فِي النُّجُومِ
وَقَالَ قَتَادَةُ: [المُلك: 5]{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلاَثٍ: جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، وَعَلاَمَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا، فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ أَخْطَأَ، وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ، وَتَكَلَّفَ مَا لاَ عِلْمَ لَهُ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَشِيمًا} مُتَغَيِّرًا، وَالأَْبُّ مَا يَأْكُلُ الأَْنْعَامُ، وَالأَْنَامُ الْخَلْقُ، {بَرْزَخٌ} حَاجِب.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أَلْفَافًا} مُلْتَفَّةً، وَالْغُلْبُ الْمُلْتَفَّةُ، {فِرَاشًا} مِهَادًا، كَقَوْلِهِ: {وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ}{نَكِدًا} قَلِيلاً
هذه الترجمة تتعلق بالنجوم، وفسر المؤلف رحمه الله الكلمات التي تدور حولها وإن لم ترتبط بها.
وقوله: «بَاب فِي النُّجُومِ» يعني: من النصوص والآثار وأقوال السلف.
قال قتادة بن دعامة السدوسي في قول الله تعالى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلاَثٍ» يعني: الحكمة في خلقها ثلاثة أشياء:
الأول : «جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ» .
الثاني : «وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ» : الذين يسترقون السمع.
الثالث : «وَعَلاَمَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا» .
وهذه الحكم الثلاث أخذها من القرآن، فأخذ الحكمة الأولى والثانية من قوله تعالى: [المُلك: 5]{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} والحكمة الثالثة من قوله تعالى: [النّحل: 16]{وَعَلاَمَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ *}.
قوله: «فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا» ، يعني: في النجوم، واعتقد فيها شيئًا غير هذه الثلاث، فقد «أَخْطَأَ، وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ، وَتَكَلَّفَ مَا لاَ عِلْمَ لَهُ بِهِ» ، أي: من اعتقد أن النجوم لها تأثير في الكون، أو ادعى بها علم الغيب، أو ادعى أن اجتماعها أو افتراقها يحصل بسببه حروب، أو ادعى ولادة عظيم أو موت عظيم؛ فهذا كله من دعوى علم الغيب وهو كفر وضلال، وقد نقل الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه التوحيد عن قتادة هذا الأثر[(521)].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «قال الداودي: قول قتادة في النجوم حسن، إلا قوله: أخطأ وأضاع نفسه، فإنه قصر في ذلك، بل قائل ذلك كافر. انتهى» ، ثم قال الحافظ ابن حجر رحمه الله بعد ذلك: «ولم يتعين الكفر في حق من قال ذلك، وإنما يكفر من نسب الاختراع إليها، وأما من جعلها علامة على حدوث أمر في الأرض فلا» اهـ.
فالحافظ ابن حجر رحمه الله تعقب الداودي وقال: الذي يدعي فيها غير الثلاث لا يكون كافرًا، إلا إذا اعتقد فيها التأثير والاختراع؛ ولهذا قال: «ولم يتعين الكفر في حق من قال ذلك، وإنما يكفر من نسب الاختراع إليها» ، فمن نسب أنها مؤثرة في الكون فهو كافر، وأما من جعلها علامة على حدوث أمر في الأرض فلا، والصواب: أنه يكفر؛ لأنه ادعى علم الغيب.
وهناك حالة ثالثة وهي أن ينظر في النجوم يستدل بها على الطرق أو على دخول فصل الربيع أو فصل الصيف، وهذا لا بأس به في أصح قولي العلماء، ومن العلماء من منعه.
قوله: «وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَشِيمًا}» أي: في قوله تعالى: [الكهف: 45]{هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} يعني: يابسًا ومتغيرًا.
قوله: «وَالأَْبُّ مَا يَأْكُلُ الأَْنْعَامُ» كما في قوله تعالى: [عَبَسَ: 31]{وَفَاكِهَةً وَأَبًّا *} وهو أي: الأب كالفاكهة للآدميين.
قوله تعالى: [الرَّحمن: 10]{وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ *}، الأنام: الناس والخَلْق.
قال تعالى: [الرَّحمن: 20]{بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ *}، البرزخ: الحاجز والحاجب.
قوله: «وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أَلْفَافًا} ، مُلْتَفَّةً» قال تعالى: [النّبَإِ: 16]{وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا *}.
قوله: «وَالْغُلْبُ الْمُلْتَفَّةُ» في قوله تعالى: [عَبَسَ: 30]{وَحَدَائِقَ غُلْبًا *}.
قوله: « [البَقَرَة: 22]{فِرَاشًا}» ، يعني: «مِهَادًا» .
قوله تعالى: [الأعرَاف: 58]{لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا}» ، يعني: إلا قليلاً.
ففسر المؤلف الكلمات الغريبة وإن لم تتعلق بالنجوم من باب الفائدة.
صِفَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ
[الرَّحمن: 5]{بِحُسْبَانٍ *}.
قَالَ مُجَاهِدٌ: كَحُسْبَانِ الرَّحَى.
وَقَالَ غَيْرُهُ: بِحِسَابٍ وَمَنَازِلَ لاَ يَعْدُوَانِهَا حُسْبَانٌ جَمَاعَةُ حِسَابٍ مِثْلُ شِهَابٍ وَشُهْبَانٍ.
{ضُحَاهَا} ضَوْءُهَا {أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ}: لاَ يَسْتُرُ ضَوْءُ أَحَدِهِمَا ضَوْءَ الآْخَرِ، وَلاَ يَنْبَغِي لَهُمَا ذَلِكَ {سَابِقُ النَّهَارِ} يَتَطَالَبَانِ حَثِيثَيْنِ، {نَسْلَخُ} نُخْرِجُ أَحَدَهُمَا مِنْ الآْخَرِ وَنُجْرِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، {وَاهِيَةٌ} وَهْيُهَا تَشَقُّقُهَا، {أَرْجَائِهَا} مَا لَمْ يَنْشَقَّ مِنْهَا فَهُمْ عَلَى حَافَتَيْهَا كَقَوْلِكَ عَلَى أَرْجَاءِ الْبِئْرِ، {أَغْطَشَ} وَ{جَنَّ} أَظْلَمَ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: {كُوِّرَتْ *} تُكَوَّرُ حَتَّى يَذْهَبَ ضَوْءُهَا {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ *} جَمَعَ مِنْ دَابَّةٍ {اتَّسَقَ *} اسْتَوَى {بُرُوجًا} مَنَازِلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ {الْحَرُورُ} بِالنَّهَارِ مَعَ الشَّمْسِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَرُؤْبَةُ الْحَرُورُ بِاللَّيْلِ وَالسَّمُومُ بِالنَّهَارِ يُقَالُ: {يُولِجُ} يُكَوِّرُ {وَلِيجَةً} كُلُّ شَيْءٍ أَدْخَلْتَهُ فِي شَيْءٍ.
}3199{ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الأَْعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لأَِبِي ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتْ الشَّمْسُ «أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ فَتَسْتَأْذِنَ فَيُؤْذَنُ لَهَا وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلاَ يُقْبَلَ مِنْهَا وَتَسْتَأْذِنَ فَلاَ يُؤْذَنَ لَهَا، يُقَالُ: لَهَا ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: [يس: 38]{وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ *}».
}3200{ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الدَّانَاجُ قَالَ: حَدَّثنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ مُكَوَّرَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
}3201{ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَانَ يُخْبِرُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا».
}3202{ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثنِي مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ، فَاذْكُرُوا اللَّهَ».
}3203{ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَسَفَتْ الشَّمْسُ، قَامَ فَكَبَّرَ وَقَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَقَامَ كَمَا هُوَ فَقَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً وَهِيَ أَدْنَى مِنْ الْقِرَاءَةِ الأُْولَى، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً وَهِيَ أَدْنَى مِنْ الرَّكْعَةِ الأُْولَى، ثُمَّ سَجَدَ سُجُودًا طَوِيلاً، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الآْخِرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ سَلَّمَ وَقَدْ تَجَلَّتْ الشَّمْسُ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ: «إِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلاَةِ».
}3204{ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثنِي قَيْسٌ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِه وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا»
هذه الترجمة معقودة لبيان «صِفَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ» .
ثم فسر المؤلف رحمه الله الكلمات اللغوية التي تتعلق بالشمس والقمر والتي تتعلق بالليل والنهار، والكلمات التي تقاربها وتتصل بها من باب الفائدة.
قوله تعالى: « [الرَّحمن: 5]{الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ *}» . نقل عن مجاهد قوله: «كَحُسْبَانِ الرَّحَى» ، يعني: يدوران مثل دوران الرحى، وهذا غلط، وقول مجاهد ليس عليه دليل، وهذا هو الذي غر من يتكلم في الهيئة في هذا الزمان، الذين يقولون: إن الشمس تدور حول نفسها، ولو صح هذا فمعناه أن لها أمدًا وأجلاً تنتهي إليه، والشمس إنما تشرق من المشرق وتغرب من المغرب؛ ولهذا «قَالَ غَيْرُهُ: بِحِسَابٍ وَمَنَازِلَ لاَ يَعْدُوَانِهَا» ، وهذا هو الصواب في معنى الآية.
وحساب وحسبان قال المؤلف: «مِثْلُ شِهَابٍ وَشُهْبَانٍ» ، من باب الفائدة.
قوله تعالى: [النَّازعَات: 29]{وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا *}» ، أي: أخرج ضوءها.
قوله تعالى: « [يس: 40]{أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} لاَ يَسْتُرُ ضَوْءُ أَحَدِهِمَا ضَوْءَ الآْخَرِ» ، يعني: أن كل واحد من الشمس والقمر له منازل، ولا يسبق أحدهما الآخر، ولا يستر ضوء الشمس ضوء القمر ولا ضوء القمر ضوء الشمس؛ ولهذا قال: «وَلاَ يَنْبَغِي لَهُمَا ذَلِكَ» .
قوله تعالى: « [يس: 40]{سَابِقُ النَّهَارِ} يَتَطَالَبَانِ حَثِيثَيْنِ» كما في قوله تعالى: [الأعرَاف: 54]{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا}، وفي نسخة: « حثيثان » ، والنصب أولى.
ينسلخ، كما في قوله تعالى: « [يس: 37]{وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ}» ، ونسلخ يعني: «نُخْرِجُ أَحَدَهُمَا مِنْ الآْخَرِ وَنُجْرِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا» .
قوله: [الحَاقَّة: 17]{أَرْجَائِهَا}، أي: ما لم ينشق من السماء ، فالملائكة على حافتيه، «كَقَوْلِكَ عَلَى أَرْجَاءِ الْبِئْرِ» .
قوله: « [النَّازعَات: 29]{وَأَغْطَشَ} و [الأنعَام: 76]{فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ}» ، بمعنى: «أَظْلَمَ» .
قوله: « [التّكوير: 1]{كُوِّرَتْ *}» أي: تكور الشمس حتى يذهب ضوءها يوم القيامة.
قوله تعالى: « [الانشقاق: 17]{وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ *}» أي: وما ساق من شيء إلى حيث يأوي، فالوسق بمعنى الطرد، ومنه قيل للطريدة من الإبل والغنم والحمر: وسيقة.
وعن ابن عباس: {وَمَا وَسَقَ *} أي: وما جن وستر، وعنه أيضًا: وما حمل، وكل شيء حملته فقد وسقته[(522)].
قوله تعالى: [الحِجر: 16]{وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا} البروج هي: «مَنَازِلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ» .
قوله تعالى: [فَاطِر: 19-21]{وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ *وَلاَ الظُّلُمَاتُ وَلاَ النُّورُ *وَلاَ الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ *} الحرور: حر النهار مع الشمس.
قوله تعالى: [الحَجّ: 61]{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ *} يولج الليل: يعني: يكوره ويدخله، فيدخل هذا في هذا، ويدخل هذا في هذا، ففي الشتاء يطول الليل ويقصر النهار، وفي الصيف يطول النهار ويقصر الليل.
}3199{ الحديث فيه: دليل على أن الشمس تستأذن ربها كل يوم وتسجد تحت العرش، وهذا معنى قوله: [يس: 38]{وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا}، يعني: أنها تجري لمستقر لها في كل ليلة فتسجد تحت العرش، ومعنى تسجد تحت العرش يعني: إذا حاذت وسط العرش سجدت، وإلا فالعرش سقف المخلوقات كلها، والله أعلم بكيفية السجود، وفي آخر الزمان تستأذن فلا يؤذن لها فتطلع من مغربها، وهو من أشراط الساعة الكبرى، فيغلق باب التوبة ويبقى كل إنسان على ما كان عليه: المؤمن على إيمانه والكافر على كفره، وهذا معنى قوله تعالى: [الأنعَام: 158]{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلاَئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} فالمراد ببعض الآيات: طلوع الشمس من مغربها.
وفي قراءة: {لا مستقر لها} ، يعني: أنها مستمرة في الجريان إلى يوم القيامة، كقوله تعالى: [يس: 40]{وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ *}.
}3200{ قوله: «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ مُكَوَّرَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، هذا هو معنى قوله تعالى: [التّكوير: 1]{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ *}، وقوله تعالى: [الزُّمَر: 5]{يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ}.
}3201{، }3202{ لما خسفت الشمس في اليوم الذي مات فيه إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم قال الناس: خسفت الشمس لموت إبراهيم، على ما كانوا يعتقدون في الجاهلية، أنها تكسف لموت عظيم؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ» ، وفي اللفظ الآخر: «يخوف الله بهما عباده» [(523)]، فبين أن الحكمة هي التخويف «فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا» ، وفي الرواية الثانية: «فَاذْكُرُوا اللَّهَ» .
وجاء في الأحاديث مشروعية التكبير والصلاة والصدقة والعتق وذكر الله عند رؤية هذه الآية.
}3203{ وهذا الحديث فيه: مشروعية صلاة الكسوف عند كسوف الشمس أو خسوف القمر، وأن صلاة الكسوف والخسوف ركعتان، في كل ركعة ركوعان وسجودان، والركعة الأولى أطول من الركعة الثانية في القراءة وفي الركوع وفي السجود.
وفيه: إطالة القراءة والركوع والسجود في صلاة الكسوف؛ ولهذا جاء في حديث عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم صلى بأطول صلاة وأطول قراءة وأطول ركوع وأطول سجود، فكبر وقرأ قراءة طويلة جدًّا، ثم ركع ركوعًا طويلاً، ثم رفع رأسه وقال: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» ، ثم قرأ الفاتحة وقرأ قراءة طويلة أيضًا ثم ركع ركوعًا ثانيًا لكن القراءة الثانية أقل من القراءة الأولى، «ثُمَّ سَجَدَ سُجُودًا طَوِيلاً ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الآْخِرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ» إلا أنها أقل، «ثُمَّ سَلَّمَ، وَقَدْ تَجَلَّتْ الشَّمْسُ فَخَطَبَ النَّاسَ» .
وفيه: مشروعية الخطبة بعد صلاة الكسوف، فيحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويذكر الناس ويخوفهم، ويقول كما قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلاَةِ» .
}3204{ في الحديث: إزالة اعتقاد أهل الجاهلية أن الشمس والقمر يخسفان لموت عظيم، أو لحياة عظيم، فلما صادف كسوف الشمس اليوم الذي مات فيه إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، وظنوا أنها كسفت لذلك ـ على اعتقاد أهل الجاهلية ـ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ» ليزيل هذا الاعتقاد.
مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ:
[الفُرقان: 48]{وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}
{قَاصِفًا} تَقْصِفُ كُلَّ شَيْءٍ، {لَوَاقِحَ} مَلاَقِحَ مُلْقِحَةً، {إِعْصَارٌ} رِيحٌ عَاصِفٌ تَهُبُّ مِنْ الأَْرْضِ إِلَى السَّمَاءِ كَعَمُودٍ فِيهِ نَارٌ، {صِرٌّ} بَرْدٌ {نَشْرًا} مُتَفَرِّقَةً.
}3205{ حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «نُصِرْتُ بِالصَّبَا وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ».
}3206{ حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى مَخِيلَةً فِي السَّمَاءِ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ وَدَخَلَ وَخَرَجَ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ فَإِذَا أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ سُرِّيَ عَنْهُ، فَعَرَّفَتْهُ عَائِشَةُ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَا أَدْرِي لَعَلَّهُ كَمَا قَالَ قَوْمٌ: ُ ِ ُ َ ٍ ٌ ِ [الأحقاف: 24] {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} الآْيَةَ.
هذا الباب معقود لما يتعلق بالريح.
قوله: «بَاب مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ: {بُشْرًا}، وقراءة (نُشُرًا) بضم النون والشين هي قراءة نافع، وابن كثير، وأبي عمرو، وأبي جعفر، ويعقوب، وقرأ ابن عامر (نُشْرًا) بضم النون وإسكان الشين، وقرأ حمزة والكسائي وخلف (نَشْرًا) بالنون المفتوحة وسكون الشين، وقرأ عاصم {بَشَرًا} بالموحدة المضمومة وإسكان الشين[(524)].
قوله تعالى: [الإسرَاء: 69]{فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ} {قَاصِفًا} معناه: «تَقْصِفُ كُلَّ شَيْءٍ» . ففسر المؤلف الكلمات التي لها علاقة بالريح.
وقوله تعالى: [الحِجر: 22]{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} » معناها: «مَلاَقِحَ مُلْقِحَةً» ، يعني: تلقح السحاب، فالريح هي التي تلقح السحاب، فيحمل السحاب الماء بإذن الله، مثل الذكر والأنثى، وكذلك تلقح النبات.
قوله تعالى: [البَقَرَة: 266]{فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ} الإعصار: «رِيحٌ عَاصِفٌ تَهُبُّ مِنْ الأَْرْضِ إِلَى السَّمَاءِ كَعَمُودٍ فِيهِ نَارٌ» .
قوله تعالى: [آل عِمرَان: 117]{فِيهَا صِرٌّ}» ، الصر: البرد الشديد.
قوله: «نُشُرًا» أو {بُشْرًا}» ، يعني: «مُتَفَرِّقَةً» .
}3205{ قوله: «بِالصَّبَا» : هي ريح شرقية وهي رحمة نصر بها النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: «بِالدَّبُورِ» : ريح غربية ، وهي عذاب أهلك الله بها عادًا قوم هود، كانت تقتلع الواحد منهم وترفعه إلى السماء ثم تنكسه إلى الأرض فتدق عنقه فينفصل العنق عن الجسد، وكانوا طوالاً فإذا سقطوا [الحَاقَّة: 7]{كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ *}، أي: نخل قطعت رؤوسها فسقطت.
أما قول بعضهم: إن الصَّبا هي التي حملت رائحة قميص يوسف إلى يعقوب قبل أن يصل إليه، فهذا تخمين ليس عليه دليل.
وفي الحديث إثبات معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم بأن الله نصره بالريح.
وفيه: إخبار المرء عن نفسه بما فضله الله به على سبيل التحدث بالنعمة، لا على سبيل الفخر.
وفيه: الإخبار عن الأمم الماضية وإهلاكها.
}3206{ قوله: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى مَخِيلَةً فِي السَّمَاءِ» ، المخيلة: السحاب التي يُخال فيها المطر، وكان صلى الله عليه وسلم إذا رأى السحاب «أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ وَدَخَلَ وَخَرَجَ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ» ؛ خشية أن يكون عذابًا، وهذا من قوة معرفته صلى الله عليه وسلم بالله عز وجل، ومن كان بالله أعرف فهو منه أخوف، فإذا قلَّت معرفة الإنسان بربه قلَّت مخافته، وإذا قويت معرفته بالله عظمت مخافته، ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم أعرف الناس بالله، كانت هذه حاله، «فَعَرَّفَتْهُ عَائِشَةُ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَا أَدْرِي لَعَلَّهُ كَمَا قَالَ قَوْمٌ: [الأحقاف: 24]{فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} الآْيَةَ» يقال في الرحمة: مطرت، ويقال في الرحمة والعذاب: أمطرت.
وفي اللفظ الآخر: أن عائشة قالت: يا رسول الله، الناس إذا رأوا المخيلة استبشروا وفرحوا، وأنت تحزن وتدخل وتخرج ويتغير وجهك، فقال: «يا عائشة ما يُؤْمِنَّي أن يكون فيه عذاب قوم، عُذِّب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب فقالوا: [الأحقاف: 24]{هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}» [(525)].
والواجب على العبد أن يجمع بين الخوف والرجاء، فيكون خائفًا خوفًا صادقًا، يحمله على أداء الفرائض والامتناع عن المحارم، فلا يأمن مكر الله، ولا يسترسل في المعاصي؛ لخوفه الصادق، ولا ييأس ولا يقنط من رحمة الله؛ لرجائه الصادق.
فالأحوال أربعة: خوف وأمن من مكر الله، ورجاء ويأس من روح الله، فاليائس من روح الله ضال ضلال كفر، قال الله تعالى: [يُوسُف: 87]{إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ *}، والآمن من مكر الله خاسر خسران كفر، قال الله تعالى: [الأعرَاف: 99]{فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ *}.
بَاب ذِكْرِ الْمَلاَئِكَةِ
وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ: لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنْ الْمَلاَئِكَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: [الصَّافات: 165]{لَنَحْنُ الصَّآفُّونَ *} الْمَلاَئِكَةُ.
}3207{ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ ح و قَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَهِشَامٌ قَالاَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَا أَنَا عِنْدَ الْبَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ وَذَكَرَ يَعْنِي رَجُلاً بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَشُقَّ مِنْ النَّحْرِ إِلَى مَرَاقِّ الْبَطْنِ، ثُمَّ غُسِلَ الْبَطْنُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا وَأُتِيتُ بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ الْبُرَاقُ فَانْطَلَقْتُ مَعَ جِبْرِيلَ حَتَّى أَتَيْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا قِيلَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ قِيلَ مَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَأَتَيْتُ عَلَى آدَمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ ابْنٍ وَنَبِيٍّ فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَأَتَيْتُ عَلَى عِيسَى وَيَحْيَى، فَقَالاَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّالِثَةَ. قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: جِبْرِيلُ قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَأَتَيْتُ عَلَى يُوسُفَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قِيلَ: نَعَمْ قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَأَتَيْتُ عَلَى إِدْرِيسَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ؟ إِلَيْهِ قَالَ: نَعَمْ قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَأَتَيْنَا عَلَى هَارُونَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ فَأَتَيْنَا عَلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ قِيلَ: مَنْ هَذَا، قِيلَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟، مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَأَتَيْتُ عَلَى مُوسَى فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ فَلَمَّا جَاوَزْتُ بَكَى، فَقِيلَ: مَا أَبْكَاكَ؟ قَالَ: يَا رَبِّ هَذَا الْغُلاَمُ الَّذِي بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَفْضَلُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ السَّابِعَةَ قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: جِبْرِيلُ قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ مَرْحَبًا بِهِ، وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَأَتَيْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ ابْنٍ وَنَبِيٍّ فَرُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ، فَقَالَ: هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ وَرُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فَإِذَا نَبِقُهَا كَأَنَّهُ قِلاَلُ هَجَرَ وَوَرَقُهَا كَأَنَّهُ آذَانُ الْفُيُولِ فِي أَصْلِهَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ، فَقَالَ: أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَفِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ النِّيلُ وَالْفُرَاتُ، ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلاَةً فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جِئْتُ مُوسَى، فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ قُلْتُ: فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلاَةً قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِالنَّاسِ مِنْكَ عَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، وَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ فَرَجَعْتُ فَسَأَلْتُهُ فَجَعَلَهَا أَرْبَعِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ، ثُمَّ ثَلاَثِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ فَجَعَلَ عِشْرِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ فَجَعَلَ عَشْرًا فَأَتَيْتُ مُوسَى، فَقَالَ: مِثْلَهُ فَجَعَلَهَا خَمْسًا فَأَتَيْتُ مُوسَى، فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ قُلْتُ: جَعَلَهَا خَمْسًا، فَقَالَ: مِثْلَهُ قُلْتُ: سَلَّمْتُ بِخَيْرٍ فَنُودِيَ إِنِّي قَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي وَأَجْزِي الْحَسَنَةَ عَشْرًا».
وَقَالَ هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ.
}3208{ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الأَْحْوَصِ عَنْ الأَْعْمَشِ عَنْ زَيْدِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا، فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، وَيُقَالُ لَهُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتَابُهُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ».
}3209{ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَابَعَهُ أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحْبِبْهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الأَْرْضِ».
}3210{ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَنْزِلُ فِي الْعَنَانِ وَهُوَ السَّحَابُ فَتَذْكُرُ الأَْمْرَ قُضِيَ فِي السَّمَاءِ فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ فَتَسْمَعُهُ فَتُوحِيهِ إِلَى الْكُهَّانِ فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ».
}3211{ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَالأَْغَرِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ الْمَلاَئِكَةُ يَكْتُبُونَ الأَْوَّلَ فَالأَْوَّلَ فَإِذَا جَلَسَ الإِْمَامُ طَوَوْا الصُّحُفَ وَجَاءُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ».