الدنيا وزينتها
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض، وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير، أحمده سبحانه وأشكره وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له ولا ولد ولا ظهير وأشهد أنَّ سيدنا ونبيَّنا محمدًا عبد الله ورسوله البشير النذير والسراج المنير، اللهم صلِّ على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومَن على سبيله إلى الله يسير وسلِّم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعد.
فيا أيُّها الناس اتقوا الله تعالى حقَّ تُقاته، وسارعوا إلى مغفرة الله ومرضاته، وأجيبوا الداعي إلى دار كرامته وجنَّاته، فلا تغرنَّكم الحياة الدنيا بما فيها من زهرة العيْش ولذَّاته فالرحيل قريب وساعات العمر محدودة، واعلموا أنَّ الخير كلَّه بحذافيره في الجنة فأدرجوا في السيْر إليها، واعلموا أنَّ الشر كله بحذافيره في النار فاجتهدوا في الهرب منها.
ألَا وإن الدنيا عَرَضٌ حاضر يأكل منها البرُّ والفاجر والمؤمن والكافر، والآخرة وعدٌ صادق يحكم فيها ملكٌ قاهر؛ فلا ينبغي أن تغرَّنا الحياة الدنيا فإنها دار بلاء ومنزل ترحةٍ وعناء نزعت منها نفوس السعداء وانتُزعت بالكره من أيدي الأشقياء، وحال بينهم وبين ما أمَّلوه القدر والقضاء، ضُربت لنا بها المقاييس والأمثال، وقُرِّبت لنا الحقيقة بالشبه والمثال فقال النبي ﷺ في الحديث الصحيح: ما لي وللدنيا! إنما مثلُ الدنيا كراكبٍ قَالَ في ظل دوحة، ثم راح وتركها. قال في ظل دوحةٍ أي: نزلَ في وقت القيلولة في ظل شجرةٍ.
عباد الله، إنَّ القبر أول منازل الآخرة، وهو إمَّا: روضةٌ من رياض الجنة، أو حفرةٌ من حُفَر النار.
إمَّا حفرةٌ ضيِّقةٌ موحشة: لا أنيس فيها ولا رفيق، يلتحف التراب ويتوَّسده، لا ينفعه شرفه ومركزه الذي كان يباهي به الدنيا، ولا ماله الذي يكدح في طلبه صباحًا ومساءً، ويضيِّق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ويُفتَح له بابٌ من النار فيأتيه من حرِّها وسمومها، ويتمثَّل له عمله الخبيث في صورة رجلٍ قبيح الوجه.. قبيح المنظر.. مُنتن الرِّيح.
وإمَّا روضةٌ من رياض الجنة: مدُّ بصر الميِّت، ويُفتَح له بابٌ من الجنة فيأتيه من روحها وطِيبها، ويتمثَّل له عمله الصالح في صورة رجلٍ حسن الوجه والثياب... طيِّب الرِّيح.
وفي الصحيحيْن عن ابن عبَّاس -رضي الله عنهما- أنَّ النبي ﷺ مرَّ بقبريْن فقال: إنهما ليعذَّبان، وما يعذَّبان في كبير: أمَّا أحدهما فكان لا يستبرئ من البول، وأمَّا الآخر فكان يمشي بالنميمة. فدعا بجريدةٍ رطبة فشقَّها نصفيْن وقال: لعله يُخفَّف عنهما ما لم ييبسا.
أيها المسلمون، قد وضَحَ السبيل الموصِّل إلى الله تعالى، فالله تعالى قد خلقنا لعبادته، وافترض علينا توحيده وطاعته، ودعانا إلى جنته وحذَّرنا ناره ونقمته، وحرَّم علينا الشِّرك به، وأوضح لنا قُبحَ وضلال مرتكبه وعِظَمَ خسارته، ونهانا عن طاعة الشيطان، وأبانَ لنا عداوته فقال : إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6].
وحذَّرنا الله تعالى من اتباع الهوى: وأوضح لنا مضرَّته، وزجرنا عن الشهوات المحرَّمة، وبيَّن لنا سوء عاقبة مؤثرها في دنياه وآخرته، ونهانا عن الاغترار بالدنيا وأرانا سرعة زوالها لنحذر الاغترار بها.
وأباح لنا من الطيِّبات والحلال ما يغنينا عن التعدِّي إلى محارمه ومعاصيه، وركَّب فينا العقول لنعرف بها الحق وفضيلته ولنعرف الباطل ومضرَّته، ولنميِّز بها بين النافع والضار، فقامت علينا من الله حُجَّته.
وأرسل الله الرُّسل لتُبيِّن للناس ما اختلفوا فيه ببراهينه وأدلَّته كما قال سبحانه: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ [البقرة:213]، أرسل الرُّسل لتبيِّن للناس ما اختلفوا فيه ببراهينه وأدلته.
وأنزل الكتب توضِّح الحق وتمحو لبث الباطل وظلمته؛ فقامت علينا من الله حُجته وانقطع في كلٍّ منَّا معذرته، فمَن أحسن فينا فلنفسه ومَن أساءَ فعليه إساءته، قال الله تعالى: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [البقرة:213].
أيها المسلمون، اتَّقوا الله تعالى وكلٌّ منا عليه أن ينظر في نفسه، وألَّا يجعل الدنيا أكبر همه ولا مبلغ علمه، وعلينا أن نعتبر بمَن مضى من الأُمم الخالية أهل المراتب العالية كيف هجم عليهم الموت وأسكنهم بعد القصور بطن الأرض، سبقونا بفضل الأعمار ونحن على الآثار.
رحِمَ الله امرئ: لم يجعل الدنيا أكبر همِّه، واشتغل بالآخرة فكانت أهم أشغاله، واستعدَّ للموت بالعمل الصالح، واستعدَّ للقبر وأحواله والملَك وسؤاله والرب وجلاله، وهل يُعطَى كتابه بيمينه أو بشماله؟ وهل يُدعَى إلى النعيم والبهجة والسرور أم إلى الجحيم والنَّكال والبوار؟ قال الله تعالى: فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعات:37-41]
أيها المسلم، اتَّقِ الله وأطعه فيما أمَرَ، وفكِّر في نفسك فأنت أحقُّ مَن فكَّر، هل ينفعُك من الله مالٌ أو جاهٌ أو معشَر؟
أنعم الله عليك وآواك، وتفضَّل عليك وأعطاك، ومن عليك بالسمع والبصر والفؤاد، إنَّ أمامك القبر فاحذر ضغطته ووحشته، ألَا وإنَّ وراء ذلك ما هو أشدُّ منه: يومٌ يشيب من هوله المولود، فكيف حُجَّتك إذا سألك عن شُكر نِعمه عليك، وكيف جوازك على الصراط وهو أدقُّ من الشعر وأحرُّ من الجمر وأحدُّ من السيف الأبتر يؤمر بالجواز عليه؟ فمَن نجا إلى فإلى الجنة دار المستقر، ومَن هوى بذنوبه في النار التي اسمها «سقر».
روى مسلمٌ في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: تُرسل الأمانة والرحم يوم القيامة، فيقوما لجنبتي الصراط يمينًا وشمالًا، فيمرُّ أوَّلكم كالبرق ثم كالرِّيح ثم كالطير ثم كأجاود الخيل والرِّكاب تجري بهم أعمالهم، ونبيكم ﷺ قائمٌ على الصراط يقول: اللهم سلِّم سلِّم حتى تعجز أعمال العباد، وحتى إنَّ الرجل لا يستطيع أن يمُرَّ إلَّا زحفًا، وعلى جنبتي الصراط كلاليبٌ معلَّقة مأمورة تأخذ مَن أُمِرت بأخذه: فناجٍ مُسلَّم ومكردسٌ في النار والذي نفس أبي هريرة بيده إنَّ قعر جهنم سبعون لَسبعون خريفًا، والله لتُملأنَّ.
قال الله تعالى في كتابه العظيم: فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا [مريم:68-72]
أيها المسلمون، إنَّ النار مثوى الكافرين فهي مستقرُّهم ومأواهم، هذه الدار دارٌ معدومٌ رجاؤها، محتومٌ بلاؤها، مُوحشة مسالكها، مظلمةٌ مهالكها، مخلَّدٌ أسيرها، مؤبَّدٌ سعيرها، عالٍ زفيرها.
شراب أهلها الحميم وعذابهم أبدًا فيها مُقيم، الزبانية تقمعهم، والهاوية تجمعهم، لهم فيها بالويل ضجيج، وللهبها منهم أجيج.
أمانيُّهم فيها الهلاك، وما لهم من أسرها فكاك.
قد شُدَّت أقدامهم من النواصي، واسودَّت وجوههم من ذل الكُفر والمعاصي.
ينادون من فجاجها وشِعابها، بُكياً من ترادف عذابها: يا مالكُ قد أثقلنا الحديد.. يا مالكُ قد تمزَّقت منَّا الجلود.. يا مالك قد تفلَّلت منا الكبود.. يا مالك العدم خيرٌ من هذا الوجود.. يا ملك أخرجنا منها فإنَّا لا نعود» فيجيبهم بعد زمان: «اخسئوا فيها ولا بد من الخلود» وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ [الزخرف:77-80]
فاتقوا الله عباد الله، وأخلصوا لله الأعمال، وراقبوه في جميع الأحوال، وتقرَّبوا إليه من طاعةٍ بما يرضيه، وتجنَّبوا مساخطه ومناهيه، فقد صحَّ عن نبيكم ﷺ أنه قال: الكيِّس مَن دان نفسه، وعمِل لِمَا بعد الموت، والعاجز مَن أتبَع نفسه هواها، وتمنَّى على الله الأماني. ومعنى دَان نفسه يعني: حاسبها.
وقال عمر بن الخطاب : «حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا، وزنوها قبل أن تُوزنوا، وتأهَّبوا للعرض الأكبر على الله يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ [الحاقة:18]»
وقال الحسن -رحمه الله-: «إنَّ أيسر الناس حسابًا يوم القيامة الذين حاسبوا أنفسهم لله في هذه الدنيا فوقفوا عند همومهم وأعمالهم، فإن كان الذي همُّوا به لله مضوا فيه، وإن كان عليهم أمسكوا».
وإنَّما يثقُل الحساب يوم القيامة على الذين جازفوا الأمور، وأخذوها من غير محاسبة؛ فوجدوا الله قد أحصى عليهم مثاقيل الذر.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف:49].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكْر الحكيم، وأجارني وإيَّاكم من العذاب الأليم، وثبَّتني وإياكم على الصراط المستقيم.
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فتوبوا إليه واستغفروه يتُبْ عليكم ويغفر لكم إنَّه هو التوَّاب الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشانه سبحانه، وأشهد أنَّ سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه صلَّى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وأعوانه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعد:
أيها الناس، اتَّقوا الله تعالى حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واحذروا المعاصي فإنَّ أجسامكم على النار لا تقوى، واعلموا أنَّ أمامكم أهوالًا عظيمة:
أمامكم القبر: فيه سؤال مُنكرٍ ونكير، وفيه ضغطة القبر ووحشته، وبعد ذلك البعثُ والحشر والنشر والوقوف بين يدي الله للحساب، فيُسأل الإنسان عن: عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن علمه فيما عمِل به، وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيما أنفقه؟
وبعد ذلك تُوزن الأعمال، ويوزن الأشخاص: فمَن ثقلت موازينه نجا وفاز، ومَن خفَّت موازينه هلك وخسر.
وفي الموقف حوض الرسولﷺ، حوض نبينا ﷺ: طوله: مسافة شهر، وعرضه: مسافة شهر، وأوانيه عدد نجوم السماء، مَن شرب منه شَربة لم يظمأ بعدها أبدًا حتى يدخل الجنة.
وبعد ذلك الصراط: الذي يُنصَب على متن جهنم: أدقُّ من الشعر، وأحرُّ من الجمر، وأحدُّ من السيف.
وبعد ذلك الاستقرار في الجنة أو في النار.
هذا السفر إلى الآخرة، هذا السفر سفرٌ إلى الآخرة، نحن مسافرون في هذه الدنيا، فالدنيا دار سفر إلى الآخرة، ومقامنا في هذه الدنيا كمقام المسافر، كما سمعنا في قول النبي ﷺ: ما لي وللدنيا! إنما أنا كراكبٍ قَالَ في ظل دوحة، ثم راح وتركها. قال في ظل دوحةٍ أي: نزلَ في وقت القيلولة في ظل شجرةٍ.
وكل مسافر يحتاج إلى أن يُعدَّ العُدَّة لسفره، وعُدة هذا السفر هي: تقوى الله . هي إخلاص الدِين الله، هي: أداء حقه ، هي: امتثال الأوامر واجتناب النواهي.
هذا هو السفر، هذا هو الزاد الذي يعدُّه الإنسان لسفر الآخرة، كل سفرٍ له زادٌ يناسبه، فالمسافر في الدنيا يُعِدُّ القوت (وهو الطعام والشراب) الذي يقوم به هذا الجسم، والسفر للآخرة عُدَّته توحيد الله، إخلاص الدِّين له، والعمل الصالح، والتوبة النصوح، وأداء حقوق الله وحقوق العباد، وامتثال الأوامر واجتناب النواهي، والاستقامة على دِين الله ، والوقوف عند حدود الله .
هذا هو الزاد، هذا هو العُدَّة الذي يعدِّه المسلم: إخلاص الدِّين له، جهاد النفس على الإخلاص، وتوحيده لله ، وإقامة حقِّه والقيام بأمره، وامتثال الأوامر واجتناب النواهي، هذا العمل الصالح، توبة نصوح، هكذا يكون الموفَّق الذي وفَّقه الله يؤدي حق الله وحق عباد، يجاهد نفسه على الإخلاص والتوبة النصوح؟
أعظم ما أمرنا الله به توحيده ، أول الأوامر في القرآن الكريم هو الأمر بعبادة الله ، والعبادة لا تُسمَّى عبادة إلَّا مع التوحيد، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:21] هذا أمرٌ من الأوامر، أول أمرٍ في القرآن هو الأمر بعبادة الله، وأول نهيٍ في القرآن هو النهي عن الشِّرك: قال تعالى بعد ذلك: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:22] لا تجعلوا الأمثال والنظراء، فدلَّ ذلك على أنَّ أفضل الفضائل وأوجب الواجبات هو توحيد الله ، وأنَّ أعظم المكروهات وأعظم المنهيات وأشدها وأغلظها هو الشِّرك بالله .
ثم يأتي بعد حق الله ، يأتي بعد ذلك الصلوات الخمس، هي أعظم الواجبات وأفرض الفرائض بعد توحيد الله .
بعد ذلك حقوق العباد، أعظم حقوق العباد هو برُّ الوالديْن، وصلة الأرحام.
كذلك أيضًا يأتي بعد الشرك بالله العدوان على الناس في دمائهم، قتل النفوس، ثم العدوان على الناس في أموالهم، وعقوق الوالديْن، وقطيعة الرحم.
فعلينا أن نتقي الله على كل مسلمٍ، على كل واحدٍ منَّا أن يجاهد نفسه في توحيد الله وإخلاص الدِين له، وأداء حقِّه والإتيان بأمره، وأن يبتعد عن الشِّرك وعن المنكرات وعن المحرَّمات، وأن يستقِيم على طاعة الله .
وعلينا أن نُكثر من تلاوة القرآن وسُنَّة النبي ﷺ، وأن نتدبَّرهما، وأن نتعلَّم معانيهما، وأنت نتفقَّه في أحكامهما؛ فإنَّ أحسن الحديث كتاب الله وخير الهدْي هدي محمدٍ ﷺ، وإنَّ شرَّ الأمور محدثاتها، وكل مُحدثةٍ بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.
الزموا جماعة المسلمين، فعلينا أن نلزم جماعة المسلمين في بلدانهم وفي معتقداتهم، وفي عباداتهم؛ فإنَّ يد الله مع الجماعة، ومَن شذَّ عنهم في الدنيا شذَّ في النار يوم القيامة.
ألَا وصلُّوا على محمدٍ ﷺ فإنَّ الله أمركم بذلك حيث قال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد.. وارضَ اللهم على الخلفاء الراشدين (أبي بكرِ- وعمر- وعثمان- وعلي) وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعن التابعين وتابعيهم ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وعطفك وكرمك وجودك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين... اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين... اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين... وأذِلَّ الشِّرك والمشركين... ودمِّر أعداء الدِّين... وانصر عبادك الموحِّدين المؤمنين... واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا... اللهم آمِنَّا في أوطاننا... اللهم آمِنَّا في أوطاننا... وأصلح أئمَّتنا وولاة أمرنا... واجعل ولايتنا في مَن خافك واتَّقاك واتَّبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم اصلح ولاة أمرنا... اللهم اصلح ولاة أمرنا... اللهم اصلح ولاة أمرنا... اللهم اصلح ولاة أمرنا... اللهم ارزقهم البِطانة الصالحة التي تُعينهم على الخير وتذكرهم به.
اللهم اجعلهم هُداةً مهتدين لا ضالِّين ولا مضلِّين... اللهم ولّ على المسلمين خيارهم... اللهم ولّ على المسلمين خيارهم...اللهم ولّ على المسلمين خيارهم...وأبعد عنهم شرارهم في مشارق الأرض ومغاربها إنك على كل شيءٍ قدير.
اللهم وأبرم لهذه الأمة أمر الرُّشد يُعَزُّ فيه أهل طاعتك ويذلُّ فيه أهل معصيتك، ويُؤمر فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر يا سميع الدعاء.
اللهم أعذنا من الفِتن ما ظهر وما بطن.
اللهم انصر إخواننا أهل السنة في الشام... اللهم انصر إخواننا أهل السنة في الشام... اللهم انصر إخواننا أهل السنة في الشام... اللهم وحِّد صفوفهم... واجمع كلمتهم... وفقِّههم في دِينهم.... اللهم ارحم ضعفهم... واجبُر كسرهم.... وتولَّ أمرهم... اللهم ارحم موتاهم... واشفِ مرضاهم.... وداوِ جرحاهم... وفكَّ أسراهم... واطعِم جائعهم.
اللهم عليك بأعدائهم الكفرة بشَّار وأعوانه... اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك.... اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك.... اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك... اللهم اشدد وطأتك عليهم... وشتِّت شملهم.... واقذف الرعب في قلوبهم... وخالف بين كلمتهم وقلوبهم... ومزقهم كلَّ ممزقٍ... واجعلهم غنيمة لأهل السنة في الشام.
اللهم إنهم طغوا وبغوا وأسروا وسفكوا في الأرض وسفكوا الدماء، ويتَّموا الأيتام ورمَّلوا النساء ودفنوا الأحياء، وادعو الربوبية والألوهية، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك... اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك.... اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك.
اللهم انزل عليهم بأسك ورجزك إله الحق... اللهم انزل عليهم بأسك ورجزك إله الحق... اللهم انزل عليهم بأسك ورجزك إله الحق... اللهم نصرك العاجل لإخواننا أهل الشام... اللهم نصرك العاجل لإخواننا أهل الشام...اللهم نصرك العاجل لإخواننا أهل الشام... يا ذا الجلال والإكرام... يا حي يا قيوم... يا قريبٌ مجيب... يا سميع الدعاء.
اللهم أعذنا من الفِتن ما ظهر منها وما بطن... اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمِحن وسوء الفِتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامةً يا رب العالمين.
اللهم انصر دعاة الخير وأئمة الهدى، والمجاهدين في سبيلك، الدعاة إلى سبيلك، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر في كل مكان.
اللهم أقم الجهاد، واقمع أهل الشِّرك والفساد والريب والزيغ والعناد، وانشر رحمتك على العباد يا مَن الدنيا والآخرة وإليه المعاد.
اللهم مَن أرادنا وأراد وأراد المسلمين والإسلام بسوء فأشغله بنفسه، اللهم مَن أرادنا وأراد وأراد المسلمين والإسلام بسوء فأشغله بنفسه، اللهم مَن أرادنا وأراد وأراد المسلمين والإسلام بسوء فأشغله بنفسه، اللهم اجعل كيده في نحره... اللهم اجعل كيده في نحره... اللهم اجعل كيده في نحره... اللهم اجعل تدبيرهم تدميرًا عليهم... اللهم اجعل تدبيرهم تدميرًا عليهم... اللهم اجعل تدبيرهم تدميرًا عليهم... اللهم أدِرْ عليهم دائرة السوء.... وأنزل عليهم بأسك الذي لا يُرَدُّ الذي لا يرد عن القوم المجرمين.
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ، رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ، رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين.
رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ، رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا، رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
عباد الله، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نِعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ