شعار الموقع

استقبال رمضان

00:00
00:00
تحميل
269

الحمد لله، الحمد لله الذي منَّ على عباده بمواسم الخيرات؛ ليُضاعف لهم بذلك الأجور، ويُكفر عنهم السيئات، أحمده سبحانه وأشكره على نعمه وآلائه المتكاثرات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واسع العطايا وجزيل الهبات، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله أفضل المخلوقات، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه، وللسبق إلى المكارم في كل الأوقات، ومن تبعهم بإحسان في اغتنام مواسم الطاعات والحسنات، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أنه قد أظلنا شهرٌ عظيمٌ وموسمٌ كريم، ألا وهو شهر رمضان، شهر الصيام والقيام، شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ، شهر تلاوة القرآن، شهر الصدقات والبر والإحسان، شهر إطعام الطعام، شهر مواساة الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام، شهرٌ عظيمٌ مُباركٌ، جعل الله فيه من فضائل العبادات وجلائل الأعمال ما لم يكن في غيره، شهر قدسياتٍ وبركات ورحمات ونفحات، شهرٌ تُقال فيه العثرات، وتُضاعف فيه الحسنات، وتُرفع فيه الدرجات، ولله في كل ليلةٍ منه عُتقاء من النار.

أيها المسلمون، علينا أن نغتبط ونفرح ونستبشر بشهر رمضان، وأن نتلقاه بالتوبة النصوح والعمل الصالح، فإن بلوغ شهر رمضان وصيامه والعمل الصالح فيه نعمةٌ عظيمةٌ على من أقدره الله عليه.

وقد كان رسول الله ﷺ يُبشر أصحابه بقدوم شهر رمضان، فعن أبي هريرة قال: كان رسول الله ﷺ يُبشر أصحابه بقدوم شهر رمضان يقول: قَدْ جَاءَكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، كَتَبَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، فِيِهِ تُفَتَّحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُغَلَّقُ فِيهِ أَبْوابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِين، فِيهِ لِيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمْ [رواه الإمام أحمد والنسائي].

قال العلماء: هذا الحديث أصلٌ في تهنئة الناس بعضهم بعضًا بشهر رمضان.

وعن عُبادة مرفوعًا: أَتَاكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرُ بَرَكَةٍ يَغْشَاكُم اللهُ فِيهِ، وَيُنَزِّلُ الرَّحْمَةَ، وَيَحُطُّ الْخَطَايَا، وَيَسْتَجِيبُ فِيهِ الدُّعَاءَ، يَنْظُرُ اللهُ إِلَى تَنَافُسِكُمْ فِيهِ، وَيُبَاهِي بِكُمْ مَلَائِكَتَهُ، فَأَرُوُا اللهَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيرًا؛ فَإِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ حُرِمَ فِيهِ رَحْمَةَ اللهِ [رواه الطبراني وغيره].

أيها المسلمون، تلقوا شهر رمضان بنيةٍ صادقةٍ وعزمٍ على الرشد، ورغبٍ واستبشار، تلقوه بنفوسٍ متهيئةٍ لاستقباله بالتوبة الصادقة النصوح، والتطهير الشامل الكامل، تلقوه بالعزم على فعل الفضائل ومُجانبة الرذائل، تلقوه بالعزم على صومه حسيًا ومعنويًا، حسيًا باجتناب المُفطرات، ومعنويًا باجتناب المآثم والسيئات والمنكرات.

تأسوا فيه برسول الله ﷺ الذي كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، أكثروا فيه من فعل الطاعات كالصلاة، والصدقة، وتلاوة القرآن، والذكر، والدعاء، وفعل المعروف، وترك المُنكر، واسألوا الله التوفيق والإعانة، اسألوه أن يُوفقكم لإكمال صيامه إيمانًا واحتسابًا.

يُروى عن سلمان الفارسي قال: خطبنا رسول الله ﷺ في آخر يومٍ من شعبان فقال: يا أيها الناس، قد أظلكم شهرٌ عظيمٌ مبارك، شهرٌ فيه ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعًا، من تقرب فيه بخصلةٍ من خصال الخير كان كمن أدى فيه فريضةً فما سواه، ومن أدى فيه فريضةً كان كمن أدى سبعين فريضةً فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهرٌ يُزاد فيه الرزق، من فطر فيه صائمًا كان مغفرةً لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيءٌ، قالوا: يا رسول الله، ليس كلنا يجد ما يُفطر به الصائم، قال رسول الله ﷺ: يُعطي الله هذا الثواب لمن فطَّر صائمًا على مذقة لبنٍ أو تمرٍ أو شربة ماء، ومن سقى صائمًا سقاه الله من حوضه شربةً لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة، ومن خفَّف عن مملوكه فيه غفر الله له وأعتقه من النار حتى يدخل الجنة، وهو شهرٌ اوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتقٌ من النار، فاستكثروا فيه من أربع خصال، خصلتين تُرضون بهما ربكم، وخصلتين لا غنى بكم عنهما، أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة ألا إله إلا الله وتستغفرونه، وأما اللتان التي لا غنى لكم عنهما: فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار. [رواه ابن خزيمة والبيهقي وغيرهما].

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد