَ إِنْ غُلِبْتُ قَالَ: اجْعَلْ أَرَأَيْتَ بِالْيَمَنِ» ، يعني اترك الاعتراضات ولا تعترض، فقبَّله.

فقوله: «اجْعَلْ أَرَأَيْتَ بِالْيَمَنِ» ، يعني: لا تعترض، هذه سنة ثابتة، كان النبي ﷺ يقبِّله وعليك أن تقبل، وكان ابن عمر رضي الله عنهما شديد المحافظة على السنة والتأسي بالنبي ﷺ فكان لا يدع استلام الحجر ويزاحم ويقول: «ما تركت استلام هذين الركنين في شدة ولا رخاء منذ رأيت النبي ﷺ يستلمهما» [(108)].

والصواب: أن الأفضل في الزحام ترك الاستلام والاكتفاء بالإشارة، كما كان النبي ﷺ يفعل، وأما ما فعله ابن عمر رضي الله عنهما فهذا من اجتهاده، وكان ابن عمر رضي الله عنهما له اجتهادات قد يكون الصواب خلافها.

المتن:

مَنْ أَشَارَ إِلَى الرُّكْنِ إِذَا أَتَى عَلَيْهِ

1612 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: طَافَ النَّبِيُّ ﷺ بِالْبَيْتِ عَلَى بَعِيرٍ كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ.

الشرح:

1612 في الحديث: مشروعية الإشارة إلى الركن عند محاذاته في الطواف إن لم يتيسر استلامه.

وفيه: أن استلام الركن ليس بواجب بل مستحب.

وفيه: جواز الطواف راكبًا أو محمولا على عربة أو ما أشبه ذلك عند الحاجة إذا تعذر المشي كالمريض وكبير السن.

ولا يحتاج للوقوف، بل يشير إليه وهو ماش في الطواف، قائلا بسم الله والله أكبر، وما يفعله بعض الناس الآن من كونهم يقفون مقابل الركن ويكبِّرون عدة تكبيرات ويعطلون الطواف، فهذا لا أصل له.

المتن:

باب التَّكْبِيرِ عِنْدَ الرُّكْنِ

1613 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: طَافَ النَّبِيُّ ﷺ بِالْبَيْتِ عَلَى بَعِيرٍ كُلَّمَا أَتَى الرُّكْنَ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ كَانَ عِنْدَهُ وَكَبَّرَ.

تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ.

الشرح:

1613 في الحديث: مشروعية الإشارة إلى الركن والتكبير عند محاذاته في الطواف في كل شوط؛ أما الركن اليماني فإنه يستلمه ويكبِّر، وإذا لم يقدر على استلامه لا يشير إليه ولا يكبِّر على الصحيح، والركن اليماني ليس فيه تقبيل.

المتن:

باب مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا

1614، 1615 حَدَّثَنَا أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ ذَكَرْتُ لِعُرْوَةَ قَالَ فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ رضي الله عنها: أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثُمَّ طَافَ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما مِثْلَهُ ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي الزُّبَيْرِ فَأَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَْنْصَارَ يَفْعَلُونَهُ وَقَدْ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا أَهَلَّتْ هِيَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ وَفُلاَنٌ وَفُلاَنٌ بِعُمْرَةٍ فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا.

الشرح:

هذه الترجمة معقودة لبيان أن الأفضل إذا قدم مكة أن يطوف بالبيت قبل ذهابه إلى بيته، وإن ذهب إلى بيته لوضع بعض حوائجه قبل الطواف فلا بأس كما كان النبي ﷺ إذا قدم مكة بات بذي طوى حتى يصبح ثم يغتسل ويطوف، فإذا تيسر له الطواف بالبيت أولاً فعل قبل أن يضع حوائجه وثيابه، وإن لم يتيسر له لشغله بحوائجه، فإنه يضع حوائجه ثم يأتي ويطوف بالبيت.

1614، 1615 قوله: «أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثُمَّ طَافَ» . استدل به جمهور العلماء على أن الوضوء شرط لصحة الطواف، ويؤيده الحديث المرفوع: الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه المنطق [(109)]، وروي موقوفًا عن ابن عباس رضي الله عنهما.

وذهب بعض العلماء إلى أن الطواف لا تشترط له الطهارة بل هو سنة، وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله[(110)]، وقال آخرون من أهل العلم إن الطهارة واجبة تجبر بدم.

والذي عليه الفتوى الآن أن الوضوء شرط، وأن الطواف لا يصح إلا بالوضوء؛ لأن النبي ﷺ توضأ ثم طاف.

قوله: «ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً» أي: لم تحصل العمرة بطوافه بالبيت كما يزعمه ابن عباس رضي الله عنهما أن من طاف بالبيت حلَّ شاء أم أبى؛ لأن التمتع واجب عنده أخذًا من أمر النبي ﷺ للصحابة .

فالذي يهلُّ بالحج مفردًا أو قارنًا إذا طاف بالبيت يكون طوافه طواف القدوم، ويبقى محرمًا، ولهذا أردفه بحديث ابن عمر رضي الله عنهما بعده، ولهذا احتج عروة بفعل النبي ﷺ وبفعل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

قوله: «فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا» . هذا مجمل تفسِّره الأحاديث المفصلة، والتقدير: فلما مسحوا الركن وأتموا طوافهم وسعيهم وحلقوا حلُّوا؛ لأن الأحاديث يفسر بعضها بعضًا، كما أن الآيات يفسر بعضها بعضًا، وهذا التقدير مأخوذ من الأحاديث الأخرى.

المتن:

1616 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسٌ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا طَافَ فِي الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ سَعَى ثَلاَثَةَ أَطْوَافٍ وَمَشَى أَرْبَعَةً ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

الشرح:

1616 في الحديث: مشروعية الخبب والرمل في الأشواط الثلاثة الأولى.

وقوله: «ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ» ، يعني: صلى ركعتين خلف المقام، وهما ركعتا الطواف.

المتن:

1617 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الأَْوَّلَ يَخُبُّ ثَلاَثَةَ أَطْوَافٍ وَيَمْشِي أَرْبَعَةً وَأَنَّهُ كَانَ يَسْعَى بَطْنَ الْمَسِيلِ إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

الشرح:

1617 في الحديث: مشروعية الرمل والخبب في الأشواط الثلاثة الأولى، ومشروعية السعي في بطن المسيل في الوادي بين الصفا والمروة، وهو الآن الذي جعل فيه العلمان الأخضران، فيهرول إذا انصبت قدماه ببطن الوادي.

وقوله: «يَخُبُّ» يعني: يسرع حتى إنه يدور به ﷺ إزاره من خببه، فالإسراع بين العلمين مستحب ليس بواجب، وهو للرجال خاصة.

وأصل المشروعية أن أم إسماعيل لما تركت ابنها، كانت تمشي من الصفا إلى المروة، فإذا انصبت قدماها في بطن الوادي سعت سعي المجهود، ثم إذا تعبت صارت تمشي حتى تعود، وفعلت هذا سبع مرات فجاءت السنة به.

المتن:

باب طَوَافِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ

1618 وقَالَ لِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنَا قَالَ: أَخْبَرنِي عَطَاءٌ إِذْ مَنَعَ ابْنُ هِشَامٍ النِّسَاءَ الطَّوَافَ مَعَ الرِّجَالِ قَالَ: كَيْفَ يَمْنَعُهُنَّ وَقَدْ طَافَ نِسَاءُ النَّبِيِّ ﷺ مَعَ الرِّجَالِ؟ قُلْتُ أَبَعْدَ الْحِجَابِ أَوْ قَبْلُ؟ قَالَ إِي لَعَمْرِي لَقَدْ أَدْرَكْتُهُ بَعْدَ الْحِجَابِ قُلْتُ: كَيْفَ يُخَالِطْنَ الرِّجَالَ؟ قَالَ: لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ كَانَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها تَطُوفُ حَجْرَةً مِنْ الرِّجَالِ لاَ تُخَالِطُهُمْ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: انْطَلِقِي نَسْتَلِمْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: عَنْكِ وَأَبَتْ يَخْرُجْنَ مُتَنَكِّرَاتٍ بِاللَّيْلِ فَيَطُفْنَ مَعَ الرِّجَالِ وَلَكِنَّهُنَّ كُنَّ إِذَا دَخَلْنَ الْبَيْتَ قُمْنَ حَتَّى يَدْخُلْنَ وَأُخْرِجَ الرِّجَالُ وَكُنْتُ آتِي عَائِشَةَ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهِيَ مُجَاوِرَةٌ فِي جَوْفِ ثَبِيرٍ قُلْتُ: وَمَا حِجَابُهَا؟ قَالَ: هِيَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ لَهَا غِشَاءٌ وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا غَيْرُ ذَلِكَ وَرَأَيْتُ عَلَيْهَا دِرْعًا مُوَرَّدًا.

الشرح:

هذه الترجمة في طواف النساء مع الرجال، والمؤلف لم يجزم بالحكم على عادته في المسائل المختلف فيها؛ فهل يختلطن بالرجال أو ينفردن أو يطفن معهم على حدة؟

إذا طاف النساء مع الرجال فلا يجوز الاختلاط بهم، لكن لا يمكن أن ينفردن وحدهن، وإنما يكون الأمر الثالث وهو أن يطفن على حدة من وراء الناس في حاشية المطاف، وهذا هو السنة، فالرجال يلون الكعبة والنساء من ورائهم، ويتحيَّنَّ الأوقات المناسبة، وكان في الأول النساء يتحيَّنَّ الليل.

ولهذا قال العلماء إنه يستحب للمرأة الجميلة أن تؤخر الطواف إلى الليل لأجل أن لا تُشَاهَد، والآن صار الليل أشد من النهار، فالطريقة الأحسن في هذا أنها تطوف في وسط الليل أو في الضحى، لكن المشاهد الآن بسبب جهل الكثير أن يأتي بعض الناس بامرأته في أوقات الصلاة والناس صفوف للصلاة فتختلط النساء بالرجال ويحصل عنت عظيم، حتى إن بعض النساء لا تستطيع أن تخرج وتبقى في وسط الرجال، فلو تحين الإنسان الفرصة وأتى بها في وقت غير وقت الصلاة فهو أفضل.

1618 الذي فعله ابن هشام من منع النساء الطواف مع الرجال لا وجه له لأمرين:

أحدهما: أن نساء النبي ﷺ طفن مع الرجال في حجة الوداع.

الثاني: أن الإنسان قد يضطر للطواف مع امرأته فتطوف ناحيةً من الرجال.

وينبغي نصح النساء، وتوجيههم إلى الخير، وأمرهن بالتستر وعدم التبرج، لكن لا يمكن منع النساء من الطواف، إلا أنهن يتحيَّنَّ الأوقات المناسبة.

قوله: «أَبَعْدَ الْحِجَابِ أَوْ قَبْلُ؟» يعني: هل طاف النساء مع الرجال في عهد النبي ﷺ قبل الحجاب أم بعده؟

قوله: «كَانَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها تَطُوفُ حَجْرَةً مِنْ الرِّجَالِ لاَ تُخَالِطُهُمْ» ، يعني: في ناحية، إذا كانت في حاشية من النساء، وكانت للنساء حاشية، وكان ذلك إلى عهد قريب، وكان يجعل في المطاف أناس يجعلون النساء في حاشية المطاف، ثم بعد ذلك كثر الزحام.

قوله: «فَقَالَتْ امْرَأَةٌ:» قيل: إنها مولاة لعائشة رضي الله عنها.

قوله: «يَخْرُجْنَ مُتَنَكِّرَاتٍ بِاللَّيْلِ فَيَطُفْنَ مَعَ الرِّجَالِ» . وهذا من تحيُّن الفرصة في الليل.

قوله: «مُجَاوِرَةٌ فِي جَوْفِ ثَبِيرٍ» يعني: مقيمة في جوف ثبير، وهو جبل مشهور في المزدلفة، وهناك جبال أخرى تسمى ثبير غير الذي بالمزدلفة.

قوله: «وَرَأَيْتُ عَلَيْهَا دِرْعًا مُوَرَّدًا» يعني: جلبابًا لونه من الورد، وكان عطاء رحمه الله في ذلك الوقت صغيرًا، ولهذا شاهد عائشة رضي الله عنها.

المتن:

1619 حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنِّي أَشْتَكِي فَقَالَ: طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَئِذٍ يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ وَهُوَ يَقْرَأُ: وَالطُّورِ ۝ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ [الطُّور: 1-2].

الشرح:

قوله: «فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَئِذٍ يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ وَهُوَ يَقْرَأُ: وَالطُّورِ ۝ ​​​​​​​وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ [الطُّور: 1-2].» فطافت أم سلمة رضي الله عنها والنبي ﷺ يصلي بالناس صلاة الفجر في الرابع عشر من ذي الحجة عام حجة الوداع، حيث طاف طواف الوداع قبيل الفجر ثم أدركته الصلاة فصلى بالناس وقرأ سورة الطور، ثم رجع قافلاً إلى المدينة.

1619 قوله: طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ أمرها أن تطوف من وراء الناس ليكون أستر لها، ولئلا تقطع صفوفهم، ولا يتأذون بدابتها لأنها راكبة.

قوله: وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ فيه: دليل على مشروعية الركوب في الطواف للمعذور، وأما طواف الراكب بغير عذر ففيه خلاف، وقد ثبت أن النبي ﷺ كان يطوف فلما غشاه الناس ركب على بعيره، فجعل يطوف ويستلم الركن بمحجن.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد