شعار الموقع

شرح كتاب الجهاد والسير من صحيح البخاري (56-15)

00:00
00:00
تحميل
129

  الْبِشَارَةِ فِي الْفُتُوحِ

}3076{ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثنِي قَيْسٌ قَالَ: قَالَ لِي جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ، وَكَانَ بَيْتًا فِيهِ خَثْعَمُ يُسَمَّى كَعْبَةَ الْيَمَانِيَةِ فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنْ أَحْمَسَ، وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ، فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنِّي لاَ أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ فَضَرَبَ فِي صَدْرِي حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِهِ فِي صَدْرِي، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا» فَانْطَلَقَ إِلَيْهَا فَكَسَرَهَا، وَحَرَّقَهَا، فَأَرْسَلَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُبَشِّرُهُ، فَقَالَ رَسُولُ جَرِيرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ؛ فَبَارَكَ عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ.

قَالَ: «مُسَدَّدٌ بَيْتٌ فِي خَثْعَمَ».

 

قوله: «بَاب الْبِشَارَةِ فِي الْفُتُوحِ» ذكر فيه المؤلف رحمه الله قصة جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه وكان سيدًا مطاعًا في قومه، وسبق أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استأذن جرير عليه؛ فإنه يأذن له، فقال جرير: ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسَّم[(337)]، وهذا فيه مراعاة الوجهاء والكبراء والزعماء، وأن النبي صلى الله عليه وسلم يراعيهم؛ لما لهم من منزلة، وهو شاهد لحديث عائشة رضي الله عنها: «أنزلوا الناس منازلهم» [(338)]، والحديث وإن كان منقطعًا، لكن معناه صحيح، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استأذن عليه جرير، أذن له ولا يحجبه، بخلاف غيره فإنه قد يحجبه؛ وذلك لأنه سيد مطاع في قومه، والرؤساء لهم مكانتهم، فينبغي مراعاة حالهم؛ لأنهم يُطوِّعون مَن تحت أيديهم.

}3076{ قوله: «أَلاَ تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ» . ذو الخلصة: بيت صنم لدوس، وهي بلدة بيشة الآن، وقد هدمه جرير بن عبدالله البجلي في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأعيد مرة أخرى، ثم الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود لما فتح الجنوب، في الدولة السعودية الأولى، هدم الصنم؛ لأنه أعيد مرة ثانية، ويحتمل أن يعاد مرة ثالثة في آخر الزمان؛ لما ثبت في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس عند ذي الخلصة» [(339)]؛ يعني: يطفن به.

وهذا دليل على أنه سيعود مرة ثالثة، وأنه سيهدم؛ فقد كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وهدمه جرير، ثم أعيد، وهدمه آل سعود، وسيعود مرة ثالثة، كما دل عليه هذا الحديث.

قوله: «وَكَانَ بَيْتًا فِيهِ خَثْعَمُ يُسَمَّى كَعْبَةَ الْيَمَانِيَةِ فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنْ أَحْمَسَ» . ورجالها كانوا مشهورين بالشجاعة.

قوله: «وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ» ، يعني: يجيدون ركوب الخيل، والفروسية، وكان جرير سيدًا مطاعًا ورئيسًا في قومه، وكان لا يثبت على الخيل.

قوله: «فَضَرَبَ فِي صَدْرِي حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِهِ فِي صَدْرِي، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا»» ؛ فعند ذلك ثبته الله، ولم يحدث له شيء بعد ذلك، وهذا فيه علم من أعلام النبوة؛ حيث ثبت جرير على الخيل ـ وكان لا يثبت ـ بعد أن ضرب النبي صلى الله عليه وسلم في صدره، ودعا له بالثبات؛ فاستجاب الله عز وجل دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم.

قوله: «فَانْطَلَقَ إِلَيْهَا فَكَسَرَهَا، وَحَرَّقَهَا، فَأَرْسَلَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُبَشِّرُهُ» هذا هو الشاهد؛ حيث تم فتح عظيم، وكُسر وحرِّق الصنم الذي ضاق به النبي صلى الله عليه وسلم؛ فالأمر يستاهل البشارة.

قوله: «فَقَالَ رَسُولُ جَرِيرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ» يعني: سوداء من آثار التحريق.

قوله: «فَبَارَكَ عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ» يعني: دعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة فقال: اللهم بارك في رجال أحمس وخيلها، اللهم بارك في رجال أحمس وخيلها، اللهم بارك في رجال أحمس وخيلها، كررها خمس مرات، وهذه منقبة لرجال أحمس؛ حيث دعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الدعوة المباركة.

والشاهد من الحديث: مشروعية البشارة، وأن الإنسان يبشر بالخير، سواء كانت البشارة عامة أو خاصة، فالبشارة العامة مثل بشارة الفتح؛ أيّ: فتح من الفتوحات التي يفتح الله عز وجل بها على المسلمين، وعلى المجاهدين؛ فهذه بشارة عامة، وأما البشارة الخاصة كأن يُبَشر الإنسان بولد، أو يُبَشر بشيء خاص به.

  مَا يُعْطَى الْبَشِيرُ

وَأَعْطَى كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ثَوْبَيْنِ حِينَ بُشِّرَ بِالتَّوْبَةِ.

 

هذا فيه: مشروعية إعطاء البشير شيئًا، وأنه أمر مستقر، وأنه من السنة، فمن السنة أن يعطى البشير شيئًا، فإذا بشر إنسان إنسانًا بشيء يسره، فإنه يعطيه للبشارة شيئًا من المال، كما حدث في قصة كعب بن مالك رضي الله عنه عندما تخلف عن الغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم في تبوك، هو وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع من دون عذر، فهجرهم النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون خمسين ليلة[(340)]، فهجروهم، وما أحد يكلمهم، فلما أنزل الله سبحانه توبتهم جاء الناس يبشرونهم، كل واحد من الثلاثة جاءه بشير يبشره؛ فكعب بن مالك جاءه رجل يركب فرسًا يريد أن يصل إليه، وجاءه مبشر ثانٍ صعد الجبل، ونادى بأعلى صوته: يا كعب بن مالك، أبشر، فكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءه الذي سمع صوته؛ قال كعب: فنزعت ثوبيَّ وأعطيتهما إياه، والله لا أملك غيرهما، سبحان الله! نزع ثوبيه، وأعطاهما البشير، واستعار ثوبين يلبسهما! يعني: طلب إعارة من أحد أحبابه، والشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم أقره على إعطائه للبشارة ولم ينكر عليه؛ فدل على سنية البشارة، وأن الإنسان إذا بُشر بالخير فإنه يُستحب له أن يعطي البشير شيئًا من المال.

  لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ

}3077{ حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: «لاَ هِجْرَةَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا».

}3078{، }3079{ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: جَاءَ مُجَاشِعٌ بِأَخِيهِ مُجَالِدِ بْنِ مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَذَا مُجَالِدٌ يُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ فَقَالَ: «لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَلَكِنْ أُبَايِعُهُ عَلَى الإِْسْلاَمِ».

}3080{ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو وَابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ: ذَهَبْتُ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها وَهِيَ مُجَاوِرَةٌ بِثَبِيرٍ فَقَالَتْ لَنَا: انْقَطَعَتْ الْهِجْرَةُ مُنْذُ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ.

 

هذه الترجمة فيها بيان أن الهجرة من مكة إلى المدينة قد انتهت بفتح مكة.

}3077{ قوله: «قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: لاَ هِجْرَةَ» ؛ يعني: لا هجرة من مكة إلى المدينة بعد أن فتحت مكة؛ لأنها صارت دار إسلام، فقبل أن تفتح مكة كان كل من أسلم عليه أن يهاجر من مكة إلى المدينة؛ نصرة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وتكثيرًا لسواد المسلمين، وانتقالاً من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، فلما فتح الله عز وجل مكة وصارت دار إسلام انتهت الهجرة من مكة إلى المدينة، أما غيرها من البلدان التي لا يُقدر على إظهار الدين فيها؛ فحكم الهجرة منها باق كما في الحديث: «لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها» [(341)]، فكل بلد لا يستطيع الإنسان إظهار دينه فيه يجب عليه أن يهاجر منه، فإن كان يستطيع إظهار دينه ولكن المعاصي كثيرة ومنتشرة؛ فإن الهجرة في هذه الحالة مستحبة.

قوله: «وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ» يعني: ولكن بقي الجهاد والنية، يبقى الجهاد في سبيل الله مستمرًّا؛ فالجهاد باق إلى قيام الساعة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الجهاد ماض حتى يقاتل آخر هذه الأمة الدجال» [(342)]، ومع الجهاد تبقى النية الخالصة لله في الجهاد، وفي العمل الصالح عمومًا؛ فالنية باقية أيضًا.

قوله: «وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا» الهمزة والسين والتاء للطلب؛ والمعنى: إذا طلب منكم الإمام النفير للجهاد في سبيل الله فيجب النفير في هذه الحالة، ويكون الجهاد فرض عين على من استنفر، وهذا من الحالات التي يجب فيها الجهاد؛ فحينما يستنفر الإمام واحدًا أو طائفة من الناس يكون الجهاد في حقه ـ أو حقهم ـ واجبًا.

 

}3078{، }3079{ قوله: «جَاءَ مُجَاشِعٌ بِأَخِيهِ مُجَالِدِ بْنِ مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَذَا مُجَالِدٌ يُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ فَقَالَ: لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ» ؛ فالهجرة قد ذهبت وانقطعت بفتح مكة، وأصبحت مكة دار إسلام بعد أن كانت دار حرب.

قوله: «وَلَكِنْ أُبَايِعُهُ عَلَى الإِْسْلاَمِ» . هذا الذي ما يزال باقيًا؛ وهو المبايعة على الإسلام والجهاد في سبيل الله.

 

}3080{ قوله: «انْقَطَعَتْ الْهِجْرَةُ مُنْذُ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ» ؛ يعني: أنه قد انقطعت الهجرة من مكة إلى المدينة، ولكن حكم الهجرة باق في البلاد التي لا يقدر المسلم فيها على إظهار دينه؛ فإنه يجب عليه الهجرة منها حينئذٍ.

وكذلك المرأة التي لا تستطيع إظهار دينها؛ بألا تُمَكّن مثلاً من ارتداء حجابها في بلد من البلدان؛ فيجب عليها في هذه الحالة أن تهاجر إن استطاعت؛ إذ لا يجوز لها البقاء في بلد تجبر فيه على السفور؛ لأن هذا من أسباب الشر والفساد، ومن أسباب تعرضها لانتهاك عرضها؛ لأن السفور وسيلة إلى انتهاك العرض.

  إِذَا اضْطَرَّ الرَّجُلُ إِلَى النَّظَرِ فِي شُعُورِ

أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْمُؤْمِنَاتِ إِذَا عَصَيْنَ اللَّهَ وَتَجْرِيدِهِنَّ

}3081{ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ الطَّائِفِيُّ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكَانَ عُثْمَانِيًّا، فَقَالَ لاِبْنِ عَطِيَّةَ: وَكَانَ عَلَوِيًّا: إِنِّي لَأَعْلَمُ مَا الَّذِي جَرَّأَ صَاحِبَكَ عَلَى الدِّمَاءِ سَمِعْتُهُ، يَقُولُ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالزُّبَيْرَ فَقَالَ: «ائْتُوا رَوْضَةَ كَذَا وَتَجِدُونَ بِهَا امْرَأَةً أَعْطَاهَا حَاطِبٌ كِتَابًا»، فَأَتَيْنَا الرَّوْضَةَ، فَقُلْنَا الْكِتَابَ، قَالَتْ: لَمْ يُعْطِنِي، فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ أَوْ لَأُجَرِّدَنَّكِ فَأَخْرَجَتْ مِنْ حُجْزَتِهَا فَأَرْسَلَ إِلَى حَاطِبٍ، فَقَالَ: لاَ تَعْجَلْ وَاللَّهِ مَا كَفَرْتُ وَلاَ ازْدَدْتُ لِلإِْسْلاَمِ إِلاَّ حُبًّا وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلاَّ وَلَهُ بِمَكَّةَ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِي أَحَدٌ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا، فَصَدَّقَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: عُمَرُ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ؛ فَإِنَّهُ قَدْ نَافَقَ؛ فَقَالَ: «مَا يُدْرِيكَ؟ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ»، فَهَذَا الَّذِي جَرَّأَهُ.

 

}3081{ الحديث فيه: محاورة بين أبي عبد الرحمن السلمي، وبين ابن عطية.

وفيه: فهم خاطئ لأبي عبدالرحمن السلمي، وهو ابن عبدالرحمن بن عوف.

قوله: «عَنْ أَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ وَكَانَ عُثْمَانِيًّا» ، يعني: يفضل عثمان على علي رضي الله عنهما.

قوله: «فَقَالَ لاِبْنِ عَطِيَّةَ: وَكَانَ عَلَوِيًّا» ، يعني: كان ابن عطية يفضل عليًّا على عثمان، إذن لدينا رجلان، رجل يفضل عليًّا على عثمان، وهذا يسمى علويًّا، ورجل يفضل عثمان على علي، وهذا يسمى عثمانيًّا.

قوله: «إِنِّي لَأَعْلَمُ مَا الَّذِي جَرَّأَ صَاحِبَكَ عَلَى الدِّمَاءِ» . من الذي يقول هذا؟ القائل هو أبو عبدالرحمن السلمي، ويقول ذلك لابن عطية، والمراد بصاحبه علي بن أبي طالب، ويعني: بالدماء ما حصل من القتال في صفين، وما وقع بين جيش علي ومعاوية؛ يعني: يقول أبو عبد الرحمن السلمي لابن عطية: هل تدري ما الذي جرأ عليًّا على الدماء والقتال والحروب بينه وبين معاوية حتى جرت الدماء؟ قال: لا، ما أدري؛ فذكر له هذا الحديث.

وهذه القصة سبق للمؤلف أن ساقها في قصة حاطب بن أبي بلتعة لما كتب إلى المشركين يخبرهم بخبر الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حيث كتب إليهم كتابًا فيه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءكم بجيش كالليل، يسير كالسيل[(343)]؛ يعني: خذوا حذركم، وأعطاه للمرأة توصله إلى كفار قريش، فجاء الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بأمر حاطب؛ فأرسل عليًّا والمقداد والزبير؛ ليأتوا بالكتاب.

قوله: «ائْتُوا رَوْضَةَ كَذَا» ، وفي رواية: «ائتوا روضة خاخ» [(344)]. سمَّى الروضة.

قوله: «وَتَجِدُونَ بِهَا امْرَأَةً أَعْطَاهَا حَاطِبٌ كِتَابًا» ، يعني: فائتوا بالكتاب.

قوله: «فَأَتَيْنَا الرَّوْضَةَ، فَقُلْنَا الْكِتَابَ، قَالَتْ: لَمْ يُعْطِنِي، فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ أَوْ لَأُجَرِّدَنَّكِ» ، يعني: هددوها؛ فقالوا: لتخرِجن الكتاب، أو لنجردنك من الثياب! فقد أخبرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بأن معك كتابًا، وفي رواية: «ما نتركك؛ والله ما كَذبنا ولا كُذبنا» [(345)].

قوله: «فَأَخْرَجَتْ مِنْ حُجْزَتِهَا» ، وذلك لأنها ربطته بحجزتها، وفي لفظ آخر: «فأخرجته من عقاصها» [(346)]؛ وهو شعرها المضفور، وكأن شعرها كان طويلاً له حجزة؛ يعني: قريب من الخاصرة، وهي لما رأت الجد منهم أعطتهم الكتاب، فجاءوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا فيه أن حاطبًا يخبر قريشًا بمسير النبي صلى الله عليه وسلم إليهم؛ فدعا حاطبًا ليسأله عن ذلك.

قوله: «فَقَالَ: لاَ تَعْجَلْ وَاللَّهِ مَا كَفَرْتُ وَلاَ ازْدَدْتُ لِلإِْسْلاَمِ إِلاَّ حُبًّا وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلاَّ وَلَهُ بِمَكَّةَ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِي أَحَدٌ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا» ، يعني: لي أهل ومال في قريش، ولا أستطيع أن أستنقذ أهلي ومالي من الكفار إلا بأن أجعل لي عندهم يدًا، فأنا أردت بفعلي هذا أن أجعل لي عندهم يدًا؛ حتى يحمي الله بها أهلي ومالي، وأما أصحابك فلهم قرابات يحمونهم، وأما أنا فليس لي أحد؛ لأنني ملصق في قريش ولست منهم.

قوله: «فَصَدَّقَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: عُمَرُ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ؛ فَإِنَّهُ قَدْ نَافَقَ» ، وفي لفظ: «فإنه قد خان الله ورسوله» [(347)] وهذا فيه دليل على أن الإنسان إذا رمى إنسانًا بالنفاق متأوِّلاً فلا لوم عليه، لكن متى يكون عليه اللوم؟ يكون اللوم عليه إذا كان بدون سبب؛ فإذا قال له: يا منافق، أو يا كافر؛ فهذا هو الذي جاء فيه الوعيد الشديد: «إذا الرجل قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما» [(348)]؛ هذا إذا كان بغير سبب، وموقفنا هذا فيه سبب، والنبي صلى الله عليه وسلم ما أنكر على عمر قوله؛ لأنه معذور في هذا، حيث إن حاطبًا كتب إلى المشركين، لكن النبي صلى الله عليه وسلم قد عذر حاطبًا وصدقه ولم يعاقبه، ومع ذلك فإن الله تعالى قد عاتب حاطبًا، وجعل فعله هذا من موالاة الكفار، وأنزل فيه صدر سورة الممتحنة: [المُمتَحنَة: 1]{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ *}. هذه نزلت في حاطب، وفي آخر السورة: [المُمتَحنَة: 13]{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ *}؛ ومع ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم عذر حاطبًا ولم يقتله، ولم يحكم عليه بالردة؛ لأمرين:

الأمر الأول: أنه صادق في مقالته ومتأول.

الأمر الثاني: أنه ممن شهد بدرًا.

قوله: «فَقَالَ: «مَا يُدْرِيكَ؟ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ»» ، يعني: فقد غفرت لكم، وكان حاطب ممن حضر بدرًا.

قوله: «فَهَذَا الَّذِي جَرَّأَهُ» ، يعني: أن ما في هذا الحديث هو الذي جرأ عليًّا على الدماء، وجعله يقاتل معاوية حتى جرت الدماء في صفين.

وهذا الفهم من أبي عبدالرحمن السلمي فهم خاطئ، وإن كان عن اجتهاد، والصواب: أن الذي حمل عليًّا رضي الله عنه على القتال ليس هو هذا الحديث، بل هو النظر في مصلحة المسلمين، والإحاطة بهم وجمع كلمتهم، وقتال البغاة، ومعاوية رضي الله عنه وأهل الشام كانوا بغاة، وإن كان لهم شبهة، فلهم حكم البغاة، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة: «أن عمارًا تقتله الفئة الباغية» [(349)]؛ فقتله جيش معاوية، وعلي رضي الله عنه هو الذي قتل الخوارج الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: «تمرق مارقة من الدين على حين فرقة من المسلمين، تقتلهم أولى الطائفتين بالحق» [(350)]، فقتلهم علي رضي الله عنه؛ فدل على أنه أقرب إلى الحق من معاوية رضي الله عنه، والله أمر بقتال الفئة الباغية في قوله سبحانه: [الحُجرَات: 9]{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي}، فقاتلهم عليّ امتثالاً لأمر الله؛ ولهذا فأكثر الصحابة، أو جمهور الصحابة قد انضموا إلى عليّ عملاً بهذه الآية، ورأوا أن أهل الشام ومعاوية بغاة، وأن عليًّا هو الخليفة الراشد، وهو الذي بايعه أهل الحل والعقد، وأنه يجب على معاوية وأهل الشام أن يبايعوه، فلما امتنعوا من بيعته اعتبرهم جمهور الصحابة بغاة، وانضموا إلى عليّ وقاتلوهم عملاً بهذه الآية: [الحُجرَات: 9]{فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}.

وأما معاوية رضي الله عنه وأهل الشام فهم مجتهدون، لهم أجر على اجتهادهم في مطالبتهم بقتلة عثمان، فنالهم أجر الاجتهاد وفاتهم أجر الصواب، وهم بغاة ولا يعلمون أنهم بغاة؛ فهم معذورون، ولكن الحق والصواب مع علي رضي الله عنه ؛ فله أجران: أجر الصواب، وأجر الاجتهاد، ومعاوية له أجر الاجتهاد، وفاته أجر الصواب، فهذا هو الذي حمل عليًّا على القتال، وهو العمل بالنصوص، وليس الذي حمله أو جرّأه ـ كما قال أبو عبدالرحمن السلمي ـ هو هذا الحديث؛ فهذا فهم خاطئ من أبي عبدالرحمن السلمي؛ لكن لأنه يميل إلى عثمان حمل هذا الاجتهاد الخاطئ، وقال لابن عطية: إن الذي جرأ صاحبك على الدماء ما في هذا الحديث؛ وهذا غلط، فالذي جعل عليًّا يقاتل معاوية هو أنه يرى أنه هو الخليفة الراشد، وأن معاوية يجب عليه أن يبايع له؛ حتى لا يشق عصا الطاعة، ولا يرى أنه من المؤلفة قلوبهم؛ الذين لم يتمكن الإيمان من قلوبهم، ومعاوية ليس من المؤلفة قلوبهم؛ فلذا رأى علي القتال، ووافقه عليه جمهور الصحابة رضي الله عنهم.

فطائفة فيهم أبو حنيفة وجماعة يفضلون عليًّا على عثمان، وجمهور أهل السنة يفضلون عثمان على علي في الفضيلة والأجر دون الخلافة، أما الخلافة فإجماع، فأهل السنة كلهم أجمعوا على تقديم عثمان على علي في الخلافة، لكن الخلاف في الفضيلة؛ ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في «العقيدة الواسطية» : «إن من قدم عليًّا على عثمان في الخلافة فهو أضل من حمار أهله»[(351)].

وهذا إجماع من أهل السنة على أن عثمان مقدَّم على علي في الخلافة، لكن الخلاف بينهم في أي: شيء؟ في الفضيلة.

فجماهير العلماء على أن عثمان أفضل، وطائفة من أهل العلم مثل أبي حنيفة وجماعة قالوا: علي أفضل من عثمان، ويقال: إن أبا حنيفة رجع، ووافق الجمهور بعد ذلك؛ فكان إجماعًا.

وهذه القصة قد سبق ذكرها، لكن من دقائق فقه البخاري رحمه الله أنه يكرر التراجم من أجل استنباط الأحكام؛ فهناك أتى بهذه القصة في «253697

» ، وهنا أتى بها في «بَاب إِذَا اضْطَرَّ الرَّجُلُ إِلَى النَّظَرِ فِي شُعُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْمُؤْمِنَاتِ إِذَا عَصَيْنَ اللَّهَ وَتَجْرِيدِهِنَّ» ، يعني: إذا اضطر الإنسان إلى النظر في شعر المرأة سواء كانت من أهل الذمة ـ يهودية أو نصرانية ـ أو من المؤمنات العاصيات؛ فلا بأس للضرورة، ومن أين استنبط البخاري هذا؟ استنبطه من أن عليًّا قال لها: «لتخرجن الكتاب أو لنجردنك من الثياب» ؛ فلو لم تخرج الكتاب لاضطروا إلى تجريدها والنظر إلى شعرها؛ حتى يأخذوا الكتاب، وذلك للضرورة، فالضرورات لها أحكامها، مثال ذلك المرأة إذا اضطرت إلى العلاج فلها أن ينظر إليها الطبيب، فكذلك هنا ضرورة؛ لأن هذه يترتب عليها مضرة على المسلمين إذا وصل هذا الكتاب إلى الكفار، فتصير عليهم مضرة عظيمة؛ فأيهما أشد؟! عندنا مفسدتان: مفسدة الضرر التي تحصل من وصول الأخبار إلى الكفار، ومفسدة تجريد المرأة والنظر إلى شعرها؛ فأيهما أخف؟ بالطبع المفسدة الكبرى هي أن الكفار يأخذون حذرهم، أو يهجمون على المسلمين، ويقضون عليهم، وأما مفسدة النظر إلى شعر المرأة فأخف إذا اضطر إلى ذلك.

ولكن هل كانت تلك المرأة من أهل الذمة؟ لا، الظاهر أنها كانت من الكفار؛ لكن البخاري قاس عليها، فالحكم واحد إذا كانت المرأة من أهل الذمة، أو من الوثنيات، أو كانت من المؤمنات العاصيات أيضًا؛ فتجريدهن كذلك من الثياب للضرورة لا بأس، فكما أنها تجرد من الثياب عند العلاج إذا اضطرت، فكذلك تجرد لضرورة أخذ الكتاب الذي يضر المسلمين؛ ولهذا بوب هذا الحكم الشرعي، فيؤخذ من الحديث هذا الحكم الذي ذكره البخاري في الترجمة؛ وهو جواز النظر إلى شعور المرأة العاصية أو من أهل الذمة، وتجريدها من الثياب عند الضرورة، هذا حكم شرعي استنبطه البخاري، وكذلك جواز نظر الرجل الأجنبي إلى المرأة للضرورة، والضرورة مثل العلاج؛ فإذا لم توجد امرأة تعالجها، وكان العلاج ضروريًّا لها؛ خشية حدوث متاعب صحية ونحوها، جاز للطبيب الأجنبي أن ينظر إليها؛ ليباشر علاجها، ولكن لا يخلو بها؛ بل يكون معها محرم.

  اسْتِقْبَالِ الْغُزَاةِ

}3082{ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَْسْوَدِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَحُمَيْدُ بْنُ الأَْسْوَدِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لاِبْنِ جَعْفَرٍ رضي الله عنهم: أَتَذْكُرُ إِذْ تَلَقَّيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَأَنْتَ وَابْنُ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: نَعَمْ فَحَمَلَنَا وَتَرَكَكَ.

}3083{ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ رضي الله عنه: ذَهَبْنَا نَتَلَقَّى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ الصِّبْيَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ.

 

}3083{ قوله: «أَتَذْكُرُ إِذْ تَلَقَّيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَأَنْتَ وَابْنُ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: نَعَمْ فَحَمَلَنَا وَتَرَكَكَ» ، يعني: حملنا معه وتركك.

وهذا فيه: مشروعية استقبال الغزاة إذا قدموا من غزوهم؛ لتأنيسهم وتهنئتهم، وفي هذا الحديث أن الصبيان كانوا يتلقون النبي صلى الله عليه وسلم، والحكم معروف؛ وهو مشروعية استقبال الغزاة وإيناس الصبيان بهم، وكون المتروك هذا، والمحمول هذا؛ فهو أمر لا يترتب عليه شيء.

 

}3084{ قوله: «ذَهَبْنَا نَتَلَقَّى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ الصِّبْيَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ» ، فثنية الوداع تقع شمال المدينة، وكان ذلك التلقي مقدمه صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك كما سيأتي مصرحًا به في كتاب المغازي[(352)].

وفيه: حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم، وتأنيسه للصبيان وحملهم معه.

  مَا يَقُولُ إِذَا رَجَعَ مِنْ الْغَزْوِ

}3084{ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِاللَّهِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَفَلَ كَبَّرَ ثَلاَثًا قَالَ: «آيِبُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَائِبُونَ عَابِدُونَ حَامِدُونَ لِرَبِّنَا سَاجِدُونَ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الأَْحْزَابَ وَحْدَهُ».

}3085{ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: حَدَّثنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَقْفَلَهُ مِنْ عُسْفَانَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَاحِلَتِهِ وَقَدْ أَرْدَفَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ فَعَثَرَتْ نَاقَتُهُ فَصُرِعَا جَمِيعًا فَاقْتَحَمَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: «عَلَيْكَ الْمَرْأَةَ» فَقَلَبَ ثَوْبًا عَلَى وَجْهِهِ وَأَتَاهَا فَأَلْقَاهُ عَلَيْهَا، وَأَصْلَحَ لَهُمَا مَرْكَبَهُمَا فَرَكِبَا وَاكْتَنَفْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ: «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ» فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ.

}3086{ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ أَقْبَلَ هُوَ وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّةُ مُرْدِفَهَا عَلَى رَاحِلَتِهِ فَلَمَّا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَثَرَتْ النَّاقَةُ فَصُرِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالْمَرْأَةُ وَإِنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَالَ: أَحْسِبُ قَالَ: اقْتَحَمَ عَنْ بَعِيرِهِ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ هَلْ أَصَابَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: «لاَ وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْمَرْأَةِ» فَأَلْقَى أَبُو طَلْحَةَ ثَوْبَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَقَصَدَ قَصْدَهَا فَأَلْقَى ثَوْبَهُ عَلَيْهَا فَقَامَتْ الْمَرْأَةُ فَشَدَّ لَهُمَا عَلَى رَاحِلَتِهِمَا فَرَكِبَا فَسَارُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ أَوْ قَالَ أَشْرَفُوا عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ» فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُهَا حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ.

 

}3084{ قوله: «آيِبُونَ» ، يعني: راجعون.

قوله: «آيِبُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَائِبُونَ عَابِدُونَ حَامِدُونَ لِرَبِّنَا سَاجِدُونَ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الأَْحْزَابَ وَحْدَهُ» ، هذا ذكر مستحب للغزاة إذا رجعوا من الغزو، فيشرع للمسلم أن يكبر ثلاثاً : الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ثم يقوله.

 

}3085{، }3086{ هذا الحديث ساقه المؤلف من طريقين، وفي هذه القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مردفا زوجه صفية رضي الله عنها، فعثرت الدابة، وسقط النبي صلى الله عليه وسلم، وسقطت صفية على الأرض، فجاء أبو طلحة رضي الله عنه وأصلح لهما مركبهما.

قوله: «يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ» أي: هل أصابك من شيء؟ فقال: لا، ولكن «عَلَيْكَ الْمَرْأَةَ» . فأخذ أبو طلحة الثوب وجعله على وجهه؛ حتى لا يراها، وهذا من ورعه رضي الله عنه؛ لأن الساقط في الغالب قد ينكشف منه بعض جسده ولا يستطيع أن يتستر، حتى وصل إلى الجهة التي سقطت فيها أم المؤمنين صفية، ووضعه عليها حتى يكون ساترًا لها، حتى قاموا، وأصلح لهما مركبهما.

وفيه: دليل على أن الأنبياء بشر، تصيبهم الأمراض والمصائب والحر والبرد والجوع، وتسليط الأعداء، ويسقطون عن دوابهم، ومنهم من قتل، كما قال الله عز وجل عن بني إسرائيل: [البَقَرَة: 87]{فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ *}؛ فقتل يحيى وزكريا؛ ففي هذا كله دليل على أنهم لا يصلحون أن يعبدوا.

وفيه: الرد على من عبدهم أو دعاهم من دون الله، فهم أصفياء؛ اختارهم الله واصطفاهم للنبوة والرسالة وجعلهم الواسطة بينه وبين خلقه؛ فيجب محبتهم وتعظيمهم، واتباع شرعهم وتصديقهم في أخبارهم وامتثال أوامرهم، ولكن لا يُعبَدون من دون الله تعالى، فالله وحده هو المستحق للعبادة سبحانه وتعالى، فلا إله إلا الله، ولا معبود بحق إلا الله، ولا تصلح العبادة إلا لله، فلو كان الأنبياء آلهة؛ لما أصابتهم الأمراض، ولما أصابتهم الأسقام والسقوط، وغيرها من العوارض؛ فالله تعالى قدر عليهم هذه المصائب؛ ليعظم أجرهم، وليرفع درجاتهم، وليكونوا قدوة للناس، وليعلم الناس أنهم بشر كسائر البشر.

وفيه: الرد على من قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم نور، وإنه جزء من الله؛ نعوذ بالله من ذلك، وهذا من الغلو، وهو كفر وضلال؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم بشر مخلوق من ذكر وأنثى؛ من أبيه عبدالله وأمه آمنة بنت وهب.

وهذا مثل قول النصارى: إن عيسى جزء من الله؛ نعوذ بالله من ذلك.

قوله: «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ» ، فيه مشروعية هذا الذكر عند القدوم من الغزاة، أو السفر.

وقد سبق أن الضرورة لها أحكام؛ فإذا اضطر الرجل إلى أن يأخذ المرأة التي بحاجة إلى علاج؛ فليأخذها ولا يتركها تموت، مع الحذر من الفتنة؛ فيفعل ما يستطيع، والذي لا يستطيعه لا يجوز له أن يفعله.

ولا شك أن الحجاب نزل في السنة السابعة، أو السنة الثامنة من الهجرة، والحجاب أدلته في القرآن والسنة واضحة؛ ومنها قوله تعالى: [الأحزَاب: 53]{وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}، وفي البخاري قصة عائشة رضي الله عنها؛ قالت: فخمرت وجهي بجلبابي، وكان يعرفني قبل الحجاب[(353)].

  الصَّلاَةِ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ

}3087{ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ لِي: «ادْخُلْ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ».

}3088{ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ كَعْبٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ ضُحًى دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ.

 

}3087{ قوله: «ادْخُلْ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ» ، فيه: أمر النبي صلى الله عليه وسلم له أن يصلي ركعتين قبل دخول بيته ـ وكانا قادمين من سفر ـ فدل على مشروعية صلاة ركعتين للمسافر إذا قدم من سفر؛ يصليهما في المسجد قبل دخول بيته.

 

}3088{ قوله: «فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ» ، فيه: مشروعية صلاة ركعتين للمسافر إذا قدم من السفر إلى بلده.

أما إذا قدم بلدًا غير بلده؛ فهل يشرع الصلاة في المسجد؟ نقول: إن قدم مكة أو المدينة يصلي في الحرمين، وإن قدم غيرهما فهذا محتمل؛ والأقرب أنه لا يزال مسافرًا.

فإذا وجد المسجد مغلقًا نرجو أن يكتب له الأجر إذا كان له نية، كما في حديث أبي موسى، أن الرجل إذا عجز عن الشيء وهو ينويه كتب الله له ما كان ينوي[(354)]. وكذا إذا صلى في البيت فيُرجى له أيضًا.  الطَّعَامِ عِنْدَ الْقُدُومِ

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُفْطِرُ لِمَنْ يَغْشَاهُ.

}3089{ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَحَرَ جَزُورًا أَوْ بَقَرَةً زَادَ مُعَاذٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَارِبٍ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اشْتَرَى مِنِّي النَّبِيُّصلى الله عليه وسلم بَعِيرًا بِوَقِيَّتَيْنِ وَدِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ، فَلَمَّا قَدِمَ صِرَارًا أَمَرَ بِبَقَرَةٍ فَذُبِحَتْ، فَأَكَلُوا مِنْهَا فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَمَرَنِي أَنْ آتِيَ الْمَسْجِدَ فَأُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَوَزَنَ لِي ثَمَنَ الْبَعِيرِ.

}3090{ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَدِمْتُ مِنْ سَفَرٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: صَلِّ رَكْعَتَيْنِ صِرَارٌ مَوْضِعٌ نَاحِيَةً بِالْمَدِينَةِ

 

قوله: «وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُفْطِرُ لِمَنْ يَغْشَاهُ» ، فقد كان ابن عمر رضي الله عنهما كثير الصوم في الحضر، وكان كثير الحج والعمرة، ففي أول قدومه من السفر يأتيه الزوار ويسلمون عليه؛ فيفطر لأجل الذين يغشونه للسلام والتهنئة.

وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله، عن المهلب حمل ما جاء عن ابن عمر من قوله فيمن نوى الصوم ثم أفطر: إنه متلاعب، وأنه دعي إلى وليمة فحضر ولم يأكل واعتذر بأنه نوى الصوم، وأن هذا من ابن عمر يحتمل وجهين:

الوجه الأول: يحتمل أنه يقصد بهذا الصوم قضاء من رمضان، فالذي يفطر وهو صائم قضاء رمضان متلاعب؛ فلا يجوز له الفطر إلا لعذر كالمرض، وكذلك إذا كان يصوم صومًا واجبًا، مثل صوم نذر أو كفارة.

الوجه الثاني: أن يكون قصده صوم النفل والتطوع؛ فهذا ليس بمتلاعب، ويجوز له أن يفطر؛ لما جاء في الحديث، وتكون قد خفيت السنة في هذا على ابن عمر؛ فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أصبح صائمًا، فدخل على عائشة فأخرجت له حيسًا، فقال: «أرينيه فلقد أصبحت صائمًا» [(355)]، ثم أكل صلى الله عليه وسلم، فالصائم صوم نفل أمير نفسه، إن شاء أفطر، وإن شاء أتم صومه، وقد يكون الفطر أفضل له كما إذا كان عنده ضيف، وإذا صام يشق على الضيف، أو دعاه إنسان وكان يشق عليه أن يصوم، وفي هذه الحالة الأفضل له أن يفطر جبرًا لخاطر الضيف والصاحب.

أما إذا كان الصوم واجبًا يعتذر له ويقول له: إن هذا الصوم قضاء من رمضان، أو نذر أو كفارة، ويدعو وينصرف.

}3089{ قوله: «لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَحَرَ جَزُورًا أَوْ بَقَرَةً» ، فيه: جواز صنع الطعام إذا قدم الإنسان من سفر، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا الناس، واستجاب في ذلك لأمرين:

الأمر الأول: شكر الله على السلامة من أخطار السفر.

الأمر الثاني: إيناس الأهل وإدخال السرور عليهم، وإزالة ما حصل لهم من الكآبة بسبب غيبته عنهم؛ وهل هو سنة أو مباح؟ الأقرب والله أعلم أنه مباح، وقد يقال: إنه سنة، والقول بأنه سنة ليس ببعيد؛ لأن السنة تثبت بقول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره؛ والنبي صلى الله عليه وسلم قد فعله.

والطعام عند القدوم من السفر يقال له: النقيعة؛ لأنه مشتق من النقع، وهو: الغبار؛ لأن المسافر يأتي وعليه غبار السفر.

قوله: «فَلَمَّا قَدِمَ صِرَارًا أَمَرَ بِبَقَرَةٍ فَذُبِحَتْ فَأَكَلُوا مِنْهَا» ، هذا موضع الدلالة من الحديث، وهو ظاهر.

 

}3090{ هذا الحديث فيه: مشروعية الصلاة في المسجد إذا قدم من السفر، فإذا دخل المسجد؛ لا يجلس حتى يصلي ركعتين.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد