شعار الموقع

شرح كتاب المناقب من صحيح البخاري (61-5)

00:00
00:00
تحميل
88

  عَلاَمَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الإِْسْلاَمِ

}3571{ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ قَالَ: حَدَّثنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَسِيرٍ فَأَدْلَجُوا لَيْلَتَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ وَجْهُ الصُّبْحِ عَرَّسُوا فَغَلَبَتْهُمْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ لاَ يُوقَظُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَنَامِهِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ فَاسْتَيْقَظَ عُمَرُ فَقَعَدَ أَبُو بَكْرٍ عِنْدَ رَأْسِهِ فَجَعَلَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَ وَصَلَّى بِنَا الْغَدَاةَ فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ لَمْ يُصَلِّ مَعَنَا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: يَا فُلاَنُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَنَا؟ قَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ ثُمَّ صَلَّى وَجَعَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَكُوبٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَدْ عَطِشْنَا عَطَشًا شَدِيدًا فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ إِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ سَادِلَةٍ رِجْلَيْهَا بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ فَقُلْنَا لَهَا أَيْنَ الْمَاءُ فَقَالَتْ: إنَّهُ لاَ مَاءَ فَقُلْنَا كَمْ بَيْنَ أَهْلِكِ وَبَيْنَ الْمَاءِ قَالَتْ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَقُلْنَا انْطَلِقِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: وَمَا رَسُولُ اللَّهِ؟ فَلَمْ نُمَلِّكْهَا مِنْ أَمْرِهَا حَتَّى اسْتَقْبَلْنَا بِهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَحَدَّثَتْهُ بِمِثْلِ الَّذِي حَدَّثَتْنَا غَيْرَ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا مُؤْتِمَةٌ فَأَمَرَ بِمَزَادَتَيْهَا فَمَسَحَ فِي الْعَزْلاَوَيْنِ فَشَرِبْنَا عِطَاشًا أَرْبَعِينَ رَجُلاً حَتَّى رَوِينَا فَمَلَأْنَا كُلَّ قِرْبَةٍ مَعَنَا وَإِدَاوَةٍ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ نَسْقِ بَعِيرًا وَهِيَ تَكَادُ تَنِضُّ مِنْ الْمِلْءِ ثُمَّ قَالَ: هَاتُوا مَا عِنْدَكُمْ فَجُمِعَ لَهَا مِنْ الْكِسَرِ وَالتَّمْرِ حَتَّى أَتَتْ أَهْلَهَا قَالَتْ: لَقِيتُ أَسْحَرَ النَّاسِ أَوْ هُوَ نَبِيٌّ كَمَا زَعَمُوا فَهَدَى اللَّهُ ذَاكَ الصِّرْمَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَأَسْلَمَتْ وَأَسْلَمُوا.

}3572{ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِإِنَاءٍ وَهُوَ بِالزَّوْرَاءِ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الإِْنَاءِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ.

قَالَ قَتَادَةُ: قُلْتُ: لأَِنَسٍ كَمْ كُنْتُمْ قَالَ: ثَلاَثَ مِائَةٍ أَوْ زُهَاءَ ثَلاَثِ مِائَة.

}3573{ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَانَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ فَالْتُمِسَ الْوَضُوءُ فَلَمْ يَجِدُوهُ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِوَضُوءٍ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ فِي ذَلِكَ الإِْنَاءِ فَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّئُوا مِنْهُ فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ فَتَوَضَّأَ النَّاسُ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ.

}3574{ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُبَارَكٍ حَدَّثَنَا حَزْمٌ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ قَالَ: حَدَّثنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ مَخَارِجِهِ وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَانْطَلَقُوا يَسِيرُونَ فَحَضَرَتْ الصَّلاَةُ فَلَمْ يَجِدُوا مَاءً يَتَوَضَّئُونَ فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَجَاءَ بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ يَسِيرٍ فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَتَوَضَّأَ ثُمَّ مَدَّ أَصَابِعَهُ الأَْرْبَعَ عَلَى الْقَدَحِ ثُمَّ قَالَ: «قُومُوا» فَتَوَضَّئُوا فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ حَتَّى بَلَغُوا فِيمَا يُرِيدُونَ مِنْ الْوَضُوءِ وَكَانُوا سَبْعِينَ أَوْ نَحْوَهُ.

}3575{ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ يَزِيدَ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: حَضَرَتْ الصَّلاَةُ فَقَامَ مَنْ كَانَ قَرِيبَ الدَّارِ مِنْ الْمَسْجِدِ يَتَوَضَّأُ وَبَقِيَ قَوْمٌ فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمِخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ فِيهِ مَاءٌ فَوَضَعَ كَفَّهُ فَصَغُرَ الْمِخْضَبُ أَنْ يَبْسُطَ فِيهِ كَفَّهُ فَضَمَّ أَصَابِعَهُ فَوَضَعَهَا فِي الْمِخْضَبِ فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ جَمِيعًا قُلْتُ: كَمْ كَانُوا؟ قَالَ: ثَمَانُونَ رَجُلاً.

}3576{ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ يَدَيْهِ رِكْوَةٌ فَتَوَضَّأَ فَجَهِشَ النَّاسُ نَحْوَهُ فَقَالَ: مَا لَكُمْ؟ قَالُوا: لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ وَلاَ نَشْرَبُ إِلاَّ مَا بَيْنَ يَدَيْكَ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الرِّكْوَةِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَثُورُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُونِ فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا، قُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً.

}3577{ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً وَالْحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ فَنَزَحْنَاهَا حَتَّى لَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً فَجَلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى شَفِيرِ الْبِئْرِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ وَمَجَّ فِي الْبِئْرِ فَمَكَثْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ اسْتَقَيْنَا حَتَّى رَوِينَا وَرَوَتْ أَوْ صَدَرَتْ رَكَائِبُنَا.

}3578{ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لأُِمِّ سُلَيْمٍ: لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَعِيفًا أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ قَالَتْ: نَعَمْ فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا لَهَا فَلَفَّتْ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ يَدِي وَلاَثَتْنِي بِبَعْضِهِ ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهِ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «آرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: «بِطَعَامٍ» فَقُلْتُ: نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ مَعَهُ: «قُومُوا» فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ فَقَالَتْ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ؟» فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَفُتَّ وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً فَأَدَمَتْهُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ: ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ أَوْ ثَمَانُونَ رَجُلاً».

}3579{ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ الآْيَاتِ بَرَكَةً وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَقَلَّ الْمَاءُ فَقَالَ: «اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ فَجَاءُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِْنَاءِ ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ وَالْبَرَكَةُ مِنْ اللَّهِ» فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ.

}3580{ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ قَالَ: حَدَّثنِي عَامِرٌ قَالَ: حَدَّثنِي جَابِرٌ رضي الله عنه أَنَّ أَبَاهُ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِنَّ أَبِي تَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا وَلَيْسَ عِنْدِي إِلاَّ مَا يُخْرِجُ نَخْلُهُ وَلاَ يَبْلُغُ مَا يُخْرِجُ سِنِينَ مَا عَلَيْهِ فَانْطَلِقْ مَعِي لِكَيْ لاَ يُفْحِشَ عَلَيَّ الْغُرَمَاءُ فَمَشَى حَوْلَ بَيْدَرٍ مِنْ بَيَادِرِ التَّمْرِ فَدَعَا ثَمَّ آخَرَ ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ فَقَالَ: «انْزِعُوهُ» فَأَوْفَاهُمْ الَّذِي لَهُمْ وَبَقِيَ مِثْلُ مَا أَعْطَاهُمْ.

}3581{ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَرَّةً: «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ أَوْ سَادِسٍ أَوْ كَمَا قَالَ» وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلاَثَةٍ وَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَشَرَةٍ وَأَبُو بَكْرٍ ثَلاَثَةً قَالَ: فَهُوَ أَنَا وَأَبِي وَأُمِّي وَلاَ أَدْرِي هَلْ قَالَ: امْرَأَتِي وَخَادِمِي بَيْنَ بَيْتِنَا وَبَيْنَ بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنْ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: مَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ أَوْ ضَيْفِكَ؟ قَالَ أَوَ عَشَّيْتِهِمْ قَالَتْ: إبَوْا حَتَّى تَجِيءَ قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ فَغَلَبُوهُمْ فَذَهَبْتُ فَاخْتَبَأْتُ فَقَالَ: يَا غُنْثَرُ فَجَدَّعَ وَسَبَّ وَقَالَ: كُلُوا وَقَالَ: لاَ أَطْعَمُهُ أَبَدًا قَالَ: وَايْمُ اللَّهِ مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ اللُّقْمَةِ إِلاَّ رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا حَتَّى شَبِعُوا وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلُ فَنَظَرَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا شَيْءٌ أَوْ أَكْثَرُ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ: يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ قَالَتْ: لاَوَقُرَّةِ عَيْنِي لَهِيَ الآْنَ أَكْثَرُ مِمَّا قَبْلُ بِثَلاَثِ مَرَّاتٍ فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ الشَّيْطَانُ يَعْنِي يَمِينَهُ ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَمَضَى الأَْجَلُ فَتَفَرَّقْنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ غَيْرَ أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ قَالَ: أَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ أَوْ كَمَا قَالَ: وَغَيْرُهُ يَقُولُ فَعَرَفْنَا مِنْ الْعِرَافَةِ.

}3582{ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ وَعَنْ يُونُسَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: أَصَابَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ قَحْطٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ جُمُعَةٍ إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتْ الْكُرَاعُ هَلَكَتْ الشَّاءُ فَادْعُ اللَّهَ يَسْقِينَا فَمَدَّ يَدَيْهِ وَدَعَا قَالَ أَنَسٌ: وَإِنَّ السَّمَاءَ لَمِثْلُ الزُّجَاجَةِ فَهَاجَتْ رِيحٌ أَنْشَأَتْ سَحَابًا ثُمَّ اجْتَمَعَ ثُمَّ أَرْسَلَتْ السَّمَاءُ عَزَالِيَهَا فَخَرَجْنَا نَخُوضُ الْمَاءَ حَتَّى أَتَيْنَا مَنَازِلَنَا فَلَمْ نَزَلْ نُمْطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الأُْخْرَى فَقَامَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَهَدَّمَتْ الْبُيُوتُ فَادْعُ اللَّهَ يَحْبِسْهُ فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ: «حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا» فَنَظَرْتُ إِلَى السَّحَابِ تَصَدَّعَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ كَأَنَّهُ إِكْلِيلٌ.

}3583{ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ وَاسْمُهُ عُمَرُ بْنُ الْعَلاَءِ أَخُو أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلاَءِ قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَيْهِ فَحَنَّ الْجِذْعُ فَأَتَاهُ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهِ.

وَقَالَ عَبْدُالْحَمِيدِ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ الْعَلاَءِ عَنْ نَافِعٍ بِهَذَا.

وَرَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

}3584{ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى شَجَرَةٍ أَوْ نَخْلَةٍ فَقَالَتْ: إمْرَأَةٌ مِنْ الأَْنْصَارِ أَوْ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ نَجْعَلُ لَكَ مِنْبَرًا؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتُمْ فَجَعَلُوا لَهُ مِنْبَرًا» فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ دُفِعَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَصَاحَتْ النَّخْلَةُ صِيَاحَ الصَّبِيِّ ثُمَّ نَزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَضَمَّهُ إِلَيْهِ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّنُ قَالَ: «كَانَتْ تَبْكِي عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنْ الذِّكْرِ عِنْدَهَا».

}3585{ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ ابْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِاللَّهِ رضي الله عنهما يَقُولُ: كَانَ الْمَسْجِدُ مَسْقُوفًا عَلَى جُذُوعٍ مِنْ نَخْلٍ فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَطَبَ يَقُومُ إِلَى جِذْعٍ مِنْهَا فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ وَكَانَ عَلَيْهِ فَسَمِعْنَا لِذَلِكَ الْجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ الْعِشَارِ حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَسَكَنَتْ.

}3586{ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ ح.

حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يُحَدِّثُ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفِتْنَةِ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا أَحْفَظُ كَمَا قَالَ: قَالَ: هَاتِ إِنَّكَ لَجَرِيءٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَْمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ» قَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ وَلَكِنْ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لاَ بَأْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا قَالَ: يُفْتَحُ الْبَابُ أَوْ يُكْسَرُ؟ قَالَ: لاَ بَلْ يُكْسَرُ قَالَ: ذَاكَ أَحْرَى أَنْ لاَ يُغْلَقَ قُلْنَا عَلِمَ عُمَرُ الْبَابَ قَالَ: نَعَمْ كَمَا أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ إِنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَْغَالِيطِ فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ وَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ: مَنْ الْبَابُ قَالَ: عُمَرُ.

}3587{ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الأَْعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمْ الشَّعَرُ وَحَتَّى تُقَاتِلُوا التُّرْكَ صِغَارَ الأَْعْيُنِ حُمْرَ الْوُجُوهِ ذُلْفَ الأُْنُوفِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ».

}3588{ «وَتَجِدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ أَشَدَّهُمْ كَرَاهِيَةً لِهَذَا الأَْمْرِ حَتَّى يَقَعَ فِيهِ وَالنَّاسُ مَعَادِنُ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِْسْلاَمِ».

}3589{ «وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَحَدِكُمْ زَمَانٌ لَأَنْ يَرَانِي أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُ أَهْلِهِ وَمَالِهِ».

}3590{ حَدَّثَنِي يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا خُوزًا وَكَرْمَانَ مِنْ الأَْعَاجِمِ حُمْرَ الْوُجُوهِ فُطْسَ الأُْنُوفِ صِغَارَ الأَْعْيُنِ وُجُوهُهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ نِعَالُهُمْ الشَّعَرُ». تَابَعَهُ غَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.

}3591{ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: قَالَ إِسْمَاعِيلُ أَخْبَرَنِي قَيْسٌ قَالَ: أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فَقَالَ: صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاَثَ سِنِينَ لَمْ أَكُنْ فِي سِنِيَّ أَحْرَصَ عَلَى أَنْ أَعِيَ الْحَدِيثَ مِنِّي فِيهِنَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ وَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ: بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نِعَالُهُمْ الشَّعَرُ وَهُوَ هَذَا الْبَارِزُ.

وَقَالَ سُفْيَانُ: مَرَّةً وَهُمْ أَهْلُ الْبَازِرِ.

}3592{ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا يَنْتَعِلُونَ الشَّعَرَ وَتُقَاتِلُونَ قَوْمًا كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ».

}3593{ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «تُقَاتِلُكُمْ الْيَهُودُ فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَقُولُ الْحَجَرُ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ».

}3594{ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَغْزُونَ فَيُقَالُ لَهُمْ: فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ فَيُفْتَحُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَغْزُونَ فَيُقَالُ لَهُمْ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ مَنْ صَحِبَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ».

}3595{ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ أَخْبَرَنَا سَعْدٌ الطَّائِيُّ أَخْبَرَنَا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إِلَيْهِ الْفَاقَةَ ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ فَشَكَا إِلَيْهِ قَطْعَ السَّبِيلِ فَقَالَ: يَا عَدِيُّ هَلْ رَأَيْتَ الْحِيرَةَ؟ قُلْتُ: لَمْ أَرَهَا وَقَدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا قَالَ: فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنْ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لاَ تَخَافُ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ قُلْتُ: فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِي فَأَيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ الَّذِينَ قَدْ سَعَّرُوا الْبِلاَدَ وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزُ كِسْرَى قُلْتُ: كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ؟ قَالَ: كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ يَطْلُبُ مَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُ فَلاَ يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهُ مِنْهُ وَلَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ يَلْقَاهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ فَلَيَقُولَنَّ لَهُ أَلَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكَ رَسُولاً فَيُبَلِّغَكَ؟ فَيَقُولُ: بَلَى فَيَقُولُ: أَلَمْ أُعْطِكَ مَالاً وَأُفْضِلْ عَلَيْكَ؟ فَيَقُولُ: بَلَى فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ جَهَنَّمَ وَيَنْظُرُ عَنْ يَسَارِهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ جَهَنَّمَ قَالَ عَدِيٌّ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقَّةِ تَمْرَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ شِقَّةَ تَمْرَةٍ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ» قَالَ عَدِيٌّ: فَرَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنْ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لاَ تَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ وَكُنْتُ فِيمَنْ افْتَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ وَلَئِنْ طَالَتْ بِكُمْ حَيَاةٌ لَتَرَوُنَّ مَا قَالَ النَّبِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ.

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا سَعْدَانُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُجَاهِدٍ حَدَّثَنَا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ سَمِعْتُ عَدِيًّا كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

}3596{ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: «إِنِّي فَرَطُكُمْ وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ إِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الآْنَ وَإِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ خَزَائِنَ مَفَاتِيحِ الأَْرْضِ وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ بَعْدِي أَنْ تُشْرِكُوا وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا».

}3597{ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: أَشْرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُطُمٍ مِنْ الآْطَامِ فَقَالَ: «هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى إِنِّي أَرَى الْفِتَنَ تَقَعُ خِلاَلَ بُيُوتِكُمْ مَوَاقِعَ الْقَطْرِ».

}3598{ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ حَدَّثَتْهَا عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمأْجُوجَ مِثْلُ هَذَا وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ وَبِالَّتِي تَلِيهَا» فَقَالَتْ زَيْنَبُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: «نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ».

}3599{ وَعَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ: إسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أُنْزِلَ مِنْ الْخَزَائِنِ وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنْ الْفِتَنِ.

}3600{ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَتَتَّخِذُهَا فَأَصْلِحْهَا وَأَصْلِحْ رُعَامَهَا فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تَكُونُ الْغَنَمُ فِيهِ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ أَوْ سَعَفَ الْجِبَالِ فِي مَوَاقِعِ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ».

}3601{ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الأُْوَيْسِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ».

}3602{ وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُطِيعِ بْنِ الأَْسْوَدِ عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا إِلاَّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ يَزِيدُ مِنْ الصَّلاَةِ صَلاَةٌ مَنْ فَاتَتْهُ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ.

}3603{ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الأَْعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «سَتَكُونُ أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ».

}3604{ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُهْلِكُ النَّاسَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ» قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «لَوْ أَنَّ النَّاسَ اعْتَزَلُوهُمْ».

قَالَ مَحْمُودٌ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ.

}3605{ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأُْمَوِيُّ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فَسَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقُ يَقُولُ: «هَلاَكُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ» فَقَالَ مَرْوَانُ: غِلْمَةٌ! قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنْ شِئْتَ أَنْ أُسَمِّيَهُمْ بَنِي فُلاَنٍ وَبَنِي فُلاَنٍ.

}3606{ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ: حَدَّثنِي ابْنُ جَابِرٍ قَالَ: حَدَّثنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: حَدَّثنِي أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ» قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ» قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا فَقَالَ: «هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا» قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ» قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ».

}3607{ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنِي قَيْسٌ عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: تَعَلَّمَ أَصْحَابِي الْخَيْرَ وَتَعَلَّمْتُ الشَّرَّ.

}3608{ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتَانِ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ».

}3609{ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتَانِ فَيَكُونَ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ، وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبًا مِنْ ثَلاَثِينَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ».

}3610{ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ فَقَالَ: «وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ» فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ فَقَالَ: «دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَهُوَ قِدْحُهُ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي نَعَتَهُ.

}3611{ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الأَْعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَأَنْ أَخِرَّ مِنْ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الأَْسْنَانِ سُفَهَاءُ الأَْحْلاَمِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ يَمْرُقُونَ مِنْ الإِْسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

}3612{ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَْرَتِّ قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ قُلْنَا لَهُ أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ لَنَا قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَْرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَْمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ أَوْ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ».

}3613{ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: أَنْبَأَنِي مُوسَى بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم افْتَقَدَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ مُنَكِّسًا رَأْسَهُ فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: شَرٌّ كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الأَْرْضِ فَأَتَى الرَّجُلُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ مُوسَى بْنُ أَنَسٍ: فَرَجَعَ الْمَرَّةَ الآْخِرَةَ بِبِشَارَةٍ عَظِيمَةٍ فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ «إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَلَكِنْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ».

}3614{ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَرَأَ رَجُلٌ الْكَهْفَ وَفِي الدَّارِ الدَّابَّةُ فَجَعَلَتْ تَنْفِرُ فَسَلَّمَ فَإِذَا ضَبَابَةٌ أَوْ سَحَابَةٌ غَشِيَتْهُ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «اقْرَأْ فُلاَنُ فَإِنَّهَا السَّكِينَةُ نَزَلَتْ لِلْقُرْآنِ أَوْ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ».

}3615{ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَبُو الْحَسَنِ الْحَرَّانِيُّ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه إِلَى أَبِي فِي مَنْزِلِهِ فَاشْتَرَى مِنْهُ رَحْلاً فَقَالَ لِعَازِبٍ: ابْعَثْ ابْنَكَ يَحْمِلْهُ مَعِي قَالَ: فَحَمَلْتُهُ مَعَهُ وَخَرَجَ أَبِي يَنْتَقِدُ ثَمَنَهُ فَقَالَ لَهُ أَبِي: يَا أَبَا بَكْرٍ حَدِّثْنِي كَيْفَ صَنَعْتُمَا حِينَ سَرَيْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: نَعَمْ أَسْرَيْنَا لَيْلَتَنَا وَمِنْ الْغَدِ حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ وَخَلاَ الطَّرِيقُ لاَ يَمُرُّ فِيهِ أَحَدٌ فَرُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌطَوِيلَةٌ لَهَا ظِلٌّ لَمْ تَأْتِ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَنَزَلْنَا عِنْدَهُ وَسَوَّيْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَكَانًا بِيَدِي يَنَامُ عَلَيْهِ وَبَسَطْتُ فِيهِ فَرْوَةً وَقُلْتُ: نَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا أَنْفُضُ لَكَ مَا حَوْلَكَ فَنَامَ وَخَرَجْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلَهُ فَإِذَا أَنَا بِرَاعٍ مُقْبِلٍ بِغَنَمِهِ إِلَى الصَّخْرَةِ يُرِيدُ مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي أَرَدْنَا فَقُلْتُ: لَهُ لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلاَمُ؟ فَقَالَ: لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ قُلْتُ: أَفِي غَنَمِكَ لَبَنٌ؟ قَالَ: نَعَمْ قُلْتُ: أَفَتَحْلُبُ؟ قَالَ: نَعَمْ فَأَخَذَ شَاةً فَقُلْتُ: انْفُضْ الضَّرْعَ مِنْ التُّرَابِ وَالشَّعَرِ وَالْقَذَى قَالَ: فَرَأَيْتُ الْبَرَاءَ يَضْرِبُ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُْخْرَى يَنْفُضُ فَحَلَبَ فِي قَعْبٍ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ وَمَعِي إِدَاوَةٌ حَمَلْتُهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَرْتَوِي مِنْهَا يَشْرَبُ وَيَتَوَضَّأُ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُ فَوَافَقْتُهُ حِينَ اسْتَيْقَظَ فَصَبَبْتُ مِنْ الْمَاءِ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ ثُمَّ قَالَ: «أَلَمْ يَأْنِ لِلرَّحِيلِ؟» قُلْتُ: بَلَى قَالَ: فَارْتَحَلْنَا بَعْدَمَا مَالَتْ الشَّمْسُ وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ فَقُلْتُ: أُتِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: [التّوبَة: 40]{لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} فَدَعَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَارْتَطَمَتْ بِهِ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا أُرَى فِي جَلَدٍ مِنْ الأَْرْضِ شَكَّ زُهَيْرٌ فَقَالَ: إِنِّي أُرَاكُمَا قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَيَّ فَادْعُوَا لِي فَاللَّهُ لَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَبَ فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَنَجَا فَجَعَلَ لاَ يَلْقَى أَحَدًا إِلاَّ قَالَ: قَدْ كَفَيْتُكُمْ مَا هُنَا فَلاَ يَلْقَى أَحَدًا إِلاَّ رَدَّهُ قَالَ: وَوَفَى لَنَا.

}3616{ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَالَ: «لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» قَالَ قُلْتُ: طَهُورٌ كَلاَّ بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ أَوْ تَثُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ تُزِيرُهُ الْقُبُورَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «فَنَعَمْ إِذًا».

}3617{ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَادَ نَصْرَانِيًّا فَكَانَ يَقُولُ: مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلاَّ مَا كَتَبْتُ لَهُ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ فَدَفَنُوهُ فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَْرْضُ فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَْرْضُ فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ، فَأَلْقَوْهُ فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الأَْرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَْرْضُ فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ.

}3618{ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلاَ كِسْرَى بَعْدَهُ وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلاَ قَيْصَرَ بَعْدَهُ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتُنْفِقُنَّ كُنُوزَهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ».

}3619{ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَفَعَهُ قَالَ: إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلاَ كِسْرَى بَعْدَهُ وَذَكَرَ وَقَالَ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

}3620{ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ يَقُولُ: إِنْ جَعَلَ لِي مُحَمَّدٌ الأَْمْرَ مِنْ بَعْدِهِ تَبِعْتُهُ وَقَدِمَهَا فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَفِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِطْعَةُ جَرِيدٍ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَصْحَابِهِ فَقَالَ: «لَوْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ ليَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ وَإِنِّي لَأَرَاكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيكَ مَا رَأَيْتُ».

}3621{ فَأَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ فِي يَدَيَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا فَأُوحِيَ إِلَيَّ فِي الْمَنَامِ أَنْ انْفُخْهُمَا فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِي فَكَانَ أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيَّ وَالآْخَرُ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ صَاحِبَ الْيَمَامَةِ».

}3622{ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى أُرَاهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ وَرَأَيْتُ فِي رُؤْيَايَ هَذِهِ أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ ثُمَّ هَزَزْتُهُ بِأُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْفَتْحِ وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ وَرَأَيْتُ فِيهَا بَقَرًا وَاللَّهُ خَيْرٌ فَإِذَا هُمْ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ أُحُدٍ وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْخَيْرِ وَثَوَابِ الصِّدْقِ الَّذِي آتَانَا اللَّهُ بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ».

}3623{ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ عَامِرٍعَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: أقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مَشْيُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَرْحَبًا بِابْنَتِي» ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَبَكَتْ فَقُلْتُ لَهَا: لِمَ تَبْكِينَ؟ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَضَحِكَتْ فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ فَقَالَتْ: مَا كُنْتُ لأُِفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْتُهَا.

}3624{ فَقَالَتْ: أسَرَّ إِلَيَّ إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً وَإِنَّهُ عَارَضَنِي الْعَامَ مَرَّتَيْنِ وَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ حَضَرَ أَجَلِي وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِي لَحَاقًا بِي فَبَكَيْتُ فَقَالَ: أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَوْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ.

}3625{ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ ابْنَتَهُ فِي شَكْوَاهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ فَسَارَّهَا بِشَيْءٍ فَبَكَتْ ثُمَّ دَعَاهَا فَسَارَّهَا فَضَحِكَتْ قَالَتْ: فَسَأَلْتُهَا عَنْ ذَلِكَ.

}3626{ فَقَالَتْ: سَارَّنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ يُقْبَضُ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَبَكَيْتُ ثُمَّ سَارَّنِي فَأَخْبَرَنِي أَنِّي أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِهِ أَتْبَعُهُ فَضَحِكْتُ.

}3627{ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يُدْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: إِنَّ لَنَا أَبْنَاءً مِثْلَهُ فَقَالَ: إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَعْلَمُ فَسَأَلَ عُمَرُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَذِهِ الآْيَةِ [النّصر: 1]{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ *} فَقَالَ: أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ قَالَ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَعْلَمُ.

}3628{ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ الْغَسِيلِ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِمِلْحَفَةٍ قَدْ عَصَّبَ بِعِصَابَةٍ دَسْمَاءَ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَيَقِلُّ الأَْنْصَارُ حَتَّى يَكُونُوا فِي النَّاسِ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ شَيْئًا يَضُرُّ فِيهِ قَوْمًا وَيَنْفَعُ فِيهِ آخَرِينَ فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ» فَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

}3629{ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه أَخْرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ الْحَسَنَ فَصَعِدَ بِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: «ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ».

}3630{ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَعَى جَعْفَرًا وَزَيْدًا قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ خَبَرُهُمْ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ.

}3631{ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ لَكُمْ مِنْ أَنْمَاطٍ؟ قُلْتُ: وَأَنَّى يَكُونُ لَنَا الأَْنْمَاطُ! قَالَ: أَمَا إِنَّهُ سَيَكُونُ لَكُمْ الأَْنْمَاطُ» فَأَنَا أَقُولُ لَهَا يَعْنِي امْرَأَتَهُ أَخِّرِي عَنِّي أَنْمَاطَكِ فَتَقُولُ: أَلَمْ يَقُلْ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِنَّهَا سَتَكُونُ لَكُمْ الأَْنْمَاطُ فَأَدَعُهَا.

}3632{ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: انْطَلَقَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مُعْتَمِرًا قَالَ: فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ أَبِي صَفْوَانَ وَكَانَ أُمَيَّةُ إِذَا انْطَلَقَ إِلَى الشَّأْمِ فَمَرَّ بِالْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدٍ فَقَالَ أُمَيَّةُ لِسَعْدٍ: انْتَظِرْ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ وَغَفَلَ النَّاسُ انْطَلَقْتُ فَطُفْتُ فَبَيْنَا سَعْدٌ يَطُوفُ إِذَا أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ: مَنْ هَذَا الَّذِي يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ؟ فَقَالَ سَعْدٌ: أَنَا سَعْدٌ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: تَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ آمِنًا وَقَدْ آوَيْتُمْ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ! فَقَالَ: نَعَمْ فَتَلاَحَيَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ أُمَيَّةُ لسَعْدٍ: لاَ تَرْفَعْ صَوْتَكَ عَلَى أَبِي الْحَكَمِ فَإِنَّهُ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِي ثُمَّ قَالَ سَعْدٌ: وَاللَّهِ لَئِنْ مَنَعْتَنِي أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ لَأَقْطَعَنَّ مَتْجَرَكَ بِالشَّامِ قَالَ: فَجَعَلَ أُمَيَّةُ يَقُولُ لِسَعْدٍ لاَ تَرْفَعْ صَوْتَكَ وَجَعَلَ يُمْسِكُهُ فَغَضِبَ سَعْدٌ فَقَالَ: دَعْنَا عَنْكَ فَإِنِّي سَمِعْتُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلُكَ قَالَ: إِيَّايَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: وَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ إِذَا حَدَّثَ فَرَجَعَ إِلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ: أَمَا تَعْلَمِينَ مَا قَالَ لِي أَخِي الْيَثْرِبِيُّ قَالَتْ: وَمَا قَالَ؟ قَالَ: زَعَمَ أَنَّه سَمِعَ مُحَمَّدًا يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلِي قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ قَالَ: فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى بَدْرٍ وَجَاءَ الصَّرِيخُ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَمَا ذَكَرْتَ مَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ الْيَثْرِبِيُّ قَالَ: فَأَرَادَ أَنْ لاَ يَخْرُجَ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: إِنَّكَ مِنْ أَشْرَافِ الْوَادِي فَسِرْ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَسَارَ مَعَهُمْ فَقَتَلَهُ اللَّهُ.

}3633{ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رَأَيْتُ النَّاسَ مُجْتَمِعِينَ فِي صَعِيدٍ فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِي بَعْضِ نَزْعِهِ ضَعْفٌ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ ثُمَّ أَخَذَهَا عُمَرُ فَاسْتَحَالَتْ بِيَدِهِ غَرْبًا فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا فِي النَّاسِ يَفْرِي فَرِيَّهُ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ».

وَقَالَ هَمَّامٌ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَزَعَ أَبُو بَكْرٍ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ.

}3634{ حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ قَالَ: أُنْبِئْتُ أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ فَجَعَلَ يُحَدِّثُ ثُمَّ قَامَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأُِمِّ سَلَمَةَ: «مَنْ هَذَا؟ أَوْ كَمَا قَالَ» قَالَ: قَالَتْ: هَذَا دِحْيَةُ قَالَتْ: أمُّ سَلَمَةَ ايْمُ اللَّهِ مَا حَسِبْتُهُ إِلاَّ إِيَّاهُ حَتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُخْبِرُ جِبْرِيلَ أَوْ كَمَا قَالَ: قَالَ: فَقُلْتُ: لأَِبِي عُثْمَانَ مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا قَالَ: مِنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.

 

قوله: «بَاب عَلاَمَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الإِْسْلاَمِ» . هذا الباب عقده المؤلف رحمه الله لعلامات النبوة في الإسلام، والتي تدل على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم؛ وقد ألف العلماء في المعجزات ودلائل النبوة مؤلفات، ومنهم البيهقي ألف كتابًا سماه: «دلائل النبوة» ، وكذلك القاضي عياض ألف في علامات النبوة، وقد ذكر المؤلف رحمه الله في هذا الباب أحاديث كثيرة.

}3571{ قوله: «أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَسِيرٍ فَأَدْلَجُوا لَيْلَتَهُمْ» ، يعني: ساروا في الليل والمسافر يستعين بالدلجة على قطع المسافات؛ ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يستعين الإنسان بشيء من الدلجة[(1109)]؛ لأن الليل ليس فيه شمس ولا حر فلا يشق على المسافر فيقطع المسافات الطويلة فيه.

قوله: «حَتَّى إِذَا كَانَ وَجْهُ الصُّبْحِ عَرَّسُوا» . وجه الصبح يعني: إذا قرب الصبح، والتعريس: هو نزول المسافر آخر الليل للاستراحة والنوم ويسمى تعريسًا، سواء نام أو لم ينم.

قوله «فَغَلَبَتْهُمْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ» ، أي: ناموا حتى ضربتهم الشمس وما استيقظوا لصلاة الفجر، وهذا دليل على أن النائم مرفوع عنه القلم معفو عنه ولو فاتته الصلاة إذا لم يتعمد ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم حصل له هذا فنام مرات في أسفاره فجاء في الحديث الآخر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن ينام قال لبلال: «اكلأ لنا الليل» ، أي: ارقب الصبح؟ ونام النبي صلى الله عليه وسلم ونام الصحابة ونصب بلال ذراعه وجعل رأسه عليه فغلبته عيناه ونام ولم يستيقظ إلا بحرارة الشمس فلما استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أي: بلال!» ، يعني: أين التزامك؟ قال: يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك. يعني: بغير اختياري، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالاً فأقام الصلاة وقال: «اقتادوا» [(1110)] ثم قال صلى الله عليه وسلم: «ليأخذ كل رجل برأس راحلته فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان» [(1111)]. ثم صلوا ركعتي الفجر ثم صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم الفجر في الضحى.

قوله: «فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ لاَ يُوقَظُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَنَامِهِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ» ، خشية أن يكون يوحى إليه في ذلك الوقت، «فَاسْتَيْقَظَ عُمَرُ فَقَعَدَ أَبُو بَكْرٍ عِنْدَ رَأْسِهِ فَجَعَلَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَ وَصَلَّى بِنَا الْغَدَاةَ» ، وهي الفجر. وهذا مختصر وذكره في مواضع أخرى مطولاً.

وفيه: أنهم توضؤوا واقتادوا رواحلهم.

وفيه: أنهم صلوا السنة الراتبة، قبل الصلاة؛ فدل على أن من فاتته الصلاة بسبب النوم فإنه يصلي الراتبة قبلها وهو معذور ووقتها في حقه حين ينتبه لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها» [(1112)].

قوله: «فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ لَمْ يُصَلِّ مَعَنَا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: يَا فُلاَنُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَنَا؟» فيه: دليل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يجلس خلف الناس ولا يصلي معهم، وأن من جلس خلف الناس ولم يصل يُسأل وجاء في الحديث الآخر أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلين في منى قد اعتزلا القوم فأتي بهما ترعد فرائصهما، قال: «ما منعكما أن تصليا معنا؟» ، قالوا: يا رسول الله صلينا في رحالنا، قال: «إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد الجماعة فصليا معهم فإنها لكم نافلة» [(1113)] وفي اللفظ الآخر: «ولا تقل: إني قد صليت فلا أصلي» [(1114)] فإذا صلى الإنسان الفريضة ثم جاء إلى مسجد أو مكان آخر والناس يصلون يصلي معهم ولو كان وقت نهي؛ حتى لا يشذ عن الناس وتكون له هذه الصلاة نافلة.

قوله: «قَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ ثُمَّ صَلَّى» فيه: دليل على أن من فقد الماء يتيمم كما قال الله تعالى: [النِّسَاء: 43]{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}.

قوله: «وَجَعَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَكُوبٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَدْ عَطِشْنَا عَطَشًا شَدِيدًا» ، أي: أصابهم عطش شديد، وليس عندهم ماء، وهم في البرية.

قوله: «فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ إِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ سَادِلَةٍ رِجْلَيْهَا بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ» ، أي: على بعير لها بين مزادتين ـ أي: قربتين ـ تريد أن تذهب إلى أهلها.

قوله: «فَقُلْنَا لَهَا أَيْنَ الْمَاءُ فَقَالَتْ: إنَّهُ لاَ مَاءَ» ، أي: لا يوجد ماء قريب.

قوله: «فَقُلْنَا كَمْ بَيْنَ أَهْلِكِ وَبَيْنَ الْمَاءِ قَالَتْ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ» ، وفي اللفظ الآخر أنها قالت: «عهدي بالماء في مثل هذه الساعة بالأمس» [(1115)]، يعني: الماء بعيد ولا يستطيعون أن يصبروا هذه المدة.

قوله: «فَقُلْنَا انْطَلِقِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: وَمَا رَسُولُ اللَّهِ؟» ، أي: لا تدري.

قوله: «فَلَمْ نُمَلِّكْهَا مِنْ أَمْرِهَا حَتَّى اسْتَقْبَلْنَا بِهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم» ، يعني: أخذوها إجبارًا، وهي لا تريد فأتوا بها النبي صلى الله عليه وسلم.

قوله: «فَحَدَّثَتْهُ بِمِثْلِ الَّذِي حَدَّثَتْنَا غَيْرَ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا مُؤْتِمَةٌ» ، يعني: صاحبة أيتام.

قوله: «فَأَمَرَ بِمَزَادَتَيْهَا فَمَسَحَ فِي الْعَزْلاَوَيْنِ» ، وفي اللفظ الآخر، «فأمر بمزادتيها فمسحت العزلاوين» ، أي: أمر بأن يُصَبَّ من أفواهها قليل من الماء، فكثر الله هذا الماء فشربوا وارتووا جميعًا وملؤوا كل وعاء ـ إلا أنهم لم يسقوا بعيرًا، والقربتان على حالهما لم تنقصا ـ وهي تنظر متعجبة من هذه الحال.

قوله: «فَشَرِبْنَا عِطَاشًا أَرْبَعِينَ رَجُلاً حَتَّى رَوِينَا فَمَلَأْنَا كُلَّ قِرْبَةٍ مَعَنَا وَإِدَاوَةٍ» . هذه علامة من علامات النبوة ودليل على أن الله على كل شيء قدير، قال تعالى: [يس: 82]{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ *}.

قوله: «وَهِيَ تَكَادُ تَنِضُّ مِنْ الْمِلْءِ» ، يعني: أن قربتيها امتلأتا، أي: رجعتا كما كانت.

قوله: «ثُمَّ قَالَ:» ، أي: النبي صلى الله عليه وسلم، «هَاتُوا مَا عِنْدَكُمْ فَجُمِعَ لَهَا مِنْ الْكِسَرِ وَالتَّمْرِ» ، أي: هذا يأتي بكسرة وهذا يأتي بتمر وأعطوها مقابل ما أخذوا منها، وفي اللفظ الآخر أنهم قالوا لها: «اذهبي فأطعمي عيالك واعلمي أنا لم نرزأ من مائك شيئًا» [(1116)]، أي: أن الله هو الذي سقانا، وهي تنظر، فرجعت إلى قومها فقالت: «لَقِيتُ أَسْحَرَ النَّاسِ أَوْ هُوَ نَبِيٌّ» ، أي: تُحدِّث قومها أنها رأت عجبًا من رجل، فإما أن يكون ساحرًا أو هو نبي كما يقولون، فكان المسلمون بعد ذلك يغيرون على من حولها من المشركين ولا يصيبون الصرم الذي هي منه، فقالت هذه المرأة: ما أرى أن هؤلاء يتركونكم إلا من أجل ما حصل لي معهم فأسلموا كلهم.

قوله: «فَهَدَى اللَّهُ ذَاكَ الصِّرْمَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَأَسْلَمَتْ وَأَسْلَمُوا» ، أي: فهدى الله هذه المرأة ومن حولها من الأبيات فأسلمت وأسلموا[(1117)].

والشاهد من الحديث: أن من علامات النبوة أن الله كثر الماء ببركة النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك أيضا هداية الله لهذه المرأة وقومها.

 

}3572{ هذا الحديث فيه أيضا: معجزة وعلامة من علامات النبوة.

قوله: «أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِإِنَاءٍ» ، يعني: إناء فيه قليل من الماء.

قوله: «وَهُوَ بِالزَّوْرَاءِ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الإِْنَاءِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ» ، يعني: يثور.

قوله: «فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ» ، وذلك من إناء صغير وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده فيه، فجعل الماء يفور وينبع من بين أصابعه، فتوضأ القوم وكانوا ثلاثمائة، وهذه من علامات ودلائل النبوة ومن الآيات العظيمة ومن معجزات الأنبياء التي لا يستطيع مثلها البشر.

 

}3573{، }3574{ هذان الحديثان فيهما علامة من علامات النبوة، ففيهما تكثير الماء ونبعه من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم حتى توضأ الصحابة وهم عدد كثير.

 

}3575{ قوله: «بِمِخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ فِيهِ مَاءٌ» . المخضب: إناء صغير من حجارة، وهذا الإناء أصغر أن يبسط النبي صلى الله عليه وسلم فيه كفه فلما حدث ذلك ضم أصابعه فنبع الماء من بين أصابعه وكثر، حتى توضأ القوم وكانوا ثمانين رجلاً، وملؤوا أوعية كثيرة، وهذا من علامات النبوة.

 

}3576{ هذه القصة في صلح الحديبية في السنة السادسة من الهجرة.

قوله: «عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ» ، أي: ليس عندهم ماء.

قوله: «وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ يَدَيْهِ رِكْوَةٌ فَتَوَضَّأَ فَجَهِشَ النَّاسُ نَحْوَهُ فَقَالَ: مَا لَكُمْ؟» يعني: لما رآهم أسرعوا لأخذ الماء سألهم قائلاً: «مَا لَكُمْ؟ قَالُوا: لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ وَلاَ نَشْرَبُ إِلاَّ مَا بَيْنَ يَدَيْكَ» ، وكانوا خمس عشرة مائة، أي: ألفًا وخمسمائة «فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الرِّكْوَةِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَثُورُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُونِ فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا» ، وهم ألف وخمسمائة، فهذه من آيات الله ومن دلائل قدرته ومن علامات نبوة النبي صلى الله عليه وسلم والأحاديث في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم تبلغ الألف حديث، وهي متواترة من جهة المعنى.

 

}3577{ قوله «كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً» ؛ وفي الحديث الآخر: «خمس عشرة مائة» [(1118)] والجمع بينهما أنهم كانوا ألفًا وأربعمائة وكسر ، فمن قال: خمسمائة جبر الكسر ومن قال: أربعمائة حذف الكسر على عادة العرب.

وفيه: أن بئرًا كانت عندهم فنزحوها ولم يبق فيها قطرة فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بماء فمضمض ومج في البئر، وظاهره أنهما قصتان في الحديبية، القصة الأولى: فوران الماء بين أصابعه في الركوة، والقصة الثانية: أنه دعا بماء فمضمض ومج في البئر فجعلت البئر تجيش بالماء، فاستقى الناس ورووا وصدرت ركائبهم وإبلهم.

وفيه: أن من عطش عطشًا شديدًا وليس عنده ماء عليه ألا يستسلم للموت، وعليه أن يطلب الماء ولو بالثمن، ثم يؤدي ثمنه بعد ذلك إن قدر عليه، وعلى صاحب الماء أن يبذله له ما دام زائدًا عن حاجته، ولا يترك أخاه يموت، فإن امتنع أخذه بالقوة.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «وقال القرطبي قضية نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم تكررت منه في عدة مواطن، في مشاهد عظيمة؛ ووردت من طرق كثيرة يفيد مجموعها العلم القطعي المستفاد من التواتر المعنوي» .

وقال أيضاً: «ولم يسمع بمثل هذه المعجزة عن غير نبينا صلى الله عليه وسلم. وحديث نبع الماء جاء من رواية أنس عند الشيخين وأحمد وغيرهم من خمسة طرق» اهـ.

وذكرالحافظ رحمه الله حكمة كون النبي صلى الله عليه وسلم يضع يده في الماء أو يطلب ماءً حتى ينبع الماء، وقال: إن هذا ليعلم الناس أن هذا من عند الله، وأنه ليس من عند النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر تعليلات أخرى لبعض العلماء.

 

}3578{ هذا الحديث من الأحاديث التي وردت في تكثير الطعام.

وفيه: عناية أبي طلحة بالنبي صلى الله عليه وسلم واهتمامه بشأنه.

قوله: «قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لأُِمِّ سُلَيْمٍ: لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَعِيفًا أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ قَالَتْ: نَعَمْ فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا لَهَا فَلَفَّتْ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ» . يقول أنس: «ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ يَدِي وَلاَثَتْنِي بِبَعْضِهِ» ، يعني: لفتني ببعضه، «ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهِ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «آرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟»» . وهذا من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم حيث جاء أنس ساكتًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟» .

قوله: «فَقُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: «بِطَعَامٍ» فَقُلْتُ: نَعَمْ» وهذا أيضًا من علامات نبوته؛ حيث علم النبي صلى الله عليه وسلم بمن أرسله؟ وعلم لماذا أرسله؟

قوله: «فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ مَعَهُ: «قُومُوا» فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ» . وكانوا عددًا كثيراً ـ وجاء في الروايات الأخرى أنهم أهل الخندق، وهم يحفرون الخندق، ولعلها قصة أخرى ـ فانطلقوا كلهم.

قوله: «حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ» ، يعني: ما عندنا شيء، إنما هي أقراص قليلة؛ فأبو طلحة يريد النبي صلى الله عليه وسلم ومعه واحد أو اثنان كما جاء في لفظ آخر: «إن جئت وواحد معك أو اثنان كفاهم» .

قوله: «فَقَالَتْ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ» فيه: قوة إيمان أم سليم رضي الله عنه.

وفيه: جواز قول القائل: الله ورسوله أعلم وذلك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كما قال معاذ لما سأله النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تدري حق الله على عباده وما حق العباد على الله؟» [(1119)] قال: الله ورسوله أعلم؛ لأن الرسول ينزل عليه الوحي، أما بعد وفاته فيقال: الله أعلم؛ لأنه لا يعلم الغيب إلا الله.

قوله: «فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ؟» فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَفُتَّ» ، يعني: قطع، «وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً فَأَدَمَتْهُ» ، يعني: صيرت ما خرج من العكة إدامًا للمفتوت؛ والعكة: جلد صغير فيه سمن.

قوله: «ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ:» ، يعني: دعا وبرك على هذا الخبز الذي عليه الإدام، «ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» . فالبيوت كانت صغيرة ما تسع جميعهم، حيث كان القوم سبعين أو ثمانين، فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا، «ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» ، حتى تم العدد وكفاهم خبز قليل عليه إدام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له بالبركة فكثر الله الطعام، فهذا من علامات ودلائل نبوته صلى الله عليه وسلم ؛ وهو دليل على أن الله على كل شيء قدير؛قال الله عز وجل: [يس: 82]{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ *}.

 

}3579{ هذا الحديث فيه: أن من معجزاته صلى الله عليه وسلم تكثير الماء ونبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم وفي ذلك يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: «قال القرطبي ولم يسمع بمثل هذه المعجزة عن غير نبينا صلى الله عليه وسلم، حيث نبع الماء من بين عظمه وعصبه ولحمه ودمه، وقد نقل ابن عبد البر عن المزني أنه قال: نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم أبلغ في المعجزة من نبع الماء من الحجر حيث ضربه موسى بالعصا فتفجرت منه المياه؛ لأن خروج الماء من الحجارة معهود بخلاف خروج الماء من بين اللحم والدم» اهـ.

وفي هذا الحديث يقول ابن مسعود: «كُنَّا نَعُدُّ الآْيَاتِ بَرَكَةً» ؛ ولعل المراد أن بعض الآيات بركة مثل تكثير الطعام وتسبيح الطعام، وبعضها تخويف كما قال الله تعالى: [الإسرَاء: 59]{وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا *}.

وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ فَجَاءُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِْنَاءِ ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ» . هذا الماء الذي نبع من بين أصابعه ماء شريف مثل ماء زمزم، وأمر الناس أن يتطهروا ويغتسلوا منه؛ فدل على أنه لا بأس أن يغتسل بماء زمزم، وقال بعض العلماء: إنه يكره الاستنجاء بماء زمزم؛ لأنه ماء شريف، وهذا ليس عليه دليل.

قوله: «حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ، وَالْبَرَكَةُ مِنْ اللَّهِ» فيه: دليل على أن البركة من الله، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل هذا، وإنما الذي أخرج الماء هو الله عز وجل؛ ولهذا قال بعض العلماء: الحكمة في كونه يأتي بإناء ويضع يده؛ لئلا يظن ظان أن هذا من عند النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من عند الله.

قوله: «وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ» . وهذا من آيات الله أن الطعام يسبح!.

 

}3580{ وهذا الحديث فيه: من علامات النبوة تكثير التمر.

قوله: «أَنَّ أَبَاهُ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ» ، يعني: أن جابرًا رضي الله عنه توفي والده عبدالله بن حرام وقتل شهيدًا يوم أحد وعليه دين من تمر، وهذا الدين كان لليهود، واليهود قوم خبثاء، وفي الروايات الأخرى: أن نخل جابر حمل تمرًا كثيرًا فطلب جابر من اليهود أن يأخذوا جميع ما في النخل ويكون قضاء عن دينه فرفضوا وقالوا: لا ما يكفينا تمرك هذا؛ فشفع له النبي صلى الله عليه وسلم فأبوا أن يقبلوا الشفاعة لخبثهم[(1120)].

قوله: «فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِنَّ أَبِي تَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا وَلَيْسَ عِنْدِي إِلاَّ مَا يُخْرِجُ نَخْلُهُ وَلاَ يَبْلُغُ مَا يُخْرِجُ سِنِينَ مَا عَلَيْهِ» ، يعني: لو يخرج سنين فلا يوفي الدين الذي عليه، فهو عليه تمر كثير، قوله: «فَانْطَلِقْ مَعِي» يعني: يا رسول الله.

قوله: «لِكَيْ لاَ يُفْحِشَ عَلَيَّ الْغُرَمَاءُ» ، يعني: حتى لا يشتدوا عليه؛ لأنهم من اليهود.

قوله: «فَمَشَى حَوْلَ بَيْدَرٍ مِنْ بَيَادِرِ التَّمْرِ» ، يعني: جذه وجعله في أمكنة وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يمر على البيادر ويدعو.

قوله: «ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ فَقَالَ: «انْزِعُوهُ» فَأَوْفَاهُمْ الَّذِي لَهُمْ وَبَقِيَ مِثْلُ مَا أَعْطَاهُمْ» ، يعني: جلس عليه وجعلوا ينزعون ويوفي لهم، حتى أوفى ما عليه من الدَين، وبقي مثل الذي أعطاهم، وكان في أول الأمر قال ـ كما في اللفظ الآخر ـ: «فعرضت على غرمائي أن يأخذوا التمر بما عليه فأبوا ولم يروا أن فيه وفاءً» [(1121)] وفي اللفظ الآخر أن جابرًا قال: «وأنا والله راضٍ أن يؤدي الله أمانة والدي ولا أرجع إلى أخواتي بتمرة» [(1122)] لكن أنزل الله البركة في التمر، فأوفاهم وبقي مثل الذي أعطاهم، وهذه من علامات النبوة، وهذا من الرزق الذي ساقه الله لجابر.

 

}3581{ هذه القصة فيها تكثير الطعام لأبي بكر رضي الله عنه وهذه كرامة من كرامات الأولياء، وأدخلها المؤلف في المعجزات؛ لأن كرامات الأولياء إنما حصلت لهم ببركة اتباعهم للنبي صلى الله عليه وسلم، فهي تابعة لمعجزات الأنبياء، وفي هذه القصة: «أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ» . والصفة: غرفة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم كان يسكن فيها الفقراء الذين ليس لهم أهل ولا مال، وكان عددهم يقارب سبعين، وبعضهم ما يجد إلا إزاراً ليس عليه رداء، فإذا أراد أن يصلي يجمعه بيده كراهة أن ترى عورته، ويعيشون على الصدقات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم مرة: «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ أَوْ سَادِسٍ» ، يعني: طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، فمن كان عنده طعام اثنين يأخذ واحداً من أهل الصفة الضعفاء المساكين، ومن كان عنده طعام أربعة يذهب بخامس أو سادس.

قوله: «وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلاَثَةٍ وَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَشَرَةٍ» ، يعني: أبو بكر رضي الله عنه ذهب بضيوفه إلى بيته وقال لزوجته وابنه عبدالرحمن: عشّوا الضيف وذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه وكل مهمة الضيافة إلى ابنه، فتعشى أبو بكر عند النبي صلى الله عليه وسلم ثم لبث حتى صلى العشاء؛ وهذا دليل على أنهم كانوا يتعشون قبل صلاة العشاء ـ يعني: بعد المغرب أو قبل المغرب ـ ثم جلس أبو بكر حتى تعشى النبي صلى الله عليه وسلم متأخراً بعد صلاة العشاء بعدما تعشى ضيوفه بعد المغرب، وهكذا كان الناس هنا في نجد قبل وجود المدارس والوظائف المنظمة كانوا لا يأكلون إلا أكلتين ـ مثل حال الصحابة ـ أكلة قبل الظهر وأكلة بعد العصر أو بعد المغرب، والعشاء الصحي ـ كما يقول الأطباء ـ أن يكون بعد العصر أو بعد المغرب قبل النوم بساعات، فلا ينام بعد الأكل، ولكن الأحوال اختلفت الآن، ولما ذهب أبو بكر إلى بيته «قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: مَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ أَوْ ضَيْفِكَ؟» يعني: ما الذي أخّرك؟ «قَالَ أَوَ عَشَّيْتِهِمْ قَالَتْ: أبَوْا حَتَّى تَجِيءَ» ، يعني: امتنعوا ورفضوا وقالوا ما نأكل حتى يجيء مضيفنا.

قوله: «قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ فَغَلَبُوهُمْ» ، وفي اللفظ الآخر أن عبدالرحمن أكد عليهم فقال: «إن أبي فيه حدة، فاقبلوا ضيافتنا ، قالوا: لا نقبل حتى يأتي مضيفنا ، فشق ذلك على عبدالرحمن» .

قوله: «فَذَهَبْتُ فَاخْتَبَأْتُ» ، يعني: خشية كلام أبيه، فنادى أبو بكر: «يَا غُنْثَرُ فَجَدَّعَ وَسَبَّ» ، يعني: دعا عليه بالجدع ـ كقولهم: قطع الله أنفك أو أذنك ـ يعني: لماذا لم تعش الضيوف؟ وفي اللفظ الآخر أنه قال: «عزمت عليك إن كنت تسمعني إلا خرجت فخرج» [(1123)] فقال: ما قصرتُ في حقهم، عرضت عليهم فأبوا ورفضوا، فليس لي ذنب، فغضب أبو بكر وقال لضيوفه: «لاَ أَطْعَمُهُ أَبَدًا» ، فحلف الضيوف فقالوا: والله لا نطعمه فقال: ويلكم ما رأيت كاليوم في الشر، لماذا لا تقبلوا عنا قراكم؟ قالوا: لا نأكل حتى تأكل فوضع أبو بكر يده وأكل وقال: هذه من الشيطان، فأكلوا قال: «وَايْمُ اللَّهِ مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ اللُّقْمَةِ إِلاَّ رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا حَتَّى شَبِعُوا وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلُ» ، يعني: إذا أكلوا لقمة ربا من أسفلها أكثر منها، حتى شبعوا وقد صار الطعام أكثر مما كان قبل في القصعة.

قوله: «فَنَظَرَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا شَيْءٌ أَوْ أَكْثَرُ» ، يعني: مما كان «قَالَ لاِمْرَأَتِهِ: يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ» يعني: الطعام زاد! «قَالَتْ: لاَ وَقُرَّةِ عَيْنِي لَهِيَ الآْنَ أَكْثَرُ مِمَّا قَبْلُ بِثَلاَثِ مَرَّاتٍ» ، يعني: مرات، وقوله: «وَقُرَّةِ عَيْنِي» . هذا حلف وقسم بغير الله، لكن هذا محمول على أنه كان قبل النهي عن الحلف إلا بالله، فكانوا في أول الهجرة يحلفون بآبائهم ثم جاء النهي بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تحلفوا بآبائكم، ولا بالأنداد» [(1124)].

قوله: «ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَمَضَى الأَْجَلُ فَتَفَرَّقْنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ غَيْرَ أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ قَالَ: أَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ» ، أي: بارك الله في هذا الطعام حتى أكل منه هذا العدد، وهذا من علامات النبوة ومن كرامات الأولياء التي حصلت لهم ببركة اتباعهم للنبي صلى الله عليه وسلم.

 

}3582{ هذا الحديث فيه: من علامات النبوة أن الله أجاب دعاء نبيه في المرتين، المرة الأولى: في إنزال المطر، والثانية: في إمساك المطر.

قوله: «أَصَابَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ قَحْطٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ جُمُعَةٍ إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتْ الْكُرَاعُ هَلَكَتْ الشَّاءُ» ، يعني: هلكت المواشي بسبب القحط وعدم وجود النبات؛ لأن العرب كانوا يعيشون على المراعى.

قوله: «فَادْعُ اللَّهَ يَسْقِينَا فَمَدَّ يَدَيْهِ وَدَعَا قَالَ أَنَسٌ: وَإِنَّ السَّمَاءَ لَمِثْلُ الزُّجَاجَةِ فَهَاجَتْ رِيحٌ أَنْشَأَتْ سَحَابًا ثُمَّ اجْتَمَعَ ثُمَّ أَرْسَلَتْ السَّمَاءُ عَزَالِيَهَا فَخَرَجْنَا» ، أي: من الجمعة.

قوله: «نَخُوضُ الْمَاءَ حَتَّى أَتَيْنَا مَنَازِلَنَا فَلَمْ نَزَلْ نُمْطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الأُْخْرَى» ، يعني: استمر المطر أسبوعًا كاملاً، فلم يزل يمطر إلى الجمعة الأخرى، فلما جاءت الجمعة الأخرى وصعد صلى الله عليه وسلم المنبر «فَقَامَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَهَدَّمَتْ الْبُيُوتُ فَادْعُ اللَّهَ يَحْبِسْهُ فَتَبَسَّمَ» ، يعني: لضعف الإنسان، فالجمعة الأولى قال: ادع الله أن يمطرنا، والجمعة الثانية قال: ادع الله أن يمسك الماء عنا، فقال صلى الله عليه وسلم: «حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا» . قال أنس: «فَنَظَرْتُ إِلَى السَّحَابِ تَصَدَّعَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ كَأَنَّهُ إِكْلِيلٌ» ، أي: كان على المدينة كالدائرة، لا يأتيها الماء والمطر من حولها، وهذا من علامات ودلائل نبوته صلى الله عليه وسلم، أن الله أجاب دعاءه في إنزال المطر وفي إمساكه في الحال.

 

}3583{ هذا الحديث فيه: علم من أعلام النبوة، وهو صياح هذا الجذع الذي كان يخطب عليه النبي صلى الله عليه وسلم لما اتخذ غيره، فجاء في هذا الحديث: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَيْهِ فَحَنَّ الْجِذْعُ فَأَتَاهُ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهِ» .

وفيه: مشروعية خطبة الجمعة على مكان مرتفع ليسمعها الناس؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على الجذع، ثم اتخذ منبرًا.

 

}3584{ هذا الحديث فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب إلى شجرة أو نخلة، وأنه اتخذ له منبراً فصاحت النخلة صياح الصبي.

قوله: «نَزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَضَمَّهُ إِلَيْهِ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّنُ» ؛ يعني: ثم نزل النبي صلى الله عليه وسلم فضمه إليه وجعل يئن أنين الصبي الذي يُسَكَّت، وهذا من دلائل قدرة الله عز وجل، وأن الله على كل شيء قدير، قال عز وجل: [يس: 82]{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ *} فهذا جذع نخلة يبكي بكاء الصبي وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يُسَكّنه ويُهدّئه، وجعل يَسْكُن شيئا فشيئًا كما يسكن الصبي.

وفيه: أن هذه النخلة كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر من خطبة النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل الله فيها القدرة على السماع، كما جعل من الجبال ما يهبط من خشية الله ومنها ما يخشع، كما قال: [البَقَرَة: 74]{وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}. وقال أيضا: [الإسرَاء: 44]{تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}.

 

}3585{ قوله: «فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَطَبَ يَقُومُ إِلَى جِذْعٍ مِنْهَا فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ وَكَانَ عَلَيْهِ فَسَمِعْنَا لِذَلِكَ الْجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ الْعِشَارِ» . العشار: جمع عُشراء، وهي الناقة الحامل في شهرها العاشر، وهذا كله ساقه المؤلف لبيان علامات النبوة في الإسلام، فهذه من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم وهو دليل على أن الله على كل شيء قدير ُ س ش ر ز ط ظ ص ض [ گ ء پ}! ! ِ .

 

}3586{ هذا الحديث فيه: علم من أعلام النبوة؛ حيث بين صلى الله عليه وسلم أن الفتن دونها باب مغلق ثم يكسر، وهذا الباب هو عمر رضي الله عنه، فبعد قتله اندلعت الفتن وجاء بعده قتل عثمان رضي الله عنه، ثم جاءت الحروب بين الصحابة.

وفيه: أن عمر رضي الله عنه قال: «أيكم يحفظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ فقال حذيفة: أنا أحفظ كما قال، قال: هات، إنك لجريء! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» ، يعني: ما يحصل بين الرجل وأهله، وبينه وبين جاره، وبينه وبين ولده من بعض الخطأ والأغلاط فهذا من الصغائر التي تُكَفّر بالصلاة والصيام والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بخلاف الكبائر، فلابد لها من توبة، كما قال الله تعالى: [النِّسَاء: 31]{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيمًا *}، وقال صلى الله عليه وسلم: «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر» [(1125)].

قوله: «قَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ» يعني: ما أسألك عن هذه؛ فهذه فتن صغيرة، قوله: «وَلَكِنْ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ» ، يعني: لكن أسألك عن الفتن التي تضطرب اضطراب البحر عند هيجانه، وكنّى بذلك عن شدة المخاصمة وكثرة المنازعة، وما ينشأ عن ذلك من المشاتمة والمقاتلة، فالمراد: الفتن والحروب والقتال الذي يحصل بين المسلمين أو مع غيرهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض» [(1126)].

قوله: «قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لاَ بَأْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا» . وهذا هو الشاهد من حديث حذيفة؛ حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن بين عمر وبين الفتن بابًا مغلقًا، فإذا كسر هذا الباب جاءت الفتن، فهذا علم من أعلام النبوة حيث وقع كما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم.

قال عمر لحذيفة: «يُفْتَحُ الْبَابُ أَوْ يُكْسَرُ؟ قَالَ: لاَ بَلْ يُكْسَرُ قَالَ: ذَاكَ أَحْرَى أَنْ لاَ يُغْلَقَ» ، يعني: المفتوح يغلق مرة أخرى، أما إذا كسر فليس هناك حيلة في إغلاقه.

قوله: «قُلْنَا عَلِمَ عُمَرُ الْبَابَ؟» على الاستفهام، والتقدير: أعلم عمر الباب؟

قوله: «قَالَ: نَعَمْ كَمَا أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ» ، يعني: يعلم عمر من هو الباب كما يعلم أن الذي يفصل دون غد الليلة.

قوله: «إِنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَْغَالِيطِ» : جمع أغلوطة ، وهي ما يغالط به، يعني: حدثته حديثًا صدقًا محققًا.

قوله: «فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ» يعني: من هو الباب؟ قوله: «وَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ: مَنْ الْبَابُ؟» يعني: من هو الباب الذي يكسر؟

قوله: «قَالَ: عُمَرُ» يعني: عمر هو الباب، فإذا قُتل كسر الباب وجاءت الفتن؛ وهذا هو الشاهد ، وهو علم من أعلام النبوة.

 

}3587{، }3588{، }3589{ هذا الحديث فيه: علم من أعلام النبوة ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمْ الشَّعَرُ» قيل: المراد بنعالهم الشعر أن يجعلوا نعالهم من شعر مضفور بأن يفتل ويُضَفّر ويكون كأنه حبال، وقيل المراد: طول شعورهم حتى تصير أطرافها في أرجلهم موضع النعال، والأول أقرب.

قوله: «وَحَتَّى تُقَاتِلُوا التُّرْكَ صِغَارَ الأَْعْيُنِ حُمْرَ الْوُجُوهِ ذُلْفَ الأُْنُوفِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ» ، أي: وصفهم بأنهم صغار الأعين، وحمر الوجوه، وقوله: «ذُلْفَ الأُْنُوفِ» ، يعني: أنف أحدهم منبطح، ويسمى الأفطس. وقوله: «كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ» ، يعني: وجوههم مستديرة، والمجان ـ بفتح الميم ـ جمع مِجن ـ بكسر الميم ـ وهي التي يتقي بها المقاتل وقع النبال، وهي مستديرة على قدر الوجه، وتسمى الترس، فهذا من أعلام النبوة، وهي قتال المسلمين قومًا نعالهم الشعر، وقتالهم الترك، وقد وقع هذا كما ذكر الشارح رحمه الله.

وقوله: «وَتَجِدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ أَشَدَّهُمْ كَرَاهِيَةً لِهَذَا الأَْمْرِ» ، أي: الولاية، والمعنى: ستجدون خير الناس أشدهم كراهية للولاية؛ وفي الحديث: «إنا لا نُوَلّي هذا من سأله ولا من حرص عليه» [(1127)] فمن يطلب الولاية فهذا دليل على أنه غير ورع، وحريّ ألا يقوم بما يجب عليه؛ أما إذا ألزم بها فإنه حري أن يعان عليها؛ فالذي يكره الولاية والوظيفة والإمارة أو القضاء إذا ألزم بها صار عنده عناية واهتمام للقيام بالواجب.

قوله: «وَالنَّاسُ مَعَادِنُ» يعني: أصول.

قوله: «خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِْسْلاَمِ» ، أي: القبائل التي كانت في الجاهلية فما كان عندهم من الكرم والشجاعة والإقدام ونصرة المظلوم فإنهم إذا أسلموا زاد الإسلام هذه الأخلاق الفاضلة قوة وصلابة ومتانة وحث عليها.

قوله: «وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَحَدِكُمْ زَمَانٌ لَأَنْ يَرَانِي أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُ أَهْلِهِ وَمَالِهِ» ، يعني: الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم تمنوا وجوده؛ لما حصل من الخلاف بينهم، فكان أحدهم يتمنى أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم ويكون ذلك أحب إليه من أن يكون له مثل أهله وماله، ومن بعدهم من باب أولى.

 

}3590{ هذا الحديث فيه: علامة من علامات النبوة.

قوله: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا خُوزًا وَكَرْمَانَ مِنْ الأَْعَاجِمِ» . كرمان بالفتح والكسر، وخوز وكرمان طائفتان من الأعاجم، ووصفهم بأنهم: «حُمْرَ الْوُجُوهِ فُطْسَ الأُْنُوفِ» ؛ وفي الحديث السابق وصفهم بأنهم: «ذُلْفَ الأُْنُوفِ» ؛ وذلف وفطس بمعنى واحد ، أي: منبطحة.

قوله: «صِغَارَ الأَْعْيُنِ وُجُوهُهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ» . وهذا الوصف تجدونه الآن موجودًا في الكوريين والصينيين وغيرهم.

 

}3591{ قوله: «صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاَثَ سِنِينَ» . وأبو هريرة صحب النبي صلى الله عليه وسلم أربع سنين وزيادة؛ لأنه قدم في خيبر سنة سبع في صفر، ومات النبي صلى الله عليه وسلم سنة إحدى عشرة في شهر ربيع الأول.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «فكأن أبا هريرة اعتبر المدة التي لازم فيها النبي صلى الله عليه وسلم الملازمة الشديدة، وذلك بعد قدومهم أو لم يعتبر الأوقات التي وقع فيها سفر النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة وحجة وعمرة» اهـ.

والشاهد من الحديث قوله: «بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نِعَالُهُمْ الشَّعَرُ وَهُوَ هَذَا الْبَارِزُ» . قيل: البارز بتقديم الراء، وقيل: البازر بتقديم الزاي، والمعنى: البارزين لقتال أهل الإسلام، وقيل: هم الأكراد، وقيل: الديلم، وقيل: أهل فارس، وهذا من علامات النبوة.

 

}3592{ قال في هذا الحديث: «يَنْتَعِلُونَ الشَّعَرَ» ، وفي الحديث السابق قال: «نِعَالُهُمْ الشَّعَرُ» ، والمعنى واحد.

 

}3593{ هذا الحديث فيه: بشارة للمؤمنين بأنهم سوف ينتصرون على اليهود وسوف يقتلونهم قتلاً ذريعًا، وهذا يكون بعد نزول عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم، واتباع اليهود للمسيح الدجال ـ وقد يقع في غير وقت عيسى، لكنه في وقت عيسى يكون محققًا؛ لأن عيسى عليه السلام يكون هو قائد المسلمين، والدجال هو قائد اليهود ـ فيسلط المسلمون عليهم حتى إن الشجر والحجر يتكلم ويخبر عمن خلفه من اليهود، وجاء في اللفظ الآخر: «إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود» [(1128)] أي: أنه يخون مثلهم، ويقال: إن اليهود الآن يغرسون شجر الغرقد.

والفلسطينيون الآن يُقَتلون ويُشَردون، ولكن سوف يأتي يوم يُسلط المسلمون على اليهود ويقتلونهم قتلاً ذريعًا، فهذه بشارة من النبي صلى الله عليه وسلم، وهي من المعجزات الدالة على أنه رسول الله حقًّا.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تُقَاتِلُكُمْ الْيَهُودُ» هذا خطاب للصحابة رضي الله عنهم ومَن بعدهم؛ لأن الصحابة لم يحدث لهم هذا، لكنه سيحصل في المستقبل، فيكون الخطاب للأمة كلها، يعني: يقاتل من بعدكم من المسلمين؛ لأن المسلمين شيء واحد كالجسد الواحد.

وفيه: جواز مخاطبة الشخص والمراد غيره، ومن هذا مخاطبة الله تعالى لليهود الذين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بما حدث لأجدادهم من قبل كما في قوله تعالى: [طه: 80]{يَابَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ}؛ لأنهم لما كانوا مقرين لآبائهم وأجدادهم صار حكمهم كحكمهم.

 

}3594{ قوله: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَغْزُونَ فَيُقَالُ لَهُمْ: فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ فَيُفْتَحُ عَلَيْهِمْ» ، يعني: أنه يغزو أناس بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وفيهم الصحابة، فيحاصرون حصنًا من حصون الكفرة، فيستسلم الحصن ويفتح لهم، وهذا فيه كرامة للصحابة وعَلَم من أعلام النبوة.

قوله: «ثُمَّ يَغْزُونَ» ، يعني: مرة أخرى بعد موت الصحابة.

قوله: «فَيُقَالُ لَهُمْ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ مَنْ صَحِبَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ» . فهذه كرامة للتابعين؛ وجاء في الحديث الآخر: «ثم يأتي زمان فيقال: هل فيكم من صحب صاحب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟» [(1129)] يعني: أتباع التابعين.

وهذا فيه: فضل القرون الثلاثة التي في الحديث الآخر: «خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» [(1130)] يعني: الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، وفي هذا علم من أعلام النبوة حيث إنه يفتح للصحابة ويفتح للتابعين، ويفتح لأتباع التابعين، فكل هذه الأحاديث ساقها المؤلف في باب «علامات النبوة في الإسلام» .

 

}3595{ قوله: «بَيْنَا أَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إِلَيْهِ الْفَاقَةَ» ، يعني: الفقر.

قوله: «ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ فَشَكَا إِلَيْهِ قَطْعَ السَّبِيلِ» ؛ يعني: كثرة السراق الذين يقطعون الطريق ويسرقون الناس في الطرقات.

قوله: «فَقَالَ: يَا عَدِيُّ هَلْ رَأَيْتَ الْحِيرَةَ؟ قُلْتُ: لَمْ أَرَهَا وَقَدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا» ، يعني: أخبرت عنها، فهي بلد مشهور، ومدينة عظيمة فتحت بعد ذلك.

وفيه: علم من أعلام النبوة، حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه سوف تفتح الحيرة وتفتح العراق والشام ووقع كما أخبر.

قوله: «قَالَ: فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ» ؛ «الظَّعِينَةَ» هي: المرأة في الهودج، وهي في الأصل اسم للهودج، «تَرْتَحِلُ مِنْ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لاَ تَخَافُ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ» ، يعني: تأتي من الشام أو من العراق حتى تكون في مكة ولا تخشى أحدًا إلا الله؛ لأنه سوف ينتشر الأمن والأمان.

قوله: «قُلْتُ: فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِي فَأَيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ؟» . القائل هو عدي، يعني: وأين دعار طيئ من هذه المرأة التي تخرج من الحيرة لتطوف بالكعبة؟! ودعار جمع داعر، وهو الشاطر الخبيث المفسد، والمراد: أين قطاع الطريق الذين يسرقون القوافل، وكيف تخرج المرأة من الحيرة إلى الكعبة ما يجيئها أحد منهم؟! لأنهم منتشرون في ذلك الوقت.

قوله: «الَّذِينَ قَدْ سَعَّرُوا الْبِلاَدَ» ، يعني: أوقدوا نار الفتنة، وملؤوا الأرض شرًّا وفسادًا، فأين هم من هذه المرأة؟! وهذا من أعلام النبوة حيث وقع ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم ذكر له علمًا آخر من أعلام النبوة فقال: «وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزُ كِسْرَى» . فتعجب عدي؛ فكسرى ملك عظيم من ملوك الفرس ، وهي دولة عظيمة ـ مثل أمريكا الآن ـ كيف تنفق كنوزه؟ فقال عدي: «كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ؟» فقال صلى الله عليه وسلم: «كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ» .

ثم أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بعلم ثالث من أعلام النبوة، فقال: «وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ يَطْلُبُ مَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُ» . وهذا يحدث في زمن عيسى صلى الله عليه وسلم، حين ينشر العدل، ويكثر الخير، وتأخذ الأرض بركاتها، ويقرب قيام الساعة؛ ولعل سبب ذلك أن الناس يرون أشراط الساعة فيزهوون فيها؛ وجاء في الحديث الآخر: «تصدقوا فإنه يأتي عليكم زمان يمشي الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها يقول الرجل: لو جئت بها بالأمس لقبلتها، فأما اليوم فلا حاجة لي بها» [(1131)] وجاء في الحديث أنه: «يُهِمّ رب المال من يقبل صدقته» [(1132)] يعني: يهتم؛ وأيضا ذكر العلماء أن هذا وقع في زمن عمر بن عبد العزيز أيضًا مع أنها مدة قليلة لكنه نشر العدل وكثر الخير حتى سار الإنسان يطوف بالصدقة ما يجد من يقبلها.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «ويحتمل أن يكون ذلك إشارة إلى ما وقع في زمن عمر بن عبدالعزيز وبذلك جزم البيهقي، وأخرج في «الدلائل» من طريق يعقوب بن سفيان بسنده إلى عمر بن أسيد بن عبدالرحمن بن زيد بن الخطاب قال: إنما ولي عمر بن عبدالعزيز ثلاثين شهراً ألا والله ما مات حتى جعل الرجل يأتينا بالمال العظيم فيقول اجعلوا هذا حيث ترون في الفقراء فما يبرح حتى يرجع بماله يتذكر من يضعه فيه فلا يجده، قد أغنى عمر الناس قال البيهقي فيه تصديق ما روينا في حديث عدي بن حاتم انتهى» اهـ.

قوله: «وَلَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ يَلْقَاهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ» . الترجمان فيها ثلاث لغات: فتح التاء والجيم تَرجَمان، وضم التاء والجيم تُرجُمان، وفتح التاء وضم الجيم تَرجُمان، وقال بعضهم: فيها لغة رابعة وهي: ضم التاء وفتح الجيم تُرجَمان، وعلى هذا ما يغلط أحد على أي: وجه يقرؤها؛ والترجمان هو المُعبّر الذي ينقل كلامًا من لغة إلى لغة، والمعنى: أن الإنسان يلقى ربه يوم القيامة بدون واسطة، فيقول الرب سبحانه وتعالى لابن آدم: «أَلَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكَ رَسُولاً فَيُبَلِّغَكَ؟ فَيَقُولُ: بَلَى فَيَقُولُ: أَلَمْ أُعْطِكَ مَالاً وَأُفْضِلْ عَلَيْكَ؟ فَيَقُولُ: بَلَى فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ جَهَنَّمَ وَيَنْظُرُ عَنْ يَسَارِهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ جَهَنَّمَ قَالَ عَدِيٌّ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقَّةِ تَمْرَةٍ» أي: ولو بنصف تمرة، فعن عائشة أنها جاءتها امرأة معها ابنتان تطلب شيئًا فما وجدت إلا تمرة واحدة فأعطتها التمرة فشقتها بين ابنتيها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله أوجب لها بها الجنة» [(1133)].

قوله: «فَمَنْ لَمْ يَجِدْ شِقَّةَ تَمْرَةٍ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ» ، أي: فإذا كان الإنسان لا يملك شيئًا فليتكلم كلامًا طيبًا مع السائل فيقول: تأتينا إن شاء الله في وقت آخر لعل الله يأتي بالرزق والخير، فهذا الكلام الطيب يقوم مقام الصدقة عند عدمها.

قوله: «فَرَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنْ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لاَ تَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ» القائل هو عدي، حيث وقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم.

قوله: «َكُنْتُ فِيمَنْ افْتَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ» القائل هو عدي، وكان يستغرب حدوث ذلك في أول الأمر.

قوله: «حَدَّثَنَا أَبُو مُجَاهِدٍ حَدَّثَنَا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ» وفي الحديث السابق قال: «أَخْبَرَنَا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ» » وقال هنا أيضا: «أَخْبَرَنَا سَعْدَانُ بْنُ بِشْرٍ» وفي الحديث السابق قال: «أَخْبَرَنَا سَعْدٌ الطَّائِيُّ» فهي طريق أخرى.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد