شعار الموقع

شرح كتاب الوكالة من صحيح البخاري (40-2) من باب وَكَالَةُ الشَّرِيكِ الشَّرِيكَ فِي الْقِسْمَةِ وَغَيْرِهَا - إلى باب إِذَا وَهَبَ شَيْئًا لِوَكِيلٍ أَوْ شَفِيعِ قَوْمٍ جَازَ

00:00
00:00
تحميل
112

المتن:

(40)كِتَاب الْوَكَالَةِ

باب وَكَالَةُ الشَّرِيكِ الشَّرِيكَ فِي الْقِسْمَةِ وَغَيْرِهَا

وَقَدْ أَشْرَكَ النَّبِيُّ ﷺ عَلِيًّا فِي هَدْيِهِ ثُمَّ أَمَرَهُ بِقِسْمَتِهَا.

2299 حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِجِلاَلِ الْبُدْنِ الَّتِي نُحِرَتْ وَبِجُلُودِهَا.

2300 حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ فَبَقِيَ عَتُودٌ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: ضَحِّ بِهِ أَنْتَ.

الشرح:

الوكالة في اللغة معناها: التفويض والحفظ، وهي بفتح الواو وكسرها، تقول: وكَّلت فلانًا إذا استحفظته، ووكلت الأمر إليه - بالتخفيف - أي: فوضت الأمر إليه.

وأما معنى الوكالة شرعًا فهي: إقامة الشخص غيره مقام نفسه مطلقًا في كل شيء، أو مقيدًا في بعض الأمور.

فقد تكون وكالة عامة، وقد تكون وكالة في شيء دون شيء.

قوله: «وَقَدْ أَشْرَكَ النَّبِيُّ ﷺ عَلِيًّا فِي هَدْيِهِ ثُمَّ أَمَرَهُ بِقِسْمَتِهَا» وهذه وكالة من الشريك لشريكه، فالشريك له أن يوكل شريكه في قسمة الشركة التي بينهما أو في غيرها، والنبي ﷺ أشرك عليًّا في هديه في حجة الوداع، ثم أمره بقسمتها.

2299 قوله: «قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِجِلاَلِ الْبُدْنِ الَّتِي نُحِرَتْ وَبِجُلُودِهَا» وهذه وكالة، والجلال: ما تُلْبَسُه الإبل؛ لتصان به.

2300 قوله: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ» فهذه وكالة من النبي ﷺ.

قوله: «فَبَقِيَ عَتُودٌ» العتود: هو الصغير من الماعز إذا قوي، وقيل: إذا مضى عليه الحول، والشاهد للترجمة أنه شريك، وقد تولى القسمة بينهم بوكالة النبي ﷺ له.

المتن:

باب إِذَا وَكَّلَ الْمُسْلِمُ حَرْبِيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ جَازَ

2301 حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثنِي يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَبْدِالرَّحْمَنِ ابْنِ عَوْفٍ ، قَالَ: كَاتَبْتُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كِتَابًا بِأَنْ يَحْفَظَنِي فِي صَاغِيَتِي بِمَكَّةَ، وَأَحْفَظَهُ فِي صَاغِيَتِهِ بِالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا ذَكَرْتُ الرَّحْمَنَ قَالَ: لاَ أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ، كَاتِبْنِي بِاسْمِكَ الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَاتَبْتُهُ عَبْدَ عَمْرٍو، فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْمِ بَدْرٍ خَرَجْتُ إِلَى جَبَلٍ لأُِحْرِزَهُ حِينَ نَامَ النَّاسُ، فَأَبْصَرَهُ بِلاَلٌ، فَخَرَجَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَجْلِسٍ مِنْ الأَْنْصَارِ، فَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ: لاَ نَجَوْتُ إِنْ نَجَا أُمَيَّةُ؛ فَخَرَجَ مَعَهُ فَرِيقٌ مِنْ الأَْنْصَارِ فِي آثَارِنَا، فَلَمَّا خَشِيتُ أَنْ يَلْحَقُونَا خَلَّفْتُ لَهُمْ ابْنَهُ؛ لأَِشْغَلَهُمْ، فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَبَوْا حَتَّى يَتْبَعُونَا، وَكَانَ رَجُلاً ثَقِيلاً، فَلَمَّا أَدْرَكُونَا، قُلْتُ لَهُ: ابْرُكْ؛ فَبَرَكَ؛ فَأَلْقَيْتُ عَلَيْهِ نَفْسِي؛ لأَِمْنَعَهُ فَتَخَلَّلُوهُ بِالسُّيُوفِ مِنْ تَحْتِي حَتَّى قَتَلُوهُ، وَأَصَابَ أَحَدُهُمْ رِجْلِي بِسَيْفِهِ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يُرِينَا ذَلِكَ الأَْثَرَ فِي ظَهْرِ قَدَمِهِ.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: سَمِعَ يُوسُفُ صَالِحًا وَإِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ.

الشرح:

2301 هذه القصة استدل بها المؤلف رحمه الله على أن المسلم له أن يوكل حربيًّا في دار الحرب أو في دار الإسلام إذا كان بأمان، واستنبط المؤلف هذا من أن عبدالرحمن بن عوف، وهو مسلم وأحد السابقين الأولين وهو في دار الإسلام فوض إلى أمية بن خلف وهو كافر في دار الحرب ـ وهي مكة قبل أن تفتح ـ فيما يتعلق بأموره، والظاهر أن النبي ﷺ اطلع على ذلك ولم ينكره.

قوله: «كَاتَبْتُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كِتَابًا بِأَنْ يَحْفَظَنِي فِي صَاغِيَتِي» الصاغية هي: خاصة الرجل ومن يميل إليه، ويطلق على الأهل والمال، وهذه المكاتبة وكالة، وهذا هو شاهد الترجمة، ووجه الدلالة: أن النبي ﷺ اطلع على ذلك ولم ينكره عليه.

وفي هذه القصة أن عبدالرحمن بن عوف لما أراد أن يكتب لأمية بن خلف الكتاب كتب: هذا ما كاتب عليه عبدالرحمن بن عوف، فقال له أمية بن خلف: «لاَ أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ، كَاتِبْنِي بِاسْمِكَ الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَاتَبْتُهُ عَبْدَ عَمْرٍو، فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْمِ بَدْرٍ خَرَجْتُ إِلَى جَبَلٍ لأُِحْرِزَهُ» أي: بموجب الكتاب بين عبدالرحمن وبين أمية بن خلف أراد عبدالرحمن أن يحرز أمية بن خلف إلى جبل حتى لا يُقتل «فَأَبْصَرَهُ بِلاَلٌ» وكان أمية بن خلف يعذب بلالاً في مكة «فَخَرَجَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَجْلِسٍ مِنْ الأَْنْصَارِ، فَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ:» إغراء به يعني: انظروا أو الحقوا أمية بن خلف «لاَ نَجَوْتُ إِنْ نَجَا أُمَيَّةُ؛ فَخَرَجَ مَعَهُ فَرِيقٌ مِنْ الأَْنْصَارِ فِي آثَارِنَا» في آثار عبدالرحمن وأمية بن خلف، قال عبدالرحمن: «فَلَمَّا خَشِيتُ أَنْ يَلْحَقُونَا خَلَّفْتُ لَهُمْ ابْنَهُ؛ لأَِشْغَلَهُمْ، فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَبَوْا حَتَّى يَتْبَعُونَا، وَكَانَ رَجُلاً ثَقِيلاً، فَلَمَّا أَدْرَكُونَا» أي: لحقوا عبدالرحمن وأمية بن خلف قال له عبدالرحمن: «ابْرُكْ فَبَرَكَ؛ فَأَلْقَيْتُ عَلَيْهِ نَفْسِي؛ لأَِمْنَعَهُ فَتَخَلَّلُوهُ» أي: لا يقتلوه «فَتَخَلَّلُوهُ بِالسُّيُوفِ مِنْ تَحْتِي حَتَّى قَتَلُوهُ، وَأَصَابَ أَحَدُهُمْ رِجْلِي بِسَيْفِهِ» أي: أصاب رجل عبدالرحمن شيء من السيوف.

وفي إحرازه إياه يوم بدر، وعدم إنكار النبي ﷺ على الأنصار قتلهم أمية من تحت عبدالرحمن بن عوف دليل على جواز الأمرين، وكأن الأنصار لم يقبلوا إجارة عبدالرحمن بن عوف لأمية؛ لأنه لم يخبرهم أولاً بإجارته له أو لشدة عداوة أمية للإسلام والمسلمين ولهذا قتلوه.

المتن:

باب الْوَكَالَةِ فِي الصَّرْفِ وَالْمِيزَانِ

وَقَدْ وَكَّلَ عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ فِي الصَّرْفِ.

2303 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اسْتَعْمَلَ رَجُلاً عَلَى خَيْبَرَ فَجَاءَهُمْ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ: أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ فَقَالَ: إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلاَثَةِ؛ فَقَالَ: لا تَفْعَلْ بِعْ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا، وَقَالَ فِي الْمِيزَانِ مِثْلَ ذَلِكَ.

الشرح:

قوله: «بَاب الْوَكَالَةِ فِي الصَّرْفِ وَالْمِيزَانِ» هذه الترجمة معقودة للوكالة في الصرف والميزان وهي جائزة بالإجماع.

قوله: «وَقَدْ وَكَّلَ عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ فِي الصَّرْفِ» يعني: وكَّل كل منهما شخصًا في صرف الدراهم ولا حرج في ذلك، وكذلك التوكيل في بيع بر بتمر أو بشعير أو بر ببر لا حرج فيه؛ ولهذا نقل ابن المنذر الإجماع على أن الوكالة في الصرف جائزة، حتى لو وكل من له دراهم رجلا ووكل آخر له دنانير رجلا فتلاقيا فتصارفا صار معتبرًا بشرطه.

2303 قوله: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اسْتَعْمَلَ رَجُلاً عَلَى خَيْبَرَ فَجَاءَهُمْ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ» التمر الجنيب: هو التمر الجيد، فقال النبي ﷺ: أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ أي: هل كله جيد؟ فقال الرجل: «إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلاَثَةِ» يعني: نبيع الصاعين من التمر الرديء بصاع من التمر الجيد، والصاعين من التمر الجيد بثلاثة آصع من التمر الرديء فقال له: لاَ تَفْعَلْ وقال في الحديث الآخر: أَوَّهْ أَوَّهْ، عَيْنُ الرِّبَا عَيْنُ الرِّبَا، لاَ تَفْعَلْ [(349)].

وفيه: دليل على أن بيع الربوي بجنسه يشترط فيه التماثل، ولا يزيد أحدهما عن الآخر فإذا زاد فهو ربا.

قوله: بِعْ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا الجمع: هو التمر الرديء.

وفيه: بيان للمخرج من الربا، فإذا أراد أن يشتري ربويًّا جيدًا بربوي مثله رديء ـ تمر بتمر أو شعير بشعير أو بر ببر أو ملح بملح ـ فعليه أن يبيع الربوي الرديء بدراهم، ثم يشتري بالدراهم ما يريده من الجيد، أما أن يبيع تمرًا رديئًا بتمر جيد وفيه زيادة فهذا ربا، فلابد أن يتماثلا في الكيل فيما يكال أو الوزن فيما يوزن.

ومناسبة الحديث للترجمة: أن النبي ﷺ فوض أمر ما يكال ويوزن إلى غيره، والصرف مقيس عليه، فكما يجوز التفويض فيما يكال وفيما يوزن فيقاس عليه التفويض في الصرف.

المتن:

باب إِذَا أَبْصَرَ الرَّاعِي أَوْ الْوَكِيلُ شَاةً تَمُوتُ أَوْ شَيْئًا يَفْسُدُ ذَبَحَ وَأَصْلَحَ مَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ

2304 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ الْمُعْتَمِرَ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَتْ لَهُمْ غَنَمٌ تَرْعَى بِسَلْعٍ، فَأَبْصَرَتْ جَارِيَةٌ لَنَا بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِنَا مَوْتًا فَكَسَرَتْ حَجَرًا، فَذَبَحَتْهَا بِهِ فَقَالَ لَهُمْ: لاَ تَأْكُلُوا حَتَّى أَسْأَلَ النَّبِيَّ ﷺ، أَوْ أُرْسِلَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ مَنْ يَسْأَلُهُ، وَأَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ ذَاكَ، أَوْ أَرْسَلَ فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهَا.

قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَيُعْجِبُنِي أَنَّهَا أَمَةٌ وَأَنَّهَا ذَبَحَتْ.

تَابَعَهُ عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ.

الشرح:

2304 مناسبة هذا الحديث للترجمة: أن الراعي أو الوكيل إذا أبصر شاة تموت فذبحها أو شيئًا يفسد فأصلح ما يخاف عليه الفساد فلا حرج عليه فيما فعل ولا ضمان عليه بل هو مشكور، فالراعي أو الوكيل لا يتوقف في التصرف حتى يسأل الموكل؛ لأن هذا يفوت المصلحة فلو أبصر شاة تموت وقال: أنا لا أذبحها حتى يوكلني صاحبها لماتت وضاعت ماليتها.

وفيه: تصديق المؤتمن على ما اؤتمن عليه ما لم تظهر به الخيانة، فإذا قال شيئًا فإنه يقبل قوله ويصدق فيما يدعيه، فإذا قال الراعي: إن الشاة جاءها الموت وذبحتها يصدق ويقبل قوله ما لم يظهر دليل الخيانة.

وفيه: جواز ذبح المرأة وصحته، حتى ولو كانت حائضًا أو نفساء.

وفيه: صحة ذبح الأمة أيضًا؛ لأنه جاء في الحديث أنها أمة.

وفيه: جواز الذبح بالحجر وغيره من كل محدد، فكل محدد يذبح به إلا السن والظفر فلا يذبح بهما؛ لحديث رافع بن خديج: ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكله، ليس السن أو الظفر أما السن فعظم وأما الظفر فمدى الحبشة [(350)].

المتن:

باب وَكَالَةُ الشَّاهِدِ وَالْغَائِبِ جَائِزَةٌ

وَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو إِلَى قَهْرَمَانِهِ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْ أَهْلِهِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ.

2305 حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ سِنٌّ مِنْ الإِْبِلِ فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ؛ فَقَالَ: أَعْطُوهُ، فَطَلَبُوا سِنَّهُ، فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إِلاَّ سِنًّا فَوْقَهَا، فَقَالَ: أَعْطُوهُ، فَقَالَ: أَوْفَيْتَنِي، أَوْفَى اللَّهُ بِكَ! قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً.

الشرح:

قوله: «بَاب وَكَالَةُ الشَّاهِدِ وَالْغَائِبِ جَائِزَةٌ» هذه الترجمة معقودة لبيان أن الوكالة تصح من الشاهد ومن الغائب، فيجوز للإنسان أن يوكل شخصًا عنه ولو كان موجودًا في البلد، فيوكله في قضاء دينه، أو يوكله في قبض ما يستحق، أو في النظر لأولاده، والغائب من باب أولى.

واستدل على هذا بقوله: «وَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو إِلَى قَهْرَمَانِهِ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْ أَهْلِهِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ» والقهرمان: الخازن والقائم بأمره، فهذه وكالة.

2305 قوله: «كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ سِنٌّ مِنْ الإِْبِلِ» يعني: اقترض منه النبي ﷺ بكرًا فقال النبي ﷺ:أَعْطُوهُ، فَطَلَبُوا سِنَّهُ، فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إِلاَّ سِنًّا فَوْقَهَا» يعني: ما وجدوا بكرًا له سَنَةَ ووجدوا خياراً رباعياً له سنتان، «فقال: أَعْطُوهُ، أي: وله كان فوق ما كان له.

قوله: «فَقَالَ: أَوْفَيْتَنِي، أَوْفَى اللَّهُ بِكَ! قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً وهذا من حسن القضاء.

وفيه من الفوائد: جواز قضاء الدين من المدين بأكثر من دينه كمية أو كيفية، كأن يقرضه مثلاً مائة فيقضيه مائة وعشرين فهذا زيادة في الكمية، وفي الكيفية كأن يقرضه مخاضًا لها سنة فيعطيه أكبر منها، وهذا إذا لم تشترط الزيادة عند الدين أو القرض، أما إذا اشترطت الزيادة فهي ربا لا يجوز دفعها.

والشاهد من الحديث: أن النبي ﷺ وكَّل غيره في قضاء الدين؛ لقوله لهم أن يعطوه ـ أي: يردوا عليه دينه ـ وهو حاضر في البلد وإذا جازت وكالة الحاضر جازت وكالة الغائب من باب أولى؛ لأن الإنسان إذا جاز له التوكيل مع القدرة على المباشرة بنفسه فجوازها مع عدم القدرة من باب أولى.

وأبو حنيفة رحمه الله[(351)] منع من الوكالة إلا بعذر من مرض أو سفر أو برضا الخصم، وهو قول لا وجه له ولا دليل عليه، فيجوز للإنسان أن يوكل غيره ولو كان في البلد وبغير عذر.

المتن:

باب الْوَكَالَةِ فِي قَضَاءِ الدُّيُونِ

2306 حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ ﷺ يَتَقَاضَاهُ، فَأَغْلَظَ؛ فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: دَعُوهُ؛ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً، ثُمَّ قَالَ: أَعْطُوهُ سِنًّا مِثْلَ سِنِّهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ أَمْثَلَ مِنْ سِنِّهِ، فَقَالَ: أَعْطُوهُ؛ فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً.

الشرح:

2306 هذا الحديث أعاده المؤلف رحمه الله هنا لاستنباط الأحكام، فهذا الحديث في الترجمة السابقة استدل به المؤلف رحمه الله على الوكالة من الشاهد والحاضر في البلد، واستدل به هنا على الوكالة في قضاء الدين؛ فالنبي وكّلهم أن يقضوا دينه.

وفيه: حسن خلق النبي ﷺ إذ قال: فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً.

وجاء في بعض الأثر أن الدائن كان يهوديا وأنه أغلظ للنبي ﷺ وقال: أنتم مُطْل يا بني عبد المطلب ـ يعني: تماطلون في قضاء الديون ـ فلم يزدد النبي ﷺ إلا حلمًا، وجاء أنه أسلم وقال: أردت أن أختبر صبرك وأعرف خلق الأنبياء[(352)].

فالنبي ﷺ تحمل ولم يرد عليه بالمثل ولما هم الصحابة أن يوقعوا به قال لهم: دَعُوهُ؛ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً وجاء في الحديث الآخر أنه قال لمن أراد أن يوقع بالمطالب: الأولى لك أن تأمرني بحسن القضاء، وتأمره بحسن الاقتضاء [(353)].

وفيه: أنه ينبغي للمدين أن يتحمل صاحب الدين إذا أغلظ عليه.

وفيه: مشروعية الزيادة على الحق في قضاء الدين أو القرض واستحبابها إذا كانت من غير شرط، سواء كانت زيادة في الكمية والعدد أو في الكيفية والصفة، فإن كانت مشروطة فهي ربا.

المتن:

باب إِذَا وَهَبَ شَيْئًا لِوَكِيلٍ أَوْ شَفِيعِ قَوْمٍ جَازَ

لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ لِوَفْدِ هَوَازِنَ حِينَ سَأَلُوهُ الْمَغَانِمَ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: نَصِيبِي لَكُمْ.

2308 حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثنِي عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ وَزَعَمَ عُرْوَةُ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ؛ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا السَّبْيَ، وَإِمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنْ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلاَّ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا؛ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الْمُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلاَءِ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ بِذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّا لاَ نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ؛ فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعُوا إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ، فَرَجَعَ النَّاسُ، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا، وَأَذِنُوا.

الشرح:

2308 حديث وفد هوازن مشهور. وفيه: أن النبي ﷺ غزاهم وانتصر عليهم، وكانت هوازن قد جاءوا للحرب ومعهم أموالهم وأولادهم ونساؤهم؛ حتى يثبتوا للقتال ولا يهربوا، وفعلوا ذلك من شدة حنقهم، حيث قال لهم مالك بن عوف وهو قائدهم: ائتوا بنسائكم وأولادكم، فاجعلوهم أمامكم حتى تقاتلوا من أجل أنفسكم ومن أجلهم، فجاءوا بهم، ثم قاتلوا قتالاً شديدًا، وفي أول الأمر كانت لهم الكرة، ثم بعد ذلك هزمهم الله، وانتصر النبي ﷺ والمسلمون عليهم، وغنموا أموالهم ونساءهم وذراريهم.

قوله: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ» أي: جاءوا مندوبين عن قومهم شفعاء، وذُكر عددهم في رواية: «تسعة نفر من أشرافهم» [(354)].

قوله: «فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ؛ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا السَّبْيَ، وَإِمَّا الْمَالَ أي: خيرهم رسول الله ﷺ بين النساء والأبناء أو الأموال.

قوله: وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ أي: انتظرتكم، وأخرت قسم السبي لتحضروا ولكنكم أبطأتم؛ فقسمت الغنائم بين المسلمين؛ لأني ظننت أنكم لن تقدموا.

قوله: «وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنْ الطَّائِفِ،» البضع من ثلاثة إلى تسعة يعني: أن رسول الله ﷺ انتظرهم فترة طويلة.

قوله: «فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلاَّ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا» أي: لما تبين لهم أن رسول الله ﷺ غير راد إليهم إلا إحدى الطائفتين ـ السبي أو المال ـ ولا يوجد حيلة ليرد الأمرين معًا اختاروا الأهل والزوجات والأولاد والأمهات والأخوات، وهم أغلى من المال بلا شك.

قوله: «فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الْمُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ» فيه: مشروعية الخطبة للأمور المهمة، والبدء بالثناء على الله في أول الخطبة.

قوله: «ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فيه مشروعية قول الخطيب «أما بعد» وهي فصل الخطاب، ثم بعدها الدخول في الموضوع.

قوله: فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلاَءِ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ أي: مسلمين وتائبين من الشرك.

قوله: وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ أي: أرد إليهم الذي يخصني من سبيهم، فوهب النبي ﷺ إليهم ما يخصه، وهذا هو موضع الشاهد من الحديث، ولهذا ترجم المصنف: «بَاب إِذَا وَهَبَ شَيْئًا لِوَكِيلٍ أَوْ شَفِيعِ قَوْمٍ جَازَ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ لِوَفْدِ هَوَازِنَ حِينَ سَأَلُوهُ الْمَغَانِمَ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: نَصِيبِي لَكُمْ فالنبي ﷺ وهب لهؤلاء الوكلاء أو الشفعاء، فهذا دليل على صحة الهبة للوكيل أو الشفيع.

قوله: فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ بِذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ أي: لما رغب النبي ﷺ الناس أن يردوا إليهم سبيهم بين لهم أن الذي يرد السبي عن طيب نفس منه ليس له عوض.

قوله: وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ أي: ومن لم تطب نفسه بهذا فليرد السبي أيضًا ولكن سنعطيه مقابله من الغنيمة القادمة.

فاستأذنهم النبي ﷺ؛ لأن الناس ملكوا السبي والمال بقسمته عليهم؛ لأنهم قاتلوا وصبروا، فغنيمة الجيش لهم، فمن طابت نفسه بشيء فذاك، وإلا فإنه يعوض عن حقه الذي ملكه.

قوله: «فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ» فيه: مسارعة المسلمين فيما يحبه رسول الله ﷺ.

قوله: «فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّا لاَ نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ؛ فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعُوا إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ، فَرَجَعَ النَّاسُ» والعرفاء: جمع عريف، وهو القائم بأمر طائفة من الناس، وهو الذي يلي أمر سياستهم وحفظ أمورهم، فهو يعرف أمورهم، ويرفعها لمن فوقه عند الاحتياج.

وقوله: حَتَّى يَرْفَعُوا إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ الأصل أن يقول: «حتى يرفع عرفاؤكم أمركم» وهذا فيه جمع بين الضمير المضمر في يَرْفَعُوا والظاهر في عُرَفَاؤُكُمْ ، وهذه لغة قليلة تسمى لغة «أكلوني البراغيث» ، ومثلها في القرآن الكريم قول الله تعالى: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا [الأنبيَاء: 3] هَلْ فقوله: وَأَسَرُّوا عائد على الناس المذكورين أولاً، والَّذِينَ ظَلَمُوا بدل من الضمير، ومنها: قوله في الحديث: يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ: مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ [(355)].

قوله: «فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا، وَأَذِنُوا»

وفيه: جواز تأخير قسمة الغنائم مدة لعل المغنوم منهم يتوبون من الشرك فيرده عليهم.

وفيه: جواز جعل العرفاء على الناس والقبائل ليرفعوا أمرهم إلى الإمام.

والشاهد الحديث: أن النبي ﷺ وهب لوفد هوازن سبيهم؛ فصحت هبة الشيء للوكيل أو الشفيع.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد