شعار الموقع
  1. الصفحة الرئيسية
  2. الدروس العلمية
  3. الحديث وعلومه
  4. شرح كتاب المزارعة من صحيح البخاري
  5. شرح كتاب المزارعة من صحيح البخاري (41-1) من باب فَضْلِ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ إِذَا أُكِلَ مِنْهُ - إلى باب إِذَا قَالَ رَبُّ الأَْرْضِ أُقِرُّكَ مَا أَقَرَّكَ اللَّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلاً مَعْلُومًا فَهُمَا عَلَى تَرَاضِيهِمَا

شرح كتاب المزارعة من صحيح البخاري (41-1) من باب فَضْلِ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ إِذَا أُكِلَ مِنْهُ - إلى باب إِذَا قَالَ رَبُّ الأَْرْضِ أُقِرُّكَ مَا أَقَرَّكَ اللَّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلاً مَعْلُومًا فَهُمَا عَلَى تَرَاضِيهِمَا

00:00
00:00
تحميل
126

المتن:

(42)كِتَاب الحرث والمُزَارَعَة

باب فَضْلِ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ إِذَا أُكِلَ مِنْهُ

وَقَوْلِه تَعَالَى: أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ ۝ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ۝ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ [الواقِعَة: 63-65]

2320 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ح.

وحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلاَّ كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ.

وَقَالَ لَنَا مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا أَبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ.

الشرح:

قال المؤلف رحمه الله: «كتاب الحرث والمزارعة»، وهذا الكتاب تحته أبواب، بلغت تسعة عشر بابًا، كلها تتعلق بالحرث والمزارعة.

والباب الأول في الكتاب هو: «بَاب فَضْلِ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ إِذَا أُكِلَ مِنْهُ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ ۝ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ۝ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ [الواقِعَة: 63-65]» . فالآية تدل على إباحة الزرع من جهة الامتنان؛ لأن الله تعالى امتن به على عباده.

قوله: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلاَّ كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ. هذا الحديث يدل على فضل الزرع بهذا القيد، وهو إذا أكل منه طير أو إنسان أو بهيمة.

قوله: مَا مِنْ مُسْلِمٍ هذا الحديث مقيد بالمسلم فقط، أما الكافر فليس له ذلك، وقد يثاب في الدنيا، فيعطى بها صحة في بدنه أو مالاً وولدًا، ولكن ليس له ثواب في الآخرة.

وظاهر الحديث أنه إذا أكل منه طير أو إنسان أو بهيمة أو حتى السارق الذي سرق من الزرع، فللزارع أجر ولو لم ينو ـ فمعلوم أن أهل الحرث لا يريدون أن يسرقه السارق ـ وإذا نوى كان له أجر ما أكل منه، وأجر النية.

وظاهر الحديث أيضًا أن ذلك له ولو اتجر فيه، فيكون له أجر كلما باع أو اشترى، فالبائع له الأجر؛ لأنه غرس وزرع فيشمله حديث: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا. والمشتري كذلك له الأجر؛ لأن الزرع والغرس انتقل إليه بالملك فصار الأكل والأخذ من ماله، وفضل الله واسع.

قوله: «وَقَالَ لَنَا مُسْلِمٌ:» ؛ هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي شيخ البخاري، وليس مسلم بن الحجاج صاحب «الصحيح» وتلميذ البخاري.

قوله: «حَدَّثَنَا أَبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ» أراد من هذا الطريق بيان التصريح بسماع قتادة من أنس ؛ لأن قتادة مدلس، ففي السند الأول عنعن، فقال: «عَنْ أَنَسِ» ، وأما هذا الطريق فقال فيه: «حَدَّثَنَا أَنَسٌ» فانتفى التدليس، وثبت صحة سماعه الحديث من أنس.

وجاء في «صحيح مسلم» سبب هذا الحديث؛ وهو أن نبي الله ﷺ رأى نخلاً لأم مبشّر ـ امرأة من الأنصار ـ فقال لها: مَنْ غَرَسَ هَذَا النَّخْلَ؟ أَمُسْلِمٌ أَمْ كَافِرٌ؟، فقالت: بل مسلم، فقال ﷺ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ [(368)] وهذا من فضل الله تعالى وإحسانه.

المتن:

باب مَا يُحَذَّرُ مِنْ عَوَاقِبِ الاِشْتِغَالِ بِآلَةِ الزَّرْعِ أَوْ مُجَاوَزَةِ الْحَدِّ الَّذِي أُمِرَ بِهِ

2321 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَْلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: وَرَأَى سِكَّةً وَشَيْئًا مِنْ آلَةِ الْحَرْثِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: لا يَدْخُلُ هَذَا بَيْتَ قَوْمٍ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الذُّلَّ.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وَاسْمُ أَبِي أُمَامَةَ صُدَيُّ بْنُ عَجْلاَنَ.

الشرح:

قوله: «بَاب مَا يُحَذَّرُ مِنْ عَوَاقِبِ الاِشْتِغَالِ بِآلَةِ الزَّرْعِ، أَوْ مُجَاوَزَةِ الْحَدِّ الَّذِي أُمِرَ بِهِ» هذه الترجمة أراد بها المؤلف رحمه الله أن يبين وجه الجمع بين الأحاديث التي ظاهرها التعارض، فحديث الباب السابق في فضل الزرع، وحديث هذا الباب في كراهية الاشتغال بآلة الزرع.

والبخاري رحمه الله أراد أن يجمع بين حديث أبي أمامة هذا وبين حديث أنس السابق في فضل الزرع؛ فحديث أنس محمول على ما إذا لم ينشغل به عن طاعة الله، وأما حديث أبي أمامة فمحمول على ما إذا انشغل به عن الجهاد في سبيل الله تعالى، فإذا انشغل بالحرث والزرع عن الجهاد في سبيل الله، أو عن تعلم العلم وتعليمه، أو انشغل به عن أمر الدين، أو عن الأعمال الصالحة، أو قصد به الاستكثار فهذا كله مذموم، وبهذا يتم الجمع بين الحديثين.

2321 قوله: «سِكَّةً» هي الحديدة التي تُحرث بها الأرض، وتسمى مسحاة عندنا في اللهجة العامية.

قوله: لاَ يَدْخُلُ هَذَا بَيْتَ قَوْمٍ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الذُّلَّ وفي رواية: إِلاَّ أَدْخَلَهُ الذُّلَّ ؛ فيه: ذم الاشتغال بالحرث والزرع.

 قوله: «قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ:» ؛ هو الإمام البخاري رحمه الله.

المتن:

باب اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ لِلْحَرْثِ

2322 حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا فَإِنَّهُ يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ إِلاَّ كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ.

قَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَأَبُو صَالِحٍ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ: إِلاَّ كَلْبَ غَنَمٍ أَوْ حَرْثٍ، أَوْ صَيْدٍ.

وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ.

2323 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ أَبِي زُهَيْرٍ رَجُلاً مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا لاَ يُغْنِي عَنْهُ زَرْعًا وَلاَ ضَرْعًا نَقَصَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ، قُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِي وَرَبِّ هَذَا الْمَسْجِدِ.

الشرح:

قوله: «بَاب اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ لِلْحَرْثِ» . هذه الترجمة معقودة لبيان جواز اتخاذ الكلب واقتنائه للحرث والزرع، يعني: للحراسة؛ لأن الحديقة أو البستان يكون شاسع الأطراف، فالحاجة ماسة فيهما إلى اقتناء الكلب للحراسة، ومثله كلب الصيد، والكلب للغنم في البرية يحفظها أيضًا، فهذه كلها مستثناة، وما عدا ذلك فإنه لا يجوز.

2322 أحاديث الباب فيها أنه يجوز اتخاذ الكلب واقتناؤه للصيد، وللغنم والماشية، وللزرع والحرث، وما عدا هذه الثلاثة فإنه لا يجوز، فإذا اقتنى كلبًا لغير ذلك فإنه يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ، وفي رواية: قِيرَاطَانِ [(369)] والثاني هو المعتمد؛ لأنه محمول على أن النبي ﷺ أخبر أولاً بأنه ينقص كل يوم من أجره قيراط، ثم أخبر آخرًا أنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان.

والقيراط: مقدار من أجره في اليوم والليلة، أو جزء من أربعة وعشرين جزءًا من عمله في اليوم والليلة.

والحديث يدل على تحريم اقتناء الكلب إلا لهذه الثلاثة ـ حراسة بستان الزرع والحرث، وحراسة الغنم في البرية، والصيد ـ وما عدا ذلك فإنه لا يجوز، ويَنقُص من أجره صاحبه كل يوم قيراطان.

مسألة: في اتخاذ الكلاب لحفظ الدور والدروب؟

اختلف العلماء في ذلك؛ فمنهم من اجازه، والصواب: المنع؛ لما ثبت في «صحيح مسلم» أن النبي ﷺ قال: ما من أهل دار اتخذوا كلبًا إلا كلب ماشية إلا نقص من أجرهم كل يوم قيراطان [(370)] ولأن القول بجواز اقتنائها لحفظ الدور يفتح الباب على مصراعيه، فيتساهل الناس ويترخصون فيه، فتصبح بيوت المسلمين لا فرق بينها وبين بيوت الكفار الذين يربون الكلاب في بيوتهم لحاجة ولغير حاجة، فيقلدونهم في ذلك، وبهذا التساهل يجعلونها جائزة.

مسألة: في اقتناء الكلب البوليسي الذي يعرف الأثر، وهو محل نظر عند العلماء المعاصرين، ولو قيل بجواز اتخاذه للمصلحة العامة لكان له وجه، مع مراعاة أن ما يرشد إليه الكلب لا يكون بينة، فلا تكون التهمة معتبرة بذلك وحده حتى توجد بينة او قرائن، أو اعتراف من المتهم، وعندها يعمل بما أرشد إليه.

- ولا يجوز بيع الكلب ولا شراؤه، سواء بوليسي أو للصيد أو للزراعة أو للحرث.

المتن:

باب اسْتِعْمَالِ الْبَقَرِ لِلْحِرَاثَةِ

2324 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى بَقَرَةٍ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، خُلِقْتُ لِلْحِرَاثَةِ، قَالَ: آمَنْتُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَأَخَذَ الذِّئْبُ شَاةً، فَتَبِعَهَا الرَّاعِي؛ فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لاَ رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي؟ قَالَ: آمَنْتُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَمَا هُمَا يَوْمَئِذٍ فِي الْقَوْمِ.

الشرح:

2324 في الحديث: أن البقر يستعمل للحراثة حيث أقرها النبي ﷺ على ذلك، والمراد أن استعمالها في الغالب يكون لحراثة الأرض، وإلا فيجوز ركوبها أحيانًا للحاجة.

وفي الحديث: منقبة لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما حيث ذكرهما النبي ﷺ وهما غائبان، فقد «قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَمَا هُمَا يَوْمَئِذٍ فِي الْقَوْمِ» ، ومع ذلك قال النبي ﷺ: آمَنْتُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ.

قوله: بَيْنَمَا رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى بَقَرَةٍ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، خُلِقْتُ لِلْحِرَاثَةِ ظاهر الحديث أن هذا كان فيمن مضى، فقد تكلمت البقرة ـ والله على كل شيء قدير ـ لما ركبها صاحبها، وبين أنها ما خلقت للركوب، إنما خلقت للحراثة.

قوله: وَأَخَذَ الذِّئْبُ شَاةً، فَتَبِعَهَا الرَّاعِي؛ فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لاَ رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي؟ يوجه الذئب كلامه للراعي قائلاً: أنت الآن أخذتها، ولكن في يوم آخر لن تستطيع أن تأخذها، وهو يوم السبع، يوم لا راعي لها غيري.

 فهذه منقبة عظيمة للشيخين أبي بكر وعمر؛ حيث إنهما يصدقان النبي ﷺ على كل حال أقوى التصديق وأشده؛ ولهذا فأبو بكر هو الصديق الأكبر، وعمر الفاروق أفضل الشهداء.

وفيه: بيان أن الله على كل شيء قدير؛ حيث جعل البقرة والذئب يتكلمان.

والشاهد من الحديث: قوله حكاية عن البقرة: خُلِقْتُ لِلْحِرَاثَةِ ؛ فاستعمال البقر للحرث هو الأصل، وإذا استعملت لغيره فلا بأس، ومن ذلك الركوب أحيانًا إذا احتيج إليه، لكن الأغلب أنها تستعمل للحراثة.

المتن:

باب إِذَا قَالَ: اكْفِنِي مَئُونَةَ النَّخْلِ وَغَيْرِهِ وَتُشْرِكُنِي فِي الثَّمَرِ

2325 حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الأَْعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَتْ الأَْنْصَارُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ؛ قَالَ: لاَ، فَقَالُوا: تَكْفُونَا الْمَئُونَةَ وَنَشْرَكْكُمْ فِي الثَّمَرَةِ، قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا.

الشرح:

2325 في الحديث: فضل الأنصار رضوان الله عليهم، فعندما هاجر المهاجرون من مكة إلى المدينة وتركوا ديارهم وأموالهم وأبناءهم، أراد الأنصار  أن يواسوهم بأموالهم، فقالوا للنبي ﷺ: «قْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ» ، أي: لنا النصف ولهم النصف.

قوله: «قَالَ: لاَ، فَقَالُوا: تَكْفُونَا الْمَئُونَةَ وَنَشْرَكْكُمْ فِي الثَّمَرَةِ، قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا» يعني: لما رفض النبي ﷺ طلبهم بأن يقسم بينهم النخيل قالوا: إذن يشتغلون هم بالنخيل من السقي والملاحظة وغيرها ويكفونا المئونة، ونشركهم في الثمرة، فتكون الثمرة نصفين، فقال المهاجرون: «سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا» ، ثم بعد ذلك وسع الله على المسلمين وفتحت الفتوح، وصار بعض المهاجرين يعملون بالتجارة ـ كعبدالرحمن بن عوف ـ فرزقهم الله ووسع عليهم.

والشاهد من هذا الحديث: أنه لا بأس بالمساقاة والمزارعة بجزء مما يخرج من الثمرة، على أن يكون الجزء مشاعًا، فإذا قال: أساقيك على النخل، وتكفيني المئونة على نصف الثمرة، أو قال: لي الثلث ولك الثلثان، أو لي الثلثان ولك الثلث، فكل ذلك لا بأس به؛ وكذلك إذا أعطاه الأرض على أن يزرعها ويقوم بها، والثمرة بينهما على جزء مشاع ـ الثلث أو الربع أو النصف ـ فلا بأس به أيضًا.

المتن:

باب قَطْعِ الشَّجَرِ وَالنَّخْلِ

وَقَالَ أَنَسٌ: أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِالنَّخْلِ فَقُطِعَ.

2326حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهُ حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَعَ، وَهِيَ الْبُوَيْرَةُ، وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ:

وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ

الشرح:

قوله: «بَاب قَطْعِ الشَّجَرِ وَالنَّخْلِ» هذه الترجمة فيها: جواز قطع النخيل والشجر للمصلحة، كأن يقطع الشجر أو النخل ليجعل مكانه مسجدًا، أو مدرسة، أو طريقًا للمارة أو للسيارات، أو لتعمير البيوت؛ لأن البيوت أفضل أو أرغب، وكذا يجوز قطعه لإغاظة المشركين، كما فعل الصحابة في قطع نخيل بني النضير لإغاظة اليهود؛ وأما قطعه بدون مصلحة بل لمجرد العبث فهذا غير جائز، والنبي ﷺ لما أراد أن يبني مسجده كان في مكانه نخيل فقطع، وكان فيه قبور للمشركين فنبشت، وخَرِبَات فسُوِّيَت، ثم بنى مكانه المسجد.

2326 لما حاصر النبي ﷺ بني النضير شرع بعض الصحابة يقطع النخيل إغاظة لليهود، وبعض الصحابة لم يقطع؛ لأنه مال سيئول للمسلمين فلكل منهم وجهة نظر، فالله تعالى صوب هؤلاء وهؤلاء،؛ فقال تعالى: مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ [الحَشر: 5].

وبعض العامة إذا رأى من يقطع النخيل استعظم ذلك جدًّا، فنقول له: لا بأس بقطع النخل للحاجة وللمصلحة.

قوله:

وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ

هذا البيت من البحر الوافر.

قوله: «الْبُوَيْرَةُ» تصغير بؤرة وهي الحفرة، وهي مكان معروف بين المدينة وتيماء.

المتن:

باب

2327 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الأَْنْصَارِيِّ، سَمِعَ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ، قَالَ: كُنَّا أَكْثَرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مُزْدَرَعًا، كُنَّا نُكْرِي الأَْرْضَ بِالنَّاحِيَةِ مِنْهَا مُسَمًّى لِسَيِّدِ الأَْرْضِ، قَالَ: فَمِمَّا يُصَابُ ذَلِكَ وَتَسْلَمُ الأَْرْضُ، وَمِمَّا يُصَابُ الأَْرْضُ وَيَسْلَمُ ذَلِكَ، فَنُهِينَا وَأَمَّا الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ فَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ.

الشرح:

قوله: «بَاب» هذا الباب كالفصل من الباب السابق.

2327 في الحديث: بيان المزارعة المنهي عنها، فالنبي ﷺ نهى عن المزارعة التي كانت موجودة في الجاهلية، وهي أن يكون الكراء على جزء معين من الأرض غير مشاع، فيقول: لي ما تنبت الأرض الشمالية ولك ما تنبت الأرض الجنوبية، أو لي ما ينبت على السواقي أو على الأَرْبِعاء - أي: الجداول - أو على البِرَك ولك كذا، أو يشترط شيئًا معينًا فيقول: لي كذا وكذا صاعًا أو درهمًا، وهذا الزرع منهي عنه لما فيه من الغرر والجهالة.

قوله: «كُنَّا نُكْرِي الأَْرْضَ بِالنَّاحِيَةِ مِنْهَا مُسَمًّى لِسَيِّدِ الأَْرْضِ» ، يعني: أن رب الأرض يسمي له ما تنبته جهة معينة.

قوله: «قَالَ: فَمِمَّا يُصَابُ ذَلِكَ وَتَسْلَمُ الأَْرْضُ، وَمِمَّا يُصَابُ الأَْرْضُ وَيَسْلَمُ ذَلِكَ» يعني: بعضها يصاب فلا ينبت وبعضها يسلم.

قوله: «فَنُهِينَا» ؛ لما فيه من الغرر والجهالة.

قوله: «وَأَمَّا الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ» ؛ الورق: الفضة.

قوله: «فَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ» ؛ يعني: لم يكن هناك كراء بالذهب والفضة يومئذ في الجاهلية، والكراء بالذهب والورق إجارة، أما الكراء بجزء مشاع مما يخرج منها فهو مزارعة، وهو أفضل من كرائها بالنقود أو الآصع؛ لما فيه من التوكل على الله، ولما فيه من تساوي المتزارعين في الربح والخسارة، وإذا أكراها بالورقِ فهذا لا حرج فيه، لكن الكراء كان في الجاهلية مبنيًّا على الغرر والجهالة؛ لأنه عندما يقول: لي ما تنبت الجهة الجنوبية ولك الجهة الشمالية، أو لي ما ينبت على الأربعاء والجداول والبرك ولك كذا وكذا، فربما أنبتت هذه ولم تنبت هذه؛ فيحصل الغرر والجهالة ويؤدي إلى الشحناء والبغضاء والعداوة والقتال.

المتن:

باب الْمُزَارَعَةِ بِالشَّطْرِ وَنَحْوِهِ

وَقَالَ قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ: عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: مَا بِالْمَدِينَةِ أَهْلُ بَيْتِ هِجْرَةٍ إِلاَّ يَزْرَعُونَ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ.

وَزَارَعَ عَلِيٌّ وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْقَاسِمُ وَعُرْوَةُ وَآلُ أَبِي بَكْرٍ وَآلُ عُمَرَ وَآلُ عَلِيٍّ وَابْنُ سِيرِينَ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَْسْوَدِ: كُنْتُ أُشَارِكُ عَبْدَالرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ فِي الزَّرْعِ.

وَعَامَلَ عُمَرُ النَّاسَ عَلَى إِنْ جَاءَ عُمَرُ بِالْبَذْرِ مِنْ عِنْدِهِ فَلَهُ الشَّطْرُ وَإِنْ جَاءُوا بِالْبَذْرِ فَلَهُمْ كَذَا.

وَقَالَ الْحَسَنُ: لاَ بَأْسَ أَنْ تَكُونَ الأَْرْضُ لأَِحَدِهِمَا فَيُنْفِقَانِ جَمِيعًا فَمَا خَرَجَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا.

وَرَأَى ذَلِكَ الزُّهْرِيُّ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: لاَ بَأْسَ أَنْ يُجْتَنَى الْقُطْنُ عَلَى النِّصْفِ.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ وَابْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَالْحَكَمُ وَالزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ لاَ بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ الثَّوْبَ بِالثُّلُثِ أَوْ الرُّبُعِ وَنَحْوِهِ.

وَقَالَ مَعْمَرٌ: لاَ بَأْسَ أَنْ تَكُونَ الْمَاشِيَةُ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى.

2328 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ عَامَلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ، فَكَانَ يُعْطِي أَزْوَاجَهُ مِائَةَ وَسْقٍ ثَمَانُونَ وَسْقَ تَمْرٍ، وَعِشْرُونَ وَسْقَ شَعِيرٍ، فَقَسَمَ عُمَرُ خَيْبَرَ، فَخَيَّرَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُقْطِعَ لَهُنَّ مِنْ الْمَاءِ وَالأَْرْضِ أَوْ يُمْضِيَ لَهُنَّ، فَمِنْهُنَّ مَنْ اخْتَارَ الأَْرْضَ، وَمِنْهُنَّ مَنْ اخْتَارَ الْوَسْقَ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ اخْتَارَتْ الأَْرْضَ.

الشرح:

قوله: «بَاب الْمُزَارَعَةِ بِالشَّطْرِ وَنَحْوِهِ» . هذا الباب معقود للمزارعة بالشطر ونحوه، والشطر يعني: النصف، فإذا زرع إنسان لآخر على أن يعطيه نصف ما يخرج من الأرض فهذا جائز.

ذكر المؤلف رحمه الله هذه الآثار ليبين أن الصحابة لم ينقل عنهم خلاف في جواز المزارعة خصوصًا أهل المدينة، وأنهم كانوا يزارعون.

قوله: «مَا بِالْمَدِينَةِ أَهْلُ بَيْتِ هِجْرَةٍ إِلاَّ يَزْرَعُونَ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُع، وَزَارَعَ عَلِيٌّ وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْقَاسِمُ وَعُرْوَةُ وَآلُ أَبِي بَكْرٍ وَآلُ عُمَرَ وَآلُ عَلِيٍّ وَابْنُ سِيرِينَ» . هذا يدل على أن المزارعة معروفة عند الصحابة ومن بعدهم من السلف، وأنه لا خلاف بينهم في هذا.

قوله: «وَعَامَلَ عُمَرُ النَّاسَ عَلَى إِنْ جَاءَ عُمَرُ بِالْبَذْرِ مِنْ عِنْدِهِ فَلَهُ الشَّطْرُ وَإِنْ جَاءُوا بِالْبَذْرِ فَلَهُمْ كَذَا» ، يعني: إن جاء عمر بالبذر فله النصف، وإن جاءوا هم بالبذر فله الثلث مثلاً.

قوله: «وَقَالَ الْحَسَنُ: لاَ بَأْسَ أَنْ تَكُونَ الأَْرْضُ لأَِحَدِهِمَا فَيُنْفِقَانِ جَمِيعًا فَمَا خَرَجَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا» ؛ يعني: على ما اتفقا.

قوله: «وَقَالَ الْحَسَنُ: لاَ بَأْسَ أَنْ يُجْتَنَى الْقُطْنُ عَلَى النِّصْفِ» ؛ يعني: أحدهما يجني القطن على أن يكون له النصف، والآخر له النصف.

قوله: «وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ وَابْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَالْحَكَمُ وَالزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ لاَ بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ الثَّوْبَ بِالثُّلُثِ أَوْ الرُّبُعِ وَنَحْوِهِ» يعني: يعطيه للنساج ينسجه وله الثلث، ولصاحب الغزل الثلثان.

قوله: «وَقَالَ مَعْمَرٌ: لاَ بَأْسَ أَنْ تَكُونَ الْمَاشِيَةُ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى» كذلك.

2328 قوله: «عَامَلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ» هذه هي المزارعة المشروعة التي تكون بجزء مشاع معين؛ فإن النبي ﷺ عامل أهل خيبر بشطر ـ والشطر هو النصف ـ ما يخرج منها، فالنبي ﷺ له الأرض والشجر، ودفع الأرض والشجر إليهم يعملون فيها، فمنهم العمل ومنه الأرض ـ وكان ذلك لأن الصحابة مشغولون بالجهاد في سبيل الله ـ فصاروا يعملون على أن لهم نصف الثمرة، وللنبي ﷺ نصفها الآخر.

قوله: «فَكَانَ يُعْطِي أَزْوَاجَهُ مِائَةَ وَسْقٍ ثَمَانُونَ وَسْقَ تَمْرٍ، وَعِشْرُونَ وَسْقَ شَعِيرٍ» وهي تقارب ستة آلاف صاع، يعني: لتكفيهم السنة كلها، ثم بعد ذلك صار أبو بكر يعطي أزواج النبي ﷺ هذا المقدار، فكن يتقوتن منه ويتصدقن وربما يبعن منه رضوان الله عليهن. «فَقَسَمَ عُمَرُ خَيْبَرَ، فَخَيَّرَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُقْطِعَ لَهُنَّ مِنْ الْمَاءِ وَالأَْرْضِ أَوْ يُمْضِيَ لَهُنَّ، فَمِنْهُنَّ مَنْ اخْتَارَ الأَْرْضَ، وَمِنْهُنَّ مَنْ اخْتَارَ الْوَسْقَ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ اخْتَارَتْ الأَْرْضَ» .

فالمزارعة أنواع:

النوع الأول: المزارعة الجائزة، ولها صور:

منها: إكراء الأرض بجزء مشاع مما يخرج منها جائز.

ومنها: إكراء الأرض بالذهب والفضة جائز.

ومنها: إكراء الأرض بآصع من التمر أو الحب جائز.

فهذه الصور كلها جائزة.

النوع الثاني: المزارعة المنهي عنها، ولها صور:

منها: إكراء الأرض على أن لأحدهما ما ينبت في جهة منها، وللآخر ما ينبت في الجهة الأخرى ـ كأن يكون لأحدهما: الجهة الشرقية، وللآخر الجهة الغربية، أو لأحدهما: الشمالية وللآخر: الجنوبية ـ.

ومنها: أن يكون لأحدهما ما ينبت على السواقي أو البِرَك وللآخر الباقي.

ومنها: أن يشترط مع الجزء المشاع دراهم أو آصع معينة.

فهذه الصور من المزرعة المنهي عنهما.

المتن:

باب إِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ السِّنِينَ فِي الْمُزَارَعَةِ

2329 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: عَامَلَ النَّبِيُّ ﷺ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ.

الشرح:

2329 قوله: «عَامَلَ النَّبِيُّ ﷺ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ» فيه: أن النبي ﷺ عامل أهل خيبر على النصف مما يخرج منها من ثمر أو زرع، فأعطاهم الأرض والنخيل يسقونها ويلحظونها ولهم نصف الثمرة، ولم يذكر مدة ولا أجلاً محددًا، فلم يقل لهم: سنة أو سنتين أو ثلاثًا أو أربعًا، ولهذا ترجم عليه المؤلف رحمه الله بقوله: «بَاب إِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ السِّنِينَ فِي الْمُزَارَعَةِ» ففيه: جواز المزارعة والمخابرة مع جهالة المدة بخلاف الإجارة؛ لأنه لابد في الإجارة من تحديد المدة والأجل بإجماع العلماء، فإذا أجَّر شخص أرضًا أو بيتًا فلابد أن يذكر مدة كسنة أو سنتين أو ستة أشهر، وأما المزارعة والمساقاة فلا يشترط لها تحديد مدة، ويكون متى أراد أحدهما الفسخ انفسخ، فباب الإجارة أضيق من باب المزارعة والمخابرة؛ ولهذا فإن المزارعة والمساقاة عقد جائز، وأما الإجارة فعقد لازم، وهذا هو الصواب، فإن لم تحدد المدة فلكل واحد من طرفي العقد أن يفسخه إذا لم يتفقا، أما إذا حددا مدة الزراعة على سنة أو سنتين أو ثلاث تكون حينئذ لازمة، وحكمها حكم الإجارة.

القول الثاني: ما ذهب إليه جمهور العلماء من أن كلًّا من المزارعة والمساقاة عقد لازم مطلقًا مثل الإجارة، فلابد فيه من تحديد المدة؛ وتأولوا قول النبي ﷺ لأهل خيبر: نُقِرُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا [(371)] على مدة العهد.

المتن:

باب

2330 بَاب حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو: قُلْتُ: لِطَاوُسٍ لَوْ تَرَكْتَ الْمُخَابَرَةَ فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْهُ، قَالَ: أَيْ عَمْرُو إِنِّي أُعْطِيهِمْ وَأُغْنِيهِمْ وَإِنَّ أَعْلَمَهُمْ أَخْبَرَنِي يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَلَكِنْ قَالَ: أَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ خَرْجًا مَعْلُومًا.

الشرح:

2330 قوله: «قَالَ عَمْرٌو: قُلْتُ: لِطَاوُسٍ» ، هو عمرو بن دينار، وشيخه هو طاوس بن كيسان.

قوله: «لَوْ تَرَكْتَ الْمُخَابَرَةَ» ، المخابرة: هي المزارعة للأرض على جزء مما يخرج منها، ويقال لها: المخابرة؛ لأن أصلها مأخوذ من خيبر؛ حيث دفعها النبي ﷺ إلى اليهود بجزء مما يخرج منها.

قوله: «فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْهُ» أي: نهى عن المخابرة.

قوله: «إِنِّي أُعْطِيهِمْ وَأُغْنِيهِمْ وَإِنَّ أَعْلَمَهُمْ أَخْبَرَنِي يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ» أي: لم ينه عن المخابرة التي هي المزارعة على جزء مما يخرج من الأرض؛ فلذلك لم يرد تخصيص حكم لها، ولكن قال: أَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ خَرْجًا مَعْلُومًا؛ يعني: لا يأخذ منه أجرة، والأفضل أن يعطيه الأرض بالمجان ليزرعها، وهذا من باب الإنفاق، وكان هذا في أول الهجرة؛ حتى يوسع الأنصار على إخوانهم من المهاجرين، ثم بعد ذلك رخَّص النبي ﷺ في المزارعة بأجرة، فالنهي محمول على التنزيه، وكان هذا من باب المواساة من جانب الأنصار لإخوانهم المهاجرين في أول الأمر.

المتن:

باب الْمُزَارَعَةِ مَعَ الْيَهُودِ

2331 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَعْطَى خَيْبَرَ الْيَهُودَ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا خَرَجَ مِنْهَ.

الشرح:

قوله: «بَاب الْمُزَارَعَةِ مَعَ الْيَهُودِ» . هذه الترجمة معقودة لبيان جواز التعامل مع اليهود وغيرهم من المشركين في المزارعة والمساقاة والبيع والإجارة بشرط ألا يكون في ذلك إبقاء للمشركين في جزيرة العرب؛ لأن النبي ﷺ أمر بعد ذلك بإخراجهم من جزيرة العرب، فأجلاهم عمر بن الخطاب ؛ لأن أبا بكر كان مشغولاً بحروب أهل الردة، فلا يجوز بقاء الكفرة في أرض العرب أو في جزيرة العرب إلا أن يأتي الكافر رسولاً للإمام مثلاً، أو يأتي ليبيع سلعته فيمكث أيامًا ثم يرجع إلى بلده، أما أن يأتي ويمكث شهورًا أو مدة طويلة، أو أن يأتي الإنسان بخدم من الكفار ويستقبلهم في جزيرة العرب فهذا لا يجوز؛ لحديث: أَخْرِجُوا المُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ العَرَبِ [(372)]، وفي لفظ آخر: لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ [(373)]، ولحديث: لا يبقى في جزيرة العرب دينان [(374)].

2331 في الحديث: جواز المزارعة بجزء مشاع مما يخرج من الثمرة، فإذا دفع إليه أرضه ليعمل فيها بالنصف أو الثلث أو الربع فهذه مزارعة، وإذا دفع الشجر إليه كالنخل والرمان وغيرها بجزء مما يخرج منها فهذه مساقاة، فدفع الأرض مزارعة، ودفْع الشجر مساقاة.

المتن:

باب مَا يُكْرَهُ مِنْ الشُّرُوطِ فِي الْمُزَارَعَةِ

2332 حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى سَمِعَ حَنْظَلَةَ الزُّرَقِيَّ، عَنْ رَافِعٍ ، قَالَ: كُنَّا أَكْثَرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَقْلاً، وَكَانَ أَحَدُنَا يُكْرِي أَرْضَهُ فَيَقُولُ: هَذِهِ الْقِطْعَةُ لِي وَهَذِهِ لَكَ فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ ذِهِ وَلَمْ تُخْرِجْ ذِهِ فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ ﷺ.

الشرح:

2332 في الحديث: صورة من صور المزارعة المنهي عنها والتي كانت موجودة في الجاهلية.

قوله: «قَالَ: كُنَّا أَكْثَرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَقْلاً» ، يعني: زرعًا.

قوله: «وَكَانَ أَحَدُنَا يُكْرِي أَرْضَهُ فَيَقُولُ: هَذِهِ الْقِطْعَةُ لِي وَهَذِهِ لَكَ فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ ذِهِ وَلَمْ تُخْرِجْ ذِهِ فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ ﷺ» . نهاهم النبي ﷺ عن هذه الصورة من المزارعة؛ لما فيه من الغرر والجهالة.

ومثل ذلك أن يقول: أكريك الأرض على أن الجهة الشمالية لي والجنوبية لك، أو يقول: لي ما ينبت على السواقي أو على البركة، ولك ما ينبت في الجهة الأخرى، فقد تنبت هذه الجهة ولا تنبت الأخرى، فيكون أحدهما غانمًا والآخر غارمًا.

أما إذا زارعها على الشطر أو بجزء مشاع مما يخرج منها فلا بأس، أو زارعها بالدراهم أو بأوسق معلومة فلا بأس، وأما إذا زارعها على جزء واشترط معه الدراهم أو اشترط معه أوسقًا فهذه أيضًا مزارعة منهي عنها.

المتن:

باب إِذَا زَرَعَ بِمَالِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ وَكَانَ فِي ذَلِكَ صَلاَحٌ لَهُمْ

2333 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: بَيْنَمَا ثَلاَثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ أَخَذَهُمْ الْمَطَرُ، فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنْ الْجَبَلِ فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا أَعْمَالاً عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً لِلَّهِ فَادْعُوا اللَّهَ بِهَا، لَعَلَّهُ يُفَرِّجُهَا عَنْكُمْ؛ قَالَ أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِي وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ كُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ، فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ حَلَبْتُ، فَبَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ بَنِيَّ، وَإِنِّي اسْتَأْخَرْتُ ذَاتَ يَوْمٍ، فَلَمْ آتِ حَتَّى أَمْسَيْتُ فَوَجَدْتُهُمَا نَامَا، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا أَكْرَهُ أَنْأُوقِظَهُمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْقِيَ الصِّبْيَةَ، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا فَرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ فَفَرَجَ اللَّهُ؛ فَرَأَوْا السَّمَاءَ، وَقَالَ الآْخَرُ: اللَّهُمَّ إِنَّهَا كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ أَحْبَبْتُهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ؛ فَطَلَبْتُ مِنْهَا، فَأَبَتْ عَلَيَّ حَتَّى أَتَيْتُهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَبَغَيْتُ حَتَّى جَمَعْتُهَا، فَلَمَّا وَقَعْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا، قَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! اتَّقِ اللَّهَ، وَلاَ تَفْتَحْ الْخَاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فَرْجَةً فَفَرَجَ، وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ، فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قَالَ: أَعْطِنِي حَقِّي، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ، فَرَغِبَ عَنْهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيَهَا، فَجَاءَنِي، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ! فَقُلْتُ: اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الْبَقَرِ وَرُعَاتِهَا فَخُذْ؛ فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ! وَلاَ تَسْتَهْزِئْ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي لاَ أَسْتَهْزِئُ بِكَ فَخُذْ فَأَخَذَهُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ مَا بَقِيَ؛ فَفَرَجَ اللَّهُ.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ: فَسَعَيْتُ.

الشرح:

قوله: «بَاب إِذَا زَرَعَ بِمَالِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ صَلاَحٌ لَهُمْ» ، يعني: فلا يكون متعديًا في هذه الحالة بل محسنًا مأجورًا.

2333 كرر المؤلف رحمه الله هذا الحديث في مواضع متعددة لاستنباط الأحكام، فذكره في «البيوع» ، و «الإجارة» ، و «أحاديث الأنبياء» ، و «الأدب» ، وهنا ذكره أيضا في «المزارعة» .

قوله: فَبَغَيْتُ أي: طلبت، وهو أكثر ما يستعمل في الشر، ووقع في الرواية الأخرى: فَسَعَيْتُ.

وفيه: قصة الثلاثة من بني إسرائيل الذين سدت الصخرة عليهم الغار فتوسلوا بأعمالهم الصالحة ففرج الله عنهم، وهذا فيه: دليل على أن الأعمال الصالحة من أعظم الوسائل في تفريج الكربات، قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [الطّلاَق: 2]:

أما الأول: فكان برًّا بوالديه.

والثاني منعه خوفه من الله من الوقوع في الفاحشة.

والثالث كان أمينًا، وهو محل الشاهد من الحديث، وذلك أنه استأجر أجيًرا بِفَرَقِ أَرُزٍّ وفي اللفظ الآخر: بفرق ذرة [(375)] ويجمع بينهما بأنه جزء منه أرز وجزء منه ذرة، فنماه للأجير حتى صار زرعًا، فعمل فيه، ثم اشترى به إبلاً وبقرًا وغنمًا ورقيقًا، ثم أعطى هذا كله للأجير ولهذا بوب عليه المؤلف رحمه الله: «بَاب إِذَا زَرَعَ بِمَالِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ صَلاَحٌ لَهُمْ» ، يعني: فلا يكون متعديًا في هذه الحالة بل محسنًا مأجورًا؛ ولذلك توسل به هذا الرجل إلى الله تعالى في محنته، وجعله من فضائل أعماله، وأقر على ذلك فأجيبت دعوته؛ لأنه مصلح محسن، فقد كان الأجر فرقا من أرز أو ذرة فقام بزراعته، ثم اشترى به واديًا من البقر وواديًا من الغنم وواديًا من الرقيق، ثم أعطاه صاحبه؛ فهذا كله إحسان وصلاح وأداء للأمانة.

وفيه: رفع الحرج عن الزارع لو زرع لغيره بهذا القصد، وأن الزرع يكون لصاحب المال لا للذي زرعه.

وقال أكثر أهل العلم: لو تلف فإنه يضمن أصل المال؛ لأنه أمانة عنده.

المتن:

باب أَوْقَافِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَرْضِ الْخَرَاجِ وَمُزَارَعَتِهِمْ وَمُعَامَلَتِهِمْ

وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: لِعُمَرَ تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ لاَ يُبَاعُ، وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ فَتَصَدَّقَ بِهِ.

2334 حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ : لَوْلاَ آخِرُ الْمُسْلِمِينَ مَا فَتَحْتُ قَرْيَةً إِلاَّ قَسَمْتُهَا بَيْنَ أَهْلِهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ ﷺ خَيْبَرَ.

الشرح:

قوله: «بَاب أَوْقَافِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَرْضِ الْخَرَاجِ وَمُزَارَعَتِهِمْ وَمُعَامَلَتِهِمْ» . كانت للنبي ﷺ أوقاف موقفة بخيبر؛ لأن خيبر فتح بعضها صلحًا وبعضها فتح عنوةً، وزارع أهل خيبر وعاملهم، ولما قال عمر للنبي ﷺ: «إني أصبت أرضًا بخيبر وهي أنفس أموالي فماذا أصنع بها؟» [(376)] قال: تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ، لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ، وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ، يعني: الرقبة وقف، والثمرة يتصدق بها، فتُنفق في المصالح، وفي اللفظ الآخر: «فصدقته تلك في سبيل الله، وفي الرقاب، والمساكين، والضيف، وابن السبيل، ولذي القربى، ولا جناح على من وليه أن يأكل منه بالمعروف أو يوكل صديقه غير متمول به» [(377)].

2334 قوله: «لَوْلاَ آخِرُ الْمُسْلِمِينَ مَا فَتَحْتُ قَرْيَةً إِلاَّ قَسَمْتُهَا بَيْنَ أَهْلِهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ ﷺ خَيْبَرَ» ، بقية كلام عمر محذوف، وتقديره: لكن النظر لآخر المسلمين يقتضي ألا أقسمها، بل أجعلها وقفًا على المسلمين. وبهذا تظهر مناسبته للترجمة؛ لأن مقصود عمر من الوقف نفع المسلمين الذين يأتون من بعدهم من الخراج الذي يكون فيها، والمعنى أن عمر يقول: «لَوْلاَ آخِرُ الْمُسْلِمِينَ مَا فَتَحْتُ قَرْيَةً إِلاَّ قَسَمْتُهَا» على الغانمين؛ لأنهم هم الذين جاهدوا عليها وملكوها، ولكن سأجعلها وقفًا، وأجعل فيها خراجًا حتى يُنتفع المسلمون الذين يأتون من بعدنا.

وقد قسم النبي ﷺ بعض أرض خيبر ووقف بعضها؛ فيكون هذا حجة لعمر  لكونه لم يقسمها، ووافق عمر على ذلك جمهورُ الصحابة، ولم يخالف في ذلك إلا نفر قليل، فقال بعضهم: اتق الله يا عمر، وأعطنا حقنا منها، فقال عمر : «لَوْلاَ آخِرُ الْمُسْلِمِينَ مَا فَتَحْتُ قَرْيَةً إِلاَّ قَسَمْتُهَا بَيْنَ أَهْلِهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ ﷺ خَيْبَرَ» ، لكن النظر لآخر المسلمين يقتضي ألا أقسمها، فلما نظر للمصلحة العامة للمسلمين جعل عليها الخراج.

المتن:

باب مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا

وَرَأَى ذَلِكَ عَلِيٌّ فِي أَرْضِ الْخَرَابِ بِالْكُوفَةِ مَوَاتٌ.

وَقَالَ عُمَرُ: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ.

وَيُرْوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ وَقَالَ: فِي غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ فِيهِ حَقٌّ.

وَيُرْوَى فِيهِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ.

2335 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَنْ أَعْمَرَ أَرْضًا لَيْسَتْ لأَِحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ.

قَالَ عُرْوَةُ: قَضَى بِهِ عُمَرُ فِي خِلاَفَتِهِ.

الشرح:

قوله: «بَاب مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا» . الموات: هي الأرض التي لم تعمر. وإحياؤها: أن يعمد إلى أرض لا يعلم تَقَدُّم ملكٍ عليها لأحد فيحييها بالسقي أو الزرع أو الغرس أو البناء، فتصير بذلك ملكًا له.

فإعمار الأرض: إحياؤها، وهو أن يعمد إلى أرض لا يعلم تقدم ملك أحد عليها، فيحييها بالسقي أو الزرع أو الغرس أو البناء، فتصير بذلك ملكًا له سواء قرب من العمران أم بعد، وسواء أذن الإمام أو لم يأذن، وهذا قول جمهور العلماء؛ وهو الصواب الذي يدل عليه عموم هذا الحديث مَنْ أَعْمَرَ أَرْضًا لَيْسَتْ لأَِحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ، وذهب الإمام أبو حنيفة[(378)] إلى أنه لابد من إذن الإمام مطلقًا، وذهب الإمام مالك[(379)] إلى أنه إذا كان قريبًا من البلد فلابد من إذن الإمام، وإذا كان بعيدًا فلا.

وظاهر الحديث والجمهور على العموم، وهو أن من أحيا أرضا ليست لأحد، وليست طريقًا إلى الناس، وليست مرعًى لمواشيهم، ولم يتقدم فيها ملك لأحد ولا صك ـ فيعمرها إما ببناء يحوطها، أو بغرس أو بزرع ـ تكون ملكًا له سواء أذن الإمام أم لا.

قوله: فِي غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ ، أي: من أحيا أرضًا ميتة في غير حق مسلم فهي له، أما الأرض التي فيها صك لأحد، أو فيها تَقَدُّم ملك لأحد عليها، أو قد أحياها غيره فلا.

قوله: وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ فِيهِ حَقٌّ، أي: الذي يظلم الناس ويعتدي على أراضيهم، ويزعم أنه يحييها ليس له حق فيها.

المتن:

باب

2336 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أُرِيَ وَهُوَ فِي مُعَرَّسِهِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ فِي بَطْنِ الْوَادِي، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ، فَقَالَ مُوسَى: وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ بِالْمُنَاخِ الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُنِيخُ بِهِ؛ يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَهُوَ أَسْفَلُ مِنْ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِبَطْنِ الْوَادِي، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ وَسَطٌ مِنْ ذَلِكَ.

2337 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ الأَْوْزَاعِيِّ، قَالَ: حَدَّثنِي يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: اللَّيْلَةَ أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي وَهُوَ بِالْعَقِيقِ أَنْ صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ، وَقُلْ عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ.

الشرح:

أراد المؤلف رحمه الله أن يبين أن البطحاء التي وقع فيها التعريس وأُمر بالصلاة فيها لا تدخل في الموات الذي يُحيا ويُملك؛ لأنه لم يقع فيها تحويط ونحوه من وجوه الإحياء، ولم يُجر عليها الماء ولم يُغرس ولم يُزرع فيها، فمجرد النزول في الموات والصلاة فيه لا يكون إحياء له أو أن الوادي المذكور الذي نزل فيه النبي ﷺ من جنس الموات، لكن مكان التعريس فيه مستثنًى لكونه من الحقوق العامة، فلا يصح أن يُحتكر لأحد، ولو عمل فيه بشروط الإحياء، وذلك مثل منًى وعرفة ومزدلفة فليس لأحد أن يتملكها أو أن يتحجرها؛ لكونها من الحقوق العامة، كذلك هذا الوادي ـ وادي ذي الحليفة ـ الذي نزل فيه النبي ﷺ عام للناس كلهم؛ فليس لأحد أن يتملكه.

2337 قوله: اللَّيْلَةَ أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي وَهُوَ بِالْعَقِيقِ. العقيق: هو وادي ذي الحليفة الذي يُحرَم منه، وبينه وبين المدينة أربعة أميال.

قوله: أَنْ صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ، وَقُلْ عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ احتج به الجمهور على استحباب صلاة ركعتين للإحرام بالوادي المبارك ـ وادي ذي الحليفة ـ وهو العقيق، وقالوا: هذا دليل على أن الإحرام له ركعتان نافلة، فيتوضأ الإنسان ويصلي ركعتي الإحرام، ثم بعدهما يلبي.

ولكن شيخ الإسلام ابن تيمية خالف الجمهور فقال: «يستحب أن يحرم عقيب صلاة: إما فرض، وإما تطوع إن كان وقت تطوع في أحد القولين، وفي الآخر: إن كان يصلي فرضًا أحرم عقيبه، وإلا فليس للإحرام صلاة تخصه، وهذا أرجح» [(380)].

فالراجح عدم تخصيص الإحرام بركعتين؛ لأنه ليس في الحديث أن الصلاة كانت للإحرام، فقوله: صَلِّ تحتمل أن تكون صلاة نافلة، وتحتمل أن تكون صلاة فريضة، وقد ورد في بعض الروايات أنها كانت صلاة الظهر[(381)]؛ لذلك فالأقرب أن الإحرام ليس له صلاة خاصة به، ولكن يحرم بعد صلاة مفروضة كما فعل النبي ﷺ، أو يتوضأ ويصلي سنة الوضوء أو صلاة الضحى إن كان في وقت الضحى، ثم يحرم بعد ذلك.

المتن:

باب إِذَا قَالَ رَبُّ الأَْرْضِ: أُقِرُّكَ مَا أَقَرَّكَ اللَّهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلاً مَعْلُومًا فَهُمَا عَلَى تَرَاضِيهِمَا

2338 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى أَخْبَرَنَا نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما أَجْلَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ أَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا، وَكَانَتْ الأَْرْضُ حِينَ ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ﷺ وَلِلْمُسْلِمِينَ، وَأَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا، فَسَأَلَتْ الْيَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لِيُقِرَّهُمْ بِهَا أَنْ يَكْفُوا عَمَلَهَا وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا؛ فَقَرُّوا بِهَا حَتَّى أَجْلاَهُمْ عُمَرُ إِلَى تَيْمَاءَ وَأَرِيحَاءَ.

الشرح:

قوله: «بَاب إِذَا قَالَ رَبُّ الأَْرْضِ: أُقِرُّكَ مَا أَقَرَّكَ اللَّهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلاً مَعْلُومًا فَهُمَا عَلَى تَرَاضِيهِمَا» هذه الترجمة معقودة لجواز المساقاة والمزارعة بجزء من الثمر دون تحديد أجل ما داما متراضيين، سواء استمرا سنة، أو سنتين، أو ثلاثًا، أو أربعًا، أو أكثر إذا لم يُرِدْ أحدهما الفسخ؛ لأنها عقد جائز، فإذا اختلفا تفاسخا.

وجه الدلالة من حديث الباب قول النبي ﷺ لليهود: نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا، ولم يحدد مدة، ثم قيل: «فَقَرُّوا بِهَا حَتَّى أَجْلاَهُمْ عُمَرُ إِلَى تَيْمَاءَ وَأَرِيحَاءَ» فدل على جواز المساقاة بجزء من الثمر بدون تحديد أجل ما داما متراضيين، فإذا اختلفا تفاسخا، أما إذا حُدد أجل معلوم ومدة معلومة فإنها تلزم، وهو الصواب.

مثال ذلك: إذا قال إنسان: أساقيك عشر سنين، أو خمس سنوات، أو سنتين لزمه ذلك، وأما إذا سكت فقال: أساقيك، ولم يحدد أجلاً فإنها عقد جائز، ويجوز لأحدهما الفسخ، وهذا هو الصواب الذي عليه الظاهرية وجماعة، أما الجمهور فإنهم يرون أن المساقاة والمزارعة عقدان لازمان مثل الإجارة، ويقولون: لابد من تحديد المدة، وتأولوا قول النبي ﷺ: نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا على مدة العهد، وقالوا: لأن النبي ﷺ كان عازمًا على إخراجهم من جزيرة العرب، والصواب القول الأول؛ وهو أن عقد المزارعة والمساقاة عقد جائز إذا لم تحدد فيه المدة، فإن حددت فهو لازم، أما غير المساقاة والمزارعة كالإجارة والكراء فلابد فيهما من أجل وتحديد للمدة، وبهذا يتبين أن باب الإجارة أضيق من باب المزارعة والمساقاة، وباب المزارعة والمساقاة أوسع من الإجارة.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد