شعار الموقع
شعار الموقع

شرح كتاب المساقاة من صحيح البخاري (42-1) من باب فِي الشُّرْبِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ - إلى باب فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ

00:00

00:00

تحميل
52

المتن:

(43)كِتَاب المُسَاقَاة

باب فِي الشُّرْبِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ [الأنبيَاء: 30].

وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ ۝ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ۝ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ [الواقِعَة: 68-70] الأُْجَاجُ الْمُرُّ الْمُزْنُ السَّحَابُ.

الشرح:

هذا «كتاب المساقاة» ، والمساقاة تعني: سقي الماء للزروع والنخيل والأنعام والأفراد والأشخاص، وكل ما يتعلق بالسقي.

والشُّرب ـ بضم الشين ـ مصدر شرب يشرب شُرْبًا؛ والشِّرب ـ بكسر الشين ـ أي: الحكم في قسمة الماء، وأصل الشِّرب: النصيب والحظ من الماء، فإذا كان الماء سيلاً تكون قسمة الماء بأنه إذا جاء مسيل الماء من الوادي وجاء على الحروث والزروع فإنه يشرب الأعلى ثم يشرب من بعده وهكذا.

قوله: «وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ [الأنبيَاء: 30].» . صدر المؤلف رحمه الله هذا الباب بهذه الآية.

وفيها: بيان أن الله جعل من الماء كل شيء حي، وأراد أن الحيوان لا يعيش إلا بالماء، وقال بعضهم: أراد بالماء: النطفة، فيكون المعنى: كل شيء خلق من الماء.

قوله: «وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ ۝ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ۝ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ [الواقِعَة: 68-70] والمزن هي السحاب وأجاجًا يعني: مرًّا، وهذا فيه بيان نعمة الله على عباده أنه أنزل عليهم الماء من السحاب عذبًا ولو شاء لجعله مرًّا مالحًا.

جاء في بعض نسخ صحيح البخاري بعد الترجمة: قوله: « فُرَاتًا : عذبًا» ، أشار إلى آية المرسلات: وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا [المُرسَلات: 27] والفرات: هو العذب، وهذا من عادة المؤلف رحمه الله أن يأتي بالآيات التي تتعلق بالترجمة ولو من بعيد من باب الفائدة.

المتن:

باب فِي الشُّرْبِ وَمَنْ رَأَى صَدَقَةَ الْمَاءِ وَهِبَتَهُ وَوَصِيَّتَهُ جَائِزَةً مَقْسُومًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَقْسُومٍ

وَقَالَ عُثْمَانُ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ فَيَكُونُ دَلْوُهُ فِيهَا كَدِلاَءِ الْمُسْلِمِينَ فَاشْتَرَاهَا عُثْمَانُ .

2351 حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: حَدَّثنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِقَدَحٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ وَالأَْشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ فَقَالَ: يَا غُلاَمُ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الأَْشْيَاخَ؟ قَالَ: مَا كُنْتُ لأُِوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ.

2352 حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، أَنَّهَا حُلِبَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ شَاةٌ دَاجِنٌ وَهِيَ فِي دَارِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَشِيبَ لَبَنُهَا بِمَاءٍ مِنْ الْبِئْرِ الَّتِي فِي دَارِ أَنَسٍ، فَأَعْطَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ الْقَدَحَ فَشَرِبَ مِنْهُ حَتَّى إِذَا نَزَعَ الْقَدَحَ مِنْ فِيهِ، وَعَلَى يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ عُمَرُ: وَخَافَ أَنْ يُعْطِيَهُ الأَْعْرَابِيَّ أَعْطِ أَبَا بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدَكَ، فَأَعْطَاهُ الأَْعْرَابِيَّ الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ: الأَْيْمَنَ فَالأَْيْمَنَ.

الشرح:

وهذه الترجمة أراد بها المؤلف رحمه الله أن يبين أن صدقة الماء وهبته ووصيته ماضية.

وفيه: دليل على أن الماء يملك؛ لأن الشيء الذي يتصدق به إنما يكون ملك المتصدِّق، والماء يتصدق به ويوهب ويوصى به، فإذا كان الماء في بئر أو حازه في إنائه أو في حوضه فيكون أولى به من غيره، وله أن يتصدق بهذا الماء ويهبه ويوصي به.

قوله: «بَاب فِي الشُّرْبِ وَمَنْ رَأَى صَدَقَةَ الْمَاءِ وَهِبَتَهُ وَوَصِيَّتَهُ جَائِزَةً» ؛ جائزة يعني: ماضية وليس المراد الإباحة.

قوله: «مَقْسُومًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَقْسُومٍ» يعني: مقسومًا كان الماء أو غير مقسوم.

قوله: «وَقَالَ عُثْمَانُ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ فَيَكُونُ دَلْوُهُ فِيهَا كَدِلاَءِ الْمُسْلِمِينَ . استدل رحمه الله بقصة عثمان حينما اشترى بئر رومة ـ وكانت بئر رومة ليهودي وكان ماؤها عذبًا، فاشتراها عثمان ووقفها على المسلمين، وصار يشرب معهم، وصار دلوه كدلاء المسلمين ـ على أن الماء يتصدق به ويملك، وقصد المؤلف الرد على من قال: إن الماء لا يملك لحديث: الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْمَاءِ، وَالْكَلَإِ، وَالنَّارِ [(383)] وأن معنى الحديث: الناس شركاء فيما زاد في ذلك عن الحاجة؛ ولهذا اشترى عثمان هذه البئر ووقفها على المسلمين؛ امتثالاً لأمر النبي ﷺ.

وفيه: دليل على أن الواقف ينتفع بوقفه مع الناس إذا اشترط ذلك أو كان داخلا ضمن المنتفعين، فإذا بنى الإنسان مسجدًا يصلي فيه مع المسلمين وإن كان وقفه، وإذا حفر بئرًا يشرب من هذه البئر مع المسلمين وإن كان وقفه، وكون الواقف يوقف شيئًا ليس معناه أن يحرم نفسه منه.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله حديث سهل بن سعد، وحديث أنس ليستدل بهما على أن الإنسان إذا حاز الماء أو استخرجه من البئر ووضعه في قربته أو في إنائه فهو يملكه في هذه الحالة وله أن يبيعه، أما الماء الذي في البئر فالناس شركاء فيه وليس لأحد أن يمنع منه أحدًا، لكن صاحب البئر أولى من غيره في أخذ حاجته ثم يترك الباقي للمسلمين، وليس له أن يمنع أحدًا من الانتفاع.

وكذلك ماء الأمطار والغدران والعيون والأنهار، فكل هذه لا تملك، والناس شركاء فيها، لكن من حاز شيئًا من الماء، واستخرجه وتعب فيه ووضعه في إنائه فهو أحق به من غيره ويملكه، ورب الأرض الذي حفر البئر أو اشترى الماء أحق به، ثم يترك ما فضل للناس، وهذا من دقائق فقه الإمام البخاري رحمه الله.

2351 قوله: «أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِقَدَحٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ» . فيه: أن هذا القدح كان فيه ماء، وهذا الذي أتى بالقدح يملك هذا الماء؛ لأنه حازه فيه.

وفيه: دليل على أن الإنسان إذا شرب من إناء سواء كان إناء ماء أو لبن أو عصير أو غيره فإنه يعطي من عن يمينه سواء كان صغيرًا أو كبيرًا، ولا يعطي غيره إلا إذا استأذن من كان على اليمين، ولهذا لما أتي النبي ﷺ بقدح فشرب منه وعن يمينه أصغر القوم والأشياخ عن يساره، استأذن النبي ﷺ الغلام.

قوله: يَا غُلاَمُ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الأَْشْيَاخَ؟ قَالَ: مَا كُنْتُ لأُِوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ» . وفي رواية: فَتَلَّهُ فِي يَدِهِ [(384)] والغلام هو ابن عباس رضي الله عنهما، وكان عن يمينه وهو أصغر القوم فاستأذنه النبي ﷺ فلم يأذن له؛ لأنه يريد أن يكون بعد النبي ﷺ وأن يكون هو السابق لفضلة النبي ﷺ، وأن يتبرك بالماء الذي أعطاه له النبي ﷺ؛ لأن النبي ﷺ يتبرك به وبفضله وهذا من خصوصياته ﷺ.

2352 قوله: «حُلِبَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ شَاةٌ دَاجِنٌ وَهِيَ فِي دَارِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَشِيبَ لَبَنُهَا بِمَاءٍ مِنْ الْبِئْرِ الَّتِي فِي دَارِ أَنَسٍ» . شيب: يعني: خلط، وهذا الحديث فيه دليل على أنه لا بأس بخلط اللبن بالماء للشرب منه حتى يكون كثيرًا فيعطي الضيف أو يهدي للجيران، أما إذا كان للبيع فلا يخلطه إلا إذا أخبرهم، وإلا يكون هذا غشًّا؛ لأنه أوهمهم أنه كله لبن وليس فيه شيء من الماء.

قوله: «فَأَعْطَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ الْقَدَحَ فَشَرِبَ مِنْهُ حَتَّى إِذَا نَزَعَ الْقَدَحَ مِنْ فِيهِ، وَعَلَى يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ عُمَرُ: وَخَافَ أَنْ يُعْطِيَهُ الأَْعْرَابِيَّ أَعْطِ أَبَا بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدَكَ» ، يعني: عن يسارك.

قوله: «فَأَعْطَاهُ الأَْعْرَابِيَّ الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ: الأَْيْمَنَ فَالأَْيْمَنَ، يعني: أعط الأيمن فالأيمن؛ لأن الأيمن هو الأحق، وقصد المؤلف من الحديثين الاستدلال بهما على أن الماء يملك إذا حازه الإنسان أو استخرجه من البئر؛ لأن الماء الذي حيز في القدح مملوك لصاحبه، ولا ينافي هذا حديث: الْنَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْمَاءِ، وَالْكَلَإِ، وَالنَّارِ [(385)] لأنهم شركاء في الماء الذي يكون في البئر، أو في الغدران، أو في العيون، أو في الأنهار، وكذلك الفاضل عن حاجة الإنسان من الماء يعطيه لغيره ولا يمنع منه أحدًا، وإذا حفر بئرًا يكون هو أولى من غيره، فيشرب هو بنفسه ودوابه وما فضل يتركه للمسلمين.

وفي الحديث: أنه من السنة أن يعطي الأيمن إلا إذا استأذنه وسمح له أن يعطي مَنْ كان على اليسار.

وفيه: أن الذي يأتي بالماء أو باللبن أو بالقهوة ـ مثل صاحب الدار ـ يعطي الأكبر أو الفاضل أولاً، ثم إذا شرب الأكبر يعطيه مَنْ على يمينه، فصاحب الدار يختار في الأول فيعطي الكبير أو الرئيس أو العالم، ثم إذا شرب الكبير من القدح يعطي مَنْ على يمينه صغيرًا كان أو كبيرًا، إلا إذا سمح من على يمينه أن يعطي مَنْ عن يساره.

المتن:

باب مَنْ قَالَ: إِنَّ صَاحِبَ الْمَاءِ أَحَقُّ بِالْمَاءِ حَتَّى يَرْوَى، لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: لاَ يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ

2353 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الأَْعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لاَ يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ.

2354 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لاَ تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ فَضْلَ الْكَلَأِ.

الشرح:

هذه الترجمة فيها أن صاحب الماء أو صاحب البئر أحق بالماء حتى يروَى هو ودوابه وخدمه، ثم بعد ذلك يعطي الفضل غيره، ويتركه للناس ولا يمنعه، وهذا واجب عليه لما في المنع من الوعيد الشديد؛ قال رسول الله ﷺ ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ... وذكر فيهم: وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَائِهِ [(386)] يعني: الزائد عن الحاجة.

2353 قوله: لاَ يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ. الكلأ: العشب والنبات، وهذا من باب النفي، وهو أبلغ من النهي، والمعنى أن الإنسان إذا كان عنده بئر فيها ماء زائد عن حاجته فليس له أن يمنعه من يأتي بدوابه لأجل أن يمنعه من رعاية الكلأ؛ لأنه إذا منع دوابه من أن تشرب منعه من أكل الكلأ؛ لأنها إذا أكلت الكلأ تحتاج إلى الماء فإذا منعها منه رحلت، فيكون قد منعها من العشب، والناس شركاء في الماء الفاضل وفي العشب، ومنع فضل الماء من الظلم، فلو أن إنسانًا عنده ماء في غدير، ثم منع الناس من الشرب من الغدير أو منعهم من الماء الذي في البئر، فهذا عليه الوعيد الشديد؛ لأن الناس شركاء في الفاضل من الماء، فليس له أن يمنع الناس فضل الماء الزائد عن حاجته وإن كان هو الذي حفر البئر، لكن له أن يأخذ حاجته أولاً ثم يتركه للناس، وكذلك منعهم فضل الكلأ والعشب، فإذا أتى إنسان إلى البرية وحمى أرضًا فيها نبات ومنع الناس أن ترعى دوابهم من الكلأ، أو منعهم فضل الماء لئلا يرعوا المراعي التي حوله كان ظالمًا.

2354 قوله: لاَ تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ فَضْلَ الْكَلَأِ؛ لأنه إذا منع الماء الفاضل عن حاجته منع الدواب من أن ترعى العشب؛ لأنها إذا لم تشرب لا ترعى، وإذا رعت تحتاج إلى الشرب، وكل من الماء والكلأ الناس شركاء فيه.

وهذا الحديث أتى بصيغة النهي وجاء في الحديث الأول بصيغة النفي.

وفي الحديثين: جواز بيع الماء؛ لأن النهي إنما هو عن منع الفضل لا عن منع الأصل؛ لأنه لم يقل: لا تمنعوا الماء، ولكن قال: فَضْلَ الْمَاءِ، والفضل: الزائد عن الحاجة، فالحديث فيه: جواز بيع الماء.

وفيه: الرد على من منع بيع الماء احتجاجًا بحديث الْنَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ [(387)] فالماء لا يمنع إلا إذا حازه الإنسان في مكانه أو في بيته أو في إنائه أو في قربته أو حفر بئرًا فحينئذ يأخذ حاجته منه فهو أولى به، وإذا فضل عن حاجته شيء فهذا هو الذي لا يمنع.

المتن:

باب مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ

2355 حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: الْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ.

الشرح:

هذه الترجمة عقدها المؤلف لبيان بعض أحكام الشرع في أسباب سقوط الديات عن البعض وعدم الضمان فيها.

2355 قوله: الْمَعْدِنُ جُبَارٌ، أي: المناجم التي تحفر في الأرض ـ مثل مناجم الرصاص أو النحاس أو الذهب ـ إذا سقط فيها إنسان فإنه هدر ليس له دية.

قوله: وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، يعني: هدر، والمعنى: أن من حفر بئرًا في ملكه ثم سقط فيها إنسان فإنه لا يضمن، لكن إذا كانت البئر التي حفرت في موضع خطر فإنه لابد أن يضع دونها شيئًا أو علامة تُتقى بها، فالحديث محمول على ما إذا لم تكن في موضع خطر، وإلا فإنه يضمن؛ لأنه يكون سببًا في القتل، وكذلك إذا حفر بئرًا في طريق الناس أو في غير ملكه فإنه يضمن ما سقط فيها.

قوله: وَالْعَجْمَاءُ جُبَارٌ، يعني: الدابة إذا أصابت إنسانًا وليس معها أحد، فوقصته برجلها أو عضته بفمها فإنه هدر، وإذا كان معها صاحبها فإنه يضمن ما أصابت بفمها دون رجلها.

قوله: وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ؛ الركاز: ما وجد من دِفن الجاهلية، مثل الكنز يوجد في باطن الأرض فيلتقطه صاحبه ويخرج خمسه زكاة؛ لأنه مال أتى إليه بغير مشقة.

وقيد المؤلف في الترجمة فقال: «بَاب مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ» والحديث ليس فيه التقييد بالملك حيث قال: وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، في ملكه أو في غير ملكه، ولكن المؤلف مشى على ما ذهب إليه الجمهور من التفرقة بين الحفر في الملك وغيره، والصواب: أنه لا يضمن سواء حفر بئرًا في ملكه أو في غير ملكه إلا إذا كانت في الطريق، فإذا كان حفرها في غير ملكه لينتفع بها الناس، وجعل عليها علامات يزول بها الخطر فإنه لا يضمن.

المتن:

باب الْخُصُومَةِ فِي الْبِئْرِ وَالْقَضَاءِ فِيهَا

2356، 2357 حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الأَْعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ عَلَيْهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بَعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً... الآْيَةَ فَجَاءَ الأَْشْعَثُ، فَقَالَ: مَا حَدَّثَكُمْ أَبُو عَبْدِالرَّحْمَنِ فِيَّ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآْيَةُ كَانَتْ لِي بِئْرٌ فِي أَرْضِ ابْنِ عَمٍّ لِي، فَقَالَ لِي: شُهُودَكَ، قُلْتُ: مَا لِي شُهُودٌ، قَالَ: فَيَمِينُهُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذًا يَحْلِفَ؛ فَذَكَرَ النَّبِيُّ ﷺ هَذَا الْحَدِيثَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ذَلِكَ تَصْدِيقًا لَهُ.

الشرح:

2356، 2357 في الحديث: أن البئر تملك؛ ولهذا تكون الخصومة فيها ويكون القضاء فيها، وهذه الخصومة في البئر حدثت عند النبي ﷺ وقضى فيها.

قوله: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ عَلَيْهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ فيه: وعيد شديد على من حلف على يمين عند القاضي أو الحاكم ليقتطع بها مال امرئ مسلم، ومثل ذلك: أن يكون شخص له مال أو دين على شخص فينكر المدين فيتحاكمان للحاكم، فيقول الحاكم للمدعي: هات بينة، فيقول: ما عندي بينة، فيقول للخصم: احلف فيحلف، ففي هذه الحالة تنتهي الخصومة، لكن الخصومة انتهت في الدنيا وبقيت في الآخرة فيوم القيامة يختصمان بين يدي رب العالمين، فهو قطع بهذا الحلف مال أخيه؛ فهو فاجر.

قوله: «فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بَعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً [آل عِمرَان: 77]» . لو أعطي الدنيا كلها مقابل الحلف الكاذب فهي ثمن قليل.

قوله: «فَجَاءَ الأَْشْعَثُ، فَقَالَ: مَا حَدَّثَكُمْ أَبُو عَبْدِالرَّحْمَنِ فِيَّ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآْيَةُ كَانَتْ لِي بِئْرٌ فِي أَرْضِ ابْنِ عَمٍّ لِي» ، يعني: اختصما في بئر.

قوله: «فَقَالَ لِي: شُهُودَكَ، يعني: قال الرسول ﷺ للأشعث: هات شهودك أن البئر لك.

قوله: «قُلْتُ: مَا لِي شُهُودٌ، قَالَ: فَيَمِينُهُ يعني: لك يمين الخصم.

قوله: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذًا يَحْلِفَ؛ فَذَكَرَ النَّبِيُّ ﷺ هَذَا الْحَدِيثَ» ، يعني: أن النبي ﷺ قال: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ عَلَيْهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ وفيه: دليل على أن القاضي بين المتخاصمين يطلب من المدعي البينة، فإن كان عنده بينة قضى له بالبينة، وإن لم يكن له عنده بينة فإن اليمين توجه إلى المنكر، فإذا حلف انتهت الخصومة في الدنيا، وليس معنى ذلك أنه إذا حلف كاذبًا سلم من الإثم وأنه استحق ما حلف عليه، بل استحقه في الدنيا فقط؛ لأنه إذا كان كاذبًا فقد استحق الوعيد الشديد في الدنيا، والعقوبة في الآخرة.

والمنكر يحلف ولو كان كافرًا، فإذا كان خصمك كافرًا ولم يكن عندك بينة فإنه ليس لك إلا يمينه؛ لحديث: الْبَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِي، وَاليَمِينُ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ [(388)] وحديث: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه [(389)] فهذا عام يشمل المؤمن والكافر، وهذا اليمين لقطع النزاع والخصومة في الدنيا، لكن الخصومة باقية بين يدي رب العالمين، فإذا حلف الإنسان وهو يعلم في نفسه أنه فاجر فعليه الوعيد الشديد.

والشاهد من الحديث ـ كما ذكرنا آنفًا ـ: أن البئر يكون فيها الخصومة والقضاء، فدل على أن البئر تملك، وهو دليل على أن الماء يملك أيضًا.

وفيه: الرد على من قال: إنه لا يملك.

المتن:

باب إِثْمِ مَنْ مَنَعَ ابْنَ السَّبِيلِ مِنْ الْمَاءِ

2358 حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنْ الأَْعْمَشِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ثَلاَثَةٌ لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ فَمَنَعَهُ مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لاَ يُبَايِعُهُ إِلاَّ لِدُنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا سَخِطَ، وَرَجُلٌ أَقَامَ سِلْعَتَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ: وَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ لَقَدْ أَعْطَيْتُ بِهَا كَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ رَجُلٌ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآْيَةَ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بَعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً [آل عِمرَان: 77].

الشرح:

هذه الترجمة معقودة لبيان إثم من منع ابن السبيل من الماء، والمراد فضل الماء وما زاد عن حاجته كما في الحديث، وابن السبيل هو المسافر الذي خرج من بلده؛ وسمي بابن السبيل لملازمته له؛ ويسمى أيضا ابن الطريق، فابن السبيل لا يمنع من فضل الماء وكذلك غيره.

2358 قوله: ثَلاَثَةٌ لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: فيه: الوعيد على هؤلاء الثلاثة، وأن كل واحد منهم قد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب.

الأول: رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ فَمَنَعَهُ مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ. فضل ماء يعني: الزائد عن حاجته، أما ما يحتاجه فهو أولى به إذا كان هو الذي حفر البئر، فإن لم يكن حفر البئر فيكونان مستويين كل يدلي دلوه ويأخذ حاجته، وليس لأحد منهما أن يمنع الآخر، فإذا منعه فإنه يكون من الظالمين، ومن منع ابن السبيل من أن يأخذ حاجته من ماء زائد عن حاجته يكون ظالمًا أيضًا وعليه الوعيد الشديد.

الثاني: وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لاَ يُبَايِعُهُ إِلاَّ لِدُنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا سَخِطَ. يعني: بايع الإمام على الولاية، ولكن لم يبايعه تدينًا ـ لأنه يجب على الإنسان أن يبايع الإمام وأن يسمع ويطيع لولاة الأمور في المعروف ـ وإنما بايعه لأجل الدنيا، إن أعطاه من الدنيا رضي واستمر على مبايعته، وإن لم يعطه منها سخط ونقض البيعة فهذا عليه الوعيد الشديد؛ لأن الواجب على الرعية أن يسمعوا ويطيعوا لولاة الأمور في المعروف، وليس لهم أن ينقضوا البيعة إلا إذا كفر كفرًا صريحًا ـ كما جاء في الحديث: إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا، عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ [(390)] ـ ووجد البديل ووجدت القدرة على إزالته ووضع البديل المسلم، أما إذا نقض البيعة من أجل الدنيا فهذا عليه الوعيد الشديد.

الثالث: وَرَجُلٌ أَقَامَ سِلْعَتَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ: وَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ لَقَدْ أَعْطَيْتُ بِهَا كَذَا وَكَذَا، يعني: باع السلعة بعد العصر، وفي اللفظ الآخر: بَاعَ سِلْعَتَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ [(391)] وخصص بعد العصر؛ لأنه ختام النهار، فينبغي للإنسان أن يختم نهاره بطاعة الله، وهذا ختم نهاره بمعصية؛ حيث إنه كذب.

وقوله: فَقَالَ: وَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ لَقَدْ أَعْطَيْتُ بِهَا كَذَا وَكَذَا ، يعني: سأله إنسان: كم تساوي هذه السلعة؟ فقال: أعطيت بها مائة، وهو كذاب لأنها ما جاءت له إلا بثمانين، فاغتر المشتري فقال: أنا آخذها بمائة وعشرين، فيكون أكل أربعين، وفي اللفظ الآخر: لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَهُوَ كَاذِبٌ [(392)] يعني: يحلف أنه اشتراها بأكثر مما اشتراه به على الحقيقة.

قوله: فَصَدَّقَهُ رَجُلٌ، يعني: صدقه مشترٍ فيما قال فزاد.

قوله: «ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآْيَةَ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بَعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [آل عِمرَان: 77]» . والشاهد من الحديث: الإثم والوعيد الشديد على من منع ابن السبيل فضل الماء، وغير ابن السبيل كذلك، فلا يمنع من احتاج إلى الماء سواء كان ابن السبيل أو غيره؛ لكن ابن السبيل أحوج من غيره.

المتن:

باب سَكْرِ الأَْنْهَارِ

2359، 2360 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلاً مِنْ الأَْنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ، فَقَالَ الأَْنْصَارِيُّ: سَرِّحْ الْمَاءَ يَمُرُّ، فَأَبَى عَلَيْهِ فَاخْتَصَمَا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِلزُّبَيْرِ: أَسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلْ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ، فَغَضِبَ الأَْنْصَارِيُّ، فَقَالَ: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ! فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ! ثُمَّ قَالَ: اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الآْيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ [النِّسَاء: 65].

الشرح:

قوله: «بَاب سَكْرِ الأَْنْهَارِ» . المراد بالسَّكْر السد والغلق، ومعنى الترجمة: متى يسد الإنسان النهر، ويقاس عليه الأمطار والسيول.

2359، 2360 وهذا الحديث في السيول، وذلك أن الوادي إذا سالت فيه السيول ومر الماء على المزارع فإنه يَسقِي الأعلى ثم يُرسله إلى من هو أسفل منه ثم يرسله إلى من بعده وهكذا.

قوله: «أَنَّ رَجُلاً مِنْ الأَْنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ» ؛ وكان هذا الرجل جارًا للزبير ، وكانت أرض الزبير هي الأعلى وأرض جاره هي الأسفل فمر مسيل الوادي على الزبير فسقى.

قوله: «فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ» . الشراج هو: مسيل الماء، وأضيف إلى الحرة لكونه فيها.

قوله: «الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ» أي: أن النخيل في الحرة يشرب من الوادي, فإذا جاء المسيل، فإنه يسقي الأعلى ثم الأسفل وهكذا.

قوله: «فَقَالَ الأَْنْصَارِيُّ: سَرِّحْ الْمَاءَ يَمُرُّ» ، يعني: أن الزبير أمسك الماء ليدخل أرضه حتى يبلغها فاستعجله الأنصاري وقال: دع الماء يمر، ولا تمسكه، واتركه يمر إلى أرضي فأبى عليه الزبير حتى يبلغ الأرض ثم يرسله؛ فاختصما إلى النبي ﷺ.

قوله: «فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِلزُّبَيْرِ: أَسْقِ يَا زُبَيْرُ. ما حدد النبي ﷺ مقدار الحق الذي للزبير، فالأمر فيه سعة.

قوله: ثُمَّ أَرْسِلْ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ ليسقي منه أرضه.

قوله: «فَغَضِبَ الأَْنْصَارِيُّ، فَقَالَ: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ!» ، يعني: تقول هذا الكلام لأنه ابن عمتك، وكانت أم الزبير صفية بنت عبد المطلب وهي عمة النبي ﷺ.

قوله: «فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ! ثُمَّ قَالَ: اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ. لما أغضب الأنصاري النبي ﷺ أعطى الزبير حقه كاملاً، واستوعب حقه في صريح الحكم، وقد قدر العلماء الجَدْر بمقدار ما يغطي الكعبين إذا وقف الإنسان كما سيأتي إن شاء الله.

فكان من السنة في هذا أن الأول يسقي من الماء ويحبس الماء في أرضه حتى يغيب كعب رجله في الماء، ثم يرسله إلى من بعده.

وهذا الرجل قيل: إنه منافق؛ لأنه اتهم النبي ﷺ بهذا، وقيل: إنه ليس منافقًا، لكنه تكلم بهذا الكلام من شدة الغضب.

قوله: «فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الآْيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ، أي:يرضوا بقضائك، وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النِّسَاء: 65]، أي: يطمئنوا اطمئنانًا كاملاً.

وهذا فيه: دليل على وجوب التحاكم إلى شرع الله وإلى سنة رسول الله ﷺ، وأن من يزعم الإيمان وهو لا يتحاكم إلى شرع الله فليس بمؤمن كما يقول الله عن المنافقين: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا [النِّسَاء: 60]. ثم قال بعدها: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ فنفى عنهم الإيمان، حَتَّى يُحَكِّمُوكَ أي: الرسول ﷺ، فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ، يعني: في الخلاف أو النزاع، ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النِّسَاء: 65].

المتن:

باب شُرْبِ الأَْعْلَى قَبْلَ الأَْسْفَلِ

2361 حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: خَاصَمَ الزُّبَيْرَ رَجُلٌ مِنْ الأَْنْصَارِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: يَا زُبَيْرُ، اسْقِ ثُمَّ أَرْسِلْ، فَقَالَ الأَْنْصَارِيُّ: إِنَّهُ ابْنُ عَمَّتِكَ، فَقَالَ : اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ يَبْلُغُ الْمَاءُ الْجَدْرَ، ثُمَّ أَمْسِكْ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: فَأَحْسِبُ هَذِهِ الآْيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ [النِّسَاء: 65].

الشرح:

2361 هذا الحديث أعاده المؤلف رحمه الله لأجل استنباط الأحكام والفوائد، فاستدل به أولاً في ترجمة «سَكْرِ الأَْنْهَارِ» ، أي: متى يغلق الإنسان ويسد الماء؟

ثم في هذه الترجمة «شُرْبِ الأَْعْلَى قَبْلَ الأَْسْفَلِ» ، أي: إذا مشى مسيل الوادي على المزارع فإنه يشرب الأعلى قبل الأسفل ثم يرسل للأسفل؛ فالحديث فيه دليل على أن الأعلى يشرب قبل الأسفل في المياه.

قوله: اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ يَبْلُغُ الْمَاءُ الْجَدْرَ. قدر العلماء الجدر بمقدار ما يبلغ الكعبين.

فالمسيل من الأمطار أو الأنهار مثل نهر النيل مثلاً في مصر أو في غيرها من الأنهار، إذا أجريت على المزارع يسقي الأعلى قبل الأسفل، فإذا اصطلحوا على شيء فلهم ذلك؛ لأن الحق لهم، وإن لم يصطلحوا على شيء فيشرب الأعلى ثم الأسفل وكل واحد يحبس الماء حتى يبلغ الكعبين.

وإذا سقى الأعلى ثم انتهى الماء فليس للأسفل شيء.

قوله: «فَقَالَ الأَْنْصَارِيُّ: إِنَّهُ ابْنُ عَمَّتِكَ» ، وهذا فيه: تعزية وتسلية للقضاة، فإذا كان الرسول ﷺ وهو أشرف الخلق ويأتيه الوحي من السماء صباحًا ومساءً ومع ذلك ابتلي بمن يتهمه بالحيف في القضاء فلا يستغرب أن يُتهم بعضُ القضاة الآن، وأن يتكلم بعض الناس في أعراض القضاة ويقول: إنهم مداهنون وإنهم كذا وكذا.

وهذا الرجل ـ كما سبق ـ قيل إنه كان من المنافقين، أو إنه غلبه الغضب والطمع، وهذه التهمة للنبي ﷺ ردة عن الإسلام، لكن الرسول ﷺ في حياته عفا عنه ولم يعاقبه، لكن بعد وفاة النبي ﷺ ليس لولي الأمر أن يعفو عمن اتهم الرسول أو تنقصه أو سبه بل لابد أن يقتل؛ لأنه مرتد؛ ولهذا ألف شيخ الإسلام رحمه الله كتابا سماه: «الصارم المسلول على شاتم الرسول» .

ولقد ترك النبي ﷺ هذا الرجل ولم يعاقبه، وكذلك الرجل الذي اتهم النبي ﷺ وقال: يا محمد هذه قسمة ما أريد بها وجه الله، اعدل، فقال له النبي ﷺ: وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؟ فاستاذن عمر في قتله، فقال النبي ﷺ: دعه؛ فإن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم [(393)] وهم أصل الخوارج، وعفا عن الساحر الذي سحره ولم يقتله، وهو لبيد بن الأعصم اليهودي، وقال: أما أنا فشفاني الله، وخشيت أن يثير ذلك على الناس شرًا [(394)] وأمر بالبئر فدفنت ولم يقتل اليهودي.

المتن:

باب شِرْبِ الأَْعْلَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ

2362 حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: حَدَّثنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلاً مِنْ الأَْنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ فِي شِرَاجٍ مِنْ الْحَرَّةِ يَسْقِي بِهَا النَّخْلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اسْقِ يَا زُبَيْرُ فَأَمَرَهُ بِالْمَعْرُوفِ، ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ، فَقَالَ الأَْنْصَارِيُّ: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ قَالَ: اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ يَرْجِعَ الْمَاءُ إِلَى الْجَدْرِ، وَاسْتَوْعَى لَهُ حَقَّهُ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الآْيَةَ أُنْزِلَتْ فِي ذَلِكَ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ [النِّسَاء: 65].

قَالَ لِي ابْنُ شِهَابٍ: فَقَدَّرَتْ الأَْنْصَارُ وَالنَّاسُ قَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ: اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ، وَكَانَ ذَلِكَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ.

الشرح:

2362 هذا الحديث أعاده المؤلف رحمه الله مرة ثالثة لاستنباط الأحكام.

المتن:

باب فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ

2363 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَنَزَلَ بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ؛ فَقَالَ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي؛ فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ، ثُمَّ رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ؛ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا، قَالَ: فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ.

تَابَعَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَالرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ.

الشرح:

2363 قوله: بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي، لم يوقف على اسمه.

قوله: يَلْهَثُ بفتح الهاء، واللهث: هو ارتفاع النفس من الإعياء، وقيل: لهث الكلب إذا أخرج لسانه من العطش، وأخذ يبحث بيديه ورجليه.

قوله: يَأْكُلُ الثَّرَى، أي: يلعق بلسانه الأرض الندية بالماء ليروي عطشه.

قوله: فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ، ثُمَّ رَقِيَ أي: أمسك بفمه أحد خفيه الذي فيه الماء، وإنما احتاج إلى ذلك لأنه كان يعالج بيديه ليصعد من البئر، والصعود من البئر كان صعبًا، ورقي بفتح الراء وكسر القاف، أي: صعد.

قوله: فَسَقَى الْكَلْبَ أي: حتى أرواه.

قوله: فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ أي: أثنى عليه وقبل عمله أو جازاه بفعله.

وقوله: فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ، أي: في إرواء كل ذات كبد أجر؛ وهذا عام يشمل الكلاب وغيرها.

المتن:

2364 حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى صَلاَةَ الْكُسُوفِ فَقَالَ: دَنَتْ مِنِّي النَّارُ حَتَّى قُلْتُ: أَيْ رَبِّ وَأَنَا مَعَهُمْ، فَإِذَا امْرَأَةٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ قَالَ: مَا شَأْنُ هَذِهِ؟ قَالُوا: حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا.

2365 حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا؛ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، قَالَ: فَقَالَ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لاَ أَنْتِ أَطْعَمْتِهَا وَلاَ سَقَيْتِهَا حِينَ حَبَسْتِيهَا، وَلاَ أَنْتِ أَرْسَلْتِهَا فَأَكَلَتْ مِنْ خَشَاشِ الأَْرْضِ.

الشرح:

2364 في الحديث: أن تلك المرأة دخلت النار بسبب أنها حبست هرة بغير حق ومنعتها من الطعام.

ففيه: دليل على أنه لا يجوز قتل الحيوانات إلا المؤذي منها.

2365 من الأسباب المؤذنة في دخول النار حبس الآدمي وظلمه بدون حق، وخاصة إذا كان المحبوس مسلمًا، ويكون هذا من الظلم العظيم، والظلم عاقبته وخيمة فقد قال الله تعالى: وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا [الفُرقان: 19]، وقال سبحانه: مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ [غَافر: 18].

وفي هذا الحديث: أن تلك المرأة دخلت النار بسبب أنها حبست هرة بغير حق، فلا يجوز قتل الحيوانات إلا المؤذي منها.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد