شعار الموقع
شعار الموقع

شرح كتاب بدأ الخلق من صحيح البخاري (59-3)

00:00

00:00

تحميل
51

}3212{ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: مَرَّ عُمَرُ فِي الْمَسْجِدِ وَحَسَّانُ يُنْشِدُ، فَقَالَ: كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: أَجِبْ عَنِّي اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ؟ قَالَ: «نَعَمْ».

}3213{ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِحَسَّانَ: «اهْجُهُمْ أَوْ هَاجِهِمْ وَجِبْرِيلُ مَعَكَ».

}3214{ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ح حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ هِلاَلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى غُبَارٍ سَاطِعٍ فِي سِكَّةِ بَنِي غَنْمٍ.

زَادَ مُوسَى مَوْكِبَ جِبْرِيلَ.

}3215{ حَدَّثَنَا فَرْوَةُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ قَالَ: «كُلُّ ذَاكَ يَأْتِينِي الْمَلَكُ أَحْيَانًا فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ فَيَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ مَا قَالَ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ وَيَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ أَحْيَانًا رَجُلاً فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ».

}3216{ حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ دَعَتْهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ أَيْ فُلُ هَلُمَّ»، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ذَاكَ الَّذِي لاَ تَوَى عَلَيْهِ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ».

}3217{ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لَهَا «يَا عَائِشَةُ هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمَ»، فَقَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لاَ أَرَى تُرِيدُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.

}3218{ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ قَالَ: ح حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لِجِبْرِيلَ أَلاَ تَزُورُنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا قَالَ: فَنَزَلَتْ: [مَريَم: 64]{وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} الآْيَةَ.

}3219{ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثنِي سُلَيْمَانُ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ».

}3220{ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ بِهَذَا الإِْسْنَادِ نَحْوَهُ وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَفَاطِمَةُ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ الْقُرْآنَ.

}3221{ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَّرَ الْعَصْرَ شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ: أَمَا إِنَّ جِبْرِيلَ قَدْ نَزَلَ فَصَلَّى أَمَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: عُمَرُ اعْلَمْ مَا تَقُولُ يَا عُرْوَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: «نَزَلَ جِبْرِيلُ فَأَمَّنِي فَصَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ يَحْسُبُ بِأَصَابِعِهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ».

}3222{ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «قَالَ: لِي جِبْرِيلُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ النَّارَ قَالَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: وَإِنْ.

}3223{ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الأَْعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «الْمَلاَئِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ وَصَلاَةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ، فَيَقُولُ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ يُصَلُّونَ».

 

قوله: «الْمَلاَئِكَةِ» جمع ملَك بفتح اللام، فقيل: مخفف عن مالك، وقيل: مشتق من الألوكة وهي الرسالة، وقيل: أصله ملأك، وقيل: أصل الملَك الملْك ـ بفتح ثم سكون ـ وهو الأخذ بقوة. وهي ذوات وأشخاص محسوسة، وهم من عالم الغيب.

والملائكة أجسام لطيفة، أعطيت قدرة على التشكل بأشكال مختلفة، لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناكحون ولا يتوالدون، ومسكنهم السموات، وتنزل وتصعد وتَرى وتُرى وتجيء وتخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم، خلافًا للفلاسفة الذين يقولون: إنها أشكال وأشباح نورانية، أو أنها أمور معنوية تحث على الخير والكرم، وهذا باطل.

وقد جاء في صفة الملائكة أنهم مخلوقون من نور كما جاء في «صحيح مسلم» عن عائشة رضي الله عنها قالت: «خلقت الملائكة من نور» [(526)] وفي الحديث: «أَطَّت السماء وحُقَّ لها أن تَئِطَّ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك ساجد أو قائم» [(527)].

نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله عن سعيد بن المسيب أنه قال: «الملائكة ليسوا ذكورًا ولا إناثًا» ، وهذا ليس بصحيح، والصواب أنهم يوصفون بالذكورية كما في النصوص: [النّحل: 102]{قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ}، وقال صلى الله عليه وسلم: «هذا جبريل يقرأ عليك السلام» .

وقد أنكر الله على المشركين وصفهم الملائكة بالإناث، قال تعالى: [الزّخرُف: 19]{وَجَعَلُوا الْمَلاَئِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَانِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ *}.

ذكر البخاري رحمه الله الأثر المعلق عن عبدالله بن سلام الإسرائيلي أنه قال: «إِنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنْ الْمَلاَئِكَةِ» ، فاليهود يعادون جبريل. قال تعالى: [البَقَرَة: 98]{مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ *}.

«وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: [الصَّافات: 165]{لَنَحْنُ الصَّآفُّونَ *} الْمَلاَئِكَةُ» .

 

}3207{ هذا الحديث فيه: قصة الإسراء والمعراج، والشاهد في قوله: «يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ» ؛ لأن الباب في ذكر الملائكة.

قوله: «بَيْنَا أَنَا عِنْدَ الْبَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ» ، وذلك في قصة شق البطن، حيث أتاه ملكان بطست من ذهب ملئ حكمة وإيمانًا، فشقَّا بطن النبي صلى الله عليه وسلم من النحر إلى مراق البطن، ثم غسلا البطن بماء زمزم، ثم ملآه حكمة وإيمانًا، والتأم في الحال.

وقد شق بطن النبي صلى الله عليه وسلم مرتين: مرة وهو صغير يلعب في البادية حتى رآه بعض أولاد المرضعة وأخبروا أمهم فخافت عليه وأعادته إلى أمه، وكان أهل مكة يعطون أولادهم للمرضعات في البادية؛ حتى تقوى أجسادهم، ويتربوا على الاعتماد على النفس منذ الصغر، وتستقيم ألسنتهم. وشق بطنه للمرة الثانية قبيل الإسراء من النحر إلى مراق البطن تحت السرة، واستخرج الملَك علقة ورماها وقال: هذه حظ الشيطان[(528)].

ثم أتي بدابة بيضاء تسمى البراق لبريقها ولمعانها، وهي دابة أكبر من الحمار وأصغر من البغل، والبغل هو الذي تخلق من فرس وحمار وهو يغلب فيه جانب الحظر فلا يؤكل، بخلاف لحم الخيل فإنه حلال. والبراق خطوها مد بصرها، أي: في سرعة الطائرة.

ثم أسري به صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس وهي مسافة شهر في وقت وجيز، ثم صَلى في المسجد الأقصى، وربط الدابة بحلقة الباب، وصلى بالأنبياء إمامًا، ثم جيء بالمعراج وهو كهيئة الدرج، فصعد من بيت المقدس إلى السماء، كما جاء في الأحاديث الأخرى.

قوله: «فَانْطَلَقْتُ مَعَ جِبْرِيلَ» فيه: أنه صلى الله عليه وسلم انطلق مع جبريل، وهذا من الشواهد للباب، فجبريل ملك من الملائكة، وهو ملك الوحي.

وفي الحديث من الفوائد:

1- أن السموات محفوظة؛ لكون جبريل يستفتح عند كل سماء، وهو من هو، فيقال له: من هذا؟ فيقول: جبريل.

2- أن السموات ليست شفافة؛ فلو كانت شفافة لرؤى: مِن ورائها فلا يقال: من هذا؟

3- فضل هؤلاء الأنبياء الذين وجدهم النبي صلى الله عليه وسلم في السموات.

4- أن السماء الدنيا فيها آدم أبو البشر، وفي السماء الثانية عيسى ويحيى، وفي السماء الثالثة يوسف، وفي السماء الرابعة إدريس، وفي السماء الخامسة هارون، وفي السماء السادسة موسى، وفي السماء السابعة إبراهيم، وكلهم يقولون: مرحبًا بك من نبي وأخ، إلا آدم وإبراهيم، قالا: مرحبًا بك من ابن ونبي، فهو من سلالة إبراهيم، فإبراهيم رُزق بولدين هما إسماعيل وإسحاق، وإسحاق أنجب يعقوب، ويعقوب هو إسرائيل، وبنو إسرائيل كلهم من سلالة يعقوب بن إسحاق، وأم إسحاق سارة بنت عم إبراهيم، وأما إسماعيل فهو من هاجر، التي أهداها ملك مصر في ذلك الزمان لسارة فتسراها إبراهيم فولدت له إسماعيل، فنبينا صلى الله عليه وسلم من سلالة إسماعيل؛ ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا ابن الذبيحين» [(529)] فالذبيح الأول إسماعيل، والذبيح الثاني أبوه عبدالله، لما نذر عبدالمطلب أن يذبح الولد العاشر، ثم افتداه بمائة من الإبل.

ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم لهؤلاء الأنبياء رؤية أرواح أخذت شكل الأجسام، وإلا فهم مدفونون في الأرض إلا عيسى، فهو مرفوع بروحه وجسده.

5- دليل على أن إدريس ليس من السلالة الأبوية لنبينا صلى الله عليه وسلم، بل هو من السلالة الأخوية؛ لأن إدريس قال: «مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ» ، ولم يقل: والابن، وبعض العلماء يقولون: إن إدريس جد لنوح، ونوح هو الأب الثاني، فلو كان جدًّا له لقال: مرحبًا بالابن، لكنه قال: «مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ» .

6- إثبات أن الله في العلو فوق السموات وفوق العرش، وهو سبحانه مع العباد بعلمه وإحاطته واطلاعه ورؤيته ونفوذ قدرته ومشيئته، وهو مع الأنبياء والمحسنين والصابرين بعونه وتوفيقه ونصره وحفظه وكلاءته، وهذه معية خاصة إلى جانب المعية العامة لجميع الخلق.

والمعية عند أهل السنة معيتان:

- معية عامة لجميع الخلق.

- معية خاصة مع أنبيائه ورسله.

7- دليل على كثرة الملائكة وأنهم أكثر من الثقلين؛ لكون البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، فإذا خرجوا لا يعودون إليه مدى الدهر؛ لكثرة الملائكة، والبيت المعمور كعبة سماوية تحاذي الكعبة المشرفة، لو سقط لسقط على الكعبة.

8- أن نبينا صلى الله عليه وسلم رأى إبراهيم صلى الله عليه وسلم في السماء السابعة مسندًا ظهره إلى البيت المعمور، والحكمة في ذلك أنه باني الكعبة الأرضية، فأسند ظهره إلى الكعبة السماوية.

9- فضل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ لما أعطاه الله من هذا الخير العظيم والتشريف والتكريم؛ حيث تجاوز السبع الطباق، ورأى سدرة المنتهى، ووصل إلى مكان يسمع فيه صريف الأقلام، ومن تكريم الله له أن كلمه من دون واسطة من وراء حجاب، وفرض عليه خمسين صلاة وخففت إلى خمس صلوات.

10- أن موسى لما تجاوزه نبينا صلى الله عليه وسلم بكى أسفًا على بني إسرائيل وتألمًا؛ حيث لم يؤمنوا مع المعالجة الشديدة.

11- دليل على أن هذه الأمة أكثر الأمم في الجنة؛ وذلك لأن الله رفع الآصار والأغلال التي كانت على بني إسرائيل عن هذه الأمة، ولأن هذه الأمة أطوع من بني إسرائيل، ولطول مدة هذه الأمة من بعثته صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة.

12- أن سدرة المنتهى نَبْقها ـ بفتح النون وإسكان الباء يعني: السدر ـ مثل قلال هجر.

وفيه: عظم شأن الصلاة وذلك لأمور:

منها: أنها فرضت في المحل الأعلى في السماء فوق السبع الطباق، وأما الزكاة والصوم والحج فرضت في الأرض.

ومنها: أن الله فرضها على نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم من دون واسطة، وأما الزكاة والصوم والحج فبواسطة جبريل.

ومنها: أنها فرضت أولاً خمسين ثم خففت إلى خمس فهي خمس في العدد خمسون في الأجر.

ومنها: أن لها مزية خاصة؛ فهي أعظم الفرائض بعد الشهادتين، وهي الفارقة بين المسلم والكافر، وليس بعد ذهابها إسلام ولا دين.

13- دليل على جواز النسخ قبل التمكن من الفعل، فإنها فرضت خمسين ثم نسخت قبل أن يتمكن العباد من الفعل.

14- ذكر أربعة أنهار: نهرين باطنين وآخرين ظاهرين، فالباطنان في الجنة، والظاهران: النيل والفرات، وقد جاء في اللفظ الآخر في «صحيح مسلم» ذكر أربعة أنهار من أنهار الجنة: «سيحان، وجيحان، والفرات، والنيل، كُلٌّ من أنهار الجنة» [(530)] قال العلماء: يعني: أصلها من الجنة، ثم بعد ذلك لما صارت في الأرض حصل لها ما حصل.

قوله: «فَنُودِيَ إِنِّي قَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي» هذا من كلام الله عز وجل، وقوله: «وَأَجْزِي الْحَسَنَةَ عَشْرًا» فيه: أن الله تعالى خفف الصلاة من خمسين إلى خمس والحسنة بعشر أمثالها، فهي خمس في العدد وخمسون في الميزان والأجر، وهذا من فضل الله تعالى وإحسانه.

وفيه: أن الله تعالى ألْهَم موسى أن يقول لنبينا صلى الله عليه وسلم: «فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ» ، أي: التخفيف، وفي اللفظ الآخر: «فالتفت إلى جبريل كأنه يستشيره في ذلك فأشار إليه جبريل أن نعم إن شئت فَعَلاَ به إلى الجبار» [(531)]، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يتردد، وفي المرة الأخيرة قال له موسى: ارجع أمتك ما تطيق الخمس، وجاء في اللفظ الآخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فرفعه عند الخامسة فقال: يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبصارهم وأبدانهم فخفف عنا، فقال الجبار: يا محمد، قال: لبيك وسعديك، قال: إنه لا يبدل القول لدي، كما فرضته عليك في أم الكتاب، قال: فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك» [(532)] فلله الحمد على ذلك.

}3208{ قوله: «ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ» هو الشاهد للترجمة، والملائكة على ما سبق وصفهم، وهم من عالم الغيب، والإيمان بهم أصل من أصول الإيمان، وهو الركن الثاني من أركان الإيمان؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل لما سئل عن الإيمان: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله» [(533)] فمن لم يؤمن بالملائكة فهو كافر، كالفلاسفة أتباع أرسطو الذين يقولون: إن الملائكة عبارة عن أشكال وأشباح نورانية وليسوا ذواتًا، وإذا تكلموا مع أهل الإسلام قالوا: الملائكة عبارة عن أمور معنوية تدعو إلى الخير والبر والإحسان، والشياطين أمور معنوية تدعو إلى الشر والفساد، فهؤلاء كفرة كأرسطو وابن سينا وأبي نصر الفارابي، وهؤلاء الثلاثة يقال لهم: المشّاءون، فأول من قال بأن العالم قديم هو أرسطو، وكان مشركًا يعبد الأصنام قد خالف شيخه أفلاطون، فإن أفلاطون أحسن منه؛ لأنه من الفلاسفة القدامى الذين يعظمون الملائكة، ويعظمون الشرائع والإلهيات، ويقولون: إن العالم حادث، فجاء أرسطو وابتدع القول بأن العالم قديم، وفي ذلك إنكار لوجود الله، يعني: قديم كقدم الله، ولا يؤمن بالملائكة. وأبو علي بن سينا الذي حاول أن يُقَرّب الفلسفة من الإسلام ولم يثبت وجودًا لله إلا في الذهن؛ لأنه سلب عن الله جميع الأسماء والصفات، وأما أرسطو ما أثبت لله وجودًا إلا من جهة كونه مبدأ للكثرة، وعلة غريبة لحركة الفلك، فالفلاسفة ملاحدة لا يؤمنون بالله ولا يؤمنون بالملائكة من باب أولى.

فالإيمان بالملائكة ركن من أركان الإيمان، لا يتم الإيمان إلا به، ومن لم يؤمن بالملائكة كفر، وهم مخلوقون من نور كما ثبت في «صحيح مسلم» من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم» [(534)] يعني: من الطين. فهم أجسام لطيفة نورانية، لهم وظائف وظفهم الله لها، منهم الموكل بالقطر، ومنهم الموكل بالنبات، ومنهم الموكل بالرياح، ومنهم الموكل بالسحاب، ومنهم الموكل بالجنة، ومنهم من يُعِدُّ النعيم لأهل الجنة، ومنهم الموكل بالنار، ومنهم حفظة لبني آدم، ومنهم كتبة، ومنهم الموكل بتدبير أمر الروح حتى يتم أمرها، كما جاء في هذا الحديث.

قوله: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ» ، وفي اللفظ الآخر: «أربعين يومًا نطفة» [(535)] «ثم يكون علقة مثل ذلك» يعني: أربعين يومًا «ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ» يعني: أربعين يومًا، يعني: ثلاث أربعينات، أي: مائة وعشرين يومًا: أربعة أشهر، «ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا، فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ» ؛ وهذا هو الغالب على الأجنة، أنها إذا مر عليها أربعة أشهر أمر الله الملَك فنفخ فيها الروح، والروح ذات موجودة في الإنسان، ولا يعلمها إلا الله، كما قال سبحانه: [الإسرَاء: 85]{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً *}، فالروح أيضًا ذات لطيفة تسري في البدن كجريان النار في الفحم، وكجريان الماء في العود، وهي موصوفة بصفات: تُقبض وتُبسط، وتُنعم وتُعذب، وإذا قُبضت تبعها البصر.

وقد استدل أبو العباس بن تيمية رحمه الله في تحقيق إثبات الأسماء والصفات لله عز وجل بِمَثَلين مضروبين، وذَكَر الروح، وقال: هذه الروح التي بين جنبي الإنسان، الكل يعترف بها، وإن كان الناس اضطربوا فيها، فالفلاسفة يصفونها بصفات عدمية، وأهل الكلام يقولون: إنها صفة من صفات البدن، فهي موجودة، ومع ذلك لا يعرف الناس حقيقتها، فإذا كانت ذات الروح بين جنبي الإنسان يعتقد وجودها ويثبتها وهي ذات حقيقية ومع ذلك لا يعرف كيفيتها وكنهها وهو لا يعرف لها صفات تخالف صفات الأجسام، فمن باب أولى أن يثبت الإنسان الأسماء والصفات لله، ولا يعلم كنهها وكيفيتها وحقيقتها إلا هو سبحانه، وإن كانت أسماء الله وصفاته توافق أسماء المخلوق وصفاته في الاسم وفي المعنى العام، لكن لا يعلم حقيقتها وكيفيتها إلا الله[(536)].

قوله: «ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ» ، فالروح إذا نفخت في الإنسان دبت فيه الحياة، ويكون الجسد قالبًا لهذا الروح، والروح هي التي تُسَيّر الإنسان، فإذا كانت طيبة صلح، وإذا كانت خبيثة فسد، وجاء ما يدل على أن نفخ الروح قد يكون على اثنين وثمانين يومًا، وكأنه ـ والله أعلم ـ مع بعض الأجنة.

قوله: «وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ» ، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «المراد أنه يكتب لكل أحد إما السعادة وإما الشقاء ولا يكتبهما لواحد معًا وإن أمكن وجودهما منه؛ لأن الحكم إذا اجتمعا للأغلب، وإذا ترتبا فللخاتمة؛ فلذلك اقتصر على أربع وإلا لقال خمس» اهـ.

قوله: «فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتَابُهُ» ، فيه: الإيمان بالقدر الذي كتبه الله على العبد، فقد يعمل بعمل أهل النار فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها، وقد يعمل بعمل أهل الجنة فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها.

وهذا التقدير في الحديث في قوله: «اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ» ، هو التقدير الثاني، فإن التقادير أربعة:

التقدير الأول: التقدير العام الشامل : فكل شيء في السموات والأرض مكتوب في اللوح المحفوظ، قال الله تعالى: [الحَجّ: 70]{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ *} وقال سبحانه: [الحَديد: 22]{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ *} وهذا الكتاب وهذا التقدير كان قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، كما ثبت في «صحيح مسلم» من حديث عبدالله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء» [(537)].

التقدير الثاني: التقدير العمري: وهو ما يقدر على الإنسان وهو في بطن أمه، بكتابة عمله ورزقه وأجله وشقي أو سعيد كما في هذا الحديث.

التقدير الثالث: التقدير السنوي: وهو ما يقدر في ليلة القدر، ويكتب فيها من كل سنة، من حياة وموت وصحة ومرض وعز وذل وغنى وفقر وغيرها، كما قال الله تعالى: [القَدر: 1-4]{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ *لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ *تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ *}.

التقدير الرابع: التقدير اليومي: كما قال الله تعالى: [الرَّحمن: 29]{كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ *} والشأن أن يعز ويذل، ويرفع ويخفض، ويحيي ويميت، ويغني ويفقر ـ سبحانه وتعالى ـ وله الحكمة البالغة. وهذه التقديرات الثلاثة لا تخالف التقدير الأول العام، بل هي مأخوذة منه.

 

}3209{ ذِكْر جبريل في هذا الحديث شاهدٌ للترجمة: «بَاب ذِكْرِ الْمَلاَئِكَةِ» .

وفي الحديث: إثبات صفة المحبة لله عز وجل كما يليق بجلاله وعظمته.

وفيه: الرد على من أنكر المحبة من المعتزلة والأشاعرة والجهمية، فالجهمية والمعتزلة ينكرون الصفة، والأشاعرة يؤولونها بالإرادة فيلحقونها بالصفات السبع التي يثبتونها، أو يؤولونها بالأثر، يقولون: معنى المحبة الرضا أو الثواب وما أشبه ذلك، وهذا باطل، فالواجب إثبات الصفة لله عز وجل كما أثبتها لنفسه وكما أثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم، وأما ما يزعمه الأشاعرة أن المحبة: ميل المحب إلى المحبوب، فهذا من صفة المخلوق، والله ليس كمثله شيء.

وفيه: إثبات الملائكة وإثبات جبريل وهو الملك الموكل بالوحي وهو أفضل الملائكة.

وفيه: أن الملائكة يحبون كالآدميين، فهم يحبون ما يحبه الله.

وفيه: الرد على من أنكر الملائكة من الفلاسفة وغيرهم من الكفرة، الذين لا يؤمنون إلا بالحسيات، ولا يؤمنون بالغيبيات.

وفي رواية مسلم ذكر البغض أيضًا، فقال: «إن الله إذا أبغض فلانًا، نادى جبريل: إن الله يبغض فلانا فأبغضه فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانًا فأبغضوه، فيبغضه أهل السماء، ثم توضع له البغضاء في الأرض» [(538)].

وفيه: إثبات صفة البغض لله عز وجل، فالله تعالى يبغض الكفرة والمنافقين والفساق، وفي الذكر الحكيم قال الله تعالى: [غَافر: 10]{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ *} فأثبت المقت، والمقت أشد البغض، فهذا الحديث فيه إثبات المحبة والبغض لله عز وجل كما يليق بجلاله وعظمته.

وفيه: إثبات أن الملائكة يحبون ويبغضون، فيحبون ما يحبه الله عز وجل، ويبغضون ما يبغضه الله عز وجل؛ لأن الملائكة لا يعصون الله عز وجل، وكذلك المؤمنون يحبون ما يحبه الله ورسوله ويبغضون ما يبغضه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، يوالون ربهم عز وجل.

 

}3210{ في الحديث: إثبات وجود الملائكة، وأنهم ينزلون في العنان ـ وهو السحاب ـ فيذكرون الأمر قضي في السماء، وجاء في الحديث الآخر: «أن الله تعالى إذا تكلم بالأمر أخذت السموات رجفة أو رعدة شديدة، وأن الملائكة تصعق، ثم يزول الفزع فيكون أول من يرفع رأسه جبريل، فيوحي الله إليه ما أراد، فتقول الملائكة: ما قال ربنا؟ فيقول جبريل: قال الحق، فيتسامع أهل السموات السابعة الأمر الذي قضاه الله، ويسمعه أهل السماء السادسة، ثم أهل السماء الخامسة، حتى يصل إلى السماء الدنيا، ثم يتكلم الملائكة بما قضى الله به في السحاب» [(539)] في لفظ آخر: «أنه يتكلم في هذا أهل السماء الدنيا وأن الشياطين تسمع أهل السماء الدنيا» [(540)]، وفي هذا الحديث أنها تسمع في العنان ـ وهو السحاب ـ فيسمعون الكلمة من الملائكة من الحق فيلقونها في أذن الكهان، والكاهن هو الذي له رئي من الجن، ويدعي علم الغيب، وجاء في الحديث: «أنهم يركب بعضهم بعضًا، فيلقيه إلى من تحته حتى يصل إلى الشيطان الأسفل، فيلقيه الشيطان الأسفل في أذن الكاهن ويقره فيه كقر الدجاجة، فيكذب معها مائة كذبة، فيحدث الناس بهذه الأخبار» [(541)].

قال الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في مسائل هذا الحديث: «قبول النفوس للباطل، كيف يتعلقون بواحدة ولا يعتبرون بمائة» [(542)].

وجاء في الحديث أن الشهب تلاحقهم وتحرقهم[(543)]، وقد تحرق الشهب الشيطان الأسفل قبل أن يلقي الكلمة في أذن الكاهن، وأحيانًا يلقيها في أذن الكاهن قبل أن يحرقه الشهاب، وهذا يدل على أن الشياطين كثيرون ويولدون بكثرة وهم أكثر من بني آدم، فما من أحد من بني آدم إلا معه قرين، والملائكة كذلك كثيرون مع كل واحد من بني آدم حافظان وكاتبان، بالليل اثنان وبالنهار اثنان فهم أربع ملائكة، وهذا يدل على أن الملائكة أكثر من بني آدم.

 

}3211{ قوله: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ الْمَلاَئِكَةُ يَكْتُبُونَ الأَْوَّلَ فَالأَْوَّلَ» . هذا الحديث فيه: أن الملائكة يجلسون على أبواب المساجد يوم الجمعة يكتبون الناس الأول فالأول، وهذا فيه فضل التقدم يوم الجمعة وجاء في الحديث الآخر: «من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشًا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة» [(544)] فهذه خمس ساعات من طلوع الفجر إلى خروج الإمام أو من طلوع الشمس إلى خروج الإمام، وليس المراد بالساعة الساعة التي نعرفها الآن بل المراد الجزء من الزمن قد يكون أقل من الساعة وقد يكون أطول، فهذه الساعات تكون من طلوع الفجر أو من طلوع الشمس إلى خروج الإمام في فصل الصيف تكون طويلة أطول من خمس ساعات، وفي زمن الشتاء تكون هذه الساعات قصيرة، والملائكة يكتبون الأول فالأول على حسب التقدم.

وهذا فيه: الرد على الإمام مالك[(545)] الذي يقول: إن ساعات الجمعة الخمس لحظات متتابعة بعد الزوال، يعني: إذا زالت الشمس؛ لكن هذا بعيد وضعيف جدًّا ينافي الأحاديث.

قوله: «فَإِذَا جَلَسَ الإِْمَامُ طَوَوْا الصُّحُفَ وَجَاءُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» ، يعني: إذا صعد الإمام المنبر تَركت الملائكة أبواب المساجد وأغلقت ما بأيديها من الصحف التي تسجل فيها أسماء المصلين يوم الجمعة وجلسوا يستمعون الذكر، والمراد بالذكر: الخطبة، فالذكر يشمل الخطبة والموعظة ويشمل القرآن والصلاة.

وهذا هو الشاهد للترجمة فمن أعمال الملائكة أنهم يكتبون الناس يوم الجمعة ومن أعمال الملائكة أنهم يستمعون الذكر.

 

}3212{ قوله: «مَرَّ عُمَرُ فِي الْمَسْجِدِ وَحَسَّانُ يُنْشِدُ» هذا الحديث فيه أن حسان كان ينشد الشعر في المسجد، وجاء في اللفظ الآخر: أن عمر مر بحسان وهو ينشد الشعر في المسجد فلحظ إليه[(546)] أي: كالمنكر عليه.

قوله: «فَقَالَ: كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ» يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكت.

قوله: «أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: أَجِبْ عَنِّي اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ؟ قَالَ: نَعَمْ» فيه: أن حسان استشهد بأبي هريرة، والشاهد من الحديث: أن روح القدس هو جبريل، وجبريل من عمله تأييد الحق.

 

}3213{ قوله: «اهْجُهُمْ أَوْ هَاجِهِمْ وَجِبْرِيلُ مَعَكَ» . هذا هو الطريق الثاني للحديث يعني: أن هجاء حسان للمشركين حق، وأن سب المشركين وذمهم وإظهار عيبهم وبطلان ما هم عليه حق أيضًا، وجبريل يؤيد الحق، وروح القدس هو جبريل عليه السلام.

وفي الحديث: جواز إنشاد الشعر في المسجد إن لم يكن فيه محظور شرعيّ، كالتأييد للحق والحث على الجهاد والحث على العلم، أما إذا كان فيه سب أو هجاء أو غزل فلا يجوز إنشاده في المسجد ولا في غيره لكن في المسجد أشد.

 

}3214{ قوله: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى غُبَارٍ سَاطِعٍ فِي سِكَّةِ بَنِي غَنْمٍ» . هذا عن موكب جبريل عليه السلام.

وفيه: الرد على الفلاسفة والملاحدة الذين أنكروا الملائكة وأنكروا وجودهم وقالوا: ليست أشخاصًا ولا ذواتًا وإنما هي أشكال وأشباح تصورها النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه فهذا من أبطل الباطل، وكفر بالله العظيم.

وقوله: «زَادَ مُوسَى مَوْكِبَ جِبْرِيلَ» ، يدل على أن من أعمال الملائكة أنهم يذهبون ويجيئون وأنهم أشخاص وذوات مخصوصة ولهم غبار كما في الحديث الذي معنا.

 

}3215{ هذا الحديث فيه: صفات الملائكة، وأن الملائكة يأتون وينزلون بالوحي على الأنبياء، وفي هذا الحديث ذكر نوعين من أنواع الوحي:

قوله: «يَأْتِينِي الْمَلَكُ أَحْيَانًا فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ» ؛ هذا هو النوع الأول : أنه يأتيه الملك أحيانًا في مثل صلصلة الجرس، وهو صوت قوي، كصوت الصريخ، وهو أشد أنواع الوحي عليه صلى الله عليه وسلم حتى إنه ليتفصد جبينه عرقًا في اليوم الشديد البرد، وقد أوحي إليه مرة وهو على راحلته فعجزت عن حمله[(547)]، ونزل عليه الوحي مرة وهو على فخذ زيد[(548)]؛ قال زيد: فكادت فخذي أن تَرّض من ثقل النبي صلى الله عليه وسلم لما ينزل عليه من الوحي قال الله تعالى: [المُزّمل: 5]{إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً *}.

قوله: «فَيَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ» ، أي: ينتهي والوحي قد وعى صلى الله عليه وسلم كلامه.

قوله: «وَيَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ أَحْيَانًا رَجُلاً فَيُكَلِّمُنِي» ؛ وهو النوع الثاني: أنه يأتي في صورة رجل فيكلم النبي صلى الله عليه وسلم فيعي، مثلما جاء ورآه الصحابة ـ في حديث عمر بن الخطاب[(549)] ـ في صورة رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، وأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه، ثم سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، ثم سأله عن الإيمان، ثم سأله عن الإحسان، ثم سأله عن الساعة ثم سأله عن أماراتها، والصحابة يرونه ويسمعون كلامه وهو ملك. وكان يأتي كثيرًا في صورة دحية الكلبي[(550)] وكان رجلاً جميلاً.

وفيه: دليل على أن الملائكة أعطاهم الله القدرة على التشكل في الصور المتعددة، وجبريل من أفضل الملائكة، ومنزلته من الله كمنزلة الحاجب من الملك وهو ملك الوحي ينزل بالوحي، وجبريل وميكائيل وإسرافيل هم أفضل الملائكة ومقدمو الملائكة وهم موكلون بما فيه الحياة، فجبريل موكل بالوحي الذي فيه الحياة للقلوب والأرواح، وميكائيل موكل بالقطر والمطر الذي فيه حياة الأبدان، وإسرافيل موكل بالنفخ في الصور الذي فيه إعادة الأرواح إلى أبدانها فتعود الحياة إليها، ولهذا توسل النبي صلى الله عليه وسلم بربوبية الله لهؤلاء الملائكة الثلاث في الحديث الصحيح الذي ورد في «صحيح مسلم» أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل استفتح فيقول: «اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» [(551)].

ومن أنواع الوحي أيضًا: أن يلقي الملك الوحي في رُوعِه كما في الحديث: «إن روح القدس نفث في رُوعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها» [(552)] فالرُّوع ـ بالضم ـ هو القلب أما الرَّوع ـ بالفتح ـ فهو الخوف والوجل ومنه قوله تعالى في قصة إبراهيم [هُود: 74]{فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ}، يعني: الخوف والوجل، وذلك أنه لما جاءته الملائكة في صورة آدميين لا يأكلون ولا يشربون خاف؛ قالوا: لا تخف وأخبروه أنهم ملائكة.

ومن أنواع الوحي أيضًا: الرؤيا الصادقة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرى الرؤيا الصالحة ستة أشهر من ربيع إلى رمضان، فكان لا يرى رؤيا إلا وقعت مثل فلق الصبح، ثم جاءه الحق في غار حراء في رمضان[(553)].

ومن أنواع الوحي: أن يكلم الله الرسول من وراء حجاب كما كلم الله موسى من وراء حجاب، وكما كلم الله نبيه من وراء حجاب ليلة المعراج، قال الله تعالى: [الشّورى: 51]{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِي بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ *}.

 

}3216{ هذا الحديث فيه: فضل الإنفاق في سبيل الله، وأن من ينفق في سبيل الله تدعوه خزنة الجنة للدخول من أبوابها كلها من باب النفقة أو من باب الجهاد أو غيرها.

قوله: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ» يعني: صنفين أو شيئين كدرهمين أو دينارين أو درهم وطعام.

قوله: «فِي سَبِيلِ اللَّهِ» اختلف العلماء في ذلك؛ فقيل: المراد به الجهاد وقيل: أي: في طاعة الله ومرضاته.

قوله: «دَعَتْهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ» ، هم الملائكة.

قوله: «أَيْ» حرف نداء مثل يا وأيا وفي هذا قالوا:

ونادِ مَن تدعو بيا أو بأيا

أو همزة أوْ أي: وإن شئت هيا

قوله: «فُلُ» ترخيم فلان؛ أي: يا فلان، والترخيم أسلوب عربي معروف وهو حذف آخر الكلمة، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا عائش» [(554)] لعائشة، ومثل: «يا فاطم» بحذف آخره لفاطمة.

قوله: «هَلُمَّ» يعني: تعال ادخل الجنة، والحديث فيه اختصار، وجاء في اللفظ الآخر: «أن الجنة لها أبواب، وأن من كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان» [(555)].

قوله: «فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ذَاكَ الَّذِي لاَ تَوَى عَلَيْهِ» يعني: الذي يدعى إلى الجنة لا هلكة عليه.

قوله: «قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ» فالصديق رضي الله عنه سَبَّاقٌ بالخيرات؛ فيدعى من أبواب الجنة كلها.

والشاهد قوله: «خزنة الجنة» فهم الملائكة وهذا من أعمالهم أنهم يعدون دار الكرامة لأهلها.

 

}3217{ هذا الحديث فيه: أن جبريل بَلّغ عائشة رضي الله عنها السلام بواسطة النبي صلى الله عليه وسلم «فَقَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ» .

قولها: «تَرَى مَا لاَ أَرَى» أي: أنت يا رسول الله ترى جبريل وأنا لا أراه، ولم تقل: عليك وعليه السلام؛ لأن النبي ما قال لها: يبلغك السلام وإنما قال: «يَقْرَأُ عَلَيْكِ» ، أما المُبَلّغ إذا قال: فلان يُبلغك السلام فإنه يقول: عليك وعليه السلام.

وفيه: منقبة لعائشة رضي الله عنها، وهي أن جبريل أقرأها السلام.

وجاء قول النبي صلى الله عليه وسلم لخديجة بنت خويلد أم المؤمنين: «إن الله يقرأ عليك السلام ويبشرك ببيت في الجنة من قصب» ، يعني: من لؤلؤ «لا صخب فيه ولا نصب» [(556)] وهذه منقبة عظيمة لخديجة لا يصل إليها أحد؛ فربها يقرأ عليها السلام، وهنا جبريل يقرأ على عائشة السلام، ومن هنا ذهب بعض العلماء إلى تفضيل خديجة؛ فقالوا: إن السلام من ربها فَضْلٌ ما يصل إليه أحد، أما عائشة فالسلام من جبريل، ومن العلماء من قال: إن خديجة أفضل في أول الإسلام وعائشة أفضل في آخر الإسلام؛ لأن خديجة هي التي ثَبّتت النبي صلى الله عليه وسلم وهي أول من آمن به، وعائشة في آخر الإسلام حفظت من العلم الشيء الكثير وبلغته الأمة، وفي الحديث: «كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» [(557)] هؤلاء هن أفضل النساء، وأما التفضيل بينهن ففيه كلام كثير لأهل العلم.

 

}3218{ قوله: «أَلاَ تَزُورُنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا» ؛ قاله النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل من باب المحبة والأنس لأنه من عند الله.

قوله: «قَالَ فَنَزَلَتْ: [مَريَم: 64]{وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا}» دليل على أن نزول الملائكة إنما هو بأمر الله.

والشاهد من هذا الحديث والذي قبله إثبات أن جبريل ملك من الملائكة.

 

}3219{ في هذا الحديث: أن القرآن أنزل على سبعة أحرف، وفي اللفظ الآخر: «إن القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه» [(558)] وهذه الأحرف اختلف العلماء فيها فقيل: إنها متقاربة في اللفظ مختلفة في المعنى، وقيل: إنها سبع لغات، وقيل: إنها سبع لهجات.

ثم بعد ذلك جمع عثمان رضي الله عنه الناس على مصحف واحد وعلى حرف واحد على لسان قريش وهو الحرف الذي كان في العرضة الأخيرة، وكان ذلك بمشورة من حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وكان ذلك في فتح أرمينية وأذربيجان، ولما رأى الناس يختلفون في القراءة، فجاء إلى أمير المؤمنين عثمان وقال: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن تختلف في كتابها اختلاف اليهود والنصارى؛ فجمع عثمان الناس على مصحف واحد سماه الإمام، وهذا هو الجمع الثاني، والجمع الأول كان في زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وكتب عثمان سبعة مصاحف أرسلها إلى الأمصار: المدينة ومكة والبصرة والكوفة والشام واليمن ومصر، وأمر أن تُحرق بقية المصاحف.

قوله: «أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ» هذا هو الشاهد وهو إثبات جبريل، وأن من عمله أنه يقرئ النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وينزل عليه بالوحي، وهذا فيه رد على الملاحدة والكفرة الذين لا يثبتون الملائكة ولا يثبتون أن لهم أعمالاً وأنهم ليسوا بذوات وأنهم أشباح وأشكال لا حقيقة لهم ومن أوصاف الملائكة ما ذكر عز وجل في كتابه: [النَّازعَات: 1-5]{وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا *وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا *وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا *فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا *فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا *} و [المُرسَلات: 1]{وَالْمُرْسَلاَتِ عُرْفًا *} و [الصَّافات: 1]{وَالصَّآفَّاتِ صَفًّا *}. فهذه هي أوصافهم فكل حركة في السموات والأرض هي ناشئة عن الملائكة بإذن الله وأمره الكوني القدري؛ خلافًا للملاحدة الكفرة الذين يقولون هي ناشئة عن النجوم ويجعلون النجوم هي التي تتصرف في الكون، فالملائكة هم الذين وظفهم الله وكلفهم، والإيمان بالملائكة أصل من أصول الإيمان لا يصح الإيمان إلا به، فمن أنكر الملائكة فهو كافر.

 

}3220{ هذا الحديث فيه: أن من عمل جبريل أنه كان يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في كل ليلة من رمضان.

وفيه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم يزيد جُودُه في رمضان حين يدارسه جبريل القرآن فهو أجودُ بالخير من الريح المرسلة بسبب قراءة القرآن فيتأثر به، وبسبب مخالطة جبريل له فإن القرين يؤثر على قرينه خيرا وشرا كما في الحديث الصحيح: «مثل الجليس الصالح وجليس السوء، كحامل المسك، ونافخ الكير» [(559)] فالنبي صلى الله عليه وسلم يتأثر من قربه من جبريل ومن قراءته للقرآن فلهذا يجيء بالخير وينشط ويقوى فهو أجود بالخير من الريح المرسلة صلى الله عليه وسلم، فينبغي للأمة أن تتأسى به صلى الله عليه وسلم، وأن يزيد جودها في رمضان.

 

}3221{ في هذا الحديث: أن عروة بن الزبير أنكر على عمر بن عبدالعزيز تأخيره الصلاة عن مواقيتها، وأبان له ذلك بحديث سمعه من بشير بن أبي مسعود عن أبي مسعود رضي الله عنه.

قوله: «أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ» وهو الخليفة الراشد.

قوله: «أَخَّرَ الْعَصْرَ شَيْئًا» على عادة بني أمية حيث كانوا يؤخرون الصلاة، وكان هذا قبل توليه الخلافة لما كان أميرًا للوليد بن عبدالملك على المدينة، فأنكر عليه عروة بن الزبير.

قوله: «أَمَا إِنَّ جِبْرِيلَ قَدْ نَزَلَ فَصَلَّى أَمَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» يعني: في أوقات محددة، وأنت أخرت الصلاة والله تعالى يقول: [النِّسَاء: 103]{إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا *}.

قوله: «فَقَالَ: عُمَرُ اعْلَمْ مَا تَقُولُ يَا عُرْوَةُ» ، يعني: تأكد.

قوله: «نَزَلَ جِبْرِيلُ فَأَمَّنِي فَصَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ» خمس صلوات: الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء.

قوله: «يَحْسُبُ بِأَصَابِعِهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ» . يحسُب بضم السين من الحساب من باب نصر ينصر، أما يحسَب بفتح السين فهو من الحسبان والظن والوهم. ثم بعد ذلك استقامت حال عمر بن عبدالعزيز لما تولى الخلافة.

وفيه: أن جبريل أم النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات وجاء في الحديث الآخر: أنه أَمَّهُ مرتين في يومين متواليين قال: «أمني جبريل عليه السلام عند البيت مرتين» : اليوم الأول أمه في أول الأوقات، واليوم الثاني أمه في آخر الأوقات، ففي اليوم الأول أمه في صلاة الفجر حين انشق الفجر بالغلس وفي اليوم الآخر أمه قبل طلوع الشمس، وفي الظهر أمه في اليوم الأول عند زوال الشمس وفي اليوم الآخر أمه قرب دخول وقت العصر، وفي العصر أمه في اليوم الأول حين دخل وقت العصر، وأمه في اليوم الآخر قرب اصفرار الشمس، وفي المغرب أمه في اليوم الأول حين توارت بالحجاب حين سقط حاجب الشمس وفي اليوم الآخر أمه قرب مغيب الشفق، وفي العشاء أمه في اليوم الأول لما غاب الشفق وفي اليوم الآخر قرب نصف الليل ثم قال: «الصلاة ما بين هذين الوقتين» [(560)].

والشاهد أن جبريل أم النبي صلى الله عليه وسلم بأمر الله فهذا من عمل الملائكة.

 

}3222{ قوله: «قَالَ: وَإِنْ» التقدير: وإن زنى وإن سرق لدلالة ما قبله عليه.

وهذا حديث عظيم وهو من أحاديث الرجاء والوعد، وهو حجة لأهل السنة في أن أصحاب الكبائر لا يخلدون في النار؛ بل هم تحت مشيئة الله كما قال الله في كتابه العظيم: [النِّسَاء: 48]{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}.

فأخبر أن الشرك غير مغفور وأن ما دونه تحت المشيئة، وإذا دخلوا النار لا يخلدون فيها بل يخرجون منها إلى الجنة، وهذا فيه رد على الخوارج والمعتزلة القائلين بخلود العصاة في النار، وليس معنى ذلك التهاون في أمر المعاصي، لا؛ فالمعاصي هي بريد الكفر وهي أمراض، ولكن المقصود التفريق بين المعاصي والكفر، وأن من مات على التوحيد فهو من أهل الجنة وإن سبق ذلك عذاب في القبر أو في النار، أما من مات على الكفر فهو من أهل النار ومن المخلدين فيها أبدًا.

فهذا الحديث من أدلة أهل السنة في إبطال مذهب الخوارج الذين يرون أن الزاني كافر مخلد في النار، والسارق كافر مخلد في النار، ويستدلون بمثل قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن» [(561)] فقالوا: نفى عنه الإيمان فدل على أنه كافر ومخلد في النار، فالخوارج والمعتزلة طائفتان من طوائف أهل البدع لا يعملون إلا ببعض النصوص وهذا سبب زيغهم وانحرافهم، أما أهل السنة فوفقهم الله للجمع بين النصوص، فهذا الحديث لابد أن يجمع بينه وبين قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» ، يعني: وهو مؤمن كامل الإيمان فهو ناقص الإيمان وضعيف الإيمان ولكنه لا يكفر بدليل قوله تعالى: [النِّسَاء: 48]{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، ولا يخلد العصاة الموحدون في النار بدليل نصوص الشفاعة المتواترة.

 

}3223{ في هذا الحديث: أن من أعمال الملائكة أنهم يتعاقبون بالليل والنهار على بني آدم لحفظهم وكتابة أعمالهم فيجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر؛ ففي صلاة العصر يعرج ملائكة النهار ويبقى ملائكة الليل، وفي صلاة الفجر يجتمعون أيضًا فيعرج ملائكة الليل ويبقى ملائكة النهار، فيسأل الله سبحانه وتعالى الذين يعرجون وهو أعلم سبحانه وتعالى، ولكن السؤال لإظهار فضلهم والتنويه بشأنهم أمام الملائكة.

قوله: «كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ يُصَلُّونَ» هذا في حق من يصلي الفجر والعصر، لكن من كان لا يصلي وكان غافلاً أو لاعبًا ماذا تقول عنه الملائكة؟ تقول: أتيناهم وهم نائمون وتركناهم وهم غافلون، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وفيه: فضل هاتين الصلاتين ـ العصر والفجر ـ ومزيتهما على غيرهما، وفي الحديث الآخر بين النبي صلى الله عليه وسلم أن المحافظة على هاتين الصلاتين من أسباب رؤية الله يوم القيامة كما في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال : «إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا» [(562)].

  إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ آمِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ فِي السَّمَاءِ فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الأُْخْرَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ

}3224{ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: حَشَوْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وِسَادَةً فِيهَا تَمَاثِيلُ كَأَنَّهَا نُمْرُقَةٌ فَجَاءَ فَقَامَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَجَعَلَ يَتَغَيَّرُ وَجْهُهُ فَقُلْتُ: مَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ «قَالَ مَا بَالُ هَذِهِ الْوِسَادَةِ؟ قَالَتْ: وِسَادَةٌ جَعَلْتُهَا لَكَ لِتَضْطَجِعَ عَلَيْهَا قَالَ: أَمَا عَلِمْتِ أَنَّ الْمَلاَئِكَةَ لاَ تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَأَنَّ مَنْ صَنَعَ الصُّورَةَ يُعَذَّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ».

}3225{ حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا طَلْحَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لاَ تَدْخُلُ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةُ تَمَاثِيلَ».

}3226{ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ الأَْشَجِّ حَدَّثَهُ أَنَّ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ رضي الله عنه حَدَّثَهُ وَمَعَ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عُبَيْدُ اللَّهِ الْخَوْلاَنِيُّ الَّذِي كَانَ فِي حَجْرِ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَهُمَا زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَدْخُلُ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ»، قَالَ بُسْرٌ: فَمَرِضَ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ فَعُدْنَاهُ فَإِذَا نَحْنُ فِي بَيْتِهِ بِسِتْرٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ فَقُلْتُ: لِعُبَيْدِاللَّهِ الْخَوْلاَنِيِّ أَلَمْ يُحَدِّثْنَا فِي التَّصَاوِيرِ؟، فَقَالَ: إِنَّهُ، قَالَ: «إِلاَّ رَقْمٌ فِي ثَوْبٍ» أَلاَ سَمِعْتَهُ؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: بَلَى قَدْ ذَكَرَهُ.

}3227{ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثنِي عُمَرُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَعَدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنَّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلاَ كَلْبٌ.

}3228{ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثنِي مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا قَالَ الإِْمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

}3229{ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا دَامَتْ الصَّلاَةُ تَحْبِسُهُ، وَالْمَلاَئِكَةُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ مَا لَمْ يَقُمْ مِنْ صَلاَتِهِ أَوْ يُحْدِثْ».

}3230{ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ [الزّخرُف: 77]{وَنَادَوْا يَامَالِكُ}.

قَالَ سُفْيَانُ: فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَنَادَوْا يَا مَالِ.

}3231{ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ: لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: «لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلاَّ وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ: ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الأَْخْشَبَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا.

}3232{ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: [النّجْم: 9-10]{فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى *فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى *} قَالَ: حَدَّثنَا ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّ مِائَةِ جَنَاحٍ.

}3233{ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الأَْعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه [النّجْم: 18]{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى *} قَالَ: رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ سَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ.

}3234{ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَْنْصَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ أَنْبَأَنَا الْقَاسِمُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ، وَلَكِنْ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ وَخَلْقُهُ سَادٌّ مَا بَيْنَ الأُْفُقِ.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد